الأحد، 26 يوليو 2009

مذكرة دفاع في دعوى صحة ونفاذ عقد بيع ضد هيئة الأوقاف

مذكرة دفاع في دعوى صحة ونفاذ عقد بيع ضد الهيئة

ثانياً الدفاع

ندفع بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظر الدعوى:

لما كان من المُقرر قانوناً وفقاً لنصوص المواد 36/1 ، 42/1 ، 109/1 من قانون المرافعات أنه: "تُقدر قيمة الدعوى باعتبارها يوم رفع الدعوى"، و"تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز ألفي جنيه"، و"الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها".

ولما كان من المُقرر في قضاء النقض أن: "مؤدى النص في المادة 109 من قانون المرافعات أن الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام، ولزاماً فإن مسألة الاختصاص بالنسبة لنوع الدعوى أو قيمتها تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مُشتملاً حتماً على قضاء ضمني في شأن الاختصاص". (نقض مدني في الطعن رقم 246 لسنة 47 قضائية - جلسة 28/1/1981 مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكم النقض في خمسين عاماً - الجزء الأول - المُجلد الأول - طبعة 1985 – صـ 1032).

كما قضت محكم النقض بأن: "الاختصاص القيمي يتعلق بالنظام العام فيجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، ويجوز لها أن تتصدى له من تلقاء نفسها متى كان الطعن وارداً على هذا الشق". (نقض مدني في الطعن رقم 15 لسنة 42 قضائية - جلسة 25/2/1976).

لما كان ما تقدم، وكانت المادة 37/7،1 مرافعات تنص على أنه: "إذا كانت الدعوى بطلب صحة عقد أو إبطاله أو فسخه تُقدر قيمتها بقيمة المُتعاقد عليه"؛ وأن: "الدعاوى التي يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار يكون تقدير هذه القيمة باعتبار خمسمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليه إذا كان العقار مبنياً، فإن كان من الأراضي يكون التقدير باعتبار أربعمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية. فإذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة قدرت المحكمة قيمته".

لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المدعى في الدعوى الماثلة أن قيمتها أقل من نصاب اختصاص المحكمة الابتدائية وهو أربعون ألف جنيه، حيث أن صورة كشف العوايد المقدم في الدعوى الماثلة يفيد أن قيمة الضريبة العقارية المفروضة على العقار هي 67.20 جنيه x 500 مثل = 33600.00 جنيه) مما يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية الدفع بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها لمحكمة مدينة نصر الجزئية المُختصة لكونها موطن المدعى عليهما الخصوم الحقيقيين في الدعوى (مع تغريم المدعي لعدم تدقيقه في بحث المحكمة المُختصة بنظر دعواه) وفقاً لنص المادتين 110 ، 113 مرافعات.

ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لهيئة الأوقاف المصرية:

تنص المادة 3 من قانون المُرافعات على أنه: "لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومُباشرة وقائمة يُقرها القانون".

ولما كانت محكمة النقض قد أصدرت حكماً هاماً، برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ممدوح على أحمد السعيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد المنعم الشهاوي وفتحي المصري نائبي رئيس المحكمة، ومحمد برهام عجيز وسيد الشيمي، وقررت فيه مبدأ قانوني هام، قررت فيه أنه:

"لما كان تمثيل الدولة في التقاضي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو نوع من النيابة القانونية عنها، وهي نيابة المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته إلا إذا أسند القانون صفة النيابة القانونية فيما يتعلق بشئون هيئة معينة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير فيكون لها حينئذ هذه الصفة بالمدى وفي الحدود التي بينها القانون. لما كان ذلك وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن تكون لهذه الهيئة شخصية اعتبارية، والنص في المادتين الثانية والخامسة على أن تتولى هذه الهيئة إدارة أموال الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها. وكان المرجع في بيان وتحديد صفة هيئة الأوقاف ومداها: هو القانون الصادر بإنشائها، وكان الشارع قد حدد اختصاصات هيئة الأوقاف في تسلم أعيان الوقف لإدارتها واستثمارها والتصرف فيها، ومن ثم فإن اختصام هيئة الأوقاف المصرية يكون في هذا النطاق، وفيما عدا ذلك من مسائل فإن صاحب الصفة في الدعوى هو وزير الأوقاف الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته. لما كان ذلك، وكان والثابت من الواقع المطروح على محكمة الموضوع أن النزاع لا يتعلق بإدارة الأموال الموقوفة واستثمارها والتصرف فيها، وإنما حول مُنازعة الطاعنة في طبيعة وصفة هذه الأعيان محل التداعي وعدم خضوعها للوقف وأن وزارة الأوقاف قد انتزعتها من مالكها دون سند من القانون، فإن قيام النزاع على هذه الصورة يخول للطاعنة مخاصمة وزارة الأوقاف للبت في أمر هذا الخلاف الذي يتصل بكيان وصفة هذه الأعيان، ومن ثم فإن وزير الأوقاف هو صاحب الصفة بشأن هذا النزاع، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة (بالنسبة لوزير الأوقاف) باعتبار أن رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية هو صاحب الصفة فيها، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن". (نقض مدني في الطعن رقم 149 لسنة 63 قضائية – جلسة 17/6/1997 منشور بمجموعة المكتب الفني – السنة 48 – الجزء الثاني – صـ 915 : 919).

لما كان ما تقدم، وكان والثابت من الوقائع المطروحة على محكمة أول درجة أن النزاع لا يتعلق بإدارة الأموال الموقوفة واستثمارها والتصرف فيها، وإنما حول مُنازعة المدعي في طبيعة وصفة هذه الأعيان محل التداعي بزعم أنها أوقاف أهلية وليست أوقاف خيرية ومن ثم عدم خضوعها لوزارة لأوقاف، فإن قيام النزاع على هذه الصورة يخول للمدعي مخاصمة وزارة الأوقاف للبت في أمر هذا الخلاف الذي يتصل بكيان وصفة هذه الأعيان، ومن ثم فإن وزير الأوقاف هو صاحب الصفة بشأن هذا النزاع، ولا صفة لهيئة الأوقاف المصرية في هذا النزاع.

لما كان ما تقدم، وكان قضاء النقض قد تواتر على أن: "المصلحة في الدعوى تعني أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني محل النزاع أو نائبه، وكذلك المدعى عليه بأن يكون هو صاحب المركز القانوني المعتدي على الحق المدعي به، فيجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة، ويحدد الصفة في الدعوى القانون الموضوعي الذي يحكم الحق أو المركز القانوني موضوع الدعوى، إذ يجب التطابق بين صاحب الحق ورافع الدعوى كما يجب التطابق بين المعتدي على الحق وبين المدعى عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 176 لسنة 38 قضائية – جلسة 29/11/1973 منشور بمجموعة المكتب الفني – السنة 24 – العدد الثالث "من أكتوبر إلى نوفمبر سنة 1973" – الحكم رقم 206 – صـ 1189 : 1193).

حيث أن المادة 115/1 مُرافعات تنص على أن: "الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى". إذ لا بد من إثبات الصفة في الحكم وإلا كان مشوباً بعيب جوهري موجب لبطلانه (المادتان 3 ، 178 مرافعات).

ندفع بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها:

تنص المادة 65/3 من قانون المرافعات على أنه: " لا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا أُشهرت صحيفتها ".

كما تنص المادة 103/3 من قانون المُرافعات على أنه: " إذا كان طلب الخصوم يتضمن إثبات اتفاقهم على صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية فلا يحكم بإلحاق ما اتفقوا عليه - كتابةً أو شفاههً - بمحضر الجلسة إلا إذا تم شهر الاتفاق المكتوب أو صورة رسمية من محضر الجلسة الذي أُثبت فيه الاتفاق ".

كما تنص المادة 126 مُكرر من قانون المُرافعات على أنه: " لا يُقبل الطلب العارض أو طلب التدخل إذا كان محله صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا تم شهر صحيفة هذا الطلب أو صورة رسمية من محضر الجلسة الذي أُثبِتَ فيه ".

والبين أن مجال إعمال الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إشهار الصحيفة هو أن يكون هناك عقد أو اتفاق على حق من الحقوق العينية العقارية مطلوب القضاء بصحته، والمقصود بالعقد أو الاتفاق هو توافق ارادتين على إحداث أثر قانوني سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه.

والدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إشهار الصحيفة هو دفع شكلي موجه إلى إجراءات الخصومة وكيفية توجيهها، ألا أنه دفع متعلق بالنظام العام لأن الباعث إلى تقريره - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون - هو تحقيق مصلحة عامة اجتماعية واقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد. ومن ثم يجوز إبداء هذا الدفع في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف، بل للمحكمة من تلقاء نفسها أن تعرُض له وتحكم بعدم قبول الدعوى إذا ما استبان لها عدم شهر الصحيفة.

ويجب على المحكمة أن تتصدى لهذا الدفع وتفصل فيه على استقلال قبل التعرض للموضوع ومن ثم لا يجوز لها أن تأمر بضمه إلى الموضوع.

ولما كان البين من طلبات المدعى في الدعوى الماثلة أنه يهدف إلى استصدار حكم بصحة ونفاذ عقد بيع يتضمن حق من الحقوق العينية العقارية ورغم ذلك لم تُشهر صحيفة الدعوى الماثلة، مما يحق معه - والحال كذلك - لـهيئة الأوقاف المصرية الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لعدم شهر صحيفتها. مما مفاده أن هذا الدفع قد جاء مطابقاً لحقيقة الواقع ومصادفاً لصحيح القانون فيكون جديراً بالقبول والقضاء به، وهو ما تُطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين. لاسيما وأنه دفع متعلق بالنظام العام يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.

ندفع بعدم قبول الدعوى لعدم تسجيل البائعين لسند ملكيتهم المزعوم:

لما كان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذا كان المقصود بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع المعروفة بدعوى صحة التعاقد هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المُشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فإن المُشتري لا يُجاب إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر له في الدعوى مُمكنين، ومن ثم فإذا ظهر للمحكمة من أوراق الدعوى أن الملكية لم تنتقل إلى البائع حتى تاريخ الفصل في الدعوى لأن عقد شرائه لم يُسجل وأن المشتري لم يختصم في دعواه البائع للبائع له ليطلب الحكم بصحة العقد الصادر منه إلى البائع للمشتري توطئة للحكم بصحة عقده هو حتى إذا ما سُجِلَ الحكم بصحة العقدين انتقلت الملكية إليه، فإنه لا يكون للمحكمة أن تُجيب المُشتري الأخير إلى طلبه وتكون دعواه بطلب صحة تعاقده قبل أن يسجل البائع له عقد شرائه غير مقبولة، ذلك أنه ما دامت الملكية لم تنتقل إلى البائع له فإن هذا البائع لا يستطيع نقلها إليه كما وأن الحكم للمشتري في هذه الحالة بصحة عقده لا يمكن أن يُحق الغاية منه بسبب استحالة تسجيله قبل أن يسجل البائع له عقد شرائه وقد يمتنع من باع لهذا البائع عن القيام بالإجراءات اللازمة لهذا التسجيل ولا يكون في الإمكان إجباره على إنفاذ التزامه بذلك عن طريق رفع دعوى عليه بصحة التعاقد إذا تبين أن البيع الصادر منه غير صحيح أو غير واجب النفاذ بسبب قانوني". (نقض مدني في الطعن رقم 290 لسنة 32 قضائية جلسة 19/5/1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 صـ 1196).

ومن المقرر في قضاء النقض أن: "الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل، وأن المشترى لا يجاب إلى طلب الحكم بصحة عقده إلا إذا كان انتقال الملكية إليه ممكناً، وهو في حالة عدم تسجيل العقود الصادرة لمن باع له غير ممكن". (نقض مدني في الطعن رقم 496 لسنة 41 قضائية - جلسة 24/11/1975 - س 26 – صـ 1465).

فإذا كان من المقرر أن المشترى لا يجاب إلى طلبه الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر له في دعوى صحة التعاقد ممكنين. نقض مدني في الطعن رقم 612 لسنة 54 قضائية - جلسة 26/5/1991).

وفى حالة عدم تسجيل البائع لسند ملكيته للأعيان المبيعة فلا يمكنه نقل الملكية إلى المشتري الذي يطالب بصحة ونفاذ عقده لأن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل وفقاً للمادة 9 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري.

