الأحد، 25 سبتمبر 2011

النصوص الكاملة لجميع الأحكام الدستورية الصادرة في شأن الأوقاف من تاريخ إنشاء المحكمة الدستورية حتى عام 2011 بإجمالي عدد 29 تسعة وعشرون حكماً.


النصوص الكاملة لجميع الأحكام الدستورية الصادرة بشأن الأوقاف
من تاريخ إنشاء المحكمة الدستورية حتى عام 2011
بإجمالي 29 تسعة وعشرون حكماً.



* القضية رقم 6 لسنة 2 قضائية - المحكمة العليا تنازع".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 3 من يوليو سنة 1971م.
برئاسة السيد المستشار/ بدوى إبراهيم حمودة     رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة وعمر حافظ شريف نائب رئيس المحكمة وحسين حسين قاسم وحسين زاكى وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة     أعضاء
وحضور المستشار/ عادل عزيز زخاري     رئيس هيئة مفوضي الدولة
وحضور السيد/ سيد عبد الباري إبراهيم      أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 6 لسنة 2 قضائية عليا "تنازع".
"الوقائع"
أقام أحمد عبد الحكيم أحمد الدعوى رقم 708 لسنة 1965 مدني أمام محكمة بندر المنيا الجزئية ضد وزير الأوقاف وزير الإصلاح الزراعي بصفتهما يطلب الحكم أصلياً بإلزام المدعى عليه الأول بصفته بأن يؤدى له مبلغ 42 جنيهاً واحتياطياً بإلزام المدعى عليه الثاني بصفته بأن يؤدى له المبلغ المذكور وإلزام من يحكم عليه منهما بصفته بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة
وبجلسة 28 من أبريل سنة 1969 طلب المدعى إثبات تنازله عن مخاصمة المدعى عليه الأول بصفته (وزير الأوقاف) وعدل طلباته إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليه الثاني بصفته بأن يدفع له مبلغ 140 جنيهاً قيمة مرتبه عن المدة من 1/7/1963 حتى 30/4/1969 مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة والنفاذ
وبجلسة 19 من مايو سنة 1969 قضت المحكمة حضورياً:
أولاً: بإثبات تنازل المدعى عن مخاصمة المدعى عليه الأول بصفته.
ثانياً: بإلزام المدعى عليه الثاني بصفته بأن يدفع للمدعى مبلغ 140 جنيهاً والمصاريف ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بالنفاذ المعجل بغير كفالة.
وقد استأنف وزير الإصلاح الزراعي هذا الحكم أمام محكمة المنيا الابتدائية وقيد الاستئناف برقم 30 سنة 1969 مستأنف المنيا ضد المدعى (أحمد عبد الحكيم أحمد) ووزير الأوقاف بصفته
وبجلسة 16 من نوفمبر سنة 1969 تنازل المستأنف عن مخاصمة المستأنف ضده الثانية بصفته (وزير الأوقاف) وبجلسة 21 من ديسمبر سنة 1969 قضت المحكمة أولاً:
بإثبات ترك المستأنف للخصومة بالنسبة للمستأنف ضده الثاني (وزير الأوقاف).
ثانياً: بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء المدني بنظر الدعوى وألزمت المستأنف ضده الأول (المدعى) بالمصاريف الاستئنافية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المختصة ولائياً بنظرها.
وتنفيذاً لهذا الحكم الاستئنافي أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة وقيدت بجدولها برقم 530 لسنة 24 قضائية
وبجلسة 31 من مايو سنة 1971 قضت المحكمة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل فى الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة العليا للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات – وبناء على هذا الحكم قيدت الدعوى بجدول المحكمة العليا برقم 6 لسنة 2 قضائية عليا تنازع.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً رأت فيه الحكم بعدم قبول الطلب.
ونظر الطلب بجلسة اليوم على الوجه المبين بمحضر الجلسة. وفى هذه الجلسة صدر الحكم على الوجه الآتي:
"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري قضت بجلسة 31 من مايو سنة 1971 بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل فى الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة العليا للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات – وأقامت قضاءها على أن مناط اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى أن يكون المدعى من العاملين المدنيين بالدولة وأنه بفرض ثبوت أن المدعى كان يعمل شيخاً لعزبة فى وقف أهلي عينت وزارة الأوقاف ناظرة عليه بعد وفاة ناظرة الوقف وأنه كان يصرف راتبه من تفتيش الأوقاف، فهو بهذه المثابة من الأجراء لحساب وقف خاص، ولا يعدو أن يكون نشاط الوزارة بالنسبة إليه فى علاقتها مع الغير كنشاط الأفراد فى مجالات القانون الخاص وليست كسلطة عامة مما يدخل فى نطاق القانون العام، ومن ثم لا يعتبر المدعى من الموظفين العموميين وبالتالي لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر دعواه ويتعين لذلك القضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى ولائياً – وأن المحكمة المحالة إليها الدعوى إعمالاً لحكم المادة 110 من قانون المرافعات لا تلتزم إلا بمجرد النظر فيها، أما الفصل فيها فإنه يخضع لقواعد الاختصاص الولائي، وإذ كانت المحكمة قد تبينت عدم اختصاصها فإنها تقضى به وتحيل الدعوى إلى المحكمة العليا صاحبة الولاية فى التنازع السلبي على الاختصاص.
ومن حيث إن قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا – الصادر بالقانون رقم 66لسنة 1970 – قد نص فى مادته الأولى على أن طلبات الفصل فى مسائل تنازع الاختصاص – ترفع إلى المحكمة العليا بعريضة موقعة من محام مقبول للمرافعة أمامها تودع قلم كتابها، وحدد فى المادة الثانية البيانات التي تتضمنها، كما بين فى نصوصه الأخرى الإجراءات التالية لذلك الإيداع.
ومن حيث إن ولاية المحكمة العليا فى موضوع تنازع الاختصاص لا تقوم إلا باتصالها بالطلب اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً – على النحو المتقدم ذكره، ولما كان هذا الطلب لم يقدم إليها طبقاً لهذه الأوضاع وإنما أحيل إليها من محكمة القضاء الإداري فإنه يكون غير مقبول. ولا يغير من هذا النظر ما تقضى به المادة 110 من قانون المرافعات من أن المحكمة عندما تقضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى تحيلها إلى المحكمة المختصة وتكون هذه الأخيرة ملزمة بالنظر فيها، وذلك أن الإحالة المشار إليها فى المادة المتقدم ذكرها لا يمتد حكمها إلى المحكمة العليا التي يقتصر دورها – فى مسائل تنازع الاختصاص – على تعيين المحكمة المختصة ولائياً بنظر الدعوى دون الفصل فى موضوع النزاع.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطلب غير مقبول.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم قبول الطلب


.........................................................................................



* قضية رقم 1 لسنة 6 قضائية - المحكمة العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 6 مارس سنة 1976م.
برئاسة السيد المستشار/ بدوي إبراهيم حمودة     رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل وعادل عزيز زخاري وعمر حافظ شريف نواب رئيس المحكمة ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية ومحمد فهمي حسن عشري     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد كمال محفوظ     مفوض الدولة
وحضور السيد/ سيد عبد الباري إبراهيم     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا من رقم 1 إلى رقم 18 ورقم 20 لسنة 6 قضائية عليا "دستورية".
الوقائع
حاصل الوقائع على ما يبين من الأوراق، أن المدعين تقدموا بتظلمات إلى لجنة التأديب والتظلمات بإدارة قضايا الحكومة قيدت بأرقام 1 و 2 و 3 و 4 و6 و 7 و8 لسنة 71 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 9 و11 و 12 و13 لسنة 72 و 4 و 7 لسنة 74 قالوا فيها أنهم كانوا يعملون بقسم قضايا وزارة الأوقاف، وفي 25 من مارس سنة 1959 صدر القانون رقم 84 لسنة 1959 بضم هذا القسم إلى إدارة قضايا الحكومة، ثم صدر قرار وزير العدل رقم 22 لسنة 1959 بتعيينهم في تلك الإدارة اعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار في حين أن القانون المشار إليه قضى بنقل أعضاء قسم قضايا الأوقاف إلى إدارة قضايا الحكومة مستصحبين مراكزهم القانونية بهذا القسم وفي مقدمتها احتفاظهم بأقدميتهم السابقة، ولهذا فإنهم يطعنون في قرار تعيينهم فيما يتعلق بتحديد أقدميتهم، ودفعوا أمام اللجنة بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 التي تنص على أن القرارات الصادرة بالتعيين أو تحديد الأقدمية نهائية وغير قابلة لأي طعن أمام أي جهة قضائية.
وبجلسات 8 من فبراير سنة 1975 و7 من مارس سنة 1975 و9 من مارس سنة 1975 قررت لجنة التأديب والتظلمات وقف الفصل في هذه التظلمات حتى تفصل المحكمة العليا في الدفع المشار إليه وحددت لهم ميعاد ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا.
وبعرائض أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 6 مارس و16 مارس و29 مارس و7 من أبريل و8 من أبريل و16 من أبريل و 20 من أبريل و4 من مايو و 7 من مايو و10 مايو و26 مايو و7 يونيه سنة 1975 أقام المدعون دعاواهم بطريق المعافاة طالبين الحكم بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في كل دعوى انتهت فيه إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون المشار إليه فيما نصت عليه من أن القرارات الصادرة بالتعيين أو تحديد الأقدمية تكون غير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية هيئة قضائية.
وقد نظرت هذه الدعاوى بجلسة 10 من يناير سنة 1976 فيما عدا الدعوى رقم 1 لسنة 6 قضائية فقد نظرت بجلسة 7 من فبراير سنة 1976 وذلك على الوجه المبين بمحاضر هاتين الجلستين وفيهما قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم مع الترخيص في تقديم مذكرات وأودع كل من المدعين مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى والحكم له بطلباته، كما أودعت إدارة قضايا الحكومة مذكرة في كل دعوى انتهت فيها أيضاً إلى طلب الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى الذي أبدته هيئة مفوضي الدولة وفوضت الرأي للمحكمة في الحكم في موضوع الدعاوى على النحو الذي تراه موافقاً لحكم الدستور.
وقررت المحكمة بجلسة اليوم فتح باب المرافعة في هذه الدعاوى للجلسة ذاتها وفيها قررت ضم الدعاوى من رقم 2 – 18 لسنة 6 قضائية ورقم 20 لسنة 6 قضائية إلى الدعوى رقم 1 لسنة 6 قضائية لوحدة الموضوع فيها كلها وليصدر فيها حكم واحد، ثم أرجأت إصدار الحكم لآخر الجلسة حيث صدر الحكم الآتي:
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث أن الدعوى قد استوفت الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن المدعين ينعون على المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 بضم قسم قضايا وزارة الأوقاف إلى إدارة قضايا الحكومة أنها إذ نصت على أن القرارات الصادرة بالتعيين أو تحديد الأقدمية نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية تكون مخالفة لأحكام الدستور لمصادرتها حق التقاضي وتحصينها قرارات إدارية ضد الرقابة القضائية فضلاً عن إخلالها بمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة بحرمان طائفة معينة من هذا الحق.
ومن حيث إن هيئة المفوضين دفعت بعدم قبول الدعوى استنادا إلى أن مناط قبول الدعوى الدستورية أن تكون إثارة الدفع بعدم الدستورية أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم في حين أن لجنة التأديب والتظلمات لا تعد هيئة قضائية بل هي لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي إذ أن خمسة من أعضائها يشتركون في عضوية اللجنة الخماسية التي تقوم بدراسة التعيينات والترقيات والتنقلات الخاصة بأعضاء الإدارة قبل عرضها على المجلس الأعلى للهيئات القضائية ثم يشتركون بعد ذلك مع باقي أعضاء اللجنة في الفصل في طلبات الإلغاء والتعويض عن الأضرار المترتبة على القرارات المتعلقة بشئون الأعضاء والتي سبق لهم إبداء الرأي فيها مما لا يتفق ومبدأ استقلال القاضي وحيدته.
عن الدفع بعدم قبول الدعوى:
من حيث أن القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة ينص في المادة 25 منه على أن "تشكل لجنة التأديب والتظلمات من أعضاء المجلس الأعلى منضماً إليهم ستة من المستشارين بحسب ترتيبهم في الأقدمية وتختص هذه اللجنة بتأديب أعضاء الإدارة وبالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم وفي طلبات التفويض المترتبة عليها مما يدخل أصلاً في اختصاص القضاء وتفصل اللجنة فيما ذكر بعد سماع أقوال العضو والإطلاع على ما يبديه من ملاحظات وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة إلا في حالة التأديب فتصدر قراراتها بأغلبية ثلثي أعضائها ويكون قرار اللجنة في جميع ما تقدم نهائياً ولا تقبل الطعن بأي وجه من الوجوه أمام أية جهة".
ومن حيث إنه يبين من استقصاء أصل هذا النص وحكمته أن الشارع استحدث بمقتضى القانون رقم 112 لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة، نظام القضاء الإداري، فخول محكمة القضاء الإداري بهذا المجلس ولاية إلغاء القرارات الإدارية ولما كانت هذه الولاية تشمل منازعات أعضاء الهيئات القضائية بشأن القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم، فقد رأى الشارع رعاية لكرامتهم ودعماً لاستقلالهم أن يجنبهم حق التقاضي أمام تلك المحكمة حيث تنظر منازعاتهم في جلسات علنية فعهد بالفصل فيها إلى كبار أعضاء الهيئات القضائية من ذوي المناصب الكبرى لأنهم – لما تتوافر فيهم من خبرة ودراية بشئون زملائهم – أقدر على الإحاطة بها وتحرى وجه الحق والصواب عندما تعرض عليهم ظلاماتهم فيجلسون كأعضاء أسرة واحدة للفصل فيها على هدى من هذه الخبرة والدراية، ولقد أرسى الشارع هذه السنة ابتداء في المادة 23 من قانون نظام القضاء الصادر بالقانون رقم 147 لسنة 1949 التي نقلت الاختصاص بالفصل في طلبات إلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بشئون رجال القضاء والنيابة وفي طلبات التعويض عن الأضرار المترتبة عليها من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل أحد عشر مستشاراً.
وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون تعليقاً على تلك المادة أن "الشارع زاد على الضمانات المقررة لرجال القضاء ضمانة أخرى توكل أمر الفصل في هذه الطعون لأعلى هيئة قضائية في البلاد منعقدة بهيئة جمعية عمومية إمعاناً منه في بث روح الثقة والطمأنينة في نفوسهم.. ولعل في تشكيل المحكمة على الوجه سالف الذكر ما يغني عن ضمانة تعدد درجات التقاضي"، وقد نهج المشرع هذا النهج بالنسبة إلى أعضاء مجلس الدولة حيث أنشأ بمقتضى المادة 63 من القانون رقم 165لسنة 155 بتنظيم مجلس الدولة لجنة سماها لجنة التأديب والتظلمات وعهد إليها تأديب أعضاء المجلس فضلاً عن ولاية الفصل بصفة قضائية في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم وفي طلبات التعويض المترتبة عليها مما كان يدخل أصلاً في اختصاص القضاء ويكون قرارها في هذه الطلبات نهائياً لا يقبل الطعن أمام أي جهة، وقد ردد الشارع هذا الحكم في المادة 69 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة.
وفي عام 1963 استحدث الشارع تنظم لجنة التأديب والتظلمات بإدارة قضايا الحكومة بمقتضى المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 المتقدم ذكرها، وأصبح نصها على غرار نص المادة 63 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة سالفة الذكر، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لذلك القانون تعليقاً على المادة 25 منه المطعون فيها أن الشارع" استحدث أوضاعاً جديدة في شأن تأديب أعضاء الإدارة والنظر في قضايا الإلغاء والتعويض المتعلقة بشئونهم فجعل هذا وذاك من اختصاص لجنة يطلق عليها لجنة التأديب والتظلمات تشكل من أحد عشر عضوا هم أعضاء المجلس الأعلى منضماً إليهم ستة من المستشارين حسب ترتيب أقدميتهم، والنظام مستمد في جوهره مما هو متبع في مجلس الدولة"، وقد صدر بعد ذلك القرار بقانون رقم 82 لسنة 1969 بإنشاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية متضمناً نقل اختصاصات مجالس الهيئات القضائية ومن بينها المجلس الأعلى لإدارة قضايا الحكومة إلى المجلس الأعلى للهيئات القضائية – إلا أن لجنة التأديب والتظلمات بهذه الإدارة ظلت تمارس اختصاصاتها المشار إليها.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الشارع إذ أنشأ الهيئات الثلاث المتقدم ذكرها وألفها من كبار أعضاء الهيئات القضائية بنصاب يبلغ أضعاف النصاب العادي للمحاكم العليا، وعهد إليها الفصل في منازعاتهم بصفة قضائية بعد سماع أقوالهم والإطلاع على ما يبدون من ملاحظات وذلك بقرارات حاسمة للخصومة تصدر بالأغلبية، وتلك جميعها إجراءات قضائية.
إن الشارع إذ نهج هذا النهج إنما يستهدف كما أفصحت عن ذلك المذكرات الإيضاحية لقوانين الهيئات الثلاث توفير ضمانة جديدة لأعضاء هذه الهيئات تكفل بث روح الثقة والطمأنينة في نفوسهم. كما رأى الشارع أن تشكيل الهيئات الثلاث بالنصاب المذكور ومن كبار رجال الهيئات القضائية تغني عن تعدد درجات التقاضي، فجعل أحكامها نهائية حاسمة للخصومة، وإذ كان ذلك هو هدف الشارع من إنشاء الهيئات الثلاث ومنها لجنة التأديب والتظلمات بإدارة قضايا الحكومة فليس معقولاً أن ينقل الاختصاص بنظر منازعاتهم من جهة قضائية وهي محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة حيث الضمانات والإجراءات القضائية مكفولة إلى هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي، وعلى مقتضى ذلك تكون لجنة التأديب والتظلمات بإدارة قضايا الحكومة هيئة قضائية تمارس اختصاصاً قضائياً ومن ثم يجوز إبداء الدفع أمامها بعدم دستورية قانون مطلوب تطبيقه في إحدى القضايا المطروحة عليها وذلك تطبيقاً للمادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقرار بقانون رقم 81 لسنة 1968، ولذلك يتعين رفض الدفع بعدم قبول الدعوى.
ومن حيث إن ما أثير بشأن صلاحية أعضاء اللجنة الخماسية بإدارة قضايا الحكومة للفصل في منازعات أعضائها بمعرفة لجنة التأديب والتظلمات التي يشتركون في عضويتها لسبق إبداء رأيهم في المسائل مثار هذه المنازعات، مردود بأن هذا القول بفرض صحته إنما يعني قيام تعارض بين النص المطعون فيه وبين نصوص قانون المرافعات في شأن صلاحية القضاة للفصل في الخصومات ولا يرقى إلى حد مخالفة الدستور.
عن الموضوع:
من حيث أن المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 تنص على أن "تكون القرارات الصادرة بالتعيين أو تحديد الأقدمية وفقاً لأحكام المادة السابعة نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية" وهذا النص إنما يحصن هذه القرارات وذلك بسلب جهات القضاء ولاية النظر في الطعون التي توجه إليها بينما هي بطبيعتها من صميم الأعمال الإدارية التي تجريها الحكومة في إشرافها على المرافق العامة.
ومن حيث إن المادة 68 من الدستور القائم تنص على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء" وظاهر من هذا النص أن المشرع الدستوري لم يقف عند حد تقرير حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري ضد رقابة القضاء، وقد خص المشرع الدستوري هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل في عموم المبدأ الأول الذي يقرر حق التقاضي للناس كافة وذلك توكيداً للرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من خلاف في شأن عدم دستورية التشريعات التي تحظر حق الطعن في هذه القرارات، وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضي للأفراد وذلك حين خولهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتي ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التي تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
ومن حيث إن الدساتير سالفة الذكر قد تضمن كل منه نصاً على أن المواطنين لدى القانون سواء وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة (المادة 31 من دستور سنة 1951 و7 من دستور سنة 1958 و 24 من دستور سنة 1964) كما ورد في الدستور القائم هذا النص في المادة 40 منه، ولما كان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه وهو قيام المنازعة في حق من حقوق أفرادها ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا هذا الحق.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 المشار إليه على أن "تكون القرارات الصادرة بالتعيين أو تحديد الأقدمية نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية" يكون مخالفاً للدستور ومن ثم يتعين الحكم بعدم دستوريته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وفي الموضوع بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 فيما نصت عليه من اعتبار القرارات الصادرة بالتعيين أو تحديد الأقدمية نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عن كل دعوى.


...................................................................................................



* قضية رقم 9 لسنة 8 قضائية - المحكمة العليا "تفسير".
مبادئ الحكم: أوقاف.
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 5 من نوفمبر سنة 1977م.
برئاسة السيد المستشار/ بدوى إبراهيم حمودة     رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: عمر حافظ شريف وعلى أحمد كامل وأبو بكر محمد عطية نواب رئيس المحكمة والمستشارين طه أحمد أبو الخير ومحمد فهمي حسن عشري الوكيلين بالمحكمة والمستشار كمال سلامه عبد الله     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد كمال محفوظ     المفوض
وحضور السيد/ سيد عبد الباري إبراهيم     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة العليا برقم 9 لسنة 8 قضائية عليا "تفسير".
"الوقائع"
 طلب وزير العدل – بكتابة الوارد فى 30 من أكتوبر سنة 1977 – إلى رئيس المحكمة العليا – بناء على طلب وزير الأوقاف – إصدار قرار تفسير لنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر- المعدلة بالقانون رقم 547 لسنة 1953 والتي تنص على أنه "إذا كان الوقف على جهة بر كان النظر عليه بحكم هذا القانون لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه"، وذلك لبيان ما إذا كانت وزارة الأوقاف هي التي تتولى النظر على الأوقاف الخيرية فى الأحوال التي يكون فيها الواقف شخصاً اعتبارياً اشترط النظر لمن يمثله وبالتالي تختص هيئة الأوقاف المصرية بإدارة واستثمار هذه الأوقاف وفقاً للقانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية أم أن النظر على الأوقاف المذكورة يكون لممثل الشخص الاعتباري الواقف ومن ثم لا تكن الهيئة سالفة الذكر مختصة بإدارتها واستثمارها.
 وجاء بهذا الطلب وبالمذكرة المرافقة له، أن نص الفقرة المطلوب تفسيرها أثار خلافا فى الرأي بالنسبة إلى الأوقاف الخيرية التي يكون فيها الواقف شخصا اعتباريا فى الحالة التي يشترط فيها الواقف لمن يمثله وما يستتبعه ذلك من اختلاف الرأي حول اختصاص هيئة الأوقاف المصرية بإدارة واستثمار الأوقاف المذكورة، فذهب رأى إلى أن وزارة الأوقاف هي التي تتولى النظر على هذه الأوقاف المصرية تأسيسا على أن نص الفقرة المذكورة جعلت الأصل فى النظر على الأوقاف الخيرية بصفة عامة معقوداً لوزارة الأوقاف ولم تستثن من هذا الأصل إلا حالة اشتراط الواقف لنفسه أي ذات شخصه وهى حالة لا يتصور قيامها إلا إذا كان الواقف شخصا طبيعيا.
وذهب رأى آخر إلى أن النظر على الأوقاف المذكورة يكون لمن يمثل الشخص الاعتباري، استنادا إلى أن عبارة الفقرة سالفة الذكر- فى خصوص حق الواقف فى اشتراط النظر لنفسه – جاءت عامة ومن ثم لا يجوز قصر هذا الحق على الشخص الطبيعي دون الشخص الاعتباري وإلا كان ذلك تخصيصا لعموم النص بغير مخصص.
وإزاء هذا الخلاف بين وجهتي النظر المشار إليهما فى تفسير نص قانوني له أهميته فى مجال التطبيق، تقدم وزير العدل بطلب تفسيره عملا بأحكام الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969، وأرفق بالطلب – تطبيقا لنص المادة 14 من القانون رقم 66 لسنة 1970 بشأن الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا- مذكرة شارحة تضمنت الأسباب التي تستدعى طلب التفسير وحافظة مستندات.
 وقيد الطلب برقم 9 لسنة 8 قضائية عليا "تفسير".
وأودعت هيئة المفوضين تقريراً مسبباً بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى أنها ترى أن يكون النظر على الأوقاف المذكورة لهيئة الأوقاف المصرية نيابة عن وزير الأوقاف.
وحدد لنظر الطلب جلسة 5 من نوفمبر سنة 1977 حيث نظر على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إرجاء النطق بالقرار إلى آخر الجلسة.
"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطلب استوفى الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر- المعدلة بالقانون رقم 547 لسنة 1953 – تنص على أنه " إذا كان الوقف على جهة بر كان النظر عليه بحكم هذا القانون لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه".
ومن حيث إن الخلاف فى تفسير هذا النص يثور فى شأن تحديد من يتولى النظر على الأوقاف الخيرية التي يكون فيها الواقف شخصا اعتباريا شرط النظر لمن يمثله - هل تتولى وزارة الأوقاف النظر على الأوقاف المذكورة ومن ثم تكون هيئة الأوقاف المصرية مختصة بإدارتها وفقا للمادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية أم يكون النظر على هذه الأوقاف لمن يمثل الشخص الاعتباري الواقف دون الهيئة المذكورة إعمالاً للاستثناء المنصوص عليه فى البند "ج" من الفقرة " أولا" من المادة الثانية من القانون المذكور.
ومن حيث إنه يتعين لتحديد مدلول هذا النص كما قصده الشارع استقصاء أصله وتفسيره على مدى هدى من النصوص القانونية الأخرى التي تناولت موضوع النظر على الأوقاف الخيرية.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر تنص على أنه "إذا لم يعين الواقف جهة البر الموقوف عليها أو عينها ولم تكن موجودة أو وجدت مع وجود جهة بر أولى منها جاز لوزير الأوقاف بموافقة مجلس الأوقاف الأعلى وأجازة المحكمة الشرعية أن يصرف الريع كله أو بعضه على الجهة التي يعينها دون تقيد بشرط الواقف". وقد كانت الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون تنص على ما يأتي " إذا كان الوقف على جهة بر كان النظر عليه بحكم هذا القانون لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه أو لمعين بالاسم"، ثم عدلت بالقانون رقم 547 لسنة 1953 على الوجه الآتي " إذا كان الوقف على جهة بر كان النظر عليه بحكم هذا القانون لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه".
كما تنص المادة الأولى من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها على أنه " تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف الخيرية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه".
وتنص المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن " تختص الهيئة وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الآتية:
أولاً: الأوقاف المنصوص عليها فى المادة 1 من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فيما عدا:
(ج) الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها الواقف النظر لنفسه ولأبنائه من طبقة واحدة.
ومن حيث إنه يستفاد من هذه النصوص أن الأصل فى النظر على الأوقاف الخيرية أن يكون لوزارة الأوقاف، وأن الشارع إذ أسبغ على هذه الوزارة ولاية النظر على الأوقاف الخيرية بل جاوز ذلك إلى تخويلها سلطة تعديل مصارفها على جهات البر، ولو خالفت فى ذلك شروط الواقفين على النحو المبين فى المادة الأولى من القانون 247 لسنة 1953 سالف الذكر، إنما يستهدف تمكينها من الإشراف الكامل على هذه الأوقاف وإدارتها إدارة رشيدة تكفل توجيه ريعها إلى المصارف والأوجه الأجدر بالرعاية تحقيقا للخير والبر والنفع العام، ولم يستثن الشارع من ذلك الأصل فى هذا الخصوص إلا حالة الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها الواقف النظر لنفسه ولأبنائه من طبقة واحدة.
ومن حيث إن الشارع قد أفصح فى البند (ج) من الفقرة "أولا" من المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 1971 المشار إليه عما يعنيه بلفظ "نفسه" الوارد فى النص المطلوب تفسيره وهو قصر مدلول هذا اللفظ على الشخص الطبيعي دون الشخص الاعتباري ذلك لأن عبارة "لنفسه ولأبنائه من طبقة واحدة" الواردة فى هذه الفقرة قاطعة فى الدلالة على أنه إنما يعنى الشخص الطبيعي دون الشخص الاعتباري. يؤيد هذا النظر أن الشارع كان يرخص للواقف بمقتضى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 أن يشترط النظر لنفسه أو لمعين بالاسم، ثم عدلت هذه الفقرة بمقتضى القانون رقم 247 لسنة 1953 بحذف عبارة "أو لمعين بالاسم"، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور تعليقا على هذا التعديل "أن المادة الثانية من القانون رقم 547 لسنة 1953 جاءت باستثناء من مقتضاه أن يكون النظر للواقف أو لمعين بالاسم إذا اشترط الواقف ذلك – ولما كان الغرض من التشريع أن تلم وزارة الأوقاف بجهات البر وأن تشرف عليها إشرافا فعليا لا يتحقق إلا بالنظر على هذه الأوقاف، ولكن رؤى من المصلحة أن يترك للواقف أمر الوقف إذا اشترط النظر لنفسه- ولما كان يبين أن هذه العلة لا تتوافر فى شيء بالنسبة إلى المعين بالاسم فلا محل لقيام الاستثناء بالنسبة إلى هذه الحالة، ومن الخير أن تنضوي تحت الحكم العام وأن يكون النظر فى هذه الحالة لوزارة الأوقاف".
وفى عام سنة 1971 صدر القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية التي عهد إليها الشارع دون سواها إدارة الأوقاف الخيرية. وقد استثنى فى البند "ج" من الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون الأوقاف التي يشترط فيها الواقف النظر لنفسه ولأبنائه من طبقة واحدة- وبذلك استحدث هذا النص حقا للواقف فى أن يشترط النظر لأبنائه من طبقة واحدة، ذلك لأن شأن هؤلاء كشأن الواقف تماما فى توافر المصلحة فى قيامهم على الوقف تحقيقا لأغراض الواقف- أما من عداهم سواء من المعينين بالصفة فقد استبعدهم الشارع بإغفال هؤلاء (أي المعينين بالصفة) منذ بدأ تنظيم الإشراف على الأوقاف الخيرية بالقانون رقم 247 لسنة 1953 – وإسقاط أولئك (أي المعينين بالاسم) بالقانون رقم 547 لسنة 1953 بعد النص عليهم فى الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 لأن الحكمة أو المصلحة التي اقتضت استثناء الواقف وأولاده من طبقة واحدة من الأصل العام الذى أرسته التشريعات المذكورة بتقرير ولاية وزارة الأوقاف على الأوقاف الخيرية، هذه الحكمة أو المصلحة لا تتوافر فى غير الواقف وأولاده من طبقة واحدة.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الشارع إذ استثنى الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها الواقف النظر لنفسه من ولاية وزارة الأوقاف فإن هذا الاستثناء مقصور على الأشخاص الطبيعيين ولا يمتد إلى الأشخاص الاعتبارية، ومن ثم فإذا صدر الوقف الخيري من شخص اعتباري وشرط النظر عليه لممثله القانوني، فإن حق النظر على هذا الوقف ينعقد لوزارة الأوقاف بحيث تتولى هيئة الأوقاف المصرية إدارته واستغلاله نيابة عنها تطبيقا للمادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية.
" فلهذه الأسباب "
وبعد الإطلاع على الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر- المعدلة بالقانون رقم 547 لسنة 1953. وعلى المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية. "أنه فى تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر- المعدلة بالقانون رقم 547 لسنة 1953 – يكون لوزارة الأوقاف ولاية النظر على الأوقاف الخيرية متى كان الواقف شخصا اعتباريا ولو شرط النظر عليها لمن يمثله".


..................................................................................................................



* قضية رقم 15 لسنة 1 قضائية المحكمة الدستورية العليا "تنازع".
مبادئ الحكم: دعوى – فتوى – مجلس الدولة.
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 17 يناير سنة 1981م.
برئاسة السيد المستشار/ أحمد ممدوح عطية     رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمي حسن عشري ومحمد على راغب بليغ ومحمود حمدي عبد العزيز ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد كمال محفوظ     المفوض
وحضور السيد/ سيد عبد الباري إبراهيم     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 1 قضائية "تنازع".
"الإجراءات"
بتاريخ 19 أغسطس سنة 1978 أودعت الهيئة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبة الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الرأي الملزم الصادر من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بتاريخ 28 يونيو سنة 1978 حتى يتم الفصل فى الموضوع، والحكم بعدم إعمال هذا الرأي احتراما لحجية الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الشرعية فى 17 جمادى الآخرة سنة 1233هـ والحكم الصادر من محكمة مصر الأهلية فى 17 أبريل سنة 1916 فى الاستئناف رقم 972 لسنة 32 القضائية.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها، ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن وزير الزراعة طلب من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إبداء الرأي فى النزاع القائم بين الهيئة العامة للأوقاف المصرية (المدعية) والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية (المدعى عليها) حول ملكية بعض الأراضي الواقعة على الشريط الساحلي للإسكندرية/ مرسى مطروح بين الكيلو 20 والكيلو 47، فانتهت بجلستها المنعقدة فى 28 يونيو سنة 1978 إلى أن الأرض المتنازع عليها ليست من أراضى وقف سيدي كرير وأنها تدخل فى ملكية الدولة الخاصة طبقا لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، والمادة 874 من القانون المدني، واستنادا إلى الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية فى الدعوى رقم 77 لسنة 1930 – برفض دعوى أقامها ناظر الوقف بطلب تثبيت ملكية الوقف للأرض موضوع النزاع – والمؤيد بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف فى 14 يونيو سنة 1933 فى القضية رقم 648 لسنة 49 القضائية.
وإذ رأت الهيئة المدعية أن الرأي الملزم الذى أبدته الجمعية العمومية – وقد انتهى إلى أن أرض النزاع ليست من أراضى وقف سيدي كرير – يتناقض مع حكمين نهائيين صادر أحدهما من محكمة الإسكندرية الشرعية فى 17 جمادى الآخرة سنة 1233هـ بإزالة تعد على أرض الوقف والآخر من محكمة مصر الأهلية فى 17 أبريل سنة 1916 فى الاستئناف رقم 972 لسنة 32 القضائية برفض دعوى أقامتها مديرية البحيرة نازعت فيها الوقف ملكيته لبعض أعيانه، ويناهض حجيتهما القاطعة فى قيام الوقف قانونا وثبوت ملكيته لأعيانه، فقد أقامت دعواها الماثلة بطلب الاعتداد بهذين الحكمين والالتفات عن تنفيذ ذلك الرأي
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى التنازع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقا للمادة 17 من القانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية التي أحالت إليها المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا، وللفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون الإجراءات والرسوم أمامها – المقابلتين للبند ثالثا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – هو أن يكون أحد الحكمين صادرا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكون الحكمان قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معا
وحيث إن المادة 66 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن "تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي مسببا فى المسائل والموضوعات الآتية : د- المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين الهيئات العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها البعض، ويكون رأى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع فى هذه المنازعات ملزما للجانبين"، ومؤدى هذا النص أن المشرع لم يسبغ على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ولاية القضاء فى المنازعات التي تقوم بين فروع السلطة التنفيذية وهيئاتها، وإنما عهد إليها بمهمة الإفتاء فيها بإبداء الرأي مسببا على ما يفصح عنه صدر النص.
ولا يؤثر فى ذلك ما أضفاه المشرع على رأيها من صفة الإلزام للجانبين لأن هذا الرأي الملزم لا يتجاوز حد الفتوى ولا يرقى به نص المادة 66 المشار إليها إلى مرتبة الأحكام، ذلك أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ليست من بين ما يتألف منه القسم القضائي لمجلس الدولة، ولا تتبع عند طرح المنازعة عليها الإجراءات إلى رسمها قانون المرافعات أو أية قواعد إجرائية أخرى تقوم مقامها وتتوافر بها سمات إجراءات التقاضي وضماناته، كما لا يحوز الرأي الذى تبديه بشأنها حجية الأمر المقضي.
لما كان ما تقدم، وكان مناط قبول الدعوى على ما سلف بيانه هو أن يقوم النزاع بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، وكان الرأي الذى أبدته الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع فى المنازعة الماثلة لا يعد حكما، فأنه يتعين عدم قبول الدعوى
" لهذه الأسباب "
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


.........................................................................................



* قضية رقم 4 لسنة 6 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "تنازع".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

 بالجلسة العلنية المنعقدة 5 مارس سنة 1988م.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن     رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: منير أمين عبد المجيد ورابح لطفي جمعة ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة     المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 6 قضائية "تنازع".
"الإجراءات"
بتاريخ 15 يوليه سنة 1984 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً الاعتداد بالحكم رقم 331 لسنة 1932/ 1933 تصرفات المحكمة الشرعية العليا، وبعدم الاعتداد بالحكمين الصادرين من محكمة النقض فى الطعن رقم 18 لسنة 29 قضائية أحوال شخصية، والطعن رقم 46 لسنة 51 قضائية أحوال شخصية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراقتتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 499 لسنة 1973 أمام محكمة جنوب القاهرة للأحوال الشخصية – الولاية على النفس – طالباً الحكم باستحقاقه فى أعيان وقف المرحوم فقضت له المحكمة بطلباته ولكن طعنت وزارة الأوقاف المدعى عليها فى هذا الحكم بالاستئناف رقم 130 لسنة 95 قضائية استئناف القاهرة وقضى فيه بتاريخ 3 مايو سنة 1981 بتعديل الحكم المستأنف وباستحقاق المستأنف ضده لثلاثة أرباع أعيان الوقف المشار إليه، وطعنت المدعى عليها فى الحكم المذكور بطريق النقض وقيد الطعن برقم 46 لسنة 51 قضائية أحوال شخصية، وبتاريخ 23 مارس سنة 1982 نقضت المحكمة هذا الحكم وحكمت فى موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 18 لسنة 29 قضائية أحوال شخصية بتاريخ 9 مايو سنة 1962، وإذ تراءى للمدعى أن هذين الحكمين الصادرين من محكمة النقض قد خالفا الشريعة الإسلامية، كما خالفا أيضاً الحكم الصادر من المحكمة الشرعية العليا فى الدعوى رقم 331 سنة 1932/ 1933 والذي قضى نهائياً بأن الوقف ليس خيرياً محضاً وأنه وقف أهلي وليس على ناظره أن يقدم حساباً عن إدارته لوزارة الأوقاف، ومن ثم فقد أقام المدعى الدعوى الماثلة طالباً الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الشرعية العليا دون حكمي محكمة النقض سالفي الذكر.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطلب الذى يرفع إليها للفصل فى مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، أو فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتي قضاء ليس طريقاً من طرق الطعن فى الأحكام القضائية، كما أن المحكمة الدستورية العليا. وهى بصدد الفصل فى تنازع الاختصاص أو فى النزاع حول تنفيذ الأحكام المتناقضة – لا تعتبر جهة طعن فى هذه الأحكام ولا تمتد ولايتها بالتالي إلى بحث مطابقة تلك الأحكام للقانون أو تصحيحها، بل يقتصر بحثها على تحديد أي الجهات القضائية المتنازعة هي المختصة بالفصل فى النزاع أو أي الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التي لها ولاية الحكم فى النزاع فيكون أولى بالتنفيذ.
لما كان ذلك، فإن طعن المدعى على الحكمين الصادرين من محكمة النقض بمخالفتها للشريعة الإسلامية ولقضاء سابق صادر من المحكمة الشرعية العليا لا يكون مشمولاً بولاية هذه المحكمة ويكون الطعن على هذا الأساس حقيقاً بالالتفات عنه.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين – طبقاً للبند ثالثاً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أي جهة من جهات القضاء أو هيئات ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، مما مؤداه أن النزاع الذى يقوم بسبب التناقض بين الأحكاموتتوافر شروط قبول دعواه أمام هذه المحكمة – هو النزاع الذى يقوم بين أحكام أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا يشمل ذلك التناقض بين الأحكام الصادرة من المحاكم التابعة لجهة واحدة منها لأن الإجراءات القضائية فى الجهة القضائية الواحدة كفيلة بفض مثل هذا التناقض إذ صدر حكمان متناقضان من محاكمها، ومقتضى ذلك أنه إذا ألغيت جهة قضائية أصدرت أحد الحكمين المتناقضين وأسند اختصاصها إلى الجهة الأخرى صار الحكمان بمثابة حكمين صادرين من جهة قضائية واحدة ويتخلف بذلك شرط قبول الدعوى لدى المحكمة الدستورية العليا وفقاً لما تتطلبه المادة 25 من قانون المحكمة سالفة الذكر.
لما كان ذلك وكان الثابت أنه بصدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية وإحالة الدعاوى التي تكون منظورة أمامها إلى المحاكم الوطنية فقد أصبحت جهة القضاء العادي هي المختصة وحدها بجميع المسائل التي كانت تختص بها المحاكم الشرعية الملغاة ومنها المسألة التي فصل فيها حكم المحكمة الشرعية العليا سالف البيان، ويصبح الحكمان اللذان يشكلان حدي التناقض فى الدعوى الماثلة بمثابة حكمين صادرين من جهة القضاء العادي، يؤيد ذلك أن القانونين رقمي 56 لسنة 1959 و43 لسنة 1965 فى شأن السلطة القضائية قد أسندا النزاع بشأن تنفيذ حكمين متناقضين أحدهما صادر من القضاء العادي والآخر من إحدى محاكم الأحوال الشخصية – وهى المحاكم الشرعية الملغاة وفقاً لما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون الأول – إلى الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض دون محكمة التنازع المشكلة وفقاً لأحكام هذين القانونين والتي اقتصر اختصاصها على التناقض بين أحكام القضاء العادي وأحكام القضاء الإداري والهيئات ذات الاختصاص القضائي، وحين أنشأت المحكمة العليا بالقانون رقم 81 لسنة 1969 وأوكل إليها اختصاص محكمة التنازع ظلت الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض منوطة بنظر المنازعات المشار إليها، وقد دل هذا الاستقراء لأحكام القوانين المشار إليها على أن المشرع اعتبر أحكام المحاكم الشرعية الملغاة وكذلك أحكام المحاكم العادية صادرة من جهة قضائية واحدة هي جهة القضاء العادي.
لما كان ذلك، وكان حكم المحكمة الشرعية العليا رقم 331 لسنة 1932 /1933 قد اعتبر بعد إلغاء المحاكم الشرعية صادراً من جهة القضاء العادي وهو شأن حكمي النقض المقول بتناقضهما مع هذا الحكم، ومن ثم فإن هذه الأحكام التي تمثل حدي هذا التناقض تكون صادرة من جهة قضائية واحدة ويتخلف بذلك شرط قبول الدعوى وفقاً للمادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليها.
"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


.....................................................................................................................



* قضية رقم 18 لسنة 13 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

الجلسة العلنية المنعقدة يوم 15 مايو سنة 1993م.

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر     رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 18 لسنة 13 قضائية "دستورية".
الإجراءات
بتاريخ 14 من فبراير سنة 1991 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 25 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، دفعت فيها بعدم قبول الدعوى كما طلبت رفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن بعض مدعى الاستحقاق فى وقف المرحوم شهاب الدين أحمد الشهير نسبه بالرويعى، كانوا قد أقاموا أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية "نفس" الدعاوى أرقام 1568 لسنة 1988، 1968 لسنة 1988، 1969 لسنة 1988، 116 لسنة 1989 ضد المدعى – فى الدعوى الماثلة - بصفته حارساً قضائياً على الوقف المذكور طالبين فيها الحكم باستحقاقهم لأنصبة غير محددة فى أعيان ذلك الوقف يصير تحديدها بواسطة لجان القسمة تأسيساً على أنهم جميعاً من نسل الواقف ويستحقون فى وقفه، وأنه فيما جاوز حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بالأغراض الخيرية التي رصد الوقف عليها، فإن باقي ريعه يتعين صرفه لمن حددهم الواقف من ذريته، وأنه إذ كان المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 قد نص فى مادته الثانية على أن يعتبر منتهياً كل وقف لا يكون مصرفه فى الحال خالصاً لجهة بر، فإن ملكية الأعيان التي أصبح الوقف فيها منتهياً على هذا النحو تؤول إلى المستحقين كل بقدر حصته أو حصة أصله فى الاستحقاق، وإذ كانت محكمة الموضوع قد قررت ضم الدعاوى أرقام 1968 لسنة 1988 و1969 لسنة 1988 و116 لسنة 1989 إلى الدعوى رقم 1568 لسنة 1988 لارتباطها وليصدر فيها جميعاً حكم واحد، وكانت وزارة الأوقاف - التي أدخلتها المحكمة خصماً جديداً - قد نازعت رافعيها استحقاقهم لأنصبة فى أعيان الوقف سالف الذكر قولاً منها بأنه كان يتعين عليهم أن يتقدموا بطلبها وفقاً للأحكام التي تضمنتها المادة الخامسة والعشرون من القرار بقانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية، وإذ كانت هذه المادة ذاتها تنص على أنه إذا لم يتقدم كل ذي شأن مطالباً باستحقاقه وفقاً لأحكامها، فإن نصيبه يعتبر وقفاً خيرياً، فقد دفع المدعى بعدم دستوريتها، ثم أقام الدعوى الماثلة بعد تقدير محكمة الموضوع لجدية دفعه.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول هذه الدعوى تأسيساً على أن صفة رافعها كحارس على الأعيان التي كانت موقوفة تقف عند حد المحافظة عليها والقيام بإدارتها، ومباشرة حق التقاضي فيما ينشأ عن هذه الأعمال من منازعات لا تمس أصل الحق. وذلك إلى أن يتمكن أصحابها من استلامها، وأنه إذ كان الحارس ليس من طالبي الاستحقاق فى الدعاوى الموضوعية، فإن صفته فى الدعوى الدستورية التي أقامها تكون منتفية.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن ناظر الوقف على الأعيان التي اعتبر وقفها منتهياً عملاً بنص المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات- قد عين حارساً قضائياً على الأعيان التي كانت موقوفة، وأضحى ملزماً بالتالي بأن يعمل على حفظها وأن يقوم بإدارتها، ذلك أن الأحكام التي تنتظم الحراسة وبها تتحدد حقوق الحارس ونطاق سلطاته، هي مزاوجة بين عقدين هما عقد الوديعة وعقد الوكالة، وانطباقهما معاً على الحارس مؤداه أن له مهمتين تتمحض إحداهما عن صون المال وحفظه بصفته مودعاً عنده، وتخوله ثانيتهما إدارته باعتباره وكيلاً عن أصحابه. واندماج هذين العقدين معاً لا يدل على أنهما متكافئان فى مجال بيان المهمة التي يقوم الحارس عليها، وحدود مسئوليته، ذلك أن التزامه بصون الأموال التي يرعاها أظهر من واجبه كوكيل فى إدارتها، ومرد ذلك أن الحراسة فى حقيقتها لا تعدو أن تكون صورة خاصة من صور الوديعة، بل هي الصورة الأكثر وقوعاً فى العمل.
إذ كان ذلك، وكانت وزارة الأوقاف- وعلى ما تقضى به المادة الخامسة والعشرون من القرار بقانون رقم 44 لسنة 1962- هي التي تقوم بحصر الأوقاف المقيدة بسجلاتها باعتبارها أوقافاً أهلية ليس لها مستحقون معلومون، وهى التي تعد الكشوف المتعلقة بها والمتضمنة بيان مقرها ومساحتها وحدودها على أن تنشر بالكيفية التي نظمتها هذه المادة لضمان إعلام كل ذي شأن بها، وكانت هذه المادة عينها قد ألزمت كل ذي شأن بأن يتقدم لوزارة الأوقاف مطالباً باستحقاقه فى تلك الأوقاف خلال ستة أشهر من تاريخ النشر، وإلا اعتبر نصيب من لم يتقدم وقفاً خيرياً.
متى كان ما تقدم، وكان إعمال نص المادة الخامسة والعشرين المشار إليها - فيما تضمنته من اعتبار نصيب كل من لم يتقدم مطالباً باستحقاقه خلال الميعاد المحدد بها وقفاً خيرياً - مؤداه انتزاع الأعيان التي اعتبر وقفها منتهياً من يد الحارس عليها وإخراجها بأكملها من نطاق ولايته، وغل يده عنها، وانتقالها إلى غير مستحقيها، بل والتغيير فى طبيعتها بتحويلها من أموال مملوكة يباشر عليها أصحابها كل الحقوق المتفرعة عن الملكية، إلى أموال مرصودة على البر موجهة لتحقيق أغراضه، وهو ما يخل بمهمة الحارس كأمين عليها تقع عليه مسئولية أعمال الحفظ التي تلزمها- إلى أن يتم تسليمها إلى أصحابها- بما فى ذلك الطعن بعدم دستورية النص التشريعي الذى انتزع هذه الأعيان من ذويها، وأحال حقوقهم فى شأنها عدماً. ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها من غير ذي صفة حرياً بالرفض.
وحيث إن المدعى ينعى على المادة الخامسة والعشرين من القرار بقانون رقم 44 لسنة 1962 -المشار إليه- مخالفتها للحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية قولاً منه بأنه وفقاً للمادتين الثانية والثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات، فإن المستحقين فى الأوقاف وقت العمل بأحكامه أصبحوا ملاكاً للقدر الذى انتهى فيه الوقف، وكان يتعين بالتالي صون ملكيتهم من العدوان، إلا أن النص المطعون عليه ألزمهم بأن يتقدموا لوزارة الأوقاف -خلال ميعاد معلوم- مطالبين بالحصص التي يملكونها فى هذه الأوقاف، وإلا اعتبر نصيب كل من لم يتقدم لطلبها وقفاً خيرياً بما مؤداه التعرض لملكيتهم بإسقاطها بالمخالفة للدستور الذى كفل حمايتها وحال دون مصادرتها بغير حكم قضائي، ومنع نزعها لغير المنفعة العامة ومقابل تعويض.
وحيث إن هذا النعي فى محله ذلك أن المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 تنص على أن يعتبر منتهياً كل وقف لا يكون مصرفه فى الحال خالصاً لجهة من جهات البر، فإذا كان الواقف قد شرط فى وقفه لجهة بر خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقي الريع إلى غير جهات البر، اعتبر الوقف منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات.
وتنص مادته الثالثة على أن يصبح ما ينتهي فيه الوقف على الوجه المبين فى المادة السابقة ملكاً للواقف إن كان حياً وكان له حق الرجوع فيه، فإن لم يكن، آلت الملكية إلى المستحقين الحاليين كل يقدر حصته أو حصة أصله فى الاستحقاق.
ثم صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه، ونص فى مادته الخامسة والعشرين على أن تقوم وزارة الأوقاف بحصر الأوقاف المقيدة بسجلاتها باعتبارها أوقافاً أهلية لها مستحقون غير معلومين. وتعد الوزارة كشوفاً بهذه الأوقاف يوضح بها أسم الوقف وأعيانه ومقرها ومساحتها ينشر فى جريدتين يوميتين، كما تلصق لمدة ثلاثة أشهر على الباب الرئيسي لمقر ديوان عام وزارة الأوقاف وبمقر الشرطة أو العمدة فى المدينة أو القرية التي توجد بدائرتها أعيان الوقف، ويكون لكل ذي شأن أن يطالب باستحقاقه فى هذه الأوقاف، وذلك بموجب طلب يقدم إلى وزارة الأوقاف خلال ستة أشهر من تاريخ النشر، فإذا مضت هذه المدة دون أن يتقدم ذوو الشأن بهذا الطلب أعتبر نصيب كل من لم يتقدم وقفاً خيرياً.
وعملاً بالمادة السادسة والعشرين من ذلك القانون، تتولى فحص الطلبات المقدمة من ذوى الشأن طبقاً لأحكام المادة السابقة لجنة أو أكثر يرأسها قاضى تعينه وزارة العدل، ويصدر بتشكيلها وتحديد مكان انعقادها قرار من وزير الأوقاف، وتكون قرارات هذه اللجان نهائية ولا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.
وحيث إن الدستور حرص على صون الملكية الخاصة وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود وبالقيود التي أوردها، باعتبار أنها فى الأصل مترتبة على الجهد الذى بذله صاحبها بكده وعرقه، وحافزه إلى الانطلاق إلى آفاق التنمية مقتحماً دروبها، معبداً من خلالها طريقه إلى التقدم، إذ يختص دون غيره بالأموال التي يملكها وبتهيئة الانتفاع المفيد بها لتعود إليه ملحقاتها وثمارها ومنتجاتها، وذلك دون ما إخلال بالقيود التي تفرضها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي توجيهها إليها، وبمراعاة الموازنة التي يجريها المشرع ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية.
وحيث إن من المقرر أن حق الملكية نافذ فى مواجهة الكافة، وأن حصانته تدرأ عنه كل عدوان أياً كانت الجهة التي صدر عنها، وأنه صوناً لحرمتها كفل الدستور حمايتها -على الأخص- من جهتين،
أولاهما: أنها لا تزول بعدم استعمالها، ولا يجوز أن يجردها المشرع من لوازمها، ولا أن يفصل عنها أجزاءها المكونة لها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يعدل من طبيعتها، ولا أن يقيد من مباشرة الحقوق المتفرعة عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها  الاجتماعية، وبوجه خاص لا يجوز أن يسقطها المشرع عن صاحبها سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر، ولا أن يقرر زوال حقه على الأموال محلها إلا إذا كسبها غيره وفقاً للقانون وطبقاً للأوضاع المنصوص عليها فيه.
ثانيتهما: أنه لا يجوز نزع الملكية من ذويها- سواء عن طريق التأميم أو غيره- إلا فى الأحوال التي يقرها القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه، ومقابل تعويض يكون معادلاً لقيمتها الحقيقية فى تاريخ نزعها، ولمنفعة أو مصلحة عامة لها اعتبارها.
ودون ذلك تفقد الملكية الخاصة ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً لها أدخل إلى مصادرتها، وهو ما حرص الدستور على توكيده فى المادتين 32، 34 منه التي تقرر أولاهما حماية الملكية الخاصة التي لا تقوم فى جوهرها على الاستغلال ودعمها لها شريطة أدائها لوظيفتها الاجتماعية التي يبين المشرع حدودها مراعياً أن تعمل فى خدمة الاقتصاد القومي وفى إطار خطة التنمية، وتقرر ثانيتهما صون الملكية الخاصة بما يحول دون نزعها لغير منفعة عامة، ومقابل تعويض وفقاً للقانون.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المستحقون فى الأعيان التي أصبح وقفها منتهياً- وسواء كانوا معلومين للجهة الإدارية أم كانوا غير معلومين لها- قد صاروا مالكين لحصص فيها ملكية باته غير معلقة على شرط بقدر الأنصبة التي كانت لهم قبل هذا الإنهاء، وكان النص التشريعي المطعون فيه قد ألزمهم بأن يتقدموا إلى الجهة الإدارية التي عينها، وخلال الموعد الذى حدده، مطالبين بملكيتهم وإلا حرموا منها بصفة نهائية بانقلابها وقفاً خيرياً، وكان هذا النص- وقد جرى على هذا النحو- قد تمخض عن عدوان مباشر على حق الملكية الخاصة بإرصاده الأموال محلها وقفاً خيرياً، وهو ما يناقض طبيعتها ويعدل من خصائصها، وينحل إلى انتزاعها من ذويها لغير منفعة عامة، ودون تعويض، وليس ذلك إلا إسقاطاً للملكية عن أصحابها بعمل تشريعي يناقض الحقيقة القانونية التي لا يجوز بمقتضاها أن تنتقل الملكية من شخص معين إلا إذا كسبها غيره وفقاً للقانون، بما مؤداه أن النص التشريعي المطعون فيه قد أزال الملكية عن أصحابها بإعدامه لها.
وآية ذلك أن المستحقين لحصص فى الأعيان التي اعتبر وقفها منتهياً لا يفقدون -بالنص المطعون فيه- ملكيتهم لها لأن حقهم فيها يفتقر إلى دليل إثباته، وإنما تزول هذه الملكية عنهم بناء على واقعة لا شأن لها باستحقاقهم للحصص مثار النزاع، هي عدم مطالبتهم الجهة الإدارية بها خلال موعد محدد.
ولا محاجة فيما قررته هيئة قضايا الدولة من أن النص المطعون فيه قد صدر فى حدود السلطة التقديرية التي يملكها المشرع مستهدفاً تصفية أوضاع الأعيان التي اعتبر وقفها منتهياً وليس لها مستحقون معلومون، ذلك أن السلطة التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق مقيدة بالتخوم التي فرضها الدستور حداً لها، ومن بينها إلا يكون التنظيم التشريعي للحق مؤدياً إلى مصادرته أو منطوياً على اغتيال وجوده، وهو ما نحاه النص المطعون فيه باعتباره حصص المستحقين الذين قعدوا عن طلبها خلال موعد معلوم، وقفاً مرصوداً على جهة بر، وهو ما يعتبر إهداراً للحق فى الملكية عاصفاً بخصائصها، ومناهضاً مبدأ خضوع الدولة للقانون بما يتطلبه من  استقامة المنحى عند إقرار النصوص التشريعية، وذلك بالتقيد بالضوابط التي فرضها الدستور لحماية الحقوق التي كفلها.
وحيث إن النص التشريعي المطعون فيه قد أخل كذلك بمبدأ الحماية القانونية المتكافئة المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور، ذلك أنه خص الفئة التي تعلق بها مجال تطبيقه بمعاملة استثنائية لا تستند إلى أسس موضوعية جاوز بها ما تقتضيه الحماية المتكافئة بين المراكز القانونية المتماثلة، وهى معاملة رتبها على واقعة لا يقوم بها التباين بين مركزين قانونيين. تلك هي عدم تقدم المستحقين إلى الجهة الإدارية التي حددها، خلال موعد معين، مطالبين بالحصص التي يملكونها. ومن ثم يكون النص المطعون فيه قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية لأحكام المواد 32، 34، 40، 65 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الخامسة والعشرين من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية، وذلك فيما تضمنته من اعتبار نصيب كل من لم يتقدم بطلبه إلى وزارة الأوقاف -خلال الميعاد المنصوص عليه فيها- وقفاً خيرياً، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


...............................................................................................



* قضية رقم 102 لسنة 12 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 19 يونية سنة 1993م، الموافق 29 ذو الحجة سنة 1413هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر     رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 102 لسنة 12 قضائية "دستورية".
المقامة من:
1-   السيد/ جمال الدين عمر لبيب.
2-   السيدة/ سناء أحمد مصطفى حلمي.
3-   السيد/ مصطفى أحمد مصطفى حلمي.
ضــــد
1-   السيدة/ مديحة محمود أبو زغلة.
2-   السيدة/ محبات محمود أبو زغلة.
3-   السيدة/ ممدوحة محمود أبو زغلة.
4-   السيدة/ عنايت عمر لبيب.
5-   السيد/ مراد عمر لبيب.
6-   السيد/ وزير الأوقاف بصفته الرئيس الأعلى للجان القسمة بوزارة الأوقاف.
الإجراءات
بتاريخ 19 ديسمبر سنة 1990 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة الثالثة عشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع- على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى عليهما الأولى والرابعة كانتا قد تقدمتا بطلب إلى لجنة القسمة بوزارة الأوقاف ابتغاء قسمة أعيان وقف مصطفى حلمي. وبتاريخ 11 مارس سنة 1986 صدر قرار اللجنة باعتماد تقرير الخبير المؤرخ 4 يناير سنة 1986 بالنسبة للطريقة الأولى لقسمة أطيان الوقف. وإذ لم يرتض المدعون هذا القرار فقد تقدموا باعتراض عليه إلى لجنة الاعتراضات التي انتهت إلى قبول الاعتراض شكلاً، ورفضه موضوعاً. طعن المدعون فى هذا القرار أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6 لسنة 154 حيث قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد القرار المطعون فيه.
وإذ لم يرتض المدعون هذا الحكم فقد طعنوا فيه أمام محكمة النقض ودفعوا أمامها بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة الثالثة عشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف والتي تنص على أن "ويكون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف نهائياً غير قابل للطعن أمام أية جهة قضائية". وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع فقد صرحت للمدعين باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقاموا دعواهم الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة قولاً منها بأنها لم تتصل بالمحكمة الدستورية العليا وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها باعتبار أن الدفع بعدم الدستورية أثير أمام محكمة النقض التي لا تعتبر محكمة موضوع، ولا يعد النزاع المعروض عليها متصلاً بتقرير الحق أو نفيه، بل تقتصر مهمتها على مراقبة صحة تطبيق القانون على الوقائع التي فصل فيها الحكم المطعون فيه. وبالتالي لا يجوز لمحكمة النقض أن تحيل مسألة دستورية تتصل بطعن معروض عليها إلى المحكمة الدستورية العليا ولا أن تقدر جدية دفع بعدم الدستورية أثير أمامها بمناسبة فصلها فى هذا الطعن، إذ لا يعتبر هذا الدفع متعلقا بالنظام العام، ولا يجوز أن يثار أمامها لأول مرة.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن الشرعية الدستورية التي تقوم المحكمة الدستورية العليا على مراقبة التقيد بها، غايتها ضمان أن تكون النصوص التشريعية مطابقة لأحكام الدستور. وتتبوأ هذه الشرعية من البنيان القانوني فى الدولة القمة من مدارجه وهى فرع من خضوع الدولة للقانون والتزامها بضوابطه. ولا يجوز بالتالي لأية محكمة أو هيئة اختصها المشرع بالفصل فى نزاع معين فصلا قضائياً- وأيا كان موقعها من الجهة القضائية التي تنتمي إليها- إعمال نص تشريعي لازم للفصل فى النزاع المعروض عليها إذا بدا لها مصادمته للدستور من وجهة مبدئية قوامها ظاهر الأمر فى المطاعن الدستورية الموجهة إليه دون خوض فى أعماقها. ذلك أن قيام هذه الشبهة لديها يلزمها أن تستوثق من صحتها عن طريق عرضها على المحكمة الدستورية العليا التي تتولى دون غيرها الفصل فى المسائل الدستورية، إذ هي التي تتحراها سابرة أغوارها، متقصية أبعادها، بالغة ببحثها منتهاه، لتقول كلمتها القاطعة فيها، بما مؤداه أنه كلما بدا لأية جهة أو هيئة أولاها لمشرع سلطة الفصل فى الخصومة بأكملها أو فى بعض جوانبها، أن التعارض المدعى به أمامها بين النص التشريعي الأدنى والقاعدة الدستورية التي تحتل مرتبة الصدارة بين قواعد النظام العام، محمول على أسس تظاهره من وجهة مبدئية غير متعمقة دخائل المطاعن الدستورية، فلا يجوز لهذه الجهة أو الهيئة، أن تتجاهل مظنة الخروج على أحكام الدستور، ولا أن تنحيها جانبا، بل يتعين عليها -ولو كان بحثها منحصراً فى مسائل القانون دون غيرها- أما أن تحيل بنفسها ما ارتأته من تعارض بين نص تشريعي وقاعدة دستورية إلى المحكمة الدستورية العليا ليكون قضاؤها فى شأن هذا التعارض قولاً فصلاً، وإما أن توفر للخصم الذى دفع أمامها بعدم دستورية نص تشريعي، وكان دفعه جدياً، مكنة عرض دعواه على المحكمة الدستورية العليا عن طريق تخويلها إياه حق رفعها إليها خلال الأجل الذى تحدده. يؤيد ذلك أن الدفع بعدم الدستورية ليس من الدفوع التي يخالطها واقع، ولا تعتبر المجادلة فيه مجادلة موضوعية مما تستقل بتقديرها محكمة الموضوع، وإنما ينحل إلى ادعاء بمخالفة نص تشريعي لحكم فى الدستور. وهو ادعاء لا يرتبط الفصل فيه بأية عناصر واقعية تكون محكمة الموضوع قد حققتها. ومن ثم تجوز إثارته ولو لأول مرة أمام محكمة النقض- التي تعتبر من المحاكم التي عنتها المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا والتي يجوز إثارة مثل هذا الدفع أمامها- ذلك أن إعراضها عن بحثه على ضوء ظاهر الأمر فيه، بمقولة أن رقابتها منحصرة فى مسائل القانون وحدها، مؤداه أن يكون مرجعها فى هذه الرقابة إلى النصوص التشريعية المعمول بها عند الفصل فى الطعن المعروض عليها، ولو كانت معيبة فى ذاتها لمخالفتها للدستور، وهو ما يؤول إلى إنزالها لهذه النصوص دوما على الواقعة التي حصلها الحكم المطعون فيه أيا كان وجه تعارضها مع الدستور، ويخل بضرورة أن تكون الشرعية الدستورية متكاملة حلقاتها، وأن تكون لأحكام الدستور الصدارة على ما دونها فى المرتبة. ولازم ذلك، أن طبيعة الرقابة القانونية التي تباشرها محكمة النقض على محكمة الموضوع، لا تحول بذاتها دون إثارة الدفع بعدم الدستورية أمامها، بل أن إجالتها لبصرها فى هذا الدفع، يعكس جوهر رقابتها القانونية، ويعتبر أوثق اتصالا بها. ذلك أن تقرير ما إذا كان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته يعد لازماً أو غير لازم للفصل فى الحقوق المدعى بها، وكذلك ما إذا كان التعارض الذى يثيره الدفع بين هذا النص وحكم فى الدستور، يعد- من وجهة مبدئية- مفتقراً إلى ما يظاهره أو مرتكنا إلى ما يبرره، كلاهما من مسائل القانون التي يدخل الفصل فيها فى ولاية محكمة النقض التي عهد إليها المشرع بمراقبة صحة تطبيقه على الوقائع التي خلص إليها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن المدعين ينعون على الفقرة الثالثة من المادة الثالثة عشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف، إنها إذ تنص على أنه "ويكون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف نهائياً غير قابل للطعن أمام أية جهة قضائية"، فإنها تكون قد حالت دون الطعن بالنقض فى أحكام القسمة الصادرة عن تلك المحكمة، وذلك على خلاف الأصل فيها بما مؤداه أن تكون قرارات لجان القسمة بمنأى من الرقابة التي تباشرها محكمة النقض على صحة تطبيقها للقانون، وهو ما ينطوي على إنكار لحق التقاضي وإخلال بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليهما فى المواد 8، 40، 68 من الدستور.
وحيث إن الفصل فى هذا النعي يقتضى ابتداء التمييز بين قصر حق التقاضي على درجة واحدة من ناحية، وبين إنكار الحق فيه إنكاراً مطلقاً أو مقيداً من ناحية أخرى، ذلك أن قصر التقاضي فى المسائل التي فصل فيها الحكم على درجة واحدة- وهو ما يستقل المشرع بتقديره- يفترض لزوماً أمرين، أولهما أن تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها أمامها. ثانيهما أن يكون المشرع قد عهد إليها بالفصل فى عناصر النزاع جميعها- الواقعية منها والقانونية- دون أن تراجعها فيما تخلص إليه من ذلك أية جهة أخرى. وعلى نقيض ما تقدم، أن يقيم المشرع محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي للفصل فى مسائل القانون المرتبطة بنزاع معين دون سواها، تعقيباً من جانبها على قرار أصدرته جهة إدارية عند فصلها فيه، إذ يعتبر ذلك إنكاراً لحق اللجوء إلى القضاء وهو الحق الذى كفلته المادة الثامنة والستون من الدستور باعتبار أن الفصل فى عناصر النزاع الواقعية عائد إلى جهة إدارية لا تتوافر أمامها- وبالضرورة- مقومات التقاضي وضماناته الرئيسية. كذلك يتعين التمييز بين قصر حق التقاضي على درجة واحدة من ناحية، وبين تعدد مراحله فى الموضوع الواحد من ناحية أخرى. ذلك أن هذا التعدد- حين يتوافر الدليل عليه من النصوص التشريعية ذاتها- يعتبر نافيا- وبداهة- لمقالة انحصاره فى درجة واحدة، ومتحققاً دوما حين تقوم محكمة استئنافية بمراجعة قضاء المحكمة الدنيا فى عناصره الواقعية والقانونية. وكذلك حين تتصدر التنظيم القضائي، وتحتل القمة من مدارجه، محكمة تعلوهما تكون ولايتها مقصورة على الفصل فى مسائل القانون لتقعيدها، ولو كان الطعن فى أحكامها ممتنعا.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التمييز بين الأعمال القضائية وبين غيرها من الأعمال التي تلتبس بها، إنما يقوم على مجموعة من العناصر لا تتحدد بها ضوابط هذا التمييز على وجه قطعي، ولكنها تعين على إبراز الخصائص الرئيسية للعمل القضائي، من بينها إن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل فى نزاع معين، يفترض أن يكون تشكيلها واستقلالها كاشفين عن حيدتها عند الفصل فى النزاع، ومؤديين إلى غيريتها فى مواجهة أطرافه، وأنه فى كل حال يتعين أن يثير النزاع المطروح عليها ادعاء قانونيا يبلور الحق فى الدعوى كرابطة قانونية تنعقد الخصومة القضائية من خلالها، وبوصفها الوسيلة التي عينها المشرع لاقتضاء الحقوق المدعى بها، وبمراعاة أن يكون إطار الفصل فيها محدداً بما لا يخل بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها، وعلى ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفا ليكون القرار الصادر فى النزاع مؤكداً للحقيقة القانونية، مبلوراً لمضمونها، لتفرض نفسها على كل من ألزمه المشرع بها، بافتراض تطابقها مع الحقيقة الواقعة.
وحيث إن البين من أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1960 ومذكرته الإيضاحية، أن الأعيان التي كان مصرفها على غير جهات البر، والتي اعتبر وقفها منتهيا بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952، كان ينبغي توزيعها على المستحقين، كل بقدر نصيبه، باعتبار أنهم أصبحوا مالكين لهذه الأنصبة، إلا أن معظم هذه الأعيان لم تصل إلى أيدي مستحقيها بسبب شيوع أنصبتهم، وما يقيمه بعض الحراس، بل وبعض المستحقين، من العوائق التي تحول دون إجراء القسمة، وانه لمواجهة ذلك، صدر القانون رقم 18 لسنة 1958 بقسمة الأعيان التي اعتبر وقفها منتهياً، مستهدفاً تقرير قواعد ميسرة تكفل إيصال الحقوق إلى المستحقين، وتجنبهم المنازعات والخصومات التي تتفرع عن إجراءات التقاضي المعتادة والتي قد تعرض حقوقهم للضياع، إلا أن تطبيق هذا القانون أسفر عن تعقد إجراءاته وبطئهما بالنظر إلى تعدد لجانه وتشابك إجراءاتها ومواعيدها.
ومن ثم صدر القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 متوخيا تعديل أحكام القانون رقم 18 لسنة 1958 المشار إليه بما يكفل سرعة إنجاز عملية القسمة أو البيع- عند تعذر إجرائها- وبمراعاة أن تكون إجراءاتها مبسطة، وبما يصون حقوق المتقاسمين وغيرهم على السواء. وفى هذا الإطار نص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1960 فى مادته الأولى على أنه استثناء من أحكام المادة 836 من القانون المدني والمادة 41 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف، تتولى وزارة الأوقاف بناء على طلب أحد ذوى الشأن قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف طبقا للمرسوم بقانون رقم 1980 لسنة 1952، كما تتولى الوزارة فى هذه الحالة فرز حصة الخيرات الشائعة فى تلك الأعيان.
وتعهد مادته الثانية بإجراء القسمة إلى لجنة أو أكثر يصدر بتشكيلها ومكان انعقادها قرار من وزير الأوقاف على أن يرأسها مستشار مساعد بمجلس الدولة ويكون أحد القضاة وأحد العاملين فى وزارة الأوقاف أو هيئة الأوقاف المصرية من الفئة الوظيفية التي حددتها، عضوين بها.
وعملاً بمادتيه الرابعة والخامسة تختص لجان القسمة هذه بفحص طلباته وتحقيق جديتها، ولها أن تكلف الحارس على الوقف، أو من يتولى إدارة أعيانه، بأن يقدم جميع الإشهارات الصادرة بالوقف والمتضمنة الزيادة فيه والاستبدال منه والأحكام الصادرة فى شأنه، وكذلك بيانا بأعيانه ومقرها والمنازعات القائمة بصددها. فإذا لم يقدم الحارس على الوقف أو من يتولى إدارة أعيانه فى الموعد الذى تحدده اللجنة البيانات والمستندات التي طلبتها، تعين عليها تغريمه، وجاز لها إقالته وإبداله بغيره يتولى إدارة الأعيان بصفة مؤقتة إلى أن تتم قسمتها نهائياً. ولكل ذي شأن الإطلاع على الأوراق المقدمة إلى اللجنة وأن يطلب صوراً منها مطابقة للأصل.
ووفقاً لمادته السادسة تراعى لجان القسمة فى عملها إتباع القواعد الإجرائية المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، كما تتقيد فى مباشرتها بالقواعد الموضوعية المنصوص عليها فى القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف وكذلك قواعد القانون المدني فى شأن القسمة، وذلك دون إخلال بما نص عليه القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 من أحكام.
وتكون لجان القسمة هي المختصة بالفصل فى جميع المنازعات التي تدخل فى اختصاص المحاكم وفقاً لأحكام القوانين المتقدمة. ولا تباشر هذه اللجان أعمالها فى غيبة ذوى الشأن ولكن بعد إعلانهم بالكيفية المنصوص عليها فى المادة الثامنة من القرار بقانون المشار إليه. وتنشئ مادته العاشرة لجنة أو أكثر تسمى لجنة الاعتراضات تشكل بقرار من وزير الأوقاف برئاسة مستشار بمحكمة الاستئناف وعضوية مستشار مساعد على الأقل بمجلس الدولة وأحد العاملين بالشئون القانونية بوزارة الأوقاف أو هيئة الأوقاف المصرية من الفئة الوظيفية التي حددتها هذه المادة.
وتختص لجنة الاعتراضات بالنظر فيما يقدمه أصحاب الشأن من أوجه الاعتراضات على الحكم الصادر من لجنة القسمة سواء كان ذلك متعلقا بتقدير أنصبة المستحقين أو تقويم أعيان الوقف أو غير ذلك، على أن ترفع الاعتراضات على حكم لجنة القسمة -وعلى ما ينص عليه القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 فى مادته الحادية عشرة. من كل خصم فى الدعوى خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره. وقد اعتبرت المادة الثانية عشره القرارات النهائية للجان القسمة بمثابة أحكام مقررة للقسمة بين أصحاب الشأن وتشهر فى مصلحة الشهر العقاري والتوثيق.
وخولت مادته الثالثة عشرة كل من كان طرفاً فى إجراءات القسمة أن يطعن فى القرارات النهائية الصادرة من لجان القسمة إذا كان القرار مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ فى تطبيقه أو فى تأويله أو إذا وقع بطلان فى القرار أو فى إجراءاته أثر فيه. ويرفع الطعن إلى محكمة الاستئناف خلال موعد محدد، ويكون قرارها نهائياً غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة قضائية.
وحيث إن البين مما تقدم أن القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 حدد كيفية إجراء القسمة فى الأعيان التي اعتبر وقفها منتهياً، فاستعاض عن القواعد الإجرائية المعقدة بلجنتين تختص إحداهما بفحص طلبات القسمة وتحقيق جديتها وإجرائها وكذلك ببيع الأعيان التي تتعذر قسمتها، وتختص أخراهما بالفصل فى الاعتراضات على الأحكام التي تصدرها اللجنة الأولى سواء كان الاعتراض مبناه المنازعة فى الاستحقاق أو تقويم الأعيان أو غير ذلك.
وقد قيد المشرع هاتين اللجنتين بقواعد قانونية ألزمهما بإتباعها، بعضها من طبيعة إجرائية هي تلك المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومنها ما هو من طبيعة موضوعية تمثلها الأحكام التي تضمنها القانون المدني فى شأن القسمة، وكذلك ما تضمنه القانون رقم 48 لسنة 1946 من أحكام متعلقة بالوقف. وتفصل هذه اللجان- التي يغلب العنصر القضائي على تشكيلها- فيما يعرض عليها مما يدخل فى اختصاصها بعد إعلان أصحاب الشأن ببدء إجراءاتها، وبما يكفل حقوق المتقاسمين والأغيار على السواء، وفى إطار من الضمانات الرئيسية للتقاضي التي تتهيأ معها لكل من كان طرفاً فى إجراءات القسمة الفرص الكاملة لإبداء أقواله ومواجهة خصمه وتحقيق دفاعه، بما مؤداه أن المشرع أقام هيئتين ذواتى اختصاص قضائي تعلو إحداهما أدناهما، وتتقيد كلتاهما بقواعد إجرائية وموضوعية لا تريم عنها، وتتوافر فى تشكيلها الحيدة التي تكفل غيريتها فى مواجهة المتنازعين.
وقد اقترن هذا التنظيم القائم على تعدد مراحل التقاضي فى الموضوع الواحد، بضمان حق الطعن أمام محكمة الاستئناف فى القرارات الصادرة عن لجان القسمة كلما كان الطعن عليها مبناه مخالفتها القانون أو خطؤها فى تطبيقه أو تأويله، أو إذا وقع بطلان فى قراراتها أو بطلان فى إجراءاتها أثر فيها. ومن ثم يكون المشرع قد حصر اختصاص محكمة الاستئناف فى مسائل القانون، وعهد إليها- من خلال مراقبتها لصحة تطبيقه- بدور مماثل لدور محكمة النقض التي لا يجوز الطعن فى أحكامها أمام أية جهة. وليس ذلك إنكاراً لحق التقاضي المنصوص عليه فى المادة 68 من الدستور، بل هو توكيد لمضمونه، وإرساء لأبعاده بما يكفل الأغراض التي توخاها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المشرع غير مقيد –فى مجال ضمانة حق اللجوء إلى القضاء- بأشكال محددة تمثل أنماطا جامدة لا تقبل التغيير أو التبديل، بل يجوز أن يختار من الصور الإجرائية لإنفاذ هذا الحق ما يكون فى تقديره الموضوعي أكثر اتفاقا مع طبيعة المنازعة التي يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي، ودون ما إخلال بضماناتها الرئيسية التي تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد محددة تكون منصفة فى ذاتها وغير متحيفة بالتالي.
متى كان ذلك، فإن التنظيم التشريعي الذى تضمنه القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960- بمراعاة طبيعة المنازعات التي اختص اللجان التي أنشأها بالفصل فيها، وفى الحدود التي يقتضيها الصالح العام- لا يكون مخالفاً للدستور من هذه الناحية.
وحيث إن المدعين ينعون على النص التشريعي المطعون عليه إخلاله بمبدأ المساواة أمام القانون، وكان إعمال هذا المبدأ –وما يقتضيه من الحماية القانونية المتكافئة- يفترض تماثل المراكز القانونية فى نطاق الموضوع محل التنظيم التشريعي ومعاملتها بالتالي على ضوء قاعدة موحدة لا تفرق بين أصحابها بما ينال من مضمون الحقوق التي يتمتعون بها، وكان النص التشريعي المطعون عليه لا يعدو أن يكون جزءاً من التنظيم المتكامل لحق التقاضي الذى تضمنه القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960، وكان هذا التنظيم قد تقرر لأغراض مشروعة، ووفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً منهياً عنه بين المخاطبين بها، فإن مقالة إخلال النص المطعون عليه بمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور، لا يكون لها حل.
وحيث إن ما ينعاه المدعون من إخلال النص التشريعي المطعون فيه بمبدأ تكافؤ الفرص الذى تكفله الدولة للمواطنين كافة وفقاً لنص المادة 8 من الدستور، مردود بأن مضمون هذا المبدأ يتصل بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، وأن إعماله يقع عند التزاحم عليها، وأن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية- فى مجال الانتفاع بها- لبعض المتزاحمين على بعض، وهى أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام. إذ كان ذلك، فإن إعمال مبدأ تكافؤ الفرص فى نطاق تطبيق النص المطعون عليه يكون منتفياً، إذ لا صلة له بفرص قائمة يجرى التزاحم عليها.
وحيث إنه عن طلبات التدخل فى الدعوى الماثلة، فإنه إذ كان المتدخلون انضماماً للمدعين فيها غير ماثلين فى الدعوى الموضوعية التي يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الحكم فيها، ولا يعتبرون بالتالي خصوماً ذوى شأن فى الدعوى الدستورية، فإن مصلحتهم فى الطعن على النص التشريعي محلها تكون منتفية، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول تدخلهم.
وحيث إن النص التشريعي المطعون عليه لا يتعارض مع حكم فى الدستور من أوجه أخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


..........................................................................................



* قضية رقم 32 لسنة 16 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 2 ديسمبر سنة 1995م، الموافق 9 رجب سنة 1416هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر     رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله     أعضاء
 وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي على جبالي     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ أحمد عطية أحمد المنسي     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 32 لسنة 16 قضائية "دستورية"
المقامة من:
1-   السيد/ حافظ صلاح الدين عوده
2-   السيدة/ هودة صلاح الدين عوده.
ضـــد
1-   السيد/ رئيس الجمهورية   
2-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء         
3-   السيد/ وزير العدل     
4-   السيد/ وزير الأوقاف بصفته الرئيس الأعلى لهيئة الأوقاف المصرية
5-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية       
6-   السيد/ مدير عام منطقة أوقاف القاهرة
الإجراءات
بتاريخ 29 سبتمبر سنة 1994، أودع المدعيان قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالبين الحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة السادسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فيها أصليا الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطيا برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن اللجنة القضائية للأحكار بمنطقة أوقاف القاهرة، كانت قد أصدرت بتاريخ 30 مايو 1991 قرارها الخاص بالعقارين المحكرين، وهما 1 عطفة ناشد و107 شارع الجمهورية - قسم الأزبكية - محافظة القاهرة، بتقدير سعر المتر فيهما بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه. وإذ لم يرتض المدعيان هذا القرار، فقد طعنا عليه أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بالدعوى رقم 11139 مدني كلى شمال القاهرة، طالبين تعديله بتقدير سعر المتر على أساس سعر المثل السائد وقت التقدير. وإذ قضت المحكمة الابتدائية بجلسة 29/3/1994 بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه بتقدير سعر المتر فى عقاري النزاع بمبلغ ألف وخمسمائة جنية، فقد طعنا على حكمها بالاستئناف رقم 9624 لسنة 111 قضائية. وأثناء نظره أمام محكمة استئناف القاهرة، دفع الحاضر عن المستأنفين بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة السادسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، والتي تنص على أن "ويكون الحكم الصادر فى الطعن من المحكمة الابتدائية نهائيا غير قابل للطعن بأي وجه من أوجه الطعن". وإذ قدرت المحكمة الاستئنافية جدية هذا الدفع، فقد قضت بجلسة 30/8/1994- وقبل الفصل فى شكل الاستئناف وموضوعه - بتكليف المستأنفين برفع الدعوى الدستورية، وأجلت نظر الدعوى إلى جلسة 30/11/1994 لتقديم ما يدل على إقامتها، فأقاما الدعوى الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة، دفعت الدعوى الماثلة بعدم قبولها تأسيساً على أنها لم تتصل بالمحكمة الدستورية العليا وفقا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، وكان سندها فى ذلك أن الطعن المقدم من المدعيين إلى المحكمة الاستئنافية، كان منصرفا إلى قرار صدر عن اللجنة القضائية المنصوص عليها فى المادة 5 من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة؛ وإذ كان هذا القرار - وعملا بالفقرة الأولى من المادة 6 من هذا القانون - مما لا يجوز الطعن فيه إلا أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار محل النزاع خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره، وكانت فقرتها الثانية تنص على أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية فى الطعون المقدمة إليها عن قرار اللجنة القضائية، يكون نهائيا ولا يجوز الطعن فيه، وكان المدعيان قد دفعا أمام المحكمة الاستئنافية، بعدم دستورية هذه الفقرة لتجريح قضاء المحكمة الابتدائية فى شأن قرار صدر عن اللجنة القضائية - وهو غير قابل للطعن - فإن قضاء المحكمة الاستئنافية بجدية هذا الدفع، ثم تصريحها للمدعيين برفع دعواهما الدستورية، يكون صادرا عن محكمة لا ولاية لها، ومنعدما.
وحيث إن هذا الدفع مردود أولا: بأن المدعيين، إذ أثارا أمام المحكمة الاستئنافية الدفع بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 6 من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، فذلك لأن هذه الفقرة ذاتها هي التي تحول بنصها دون مباشرة المحكمة الاستئنافية لسلطتها فى مجال مراقبة قضاء المحكمة الابتدائية الأدنى درجة منها؛
ومردود ثانيا: بأن المحكمة الاستئنافية لا يمكنها الفصل فيما إذا كان الطعن المعروض عليها مقبولا شكلا، إلا على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن اتساق حكم الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 43 لسنة 1982 المشار إليه، مع الدستور أو خروجها على قواعده، وكان عليها بالتالي أن تستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا من خلال تقديرها جدية الدفع بعدم دستورية هذه الفقرة، ثم تصريحها للمدعيين برفع دعواهما الدستورية بصددها؛
ومردود ثالثا: بأن الشرعية الدستورية التي تقوم المحكمة الدستورية العليا بمراقبة التقيد بها، غايتها ضمان أن تكون النصوص القانونية مطابقة لأحكام الدستور، وتتبوأ هذه الشرعية من البنيان القانوني في الدولة ذراه. وهى كذلك فرع من خضوعها للقانون، بما مؤداه امتناع قيام محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي بتطبيق نص قانوني يكون لازما للفصل فى ولايتها، أو فى موضوع النزاع المعروض عليها، إذا بدا لها "من وجهة مبدئية" مصادما للدستور، ذلك أن قيام هذه الشبهة لديها، يلزمها أن تستوثق من صحتها، من خلال عرضها على المحكمة الدستورية العليا التي عقد لها الدستور دون غيرها ولاية الفصل فى المسائل الدستورية.
وحيث إن من المقرر - وعلى ضوء ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا - أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم مباشرتها، إنما يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها جديته، وكانت المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الدستورية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية، لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة.
متى كان ما تقدم، وكان الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، ينصب على الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، وكان الفصل فى هذا الدفع، يرتبط بالفصل فى قبول الاستئناف شكلا، فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى الفقرة التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية، ولا يمتد لسواها.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة - وهى الفقرة المطعون عليها - تنص على ما يأتي: [ويكون الحكم الصادر فى الطعن من المحكمة الابتدائية، نهائيا غير قابل للطعن بأي وجه من أوجه الطعن].
وحيث إن المدعيين ينعيان على الفقرة الثانية المشار إليها، إخلالها بمبدأ المساواة أمام القانون، ويذهبان فى بيان ذلك، إلى أن القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، قد خول الاختصاص بإنهاء هذه الأحكار إلى لجنة يغلب على تشكيلها العنصر الإداري، ولا تتقيد بقواعد قانون المرافعات، ولا تكفل ضمانات التقاضي، ولم يجز المشرع الطعن فى قراراتها إلا أمام المحكمة الابتدائية التي يقع العقار محل النزاع فى دائرتها، على أن يكون الطعن فى أحكامها ممتنعا؛ وذلك على خلاف أحكام القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 التي حدد بها كيفية إجراء القسمة فى الأعيان التي اعتبر وقفها منتهيا، إذ استعاض هذا القرار بقانون، عن القواعد الإجرائية المعقدة التي كانت تحول دون قسمة هذه الأعيان وتوزيعها بين مستحقيها، بلجنتين تختص إحداهما بفحص طلبات القسمة وإجرائها، وكذلك ببيع الأعيان التي تتعذر قسمتها، وتتولى أخراها الفصل فى الاعتراضات على الأحكام التي تصدرها اللجنة الأولى، سواء كان الاعتراض مبناه المنازعة فى الاستحقاق، أو تقويم الأعيان أو غير ذلك، على أن يطعن أمام المحكمة الاستئنافية فى القرارات الصادرة عن لجان القسمة، بما مؤداه أن المشرع مايز بين فئتين:
إحداهما تلك التي تناولها القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 آنف البيان، كافلاً لها ضمانة تعدد درجات التقاضي.
وثانيتهما تلك التي تعلق بها القانون رقم 43 لسنة 1982 بإنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، التي قصر حقها فى التقاضي على درجة واحدة. مخالفا بذلك مبدأ المساواة أمام القانون.
وفضلا عما تقدم، فقد أهدر النص المطعون فيه، حكم المادتين 8، 68 من الدستور، التي تكفل أولاهما تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، وثانيتهما حق كل مواطن  فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، مع حظر النص فى القوانين على تحصين الأعمال والقرارات الإدارية من رقابة القضاء.
وحيث إن المدعيين ينعيان على الفقرة الثانية من المادة 6 - المطعون عليها - مخالفتها مبدأ المساواة أمام القانون.
حيث إن البين من قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 102 لسنة 12 قضائية "دستورية" [أن الأعيان التي كان مصرفها على غير جهات البر، والتي اعتبر وقفها منتهيا بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952، كان ينبغي توزيعها على المستحقين، كل بقدر نصيبه، باعتبار أنهم أصبحوا مالكين لهذه الأنصبة، إلا أن معظم هذه الأعيان لم تصل إلى مستحقيها بسب شيوع أنصبتهم، وما يقيمه بعض الحراس، بل وبعض المستحقين، من العوائق التي تحول دون إجراء القسمة. ثم صدر القانون رقم 18 لسنة 1958 بقسمة الأعيان التي اعتبر وقفها منتهيا، مستهدفا تقرير قواعد ميسرة تكفل إيصال الحقوق إلى المستحقين، إلا أن تطبيقه أسفر عن تعقد إجراءاته وبطئها، بالنظر إلى تعدد اللجان التي نظمها، وتشابك إجراءاتها. وتفاديا لذلك صدر القرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 محددا كيفية إجراء القسمة فى الأعيان التي اعتبر وقفها منتهيا، فاستعاض عن القواعد الإجرائية المعقدة بلجنتين، تختص إحداهما بفحص طلبات القسمة وتحقيق جديتها وإجرائها، وكذلك ببيع الأعيان التي تتعذر قسمتها، وتختص أخراها بالفصل فى الاعتراضات على الأحكام التي تصدرها اللجنة الأولى، سواء كان الاعتراض مبناه المنازعة فى الاستحقاق أو تقويم الأعيان أو غير ذلك. وقد قيد المشرع هاتين اللجنتين، بقواعد قانونية ألزمهما بإتباعها، بعضها من طبيعة إجرائية، هي تلك المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومنها ما هو من طبيعة موضوعية تمثلها الأحكام التي تضمنها القانون المدني فى شأن القسمة، وكذلك ما نص عليه القانون رقم 48 لسنة 1946 من أحكام متعلقة بالوقف. وتفصل هذه اللجان - التي يغلب العنصر القضائي على تشكيلها - فيما يعرض عليها مما يدخل فى اختصاصها، بعد إعلان أصحاب الشأن ببدء إجراءاتها،وبما يكفل حقوق المتقاسمين والأغيار على السواء، وفى إطار من الضمانات الرئيسية للتقاضي التي تتهيأ معها لكل من كان طرفا فى إجراءات القسمة، الفرص الكاملة لإبداء أقواله، ومواجهة خصمه وتحقيق دفاعه. بما مؤداه أن المشرع أقام هيئتين ذواتى اختصاص قضائي، تعلو إحداهما أدناهما، وتتقيد كلتاهما بقواعد إجرائية وموضوعية لا تريم عنها، وتتوافر فى تشكيلها الحيدة التي تكفل غيريتها فى مواجهة المتنازعين.
وقد اقترن هذا التنظيم القائم على تعدد مراحل التقاضي فى الموضوع الواحد، بضمان حق الطعن أمام محكمة الاستئناف فى القرارات الصادرة عن لجان القسمة، كلما كان الطعن عليها مبناه مخالفتها القانون أو خطؤها فى تطبيقه أو تأويله، أو إذا وقع بطلان فى قراراتها أو بطلان فى إجراءاتها أثر فيها.
ومن ثم يكون المشرع قد حصر اختصاص محكمة الاستئناف فى مسائل القانون، وعهد إليها - من خلال مراقبتها لصحة تطبيقه - بدور مماثل لدور محكمة النقض، التي لا يجوز الطعن فى أحكامها أمام أية جهة].
وحيث إن المشرع كان قد أصدر عدة قوانين فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، متوخيا تصفية آثارها، بالنظر إلى خطورة ووطأة القيود التي تفرضها على الأعيان موضوعها - لتعود إلى من يملكون رقبتها - عناصر الملكية التي مزقتها هذه الأحكار، والتي تتمثل فى استحواذ المحتكرين على تلك الأعيان، وتسلطهم على مختلف أوجه الانتفاع بها، وانفرادهم بثمارها لآماد تمتد زمنا بعيداً، تظل خلالها عملاً وقانوناً فى أيديهم مع توارثها، غير مقيدين فى ذلك كله إلا بأداء أجر مثلها، وبشرط أن تكون الأعمال التي يجرونها فيها - سواء بالبناء أو الغراس - من شأنها تحسينها، وتغيير أوضاعها، بتعميرها وإصلاحها. وليس أدل على ثقل القيود التي تفرضها الأحكار على الملكية، من أن التقنين المدني اعتبرها حقاً عينياً أصليا، بل إن البعض وصفها بأنها ملكية فوق الملكية الأصلية تتداخل معها وتعطلها. ولئن جاز القول بأن الأحكار مأخوذة أحكامها أصلا من الشريعة الغراء التي شرعتها لتعمير أعيان تم وقفها، وليس بيد ناظرها أموال تغلها، وتكفيها لإصلاحها بعد تخربها وتَعَطُّل الانتفاع بها، وبشرط ألا يكون استبدالها ممكناً، وألا يوجد من يكون راغبا فى استئجارها بأجره يعجلها عن مدة مستقبلة، للإنفاق على ما يعمرها، إلا أن تطور الأوضاع الاقتصادية، أسفر عن إمكان تعمير هذه الأعيان، ويُسْر استبدالها، خلال مدة أقصر من تلك التي كانت الأحكار تمتد إليها قبل صدور التقنين المدني الجديد، مما حمل هذا التقنين على أن يقرر فى شأن الأحكار، قواعد قانونية تقلص من دورها حدا من انتشارها، فلم يجز أن يكون الحكر بأقل من أجرة المثل، ولا دائماً، بل حده بمدة لا تزيد على ستين سنة، ولضرورة أو مصلحة، وبإذن من المحكمة الابتدائية التي تقع فى دائرتها الأعيان كلها أو أكثرها قيمة. وشرط ألا ينعقد عقد الحكر، إلا إذا كان موثقا بصورة رسمية، وجعل شهره من خلال التسجيل لازما سواء فيما بين المتعاقدين أو فى مواجهة الأغيار. وحظر هذا التقنين كذلك - واعتبارا من تاريخ العمل به - تقرير أحكار على أعيان غير موقوفة، مضيقا بذلك من دائرتها. وحتم فوق هذا، إنهاء حق الحكر، قبل حلول الأجل، إذا لم تعد الأرض المحتكرة وفقا. وإمعانا فى التضييق من حق الحكر قدر الإمكان، نص التقنين المدني، على أن لمالك الرقبة فى الحكر، حق الأخذ بالشفعة إذا بيع حق الحكر، ويثبت حق الأخذ بها كذلك، لكل مستحكر عند بيع الرقبة، توصلاً لإنهاء حق الحكر عن طريق اتحاد الذمة.
وحيث إن من المقرر، أن القواعد القانونية التي صاغها التقنين المدني فى شأن الأحكار، لم تكن إلا تعبيراً عن السياسة التشريعية التي اختطها للحد منها، أو إنهاء وجودها، وهو اتجاه عززه المشرع بقوانين متعاقبة، بدأها بالمرسوم القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ناصا فى مادته الأولى، على أن يعتبر منتهيا كل وقف لا يكون مصرفه فى الحال خالصا لجهة من جهات البر، ومُنْهيا فى مادته السابعة، ما يكون من الأحكار مرتبا على أرض انتهى وقفها وفقاً لأحكام هذا القانون، وهو ما آل إلى حصر معظم الأحكار فيما يكون منها مقرراً على أرض تعد وقفا خيرياً. بيد أن بقاء الأحكار حتى فى هذا النطاق – وما تفرضه على أعيانها من قيود خطيرة - حال دون استغلالها فيما يعود بالفائدة على أشكال وصور الخير التي يمكن أن ترصد عليها.
ومن ثم عنى المشرع بإصدار قوانين متعاقبة تتوخى تصفيتها خلال أجل معين، ولكن الإخفاق حالفها بالنظر إلى تعدد اللجان التي تتولى عملية إنهاء الأحكار [لجنة التثمين، ثم لجنة الأحكار، ثم اللجنة العليا للأحكار] مما حمل المشرع على دمجها جميعاً فى لجنة واحدة هي اللجنة القضائية المنصوص عليها فى المادة 5 من القانون رقم 43 لسنة 1982 آنف البيان، والتي اختصها بالفصل فى جميع المنازعات الناشئة عن هذا القانون، مع جواز الطعن فى قراراتها أمام المحكمة الابتدائية التي يقع فى دائرتها العقار محل النزاع. وهو ما يؤكد حقيقة أن الأحكار بطبيعتها تتمحض عبئا ثقيلاً على الملكية، وأن المشرع حرص على التخلص منها من خلال تنظيم خاص، وعلى ضوء قواعد ميسرة ارتآها كافية للفصل فى الحقوق المتعلقة بها، وتسويتها بصفة نهائية.
وحيث إن المشرع - فى مجال إنفاذ حق التقاضي - غير مقيد بأشكال إجرائية محددة تمتد إلى المنازعات جميعها حتى مع اختلاف موضوعها، ذلك أن التنظيم الإجرائي للخصومة القضائية، لا يمكن أن يعكس أنماطاً جامدة موحدة لإطار الفصل فيها، وإلا كان ذلك إغراقا فى الشكلية ولو كان عقمها باديا، وانحيازاً لتحجر قوالبها وتزمتها ولو كان مصادما لحقائق الأشياء، نافيا مابين أوضاعها من تغاير. وهو ما يأباه التنظيم الإجرائي للخصومة القضائية، إذ يتعين دوما أن يفاضل المشرع بين صور هذا التنظيم، ليختار منها ما يكون مناسبا لخصائص المنازعات التي يتعلق بها، ومتطلباتها إجرائيا، لتتعدد بالتالي الأشكال التي يقتضيها إنفاذ حق التقاضي، وبما لا إخلال فيه بأبعاده التي كفلها الدستور، وعلى الأخص من زاوية ضماناته الرئيسية التي تمثل إطاراً حيوياً لصون الحقوق على اختلافها، يرد العدوان عنها، على ضوء قواعد قانونية يكون إنصافها حائلا دون تحيفها على أحد.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان القانون رقم 43 لسنة 1982 المشار إليه، قد توخى إنهاء أحكار الأعيان الموقوفة، فنص فى مادته الأولى على أن يعتبر حق الحكر منتهيا دون تعويض فى الأعيان الموقوفة الخالية من البناء والغراس عند العمل بهذا القانون، وحدد فى مادته الثانية وما بعدها، كيفية إنهاء الأحكار على أعيان موقوفة يشغلها بناء أو غراس، وقواعد الفصل فى المنازعات الناشئة عن ذلك؛ وكان البين من استقراء الأحكام التي تضمنها هذا القانون، ومقارنتها بتلك التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1960، أن هذين التشريعين يختلفان موضوعاً، ذلك أنه بينما صدر أولهما لإنهاء الأحكار على أعيان لازال وقفها قائما، فإن ثانيهما يتناول أعيانا صار وقفها منتهيا، محددا قواعد قسمتها لتوزيعها على المستحقين فيها.
متى كان ما تقدم، وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، لا يعنى معاملتهم جميعا وفق قواعد موحدة يتكافأون فيها، بل يكون التماثل فى المراكز القانونية التي تنتظم بعض فئاتهم، وتساويهم بالتالي فى العناصر التي تكونها، مناطا لوحدة القاعدة القانونية التي ينبغي تطبيقها فى حقهم، وكانت الحقوق التي نظم المشرع الفصل فيها بالقرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 - وعلى ما تقدم - تغاير فى مضمونها وغاياتها، تلك التي تعلق بها القانون رقم 43 لسنة 1982 المشار إليهما، فإن المخاطبين بكل من هذين التشريعين، لا يقفون فيما بينهم على قدم من المساواة أمام القانون، ويكون ادعاء الإخلال بهذا المبدأ - وقد غاير المشرع بين موضوعين فى نطاق التنظيم الإجرائي لحق التقاضي فى كل منهما – منتفياً.
وحيث إن المدعيين، ينعيان كذلك على الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، إسباغها الحصانة على الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية التي يقع العقار فى دائرتها. فصلاً فى الطعون المقدمة إليها فى قرارات اللجنة القضائية.
وحيث إن هذا النعي مردود، بما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن قصر حق التقاضي فى المسائل التي فصل فيها الحكم على درجة واحدة، هو مما يستقل المشرع بتقديره، بمراعاة أمرين:
أولهما أن يكون هذا القصر قائما على أسس موضوعية تمليها طبيعة المنازعة، وخصائص الحقوق المثارة فيها.
ثانيهما: أن تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها أمامها، وأن يكون المشرع قد عهد إليها بالفصل فى عناصر النزاع جميعها -الواقعية منها والقانونية - فلا تراجعها فيما تخلص إليه من ذلك، جهة أخرى.
وعلى نقيض ما تقدم، أن يقيم المشرع، محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي للفصل فى مسائل القانون المرتبطة بنزاع معين، تعقيبا من جهتها على قرار أصدرته جهة إدارية عند فصلها فيه، إذ يعتبر ذلك إنكارا لحق التقاضي المكفول بنص المادة الثامنة والستين من الدستور، باعتبار أن الفصل فى عناصر النزاع الواقعية، عائد إلى جهة إدارية لا تتوافر أمامها - وبالضرورة مقومات التقاضي وضماناته الرئيسية؛ متى كان ذلك، وكان المشرع قد أنشأ بالمادة 5 من القانون رقم 43 لسنة 1982 بإنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة، لجنة قضائية فى كل منطقة يرأسها رئيس محكمة ويمثل أعضاءها موظفون عن الجهات الإدارية التي عينتها فقرتها الأولى، واختصها بالفصل فى كافة المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون، مخولا إياها فى سبيل أداء مهمتها فحص الأوراق وتحقيقها، وأن تستعين فى عملها بمن تراه من العاملين الفنيين والإداريين وغيرهم من أهل الخبرة؛ وكان لا يجوز لها - وعملا باللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادر بها القرار رقم 17 لسنة 1983 - أن تباشر ولايتها هذه، إلا بعد إخطار ذوى الشأن بموعد انعقادها، ومكانه، ووقته، وذلك بموجب خطاب مسجل، وقبل الجلسة المحددة بخمسة عشر يوما على الأقل، على أن يكون لهؤلاء حق الحضور أمامها بأنفسهم، وأن ينيبوا عنهم فى الحضور من يختارونه من المحامين؛ وكان لا يجوز كذلك أن يكون انعقادها صحيحا، إلا بحضور رئيسها وثلاثة من أعضائها على الأقل، مع جواز الطعن فى قراراتها أمام المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدورها؛ وكان المشرع من خلال هذا التنظيم - وحتى لو صح القول بانتفاء الصفة القضائية عن أعمال اللجان القضائية التي أنشأها - قد عهد إلى المحكمة الابتدائية المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 6 من القانون، بالفصل فى الطعون التي تقدم إليها عن قرارات هذه اللجان؛ وكان تشكيلها واستقلالها كاشفين عن حيدتها عن الفصل فى هذه الطعون، ومؤديين إلى غيريتها فى مواجهة أطرافها؛ وكان نظرها لتلك الطعون يبلور الحق فى الدعوى كرابطة قانونية تنعقد الخصومة القضائية من خلالها، بوصفها الوسيلة التي عينها المشرع لاقتضاء الحقوق المدعى بها، وعلى ضوء قواعد قانونية لا يخل تطبيقها بضمانات التقاضي، ولا بالأسس الموضوعية التي يقتضيها الفصل فيها، فإن الأحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية فيما يعرض عليها من تلك الطعون، تؤكد الحقيقة القانونية التي تفرض نفسها على كل من الزمه المشرع بها، بافتراض تطابقها مع الحقيقة الواقعة. ولا إخلال فى ذلك بحق التقاضي، بل هو إرساء لمضمونه، بما يكفل الأغراض التي توخاها.
ولا ينال من ذلك، ما قرره المدعى من أن الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 43 لسنة 1982 - المطعون عليها - تناقض نص الفقرة الثانية من المادة 68 من الدستور التي حظر بموجبها إسباغ الحصانة من رقابة القضاء، على الأعمال والقرارات الإدارية، ذلك إن من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن ما تعنيه هذه الفقرة، هو ألا تكون النصوص التشريعية حائلا بين الأفراد والدفاع عن حقوقهم أو حرياتهم بمنعهم من اقتضائها من خلال الخصومة القضائية، لرد العدوان عنها. ولا كذلك قصر التقاضي على درجة واحدة فى المسائل التي فصل الحكم فيها.
وحيث إن ما ينعاه المدعيان من إخلال النص المطعون فيه بمبدأ تكافؤ الفرص المكفول بنص المادة الثامنة من الدستور، مردود بأن مضمون هذا المبدأ يتصل بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، وأن إعماله يقع عند تزاحمهم عليها، وأن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية فى مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض، وهى أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية، يقتضيها الصالح العام، ولازمها أن يعامل المتزاحمون عليها الذين تتماثل - فى إطار هذه الأسس الموضوعية وعلى ضوئها - مراكزهم القانونية، معاملة موحدة، وكان النص المطعون فيه لا يتعلق بفرص قائمة يجرى التزاحم عليها، فإن إعمال مبدأ تكافؤ الفرص - فى مجال تطبيق هذا النص - يكون منتفيا.
متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه لا يتعارض مع أحكام الدستور من أوجه أخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعيين المصروفات، ومبلغ مائه جنيه مقابل أتعاب المحاماة


....................................................................................................



* قضية رقم 73 لسنة 19 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 7 فبراير سنة 1998م، الموافق 10 شوال سنة 1418هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد على وعبد الرحمن نصير     أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي على جبالي     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدي أنور صابر     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 73 لسنة 19 قضائية "دستورية".
بعد أن أحالت محكمة الإسكندرية الابتدائية ملف الدعوى رقم 1679 لسنة 1995  
المقامة من:
1-   السيد/ صادق محمد السيد
2-   السيد/ رمضان رضوان مغازي
ضـــد
1-   السيد/ وزير الأوقاف بصفته الرئيس الأعلى لهيئة الأوقاف المصرية
2-   السيد/ رئيس اللجنة القضائية بمنطقة الأوقاف بالإسكندرية
3-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
4-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من إبريل سنة 1997 ورد إلى قلم كتاب المحكمة الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 22 فبراير سنة 1997 فى الدعوى رقم 1679 لسنة 1995 مدني كلى الإسكندرية والقاضي بوقف الدعوى وبإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية نص المادة 12 من القانون رقم 43 لسنة 1982.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع- على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعيين كانا قد أقاما أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية دعواهما رقم 1679 لسنة 1995 ضد المدعى عليهم والتي طلبا فيها أصليا الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية بمنطقة أوقاف الإسكندرية الصادر فى 19/3/1995 واحتياطيا إعادة النظر فى تقدير قيمة الأرض موضوع القرار التي صدر قرار اللجنة المشار إليها بقصد إنهاء الحكر عليها واستبدالها وندب خبير لتحقيق ذلك. وقالا شرحا لدعواهما أن التقدير المقرر من اللجنة لقيمة الأرض المحكرة يناقض مبدأ المعاملة بالمثل. وأثناء نظر هذه الدعوى دفع المدعيان بعدم دستورية نص المادة 12 من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة. بيد أن محكمة الموضوع تراءى لها أن النص المطعون عليه صدر فى شأن أحكار تقرر إنهاؤها قبل العمل بالقانون المشار إليه، وصار بذلك متضمنا أثرا رجعيا بما يناقض نص المادة 187 من الدستور مما يقتضى وقف الدعوى مع إحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة 12 المطعون عليها.
وحيث إن المادة 12 من القانون رقم 42 لسنة 1982 المطعون عليها تقضى بما يأتي :
"يتبع فى شأن الأحكار التي صدرت قرارات بإنهائها قبل العمل بهذا القانون، الإجراءات المنصوص عليها فى المواد السابقة، وذلك فيما عدا الأحكار التي تمت إجراءاتها نهائيا وقام المحتكر بسداد الثمن أو معجله، ويتم فى هذه الحالة الاستبدال بعقد يوقعه وزير الأوقاف أو من ينيبه فى ذلك".
وحيث إن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة فى شأن الشرعية الدستورية، لا تستقيم موطئا لإبطال نصوص قانونية يحتمل مضمونها تأويلا يجنبها الوقوع فى حمأة المخالفة الدستورية، ذلك أن هذه المحكمة إنما تباشر رقابتها لضرورة تقتضيها، وهى تكون كذلك كلما كانت النصوص المطعون عليها عصية على كل تفسير يوائم بين مضمونها وأحكام الدستور.
وحيث إن الأصل فى النصوص القانونية هو سريانها بأثر مباشر، تقديرا لخطورة الآثار التي تحدثها رجعيتها- وهى لا تجوز فى غير المسائل الجنائية- فى محيط التعامل، وإخلالها باستقراره، وبما نشأ متصلا به من الحقوق. ومن ثم كان تقرير الأثر الرجعى لعمل تشريعي استثناء من السريان المباشر للقواعد القانونية. يتقيد بالضرورة بالحدود الضيقة للمسائل التي انبسط عليها، ويعتبر مشروطا بموافقة أغلبية أعضاء السلطة التشريعية فى مجموعهم -لا أغلبية الحاضرين منهم- عليه، وذلك بعد إدراكهم لأبعاده، ووقوفهم على فحواه، فلا يكون قبولهم بالأثر الرجعى مظنونا، بل ثابتا على وجه قطعي.
وحيث إن المشرع كان قد أصدر عدة قوانين فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان  الموقوفة، متوخيا تصفية آثارها، بالنظر إلى وطأة القيود التي تفرضها على الأعيان موضوعها كي تعود إلى من يملكون رقبتها، عناصر الملكية التي مزقتها هذه الأحكار، والتي تتمثل فى استحواذ المحتكرين على الأعيان محلها، وتسلطهم على مختلف أوجه الانتفاع بها، وانفرادهم بثمارها لآماد تمتد زمنا بعيداً، تظل خلالها عملاً وقانوناً فى أيديهم مع توارثها، غير مقيدين فى ذلك كله إلا بأداء أجر مثلها، وبشرط أن تكون الأعمال التي يجرونها فيها- سواء بالبناء أو الغراس بها- من شأنها إصلاحها أو تحسينها بعد تخربها.
وليس أدل على ثقل القيود التي تفرضها الأحكار على الملكية، من أن القانون المدني اعتبرها حقاً عينياً أصليا. بل إن البعض وصفها بأنها ملكية فوق الملكية الأصلية تتداخل معها وتعطلها.
وحيث إن الأحكار مأخوذة أحكامها أصلا من الشريعة الإسلامية التي شرعتها لتعمير أعيان تم وقفها، وليس بيد ناظرها من غلتها ما يكفى لإصلاحها؛ وكان استبدالها متعثرا كذلك؛ ولا يوجد من يطلبها بأجرة تغلها للإنفاق منها على ما يعمرها.
إلا أن تطور الأوضاع الاقتصادية، أسفر عن إمكان تعمير هذه الأعيان، ويُسْر استبدالها، خلال مدة أقصر من تلك التي كانت الأحكار تمتد إليها قبل صدور القانون المدني، مما حمل المشرع على أن يقرر فى شأن الأحكار، قواعد قانونية تقلص من دورها حدا من انتشارها · فلم يجز أن يكون الحكر بأقل من أجرة المثل، ولا دائما، بل حده بمدة لا تزيد على ستين سنة، ولضرورة أو مصلحة، وبإذن من المحكمة الابتدائية التي تقع فى دائرتها الأعيان كلها أو أكثرها قيمة · وشرط ألا ينعقد عقد الحكر، إلا إذا كان موثقا بصورة رسمية، وجعل شهره من خلال التسجيل لازما سواء فيما بين المتعاقدين أو فى مواجهة الأغيار. وحظر القانون المدني كذلك- واعتبارا من تاريخ العمل به- تقرير أحكار على أعيان غير موقوفة، مقلصا بذلك من دائرتها. بل إنه إمعانا فى التضييق من حق الحكر قدر الإمكان، نص هذا القانون كذلك، على أن لمالك الرقبة فى الحكر، حق الأخذ بالشفعة إذا بيع حق الحكر، ويثبت حق الأخذ بها كذلك، لكل مستحكر عند بيع الرقبة، توصلاً لإنهاء حق الحكر عن طريق اتحاد الذمة.
وحيث إن من المقرر، أن القواعد القانونية التي صاغها القانون المدني فى شأن الأحكار، لم تكن إلا تعبيراً عن السياسة التشريعية التي اختطها للحد منها أو إنهاء وجودها، وهو اتجاه عززه المشرع بقوانين متعاقبة، بدأها بالمرسوم القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ناصا فى مادته الأولى،على أن يعتبر منتهيا كل وقف لا يكون مصرفه فى الحال خالصا لجهة من جهات البر، ومُنْهيا فى مادته السابعة، ما يكون من الأحكار مُرَتبَّا على أرض انتهى وقفها وفقاً لأحكام هذا القانون. وهو ما آل إلى حصر معظم الأحكار فيما يكون منها مقرراً على أرض تعد وقفا خيرياً. بيد أن بقاء الأحكار حتى فى هذا النطاق- وما تفرضه على أعيانها من قيود خطيرة- حال دون استغلالها فيما يعود بالفائدة على أشكال وصور الخير التي يمكن أن ترصد عليها.
ومن ثم عنى المشرع بإصدار قوانين متعاقبة تتوخى تصفيتها خلال أجل معين. بيد أن  الإخفاق حالفها بالنظر إلى تعدد اللجان التي تتولى عملية إنهاء الأحكار (لجنة التثمين، ثم لجنة الأحكار، ثم اللجنة العليا للأحكار) مما حمل المشرع على دمجها جميعاً فى لجنة واحدة هي اللجنة القضائية المنصوص عليها فى المادة 5 من القانون رقم 43 لسنة 1982المشار إليه، والتي اختصها بالفصل فى جميع المنازعات الناشئة عن هذا القانون، مع جواز الطعن فى قراراتها أمام المحكمة الابتدائية التي يقع فى دائرتها العقار محل النزاع. وهو ما يؤكد حقيقة أن الأحكار بطبيعتها تتمحض عبئا ثقيلاً على الملكية، وأن المشرع حرص على التخلص منها من خلال تنظيم خاص، وعلى ضوء قواعد ميسرة ارتآها كافية للفصل فى الحقوق المتعلقة بها، وتسويتها بصفة نهائية.
وحيث إن الأصل فى القواعد القانونية الإجرائية التي يسنها المشرع محددا بها وسائل اقتضاء الحقوق المتنازع عليها، أنها تتصل فى عمومها بمراكز قانونية تقبل بطبيعتها التعديل والتغيير دون أن يُرمى عمل المشرع بشأنها برجعية الأثر. ومن ثم كان سريانها بأثر مباشر فى المسائل التي تناولتها.
وهذه هي القاعدة التي رددتها المادة الأولى من قانون المرافعات بنصها على سريان أحكام هذا القانون على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من إجراءاتها قبل العمل به. لا استثناء من هذه القاعدة إلا فى أحوال حددتها هذه المادة حصرا، هي تلك التي يكون فيها القانون الجديد معدلا لميعاد كان قد بدأ قبل العمل به؛ أو كان ملغيا أو منشئا لطريق طعن فى شأن حكم صدر قبل نفاذه؛ أو كان معدلا لاختصاص قائم، وبدأ العمل به بعد استواء الخصومة للفصل فى موضوعها.
وحيث إن قرار إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة- وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المطعون على مادته الثانية عشر- لا يعتبر متضمنا تحديدا نهائيا لمراكز من يملكون رقبتها، وكذلك من يحتكرونها، وإنما بداية لأعمال إجرائية تتصل حلقاتها بقصد الوصول فى نهايتها إلى تقدير لثمن هذه الأعيان، وكذلك لقيمة ما عليها من بناء وغراس شغلها محتكروها بها تمهيدا لتحديد ما يستحقون من التعويض وفق الأحكام التي نص عليها هذا القانون، وكذلك إجراء الاستبدال فى الحدود التي كفلها؛ وكان ذلك القانون قد صدر بعد أن ظهر أن عددا غير قليل من الأحكار لازال قائما، وأن تصفيتها لن تصل إلى منتهاها إلا فى إطار قواعد إجرائية ميسرة تحيطها، هي تلك التي أتى بها هذا القانون بالنصوص التي تضمنها، والتي قرر سريانها بأثر مباشر فى شأن الأحكار التي لم تستكمل بعد -ونهائيا- إجراءاتها، دون تلك التي أتمتها على ما جرى به النص المطعون فيه؛ وكان ذلك مؤداه أن ما قرره هذا النص من سريان التنظيم الإجرائي الجديد فى شأن الأحكار التي لم تكتمل إجراءاتها دون غيرها بقصد الإسراع فى تصفيتها بعد التخلص من الأوضاع الإجرائية السقيمة التي قارنتها من قبل، لا يتصل بحقوق موضوعية استقر أمرها، ولا بنزاع كان يدور حولها وصار منقضيا، وإنما بقواعد إجرائية ضبط المشرع بها استئداء هذه الحقوق، أحلها محل قواعد من جنسها لم تكتمل حلقاتها فى شأن النزاع المتصل بها، فلا يكون تطبيق القواعد الإجرائية الجديدة فى شأنها متضمنا أثرا رجعيا، بل متعلقا محلا بمراكز قانونية تقبل بطبيعتها التعديل والتغيير، بما لا مخالفة فيه لنص المادة 187 من الدستور.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض مع حكم آخر فى الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى.


...............................................................................................................



* قضية رقم 215 لسنة 19 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 أكتوبر سنة 1999م الموافق 22 من جمادى الآخرة سنة 1420هـ.

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد على وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدي أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 215 لسنة 19 قضائية "دستورية".
بعد أن أحالت محكمة استئناف القاهرة ملف الاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية..
المقام من:
1-   السيدة/ فريال فاروق فؤاد
2-   الآنسة/ فوزية فاروق فؤاد
3-   السيدة / فادية فاروق فؤاد
ضــد
1-   السيد/ وزير الأوقاف 
2-   السيد/ رئيس الهيئة العامة للإصلاح الزراعي 
3-   السيد/ رئيس الجمهورية
4- السيدة/ نعمة الله محمد على الخواص الحارسة القضائية على أوقاف أجدادها السادة الأشراف المحروقى، السلامونى، الشبراخيتى، غراب المغربي
5-   السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للخدمات الحكومية
الإجراءات
فى السابع من ديسمبر سنة 1997، ورد إلى المحكمة الدستورية العليا ملف الاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة بجلسة 12/8/1997 بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل فى موضوعه بوقفه وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المواد 9، 12، 14/1، 15، 17 من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى واحتياطيا برفضها.
وقدمت المدعى عليها الرابعة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم بعدم دستورية قرار الاستيلاء على الأطيان محل النزاع الموضوعي، وعدم أحقية المدعيات لهذه الأطيان.
وقدم المدعى عليه الأخير مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعيات كن قد أقمن ضد المدعى عليهم الثلاثة الأول الدعوى رقم 10677 لسنة 1995 مدني كلى جنوب القاهرة بطلب الحكم بأحقية كل منهن لخمسين فدانا من مساحة 13س 11ط 1744ف كان والدهن الملك السابق فاروق قد أوقفها عليهن وعلى والدتهن، وتثبيت ملكيتهن بالتساوي بينهن لقصر الطاهرة البالغ مساحته 30ر20056 مترا مربعا والذي كان موضوع عقد الهبة الصادر من جدهن لأمهن بصفته وكيلا عن والدتهن إلى والدهن الذى قرر إسكانهن ووالدتهن فيه بعد طلاقه لها مما يُعتبر- فى رأيهن - عدولا عن قبول الهبة يعيد القصر إلى ملكية والدتهن فينتقل بالميراث إليهن، وأحقيتهن بالتساوي بينهن فى مساحة 5س 18ط 3ف كائنة بزمام نزلة السمان محافظة الجيزة، كانت والدتهن قد اشترتها بعقد مشهر سنة 1951 بعد طلاقها من والدهن وصيرورتها غريبة عن أسرة محمد على. ثم أضافت المدعيات طلبا بتعويضهن عن القدر الزائد على الحد الأقصى لملكية الأراضي الزراعية والذي تم الاستيلاء عليه- طبقا لقوانين الإصلاح الزراعي- من أطيانهن وأطيان والدهن ووالدتهن.
وأثناء نظر الدعوى طلب المدعى عليه الأخير التدخل فيها هجوميا بطلب إلزام المدعى عليه الثاني بتعويضه عما تم الاستيلاء عليه من أطيان زراعية كانت مملوكة للمدعيات ووالدهن ووالدتهن. كما طلبت المدعى عليها الرابعة التدخل فى تلك الدعوى طالبة الحكم بعدم أحقية المدعيات فى أطيان الوقف التي يطالبن بها تأسيسا على أنه وقف صدر من أجدادها لصالح ذريتهم، وأن الملك السابق فاروق كان ناظرا على الوقف، وأن نظارة الوقف لا تنقل ملكيته إلى ناظره. وبجلسة 18/3/1997 قضت محكمة جنوب القاهرة بقبول تدخل هيئة الخدمات الحكومية، وتدخل السيدة/ نعمة الله محمد على الخواص، وفى موضوع التدخل وموضوع الدعوى بعدم سماعهما، استنادا إلى المادة 14 من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة، فطعنت المدعيات على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة التي قضت بجلسة 12/8/1997 بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل فى الموضوع بوقفه وبإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المواد 9، 12، 14/1، 15، 17 من القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه لمخالفتها الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية.
وحيث إن الدعوى الماثلة اتصلت بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها من وجهة مبدئية عدم دستورية نصوص المواد سالفة الذكر، فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا- وفقا للبند أ من المادة 29 من قانونها- لتقول فيها كلمتها الفاصلة؛ فلا اعتداد- من ثم- بما قرره أحد الخصوم أمام هذه المحكمة بقصر الدعوى الراهنة على بعض النصوص المحالة من محكمة الموضوع دون البعض الآخر، إذ يعد ذلك منه تغولا على اختصاص محكمة الموضوع، ولا يغير من هذه النتيجة أن يكون هذا الخصم قد سبق له أن دفع أمام تلك المحكمة بعدم دستورية ذات النصوص؛ ذلك أنه إذا كان جائزا فى الدعوى الدستورية التي يقيمها الخصم إثر دفع بعدم الدستورية قدرت محكمة الموضوع جديته- وفقا للبند ب من المادة 29 المشار إليها- أن يترك الخصومة فيها كليا أو فى شق منها، فإن ذلك لا يجوز فى الدعوى الدستورية المحالة إلى هذه المحكمة مباشرة من محكمة الموضوع.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها ومناطها أن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع· والمحكمة الدستورية العليا وحدها هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة فى الدعوى المقامة أمامها للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وتوافر المصلحة فى الدعوى الدستورية؛ فالأولى لا تغنى عن الثانية. فإذا لم يكن للفصل فى دستورية النصوص المحالة التي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريتها، انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
وحيث إن المادة 9 من القانون 598 لسنة 1953 المشار إليه تنص على تشكيل لجان بقرار من وزير العدل تختص بالفصل فى كل طلب بدين أو ادعاء بحق قبل الأشخاص المصادرة أموالهم، وفى كل منازعة فى دين لهم قبل الغير، والنظر فى تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد أحدهم، وفى كل نزاع يتعلق بالأموال المصادرة، وتقضي المادة 12 من ذات القانون فى فقرتيها الأولتين بعدم نفاذ أي حق بالنسبة لهذه الأموال لا يقدم صاحبه طلبا فى الميعاد المحدد بالمادة العاشرة مع إجازة قبول الطلب إن كان عدم تقديمه فى الميعاد راجعا إلى قوة قاهرة أو ظرف استثنائي تقبله اللجنة، ومن ثم فإن التنظيم التشريعي الوارد بالمادة 9 وفقرتي المادة 12 المشار إليها فيما سبق، لا محل لإعماله إلا بالنسبة للأنزعة التي يكون قد تم تقديم طلب بشأنها إلى اللجنة المذكورة، وإذ كانت أوراق الدعوى الماثلة خلوا من الإشارة إلى سبق تقديم أي طلب إلى تلك اللجنة، فليس ثمة مصلحة قائمة فى الدعوى الراهنة تقتضى الفصل فى دستورية النصوص سالفة الذكر.
وحيث إنه بالنسبة للمادة 17 من القانون المشار إليه فأنها إذ تقرر إنشاء إدارة لتصفية الأموال المصادرة يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل وتختص بإدارة هذه الأموال وتمثيل الدولة فى شأن المنازعات الخاصة بها، وكانت مصادرة المال تعنى انتقاله من الملكية الخاصة إلى ملكية الدولة بلا مقابل، فإن تحديد جهة معينة لإدارته وتمثيل الدولة فى المنازعات المتعلقة به، لا تتصل بالطلبات المطروحة على محكمة الموضوع فى النزاع الموضوعي الذى ينحصر فى أحقية المدعيات فى الأعيان والأطيان التي يطالبن بها والتعويض عن القدر الزائد على الحد الأقصى للملكية الزراعية، وهى طلبات لا تتأثر بكون إدارة الأموال المصادرة أو غيرها هي التي تمثل الدولة بشأنها، وبالتالي لا تكون هناك مصلحة - فى الدعوى الماثلة - للفصل فى دستورية المادة 17 المشار إليها.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن باشرت رقابتها الدستورية على المادتين 14/1، 15 من القانون سالف الذكر، فقضت بجلستها المعقودة بتاريخ 11/10/1997 فى الدعوى رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية، "بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 14 من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة وذلك فيما تضمنته من عدم جواز سماع الدعوى المتعلقة بمصادرة أموال أسرة محمد على ولو كان موضوعها أموالاً تلقاها- عن غير طريقها- أشخاص ينتمون إليها، أو اكتسبها أشخاص من غير أفراده "؛ "وبعدم دستورية نص المادة 15 من هذا القانون فى مجال تطبيقها بالنسبة إلى أموال تمت مصادرتها، إذا كان أصحابها لا ينتمون لأسرة محمد على، أو يرتبطون بها وتلقوها عن غير طريقها"، وقد نشر ذلك الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 23/10/1997.
متى كان ما تقدم وكانت الدعوى الدستورية عينية بطبيعتها بحيث يكون للحكم الصادر فيها- سواء قضى بعدم دستورية النص التشريعي أو برفض الدعوى لتوافقه وأحكام الدستور- حجية مطلقة ملزمة للكافة ولجميع سلطات الدولة- بما فيها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها- فلا يجوز التحلل منه أو المجادلة فيه أو مجاوزة مضمونه أو إعادة طرحه من جديد على هذه المحكمة لمراجعته، ومن ثم تلتزم محكمة الموضوع بإعمال أثر ذلك الحكم على النزاع المعروض عليها.
وحيث إنه -على ضوء ما تقدم- ينحصر نطاق الدعوى الدستورية الماثلة فى الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه، التي يجرى نصها كالتالي:
"وعلى أية حال تسقط كافة الحقوق بالنسبة إلى الأموال المصادرة إذا لم يقدم عنها طلب إلى اللجنة المذكورة خلال سنة من تاريخ النشر فى الجريدة الرسمية من الأشخاص الذين يمتلكون شيئا من الأموال المصادرة "
وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية لذلك القانون "أنه فى كل الأحوال لا يقبل طلب بعد فوات مدة سنة على تاريخ النشر فى الجريدة الرسمية من الأشخاص المصادرة أموالهم"،
ومؤدى النص سالف الذكر سقوط كافة حقوق أصحاب الأموال المصادرة - ومن بينها حق الملكية- على هذه الأموال إذا لم يقدموا طلبا بها خلال السنة المحددة بالنص.
وحيث إنه لا وجه لما ساقته هيئة قضايا الدولة من أن القضاء بعدم دستورية سقوط حق الملكية بعدم تقديم الطلب خلال السنة المشار إليها على نحو ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 12 سالفة الذكر، يكون متجاوزا مصلحة المدعيات بحسبان أنه لا يؤدى إلى تغيير فى مركزهن القانوني؛ ذلك أنه من بين الدفوع المثارة فى النزاع الموضوعي والتي تعتبر مطروحة على المحكمة المحيلة- إعمالا للأثر الناقل للاستئناف- دفع بسقوط حق المدعيات استنادا إلى نص الفقرة الأخيرة من المادة 12 المشار إليها، وبالتالي فليس ثمة سند للقول بانتفاء المصلحة فى الدعوى الماثلة بشأن الفصل فى دستورية تلك الفقرة.
كذلك فإن قول هيئة قضايا الدولة أنه مادامت المادة 14/1 من القانون المشار إليه لا تجيز للمحاكم سماع الدعوى بشأن الأموال المصادرة فإن القضاء بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 12 منه لا يكون له من محل؛ مردود بأنه سبق لهذه المحكمة فى حكمها الصادر بجلسة 11/10/1997 فى الدعوى رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية أن قضت بعدم دستورية المادتين 14/1، 15 من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة على النحو الوارد بالحكم المذكور، ومن ثم فإذا ما رأت محكمة الموضوع أن هناك محلا لإعمال حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه على النزاع المطروح عليها، فسيظل معلقا أمامها الفصل فى الدفع بالسقوط المستند إلى الفقرة الأخيرة من المادة الثانية عشرة من ذلك القانون.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لحق الملكية خاصية تميزه عن غيره من الحقوق - الشخصية منها أو العينية أصلية كانت أم تبعية- وتتمثل هذه الخاصية فى أن الملكية وحدها هي التي تعتبر حقا دائما، وتقتضى طبيعتها ألا يزول هذا الحق بعدم الاستعمال، ذلك أنه أيا ما كانت المدة التي يخرج فيها الشيء من حيازة مالكه، فأنه لا يفقد ملكيته بالتقاعس عن استعمالها، بل يظل من حقه أن يقيم دعواه للمطالبة بها مهما طال الزمن إلا إذا كسبها غيره وفقا للقانون، بما مؤداه أن حق الملكية باق لا يزول ما بقى الشيء المملوك منقولا كان أو عقارا، وبالتالي لا يسقط الحق فى إقامة الدعوى التي تحميه بانقضاء زمن معين؛ ذلك أنه لا يتصّور أن يكون حق الملكية ذاته غير قابل للسقوط بالتقادم، ويسقط مع ذلك الحق فى إقامة الدعوى التي يُطلَب بها هذا الحق؛ ومن ثم يكون نص الفقرة الأخيرة من المادة 12 سالفة الذكر فيما تضمنه من تقرير سقوط حق الملكية بفوات سنة من تاريخ النشر فى الجريدة الرسمية دون تقديم طلب إلى اللجنة حسبما ورد بتلك المادة قد انتقص من الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية وجاء بالتالي مخالفا لأحكام المادة 34 من الدستور التي تتضمن صون حق الملكية الخاصة وكفالة حق الإرث فيها.
فلهذه الأسباب؛ حكمت المحكمة
أولا: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادتين 9، 17 والفقرتين الأولى والثانية من المادة 12، من القانون 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة.
ثانيا: بانتهاء الخصومة بالنسبة للطعن على المادتين 14/1، 15 من ذلك القانون
ثالثا: بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون المشار إليه فى مجال تطبيقها بالنسبة لحق الملكية.


.......................................................................................................



* قضية رقم 235 لسنة 20 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

 بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 أكتوبر سنة 1999م، الموافق 22 من جمادى الآخرة سنة 1420هـ.

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد على وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدي أنور صابر     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 235 لسنة 20 قضائية "دستورية".
المقامة من:
ورثة المرحوم محمد محمد شحاتة العادلى وهم:
سعيد، ونبيل، ومحروسة محمد محمد شحاتة العادلى
ضـــد
1-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2-   السيد/ وزير الأوقاف
3-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
4-   السيد/ مدير عام هيئة الأوقاف المصرية منطقة الإسكندرية
5-   السيد/ رئيس اللجنة القضائية لشئون الأحكار بهيئة الأوقاف المصرية
الإجراءات
بتاريخ 27 ديسمبر سنة 1998، أودع المدعون قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالبين الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى ·
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.  
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة ·
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن اللجنة القضائية للأحكار بمنطقة أوقاف الإسكندرية، كانت قد أصدرت بتاريخ 14 يوليو سنة 1994 قرارها الخاص بالعقارات المبينة بالصحيفة والواقعة بشارع مصطفى كامل باكوس قسم الرمل، والذي تضمن تقدير سعر المتر المربع بمبلغ 1200 جنيه للأرض وبمبلغ 80 جنيها للمباني ؛ وإذ لم يرتض المدعون هذا القرار، فقد طعنوا عليه بالدعوى رقم 3150 لسنة 1994 مدني كلى الإسكندرية · وإذ قضي فى هذه الدعوى بتاريخ 29/7/1998 برفضها، فقد أقاموا التماس إعادة النظر رقم 5287 لسنة 1998 ودفعوا خلال نظره بجلسة 14/11/1998 بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 فى شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة. وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، صرحت لهم بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعوى الماثلة ·
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 المشار إليه تنص على أن "ويكون الحكم الصادر فى الطعن من المحكمة الابتدائية نهائيا غير قابل للطعن بأي وجه من أوجه الطعن"· وينعى المدعون على هذه الفقرة مخالفتها أحكام المادتين 40، 68 من الدستور لإخلالها بمبدأ المساواة ومصادرتها لحق التقاضي ·
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن تناولت المسألة الدستورية عينها بحكمها الصادر بجلسة 2 ديسمبر سنة 1995 فى القضية رقم 32 لسنة 16 قضائية " دستورية " والذي قضى برفض الدعوى، وإذ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1995، وكانت الخصومة فى الدعوى الماثلة تتعلق بالنص التشريعي الذى سبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا برفض ما أثير فى شأنه من مطاعن فى الدعوى السابقة، وكان من المقرر أن قضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة - بسلطاتها المختلفة - تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه من جديد عليها لمراجعته، إذ كان ذلك، فإن الخصومة فى الدعوى الراهنة تكون غير مقبولة ·
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة


.......................................................................................



* قضية رقم 240 لسنة 21 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
مبادئ الحكم:  دعوى دستورية.
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 يونيه سنة 2001م الموافق العاشر من ربيع الأول سنة 1422هـ.

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد على سيف الدين  وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 240 لسنة 21 قضائية "دستورية"
بعد أن أحالت محكمة طنطا الابتدائية ملف الدعوى رقم 322 لسنة 99 مساكن طنطا
المقامة من:
السيد/ فتحي محمد أحمد زمزم
ضـــد
1-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
2-    السيد/ مدير عام الشئون القانونية لهيئة الأوقاف المصرية
3-    السيد/ مدير عام هيئة الأوقاف المصرية بطنطا
الإجراءات
بتاريخ الثاني من ديسمبر سنة 1999، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف القضية رقم 322 لسنة 99 مدني محكمة طنطا الابتدائية، بعد أن قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الثانية من المادة (55) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، فيما تضمنته من جواز نزول المحامى أو ورثته عن حق إيجار مكتب المحاماة ·
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى ·
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها ·
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم ·
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة ·
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 322 لسنة 99 مدني أمام محكمة طنطا الابتدائية، ضد هيئة الأوقاف المصرية بصفتها المالكة للعقار المبين بالأوراق، طالباً إلزامها بتحرير عقد إيجار له عن العين التي اتخذها مكتباً للمحاماة وآلت إليه بالتنازل من مستأجرها الأصلي والذي كان يستأجرها لذات الغرض، وذلك إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة (55) من قانون المحاماة، الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
وبجلسة 31/10/1999 قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية النص المشار إليه فيما انطوى عليه من جواز تنازل المحامى أو ورثته عن حق إيجار مكتب المحاماة إلى الغير لمزاولة ذات المهنة، لما تراءى لها من مخالفته لنص المادتين 30 و32 من الدستور، بحرمانه المؤجر - فى هذه الحالة - من الحقوق المقررة فى المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، دون غيره من المؤجرين ·
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 أصبحت - بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 27 مايو 1992 فى الدعوى رقم 25 لسنة 11 قضائية دستورية - تنص على أنه استثناء من حكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يجوز للمحامى أو لورثته التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماة لمزاولة ذات المهنة ·
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة المثارة فى الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 3/12/1994 فى القضية رقم 30 لسنة 15 قضائية "دستورية" والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (55) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فيما قررته من استثناء التنازل فيما بين المحامين بعضهم البعض فى شأن الأعيان المؤجرة والمتخذة مقاراً لمزاولة مهنة المحاماة، من الخضوع لحكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. وإذ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بتاريخ 22/12/1994،
وكان مقتضى المادتين 48 و 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولا فصلا لا يقبل تأويلا ولا تعقيبا من أي جهة كانت، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة فى الدعوى الراهنة تكون غير مقبولة ·
فلهذه لأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ·


....................................................................................



* قضية رقم 106 لسنة 23 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
مبادئ الحكم: دعوى دستورية.
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 12 مايو سنة 2002م الموافق 29 صفر سنة 1423هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي والدكتور حنفي على جبالي     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعى عمرو     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 106 لسنة 23 قضائية دستورية".
المقامة من:
السيد/ عبد الله عبد النبي محمد يوسف
ضــــد
1-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2-   السيد/ المستشار وزير العدل
3-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
4-   السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من يونيو سنة 2001 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة ج من المادة الأولى والمادة الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن فرع هيئة الأوقاف المصرية بمحافظة الدقهلية قام بتوقيع حجز إداري على ممتلكات المدعى ثم اتهمه بتبديد هذه الممتلكات، وقدمته النيابة العامة للمحاكمة أمام محكمة المنصورة بالقضية رقم 26748 لسنة 1998، وأثناء  نظر هذه القضية دفع المدعى بجلسة 4/4/2001 بعدم دستورية نص الفقرة ج من المادة الأولى والمادة الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 20/6/2001 للمستندات وليقدم سند الدفع، فبادر المدعى بإقامة دعواه الدستورية الماثلة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط ولايتها بالرقابة على الشرعية الدستورية، هو اتصالها بالمسائل الدستورية المطروحة عليها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى المادة 29 من قانونها، وذلك إما بإحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع إذا تراءى لها شبهة عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، وإما من خلال دفع بعدم دستورية نص مماثل يبديه أحد الخصوم وتقدر تلك المحكمة جديته وتأذن لمبديه بعدئذ وخلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر برفع دعواه الدستورية فى الحدود التي قدرت فيها جدية دفعه ولم يجز المشرع بالتالي الدعوى الأصلية أو المباشرة سبيلاً للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية، وهذه الأوضاع الإجرائية تعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي فى المسائل الدستورية بالإجراءات التي حددها.
لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المدعى أبدى دفعه بعدم دستورية النصين سالفي الذكر بجلسة 4/4/2001، فقررت المحكمة تأجيل نظر النزاع إلى جلسة لاحقة، دون قرار منها بالإذن بإقامة الدعوى الدستورية تقديراً لجدية الدفع المبدى أمامها، بما تغدو معه هذه الدعوى فى حقيقتها دعوى أصلية بعدم الدستورية، أقيمت بالمخالفة لطريقي الدفع والإحالة اللذين استلزمهما القانون للتداعي فى المسائل الدستورية، متعيناً والحال كذلك القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة


............................................................................................



* قضية رقم 109 لسنة 23 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
مبادئ الحكم: دعوى دستورية.
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 3 نوفمبر سنة 2002م، الموافق 28 شعبان سنة 1423هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي على جبالي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه     أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 109 لسنة 23 قضائية "دستورية"
المقامة من:
السيد/ سامي عبد المقصود حسن موسى
ضـــد
1-   السيد/ رئيس الوزراء
2-   السيد/ وزير العدل
3-    السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
4-    السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من يونية سنة 2001 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة الأولى فقرة (ح) والمادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن فرع هيئة الأوقاف المصرية بمحافظة الدقهلية قام بتوقيع حجز إداري على ممتلكات المدعى وفاء لمبلغ 99ر9635 جنيه متأخر إيجار الأطيان التي استأجرها من الهيئة، ثم حررت الأخيرة محضر تبديد للمدعى لتصرفه فى الممتلكات التي سبق الحجز عليها، وقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنح فى القضية رقم 29205 لسنة 1996 جنح بلقاس التي حكمت عليه غيابياً بالحبس ستة أشهر وغرامة خمسمائة جنيه، فعارض فى الحكم وقُضى برفض معارضته، فاستأنفه برقم 25724 لسنة 1998 جنح مستأنف المنصورة، وأثناء تداول الاستئناف بجلسة 4/4/2001 دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة الأولى فقرة ( ح ) والمادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 20/6/2001 للمستندات ولتقديم سند الدفع، فبادر المدعى بإقامة الدعوى الدستورية الماثلة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط ولايتها بالرقابة على الشرعية الدستورية، هو اتصالها بالمسائل الدستورية المطروحة عليها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى المادة (29) من قانونها، وذلك إما بإحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع إذا تراءى لها شبهة عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، وإما من خلال دفع بعدم دستورية نص مماثل يبديه أحد الخصوم وتقدر تلك المحكمة جديته وتأذن لمبديه بعدئذ وخلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر برفع دعواه الدستورية فى الحدود التي قدرت فيها جدية دفعه، ولم يجز المشرع بالتالي إقامة دعوى أصلية أو مباشرة كسبيل للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية. وهذه الأوضاع الإجرائية تعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي فى المسائل الدستورية بالإجراءات التي حددها.
وحيث إنه تأسيساً على ما تقدم، وإن كان الثابت بالأوراق أن المدعى أبدى دفعه بعدم دستورية النصين سالفي الذكر بجلسة 4/4/2001 فقررت المحكمة تأجيل نظر النزاع إلى جلسة 20/6/2001، لتقديم سند الدفاع دون قرار منها بالإذن بإقامة الدعوى الدستورية تقديراً لجدية الدفع المبدى أمامها، مما تغدو معه هذه الدعوى فى حقيقتها دعوى أصلية بعدم الدستورية، أقيمت بالمخالفة لطريقي الدفع والإحالة اللذين استلزمهما القانون للتداعي فى المسائل الدستورية، متعيناً والحال كذلك القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة


............................................................................................



* قضية رقم 93 لسنة 23 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
مبادئ الحكم دعوى دستورية.
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق 6 يوليه سنة 2003م، الموافق 6 جماد الأول سنة 1424هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر على البحيري ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 93 لسنة 23 قضائية "دستورية"
المقامة من:
السيد/ أحمد محمد الأتربى
ضــد
1-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2-   السيد/ المستشار وزير العدل
3-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
4-   السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من مايو سنة 2001 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة الأولى فقرة "ج" والمادة الثانية من قانون الحجز الإداري الصادر بالقانون رقم 308 لسنة 1955.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد أسندت إلى المدعى اتهاماً بتبديد المنقولات المملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح هيئة الأوقاف المصري، وأدانته محكمة الجنح وحكمت عليه بالحبس، استأنف المدعى هذا الحكم بالاستئناف رقم 23095 لسنة 98 جنح مستأنف المنصورة، وبجلسة 4/4/2001 دفع بعدم دستورية نص الفقرة "ج" من المادة الأولى والمادة الثانية من قانون الحجز الإداري الصادر بالقانون رقم 308 لسنة 1955، فأجلت المحكمة الدعوى إلى جلسة 20/6/2001 للمستندات وتقديم سند الدفع، فأقام المدعى الدعوى الدستورية الماثلة، وقدم لمحكمة الموضوع ما يدل على ذلك بالجلسة المحددة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط ولايتها بالرقابة الشرعية الدستورية هو اتصالها بالمسائل الدستورية المطروحة عليها، وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى المادة 29 من قانونها، وذلك إما بإحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع إذا ما رأت شبهة عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، وإما من خلال دفع بعدم دستورية نص مماثل يبديه أحد الخصوم وتقدر تلك المحكمة جديته وتأذن لمبديه بعدئذ وخلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر برفع دعواه الدستورية فى الحدود التي قدرت فيها جدية دفعه، ولم يجز المشرع بالتالي الدعوى الأصلية أو المباشرة سبيلاً للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية، وهذه الأوضاع الإجرائية تعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي فى المسائل الدستورية بالإجراءات التي حددها،
لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المدعى أبدى دفعه بعدم دستورية النصين سالفي الذكر بجلسة 4/1/2001، فقررت محكمة الموضوع تأجيل نظر النزاع إلى جلسة لاحقة، دون قرار منها بالإذن بإقامة الدعوى الدستورية بعد تقديرها لجدية الدفع المبدى أمامها، إلا أن المدعى قد سارع إلى رفع الدعوى الدستورية الماثلة، فإنه يكون بذلك قد أقام دعوى أصلية بعدم الدستورية، بالمخالفة لطريقي الدفع والإحالة، اللذين حصر فيهما القانون التداعي فى المسائل الدستورية، ويتعين والحال كذلك القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


................................................................................................................



* قضية رقم 162 لسنة 21 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004م، الموافق 16 من المحرم سنة 1425هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي والدكتور عادل عمر شريف     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن      أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 162 لسنة 21 ق "دستورية".
المقامة من:
قداسة/ البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بصفته رئيس مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس.
ضـــد
1-   السيد/ رئيس الجمهورية
2-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
3-   السيد/ رئيس مجلس الشعب
4-   السيد/ وزير العدل
5-   السيدة/ رئيس الإدارة المركزية لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق
6-   السيد/ أمين عام مكتب شمال القاهرة للشهر العقاري والتوثيق
7-   السيد/ رئيس مأمورية الشهر العقاري لروض الفرج
8-   السيد المهندس/ ميلاد جرجس سليمان المليح
9- قداسة/ البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بصفته الممثل القانوني لمجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف قسم مدينة نصر بالقاهرة.
الإجراءات
بتاريخ السادس من سبتمبر سنة 1999 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1947 بأحكام الوقف.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث أن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 813 لسنة 1998 أحوال شخصية كلى شمال القاهرة أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليهم من الرابع إلى التاسع ببطلان عقد الرجوع فى الوقف الخيري المشهر برقم 435 لسنة 1998 وإلغاء ومحو هذا الشهر، على سند من أنه بموجب عقد مشهر برقم 2502 لسنة 1998 شهر عقاري شمال القاهرة أوقف المدعى عليه الثامن العقار رقم 9 شارع السالمى سابقاً وحالياً 12 عوايد شارع جنينة الحجار شياخة جزيرة بدران قسم روض الفرج وقفاً خيرياً مؤبداً على مجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء مريم بأرض الجولف مع احتفاظه بحق المنفعة طوال حياته إلا أنه بتاريخ 12/1/1998 حصل الواقف على موافقة قداسة البابا على الرجوع فى الوقف المذكور وأشهر هذا العقد برقم 435 لسنة 1998 شهر عقاري شمال القاهرة بتاريخ 2/2/1998،
وقد أسس المدعى دعواه على أن الوقف الخيري محل التداعي موقوف على دار عبادة ومن ثم لا يجوز العدول عنه، وبجلسة 27/2/1999 قضت المحكمة برفض الدعوى، وإذ لم يرتض المدعى بهذا الحكم فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 372 لسنة 3 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى بإقامة دعواه الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف تنص على أن: "للواقف أن يرجع فى وقفه كله أو بعضه، كما يجوز له أن يغير فى مصارفه وشروطه ولو حرم نفسه من ذلك، على ألا ينفذ التغيير إلا فى حدود هذا القانون.
ولا يجوز له الرجوع ولا التغيير فيما وقفه قبل العمل بهذا القانون.
ولا يجوز الرجوع ولا التغيير فى وقف المسجد ابتداء ولا فيما وقف عليه ابتداء ولا يصح الرجوع أو التغيير إلا إذا كان صريحاً".
وينعى المدعى على النص الطعين أنه حظر الرجوع فى الوقف بالنسبة للمسجد دون باقي دور العبادة الأخرى المعترف بها فى مصر بحيث يحق لمن أوقف مالاً على كنيسة أن يرجع فى وقفه بعد أن يكون هذا المال قد خرج من ملكه إلى حكم ملك الله تعالى، الأمر الذى يشكل مساساً بحرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية فضلاً عن إخلاله بالمساواة بين دور العبادة، وإهداره لحق الملكية وذلك كله بالمخالفة لأحكام المواد (29، 34، 40، 46، 65، 68، 165 ) من الدستور.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها اتصالها عقلاً بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، وكان النزاع الموضوعي يدور حول مدى جواز رجوع الواقف فيما وقفه على مجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء مريم بأرض الجولف، وذلك فى ضوء ما قرره المدعى من أن هذا المجمع ملك لتلك الكنيسة ولا ينفصل عنها، وليست له ذمة مالية مستقلة وأنهما يمثلان شخصاً اعتبارياً واحداً، وأن ريع الوقف على هذا المجمع يعود إلى الكنيسة ذاتها التي يمثلها البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وأن نشاط هذا المجمع يدخل ضمن أنشطة الكنيسة الخيرية، ومن ثم تتحقق مصلحة المدعى فى الطعن على نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من قانون أحكام الوقف متحققة باعتبار أن التكييف الحقيقي لطلباته والذي يتحدد به نطاق الدعوى الماثلة، هو الحكم بعدم دستورية النص المذكور فيما تضمنه من حظر الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون مساواة الكنيسة بالمسجد فى هذا الحكم.
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون رددته الدساتير المصرية جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساساً للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات فى مواجهة صور التمييز التي تنال منها، أو تقيد ممارستها، وباعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة للحقوق جميعها، إلا أن مجال إعماله لا يقتصر على ما كفله الدستور من حريات وحقوق وواجبات، بل يمتد فوق ذلك إلى تلك التي يقدرها المشرع. وإذا كانت صور التمييز المجافية للدستور يتعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، سواء بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها، بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن مناط دستورية أي تنظيم تشريعي ألا تنفصل نصوصه أو تتخلف عن أهدافها، ومن ثم فإذا قام التماثل فى المراكز القانونية التي تنتظم بعض فئات المواطنين وتساووا بالتالي فى العناصر التي تكونها، استلزم ذلك وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي أن تنتظمهم، ولازم ذلك، أن المشرع عليه أن يتدخل دوماً بأدواته لتحقيق المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة، أو لمداركه ما فاته فى هذا الشأن.
وحيث إنه تطبيقاً لما تقدم فإن قانون أحكام الوقف رقم 48 لسنة 1946 وقد حظر بموجب النص المطعون عليه الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون إضافة الكنيسة لهذا الحكم رغم تساويها مع المسجد فى كون كل منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية، فإنه من ثم يكون قد أقام فى هذا المجال تفرقة غير مبررة مخالفاً بذلك مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف فيما تضمنه من قصر حظر الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون الكنيسة، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة


..........................................................................................



* قضية رقم 184 لسنة 19 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004م، الموافق 16 من المحرم سنة 1425هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق وإلهام نجيب نوار والدكتور عادل عمر شريف أعضاء
السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 184 لسنة 19 قضائية "دستورية".
المقامة من:
ورثة المرحومة/ صديقة حسن على، وهما:
1-   السيد/ سعيد إبراهيم محمد
2-   السيد/ شعبان إبراهيم محمد
ضـــد
1-   السيد/ رئيس الجمهورية
2-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
3-   السيد/ رئيس مجلس الشعب
4-   السيد/ وزير العدل
5-   السيد/ وزير الأوقاف بصفته الرئيس الأعلى للجان القسمة بوزارة الأوقاف
الإجراءات
بتاريخ الرابع من أكتوبر سنة 1997، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن مورثة المدعيين كانت قد اشترت العقار رقم (14) حارة البلقاء دائرة قسم الجمرك بمحافظة الإسكندرية من ملاكه السابقين بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 18/10/1978 قضى بصحته ونفاذه، كما حصلت على حكم من محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 23/3/1988 فى الاستئناف رقم 998 لسنة 41 قضائية فى مواجهة الحاضر عن كل من وزير الأوقاف ورئيس لجنة القسمة الثانية والمدعو/ صلاح محمد إبراهيم الهندي الحارس القضائي المعين من قبل اللجنة المذكورة على عقارها بخروج العقار محل النزاع من أعيان الوقف وثبوت ملكيته للمستأنفة؛ غير أن المستأنفة فوجئت بالمدعو/ إبراهيم الهندي شقيق المدعو/ صلاح الهندي الحارس السابق على العقار يعود إلى منازعتها فى ملكيتها للعقار المشار إليه زاعماً سبق تنازل شقيقه عن الحراسة على ذلك العقار إليه، وأنه قد صدر قرار من لجنة القسمة الثانية فى 24/1/1988 بتعيينه حارساً على عقارها محل شقيقه بزعم أن العقار مازال وقفاً وأن المادة المتعلقة به رقم ( 8/75 ) مازالت منظورة أمام لجنة القسمة المذكورة، فتدخلت هجومياً أمام تلك اللجنة ودفعت بعدم جواز نظر المادة رقم 8 /57 لسابقة الفصل فيها بالحكم الاستئنافي المشار إليه، وبجلسة 19/1/1992 قررت اللجنة قبول تدخل السيدة/ صديقة حسن على شكلاً ورفضه موضوعاً وإحالة المادة لمكتب خبراء لجان القسمة المختص لبحث مستندات هذه المادة، وحيث لم يلق هذا القرار قبولاً لدى السيدة المذكورة فقد اعترضت عليه بالاعتراض رقم 3/92 وبجلسة 24/6/1992 أصدرت لجنة الاعتراضات قرارها بقبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً، فطعنت على هذا القرار بالاستئناف رقم 839 لسنة 109 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، وأثناء نظره دفع الحاضر عن المدعيين بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 55 لسنة 1960 المشار إليه وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعيين برفع الدعوى الدستورية، فقد أقاماها.
وحيث إن المدعيين ينعيان على قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف مخالفته للدستور لعدم عرضه على مجلس الأمة، ذلك أنه وإن استند فى صدوره إلى نص المادة (53) من دستور 1958 المؤقت، إلا أنه قد خالف الأوضاع المقررة فيها بما يشوب أحكامه فى جملتها بعدم الدستورية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يعد أمراً سابقاً بالضرورة على خوضها فى عيوبها الموضوعية، بما مؤداه أن الفصل فى نعى قوامه أدعاء تعارض بين نص تشريعي وقاعدة موضوعية فى الدستور وأياً كان قضاء المحكمة الدستورية العليا فى هذا الادعاء يكون منطوياً بطريق اللزوم على قضاء حاسم باستيفاء النص التشريعي المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور لإصداره.
إذ كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف قد طعن بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة الثالثة عشرة منه فى القضية رقم 102 لسنة 12 قضائية "دستورية" بمقولة مخالفتها لأحكام المواد ( 8 و40 و68 ) من الدستور، وإذ خلص قضاء هذه المحكمة فى تلك الدعوى والصادر بجلستها المعقودة فى التاسع عشر من يونيه سنة 1993 والذي نشر فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم (27) تابع بتاريخ 8/7/1993 إلى رفض هذا النعي الذى ينحل فى حقيقته إلى طعن موضوعي، فإنه يكون متضمناً بالضرورة تحقق المحكمة من استيفاء القانون الطعين لأوضاعه الشكلية.
وحيث إن المدعيين قصرا مناعيهما على القانون الطعين على مخالفته لأوضاعه الشكلية التي تطلبها الدستور لإصداره ولم يوجها إليه أية مطاعن موضوعية أخرى، وكانت هذه المحكمة قد تحققت فى قضائها السابق من استيفائه لتلك الأوضاع الشكلية، فإن الدعوى الماثلة تكون قائمة على غير أساس متعيناً رفضها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعيين المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


......................................................................................................



* قضية رقم 92 لسنة 23 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 مايو سنة 2004م، الموافق 19 ربيع الأول سنة 1425هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد على وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار والدكتور عادل عمر شريف     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 92 لسنة 23 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيد/ أحمد محمد الأتربى
ضـــد
1-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2-   السيد/ وزير العدل
3-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية  
4-   السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من مايو سنة 2001، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة الأولى (فقرة ج) والمادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 مع كل ما يترتب على ذلك من آثار.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد أسندت إلى المدعى (فى الدعوى الماثلة) اتهاماً بتبديد المنقولات المملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح فرع هيئة الأوقاف بالدقهلية، وأدانته محكمة الجنح وحكمت عليه بالحبس، فاستأنف هذا الحكم بالاستئناف رقم 12066 لسنة 1998 جنح مستأنف المنصورة، وبجلسة 4/4/2001 دفع بعدم دستورية نص الفقرة (ج) من المادة الأولى والمادة الثانية من قانون الحجز الإداري الصادر بالقانون رقم 308 لسنة 1955، المعدل بالقانون رقم 76 لسنة 1971، فأجلت المحكمة الدعوى إلى جلسة 20/6/2001 للمستندات وتقديم سند الدفع، فبادر المدعى إلى إقامة الدعوى الدستورية المعروضة، ابتغاء القضاء بالطلبات سالفة البيان.
وقد نعى المدعى على النصوص الطعينة بأن الحجز الموقع تم دون تفويض ممن رخص له نص المادة الثانية من قانون الحجز الإداري بتوقيع الحجز، وأن تخويل الجهة الإدارية تحديد الدين المحجوز من أجله والحجز بمقتضاه، دون أن يكون تحت يدها سند تنفيذي، يخولها حقوقاً تتعارض وما هو مقرر فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، فضلاً عن أن الحجز الإداري وقع بمعرفة هيئة الأوقاف التي لم يرخص لها قانون الحجز الإداري توقيع الحجز استيفاء لحقوقها، بدليل أنها أنشئت بموجب القرار بقانون رقم 80 لسنة 1971، التالي لإصدار قانون الحجز الإداري، كما أن الأرض الزراعية الموقوفة على جهات البر الخاصة، وإعمالاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962، تتبع هيئة الإصلاح الزراعي، وليست هيئة الأوقاف التي قامت بتوقيع الحجز على أمواله.
وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، إعمالاً لحكم المادة (175) من الدستور، قد حدد فى المادة (29) منه طريقين لرفع الدعوى الدستورية، أولها أن يبدى الدفع بعدم الدستورية أمام أية محكمة وفى منزلتها الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظرها لنزاع معين، فإذا قدرت المحكمة جدية الدفع، أذنت لصاحب الشأن أن يرفع دعواه أمام المحكمة الدستورية العليا خلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر، وثانيهما أن يتراءى لأية محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي، شبهة عدم دستورية نص لازم للفصل فى النزاع المطروح عليها، فتوقف الدعوى وتحيل الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل فى المسألة الدستورية.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن اتصالها بالمسائل الدستورية المطروحة عليها وفقاً للأوضاع وفى الميعاد المنصوص عليه فى المادة (29) من قانونها، يعد من النظام العام، باعتبارها جميعاً من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي فى المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها، وفى الميعاد الذى حدده، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المدعى أبدى دفعه بعدم دستورية نص الفقرة (ج) من المادة الأولى والمادة الثانية من قانون الحجز الإداري الصادر بالقانون رقم 308 لسنة 1955، المعدل بالقانون رقم 76 لسنة 1971، فأجلت المحكمة الدعوى إلى جلسة 20/6/2001 للمستندات وتقديم سند الدفع دون قرار منها بالإذن بإقامة الدعوى الدستورية، تقديراً لجدية الدفع المبدى أمامها، فإن الدعوى التي حملت مطاعن المدعى بذلك تكون دعوى أصلية بعدم الدستورية أقيمت بالمخالفة لطريقي الدفع والإحالة اللذين استلزمهما القانون للتداعي فى المسائل الدستورية متعيناً والحال كذلك القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


.....................................................................................................................



* قضية رقم 252 لسنة 25 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
مبادئ الحكم :دعوى دستورية - حجية.
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 6 يونية سنة 2004م، الموافق 18 ربيع الآخر سنة 1425هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد على سيف الدين وعلى عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 252 لسنة 25 قضائية "دستورية "
المحالة من محكمة استئناف القاهرة بحكمها الصادر فى الاستئناف رقم 5487 لسنة 5 قضائية.
المقامة من:
رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
ضـــد
1-   السيدة/ عنايات توفيق باخوم
2-   السيد/ فاضل نجيب بطرس فهمي
3-   السيدة/ سيلفيا نجيب بطرس فهمي
4-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من سبتمبر سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئناف رقم 5487 لسنة 5 قضائية، بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة بجلسة 25/9/2002، بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (29) من  القانون 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من أنه "لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر إذا بقى فيه أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة ".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن المستأنف كان قد أقام الدعوى رقم 4149 لسنة 2000 إيجارات كلى شمال القاهرة، على المستأنف ضدهم ابتغاء الحكم له بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 20/11/1968، وإخلاء وتسلم الشقة السكنية محل عقد الإيجار، وبجلسة 24/11/2001 قضت المحكمة برفض الدعوى استناداً إلى ما ثبت من إقامة المستأنف ضدهم مع والدهم المستأجر الأصلي بالشقة محل النزاع عند وفاته، وإذ لم يرتض المحكوم ضده هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 5487 لسنة 5 ق أمام محكمة استئناف القاهرة، التي قضت بجلسة 25/9/2002 بوقف الاستئناف وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما تضمنه من أنه" لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر إذا بقى فيه أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة" لما تراءى لها من مخالفة هذا النص للمواد ( 7، 32، 40  ) من الدستور.
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فى هذه الدعوى، بحكمها الصادر بجلسة 3/11/2002 فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين بانتهاء إقامة أخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وهذا قضاء برفض الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (29) سالفة الإشارة وبدستوريته وثانياً: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره. وإذ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/11/2002، وكان مقتضى المادتين (  48، 49  ) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضي فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد، فإن الخصومة فى الدعوى الراهنة تغدو منتهية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية


...........................................................................................



* حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 284 لسنة 24 قضائية "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 29 أغسطس سنة 2004م، الموافق 13 رجب سنة 1425هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد على، ومحمد على سيف الدين، وعدلي محمود منصور، ومحمد عبد القادر عبد الله، وعلى عوض محمد صالح، وأنور رشاد العاصي     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 284 لسنة 24 قضائية "دستورية".
المقامة من:
شركة النساجون الشرقيون
ضـــد
1-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2-   السيد/ وزير الأوقاف
3-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
الإجراءات
بتاريخ 21/10/2002 أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبة الحكم بعدم دستورية نص المادة (38) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت ضد المدعى عليهم الدعوى رقم 13370 لسنة 55 "قضائية" أمام محكمة القضاء الإداري طالبة الحكم أولاً: بتقدير جدية الدفع بعدم دستورية المادة (38) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات والترخيص لها برفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، ثانياً: بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي الصادر من وزير الأوقاف بالتعاقد بطريق الأمر المباشر مع هيئة الأوقاف المصرية للحصول على احتياجات الوزارة من السجاد أياً كانت قيمة هذا التعاقد، وبجلسة 7/7/2002 عدّلت الشركة المدعية طلبها الثاني إلى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من قصر التعاقد فى شأن شراء السجاد اللازم لمساجد وزارة الأوقاف على شركة دمنهور للسجاد التابعة لهيئة الأوقاف. وبجلسة 5/9/2002 قضت تلك المحكمة أولاً: برفض الطلب العاجل، ثانياً: تأجيل نظر الدعوى فى شقها الموضوعي لرفع الدعوى بعدم دستورية نص المادة (38) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 خلال ستين يوماً أمام المحكمة الدستورية العليا، فأقامت الشركة المدعية الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (38) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 تنص على أن:
"يجوز للجهات التي تسرى عليها أحكام هذا القانون التعاقد فيما بينها بطريق الاتفاق المباشر، كما يجوز أن تنوب عن بعضها فى مباشرة إجراءات التعاقد فى مهمة معينة وفقاً للقواعد المعمول بها فى الجهة طالبة التعاقد.
ويحظر التنازل لغير هذه الجهات عن العقود التي تتم فيما بينها".
وحيث إن المدعية تنعى على النص الطعين أنه إذ أجاز للجهات الخاضعة لأحكامه ومن بينها الهيئات العامة التعاقد فيما بينها بطريق الاتفاق المباشر، فقد أهدر دور القطاع الخاص بحسبانه الشريك الرئيسي للقطاع العام فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عما فيه من عدوان على حق الملكية، وانتقاص من الحق فى العمل، كما أنه يُحبِط من قُدرة المشروعات الخاصة على الإبداع والبحث العلمي، ويُخل بحرية التعاقد وذلك كله بالمخالفة لأحكام المواد (13) و (32) و (33) و (41) و (49) من الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يُقيد تدخلها فى هذه الخصومة فلا تفصل فى غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ومن ثم يتحدد مفهوم شرط المصلحة باجتماع عنصرين:
أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضرراً واقعياً مباشراً قد لحق به.
ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلَّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، إذ أن إبطال النص التشريعي المطعون عليه لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن البين من أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 أن الأصل فيه أن يكون التعاقد على شراء المنقولات أو على مقاولات الأعمال أو النقل أو على تلقى الخدمات والدراسات الاستشارية والأعمال الفنية، عن طريق إجراء المناقصات أو الممارسات العامة التي تتم فى علانية تحقيقاً لتكافؤ الفرص والمساواة بين من يتقدمون إليها. واستثناءً من هذا الأصل العام، أجاز القانون فى حالات محددة التعاقد بطريق المناقصة أو الممارسة المحدودة أو المحلية أو اللجوء إلى طريق الاتفاق المباشر، ومن ذلك ما نصت عليه المادة (38) من ذات القانون النص الطعين التي أجازت للجهات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات والتي حددتها المادة الأولى منه حصراً وهى وحدات الجهاز الإداري للدولة، والأجهزة ذات الموازنات الخاصة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، أن تتعاقد فيما بينها بطريق الاتفاق المباشر لاستيفاء احتياجاتها من السلع والخدمات المختلفة.
وحيث إن ما سمي بالتعاقد بالاتفاق المباشر الذى تم بين وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية كي تقوم هذه الأخيرة بتوريد السجاد اللازم لفرش المساجد لا يخضع لحكم المادة (38) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات سالفة الذكر، ذلك أن البين من استعراض أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف أنه ناط بوزارة الأوقاف النظر على الأوقاف الخيرية وإدارة أعيانها حفاظاً عليها من أن تمتد إليها يد تعبث فيها ولا ترعى لها حرمة، ثم خلفتها فى هذا العبء هيئة الأوقاف المصرية التي أصبح لها وحدها بمقتضى القانون رقم 80 لسنة 1971 الاختصاص بإدارة واستثمار والتصرف فى أموال الأوقاف الخيرية باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذى يتولى إدارة أموال الوقف بصفته ناظر وقف، وكلا من الناظر والنائب يمارس هذه الإدارة كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص يقوم بالنظارة على وقف خيري.
وحيث إن الثابت من الإطلاع على حافظة المستندات المقدمة من هيئة الأوقاف المصرية أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة 7/4/2002 أن الهيئة المذكورة وهى فى مقام استثمارها لأعيان الأوقاف الخيرية قامت بشراء المقومات المادية والمعنوية للشركة العربية للسجاد والمفروشات بدمنهور بقيمة إجمالية مقدارها 000, 100,50 جنيه سُددت من أموال الأوقاف التي تحت يدها، ومن ثم فإن هذا التصرف يكون قد تم نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً للوقف ولحساب هذا الأخير، أي أن المالك الحقيقي لمصنع سجاد دمنهور أحد المقومات المادية والمعنوية للشركة العربية للسجاد والمفروشات هو الوقف باعتبار أن القانون المدني أسبغ عليه شخصية اعتبارية مستقلة، ومن ثم فإن الاتفاق الذى تم بين وزير الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية لتوريد السجاد اللازم لفرش المساجد لا يمكن أن يُطلق عليه وصف الاتفاق بطريق الأمر المباشر مما يخضع لحكم المادة (38) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، وإنما هو أمر صادر من وزير الأوقاف بصفته ناظراً للأوقاف الخيرية إلى هيئة الأوقاف المصرية التي تتولى إدارة واستغلال أعيان تلك الأوقاف نيابة عنه كي تقوم بتوريد السجاد اللازم من إنتاج مصنع قامت بشرائه من أموال الوقف والتي تعد أموالاً خاصة بنص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 سالف الذكر، وقد استخدمت بعض أموال الوقف فى أحد مصارف الأوقاف الخيرية وهى فرش المساجد، ووزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية وهما تُجريان مثل هذه التصرفات لا تعدان من الجهات التي حددتها المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1998 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات حصراً وتنحسر عنهما بالتالي أحكام ذلك القانون برمته بما فى ذلك نص المادة (38) منه، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية ذلك النص لن يكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية، الأمر الذى تنتفي معه مصلحة الشركة المدعية فى الطعن عليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


............................................................................................................................



* قضية رقم 82 لسنة 22 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 19 ديسمبر سنة 2004م، الموافق 7 من ذي القعدة سنة 1425هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وماهر سامي يوسف     أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 82 لسنة 22 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيد/ حسن أنور مختار
ضـــد
1-   السيد/ رئيس الجمهورية
2-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
3-   السيد/ رئيس مجلس الشعب
4-   السيد/ وزير العدل
5-   السيد/ وزير الإسكان
6-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
7-   السيد/ مدير عام تفتيش ثان الأوقاف
8-   السيد/ مدير الأملاك بتفتيش ثان الأوقاف
الإجراءات
بتاريخ الرابع والعشرين من شهر أبريل سنة 2000، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة (7) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وبعدم دستورية المادة (3) من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية المادة (7) من القانون رقم 136 لسنة 1981، ورفض الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية المادة (3) من القانون رقم 6 لسنة 1997.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى سبق أن أقام الدعوى رقم 6267 لسنة 1999 إيجارات جنوب القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليهم من السادس إلى الثامن، بطلب الحكم بإلزامهم بتقديم كشف حساب ببيان الأجرة المستحقة عليه أو ندب خبير لتقديرها، وقال بياناً لطلبه أنه يستأجر وحدة من المدعى عليهم لاستعمالها مكتباً للمحاماة، وقد طالبته الهيئة المؤجرة بسداد أجرة تزيد على تلك المستحقة عليه قانوناً، فأقام دعواه للحكم له بطلباته السالفة. وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (7) من القانون رقم 136 لسنة 1981، وبعدم دستورية المادة (3) من القانون رقم 6 لسنة 1997، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث تنص المادة (7) من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أن " اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون، تزاد فى أول يناير من كل سنة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى المنشأة حتى 9 سبتمبر 1977 زيادة دورية ثابتة بواقع نسبة من القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لحساب الضريبة على العقارات المبنية فى ذات وقت الإنشاء حتى لو أدخلت عليها تعديلات جوهرية. ويخصص المالك نصف هذه الزيادة لمواجهة تكاليف الترميم والصيانة ويعتبر بمثابة أمانة تحت يده. ويصدر قرار من الوزير المختص بالإسكان بتنظيم التصرف فيه لهذا الغرض".
كما تنص المادة (3) من القانون رقم 6 لسنة 1997 على أن "تحدد الأجرة القانونية للعين المؤجرة لغير أغراض السكنى المحكومة بقوانين إيجار الأماكن بواقع: ثمانية أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة قبل أول يناير 1944".
وحيث إنه عن الطعن بعدم دستورية المادة (3) من القانون رقم 6 لسنة 1997، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت الأمر بشأن هذا النص، بحكميها الصادرين فى 11/5/2003 , 6/7/2003 فى الدعويين رقمي 14 لسنة 21 قضائية " دستورية " و98 لسنة 21 قضائية " دستورية "، إذ قُضى فى كل منهما برفض الدعوى، وإذ نشر هذان الحكمان فى الجريدة الرسمية الأول بالعدد رقم 22 تابع فى 29/5/2003 والثاني بالعدد 30 مكرر فى 26/7/2003، وكان مقتضى نص المادتين ( 48، 49 ) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً من أي جهة كانت، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد، فإن الدعوى بالنسبة للطعن على هذا النص تكون غير مقبولة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص المادة (7) من القانون رقم 136 لسنة 1981، تأسيساً على أن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فيها بحكمها الصادر بجلسة 29/4/1989 فى القضية رقم 21 لسنة 7 قضائية " دستورية ".
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها، أما ما لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم تفصل فيه بالفعل، فلا تمتد إليه هذه الحجية.
لما كان ذلك وكان الحكم الصادر فى القضية رقم 21 لسنة 7 قضائية "دستورية" قد اقتصر على القضاء بعدم دستورية نص المادة (27) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فيما تضمنه من استثناء الأماكن المستعملة فى أغراض لا تدخل فى نطاق النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وذلك بالنسبة إلى تطبيق ما تضمنته المادة (7) من زيادة الأجرة، ولم يكن الطعن على المادة الأخيرة مطروحاً على المحكمة، ومن ثم فلم تكن مثاراً للمنازعة حول دستوريتها، فلا تمتد إليها حجية الحكم، ويكون الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة فى غير محله جديراً بالرفض.
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين، مخالفته لمبدأ التضامن الاجتماعي المنصوص عليه بالمادة السابعة من الدستور، كما ينعى عليه إهداره لإرادة الطرفين فى تحديد الأجرة على نحو معين، ويجيز زيادتها بغير إرادتهما، ومن ثم فهو يهدر مبدأ حرية التعاقد وهى أساس الحرية الشخصية التي يحميها الدستور بالمادة (41) منه، فضلاً عن انتهاكه للحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة بما نص عليه فى المادتين ( 32 و 34 )، بالإضافة إلى مخافته لنص المادة 42 من الدستور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن حرية التعاقد، وإن كانت قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية، وهذه الحرية وإن كانت تعتبر فى القضاء المقارن حقاً طبيعياً، ولازماً كذلك لكل إنسان، إلا أنه يستحيل وصفها بالإطلاق، بل يجوز فرض قيود عليها وفق أسس موضوعية تكفل متطلباتها دون زيادة أو نقصان، فلا تكون حرية التعاقد بذلك إلا حقاً موصوفاً، يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها، وفى إطار هذا التوازن تتحدد دستورية القيود التي يفرضها المشرع عليها.
كما أنه من المقرر كذلك – فى قضاء هذه المحكمة – أن حرية التعاقد فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق فى الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود بين أطرافها، وأياً كان المدين بأدائها، وأن الملكية الخاصة لم تعد حقاً مطلقاً، بل يجوز تنظيمها بما يكفل أداءها لوظيفتها الاجتماعية التي تتحدد فى نطاق العلائق الإيجارية بمراعاة خصائص الأحوال وزمن إنشائها، وطبيعة المصالح التي تتزاحم حولها، وضرورة موازنتها بما يكفل التوفيق بينها على ضوء استشراء أزمة الإسكان وحدة تفاقمها فى زمن معين. لما كان ذلك، وكان ما قدره الدستور فى المادتين (4 و 23) من قيام المجتمع على أساس من العدل والكفاية، بما يحول دون الاستغلال ووضع خطط شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقريب الفروق بين الطبقات لا يعنى - كذلك –الإخلال بحق المشرع فى مباشرة سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق، إتباعا لضوابط الدستور، وهو الأمر الذى أملى على المشرع – حين تدخل بالنص الطعين – بتقرير زيادة معقولة فى أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى تتناسب مع زمن إنشاء المبنى المؤجر، بهدف عدم مضارة المؤجرين، مقابل ما قرره لصالح المستأجرين من تقرير الامتداد القانوني لعقود إيجار هذه الأماكن، هادفاً من ذلك إلى تحقيق التوازن فى العلاقة الإيجارية، والمساواة بين طرفيها حتى تقوم هذه العلاقة على أساس من التضامن الاجتماعي، الذى يؤدى إلى وحدة الجماعة وتماسكها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وهو ما يدخل فى نطاق السلطة التقديرية للمشرع، فلا يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد ( 7 و 32 و 34 و 41 ) من الدستور.
وحيث إن النص الطعين لا يتصل بأي وجه بحقوق المواطن الذى يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته، والتي ينتظمها نص المادة (42) من الدستور، ومن ثم فإن النعي فى هذا الخصوص يكون فى غير محله جديراً بالرفض.
وحيث إن النص الطعين لا يتعارض مع أي نص آخر من نصوص الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


............................................................................................



