الأربعاء، 15 يوليو 2009

استئناف حكم في دعوى إيجارات

"وأعلنتهم بصحيفة الاستئناف الآتية"

بموجب هذه الصحيفة يستأنف الطالب بصفته الحكم الصادر في الدعوى رقم 438 لسنة 2007 إيجارات كلي جنوب القاهرة، الصادر من الدائرة 15 إيجارات بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بجلسة يوم الأحد الموافق 31/5/2009، والقاضي في منطوقه: "برفض الدعوى، وألزمت المدعي بصفته بالمصاريف، ومبلغ خمسة وسبعون جنيهاً أتعاب المحاماة".

ولما كان هذا الحكم، قد جاء مجحفاً بحقوق الطالب بصفته، لذا فهو يطعن عليه بطريق الاستئناف، بموجب هذه الصحيفة.

"الموضوع"

أقام الطالب بصفته الدعوى المبتدأة رقم 438 لسنة 2007 إيجارات كلي جنوب القاهرة بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة الابتدائية، وأعلنت قانوناً طلب في ختامها الحكم له: "بفسخ عقد الإيجار المؤرخ في 26/9/1963 والساري اعتبارا من 1/10/1963 عن دكان التداعي الكائن بالعقار رقم 12 شارع العدوي سابقاً وحالياً 502 شارع بور سعيد – قسم باب الشعرية – بالقاهرة، مع إخلاء عين التداعي من الأشياء والأشخاص وتسليمها للطالب بصفته بالحالة الحسنة التي كانت عليها عند التعاقد، مع إلزام المعلن إليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة".

وقال الطالب بصفته شرحاً لدعواه المستأنف حكمها أن مورث المعلن إليهم من الأول حتى الرابع كان يستأجر عين التداعي من وزارة الأوقاف، التي حلت محلها هيئة الأوقاف المصرية في خصوص إدارة واستثمار والتصرف في أعيان وأموال الأوقاف في مصر (طبقاً لقانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية رقم 80 لسنة 1971).

وإذ قام المستأجر الأصلي (مورث المعلن إليهم من الأول حتى الرابع) بالتنازل عن العين المؤجرة إلى المعلن إليه الخامس بدون أخذ موافقة كتابية من الأوقاف المؤجرة بل وحتى بدون علمها، وذلك بالمخالفة لبنود عقد الإيجار مكملة بأحكام قوانين إيجار الأماكن، مما حدا بالطالب بصفته إلى إقامة دعواه المستأنف حكمها بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

وتداولت الدعوى المستأنف حكمها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة يوم الأحد الموافق 31/5/2009 قضت محكمة أول درجة: "برفض الدعوى وألزمت المدعي بصفته بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً أتعاب المحاماة".

وقد أسست محكمة أول درجة قضائها سالف الذكر على سند من أن الطالب بصفته لم يقدم أصل عقد الإيجار سند الدعوى المستأنف حكمها.

ولما كان هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطالب بصفته، لكونه قد جاء مجحفاً بحقوقه، فضلاً عما شابه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله ومخالفته للثابت بالأوراق ومعيباً بالقصور في التسبيب، لذا فالطالب بصفته يطعن على ذلك الحكم لتلك الأسباب وللأسباب التالية:

"أسباب الاستئناف"

الأثر الناقل للاستئناف:

في مستهل دفاعنا، نتمسك بجميع الطلبات وأوجه الدفاع المبداه منا أمام محكمة أول درجة، سواء ما ورد منها في صحيفة افتتاح الدعوى أو مذكرات دفاعنا أو حوافظ مستنداتنا، أو الثابت منها بمحاضر الجلسات، ونعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أسباب هذا الاستئناف الماثل:

حيث تنص المادة 232 من قانون المرافعات على الأثر الناقل للاستئناف بقولها أن: "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط".

وعليه، يترتب على رفع الاستئناف طرح النزاع المرفوع بشأنه الاستئناف إلى محكمة الدرجة الثانية لتفصل فيه من جديد، ويكون لمحكمة الدرجة الثانية كل ما كان لمحكمة الدرجة الأولى من سلطة في هذا الصدد فهي تبحث وقائع الدعوى وتقوم باتخاذ ما تراه من إجراءات الإثبات وتعيد تقدير الوقائع من واقع ما قدم إليها من مستندات وما قدم لمحكمة أول درجة منها، ومن واقع دفاع الخصوم ثم هي أخيراً تطبق القاعدة القانونية التي تراها صحيحة على وقائع الدعوى، فالاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بما سبق أن أبداه المستأنف أمام أول درجة من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف؛ ويعتبر كل ما كان مطروحاً على محكمة أول درجة مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية.

وفى هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "على محكمة الاستئناف أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى ومن ثم يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي قضت فيها لغير مصلحته". (نقض 26/1/1967 المكتب الفني السنة 18 صـ 256. ونقض 2/3/1971 المكتب الفني السنة 22 صـ 239).

كما تنص المادة 233 من قانون المرافعات على أنه: "يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى".

فمن المقرر في قضاء النقض أن: "وظيفة محكمة الاستئناف. عدم اقتصارها على مراقبة سلامة التطبيق القانوني. التزامها بمواجهة النزاع بكل ما أشتمل عليه من أدلة ودفوع ودفاع بقضاء يواجه عناصره الواقعية والقانونية. حجب محكمة الاستئناف نفسها عن تمحيص وتقدير أدلة الدعوى اكتفاء بتقدير محكمة أول درجة لها رغم أن الطاعن قد تعرض لها في طعنه. مخالفة للثابت بالأوراق وقصور". (الطعن رقم 1836 لسنة 57 قضائية - جلسة 18/7/1989).

لما كان ما تقدم، فالطالب بصفته يتمسك بجميع الأدلة والدفوع والدفاع والطلبات المبداه منه أمام محكمة أول درجة ويعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أسباب هذا الطعن الماثل، بالإضافة إلى الدفوع وأوجه الدفاع الجديدة التالية:

مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

لما كان من المسلم به قانوناً أن دخول المستأجر بالعين المؤجرة كحصة عينية في شركة ما يكونها مع الغير، يعد بمثابة تنازلاً منه عن العين المؤجرة إلى تلك الشركة التي لها شخصية قانونية اعتبارية مستقلة عن شخصية الشركاء فيها

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الشركة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – عقد يلتزم بمُقتضاه شخصان أو أكثر بأن يُساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو عمل لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خُسارة مما مؤداه أن محل هذا العقد هو تكوين رأس مال يشترك فيه مجموع حصص الشركاء وذلك بقصد استغلاله للحصول على ربح يوزع بينهم ولا رابطة بين قيام الشركة وبين ما قد يكون من مُباشرة الشركاء بعد قيام الشركة لنشاطهم المُشترك في عين يستأجرها أحدهم لانتفاء التلازم بين نشأة الشركة وبين وجود مثل تلك العين أو تحقق ذلك النشاط فيها ما لم يكن حق الإجارة من ضمن مقومات الشركة إذا ما قدمه الشريك المُستأجر كحصة له فيها وأنه وإن كان الأصل أن قيام مُستأجر العين بإشراك آخر معه في النشاط المالي الذي يُباشره فيها عن طريق تكوين شركة بينهما لا يعدو أن يكون مُتابعة من جانب المُستأجر للانتفاع بالعين ولا ينطوي بذاته على معنى تخليه عنها إلى شريكه في المشروع إلا أنه إذا ما تخلى عن حقوقه المتولدة عن عقد الإيجار إلى الغير فإن هذا الأخير يُعد مُستأجراً من الباطن أو مُتنازلاً له عن الإيجار". (نقض مدني في الطعن رقم 1486 لسنة 52 قضائية، جلسة 22/2/1989. مُشار إليه في مرجع: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل - - الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 1099 – صـ 1218 ، 1219).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "الشركة – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – عقد يلتزم بمُقتضاه شخصان أو أكثر بأن يُساهم كل منهم في مشروع مالي أو عمل لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خُسارة، مما مؤداه أن محل هذا العقد هو تكوين رأس مال يشترك فيه مجموع حصص الشركاء وذلك بقصد استغلاله للحصول على ربح يوزع بينهم، وإنه ولئن كان لا رابطة بين قيام الشركة وبين ما قد يكون من مُباشرة الشركاء بعد قيام الشركة لنشاطهم المُشترك في عين يستأجرها أحدهم لانتفاء التلازم بين نشأة الشركة وبين وجود مثل تلك العين أو تحقق ذلك النشاط فيها إلا أن حق الإجارة يدخل ضمن مقومات الشركة إذا ما قدمه الشريك المُستأجر كحصة له فيها، وتخلى عن حقوقه المتولدة عن عقد الإيجار فتُصبح الشركة مُتنازلاً لها عن الإيجار من جانب المُستأجر، لأنه من المُقرر أن للشركة وجود مُستقل عن الشركاء فتخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة، ولا يكون له بعد ذلك إلا مُجرد حصة في نسبة مُعينة من الأرباح أو نصيب في رأس مال الشركة عند التصفية، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد الشركة المُقدم ضمن مُستندات الطاعن أنه نص في تمهيد العقد الذي يُعتبر طبقاً للبند الأول جزءاً منه، على أن مورث المطعون ضدهم من الثانية حتى الأخيرة يمتلك مكتباً للتجارة بالشقة محل النزاع وعقد الإيجار الصادر من الشركة المطعون ضدها الأولى ونص في البند الثاني منه على أن رأس مال الشركة مُناصفة بين الشريكين ويدخل ضمن رأس مال المُورث قيمة المكتب سالف الذكر، وإذ كان مفاد هذه النصوص أن مورث المطعون ضدهم من الثانية حتى الأخيرة قد تنازل عن إجارة الشقة محل النزاع إلى الشركة وأنه قدمها ضمن حصته فيها وأصبحت ضمن مقوماتها وأن ذلك يسري في حق ورثته". (نقض مدني في الطعن رقم 1194 لسنة 53 قضائية، جلسة 3/3/1993. مُشار إليه في المرجع السابق – نفس الموضع – القاعدة رقم 1118 – صـ 1231).

