الثلاثاء، 21 يوليو 2009

الوضع الظاهر و تأجير ملك الغير - حكم نقض

حكم نقض في شأن الوضع الظاهر و تأجير ملك الغير

صدر برئاسة سليم عبد الله سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية رابح لطفي جمعه وعبد المنعم رشدي ومصطفى زعزوع وحسين على حسين.

الوقائع:

مستأجر أرض فضاء أقام عليها مباني من ماله الخاص وظهر أمام الكافة بأنه مالك تلك المباني وأجرها للغير، ثم تم فسخ عقد إيجار الأرض الفضاء، فتمسك مستأجر المباني (من المستأجر الأصلي) بأنه مستأجر إياها من مالكها الظاهر فيعتبر مستأجراً أصلياً وليس مستأجراً من الباطن وبالتالي فلا ينفسخ عقده تبعاً لفسخ عقد المستأجر الأصلي للأرض الفضاء، فقضت محكمة النقض بعدم أحقية مستأجر المباني في التمسك بنظرية الأوضاع الظاهرة على سند من أن المشرع لم يتخذ من تلك النظرية مبدأ عام، وإنما أورد بشأنها نصوصاً استثنائية يقتصر تطبيقها على الحالات التي وردت بشأنها، فلا يجوز القياس عليها ولا التوسع في تفسير وتطبيق تلك النظرية على غير الحالات التي أرتاها المشرع لحماية الأوضاع الظاهرة. ولما كانت القواعد العامة تقضي بأن إيجار ملك الغير لا ينفذ في حق المالك الحقيقي، وأن عقد الإيجار من الباطن ينقضي بانقضاء عقد الإيجار الأصلي، ومن ثم فلا محل للتحدي بنظرية الحائز الظاهر وحماية الأوضاع الظاهرة.

---- 1 ----

الالتصاق - طبقاً لما تقضى به القواعد العامة - واقعة يرتب القانون عليها مركزاً قانونياً هو اكتساب صاحب الأرض ملكية ما يقام عليها من مبان وغراس ما لم يتفق على خلاف ذلك، ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقد إيجار الأرض الفضاء قد صرح فيه للمستأجر إقامة مبان عليها تؤول ملكيتها للمؤجر، وهو لا يعدو أن يكون ترديداً للقواعد العامة والتزاما بحكمها، فإن مؤدى ذلك أن المؤجر يكتسب ما أحدثه المستأجر من مبان منذ إنشائها والتصاقها بالأرض المؤجرة، ويكون الاتفاق على تعليق أيلولة المباني على إنهاء العقد مجرد إرجاء لتسليمها دون تعليق اكتساب المؤجر لملكيتها التي تحققت منذ الإنشاء و الالتصاق.

---- 2 ----

إذ كان مؤدى تملك المؤجرين - مالكي الأرض الفضاء - للمباني التي أقامها المستأجر منذ التصاقها بالأرض المؤجرة أن المستأجر لم يكن مالكاً لها في أي وقت، فليس له عليها سوى مجرد حق شخص يخوله الانتفاع بها كانتفاعه بالأرض المؤجرة ذاتها، ويكون استغلاله لتلك المباني بتأجيرها للطاعنين مع الأرض كوحدة واحدة لا يعدو أن يكون إيجاراً من الباطن ينقضي بانقضاء عقد الإيجار الأصلي.

---- 3 ----

لئن كان للدائن - إعمالاً لصريح نص المادة 235 من القانون المدني - أن يستعمل باسم مدينه حقوق هذا المدين إذا أهمل في استعمالها سواء في صورة دعوى تقاعس المدين عن إقامتها أو في صورة طعن في حكم قعد المدين عن الطعن عليه، إلا أن شرط ذلك أن يكون مباشر الإجراء - دعوى أو طعن - دائناً أي له حق موجود قائم قبل من يستعمل الحق باسمه، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت في الرد على السبب الأول إلى أن الطاعنين مجرد مستأجرين من الباطن انقضت عقود إيجارهم الصادرة من المطعون ضده الثالث بانتهاء عقد الإيجار الأصلي الصادر لصالح هذا الأخير، فلا حق لهم قبله، وبالتالي فلا سند لهم في استعمال ما قد يكون للمطعون ضده الثالث من حقوق قبل المطعون ضدهما الأولين ناشئة عن إقامة المباني.

---- 4 ----

لئن كانت نظرية الأوضاع الظاهرة تقوم على اعتبارات مردها مواجهة الضرورات العملية بقصد حماية الأوضاع الظاهرة واستقرار المعاملات وذلك بالاعتداد بالتصرفات التي تصدر من صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية وتصحيحها باعتبار أنها قد صدرت من صاحب المركز الحقيقي، إلا أنها - و في نطاق الدعوى الراهنة - تفتقر إلى سندها القانوني، ذلك أن القانون المدني لم يتخذ فيها مبدأ عاماً يسرى على كافة التصرفات وإنما أورد بشأنها نصوصاً استثنائية يقتصر تطبيقها على الحالات التي وردت بصددها، فلا يجوز التوسع في تطبيق هذه النظرية على غير هذه الحالات التي أرتآها المشرع لحماية الأوضاع الظاهرة، كما لا يجوز القياس عليها، لما كان ذلك، وكانت القواعد العامة في القانون تقضى بأن إيجار ملك الغير لا ينفذ في حق المالك، وأن عقد الإيجار من الباطن ينقضي بانقضاء عقد الإيجار الأصلي - وهو واقع الحال في الدعوى - فإنه لا محل للتحدي بنظرية الحائز الظاهر بدعوى استقرار المعاملات وحماية الأوضاع الظاهرة لإهدار قواعد قانونية واجبة الاحترام و التطبيق، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح القانون.

---- 5 ----

لئن كان علم المؤجر الأصلي بواقعة التأجير من الباطن وسكوته فترة طويلة دون اعتراض، يجوز اعتباره تنازلاً من جانبه عن استعمال حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بسبب التأجير من الباطن، إلا أنه إذا انقضي عقد الإيجار الأصلي لسبب آخر فإن عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتماً بانقضائه ولو كان التأجير من الباطن مأذوناً به من المؤجر، إذ أن المستأجر الأصلي إنما يؤجر من الباطن حقه المستمد من عقد الإيجار الأصلي فإذا انقضى هذا العقد انقضى العقد المستمد منه، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ولا يعد التفاته عن طلب الإحالة إلى التحقيق و هو غير منتج في النزاع إخلالاً بحق الدفاع.

( نقض مدني في الطعن رقم 475 لسنة 51 قضائية – جلسة 27/5/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 الجزء الأول – صـ 593 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق