السبت، 9 مايو 2009

نفاذ عقود الإيجار القديمة في حق المالك الجديد للعقار

تنص المادة 146 من القانون المدني على أنه: "إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقاً شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص، فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء، إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه".

ويبين من هذا النص أنه يُشترط لانصراف أثر العقد إلى الخلف الخاص توافر الشروط الآتية:

الشرط الأول: أن يوجد عقد منشئ لالتزامات وحقوق شخصية تتصل بالشيء الذي انتقل بعد ذلك إلى الخلف الخاص. وأن تكون هذه الالتزامات والحقوق الشخصية من مستلزمات هذا الشيء.

الشرط الثاني: أن يكون تصرف السلف سابقاً على انتقال الشيء إلى الخلف الخاص.

الشرط الثالث: أن يعلم الخلف الخاص بالحقوق والالتزامات المُترتبة على تصرف السلف وقت تلقيه ملكية الشيء محل التعاقد.

هذا، وتنص الفقرة الأولى من المادة 604 من القانون المدني على أنه: "إذا انتقلت ملكية العين المُؤجرة اختياراً أو جبراً إلى شخص آخر، فلا يكون الإيجار نافذاً في حق هذا الشخص إذا لم يكن له تاريخ ثابت( 1 ) سابق على التصرف الذي نقل الملكية". فقد جاء هذا النص تطبيقاً إلى حد كبير للمادة 146 سالفة الذكر..

حيث أنه بالنسبة للشرط الأول: اعتبر المُشرع الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار مُكملة لملكية العين المُؤجرة من ناحية، ومُحددة لها من ناحية أخرى بحيث تدخل في مقومات هذه العين وتنتقل معها إلى من تلقي ملكيتها.

وبالنسبة للشرط الثاني: فقد نصت عليه المادة 604 صراحة إذا اشترطت لنفاذ الإيجار في حق الخلف الخاص أن يكون له تاريخ ثابت سابق على التصرف الذي نقل الملكية.

أما بالنسبة للشرط الثالث: فقد تغاضى عنه المُشرع، فلم يستلزم لنفاذ الإيجار في حق من انتقلت إليه الملكية أن يكون الأخير على علم به وقت انتقال الملكية إليه. ويُعتبر حكم المادة 604 فيما يتعلق بذلك خروجاً على القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 146. ومعنى ذلك أن الإيجار ينصرف إلى الخلف بحكم القانون.

وحكم المادة 604 مدني لا يسري على البيع فقط، سواء كان بيعاً اختيارياً أو جبرياً، وإنما يسري على كل عقد ناقل للملكية كالمُقايضة والهبة والوصية والشفعة ...الخ.

ويترتب على نفاذ الإيجار في حق مُتلقي ملكية العين، كالمُشتري والموهوب له والموصى له، انصراف آثار الإيجار إليه منذ تاريخ العقد إن كان وارداً على منقول ومن تاريخ تسجيله إذا كان وارداً على عقار. ولو كانت مدة الإيجار لا تبدأ إلا بعد صدور التصرف أو كان المُستأجر لم يضع يده على العين المُؤجرة. فيثبت للخلف حقوق المؤجر ويلتزم بالتزاماته، وذلك بحكم القانون نفسه وبتمام التصرف غير متوقفة على علم المُستأجر.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "خلافة المُشتري للبائع على الحقوق والواجبات المتولدة من عقد الإيجار تحدث بحكم القانون نفسه وبتمام البيع، غير متوقفة على علم المُستأجر، فلا يجري على هذه الخلافة حكم حوالة الديون ولا حكم الحلول محل الدائن بالوفاء له". (نقض مدني في الطعن رقم 92 لسنة 3 قضائية – جلسة 22/11/1934 – مجموعة عمر – جـ 1 – صـ 496 وما بعدها).

إلا أن المادة 30 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر تنص على أنه: "استثناءً من حكم المادة 604 من القانون المدني تسري عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد للعقار ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على تاريخ انتقال الملكية".

فقد أوردت هذه المادة استثناءً على القواعد العامة المُتقدم ذكرها، مُقتضاه أن عقود الإيجار القائمة وقت العمل بالقانون 49 لسنة 1977 تسري في حق المالك الجديد الذي تنتقل إليه ملكية العين، أياً كان سبب هذه الملكية، كالبيع أو الهبة أو المُقايضة أو الشركة أو الشفعة أو غير ذلك من أسباب نقل الملكية، ولو لم يكن لعقد الإيجار تاريخ ثابت (بأحد الطرف سالفة الذكر في الهامش رقم 1) سابق على تاريخ انتقال الملكية.

ولا يُشترط علم المالك الجديد بعقود الإيجار قبل انتقال الملكية إليه.

وقد ورد هذا الاستثناء كذلك في القانون رقم 121 لسنة 1947 بالمادة 12 وبالقانون رقم 52 لسنة 1969 بالمادة 22.

ويسري هذا الاستثناء على وجود العلاقة الإيجارية، ومدتها، والامتداد القانوني الذي يترتب عليها، وباتخاذها أساساً لحساب الأجرة القانونية، وعلى سائر الشروط الواردة بالعقد. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة الثانية والعشرين من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن التي تقابل المادة الثانية عشر من القانون رقم 121 لسنة 1947 (المُقابلة للمادة 30 من القانون 49 لسنة 1977) على أنه "استثناء من حكم المادة 604 من القانون المدني تسري عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد للعقار ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي على تاريخ انتقال الملكية" يدل على أن الأجرة المحددة بعقد الإيجار الخاضع لقانون إيجار الأماكن الصادرة من المالك السابق حجة على المالك الجديد دون اشتراط أن يكون له تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية، وترتيباً على ذلك فإن اتفاق المالك السابق والمستأجر أثناء الامتداد القانوني للعقد على أجرة تقل عن الأجرة القانونية حجة على المالك الجديد ولو لم يكن لهذا الاتفاق تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية ما لم يثبت المالك الجديد صورية هذا الاتفاق". (نقض مدني في الطعن رقم 221 لسنة 47 قضائية – جلسة 5/5/1982).

وفيما عدا الأحكام الواردة بقانون إيجار الأماكن، فإن العلاقة بين المالك الجديد والمستأجر تخضع لأحكام القانون العام، فلا يجوز للمستأجر أن يتمسك بما عجله من الأجرة قِبل من انتقلت إليه الملكية إذا أثبت هذا أن المُستأجر وقت الدفع كان يعلم بانتقال الملكية أو كان من المفروض حتماً أن يعلم بها، فإذا عجز من انتقلت إليه الملكية عن الإثبات فلا يكون له إلا الرجوع على المؤجر (المالك القديم – طبقاً لنص المادة 606 من القانون المدني).

وينبني على ما تقدم، أن قيام المالك الجديد بتحرير عقد إيجار باسمه مع المستأجر لا يعني قيام علاقة إيجارية جديدة بل يعتبر استمراراً للعلاقة الايجارية ذاتها. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1969 – الذي تخضع له واقعة النزاع – على أنه "استثناء من حكم المادة 604 من القانون المدني تسري عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على تاريخ انتقال الملكية"، يدل على أن عقد الإيجار يظل سارياً في حق المالك الجديد بذات شروطه دون حاجة لتحرير عقد إيجار جديد وأن قيام المالك الجديد بتحرير عقد إيجار باسمه مع المستأجر لا يعني قيام علاقة إيجارية جديدة، بل يعتبر استمراراً للعلاقة الإيجارية ذاتها". (نقض مدني في الطعن رقم 388 لسنة 49 قضائية – جلسة 10/5/1984).

وبديهي فإنه يُشترط لسريان الإيجار في حق المالك الجديد أن يكون الإيجار عقداً جدياً لا عقداً صورياً، صحيحاً وليس باطلاً، وعلى المالك الجديد يقع عبء إثبات صورية العقد أو عدم صحته.

وحتى ولو كان عقد الإيجار جدياً وصحيحاً، فإنه يجوز للمالك الجديد أن يثبت أن تاريخه العرفي غير صحيح، وأن الإيجار صادر من المالك القديم بعد صدور التصرف الناقل للملكية، فلا يسري الإيجار في حقه.

ولا يكفي قيام علاقة بين المالك القديم والمستأجر لإثبات الصورية أو التواطؤ على تقديم التاريخ، فإذا كان المستأجر هو أبن للمالكة القديمة فهذه القرابة لا تمنع من أن يكون عقد الإيجار جدياً، وأن يكون تاريخه العرفي صحيحاً، ومن ثم يسري في حق المالك الجديد.

وهذا الاستثناء لا يسري في حق المالك الجديد إلا بالنسبة لما كان قائماً من المباني فعلاً وقت انتقال الملكية إليه.

(المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة عشر 2001 القاهرة – البنود من 52 : 54 – صـ 242 : 250).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض


( 1 ) ويُعتبر التاريخ ثابتاً طبقاً للمادة 15 من قانون الإثبات:

1- من اليوم أن يُقيد بالسجل المُعد لذلك.

2- من يوم أن يثبت مضمونه في ورقة أخرى ثابتة التاريخ.

3- من يوم أن يؤشر عليه موظف عام مختص.

4- من يوم وفاة أحد ممن لهم على المُحرر أثر مُعترف من خط أو إمضاء أو بصمة أو من يوم أن يُصبح مستحيلاً على أحد من هؤلاء أن يكتب أو يبصم لعلة في جسمه.

5- من يوم وقوع أي حادث آخر يكون قاطعاً في أن الورقة قد صدرت قبل وقوعه.

نبذة عن إنتهاء حق الحكر في القانون المصري

الحكر هو أحد الحقوق المُتفرعة عن حق الملكية. وكان عقد الحكر يكتسب به المًحتكر حقاً عينياً على أرض موقوفة يخوله الانتفاع بإقامة بناء عليها أو باستعمالها للغرس أو لأي غرض آخر وذلك مُقابل أُجرة مُعينة. وهذا التعريف هو ما ورد في مشروع القانون المدني، ولكن لجنة مجلس الشيوخ رأت حذفه لوضوحه. وقد تضمنت المواد من 999 حتى 1014 من القانون المدني الأحكام المُنظمة للحكر. (المصدر: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للسنهوري – الجزء السادس – صـ 1449).

وقد شرع عقد الحكر أساساً بهدف تعمير أرض الوقف التي خربت ولم يعد ريعها كافياً لإصلاحها أو تعميرها ولم يرغب أحد في استبدالها فيلجأ ناظر الوقف إلى تحكيرها.

ولما كان الحكر، على النحو المُتقدم، يُمثل قيداً خطيراً على الملكية مما يجعل أمر الاستغلال أو التصرف في العين المُحكرة من الأمور غير الميسورة، بل أن البعض وصف الأحكار بأنها ملكية فوق الملكية الأصلية تتداخل معها وتعطلها. ونظراً لتغير الظروف الاقتصادية التي أصبح معها تعمير العين المحكورة أو استبدالها ميسوراً في مدة أقصر من المدة التي كان يقتضيها تحقيق هذين الغرضين في الماضي، لذلك بدأ المشرع في وضع سياسة تهدف إلى الحد من انتشاره والتضييق منه.

ونظراً لأن في بقاء هذه الأحكار - بما تُمثله من قيد على ملكية الوقف الخيري للأعيان المُحكرة – ما يحول بين الوقف وبين استغلال تلك الأعيان الاستغلال الأمثل الذي يعود بالفائدة على مجالات الخير الواسعة التي توجه إليها أموال الأوقاف الخيرية، لذلك فقد توالى صدور عدة قوانين مُتعاقبة بقصد الانتهاء من تصفية حق الحكر على الأعيان الموقوفة بدءاً من القانون رقم 649 لسنة 1953 ثم القانون رقم 295 لسنة 1954 ثم القانون رقم 92 لسنة 1960.

وكانت عناية المُشرع بإصدار تلك القوانين المُتعاقبة كلها تتوخى تصفية الأحكار الموجودة وذلك خلال أجل مُعين، ولكن الإخفاق حالفها دائماً بسبب تعدد اللجان التي تتولى عمليه إنهاء الأحكار ومنها لجنة التثمين ثم لجنة الأحكار ثم اللجنة العليا للأحكار ثم لجنة القسمة، مما حمل المُشرع على دمجها جميعاً في لجنة واحدة فقط هي "اللجنة القضائية للأحكار" المنصوص عليها بالمادة الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 بشأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة والتي تنص على أن: " تختص هذه اللجنة دون غيرها بما يأتي 1- تحديد المُحتكر أو المُنتفع الظاهر للأراضي الذي انتقل إليه حق الحكر من المُحتكر أو خلفه 2- تقدير ثمن الأرض 3- تقدير ثمن ما على الأرض من بناء أو غِراس وفقاً لما تقضي به المادة 1010 من القانون المدني"، ولقد حرص هذا القانون الأخير (رقم 43 لسنة 1982) على تخويل تلك اللجنة القضائية الوحيدة كافة الاختصاصات بالفصل في جميع المُنازعات الناشئة عن هذا القانون بالإضافة إلى اختصاصها دون غيرها بفحص المُستندات المُقدمة من المُحتكر وهيئة الأوقاف المصرية وبتحديد حقوق كل من الطرفين بصفة كاملة، مع جواز الطعن في قراراتها أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها العقار محل النزاع. وهو ما يُؤكد حقيقة أن الأحكار بطبيعتها تتمخض عبئاً ثقيلاً على الملكية وأن المُشرع حرص على التخلص منها من خلال تنظيم خاص، وعلى ضوء قواعد مُيسرة إرتأها كافية للفصل في الحقوق المُتعلقة بها، وتسويتها بصفة نهائية.

أسباب إنهاء الحكر:

نص التقنين المدني على انتهاء الحكر بأحد أسباب خمسة هي:

انقضاء الأجل المُعين له.

موت المُحتكر قبل أن يبني أو يغرس.

زوال صفة الوقف عن الأرض المُحكرة.

الفسخ بسبب عدم دفع الأجرة ثلاث سنين متوالية.

عدم استعماله مدة طويلة.

ويجوز أن ينقضي الحكر بأسباب أخرى مثل:

اتحاد الذمة.

نزع ملكية الأرض المُحكرة.

الفسخ بسبب إخلال المحتكر بإلتزامه بتحسين الأرض المُحكرة.

صدور قرار من وزير الأوقاف بإنهاء الحكر وفقاً لأحكام القانون رقم 649 لسنة 1953 والذي حل محله القانون رقم 295 لسنة 1954، أو القانون رقم 92 لسنة 1960 الذي استبدل بهذا الأخير، أو القانون رقم 43 لسنة 1982 المعمول به الآن. (المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: "العقود المسماة" – المجلد الثاني: "عقد الإيجار" – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 333 – صـ 933).

إنهاء الحكر بقرار من وزير الأوقاف:

كانت المحاكم الشرعية تقضي بأن لها متى تبينت أن عقد الحكر من شأنه الإضرار بالوقف أن تحكم هي في أي وقت بإنهائه.

وقد رأى المشرع بعد صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 الذي حل الأوقاف الأهلية ولم يبق إلا الأوقاف الخيرية. وبعد أن أصبح معظم الأحكار منحصراً في الأوقاف الخيرية وأغلبها في نظارة وزارة الأوقاف، رأي المُشرع تمكيناً لهذه الوزارة من النهوض بالأعيان الموقوفة وتمشياً مع النهج الذي سار عليه عند وضع التقنين المدني الحالي من التضييق من الحكر والحد من مدته وتسهيل إنهائه أن يُجيز إنهاء الحكر كلما اقتضت مصلحة الوقف ذلك. فأصدر المُشرع العديد من القوانين بهذا الشأن وكان آخرها القانون رقم 43 لسنة 1982 الصادر بتاريخ 13 يونيو سنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة( 1 )، وقد فرق هذا القانون الأخير بين الحكر في الأعيان الموقوفة الخالية من أي بناء أو غراس عند العمل بهذا القانون، وبين الحكر في الأعيان الموقوفة المشغولة في تاريخ بدء العمل بهذا القانون ببناء أو غراس.

