الخميس، 12 نوفمبر 2009

استشارة قانونية - في متى ينتج الإعلان أثره - وحالة تطبيقية بالنسبة لإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة


استشارة قانونية
س: سأل سائل..
أقمت دعوى شفعة ضد أحد الأشخاص الذي اشترى عقار ملاصق للعقار المملوك لي وقام بشهر عقد البيع، وبدأتها بإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وفقاً للقانون المدني المصري (المادة 940), ولكنني فوجئت بالمدعى عليه يطعن على هذا الإعلان بالبطلان لعدم إرسال بريد مسجل للمدعى عليه في المواعيد، علما بأنني أقمت دعوى الشفعة خلال مدة الأربعة اشهر التي تطلبتها المادة 948 مدني، فهل يترتب على القضاء ببطلان إعلان الرغبة سقوط الحق في الشفعة، على الرغم من الخطأ هو خطأ المحضر المكلف بالإعلان، وعلى الرغم من أنني أعلنت بالإيداع في المواعيد، كما أنني أقمت دعوى الشفعة في المواعيد؟

        ونجيب على السائل، بطريقة عرض الأسئلة والأجوبة التالية، والله المستعان:

س: متى ينتج الإعلان أثره؟

هل من تاريخ تسليمه لقلم المحضرين؟
أم تاريخ تسليمه لجهة الإدارة (في حالة عدم وجود من يصح تسليم الإعلان إليه كشخص المعلن إليه أو في موطنه)؟

أم من تاريخ إخطار المعلن إليه بتسليم الصورة إلى الجهة الإدارية؟

ج: الأصل العام أن الإعلان (أي إعلان – عدا إعلان الأحكام الغيابية إلى الصادر ضده الحكم الغيابي) ينتج أثره من تاريخ تسليمه لجهة الإدارة "في حالة عدم وجود من يصح تسليم الإعلان إليه كشخص المعلن إليه أو في موطنه"، وليس من تاريخ تسليمه إلى قلم المحضرين، وليس من تاريخ إخطار المعلن إليه بتسليم الصورة إلى جهة الإدارة.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الأصل في إعلان أوراق المحضرين القضائية طبقاً لنصوص المواد 10 ، 11 ، 13 من قانون المرافعات - الواردة في الأحكام العامة للقانون - هو أن تسلم إلى المعلن إليه نفسه، أو في موطنه الأصلي أو المختار، وذلك ابتغاء ضمان اتصال عمله بها، سواء بتسليمها إلى شخصه - وهو ما يتحقق به العلم اليقيني - أو بتسليمها في موطنه إلى أحد المقيمين معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار أو التابعين - وفقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات - وهو ما يتحقق به العلم الظني - أو بتسليمها إلى جهة الإدارة التي يقع موطنه في دائرتها إذا لم يوجد من يصح تسليمها إليه على أن يرسل إليه المحضر في موطنه كتاباً مسجلاً يخبره فيه بمن سلمت إليه، بحيث يعتبر الإعلان منتجاً لأثاره من وقت تسليم الصورة إلى من سلمت إليه قانوناً - حسبما يستفاد من نص المادة الحادية عشرة من قانون المرافعات - أو بتسليمها إلى النيابة العامة إذا لم يكن للمعلن إليه موطن معلوم في الداخل أو الخارج - وفقاً لنص المادة الثالثة عشر - وهو ما يتحقق به العلم الحكمي". (نقض مدني في الطعن رقم 5985 لسنة 66 قضائية "هيئتان" – جلسة الأربعاء الموافق 18 من مايو سنة 2005م – صادر من هيئتا المواد الجنائية، والمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها مجتمعين).
فالعبرة هي بحصول الإعلان فعلاً لا بتقديمه إلى قلم المحضرين، وقد نصت المادة الخامسة من قانون المرافعات على أنه: "إذا نص القانون على ميعاد حتمي لاتخاذ إجراء يحصل بالإعلان، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله". علماً بان الإعلان يحصل بتسليم صورة الإعلان إلى من يصح تسليمها إليه قانوناً، وليس بالإخطار الذي يتم بعد ذلك التسليم في حالة تسليمه لجهة الإدارة.

س: هل ينطبق هذا الأصل العام (سالف الذكر) على إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة؟
ج: نعم ينطبق هذا الأصل على إعلان جميع الأوراق القضائية، بما فيها إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة، ولا يستثنى من هذا الأصل سوى إعلان الحكم الغيابي إلى الصادر ضده ذلك الحكم حيث يشترط في هذه الحالة أن يتم الإعلان إلى شخصه.
ومن المُقرر في قضاء النقض: "إن قانون الشفعة إذ نص فى المادة 14 على أنه "يجب على من يرغب الأخذ بالشفعة أن يعلن للبائع والمشترى طلبه لها كتابة على يد محضر ويكون هذا الإعلان مشتملاً على عرض الثمن وملحقاته الواجب دفعها قانوناً، وإذ نص فى المادة 19 (المقابلة لنص المادة 940 من القانون المدني الحالي) على أن حق الشفعة يسقط إذا لم يظهر الشفيع رغبته فى الأخذ بالشفعة فى ظرف خمسة عشر يوماً من وقت علمه بالبيع - إذ نص على هذا وذاك فقد دل على أنه يجب على طالب الشفعة أن يعلن رغبته إلى البائع والمشترى بورقة على يد محضر فى ميعاد خمسة عشر يوماً يبدأ من تاريخ العلم بالبيع وإلا سقط حقه فى الشفعة، كما دل على أن العبرة فى انتهاء الميعاد هي بحصول الإعلان فعلاً إلى البائع والمشترى لا بتسليم ورقة الإعلان لقلم المحضرين، لأن نص المادة 14 صريح فى وجوب الإعلان، والإعلان لا يكون بالتسليم لقلم المحضرين وإنما يكون بالطريق المقررة له فى قانون المرافعات. يؤكد هذا النظر ما جاء فى آخر الفقرة الثانية من المادة 19 من أنه "يزاد على هذه المدة" أي مدة الخمسة عشر يوماً "عند الاقتضاء ميعاد المسافة"، مما يقطع بأن المقصود بإظهار الرغبة هو بالإعلان أي بتسليم الورقة للمعلن إليه أو فى محله على حسب الأصول المرسومة فى القانون، فإنه لو كان يكفى مجرد التسليم  لقلم المحضرين لما كان هناك محل للنص على ميعاد المسافة، ولكان الشارع بين ما يجب على الشفيع إتباعه بعد هذا التسليم (لقلم المحضرين) إذ التسليم بذاته ليس فيه أي إعلان للخصم. وإذن فالحكم الذى يبنى قضاءه على أن العبرة فى احتساب مدة إظهار الرغبة فى الشفعة هي بحصول الإعلان إلى البائع والمشترى لا بتقديم الورقة إلى قلم المحضرين يكون قد أصاب فى تطبيق القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 36 لسنة 14 قضائية – جلسة 12/4/1945 – مجموعة عمر 4ع – رقم 234 – صـ 616. وفي الطعن رقم 135 لسنة 15 قضائية – جلسة 26/12/1946 – مجموعة عمر 5ع – صـ 281).

س: هل يترتب على القضاء ببطلان إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة، سقوط الحق في الأخذ بالشفعة؟
ج: نعم، وهذا طبقاً لصريح نص المادة 940 من القانون المدني التي تنص على أن: "يعلن الشفيع رغبته في الشفعة إلى كل من البائع والمشترى خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشترى وإلا سقط حقه". كما أنه من المقرر في قضاء النقض أنه: "لئن كان علم الشفيع بحصول البيع لا يعتبر ثابتا في نظر الشارع في القانون المدني القائم إلا من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشترى. ولا يسرى ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يسقط حق الشفيع إذا لم يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة قبل انقضائه إلا من تاريخ هذا الإنذار مما مؤداه أنه لا إلزام على الشفيع بإعلان رغبته إلا بعد إنذاره من المشترى أو البائع ولو علم بالبيع قبل ذلك، فإنه يستطيع مع هذا أن يبادر بإعلان رغبته بمجرد علمه بالبيع دون انتظار وصول الإنذار إليه إذ ليس في القانون ما يمنعه من ذلك، ولم يقصد المشرع بما أورده في المادة 940 من القانون المدني تحديد بداية الأجل الذي يجوز للشفيع إعلان رغبته فيه أو أن يجعل من إنذار المشترى والبائع إجراء حتمياً يتوقف على اتخاذه صحة إعلان الرغبة وإنما قصد المشرع إلى بيان لزوم هذا الإنذار لسريان ميعاد الخمسة عشر يوما المقرر لسقوط حق الشفيع". (نقض مدني في الطعن رقم 565 لسنة 34 قضائية – جلسة 26/12/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1594).

التطبيق:
        وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر، يتضح:
أنه إذا كان المحضر قد قام بتسليم إعلان الرغبة إلى الجهة الإدارية خلال المواعيد القانونية لإبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة، فهذا الإعلان ينتج أثره من ذلك التاريخ. (ولا عبرة في هذا الخصوص بتاريخ تسليم المعلن إليه الإخطار بإيداع صورة الإعلان للجهة الإدارية).
        وإذا لم يقم المحضر بتسليم إعلان الرغبة إلى الجهة الإدارية خلال المواعيد القانونية لإبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة، فيكون قد سقط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة.
        وإذا لحق الشفيع أية أضرار نتيجة الفرض الثاني، فيمكنه الرجوع بالتعويض على وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لقلم المحضرين، لتعويض الشفيع عما أصابه من أضرار نتيجة خطأ المحضر (ويتم تأسيس دعوى التعويض على مسئولية المتبوع عن عمل تابعه)، ليتم تعويضه عن الأضرار المادية والمعنوية وما لحقه من خسارة وما فاته من كسب وعن فوات الفرصة. 

ملاحظة:
        يراعى في حساب مدة الخمسة عشر يوماً – الواجب إبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة خلالها، بعد إنذار البائع أو المشتري للشفيع – ألا يحسب اليوم الذي يستلم فيه الشفيع ذلك الإنذار، حيث تنص المادة 15/1 من قانون المرافعات على أنه: "إذا عين القانون للحضور أو لحصول الإجراء ميعاداً مقدراً بالأيام أو بالشهور أو بالسنين، فلا يحسب منه يوم الإعلان أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجرياً للميعاد ...". ويحسب اليوم الأخير، فيجب على الشفيع أن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة بحيث يصل هذا الإعلان إلى كل من البائع والمشتري في ميعاد نهايته اليوم الخامس عشر من اليوم التالي لليوم الذي تسلم فيه الشفيع الإنذار الرسمي. 
هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان
المحامي بالنقض
ashraf.rashwan@gmail.com    
http://egyptian-awkaf.blogspot.com/



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق