الأحد، 25 أكتوبر 2009

صحيفة دعوى عدم اعتداد بمحاضر تسليم

"وأعلنته بالآتي"

تخلص وقائع موضوع الدعوى الماثلة في أن المعلن إليه (المدعو/ ....................) كان قد أقام الدعوى رقم 1166 لسنة 1997 مستعجل القاهرة ضد السيد/ .......................... وآخرين (بلغ عددهم الإجمالي 55 خصماً – ليس من بينهم هيئة الأوقاف المصرية على الإطلاق)، وذلك بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بتاريخ 2/4/1997، وتم إعلانها قانوناً للمدعى عليهم (وليس من بينهم هيئة الأوقاف المصرية مطلقاً)، طلب في ختامها الحكم له: "بصفة مستعجلة: بتعيينه حارساً بلا أجر على الوقف المبين بصحيفة الدعوى بدلاً من الحارس السابق – لوفاته – وذلك لأداء المهمة الواردة بالحكم الصادر في الدعوى رقم 9808 لسنة 1955 مستعجل القاهرة مع جعل المصروفات على عاتق الحراسة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة".

وقال المعلن إليه شرحاً لدعوى الحراسة التي أقامها – والمتقدم ذكرها – أنه والمدعى عليهم في دعوى الحراسة (على حد زعمه) من المستحقين في وقف/ أحمد جوربجي والذي كانت وزارة الأوقاف معينة عليه حارسة بمقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 9808 لسنة 1955 مستعجل القاهرة، وإذ طلبت وزارة الأوقاف إعفائها من الحراسة، وقضي في الدعوى رقم 2945 لسنة 1958 مستعجل جزئي القاهرة بتعيين السيد/ .......................... بدلاً منها، والذي تم استبداله استئنافياً بتعيين السيد/ ............................ الذي استمر في مباشرة أعمال الحراسة اعتباراً من عام 1958 وحتى وافته المنية في 26/12/1984، وظلت الحراسة شاغرة من بعده منذ عام 1984 وحتى أقام المدعي بالحق المدني دعوى الحراسة سالفة الذكر في 2/4/1997 (أي ما يقرب من 13 عام) لتعيين نفسه بدلاً من الحارس المتوفى.

وأثناء تداول دعوى الحراسة – المتقدم ذكرها – بالجلسات، تقدم المدعي فيها (المعلن إليه) بطلب إضافي، بموجب صحيفة، موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب فيها: "استلام باقي أعيان الوقف، وتوزيعه على المستحقين".

وتداولت دعوى الحراسة، بعد الإعلان بالطلب المضاف، بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة يوم الاثنين الموافق 30/3/1998 قضت الدائرة السابعة بمحكمة القاهرة للأمور المستعجلة، في مادة مستعجلة: "بتعيين المدعي حارساً قضائياً بلا أجر بدلاً من الحارس المتوفى (المرحوم/ ........................)، وذلك لأداء المأمورية الواردة بالحكم الصادر في الدعوى رقم 9808 لسنة 1955 مستعجل جزئي القاهرة، وأضافت المصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة على عاتق الحراسة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات".

أي أن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة عند نظر دعوى الحراسة والطلب المضاف من المدعي بالحق المدني بتسليمه أعيان الوقف، قضت برفض هذا الطلب المضاف بالتسليم، وأسست قضائه على سند من القول بأنه: "وحيث أنه فيما يختص بطلب المدعي استلامه باقي أعيان الوقف، وتوزيعه على المستحقين، فهو طلب موضوعي يخرج عن الاختصاص النوعي لهذه المحكمة لما يتضمن من فصل في أصل الحق، كما وأن من شأن الفصل فيه المساس بحجية الحكم الصادر بفرض الحراسة القضائية والذي استند في فرضها إلى المنازعة حول ملكية أعيان الوقف والتي خلت الأوراق مما يفيد حسمها بعد". ومن ثم قضت المحكمة برفض الطلب المضاف من المدعي باستلامه باقي أعيان الوقف.

