السبت، 16 ديسمبر 2023

عقد هبة

 

[ عـقـــد هبـــــة بدون عوض ]

إنه فـي يــوم الموافـق:     /     /2023م

قد تحرر هذا العقد بين كلٍّ من:

أولاً- السيد/ -------- – كويتي الجنسية – بطاقة مدنية رقم (---------------). والمقيم في: ------------------------------------------------ .

ويُشار إليه فـي هذا العقد بـ: ------------ (الطرف الأول /الوالد الواهب)

ثانياً- السيدة/ ---------- – كويتية الجنسية – بطاقة مدنية رقم (----------------) – والمقيمة في: ---------------------------------------------- .

وُيشار إليها في هذا العقد بـ: -------- (الطرف الثاني /الأبنة الموهوب لها)

وقد أقر الطرفان بكامل أهليتهما للتعاقد والتصرف قانوناً وبخلو إرادتهما من العيوب المبطلة لها شرعاً وقانوناً، واتفقا على ما يلي:

[تمهيـــــــد]

حيث إن الطرف الأول (الوالد الواهب) يمتلك العقار الواقع في منطقة ------ وهو يمثل القسيمة رقم (------) من المخطط رقم (م/--------) – قطعة رقم (----)، ومساحته (-------- م2) (--------------------- المتر المربع) وأوصافه (سكن خاص) وحدوده طبقاً للمخطط المذكور.

وحيث إن ملكية ذلك العقار قد آلت العقار المذكور للطرف الأول بموجب ------------- .

وحيث يرغب الطرف الأول، توثيقاً لأواصر القربي، في هبة العقار المشار إليه إلى أبنته (الطرف الثاني) بدون عوض، لذا فقد عرض ذلك على الطرف الثاني القابل لذلك، وتلاقت إرادتيهما إيجاباً وقبولاً نحو إتمام هذا العقد وفقاً للشروط والبنود الآتية:

[البند الأول]

      يعتبر التمهيد السابق جزءً لا يتجزأ من هذا العقد وبنداً متمماً ومكملاً لبنوده.

[البند الثاني]

وهب الطرف الأول وأسقط وتنازل بكافة الضمانات الفعلية والقانونية إلى الطرف الثاني العقار الواقع في منطقة ------ وهو يمثل القسيمة رقم (------) من المخطط رقم (م/--------) – قطعة رقم (----)، ومساحته (-------- م2) (--------------------- المتر المربع) وأوصافه (سكن خاص) وحدوده طبقاً للمخطط المذكور؛ بلا عوض وبدون أي مقابل.

[البند الثالث]

آلت ملكية العقار (الموهوب) محل هذا العقد إلى الطرف الأول (الواهب) بموجب ------------- .

[البنـد الرابع]

يقر الطرف الأول بأن العقار الموهوب خالي من كافة الحقوق العينية الأصلية، أو التبعية كالرهن، أو الحكر، أو الاختصاص، أو الامتياز، وأقـَرَّ الطرف الأول بخلوّ العقار الموهوب للطرف الثاني من أيَّة ديون أو رهون سواء لجهاتٍ حكومية أو غير حكومية أو أفراد، وإنه في حالة ظهور أية التزامات من هذا القبيل يكون مُلزماً بأدائها ودون أن تتحمَّـل الطرف الثاني أيَّـة التزاماتٍ من هذا القبيل.

ويقر الطرف الأول بأنه لم يسبق له التصرف في العقار الموهوب للطرف الثاني بأي نوع من أنواع التصرفات القانونية (الناقلة للملكية).

                                 [البند الخامس]

يقر الطرف الأول بأنه قد قام بتسليم العقار الموهوب إلى الطرف الثاني في تاريخ التوقيع على هذا العقد؛

كما يقر الطرف الثاني أنه قد قام باستلام العقار الموهوب لها وأصبح في حيازتها وتحت يدها اعتباراً من تاريخ التوقيع على هذا العقد، ولها عليه كامل سلطـات ومُكْـنات المالك، وأنها أصحبت المسئولة عن ذلك العقار وسداد كافة الالتزامات المترتبة عليه (كمقابل استهلاك الكهرباء والماء والتليفون ...الخ)، ومسئولة عن أية مخالفة تقع فيه اعتباراً من تاريخ التوقيع على هذا العقد.

[البند السادس]

اتفق الطرفان على أنه لا يحق ولا يجوز للطرف الثاني (الموهوب له) التصرف في العقار الموهوب له بموجب هذا العقد بأي نوع من التصرفات الناقلة للملكية طيلة حياة الواهب (الطرف الأول)؛ أو الحصول على موافقة كتابية منه قبل إبرامه.

وفي حال مخالفة الطرف الثاني لهذا الشرط، فيعتبر هذا العقد كأن لم يكن وتعود ملكية العقار الموهوب إلى الطرف الأول.

وفي جميع الأحوال فلا يسري ولا ينفذ التصرف الناقل للملكية التي تبرمه الطرف الثاني في حق الطرف الأول.

[البند السابع]

يحق للطرف الأول الواهب الرجوع عن هذه الهبة في أي وقت طول حياته بإرادته المنفردة أو في حالة تحقق أي عذر من الأعذار التي تتيح للطرف الأول الرجوع في الهبة.

ومن ثم، يحق له –من بعد- التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات الناقلة للملكية أو المقيدة لها أو غير ذلك من التصرفات حتى بعد قبول الموهوب له للهبة محل هذا العقد.

                          [البند الثامن]

يلتزم الطرف الأول بالمثول أمام إدارة التسجيل العقاري لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تسجيل هذا العقد.

كما التزم الطرف الأول بتحمـل أية نفقات أو رسوم في هذا شأن تسجيل عقد الهبة ونقل ملكية العقار الموهوب للطرف الثاني.

التـزَمَ الطرف الأول بسداد أيَّة نفقاتٍ قد تستلزمها الهبة ، وبأن الطرف الثاني لن تـتحمَّـل أيَّـة نفقاتٍ أو مصروفاتٍ أيـاً كان نوعها.

[البند التاسع]

تختص محاكم دولة الكويت بنظر ما قد يثور من منازعات لا قدر الله بشأن تفسير أو تنفيذ أي بند من بنود هذا العقد.

[البند العاشر]

حرر هذا العقد من نسختين، بيد كل طرف نسخة منها للعمل بموجبها عند اللزوم.

بما ذُكِرَ، تحرر هذا العقد، وتوقع عليه من طرفيه،،،

الطـــــــرف الأول

الاسم/ .......................................................

التوقيع/ .....................................................

 

الطــــــــرف الثاني

الاسم/ ...................................................

التوقيع/ ..................................................

توقيع الشهود

الشاهد الأول

الاسم/ .......................................................

التوقيع/ ....................................................

 

الشاهد الثاني

الاسم/ ...................................................

التوقيع/ ..................................................

والله خير الشاهدين،،،  

السبت، 11 نوفمبر 2023

مذكرة دفاع في دعوى إدارية بشأن الطعن على قرار وزارة الأوقاف بقصر استعمال مكبر الصوت على رفع الأذان فقط

 

الدفــــــاع

أولاً- سلطة عدالة المحكمة الموقرة في تكييف طلبات المدعي:

لما كان من المقرر أن تكييف الدعوى، وتقصي طلبات الخصوم فيها، واستظهار مراميهم وما قصدوه من إبدائها هو مما تستقل به محكمة الموضوع، وهي غير مقيدة في ذلك بتكييف الخصوم لها، وعليها إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدى ما تستنبطه من واقع الحال فيها وملابساتها، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمل قضائها.

لما كان ذلك، وكانت طلبات المدعي في الدعوى الماثلة وفقاً لما ورد بصحيفة افتتاحها هي طلب الحكم له: "بعدم صحة القرار الوزاري رقم --- /---- الصادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتاريخ --------- بشأن استخدام مكبرات الصوت الخارجية في الجامع والمسجد والمصلى مقتصراً على رفع الآذان".

ولما كان التكييف القانوني الصحيح لهذه الدعوى إنها دعوى: "إلغاء القرار الإداري المطعون فيه، فيما تضمنه من قصر استخدام مكبرات الصوت الخارجية في المساجد على رفع الآذان فقط".

ومن ثم، سنوالي إبداء دفاعنا في الدعوى المطروحة على هدي من هذا التكييف القانوني الصحيح لطلبات المدعي فيها.

 

ثانياً- الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء "القرار الإداري":

من المقرر أن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة، في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين ممكناً وجائزاً قانوناً، ابتغاء مصلحة عامة، ويشترط في القرار الذي يجوز الطعن فيه بدعوى الإلغاء، أن يكون محدثاً بذاته لآثار قانونية من شأنها المساس بالمركز القانوني للطاعن (المدعي).

فالقرار الإداري الجائز الطعن فيه بدعوى الإلغاء إذن هو الذي من مقوماته أن تستهدف به جهة الإدارة ترتيب آثار قانونية حالة ومباشرة لصاحب الشأن فيه، سواء بإنشاء مركز قانوني جديد له وتعديل مركز قانوني قائم أو إلغاء هذا المركز.

 

وقد تواتر قضاء المحكمة الإدارية العليا (بمصر) على أنه:

"من المستقر عليه أن مجرد صدور القرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري، وإنما يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه، وبناءً عليه فإن القرارات التي يصدرها وزير العدل، وتكون متصلة بالإجراءات المرتبطة بالدعوى الجنائية ومنها قرار الترخيص للمحامين الأجانب بالحضور والمرافعة أمام المحاكم المصرية في الجنايات المحددة، لا يعد – بحال – قراراً إدارياً بالمعنى القنوني الصحيح منسوباً لجهة الإدارة، فهي لا تعدو أن تكون إجراءات تنظيمية لحضور المحامين الأجانب أمام المحاكم الجنائية المصرية في قضية معينة بالتنسيق مع نقابة المحامين، ولا يعبر عن إرادة ذاتية للجهة الإدارية، وإنما تتصل بدعوى جنائية منظورة أمام محكمة جنايات القاهرة، مما يفقد تلك القرارات وصف (القرارات الإدارية) التي يقبل الطعن عليها بدعوى الإلغاء أمام محاكم مجلس الدولة".

(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8807 لسنة 55 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 19/6/2010 مجموعة المكتب الفني – السنة 55 و 56 – صـ 570).

(وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 40514 لسنة 57 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 6/4/2016 مجموعة المكتب الفني – السنة 61 – الجزء الأول – صـ 863 وما بعدها).

كما أنه من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم القرار الإداري على وجهه الصحيح وذلك في ضوء الوقائع المعروضة عليها، وأن تتحقق من قيامه بمقوماته القانونية وإعطائه وصفه القانوني الحق دون التقيد بوصف الخصوم له، لأن العبرة في التكييف القانوني هو بفحوى القرار ومعناه لا بصيغته ومبناه.

فلمحكمة الموضوع - بما لها من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة وبيانات ومستندات واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى - استخلاص مدى وجود القرار الإداري المختصم ونوعه، بغير معقب عليها متى كان استخلاصها سائغاً له أصله الثابت بالأوراق، ويؤدي إلى ما انتهت إليه من نتيجة.

ومفاد ما تقدم –وخلاصته– أن الخصومة في دعوى الإلغاء خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته استهدافاً لمراقبة مشروعيته، ومن ثم يتعين أن توجه دعوى الإلغاء إلى قرار إداري، فإذا انتفى وجوده تخلف مناط قبولها. - والقرار الإداري هو الذي تفصح به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.

لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه بالدعوى الماثلة ليس من شأنه – بذاته – أن يحدث آثار قانونية من شأنها المساس بالمركز القانوني للمدعي. ولا يترتب عليه أية آثار قانونية (حالة) و (مباشرة) بالنسبة للمدعي، فهو لا ينشأ مركز قانوني جديد للمدعي، ولا يعدل في مركز قانوني قائم له، ولا يلغي مركز قانوني خاص بالمدعي.

وكل ما في الأمر أن القرار المطعون فيه (رقم --- /-----) الصادر عن معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية، بشأن تعديل لائحة أحكام الجوامع والمساجد، قد قام بإعادة صياغة المادة (39) من لائحة الجوامع والمساجد الصادرة بقرار معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية رقم ---- /---- في تاريخ ----- (التي لم يقم المدعي بالطعن عليها في حينه، ومن ثم فقد تحصنت ضد الإلغاء)، والتي كانت تنص على أنه:

"يمنع استخدام مكبرات الصوت الخارجية المثبتة على مئذنة الجامع أو المسجد أو المصلى في تأدية الصلوات الخمس وخطبة الجمعة والمحاضرات والندوات، ما عدا رفع الأذان".

أما التعديل الجديد (في صياغة تلك المادة) فنص على أن:

"يكون استخدام مكبرات الصوت الخارجية في الجامع والمسجد والمصلى مقتصراً على رفع الأذان".

فبصرف النظر عن صياغة تلك المادة، قبل التعديل وبعده، فحكمها (الموضوعي) واحد لم يتغير، وإنما جاء التغيير منصباً على (الصياغة) فقط لا غير.

مع الأخذ بعين الاعتبار عدم قيام المدعي بالطعن على تلك المادة (قبل تعديل صياغتها) فيما تضمنته من حكم (موضوعي)، فيكون ذلك الحكم قد تحصن ضد الإلغاء.

ناهيك عن أن قرار تعديل صياغتها لا يصدق عليه وصف (القرار الإداري) –بمفهومه القانوني– حيث إنه لا يترتب عليه (بذاته) إحداث أو ترتيب أو المساس (حالاً) و (مباشرةً) بمركز قانوني للمدعي، ومن ثم فلا يصلح ذلك القرار الصادر عن الجهة الإدارية لأن يكون محلاً لدعوى الإلغاء، وتكون الدعوى الماثلة غير مقبولة لانتفاء وصف القرار الإداري عن القرار المطعون فيه.

 

ثالثاً- الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، ولرفعها من غير ذي صفة:

لما كان من المقرر، أنه ولئن كانت المصلحة الشخصية المباشرة، كشرط من شروط قبول دعوى الإلغاء، لا يقف عند حد وجود حق، يكون القرار المطلوب إلغاؤه قد أهدره أو مس به، باعتبار أنها دعوى ذات طابع عيني، تستهدف مخاصمة القرار في ذاته، تحقيقا لمبدأ المشروعية، وليست من الدعاوى الحقوقية، إلا أن أحكام المحاكم الإدارية العليا قد جرت على أنه يلزم أن يكون رافع الدعوى، في مركز قانوني أو حالة قانونية خاصة، بالنسبة إلى القرار المطعون فيه، من شأنها أن تجعل القرار مؤثراً في مصلحة جدية له، سواء كانت مادية أو أدبية. - وأن تحرى المصلحة في الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق.

فمن المقرر في الفقه القانوني أن:

"المشرع يشترط لقبول الدعوى توافر المصلحة الشخصية لدى رافع الدعوى. فإذا تخلف هذا الشرط فلا تقبل الدعوى. إلا أنه يكفي لقبول دعوى إلغاء القرار الإداري توافر شرط المصلحة الشخصية المباشرة في هذا الإلغاء، دون الحاجة إلى الاستناد إلى حق مكتسب للطاعن، تأسيساً على أن الطعن بإلغاء القرارات الإدارية المعيبة هو في الحقيقة طعن موضوعي عام مبني على المصلحة العامة، إذ يدور النزاع فيه حول مشروعية القرار المطعون فيه بذاته. ومن ثم كان هذا الإلغاء عينياً ولا يلزم في طلبه أن يكون الطاعن صاحب حق ذاتي، بل يكفي أن يكون ذا مصلحة شخصية ومباشرة فيه، وهذه المصلحة تتحقق متى كان الطاعن في مركز قانوني خاص وثيق الصلة بالقرار المطعون فيه بأن تربطه به علاقة مباشرة.

