الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

خلاصة قول الفقهاء .. في صيام يوم عاشوراء



قول الفقهاء .. في صيام يوم عاشوراء

للمفتى/ فضيلة الشيخ عطية صقر
في: مايو 1997

سئل: هل صحيح أن صوم يوم عاشوراء كان مفروضاً قبل رمضان، وما هي حكمة صيامه، وهل صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالتوسعة على العيال فيه؟
أجاب: يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر الله المحرم أول شهور التقويم الهجري - دخل التاريخ من أوسع أبوابه منذ بدء الخليقة كما تحكى الروايات التى لا يصمد أكثرها أمام النقد العلمي عند رجال الحديث.
ويهمنا من هذه الأبواب بابان كان لكل منهما أثره فى - تحول مجرى التاريخ الدينى والتشريعي فى اليهودية والإسلام، أحدهما يوم أن نجى الله موسى عليه السلام وجماعته الإسرائيليين، وأغرق فرعون وقومه الظالمين، وكان يوماً فاصلاً بين عهدين فى تاريخ اليهود، عهد ذاقوا فيه العذاب ألواناً حين كانوا تحت حكم فرعون، كما يذكرهم الله به فى قوله {وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم. وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون}. البقرة: 49 ، 50 ، وعهد التحرر والاتجاه إلى تأسيس مجتمع مستقل ما لبث أن تقلبت به الأحداث ما بين صعود وهبوط واجتماع وتفرق كما قضى بذلك رب العزة فى كتابه وسجله القرآن الكريم فى أوائل سورة الإسراء {وقضينا إلى بنى إسرائيل فى الكتاب لتفسدن فى الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا}، روى البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود يصومون عاشوراء فقال لهم "ما هذا الذى تصومونه" فقالوا: هذا يوم عظيم، نجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه وأمر بصيامه حتى جاء فرض صيام رمضان فبقى صيام يوم عاشوراء مندوباً.
وإذا كان الخبر الصحيح يشرع صومه شكرا لله على نجاة موسى، فإن تحديد هذا اليوم وربطه بنجاة آبائهم هو خبر اليهود كما جاء فى كتبهم التى توارثوها، والثابت فى الصحيحين أيضا عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء قبل هجرته من مكة إلى المدينة إتباعاً لقريش فى صيام هذا اليوم فى الجاهلية، ويعلل عكرمة صيام قريش له بأنهم أذنبوا ذنبا فى الجاهلية فعظم فى صدورهم فقيل لهم: صوموا عاشوراء يكفر ذلك الذنب، فهل كان ذلك تقليدا لليهود فى صيام يوم الكفارة "يوم كبور" أو بناء على شرع سابق؟ والمعروف أن شرعة إبراهيم وإسماعيل التى كانت فى مكة هي أسبق من الشريعة التى جاءت بها توراة موسى الذى نجاه الله من فرعون وقومه. روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش فى الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه. فلما قدم المدينة صامه، وأمر الناس بصيامه فلما فرض رمضان قال "من شاء صامه ومن شاء تركه".
إن الذى يهمنا كمسلمين أن صوم يوم عاشوراء بقى مندوباً كسائر الأيام التى يندب فيها الصيام، ولم يكن يأبه له أحد من المسلمين بأكثر من أن الصيام فيه له فضله الذى ورد فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم "يكفر السنة الماضية " وجرى الأمر على ذلك فى عهد الخلفاء الراشدين حتى كان يوم الجمعة العاشر من المحرم سنة إحدى وستين من الهجرة، وهو اليوم الذى استشهد فيه الحسين بن على رضي الله عنهما فى كربلاء، فدخل يوم عاشوراء التاريخ مرة أخرى من باب واسع عمَّق الشعور بالتشيع لآل البيت.
وعلى الرغم من مرور أربعة عشر قرنا على هذا الحادث فإن آثاره ما زالت باقية تظهر فى الاحتفال بذكراه، فهو فى إيران والعراق وغيرهما يوم حزن عميق لا داعي لوصف مظاهره، وهو فى بلاد المغرب وغيرها من البلاد التى تبرر ما صنعه رجال البيت الأموي للاحتفاظ بالسلطان يوم فرح وهدايا وتوسعة وترفيه بالحلوى وكل ما لذَّ وطاب [مجلة العربي التى تصدر بالكويت 1962، مجلة الإيمان التى تصدر بالمغرب - محرم وصفر 1384 هـ].
وفى ظل هذه العواطف ظهرت بدع واخترعت أقاويل وحكايات، بل وضعت أحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم تشجع الأولين على المبالغة فى الأسى والحزن، وتشجع الآخرين على المبالغة فى الفرح والسرور، ونكتفي بهذا القدر فى بيان استغلال يوم عاشوراء استغلالاً سياسياً لنعرف مدى صحة ما يقال إن التوسعة على العيال فى يوم عاشوراء أثر من آثار النزاع بين البيت الأموي والهاشمي فنقول : جاء فى كتاب شرح الزرقانى على المواهب اللدنية للقسطلاني "ج 8 ص 123 " أن الحديث الذى يقول : "من وسع على عياله فى يوم عاشوراء وسع الله عليه السنة كلها" رواه الطبراني والبيهقي وأبو الشيخ، وقال البيهقى إن أسانيده كلها ضعيفة، ولكن إذا ضم بعضها إلى بعض أفاد قوة، قال العراقي فى أماليه: لحديث أبى هريرة طرق صحح بعضها ابن ناصر الحافظ، وأورده ابن الجوزي فى الموضوعات. وذلك لأن سليمان بن أبى عبد الله الراوي عن أبى هريرة مجهول، لكن جزم الحافظ فى تقريبه بأنه مقبول، وذكره ابن حبان فى الثقات والحديث حسن على رأيه. قال العراقي: وله طرق عن جابر على شرط مسلم أخرجها ابن عبد البر فى "الاستيعاب" وهى أصح طرقه. رواه ابن عبد البر والدارقطني بسند جيد عن عمر رضي الله عنه موقوفاً عليه.  قد يقال : إذا كان الصوم شعيرة عاشوراء، وهو يقوم على الزهد والتقشف فكيف يتفق ذلك مع التوسعة على العيال والأهل؟ لئن كانت هناك توسعة فلتكن على الفقراء كالبر فى رمضان، ومهما يكن من شيء فإن التوسعة مندوبة وأفضل دينار ينفقه الإنسان بعد نفسه هو على أهله، وكل ذلك فى حدود الوسع، ورأى بعض المفكرين أن "العيال" المذكورين فى هذا الحديث هم عيال الله وهم الفقراء، وهنا تظهر الحكمة فى التوسعة مع الصيام. وجاء فى الزرقانى أيضا أن ما يذكر من فضيلة الاغتسال فيه والخضاب والإدهان والاكتحال ونحو ذلك فبدعة ابتدعها قتلة الحسين كما صرح به غير واحد.
هذا، والأولى الاقتصار على ما جاء فى الحديث من أن صيامه يكفر ذنوب سنة، كما يسن صيام يوم التاسع أيضا لحديث رواه مسلم عن ابن عباس قال: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال - "إذا كان العام المقبل - إن شاء الله -صمنا اليوم التاسع" قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى أحمد "خالفوا اليهود صوموا يوما قبله ويوما بعده".
وقد ذكر العلماء أن صيام عاشوراء على ثلاث مراتب:-
-       المرتبة الأولى: صوم ثلاثة أيام: التاسع والعاشر والحادي عشر.
-       والمرتبة الثانية: صوم التاسع والعاشر.  
-       والمرتبة الثالثة: صوم العاشر وحده.
وموضوع صيام عاشوراء مبسوط فى كتاب "زاد المعاد لابن القيم ج ا ص 164 وما بعدها. هذا، وقد جاء فى الترمذي بإسناد حسن أنه قد يكون هو اليوم الذى تاب فيه على قوم ويتوب على آخرين، ولكن ليس فى الحديث تعيين لهذا اليوم ولا لهؤلاء الأقوام، وصح من حديث أبى إسحاق عن الأسود ابن يزيد قال: سألت عبيد بن عمير عن صيام يوم عاشوراء فقال: المحرم شهر الله الأصم، فيه يوم تيب فيه على آدم، فإن استطعت ألا يمر بك إلا وأنت صائم فافعل [تفسير القرطبي ج ا ص 324] وهو حديث غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وجاء فى مسند أحمد أنه ربما يكون هو اليوم الذى استوت فيه سفينة نوح على الجودي. ولا أعلم درجة هذا الحديث، كما جاء فى الكتب حوادث أخرى فى يوم عاشوراء ليس لها سند صحيح، منها مولد الخليل إبراهيم ومولد موسى ومولد عيسى، وبردت فيه النار على إبراهيم، ورفع العذاب عن قوم يونس، وكشف الضر عن أيوب، ورد البصر على يعقوب، وأخرج يوسف من الجب، ويوم الزينة الذى غلب فيه موسى السحرة.
تتمات.
1- صيام النبي يوم عاشوراء فى مكة كان كصيام قريش لمتابعتهم فى الخير كمتابعتهم فى الحج ولم يأمر به أصحابه، وصامه بعد الهجرة لما وجد اليهود يصومونه، قال العلماء: إن صيامه فى المدينة كان بوحي أو باستدامة صيامه فى مكة وزاد تأكيده بشكر الله على نجاة موسى. وليس صيامه متابعة لليهود فى شريعتهم، وقال بعضهم: إنه اجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ولعل هذا من باب تأليف قلوبهم كالتوجه إلى بيت المقدس فى الصلاة. وكانت هذه الموافقة فى أول الإسلام ، فلما فتحت مكة وقوى الإسلام خالف أهل الكتاب، بل أمر بمخالفتهم فى شكل الصيام لا فى أصله، ودليل ذلك أنه فى أواخر حياته - وكان يصوم عاشوراء استحبابا ويصومه أصحابه - قيل له: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال - كما رواه مسلم - "إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع" فلم يأت العام المقبل حتى توفى.
2-  تكفير الذنوب بصيام عاشوراء المراد بها الذنوب الصغائر، وهى ذنوب سنة ماضية أو آتية إن وقعت من الصائم، فإن لم تكن صغائر خفف من الكبائر، فإن لم تكن كبائر رفعت الدرجات. أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة النصوح، وقيل يكفرها الحج المبرور، لعموم الحديث المتفق عليه "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".
3- قال النووي: اختلف فى حكم صوم عاشوراء فى أول الإسلام حين شرع قبل رمضان، فقال أبو حنيفة كان واجباً لظواهر الأحاديث، ولأصحاب الشافعي وجهان: وجه كأبي حنيفة، والأشهر أنه لم يزل سنة حين شرع، لكن كان متأكد الاستحباب، فلما فرض رمضان صار استحبابه أقل من الأول، ويظهر الخلاف فى النية هل يجب تبييتها أو تمكن قبل الزوال؟ الله أعلم بما كان عليه الصحابة حينذاك، ولا أثر له الآن. هذا، وقد ثبت فى الصحيحين أن ابن مسعود أفطر يوم عاشوراء، ولما سئل قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل صوم رمضان، فلما نزل رمضان تركه، والتفسير الصحيح لفعل ابن مسعود وقوله أن صوم عاشوراء ترك النبي صلى الله عليه وسلم وجوبه بعد فرض صيام رمضان، وبقى مستحبا كما تدل عليه الروايات الأخرى، والموضوع طويل يراجع فى زاد المعاد لابن القيم "ج ا ص 164".
هذا، والله أعلى وأعلم،،،

الأحد، 20 نوفمبر 2011

الحراسة القضائية – استبدال الحارس لوفاته – دعوى حساب الحارس – دعوى عزل الحارس – دعوى قصر الحراسة وإخراج أعيان معينة منها – فرز وتجنيب حصة الخيرات – حالات اختصاص لجان القسمة – وحالات اختصاص لجنة شئون الأوقاف – ومسائل أخرى.



الحراسة القضائية – استبدال الحارس لوفاته – دعوى حساب الحارس – دعوى عزل الحارس – دعوى قصر الحراسة وإخراج أعيان معينة منها – فرز وتجنيب حصة الخيرات – حالات اختصاص لجان القسمة – وحالات اختصاص لجنة شئون الأوقاف – ومسائل أخرى.


أقامت السيدة/ ****** ، ضد/ هيئة الأوقاف المصرية، الدعوى رقم ***** لسنة ***** مستعجل القاهرة، بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة "بعابدين" في تاريخ 29/3/2010، طالبين في ختامها الحكم لهما: "بصفة مستعجلة: باستبدال المدعية بمورثها المرحوم/ ***** لتكون حارساً قضائياً بلا أجر لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم ***** لسنة ***** مستعجل القاهرة، وإضافة المصروفات وأتعاب المحاماة على عاتق الحراسة".
وقالت المدعية شرحاً لدعواهاإن: المرحوم/ ***** كان قد أقام ضد/ هيئة الأوقاف المصرية الدعوى رقم ***** لسنة ***** مستعجل القاهرة بغية الحكم له: "بصفة مستعجلة: بفرض الحراسة القضائية على التداعي، وتعيينها حارساً قضائياً عليها تكون مهمته إدارتها واستغلالها بالطريق الذي يراه مناسباً، مع إيداع صافي حصة الخيرات – بعد استنزال المصروفات – بخزينة المحكمة وخزينة الأوقاف كل ستة أشهر".
وتداولت تلك الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة **/**/***** قضت المحكمة في تلك الدعوى بحكمها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: "حكمت المحكمة، في مادة مستعجلة: بفرض الحراسة القضائية على الأطيان المبينة بصحيفة الدعوى، وتعيين المدعي (*****) حارساً قضائياً عليها بلا أجر، على أن تكون مهمته: استلامها، وإدارتها إدارة حسنة فيما أعدت له، وتحصيل ريعها، وإيداع حصة الخيرات بعد خصم المصروفات الضرورية بخزينة المحكمة كل ستة أشهر، وعليه تقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات لذوي الشأن كل ستة أشهر، وإيداع صورة منه بقلم كتاب هذه المحكمة حتى ينتهي النزاع قضاءً أو رضاءً، وإضافة المصاريف ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة على عاتق الحراسة".
وإذ لم ترتض هيئة الأوقاف المصرية بالحكم الصادر في الدعوى رقم ***** لسنة ***** سالف الذكر، لذا فقد قامت بالطعن عليه بالاستئناف رقم ***** لسنة ***** مستأنف مستعجل القاهرة، الذي تداول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره، وقد قضي في ذلك الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى: "تعيين هيئة الأوقاف المصرية حارساً قضائياً على أرض النزاع بدلاً من *****.  
        وبعد حوالي تسع سنوات من صدور حكم الحراسة سالف الذكر واستئنافه، أقام السيد/ ***** ضد/ هيئة الأوقاف المصرية الدعوى رقم ***** لسنة ***** مستعجل القاهرة، بغية الحكم له بعزل هيئة الأوقاف المصرية من الحراسة على أرض النزاع وتعيينه حارساً عليها بدلاً منها، لأداء نفس المأمورية الواردة بمنطوق الحكم رقم ***** لسنة ***** مستعجل القاهرة.
        وتداولت تلك الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة **/**/***** قضت المحكمة في تلك الدعوى بحكمها الذي جرى منطوقه على النحو التالي:        "بعزل هيئة الأوقاف المصرية من الحراسة، واستبدالها بثلاث حراس قضائيين من الجدول، لأداء المأمورية الواردة بمنطوق الحكم رقم ***** لسنة ***** مستعجل القاهرة".
        وإذ لم يرتض المدعي/ ***** بذلك الحكم، لذا فقد طعن عليه بالاستئناف رقم ***** لسنة ***** مستأنف مستعجل القاهرة، كما طعنت عليه هيئة الأوقاف المصرية بالطعن رقم ***** لسنة ***** مستأنف مستعجل القاهرة. وانضمت الثلاث استئنافات إلى بعضها البعض للارتباط وليصدر فيها حكماً واحداً. وتداولت تلك الاستئنافات الثلاث بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة **/**/***** قضت محكمة الاستئناف في تلك الاستئنافات الثلاث بحكمها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: "حكمت المحكمة، في مادة مستعجلة: أولاً- بقبول الاستئنافات شكلاً. ثانياً- وفي موضوع الاستئناف رقم ***** لسنة ***** (المقام من هيئة الأوقاف المصرية) برفضه. ثالثاً- وفي موضوع الاستئناف رقم ***** لسنة ****** (المقام من المدعي) بتعديل الحكم المستأنف وبتعيين المستأنف في هذين الاستئنافين (السيد/ *****) حارساً قضائياً بلا أجر، بدلاً من حراس الجدول، وذلك لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم ****** لسنة ***** مستعجل القاهرة، وأضافت مصروفات الاستئنافات وعشرون جنيهاً لأتعاب المحاماة عن كل استئناف على عاتق الحراسة".
وكما سبق القول في صدر هذه المذكرة، فقد أقام كل من السيدة/ ***** الدعوى رقم ****** لسنة ***** مستعجل القاهرة، بغية الحكم لهما: "بصفة مستعجلة: باستبدال المدعية بمورثها المرحوم/ ***** لتكون حارساً قضائياً بلا أجر لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم ***** لسنة ***** مستعجل القاهرة، وتعيين المدعي الثاني حارساً منضماً، وإضافة المصروفات وأتعاب المحاماة على عاتق الحراسة".
        على سند من القول بأن مورثهم المرحوم/ ***** قد عين حارساً قضائياً على أرض النزاع بموجب الحكم الصادر في الاستئناف رقم ****** لسنة ******* والقاضي بتعديل الحكم المستأنف وبتعيين السيد/ ***** (مورث المدعية) حارساً قضائياً بلا أجر، بدلاً من حراس الجدول، وذلك لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم ****** لسنة ***** مستعجل القاهرة.
وحيث أن ذلك الحارس (مورث المدعين في الدعوى المذكورة) قد توفي بتاريخ **/**/*****، وانحصر أرثه الشرعي في: المدعية (زوجته، السيدة/ *****). ومن ثم أقامت الدعوى المذكورة بغية تعيينها حارساً قضائياً على أرض النزاع بدلاً من زوجها المتوفى.
وبجلسة **/**/***** قضت الدائرة ***** بمحكمة عابدين للأمور المستعجلة في الدعوى بحكمها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: "حكمت المحكمة، في مادة مستعجلة: باستبدال الحارس القضائي المعين بمقتضى الحكم الصادر بالاستئناف رقم ***** لسنة ***** مستأنف مستعجل القاهرة لوفاته، واستبداله بالمدعية الأولى (السيدة/ ******) بدلاً منه، وذلك لأداء ذات المأمورية الواردة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم ****** لسنة ****** مستعجل القاهرة، مع إضافة المصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة على عاتق الحراسة".
وقد أسست المحكمة قضائها المذكور على سند من إنه بوفاة الحارس القضائي يتعين تعيين حارس قضائي بدلاً منه طالما لم تنته الحراسة القضائية، ذلك أن موت الحارس القضائي لا ينهي الحراسة إذ أن الحراسة ليست مرتبطة بشخص ما، ومن ثم فإنه يتعين على المحكمة التي قامت بتعيينه أن تعين آخر بدلاً منه لأداء ذات المأمورية دون أي تعديل أو تغيير فيها. ولما كان قد ثبت للمحكمة وفاة الحارس القضائي وبالتالي أصبحت الحراسة شاغرة وكانت أسباب فرض الحراسة على أطيان التداعي ما زالت قائمة لم تنته، وكانت المدعية زوجة الحارس المتوفى والوصية على أولاده القصر، ولم توجه لها ثمة مطاعن تنال من شخصيتها، الأمر الذي قضت معه المحكمة بتعيينها حارساً قضائياً دون تعديل أو تغيير في المأمورية احتراماً لحجية الأحكام النهائية.
هذا، وقد أفادت الجهة الإدارية بأن: إجمالي مساحة أرض وقف/ ***** بزراعة ****** تبلغ ــس 1ط 35ف (خمسة وثلاثون فدان وقيراط واحد)، وإن عدد مستأجرين تلك المساحات من الأوقاف يبلغ 31 (واحد وثلاثون) مستأجراً، وأن إجمالي مبلغ المديونية على هؤلاء المستأجرين لتلك المساحات – حتى نهاية عام 2010 – تبلغ 20/616.565جم (ستمائة وستة عشر ألف وخمسمائة وخمسة وستون جنيهاً وعشرون قرش)، وأوردت الجهة الإدارية كشفاً بأسماء هؤلاء المستأجرين به قدر المساحة التي يستأجرها كل منهم ومبلغ المديونية المترصد في ذمة كل واحد منهم.
        كما أفادت الجهة الإدارية بأنه تم إعلانهم بالصيغة التنفيذية لحكم استبدال الحارس القضائي المتوفى وإنه تم تحديد موعداً للتنفيذ في يوم **/**/***** إلا أنه تم تأجيله لأسباب أمنية.
        وأفادت الجهة الإدارية إنه تحسباً لتنفيذ ذلك الحكم، فقد قامت الإدارة القانونية بمنطقة أوقاف ***** بعمل إشكال في تنفيذه قيد برقم **** لسنة ****** مدني جزئي ******، وتحدد لنظره جلسة **/**/*****، بغية القضاء لهيئة الأوقاف المصرية بوقف تنفيذ الحكم القضائي الصادر في الدعوى رقم ***** لسنة ***** مدني مستعجل القاهرة لحين الفصل في الإشكال الماثل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات، مع التنبيه على جهات التنفيذ بوقف إجراءات التنفيذ لحين الفصل في هذا الإشكال.
        كما أقامت الحراسة البديلة للحارس المتوفى، التظلم رقم ***** لسنة ***** مدني مستعجل كوم حمادة ضد/ أحد عشر مستأجراً من الحارس السابق لمساحات من أطيان التداعي، تظلماً من رفض إصدار أمر حجز تحفظي رقم **** لسنة ****** على هؤلاء المستأجرين لامتناعهم عن سداد أجرتها عن السنوات من ****** حتى ****** .
        حيث إن هؤلاء المستأجرين من الحارس السابق كانوا يسددون أجرة الأطيان المؤجرة إليه حتى تاريخ وفاته في عام ****** ، وبعد وفاته امتنعوا عن سداد أجرتها، وبعد تعيين زوجته حارسة بديلة عنه تقدمت بطلب إصدار أمر حجز تحفظي علي المحصولات الزراعية والآلات الزراعية والمواشي الموجودة بالأرض المؤجرة إليهم، وإذ تم رفض إصدار ذلك الأمر، مما حدا بها إلى إقامة التظلم المذكور ضد هؤلاء المستأجرين.