إلا أن المعلن إليه استغل هذا الحكم، بالتواطؤ مع العديد من ضعاف النفوس في أقلام المحضرين، وقام باستلام العديد من العقارات وأكثرها عقارات لا تتبع جهة الوقف الذي تم تعيينه حارساً عليها بل تتبع أوقفات أخرى، فعلى سبيل المثال قام المعلن إليه بتقديم أوراق تنفيذ حكم الحراسة سالف الذكر إلى قلم المحضرين بمحكمة بولاق أبو العلا وقيدت برقم 5055 في تاريخ 23/4/1998 وبالفعل قام بالتنفيذ واستلام العقارات التالية:

وما زال المعلن إليه يسعى للتنفيذ على عقارات أخرى، مما حدا بهيئة الأوقاف المصرية إلى تنبيه الشاغلين لتلك العقارات بعدم التعامل مع غير هيئة الأوقاف بشأن تلك العقارات، لكون حكم الحراسة لم يتضمن تسليم تلك العقارات للحارس فضلاً عن أن الكثير جداً من تلك العقارات تتبع أوقفات أخرى غير الوقف الذي عين المعلن إليه حارساً عليه. ويتضح من ذلك:

- أن حكم الحراسة سالف الذكر لم يصدر ضد أو حتى في مواجهة هيئة الأوقاف المصرية .

- أن حكم الحراسة سالف الذكر رفض طلب المدعي تسليمه باقي أعيان الوقف.

- أن حكم الحراسة، وفقاً لمنطوقه، هو حكم تقريري لا يصلح كسند تنفيذي، إذ أن أحكام الإلزام فقط هي التي تصلح كسندات تنفيذية.

- إن السند التنفيذي، بفرض أن هناك سند تنفيذي، لم يعلن للمتهم لكون الهيئة غير مختصمة ولا ممثلة في حكم الحراسة بأية صفة، كما أن الحكم لم يلزمها بثمة التزام.

- إن حكم الحراسة رفض طلب الحارس تسليمه باقي أعيان الوقف، ومع ذلك قام الحارس بالتواطؤ مع العديد من ضعاف النفوس في أقلام المحضرين، باستلام العديد من العقارات بل وأكثر تلك العقارات التي قام باستلامها – بدون سند من القانون – ليست تابعة لجهة الوقف الذي تم تعيينه حارساً عليه.

- ولما كان التنفيذ على تلك العقارات يضر بمصلحة الوقف الخيري وبحقوق هيئة الأوقاف المصرية، لذا فهي تستشكل فيه لتلك الأسباب وللأسباب التالية:

نسبية أثر الأحكام:

لما كانت هيئة الأوقاف المصري لم تكن مُختصمة أو ممثلة بأي طريقة في دعوى الحراسة رقم 1166 لسنة 1997 مستعجل القاهرة، والتي يراد تنفيذه ضد هيئة الأوقاف المصرية وعلى أعيان مملوكة وتابعة لجهة الوقف الخيري الذي تديره هيئة الأوقاف المصرية.

لما كان ذلك، وكانت المادة 101 من قانون الإثبات تنص على أن: "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً".

ولما كان من المُسلم به قانوناً، أن نِطاق "حجية الأمر المقضي يقتصر على أطراف المركز القانوني محل الدعوى إذا كانوا أطرافاً في الخصومة. حيث أن لحجية الأمر المقضي نطاق شخصي، فهي تقوم فقط بين أطراف المركز الموضوعي الذي تحميه الدعوى على النحو الذي عُرضت به في الخصومة. ولا يكفى أن تكون الدعوى متعلقة بمركز قانوني لشخص حتى يكون للقضاء الصادر فيها حجية في مواجهته، بل يجب أيضاً أن يكون هذا الشخص طرفاً في الخصومة التي صدر فيها هذا القضاء (نقض مدني 12 إبريل 1962 - مجموعة النقض 13 - 441 - 66). ذلك أن الحجية إنما تكون أثر للقضاء الفاصل في الدعوى في نطاق الخصومة التي صدر فيها. وعادةً أطراف الدعوى هم أنفسهم أطراف المركز القانوني محل التقرير، فإن اختلفوا فان الحُجية تكون فقط في مواجهة أطراف الدعوى دون أطراف المركز القانوني. فإذا رفع شخص دعوى استحقاق في مواجهة المغتصب، وقُضِىَ بقبول الدعوى فان القضاء يقرر للمدعى حق الملكية. وهو حق يوجد في مواجهة الكافة ولكن الحُجية لا تكون في مواجهة الكافة وإنما فقط في مواجهة طرفي الدعوى. وعلة هذا أن الحماية القضائية إنما تُمنح نتيجة للدعوى ويتحدد نطاقها بحدود هذه الدعوى التي قُضِىَ فيها. (المرجع: "الوسيط في قانون القضاء المدني" - للدكتور/ فتحي والى - الطبعة الثانية 1981 القاهرة - بند 98 – صـ 179 و 180).