ومن المُقرر أيضاً أن: "مؤدى نص المادة 52 من القانون المدني على أن تعتبر "الشركة" شخصاً اعتبارياً، أنها تكتسب هذه الشخصية بمجرد تكوينها مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها، مما مقتضاه أن تكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذممهم، وتعتبر أموالها ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه لتصبح مملوكة للشركة ولا يكون للشريك بعد ذلك إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس المال عند تصفية الشركة". (نقض مدني في الطعن رقم 1706 لسنة 52 قضائية – جلسة 15/5/1986).

لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المستأجر الأصلي (مورث المعلن إليهم من الأول حتى الرابع) قد كون شركة تضامن مع المعلن إليه الخامس بتاريخ 17/7/1988 والذي نص تمهيد عقد الشركة على أن: "الطرف الأول (المستأجر الأصلي) يمتلك المحل الكائن أسفل العقار رقم 12 بشارع العدوي التابع لوقف/ السادة البكرية الخيري بما فيه من منقولات وأدوات ... والمستأجر من الأوقاف ...".

كما نص البند الثاني من عقد تلك الشركة على أن: "قوم هذا المحل بمبلغ أربعة آلاف جنيه شاملة كافة ما قد يوجد به من محتويات وبضائع وجدك، وقد قام الطرف الثاني (شريك المستأجر الأصلي) بدفع مبلغ أربعة آلاف جنيه أيضاً لاستغلالها في غرض الشركة، ومن ثم يكون رأس مال الشركة هو مبلغ ثمانية آلاف جنيه وأن نصيب كل منهم في هذه الشركة هو مبلغ أربعة آلاف جنيه".

ومفاد ما تقدم أن المستأجر الأصلي قد دخل بالعين المؤجرة (عين التداعي) كحصة عينية في الشركة التي كونها مع المعلن إليه الخامس، وهو بهذه المثابة يكون قد تنازل عن العين المؤجرة لتلك الشركة – على النحو السالف شرحه وبيانه قانوناً – وذلك بالمخالفة لعقد الإيجار مكملاً بأحكام قوانين إيجار الأماكن في هذا الشأن.

