الخميس، 12 يوليو 2012

معلومات أساسية عن الوقف - التعريف بالوقف - أنواع الوقف - إنشاء الوقف "الإشهاد على الوقف" - مصارف الوقف - الشروط العشرة - شرطي الإعطاء والحرمان - شرطي الإدخال والإخراج - تفسير الوقف - عدم جواز الرجوع في الوقف.


معلومات أساسية عن الوقف - التعريف بالوقف - أنواع الوقف - إنشاء الوقف "الإشهاد على الوقف" - مصارف الوقف - الشروط العشرة - شرطي الإعطاء والحرمان - شرطي الإدخال والإخراج - تفسير الوقف - عدم جواز الرجوع في الوقف.

التعريف بالوقف:
 من المقرر قانوناً وشرعاً أن الوقف هو حبس العين على حكم ملك الله تعالى فلا يملكها أحد من العباد، وناظر الوقف هو صاحب الولاية عليه المفوض فى القيام بمصالحه واستغلاله على أصلح وجه، وأنه وحده - فى نطاق هذه الولاية وعدم وجود مالك للوقف - الذى يمثل جهة الوقف ومصلحة كل من أعيانه.
والوقف بأحكامه المقررة فى الفقه الإسلامي هو - فى فقه القانون المدني - شخص اعتباري تكاملت فيه مقومات الشخصية القانونية. والشخص الاعتباري - كما أن له وجوداً افترضه القانون - له إرادة مفترضة هي إرادة الشخص الطبيعي الذى يمثله.
وتقضي القواعد الشرعية بوجوب المحافظة على أبدية الأموال الموقوفة لتبقى على حالها على الدوام محبوسة أبدا عن أن يتصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات من بيع أو هبة أو رهن أو وصية أو توارث. فالواقف وذريته، وناظر الوقف، والمستحقون فيه، والمستأجرين والمستحكرون له، وورثتهم مهما تسلسل توريثهم، ومهما طال وضع يدهم بهذه الصفات، لا يتملك أيهم العين الموقوفة بالمدة الطويلة، ولا يقبل من أيهم أن يجحد الوقف، أو أن يدعى ملكيته، أو أن يتصرف تصرفاً يخشى منه على رقبته، سواء أكان هو الواقف أو المتولي على الوقف أم المستأجر أم المحتكر أم أي شخص آخر آل إليه الوقف، وإلا نزع الوقف من يده ولو كان ما وقع منه قد وقع في غرة أو سلامة نية.
فإذا ما تصرف المستحق في أعيان الوقف بالبيع فان هذا التصرف يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لوقوعه على مال لا يجوز التعامل فيه بحكم القانون ومن ثم فلا تلحقه الإجازة.

أنواع الوقف:
وينقسم الوقف إلى نوعين: وقف خيري ووقف أهلي. والوقف الخيري هو ما كان مصرف ريعه على جهة بر عامة لا تنقطع. ويكون الوقف أهلي إذا لم يكن مصرف ريعه على جهة بر عام لا تنقطع بأن يكون مصرف ريعه على شخص الواقف حال حياته أو على ورثته من بعده أو على أشخاص طبيعيين معينين بذواتهم. فالوقف الخيري يكون على سبيل القربة والصدقة لله، والوقف الأهلي يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية و الأقارب أو ذرية الغير.
والأوقاف الخيرية قد تكون مؤبدة أو مؤقتة (ما عدا وقف المسجد فلا يكون إلا مؤبداً). أما الأوقاف الأهلية فلا تكون إلا مؤقتة. وقد يكون الوقف "مركباً"، بعضه خيري وبعضه أهلي.
وقد أنهى القانون رقم 180 لسنة 1952 نظام الوقف الأهلي (الوقف على غير الخيرات)، ومنذ ذلك التاريخ لم يبق – قانوناً – سوى الأوقاف الخيرية بينما انتهت بهذا القانون جميع الأوقاف الأهلية.

إنشاء الوقف (الإشهاد على الوقف):
إنشاء الوقف – طبقاً للشريعة الإسلامية – يتم بإشهاد الواقف شاهدي عدل على إنشاء وقفه، سواء أكان شفاههً أو بتحرير "حجة وقف". حيث لم تشترط الشريعة الإسلامية "التوثيق" لإنشاء الوقف، ولم تمنع سماع الدعوى به إذ لم يكن مكتوباً، ولذلك فقد كان من الجائز إثبات الوقف بكافة الأدلة المقبولة شرعاً.
واعتباراً من تاريخ العمل بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية (بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931) فلا يتم إنشاء الوقف إلا بإشهاد على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله. كما نصت على أن الوقف لا يكون حجة على الغير إلا إذا كان مسجلاً بسجل المحكمة التى بدائرتها العقار الموقوف.
واعتباراً من تاريخ العمل بقانون "أحكام الوقف" رقم 48 لسنة 1946 لا يصح الوقف إلا بإشهاد عليه ممن يملكه لدى إحدى المحاكم الشرعية بالقطر المصري.