وفيما عدا طرفي الدعوى وخلفائهما، لا حجية للعمل القضائي. فالحجية لا تسرى في مواجهة الغير. فليس لغير أطراف الدعوى التي قُضِىَ فيها. التمسك بهذا القضاء كما أنه لا يجوز التمسك به ضده. فإن حدث التمسك بالقضاء إضراراً بأحد من الغير كان لهذا الأخير الدفع بنسبية الأحكام، أي الدفع بأن حجية القضاء لا تسرى في مواجهته لأنه من الغير. ولا تكون للحكم حجية بالنسبة للغير ولو كانت المسألة المقضي فيها مسألة كلية شاملة أو مسألة أصلية أساسية، فالحكم بالنسبة لهذه المسألة لا حجية له إلا بين الخصوم أنفسهم (نقض مدني 22 مايو 1973 - مجموعة النقض 24 - 807 - 141). كما أن الحكم لا تكون له حجية في مواجهة الغير، ولو كان صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة (نقض مدني 5 يناير 1980 في الطعن رقم 713 لسنة 45 قضائية. وراجع: للدكتور فتحي والى - المرجع السابق - نفس الموضع - و صـ 182 وهوامشها).

وحيث أستقر قضاء محكمة النقض على أن: "حجية الأحكام مناطها. المادة 101 إثبات. اقتصارها على أطراف الخصومة حقيقة أو حكماً. عدم جواز الاحتجاج بحجية حكم سابق على من كان خارجاً عن الخصومة التي صدر فيها. حقه في التمسك بعدم الاعتداد به ضده". (نقض مدني في الطعن رقم 2093 لسنة 54 قضائية – جلسة 30/7/1992).

لما كان ذلك، وهدياً على ما تقدم، وكان الثابت من مطالعة الأوراق وعريضة الدعوى 1166 لسنة 1997 مستعجل القاهرة والحكم الصادر فيها أن هيئة لأوقاف لم تكن مختصمة ولا ممثلة ولا مدخلة ولا طرفاً في هذه الدعوى ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها تقتصر حجيته على أطرافه فقط ولا يجوز الاحتجاج به في مواجهة هيئة الأوقاف بحسبان أنها كانت خارج الخصومة ويكون من حق هيئة الأوقاف المصرية التمسك بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى سالفة الذكر في مواجهتها.

عدم توافر شروط السند التنفيذي في الحكم المراد تنفيذه ضد الهيئة:

تنص المادة 280 مرافعات على أنه: "لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء. والسندات التنفيذية هي: الأحكام والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة. ولا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص القانون إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية: "على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك".

فيُشترط في الحق المنفذ به ثلاثة شروط: أولها- أن يكون محقق الوجود،إذ ليس من المقبول أن ينفذ على أموال المدين من أجل حق متنازع في وجوده، ومثله الدين الاحتمالي والحق المعلق على شرط لم يتحقق ولذلك لا يجوز التنفيذ بحكم بتقديم حساب. والشرط الثاني- أن يكون الحق معين المقدار، وعملاً بهذا الشرط لا يجوز التنفيذ بالمصاريف القضائية إذا لم تكن معينة في الحكم وقبل تعيين مقدارها بالطريقة التي نص عليها القانون. والشرط الثالث- أن يكون الحق حال الأداء لأن الحق الذي لم يحل أجله لا تجوز المطالبة به، والأصل أن يثبت تحقق الشروط الثلاثة المتقدمة بمقتضى السند التنفيذي المراد التنفيذ بموجبه وإلا امتنع التنفيذ. (المرجع: "التعليق على قانون المرافعات" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري – الجزء الثاني – المادة 280 – صـ 592 وما بعدها).

ومن المُقرر في قضاء النقض إنه: "يجب أن يكون الحق الموضوعي المراد اقتضاؤه بالتنفيذ الجبري محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وأن يكون السند التنفيذي دالاً بذاته على توافر هذه الشرائط". (نقض مدني في الطعن رقم 257 لسنة 36 قضائية – جلسة 19/1/1971 مجموعة المكتب الفني – السنة 22 – صـ 52. وفي النقض المدني جلسة 12/6/1973 السنة 24 صـ 906. وفي الطعن رقم 2032 لسنة 51 قضائية – جلسة 25/11/1988).