* قضية رقم 104 لسنة 23 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 يناير سنة 2005م، الموافق 28 من ذي القعدة سنة 1425هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى     رئيس المحكمة
وبحضور السادة المستشارين: أنور رشاد العاصي وإلهام نجيب نوار وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه وتهاني محمد الحبالى. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 104 لسنة 23 قضائية " دستورية ".
المقامة من:
السيد/ بكر عبد النبي محمد يوسف
ضـــد
1-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2-   السيد/ وزير العدل
3-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
4-   السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
الإجراءات
بتاريخ 13 من يونية سنة 2001، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1)، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه أولها: لرفعها بعد الميعاد، وثانيها: لعدم بيان نصوص الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية، وثالثها: لانتفاء المصلحة فى الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى وهو الحارس على الأشياء المحجوز عليها للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 26389 لسنة 1998 جنح بلقاس، متهمة إياه أنه بتاريخ 10/11/1998 بدد الأشياء المحجوز عليها، وهى عبارة عن إنتاج مساحة (12 سهم , 8 قيراط , 2 فدان) كائنة ببلقاس محافظة الدقهلية، المزروعة أرزاً يابانياً، والمقدر إنتاجها بحوالي (9) طن، والمحجوز عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية وفاء لمبلغ 94ر9292 جنيها قيمة إيجار سنة 1998 والمتأخرات عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية ( وقف خيري ) والمؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي محمد يوسف، وقد طلبت النيابة معاقبة المدعى بالمواد ( 341، 342 ) من قانون العقوبات، وبجلسة 18/3/1999 قضت المحكمة غيابياً بحبس المدعى أسبوعاً وكفالة قدرها عشرة جنيهات، وقد عارض المدعى فى هذا الحكم، وبجلسة 23/11/2000 قضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن، وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2712 لسنة 2001 جنح مستأنف المنصورة، وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نص البند ( ح ) من المادة (1) والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فهو مردود ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة وعملاً بنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن المهلة التي تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لا يجوز زيادتها إلا من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً على الأشهر الثلاثة التي فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزه من يقيمها.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى بجلسة 21/3/2001، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/5/2001 لتقديم ما يفيد رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، ثم قررت المحكمة إضافة مهلة جديدة إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها غايتها 4/7/2001، وهى إن جاءت متجاوزة مدة الثلاثة أشهر المقررة كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية إلا أن الثابت أن المدعى أقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/6/2001، فى غضون مهلة الثلاثة أشهر المشار إليها، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الوجه غير سديد، مما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى بقالة خلو صحيفتها من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه هذه المخالفة، فهو مردود بأن ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا بنص المادة (30) منه من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة، هو ألا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً، فلا تثير خفاءً فى شأن مضمونها، أو اضطراباً حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداء ورداً وتعقيباً فى المواعيد التي حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى، وإعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسبباً، ومن ثم فإنه يكفى لبلوغ تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها. لما كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد أبانت فى غير خفاء نعى المدعى على النصين المطعون فيهما إخلالهما بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ خضوع الدولة للقانون، وذلك بمنحهما الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، تخولها الحق فى اقتضاء حقوقها جبراً، بقرار يصدر منها يكون معادلاً للسند التنفيذي، ويتضمن تحديداً لتلك الحقوق سواء تعلق الأمر بمصدرها أو بمقدارها، وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية كما ارتآها المدعى، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه أيضاً يكون فى غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن صدر المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 والبند (ح) منها المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 ينصان على أن " يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية فى مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون ... (ح) ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة وكذلك ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً أو حارساً من إيجارات أو أحكار أو أثمان الاستبدال للأعيان التي تديرها الوزارة".
وتنص المادة (2) من هذا القانون على أن "لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتباري العام حسب الأحوال أو من ينيبه كل من هؤلاء فى ذلك كتابة ".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع. وكان البين من استعراض أحكام القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البِرّ، والقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف، أنها ناطت بالوزارة النظر على الأوقاف الخيرية وإدارة أعيانها، وبهذه الصفة أجاز البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري للوزارة توقيع الحجز عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف، وقد خلفت هيئة الأوقاف المصرية الوزارة إعمالاً لنص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية فى الاختصاص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها، وذلك باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على تلك الأوقاف، كما حلت الهيئة بمقتضى نص المادة (9) من القانون رقم 80 لسنة 1971 محل الوزارة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات تتعلق بإدارة واستثمار هذه الأموال، وبالتالي أصبح للهيئة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف كناظر للوقف رخصة توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف، وهو الأساس القانوني لقيام الهيئة باتخاذ إجراءات الحجز فى الحالة المعروضة، لعدم الوفاء بالإيجار المستحق عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية (وقف خيري)، المؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي محمد يوسف، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى تكون متحققة بالنسبة للطعن على نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري فيما تضمنه من تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف الحق فى توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات الأعيان التي تديرها الوزارة بهذه الصفة.
وحيث إن القواعد التي تضمنها قانون الحجز الإداري غايتها أن يكون بيد أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها وهى بحسب طبيعتها أموال عامة تمثل الطاقة المحركة لحسن سير المرافق العامة وانتظامها، فلا يتقيد اقتضاؤها جبراً عن مدينيها بالقواعد التي فصلها قانون المرافعات المدنية والتجارية فى شأن التنفيذ الجبري، وإنما تعتبر استثناء منها، وامتيازاً لصالحها، وهذه الطبيعة الاستثنائية لقواعد الحجز الإداري تقتضى أن يكون نطاق تطبيقها مرتبطاً بأهدافها ومتصلاً بتسيير جهة الإدارة لمرافقها، فلا يجوز نقل هذه القواعد إلى غير مجالها، ولا إعمالها فى غير نطاقها الضيق الذى يتحدد باستهداف حسن سير المرافق العامة وانتظامها.
إذ كان ذلك، وكانت أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره عملاً بنص المادة (52/3) من القانون المدني شخصاً اعتبارياً، وهو يدخل بحسب طبيعته فى عداد أشخاص القانون الخاص، ولو كان من يباشر النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام، إذ يظل النظر فى جميع الأحوال على وصفه القانوني مجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص، وفى هذا نصت المادة (50) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أن "يعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين ..." ومن ثم فإن قيام وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية وهيئة الأوقاف كنائبة عنه على شئون أموال الأوقاف، إنما يكون كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص، وعلى ذلك فإن تخويل النص الطعين وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف صلاحية توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للأوقاف، مؤداه إلحاق نشاط هذه الأوقاف فى هذا النطاق بالأعمال التي تقوم عليها المرافق العامة، واعتبارها من جنسها، وإخضاع تحصيلها دون مقتض لتلك القواعد الاستثنائية التي تضمنها قانون الحجز الإداري، بما يخالف نص المادة (65) من الدستور، ذلك أن مبدأ الخضوع للقانون المقرر بها، يفترض تقيد أشخاص القانون الخاص فى مجال نشاطها واقتضاء حقوقها بقواعد ووسائل هذا القانون دون غيرها، فلا يكون الخروج عليها إلا لضرورة وبقدرها، فإذا انتفت تلك الضرورة كما هو حال النص الطعين فإنه يكون قد وقع فى حمأة المخالفة الدستورية.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري من شأنه عدم جواز اتخاذ إجراءات الحجز المنصوص عليها فى المادة (2) من ذات القانون قبل المدعى، ومن ثم فإن الطعن عليها بعدم الدستورية أصبح ولا محل له.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من النص على جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التي تديرها الوزارة، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


..................................................................................................................



* قضية رقم 105 لسنة 23 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 10 أبريل سنة 2005م، الموافق 1 من ربيع الأول سنة 1426هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعى     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: إلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه وسعيد مرعى عمرو                                  أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 105 لسنة 23 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيد/ بكر عبد النبي محمد يوسف
ضـــد
1-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2-   السيد/ وزير العدل
3-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
4-   السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
الإجراءات
بتاريخ 13 من يونية سنة 2001، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1)، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه: أولها: لرفعها بعد الميعاد، وثانيها: لعدم بيان نصوص الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية، وثالثها: لانتفاء المصلحة فى الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى وهو الحارس على الأشياء المحجوز عليها للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 9567 لسنة 1998 جنح بلقاس، متهمة إياه أنه فى يوم 11/4/1998 بدد الأشياء المحجوز عليها، وهى عبارة عن إنتاج مساحة (12 سهم و 8 قيراط و 2 فدان) كائنة ببلقاس محافظة الدقهلية، المزروعة برسيم، والمحجوز عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية وفاء لمبلغ 37ر8177 جنيه قيمة إيجار سنة 1997 والمتأخرات عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية (وقف خيري) والمؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي محمد يوسف، وقد طلبت النيابة معاقبة المدعى بالمادتين ( 341، 342 ) من قانون العقوبات، وبجلسة 16/7/1998 قضت المحكمة غيابياً بحبس المدعى سنة مع الشغل وكفالة قدرها مائتا جنيه، وقد عارض المدعى فى هذا الحكم، وبجلسة 7/12/2000 قضى بقبول المعارضة شكلاً، وفى الموضوع برفضها، وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه، وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2705 لسنة 2001 جنح مستأنف المنصورة، وأثناء نظر الاستئناف دفع المدعى بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1)، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فهو مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة وعملاً بنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن المهلة التي تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لا يجوز زيادتها إلا من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً على الأشهر الثلاثة التي فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزه من يقيمها، ولا محكمة الموضوع التي ترخص برفعها. وكانت محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى بجلسة 21/3/2001، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/5/2001 لتقديم ما يفيد رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، ثم قررت المحكمة إضافة مهلة جديدة إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها غايتها 4/7/2001، متجاوزة بذلك مدة الثلاثة أشهر المقررة كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، غير أن الثابت أن المدعى أقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/6/2001، فى غضون مهلة الثلاثة أشهر المشار إليها، الأمر الذى يضحى معه الدفع بعدم قبول دعواه لرفعها بعد الميعاد غير سديد، مما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بقالة خلو صحيفتها من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه هذه المخالفة، فهو مردود، ذلك أن ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا بنص المادة (30) منه من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة، هو ألا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً، فلا تثير خفاءً فى شأن مضمونها، أو اضطراباً حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداءً ورداً وتعقيباً فى المواعيد التي حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى، وإعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسبباً، ومن ثم فإنه يكفى لبلوغ تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها.
لما كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد أبانت فى غير خفاء نعى المدعى على النصين المطعون فيهما إخلالهما بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ خضوع الدولة للقانون، وذلك بمنحهما الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، بتخويلها الحق فى اقتضاء حقوقها جبراً بقرار يصدر منها يكون معادلاً للسند التنفيذي، ويتضمن تحديداً لتلك الحقوق سواء تعلق الأمر بمصدرها أو بمقدارها، وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية كما ارتآها المدعى، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى سالف الذكر يكون فى غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فيما تضمنه نص البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958، من تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف الحق فى توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات الأعيان التي تديرها الوزارة بهذه الصفة.
وكانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بهذا النص، بحكمها الصادر بجلسة 9/1/2005 فى الدعوى رقم 104 لسنة 23 قضائية " دستورية " القاضي، بعدم دستوريته فيما تضمنه من النص على جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التي تديرها الوزارة، وإذ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بعددها رقم (3) تابع بتاريخ 24/1/2005، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا، أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضي فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد، ومن ثم فإن الخصومة فى الدعوى الراهنة تغدو منتهية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية


..............................................................................................



* قضية رقم 5 لسنة 26 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "تنازع".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من مايو سنة 2008م، الموافق الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 1429هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور
وعلى عوض محمد صالح وماهر سامي يوسف وسعيد مرعى عمرو وتهاني محمد الحبالى     أعضاء.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 26 قضائية "تنازع".
المقامة من:
1-   السيد/ محمد مصطفى مراد
2-   السيد/ إبراهيم مصطفى مراد
3-   السيدة/ إيمان مصطفى مراد
ضــــد
1-   السيد/ وزير العدل
2-   السيد/ رئيس الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
الإجراءات
بتاريخ العاشر من شهر مارس سنة 2004 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بإلغاء حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر فى الطعن رقم 2840 لسنة 32 قضائية عليا لتعارضه مع حكم لجنة القسمة الأولى بوزارة الأوقاف الصادر بتاريخ 4/8/1962.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
كما قدم المدعون عدة مذكرات رددوا فيها الطلبات الواردة بالصحيفة.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أنه بموجب عقد مؤرخ 1/1/1962 أبرم مصطفى أحمد إبراهيم وأولاده محمد إبراهيم وإيمان (المدعون) وسعد الدين أحمد إبراهيم عقد قسمة رضائي للأطيان المستحقة لهم فى وقف المرحومين إبراهيم وقاسم مراد، ورد به أنه بتاريخ 23/12/1960 باع كل من على أحمد مراد وسعد الدين أحمد مراد كامل ما يخصهما ميراثاً من والدتهما من أطيان بعزبة كفر عياد إلى أولاد مصطفى أحمد مراد.
وبتاريخ 12/8/1961 قضت لجنة القسمة الأولى بوزارة الأوقاف المشكلة طبقاً للقانون رقم 55 لسنة 1960 باعتماد القسمة الرضائية الخاصة بالطبقات العليا فى الوقفين سالفي الذكر وبإحالة المادة إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لقسمة أعيان الوقف الخاص بمستحقي الطرف الثاني مصطفى أحمد إبراهيم وأولاده، ثم قضت بتاريخ 4/8/1962 بفرز وتجنيب أنصبة كل الأطراف المتقاسمين ومن بينهم السيد/ مصطفى أحمد مراد وأولاده فى مسطحات الأراضي المبينة بقرار اللجنة وفقاً لعقود القسمة الرضائية المقدمة من كل فريق عن المتقاسمين، وقد صار هذا الحكم نهائياً وتم شهره برقم 3949 بتاريخ 12/11/1964.
وعند قيام هيئة الإصلاح الزراعي بتطبيق قانون الإصلاح الزراعي على السيد/ سعد الدين أحمد مراد، أدرج بخانة التصرفات أنه تصرف فى مساحة 16 سهم، 23 قيراط و36 فداناً بناحية بحطيط وكفر عياد بمحافظة الشرقية إلى محمد وإبراهيم وإيمان مصطفى أحمد مراد، إلا أن الهيئة قامت بالاستيلاء الابتدائي على المساحة المذكورة فى 4/2/1962، فقدم المدعون الاعتراض رقم 830 لسنة 1962 طالبين الاعتداد بعقد البيع المؤرخ 23/12/1960 وإلغاء القرار الصادر بالاستيلاء على الأطيان محل العقد المذكور إلا أن اللجنة قررت بجلسة 25/3/1965 رفض الاعتداد بهذا العقد وقد أصبح قرار اللجنة نهائياً بعدم الطعن عليه وتم التصديق عليه من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فى 20/7/1969.
وبتاريخ 12/4/1980 أقام المدعون الاعتراض رقم 426 لسنة 1980 بذات الطلبات على سند من حيازتهم للأطيان محل الاعتراض حيازة هادئة ومستمرة وأنهم تملكوها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بالتقادم قبل صدور القانون رقم 127 لسنة 1961.
وبجلسة 4/5/1986 قررت اللجنة مجدداً رفض الاعتراض تأسيساً على عدم اكتمال مدة التقادم المكسبة للملكية فى حق المعترضين، فقام المدعون بالطعن على هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 2840 لسنة 32 قضائية عليا، قُضى فيه بجلسة 25/1/2000 بإلغاء القرار المطعون فيه وبعدم قبول الاعتراض شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وأسست المحكمة قضاءها على أنه وقد صدر قرار اللجنة الأول بتاريخ 25/3/1965 فقد كان يتعين على المدعين الاعتراض على قرار الاستيلاء تأسيساً على السبب الجديد لكسب الملكية بالتقادم، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمهم بقرار اللجنة إلا أنهم لم يقيموا الاعتراض إلا فى 12/4/1980 بعد مضى أكثر من خمسة عشر عاماً، ومن ثم يكون الاعتراض قد أقيم بعد الميعاد المحدد فى المادة (26) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 187 لسنة 1952 مما يستوجب الحكم بعدم قبوله.
وإذ تراءى للمدعين أن ثمة تعارض بين الحكم الصادر من لجنة القسمة الأولى بوزارة الأوقاف بجلسة 4/8/1962 والذي أثبت ملكية الأطيان محل المنازعة للمدعين وبين الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 2840 لسنة 32 قضائية عليا والذي أيد فى تقديرهم استيلاء الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على الأطيان المشار إليها والتي كان يتعين استبعادها من بين الأراضي التي تم الاستيلاء عليها قبل الخاضع، فقد أقاموا الدعوى الماثلة بطلباتهم سالفة الذكر.
وحيث إن المستقر عليه فى قضاء المحكمة الدستورية العليا إعمالاً لنص المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن مناط قبول دعوى التناقض بين الأحكام القضائية أن يكون أحد الحكمين صادراً من جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر عن جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع فى موضوعه وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل فى الدعوى وأحقهما بالتالي بالتنفيذ.
لما كان ما تقدم وكان موضوع الحكم الصادر من لجنة القسمة الأولى بوزارة الأوقاف بجلسة 4/8/1962 قد انصب على قسمة أعيان وقف إبراهيم وقاسم مراد بين المستحقين وفرز وتجنيب نصيب كل متقاسم وفقاً لعقود القسمة الرضائية التي تمت بينهم تطبيقاً لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف فإنه مع التسليم بأن هذا الحكم جاء مقرراً لحق كل مستحق فيما اختص به من أراض على نحو ما ورد بعقود القسمة الرضائية التي اعتدت بها اللجنة ومن بينهم المدعين فإن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 2840 لسنة 32 قضائية عليا بجلسة 25/1/2000 لم يتعرض صراحة أو ضمناً لموضوع ثبوت ملكية أطيان النزاع للمدعين كما لم يتناول بالبحث مدى صحة عقد البيع الصادر لهم عن هذه الأطيان بتاريخ 23/12/1960 أو تملكهم لها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وإنما اقتصر فى قضائه على بحث مدى توافر شروط قبول الاعتراض أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، وانتهى إلى عدم توافر شرط تقديم الاعتراض خلال الميعاد المقرر باللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي، ومن ثم قضى بعدم قبول الاعتراض شكلاً لتقديمه بعد الميعاد، الأمر الذى يغدو معه الحكمان حدا التناقض محل الدعوى الماثلة لم يتعامدا على موضوع واحد، وإنما تناولا موضوعين مختلفين بما ينتفي معه مناط قبول الدعوى الماثلة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى


......................................................................................................................



* قضية رقم 33 لسنة 23 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من مايو سنة 2008م، الموافق الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 1429هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وأنور رشاد العاصي وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه وسعيد مرعى عمرو وتهاني محمد الحبالى     أعضاء.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 33 لسنة 23 قضائية "دستورية".
والمحالة من محكمة استئناف بنى سويف "مأمورية المنيا" فى الاستئناف رقم 84 لسنة 33 قضائية "نفس".
المقامة من:
ورثة المرحوم/ إبراهيم حسين محمد سعد جاويش وهم:
1-   السيد/ مصطفى إبراهيم حسين محمد سعد جاويش
2-   السيدة/ عزيزة إبراهيم حسين محمد سعد جاويش
وورثة المرحومة/ فوزية إبراهيم حسين محمد سعد جاويش
3-   السيد / عاطف مصطفى صبري  
4-   السيد/ يحيى مصطفى صبري
5-   السيد/ حسين مصطفى صبري
6-   السيدة/ هدى مصطفى صبري
7-   السيد/ مصطفى صبري عبد العظيم
8-   السيدة/ أمينة إبراهيم حسين سعد جاويش
9-   السيد/ أحمد إبراهيم حسين سعد جاويش
10-                  السيد/ محمد إبراهيم حسين سعد جاويش
11-                  السيد/ على إبراهيم حسين سعد جاويش
ورثة المرحومة بهية على حسن وهم :
12-                  السيد/ محمد إبراهيم حسين
13-                  السيدة/ سعاد عبد الرحمن على
ورثة المرحومة / سعاد إبراهيم حسين وهم:
14-                  السيدة / فاطمة محمد بدوى دسوقي
15-                  السيدة/ منيرة محمد بدوى دسوقي
16-                  السيدة/ نبيلة محمد بدوى دسوقي
17-                  السيد/ رضا محمد بدوى دسوقي
18-                  السيد/ على محمد بدوى دسوقي
19-                  السيدة/ زينب محمد بدوى دسوقي
20-                  السيد/ محمد محمد بدوى دسوقي
21-                  السيدة/ وداد حسن إبرهم
22-                  السيدة/ نعيمة حسن إبراهيم
ضـــد
ورثة المرحوم/ عبد الرءوف عبد الحميد جاويش وهم:
1- السيد/ عبد الحميد عبد الرءوف عبد الحميد جاويش عن نفسه وبصفته حارساً على ورثة المرحوم/ حسين محمد سعد.
2-   السيد/ علاء الدين عبد السلام عبد الغنى
3-   السيدة/ عائشة عبد الغنى حسين جاويش
4-   السيدة/ عليه عبد الغنى حسين جاويش
5-   السيد/ عبد الغنى عبد الفتاح
6-   السيد/ وزير الأوقاف
7-   السيد/ رئيس الوحدة المحلية لمجلس مركز ومدينة المنيا
8-   السيد/ وكيل وزارة التربية والتعليم
9-   السيدة/ كاميليا حسين إبراهيم
10-                  السيد/ محمد حازم حسين إبراهيم
11-                  السيد/ حسن حسين إبراهيم
12-                  السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
ورثة المرحوم/ حسين عبد الحميد جاويش وهم:
13-                  السيدة/ رينيه فهيم سلامة
14-                  السيد/ تامر حسين حسين عبد الحميد جاويش
15-                  السيد/ رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للقطن والتجارة والتنمية
16-                  السيدة/ زكية السيد محمد
ورثة المرحوم/ عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش وهم:
17-                  السيدة/ عزة عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
18-                  السيد/ عادل عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
19-                  السيد/ محمود الصغير حمدي عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
20-                  السيدة/ فاطمة عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
21-                  السيد/ السيد عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
22-                  السيد/ محمد عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
الإجراءات
بتاريخ الرابع والعشرين من يناير سنة 2001، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئناف رقم 84 لسنة 33 قضائية أحوال شخصية "نفس" بعد أن قضت محكمة استئناف بنى سويف "مأمورية المنيا" بوقف الاستئناف وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نصوص المواد (3) و (5) و (9) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ونص المادتين (17) و (18) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف.
وقدم المستأنفون – فى الدعوى الموضوعية، مذكرتين، طلبوا فيهما الحكم بعدم دستورية النصوص السالفة البيان.
كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن ورثة المرحومين/ إبراهيم حسين محمد سعد جاويش وحسن إبراهيم حسين، وسعاد إبراهيم حسين، كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 243 لسنة 1990 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد كل من المرحوم/عبد الرءوف عبد الحميد جاويش – عن نفسه وبصفته حارساً على تركة المرحوم/ حسين محمد سعد جاويش، ووزير الأوقاف، ورئيس هيئة الأوقاف المصرية، بطلب الحكم بأحقيتهم فى حصة مقدارها الخمس فى جميع أعيان الوقف المبينة بصحيفة الدعوى، وحصة أخرى مقدارها الربع من نصيب المرحوم/ عبد الرحمن حسين محمد سعد جاويش، وفرز وتجنيب هاتين الحصتين والتسليم. وقالوا بياناً لدعواهم إنه بتاريخ 16/12/1923- بموجب الحجة رقم 8 متتابعة محكمة المنيا الجزئية الشرعية – أوقف المرحوم/ حسين محمد سعد جاويش مورثهم ومورث المدعى عليه الأول- الأعيان المبينة بالحجة، وصحيفة الدعوى، على أولاده إبراهيم وعبد الرحمن وحسن بالتساوي بينهم، ثم على أولادهم ونسلهم جيلاً بعد جيل، ونسلاً بعد نسل، الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى، واشترط لنفسه النظر على الوقف مدة حياته، ومن بعده للأرشد من أولاده، وبعد وفاة الموقوف عليه الأخير سنة 1924، قام الواقف بتعديل الحجة من حصة مقدارها قيراطان لكل منهما، وأوقف الحصة التي أخرجها ومقدارها 12 قيراطاً على نفسه، ومن بعده على ولديه عبد الحميد وعبد الغنى مناصفة بينهما، ثم عاد سنة 1927 بموجب الحجة رقم 15 متتابعة، بإخراج ولديه عبد الرحمن وإبراهيم كلية، وأصبح الوقف مقصوراً – بعد وفاة الواقف الأصلي – على أولاده عبد الحميد بحق 15 قيراطاً وعبد الغنى بحق 9 قراريط، ثم توفى الواقف فى 26/1/1928، وطبقاً للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، آلت الملكية إلى المستحقين الحاليين الموجودين على قيد الحياة وقت صدور القانون كل حسب حصته فى الاستحقاق، ثم توفى المرحوم/ عبد الحميد مورث المدعى عليه الأول سنة 1959، ثم توفى المرحوم/ عبد الرحمن حسين جاويش سنة 1959 أيضاً ومورثهم سنة 1960، وإذ كان حق المدعيين ثابتاً وصلتهم بالواقف ثابتة بموجب إشهادات الوراثة الشرعية، ومن حقهم المطالبة بميراثهم، فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بطلباتهم السالفة الذكر، وبجلسة 26/5/1997 قضت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أنه ليس لمورثي المدعين أي استحقاق فى أعيان الوقف، لأن الواقف أخرجهم من الاستحقاق بموجب الحجة رقم 15 متتابعة سنة 1927، وأن الأعيان التي يطالبون باستحقاقهم فيها بوضع يد المدعى عليهم وآخرين استناداً إلى شهر قائمة إلغاء الوقف. طعن المدعون على هذا الحكم بالاستئناف رقم 84 لسنة 33 قضائية " أحوال شخصية نفس " أمام محكمة استئناف بنى سويف "مأمورية المنيا"، وإذ تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نصوص المواد (3) و (5) و (9) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ونص المادتين (17) و (18) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف، فقد قضت بجلسة 16/1/2001 بوقف الاستئناف وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية هذه النصوص.
وحيث إن المادة (17) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف تنص على أن :"إذا انتهى الوقف فى جميع ما هو موقوف على ذوى الحصص الواجبة طبقاً للمادة 42 أو فى بعضه أصبح ما انتهى فيه الوقف ملكاً للواقف إذا كان حيا، فإن لم يكن حيا صار ملكا للمستحقين أو لذرية الطبقة الأولى أو الثانية حسب الأحوال، فإن لم يكن منهم أحد صار ملكا لورثة الواقف يوم وفاته، وإلا كان للخزانة العامة.
وإن انتهى الوقف فى جميع ما هو موقوف على غيرهم، أو فى بعضه أصبح ما انتهى فيه الوقف ملكا للواقف إن كان حيا، أو لورثته يوم وفاته، فإن لم يكن له ورثه أو كانوا انقرضوا، ولم يكن لهم ورثة كان للخزانة العامة".
كما تنص المادة (18) من القانون ذاته على أن "إذا تخربت أعيان الوقف كلها أو بعضها، ولم تكن عماره المتخرب، أو الاستبدال به على وجه يكفل للمستحقين نصيباً فى الغلة غير ضئيل، ولا يضرهم بسبب حرمانهم من الغلة وقتاً طويلاً انتهى الوقف فيه، كما ينتهي الوقف فى نصيب أي مستحق يصبح ما يأخذه من الغلة ضئيلاً، ويكون الانتهاء بقرار من المحكمة؛ بناء على طلب ذوى الشأن، ويصير ما انتهى فيه الوقف ملكا للواقف، إن كان حيا، وإلا فلمستحقه وقت الحكم بانتهائه".
وتنص المادة (56) من القانون ذاته على أن " تطبق أحكام هذا القانون على جميع الأوقاف الصادرة قبل العمل به عدا أحكام الفقرات الثلاث الأولى من المادة (5) والمادة (8) والشرط الخاص بنفاذ التغيير فى المادة (11) وبنفاذ الشروط العشرة فى المادة (12) وأحكام المادتين (16) و (17)".
وحيث إن المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات تنص على أن "يصبح ما ينتهي فيه الوقف على الوجه المبين فى المادة السابقة ملكاً للواقف إن كان حيا، وكان له حق الرجوع فيه، فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين كل بقدر حصته فى الاستحقاق، وإن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته، أو حصة أصله فى الاستحقاق· ويتبع فى تعيين تلك الحصة الأحكام المنصوص عليها فى المواد (36) و (37) و(38 ) و (39) من القانون رقم 48 لسنة 1946 السالف الذكر" ·
وتنص المادة (5) من القانون ذاته على أن" تسرى القواعد المنصوص عليها فى المواد السابقة على أموال البدل المودعة خزائن المحاكم وعلى ما يكون محتجزاً من صافى ربح الوقف لأغراض العمارة أو الإصلاح. وتسلم هذه الأموال، وكذلك الأعيان التي كانت موقوفة إلى مستحقيها بناء على طلب أي منهم، وتكون صفة المستحق السابقة، ونصيبه فى الاستحقاق حجة على ناظر الوقف عند مطالبته بالتسليم، وإذا كان فى العين حصة موقوفة للخيرات اشترك ناظر الوقف مع باقي الملاك فى تسلم العين. وإلى أن يتم تسلم هذه الأعيان تبقى تحت يد الناظر لحفظها، ولإدارتها وتكون له صفة الحارس. وتسرى فى جميع الأحوال أحكام الشيوع الواردة فى المواد من 825 إلى 850 من القانون المدني مع مراعاة أحكام الفقرة السابقة".
وتنص المادة (9) من القانون ذاته على أن " يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها، وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة لنظرها لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية، ولما كان جوهر طلبات المدعين فى الدعوى الموضوعية هي المطالبة بحصتهم الميراثية فى الوقف الذى تم بموجب حجة حررها الواقف الأصلي عام 1923 وعدلت عام 1927، وتوفى الواقف سنة 1928، وقد حرموا من حصتهم الميراثية بعد إلغاء الأوقاف على غير الخيرات، وأيلولة أعيان الوقف إلى المستحقين فيه وحدهم دون باقي ورثة الواقف الأصلي، ومن ثم فإن مصلحة المدعين تقتصر على ما ورد بنص المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 فيما نصت عليه من أيلولة الأعيان التي انتهى فيها الوقف – بعد وفاة الواقف الأصلي- إلى المستحقين الحاليين، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته، أو حصة أصله فى الاستحقاق، دون غيرها من أحكام أخرى تضمنها النص السالف الذكر، كما تنتفي مصلحة المدعين فى الطعن على باقي النصوص، إذ إن المادة (17) من القانون 48 لسنة 1946 لا تطبق على الأوقاف السابقة على صدور ذلك القانون وفقاً لما نص عليه فى المادة (56) من القانون ذاته، كما أنه لا يبين من الدعوى الموضوعية أن أعيان الوقف قد تخربت كلها أو بعضها، أو أن هناك أموال بدل مودعة خزائن المحاكم، ومن ثم فلا انطباق لأحكام المادة (18) من القانون الأخير، أو أحكام المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952- على التوالي- على النزاع الموضوعي، كما أن أحكام المادة (9) من القانون الأخير لا تتضمن حكماً يصلح للخضوع لتقييمه موضوعياً من الناحية الدستورية.
وحيث إن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى انبنى على أسباب ثلاثة: أولها: عدم بيان النص الدستوري المدعى مخالفته، إذ أرجعه حكم الإحالة إلى مخالفة أحكام المادة التاسعة من دستور سنة 1923 الذى تم إلغاؤه، وثانيها: إلى أن المادة (24) من القانون رقم 48 لسنة 1946 هي التي تحكم الواقعة لوفاة الواقف الأصلي سنة 1949، وثالثها: إلى أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت برفض الدعوى بعدم دستورية نص المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 فى الدعويين رقمي (67) و (68) لسنة 17 قضائية "دستورية" بجلسة 7/6/1996.
وحيث إن هذا الدفع مردود فى الشق الأول منه، ذلك أنه من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة- أن ما نصت عليه المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، من أن القرار الصادر من محكمة الموضوع بإحالة مسألة دستورية بذاتها إلى هذه المحكمة للفصل فى مطابقة النصوص القانونية التي تثيرها للدستور، أو خروجها عليه، وكذلك صحيفة الدعوى التي يرفعها إليها خصم للفصل فى بطلان النصوص المطعون عليها أو صحتها، يتعين أن يتضمنا بيان النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور ومواقع بطلانها، إنما يتغيا ألا يكون هذا القرار، أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها؛ ضمانا لتحديدها تحديداً كافياً يبلور مضمونها ونطاقها، فلا تثير –بماهيتها أو مداها- خفاء يحول دون إعداد ذوى الشأن جميعا- ومن بينهم الحكومة- لدفاعهم بأوجهه المختلفة خلال المواعيد التي حددتها المادة (37) من قانون المحكمة الدستورية العليا، بل يكون بيانها لازماً لمباشرة هيئة المفوضين –بعد انقضاء هذه المواعيد – لمهامها فى شأن تحضير جوانبها، ثم إبدائها رأياً محايدا يكشف عن حكم الدستور والقانون بشأنها، ولما كان التجهيل بالمسائل الدستورية يفترض أن يكون بيانها قد غمض فعلاً بما يحول عقلاً دون تجليتها، فإذا كان إعمال النظر فى شأنها – ومن خلال الربط المنطقي للوقائع المؤدية إليها- يفصح عن حقيقتها، وما قصد إليه الطاعن أو حكم الإحالة – حقاً من إثارتها، فإن القول بمخالفة نص المادة (30) المشار إليها، يكون لغوا،
متى كان ذلك، وكانت المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952- وفى النطاق المحدد سلفاً- هي التي تحول بين المدعين، وبين إجابتهم لطلبهم فى الدعوى الموضوعية من الحكم بأحقيتهم فى ملكية حصتهم الميراثية بعد إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، وهو ما ارتأت معه محكمة الموضوع أن النص الطعين يخل بحق الملكية المنصوص عليه فى المادة التاسعة من دستور سنة 1923- والذي كان سارياً عند صدور النص الطعين السالف الذكر، فإن قضاء الإحالة يكون كاشفاً عن حقيقة العوار الدستوري الذى ارتأته محكمة الموضوع، خاصة وأن كافة الدساتير المصرية المتعاقبة – وأخرها الدستور القائم – قد حرصت على تأكيد حماية الملكية الخاصة، وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود والقيود التي وردت بتلك الدساتير، ومن ثم يتحدد موضع البطلان المدعى عليه على أساس إهداره مبدأ حماية الملكية الخاصة المنصوص عليه فى المادة (34) من الدستور الحالي، ويكون الدفع- فى شقه الأول – خليقاً بالرفض.
وحيث إن الدفع فى شقه الثاني غير صحيح، إذ الثابت أن الواقف الأصلي قد توفى سنة 1928 – وليس سنة 1949، كما ورد بالدفع، ومن ثم فإن الدفع فى هذا الخصوص يكون قائماً على غير أساس.
وحيث إن الدفع فى شقه الأخير غير سديد، ذلك أن البين من قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/9/1996 فى الدعويين رقمي 67 و68 لسنة 17 قضائية " دستورية " والتي اقتصر النعي فيها على مخالفة نص المادة (3) من المرسوم بالقانون رقم 180 لسنة 1952 لمبادئ الشريعة الإسلامية، أن المحكمة اقتصرت فى قضائها المذكور على التصدي لهذا النعي باعتباره مبنى الطعن الوحيد، وخلصت إلى رفض الدعوى؛ تأسيساً على أن القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980، والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية، لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، وإذ كانت المادة المذكورة، قد صدرت بتاريخ 14/9/1952 – ضمن أحكام المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات- ولم يلحقها أي تعديل بعد التاريخ المشار إليه، فإن النعي عليها بمخالفة المادة الثانية من الدستور يكون فى غير محله، مما مؤداه أن قضاء المحكمة فى هذه الدعوى وعلى ما استقر عليه قضاؤها لا يعتبر مطهراً لذلك النص مما قد يكون عالقاً به من مثالب أخرى، ولا يحول بين كل ذي مصلحة وإعادة طرحها على هذه المحكمة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المطعون عليه- وفى النطاق المحدد سلفاً- إخلاله بالحماية المقررة لحق الملكية المقرر بنص المادة (34) من الدستور.
وحيث إن الدستور - إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة وتوكيداً لإسهامها فى صون الأمن الاجتماعي- كفل حمايتها لكل فرد، ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود التي يقتضيها تنظيمها، من أجل ذلك حظر الدستور فى المادة (34) منه فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبحكم قضائي، ثم قضى بألا تنزع من يد صاحبها إلا للمنفعة العامة، مع تعويضه عن ذلك وفقاً للقانون، كما مد نطاق حمايته لها فكفل حق الإرث فيها.
وحيث إن كفالة الدستور لحق الإرث، تعنى أن حق الورثة الشرعيين فى تركة مورثهم يجب أن يؤول إلى أصحابه كل بحسب نصيبه دون نقصان، كما تعنى فى الوقت ذاته أن مورثهم لا يملك أن يخص واحداً منهم بنصيب منها يجور به على حق غيره فى التركة عينها، إلا إذا كان ذلك فى القدر الذى تجوز فيه الوصية للوارث – أو غيره – فإن خالف المشرع ذلك عد مسلكه هذا عدواناً على الملكية الخاصة لكل وارث فى نصيبه المحدد فى تركة مورثه، الأمر الذى يخالف نص المادة (34) من الدستور التي كفلت حق الإرث.
وحيث إنه ولما تقدم فإن نص المادة (3) من المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 – وفى النطاق المحدد سلفاً- فيما تضمنه من أيلولة ملكية الأعيان التي انتهى فيها الوقف على غير الخيرات – بعد وفاة الواقف الأصلي- إلى المستحقين الحاليين فيه، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله فى الاستحقاق، يكون مخالفاً لنص المادة (34) من الدستور، لحرمانه الورثة غير المستحقين فى الوقف من حصتهم الميراثية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، فيما نصت عليه من أيلولة أعيان الوقف- بعد وفاة الواقف الأصلي- إلى المستحقين الحاليين، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته، أو حصة أصله فى الاستحقاق، دون باقي ورثة الواقف.