مع التأكيد على أن دعاوى الإلغاء ليست من دعاوى "الحسبة"، ولا يُراد بها الدفاع عن حق كل شخص في ضرورة احترام الإدارة لمبدأ المشروعية، وإنما يُراد بها الدفاع عن حق الفرد في ألا يُضار شخصياً من إهدار المشروعية، لذا فلا يكفي لقبول دعوى الإلغاء الاستناد إلى المصلحة العامة، بل يلزم أن تكون المصلحة التي يستند إليها الطاعن مصلحة شخصية، أي مستمدة من مركزه القانوني أو الحالة القانونية الشخصية له، بحيث يؤثر فيها القرار المطعون فيه، وذلك حتى لا يضيع وقت القضاء في مسائل ذات صبغة مُجردة لا ترتبط بها مصلحة الطاعن (المدعي).

ويجب أن تكون المصلحة الشخصية والمباشرة، مصلحة مشروعة أي يُقرها القانون، ولا يشترط فيها أن تكون محققة، بل يكفي أن تكون محتملة، سواء كانت المصلحة مادية أو أدبية، فردية أو جماعية. ولا بد من توافر شرط المصلحة عند إقامة الدعوى، ويشترط كذلك استمراره حتى يفصل فيها نهائياً.

والدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة فيها أو عدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة، دفع موضوعي لا يسقط بالكلام في الموضوع ويجوز إثارته في أي مرحلة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف".

(لطفاُ، المرجع: "الدعاوى الإدارية والإجراءات أمام القضاء الإداري – دعاوى الإلغاء" – للدكتور/ سامي جمال الدين – طبعة 1991 الإسكندرية – صـ 93 و 96).

هذا، وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا (بمصر) على أنه:

"يجب لقبول دعوى الإلغاء أن يكون لرفعها مصلحة شخصية ومباشرة، وقيام شرط المصلحة يعنى توافر الصفة في رافع الدعوى، حيث يندمج الشرطان في دعوى الإلغاء. - ويجب أن تتوافر مصلحة المدعى في إقامة دعوى الإلغاء من وقت رفعها حتى الفصل فيها نهائياً، غير أن نطاق المصلحة في إقامتها يتسع لكل دعوى إلغاء يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً في مصلحة جدية له .- إلا أن هذا الاتساع لا يعنى الخلط بينها وبين دعوى "الحسبة"، ولا يلزم لقبول دعوى الإلغاء أن يكون المدعى ذا حق في القرار المطعون فيه ـ يكفى فقط أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة مادية أم أدبية، بأن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار من شأنها أن تجعله يؤثر تأثيراً مباشراً عليه".

(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3069 لسنة 45 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 12/1/2002).

(وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 25 لسنة 14 قضائية – جلسة 26/1/1974 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 100).

كما قضت المحكمة الإدارية العليا (بمصر) بأنه:

"يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه، من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشرً في مصلحة شخصية له، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة - إذا كان نطاق المصلحة في دعوى الإلغاء يتسع لكل دعوى إلغاء يكون رافعها في حالة قانونية خاصة مسها القرار المطعون فيه، حيث تتصل هذه الدعوى بقواعد واعتبارات المشروعية والصالح العام، إلا أن هذا الاتساع لا يعني الخلط بينها وبين دعوى الحسبة، إذ يظل قبول الدعوى منوطاً بتوافر شرط المصلحة الشخصية لرافعها - أثر ذلك - إن طلب إلغاء قرار تعيين نقيب المحامين عضواً بالمركز القومي لحقوق الإنسان، بمقولة إنه امتنع عن تنفيذ الأحكام الصادرة بالقيد في النقابة، ليس من موجباته إلزامه بالامتثال لتنفيذ تلك الأحكام، إذ لا تلازم بين إلغاء القرار المذكور والقيد بالنقابة لاستقلال كل منهما بأحكامه وآثاره - لا يكفي لقبول دعوى الإلغاء مجرد توافر الصفة في رافعها، وإنما يتعين أن يتوافر إلى جانب ذلك شرط المصلحة بمفهومه سالف الذكر، وإلا أضحت من دعاوى الحسبة واختلطت الدعويان رغم تميزهما واستقلالهما".

(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 18868 لسنة 51 قضائية – جلسة 1/7/2007).

لما كان ما تقدم، وكان نطاق المصلحة في إقامة دعوى إلغاء القرار الإداري يتسع لكل حالة يكون المدعي فيها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً في مصلحة (قانونية) (شخصية) و (مباشرة) و (جدية) له - إلا أن هذا الاتساع لا يعنى الخلط بينها وبين دعوى "الحسبة" - بأن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار من شأنها أن تجعله يؤثر تأثيراً مباشراً عليه.

