الاثنين، 7 مارس 2016

في التقادم الضريبي وما يعد وما لا يعد قاطعاً للتقادم




حيث قدم الحاضر عن الضرائب حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من كتاب مطالبة زعم أنه من ورقة واحدة مؤرخة في ........................ بينما حقيقة الأمر أن الصورة الضوئية المقدمة بتلك الحافظة عبارة عن ورقتين ومؤرخة في ..............................
وإزاء هذا التناقض البين لا يسع الشركة المدعى عليها إلا أن تجحد الصورة الضوئية المقدمة من الضرائب بجلسة ............. وتطلب إلزامها بتقديم أصل ذلك المستند للاطلاع على حقيقته وبيان تاريخ المستند الحقيقي.
وإذا كان غرض الضرائب من تقديم ذلك المستند أن تزعم أن كتاب "المطالبة" بالضريبة يقطع مدة التقادم (الذي تمسكت به الشركة المدعى عليها على سبيل الجزم واليقين منذ فجر الخصومة وحتى الآن)، فهذا الزعم الباطل مردود عليه بما هو مقرر قانوناً من أن المشرع لم يعتبر الإخطار بربط الضريبة، ولا كتاب المطالبة بها بعد ربطها، من الإجراءات القاطعة للتقادم.
فمن المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه: "من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المادة 441 من القانون المدني وضعت قاعدة عامة في بدء سريان التقادم في الضرائب والرسوم المستحقة للدولة، بالنص على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى المطالبة بالضرائب والرسوم المستحقة للدولة بمضي خمس سنوات، ويبدأ سريان هذه المدة في الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق فيها"، مما مفاده احتساب بدء سريان تقادم الضريبة من تاريخ الواقعة المنشئة لها وهي وضع الإيراد الخاضع لها تحت تصرف الممول، باعتبار أن وضع الربح المحمل بالضريبة هو وحده الذي يجعل الدين واجباً في ذمته ومستحق الأداء".
(الطعن بالتمييز رقم 755 لسنة 2004 تجاري – جلسة 14/12/2005م)
كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أنه: "إذ خلا التشريع الضريبي من تنظيم خاص لأحكام التقادم الضريبي وحالات انقطاعه، ومن ثم – وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – يتعين الرجوع بشأنه إلى القانون المدني بوصفه القانون العام لكل ما غاب النص عليه في أي قانون آخر، وكان النص في المادة 441 من القانون المدني على أن "لا تسمع عند الإنكار دعوى المطالبة بالضرائب والرسوم المستحقة للدولة بمضي خمس سنوات ..."، والنص في المادة 445 منه على أن :لا يبدأ سريان المدة المقررة لعدم سماع الدعوى إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء ..."، يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أنه لا تسمع دعوى المطالبة بالضرائب والرسوم المستحقة للدولة بمضي خمس سنوات من تاريخ استحقاقها".
(الطعنان بالتمييز رقما 342 و 345 لسنة 2004 تجاري/3 – جلسة 25/6/2005م)
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق المقدمة من الضرائب ذاتها أن الشركة المدعى عليها تقدمت بكتاب للوزارة برقم .......... بتاريخ .................... ــ مرفق طيه الإقرار الضريبي والميزانية العمومية ومرفقاتها وشهادة تدقيق من مكتب ...................... يشهد فيه بصحة وصدق الإقرار الضريبي. (وذلك عن السنة المالية المنتهية في ................).
ومن ثم، فإن مدة الخمس سنوات تنتهي (بالنسبة للسنة المالية المنتهية في ................... والمقدم الإقرار الضريبي عنها بتاريخ.................) في تاريخ .........................
وإذ لم تقم الضرائب بإقامة الدعوى الماثلة للمطالبة بالضرائب عن هذه السنة المنوه عنها، ولم تقيد صحيفتها بإدارة كتاب المحكمة إلا في تاريخ ......... أي بعد اكتمال وانقضاء مدة التقادم الخمسي. مما يحق معه – والحال كذلك – للشركة المدعى عليها التمسك بالدفع بعدم سماع الدعوى الماثلة بمضي الزمن (التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 441/1 مدني)، لا سيما مع تصميم الشركة المدعى عليها على إنكار أحقية وزارة المالية في المطالبة بتلك الضرائب، مما يتعين معه – والحال كذلك – القضاء بمقتضى هذا الدفع.
لا سيما وأنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن: "المقرر أن الإجراء القاطع للتقادم يتعين حتى ينتج أثره أن يصل إلى الممول المسئول عن الضريبة بالطريقة التي رسمها القانون. ومن المقرر أيضاً أن المدة المقررة لعدم سماع الدعوى تنقطع بـالمطالبة القضائية ولو رفعت إلى محكمة غير مختصة، كما تنقطع بإعلان السند التنفيذي وبالحجز، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع أو بأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى ... وإذ لم يثبت أن الطاعن (وزارة المالية) قد اتخذ ثمة إجراء قاطع للتقادم، ولم يقم برفع الدعوى إلا في 26/8/2001م، فإن دين الضريبة عن هذه السنوات يكون قد سقط بالتقادم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم سماع الدعوى لسقوط دين الضريبة عن هذه السنوات بالتقادم، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ولا يجدي الطاعن ما تذرع به أنه أرسل كتابين إلى المطعون ضدها لإخطارها بربط الضريبة في 25/5/1997م و18/6/1997م على قالة إن من شأنهما قطع التقادم، ذلك أن هذين الكتابين وعلى ما سلف بيانه ليسا من بين الإجراءات التي اعتبرها المشرع قاطعة للتقادم، ويضحى النعي على غير أساس".
