الأربعاء، 15 يناير 2014

أثر تسجيل العلامة التجارية في إحدى الدول الأعضاء في اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية




أثر تسجيل العلامة التجارية في إحدى الدول الأعضاء في اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية

طبقاً للاتفاقيات الدولية الموقعة عليها دولة الكويت – والملتزمة دولياً بتنفيذها داخل إقليمها – فإن "تسجيل العلامة التجارية" في أي دولة من الدول الموقعة على اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية ، يعتبر تسجيلاً في كل الدول الأخرى الموقعة على تلك الاتفاقية ، وتتمتع تلك العلامة في جميع تلك الدول بذات الحماية القانونية الكاملة كما لو كانت مسجلة فيها جميعاً. ومفاد ذلك أن هذه الاتفاقية منحت صاحب العلامة التجارية المُسجلة لدى إحدى الدول الأعضاء فيها الاستئثار باستعمالها ، ولا يجوز لغيره مشاركته في هذا الاستعمال داخل أي دولة من الدول الأعضاء إلا بموافقته. كما يكون لصاحب العلامة التجارية الحق في تسجيل هذه العلامة داخل أي دولة من هذه الدول الأعضاء في الاتفاقية. كما يجوز لصاحب العلامة التجارية أن يقدم اعتراضاً على تسجيل الغير لهذه العلامة ، وطلب شطب هذا التسجيل إن كان من شأن ذلك حدوث لبس يقع معه جمهور المستهلكين في التضليل والخداع دون اشتراط أن يكون مُقيماً بتلك الدولة.


فطبقاً للاتفاقيات الدولية الموقعة عليها دولة الكويت – والملتزمة دولياً بتنفيذها داخل إقليمها – فإن "تسجيل العلامة التجارية" في أي دولة من الدول الموقعة على هذه الاتفاقية يعتبر تسجيلاً في كل الدول الأخرى الموقعة عليها وتتمتع تلك العلامة في تلك الدول بذات الحماية القانونية الكاملة كما لو كانت مسجلة فيها جميعاً: 
من المستقر عليه في فقه القانون الدولي العام أن المعاهدة الدولية تُعد كمصدر للقانون الداخلى. فالمعاهدة الدولية بعد التوقيع والتصديق عليها من قِبل الدول الأطراف ، تصبح نافذة واجبة التطبيق. بمعنى أن على الدول الأطراف احترام المعاهدة وتطبيق نصوصها التى التزمت بها ، والقيام بتنفيذها طبقاً لقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين". والتزامها هذا هو التزام بتحقيق نتيجة ، وليس مجرد التزام ببذل عناية ، وليس للدولة أن تتغافل عن التزاماتها المترتبة على نفاذ المعاهدة لأى سبب من الأسباب ، وليس لها أن تحتج بقانونها الوطني للتنصل من الوفاء بالتزاماتها الدولية ، لأنها بذلك تتحمل المسئولية الدولية التى تقررها القواعد العامة للقانون الدولي. لا سيما في المعاهدات "الشارعة" التي تبرم بين عدد غير محدود من الدول لتحديد قواعد قانونية تنظم علاقات دولية عامة تهم أعضاء الجماعة الدولية. فتلك المعاهدات أقرب ما تكون إلى "التشريع" الذي يضع قواعد ملزمة للسلوك الدولي.
وقد نصت المادة 70 من الدستور الكويتي على أن: "يبرم الأمير المعاهدات ... وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية". 
وإعلاءً لمكانة المعاهدات الدولية المنضمة لها دولة الكويت ، نصت المادة 177 من الدستور على أنه: "لا يخل تطبيق هذا الدستور بما ارتبطت به الكويت مع الدول والهيئات الدولية من معاهدات واتفاقات".
        ومفاد ذلك أن المعاهدات الدولية المنضمة لها دولة الكويت ، بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية ، تكون لها قوة القانون الوطني ،  وتنفذ كتشريع وطني داخلي ضمن منظومة القوانين الوطنية. وذلك تطبيقاً للمبدأ العام المستقر في قواعد القانون الدولي العام والذي يقضي بأن: "الدولة متى أصبحت طرفاً في أي اتفاق دولي ، أياً كان نوعه أو اسمه أو موضوعه ، فإنها ملزمة بأن تعمل به وتطبقه في المجال الذي ينظمه وينطبق عليه ، وذلك باعتباره تشريعاً وطنياً والتزاماً دولياً". (تمييز إماراتي في الطعنين رقمي 800 لسنة 22 قضائية و 95 لسنة 23 قضائية – جلسة 11/6/2003. وتمييز كويتي في الطعن رقم 842 لسنة 2002 تجاري/3 – جلسة 18/10/2003. ونقض مصري في الطعن رقم 1810 لسنة 69 قضائية – جلسة 11/4/2000).
لما كان ذلك ، وكان المشرع الكويتي قد أصدر القانون رقم 81 لسنة 1995 بموافقة دولة الكويت على "اتفاق إنشاء منظمة التجارة العالمية" ، ونص في مادته الأولى على أن: "ووفق على إنشاء منظمة التجارة العالمية وعلى المرفقات 1 و 2 و 3 الملحقة به وفقاً للوثيقة الختامية المتضمنة نتائج جولة أورغواي من المفاوضات التجارية متعددة الأطراف والموقعة في مدينة مراكش بتاريخ 15 أبريل سنة 1944 والمرافقة نصوصها لهذا القانون".
كما نص القانون المذكور في مادته الثانية على أن: "على الوزراء كل فيما يخصه ... تنفيذ هذا القانون ،  ويُعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية".
وإذ تم نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية "الكويت اليوم" في العدد رقم 222 بالسنة 41 بتاريخ 5/9/1995 فإنه يكون قد تم العمل به ، وبالتالي انطباق أحكام الاتفاقية سالفة البيان على دولة الكويت من هذا التاريخ ، ويعمل بأحكام تلك الاتفاقية الدولية كتشريع وطني داخلي.
لما كان ذلك ، وكان النص في المادة 16 (من الباب الثاني الوارد بالملحق "ج" من هذه الاتفاقية) تحت عنوان "الحقوق الممنوحة" على أن: "1/ يتمتع صاحب العلامة المُسجلة بالحق المُطلق في منع جميع الأطراف الثالثة – التي لم تحصل على موافقة صاحب العلامة – من استخدام العلامة ذاتها أو علامة مماثلة في أعمالها التجارية ، بالنسبة للسلع والخدمات ذاتها أو المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها العلامة التجارية ،  حين يُمكن أن يُسفر ذلك الاستخدام عن احتمال حدوث لبس ، ويُفترض احتمال حدوث لبس في حالة استخدام علامة تجارية مُطابقة بالنسبة لسلع أو خدمات مُطابقة. ويحظر أن تضر الحقوق الموصوفة أعلاه بأية حقوق سابقة قائمة حالياً ، أو أن تؤثر في إمكانية منح البلدان الأعضاء حقوقاً في العلامات التجارية على أساس الاستخدام".
ومفاد ذلك أن هذه الاتفاقية منحت صاحب العلامة التجارية المُسجلة لدى إحدى الدول الأعضاء فيها الاستئثار باستعمالها ، ولا يجوز لغيره مشاركته في هذا الاستعمال داخل أي دولة من الدول الأعضاء إلا بموافقته.
كما يكون لصاحب العلامة التجارية الحق في تسجيل هذه العلامة داخل أي دولة من هذه الدول الأعضاء.
كما يجوز لصاحب العلامة التجارية أن يقدم اعتراضاً على تسجيل الغير لهذه العلامة ، وطلب شطب هذا التسجيل إن كان من شأن ذلك حدوث لبس يقع معه جمهور المستهلكين في التضليل والخداع دون اشتراط أن يكون مُقيماً بتلك الدولة.
وفضلاً عن ذلك ، فإن دولة الكويت قد وافقت أيضاً على الانضمام إلى "اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية" ، وذلك بموجب القانون رقم 2 لسنة 1998 المعمول به من تاريخ نشره في 25/1/1998 والذي يجعل للعلامة التجارية التي تم تسجيلها في الخارج حماية دولية خارج حدود وطنها.
وقد تواتر قضاء محكمة التمييز في الكويت على تطبيق تلك الأحكام جميعها بقضائه بأنه: "... إذ صدر القانون رقم 81 لسنة 1995 بموافقة دولة الكويت على اتفاق إنشاء منظمة التجارة العالمية ، ونص في مادته الأولى على أن "ووفق على إنشاء منظمة التجارة العالمية وعلى المرفقات 1 و 2 و 3 الملحقة به وفقاً للوثيقة الختامية المتضمنة نتائج جولة أورغواي من المفاوضات التجارية متعددة الأطراف والموقعة في مدينة مراكش بتاريخ 15 أبريل سنة 1944 والمرافقة نصوصها لهذا القانون" ، وفي مادته الثانية على أن "على الوزراء كل فيما يخصه ... تنفيذ هذا القانون ،  ويُعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية" ، وإذ تم نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية – الكويت اليوم – في العدد 222 السنة 41 بتاريخ 5/9/1995 فإنه يكون قد تم العمل به ، وبالتالي انطباق أحكام الاتفاقية سالفة البيان على دولة الكويت من هذا التاريخ. لما كان ذلك ،  ... وكان النص في المادة 16 (من الباب الثاني الوارد بالملحق "ج" من هذه الاتفاقية) تحت عنوان "الحقوق الممنوحة" على أن: "1/ يتمتع صاحب العلامة المُسجلة بالحق المُطلق في منع جميع الأطراف الثالثة – التي لم تحصل على موافقة صاحب العلامة – من استخدام العلامة ذاتها أو علامة مماثلة في أعمالها التجارية ، بالنسبة للسلع والخدمات ذاتها أو المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها العلامة التجارية ، حين يُمكن أن يُسفر ذلك الاستخدام عن احتمال حدوث لبس ، ويُفترض احتمال حدوث لبس في حالة استخدام علامة تجارية مُطابقة بالنسبة لسلع أو خدمات مُطابقة. ويحظر أن تضر الحقوق الموصوفة أعلاه بأية حقوق سابقة قائمة حالياً ، أو أن تؤثر في إمكانية منح البلدان الأعضاء حقوقاً في العلامات التجارية على أساس الاستخدام" ، يدل على أن هذه الاتفاقية منحت صاحب العلامة التجارية المُسجلة لدى إحدى الدول الأعضاء فيها الاستئثار باستعمالها ولا يجوز لغيره مشاركته في هذا الاستعمال داخل أي دولة من الدول الأعضاء إلا بموافقته ، ويكون له الحق في تسجيل هذه العلامة داخل أي دولة من هذه الدول ، كما يجوز له أن يقدم اعتراضاً على تسجيل الغير لهذه العلامة ، وطلب شطب هذا التسجيل إن كان من شأن ذلك حدوث لبس يقع معه جمهور المستهلكين في التضليل والخداع دون اشتراط أن يكون مُقيماً بتلك الدولة. ولما كانت أحكام هذه الاتفاقية – وعلى نحو ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 81 لسنة 1995 سالف البيان – تحقق مصلحة لدولة الكويت ولا تتعارض مع التزاماتها في المجالين العربي والدولي ... ومن ثم ، فإنه لا يسع المحكمة إلا أن تعتد بهذا التسجيل (الحاصل في الولايات المتحدة الأمريكية ، العضو أيضاً في تلك الاتفاقية) استناداً إلى ما هو ثابت من موافقة دولة الكويت على اتفاق إنشاء منظمة التجارة العالمية وفقاً للقانون رقم 81 لسنة 1995 والمعمول به اعتباراً من تاريخ نشره في 5/9/1995 فصارت أحكام تلك الاتفاقية واجبة التنفيذ بدولة الكويت اعتباراً من هذا التاريخ. فضلاً عن أن دولة الكويت قد وافقت أيضاً على الانضمام إلى اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية بموجب القانون رقم 2 لسنة 1998 المعمول به من تاريخ نشره في 25/1/1998 والذي يجعل للعلامة التجارية التي تم تسجيلها في الخارج حماية دولية خارج حدود وطنها ...". (الطعن بالتمييز رقم 342 لسنة 2003 تجاري وإداري/1 – جلسة 28/6/2004).
وهدياً بما تقدم ، وبالبناء عليه ، ولما كان الثابت بالأوراق أن الشركة المستأنفة هي مالكة العلامة التجارية وإنها مسجلة باسمها في أكثر من دولة من الدول المنضمة لاتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية ، ومن بينها جمهورية سيري لانكا الديمقراطية الاشتراكية ، وذلك منذ عام 2003 ولمدة عشر سنوات "فترة أولى" لغاية عام 2013 ، وأنه تم تجديد تسجيل تلك العلامة لعشر سنوات أخرى "لفترة ثانية" من عام 2013 وحتى 2023.
ولقد قدمنا لعدالة المحكمة الموقرة برنت من موقع اتفاقية تربس "اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية" يفيد أن جمهورية سيري لانكا منضمة لهذه الاتفاقية وقد قامت بإدخالها ضمن تشريعها الوطني. وهو ما يعني أن تسجيل تلك العلامة في سيري لانكا ينشأ لهذه العلامة حماية دولية لدى باقي الدول الأعضاء في الاتفاقية ومنها دولة الكويت.
ولما كانت دولة الكويت قد انضمت إلى تلك الاتفاقية وصارت جزءاً من تشريعها الوطني ، بموجب القانون رقم 81 لسنة 1995 المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 222 السنة 41 بتاريخ 5/9/1995.
ومن ثم فإن تسجيل تلك العلامة في أي دولة من الدول الأعضاء يعتبر تسجيلاً لها في دولة الكويت ، حيث تعتبر كل الدول المنضمة إلى الاتفاقية دولة واحدة ، ومن ثم فإن تاريخ تسجيل العلامة في أي منها يسري علي كافة الدول الأعضاء جميعها (ويعتبر تسجيلاً لديها جميعاً في ذلك التاريخ). وبالتالي منح صاحب العلامة الاستئثار باستعمالها ولا يجوز لغيره مشاركته في هذا الاستعمال داخل أي دولة من الدول الأعضاء إلا بموافقته ، كما يكون لصاحب العلامة الحق في تسجيل تلك العلامة داخل أي دولة من الدول الأعضاء ، كما يجوز له أن يعترض على تسجيل الغير لهذه العلامة وطلب شطب هذا التسجيل لأن من شأنه حدوث لبس وتضليل وخداع جمهور المستهلكين ، ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.
وفضلاً عما تقدم ، فإن المستأنفان – مع تسجيلهما لتلك العلامة التجارية باسمهما منذ عام 2003 على أقرب تقدير – فإنهما يستعملان تلك العلامة التجارية المملوكة لهما ، داخل دولة الكويت منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً ، أي أنهم أصحاب تلك العلامة واقعياً وقانونياً بلا منازع حتى قام المستأنف ضدهما بتسجيلها باسم الغير بالمخالفة لحقيقة الواقع وصحيح القانون.