مصارف الوقف:
مصارف الوقف هي الجهة أو الشخص الذي يصرف له ريع الوقف، فالوقف الخيري يكون مصرفه على جهة بر عامة لا تنقطع، الوقف الأهلي يكون مصرفه على الواقف نفسه أو أهله أو ورثته أو أشخاص طبيعيين معينين بذواتهم. وحجة الوقف هي التي تحدد مصارف الوقف، والعبرة في ذلك هي بعبارات الواقف في حجة وقفه. فعلى سبيل المثال: إذا قال الواقف "وقفت على ولدي المخلوقين (الموجودين) وعلى نسلهم" لا يعطى من يحدث له من أولاده الصلب، ولو قال "أرضى صدقة موقوفة على من يحدث لي من الولد" فالوقف جائز وهى للفقراء حتى يحدث له ولد، فإذا حدثوا كانت لهم.

الشروط العشرة:
        ومن المُسلم به والمُتفق عليه بين جمهور فقهاء الشريعة والقانون أن الشروط التي يشترطها الواقفون كثيرة ومُتنوعة تنوع أغراضهم ومقاصدهم، غير أن عدداً من هذه الشروط قد دارت كثيراً على ألسنة الواقفين في كتب وقفياتهم. لذا أهتم الفقهاء ببحث أحكامها، وهذه هي "الشروط العشرة" في اصطلاح الفقهاء، وتشمل اشتراط: "الزيادة والنقصان والإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والتغيير والتبديل والبدل والاستبدال". (ويُضيف بعضهم لذلك شرطي التفضيل والتخصيص). وهذه الشروط على الجُملة شروط صحيحة لأنها لا تخل بأصل الوقف ولا بحكم من أحكامه الجاري بها العمل. وهذه الشروط العشرة (أو الاثنا عشر بإضافة شرطي التفضيل والتخصيص) غير مُترادفة فيما بينها، وأن كلاً منها يُراد به معنى غير المعنى الذي يُفيده الشرط الآخر، لأن القاعدة الفقهية هي: "حمل الكلام وتفسيره على التأسيس أولى من حمله على التأكيد". والتأسيس هو حمل الكلام بحيث يُفيد معنى جديداً، أما التأكيد فهو حمله بحيث يتفق مع المعنى السابق ويُرادفه ويُساق لتأكيده.. 
غير أن هذه الشروط واردة على "الاحتفاظ للواقف بالحق في تغيير مصارف الوقف"، سواء بالزيادة أو النقصان أو بالإعطاء والحرمان أو بالإدخال و الإخراج أو بالتفضيل والتخصيص، على حين يتعلق اثنان منها "باحتفاظ الواقف بحقه في تغيير العين الموقوفة وهذا هو ما يُفيده اشتراط الإبدال والاستبدال.
وما يهمنا تناوله في حالتنا الماثلة الشروط التالية:

شرطي الإعطاء والحرمان:
        يُقصد بهذين الشرطين احتفاظ الواقف بحقه في حرمان بعض الموقوف عليهم وإعطاء بعضهم الآخر، كأن يقول أرضي موقوفة على الموظفين والعاملين في مدرسة مُعينة أو مُستشفى معين على أن لي أن أعطي غلتها لمن شئت منهم. وله إذا اشترط ذلك الحق في إعطاء الغلة كلها أو بعضها لأي هؤلاء الموظفين والعاملين، واحداً أو أكثر، مُدة معينة أو طول حياته. ولو اشترط الإعطاء وحده لم يكن له حق في الحرمان: فيصير من أعطاه مُستحقاً أبداً، ولا حق للواقف في حرمانه. أما إذا ذكر الواقف في كتاب وقفه أن له الحق في الحرمان وحده فإن له أن يمنع من أعطاه. ولذا لو قال أرضي موقوفة على موظفي هذه المدرسة ولي الحق في الإعطاء والحرمان جاز له أن يعطي ويمنع من شاء منهم بناء على ما يراه. والفائدة العملية لمثل هذا الاشتراط أن الواقفين كانوا يستخدمون مثل هذا الحق في حفز المُستحقين على أداء واجباتهم العملية التي قصد إليها الواقف من وقفه، وذلك بإثابتهم وإعطائهم وزيادة استحقاقهم إن أحسنوا ومُعاقبتهم بالنقصان في استحقاقهم بل وحرمانهم إن أساءوا ولم يتقنوا أداء ما وجب عليهم.