(الطعن بالتمييز رقم 755 لسنة 2004 تجاري – جلسة 14/12/2005م)
وإذ زعمت الضرائب أنها أرسلت كتاباً إلى المدعى عليها لإخطارها بربط الضريبة، وهذا الزعم على فرض حدوثه – وهو لم يحدث، وإذا حدث فقد يكون قد تم توجيه الكتاب إلى مكتب المراجعة أو التدقيق وليس إلى مركز إدارة الشركة المدعى عليها، وبالتالي فهو لا ينتج أي أثر في مواجهتها، حيث إنه من المقرر قانوناً أن الإجراء القاطع للتقادم يتعين حتى ينتج أثره أن يصل إلى علم الممول المسئول عن الضريبة بالطريقة التي رسمها القانون.
وإذ كان ما تقدم جميعه، فإنه وعلى فرض قيام المدعي بصفته بإرسال ذلك الكتاب – سواء كتاب الربط أو كتاب المطالبة – (لأي جهة كانت) فإن هذا الكتاب ليس من بين الإجراءات التي اعتبرها المشرع قاطعة للتقادم، وبالتالي لا يجدي المدعي بصفته التمسك بهذا الإجراء ولا يحول دون تمسك الشركة المدعى عليها بالدفع بعدم سماع الدعوى لمضي الزمن (التقادم الخمسي). 


خطأ طبي جسيم – قتل خطأ – مسئولية الطبيب – مسئولية المستشفى – حقوق ورثة المريض المتوفى – الأسانيد القانونية في الشكوى الجزائية والرجوع على المستشفى المسئولة عن الحقوق المدنية والمسئولية التأديبية للطبيب والمستشفى



خطأ طبي جسيم – قتل خطأ – مسئولية الطبيب – مسئولية المستشفى – حقوق ورثة المريض المتوفى – الأسانيد القانونية في الشكوى الجزائية والرجوع على المستشفى المسئولة عن الحقوق المدنية والمسئولية التأديبية للطبيب والمستشفى


راجع المواطن/ ........ مستشفى/ ......... لإجراء بعض الفحوصات الطبية العادية للاطمئنان على صحته في ظهيرة يوم ........... حيث إنه من مواليد سنة 1950م (أي كان عمره 64 عاماً عندما راجع المستشفى المذكورة) وكان يشتكي من صعوبة بالتنفس عند إجرائه لمجهود بدني كبير، فراجع المستشفى للقيام ببعض الفحوصات للاطمئنان على صحته، فقام الدكتور/ ................ (اختصاصي أمراض القلب بالمستشفى – وهو الطبيب الذي اختارته المستشفى للكشف على المواطن) بإجراء رسم قلب وموجات فوق صوتية له، والتي أظهرت وجود تضخم بسيط بالجدار ما بين البطينين وقصور وارتخاء البطين الأيسر من الدرجة الأولى، فتم عمل رسم القلب بالمجهود للمذكور، والذي بين وجود قصور حاد ناتج عن قصور بالشرايين التاجية، وقرر الطبيب المعالج بأنه يحتاج إلى عمل قسطرة قلبية لتصوير الشرايين التاجية.
وعلى الفور – وفي نفس اليوم – قام الطبيب المعالج بعمل القسطرة التشخيصية للمراجع.
وبعد حقن المراجع بالمخدر، وبعد إعطائه جرعة دواء مهدئ للأعصاب، تم عرض الاختيارات العلاجية عليه وهو في هذه الحالة وفي غير كامل وعيه الصحيح.
فخيره الطبيب المعالج ما بين التدخل الجراحي أو عمل دعامات للشرايين التاجية (القسطرة العلاجية) فاختار المواطن (الذي كان تحت تأثير المخدر والدواء المهدئ للأعصاب، وفي غير وعيه الصحيح الكامل) إجراء القسطرة العلاجية.
فقام الطبيب المعالج، وعلى الفور، وفي نفس اليوم، في الساعة الثانية النصف ظهراً، بإجراء القسطرة العلاجية له، على الرغم من أن حالته لم تكن تستدعي هذه السرعة – بل هذا التهور والهرولة – في إجراء القسطرة العلاجية، وعلى الرغم من أن الطبيب المعالج (الذي اختارته مستشفى/ ......... لمعالجة للمريض) لم يكن مؤهلاً عملياً أو علمياً للقيام بتلك الجراحة، فضلاً عن قيام الطبيب بإعطاء المريض دواء غير مناسب لحالته الصحية.  
وفي أثناء الجراحة اشتكى المريض للطبيب المعالج من ألم بمنتصف الصدر، ولكن الطبيب المعالج لم يكترث واستمر في إجراء العملية غير عابئ بما يعاني منه المريض، إلى أن توقفت عضلة قلب المريض فجأة بين يدي الطبيب المعالج الذي أعلن وفاته في الساعة الرابعة والنصف مساءً في ذات اليوم الذي راجع فيه المستشفى المذكورة لعمل فحوصات عادية للاطمئنان على نفسه.
فتقدم أهل الفقيد بشكوى إلى السيد/ وكيل وزارة الصحة للتحقيق في تلك الحادثة، فأصدر سيادته القرار الإداري رقم ..... لسنة ...... – بتاريخ .......... – بتشكيل لجنة لإجراء التحقيق في موضوع شكوى أهل الفقيد مما جرى مع مورثهم من قِبل الطبيب المعالج ومستشفى/ .......... وأدى إلى وفاة مورثهم.
فقامت لجنة التحقيق – المشكلة بموجب القرار الإداري سالف الذكر – بالتحقيق في الواقعة، وسماع أقوال الشاكي، وسماع أقوال الأطباء المعالجين، والإطلاع على تقرير وملف المريض بالمستشفى المذكورة. وبعد انتهاء اللجنة من التحقيق، قدمت تقريراً بما انتهت إليه إلى السيد/ وكيل وزارة الصحة (بتاريخ ................). وقد أثبتت لجنة التحقيق في تقريرها أنه:
قد أتضح للجنة التحقيق ما يلي:
1-   عند إجراء تخطيط فحص القلب بالمجهود، لم تكن هناك حاجة عاجلة وملحة لعمل القسطرة بعد الفحص بعدة ساعات، وكان من الممكن أن يتم التريث وإدخال المريض إلى المستشفى، وأخذ الآراء الطبية المختلفة لتقييم الحالة، على أن يتم إجراء القسطرة العلاجية في اليوم التالي إن دعت الحاجة إلى ذلك.
2-   تبين من الجدول المرسل من المدير الطبي لمستشفى ........ بأنه منذ تاريخ ........ حتى تاريخ التحقيق في ......... قام الدكتور/ .............. بإجراء 65 حالة قسطرة تشخيصية و 70 حالة قسطرة علاجية، ويعتبر هذا الرقم قليل جداً ولا يؤهله للتعامل مع الحالات المعقدة، ومن المؤكد أنه يؤثر على خبرة وقدرات الطبيب في إجراء عمليات القسطرة التداخلية، وبما أن حالة المريض محل التحقيق تعتبر من الحالات المعقدة، فإنه من المؤكد أن الدكتور/ .......... لم تكن لديه الخبرة الكافية لإجرائها.
3-   تبين من خلال الملف الطبي للمريض المرسل من مستشفى/ ..........  وجود تقصير في آلية تدوين الأدوية أثناء إجراء عملية القسطرة، حيث لم يتم تدوين جرعة ووقت إعطاء المسيل "هيبارين" كما يجب.
4-   قيام الطبيب بإعطاء مسيل "برلانتا" ما قبل القسطرة، ويعتبر هذا الدواء في هذه الحالة في غير محله.
5-   تبين من خلال فحص الملف الطبي للمريض بأنه أعطى دواء مخدر ومهدئ للأعصاب قبل إجراء القسطرة، ومن المعلوم بأن هذا الدواء يؤثر في قدرة المريض على اتخاذ القرار الصحيح، ولذلك فإن إصرار المريض على إجراء القسطرة التداخلية بدلا من العملية الجراحية لم يؤخذ والمريض في كامل وعيه الصحي.
6-   اتضح عند سؤال الدكتور/ .......... عن خطته للتعامل مع الشرايين التاجية، بأنه كان ينوي القيام "بالتروية الكاملة" لشرايين المريض، وكان ينوي فتح الشريان الأمامي أولاً، ثم إرسال المريض لمستشفى متخصص فيما بعد لمحاولة فتح الشريان الأيمن المسدود. علماً بأن هناك تناقض في خطة العمل هذه، حيث كان يجب عليه القيام بفتح الشريان الأيمن المغلق، وبعدها إما أن يكون قد استطاع فتحه ثم يتجه لفتح الشريان الأمامي، أو أن يفشل في فتحه حينها يقرر إرسال المريض للعملية الجراحية، وذلك لأن خطة تعامله كما ذكرها أثناء التحقيق هي خطة "التروية الكاملة".
7-   تبين بسؤال الدكتور/ ........... بأنه كانت لديه ثقة كبيرة بأنه بمقدوره فتح الشريان الأمامي، ولم يكن يحتاج لأن يستشير أحد من زملائه الأكثر خبرة في المستشفى، وذلك بالرغم من أنه كان واضح للجنة التحقيق بأن التعامل مع الشريان لم يكن سهلاً والثقة الكبيرة لم تكن في محلها.
لذا، ترى لجنة التحقيق ما يلي:
أولاً- يوجد خطأ من قبل الدكتور/ ............ – اختصاصي أمراض القلب مستشفى/ .......... في علاج حالة المريض/ ........... في النواحي التالية:
1-   تسرع الطبيب باتخاذ قرار عاجل وسريع بإجراء القسطرة التشخيصية للمريض بعد إجراء تخطيط فحص القلب بالمجهود بالرغم من أنه كان عليه التأني والتروي في إجراء القسطرة التشخيصية.
2-   تبين للجنة التحقيق أن عدد حالات القسطرة التشخيصية والعلاجية التي أجراها الدكتور/ .......... في مستشفى/ ..........  منذ .......... حتى تاريخ التحقيق في ......... تعتبر قليلة جداً حسب المعايير العالمية ولا تؤهله للتعامل مع حالة المريض المعقدة.
3-   بعد إجراء القسطرة التشخيصية للمريض وتبين للطبيب أن حالة الشريان معقدة وتستدعي التدخل الجراحي، كان من الأجدى إرسال المريض إلى الجناح وأخذ أراء طبية أخرى عن أفضل طرق التعامل مع هذه الحالة المعقدة.
4-   حتى ولو افترضنا بأن المريض أصر على وضع الدعامات وتجنب العملية الجراحية، فإنه كان الأجدى للدكتور/ ........... تأجيل القسطرة التداخلية بضع ساعات حتى وصول زملائه الأكثر منه خبرة واستشارتهم بكيفية التعامل مع هذه الحالة.
5-   لم يدرك الدكتور/ ............ مدى أهمية الدواء المخدر الذي أُعطي للمريض قبل القسطرة، وأن تحت تأثير هذا الدواء فإن ما يقوله أو يصر عليه المريض يكون غير مقبول تماماً.
6-   يوجد تناقض كبير بين الخطة التي وضعها الدكتور/ .................. (التروية الكاملة) وبين الكيفية التي قام بها لتنفيذ هذه الخطة، وتبين فشلها بوفاة المريض.
ولما كان هذا التقرير الرسمي، الصادر عن لجنة تحقيق رسمية مشكلة بالقرار الإداري رقم ...... لسنة ........ الصادر عن السيد/ وكيل وزارة الصحة، قد قطع على سبيل الجزم واليقين بخطأ الطبيب المعالج الذي اختارته مستشفى/ ........ لفحص حالة المريض (مورث الشاكين)، ونسب التقرير إلى الطبيب المعالج – ضمن ما نسبه إليه – أنه: غير مؤهل عملياً ولا علمياً لإجراء تلك الجراحة التي قام بإجرائها للمريض، وأنه تسرع بدون أي داع في إجراء تلك الجراحة التي لم يكن هناك موجباً لها أو للتسرع فيها، وأنه أعطى المريض أدوية غير مناسبة لحالته، وأنه حصل على موافقة المريض على العملية بعد تخديره وإعطائه أدوية مهدئة للأعصاب أي وهو في غير وعيه الصحيح الكامل بما لا يعتد معه بهذه الموافقة (أي في واقع الأمر أنه أجرى العملية بدون أخذ موافقة المريض وهو في كامل وعيه الصحيح)، وأنه أخطأ في إجراء العملية وتناقض مع الخطة الصحيحة لإجرائها وفشل في إجرائها بما ترتب عليه وفاة المريض.
لما كان ذلك، وكانت المادة 154 من قانون الجزاء تنص على أنه: " من قتل نفسا خطأ أو تسبب في قتلها من غير قصد، بأن كان ذلك ناشئا عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة للوائح، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين ".
كما تنص المادة 164 من قانون الجزاء على أن: " كل من تسبب في جرح أحد أو إلحاق أذى محسوس به عن غير قصد، بأن كان ذلك ناشئا عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة للوائح، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين ".
كما تنص المادة 168 من قانون الجزاء على أن: " كل شخص تعهد، في غير الحالات الاضطرارية، بإجراء عملية جراحية لشخص آخر أو بعلاجه أو بالقيام بعمل مشروع ينطوي على خطر يهدد الحياة أو الصحة، ولم يكن عنده القدر الواجب من الخبرة الفنية، أو لم يبذل العناية الواجبة في القيام بعمله، وترتب على ذلك وفاة المجني عليه أو إصابته بأذى، يعاقب وفقا للأحكام المبينة في المادتين 154 و 164 ".
كما تنص المادة 4 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1981 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان والمهن المعاونة لهما على أنه: " يجب على كل طبيب رخص له في مزاولة مهنة الطب في الكويت أن يتوخى في أداء عمله المحافظة على صحة الإنسان، وعليه تسخير كل معلوماته وضميره وما تقتضيه آداب المهنة لبلوغ هذا الهدف، وأن يطلب المشورة المناسبة إذا دعت الضرورة إلى ذلك ".
كما تنص المادة 13 من ذات القانون المذكور على أنه: " لا يكون الطبيب مسئولا عن الحالة التي يصل إليها المريض إذا تبين أنه بذل العناية اللازمة ولجأ إلى جميع الوسائل التي يستطيعها من كان في مثل ظروفه لتشخيص المرض والعلاج. ومع ذلك يكون مسئولا في الحالتين الآتيتين:
( أ ) إذا ارتكب خطأ نتيجة الجهل بأمور فنية يُفترض في كل طبيب الإلمام بها سواء من حيث تشخيص المرض أو وصف العلاج المناسب وترتب على هذا الخطأ الإضرار بالمريض.
(ب) إذا أجرى تجارب أو أبحاثا علمية غير معتمدة فنيا على مرضاه وترتب على ذلك الإضرار بهم ".
        ولما كان القرار الوزاري رقم 113 لسنة 2008 الصادر عن وزير الصحة (والمنشور بالجريدة الرسمية، بالعدد رقم 871 السنة 54 بتاريخ 18/5/2008م) بشأن وضع الشروط والضوابط الواجب توافرها للتصريح بإجراء عمليات القلب والقسطرة القلبية التشخيصية والعلاجية في مستشفيات القطاع الطبي الخاص، قد نص في المادة الأولى منه على أن:
" تعتمد الاشتراطات والضوابط الواجب توافرها في التصريح بإجراء عمليات القلب والقسطرة التشخيصية والعلاجية في مستشفيات القطاع الطبي الخاص والمرافقة لهذا القرار ".
وقد جاء في الاشتراطات والضوابط الواجب توافرها في التصريح بإجراء عمليات القلب ونشاط القسطرة القلبية التشخيصية والعلاجية في مستشفيات القطاع الطبي الخاص (المُرافقة للقرار الوزاري رقم 113/ 2008م) في البند "رابعاً" من تلك الاشتراطات ما يلي: " رابعًا: الكادر الفني (الأطباء – الفنيين – الهيئة التمريضية) الذين يعملون في مختبر القسطرة التداخلية:
-                 الأطباء:
يجب أن لا يقل عدد الأطباء في وحدة قسطرة القلب العلاجية (التداخلية) عن عدد (2) طبيب على أن يكون أحدهما بدرجة استشاري والثاني بدرجة اختصاصي على الأقل، ويكون أحدهما متفرغًا تفرغًا كاملاً، ويكونا حاصلين على شهادة البورد أو الزمالة أو الدكتوراة الإكلينيكية في مجال أمراض القلب ولديهما خبرة على النحو التالي:
1 - خبرة عملية لمدة سنة كاملة في مجال القسطرة العلاجية (التداخلية) بعد حصوله على درجة الدكتوراة، ويفضل أن يكون من برنامج معتمد.
2 - أن يكون مجموع عمليات القسطرة التي أجراها الطبيب لا تقل عن 300 حالة قسطرة تشخيصية و 250 حالة قسطرة علاجية (تداخلية) وأن يكون قد قام بإجراء جميع الحالات بنفسه خلال فترة التدريب.
3 - اجتياز الاختبار بنجاح من قبل الجهة المختصة في الوزارة ".
فإذا كانت الاشتراطات والضوابط الواجب توافرها في التصريح بإجراء عمليات القلب ونشاط القسطرة القلبية التشخيصية والعلاجية في مستشفيات القطاع الطبي الخاص (المرافقة للقرار الوزاري رقم 113/ 2008) تقتضي وتشترط في الطبيب الذي يقوم بتلك العملية أن يكون لديه خبرة كافية وأن يكون: مجموع عمليات القسطرة التي أجراها الطبيب لا تقل عن 300 حالة قسطرة تشخيصية و250 حالة قسطرة علاجية (تداخلية) وأن يكون قد قام بإجراء جميع الحالات بنفسه.
        بينما تقرير لجنة التحقيق الرسمية المشكلة من قبل السيد/ وكيل وزارة الصحة – لتحقيق شكوى ورثة المريض – قد أثبتت على وجه الجزم واليقين بأنه:  "تبين من الجدول المرسل من المدير الطبي لمستشفى/ ............. بأنه منذ تاريخ ................ حتى تاريخ التحقيق في .............. قام الدكتور/ ............. بإجراء 65 حالة قسطرة تشخيصية و 70 حالة قسطرة علاجية، ويعتبر هذا الرقم قليل جداً ولا يؤهله للتعامل مع الحالات المعقدة، ومن المؤكد أنه يؤثر على خبرة وقدرات الطبيب في إجراء عمليات القسطرة التداخلية، وبما أن حالة المريض محل التحقيق تعتبر من الحالات المعقدة، فإنه من المؤكد أن الدكتور/ ............ لم تكن لديه الخبرة الكافية لإجرائها ".
        كما انتهت لجنة التحقيق الرسمية إلى نتيجة نهائية مفادها أن: " أولاً- يوجد خطأ من قبل الدكتور/ ............... – اختصاصي أمراض القلب بمستشفى/ .............. في علاج حالة المريض/ .................. في النواحي التالية: ... تبين للجنة التحقيق أن عدد حالات القسطرة التشخيصية والعلاجية التي أجراها الدكتور/ ............... في مستشفى/ ............. منذ ................ حتى تاريخ التحقيق في ............ تعتبر قليلة جداً حسب المعايير العالمية ولا تؤهله للتعامل مع حالة المريض المعقدة".
        بما مفاده أن الاشتراطات تستوجب في الطبيب خبرة إجراء ما لا يقل عن 250 حالة قسطرة علاجية (تداخلية)، بينما الطبيب المعالج بالكاد أجرى 70 حالة فقط، أي أنه لم يبلغ حتى نسبة "الثُلث" من الرقم الأدنى المطلوب في الاشتراطات، فـإنه يكون – في جميع الأحوال – غير مؤهل عملياً أو علمياً لإجراء مثل تلك العملية، فما بالنا إذا كانت تلك العملية تجرى لمريض حالته الصحية معقدة، ورغم كل ذلك أقدم، بل تسرع وتهور الطبيب المعالج في الإقدام على إجراء تلك العملية دون أن يكون هناك أي داع لتلك السرعة وهذه الرعونة منه، وحتى لم ينتظر لمجرد بضع ساعات لحين قدوم زملائه الأكثر منه خبرة لاستشارتهم، بل وفوق ذلك لم يعبأ بشكوى المريض أثناء العملية من الآلام التي شعر بها، ولم يتوقف أو يتراجع عنها، بل استمر فيها – وعلى نحو خاطيء كما أثبته تقرير لجنة التحقيق الرسمية – ولم يترك المريض إلا جثة هامدة، ثم خرج هادئاً ليعلن لأهل المريض أن مريضهم الذي جاء لعمل فحوصات عادية للاطمئنان على نفسه، قد مات.  
        هذا فضلاً عما أثبته تقرير لجنة التحقيق الرسمية من قيام الطبيب المعالج بإعطاء أدوية غير مناسبة للمريض، وفي غير محلها بالنسبة إلى حالته، كما قام بحقنه بالمخدر مع إعطائه دواء مهدئ للأعصاب، ثم قام – والمريض تحت تأثير المخدر والدواء المهدئ للأعصاب – بأخذ موافقة المريض على إجراء العملية التي تسرع في إجرائها بدون داع وكأنه كان متعمداً ذلك حتى لا يرفض المريض إجرائها.
وفضلاً عما قطع به تقرير لجنة التحقيق الرسمية من أن الطبيب المعالج قد أخطأ في إجراء العملية وتناقض مع الخطة الصحيحة لإجرائها وفشل في إجرائها بما ترتب عليه وفاة المريض.
لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه: " إذ كان المناط فى مسئولية الطبيب عن خطئه المهني – بصورة أكيدة واضحة – أنه قد خالف فى سلوكه – عن جهل أو تهاون – أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العلمية الأساسية التى لا مجال للجدل أو الخلاف ".
( الطعن بالتمييز رقم 31 لسنة 1987 جزائي – جلسة 7/12/1987م – مكتب فني – السنة 15 – صـ 346 )
( والطعن بالتمييز رقم 277 لسنة 1990 مدني – جلسة 8/3/1992م – مكتب فني – السنة 20 – صـ 213 )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أن: " من المقرر أن التزام الطبيب فى علاج مرضاه ليس التزاماً بتحقيق غاية وإنما هو التزام ببذل عناية، ومع ذلك فهو يسأل عن خطئه الفني مهما كان يسيراً إذا لحق المريض بسببه ضرراً. ذلك أنه يتعين إقامة التوازن بين حاجة الأطباء إلى الطمأنينة والثقة والحرية فى مزاولة أعمالهم وبين حاجة المريض إلى الحماية من أخطائهم وحقه فى التعويض عن الأضرار التى تسببها. إلا أن مناط مسئولية الطبيب عن خطئه المهني أن يثبت بصفة أكيدة واضحة أنه خالف فى سلوكه – عن جهل أو تهاون – أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده الأساسية التى لا مجال فيها للجدل أو الخلاف فالعبرة إذن ليست بوصف الخطأ يسيراً أو جسيماً ولكن بثبوته على وجه التحقيق والقطع لا الشك والاحتمال، فيجب استخلاصه بصورة أكيدة لا يتطرق إليها الشك من وقائع واضحة تتنافى فى ذاتها مع الأصول الطبية المستقرة. ومن المقرر أن تقدير توافر أو نفي الخطأ الموجب للمسئولية ورابطة السببية بينه وبين الضرر هو من الأمور الواقعية التى يستقل بها قاضى الموضوع بغير معقب شريطة أن يكون استخلاصه سائغاً ومستنداً إلى ما هو ثابت بالأوراق ".
( الطعن بالتمييز رقم 206 لسنة 1990 مدني – جلسة 27/1/1992م – مكتب فني – السنة 20 – صـ 95 ).
( والطعن بالتمييز رقم 106 لسنة 1989 مدني – جلسة 3/7/1989م – مكتب فني – السنة 17 – صـ 113 ).
هذا، وقد تواتر قضاء محكمة النقض على أنه: " لما كان من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة وداخلة فى تخصصه فإذا أفرط فى إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته، أو تقصيره وعدم تحرزه فى أداء عمله، وكان ما أثبته الحكم من عناصر الخطأ التى وقعت من الطاعن تكفي لحمل مسئوليته جنائيا ومدنيا فان ما ينعاه الطاعن من تناقض التقريرين ومن انتفاء خطئه وما ساقه من فروض أدت لوفاء المجني عليها وقصور الحكم فى بيان واقعة الدعوى وظروفها وأركان الجريمة وأدلتها وعدم استظهاره ركن الخطأ ورابطة السببية يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان من المقرر أن الخطأ المباشر وغير المباشر سواء فى ترتيب مسئولية مرتكبه عن القتل الخطأ وكان الحكم قد دلل على أن وفاة المجني عليه كانت نتيجة خطأ الطاعن وذلك بما نقله عن تقريري مفتش الصحة والطب الشرعي على السياق المتقدم فإن ما يثيره الطاعن بشأن التقرير الاستشاري، وأن الوفاة حدثت نتيجة لحساسيتها لعقار الانترفال وهو ما لا يمكن للطبيب التكهن به، فذلك يكون لا محل له طالما ثبت أن الطاعن غير متخصص بأعمال التخدير التى مارسها وهو غير متمرس بها ". 
( نقض جنائي في الطعن رقم 6944 لسنة 66 قضائية – جلسة 25/3/2004م – المستحدث في قضاء النقض – صـ 31 ).
كما قضت محكمة النقض بأنه: " من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة فإذا فرط فى إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته، أو تقصيره وعدم تحرزه فى أداء عمله، وأيا كانت درجة جسامة الخطأ ".
( نقض جنائي في الطعن رقم 25114 لسنة 65 قضائية – جلسة 17/12/2003م – المستحدث في قضاء النقض – صـ 30 ).
( ونقض جنائي في الطعن رقم 25133 لسنة 59 قضائية – جلسة 8/11/1992م مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – الجزء الأول – صـ 995 ).
كما قضت محكمة النقض بأنه: " التزام الطبيب – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليس التزاماً بتحقيق نتيجة هي شفاء المريض، وإنما هو التزام ببذل عناية، إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضي أن يبذل لمريضه جهوداً صادقة يقظة تتفق فى غير الظروف الاستثنائية مع الأصول المستقرة فى علم الطب، فيسأل الطبيب عن كل تقصير فى مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ فى مستواه المهني وجد فى نفس الظروف الخارجية التى أحاطت بالطبيب المسئول، كما يسأل عن خطئه العادي أياً كانت درجة جسامته  
( نقض مدني في الطعن رقم 464 لسنة 36 قضائية – جلسة 21/12/1971م مجموعة المكتب الفني – السنة 22 – صـ 1062 ).
( ونقض مدني في الطعن رقم 111 لسنة 35 قضائية – جلسة 26/6/1969م مجموعة المكتب الفني – السنة 20 – الجزء الثاني – صـ 1075 ).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان من المقرر أن كل شخص تعهد بإجراء عملية جراحية لشخص آخر أو بعلاجه أو بالقيام بعمل مشروع ينطوي على خطر يهدد الحياة أو الصحة ولم يكن عنده القدر الواجب من الخبرة الفنية ولم يبذل العناية الواجبة في القيام بعمله وترتب عليه وفاة المجني عليه، فإنه يجب معاقبته وفقاً لحكم المادة 154 من قانون الجزاء.
وتقوم مسؤولية الطبيب القانونية – في هذه الحالة المذكورة – عن جريمة "القتل الخطأ" لكونه قد تسبب بخطئه في موت شخص آخر، وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه.
وقد توافرت في حق المشكو في حقه جريمة القتل الخطأ، بركنيها المادي والركن المعنوي.
وعناصر الركن المادي هي:
1-  النشاط الإجرامي: وهو عبارة عن سلوك يصدر من الجاني يتضمن التعدي على حياة إنسان عن طريق أداة أو من دون أداة.
2-  النتيجة المباشرة: وهي الأثر المترتب مباشرة على النشاط الإجرامي، وهي إزهاق روح المجني عليه.
3-  علاقة السببية: وهي أن تكون النتيجة راجعة إلى النشاط الإجرامي مباشرة بحيث لولاه لما تحققت تلك النتيجة.
أما الركن المعنوي لجريمة القتل الخطأ فيتحقق ويتوافر في حق الطبيب عندما يباشر نشاطاً خطراً من دون أن ينتبه إلى النتائج التي تنجم عنه والتي قد تؤدي إلى موت المريض.
هذا، ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن: " العلاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب وتربط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا أتاه عمداً أو خروجه فيماً يرتكبه بخطئه عن دائرة التبصر بالعواقب العادية لسلوكه والتصون من أن يلحق عمله ضرراً بالغير، وهذه العلاقة مسألة موضوعية بحتة- لقاضى الموضوع تقديرها، ومتى فصل فى شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه - فإذا كان الحكم قد دلل بأدلة مؤدية على اتصال فعل المتهم بحصول الجرح بالمجني عليه اتصال السبب بالمسبب، فإنه لا يقبل من المتهم المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض ".
( نقض جنائي في الطعن رقم 1261 لسنة 30 قضائية – جلسة 13/12/1960م مجموعة المكتب الفني – السنة 11 – الجزء الثالث – صـ 904 ).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أن: " ... أدلة الثبوت التى أوردتها المحكمة على خطأ المتهم وأسست عليها إدانته، وهو ما أولته المحكمة - بحق - على أنه خطأ طبي وتقصير من جانب المتهم لا يقع من طبيب يقظ يوجد فى نفس الظروف الخارجية التى أحاطت بالطبيب المسئول. ولما كانت علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا أتاه عمداً، أو خروجه فيما يرتكبه بخطئه عن دائرة التبصر بالعواقب العادية لسلوكه والتصون من أن يلحق عمله ضرراً بالغير . وأن الضرر المادي والأدبي سيان فى إيجاب التعويض لمن أصابه شيء منهما، وكلا الضررين خاضع لسلطة محكمة الموضوع. والتضامن فى القانون معناه أن يكون كل من المطالبين به ملزماً لطالب واحد أو أكثر بكل المبلغ المطلوب".
( نقض جنائي في الطعن رقم 1332 لسنة 28 قضائية – جلسة 27/1/1959م مجموعة المكتب الفني – السنة 10 – الجزء الأول – صـ 91 ).
        ومن ثم، فإن ما ارتكبه الطبيب المعالج (المشكو في حقه) من خطأ طبي ثابت على وجه الجزم واليقين بالتقرير الرسمي المقدم من وزارة الصحة، وقد ترتب على هذا الخطأ الطبي الجسيم وفاة مورث الشاكين، وقد تحققت علاقة السببية بين الخطأ الطبي وبين الضرر وهو وفاة مورث الشاكين، ولما كانت علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا أتاه عمداً، أو خروجه فيما يرتكبه بخطئه عن دائرة التبصر بالعواقب العادية لسلوكه والتصون من أن يلحق عمله ضرراً بالغير  (على حد تعبير محكمة النقض)، ومن ثم تكون جميع عناصر المسئولية الجنائية قد تحققت قبل الطبيب المعالج (المشكو في حقه) وعليه أن يتحمل وزر وعاقبة ما جنته يداه وأودت بحياة مورث الشاكين.
        ولما كان هذا الجرم الذي ارتكبه المشكو في حقه، قد أودى بحياة مورث الشاكين، وهو ما أصابهم – من جرائه – بأضرار مادية وأدبية لا يمكن تقديرها ولا يعوضهم عن فقد مورثهم أموال وكنوز الأرض كلها ولو جمعت لهم، لذلك فهم يقصرون طلباتهم في الشكوى الماثلة على طلب معاقبة المشكو في حقه وإلزامه – بالتضامن والتضامم – مع المستشفى المسئولة عن الحقوق المدنية، بأن يؤديا لهم تعويضاً مؤقتاً قدره ــ/5,001د.ك (خمسة آلاف ودينار واحداً) على سبيل التعويض المؤقت.

أساس مسئولية مستشفى/ .................. :
تنص الفقرة الأولى من المادة 240 من القانون المدني على أنه:
        " يكون المتبوع مسئولا، في مواجهة المضرور، عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعا منه، في أثناء أداء وظيفته أو بسببها ".