......................................................................................................................



* قضية رقم 69 لسنة 24 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يوليو سنة 2008م، الموافق الثالث من رجب سنة 1429هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وأنور رشاد العاصي والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهاني محمد الجبالي     أعضاء.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 69 لسنة 24 قضائية "دستورية".
المقامة من:
1-      السيد/ مصطفى عبد العزيز أحمد الخولى
2-       السيدة/ عطيات على حسن المحتسب
ضـــد
1-   السيد/ رئيس الجمهورية
2-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
3-   السيد/ وزير العدل
4-   السيد/ وزير النقل
5-    السيد/ وزير قطاع الأعمال العام
6-   السيد/ وزير الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية
7-    شركة مصر للتأمين
8-   الشركة المصرية الزراعية العامة
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من فبراير سنة 2002 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلباً للحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 970 من التقنين المدني الصادر بالقانون رقم 171 لسنة 1948، والمعدلة بالقانونين رقمي 147 لسنة 1957 و55 لسنة 1970، وبعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المعدلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998، مع انسحاب أثر الحكم بعدم الدستورية إلى تاريخ صدور القوانين أرقام 147 لسنة 1957 و55 لسنة 1970 و168 لسنة 1998. واحتياطياً: عدم دستورية التشريعات 147 لسنة 1957 و55 لسنة 1970 و168 لسنة 1998 وفى جميع الأحوال بانسحاب أثر الحكم بعدم الدستورية إلى تاريخ صدور النصوص المقضي ببطلانها.
 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع -حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعيين كانا قد أقاما ضد المدعى عليها السابعة الدعوى رقم 680 لسنة 2001 كلى مساكن أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ابتغاء الحكم بأحقيتهما فى سكنى العين المبينة بالصحيفة وتثبيت بقائهما فيها بالتقادم المكسب. وأثناء نظر الدعوى دفعا بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانونين 147 لسنة 1957 و55 لسنة 1970، والفقرة الثالثة من المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 والمعدلة بالقرار بالقانون رقم 168 لسنة 1998 وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقاما الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعى الأول حضر بالجلسة المحددة وقرر عن نفسه وبالوكالة عن المدعى الثاني أنه ترك الخصومة فى الدعوى الماثلة. وإذ كان سند الوكالة عن المدعى الثاني يتيح له ذلك ووافق الحاضر من هيئة قضايا الدولة على الترك. فإنه وفقاً للمادة 28 من قانون المحكمة الدستورية العليا والمادتين 141 و142 من قانون المرافعات يتعين القضاء بإثبات هذا الترك.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بإثبات ترك المدعيين للخصومة فى الدعوى وألزمتهما المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


..............................................................................................................



* قضية رقم 103 لسنة 23 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "دستورية".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يوليو سنة 2008م، الموافق الثالث من رجب سنة 1429هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد     رئيس المحكمة
عضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف     أعضاء.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 103 لسنة 23 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيد/ بكر عبد النبي محمد يوسف
ضــــد
1-   السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2-   السيد/ وزير العدل
3-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
4-   السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
الإجراءات
بتاريخ 13 يونيه سنة 2001 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) والمادة  (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه، أولها: لرفعها بعد الميعاد، وثانيها: لعدم بيان نصوص الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية، وثالثها: لانتفاء المصلحة فى الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى- وهو الحارس على الأشياء المحجوز عليها- للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 11657 لسنة 1997 جنح بلقاس، متهمة إياه أنه فى يوم 25/2/1997 بدد الأشياء المحجوز عليها إدارياً، لصالح هيئة الأوقاف المصرية، وفاء لمبلغ 37و8177 جنيهاً، قيمة إيجار سنة 1997 والمتأخرات عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية، والمؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي محمد يوسف، وبجلسة 20/11/1997 قضت المحكمة غيابياً بحبس المدعى سنة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه، وقد عارض المدعى فى هذا الحكم، وبجلسة 23/11/2000 قضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن، وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2713 لسنة 2001 جنح مستأنف المنصورة، والذي أعيد قيده برقم 1444 لسنة 2002 جنح مستأنف شمال المنصورة، وأثناء نظر الاستئناف دفع المدعى بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، المبدى من هيئة قضايا الدولة، فهو مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة- وعملاً بنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- أن المهلة التي تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لا يجوز زيادتها إلا من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معاً على الأشهر الثلاثة التي فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، والتي لا يجوز لمن يقيمها تجاوزه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت أن محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى بجلسة 21/3/2001، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/5/2001 لتقديم ما يفيد رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، ثم قررت المحكمة إضافة مهلة جديدة إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها غايتها 4/7/2001، وهى وإن جاءت متجاوزة مدة الثلاثة الأشهر المقررة كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، إلا أن الثابت أن المدعى قد أقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/6/2001، فى غضون مهلة الثلاثة الأشهر المشار إليها، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه يكون غير سديد، متعيناً القضاء برفضه.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى على سند من خلو صحيفة الدعوى الدستورية الراهنة من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية، فهو مرود بأن ما تغياه المشرع بالنص فى المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا على وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة، هو ألا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً، فلا تثير خفاءً فى شأن مضمونها، أو اضطراباً حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداءً ورداً وتعقيباً فى المواعيد التي حددتها المادة 37 من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى، وإعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة، ورأيها فيها مسبباً، ومن ثم يكفى لبلوغ هذه الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها، لما كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد أبانت– فى غير خفاء- نعى المدعى على النصين المطعون فيهما منحها الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية، وذلك بتخويلها الحق فى اقتضاء حقوقها جبراً، وبقرار يصدر منها يكون معادلاً للسند التنفيذي، ويتضمن تحديداً لتلك الحقوق سواء تعلق الأمر بمصدرها أم بمقدارها، بما يكشف بجلاء عن نعيه على هذين النصين إخلالهما بمبدأ سيادة القانون، ومبدأ خضوع الدولة للقانون، وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية كما ارتآها المدعى، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه أيضاً يكون فى غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 ينص على أن "يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية فى مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون: أ) ... ب)... ح) ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة وكذلك ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً أو حارساً من إيجارات أو أحكار أو أثمان الاستبدال للأعيان التي تديرها الوزارة ".
وتنص المادة (2) من هذا القانون على أن "لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتباري العام حسب الأحوال أو من ينيبه كل من هؤلاء فى ذلك كتابة ".
وحيث إن البين من استعراض أحكام القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر، والقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف، أنها ناطت بالوزارة النظر على الأوقاف الخيرية وإدارة أعيانها، وبهذه الصفة أجاز نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري للوزارة توقيع الحجز عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف، وقد خلفت هيئة الأوقاف المصرية الوزارة – إعمالاً لنص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 بشأن الهيئة المذكورة -فى الاختصاص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها، وذلك باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على تلك الأوقاف، كما حلت الهيئةبمقتضى نص المادة (9) من القانون 80 لسنة 1971 المشار إليه- محل الوزارة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات تتعلق بإدارة واستثمار هذه الأموال، وبالتالي أصبح للهيئة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف كناظر للوقف رخصة توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف، وهو الأساس القانوني لقيامها باتخاذ إجراءات الحجز الإداري فى الحالة المعروضة، لعدم الوفاء بالإيجار المستحق على الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية، المؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبي محمد يوسف، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الراهنة بالنسبة لنص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري، يتحدد بما تضمنه هذا البند من تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف الحق فى توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات الأعيان التي تديرها الوزارة بهذه الصفة، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بهذا النص بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 104 لسنة 23 قضائية "دستورية" بجلسة 9/1/ 2005 القاضي " بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من النص على جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التي تديرها الوزارة" ونشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بعددها رقم 3 تابع، بتاريخ 24 /1/ 2005، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا، أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضي فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد، مما يتعين معه القضاء باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لهذا النص.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري، محدداً نطاقه على النحو المتقدم، يستتبع حتما استبعاد الحالة التي تناولها من مجال تطبيق نص المادة (2) من هذا القانون المطعون فيه، وعدم جواز اتخاذ إجراءات الحجز الإداري المقررة به قبل المدعى، ليصبح الطعن عليه– فى ضوء ذلك – لا محل له.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.


.............................................................................................



* قضية رقم 19 لسنة  30 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "تنازع".
نص الحكم:

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الخامس من ديسمبر سنة 2010م، الموافق التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1431هـ.

برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي ومحمد عبد العزيز الشناوي والسيد عبد المنعم حشيش     نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 19 لسنة 30 قضائية "تنازع".
 المحالة من محكمة الإسكندرية الابتدائية بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 1793 لسنة 2001 مدني كلى الإسكندرية بجلسة 30/8/2007
المقامة من:
1-   السيد/ محمد عبد الوهاب سبع
2-   السيد/ ياسر عبد الوهاب سبع
ضــــد
1-        السيد/ وزير الأوقاف
2-        السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
الإجراءات
بتاريخ السادس عشر من أكتوبر سنة 2008، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف القضية رقم 1793 لسنة 2001 مدني كلى الإسكندرية، بعد أن قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية – الدائرة 48 – بجلسة 30/8/2007 " بإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى، وبوقف الدعوى وجوبًا لحين الفصل فى ذلك ".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراقتتحصل فى أن مورث المدعيين فى الدعوى الموضوعية كان قد أقام الدعوى رقم 13690 لسنة 1989 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ضد وزير الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية، طالباً الحكم بتسليمه العين موضوع تلك الدعوى، على سند من أنه بتاريخ 23/9/1986 وافق وزير الأوقاف على تخصيص شقة له بعمارة سان استيفانو بالإسكندرية طبقًا لنسبة آل 10% المخصصة للحالات الحرجة والواردة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 357 لسنة 1986، وقام المدعى بسداد مبلغ 8000 جنيه تحت التعاقد بخزينة هيئة الأوقاف المصرية، ويُبدى المدعى أن المدعى عليهما تنصلا من هذا التخصيص واعترضا على تسليم الوحدة المخصصة له دون مبرر، مما دعاه إلى إقامة دعواه بطلباته السالفة البيان. وبجلسة 26/11/1990 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، حيث قيدت لديها برقم 2717 لسنة 45 قضائية. وبجلسة 4/5/1995، قضت تلك المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ لم يرتض المدعى عليهما هذا القضاء فطعنا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 3838 لسنة 41 قضائية، فقضت بجلستها المنعقدة فى 10/1/2001 بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية لنظرها حيث قيدت لديها برقم 1793 لسنة 2001. وإذ ارتأت محكمة الإسكندرية الابتدائية أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أصدرت حكمًا فى القضية رقم 13690 لسنة 1989 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وأصبح هذا الحكم نهائيًا بعدم الطعن عليه، كما أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا فى الطعن رقم 3838 لسنة 41 قضائية بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية، مما تنشأ معه حالة من حالات تنازع الاختصاص السلبي، فقد أصدرت حكمها بجلسة 30/8/2007 بإحالة القضية إلى هذه المحكمة لتعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل المقرر قانونًا وعلى ما يتبين من نص المادتين 34 و 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تقدم الطلبات وصحف الدعاوى إلى هذه المحكمة بإيداعها قلم كتابها الذى يقوم بقيدها فى يوم تقديمها فى السجل المعد لذلك. ويجب أن تكون هذه الطلبات والصحف – فوق هذا – موقعًا عليها من محامٍ مقبول للحضور أمامها أو عضو من هيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل، ويجب أن يرفق بالطلب فى أحوال تنازع الاختصاص القضائي صورة رسمية من الحكمين اللذين وقع التنازع فى شأنهما، وإلا كان الطلب غير مقبول. مما مفاده أن المشرع قد ارتأى – بالنظر إلى خصائص الدعاوى والطلبات التي تدخل فى ولاية المحكمة الدستورية العليا – أن يكون رفعها إليها عن طريق تقديمها إلى قلم كتابها مع مراعاة الشروط والأوضاع الأخرى التي يتطلبها القانون فى شأنها. وليس ثمة استثناء يرد على هذا الأصل عدا ما جاء بالبند (أ) من المادة 29 من قانون هذه المحكمة التي تخول كل محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي أن تحيل من تلقاء نفسها وفى خصوص إحدى الدعاوى المطروحة عليها الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا إذا تراءى لها عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يكون لازمًا للفصل فى النزاع المعروض عليها. لما كان ذلك، وكانت الإجراءات التي رسمها قانون المحكمة الدستورية العليا لرفع الدعاوى والطلبات التي تختص بالفصل فيها – وعلى ما تقدم – تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهريًّا فى التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي أمام المحكمة الدستورية العليا وفقًا لقانونها، وكانت الدعوى الماثلة لا يشملها الاستثناء الذى نص عليه البند (أ) من المادة 29 السالفة البيان لعدم تعلقها بنص فى قانون أو لائحة تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته وكان لازمًا للفصل فى النزاع المطروح عليها، وكان الأصل – الذى يتعين مراعاته فى الدعاوى التي تقام أمام هذه المحكمة للفصل فى أحوال تنازع الاختصاص القضائي هو إيداع صحائفها قلم كتابها طبقاً لما سلف بيانه، فإن الدعوى الماثلة – وقد أحيلت من محكمة الإسكندرية الابتدائية إلى المحكمة الدستورية العليا – لا تكون قد اتصلت بها اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة قانونًا، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


..........................................................................................................................



* قضية رقم9  لسنة 26 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "تنازع".
نص الحكم:


باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثامن من مايو سنة 2011م، الموافق الخامس من جمادى الثاني سنة 1432هـ.

برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيري     نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي ومحمد عبد العزيز الشناوي والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو     نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن     أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 26 قضائية "تنازع".
المقامة من:
السيدة/ داليا إبراهيم حسن درويش
ضــــد
1-   السيد/ المستشار وزير العدل
2-   السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
3-   السيدة/ ليلى محمود أمين
4-   السيدة/ لبنى محمود أمين
5-   السيد/ فتحي محمود أمين
6-   السيد/ محضر أول محكمة عابدين الجزئية
الإجراءات
بتاريخ التاسع من يونيه سنة 2004 أودعت المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبة "الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 11512 لسنة 1997 إيجارات بجلسة 27/2/2002 والمؤيد بالاستئنافين رقمي 6101 و6119 لسنة 119 "قضائية" بجلسة 19/11/2003 فيما قضى به من إهدار حجية أسباب حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية" بجلسة 3/11/2002 بشأن تطبيقه بأثر رجعى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 8/5/2011، وصرحت للمدعية بتقديم مذكرات خلال عشرة أيام، وقد انقضى الأجل المضروب دون تقديم أية مذكرات.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أنه سبق أن أقام المدعى عليه الثاني الدعوى رقم 11512 لسنة 1997 مدني كلى إيجارات أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد ورثة المرحوم محمود أمين محمود طالبًا الحكم بإنهاء العلاقة الإيجارية عن الشقة رقم 62 بالعمارة رقم 22 شارع الفلكي والمحرر عنها عقد الإيجار المؤرخ 1/1/1957، وتسليمها له خالية من الأموال والأشخاص، وذلك على سند من أن مورثهم المذكور توفى إلى رحمة الله بتاريخ 3/2/1993 ثم توفيت زوجته من بعده بتاريخ 16/2/1995، ولم يثبت أن أيًا من هؤلاء الورثة يقيم بالشقة عين التداعي إقامة فعلية تعطيه الحق فى امتداد العلاقة الإيجارية إليه. وأثناء نظر تلك الدعوى تدخلت المدعية هجوميًا طالبة الحكم بامتداد عقد الإيجار إليها مبديًة أنها كانت تقيم مع جدها المستأجر الأصلي وجدتها من بعده بعد انفصال والدتها عن أبيها. وبجلسة 27/2/2002 قضت تلك المحكمة بقبول التدخل شكلاً ورفضه موضوعًا، وفى الدعوى الأصلية بإنهاء العلاقة الإيجارية عن الشقة محل التداعي وتسليمها خالية من الأموال والأشخاص. وإذ لم ترتض المدعية هذا القضاء، فقد أقامت طعنًا عليه بالاستئناف رقم 6101 لسنة 119 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، كما طعنت عليه المدعى عليها الثالثة بالاستئناف رقم 6119 لسنة 119 أمام المحكمة ذاتها التي قررت ضم الاستئنافين وقضت بجلسة 19/11/2003 بقبولهما شكلاً، ورفضهما موضوعًا وتأييد الحكم المستأنف.
وتبدى المدعية أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بإنهاء العلاقة الإيجارية والمؤيد استئنافياً قد ناقض حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية " دستورية " بجلسة 3/11/2002 والذي قضى برفض الدفع بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة ذاتها لأنها كانت تؤدى إلى امتداد عقد الإيجار أكثر من مرة إلى الأحفاد وزوجة الابن بعد وفاة المستأجر الأصلي، إلا أن المحكمة قصرت عدم الدستورية على الوقائع التي قد تحدث فى المستقبل، لأن سريانه على الوقائع السابقة من شأنه إحداث خلخلة اجتماعية مفاجئة تصيب فئات عريضة من القاطنين بوحدات سكنية تساندوا فى إقامتهم بها إلى حكم هذا النص قبل القضاء بعدم دستوريته، بما مؤداه فى زعم المدعية أن الحفيد الذى توفى جده ثم والده من بعده قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا السالف البيان، يمتد إليه عقد إيجار العين المؤجرة لجده، ومن ثم فقد رأت أن الحكم الصادر بإنهاء العلاقة الإيجارية يشكل عائقًا اعترض تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية " دستورية " بجلسة 3/11/2002 المشار إليه.
وحيث إن هذه المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى، هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، محددة نطاقها على ضوء طلبات الخصوم فيها، مستظهرة حقيقة أبعادها ومراميها مستلهمة معاني عباراتها غير مقيدة بمبانيها.
وحيث إن حقيقة طلبات المدعية تتحصل فى طلب الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 11512 لسنة 1997 مدني كلى إيجارات والذي تأيد بالحكم الصادر فى الاستئنافين رقمي 6101 و6119 لسنة 119 قضائية، وعدم الاعتداد به باعتباره عقبة قانونية تحول دون جريان تنفيذ مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 3/11/2002، ومن ثم فإنه يعد من قبيل منازعات التنفيذ التي عنتها المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن من المقرر أن البحث فى موضوع منازعة التنفيذ يغنى عن البحث فى الشق العاجل منها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ التي تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقًا لمقتضى نص المادة (50) من قانونها، أن تعترض تنفيذ قضائها عوائق تحول قانونًا بمضمونها دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته بما يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد من مداه، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التي يُفترض أن تكون قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، وسبيلها فى ذلك، الأمر بالمضي فى تنفيذ أحكامها وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذى عطل مجراه.
وحيث إن حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 11512 لسنة 1997 مدني كلى جنوب القاهرة والذي تأيَّد استئنافياً بالحكم الصادر فى الاستئنافين رقمي 6101 و6119 لسنة 119 قضائية، قد أقام قضاءه برفض طلب المدعية الحكم بامتداد عقد إيجار الوحدة السكنية المستأجرة من جدها إليها بوصفها حفيدة مقيمة معه، تأسيسًا على أن نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، أصبح خلْوًا من الحكم الخاص بأقارب المستأجر نسبًا حتى الدرجة الثالثة، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر فى القضية رقم 116 لسنة 18 قضائية "دستورية" بجلسة 2/8/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسبًا حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار، إقامتهم فى المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل ".
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا حددت نطاق الدعوى رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية" والتي تزعم المدعية أن حكم محكمة جنوب القاهرة المشار إليه يعد عقبة فى تنفيذ الحكم الصادر فيها بنص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 والذي أصبح كالتالي :
"الفقرة الأولى":
"مع عدم الإخلال بنص المادة (8) من هذا القانون، لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك".
"الفقرة الأخيرة":
"وفى جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم الحق فى الاستمرار فى شغل العين. ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد ".
وإذ قضت هذه المحكمة بجلستها المنعقدة فى 3/11/2002 "بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين، بانتهاء إقامة أخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات "،
وأصبح من لهم الحق فى شغل العين فى ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا فى القضايا أرقام 6 لسنة 9 قضائية و4 لسنة 15 قضائية و3 لسنة 18 قضائية و44 لسنة 17 قضائية و116 لسنة 18 قضائية " دستورية " هم الزوج أو الأولاد أو الوالدان اللذان كانا يقيمان مع المستأجر حتى وفاته أو تركه المسكن، وأولئك وحدهم هم المخاطبون بقضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر فى الدعوى رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، ومن ثم فلا يتصور أن يكون الحكم الصادر فى الدعوى رقم 11512 لسنة 1997 مدني كلى جنوب القاهرة والمؤيد استئنافياً بالحكم الصادر فى الاستئنافين رقمي 6101 و6119 لسنة 119 "قضائية"، عقبة فى تنفيذ ذلك القضاء، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الطلب الماثل.  
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


.......................................................................................



شكر واجب
أتقدم بأسمى آيات التقدير والاحترام وخالص الشكر والامتنان لعناية الأستاذ الدكتور/ عاطف سالم وموقعه المميز على شبكة الإنترنت، والذي أفادني أكبر الإفادة في تجميع نصوص أحكام المحكمة الدستورية العليا،
فجزاه الله عني وعن الأوقاف وعن كل القانونيين كل خير
وعنوان موقع الدكتور/ عاطف سالم هو: http://www.atefsalem.com/

والله أعلى وأعلم،،،