لما كان ذلك، وكان المدعي في الدعوى الماثلة، لم يبين المصلحة القانونية الشخصية والمباشرة والجدية له، ولم يوضح الحالة القانونية الخاصة به بالنسبة للقرار المطعون فيه ولم يثبت أن من شأن تلك الحالة أن تجعل القرار المطعون فيه يؤثر تأثيراً مباشراً عليه، فإن الدعوى الماثلة تكون غير مقبولة من ناحية: لانتفاء المصلحة القانونية (بمفهومها الفني الدقيق) في حق المدعي، ومن ناحية أخرى: لرفعها من غير ذي صفة.

 

رابعاً- طلب رفض الدعــوى موضوعاً:

المدعى عليه بصفته، يطلب رفض الدعوى الماثلة موضوعاً، استناداً إلى ثلاثة أسباب رئيسية، هي:

السبب الأول – لرفض الدعــوى :

اتفق أهل العلم (الشرعي) على استحباب رفع الصوت عند الأذان؛ استدلالاً بما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ المؤذِّنَ يُغفرُ لَه مدى صَوتِه ويُصَدِّقُه كلَ رطبٍ ويابسٍ سَمِعَهُ والشاهِدُ عليه خمسةُ وعشرين درجةً)؛

كما ثبت في صحيح البخاري أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنِّي أرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ والبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ في غَنَمِكَ أوْ بَادِيَتِكَ فأذَّنْتَ لِلصَّلَاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بالنِّدَاءِ، فإنَّهُ: لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ ولَا إنْسٌ، ولَا شيءٌ، إلَّا شَهِدَ له يَومَ القِيَامَةِ، قالَ أبو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)؛

إضافةً إلى أنّ الأذان فيه إظهارٌ لشعار الإسلام، وبيانٌ له، ودعوةٌ إلى التوحيد، وأي وسيلةٍ تُحقّق ذلك المقصد لا حرج فيها، وتُشرَع دون إثمٍ أو بأسٍ، ومن ذلك استخدام مكبّرات الصوت؛

ولا يُمكن اعتبار استعمال مكبّرات الصوت بدعة، بل هو أمرٌ مطلوبٌ؛ إذ إنّ الهدف منه إسماع المسلمين الأذان.

وتجدر الإشارة إلى أنّ كل وسيلة أو طريقة تُعين على أداء العبادة، وتؤدي إليها يُعدّ الأصل فيها الإباحة والجواز؛ إذ لا يُراد منها التعبّد.

ويُباح استخدام مكبرات الصوت لإقامة الصلاة، بل قد يُعدّ من الأمور المطلوبة شرعاً، خاصةً إذا كان الإسماع لا يتحققّ بدونها؛ والهدف من ذلك تذكير المسلمين بوقت إقامة الصلاة، ويُسنّ أن يكون صوت الإقامة أخفض من صوت رفع الأذان؛ إذ إنّ الأذان لإعلام الغائبين، أمّا الإقامة فللحاضرين في المسجد.

ولا حرج في استخدام مكبّرات الصوت داخل المسجد إن لم تُؤدِّ إلى إلحاق أيّ أذى بأحدٍ، ولم تشوّش على الآخرين، إذ قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (أيُّها الناسُ إنَّ المُصلِّيَ إذا صلَّى فإنه يناجي ربَّه تباركَ وتعالى فلْيعلمْ بما يُناجيه ولا يجهرْ بعضُكم على بعضٍ).

ويُضاف إلى ما سبق إن كان استخدامها لمصلحةٍ ما؛ كجعل المُصلّين أكثر نشاطاً، وكذلك إن دعت الحاجة إلى استخدامها؛ كأن يكون المسجد كبيراً، أو أن يكون صوت الإمام منخفضاً بطبيعته؛

أمّا إن كانت مكبّرات الصوت تؤدي إلى التشويش وإلحاق الضرر بأهالي البيوت المجاورة للمسجد، أو المساجد الأخرى التي حوله، فلا يجوز استخدامها؛ لِما يترتّب على ذلك من إيذاء الناس، كما أنّه قد يؤدي إلى إخلالهم في صلاتهم.

ويُستحبّ للخطيب أن يرفع صوته في خُطبة الجمعة؛ لِما ثبت في صحيح الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ)؛

وبذلك يُسمع الخطيب المسلمين ما يصدر منه، ويجذبهم إليه، وتجدر الإشارة إلى أنّ رفع الصوت المطلوب لا يصحّ أن يسبّب الإيذاء، بل يكون بدرجةٍ مُتوسّطةٍ دون مبالغةٍ، مع مراعاة المناسب.


حكم الاقتداء بالإمام من خلال مكبّرات الصوت:

لا حرج في اقتداء المصلّي بالإمام عن طريق مكبّرات الصوت إن كان يصلّي في الأدوار السفليّة أو العُلويّة للمسجد، ويُشترَط في المصلّي أن يكون داخلاً في الجماعة، ولا يجوز أن يصلّي المسلم خلف الإمام من خلال التلفاز، أو المذياع؛ ذلك أنّ الصفوف غير مُتَّصلةٍ، كما أنّ المُصلّي منقطع حقيقةً وعرفاً عن الإمام؛ ويجب تتّبع الإمام في كلّ حركاته وانتقالاته، حتى وإن كان ذلك من خلال مكبّرات الصوت (وكان المصلي داخل المسجد).