شرط الإدخال والإخراج:
        يُقصد بهذين الشرطين احتفاظ الواقف بحقه في إدخال من يرى إدخاله من مُستحقين جُدد مع المُستحقين الذين عينهم من قبل، وإخراج من يرى إخراجه من المُستحقين بحرمانه ومنعه من الاستحقاق متى شاء. ويعني الإدخال بهذا أن يجعل من ليس مُستحقاً في الوقف مُستحقاً فيه، على حين يعني الإخراج أن يجعل المُستحق في الوقف غير مُستحق فيه. ويصح هذا الشرط مُطلقاً ولو لم يُقيده بأي شيء. من ذلك أن يقول وقفت أرضي على موظفي مدرسة مُعينة، ولي الحق في إدخال وإخراج من أشاء منهم.
        ويلتقي الإدخال والإخراج مع الإعطاء والحرمان، فإن الإخراج نوع من الحرمان للموقوف عليه، ولو حرمه أبداً فكأنه أخرجه من الاستحقاق مُطلقاً.

تفسير الوقف:
من المقرر شرعاً وقانوناً أن كلام الواقفين - معرض تفسير شروط الواقف - يجب أن يفهم فى ضوء العرف السائد خاصاً كان هذا العرف أو عاماً، وأن عباراتهم يجب أن تحمل على المعنى الذى ترشد القرينة أو العرف إلى أنهم أرادوه، والمراد بكلام الواقف مجموع كلامه فى كتاب وقفه بحيث لا ينظر إلى كلمة أو عبارة بعينها بل إلى مجموع الكلام كوحدة كاملة ويعمل بما يظهر أنه أراده وإن أدى ذلك إلى إلغاء بعض الكلمات أو العبارات التى يتبين أنه لم يرد مدلولها كتعطيل عموم النص أو إطلاقه متى ظهر أنه غير مراد ولا عبرة فى سبيل ذلك بأن يوافق الكلام لغة العرب أو لغة الشارع وهو ما أقره المشرع فى المادة العاشرة من القانون رقم 48 سنة 1946.
فللقاضي حرية فهم غرض الواقف من عباراته وكلامه، والمراد من كلام الواقف "مجموع كلامه فى كتاب وقف لا خصوص كلمة بعينها أو عبارة بذاتها"، بل ينظر إلى ما تضمنه كتابه كله كوحدة متكاملة، ويعمل بما يظهر أنه أراده منه واتجه إليه مقصده، إعمالاً للقاعدة الشرعية والقانونية القاضية بأن: "شرط الواقف كنص الشارع فى الفهم والدلالة ووجوب العمل".

عدم جواز الرجوع في الوقف:
من المقرر قانوناً أنه لا مجال لتطبيق ما تقضى به المادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 من أجازة رجوع الواقف فى وقفه وتغيير مصارفه وشروطه على ما تم من تصرفات قبل العمل بهذا القانون، وإنما تبقى هذه التصرفات محكومة بالرأي الراجح فى المذهب الحنفي الذى كان معمولاً به فى شأن الوقف وقتذاك وهو يقضى بأن الوقف إذا انعقدت عقدته يكون لازماً ولا يجوز الرجوع فيه بحال.
فالراجح فى مذهب الحنفية - وهو رأى الصاحبين وجمهور الفقهاء - أن تبرع الواقف بريع وقفه لازم. فبانعقاد الوقف تخرج ملكية العين الموقوفة من ملك الواقف إلى ملك الله، ومن ثم فلا يجوز للواقف – من بعد – التصرف فيها.
ففي الشرع: من تصدق - والوقف من الصدقات - لا يجوز له أن يرجع في صدقته. وقد ضرب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً لذلك في الحديث الشريف، فعن ابن عباس أن النبي صل الله عليه وسلم قال: "مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه فيأكله" رواه مسلم
هذا، والله أعلى وأعلم،،، 


هناك تعليق واحد:

  1. شكر الله لك سيدي
    فقد أعنتني على فهم بعض الأمور التي غمضت على في الوقف
    أتمنى المزيد من المقالات والبحوث والمذكرات على يديكم
    ودمتم بخير ،،،
    عمرو شلبي
    المحامي بالنقض

    ردحذف