        ومن مطالعة صحيفة التظلم رقم ***** لسنة ***** المقام من الحارسة البديلة المتقدم ذكره، ومحاولة حساب المساحات المؤجرة فيه للمدعى عليهم في التظلم، فيغلب إنها حوالي عشرة أفدنة تقريباً – وبخصمها من إجمالي مساحة الوقف المقام عنها دعوى الحراسة والبالغ قدرها 45 فدان، يستنتج بأن الـ 35 فدان الباقين هو ما تديره منطقة أوقاف البحيرة وفق كتابها سالف الذكر.
        علماً بأنه ثابت بالأوراق أن هيئة الأوقاف المصرية لم تتسلم من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي (تنفيذاً لقانون إنشاء الهيئة رقم 80 لسنة 1971) سوى ذلك القدر البالع ـس 1ط 35ف بموجب محضر استلام رسمي مؤرخ في **/**/*****.
        وبمقارنة أسماء الـ 11 مستأجر المقام ضدهم التظلم سالف الذكر، مع كشف أسماء المستأجرين الوارد من المنطقة، يتضح إنه يختلفان عن بعضهما فيما عدا أربع أو خمس مستأجرين أما باقي الأسماء فمختلفة، مما يستنتج منه أن الحارس القديم أجر مساحة الـ 10 أفدنه لأحد عشر مستأجراً ومنطقة أوقاف البحيرة أجرت مساحة الـ 35 لأحد وثلاثين مستأجراً آخرين، إلا إن بينهم أربع أو خمس مـستأجرين في الأغلب إنهم يستأجرون مساحات مختلفة من كلا المؤجرين (الحارس القديم والأوقاف معاً).
        ويستفاد من كتاب الجهة الإدارية الوارد به كشف أسماء المستأجرين والمساحات المؤجرة لهم والمديونية المترصدة في ذمتهم، أن تلك المساحة في وضع يد منطقة أوقاف البحيرة. لا سيما وأن الإدارة القانونية تقر بأن هناك ضغوط على السيد/ ******** وغيره من المستأجرين من الأوقاف لإجبارهم على التوقيع على عقود إيجار جديدة مع الحارسة البديلة. مما يدل على أن مساحة الـ 35 فدان في إدارة الأوقاف وتأجرها للغير (بخلاف أغلب المستأجرين المتعاقدين مع الحارس السابق المتوفى)، ولا أدل على ذلك من قيام الإدارة القانونية بمنطقة أوقاف ****** بإقامة إشكال في تنفيذ حكم الحراسة الأخير (الإشكال رقم ***** لسنة ***** مدني جزئي ***** لوقف تنفيذ الحكم استبدال الحارس المتوفى بالحكم رقم ****** لسنة ****** مستعجل القاهرة)، فلو كانت مساحة الـ 35 فدان في حيازة الحارس القديم، لما كان هناك معنى للتنفيذ حكم استبدال الحارس واستلام تلك الأرض من الأوقاف، ولما كان هناك معنى لقيام المنطقة بعمل إشكال في التنفيذ لوقف تنفيذ ذلك الحكم لحين الفصل في الإشكال.
        ونخلص مما سبق – والله أعلم – أن الحارس السابق ومن تلاه في الحراسة يضعون اليد على مساحة حوالي 10 أفدنه يؤجرنها ويقبضون أجرتها من تاريخ تنفيذ حكم الحراسة الأول حتى تاريخ وفاة الحارس السابق في ***** ، وأن هناك حوالي 35 فدان تؤجرها الأوقاف وإن كان المستأجرون عليهم متأخرات (ربما بسبب المنازعات الدائرة على أطيان التداعي).
وحالة الشيوع ما زالت قائمة بين حصة الوقف الأهلي وحصة الوقف الخيري، وإن أحكام الحراسة مؤقتة لحين إنهاء النزاع (حالة الشيوع) قضاءً أو رضاءً.    
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، نرى الرجوع إلى الجهة الإدارية للتأكد من تلك المعلومة، فإذا تأكد يقيناً أن مساحة الـ 35 فدان هي في وضع يد الأوقاف وتديرها وتؤجرها بمعرفتها، ومن ثم فيجب معرفة هل تلك المساحة تغل قدر الحصة المقدرة للوقف الخيري من عدمه، فإذا كان تغل تلك القيمة، فلا وجه لإقامة دعوى لمحاسبة الحارسة على ريع الوقف الخيري، طالما إن المساحة التي في وضع يد الأوقاف تغل تلك القيمة بالفعل.
        أما إذا كانت تلك المساحة لا تغل قدر الحصة المقدرة للوقف الخيري، فيتعين حساب فرق القيمة – بمعرفة الجهة الإدارية المختصة – ومن ثم موافاتنا به، لإقامة دعوى حساب ضد الحارسة القضائية للمطالبة بقيمة ذلك الفرق في مساحة الـ 10 أفدنه التي تديرها وتقبض أجرتها من تاريخ تنفيذ حكم الحراسة السابق، وحتى الآن.