حيث ينص البند الخامس والعشرون من عقد إيجار عين التداعي سند الدعوى المستأنف حكمها على أنه: "لا يجوز للمستأجر أن يتنازل لأحد عن حقوقه في هذا الاستئجار، ولا أن يؤجر المحل المؤجر كله أو بعضه من باطنه، ولا يجوز الاحتجاج على الوزارة بقبولها الاستئجار من الباطن أو التنازل للغير إلا بعقد كتابي خاص صادر منها بذلك يبين فيه شروط قبولها التأجير من الباطن أو التنازل عنه للغير ...".

كما نصت الفقرة الثانية من البند الأربعون من عقد إيجار عين التداعي سند الدعوى المستأنف حكمها (وهي الخاصة بالشروط الإضافية) على أنه: "ليس للمستأجر الحق في التنازل عن الشقة المؤجرة أو تأجيرها كلها أو جزء منها من الباطن أو إشراك غيره في السكن بمقابل أو بغير مقابل، وإذا خالف ذلك فيعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار ويكون وضع يده مغتصباً ومن حق الوزارة طرده بحكم من قاضي الأمور المستعجلة".

وحيث تنص الفقرة "ج" من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر على أنه: "لا يجوز للمُؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المُدة المُتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: أ- ... ب- ... ج- إذا ثبت أن المُستأجر قد تنازل عن المكان المُؤجر، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمُستأجر الأصلي، أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائياً وذلك دون إخلال بالحالات التي يُجيز فيها القانون للمُستأجر تأجير المكان مفروشاً أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربى وفقاً لأحكام المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977".

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "العقد شريعة المُتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يُقرها القانون، مما مُؤداه التزام المُستأجر باحترام الشروط الواردة في عقد الإيجار والذي يحظر عليه التنازل عن الإيجار، وإلا حق عليه الجزاء المُقرر لمُخالفة ذلك في العقد أو في القانون، وكان من الأصول التي تقوم عليها القوانين الاستثنائية الصادرة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المُؤجرين والمُستأجرين، حظر تأجير الأماكن المُؤجرة من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك المكان المُؤجر للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، وتقرير الحق للمُؤجر - في حالة إخلال المُستأجر بذلك - في طلب إخلاء المكان المُؤجر". (نقض جلسة 12/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 332. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 553 – صـ 841 و 842).

نشوء حق المًُؤجر في الإخلاء بمُجرد وقوع المُخالفة ولو أزيلت بعد ذلك، ولا تملك المحكمة سلطة تقديرية في إيقاع الفسخ:

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "التشريع الاستثنائي، بعد أن سلب المُؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المُؤجر بعد انتهاء مُدة الإيجار الاتفاقية مُقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار تلقائياً، أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المُستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المُستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المُؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلياً كان ذلك أو جزئياً، مُستمراً أو مُؤقتاً، بمُقابل أو بدونه، واعتبار هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المُستأجر على نص عقد الإيجار مُكملاً بحكم القانون يُجيز للمُؤجر طلب إخلاء المكان. وينشأ حق المُؤجر في الإخلاء بمُجرد وقوع المُخالفة ولا ينقضي بإزالتها فيبقى له هذا الحق ولو أسترد المُستأجر الأصلي العين المُؤجرة بعد ذلك، ومتى ثبت قيام المُستأجر بتأجير العين المُؤجرة له من الباطن – دون إذن كتابي صريح من المالك – تعين على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار وإخلاء المكان دون أن يكون لها سلطة تقديرية في ذلك لأن حق المُؤجر في الإخلاء ينشأ بمُجرد وقوع المُخالفة، فالحكم بالفسخ هنا مُقرر تقع نتيجته بمُجرد قيام سببه، وذلك سواء نص عليه في عقد الإيجار أو لم ينص وسواء طلب المُؤجر إعمال نص القانون أو العقد إذ يستند الإخلاء في هذه الحالة إلى إرادة المُشرع وليس إلى اتفاق الطرفين وذلك لتعلق التشريع بالنظام العام". (نقض مدني في الطعن رقم 272 لسنة 48 قضائية – جلسة 28/11/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 1943. ونقض جلسة 11/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 159 المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 563 – صـ 846 و 847).

إثبات الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين:

ومن المُقرر في بين فقه قوانين إيجار الأماكن أنه: "يجوز للمُؤجر إثبات الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين المُؤجرة بكافة طرق الإثبات القانونية – بما فيها البينة والقرائن – فلئن كانت الإجارة الأصلية صادرة منه، إلا أنه يُعتبر من الغير بالنسبة لعقد الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار. الأمر الذي يُشكل مانعاً من الحصول على دليل كتابي يُثبت الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار". (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني - - الفقرة رقم 160 – صـ 536).

