الأربعاء، 22 يوليو 2009

إبطال عقد إيجار للغلط في صفة جوهرية في المستأجر

إبطال عقد إيجار للغلط في صفة جوهرية في المستأجر
الموضوع

بموجب عقد إيجار محرر في تاريخ 22/5/2002 (والساري اعتباراً من أول يونيو 2002) استأجر المعلن إليهم من الطالب بصفته ما هو الدكان رقم .... بعمارة الأوقاف رقم 145 بشارع شبرا مصر – الساحل – بالقاهرة. نظير أجرة شهرية قدرها 70.35جم (سبعون جنيهاً وخمسة وثلاثون قرشاً) وذلك باعتبار صفة جوهرية في المستأجرين بأنهم ورثة المستأجر الأصلي لتلك العين والمستفيدون من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثهم باعتبار أنهم يمارسون نفس نشاطه السابق طبقاً لعقد إيجاره (ورشة فنية)؛ لا سيما وأنه نص في البند الإضافي من العقد المذكور أن: "هذا العقد امتداداً قانونياً لوالدهم، وهم يمارسون نفس النشاط، لمرة واحدة، وإذا ظهر من له الحق في التعاقد عن الدكاكين فإن العقد المبرم بين الهيئة وبين الورثة يُعد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو حكم قضائي، علماً بأن هذه العين لا يوجد عليها نزاع قضائي". وذلك بإقرار وتوقيع أحد المستأجرين عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الورثة بالتوكيل رقم ....... "أ" لسنة 1996.

بموجب عقد إيجار محرر في تاريخ 22/5/2002 (والساري اعتباراً من أول يونيو 2002) استأجر المعلن إليهم من الطالب بصفته ما هو دكان آخر برقم ..... بعمارة الأوقاف رقم 145 بشارع شبرا مصر – الساحل – بالقاهرة. نظير أجرة شهرية قدرها 75.75جم (خمسة وسبعون جنيهاً وخمسة وسبعون قرشاً) وذلك باعتبار صفة جوهرية في المستأجرين بأنهم ورثة المستأجر الأصلي لتلك العين والمستفيدون من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثهم باعتبار أنهم يمارسون نفس نشاطه السابق طبقاً لعقد إيجاره (ورشة فنية)؛ لا سيما وأنه نص في البند الإضافي من العقد المذكور أن: "هذا العقد امتداداً قانونياً لوالدهم، وهم يمارسون نفس النشاط، لمرة واحدة، وإذا ظهر من له الحق في التعاقد عن الدكاكين فإن العقد المبرم بين الهيئة وبين الورثة يُعد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو حكم قضائي، علماً بأن هذه العين لا يوجد عليها نزاع قضائي". وذلك بإقرار وتوقيع أحد المستأجرين عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الورثة بالتوكيل رقم ........ "أ" لسنة 1996.

وبموجب عقد إيجار محرر في تاريخ 22/5/2002 (والساري اعتباراً من أول يونيو 2002) استأجر المعلن إليهم من الطالب بصفته ما هو دكان ثالث برقم ........ بعمارة الأوقاف رقم 145 بشارع شبرا مصر – الساحل – القاهرة. نظير أجرة شهرية قدرها 76.25جم (ستة وسبعون جنيهاً وخمسة وعشرون قرشاً) وذلك باعتبار صفة جوهرية في المستأجرين بأنهم ورثة المستأجر الأصلي لتلك العين والمستفيدون من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثهم باعتبار أنهم يمارسون نفس نشاطه السابق طبقاً لعقد إيجاره (ورشة فنية)؛ لا سيما وأنه نص في البند الإضافي من العقد المذكور أن: "هذا العقد امتداداً قانونياً لوالدهم، وهم يمارسون نفس النشاط، لمرة واحدة، وإذا ظهر من له الحق في التعاقد عن الدكاكين فإن العقد المبرم بين الهيئة وبين الورثة يُعد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو حكم قضائي، علماً بأن هذه العين لا يوجد عليها نزاع قضائي". وذلك بإقرار وتوقيع أحد المستأجرين عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الورثة بالتوكيل رقم ........ "أ" لسنة 1996.

وإذ تبين للطالب بصفته أن المعلن إليهم وهم ورثة المستأجر الأصلي للثلاثة دكاكين أعيان التداعي، إلا أنهم لا يزاولون نفس النشاط السابق لمورثهم طبقاً للعقد، حيث كان نشاطه الأصلي هو الخراطة، وكان يستعمل الدكاكين أعيان التداعي كورشة فنية لأعمال الخراطة وبرادة المعادن، إلا أن المعلن إليهم لا يزاولون هذا النشاط وإنما يستغلون الدكاكين أعيان التداعي كشركة استيراد وتوكيلات تجارية "........." لاستيراد كاوتش السيارات.

فضلاً عن المعلن إليهم قد سبق لهم أن تنازلوا عن دكاكين التداعي لشركات، وتمت هذه التنازلات وتوثيقها قبل طلبهم تحرير عقود إيجار بأسمائهم عن دكاكين التداعي باعتبارهم ورثة المستأجر الأصلي والمستفيدون من الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثهم. حيث أن المعلن إليهم الثالثة والرابعة والخامسة قد سبق لهم أن تنازلوا عن حصتهم من مورثهم في شركة الصناعات الفنية (التي كان مورثهم قد أقامها في الأعيان المؤجرة) لصالح باقي الشركاء فيها، وهذا ثابت بموجب عقد تعديل الشركة المؤرخ ........... (والمسجل بالسجل التجاري بالشرقية في تاريخ ........... وسجل ملخص تعديل الشركة في ذات التاريخ برقم ........ لسنة .........) والثابت فيه أن هذا التنازل تم مقابل حصول كل منهم على نصيبها في حصة مورثها في رأس مال الشركة وأصولها وجميع مقوماتها المادية والمعنوية وأنه لا يحق لهم الرجوع على باقي الشركاء بأي مطالبات في هذا الشأن وأن توقيعهم على العقد المذكور يعتبر بمثابة مخالصة نهائية منهم عن نصيبهم في حصة مورثهم المرحوم/ ..................

كما أن المعلن إليهما الأول والثاني قد تخارجا من تلك الشركة التي كان مورثهم قد أقامها في الأعيان المؤجرة وتنازلوا عنها لباقي الشركاء، وتم هذا التخارج والتنازل وتوثيقه قبل طلبهم تحرير عقود إيجار بأسمائهم عن دكاكين التداعي باعتبارهم ورثة المستأجر الأصلي والمستفيدون من الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثهم. وهذا ثابت بموجب عقد تعديل الشركة المؤرخ .............. (والمسجل بالقلم التجاري بمحكمة الزقازيق الابتدائية في تاريخ ............... وسجل ملخص تعديل الشركة في ذات التاريخ برقم ......... لسنة ........) والثابت فيه أن هذا التخارج والتنازل تم مقابل حصول كل منهما على نصيبه في حصة مورثهما في رأس مال الشركة وأصولها وجميع مقوماتها المادية والمعنوية وأنه لا يحق لهما الرجوع على باقي الشركاء بأي مطالبات في هذا الشأن وأن توقيعهما على العقد المذكور يعتبر بمثابة مخالصة نهائية منهم عن نصيبهم في حصة مورثهم المرحوم/ .............. كما اتفقوا على أن يكون المحل رقم ......... من حق الشريكين المتخارجين (المعلن إليهما الأول والثاني) معاً بينما المحلين الآخرين رقمي ......... و ........ من حق باقي الشركاء في الشركة، وأنه لا يجوز للشريكين المتخارجين أن يعملا على استخراج عقود إيجار جديدة من هيئة الأوقاف المصرية صاحبة ومالكة عقار التداعي حيث أن ذلك من حق الشريك المتضامن الذي له حق الإدارة والتوقيع، كما هو ثابت في ذلك العقد الرسمي المسجل.

ورغم كل ذلك، تقدم المعلن إليهم – بسوء نية – إلى هيئة الأوقاف المصرية بطلب تحرير عقود إيجار جديدة لهم بأسمائهم عن محلات التداعي باعتبار أنهم ورثة المستأجر الأصلي والمستفيدون من الامتداد القانوني لعقود إيجار مورثهم. وإذ تم إبرام عقود الإيجار الثلاثة سالفة الذكر مع المعلن إليهم باعتبار صفة جوهرية في فيهم باعتبارهم ورثة المستأجر الأصلي للدكاكين المؤجرة والمستفيدون من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثهم باعتبار أنهم يمارسون نفس نشاطه السابق طبقاً لعقد إيجاره، مما حدا بالطالب بصفته إلى تحرير تلك العقود الثلاثة معهم مراعياً تلك الصفة الجوهرية فيهم. وإذ تبين خطأ ذلك الاعتقاد وفساد تلك العقيدة فإنه يكون للطالب بصفته – وقد قد وقع في غلط جوهري في صفة من صفات المتعاقد – المُطالبة بإبطال تلك العقود وذلك تأسيساً على ما يلي:

أصلياً- المُطالبة بإبطال عقود الإيجار للغلط في صفة من صفات المتعاقدين، المصحوب بالتدليس:

عيوب الإرادة ( Vices du Consentement ):

من المُسلم به قانوناً أنه إذا كان وجود التراضي ضرورياً لقيام العقد، فإنه لكي يستقر العقد نهائياً - بعد قيامه - يجب أن يكون هذا التراضي صحيحاً، وذلك بأن يكون صادراً من ذي أهلية وبريئاً من عيوب الإرادة. فالإرادة المعيبة هي إرادة موجودة ولكنها لم تصدر عن بينة واختيار، وهي وإن كانت لا تحول دون وجود العقد فإنها تجعل لمن عيبت إرادته أن يتحلل منه بإبطاله أو فسخه. وعيوب الإرادة ما هي إلا تطبيق لمبدأ سلطان الإرادة، فمادام إن الإرادة هي ركن "التصرف القانوني" تنشئه وتحدد آثاره، فيجب أن تكون بريئة من كل عيب يشوبها حتى يتوفر لها سلطانها الكامل في هذا المجال. ومن المعلوم أن عيوب الإرادة هي: الغلط والتدليس والإكراه والاستغلال.

الغلط ( L’erreur ):

والغلط هو: "وهم يقوم في ذهن الشخص فيصور له الأمر على غير حقيقته، ويكون هذا الوهم هو الدافع إلى التعاقد". فالغلط هو تصور كاذب للواقع يؤدي بالشخص إلى إبرام عقد، ما كان ليبرمه لو تبين حقيقة هذا الواقع. والغلط يصيب الإرادة عند إبرام التصرف، فيوجهها وجهة لا تتفق مع الواقع الذي تمثل في ذهن العاقد على غير حقيقته، كأن يشتري شخص تمثالاً يعتقد أنه أثري وهو ليس كذلك.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "توهم غير الواقع الذي يخالط الإرادة عند تكوين العقد هو من قبيل الغلط الذي نظم المشرع أحكامه من في المواد من 120 إلى 124 من القانون المدني فجعل للمتعاقد الذي وقع فيه أن يطلب أبطال التصرف الذي شابه متى كان الغلط جوهريا". (نقض مدني في الطعن رقم 349 لسنـــة 60 قضائية – جلسة 12/7/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – الجزء الثاني – صـ 1192).

الغلط الجوهري:

ويكون الغلط "جوهرياً" إذا كان هو الدافع إلى التعاقد، أي أن معيار الغلط هنا هو معيار "ذاتي" كما تقول بذلك النظرية الحديثة في الغلط والتي أخذ بها المُشرع المصري. فهذه النظرية الحديثة للغلط والتي تقول بالمعيار الذاتي لتحديده تعتد بالغلط "الجوهري" الذي يقوم على تقدير المتعاقد لأمر معين يبلغ في نظره درجة من الأهمية تكفي لأن تجعله يقدم على التعاقد إن وُجِدَ ويحجم عنه إن تخلف.

وقد أخذ المشرع المصري بتلك النظرية الحديثة للغلط، حيث نصت المادة 121 من القانون المدني على أن: "

يكون الغلط جوهرياً إذا بلغ من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط.

ويعتبر الغلط جوهرياً "على الأخص":

إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقد، أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف وما ينبغي في التعامل من حُسن النية.

إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة هي السبب الرئيسي في التعاقد".

والأخذ بالمعيار الذاتي يقتضي البحث في نية المتعاقدين لمعرفة مدى الأهمية التي يعلقها المتعاقد على الأمر الذي أنصب عليه الغلط، وقد استعان المشرع المصري ببعض الضوابط الموضوعية تساعد على تبين نية المتعاقدين لا سيما في خصوص الغلط في صفة جوهرية للشيء إذ قضى بأن صفة الشيء تكون جوهرية إذا كانت كذلك في اعتبار المتعاقدين أو كان يجب اعتبارها كذلك في ضوء ما يلابس العقد من ظروف وما ينبغي في التعامل من حُسن النية. فالظروف التي تحيط بالعقد ووجوب توافر حُسن النية في التعامل هذان الأمران يمكن الاستعانة بهما في التعرف على نية المتعاقدين إذا لم يكن من المستطاع الوصول إلى هذه النية من طريق آخر. فمثلاً لو أن شخصاً أشترى شيئاً من تاجر آثار وظن أن هذا الشيء أثري فدفع ثمناً عالياً له ثم تبين له بعد ذلك أنه غير أثري. فإنه في هذه الحالة يمكن الاستدلال من أن البائع "تاجر آثار" ومن أن المشتري دفع "ثمناً عالياً" للشيء - يمكن الاستدلال من ذلك - على أن المشتري يحسب الشي أثرياً وأن هذه الصفة هي التي دفعته إلى التعاقد.

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في صدد المادة 121 ما يأتي: "وينبغي أن يكون الغلط المبطل للعقد جوهرياً، ولا يتحقق ذلك إلا إذا دفع من وقع فيه إلى التعاقد، ومؤدى هذا أن يناط تقدير الغلط بمعيار شخصي، وقد انتهى القضاء المصري والقضاء الفرنسي في هذا الشأن إلى تطبيقات ثلاث تقررت في نصوص المشروع..

أولها يتعلق بالغلط في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين أو بالنسبة لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي أن يسود التعامل من حسن النية، وفي هذا الفرض يرتبط تقدير الغلط الجوهري بعامل شخصي هو حسن النية وبعامل مادي قوامه الظروف التي لابست تكوين العقد.

والثاني يتصل بالغلط الواقع في ذات شخص المتعاقد أو في صفة من صفاته، إذا كانت هذه الذات أو تلك الصفة السبب الوحيد أو السبب الرئيسي في التعاقد، والمعيار في هذا الفرض شخصي بحت.

والثالث خاص بالغلط في أمور يعتبرها من يتمسك به من المتعاقدين عناصر ضرورية للتعاقد طبقاً لما تقضي به النزاهة في التعامل، وقد تنطوي صورة الغلط في الباعث في هذا التطبيق الثالث. بيد أنه يتعين الرجوع، عند الإثبات، إلى عنصر موضوعي أو مادي بحت، هو عنصر نزاهة التعامل، ويتضح من ذلك أن تقدير الغلط، وإن كان قد نيط بمعيار شخصي بحت، إلا أن تيسير الإثبات قد اقتضى الاعتداد بعناصر مختلفة، فيها الشخصي والمادي". (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الثاني – صـ 143).

الغلط في صفة للشيء:

يعيب الغلط في صفة من صفات المتعاقد الإرادة إذا كان جوهرياً، بأن يقع في صفة في المتعاقد ترقى في نظر المتعاقد إلى المستوى الذي يجعله هو الدافع إلى التعاقد، إذ أنه حينئذ تكون هذه الصفة جوهرية، وكثيراً ما يستعان بظروف التعاقد للوقوف على مدى أهمية هذه الصفة في نظر المتعاقد. مثل هذا الغلط إنما يقع في العقود التي تكون شخصية المتعاقد محل اعتبار، وهو قد يقع في ذات المتعاقد إذا كانت محل اعتبار، وقد يقع في صفة جوهرية من صفات المتعاقد كانت هي الدافع إلى التعاقد. وتقدير ما إذا كانت شخصية المتعاقد أو صفته كانت محل الاعتبار هي التي دفعت إلى التعاقد مسألة من مسائل الواقع لا من مسائل القانون، ينظر فيها إلى ظروف الدعوى مما يمكن أن يستدل به على نية المتعاقدين، فالمعيار ذاتي، وهو المعيار الذي يطبق في جميع نواحي نظرية الغلط.

الغلط الفردي:

وإذا كان الغلط جوهرياً فيكفي أن يكون فردياً، أي قائم في ذهن أحد المتعاقدين دون الآخر، ولم يشترك فيه كلا المتعاقدين، لأنه إذا عيبت إرادة واحدة فسد التراضي.

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "من أبرم عقداً تعهد فيه بشيء، ولم يكن تعهده مبنياً على رضا صحيح منه، فلا يكون ملزماً بوفاء ما تعهد به. والرضا لا يكون صحيحاً إذا وقع عن غلط في أصل الموضوع المعتبر في العقد. ولا يُشترط النظر إلى حال المتعاقد الآخر من الغلط الواقع فيه المتعاقد الغالط، فغلط الغالط كاف وحده في عدم التزامه بالوفاء. فإذا أثبت المتعاقد أنه كان واقعاً في غلط، ثم أثبت أنه لولا الغلط ما كان أبرم العقد، حكم له ببطلانه ولو كان المتعاقد الآخر حسن النية غير عالم بغلط صاحبه، إذ أن حسن نيته ليس من شأنه أن يقيم عقداً باطلاً، وإنما هو قد يجعل له على الغالط حقاً في التعويض إن كان يستحقه تطبيقاً لقواعد المسئولية. فإذا قضى الحكم ببطلان الإقرار الموقع من الممول بموافقته على تقدير مصلحة الضرائب لأرباحه بناءاً على أن موافقته كانت عن غلط وقع فيه، فإنه لا يكون بحاجة إلى تحرى علم مصلحة الضرائب بغلطه". (نقض مدني في الطعن رقم 29 لسنة 17 قضائية – جلسة 1/4/1948 مجموعة المكتب الفني – السنة 5ع – صـ 586).

وفي حكم آخر حديث لمحكمة النقض قضت بأنه: "

لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وقع في غلط جوهري إذ توهم أنه اختص في عقد القسمة الذي أبرمه مع أخيه المطعون ضده بمساحة 177.78 مترا مربعا وانه لو كان يعلم أن ما يزيد على خمسين مترا من هذه المساحة يتداخل في طريق عام يحدها من الناحية البحرية لأحجم عن إبرام العقد، كما تمسك بأن قسيمه كان عالما بوقوعه في ذلك الغلط وأنه دلس عليه بأن سكت عمداً عن تلك الواقعة حتى يتردى هو فيما شاب إرادته من غلط ودلل على صدق ما يقول بما أقر به المطعون ضده نفسه في محضر الاستجواب من أن ذلك الطريق كان مقاما منذ أمد طويل - حدده الخبير المندوب من محكمة الاستئناف بمدة تزيد على خمسين عاما وأورد انه يقتطع من نصيب الطاعن مساحة 58.50 مترا مربعا - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه انه لم يعن بتمحيص هذا الدفاع الجوهري وأقام قضاءه برفض الدعوى (دعوى الطاعن بطلب إبطال العقد) على ما قاله الحكم الابتدائي من أن الطريق الذي تداخل فيه نصيب الطاعن أنشئ بعد تحرير عقد القسمة بأربع سنوات فانه فضلا عن مخالفة الثابت في الأوراق يكون مشوبا بقصور يبطله.

كما أن النص في المادة 120 من القانون المدني على أنه: "إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد أن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه"، وفى المادة 121/1 منه على أن: "يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط" - يدل على أن المشرع يعتد بالغلط الفردي سببا لإبطال العقد، وعودة طرفيه إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرامه واشترط لذلك أن يكون هذا الغلط جوهريا - وهو ما يتحقق إذا كان هو الدافع إلى إبرام العقد - وأن يكون المتعاقد الآخر عالماً به أو في مقدوره أن يعلم به.

كما أن النص في المادة 125 من القانون نفسه (القانون المدني) على أن: "يعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة" - مؤداه أن المشرع اعتبر مجرد كتمان العاقد واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر أو ملابسة، من قبيل التدليس الذي يجيز طلب إبطال العقد إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه المدلس عمداً. (نقض مدني في الطعن رقم 5524 لسنة 63 قضائية – جلسة 17/4/2001 المستحدث من أحكام النقض – صـ 212).

الغلط المصحوب بالتدليس:

وفي حكم هام لمحكمة النقض صادر في الطعن رقم 8240 لسنـــة 65 قضائية – بجلسة 23/6/1997 منشور بمجموعة المكتب الفني – السنة 48 – الجزء الثاني – صـ 952 قررت محكمة النقض المبادئ القانونية الأساسية التالية:

المقرر وفقاً للمادتين 120 و 125 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أو وقع عليه تدليس الحق في طلب إبطال العقد وهو حق يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى.

المقرر وفقاً للمادتين 120 و 121 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري في قيمة الشيء أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر أو اتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.

المقرر وفقاً للفقرة الثانية من المادة 125 من القانون المدني يُعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة.

تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس الذي يجيز إبطال العقد أو عدم ثبوته هو من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض ما دام قضائها مقاماً على أسباب سائغة.

يجوز مع القضاء ببطلان العقد للغلط أو التدليس أن يحكم بالتعويض إذا ترتب عليه ضرراً بأحد المتعاقدين ويكون ذلك لا على اعتبار أنه عقد بل باعتباره واقعة مادية متى توافرت شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الآخر الذي تسبب بخطئه في هذا البطلان.

التدليس ( Le dol ):

تنص المادة 125 من القانون المدني على أنه: "يجوز إبطال العقد للتدليس، إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين، أو نائب عنه، من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد".

والتدليس هو: "استعمال حيلة توقع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد"، فهو يثير الغلط في ذهن المتعاقد، فيعيب الإرادة من هذا الطريق. ومن ثم يكون العيب الذي يشوب الإرادة حينئذ هو "الغلط" الذي يولده "التدليس".

فيجب أن يلجأ المدلس إلى حيل لإخفاء الحقيقة، وأن تكون هذه الحيل كافية للتضليل بحسب حالة المتعاقد الآخر، فالمعيار في هذا الشأن معيار شخصي بحت.

التدليس بالكذب أو الكتمان:

والأصل أن "الكذب" لا يكفي لقيام التدليس، إلا إذا أنصب على واقعة معينة لها اعتبارها عند المتعاقد الآخر فيعتبر هنا تدليساً. كأن يعطي شخص بيانات غير صحيحة عن خبراته وكفاءته بقصد التحايل للحصول على عمل.

وكذلك "الكتمان" ( Reticence ) فالأصل فيه أنه لا يعتبر تدليساً، إلا في الأحوال التي يكون لزاماً على المتعاقد فيها أن يفضي بأمر من الأمور ويُعتبر سكوته عنها تدليساً، وهذا الالتزام ببيان معلومات لها أهميتها في التعاقد قد يكون مصدرها القانون (مثل نص المادة 764 من القانون المدني)، أو قد تفرضه طبيعة العقد. ففي عقد التأمين على الحياة إذا كتم المؤمن له على حياته أنه قد أصيب بمرض خطير قبل التأمين عليه فإن هذا الكتمان يعد تدليساً، وقد توجب الظروف والملابسات التي تحيط بالتعاقد على المتعاقد – في ضوء هذه الظروف – أن يكشف عن أمر يدرك أن له خطره لدى المتعاقد الآخر، فإذا باع شخص لآخر منزلاً وكتم عنه أن هذا المنزل قد شرع في نزع ملكيته للمنفعة العامة فإن هذا الكتمان يعتبر تدليساً، ويكفي الكتمان في هذه الحالات لقيام التدليس لا سيما إذا كان المدلس عليه يجهل الأمر الذي سكت عنه المتعاقد الآخر (المدلس) وأنه ليس في استطاعته أن يعرف هذا الأمر من طريق آخر.

وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في صدد المادة 125 ما يأتي: "يُشترط في التدليس إذا صدر من أحد المتعاقدين، سواء أصدر من المتعاقد نفسه أم من نائبه أم من شريك له، أن ينطوي على حيل، بيد أن هذه الحيل تختلف عن سميها في "النصب الجنائي"، إذ يكفي فيها مجرد "الامتناع" من جانب العاقد، كسكوته عمداً عن واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر. والواقع أنه ليس ثمة تطابق بين تعريف التدليس المدني والتدليس الجنائي. ويُشترط كذلك أن تكون الحيل التي تقدمت الإشارة إليها قد دفعت من ضلل بها إلى التعاقد ومناط التقدير في هذا الصدد نفسي أو ذاتي، كما هي الحال بالنسبة لعيوب الرضاء جميعاً". (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الثاني – صـ 172).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المُقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يُعتبر تدليساً السكوت عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة وأن الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بها التدليس إما أن تكون إيجابية باستعمال طرق احتيالية أو تكون سلبية بتعمد المتعاقد كتمان أمر عن المتعاقد الآخر متى كان هذا الأمر يبلغ حداً من الجسامة بحيث لو علمه الطرف الآخر لما اقدم على التعاقد بشروطه". (الطعن رقم 431 لسنة 66 قضائية – جلسة 28/4/2001 المستحدث في أحكام النقض – صـ 214).

كما جرى قضاء النقض على أن: "النص في المادة 125 من القانون المدني على أن: "يُعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة" - مؤداه أن المشرع اعتبر مجرد كتمان العاقد واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر أو ملابسة ما، من قبيل التدليس الذي يجيز طلب إبطال العقد إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه المدلس عمداً".(نقض مدني في الطعن رقم 5524 لسنة 63 قضائية – جلسة 17/4/2001 المستحدث في قضاء النقض – صـ 212 – فقرة 3).

وعلى ذلك تواتر قضاء النقض، حيث قضت محكمة النقض بأن: "النص في المادة 125 من القانون المدني - يدل على أن الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بها التدليس إما أن تكون إيجابية باستعمال طريق احتيالية أو أن تكون سلبية بتعمد المتعاقد كتمان أمر عن المتعاقد الأخر متى كان هذا الأمر يبلغ حداً من الجسامة بحيث لو علمه الطرف الأخر لما أقدم على التعاقد". (نقض مدني في الطعن رقم 1196 لسنة 57 قضائية – جلسة 18/11/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 217).

وبتطبيق كل تلك القواعد والمبادئ القانونية المستقرة على وقائع الدعوى الماثلة يتضح جلياً أن المعلن إليهم، وهم ورثة المستأجر الأصلي، قد كتموا عن هيئة الأوقاف المصرية أنه قد تم تغيير النشاط في الدكاكين المؤجرة لمورثهم من الهيئة، وأنهم لا يزاولون نفس النشاط السابق لمورثهم طبقاً للعقد، وأنهم قد سبق لهم أن تخارجوا من الشركة التي كان مورثهم قد كونها في أعيان التداعي وحصلوا على حقوقهم من رأس مالها وتنازلوا عن أعيان التداعي لباقي الشركاء، وإذ زعموا زيفاً أنهم يستفيدون من الامتداد القانوني لعقود إيجار مورثهم، فصدقتهم الهيئة – بحسن نية – وحررت لهم ثلاث عقود إيجار باعتبارهم ورثة المستأجر الأصلي المستفيدون من ميزة الامتداد القانوني لعقود إيجار مورثهم وباعتبار أن يزاولون نفس النشاط السابق طبقاً للعقد كما أقروا بذلك في البند الإضافي المذكور في الثلاث عقود الإيجار الجديدة، فإنهم يكونوا – والحال كذلك – قد دلسوا على هيئة الأوقاف المؤجرة وأدخلوا عليها الغش والتدليس وأوقعاها في غلط في صفة جوهرية في صفاتهم كمتعاقدين معها، مما يحق لهيئة الأوقاف المصرية المطالبة بإبطال تلك العقود سالفة الذكر للغلط والتدليس على النحو السالف بيانه وشرحه. ومن ثم يكون هذا الطلب قد جاء على سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون خليقاً بالقبول وإجابة الهيئة إلى طلبها.

واحتياطياً- المُطالبة بفسخ عقود الإيجار الثلاثة:

لما كان الثابت بالأوراق، وعلى ما سلف بيانه، أن المعلن إليهم ورثة المستأجر الأصلي قد تخارجوا من الشركة التي كان مورثهم قد كونها في أعيان التداعي وحصلوا على حقوقهم من أنصبتهم في رأس مال تلك الشركة وتخارجوا منها وتنازلوا عن الدكاكين أعيان التداعي لباقي الشركاء في تلك الشركة بالمخالفة لبنود عقود الإيجار مكملة بأحكام قوانين إيجار الأماكن.

حيث تنص الفقرة "ج" من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر على أنه: "لا يجوز للمُؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المُدة المُتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ... ج- إذا ثبت أن المُستأجر قد تنازل عن المكان المُؤجر، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمُستأجر الأصلي، أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائياً وذلك دون إخلال بالحالات التي يُجيز فيها القانون للمُستأجر تأجير المكان مفروشاً أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربى وفقاً لأحكام المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المقصود بالتنازل عن الإيجار – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو نقل حقوق المُستأجر والالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار إلى شخص آخر يحل محله فيها، وأنه يترتب عليه خروج منفعة العين المُؤجرة – التي كان يرتبها عقد الإيجار الأصلي للمُستأجر الأصلي – من حوزة هذا الأخير ودخولها في حوزة آخر هو المُتنازل إليه". (نقض مدني في لطعن رقم 530 لسنة 57 قضائية – جلسة 9/7/1995. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 584 – صـ 860).

ومن المُسلم به قانوناً، فقهاً وقضاءاً، أنه: "قد يكون التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن أو الترك سافراً، كما يمكن أن يكون مُستتراً تحت ستار عقد آخر كالوكالة أو غيرها لأن العبرة بحقيقة العلاقة كما تثبت للمحكمة، ومن أمثلة ذلك ستر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن أو الترك بإبرام توكيل من المُستأجر الأصلي إلى المُتنازل إليه أو المُستأجر من الباطن أو لمن وقع الترك لصالحه بإدارة العين المُؤجرة ودفع أجرتها". (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني - الفقرة رقم 129/1 – صـ 452).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "مُؤدى المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المُشرع أجاز للمُؤجر طلب الإخلاء إذا أجر المُستأجر العين من باطنه أو تنازل عنها أو تركها للغير دون إذن كتابي منه، يستوي أن يكون التأجير من الباطن أو النزول عن الإيجار أو الترك سافراً صريحاً أو مُتخذاً ستار عقد آخر لأن العبرة بحقيقة العلاقة لا بما يسبغه المُتعاقدان من أوصاف، فلا تقف المحكمة عن المظهر البادي وإنما من حقها أن تمحص العلاقة التعاقدية، وأن تطلق عليها وصفها الصحيح". (نقض مدني في لطعن رقم 356 لسنة 48 قضائية – جلسة 7/2/1979. منشور بالموسوعة الشاملة للشربيني – جـ 5 – صـ 280. المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني – الفقرة رقم 129/1 – صـ 452 و 453).

ومن المُقرر بين فقهاء قوانين إيجار الأماكن أنه: "يجوز للمُؤجر إثبات الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين المُؤجرة بكافة طرق الإثبات القانونية – بما فيها البينة والقرائن – فلئن كانت الإجارة الأصلية صادرة منه، إلا أنه يُعتبر من الغير بالنسبة لعقد الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار. الأمر الذي يُشكل مانعاً من الحصول على دليل كتابي يُثبت الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار". (المرجع: عزمي البكري – المرجع السابق - الفقرة رقم 160 – صـ 536).

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "العقد شريعة المُتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يُقرها القانون، مما مُؤداه التزام المُستأجر باحترام الشروط الواردة في عقد الإيجار والذي يحظر عليه التنازل عن الإيجار، وإلا حق عليه الجزاء المُقرر لمُخالفة ذلك في العقد أو في القانون، وكان من الأصول التي تقوم عليها القوانين الاستثنائية الصادرة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المُؤجرين والمُستأجرين، حظر تأجير الأماكن المُؤجرة من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك المكان المُؤجر للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، وتقرير الحق للمُؤجر - في حالة إخلال المُستأجر بذلك - في طلب إخلاء المكان المُؤجر". (نقض مدني جلسة 12/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 332. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 553 – صـ 841 و 842).

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "التشريع الاستثنائي، بعد أن سلب المُؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المُؤجر بعد انتهاء مُدة الإيجار الاتفاقية مُقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار تلقائياً، أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المُستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المُستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المُؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلياً كان ذلك أو جزئياً، مُستمراً أو مُؤقتاً، بمُقابل أو بدونه، واعتبار هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المُستأجر على نص عقد الإيجار مُكملاً بحكم القانون يُجيز للمُؤجر طلب إخلاء المكان. وينشأ حق المُؤجر في الإخلاء بمُجرد وقوع المُخالفة ولا ينقضي بإزالتها فيبقى له هذا الحق ولو أسترد المُستأجر الأصلي العين المُؤجرة بعد ذلك، ومتى ثبت قيام المُستأجر بتأجير العين المُؤجرة له من الباطن – دون إذن كتابي صريح من المالك – تعين على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار وإخلاء المكان دون أن يكون لها سلطة تقديرية في ذلك لأن حق المُؤجر في الإخلاء ينشأ بمُجرد وقوع المُخالفة، فالحكم بالفسخ هنا مُقرر تقع نتيجته بمُجرد قيام سببه، وذلك سواء نص عليه في عقد الإيجار أو لم ينص وسواء طلب المُؤجر إعمال نص القانون أو العقد إذ يستند الإخلاء في هذه الحالة إلى إرادة المُشرع وليس إلى اتفاق الطرفين وذلك لتعلق التشريع بالنظام العام". (نقض مدني في الطعن رقم 272 لسنة 48 قضائية – جلسة 28/11/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 1943. ونقض جلسة 11/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 159. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 563 – صـ 846 و 847).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الدعوى الماثلة، وبعدما تبين من تنازل المعلن إليهم ورثة المستأجر الأصلي عن أعيان التداعي للباقي الشركاء في الشركة التي تخارجوا منها وتنازلوا لها عن أعيان التداعي والتي يديرها حالياً المعلن إليه السادس بصفته، وكل ذلك تم بالمخالفة لعقود الإيجار مكملة بأحكام القانون، مما يحق معه لهيئة الأوقاف والحال كذلك المطالبة بفسخ تلك العقود مع الإخلاء والتسليم.

الأثر المترتب على إبطال العقود أو فسخها:

تنص المادة 160 من القانون المدني على أنه: "إذا فُسِخَ العقد أُعيدَ المُتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 160 من القانون المدني يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يترتب على فسخ عقد البيع انحلال العقد بأثر رجعى منذ نشوئه بحيث تعود العين المبيعة إلى البائع - بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد". (نقض مدني في الطعن رقم 1458 لسنة 49 قضائية – جلسة 8/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 652).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إن المشرع وإن كان قد أجاز للمشترى - طبقاً للمادة 443 من القانون المدني - الرجوع على البائع له، في حالة استحقاق المبيع، بضمان الاستحقاق إلا أنه لم يمنعه من المطالبة بفسخ عقد البيع على أساس أن البائع قد أخل بالتزامه وهو ما أشارت إليه المادة السابق ذكرها بقولها "كل هذا ما لم يكن رجوع المشترى مبنيا على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله"، ومن مقتضى ذلك أنه في حالة القضاء بالفسخ تترتب الآثار التي نصت عليها المادة 160 من القانون المدني وهى أن يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد فيرد كل منهما ما تسلمه بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه". (نقض مدني في الطعن رقم 193 لسنة 34 قضائية – جلسة 15/8/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1500). ومن ثم يترتب على القضاء بإبطال العقد أو فسخه إعادة الحال بالمتعاقدين إلى ما كانا عليه قبل التعاقد.

وبناء عليه

تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها:

بصفة أصلية:

بإبطال ثلاثة عقود الإيجار المحررة في ........... والسارية اعتباراً من أول يونيو ........ عن المحلات أرقام ..... و ...... و ...... بعمارة الأوقاف رقم 145 بشارع شبرا مصر – الساحل – بالقاهرة، والمبينة الحدود والمعالم بصدر هذه العريضة وبعقود الإيجار (فيما بين هيئة الأوقاف والمعلن إليهم من الأول حتى الخامس)، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إخلاء وتسليم أعيان التداعي إلى الهيئة بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد.

وبصفة احتياطية:

بفسخ ثلاثة عقود الإيجار المحررة في ............. والسارية اعتباراً من أول يونيو .......... عن المحلات أرقام ...... و ...... و ...... بعمارة الأوقاف رقم 145 بشارع شبرا مصر – الساحل – بالقاهرة، والمبينة الحدود والمعالم بصدر هذه العريضة وبعقود الإيجار (فيما بين هيئة الأوقاف والمعلن إليهم من الأول حتى الخامس)، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إخلاء وتسليم أعيان التداعي إلى الهيئة بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com