 

حكم الجهر بالقرآن عبر مكبّرات الصوت:

يتعلّق جواز حكم الجهر بالقرآن بعدم التشويش على الناس، أو إيذاء الآخرين؛ لما ثبت من قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ألا إنَّ كلَّكم مُناجٍ ربَّه، فلا يُؤذِينَّ بعضُكم بعضًا، ولا يرفعَنَّ بعضُكم على بعضٍ بالقراءةِ)؛

وبناءً على ذلك يُنظر في أثر استخدام مكبّرات الصوت عند قراءة القرآن في الآخرين؛ فإن أدّت إلى الأذى أو التشويش على الآخرين؛ فلا يُلجأ إليها.

وقد لجئت العديد من الدول الإسلامية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، إلى قصر استعمال واستخدام مكبرات الصوت في المساجد على رفع الآذان والإقامة فقط.

ففي تاريخ 23/5/2021 ميلادية (الموافق: 11/10/1442 هجرية)، أصدر معالي الوزير الشيخ الدكتور/ عبداللطيف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل الشيخ (وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية)، تعميماً لكافة فروع وزارته بمناطق المملكة، ينص على توجيه منسوبي المساجد بقصر استعمال مكبرات الصوت الخارجية على رفع الأذان والإقامة فقط، وألا يتجاوز مستوى ارتفاع الصوت في الأجهزة عن ثلث درجة جهاز مكبر الصوت، واتخاذ الإجراء النظامي بحق من يخالف هذا التعميم.

ويأتي التعميم إشارة إلى ما لاحظته الوزارة من استعمال مكبرات الصوت الخارجية في المساجد في الصلوات وما تحدثه هذه المكبرات من ضرر على المرضى وكبار السن والأطفال في البيوت المجاورة للمساجد، إضافة إلى تداخل أصوات الأئمة وما يترتب على ذلك من تشويش على المصلين في المساجد والبيوت.

كما يستند التعميم المذكور إلى الأدلة الشرعية منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إنَّ كلَّكم مُناجٍ ربَّه، فلا يُؤذِينَّ بعضُكم بعضًا، ولا يرفعَنَّ بعضُكم على بعضٍ بالقراءةِ أو قال: في الصلاةِ"، وعملا بالقاعدة الفقهية "لا ضرر ولا ضرار"، ولأن تبليغ صوت الإمام في الصلاة خاص لمن هو داخل المسجد وليس ثمة حاجة شرعية تدعو لتبليغه لمن في البيوت، إضافة لما في قراءة القرآن في المكبرات الخارجية من الامتهان للقرآن العظيم عندما يقرأ ولا يستمع إليه.

فصلاة الأئمة في مكبرات الصوت فمتى وُجدت الحاجة إلى ذلك من عدم وصول صوت الإمام إلى جميع المصلين فلا بأس، على أن يُقتصر في ذلك على المكبرات الداخلية لئلا يتأذى من في خارج المسجد، وأما إذا كان صوت الإمام يبلغ المصلين فلا مُسوغَ لاستعمال مكبر الصوت في هذه الحال، وبخاصة إذا كان الإمام يُمسك المكبر بيده مما يؤدي إلى تركه كثيراً من سنن الصلاة، واشتغاله عن الصلاة بفعل لا حاجة إليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشُغلا.

وأما الصلاة في مكبرات الصوت الخارجية مما يترتب عليه أذية للناس في بيوتهم، أو أذية أهل المساجد الأخرى، فهذا مما لا يجوز شرعاً، وقد فصل العلامة العثيمين رحمه الله أدلة منع ما ذكرنا في فتوى له، نسوقها بطولها لما فيها من الفائدة، ونصيحةً للمسلمين، قال رحمه الله:

"ما ذكرتم من استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية على المنارة فإنه منهي عنه؛ لأنه يحصل به كثير من التشويش على أهل البيوت والمساجد القريبة، وقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ من شرح الزرقاني في باب العمل في القراءة عن البياضي فروة بن عمرو –رضي الله عنه– أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. وروى أبو داود تحت عنوان رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة. قال ابن عبد البر: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان ..ففي هذين الحديثين النهي عن الجهر بالقراءة في الصلاة حيث يكون فيه التشويش على الآخرين وأن في هذا أذية ينهى عنها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من مجموع الفتاوى: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين، وفي جواب له من الفتاوى الكبرى: ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع منه.

وأما ما يدعيه من يرفع الصوت من المبررات فجوابه من وجهين:

الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر بعض الناس على بعض في القرآن وبين أن ذلك أذية، ومن المعلوم أنه لا اختيار للمؤمن ولا خيار له في العدول عما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً {الأحزاب: 36}،

ومن المعلوم أيضاً أن المؤمن لا يرضى لنفسه أن تقع منه أذية لإخوانه.

الوجه الثاني: أن ما يدعيه من المبررات -إن صح وجودها- فهي معارضة بما يحصل برفع الصوت من المحذورات فمن ذلك:

1- الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من جهر المصلين بعضهم على بعض.

2- أذية من يسمعه من المصلين وغيرهم ممن يدرس علماً أو يتحفظه بالتشويش عليهم.

3- شغل المأمومين في المساجد المجاورة عن الاستماع لقراءة إمامهم التي أمروا بالاستماع إليها.

4- أن بعض المأمومين في المساجد المجاورة قد يتابعون في الركوع والسجود الإمام الرافع صوته، لاسيما إذا كانوا في مسجد كبير كثير الجماعة حيث يلتبس عليهم الصوت الوافد بصوت إمامهم، وقد بلغنا أن ذلك يقع كثيراً.

5- أنه يفضي إلى تهاون بعض الناس في المبادرة إلى الحضور إلى المسجد؛ لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة، وجزءاً جزءاً فيتباطأ اعتماداً على أن الإمام في أول الصلاة فيمضي به الوقت حتى يفوته أكثر الصلاة أو كلها.

6- أنه يفضي إلى إسراع المقبلين إلى المسجد إذا سمعوا الإمام في آخر قراءته كما هو مشاهد، فيقعون فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الإسراع بسبب سماعهم هذا الصوت المرفوع.

7- أنه قد يكون في البيوت من يسمع هذه القراءة وهم في سهو ولغو كأنما يتحدون القارئ وهذا على عكس ما ذكره رافع الصوت من أن كثيراً من النساء في البيوت يسمعن القراءة ويستفدن منها وهذه الفائدة تحصل بسماع الأشرطة التي سجل عليها قراءة القراء المجيدين للقراءة ... والقاعدة العامة المتفق عليها أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد، وجب مراعاة الأكثر منها والأعظم فحكم بما تقتضيه، فإن تساوت فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح.

فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يسلكوا طريق السلامة، وأن يرحموا إخوانهم المسلمين الذين تتشوش عليهم عباداتهم بما يسمعون من هذه الأصوات العالية حتى لا يدري المصلي ماذا قال ولا ماذا يقول في الصلاة من دعاء وذكر وقرآن، ولقد علمت أن رجلاً كان إماماً وكان في التشهد وحوله مسجد يسمع قراءة إمامه فجعل السامع يكرر التشهد لأنه عجز أن يضبط ما يقول فأطال على نفسه وعلى من خلفه، ثم إنهم إذا سلكوا هذه الطريق وتركوا رفع الصوت من على المنارات حصل لهم مع الرحمة بإخوانهم امتثال قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن. وقوله: فلا يؤذين بعضهم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة. ولا يخفى ما يحصل للقلب من اللذة الإيمانية في امتثال أمر الله ورسوله وانشراح الصدر لذلك وسرور النفس به". (انتهى).


وقال أيضاً (رحمه الله):

" لا مانع أن يستثنى من ذلك المسجدان المكي والنبوي، وكذلك الجوامع في صلاة الجمعة؛ لأنه ربما يكون بعض المصلين خارج المسجد فيحتاجون إلى سماع صوت الإمام بشرط أن لا تكون الجوامع متقاربة يشوش بعضها على بعض، فإن كانت كذلك فإنه توضع سماعات على جدار المسجد تسمع منها الخطبة والصلاة وتلغى حينئذ سماعات المنارة لتحصل الفائدة بدون أذية للآخرين". [انظر: "مجموع فتاوى ابن عثيمين (13/74-96)].

وكذلك فتوى العلامة الدكتور/ صالح بن فوزان الفوزان (حفظه الله) عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للفتوى، وغيرهم الكثير من أهل العلم الثقاة.

وذكّر آل الشيخ - في هذا الصدد - بفتاوى سابقة صدرت بهذا الشأن، وإحداها تتعلّق بمكبّرات الصوت حتّى داخل المسجد، ومفادها أنّه "إذا كان الإمام صيّتاً فلا داعي لأن توضع داخل المسجد، فما بالك بإزعاج الناس خارج المسجد؟".

وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإن القرار المطعون فيه، الصادر عن ولي الأمر المختص بتنظيم الجوامع والمساجد والمصليات في السلطنة، قد صدر في حدود اختصاصه القانوني والشرعي، موافقاً لمتطلبات القانون والشرع، ومؤدياً للمحافظة على سلامة كافة المواطنين من الأذى الذي يترتب على استخدام مكبرات الصوت الخارجية في غير الآذان – على نحو ما سلف بيانه – فإن ذلك القرار يكون قد جاء مبرأً من كل عيب سليماً من أي نقص، ويكون النعي عليه بالدعوى الماثلة قد جاء على سندٍ من حقيقة الواقع ولا صحيح القانون وعلى خلاف مقتضى الشريعة السمحاء، فتكون هذه الدعوى خليقة بالرفض.

 

السبب الثاني – لرفض الدعــوى :

لما كانت "مكبرات الصوت ليست ركناً من أركان الصلاة"، وأن التعديل الجديد (في صياغة لائحة أحكام الجوامع والمساجد) يأتي لتفعيل قرار سابق يمنع استخدام مكبرات الصوت في المساجد لغير رفع الأذان، فما هو إلا قرار تنظيمي، ولا دخل له بالجانب الديني.

وهذا القرار التنظيمي يخضع لموائمة جهة الإدارة، بما لا يملك معه القضاء فرض رقابته على تلك الموائمة.

حيث تنص الفقرة (الأخيرة) من المادة (6) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٩١ /19٩٩، والمعدلة بالمرسوم السلطاني رقم 23 /2022 بشأن تعديل بعض أحكام قانون محكمة القضاء الإداري ، على أن:

"وتقتصر سلطة المحكمة في الرقابة على القرارات الإدارية على بحث مدى مشروعيتها، دون التطرق إلى بحث مدى ملاءمتها".


هذا، ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز (بالكويت) أن:

"إن نشاط القضاء الإداري في وزنه للقرارات الإدارية ينبغي أن يقف عند حد المشروعية أو عدمها في نطاق الرقابة القانونية، فلا يتجاوزها إلى وزن مناسبات القرار وغير ذلك مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها الإدارة بغير معقب عليها طالما كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار الإداري مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً".

(الطعن بالتمييز رقم 353 /2002 إداري – جلسة 24/2/2003).

(والطعن بالتمييز رقم 309 /2002 إداري/1 – جلسة 3/2/2003).

لما كان ذلك، وكان التعديل الجديد (في صياغة لائحة أحكام الجوامع والمساجد) يأتي لتفعيل قرار سابق يمنع استخدام مكبرات الصوت في المساجد لغير رفع الأذان، وكان هذا القرار قرار تنظيمي، مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها الإدارة بغير معقب عليها، بما لا يملك معه القضاء فرض رقابته على تلك الموائمة، طبقاً لصريح نص المرسوم السلطاني رقم 23 /2022 المعدل لبعض أحكام محكمة القضاء الإداري، على نحو ما سلف بيانه. 

 

السبب الثالث – لرفض الدعــوى :

من المستقر عليه في الفقه والقضاء أن القرار الإداري يفترض فيه الصحة والمشروعية، وهي لصيقة به على وجه اليقين، وقد أطلق عليها مجلس الدولة الفرنسي (امتياز قرينة الصحة) في قضائه، ونقل عنه قضاء مجلس الدولة المصري، وأخذ بها قضاء التمييز الكويتي.

ومفاد امتياز قرينة الصحة هو سلامة القرار الإداري من الناحية القانونية، وأنه ذو مصداقي ومطابق للحقيقة، فهو بذاته دليل حجيته، وعلى من يدعي عكس ذلك تقويض تلك القرينة، وذلك التقويض لا يكون إلا بتقديم الدليل العكسي.

(لطفاً، المرجع: "النظرية العامة للقرارات الإدارية، دراسة مقارنة في التشريع والفقه والقضاء الفرنسي والمصري والكويتي" – الكتاب الثاني: "ماهية القرار الإداري وقوته التنفيذية" – للمستشار الدكتور/ حسني درويش عبد الحميد – طبعة يونيو 2020 – صـ 119 وما بعدها).

هذا، ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز (الكويتية) أن:

"المقرر قانوناً أن القرار الإداري هو إفصاح الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة في الشكل الذي يتطلبه القانون بما لها من سلطة مستمدة من القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني يكون ممكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، ولسلامة القرار يلزم توافر خمسة أركان هي الاختصاص والشكل والغاية والسبب والمحل، واختلال ركن أو أكثر من أركان القرار يؤدي إلى انعدام القرار الإداري كلية ويهبط به إلى منزلة العمل المادي كما إذ أصدر القرار من جهة غير مختصة أو مخالفة صارخة للقانون، أما ما دون ذلك فإن القرار يكون معيباً قابلاً للإبطال إلا أنه رغم ذلك يعتبر قائماً للقانون ومنتجاً لآثاره إلى أن يقضى من الجهة المختصة بإلغائه، ذلك أن القرار الإداري يفترض سلامته ويجب حمله على الصحة ما لم يقم الدليل على عكس ذلك. والمقرر أن استخلاص ما إذا كان القرار الإداري منعدماً أم لا هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك لمحكمة التمييز متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق".

(الطعن بالتمييز رقم 155 /1996 تجاري – جلسة 7/4/1997).

لما كان ذلك، وكان المدعي لم يقدم في دعواه الماثلة دليل واحد معتبر قانوناً يدحض به امتياز قرينة صحة القرار الإداري المطعون فيه، وإنما جاءت صحيفة دعواه وما رافقها من مستندات مجرد أقوال مرسلة لا سند لها ولا دليل عليها. فيظل القرار المطعون فيه (أياً كان تسميته وتكييفه القانوني) متمتعاً بامتياز قرينة الصحة، وتكون الدعوى الماثلة – وقد خلت من ثمة دليل يدحض تلك القرينة وينفي ذلك الأصل العام – قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون، خليقة بالرفض.

 

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد.

 

الطلبات

يلتمس المدعى عليه بصفته، الحكم له:

بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.

وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة لدى المدعي.

وعلى سبيل الاحتياط الكلي: (وعلى الترتيب التالي)..

 بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.

 برفض الدعوى.

وفي جميع الأحوال: بإلزام المدعي بالمصروفات، ومقابل الأتعاب الفعلية للمحاماة.

مع حفظ كافة الحقوق الأخرى للمدعى عليه بصفته، أياً ما كانت،،،