أما الأول: فقد نصت المادة الأولى من القانون المذكور على أن يُعتبر منتهياً دون تعويض، وتعتبر الأرض ملكاً خالصاً لجهة الوقف ولا يُعتد بأي بناء أو غراس تقام في الأرض الفضاء المحكرة بعد العمل بهذا القانون، ويتم ذلك كله بقوة القانون ابتداء من 18 يونيو 1982 تاريخ بدء العمل بالقانون 43 لسنة 1982.

وأما الثاني: وهو الحكر في الأعيان الموقوفة المشغولة بغراس أو بناء في تاريخ 18 يونيو 1982 فقد نصت المادة الثانية من القانون على أن ينتهي بقرار يصدره وزير الأوقاف ويختص مالك الرقبة بثلاثة أرباع ثمن الأرض والمحتكر بباقي ثمنها، وذلك بالإضافة إلى الأقل من ثمن البناء أو الغراس مستحقي الإزالة أو البقاء.

وقد نصت المواد من الثالثة إلى الرابعة عشر من القانون 43 لسنة 1982 سالف الذكر على الإجراءات التي تتبع في حالة إنهاء الحكر بقرار من وزير الأوقاف عملاً بالمادة الثامنة من القانون أي في غير حالة إنهاء الحكر بقوة القانون المنصوص عليها في المادة الأولى. وأول هذه الإجراءات (بعد صدور قرار من وزير الأوقاف بإنهاء الحكر) هي وجوب نشر قرار وزير الأوقاف الصادر بإنهاء الحكر في الوقائع المصرية وفي جريدتين يوميتين ولصقها لمدة أسبوع على العقار وإعلانه إلى المحتكر أو واضع اليد الظاهر، ووجوب تضمين الإعلان اسم الوقف مالك الرقبة والمحتكر طبقاً لما هو ثابت في سجلات الأوقاف، أو واضع اليد الظاهر، مع بيان العقار ومساحته ومنطقة الأوقاف التابع لها، وإخطار مكتب الشهر العقاري المختص بصورة من القرار المذكور لقيده في سجل خاص (المادة الثالثة من القانون). (المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: "العقود المسماة" – المجلد الثاني: "عقد الإيجار" – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 343 – صـ 942 وما بعدها).

تصقيع الأرض المحكرة:

تنص المادة 1004 من القانون المدني على أنه: "1- لا يجوز التحكير بأقل من أجرة المثل. 2- وتزيد هذه الأجرة أو تنقص كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً جاوز الخُمس زيادة أو نقصاً، على أن يكون قد مضى ثماني سنوات على آخر تقدير".

كما تنص المادة 1005 من القانون المدني على أنه: "يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى ما للأرض من قيمة ايجارية وقت التقدير، ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها بغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غراس، ودون اعتبار لما أحدثه المحتكر فيها من تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو صقع الجهة، ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار".

كما تنص المادة 1006 من القانون المدني على أنه: "لا يسري التقدير الجديد إلا من الوقت الذي يتفق الطرفان عليه، وإلا فمن يوم رفع الدعوى".

فالقانون المدني نظم الحكر، وأقر بالتصقيع فيه (زيادة أو نقصان) بشرط أن تكون الأجرة قد (زادت أو نقصت) بما يجاوز الخمس، مع قواعد التقدير الذي حددتها المادة 1005 سالفة الذكر، وبشرط أن يكون قد مرت ثماني سنوات على الأقل على آخر تقدير أو تصقيع للعين المحكرة، ولكن يُشترط اتفاق الطرفين على قيمة الزيادة أو النقصان فالعملية تتم باتفاق الطرفين وليس بالإرادة المنفردة لأيهما. وفي حالة عدم الاتفاق يتم رفع الأمر إلى القضاء للفصل فيه وتقدير الزيادة أو النقصان وإلزام الطرفين بها.

وإذا كان عقد التحكير الخاضع للقانون المدني قد اتفق فيه الطرفان على شروط أخرى بأن يكونا مثلاً قد اتفقا وتراضيا على أن يكون للمالك المؤجرة الحق في تصقيع الأجرة كل فترة زمنية محددة (تزيد أو تنقص عن الفترة التي حددها القانون المدني) وبقبول المحتكر لتلك الزيادة بدون مناقشة أو معارضة أو اعتراض منه، ففي هذه الحالة يكون من حق المؤجر المحكر أن يصقع العين المؤجرة المحكرة كل فترة وبالقدر الذي اتفقا عليه في عقد الحكر، وإلا فتطبق القواعد سالفة الذكر.

مع الأخذ في الاعتبار أنه لا عبرة (قانوناً) بزيادة أجرة المثل التي تكون ناشئة عن بناء المحتكر أو غراسه، وإنما العبرة بالزيادة الراجعة إلى الأرض في ذاتها لكثرة رغبات الناس في صقعها. (المصدر: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث: في العقود المسماة – المجلد الثاني: عقد الإيجار – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند رقم 331 – صـ 921 وهامش رقم 16 بذات الصفحة). حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض: "أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء، وأن لا يلاحظ فيه (في التقدير) سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها وأن يُصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر، وأن لا يكون لحق البقاء والقرار الذي للمحتكر تأثير في التقدير". (نقض مدني 14 يونيه 1934 المجموعة 35-512-207. المصدر: المرجع السابق – صـ 926 : 928).

ولا يسري التقدير الجديد إلا من الوقت الذي يتفق الطرفان عليه، وإلا فمن يوم رفع الدعوى (المادة 1006 مدني).

وتكون الأجرة مستحقة الدفع في نهاية كل سنة ما لم ينص عقد التحكير على غير ذلك (المادة 1003 مدني).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض


( 1 ) وقد تم نشر القانون في الجريدة الرسمية في العدد 24 الصادر في 17 يونيو 1982 وأصبح واجب العمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره، أي من 18 يونيو 1982 (المادة 16 من القانون).

حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني

حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني:

من المسلم به قانوناً أنه إذا صدر في الدعوى الجنائية حكماً باتاً قبل رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية؛ أو عندما توقف المحكمة المدنية الفصل في الدعوى المدنية المنظورة أمامها لحين صدور حكم بات في الدعوى الجنائية المنظورة أمام المحكمة الجنائية، ثم يصدر هذا الحكم أثناء نظر الدعوى المدنية، فإن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية، سواء كان صادراً بالبراءة أو الإدانة وذلك فيما يتعلق بإثبات وقوع الجريمة وبوصفها القانوني وكذلك بنسبتها إلى مرتكبها. ومعنى ذلك أن المحكمة المدنية تلزم بالتسليم بهذا الحكم الجنائي وأن ترتب عليه نتائجه المدنية سواء بالحكم بالتعويض أو برفض التعويض، وهذا هو المقصود بحجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني.. وعلى هذا نصت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية بأن: "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية في الدعاوى التي لم تكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون". ويلاحظ أن المقصود بالمحاكم المدنية هنا جميع المحاكم غير الجنائية، فتكون للحكم الجنائي حجيته أمام المحاكم الإدارية والتأديبية وغيرها.

ويرجع تقرير حجية الحكم الجنائي على القضاء المدني إلى أن سلطات القضاء الجنائي أوسع في التثبت من حصول الواقعة في حق المتهم ذلك أن المحاكمة الجنائية يسبقها عادة تحقيق مفصل، فمن الطبيعي أن تكون النتائج التي ينتهي إليها القضاء الجنائي أقرب إلى الحقيقة من أية نتيجة يمكن أن ينتهي إليها قضاء آخر، ومن جهة أخرى، فإن الدعوى الجنائية ملك للمجتمع بأسره وترفع باسمه، ولذلك كان من الضروري أن يكون الحكم الصادر فيها حجة على الكافة. فضلاً عن أنه ليس من المصلحة حصول تضارب في الأحكام، فيصدر القاضي الجنائي حكماً ثم يصدر القاضي المدني حكماً آخر على خلافه. (المصدر: "شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية" – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – طبعة نادي القضاة 2003 القاهرة – والكتاب حاصل على جائزة الدولة التقديرية – بند 783 و 784 – صـ 1161 و 1162).