        وذلك استناداً إلى ما سبق، وإلى ما هو مقرر في قضاء محكمة النقض من أنه: "إذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن طلبات المستأنف عليهما (المطعون عليهما) الختامية صحيحة، واضحة في المطالبة بالحكم بما يثبت أنه مستحق لهما بناء على ما ينتهي إليه الخبير بعد فحص الحساب، مما مفاده أن الحكم قد أعتبر طلبات المطعون عليهما مبينة في الدعوى ومحددة بطلب الحكم بالمبالغ التي يسفر عنها تقرير الخبير، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالبطلان - بمقولة أن المطعون عليهما لم تبينا طلباتهما أمام محكمة أول درجة مكتفين بطلب الحكم لهما بما ينتهي إليه الخبير مما تكون معه الطلبات مجهلة - يكون في غير محله". (نقض مدني في الطعن 713 لسنة 50 قضائية – جلسة 5/5/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 1382 – فقرة 2).
كما إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض إن: "دعوى الحساب ليست من الدعاوى التي يجب على النيابة العامة أن تتدخل فيها، فلا محل لتحدى الطاعن بأن البطلان الذي يشوب الحكم في شقه الخاص بدعوى الإفلاس - بمفترض وجوده - يمتد إلى ما قضى به الدعوى الحساب". (نقض مدني في الطعن رقم 5426 لسنة 65 قضائية – جلسة 28/10/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 1206 – فقرة 2).
        مع ملاحظة أن دعوى الحساب دعوى موضوعية، ترفع أمام محكمة الموضوع، وليست أمام القضاء المستعجل الذي أصدر حكم الحراسة.
        أما بالنسبة للـ 35 فدان التي تديرها الأوقاف، فإذا لم تكن منطقة أوقاف البحيرة قد كلفت هيئة قضايا الدولة ***** لإقامة دعاوى قضائية ضد المستأجرين المتأخرين عن سداد أجرة الأطيان المؤجرة لهم، فيتم توجيههم بتكليف هيئة قضايا الدولة بإقامة تلك الدعاوى بفسخ عقود الإيجار مع الإخلاء والتسليم مع إلزامهم بسداد متأخر الأجرة المترصد في ذمتهم (حيث إن المدعى عليهم جميعهم وأعيان التداعي جميعها في نطاق محافظة ******)، ولا يحول دون ذلك صدور حكم الحراسة الأخير، لأن هؤلاء المستأجرين لم يسددوا الأجرة للحارس القديم، فضلاً عن إن الحراسة كانت شاغرة في المدة من عام ****** وحتى عام ****** كما إن الحارسة الأخيرة لم تقم بتنفيذ حكم الحراسة واستلام الأطيان التي تديرها الأوقاف.
وفي هذا الخصوص يجب معرفة مصير الإشكال الذي أقامته الإدارة القانونية بمنطقة أوقاف البحيرة (برقم ***** لسنة ***** مدني جزئي ******، والذي كان محدداً لنظره جلسة **/**/******) وما آل إليه الحكم في هذا الإشكال. وكذلك استطلاع لحقيقة الأوضاع على الأرض ومعرفة ما إذا كانت الحارسة الأخيرة قد قامت بتنفيذ حكم الحراسة واستلام تلك الأطيان من تحت يد هيئة الأوقاف المصرية من عدمه.
        وفي جميع الأحوال نرى – والله أعلم – تكليف هيئة قضايا الدولة بضرورة إقامة دعوى قضائية باسم/ وزير الأوقاف .. إما بطل بعزل الحارسة الأخيرة لعدم تنفيذها هي وسلفها الحارس السابق للمأمورية المنوطة بهما مع تعيين حراس قضائيين من الجدول (لسبق رفض إقامة هيئة الأوقاف حارسة على وقف التداعيوسيكون وضع الوزارة أفضل في تلك الدعوى لعدم اختصامها في دعاوى الحراسة السابقة وعدم صدور الأحكام في مواجهتها) .. وإما بقصر حكم الحراسة على مقدار  الحصة الأهلية في الوقف وإخراج الحصة الخيرية من الحراسة .. وفي كلا الحالتين موافاة هيئة قضايا الدولة بكافة المعلومات والمستندات المتعلقة بهذا الموضوع.
        ويمكن تأسيس دعوى عزل الحارس أو إنهاء الحراسة أو قصرها على ما يلي:
-   من المستقر عليه فقهاً أنه: "قد توجه إلى الحارس مطاعن تستوجب عزله، كما إذا قام الدليل على إنه ينحاز لبعض الخصوم المتنازعين، أو يهمل إدارة الأعيان إهمالاً يضر بأصحابها، أو يهمل حفظها بما يجعلها عرضة للتلف أو الهلاك أو الضياع، أو يتصرف في الريع تصرفاً غير أمين، أو يبدد هذا الريع أو يبدد الأموال الموضوعة تحت حراسته، أو يبطئ في إعمال إدارته أو في تقديم الحساب". (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء السابع – المجلد الأول – طبعة 2006 – بند 454 – صـ 759 وهوامشها).
-   كما إنه من المستقر عليه فقهاً أنه: "إذا كان الحارس مُعيناً من قاضي الأمور المستعجلة، جاز لكل ذي مصلحة أن يرفع أمامه دعوى برفع الحراسة أو إنهائها، ويقتصر قاضي الأمور المستعجلة للبت في المسألة على فحص ظاهر المستندات دون أن يجاوز ذلك إلى فحص موضوعي يقتضي تحقيقاً أو خبرة أو توجيه يمين". (لطفاً، راجع: "القضاء المستعجل" – للمستشار/ مصطفى هرجة – طبعة 91/1992 نادي القضاة – صـ 350).
-   كما إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: "الحارس القضائي يستمد سلطته من الحكم الذى يقيمه، وتثبت له هذه الصفة بمجرد صدور الحكم دون حاجة إلى أي إجراء آخر كالتسليم، ويكون هو صاحب الصفة فى الأعمال التى نيطت به وفى الدعاوى المتعلقة بها، وبمجرد صدور الحكم بعزل الحارس فإنه يفقد صفته، وجميع التصرفات التى يجريها بعد عزله تعتبر صادرة خارج حدود نيابته". (نقض مدني في الطعن رقم 2117 لسنة 52 قضائية – جلسة 26/11/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 179 – فقرة 4).