إثبات وجود غير المُستأجر بالعين وقوعه على عاتق المُؤجر، وإثبات أن وجوده يستند إلى سبب مُبرر تقع على عاتق المُستأجر:

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "المُقرر في قواعد الإثبات أن البينة على من يدعي خلاف الأصل، والأصل هو خلوص المكان المُؤجر لمُستأجره ومن يتبعه، وخلوه من غير هؤلاء، ومن ثم فإنه يكفي المُؤجر – إثباتاً للواقعة التي يقوم عليها طلبه بإخلاء المكان المُؤجر وفقاً لنص المادة 18/ج من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن يُقيم الدليل على وجود غير المُستأجر ومن يتبعه في العين المُؤجرة، فينتقل بذلك عبء إثبات العكس إلى عاتق المُستأجر بوصفه مُدعياً خلاف الأصل ليثبت أن وجود ذلك الغير يستند إلى سبب قانوني يبرر ذلك فإن أثبت ذلك درء عن نفسه جزاء الإخلاء". (نقض مدني في الطعن رقم 276 لسنة 52 قضائية – جلسة 22/3/1989. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 611 – صـ 876).

وهدياً بما تقدم، ولكان كان الثابت بالأوراق أن المستأجر الأصلي (مورث المعلن إليهم من الأول حتى الرابع) قد تنازل عن العين المؤجرة إلى المعلن إليه الخامس بالمخالفة لبنود عقد الإيجار مكملاً بأحكام قوانين إيجار الأماكن، ومن ثم كان يتعين القضاء بقبول الدعوى المستأنف حكمها وإجابة الطالب بصفته إلى طلباته فيها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله، بما يستوجب إلغاؤه..

لا سيما وأن الحكم المطعون فيه قد أسس قضائه برفض دعوى الطالب بصفته استناداًَ فقط إلى أنه لم يقدم أصل عقد إيجار عين التداعي سند الدعوى المستأنف حكمها، بينما الثابت بالأوراق أن الطالب بصفته كان قد قدم صورة ضوئية من هذا العقد، كما قدم صورة رسمية طبق الأصل منه، ولم يجحدها المعلن إليهم من الأول حتى الرابع، وهم ورثة المستأجر الأصلي المبرم عقد الإيجار معه، ولا شأن للمعلن إليه الخامس بالتوقيع على هذا العقد، ومن ثم فلا يقبل منه جحده..

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "المادة 394/1 من القانون المدني إذ تقضى باعتبار الورقة العرفية صادرة ممن وقعها ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من إمضاء أو ختم أو بصمة، فإنها تكون قد جعلت الورقة العرفية حجة بما دون فيها على من نسب إليه توقيعه عليها إلا إذا أنكر ذات الإمضاء أو الختم الموقع به وكان إنكاره صريحاً، فإن هو أقتصر على إنكار المدون في الورقة كله أو بعضه، فإنه لا يكون قد أنكر الورقة العرفية بالمعنى المقصود في هذه المادة ولا تتبع في هذا الإنكار إجراءات تحقيق الخطوط المقررة في قانون المرافعات وإنما تبقى للورقة قوتها الكاملة في الإثبات حتى تتخذ بشأنها إجراءات الإدعاء بالتزوير". (نقض مدني في الطعن رقم 111 لسنة 33 قضائية – جلسة 4/4/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 760).

لا سيما وأن الطالب بصفته قد قدم صورة رسمية منه طبق الأصل مختومة بشعار الدولة، وبالتالي فما كان يجوز جحد تلك الصور بل كان على من ينكرها أن يتخذ إجراءات الطعن بالتزوير بشأنها..

حيث تنص المادة 10 من قانون الإثبات على أن: "المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه".

كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أن: "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً".

وعلى ذلك قضت محكمة النقض بأن: "رسمية الورقة تتحقق متى كان محررها موظفاً عمومياً مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها". (نقض 17/12/1951 مجموعة القواعد القانونية لمحكمة النقض الجنائية في 25 سنة - الجزء الأول – صـ 347 قاعدة رقم 100).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "محضر الجلسة يعتبر ورقة رسمية وفق نص المادة 10 من قانون الإثبات وما أثبت فيه حجة على الكافة فلا يجوز للطاعنة أن تنكر ما جاء به إلا بالطعن عليه بالتزوير طبقاً لنص المادة 11 من ذات القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 15 لسنة 43 قضائية - جلسة 20/4/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 1000).

وكذلك قضت محكمة النقض بأن: "النص في المادة 11 من قانون الإثبات يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المحررات الرسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير وتكون حجة على الناس كافة بما ورد فيها من أمور قام بها محررها". (نقض مدني في الطعن رقم 1431 لسنة 54 قضائية – جلسة 19/2/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 518).

وفضلاً عما سبق، فإنه من المُقرر قانوناً أن صورة المحرر الرسمي التي تصدر عن الموظف المختص بإعطائها والذي يشهد توقيعه عليها بأنها مطابقة للأصل المحفوظ لديه، تعتبر صورة رسمية. (بمفهوم المخالفة لحكم النقض المدني الصادر في الطعن رقم 308 لسنة 51 قضائية – جلسة 5/12/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 1087 – فقرة 2). وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، إذ أعتبر توقيع الموظف المختص على أن صورة العقد مطابقة للأصل المحفوظ لديه، اعتبرها الحكم المستأنف "اصطناع دليل من الطالب بصفته لنفسه"، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

وعلى كلً، وسداً لباب الذرائع، يتشرف الطالب بصفته بتقديم أصل عقد إيجار عين التداعي سند الدعوى المستأنف حكمها لعدالة محكمة الاستئناف الموقرة.

ولما كان هذا الاستئناف قد أقيم في الميعاد القانوني ومستوفياً لكافة أوضاعه القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

لكل ما تقدم، ولما سيبديه الطالب بصفته من أسباب أخرى وأوجه دفاع ودفوع، مع حفظ حقه في إبداء كافة الدفوع الشكلية منها والموضوعية، عند نظر الاستئناف الماثل بالجلسات، في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة.

ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية القضاء لها في الاستئناف الماثل بما يلي:

بعد تصحيح الخطأ المادي الوارد في صحيفة افتتاح الدعوى المستأنف حكمها، حيث ذكر فيها أن عقد إيجار عين التداعي سند الدعوى المستأنف حكمها محرر في 1/10/1963، بينما ذلك هو تاريخ سريان العقد الذي حرر في 26/9/1963 واعتبر سارياً اعتباراً من 1/10/1963، لذا لزم التنويه والتصحيح.

"بنــاء عليــه"

أنا المحضر سالف الذكر قد أنتقل في التاريخ أعلاه إلى حيث مقر وتواجد المُعلن إليه وأعلنته وسلمته صورة من هذه الصحيفة وكلفته بالحضور أمام محكمة استئناف عالي القاهرة الكائن مقرها بدار القضاء العالي بوسط مدينة القاهرة – بشارع 26 يوليو – من ميدان الإسعاف، وذلك أمام الدائرة ( ............ ) مدني، التي ستعقد جلساتها علناً بسرايا المحكمة في تمام الساعة التاسعة وما بعدها من صباح يوم ……………………… الموافـــق …....../…......./2009لسماعه الحكم بما يلي:

"أولاً- بقبول هذا الاستئناف شكلاً.

ثانياً- وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المُستأنف، والقضاء مُجدداً: "بفسخ عقد الإيجار المؤرخ في 26/9/1963 والساري اعتبارا من 1/10/1963 عن دكان التداعي الكائن بالعقار رقم 12 شارع العدوي سابقاً وحالياً 502 شارع بور سعيد – قسم باب الشعرية – بالقاهرة، مع إخلاء عين التداعي من الأشياء والأشخاص وتسليمها للطالب بصفته بالحالة الحسنة التي كانت عليها عند التعاقد، مع إلزام المعلن إليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي".

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانــت،،،

ولأجـل العلـم ….....................................................

هناك تعليق واحد:

  1. جزاك الله كل خير ونفع بك وجعله فى ميزان حسناتك استاذنا الفاضل أشرف رشوان

    ردحذف