شرط الحجية:

يُشترط لكي يكون للحكم الجنائي حجية أمام القضاء المدني أن يكون الحكم الجنائي قد صدر باتاً من محكمة قضائية مصرية فاصلاً في موضوع الدعوى الجنائية.

والواقع أن هذا الشرط هو نفس شرط حجية الحكم الجنائي الذي يمنع القاضي الجنائي من إعادة نظر دعوى سبق صدور حكم فيها، باستثناء وحدة الخصوم والموضوع، فحجية الحكم الجنائي على المدني قائمة مع اختلاف الخصوم والموضوع، ولا يُشترط سوى وحدة الواقعة التي قامت عليها كل من الدعويين الجنائية والمدنية. فمن الأصول المُقررة أن للأحكام الجنائية مطلق الحجية بمعنى أنها ملزمة للكافة لتعلقها بحريات الأفراد وسلامتهم، وهو أمر يمس مصلحة المجتمع، ولذلك لا يجوز للمحكمة المدنية إذا ما عرضت عليها ذات الواقعة التي فصل فيها الحكم الجنائي وكان فصله فيها ضرورياً أن تشكك أو تعيد النظر فيها ولو كانت الدعوى المدنية مرفوعة على من لم يكن ممثلاً في الدعوى الجنائية. (المرجع السابق – بند 785 – صـ 1163. وأنظر كذلك: للدكتور رءوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية – سنة 1989 – صـ 255).

نطاق الحجية:

تتحد نطاق حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني على النحو التالي:

أن تكون الدعوى المدنية مرفوعة أمام المحكمة المدنية: فلا حجية للحكم الجنائي على الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية بالتبعية لدعوى جنائية منظورة أمامها.

وحدة الواقعة: لا تسري حجية الحكم الجنائي أمام القاضي المدني إلا في حدود الواقعة التي فصل فيها الحكم الجنائي، فيجب أن تكون الواقعة التي فصل فيها هذا الحكم الجنائي، هي ذات الواقعة التي رفعت الدعوى المدنية أمام القاضي المدني بطلب التعويض عن الأضرار التي سببتها. ويقصد بوحدة الواقعة وحدة الفعل المادي وهي العلة التي تقررت من أجلها قاعدة حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني. وقد قضي بأنه: "إذا كان الثابت من الحكم رقم .... أنه قضى ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة فصل الطاعن من عمله قبل عرض الأمر على اللجنة الثلاثية استناداً إلى أنه لم يقم دليل على أن المطعون ضده الأول قام بفصل الطاعن من عمله، وكان الطاعن لا يماري في أن واقعة الفصل التي تأسس عليها طلب التعويض هي ذاتها التي قضى الحكم الجنائي بعدم قيام الدليل عليها، فإن الحكم الجنائي سالف الذكر يكون قد فصل في قضائه فصلاً لازماً في واقعة هي الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية ويحوز في هذه الواقعة حجية الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية فتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها أن تخالفه أو تعيد بحثه". (نقض مدني في الطعن رقم 717 لسنة 48 قضائية – جلسة 9/1/1984. وكذلك النقض المدني في الطعن رقم 590 لسنة 39 قضائية – جلسة 17/12/1989).

قصر الحجية على مدى ثبوت الواقعة: فإذا تبين أن الواقعة المرفوع بشأنها دعوى التعويض المدني أمام المحكمة المدنية هي نفسها الواقعة الجنائية التي فصل فيها الحكم الجنائي، فتقتصر حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني على ما فصل فيه الحكم الجنائي من حيث ثبوت الواقعة الجنائية المنسوبة للمتهم أو عدم ثبوتها، وفقاً لصريح نص المادة 456/1 من قانون الإجراءات الجنائية. فإذا قضى الحكم الجنائي بالإدانة استناداً إلى ثبوت الواقعة الجنائية المادية في حق المتهم، فإن هذا الحكم يحوز حجية أمام القاضي المدني، ولا يستطيع القاضي المدني أن يرفض الحكم بالتعويض لمن أصابه ضرر من هذه الجريمة بدعوى عدم ثبوت الواقعة. وكذلك إذا قضى الحكم الجنائي بالبراءة، وكان مبنى البراءة انتفاء الواقعة المادية نفسها أو عدم كفاية الأدلة عليها، فتكون للحكم الجنائي حجيته، ويمتنع على المحكمة الحكم بالتعويض المدني. (المصدر: "شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية" – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – المرجع السابق – بند 786 – صـ 1166 و 1167).

تقيد القضاء المدني بالوصف الجنائي للواقعة كما ثبتت في الحكم الجنائي.

فصل الحكم الجنائي في واقعة ضرورية للفصل في الدعوى الجنائية.

"حجية الحكم الجنائي أمام القاضي المدني" من النظام العام:

فالقاعدة التي تقرر حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية متعلقة بالنظام العام. فيجب على المحكمة إعمالها من تلقاء نفسها، ولكل من الخصوم التمسك بها في أية حالة كانت عليها الدعوى، وليس لأحد أن يتنازل عنها. (المصدر: "شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية" – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – المرجع السابق – بند 788 – صـ 1172).

التطبيق: لما كان المستأنف ضده قد سبق له وأن أقام جنحة مباشرة ضد المستأنفة بتهمة عدم تنفيذها لحكم الرؤية الصادر لصالحه (في الدعوى رقم لسنة شرعي الدقي)، وذلك في الجنحة رقم لسنة جنح الدقي والتي قضي فيها بجلسة 6/3/2008 بتغريم المستأنفة بمبلغ مائتي جنيه وإلزامها بأداء تعويض مؤقت للمستأنف ضده قدره واحد وخمسون جنيهاً بالإضافة إلى خمسون جنيهاً أتعاب محاماة وكذلك المصاريف القضائية.

وإذ لم ترتض المستأنفة بذلك الحكم، ومن ثم فقد طعنت عليه بالاستئناف رقم لسنة جنح مستأنف الجيزة، وقد قضي في هذا الاستئناف (بجلسة 22/5/2008) بإلغاء حكم محكمة أول درجة والقضاء مجدداً ببراءة المستأنفة مما أسند إليها وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصروفات.

وقد أسست محكمة الاستئناف قضائها ببراءة المستأنفة ورفض دعوى التعويض المقامة من المستأنف ضده على سند من القول بأنه من المُقرر وجوب إقامة أحكام الإدانة في المواد الجنائية على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين، وأنه يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي به بالبراءة، إذ أن مرجع ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت فيها التي قام الاتهام عليها ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهمة وداخلها الريبة في صحة عناصر الإثبات وتشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهمة ولم تطمئن إليها وقد خلت الأوراق من وجود دليل مقنع يكفي لتكوين عقيدة المحكمة سيما وأنه توجد صعوبة في تنفيذ الرؤية كما جاء بدفاع المتهمة فضلاً عن عدم قيام المدعي بالحق المدني بإعلان المتهمة على وجه رسمي لتنفيذ حكم الروية. ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المتهمة مما أسند إليها عملاً بنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية.

ولما كان هذا الحكم الجنائي قد صدر باتاً من محكمة قضائية مصرية فاصلاً في موضوع الدعوى الجنائية. وكانت الواقعة التي فصل فيها هذا الحكم الجنائي، هي ذات الواقعة التي رفعت عنها الدعوى المدنية أمام القاضي المدني بطلب التعويض عن الأضرار التي سببتها (وهي الدعوى المستأنف حكمها). والمقصود بوحدة الواقعة هو "وحدة الفعل المادي" وهي العلة التي تقررت من أجلها قاعدة حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني.

ولما كان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذا كان الثابت من الحكم رقم .... أنه قضى ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة فصل الطاعن من عمله قبل عرض الأمر على اللجنة الثلاثية استناداً إلى أنه لم يقم دليل على أن المطعون ضده الأول قام بفصل الطاعن من عمله، وكان الطاعن لا يماري في أن واقعة الفصل التي تأسس عليها طلب التعويض هي ذاتها التي قضى الحكم الجنائي بعدم قيام الدليل عليها، فإن الحكم الجنائي سالف الذكر يكون قد فصل في قضائه فصلاً لازماً في واقعة هي الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية ويحوز في هذه الواقعة حجية الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية فتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها أن تخالفه أو تعيد بحثه". (نقض مدني في الطعن رقم 717 لسنة 48 قضائية – جلسة 9/1/1984. وكذلك النقض المدني في الطعن رقم 590 لسنة 39 قضائية – جلسة 17/12/1989).

وكان من المُقرر قانوناً أنه إذا قضى الحكم الجنائي بالبراءة، وكان مبنى البراءة انتفاء الواقعة المادية نفسها أو عدم كفاية الأدلة عليها، فتكون للحكم الجنائي حجيته، ويمتنع على المحكمة الحكم بالتعويض المدني. (المصدر: "شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية" – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – المرجع السابق – بند 786 – صـ 1166 و 1167).

ولما كانت قاعدة حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية متعلقة بالنظام العام. فيجب على المحكمة إعمالها من تلقاء نفسها، ولكل من الخصوم التمسك بها في أية حالة كانت عليها الدعوى، وليس لأحد أن يتنازل عنها.

ومن ثم كان على حكم أول درجة أن يتقيد بحجية الحكم الجنائي المقدم أمام محكمة أول درجة والقاضي ببراءة المستأنفة من التهم التي أسندت إليها لانتفاء الواقعة المادية نفسها وعدم كفاية الأدلة عليها، ومن ثم فما كان للحكم المستأنف أن يخالف الحكم الجنائي النهائي البات ولا أن يعيد بحثه، بل كان عليه أن يتقيد به ويمتنع عن الحكم بالتعويض المدني على النحو السالف بيانه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه والقضاء مجدداً برفض دعوى التعويض، وهو ما تصمم عليه المستأنفة على سبيل الجزم واليقين.

الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها:

وفضلاً عما تقدم، ولما كان من المُقرر قانوناً أنه إذا أقام المضرور دعواه المدنية أمام المحكمة الجزائية بطلب تعويض مؤقت، إلا أنها قضت ببراءة المتهم ورفضت الدعوى المدنية قِبله وأسست قضاءها على ما ثبت لها من انتفاء الخطأ في جانبه، وأصبح هذا الحكم نهائياً، فلا يجوز للمضرور بعد ذلك أن يلجأ للمحكمة المدنية مُطالباً بتعويض آخر عن نفس الفعل ولو لم يكن مؤقتاً، كما إذا طالب به باعتباره جابراً لجميع ما حاق به من ضرر، لأن الحكم الجنائي حاز حجية في أساس نفي الخطأ عن المسئول. (المصدر: "المسئولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري والمستشار الدكتور/ عبد الحميد الشواربي – طبعة 1988 القاهرة – صـ 633).

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الحكم برفض طلب التعويض المؤقت في الإدعاء المدني أمام المحكمة الجنائية تأسيساً على عدم توافر شروط المسئولية التقصيرية يحوز حجية تمتنع معها المطالبة بتعويض آخر على ذات الأساس لأن هذا الحكم هو حكم قطعي حسم الخصومة في الموضوع. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان أن الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها ادعت مدنياً أمام محكمة الجنح بتعويض مؤقت قدره 51 جنيه قِبل المطعون عليها لأن المطعون عليه الثاني وهو تابع للمطعون عليه الأول تسبب خطأ في قتل مورثتهما وقضت محكمة الجنح ببراءته وبرفض الإدعاء المدني بعد أن بحثت عناصر الدعوى من خطأ وعلاقة سببية، ولم تستأنف الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها هذا الحكم وصار نهائياً بالنسبة لها فإنه يحوز حجية في هذا الخصوص ولا يجوز لها إقامة دعوى جديدة بالتعويض على ذات الأساس. ولما كانت الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها قد أقامت الدعوى الحالية بطلب إلزام المطعون عليهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 100000 جنيه تعويضاً عن قتل مورثتهما خطأ وأقام المطعون عليه الأول دعوى ضمان ضد المطعون عليه الثاني، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الإدعاء المدني أمام المحكمة الجنح فإنه لا يكون قد خالف القانون وبالتالي يكون في محله الحكم برفض الاستئناف المرفوع من الطاعنين بتعديل مبلغ التعويض المقضي به. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير سديد". (نقض مدني جلسة 28/6/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – الجزء الأول – صـ 1524).

لما كان ذلك، وكان الحكم برفض طلب التعويض المؤقت في الإدعاء المدني أمام المحكمة الجنائية (في الجنحة المستأنفة برقم لسنة جنح مستأنف الجيزة)، تأسيساً على عدم توافر شروط المسئولية التقصيرية وانتفاء الخطأ في جانب المستأنفة، هذا الحكم يحوز حجية تمتنع معها المطالبة بتعويض آخر على ذات الأساس لأن هذا الحكم هو حكم قطعي حسم الخصومة في الموضوع، ومن ثم كان يتعين القضاء في دعوى التعويض الثانية (المستأنف حكمها) بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم رقم لسنة جنح مستأنف الجيزة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

طلب رفض دعوى التعويض

حيث تنص المادة 232 من قانون المرافعات على الأثر الناقل للاستئناف بقولها أن: "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط".

كما تنص المادة 233 من قانون المرافعات على أنه: "يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى".

فمن المقرر في قضاء النقض أن: "وظيفة محكمة الاستئناف. عدم اقتصارها على مراقبة سلامة التطبيق القانوني. التزامها بمواجهة النزاع بكل ما أشتمل عليه من أدلة ودفوع ودفاع بقضاء يواجه عناصره الواقعية والقانونية. حجب محكمة الاستئناف نفسها عن تمحيص وتقدير أدلة الدعوى اكتفاء بتقدير محكمة أول درجة لها رغم أن الطاعن قد تعرض لها في طعنه. مخالفة للثابت بالأوراق وقصور". (الطعن رقم 1836 لسنة 57 قضائية - جلسة 18/7/1989).

لما كان ذلك، وكان من المستقر عليه أن أركان المسئولية التقصيرية هي:

وجود خطأ من المدين؛

وحدوث ضرر يصيب الدائن؛

وعلاقة سببية ما بين الخطأ والضرر؛

فبالنسبة لشرط الخطأ، فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "استخلاص الفعل الذي يؤسس عليه طلب التعويض وإن كان يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق وأن تكييف هذا الفعل بأنه خطـأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض". (نقض مدني في الطعن رقم 2273 لسنة 57 قضائية – جلسة 7/11/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 29 – فقرة 3).

فضلاً عن أنه – وكما سبق بيانه – إذا كان الحكم الجنائي الصادر ببراءة المستأنفة من التهم التي أسندت إليها وبرفض الدعوى المدنية المقامة من المستأنف ضده، كان قد أقام قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على انتفاء ركن الخطأ وعدم كفاية الأدلة، فإنه يتعين على المحكمة المدنية أن تلتزم بحجية هذا الحكم ويمتنع عليها أن تعيد بحث ركن الخطأ. (نقض مدني في الطعن رقم 935 لسنة 75 قضائية – جلسة 11/12/2005. مشار إليه في مرجع: "دعوى التعويض عن المسئولية التقصيرية" – للمستشار/ سيد خلف محمد – الطبعة الأولى 2008 القاهرة – صـ 489).

الخلاصة: طالما انتهى الحكم الجنائي النهائي والبات إلى انتفاء ركن الخطأ وقضى ببراءة المستأنفة ورفض الدعوى المدنية المقامة من المستأنف ضده، فما كان يجوز لمحكمة أول درجة ولا لغيرها من المحاكم المدنية أن تعيد بحث ركن الخطأ مرة أخرى من جديد.

وبالنسبة لشرط الضرر، فمن المُقرر في قضاء النقض أنه: "على المضرور أن يثبت مقدار ما عاد عليه من ضرر حتى يقضى له بالتعويض سواء تمثل الضرر فيما لحقه من خسارة أو ما فاته من كسب يشترط في كلتا الحالتين: أن يكون الضرر محقق الوقوع "وقع فعلاً أو سيقع حتماً" مؤدى ذلك: أنه لا تعويض عن الضرر الاحتمالي". (نقض مدني في الطعن رقم 754 لسنة 26 قضائية – جلسة 14/12/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 577).

أما إذا كان الضرر غير ثابت، ومجرد أقوال مرسلة، وكان حكم أول درجة قد استخلص الضرر المزعوم من مصدر لا وجود له، والموجود من المستندات يفيد عكس ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه ومخالف لما أثبته، بما يستوجب إلغاؤه، والقضاء مُجدداً برفض الدعوى.

وبالنسبة لعلاقة السببية، فمن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إن كان استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض، إلا أن ذلك مشروط بأن تورد الأسباب السائغة المؤدية إلى ما انتهت إليه". (نقض مدني في الطعن رقم 474 لسنة 41 قضائية – جلسة 29/1/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – الجزء الأول – صـ 356).

واشتراط إيراد الأسباب السائغة المؤدية إلى ما انتهى إليه القاضي مرده أن سلطة قاضى الموضوع في فهم واقع الدعوى ليست سلطة مطلقة، ورأيه في هذا الصدد ليس رأياً قطعياً، وإنما يجد حده في صحة المصدر الذي استقى منه الدليل على وجود ذلك الواقع، بأن يكون دليلاً حقيقياً له أصله الثابت في الأوراق، وليس دليلاً وهمياً لا وجود له إلا في مخيلة القاضي، وفى سلامة استخلاص النتيجة من هذا المصدر، بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً غير مناقض لما أثبته.

ولما كان ذلك العنصر غير متوافر بدوره – على نحو ما سلف وأن بيانه تفصيلاً - فبالتالي تكون جميع عناصر المسئولية التقصيرية للمطالبة بالتعويض قد تخلفت وبالتالي يتعين القضاء برفض الدعوى لانتفاء عناصر المسئولية التقصيرية في حق المستأنفة.

المبالغة في تقدير قيمة التعويض:

تنص المادة 170 مدني على أن: "يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 و 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة".

كما تنص الفقرة الأولى من المادة 221 مدني على أنه: "إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون، فالقاضي هو الذي يقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب ...".

كما تنص الفقرة الأولى من المادة 222 مدني على أن: "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً ...".

مع ملاحظة أن التعويض مقياسُه هو: "الضرر المُباشر". فالتعويض في أي صورة كانت يُقدر بمِقدار الضرر المُباشر الذي أحدثه الخطأ. فالأصل أنه لا يُنظر إلى جسامة الخطأ الذي صدر من المسئول عند تقدير التعويض. وإذا تحققت المسئولية، قُدِرَ التعويض بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ.

فلئن كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أنه من المُقرر قانوناً – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن مناط استقلال قاضي الموضوع بتقدير قيمة التعويض أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ له أصوله الثابتة بالأوراق ومبرراته التي يتوازن بها التعويض مع الضرر الواقع.

حيث تواتر قضاء النقض على أنه: "إذ كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضى الموضوع، إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردودا إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئاً مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 307 لسنة 58 قضائية – جلسة 25/12/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 1650 – فقرة 1).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض على أن: "التعويض يُقدر بقدر الضرر، و لئن كان هذا التقدير من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضى الموضوع، فإن تعيين العناصر المكونة قانوناً للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض، لأن هذا التعيين من قبيل التكييف القانوني للواقع". (نقض مدني في الطعن رقم 5 لسنة 16 قضائية – جلسة 17/4/1947 مجموعة عمر – 5ع – صـ 398 – فقرة 3).

ومن ثم، تلتمس المستأنفة – على سبيل الاحتياط الكلي – من عدالة محكمة الاستئناف الموقرة إعادة النظر وإعادة تقدير قيمة التعويض الذي قضت به محكمة أول درجة والتي بالغت فيه بدرجة كبيرة جداً، لا سيما وأن الثابت بالأوراق أن المستأنف ضده تعمد ذكر عنوان والده في الإسكندرية ليضفي نوعاً من المشقة في الانتقال من الإسكندرية إلى الدقي وتكبده مصاريف في سبيل ذلك، بينما الثابت بالأوراق المقدمة لمحكمة أول درجة أن المستأنف ضده يعمل بالقاهرة ويقيم في محافظة حلوان، ومن ثم فلا يكون ثمة أضرار أو نفقات تكبدها حتى يعوض عنها بمبلغ التعويض الذي قضى به الحكم المستأنف.

لما كان ما تقدم، وكان هذا الاستئناف قد أقيم في الميعاد القانوني ومستوفياً لكافة أوضاعه القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

لكل ما تقدم، ولما ستبديه المستأنفة من أسباب أخرى وأوجه دفاع ودفوع، مع حفظ حقها في إبداء كافة الدفوع الشكلية منها والموضوعية، عند نظر الاستئناف الماثل بالجلسات، في مرافعاتها الشفوية ومذكراتها المكتوبة. ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس المستأنفة القضاء لها في الاستئناف الماثل بطلباته التالية:

هذا والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

من مذكرة دفاع في طعن أحكار

تشكيل واختصاصات اللجنة القضائية للأحكار:

تنص المادة الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة (والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 25 بتاريخ 24/6/1982)، على أن: "تشكل لجنة قضائية بكل منطقة (من مناطق هيئة الأوقاف المصرية) من رئيس محكمة يندبه وزير العدل تكون له الرئاسة، ومن أربعة أعضاء يمثلون كلا من الملكية العقارية والشئون القانونية بهيئة الأوقاف المصرية والهيئة المصرية العامة للمساحة ومصلحة الشهر العقاري بحيث لا تقل درجة كل منهم عن الدرجة الثانية، وتختار كل جهة من يمثلها، وتختص هذه اللجنة دون غيرها بما يأتي:

تحديد المحتكر أو المنتفع الظاهر للأراضي الذي انتقل إليه حق الحكر من المحتكر أو خلفه.

تقدير ثمن الأرض.

تقدير ثمن ما على الأرض من بناء أو غراس وفقاً لما تقضي به المادة 1010 من القانون المدني.

فرز حصة للمحتكر من الأرض تعادل التعويض المقرر له إذا كانت الأرض تقبل القسمة عيناً.

الفصل في كافة المنازعات التي تنشأ عن تطبيق هذا القانون ...".

جهة الطعن على قرارات اللجنة، ومواعيده:

وتنص المادة السادسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 سالف الذكر، على أنه: "لذوي الشأن ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الطعن في قرارات اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة السابقة أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها. ويكون الحكم الصادر في الطعن من المحكمة الابتدائية نهائياً غير قابل للطعن بأي وجه من أوجه الطعن".

الدفع بسقوط الحق في الطعن وعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد:

لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن قرار اللجنة القضائية للأحكار قد صدر في تاريخ 30/6/2003 وهو حضورياً في حق المدعين، فضلاً عن أنه قد تم إخطارهم به قانوناً في تاريخ 2/7/2003، ومن ثم يسري ميعاد الطعن وهو ثلاثين يوماً من تاريخ صدور قرار اللجنة القضائية للأحكار في 30/6/2003، أي يبدأ من تاريخ 1/7/2003 وينتهي في 30/7/2003، وإذ قيد المدعون طعنهم الماثل بعد ذلك التاريخ، فيكون حقهم قد سقط في إقامة الطعن الماثل، ويتعين القضاء بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد.

لما كان ذلك، وكانت المادة السادسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 سالف الذكر، على أنه: "لذوي الشأن ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الطعن في قرارات اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة السابقة أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها. ويكون الحكم الصادر في الطعن من المحكمة الابتدائية نهائياً غير قابل للطعن بأي وجه من أوجه الطعن".

ومفاد ذلك، أنه في الحالات التي تكون فيها المحكمة جهة طعن على قرارات اللجان القضائية فلا بد من النص على ذلك صراحة في القانون، وفي هذه الحالات تكون ولاية المحكمة المختصة مقصورة على النظر في أمر الطعن وقوفاً على ما إذا كان قرار اللجنة مُطابقاً لأحكام القانون أم مُخالفاً له، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز إبداء أسباب أو طلبات جديدة لم تكن محل طعن أمام اللجنة المختصة، إذ أنه ما لم يكن قد سبق عرضه على اللجنة القضائية وبحثته وأصدرت فيه قراراً لا يجوز طرحه أمام محكمة الطعن، ويترتب على ذلك أيضاً أن ما لم يتم عرضه على محكمة الطعن يحوز قرار اللجنة بشأنه قوة الأمر المقضي. كما أن الطعن في هذه الحالات يتعين أن يقيمه صاحب المصلحة في خلال المدة القانونية وإلا قضي بسقوط حقه في الطعن.

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "بحث ما إذا كان الاستئناف قد أقيم في الميعاد المقرر قانوناً لرفعه أو بعد ذلك هو من المسائل التي تقضى فيها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم تكن مثار نزاع بين الخصوم باعتبارها من النظام العام فإذا ما تبين لمحكمة الاستئناف رفعه بعد الميعاد قضت بسقوط الحق فيه وفقاً للمادة 215 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم المستأنف صدر حضورياً في 18/1/1986 فإن ميعاد استئنافه يبدأ سريانه من تاريخ صدوره وينتهي في يوم الخميس 27/2/1986 وإذ خلت الأوراق من دليل يقيني على أن هذا اليوم صادف عطلة رسمية توقف فيها العمل بالمحاكم أو أنه تحقق فيها أمر غير مألوف يستحيل توقعه مما يعد في ذلك قوة قاهرة أو حادث مفاجئ ـ حتى يمتد ميعاد الاستئناف تبعاً لذلك كما يقول الطاعن، وكان الطاعن لم يرفع استئنافه إلا في 1/3/1986 بإيداع صحيفته قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة متجاوزاً الميعاد الذي قرره القانون فإن حقه في الاستئناف يكون قد سقط وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط الحق في الاستئناف فإنه يكون قد وافق صحيح القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 888 لسنة 57 قضائية – جلسة 21/2/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 662).

ومن ثم فتكون الدعوى الماثلة للطعن على قرار اللجنة القضائية للأحكار سواء بإحالة ملف مادة الحكر لهيئة الأوقاف المصرية لإجراء شئونها فيه أو بطرح عقار التداعي للبيع بالمزاد العلني، تكون هذه الدعوى غير مقبولة شكلاً لسقوط حق المدعين فيها لإبدائه بعد المواعيد القانونية المقررة للطعن على قرارات اللجان القضائية للأحكار. وعليه يتعين القضاء بسقوط حق المدعين في الطعن الماثل.

جحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعين:

قدم المدعون صوراً ضوئية لمستنداتهم بحوافظ مستنداتهم المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة، وإذ تتمسك هيئة الأوقاف المصرية بجحد كافة تلك الصور الضوئية المُقدمة من المدعين في الطعن الماثل.

ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "القانون لم يشترط طريقاً مُعيناً يتعين على من يُنكر التوقيع على المُحرر العرفي إتباعه إذ يكفي إبداء الدفع بالإنكار صراحةً حتى تسقط عن المُحرر حجيته في الإثبات إعمالاً لنص المادة 14/1 من قانون الإثبات". (نقض مدني في الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/5/1980).

وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور".

وهدياً بما تقدم، ولما كان المدعون قد جاءت مُستندات طعنهم الماثل خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية قد جحد تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات، بما كان يتعين معه الالتفات بالكلية عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية. ورفض الطعن الماثل لعجز المدعين عن إثبات مزاعمهم فيه.

ندفع بعدم قبول طلبات التدخل أو إبداء طلبات جديدة في مرحلة الطعن:

في التدخل الهجومي أمام محكمة الطعن (الاستئناف):

تنص المادة 236 من قانون المرافعات على أنه: "لا يجوز في الاستئناف إدخال من لم يكن خصماً في الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف ما لم ينص القانون على غير ذلك. ولا يجوز التدخل فيه إلا ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخصومة في الاستئناف تتحدد بمن كان مختصماً أمام محكمة الدرجة الأولى والمناط في تحديد الخصم هو بتوجيه الطلبات منه أو عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 1660 لسنة 51 قضائية – جلسة 28/11/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 39 – صـ 1241. وفي الطعن رقم 2451 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/3/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 39 – صـ 516).

وقد تواتر قضا النقض على أن: "مفاد نص المادة 236 من قانون المرافعات أن أطراف الخصومة بالنسبة للاستئناف تتحدد بالحكم الصادر من محكمة أول درجة فلا يقبل الاستئناف إلا ممن كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم بشخصه أو بمن ينوب عنه". (نقض مدني في الطعن رقم 2090 لسنة 60 قضائية – جلسة 11/1/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 156).

حيث أن المستقر في قضاء النقض أنه: "إذا كان الطاعن - وإن وصف تدخله في الاستئناف - بأنه انضمامي ولم يطلب صراحة الحكم لنفسه بحق ذاتي إلا أنه بنى تدخله على ادعائه ملكية العين المتنازع عليها في الدعوى الأصلية وذلك استناداً منه إلى عقد بيع مسجل صادر إليه من نفس البائع في تلك الدعوى وإلى أنه - أي الطاعن - وقد سبق وسجل عقده قبل أن يسجل هذا المدعى صحيفة دعواه الخاصة بصحة التعاقد فإن الملكية تكون قد انتقلت إليه وبالتالي تكون الدعوى واجبة الرفض لعدم الجدوى منها، فإن تدخل الطاعن على أساس من هذا الإدعاء يكون في حقيقته وبحسب مرماه تدخلاً هجومياً لا انضمامياً، ذلك أنه لم يطلب صراحة الحكم لنفسه بالملكية إلا أنها تعتبر مطلوبة ضمناً بتأسيس تدخله على ادعائها لنفسه كما أن الفصل في موضوع هذا التدخل - في حالة قبوله - يقتضي بالضرورة بحث ما إذا كان مالكاً للعين محل النزاع أو غير مالك لها وسواء ثبت صحة دعواه أو فسادها فإن القضاء في الدعوى لابد أن ينبني على ثبوت حق الملكية له أو على نفيه عنه ويكون هذا القضاء حكماً له أو عليه في شأن هذه الملكية في مواجهة الخصوم في الدعوى ويحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة له ولهم. ويترتب على قبول هذا التدخل في الاستئناف أن يحرم الخصوم من حقهم في عرض النزاع في شأن ملكية المتدخل على درجتين وهو ما حرص المشرع على تفاديه بعدم إجازته التدخل الهجومي لأول مرة في الاستئناف". (نقض مدني في الطعن رقم 289 لسنة 32 قضائية – جلسة 19/5/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 1189 – فقرة 2).

وهذه التدخلات تعتبر طلبات جديدة تبدى لأول مرة أمام محكمة الطعن (الاستئناف):

تنص المادة 235/1 من قانون المرافعات على أنه: "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف، وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 235 من قانون المرافعات على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها، ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات، وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه، ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد"؛ يدل على أن المشرع اعتبر عدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقا بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو طلب جديد أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة البيان ويعتبر الطلب جديدا ولو تطابق مع الطلب الآخر بحيث لا يكون هو ذات الشيء السابق طلبه فلا تعد المطالبة بمبلغ من النقود هو ذات طلب مبلغ آخر منها بمجرد قيام التماثل بينهما متى كان من الممكن أن ترفع به دعوى جديدة دون الاحتجاج بحجية الحكم السابق ومن ثم فإن طلب التعويض عن الضرر الأدبي المرتد (الموروث) مستقل بذاته عن الضرر الأدبي الشخصي ومغاير فلا يجوز قبوله لأول مرة أمام محكمة الاستئناف بمقولة أنه قد تضمنه مبلغ التعويض الذي طلبه المضرور أمام محكمة أول درجة". (نقض مدني في الطعن رقم 1995 لسنة 61 قضائية – جلسة 21/4/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 685 – فقرة 7. وفي الطعنين رقمي 990 و 997 لسنة 57 قضائية – جلسة 28/11/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1722 – فقرة 3).

حيث تواتر قضاء النقض على أنه: "لئن كان النص في المادة 235 من قانون المرافعات على أنه لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويض بعد تقديم هذه الطلبات ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد، يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع اعتبر الدفع بعدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقا بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو طلب جديد أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة البيان ويعتبر الطلب جديدا ولو لم يتغير عن موضوع الطلب المبدى أمام محكمة أول درجة متى كان يجاوزه في مقداره إلا أنه استثنى من ذلك التعويضات التي أجازتها الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر وهى التعويضات التي طرأ عليها ما يبرر زيادتها عما حددت به في الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وذلك نتيجة تفاقم الأضرار المبررة للمطالبة بها". (نقض مدني في الطعن رقم 4798 لسنة 61 قضائية – جلسة 28/7/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 887).

وهدياً بما تقدم، ولما كان الطعن الماثل يعد بمثابة استئناف لقرار اللجنة القضائية للأحكار، والحكم الذي ستصدره عدالة المحكمة الموقرة بشأنه سيكون – طبقاً للقانون رقم 43 لسنة 1982 سالف الذكر – حكماً نهائياً لا يقبل الطعن عليه بأي من طرق الطعن العادية أو الغير عادية، ومن ثم في يجوز قبول تدخل الخصوم المتدخلين هجومياً – لأول مرة – في الطعن الماثل، من دون أن يكونوا مختصمين في المنازعة التي كانت منظورة أمام اللجنة القضائية للأحكار. فضلاً عن أن طلباتهم في الطعن الماثل تعد بمثابة طلبات جديدة في الاستئناف لا يجوز قبولها. وعليه يتعين القضاء بعدم قبول تدخلهما هجومياً في الطعن الماثل لهذه الأسباب المتعلقة بالنظام العام والذي تقضي به عدالة المحكمة الموقرة من تلقاء نفسها.

سلطة محكمة الموضوع في الأخذ بتقارير الخبراء المودعة بملف الطعن الماثل:

لما كان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "من المقرر أن محكمة الموضوع متى رأت الأخذ بتقرير الخبير وأحالت إليه للأسباب التي أستند إليها فتعتبر نتيجة التقرير وأسبابه جزءاً مكملاً لأسباب الحكم". (نقض مدني في الطعن رقم 31 لسنة 40 قضائية - 25/2/1976 س 27 صـ 494).

ومن المقرر في قضاء النقض أن: "لمحكمة الموضوع الأخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه متى كانت الأدلة والقرائن التي أستند إليها لها أصلها بالأوراق. تقدير الأدلة من سلطة قاضى الموضوع متى كانت مستمدة من أوراق الدعوى ومستخلصة استخلاصاً سائغاً. لا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها". (نقض مدني في الطعن رقم 566 لسنة 48 قضائية - جلسة 4/1/1983).

وكذلك تواتر قضاء النقض على أن: "تقدير الدليل من اطلاقات محكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمـــة النقض متى أسست قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، ولا تثريب على محكمة الموضوع إن هي عولت في قضاءها على تقرير الخبير متى اقتنعت بكفاية الأبحاث والأسس التي بنى عليها تقريره". (نقض مدني في الطعن 413 لسنة 48 قضائية - جلسة 12/6/1983).

وقد استقر قضاء النقض على أن: "عمل الخبير وفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها بما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى ما دام قائماً على أسباب لها أصلها في الأوراق وتؤدى إلى ما أنتهي إليه وأن في أخذها بالتقرير محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير دون إلزام عليها بتعقب تلك المطاعن. وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصم إلى طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وبسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه". (نقض مدني في الطعون أرقام 563 و 582 و 676 لسنة 52 قضائية - جلسة 26/12/1985).

لما كان ما تقدم، وكان الثابت بتقارير الخبراء المودعة بملف الدعوى الماثلة أن أرض التداعي هي عبارة عن أرض حكر لوقف السلطان المؤيد الخيري وأن المباني فقط دون الأرض هي ملك المرحوم/ المناديلي وهو المحتكر لها والمباني مكلفة باسمه حتى الآن. وأنه قد صدر بشأن أرض التداعي التابعة لجهة وقف السلطان المؤيد الخيري قراراً من لجنة شئون الأحكار بهيئة الأوقاف المصرية بإنهاء حق الحكر عليها بتاريخ 30/9/1954 ونشر بجريدة الوقائع المصرية بعددها الصادر برقم 127 في تاريخ 5/6/1969 وأخيراً صدر بشأن عقار التداعي قراراً من اللجنة القضائية للأحكار بهيئة الأوقاف المصرية لطرحه بالبيع بالمزاد العلني أرضاً وبناءً وتوزيع ثمنه بين هيئة الأوقاف المصرية مالكة الرقبة وبين من تثبت ملكيته للمباني بالنسب التي حددها القانون رقم 43 لسنة 1982 بشأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة. وعاد التقرير وأوضح مرة أخرى وثالثة بأن ورثة المرحوم/ المناديلي هم ملاك للمباني فقط والمقامة على أرض عقار التداعي وأن هذه الأرض عليها حق حكر لوقف السلطان المؤيد الخيري. ومن ثم فلا تثريب على عدالة المحكمة الموقرة إن هي اعتمدت تقارير الخبراء وقضت في الطعون الماثلة برفضها استناداً إلى تلك التقارير.

تأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه:

وحيث إنه عن موضوع الطعن الماثل، فإنه من المُقرر أنه لا يعيب حكم محكمة ثان درجة أن يعتنق أسباب حكم محكمة أول درجة وأن يحيل إليه دون إضافة متى كان فيه ما يغني عن إيراد أسباب جديدة.

حيث تواتر قضا النقض على أنه: "لا يعيب الحكم الاستئنافي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي ويحيل إليها دون إضافة إذا رأت محكمة الاستئناف أن ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه لا يخرج عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنته أسبابها ولم تر فيه ما يدعوها إلى إيراد أسباب جديدة". (نقض مدني في الطعن رقم 366 لسنة 58 قضائية – جلسة 30/1/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – الجزء الأول – صـ 346).

وقد استقر قضاء النقض على أنه: "لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يعيب الحكم الاستئنافي أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي ويحيل إليها دون إضافة إذا رأت محكمة الاستئناف أن ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنه أسباب حكمها وليس فيه ما يدعوها إلى إيراد أسباب جديدة". (نقض مدني في الطعن رقم 1662 لسنة 52 قضائية – جلسة 29/3/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – الجزء الأول – صـ 478).

كما قضت محكمة النقض بأنه: "لا يعيب الحكم الاستئنافي ـ وعلى ما جرى به بقضاء هذه المحكمة ـ أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي ويحيل إليها دون إضافة". (نقض مدني في الطعن رقم 115 لسنة 43 قضائية – جلسة 15/2/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – الجزء الأول – صـ 234).

وإذ كان ذلك وكان قرار اللجنة القضائية للأحكار الصادر بجلسة 30/6/2003 قد أسس قراره على سند من صحيح القانون فإنه لا تثريب على محكمة الطعن إن هي اعتنقت أسباب ذلك القرار والإحالة إليه دون إضافة.