لما كان ذلك، وكان البين من صحيفة الدعوى الماثلة عدم تسجيل البائعين (المدعى عليهما الأول والثاني) لسند ملكيتهم المزعوم لعين التداعي، فبالتالي لا يُعدوا ملاكاً لعين التداعي ولا يستطيعوا نقل ملكيتها إلى المُشتري (المُدعي)، وعليه يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى الماثلة المُطالبة بصحة ونفاذ عقد بيع عين التداعي لعدم إمكانية تسجيل الحكم الصادر فيها لنقل الملكية إلى المشتري (المُدعي).

نجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعي:

قدم المدعى صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المقدمة في الدعوى الماثلة، وهيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليه) تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعى في الدعوى الماثلة. وكذلك أية صور ضوئية أخرى سيقدمها فيها.

ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982 والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984 والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "القانون لم يشترط طريقاً مُعيناً يتعين على من يُنكر التوقيع على المُحرر العرفي إتباعه إذ يكفي إبداء الدفع بالإنكار صراحةً حتى تسقط عن المُحرر حجيته في الإثبات إعمالاً لنص المادة 14/1 من قانون الإثبات". (نقض مدني في الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/5/1980).

وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور".

وهدياً بما تقدم، ولما كان المُدعي قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه المُدعي قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة.

نطلب رفض الدعوى:

وذلك تأسيساً على أن:-

1 - الأعيان الموقوفة خارجة عن دائرة التعامل:

[ أ ] حيث أن القانون المدني قد اشترط (في المواد من 131 : 135) في محل الالتزام أن يكون..

1- موجوداً إذا كان شيئاً (أي محل لالتزام بنقل حق عيني)، أو ممكناً (إذا كان عملاً أو امتناع عن عمل).

2- معيناً أو قابل للتعيين.

3- قابلاً للتعامل فيه.

وبشأن هذا الشرط الثالث (أن يكون قابلاً للتعامل فيه)، نصت المادة 135 مدني على أنه: "إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً".

ويكون الشيء غير قابل للتعامل فيه، فلا يصح أن يكون محلاً للالتزام، إذا كانت طبيعته، أو الغرض الذي خصص له يأبى ذلك (كمال الوقف)، أو إذا كان التعامل فيه غير مشروع. (راجع: للدكتور أحمد عبد الرازق السنهوري "الوسيط في شرح القانون المدني" – الجزء الأول "مصادر الالتزام" - المجلد الأول "العقد" - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة – بند 214 صـ 502 و بند 227 صـ 531 وما بعدها وهوامشها).

[ ب ] وحيث أن المادة 81 من القانون المدني تنص على أن: "

كل شئ غير خارج عن دائرة التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية. والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها، وأما الخارجة بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية".

ومن الأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون الأشياء التي ورد بشأنها نص خاص يمنع التعامل فيها، كالأموال العامة والأعيان الموقوفة. (راجع: للدكتور سليمان مرقس "الوافي في شرح القانون المدني" – الجزء الثالث "في العقود المسماة" - المجلد الأول "عقد البيع" – الطبعة الخامسة 1990 القاهرة - بند 81 – صـ 203).

وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "تقضي القواعد الشرعية - وعلى ما جرى به قضاء النقض - بوجوب المحافظة على أبدية الأموال الموقوفة لتبقى على حالها على الدوام محبوسة أبداً عن أن يُتصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات. فإذا ما تصرف المستحق في أعيان الوقف بالبيع فإن هذا التصرف يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لوقوعه على مال لا يجوز التعامل فيه بحكم القانون ومن ثم فلا تلحقه الإجازة". (نقض مدني في 23 مايو سنة 1963 في الطعن رقم 207 لسنة 28 قضائية س 14 صـ 798).

2 – نسبية أثر العقود:

لما كان ما تقدم، وكانت المادتان 145 و 152 من القانون المدني تنصان على "نسبية أثر العقود" بنصهما في المادة 145 مدني على أن: "ينصرف أثر العقد إلي المُتعاقدين والخلف العام"؛ وفي المادة 152 مدني على أنه: "لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير"، مما مفاده أن العقد لا يتناول أثره - بوجه عام - إلا المُتعاقدين، ولا يُجاوزهما إلي الغير إلا في حالة الاشتراط لمصلحة الغير.

أما الغير الذي لم يكن طرفاً في العقد ولا خلفاً لأحد من المُتعاقدين، وهو ما يُسمى بالغير الأجنبي أصلاً عن العقد، فلا ينصرف إليه أثر العقد مادام بعيداً عن دائرة التعاقد. فالصُلح الذي يقع بين الدائن وأحد الورثة لا يسري في حق بقية الورثة. والعقد الذي يصدر من أحد الشُركاء في الشيوع لا يُقيد بقية الشُركاء إلا في حدود الفضالة. وبيع ملك الغير لا يسري في حق المالك الحقيقي الذي لم يكن طرفاً في العقد. (راجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" - للدكتور/ أحمد عبد الرزاق السنهوري – الجزء الأول "مصادر الالتزام" - المُجلد الأول "العقد" - الطبعة الثالثة سنة 1981 بالقاهرة - بند 343 و 356 – صـ 720 و 746).

كذلك، فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "العقد لا ينصرف أثره إلي غير عاقديه وخُلفائهم، ولا يمكن أن يُرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاً لأحد المُتعاقدين". (نقض مدني في 12 نوفمبر سنة 1964 مجموعة أحكام النقض السنة 15 رقم 152 صـ 1022 )

وأيضاً، قضت محكمة النقض بأن: "العقد لا يكون ملزماً إلا لعاقديه وخلفهم العام سواء كان العقد عُرفياً أو رسمياً أو مُسجلاً". (نقض مدني في 21 فبراير سنة 1977 مجموعة أحكام النقض السنة 28 رقم 94 صـ 491).

3 – عدم نفاذ بيع ملك الغير في حق هيئة الأوقاف المصرية:

وحيث أن المادة 466 مدني تنص على أن: "إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه، جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع. ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار، سُجل العقد أو لم يسجل ... وفي كل حالة لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد".

وعلة الفقرة الثانية السالف ذكرها أن المالك أجنبي عن العقد، فلا يضار به، ولا تنتقل الملكية منه إلي المشتري بدون رضاه. وحتى مع إجازة المشتري للعقد فهي لا تؤثر في حق المالك الحقيقي، ويبقى العقد مع إجازته عاجزاً عن أن ينقل الملكية إلي المشتري، أي أنه يبقى غير نافذ في حق المالك الحقيقي. (سليمان مرقس - المرجع السابق - بند 294/4 – صـ 705).

وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "لا يجوز إبطال بيع ملك الغير إلا للمشتري دون البائع له. إلا أن المالك الحقيقي يكفيه أن يتمسك بعدم نفاذ هذا التصرف في حقه أصلاً إذا كان العقد قد سُجل. أما إذا كانت الملكية ما زالت باقية للمالك الحقيقي لعدم تسجيل عقد البيع فإنه يكفيه أن يطلب طرد المشتري من ملكه لأن يده تكون غير مستندة إلي تصرف نافذ في مواجهته". (نقض مدني في 14 فبراير سنة 1987 في الطعن رقم 1351 لسنة 54 قضائية. ونقض مدني في 7 نوفمبر سنة 1982 في الطعن رقم 802 لسنة 49 قضائية).

4 – عدم جواز اكتساب الملكية أو أي حق عيني آخر على الأعيان الموقوفة بالتقادم:

كما لا يجوز للمدعى الزعم بأنه تملك عين التداعي بالتقادم، حيث تنص المادة 970/2 من القانون المدني على أن: "لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم".

ومفاد هذا النص - كما هو واضح من عبارته - عدم جواز تملك الأعيان الموقوفة بالتقادم أو كسب أي حق عيني عليها كحق ارتفاق أو حق انتفاع أو حق رهن حيازي بالتقادم. (راجع: للدكتور أحمد عبد الرازق السنهوري "الوسيط في شرح القانون المدني" – الجزء التاسع: "أسباب كسب الملكية" - المجلد الثاني: "الحيازة" - الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 376 – صـ 1379).

وفى هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: "حظر المُشرع إطلاقاً تملك أعيان الأوقاف الخيرية، أو ترتيب حقوق عينية عليها بالتقادم، بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني الحالي بالقانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 13/7/1957". (نقض مدني في الطعن رقم 524 لسنة 35 قضائية - جلسة 3/2/1970 س 21 صـ 227).

وأنه: "إذا كانت المادة 970 من القانون المدني قبل تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957 تنص على أن الأموال الموقوفة لا تُكسب بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة ثلاثة وثلاثين سنة ثم نص هذا القانون الأخير والذي عُمِلَ به اعتبارا من 13 يوليه سنة 1957 على أنه لا يجوز تملك الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، فإن حيازة الطاعنين وحيازة من سبقهم من المشترين حتى صدور قرار لجنة القسمة في 22 أكتوبر 1961 بفرز حصة الخيرات في الوقف لا تؤدى إلى كسب ملكية الأطيان محل النزاع بالتقادم لورودها على مال لا يجوز تملكه بهذا السبب عملاً بنص المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون 147 لسنة 1957 لوجود حصة وقف خيري شائعة فيها. ولا يقدح في ذلك أن المادة 843 من القانون المدني تقضى باعتبار المُتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع، ذلك أن علة تقرير هذا الأثر الرجعى للقسمة هو حماية المتقاسم من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء على المال الشائع أثناء قيام الشيوع بحيث يخلص لكل متقاسم نصيبه المفرز الذي خُصِصَ له في القسمة مُطهراً من هذه الحقوق ويجب قصر إعمال الأثر الرجعى للقسمة في هذا النطاق واستبعاد جميع الحالات التي لا يكون الأمر فيها متعلقاً بحماية المتقاسم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة". (نقض مدني جلسة 10/6/1980 مجموعة أحكام النقض السنة 31 رقم 317 صـ 1698).

وعليه، فمادامت ملكية الـوقف الخيري مازالت قائمة وثابتة على أعيان التداعي، ومادامت تلك الملكية لا يجوز للغير اكتسابها بالتقادم مهما استطالت مدة حيازته لها كما أسلفنا القول: "بأنه لا يجوز اكتساب ملكية الأعيان الموقوفة بالتقادم"، فإنه يكون من المتعين - والحال كذلك – القضاء برفض الدعوى الماثلة.

ومفاد ما تقدم أن عين التداعي هي ملك الوقف الخيري وليست ملكاً للبائع في العقد المطلوب الحكم بصحته ونفاذه، لما كان ذلك وكان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذا تمسك أحد الخصوم في دعوى صحة التعاقد بملكيته هو للعقار المبيع، تعين على المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الفصل في ذلك، إذ أن الحكم بصحة التعاقد يتوقف على التحقق من عدم سلامة هذا الدفاع، ولما كان الواقع في الدعوى وهي دعوى صحة تعاقد أن أحد الخصوم قد جحد ملكية البائع وتمسك هو بملكيته للعقار موضوع الدعوى بمُقتضى مُستندات قدمها، فإن هذا الدفاع يكون دفاعاً جِدياً وجوهرياً مُؤثراً في الحكم ويقتضي من المحكمة بحثه وإبداء كلمتها فيه". (نقض مدني في الطعن رقم 219 لسنة 22 قضائية – جلسة 29/12/1955).

لا سيما وأنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "دعوى صحة ونفاذ العقد هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه وتستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سُجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها. وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة العقد وبالتالي فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يُثار من أسباب تتعلق بوجود العقد وإنعدامه وبصحته أو بطلانه ومنها أنه غير جدي أو حصل تنازل عنه، إذ من شأن هذه الأسباب لو صحت أن تعتبر العقد غير موجود قانوناً فيحول ذلك دون الحكم بصحته ونفاذه". (نقض مدني في الطعن رقم 576 لسنة 35 قضائية – جلسة 26/2/1970 السنة 21 صـ 368).

ثالثاً الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها)، الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:

أولاً وبصفة أصلية: بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة مدينة نصر الجزئية.

ثانياً وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لهيئة الأوقاف المصرية.

ثالثاً وعلى سبيل الاحتياط الكلي: وعلى الترتيب التالي:

1- بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها.

2- بعدم قبول الدعوى لعدم تسجيل البائع لسند ملكيته.

3- برفض الدعوى.

4- بعدم نفاذ العقد (محل الدعوى) في حق هيئة الأوقاف المصرية.

وفي جميع الأحوال: بإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أيا كانت،،،

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com