كما تنص الفقرة الأولى من المادة 112 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على أنه: " يجوز للمدعي بحقوق مدنية أن يدخل المسئول عن الحقوق المدنية في الدعوى التي يرفعها أمام المحكمة الجزائية أو في التحقيق الابتدائي؛ ويجوز للمسئول عن الحقوق المدنية أن يتدخل من تلقاء نفسه في الإجراءات الجزائية في مرحلة المحاكمة أو في مرحلة التحقيق، ولو لم يكن هناك ادعاء مدني ".
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن:" المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته وبسببها فهو إنما أقام المسئولية على خطأ مقترن من جانب المتبوع يرجع إلى سوء اختياره تابعه وتقصيره فى رقابته ولا يشترط فى ذلك أن يكون المتبوع قادراً على الرقابة والتوجيه من الناحية الفنية، بل يكفى أن يكون من الناحية الإدارية هو صاحب الرقابة والتوجيه، كما أن علاقة التبعية لا تقتضي أن يكون التابع مأجوراً من المتبوع على نحو دائم، وبحسب المضرور أن يكون حين تعامل مع التابع معتقداً صحة الظاهر من أن التابع يعمل لحساب متبوعه ".
( نقض جنائي في الطعن رقم 1566 لسنة 42 قضائية – جلسة 11/2/1973م مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – الجزء الأول صـ 180 ).
كما قضت محكمة النقض بأن: " إن وجود علاقة تبعية بين الطبيب وإدارة المستشفى الذى عالج فيه المريض، ولو كانت علاقة تبعية أدبية، كاف لتحميل المستشفى مسئولية خطأ الطبيب ".
( نقض مدني في الطعن رقم 24 لسنة 6 قضائية – جلسة 22/6/1936م مجموعة المكتب الفني – السنة 1 ع – صـ 1156 ).
ومن ثم، يحق للشاكين إدخال مستشفى/ .................. (المسئولة عن أعمال تابعيها، والمسئولة عن الحقوق المدنية) في الشكوى الماثلة وفي التحقيق الابتدائي، لمطالبتها – بالتضامن والتضامم – مع الطبيب المعالج (المشكو في حقه الأصيل) بأن يؤديا لورثة المتوفى (الشاكين) التعويض المؤقت المطالب به في الإدعاء المدني.

أساس الدعوى التأديبية:
تنص المادة 39 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1981 بشأن مزاولة مهنة الطب، على أنه: " مع عدم الإخلال بالمسؤولية الجزائية أو المدنية، تختص لجنة التراخيص الطبية بالمحاكمة التأديبية للمرخص لهم في ممارسة إحدى المهن المنصوص عليها في هذا القانون أو المرخص لهم في فتح عيادة أو محل لممارستها وذلك فيما يرتكبونه من مخالفات لأحكام هذا القانون أو لأصول ومقتضيات وآداب المهنة ".
كما تنص المادة 40 من ذات القانون، على أن: "ترفع الدعوى التأديبية بقرار من وكيل وزارة الصحة العامة، وتفصل اللجنة في الدعوى بعد إعلان المخالف بالحضور أمامها قبل الموعد المحدد لانعقاد الجلسة بأسبوع على الأقل وذلك بكتاب موصى عليه مبينًا فيه ملخص التهم المنسوبة إليه وتاريخ انعقاد اللجنة ومكانها.
وعلى اللجنة أن تحقق في التهم المنسوبة إلى المخالف أو أن تندب لذلك أحد أعضائها ويكون للجنة أو لمن تندبه للتحقيق من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب المخالف أن تكلف الشهود بالحضور لسماع أقوالهم ويجوز للمخالف أن يبدي دفاعه شفويًا أو كتابة.
وإذا لم يحضر المتهم أمام اللجنة رغم إعلانه، جاز توقيع العقوبة عليه في غيبته ".
وتنص المادة 41 من ذات القانون، على أن:  " العقوبات التأديبية الجائز توقيعها على المخالف هي:
أولاً: بالنسبة للمرخص له في مزاولة المهنة:
( أ ) الإنذار ويجوز توقيع هذه العقوبة دون حاجة إلى استدعاء المخالف أمام اللجنة.
(ب) الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز سنة واحدة.
(جـ) إلغاء الترخيص بمزاولة المهنة.
ويترتب على توقيع إحدى العقوبتين الأخيرتين غلق العيادة أو المحل المرخص للمخالف في فتحه إن وُجد.
ثانيًا: بالنسبة لأصحاب المحلات غير المرخص لهم في مزاولة المهنة:
( أ ) الإنذار ويجوز توقيع هذه العقوبة دون حاجة إلى استدعاء المخالف أمام اللجنة.
(ب) غلق المحل لمدة لا تجاوز سنة واحدة.
(جـ) غلق المحل نهائيًا وإلغاء ترخيصه ".
الخلاصة: وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإنه يكون من حق ورثة المريض (عليه رحمه الله) مقاضاة مستشفى/ ............ والطبيب المعالج/ ..................... ، بتقديم شكوى جزائية ضدهما بتهمة القتل الخطأ، مع الادعاء المدني في الشكوى الجزائية بطلب التعويض المؤقت (عن الأضرار المادية والأدبية) تمهيداً لإقامة دعوى مدنية بالتعويض النهائي (بعد صدور حكم بات في موضوع الشكوى الجزائية)، وكذلك يحق لهم طلب توجيه الدعوى التأديبية ضدهما إلى السيد/ وكيل وزارة الصحة المختص قانوناً بتوجيه الدعوى التأديبية.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،،