-   وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بظاهر الأوراق عدم تنفيذ الحارس السابق والحارسة الحالية (البديلة عنه) لم يقوما بتنفيذ حكم الحراسة ولم يقوما بتسليم بإيداع حصة الخيرات بخزينة المحكمة كل ستة أشهر ولم يقوما بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات لهيئة الأوقاف المصرية  كل ستة أشهر ولم يقوما بإيداع صورة منه بقلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة "بعابدين"، وكل ذلك يصيب أموال وأعيان وحقوق الوقف الخيري بالضياع، بما يتعين معه – والحال كذلك – عزل الحارسة القضائية الحالية، وتعيين حارس قضائي من الجدول .. أو قصر الحراسة القضائية على الحصة الأهلية فقط وإخراج الحصة الخيرية من الحراسة. 
        وأيضاً نرى إنه في جميع الأحوال – والله أعلم – ضرورة مراجعة الجهة الإدارية وإدارات الملكية العقارية لبيان على وجه التحديد ما إذا كانت حصة الخيرات في وقف التداعي مقدرة تقديراً نهائياً لا منازعة فيه، ففي هذه الحالة يتم تكليف إدارة القضايا بوزارة الأوقاف بتكليف هيئة قضايا الدولة بتقديم طلب باسم/ وزير الأوقاف للجان القسمة بوزارة الأوقاف (المشكلة بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بشأن قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف)، وذلك لقسمة حصة الخيرات وفرزها وتجنيبها عن الحصة الأهلية.
وذلك استناداً إلى نص المادة الأولى من القانون رقم 55 لسنة 1960 بشأن قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف، التي تقضي بأنه:
"استثناء من أحكام المادة 836 من القانون المدني، والمادة 41 من القانون رقم 48 لسنة 1946 (الخاص بأحكام الوقف)، تتولى وزارة الأوقاف بناء على طلب أحد ذوي الشأن قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف طبقاً للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952، كما تتولى الوزارة في هذه الحالة فرز حصة الخيرات الشائعة في تلك الأعيان. وتجري القسمة في جميع الأنصبة ولو كان الطالب واحداً".
كما إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: "مفاد المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف يدل على أن لجان القسمة المنشأة بموجب هذا القانون لا تختص بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره عند المنازعة فيه ولا بالفصل في المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهلياً أم خيرياً باعتبارها منازعة في أصل الاستحقاق وإنما تأمر إذا ما أثيرت لديها منازعة من ذلك إما برفض طلب القسمة وإما إجرائها حسبما تراه ظاهراً من الأوراق ويكون حكمها بالقسمة في هذه الأحوال غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة". (نقض مدني في الطعن رقم 31 لسنة 49 قضائية – جلسة 25/11/1980).
علماً بأن المادة الخامسة من ذات القانون تنص على أنه:
"إذا لم يقدم الحارس على الوقف أو من يتولى إدارة أعيانه في الموعد الذي تحدده اللجنة المستندات والبيانات المطلوبة، تحكم عليه اللجنة بغرامة لا تزيد على مائة جنيه، كما يجوز لها أن تحكم بإقالة الحارس أو المدير وإقامة حارس مؤقت يتولى إدارة الوقف إلى أن تتم إجراءات القسمة نهائياً، ويكون حكمها نافذاً فوراً في الحالتين ...".
مع الأخذ بعين الاعتبار ما هو مقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – من أن:
"الحارس القضائي يصبح بمجرد تعيينه وبحكم القانون نائباً نيابة قضائية عن صاحب الحق فى مال الموضوع تحت الحراسة إلا أن هذه النيابة قاصرة على ما يتعلق بأعمال إدارة المال وأعمال المحافظة عليه وما يندرج تحت ذلك من أعمال التصرف التى تدخل بطريق التبعية فى أعمال الإدارة وأعمال الحفظ، ولا تمتد نيابة الحارس إلى أعمال التصرف التى تمس أصل الحق ومنها بيع المال، فلا يجوز للحارس القضائي مباشرتها إلا برضاء ذوى الشأن جميعاً أو بترخيص من القضاء أو بإذن ممن يثبت أنه صاحب الحق الذى تبقى له أهليته الكاملة فى هذه الأعمال لأن الحراسة لا تعزله عنها ولا تغل يده فيها، ويكون صاحب الحق فى القيام بها بنفسه أو بمن ينيبه فيها، ومؤدى ذلك أن الحارس القضائي لا تكون له صفة عن صاحب الحق فى دعوى البيع المال جبراً ولا فى الإجراءات المتعلقة بها وإذا حكم عليه بإيقاع البيع فإن الحكم لا يسرى على صاحب الحق". (نقض مدني في الطعن رقم 1653 لسنة 48 قضائية – جلسة 22/5/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 1262 – فقرة 4).
وعليه، فما دامت قسمة المال الشائع تتعلق بأصل الحق وليس فقط بإدارة المال، ولا أدل على ذلك من نص المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1960 بشأن لجان القسمة، والتي تقضي بأنه:
"يجوز لكل ذي شأن ولوزارة الأوقاف إشهار طلب القسمة بعد إعلانه طبقاً لما هو مبين في المادة الثالثة من هذا القانون وطبقاً للإجراءات المقررة في شأن شهر صحيفة دعوى الملكية ويكون لها نفس الآثار القانونية التي تترتب على إشهار صحيفة دعوى الملكية".