ولما كان حكم الحراسة رقم 1166 لسنة 1997 مستعجل القاهرة قد جاء خلواً من ذكر أو بيان أعيان الوقف التي تخضع لحراسة المعلن إليه، فإنه يكون مُجهلاً ولا يصلح بذاته لأن يكون سنداً تنفيذياً ينفذ به المعلن إليه على ما يشاء من أعيان الأوقاف الخيرية. وطالما لا تتوافر في ذلك الحكم الشرائط المتطلبة قانوناً في السند التنفيذي فإن أي تنفيذ بمقتضاه يكون باطلاً ولا يعتد به.

عدم جواز التنفيذ على مال غير مملوك للمدين:

لما كان من المُشترط قانوناً في المُنفذ ضده أن يكون مسئولاً شخصياً عن الدين سواء كان مديناً أم كفيلاً شخصياً. (المرجع: "التنفيذ الجبري" - للدكتور/ فتحي والي - طبعة 1986 القاهرة - بند 84 - صـ 163).

وعلى أية حال، فإنه يجب أن تستبين صفة المُنفذ ضده من نفس السند التنفيذي، بأن يكون السند مُلزماً له بأداء مُعين. وتطبيقاً لهذا حُكِمَ بأنه لا يجوز استخدام محضر جلسة مُثبت للصلح للتنفيذ في مواجهة من ليس طرفاً فيه (استئناف مُختلط 13 مارس 1907). وإذا كان هناك تضامن بين مدينين وصدر حكم ضد أحد المدينين، فإنه لا يجوز تنفيذ هذا الحكم ضد المدين المُتضامن الذي لم يصدر ضده "إذ لم يتضمن أي إلزام في مواجهته" (استئناف مُختلط 28 ديسمبر 1904). وإذا حُكِمَ على شخص فلا يجوز التنفيذ ضد ضامنه حتى يصدر ضده حكم (استئناف مصر 8 ديسمبر 1937 - المُحاماة 18 - 881 - 405). ولا يجوز لدائن الشريك أن يحجز في مواجهة الشركة على أموالها ولو كانت شركة تضامن (نقض مدني 8 ديسمبر 1975 - مجموعة النقض 26 - 1580 – 297؛ د. فتحي والي - المرجع السابق - نفس الموضع – وصـ 164 ، 165 وهوامشهما).

لكل ما تقدم، فقد اشترط القانون في محل التنفيذ أن يكون "حقاً للمدين":

من المسلم به أن التنفيذ يرد على ما يكون للمدين (أو للكفيل الشخصي) من حقوق مالية تُكوِن الجانب الإيجابي من ذمته المالية. ولما كان أهم ما يرد عليه التنفيذ هو حق الملكية، فإنه يُعبر عن هذا الشرط عادة بـ : "وجوب أن يكون الشيء مملوكاً للمدين".

وعلة هذا الشرط هو أن المدين إنما يضمن التزاماته بأمواله هو وليس بأموال الغير، فضلاً عن أن التنفيذ على مال الغير يمثل اعتداءً على حقه.

وتطبيقاً لهذا الشرط لا يجوز لدائن الشريك أن يُنفذ على أموال الشركة أثناء قيامها (الأمور المُستعجلة الجزئية بالقاهرة 15 إبريل 1952 - المُحاماة 33 - 538 - 252) ولو كانت الشركة شركة تضامن، أو كان الشريك هو الذي قدم المال للشركة كحصة في رأسمالها (نقض مدني 8 ديسمبر 1975 - مجموعة النقض 26 - 1580 - 297). ولا يجوز لدائني مُشترْ لعقار بعقد غير مُسجل التنفيذ على بناء أقامه مدينهم على العقار إذ البناء يدخل في ملكية البائع بالالتصاق ولا يكون مملوكاً للمشتري إلا بالتسجيل (نقض مدني 24 يناير 1979 في الطعن رقم 80 لسنة 45 قضائية). كما لا يجوز للدائن أن يُنفذ على مال كان مملوكاً على الشيوع لمدينه ولكنه وقع بعد القسمة في نصيب غيره من الشركاء، أو على عقار كان مملوكاً للمدين ولكنه تصرف فيه بعقد مُسجل قبل التنفيذ عليه (نقض مدني 19 إبريل 1956 - مجموعة النقض 7 - 533 - 73)، كما إنه ليس لدائن المُستحق في الوقف أن يحجز تنفيذياً على المحصولات الناتجة عن أرض الوقف إذ أن للوقف شخصية مُستقلة عن المُستحق في الوقف (نقض مدني 26 إبريل 1934 - مجموعة عمر 1 - 370 - 175)، كما أنه لا يجوز التنفيذ على الأوقاف الخيرية فهذه مهما كانت علاقة المدين بها لا تعتبر مملوكة له إذ هي في حُكم ملك الله (د. فتحي والي - المرجع السابق - بند 95 – صـ 179 ، 180 - وهوامشهما).

