الخميس، 29 أكتوبر 2009

الحق في الحبس و الدفع بعدم التنفيذ - مذكرة للرد

الحق في الحبس و الدفع بعدم التنفيذ – مذكرة للرد

محكمة الجيزة الابتدائية

"مأمورية شمال الجيزة"

الدائرة 2 مدني كلي

مُـذكرة

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (صفتها: مدعى عليها)

ضد

السيد/ عبد اللطيف السيد عبد اللطيف (صفته: مدع)

في الدعوى رقم 52 لسنة 2009 مدني كلي شمال الجيزة، والمحدد لنظرها جلسة يوم الاثنين الموافق 5/10/2009م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعى عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب في ختامها الحكم له بأحقيته في حبس مبلغ 84800جم (أربعة وثمانون ألف وثمانمائة جنية) المستحقة لهيئة الأوقاف المصرية المدعى عليها، مع ما يستجد من مبالغ أخرى كأقساط سنوية، حتى يفصل في النزاع القائم بين هيئة الأوقاف المصرية والمدعو/ محمد السيد أحمد عبد المجيد في الدعوى رقم 310 لسنة 2008 مدني كلي شمال الجيزة بحكم نهائي وبات، وفي حالة الحكم لصالح الهيئة في هذا النزاع – المنوه عنه – فيطلب القضاء للمدعي بأحقيته في إتمام إجراءات التعاقد وسداد المبالغ المستحقة عليه للهيئة، وفي حالة الحكم لصالح المدعو/ محمد السيد أحمد عبد المجيد فيطلب القضاء له بإلزام الهيئة برد مبلغ التأمين وقدره خمسة وعشرون ألف جنيه مع تعويض المدعي بمبلغ وقدره مائة ألف جنيه.

وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 23/3/2008 تم عقد جلسة المزاد العلني بمشروع مدينة الزهور الكائن بمدينة الإسكندرية ومن ضمن هذا المزاد الشقة رقم 6 بالدور السادس عمارة رقم 1 بعمارات الزهور بالمنتزه بالإسكندرية (عين التداعى)، وحيث أن المدعي تقدم لهذا المزاد عن تلك الشقة موضوع التداعى، وحيث رسى عليه مزاد تلك الشقة (بالتمليك)، بمبلغ 370000جم (ثلاثمائة وسبعون ألف جنية)، وبعد انتهاء المزاد قام الطالب بالتوقيع على عقد البيع، وكان قد قام بدفع مبلغ وقدره 25000جم (خمسة وعشرون ألف جنية) قيمة تأمين دخول المزاد، وبعد انتهاء هذه الإجراءات اصبح الطالب هو صاحب الحق الوحيد فى هذه الشقة، وقال المدعي كذلك أنه طبقاً لكراسة الشروط يصبح الطالب ملزم بسداد مبلغ وقدره 20% من إجمالي القيمة الراسي بها المزاد، وأيضاً استكمال نسبة 5% من قيمة الخبرة والدلالة والتثمين، وكذا 1% من إجمالي الثمن كمصاريف تحرير عقد، وكذا 1% لصندوق العاملين و2% صيانة، ثم يسدد الباقي على عشرة أقساط سنوية متساوية بريع 7%.

وزعم المدعي بأنه بعد رسو المزاد عليه، نما إلى علمه وجود نزاع قضائي بين الهيئة البائعة له وبين والمدعو/ محمد السيد احمد، بموجب الدعوى رقم 310 لسنة 2008 مدني كلى شمال الجيزة عن ذات الشقة، وأن هيئة الأوقاف قامت بإجراء المزاد على هذه الشقة رغم علمها بوجود نزاع قضائي قبل إجراء عملية المزاد إلى آخر ما جاء بعريضة دعواه، مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

ومن ثم، تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وإذ ألزمت هيئة المحكمة الموقرة المدعي بتقديم المستندات المؤيدة لدعواه ولفت نظره إلى تحقيق دفاعه ومقتضياته، إلا أن المدعي نكص على عقبيه ولم يقدم دليل واحد يؤيد مزاعمه التي وردت في صحيفة افتتاح دعواه الماثلة.

ثانياً - الدفاع

في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع والدفوع المبداه منا من قبل أمام عدالة المحكمة الموقرة، ونعتبرها جزء لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، كما نتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة. ونضيف إلى ما سبق ما يلي:

وحيث أن المدعي قد أسس دعواه الماثلة على سند من المادة 457 من القانون المدني، وأدعى أن له حقاً في حبس الثمن والدفع بعدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد البيع (بالمزاد العلني) سند الدعوى الماثلة، لذا يهمنا في هذا المقام التركيز على الرد على تلك المزاعم لبيان وجه الحق أو العوار فيها..

الرد على الدفع بعدم التنفيذ:

النص القانوني: تنص المادة 161 من القانون المدني على أنه: "في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به".

نطاق الدفع بعدم التنفيذ: مؤدى نص المادة 161 مدني، أن الدفع بعدم التنفيذ، كالفسخ، محصور في نطاق العقود الملزمة للجانبين.

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "جرى قضاء هذه المحكمة - على أن مجال أعمال الدفع بعدم التنفيذ - وفقاً لما تنص عليه المادة 161 من القانون المدني - مقصور على ما تقابل من التزامات طرفي التعاقد، ومناط ذلك ما اتجهت إليه براداتهما، وهو ما لمحكمة الموضوع حق استظهاره". (نقض مدني في الطعن رقم 702 لسنة 51 قضائية – جلسة 6/11/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 970).

كما جرى قضاء محكمة النقض على أنه: "خولت المادة 161 من القانون المدني للمتعاقد في العقود المدنية الملزمة للجانبين حقا في أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما ألتزم به. وهذا الحق - وهو ما أصطلح على تسميته بالدفع بعدم التنفيذ - إن هو إلا الحق في الحبس في نطاق العقود الملزمة للجانبين. ولئن كان المعتصم بهذا الحق أو الدفع في غير حاجة إلى دعوى يرفعها على المتعاقد الآخر للترخيص له باستعمال هذا الحق بل له أن يتربص حتى ترفع عليه الدعوى من ذلك المتعاقد الآخر بمطالبته بتنفيذ ما توقف عن تنفيذه من التزاماته فيتمسك فيها حينئذ بحقه في عدم التنفيذ إلا إنه ليس في القانون ما يمنعه من رفع دعوى على المتعاقد الآخر بالاستناد إلى حقه هذا إذا ما أنكره عليه هذا المتعاقد أو نازعه في مدى ما يحق له حبسه من التزاماته. وأراد هو من ناحية أخرى أن يؤمن نفسه من عواقب ما قد يقع فيه من خطأ في تقدير هذا المدى ذلك أن لكل حق دعوى تحميه عند الاعتداء عليه و تقرره عند المنازعة فيه". (نقض مدني في الطعن رقم 350 لسنة 30 قضائية – جلسة 11/11/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 1018).

شرط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ: يشترط في الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه أن يكون واجب التنفيذ حالاً. فلا يكفي أن يكون هناك عقد ملزم للجانبين، بل يجب أيضاً أن يكون الالتزام الذي يدفع بعد تنفيذه التزاماً واجب التنفيذ حالاً.

ومن ثم فلا يجوز الدفع بعدم التنفيذ إذا كان العقد يوجب على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر، فلا يحق أن ينتفع من هذا الدفع إذ يتعين عليه أن يفي بما التزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر. (المرجع: "الـوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – طبعة 2006 القاهرة – بند 495 – صـ 616 و 617 وهوامشهما).

لذا فقد تواتر قضاء النقض على أنه: "يُشترط لاستعمال الدفع بعدم التنفيذ تطبيقا لنص المادة 161 من القانون المدني أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً، فإذا كان العقد يوجب على أحد العاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولا أن ينتفع بهذا الدفع". (نقض مدني في الطعن رقم 366 لسنة 35 قضائية – جلسة 3/7/1969 مجموعة المكتب الفني – السنة 20 – صـ 1118 – فقرة 3. وفي الطعن رقم 69 لسنة 32 قضائية – جلسة 3/3/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 504. ونقض مدني جلسة 29/12/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 2045).

حيث اضطرد قضاء محكمة النقض على أنه: "يُشترط لقبول الدفع بعدم التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين ألا يوجب العقد على المتعاقد الذي أبدى هذا الدفع أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر إذ يمتنع عليه في هذه الحالة أن ينتفع بالدفع ويتعين عليه أن يفي بما ألتزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر لالتزامه". (نقض مدني في الطعن رقم 505 لسنة 34 قضائية – جلسة 10/12/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1504 – فقرة 2. ونقض مدني جلسة 31/5/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 1279).

يُشترط عدم التعسف في استعمال الدفع بعدم التنفيذ: فلا يكفي أن يكون العقد ملزماً للجانبين، وأن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاماً واجب التنفيذ حالاً، بل يجب إلى ذلك ألا يساء استعمال الدفع، فلا يجوز للمتعاقد أن يتمسك بالدفع: إذا كان هو البادئ بعدم تنفيذه، أو إذا تسبب في عدم تنفيذ الالتزام الآخر، كذلك لا يجوز التمسك بالدفع إذا كان المتعاقد الآخر قد قام بمعظم التزامه ولم يبق إلا جزء يسير لا يبرر امتناع المتعاقد الأول عن القيام بالتزامه. (المرجع: "الـوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – طبعة 2006 القاهرة – بند 495 – صـ 616 وهوامشها).

وقد كان المشروع التمهيدي للقانون المدني يتضمن نصاً يجري على الوجه الآتي: "على أنه لا يجوز للمتعاقد أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا كان ما لم ينفذ منه الالتزام المقابل ضئيلاً بحيث يكون امتناعه عن التنفيذ غير متفق مع ما يجب توافره من حسن النية". (مجموعة الأعمال التحضيرية – جـ 2 – صـ 331). وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في صدد هذا النص ما يأتي: "ومهما يكن من شيء فليس يباح للعاقد أن يسيء استعمال هذا الدفع، فلا يجوز له أن يتمسك به ليمتنع عن تنفيذ التزامه إذا كان الالتزام المقابل كاد أن يكمل نفاذه وأصبح ما لم ينفذ منه ضئيلاً لدرجة لا تبرر اتخاذ هذا الإجراء". (مجموعة الأعمال التحضيرية – جـ 2 – صـ 333). وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة لأنه مجرد تطبيق لنظرية التعسف في استعمال الحق (مجموعة الأعمال التحضيرية – جـ 2 – صـ 334). (المرجع السابق – نفس الموضع).

وهدياً بما تقدم، جرى قضاء محكمة النقض على أنه: "حق المشترى فى حبس الثمن وإن ورد فيه نص خاص هو نص المادة 457/2،3 من القانون المدني - ليس إلا تطبيقاً للدفع بعدم التنفيذ وللحق فى الحبس بوجه عام المنصوص عليهما بالمادة 246 منه، ومقتضى هذا النص أنه لا يجوز للدائن أن يستعمل الحق فى الحبس إذا كان هو البادئ فى عدم تنفيذ التزامه، فيمتنع على المشترى استعمال الحق فى حبس الثمن ما دام لم يقم من جانبه بما هو ملزم به قانوناً وبحكم العقد، إذ لا يصح فى هذه الحالة اعتبار البائع مقصراً فى الوفاء بالتزاماته قبله". (نقض مدني في الطعن رقم 1229 لسنة 47 قضائية - جلسة 4/5/1981 مجموعة المكتب الفني - السنة 32 - صـ 1366 - فقرة 2).

كما قضت محكمة النقض بأنه: "لا يكفي للتمسك بعدم التنفيذ أن يكون العقد ملزماً للجانبين، وأن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه واجب التنفيذ حالاً، بل يجب إلى جانب ذلك: ألا يساء استعمال هذا الدفع، ولا يباح للعاقد أن يتمسك به ليمتنع عن تنفيذ التزامه إذا كان ما لم ينفذ من الالتزام المقابل ضئيلاً لدرجة لا تبرر اتخاذ هذا الموقف الذي لا يكون متفقاً مع ما يجب توافره من حسن النية". (نقض مدني جلسة 10/5/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 1040. ونقض مدني جلسة 4/12/1958 مجموعة المكتب الفني – السنة 9 – صـ 703).

حقوق المشتري مصونة ولا يخشى عليها من الضياع: فلئن كانت المادة 246/1 من القانون المدني تنص على أن: "لكل من التزم بأداء شيء أن يمنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه".

وكان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "وضعت المادة 246 من القانون المدني قاعدة مقتضاها أنه يجوز لكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه استنادا إلى حقه في الحبس ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطاً به، مما مؤداه أن حق الحبس هو دفع يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ التزامه المقابل". (نقض مدني في الطعون أرقام 923 و 1049 و 1080 لسنة 51 قضائية – جلسة 24/5/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 1292).

إلا أن مفاد ما تقدم أن الحق في الحبس أو الدفع بعدم التنفيذ ما هو إلا وسيلة ضمان لعدم قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه، وإذا كانت هناك وسيلة أخرى أجدى وأنفع للمشتري لضمان حقوقه وحفظها من الضياع، فعندئذ يبطل الاستناد إلى الدفع بعدم التنفيذ. حيث أن القانون قد رسم طريق لحماية حقوق المشتري من الخطر الجدي الظاهر الذي يهددها في المادتين 443 و 444 من القانون المدني.

فنصت المادة 443 من القانون المدني على أنه: "إذا استحق كل المبيع كان للمشترى أن يطلب من البائع:

1. قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت.

2. قيمة الثمار التي ألزم المشترى بردها لمن استحق المبيع.

3. المصروفات النافعة التي لا يستطيع المشترى أن يلزمها بها المستحق وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيئ النية.

4. جميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق عدا ما كان للمشترى يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر البائع بالدعوى طبقاً للمادة440.

5. وبوجه عام تعويض المشترى عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع.

كل هذا ما لم يكون رجوع المشترى مبيناً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله".

كما تنص المادة 444 من القانون المدني على أنه: "

1. إذا استحق بعض المبيع أو وجد مثقلا بتكليف وكان خسارة المشترى من ذلك قد بلغت قدراً لو علمه لما أتم العقد كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة في المادة السابقة على أن يرد له المبيع وما أفاده منه.

2. فإذا اختار المشترى استبقاء المبيع أو كانت الخسارة التي لحقته لم تبلغ القدر المبين في الفقرة السابقة لم يكن له إلا أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق".

فإن استحقاق المبيع يعتبر إخلالاً بالتزام الضمان الذي يقع على البائع، وأنه يؤدي طبقاً للقواعد العامة إلى تخويل المُشتري أن يطلب إما التنفيذ بمُقابل (التنفيذ عن طريق التعويض) وإما فسخ العقد أو إبطاله. وقد طبقت المادة 443 مدني حكم التنفيذ بمُقابل، دون الإخلال بحق المُشتري في فسخ العقد أو إبطاله حيث نصت صراحة في فقرتها الأخيرة على أن كل هذا ما لم يكن رجوع المُشتري مبنياً على المُطالبة بفسخ البيع أو إبطاله. فيجوز للمُشتري أن يتجاوز عن طلب التنفيذ بمُقابل، وأن يطلب الفسخ. ويكون له بناء على ذلك أن يسترد الثمن الذي دفعه وأن يطلب فوق ذلك تعويضاً عن الأضرار التي أصابته بسبب الاستحقاق. وفوق ذلك، فإن استحقاق المبيع للغير يحمل في ذاته الدليل على أن البيع ورد على ملك الغير، وإذن يجوز للمُشتري أن يستغني عن طلب التنفيذ بمُقابل وعن طلب الفسخ كليهما، بطلب إبطال البيع مع التعويض لورود البيع على مال غير مملوك للبائع. (المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور سليمان مرقس – الجزء الثالث: "في العقود المُسماة" – المُجلد الأول: "عقد البيع" – الطبعة الخامسة 1990 القاهرة – بند 210 – صـ 547 وما بعدها).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض – في هذا الصدد – أن: "مجرد احتمال وجود تسجيلات على العين المبيعة لا يخول للمشتري حق حبس الثمن حتى يتحقق من خلوها من التسجيلات، وبخاصة بعد أن يكون قد تسلم المبيع، فإن القانون إذا رسم الطريق لحماية حقوق المشتري من الخطر الجدي الظاهر الذي يهددها، قد ألزمه بدفع الثمن، ومتى كان المشتري هو الذي امتنع عن دفع الباقي من الثمن مقابل شطب التسجيل الذي كان يهدد ملكيته، ثم لم يقم من جانبه بما هو ملزم به قانوناً وبحكم العقد، فلا يصح اعتبار البائع مقصراً في الوفاء بالتزاماته قِبله". (نقض مدني جلسة 28/1/1942 مجموعة عمر 3 – رقم 164 – صـ 468).

ومن ثم، فإن المادة 443 قد نصت على أنه إذا استحق المبيع فقد بينت التعويض الذي يأخذه المشتري من البائع بعناصر مختلفة حددتها هذه المادة، وهي عديدة ومتنوعة وجابرة لجميع الأضرار المحتملة فضلاً عن استرداده للثمن وكافة مستحقاته، ولذا فلا مجال للاحتجاج بالدفع بعدم التنفيذ بزعم الخشية من عدم تنفيذ الالتزام المقابل. لا سيما وأن المدعي طلب في صحيفة دعواها الماثلة الحكم له: ... في حالة الحكم لصالح المدعو/ محمد السيد أحمد عبد المجيد (في الدعوى المنوه عنها) القضاء له بإلزام الهيئة برد مبلغ التأمين وقدره خمسة وعشرون ألف جنيه مع تعويض المدعي بمبلغ وقدره 100000جم (مائة ألف جنية).

عدم وجود أسباب جدية يخشى معها على المبيع: وفضلاً عما تقدم، فقد نصت المادة 457 من القانون المدني على أنه:

1. يكون الثمن مستحق الوفاء في الوقت الذي يسلم فيه المبيع، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك.

2. فإذا تعرض أحد للمشترى مستندا إلى حق سابق على البيع أو آل إليه من البائع أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشترى جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر ومع ذلك يجوز للبائع في هذه الحالة أن يطالب باستيفاء الثمن على أن يقدم كفيلاً.

3. ويسرى حكم الفقرة السابقة في حالة ما إذا كشف المشترى عيبا في المبيع".

ولما كان من المقرر قانوناً أن حق المشتري في حبس الثمن مناطه وجود سبب يخشى معه نزع المبيع من تحت يده وأن تقدير جدية هذا السبب مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضائه على أسباب سائغة.

حيث أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 457/2 من القانون المدني أن المشرع وإن أجاز للمشترى الحق في حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده إلا أن تقدير جدية السبب الذي يولد الخشية في نفس المشترى من نزع المبيع من تحت يده، هو من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله".

(نقض مدني في الطعن رقم 1455 لسنة 53 قضائية – جلسة 14/6/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – صـ 822 – فقرة 6).

لما كان ذلك، وكان مجرد الزعم بوجود خشية من الفصل في الدعوى رقم 310 لسنة 2008 مدني كلي شمال الجيزة، والمقدم صورة ضوئية من صحيفة دعواها (تجحدها هيئة الأوقاف)، لصالح رافعها، لا يخول للمدعي (المشتري) حق حبس الثمن.

خاصة وأنه قد تسلم الوحدة المبيعة له بالفعل ووضع يده عليها وينتفع بها انتفاع الملاك.

كما أن الهيئة البائعة لم تمانع في تسجيل عقد شرائه لعين التداعي، والمدعي نفسه لم يثبت بل لم يزعم أن الهيئة البائعة لم تسلمه عين التداعي أو أنها مانعت في تسجيل عقد شرائه لها.

كما أنه ليس له الحق في حبس باقي الثمن لأنه توافر لديه علمه بالمبيع وسند ملكية البائع له عند تحرير العقد.

فضلاً عن أن عدم الوفاء بباقي الثمن، بغير حق، يجعل المشتري - والحال كذلك - مخلاً بالتزاماته قِبل البائع.

وإذا كان المدعي ملتزماً بالوفاء بالعهد، بما يوجبه حُسن النية، وإذا كانت لديه أية أوهام أو ظنون غير جدية بشأن وفاء الهيئة بالتزاماتها، وكان يريد التمسك بالعقد، مع إبراء ذمته من دين الأقساط المستحقة عليه، فإنه - على أضعف الإيمان - كان يمكنه إيداع أقساط الثمن في تواريخ استحقاقها خزانة المحكمة على ذمة الهيئة البائعة تصرف لها بلا قيد أو شرط بعد صدور حكم نهائي لصالحها في الدعوى التي ينوه عنها، وفي ذلك ليس إبراء لذمته فقط من دين أقساط الثمن المستحقة عليه، بل وفيه أيضاً مصلحة له تتمثل في: قطع سريان فوائد الثمن، حيث أن تلك الفوائد القانونية والمنصوص عليها في عقد البيع لا ينقطع سريانها إذا بقى الثمن في ذمة المشتري ولو كان حابساً له. (نقض مدني جلسة 9/12/1948 مجموعة عمر 5 – رقم 350 – صـ 679). فضلاً عن هذا الإيداع يجنبه لجوء الهيئة البائعة إلى فسخ عقدها معه لعدم وفائه بأقساط الثمن في تواريخ استحقاقها، وذلك تطبيقاً لنصوص عقد البيع وأحكام القانون المدني في هذا الشأن (لا سيما المادتين 157 و 158 منه).

ولكن طالما تنكب المدعي هذا الطريق المتقدم ذكره، وكان الثابت من الأوراق أنها جاءت خالية من أية أسباب جدية يخشى معها المدعي المشتري للوحدة المبيعة له (محل التداعي) من أن تنزع من يده بعد قيامه بسداد أقساط الثمن في تواريخ استحقاقها، لا سيما وأنه لا يوجد ثمة تعرض فعلي له في الانتفاع بعين التداعي، حيث قامت الهيئة البائعة بالوفاء بالتزامها بتسليم عين التداعي إلى المدعي، ولم تمانع في تسجيله لعقد شرائها لها، وبالتالي فلا يوجد في الأوراق ما يخول له حق حبس أقساط الثمن وبالتالي تضحى الدعوى الماثلة مقامه بغير سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون جديرة برفضها. وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية، الحكم لها في الدعوى الماثلة: "برفضها، وإلزام رافعها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

هناك تعليق واحد:

  1. ليس عندي تعليق

    و لكن اريد منكم ان تساعدونني بالبحث عن هذا الموضوع : الحق في الحبس في القانون المدني الجزائري من الجانب التطبيقي لأنها مذكرة انهيت الجانب النظري فقط



    و شكرا

    ردحذف