ومن ثم فإن فرض الحراسة على وقف التداعي لا يحول بين وزارة الأوقاف وبين تقديم طلب قسمة أعيان ذلك الوقف وفرز وتجنيب حصة الخيرات فيه، لأن طلب القسمة إنما يتعلق بأصل الحق وليس فقط بإدارة المال الشائع. وبصدور الحكم بإنهاء حالة الشيوع تلك، فتنتهي تبعاً لذلك جميع أحكام الحراسة الصادرة بشأن ذلك الوقف لكونها أحكام وقتية لحين إنهاء حالة النزاع قضاءً أو رضاءً.
أما في حالة ما إذا أفادت الجهة الإدارية وإدارات الملكية العقارية بأن حصة الخيرات في وقف التداعي لم يتم تقديرها بعد، أو إن تقديرها مثار نزاع من المستحقين في الوقف الأهلي، فإنه في هذه الحالة، يتم تكليف وزارة الأوقاف بتقديم طلب إلى مجلس الوكلاء بالوزارة لتقدير وفرز حصة الخيرات في وقف التداعي.
استناداً إلى أنه نص المادة الثالثة (في البند أولاً) من القانون رقم 272 لسنة 1959 بشأن تنظيم وزارة الأوقاف، والتي تقضي بأنه:
"تختص لجنة شئون الأوقاف وحدها بالمسائل الآتية: أولاً- طلبات البدل والاستبدال في الوقف، وتقدير وفرز حصة الخيرات، والاستدانة على الوقف، وتأجير أعيانه لمدة تزيد على ثلاث سنين، وتأجيرها بإيجار أسمي، والبت في هذه الطلبات جميعها بغير الرجوع إلى المحكمة".
كما تنص المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن:
"تنتقل إلى مجلس إدارة الهيئة الاختصاصات المخولة للجنة شئون الأوقاف بالقانون رقم 272 لسنة 1959، وكذلك الاختصاصات المخولة للمجالس المحلية بالقانون رقم 44 لسنة 1962، وذلك بالنسبة إلى البدل والاستبدال الاستثمار.
وتؤول الاختصاصات الأخرى المخولة للجنة شئون الأوقاف إلى مجلس وكلاء وزارة الأوقاف منضماً إليه رئيس مجلس إدارة الهيئة ومستشار من مجلس الدولة، ويعتمد وزير الأوقاف قراراته".
كما إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "... لما كان القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها قد قضى فى المادة الثالثة منه بأن تختص لجنة شئون الأوقاف - المشكلة وفقاً للمادة الثانية منه - وحدها بالمسائل التى عددتها ومنها طلبات تقدير وفرز حصة الخيرات، وكان مؤدى ذلك أنه لا يقبل من المستحقين فى الوقف أن يرفعوا الدعوى بطلب تثبيت ملكيتهم لجزء من أعيان الوقف قبل أن تقوم اللجنة سالفة البيان بتقدير وفرز حصة الخيرات فيها، إذ أن من شأن إجابتهم إلى طلبهم فى هذه الحالة المصادرة على عمل هذه اللجنة وجعله ولا طائل منه، وإذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن اللجنة لم تقم بتقدير وفرز حصة الخيرات فى أعيان الوقف محل النزاع، فإن دعوى المطعون ضدهم بطلب تثبيت ملكيتهم لحصة شائعة فى القدر المفرز الذى تسلمته الطاعنتان من أعيان الوقف تكون غير مقبولة لرفعها قبل الأوان". (نقض مدني في الطعن رقم 172 لسنة 49 قضائية – جلسة 28/12/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – الجزء الثاني – صـ 1256).
وقد جرى قضاء محكمة النقض على إنه: "لما كانت المادة الثالثة من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها نصت على أن تختص لجنة شئون الأوقاف وحدها بطلب تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف والبت فيها بغير الرجوع إلى المحكمة، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية قد نصت على أن يؤول هذا الاختصاص إلى مجلس وكلاء وزارة الأوقاف منضماً إليه رئيس مجلس إدارة الهيئة ومستشار من مجلس الدولة، فإن مؤدى ذلك أن يكون هذا المجلس قد صار المختص وحده بغير الرجوع إلى المحكمة بالفصل في ذلك الطلب". (نقض مدني في الطعن رقم 776 لسنة 52 قضائية – جلسة 11/2/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – الجزء الأول – صـ 204).
هذا، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بـ: "إن لجنة شئون الأوقاف (والتي حل محلها مجلس الوكلاء) بحكم تشكيلها، وغلبة العنصر الإداري  بين أعضائها و كيفية إصدار قراراتها لا تعتبر جهة قضاء، وإنما هي من قبيل اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي ناط بها القانون سلطة الفصل في المنازعات المتعلقة بالمسائل الداخلة في اختصاصها والتي نصت عليها المادة الثالثة من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها، وتكون القرارات الصادرة منها هي قرارات إدارية يدخل النظر في طلب إلغائها في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري طبقا لنص المادة 11  قانون مجلس الدولة". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 779 لسنة 12 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 2/1/1971 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 100).
وهدياً بما تقدم، وفي حالة ما إذا أفادت الجهة الإدارية وإدارات الملكية العقارية بأن تقدير حصة الخيرات لم يتم حتى الآن أو إنها محل منازعة، فإنه يكون من المناسب – في هذه الحالة – أن تقوم وزارة الأوقاف بتقديم طلب لمجلس الوكلاء (بتشكيله الجديد الذي حل محل لجنة شئون الأوقاف) وذلك لتقدير وفرز حصة الخيرات ومن ثم إعلان المستحقين أو ورثة الواقف به، ومن ثم بعد صيرورته نهائياً تنتهي أثر كافة أحكام الحراسة لكونها أحكام وقتية لحين إنهاء النزاع وحالة الشيوع على نحو ما سلف بيانه.
هذا، والله أعلى وأعلم،،،