وبتطبيق كل ما تقدم على واقعات الدعوى الماثلة، ولما كان المحل المراد التنفيذ عليه مملوك للأوقاف الخيرية وليس مملوكاً للمدينين في السند التنفيذي (حكم الحراسة)، فإن تنفيذ هذا الحكم ضد الأوقاف الخيرية وضد هيئة الأوقاف المصرية يكون قد جاء على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون، لذلك فهيئة الأوقاف تُطالب - من عدالة القضاء - الحكم لها بعدم الاعتداد بذلك الحكم في مواجهتها وببطلان وعدم الاعتداد بإجراءات التنفيذ تلك التي تمت واعتبارها كأن لم يكن والقضاء بوقف التنفيذ ما يشرع المعلن إليه في تنفيذه على أعيان أخرى.

حكم الحراسة ليس سنداً تنفيذياً:

لما كان من المسلم به إن أحكام الإلزام هي فقط التي تصلح كسندات تنفيذية. أما الأحكام التقريرية والأحكام المنشئة فلا تصلح لذلك وتكون غير قابلة للتنفيذ.

والحكم التقريري:

هذا الحكم الذي يقضي بوجود أو عدم وجود مركز قانوني دون إلزام المحكوم عليه بأداء معين أو بإحداث أي تغيير في هذا المركز، كالحكم ببراءة الذمة أو ببطلان عقد أو تزوير ورقة.

والحكم المنشئ:

هو الذي يقرر إنشاء أو تعديل أو إنهاء مركز قانوني موضوعي كالحكم بإشهار إفلاس تاجر أو بتعديل الالتزام التعاقدي بسبب الاستغلال أو الظروف الطارئة، والحكم بالتطليق والحكم بإبطال عقد أو فسخه.

أما حكم الإلزام:

فهو الذي يقضي بالتزام المحكوم عليه بأداء جزائي ومثاله الحكم بإخلاء عقار أو بدفع مبلغ معين من النقود.

وعلى ذلك فإن الحكم الصادر بصحة التوقيع لا يعتبر حكماً بالإلزام وبالتالي لا يجوز تنفيذه جبراً. وكذلك فإن الحكم الصادر بفسخ عقد إيجار أو بطلانه أو إبطاله لا يعد حكماً بالإلزام فلا يصلح سنداً تنفيذياً لإخلاء العين المؤجرة اللهم إلا إذا تضمن النص على الالتزام بالإخلاء. وكذلك الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد بيع لا يعتبر سنداً تنفيذياً، ولكنه إذا قضى مع صحة ونفاذ عقد البيع بإلزام المدعي أو المدعى عليه بالمصاريف فإنه يعتبر سنداً تنفيذياً لاقتضاء المصاريف المحكوم بها. وكذلك يعتبر سنداً تنفيذياً الحكم الذي يقضي بإلزام أحد أطرافه بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن الخصومة أو بتغريمه.

وعلى ذلك، فالقاعدة المستقرة التي لا جدال فيها ولا خلاف حولها أن الأحكام المعتبرة سندات تنفيذية هي التي تتضمن الإلزام بأداء شيء معين يتعين على المحكوم عليه الوفاء به عيناً أو نقداً طوعاً أو كرهاً. لأن هذه الأحكام هي التي تنشئ للمحكوم له حقاً في إجراء التنفيذ جبراً على المحكوم عليه. (المرجع: بحث بعنوان "جريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام عمداً" - للمستشار/ زكريا مصيلحي عبد اللطيف - منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة - العدد الثالث - السنة الحادية والعشرون - يوليو/سبتمبر 1977 - ص 18).

ولما كان من المتفق عليه فقهاً وقضاءاً أن الأحكام التي تنفذ تنفيذاً جبرياً هي فقط أحكام الإلزام، وذلك دون الأحكام المقررة أو المنشئة، وعلة هذا أن حكم الإلزام هو وحده الذي يقبل مضمونه التنفيذ الجبري. حيث أن الحكم المقرر لا يرمي إلا إلى تأكيد رابطة قانونية، وبصدوره تتحقق الحماية القانونية كاملة، كذلك الأمر بالنسبة للحكم المنشئ فهو يرمي إلى إنشاء رابطة قانونية جديدة فتتحقق بمجرد صدوره الحماية القانونية. أما بالنسبة لحكم الإلزام، فلكي يتحقق مضمونه أي لكي تتحقق الحماية القانونية التي يتضمنها، يجب أن يقوم المحكوم عليه بعمل أو أعمال لصالح المحكوم له، فإذا لم يقم بها فإن الدولة يجب أن تحل محله في القيام ببعض الأعمال لتحقيق الحماية القانونية، فحكم الإلزام على خلاف الحكم المنشئ أو الحكم المقرر لا يحقق بذاته الحماية القانونية، ولهذا فإن المحكوم له ينشأ له عن هذا الحكم حق جديد هو الحق في التنفيذ الجبري، يستطيع بموجبه أن يطلب من السلطة العامة القيام بأعمال معينة لتحقيق الحماية القانونية له. وهذا الحق في التنفيذ الجبري والأعمال التي يستعمل بأدائها لا حاجة إليها بالنسبة للحكم المقرر أو الحكم المنشئ. (المرجع: "التنفيذ الجبري" للدكتور/ فتحي والي طبعة 1986 القاهرة بند 22 ص 38 ، 39).

لما كان ما تقدم، وكان حكم الحراسة الذي يستند إليه المدعي بالحق المدني (رقم 1166 لسنة 1997 مستعجل القاهرة) لم يصدر ضد أو حتى في مواجهة هيئة الأوقاف المصرية، ولم يلزم هيئة الأوقاف المصرية بثمة التزام، وإنما هو حكم تقريري يضفي صفة "الحارس" على المدعي بالحق المدني (إن سلمنا جدلاً بصحة هذا الحكم). وهذا الحكم التقريري لا يقبل التنفيذ الجبري ولا يصلح سنداًَ للإدعاء المباشر في جنحة عدم تنفيذ الأحكام.

لا سيما وأن المُقرر في قضاء النقض أن: "الحارس القضائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يستمد سلطته من الحكم الذي يقيمه وتثبت له صفته بمجرد صدور الحكم دون حاجة إلي إجراء آخر". (نقض مدني في الطعن رقم 653 لسنة 47 قضائية - جلسة 31/3/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 1003).

كما إنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الحراسة القضائية إجراء تحفظي، والحكم الصادر فيها ليس قضاء بإجراء يحتمل التنفيذ المادي في ذاته، وإنما هو تقرير بتوافر صفة قانونية للحارس، وإبراز هذه الصفة ووضعها موضع التنفيذ بالنسبة للعقار ليس إلا عملاً حُكمياً ليس له كيان مادي". (نقض مدني في الطعن رقم 1014 لسنة 51 قضائية - جلسة 8/5/1988. ونقض جلسة 30/10/1952 في الطعن رقم 215 لسنة 21 قضائية مجموعة الربع قرن جـ1 ص 520 قاعدة 25. ونقض جلسة 10/2/1955 في الطعن رقم 36 لسنة 22 قضائية مجموعة الربع قرن جـ1 ص 219 قاعدة 21)

ومن ثم فإن حكم الحراسة سالف الذكر، وهو حكم تقريري، لا يصلح كسند تنفيذي، وبالتالي تكون جميع إجراءات التنفيذ التي تم بمقتضاه مخالفة للقانون وباطلة ولا يعتد بها، لا سيما في حق هيئة الأوقاف المصرية التي لم تكن أصلاً خصماً في الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم التقريري.

عدم إعلان السند التنفيذي، وجزاء ذلك:

من المُقرر قانوناً أنه يجب على الدائن (المُنفذ) قبل اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري أن يُعلِن المُنفذ ضده بالسند التنفيذي - الحُكم مُزيل بالصيغة التنفيذية، في حالة دعوانا الماثلة - وأن يشتمل الإعلان على تكليفه بالوفاء وإنذاره بأنه إذا لم يف فإن الحق سيُستوفى جبراً عنه. (د. فتحي والي - المرجع السابق - بند 115 – صـ 231).

ويَلزم إعلان السند التنفيذي والتكليف بالوفاء بالنسبة لكل تنفيذ جبري، أياً كان نوع التنفيذ الجبري، وأياً كان نوع السند التنفيذي؛ وإذا تعدد المُراد التنفيذ ضدهم، فيجب القيام بإعلان كل منهم، حتى ولو كان السند التنفيذي ضدهم واحد. فإذا لم يُعلن أحدهم كان التنفيذ في مواجهته باطلاً رغم إعلان السند إلي غيره من المدينين بموجبه، هذا ولو كان هناك تضامن بين المدينين. (د. فتحي والي - المرجع السابق - بند 117 – صـ 235).

ويترتب على عدم إعلان السند التنفيذي قبل إجراء التنفيذ بُطلان هذا التنفيذ، وقد نصت المادة 281/1 مُرافعات صراحة على هذا البُطلان. والبُطلان المُقرر جزاءً لتخلف الإعلان أو تعييبه هو بُطلان مُقرر لمصلحة المُنفذ ضده الذي لم يُعلن أو أُعلِنَ إعلاناً باطلاً، فله أن ينزل عنه، كما أنه ليس لغيره التمسك به (نقض مدني 19 نوفمبر 1959 - مجموعة النقض 10 - 688 - 150. د. فتحي والي - المرجع السابق - بند 120 - صـ 244 : 246 وأنظر كذلك: "التعليق على قانون المرافعات" - للمُستشار/ عز الدين الدناصوري - الجزء الثاني - الطبعة الثامنة 1996 القاهرة - المادة 281 - صـ 606).

لما كان ذلك، وكانت هيئة الأوقاف المصرية لم تُعلن بالسند التنفيذي الذي يتم التنفيذ بمُقتضاه فإن إجراءات هذا التنفيذ في مواجهتها تكون باطلة. وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

لكل ما تقدم، ولما سيُبديه الطالب بصفته من أسباب أخرى وأوجه دفوع ودفاع بمُذكراته المكتُوبة ومُرافعاته الشفوية أثناء تداول الدعوى الماثلة بالجلسات أمام عدالة المحكمة الموقرة، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد.

"وبناء عليـــه"

أنا المُحضر سالف الذكر قد انتقلت في التاريخ أعلاه إلى حيث مقر إقامة وتواجد المعلن إليهم وأعلنتهم وسلمت لكل واحد منهم صورة من هذه الصحيفة للعلم بما جاء فيها وما اشتملت عليه وكلفتهم بالحضور أمام محكمة بولاق أبو العلا الجزئية والكائن مقرها بمجمع المحاكم بشارع الجلاء بجوار مبنى جريدة الأهرام، وذلك أمام الدائرة ( ................. ) مدني/تنفيذ وذلك بجلستها التي ستعقد علناً بسرايا المحكمة في تمام الساعة التاسعة من صباح يوم .............................. الموافق ................/ ................/2008م لسماعه الحكم ضده: "

- بعدم الاعتداد بحكم الحراسة رقم 1166 لسنة 1997 مستعجل القاهرة في مواجهة هيئة الأوقاف المصرية،

- وببطلان وعدم الاعتداد بجميع إجراءات التنفيذ التي تمت في مواجهة هيئة الأوقاف المصرية وعلى أعيان وقف غير الوقف المعين المعلن إليه حارساً عليه، واعتبارها كأن لم تكن،

- وببطلان وعدم الاعتداد بمحاضر استلام أعيان الأوقاف الخيرية المبينة بصدر هذه الصحيفة، واعتبارها كأن لم تكن،

- مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إلزام المعلن إليه برد تلك الأعيان للطالب بصفته بالحالة التي تسلمها عليها، مع عدم نفاذ أية تصرفات يكون قد أبرمها بشأنها في مواجهة هيئة الأوقاف المصرية.

- مع إلزام المعلن إليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة، مع التصريح بالتنفيذ بمسودة الحكم الأصلية".

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،

ولأجل العلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق