الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

التنفيذ على عقار




التعريف بالتنفيذ وبيان مضمونه
لا يوجد في القانون تعريف للتنفيذ ولكن يمكن أن نعرفه بأنه التحقيق العملي للشيء المراد تنفيذه أو للفكرة المطلوب تجسيدها بحيث تخرج عن نطاق التصور إلى مجال التطبيق الواقعي الملموس.
وينصب التنفيذ عادة على الأحكام والأوامر القضائية، ولكنه قد يلحق كذلك بأوراق أخرى معتبرة في مقامها ومثالها العقود الرسمية ولذلك يطلق عليها كما يطلق على الأحكام والأوامر اسم "السندات التنفيذية".
فالسند التنفيذي قد يكون حكماً أو أمراً قضائياً وقد يكون عقدا رسمياً محرراً أمام الموثق وقد يكون ورقة أخرى من الأوراق التي تعتبر سندات تنفيذية. ولكنا نأخذ بالغالب ونمثل للسند التنفيذي عادة بالحكم القضائي لأن الأحكام هى أغلب السندات التنفيذية وأعلاها مرتبة.
وقد يتم تنفيذ الحكم (أو السند التنفيذي أياً كان) طوعاً واختياراً وهو ما لا يثير أية صعوبة.
أما إذا امتنع المدين (المحكوم عليه) عن تنفيذ ما ألزمه بالحكم أو الأمر القضائي فإنه يحق للدائن (المحكوم لصالحه) عندئذ أن يلجأ إلى الدولة لإرغام المدين على التنفيذ بالقوة الجبرية وهو ما يسمى بالتنفيذ الإجباري أو الجبري. وقد وضع المشرع قواعد لهذا النوع من التنفيذ حتى يتسنى قهر المدين وإجباره على أن يؤدى إلى الدائن حقه كاملاً غير منقوص دون أن يكون في ذلك مساس بحقوق الغير أو بحقوق المدين نفسه.
وفيما يلى دراسة لهذه القواعد، وإنما نلاحظ مبدئياً أنه لا يجوز للدائن أن يقتضى بالتنفيذ الجبري أكثر من حقه كما أنه لا يجوز له أن يقتضى حقه لنفسه بيده بل يجب أن يلجأ إلى السلطات العامة لكى تقتضى له حقه من غريمه.
فالدولة طرف ضروري في كل تنفيذ جبري: وهى تقوم بواجبها في هذا الشأن عن طريق جهزها المخصص لهذا الغرض وهو جهاز المحضرين الذى يتكون من عمال التنفيذ الذين يباشرون مهمتهم في هذا المجال تحت إشراف قاضى التنفيذ وتؤازرهم في ذلك السلطات المختلفة المختصة في الدولة كرجال الشرطة بل ورجال الجيش عند الاقتضاء وذلك لإخضاع المدين العاصي الذى يأبى الخضوع لإجراءات التنفيذ، ولإرغامه بالقوة على أداء ما هو مطلوب منه. والقوة هنا ليست قوة الأفراد وإنما هى قوة منظمة ومنسوبة إلى المجتمع بأسره – أي أنها قوة الدولة. وليس المحضر إلا الآلة التي تستخدمها الدولة في التنفيذ أو أن شئت فقل أنه ممثل الدولة في هذا المجال وأنه يقوم بالعمل باعتباره عضواً من أعضاء الدولة بمعنى أن نشاطه يكون منسوباً إليها ويعتبر امتداداً لشخصيتها أو بالأصح تعبيراً عن هذه الشخصية وتحقيقاً أو تجسيداً لها.
وغالباً ما يتم التنفيذ عن طريق الحجز على أموال المدين (المحكوم ضده) إلا أن هنالك أحكاماً لا تنفذ ولا يمكن أن تنفذ عن طريق الحجز لأن طبيعتها تأبى عليها ذلك كما في أحكام الطرد والغلق والازالة – إذ ينفذ الحكم "عينا" أي أن الذى ينفذ في هذه الحالة هو "عين ما امر به الحكم" ويسمى التنفيذ عندئذ بالتنفيذ العيني أو التنفيذ المباشر. وذلك بالمقابلة للتنفيذ بطريق الحجز – الذى يعتبر تنفيذاً غير مباشر: إذ يصل فيه الدائن إلى حقه عن طريق ضبط وحفظ بعض الأموال المملوكة للمدين ثم بيعها بالمزاد العلني لتحويلها إلى مبلغ من النقود يعطى للدائن – أو يقتضى الدائن حقه منه. وظاهر من ذلك أن الدائن لا يأخذ حقه مباشرة من ذات المال المحجوز المملوك للمدين وإنما من ثمن ذلك المال بعد بيعه وتحويله إلى نقود. فالتنفيذ في هذه الصورة تنفيذ غير مباشر: ويمر بمرحلتين أولاهما مرحلة الحجز وثانيتهما مرحلة البيع. وفى المرحلة الأولى يقتصر الأمر على ضبط المال وتجنيبه أو حفظه لحساب الدائن.
فإذا لم يتم البيع فلا يمكن أن يعتبر التنفيذ قد تم بل يقف الأمر عند حد الحجز: وهو المرحلة الأولى من مراحل التنفيذ: وقد يسقط الحجز أو يتنازل عنه صاحبه – فلا ننتقل إلى المرحلة الثانية وهى مرحلة البيع بل يقتصر الأمر على الحجز وحده. ولذلك فإن الحجز في حد ذاته ليس هو التنفيذ الكامل بل يجب أن يعقبه بيع المال المحجوز ولذلك كان التعبير عن التنفيذ غير المباشر بأنه "التنفيذ بطريق الحجز" تعبيراً ناقصاً – ويجب لكى يكون الكلام دقيقاً أن نقول أنه هو التنفيذ بطريق "الحجز والبيع" – وإنما جرت العادة على تسميته التنفيذ بطريق "الحجز" من باب الاختصار: ولأن الحجز يعقبه البيع في أغلب الحالات: فأخذنا بالغالب استصحاباً وعلى تقدير أن معظم الحجوز تنتهى ببيع المال المحجوز – وحتى لا نثقل العبارة، أو نزحمها بكلمتي (الحجز والبيع) فرؤى أن أولاهما تكفى في الدلالة على المقصود أي أننا في هذا المقام اكتفينا بكلمة واحدة للتعبير عن الأمرين معاً.
ونعالج فيما يلى طرق التنفيذ المختلفة، مع مراعاة أن المشرع قد حدد هذه الطرق على سبيل الحصر وأنها لا تختلف من حيث طبيعتها وانما يرجع الاختلاف فيما بينا أما إلى طبيعة المال المنفذ عليه وإما إلى (مكمنه) أي مكان وجوده: مما يؤدى إلى اختلاف الإجراءات بحسب الأحوال.
فإن كان المال المنفذ عليه عقاراً كان التنفيذ عقارياً تتبع في شأنه الإجراءات المقررة بالنسبة للعقارات، وان كان منقولاً كان التنفيذ عليه بطريق حجز المنقول. وأن كان ديناً في ذمة الغير أو منقولا موجوداً في حيازة الغير وجب التنفيذ عليه بطريق حجز مال المدين تحت يد الغير.
وسنبدأ بالتنفيذ العقاري لأنه أطول هذه الطرق وأكثرها تعقيداً ثم نردف ذلك بالكلام عن حجز المنقول (الذى لا يكون في حيازة الغير).
وننتهى بمعالجة الحجز تحت يد الغير عندما يكون المال المراد التنفيذ عليه ديناً أي حقاً شخصياً ثابتاً للمحكوم عليه في ذمة شخص ثالث أو منقولاً مادياً موجوداً في حيازة غير المدين وأن كان مملوكاً له.

التنفيذ العقاري
إذا كنت مشرعاً في دولة بكر لا توجد بها قواعد أو إجراءات وعهد إليك بوضع إجراءات أو قواعد للتنفيذ العقاري، فأنت بالخيار بين أساليب ثلاثة:
(أولها) أن يرفع الدائن دعوى بالتنفيذ على العقار المملوك لمدينه. وهو ما كان معروفاً في الماضي باسم "دعوى نزع الملكية" وفيها يكلف الدائن مدينه بالحضور إلى المحكمة في جلسة تحدد لذلك. ثم يستصدر الدائن حكماً بنزع ملكية المدين عن العقار المملوك له والذى يجرى التنفيذ عليه.
ويصدر ذلك الحكم من المحكمة في جلسة علنية بعد سماع دفاع الطرفين واعتراضاتهما ومتى تحققت المحكمة من أحقية الدائن إلى التنفيذ على ذلك العقار ومن صحة الإجراءات التي اتخذها – كل ذلك ما لم يدرأ المدين عن نفسه نزع الملكية بسداد قيمة الدين وملحقاته ومصاريف التقاضي قبل صدور الحكم الختامي في الدعوى. ثم يعقب ذلك بيع العقار أمام المحكمة بالمزاد العلني ويصدر حكم أخر برسو المزاد على من دفع الثمن الأعلى.
وفى هذه الحالة يمكن أن يتكلم الفقه بحق عن "خصومة التنفيذ" لأن التنفيذ يتشكل عندئذ بشكل دعوى – أو خصومة قضائية.
أما (الأسلوب الثاني) – فهو أن يتوجه المحضر إلى موقع العقار فيحجز عليه ويذكر حدوده ومعالمه وأوصافه ويثبت ذلك في محضر يحرره لضبط العقار وتخصيصه للدائن ويسمى (محضر حجز العقار) ويعين المحضر على العقار حارساً إذا أمكن ذلك – قد يكون هو المدين نفسه.
ثم تعقب هذه المرحلة مرحلة ثانية هى مرحلة بيع العقار بالمزاد – وقد يعهد بذلك إلى المحضر أسوة بالحجز. كما أن المشرع قد يرى من باب الحيطة أن تتم هذه المرحلة الثانية أمام المحكمة فيجرى البيع في جلسة علنية لضمان جدية المزادة وعلانيته: وفى هذه الحالة تنتهى الإجراءات بحكم يصدره القاضي الذى يتم البيع بمعرفته أو أمامه وتحت إشرافه – وهو ما يسمى بحكم مرسى المزاد.
أما (الأسلوب الثالث) فيقتصر الأمر فيه على توجيه ورقة إلى المدين على يد محضر تتضمن تكليف المدين بوفاء الدين المحكوم به عليه مع التنبيه عليه بأنه إذا لم يقم بالوفاء طوعاً فإنه سيجبر عليه كرهاً – عن طريق اتخاذ الإجراءات اللازمة لنزع ملكية عقار معين من العقارات المملوكة له والتي يجوز التنفيذ عليها.
وتسمى هذه الورقة باسم (تنبيه نزع الملكية) – فإذا لم يقم المدين بالوفاء جاز للدائن أن ينفذ تهديده وان يمضى في الإجراءات حتى يصل إلى بيع العقار بالمزاد العلني. وغالباً ما يتم البيع تحت إشراف المحكمة وينتهى بحكم يسمى حكم مرسى المزاد أو حكم إيقاع البيع – لأن المشرع يقدر خطورة هذه المرحلة الأخيرة، مرحلة البيع العقاري فلا يترك زمامها للمحضرين أو الكتبة بل يجعلها خاضعة لرقابة القضاء ضماناً لجدية المزايدة وعلانيتها ولسلامة الإجراءات بوجه عام.
وقد اختار المشرع المصري (في قانون المرافعات) هذا الأسلوب الأخير.
فنزع الملكية أو التنفيذ العقاري لا يتم في صورة دعوى قضائية ترفع من الدائن على المدين. لأن الدائن قد خاض غمار الخصومة القضائية حتى حصل على حكم بدينه وهذا حسبه فلا داعى لأن نكلفه بأن يمضى في خصومة قضائية جديدة لكى ينفذ ذلك الحكم الذى حصل عليه.
كذلك لا يتم نزع الملكية في صورة محضر حجز عقاري يقوم بتحريره أحد المحضرين ويقتضى انتقال المحضر إلى مكان وجود العقار لمعاينته وإيقاع الحجز عليه في موقعه. لأن العقار ثابت لا يمكن نقله أو تهريبه فلا حاجة إلى ضبطه بهذه الطريقة.
وإنما يتم حجز العقار عن طريق توجيه تنبيه بنزع الملكية إلى المدين، وهذا التنبيه هو ورقة من أوراق المحضرين يقوم المحضر بإعلانها إلى المدين في موطنه ويتم الحجز على العقار بمقتضاها وبمجرد إعلان المدين بها دون ما حاجة إلى الانتقال لموقع العقار أو تحرير محضر بذلك أو رفع دعوى. ويعقب ذلك مجموعة من الإجراءات المجردة يتخذها الدائن القائم بالتنفيذ تنتهى إلى صدور حكم قضائي بإيقاع البيع.
وهذا الأسلوب (الثالث) هو الذى اتبعه مشرعنا المصري واعتبره أوفق الأساليب في التنفيذ العقاري. وهو مزيج من الإجراءات والخصومة أو شبه الخصومة لأنه يبدأ بإعلان وينتهى بحكم.
على أنه يلاحظ أن المشرع من جهة أخرى قد وضع نظاماً للشهر خاصاً بالعقارات لأن المشرع يربط بين طبيعة المال وشهر كل ما يتعلق به من تصرفات وإجراءات وأحكام. ولذلك يجب في التنفيذ العقاري تسجيل الأوراق والإجراءات والأحكام المتعلقة به حتى يكون كل ذلك مشهراً ويتسنى للكافة العلم به وبمجرياته حتى يقدموا على التصرفات العقارية وهم على بينة من حالة العقار القانونية. والذى يشتمل في نظامنا الحالي هو (تنبيه نزع الملكية) أي الورقة التي تفتتح بها إجراءات التنفيذ العقاري ثم تسجل حكم مرسى المزاد في النهاية أي أن التسجيل في التنفيذ العقاري واجب في البداية وفى الختام.
والتنفيذ العقاري في نظامنا الحالي خليط أو مزيج من إجراءات وخصومة أو شبه خصومة قضائية. لأنه يبدأ بورقة من أورقا المحضرين وينتهى بحكم يصدر من القاضي في جلسة علنية (على ما سبق القول).
وكنا نحبذ أن يبدأ بصحيفة دعوى تعلن إلى المدين وتقيد بالمحكمة وتسجل بالشهر العقاري وتنتهى بعد سماع دفاع الطرفين إلى حكم قضائي يؤشر به على هامش تسجيل صحيفة الدعوى. وبذلك يأخذ التنفيذ شكل الخصومة القضائية منذ البداية حتى النهاية. ويعرف التنفيذ العقاري باسم (دعوى نزع الملكية) – كنا نحبذ ذلك لولا خشيتنا من بط القضاء أو تراخيه.
ومهما يكن من أمر فإننا إزاء نظام أخذ به المشرع لا يسعنا إلا أن نتبعه ونسير عليه. وهو ما نتولى فيما يلى بيانه.

إجراءات التنفيذ العقاري:
يتم التنفيذ العقاري على مرحلتين: أولاهما مرحلة حجز العقار وثانيهما مرحلة البيع أي بيع العقار المحجوز. وتتخلل هاتين المرحلتين مرحلة ثالثة هى مرحلة تصفية المنازعات ولا تعتبر هذه المرحلة من ضمن الإجراءات الواجب اتباعها وإنما هى مرحلة يتوقف عليها المضي إلى مرحلة البيع بمعنى أنه لا يمكن الانتهاء إلى المرحلة الثانية (البيع) إلا بعد الفراغ من تصفية المنازعات أن وجدت – أو بعد التحقق من عدم وجود منازعات.

مرحلة حجز العقار:
يشترط لكى تبدأ مرحلة حجز العقار أن يكون الحكم أو السند التنفيذي يجرى التنفيذ بموجبه قد أعلن إلى المدين من قبل وأن يكون قد مضى على إعلانه إليه يوم كامل على الأقل. فإذا لم يكن قد أعلن فلا يجوز التنفيذ بموجبه ولا يمكن أن تبدأ به إجراءات صحيحة.
أما إذا تحقق شرط الإعلان فإننا نواجه عندئذ صورتين للتنفيذ إحداهما بسيطة: وفيها يكون العقار مستقراً في ذمة المدين لم يخرج منها. وثانيهما: يكون العقار فيها قد خرج من ذمة المدين وانتقلت ملكيته إلى شخص أخر.
ونعالج فيما يلى هاتين الصورتين:
الصورة الأولى (البسيطة):
عندما يكون العقار في يد المدين: يتم حجزه عن طريق ورقة تعلن إلى المدين على يد محضر وتسمى هذه الورقة باسم تنبيه نزع الملكية. وتتضمن هذه الورقة بيانات معينة سنعرض لها بعد قليل.
الصورة الثانية:
عندما تكون ملكية العقار قد خرجت من ذمة المدين وانتقلت إلى ذمة شخص أخر – يتم الحجز عن طريق توجيه تنبيه بنزع الملكية إلى المدين أولاً ويعقبه توجيه إنذار إلى الحائز الذى انتقلت إليه ملكية العقار: مع تبليغ ذلك الحائز بالتنبيه الذى أعلن إلى المدين.
ويشترط لاتباع هذه الإجراءات (التنبيه وإنذار الحائز) أن يكون للدائن الحق في تتبع العقار أي في التنفيذ عليه تحت يد من انتقلت ملكيته إليه – بمعنى أن يكون الدائن مزودا بحق عيني تبعي كالرهن مثلاً يضمن حق الدائن ويؤمنه ويعطيه الحق في تعقب العقار والتنفيذ عليه ولو خرج من ملكية صاحبه (المدين).
أما إذا كان الدائن دائناً عادياً فإن خروج العقار من ذمة المدين يمنع الدائن من التنفيذ عليه ومن ثم فإن الصورة الثانية للتنفيذ على العقار (تحت يد الحائز) لا تتحقق إلا إذا كان مرهوناً أو في حكم المرهون.
أما الصورة الأولى (البسيطة) والتي تقتصر على إعلان المدين بتنبيه نزع الملكية – فإنها تتحقق عندما يكون العقار مستقراً في ذمة المدين ولم يخرج منها – ولا يشترط في هذه الحالة أن يكون الدائن المنفذ دائناً مرتهناً بل يستوى في ذلك الدائن المرتهن والدائن العادي.
وقد نص المشرع في المادة (401) مرافعات على البيانات التي يجب أن يتضمنها تنبيه نزع الملكية. فيرجع في ذلك إلى نص المادة المذكورة.
ولا يتم حجز العقار بمجرد إعلان المدين إعلاناً صحيحاً بتنبيه نزع الملكية وإنما ينبغي أيضاً أن يسجل التنبيه. ولم ينص المشرع على ميعاد للتسجيل وان كانت مصلحة الدائن المنفذ تحفزه إلى الإسراع في ذلك.
وفى حالة إنذار الحائز يجب تسجيل الإنذار أيضاً والتأشير به على هامش تسجيل التنبيه خلال 15 يوماً من تاريخ تسجيل التنبيه: فإن لم يحصل ذلك سقط تسجيل التنبيه ذاته.
صورة ثالثة للتنفيذ العقاري:
وهناك صورة ثالثة من صور التنفيذ العقاري هى صورة التنفيذ ضد الكفيل العيني.
والكفيل العيني هو من يرهن عقاراً مملوكاً له لضمان دين مستحق على شخص سواه. ومركز الكفيل العيني يشبه مركز الحائز في أن التنفيذ يجرى على عقار مملوك لهما مع أنهما غير مدينين بل المدين شخص أخر.
وقد نص المشرع على أنه في هذه الحالة يجب أولاً أن يكلف من عليه الدين بالوفاء ثم يعقب ذلك إعلان تنبيه نزع الملكية إلى الكفيل العيني وتسجيله على أسمه (تراجع المادة 401 مرافعات في نهايتها).
وهذا الحكم التشريعي الذى ورد في قانون المرافعات الجديد هو حكم منطقي: لأن الكفيل العيني هو مالك العقار فوجب من ثم إعلانه بتنبيه نزع الملكية وتسجيل ذلك التنبيه على أسمه حتى يعلم الكافة عند التعامل معه أن العقار مهدد بنزع ملكيته. ولأن من العبن إعلان المدين بالتنبيه المنفذ عليه. ولذلك أكتفى المشرع هنا بتكليفه بوفاء الدين قبل إعلان الكفيل العيني بتنبيه نزع الملكية وتسجيل ذلك التنبيه.

إجراءات ما بعد الحجز:
يلى حجز العقار إجراءات أخرى تتلخص في إيداع قائمة بالشروط المقترحة للبيع وذلك خلال (90) يوماً من تسجيل التنبيه.
فإذا لم يتم إيداع القائمة خلال ذلك الميعاد فإن تسجيل التنبيه يعتبر كأن لم يكن – أما التنبيه ذاته فلا يسقط بل يمكن إعادة تسجيله.
وقائمة شروط البيع هى عبارة عن كراسة تودع في قلم الكتاب وتحتوى على الشروط التي يقترحها الدائن القائم بالتنفيذ – ويجب أن تتضمن القائمة بيانات معينة وأن ترفق بها وثائق معينة نص المشرع عليها في المادتين 414 و 415 مرافعات وربت البطلان على إغفالها (مادة 420).
ويتم إيداع القائمة ومرفقاتها بموجب محضر إيداع يحرر في قلم كتاب محكمة التنفيذ وتحدد فيه جلسة للبيع وجلسة احتمالية (سابقة عليها) للاعتراضات أن كان ثمة اعتراضات ستقدم.
ويتم إخبار ذوى الشأن بإيداع القائمة خلال (15) يوماً من الإيداع ويؤشر بذلك على هامش تسجيل التنبيه.
ثم يتم الإعلان عن إيداع القائمة في الصحف وفى لوحة الإعلانات بالمحكمة خلا (8) أيام من تاريخ أخبار ذوى الشأن بإيداعها، ويحق لكل إنسان أن يطلع في قلم الكتاب على قائمة شروط البيع.
يلاحظ أن إيداع القائمة يفتح الباب لكل من يرغب في التقدم باعتراض على إجراءات التنفيذ لكى يتقدم باعتراضه وهو ما سنعالجه في موضعه.

مرحلة بيع العقار:
تتلخص هذه المرحلة فيما يأتي:
أولاً- تحديد جلسة للبيع:
ذكرنا فيما سبق أنه عند قيام مباشر الإجراءات بإيداع قائمة شروط البيع يحرر محضر بذلك أمام قلم الكتاب وبمعرفته ويقوم قلم الكتاب عندئذ بتحديد جلستين: إحداهما جلسة للبيع والثانية: جلسة احتمالية للاعتراضات. فإذا لم يقدم اعتراضات فإن الجلسة الاحتمالية تسقط أما الجلسة المحددة للبيع في محضر إيداع القائمة فإنها تستقر وتثبت ويتم البيع فيها (ما لم يطرأ ما يدعو إلى تأجيله أو إلى إيقافه).
أما إذا قدمت اعتراضات أو أوقف البيع فإنه يلزم بعد تصفية الاعتراضات أو أسباب الإيقاف أن يتقدم من يهمه الأمر إلى قاضى التنفيذ بطلب لتحديد جلسة للبيع. ويصدر القاضي أمره بتحديد تلك الجلسة على العريضة المقدمة إليه في هذا الشأن بعد التحقق من تصفية جميع الاعتراضات بأحكام واجبة النفاذ وبعد التأكد من أن الحكم الذى يجرى التنفيذ بمقتضاه قد أصبح نهائياً.
والأصل أن يتم البيع في المحكمة، إلا أنه إذا اقتضت الظروف إجراء البيع في موقع العقار أو في أي مكان أخر فإنه يصدر بذلك أمر من قاضى التنفيذ (بناء على طلب صاحب الشأن).
ويجب على قلم الكتاب أن يرسل خطابات مسجلة بعلم الوصول إلى المدين والحائز والكفيل العيني والدائن مباشر الإجراءات والدائنين الذين سجلوا تنبيهاتهم وأصحاب الحقوق المقيدة على العقار يخبرهم فيها بتاريخ جلسة البيع ومكانه، وذلك قبل الجلسة بثمانية أيام على الأقل.

ثانيا- الإعلان على البيع:
ويتم الإعلان علن البيع باللصق والنشر قبل جلسة البيع بخمسة عشر يوماً على الأقل وثلاثين يوماً على الأكثر ويتم اللصق في أماكن معينة وهى باب العقار وباب مقر العمدة والباب الرئيسي للمركز أو القسم الذى تقع الأعيان في دائرته ولوحة الإعلانات بمحكمة التنفيذ. وتحرر محاضر لصق (يقوم بتحريرها المحضر المكلف بذلك) وتودع بملف التنفيذ.
أما النشر فيتم بناء على طلب قلم الكتاب في إحدى الصحف اليومية المقررة لنشر الإعلانات القضائية وتودع نسخة من الجريدة في ملف التنفيذ مؤشراً عليها من قلم الكتاب بتاريخ ورودها.
ويجوز التوسع في إجراءات اللصق والنشر بأمر القاضي.

ثالثاً- ما يسبق افتتاح المزايدة:
المفروض أن يعرض العقار للبيع في جلسة المزايدة ولكن تسبق افتتاح المزايدة الأمور الآتية:
يجب أن يتحقق القاضي من أن ذوى الشأن جميعاً قد تم إخبارهم بإيداع القائمة وبجلسة البيع. فإذا تبين عدم إخبار بعضهم وجب التأجيل. ويستوى في ذلك أن يكون عدم الأخبار خاصاً بإيداع القائمة فقط أو بتحديد جلسة البيع فقط فلابد من إخبار ذوى الشأن بالأمرين معاً.
يجب أن يتحقق القاضي من إتمام إجراءات اللصق والنشر – فإذا لم تكن قد تمت وجب التأجيل لإتمامها. أما إذا كانت قد تمت ولكن وجهت إليها مطاعن، فإن القاضي ينظر أولاً في وجوه البطلان المقدمة عن إجراءات اللصق أو النشر بشرط أن تكون قد قدمت قبل جلسة البيع بثلاثة أيام على الأقل. فإذا حكم ببطلان إجراءات اللصق أو النشر فإنه يأمر بتأجيل البيع وإعادة الإعلان.
كذلك ينظر القاضي في الجلسة في طلبات التأجيل والإيقاف التي يتقدم بها أصحاب الشأن. ويفصل فيها بالقبول أو الرفض في جلسة المزايدة نفسها ما لم ير القاضي أن طلب الإيقاف المقدم إليه يقتضى مزيداً من البحث فيمكنه تأجيل الجلسة لهذا الغرض سواء كان طلب الإيقاف وجوبياً أو جوازياً.
يحدد القاضي قبل افتتاح المزايدة مصاريف إجراءات التنفيذ.
كذلك يحدد مقدار التدرج في العروض – أي تحديد القيمة التي يزاد بها (50 أو 100 جنيه مثلاً) – حتى لا يتقدم شخص للمزايدة بعرض مبلغ تافه (جنيه أو نصف جنيه مثلاً) يزيده على الثمن الأساسي أو على العرض السابق – فمثل هذه الزيادة لا يلتفت إليها – ويعتبر العرض غير قانونيا إذا حدد القاضي الحد الأدنى للمبالغ التي يزاد بها – وإلا فإن أية زيادة تكون معتبرة قانوناً.
لا يجوز إجراء المزايدة إلا بناء على طلب ذوى الشأن – أي الدائن المباشر للإجراءات أو غيره من أطراف التنفيذ. فلا يجوز للقاضي من تلقاء نفسه أن يأمر بفتح المزاد – أو أن يفعل ذلك بناء على طلب شخص من غير أطراف التنفيذ – وإلا كان البيع باطلاً.
وفى حالة عدم تقدم أحد من ذوى الشأن بطلب إجراء المزايدة يجوز للقاضي أن يأمر بشطب الإجراءات – حتى لو كانوا حاضرين – ومعنى الشطب هنا هو التأجيل إلى أجل غير مسمى. فلا تعود الإجراءات إلى سيرها إلا إذا تقدم أحد ذوى الشأن بطلب تحديد جلسة جديدة للبيع. ولا نرى مانعاً من أنن يأمر القاضي بالتأجيل على أنه إذا قرر الشطب فإن الشطب في هذه الحالة لا يعتبر من قبيل شطب الدعوى لغياب طرفيها (مادة 82) ولا تسرى عليه أحكامه – بل يعتبر تأجيلاً دون تحديد جلسة.

المرحلة الأولى في البيع - اعتماد العطاء:
وفى حالة تقدم أحد من الشأن بطلب فتح المزاد – يأمر القاضي بالمناداة على البيع – ويقوم بالمناداة أحد المحضرين مبيناً الثمن الأساسي للمزايدة والمصاريف. وبذلك تبدأ إجراءات المزايدة.
فإذا لم يتقدم أحد للشراء بالقيمة التي تؤدى عليها فإن القاضي يأمر بتأجيل البيع مع إنقاص العشر. ويمكن أن يتكرر ذلك. وفى هذه الحالة – كما في جميع حالات التأجيل – يعاد الإعلان عن البيع.
أما إذا تقدم مشتر فإن القاضي يقرر اعتماد العطاء المقدم منه إذا مضت ثلاث دقائق دون أن يتقدم أحد بالزيادة على عرضه.
أما إذا تقدم مشتر آخر بعرض أكبر خلال ثلاث دقائق فإن القاضي يعتمد عطاء صاحب العرض الأكبر (الأخير).
والعرض الذى تمضى عليه ثلاث دقائق دون أن يزاد عليه يعتبر هو العطاء الأخير الواجب الاعتماد (ما لم يكن باطلاً).
على أنه يلاحظ أن كل عرض يقدم خلال الميعاد (ثلاث دقائق) يسقط العرض السابق عليه ولو كان هو باطلاً. كما أن مبدأ استقلال العروض يؤدى إلى القول بأن العرض المتأخر يعتبر صحيحاً ولو كان العرض المتقدم أي السابق عليه باطلاً.
وإنما يثور التساؤل إذا كان العرض الأخير هو الباطل ونعتقد أنه في هذه الحالة يثبت العرض السابق عليه، لأننا لو قلنا بسقوطه لوجب أن تعاد المزايدة كلها من جديد.
وإذا قرر القاضي اعتماد العطاء يلتزم صاحب العطاء المعتمد بدفع الثمن الذى عرضه والمصاريف ورسوم التسجيل.
فإذا قام بدفع المبلغ كاملاً أثناء انعقاد الجلسة يحكم القاضي بإيقاع البيع عليه.
على أن المشرع لم يشترط أن يودع الثمن بأكمله في الجلسة بل اكتفى بإيداع الخمس فقط. وفى هذه الحالة يؤجل البيع إلى جلسة تالية سنرى بعد قليل كيف يكون سير الإجراءات فيها.
إلا أنه إذا لم يقم صاحب العطاء بإيداع الثمن ولا خمس الثمن فإن المزايدة تعاد فوراً على ذمته في نفس الجلسة، ويلتزم بما نقص من الثمن إذا بيع العقار بأقل من قيمة العطاء المذكور.

المرحلة الثانية في البيع - إيقاع البيع:
إذا أودع المشترى خمس الثمن على الأقل في الجلسة التي تم فيها اعتماد العطاء المقدم منه – يؤجل البيع إلى جلسة تالية. وفى هذه الجلسة التالية لا يخلو الأمر من أحد فروض ثلاثة:
أولهما: أن يقوم صاحب العطاء المعتمد بإيداع باقي الثمن، فيحكم القاضي بإيقاع النيل عليه – ويشترط لتحقق هذه الصورة ألا يتقدم في الجلسة منافس لصاحب العطاء المعتمد مقرراً بزيادة العشر.
وثانيهما: أن يتقدم في الجلسة التالية لاعتماد العطاء منافس يقرر بزيادة العشر – أي بأنه يقبل شراء العقار بقيمة تزيد عن العطاء المعتمد بما يوازى العشر على الأقل. ولكن يشترط لقبول هذا المنافس أن يكون عرضه مصحوباً بكامل القيمة التي يعرضها (أي قيمة العطاء زائداً العشر). ففي هذه الحالة تعاد المزايدة من جديد على أساس زيادة العشر – أي على أساس الثمن المزاد من جانب المنافس.
وثالثها: ألا يتقدم أحد بزيادة العشر، ويتخلف صاحب العطاء المعتمد عن إيداع باقي الثمن الذى عرضه – فتعاد المزايدة على ذمته في تلك الجلسة فوراً. وفى هذه الحالة يجب على من يتقدم بعطاء أن يسدد قيمته كلها: فلا يعتد في هذه الجلسة بأي عطاء غير مصحوب بكامل القيمة.
ويلتزم صاحب العطاء – الذى تخلف عن إيداع باقي الثمن – بقيمة النقص في ثمن العقار إذا بيع بأقل من قيمة العطاء. ولكنه لا يستفيد من الزيادة – إذا بيع العقار بأزيد من قيمة العطاء.
ونرى مما تقدم أن إرساء المزايدة لا يتم دفعة واحدة بل يمر بمرحلتين: أولاهما: اعتماد العطاء وثانيتهما: إيقاع البيع وغالباً ما يستغرق ذلك جلستين تخصص كل منهما لإحدى المرحلتين: فيعتمد العطاء في جلسة البيع ويقوم صاحب العطاء المعتمد بإيداع خمس الثمن فتؤجل الإجراءات إلى جلسة تالية يتم فيها إيداع باقي الثمن وإيقاع البيع على صاحب العطاء المعتمد.
وقد يتم اعتماد العطاء وإيقاع البيع في ذات الجلسة إذا قام صاحب العطاء المعتمد بإيداع كامل الثمن المعروض من جانبه فعندئذ يحكم القاضي بإيقاع البيع عليه في نفس الجلسة ولا يؤجل. وبذلك يتفادى صاحب العطاء المعتمد احتمال زيادة العشر عليه.
أما في حالة اعتماد العطاء دون إيقاع البيع – أي في حالة التأجيل لجلسة تالية – فإن صاحب العطاء المعتمد يتعرض لخطر المنافسة في الجلسة التالية إذ قد يمتنع عليه إيداع باقي الثمن إذا تقدم شخص بعطاء جديد يزيد عن العطاء المعتمد بنسبة 10% وهو ما يسمى بزيادة العشر فتجرى عندئذ مزايدة جديدة على أساس العطاء الجديد المعروض من المنافس – ويتم في الجلسة الثانية إيقاع البيع على كل حال. حتى لو جرت مزايدة جديدة بسبب زيادة العشر أو بسبب تخلف صاحب العطاء المعتمد عن إيداع باقي الثمن.

حكم إيقاع البيع:
وعندما يوقع القاضي البيع على من تقدم بأكبر عطاء وسدد قيمة العطاء – أو على من رسا المزاد عليه بعد ذلك نتيجة لتطورات المزايدة سواء في نفس الجلسة أو الجلسة الثانية – فإنه يصدر بذلك حكماً يسمى حكم إيقاع البيع وهو ما كان يسمى في الماضي حكم مرسى المزاد.
ويلاحظ كما سبق القول أن هناك فرقاً بين اعتماد العطاء وإيقاع البيع – فاعتماد العطاء ليس معناه أن البيع قد تم – وإنما هو يعطى الخيار لصاحب العطاء في إيداع خمس الثمن أو إيداع الثمن بالكامل. فإن أودع الثمن كله مع المصاريف المقدرة ورسوم التسجيل حكم القاضي في نفس الجلسة بإيقاع البيع عليه.
أما إذا أودع خمس الثمن فإن الإجراءات تؤجل إلى جلسة تالية – قد يتم فيها إيقاع البيع على صاحب العطاء المعتمد إذا أودع باقي الثمن ولم يتقدم له منافس – وقد يتم فيها إيقاع البيع على سواه إذا تقدم منافس – أو إذا تقاعس هو عن إيداع باقي الثمن وأعيدت المزايدة على ذمته باعتباره متخلفاً.
وكذلك الحال إذا لم يودع صاحب العطاء خمس الثمن في الجلسة التي اعتمد فيها ذلك العطاء – فإن البيع يعاد فوراً على ذمته – وعندئذ يتم إيقاع البيع على سواه ويعتبر هو مشترياً متخلفاً فيلزم بفرق الثمن إن كان.
فالعبرة إذن في تمام البيع بالمزاد العلني هى بصدور حكم إيقاع البيع (على من يتبين أنه صاحب الحق في إيقاع البيع عليه).
وحكم إيقاع البيع وإن كان يصدر بديباجة الأحكام (مادة 446) إلا أنه ليس حكماً إلا في الصورة والشكل ولكنه من حيث طبيعته لا يعدو أن يكون عقد بيع ينعقد جبراً بين مالك العقار المنفذ عليه (أي المدين أو الحائز أو الكفيل العيني) وبين المشترى الذى تم إيقاع البيع عليه.
وقد نصت المادة 446 على البيانات التي يجب أن يتضمنها حكم إيقاع البيع (فيرجع إليها).
كما نصت المادة 447 على أن قلم الكتاب يقوم بالنيابة عن أصحاب الشأن بطلب تسجيل ذلك الحكم خلال الثلاثة أيام التالية لصدوره. وإذا كان المشترى هو الحائز فلا يسجل الحكم بل يؤشر به فقط على هامش تسجيل سند تمليكه وهامش إنذار الحائز.

الطعن في حكم إيقاع البيع:
لا يطعن في حكم إيقاع البيع إلا بالاستئناف وفى ميعاد قصير للغاية لا يتجاوز الأيام الخمسة التالية لتاريخ النطق به. ويرفع الاستئناف بالأوضاع المعتادة أي بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة الدرجة الثانية التي يرفع إليها الاستئناف وتقيد ثم تعلن طبقاً للإجراءات العادية.
غير أن الاستئناف حكم إيقاع البيع أسباباً محددة لا يجوز أن يبنى الاستئناف علي غيرها – وهذه الأسباب محصورة في ثلاثة: (1) عيب في إجراءات المزايدة (1) عيب في شكل الحكم (3) صدور الحكم بعد رفض طلب من طلبات الإيقاف الوجوبي. (تراجع المادة 451).
كذلك يجوز رفع دعوى أصلية ببطلان حكم إيقاع البيع من جانب الدائنين الذين لم يعلنوا بإيداع القائمة أو بجلسة البيع – أو من جانب المدين نفسه إذا لم يكن قد أعلن بالإجراءات أعلاناً صحيحاً.

مسائل تتعلق بإجراءات البيع:
الإعفاء من الثمن:
أن التزام المشترى بدفع الثمن – أو بدفع خمس الثمن على الأقل في جلسة اعتماد العطاء – يمكن الإعفاء منه بأمر من القاضي إذا كان ذلك المشترى هو أحد الدائنين وكان له من قيمة دينه ومرتبته ما يبرر الإعفاء (مادة 453)، وعلى ذلك يجوز إيقاع البيع على هذا المشترى في نفس جلسة اعتماد العطاء إذا كان القاضي قد أعفاه من سداد كامل الثمن. ويجوز أن يعفى من دفع خمس الثمن إذا قرر القاضي إعفاءه من هذه القيمة فقط، فلا يعاد البيع فوراً على ذمته.
وإذا قام المشترى بسداد خمس الثمن وحصل على الإعفاء من الباقي – فإنه في الجلسة التالية لا يلتزم بإيداع باقي الثمن بل يتم إيقاع البيع عليه إذا لم يتقدم له منافس.
أما إذا تقدم منافس يقرر بزيادة العشر، فإن الإعفاء من دفع الثمن أو من دفع باقي الثمن، لا يمنع من إعادة المزايدة بقيمة الثمن المراد: شأنه في ذلك شأن المشترى الذى أودع الخمس في جلسة اعتماد العطاء ثم تقدم لدفع كل الباقي في الجلسة التالية فاعترضه من يزيد العشر. وإنما يمنع الإعفاء من اعتباره متخلفاً.
والإعفاء من الثمن قد يشمل الإعفاء من المصاريف أيضاً ولكنه لا يمتد إلى الإعفاء من دفع رسوم التسجيل فهذه واجبة الدفع على كل حال.

الممنوعون من المزايدة:
يجوز لك شخص أن يتقدم للمزايدة بنفسه أو بوكيل عنه. ولكن هناك أشخاصاً ممنوعين من المزايدة وهم: (1) المدين نفسه فقد كان الأولى به أن يسدد دينه بدلاً من أن يتقدم لشراء العقار – ولكن يلاحظ أن المنع قاصر على المدين فيجوز للحائز وللكفيل العيني دخول المزايدة وإن كان ذلك يؤدى إلى أن يشترى الشخص عقاراً مملوكاً له من الأصل. (2) المحامون الوكلاء عن المدين أو الدائن مباشر الإجراءات. (3) القضاء الذين نظروا بأي وجه من الوجوه إجراءات التنفيذ أو المسائل المتفرعة منه.
ويكون البيع باطلاً إذا وقع شخص من هؤلاء بالذات، أو بالواسطة (عن طريق تسخير الغير). وقد نصت على ذلك المادة (211).

التقرير بالشراء للغير:
قد يكون الشخص الذى حكم بإيقاع البيع عليه مسخراً – أي أنه يشترى باسمه لحساب غيره – وهذه صورة الوكالة المستترة – وقد أجاز له القانون أن يقرر في قلم الكتاب خلال الأيام الثلاثة التالية لإيقاع البيع بأنه قد اشترى لحساب الغير. وفى هذه الحالة يعتبر البيع حاصلاً لذلك الغير مباشرة دون حاجة إلى إجراءات جديدة.

تذييل في انقطاع الإجراءات والحلول:
تنص المادة (453) على أنه إذا لم يودع من يباشر الإجراءات قائمة شروط البيع خلا 45 يوماً بعد تسجيل أخر تنبيه قام هو بإجرائه – جاز للدائن اللاحق في التسجيل أن يقوم بإيداع القائمة ويحل محله في متابعة الإجراءات.
كما تنص ذات المادة في فقرتها الثانية على أنه يجب على من يباشر الإجراءات أن يودع قلم الكتاب أوراق الإجراءات خلال الثلاثة أيام التالية لإنذاره بذلك على يد محضر – وإلا كان مسئولاً عن التعويضات.
وتنص المادة (453) على أنه إذا شطب تسجيل تنبيه الدائن المباشر للإجراءات برضاه أو اعتبر ذلك التسجيل كأن لم يكن بمقتضى حكم صدر بذلك – أو وفقاً لحكم المادة 414 (عدم إيداع قائمة الشروط خلال 90 يوماً من تسجيل التنبيه) – فإنه يجب على مكتب الشهر العقار عند التأشير بهذا الشطب – أن يؤشر به من تلقاء نفسه على هامش تسجيل كل تنبيه أخر يتناول ذات العقار. وعليه خلال الثمانية أيام التالية أن يخبر به الدائنين الذين سجلوا تلك التنبيهات.
وللدائن الأسبق في تسجيل التنبيه أن يسير في إجراءات التنفيذ من أخر إجراء صحيح – على أن يحصل التأشير على هامش تسجيل التنبيه بما يفيد الأخبار بإيداع قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ التأشير عليه وفقاً لحكم الفقرة السابقة من المادة – وإلا اعتبر تسجيل تنبيهه كأن لم يكن.

نتائج التنفيذ العقاري:
تترتب على التنفيذ العقاري نتائج قانونية ينبغي أن نتناولها بشيء من الإيضاح بادئين بالنتائج التي تترب على إجراءات الحجز ومردفين ذلك بالنتائج التي تترتب على البيع.

النتائج المترتبة على الحجز:
كل إجراء من إجراءات الحجز التي سبقت لنا الإشارة إليها تترتب عليه نتائج وأثار قانونية لها أهميتها. كما أن إغفال أي إجراء من هذه الإجراءات قد تترتب عليه آثار قانونية (سلبية) أي أن إغفالها قد يترتب عليه توقيع جزاء هو البطلان أو السقوط أو غير ذلك حسب الأحوال.
فإذا ما بدأنا بالإجراء الأول من الإجراءات المشار إليها وهو إعلان السند التنفيذي % نجد أنه يترتب على تخلفه أثر هام وهو عدم إمكان البدء في التنفيذ. أما الإجراء نفسه فلا يترتب عليه أثر إيجابي معين فهو شرط للبدء في التنفيذ، وليس من إجراءات التنفيذ ذاتها بل هو إجراء سابق عليها أي أنه من مقدمات التنفيذ وليس من إجراءاته. فهو إيذان بالتنفيذ ويجب أن يسبقه.
ويترتب على عدم اتخاذ هذا الإجراء بطلان إجراءات التنفيذ وقد كان القانون القديم يجيز إعلان السند التنفيذي مع تنبيه نزع الملكية في نفس الوقت. ولكن قانون المرافعات الجديد (الصادر في سنة 1968) ينص على أن إعلان السند التنفيذي يجب أن يكون سابقاً على إعلان التنبيه بنزع الملكية: وأية ذلك أن المشرع قد نص على أن التنبيه يجب أن يشتمل على بيان السند التنفيذي وتاريخ إعلانه إلى المدين، فدل ذلك على أن التنبيه يجب أن يكون لاحقاً وأنه إذا ما تم التنفيذ قبل إعلان السند التنفيذي أو معه في نفس الوقت كان باطلاً.
وتقضى القواعد العامة بأن التنفيذ يجب إلا يتم إلا بعد مضى يوم كامل (على الأقل) على إعلان السند التنفيذي. وتطبيق هذه القواعد في مجال التنفيذ العقاري يؤدى إلى القول بأن إعلان السند التنفيذي يجب أن يكون سابقاً على إعلان تنبيه نزع الملكية وأن يفصل بينهما يوم كامل (على الأقل).
أما الإجراء الأول من إجراءات التنفيذ العقاري ذاتها وهو إعلان تنبيه نزع الملكية فلا يترتب عليه سوى أثره الطبيعي الذى تقرره القواعد العامة وهو قطع التقادم وسريان الفوائد.
وإنما تترتب النتائج القانونية الهامة على الإجراء التالي أو اللاحق. وهو تسجيل تنبيه نزع الملكية. وقد جرت العادة على القول بأن إعلان تنبيه نزع الملكية يمنع المدين من التصرف ويقيد حريته في الإدارة والاستغلال. وهو ما سنتولى بيانه بشيء من الدقة وإنما نبادر إلى القول بأن المدين أو على العموم مالك العقار الذى يجرى التنفيذ عليه – يتمتع بسلطات المالك وهى التصرف في العقار من جهة إدارته واستغلاله من جهة أخرى. فإلى أي مدى يتأثر حق المدين في (التصرف) في عقاره وإلى أي مدى يتأثر حقه في (إدارته واستغلاله).
لا حاجة بنا هنا إلى القول بأن أعمال التصرف تختلف عن أعمال الإدارة – فالتصرف في العقار عمل قانونيا يؤدى إلى نقل ملكية العقار أو الانتقاص منه فهو إذن العمل الذى يمس أصل المال أو رأس المال ومثاله البيع والهبة والرهن وترتيب حقوق الارتفاق والانتفاع على العقار. أما أعمال الإدارة فهي تصرفات قانونية لا تمس أصل المال أو رأس المال ومثاله البيع والهبة والرهن وترتيب حقوق الارتفاق والانتفاع على العقار. أما أعمال الإدارة فهي تصرفات قانونية لا تمس أصل المال وإنما تمس ثمرته والثمرة متجددة فالانتقاص منها ليس بالخطورة التي يوصف بها الانتقاص من رأس المال نفسه. ولذلك (منعوا) التصرف في العقار (وقيدوا) أعمال الإدارة.

مدى تأثر حق التصرف في المال بتسجيل التنبيه:
أختلف الشراح في الماضي بشأن النتيجة التي تترتب على تسجيل التنبيه – وذلك بالنسبة لأعمال التصرف التي يجريها المدين في العقار المحجوز عليه. فقال البعض أنه يترتب على تسجيل التنبيه منع المدين من التصرف ولكن هذا القول مردود بأن تسجيل التنبيه لا يخرج العقار من ملك صاحبه ولا يعدو أن يكون إجراء من إجراءات الحجز.
والحجز لا يحول دون القول بأن المدين يظل مالكاً للمال المحجوز بدليل أنه لو بيع العقار بأكثر من قيمة الدين فالفائض يرد إلى المدين لأنه يعتبر مقابل ماله الذى بيع فهو من حقه.
ومتى سلمنا بأن المحجوز عليه مالك فإنه يظل متمتعاً بسلطات المالك وتكون له كافة الحقوق التي للمالك ومنها حق التصرف في المال المملوك له وان كان محجوزاً عليه.
وعلى هذا الأساس فإن الحجز العقاري إعلان تنبيه نزع الملكية وتسجيله – لا يمنع المالك (المدين) من بيع العقار المحجوز أو من رهنه بل أن بيع العقار أو رهنه قد يكون هو الوسيلة لسداد الدين الذى يجرى التنفيذ بمقتضاه فكيف نمنع المدين من الالتجاء إلى هذه الوسيلة مع أنه لو سدد الدين سيتجنب المضي في الإجراءات إذ تصبح عندئذ قائمة على غير سبب.
لذلك اتجه رأى آخر إلى القول بأن تسجيل التنبيه يؤدى إلى الحجز على حرية المدين في التصرف: فيكون منعه من التصرف إذن راجعاً إلى أن الحجز العقاري يصيبه بنوع من نقص الأهلية (أهلية الأداء) فيمنعه من التعامل مادام الحجز قائماً.
على أن هذا القول بدوره مردود: لأن مناط الأهلية هو التمييز والإدراك. ولا شك في أن حجز العقار وتسجيل تنبيه نزع الملكية لا ينتقص أهلية مالك العقار لأنه لا يؤثر على إدراكه أو تمييزه فمن الخطأ إذن أن نقول أن الحجز يؤدى إلى الحجز على المدين أو إلى الانتقاص من أهليته أياً ما كانت صورة ذلك الانتقاص.
وقد قيل – في رأى ثالث – أن تصرف مالك العقار المحجوز عليه سواء في ذلك المدين أو الحائز أو الكفيل العيني يقع باطلاً متى تم تسجيل تنبيه نزع الملكية. ولكن البطلان هنا لأوجه له لأن البطلان جزاء على تخلف شرط من شروط انعقاد (الرضا والمحل والسبب) كان البطلان مطلقاً وان كان العيب ش شرط من شروط الصحة كنقص الأهلية وعيوب الرضا) فالبطلان نسبى. وهنا لا يوجد عيب في ركن من أركان العقد أو في شرط من شروط صحته. فما هو سبب البطلان؟ لاشك في أن القول بالبطلان في هذه الحالة لا محل له إلا أن يقال أنه بطلان من نوع خاص وهذه حيلة العاجز.
ولذلك اتجه الرأي أخيراً إلى أن تصرف المدين في عقاره المحجوز يقع صحيحاً فيما بين طرفيه إذ لا يوجد ما يدعو إلى بطلانه أو منعه وإنما يوقف نفاذ ذلك التصرف في حق الدائن المنفذ إلى أن يؤدى إليه دينه. فاعتبروا أن حق المدين في التصرف لا يمنع ولا يبطل وإنما يوقف نفاذه ويعلق على سداد الدين إلى دائن المباشر للتنفيذ. فهو إذن ليس صورة من صور البطلان ولا صور المنع ولا صور الحجز أو الانتقاص من الأهلية وإنما هو صورة من صور عدم النفاذ inopposabilite ويعتبر الشراح هذا الجزاء (وهو عدم نفاذ التصرف) مقرراً في حق مالك العقار الذى يجرى التنفيذ عليه سواء كانا لمدين أو غيره كالحائز والكفيل العيني: فإن حق المالك في التصرف يتأثر بتسجيل تنبيه نزع الملكية ولكن في هذه الحدود المشار إليها فيما سبق.
ولا يقتصر عدم النفاذ على حق مالك العقار المحجوز في التصرف فيه بل يشمل كل أنواع الحقوق العينية التي تنشأ أو تترتب على العقار بعد تسجيل التنبيه وذلك حماية للدائن المنفذ (من جهة) وخوفاً من التواطؤ والتحايل (من جهة أخرى): فإذا ما ترتب على العقار حق عيني بعد تسجيل هذا التنبيه فإن للدائن المنفذ أن يتجاهل ذلك الحق العيني بمعنى أن الحق العيني المذكور لا ينفذ في حق الدائن ولا يسرى عليه طالما أن حجزه قائم % يستوى في ذلك أن يكون الحق العيني قد ترتب بإرادة المدين أو رغم إرادته كما لو تقرر على العقار حق اختصاص droitaffectation أو حق ارتفاق لصالح الغير: بموجب حكم أو أمر قضائي: فإن تقرير ذلك الحق على العقار وأن كان يتم رغماً عنه إلا أنه قد يوعز إلى غيره ويتواطأ معه على استصدار الحكم أو الأمر بالاختصاص أو بتقرير حق الارتفاق على العقار بما ينتقص من قيمته إضراراً بالدائن فرؤى تجنب هذا التصرف الذى قد يحصل بطريقة خفية غير مباشرة ولا يمكن إقامة الدليل على مساهمة المالك فيه – وذلك بتقرير عدم سريان ذلك الحق العيني في مواجهة الدائن المنفذ. فله أن يتجاهله ويمضى في التنفيذ على أساس تجاهله.
قد يقال: وما ذنب المشترى إذا كان حسن النية واشترى العقار من مالكه وهو لا يعلم أنه محجوز عليه والرد على هذا أن تنبيه نزع الملكية مسجل وهذا كاف في إعلام الغير وتعريفه بأن العقار محجوز عليه فإذا أقدم شخص على شراء عقار أو جزء من عقار وسجل عقده وعلم طبعاً عند التسجيل بوجود تنبيه نزع ملكية (مسجل) فلا يمكن أن يقال أنه حسن النية لأن تسجيل التنبيه كاف لتعريفه بأن هناك إجراءات نزع ملكية متخذة على العقار. فكل التصرفات المسجلة بعد تنبيه نزع الملكية المسجل تعتبر غير نافذة في حق الدائن الحاجز بصرف النظر عن حسن أو سوء نية صاحبها وبصرف النظر عن ثبوت أو عدم ثبوت تاريخها قبل أن يسجل التنبيه: فالعبرة هنا بالمفاضلة بين التسجيلين والعبرة بتاريخ التسجيل الأسبق بصرف النظر عن أي اعتبار أخر أي أن المعيار هنا مادى وهو أسبقية التسجيل. أما التصرفات الحاصلة والمسجلة قبل تسجيل التنبيه فالمفروض فيها أصلاً أنها تسرى ولكن هذا لا يمنع من الطعن فيها بأنها عملت بالتواطؤ ما بين المشترى والمدين أضراراً بالدائن الحاجز فيكون الطعن هنا بالصورية التدليسية أو بالدعوى البوليصة وعلى من يطعن بذلك أن يثبت مدعيه وله الإثبات بكافة الطرق لأن الدائن الحاجز (الطاعن) يعتبر من الغير ولأن الأمر المدعى به في هذا المقام مبنى على أساس وجود غش أو تدليس. والأمر متروك لتقدير المحكمة في هذا الشأن – وهذا هو الفرق بين التصرفات الحاصلة قبل تسجيل التنبيه وبعده.
وعدم النفاذ هنا معناه أن الحجز (تسجيل التنبيه) يضرب حول العقار نطاقاً أو ستاراً يجعله بمنأى عن التأثر بالتصرفات التي تجرى بعد الحجز: أي أن تسجيل التنبيه يجعل العقار بمعزل عن تلك التصرفات أي أن تسجيل التنبيه ينشئ حقاً للدائن وهذا الحق له صبغة عينية من نوع خاص وأن كنا لا نجرؤ على القول بأن تسجيل التنبيه ينشئ للدائن حقاً عينياً يتفوق على كافة الحقوق العينية اللاحقة عليه وذلك لأن الحقوق العينية مقررة في القانون على سبيل الحصر وليس منها حق الدائن (العقاري) الحاجز.
وهذا الستار أو العازل الذى يقف حائلاً يمنع الحق العيني المقرر على العقار من إرسال إشعاعاته إلى الدائن الحاجز أي (يحجز) هذه الإشعاعات عن الدائن الحاجز: هذا الستار يمنع من نفاذ أي حق عيني يقرر على العقار سواء كان حق الملكية أو حق الانتفاع أو حق الارتفاق أو حق الرهن أو حق الاختصاص وسواء كان ذلك الحق مقرراً بإرادة المدين (مالك العقار) أو على غير إرادته كما هو الشأن مثلاً بالنسبة لحق ارتفاق يتقرر على العقار بموجب حكم قضائي في دعوى مرفوعة ضد المدين من أحد جيرانه – وكما هو الشأن بالنسبة لحق اختصاص يحصل عليه دائن أخر لنفس المدين بموجب أمر من القاضي وعلى أساس حكم قضائي (بدين) صادر ضد المدين – وذلك لأن عدم النفاذ هنا مطلق والحكمة فيه لا تخفى على أحد وهى خشية التواطؤ فقد يكون المدين هو المحرك من وراء الستار. ولذلك لا يسرى التصرف إذا كان من شأنه إنشاء أو نقل حق عيني على العقار أو إذا كان من شأنه الانتقاص من قيمة العقار كتقرير حق عيني (بالارتفاق) لصالح عقار مجاور على العقار المنزوعة ملكيته مما يهبط بقيمة العقار عند بيعه بالمزاد.
ويسرى هذا المنع في حق المدين وفى حق من يتعامل معه (كالمشترى) لصالح الدائن الحاجز ولصالح من يقدم على شراء العقار بالمزاد: لأن غاية المنع لا تتحقق إلا إذا استفاد منه من يشترى العقار بالمزاد. فنطاق هذا الأثر من حيث الأشخاص الذين يسرى المنع لصالحهم يشمل الدائن العادي والمرتهن كما يشمل المشترى بالمزاد. ومن حيث الأشخاص الذين يسرى المنع لصالحهم يشمل الدائن العادي والمرتهن كما يشمل المشترى بالمزاد. ومن حيث الأشخاص الذين يسرى المنع ضدهم يشمل مالك العقار أياً كان أي سواء كان هو المدين أم الحائز أم الكفيل العيني كما يشمل من يتعامل مع مالك العقار ومن يتقرر لصالحه الحق العيني المسجل بعد تسجيل التنبيه.
وجدير بالذكر أن سريان هذا المنع في حق الحائز يبدو غريباً لخروجه على القاعدة العامة في المرافعات وهى نسبية أثر الإجراءات فكان ينبغي أن يتقرر هذا المنع في حق المدين من تاريخ تسجيل التنبيه وأن يتقرر في حق الحائز من تاريخ تسجيل الإنذار الموجه إليه. ولكن المشرع قرر هنا أن الحائز يتأثر بتسجيل التنبيه الموجه للمدين أي أن تسجيل التنبيه يؤثر على حق الحائز مع أن التنبيه لم يوجه إليه خلافاً لقاعدة نسبية أثر الإجراء. وقد قرر المشرع ذلك لحكمة هى منع التواطؤ خشية الاتصال الخفي بين المدين والحائز للإضرار بحقوق الدائن وبذلك أوجب المشرع على من يتعامل مع حائز ألا يكتفى بالكشف عن التصرفات العقارية الصادرة من الحائز عليه أن إلى الوراء ويكشف عن تصرفات سلف أو اسلاف الحائز مما يؤدى به إلى اكتشاف وجود التنبيه المسجل.
كما يلاحظ أن هذا المنع لا يقتصر على الحقوق العينية التي تتقرر على العقار بإرادة صاحبه بل يشمل أيضاً ما يتقرر بغير إرادته كالاختصاص والارتفاق وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.
وهذا المنع يتكيف قانوناً بأنه ليس بطلاناً ولا حجراً على المدين ولكنه صورة من صور عدم النفاذ inopposabilité والوسيلة إلى تجنبه وإلى إنفاذ أثر التصرف في حق الدائن الحاجز هى سداد الدين المطلوب وملحقاته.
ويطيب لنا أن نكرر الإشارة إلى أن ما يأتيه المدين من الأعمال القانونية في شأن العقار المحجوز عليه ينقسم إلى قسمين: (1) أعمال تصرف (2) أعمال إدارة.
وهذه هى التفرقة التقليدية المعروفة في القانون المدني. والفرق بين أعمال التعرف وأعمال الإدارة هو أن أعمال التصرف تمس أصل المال أو رأس المال ِأما أعمال الإدارة فتمس الثمرة فقط. ومن شأن أعمال التصرف أن تنقص من أصل المال بشكل نهائي لا يمكن تعويضه أو تجديده ومثالها البيع والهبة وتقرير حق ارتفاع على العقار مثلاً.
أما حقوق الإدارة والاستغلال فهي تتعلق بثمرة العقار دون أن تمس أصله. ومثالها تأجير العقار أو تحصيل أجرته.
وأعمال الإدارة لا تنتقص من قيمة العقار إلا لفترة محدودة لأن الثمرة متجددة كما سبق القول. ولذلك تعامل أعمال الإدارة تشريعياً معاملة أكثر رفقاً من أعمال التصرف فهي لا تمنع مثلها وإنما يكتفى المشرع بتقييدها.

أثر تسجيل التنبيه على حق المدين في إدارة العقار واستغلاله:
لا شك في أن الاعتراف للمدين بأنه مالك للعقار رغم الحجز يؤدى إلى القول بأن له الحق في إدارته واستغلاله أي تأجيره والحصول على أجرته وثمراته.
غير أن المشرع في هذا المقام قد أورد على حقوق المدين قيداً أو جملة قيود نتولى شرحها فيما يلى:

تقييد حق المدين في الإدارة:
ليس الأمر هنا أمر (منع) وإنما يتلخص في مجرد (تقييد) حقوق المدين في إدارة عقاره وذلك على التفصيل الآتي:
أولاً- بالنسبة للتأجير:
لا تنفذ في حق الدائن ومن يلوذ به تصرفات المدين المتعلقة بالتأجير إلا إذا كانت من أعمال الإدارة الحسنة. ويعتبر التأجير من أعمال الإدارة الحسنة إذا كان بسعر المثل وبمدة معقولة.
أما سعر المثل: فهو معروف: لأن الأراضي الزراعية تؤجر بسبعة أمثال الضريبة. فأقل عن ذلك لا يعتبر من أعمال الإدارة الحسنة، أما المباني فقد حدد القانون أجر المثل فيها بحسب تاريخ إنشائها وفقاً للقواعد المقررة في قوانين المساكن.
وأما المدة المعقولة: فهي سنة في المباني وثلاث سنوات في الأراضي الزراعية.
فإن زادت المدة عن ذلك أو قل السعر عن أجر المثل (لظروف معينة) وجب أن يكون عقد الإيجار ثابت التاريخ قبل تسجيل التنبيه (وذلك لدفع مظنة التواطؤ).
أما إذا زادت مدة الإجارة عن تسع سنوات فإنها يجب أن تكون مسجلة على تقدير أن التأجير لمدة تزيد عن 9 سنوات يأخذ حكم أعمال التصرف ويثقل العين بحق لأمد طويل مما يبخس قيمته ويضر بالدائن الحاجز فوجب أن يكون عقد الإيجار مسجلاً قبل تسجيل التنبيه حتى ينفذ في حق الدائن الحاجز وإلا فإنه لا يسرى إلا في حدود (9) سنوات فقط أن كان ثابت التاريخ ولا يسرى فيما زاد عن ذلك. أما إذا لم يكن ثابت التاريخ فإنه لا يسرى إلا في حدود سنة واحدة في المباني وثلاث سنوات في الأراضي الزراعية أن كان بسعر المثل أي معتبراً من أعمال الإدارة الحسنة.
ولا شأن لنا هنا بالامتداد القانوني لعقود الإيجار – فإن هذا حكم استثنائي ووقتي لا مناص من تطبيقه ولكنه لا يؤثر على المبادئ العامة في التأجير – التي أشرنا إليها.

ثانياً- بالنسبة لتحصيل الأجرة مقدماً:
قد يسارع المدين بمجرد وصول التنبيه غليه فيقوم بتحصيل الإيجار مقدماً من المستأجرين لكى يحرم الدائن منه – وقد فرق المشرع في هذا المقام بين جملة فروض:
(1) فإذا أصدر الدائن إيصالاً عن أجرة سنة جاز ذلك ونفذ في حق الدائن بلا قيد ولا شرط (2) وأن زادت قيمة المخالصة عن أجرة سنة فتنقص إلى سنة إلا إذا كانت ثابتة التاريخ (3) أما إذا كان المدين بتحصيل أجرة مقدماً عن أكثر من ثلاث سنوات وجب أن يكون المخالصة مسجلة تسجيلاً كلياً.

ثالثاً- بالنسبة لحوالة الأجرة:
قد يجد المدين أن المستأجر عاجز أو ممتنع عن سداد الأجرة مقدماً فيقوم بتحويل حقه في تحصيل الأجرة إلى الغير ويقتضى قيمة الأجرة مقدماً من الغير ولو مخفضة فتقاس حوالة الأجرة على المخالصات بالأجرة المعجلة بمعنى أنها لابد أن تكون مسجلة أن زادت عن (3) سنوات وثابتة التاريخ أن كانت عن سنتين أو ثلاثة – وتنفذ حوالة الأجرة مقدماً عن سنة واحدة بدون قيد. وذلك على تقدير أن هذا هو أخر ما سيحصل عليه المدين من ملكه فيجب التسامح معه فيه ولو من باب المواساة خصوصاً وان إجراءات التنفيذ العقاري تستغرق في العادة لا أقل من سنة.

إلحاق الثمار بالعقار:
وقد قرر المشرع بالنسبة لحق المدين في استغلال ماله المحجوز عليه قاعدة خاصة بالنسبة للتنفيذ العقاري تقيد حق المدين في استغلال عقاره وجنى ثمراته وهذه القاعدة هى المعروفة باسم (إلحاق الثمار بالعقار) وهى لا سترى إلا بالنسبة للحجز العقاري وقد تقررت بنص خاص مؤداه اعتبار الثمرات، محجوزة مع العقار تبعاً لإجراءات الحجز العقاري ودون حاجة لاتخاذ إجراءات جديدة لحجز الثمرات ذاتها. وقد قيل في تبرير ذلك أن هذا الحكم راجع إلى أن الرهن يشمل العقار وتوابعه ومنها الثمار ولكن هذا مردود بأن إلحاق الثمار بالعقار أثر للتنفيذ لا للرهن ولو كان من أثار الرهن لا لحقت الثمار بالعقار من تاريخ الرهن لا من تاريخ تسجيل التنبيه على أنه قد قيل في هذا المقام أن حق الدائن المرتهن على الثمار يظل كامناً إلى أن تتخذ إجراءات التنفيذ فتحركه فينشط وبذلك يبدأ حق الدائن في الثمرة من تاريخ تسجيل التنبيه – غير أن هذا التبرير خيالي والصحيح أن إلحاق الثمار أثر للتنفيذ لا للرهن ولذلك يستفيد منه الدائن العادي إذا باشر إجراءات التنفيذ العقاري كما يستفيد منه الدائن المرتهن إذا نفذ.
ويترتب على إلحاق الثمار بالعقار أنه عند بيع العقار لا يوزع الثمن وحده على الدائنين وإنما يوزع معه أيضاً ما تراكم من الثمرات وبديهي أن ذلك لا يكون إلا عندما يتضح عدم كفاية الثمن المتحصل من بيع العقار بالمزاد لسداد ديون جميع الدائنين المعتبرين طرفاً في إجراءات التنفيذ العقاري فإذا كان الثمن كافياً فلا مصلحة للدائنين في طلب توزيع الثمار مع الثمن بل ولا مصلحة لهم أصلاً في إلحاق الثمار بالعقار.
ويترتب على إلحاق الثمار أن يعتبر المدين حارساً على العقار وثمراته بحكم القانون فإذا تبين تفريطه في الثمار وعدم كفاية قيمة العقار لسداد الديون يعزل ويعين حارس أخر بدله لجنى الثمرات وإيداعها بالخزينة.
وإلحاق الثمار بالعقار هو نوع خاص من الحجز لأنه ينصب على منقولات ولكنه يتم بإجراءات الحجز العقاري ولأنه ينصب على أشياء مستقبلة وغير محددة فكل محصول يظهر يجد نفسه وقاعاً تحت نير الحجز بمجرد ظهوره وهذا حكم غريب لأن القاعدة في الحجز هى تعيين المحجوزات وهو ما يقتضى وجودها وقت الحجز. كما أن من وجوه الغرابة في هذه الصورة من صور الحجز أن المدين يعتبر حارساً على المحجوزات ولكنه لا يحاسب عنها إلا عند البيع وظهور عدم كفاية الثمن فإذا تبين تقصير الحارس (المدين) في حفظها اعتبر مبدداً ويعاقب بعقوبة التبديد أما قبل ذلك فإن له الحق في جنى الثمار وبيعها بمعرفته بالممارسة الودية بشرط أن يحتفظ بقيمتها لذمة الدائنين عند المحاسبة. وللمدين الحق في أن يأخذ من الثمار ما يكفيه لقوته وقوت عياله وان كان العقار غير مؤجر جاز للحارس (المدين) أن يقوم بزراعته بنفسه وأن كان العقار عبارة عن بناء يقيم المدين فيه أو في جزء منه فيظل مقيماً فيه بلا أجر وإذا تم بيع العقار فلا يطرد بل يبقى مقيماً ويتحول إلى مستأجر ويلزم بأجر المثل. (وهذا الحكم مقرر في القوانين الاستثنائية الخاصة بإيجار المساكن).
على أن تحديد ما يلحق بالعقار من الثمار يحتاج إلى شيء من التأمل: لأن الثمار إما أن تكون مدنيه وهى أجرة العقار أن كان مؤجراً فتحسب من اليوم التالي لتسجيل التنبيه وتستحق يوماً بيوم. أما أن كانت ثماراً طبيعية وهى المحاصيل الزراعية فيجب من باب العدالة عمل نسبة بين المدة السابقة على تسجيل التنبيه (من يوم البدء في الزرع والمدة اللاحقة حتى تاريخ جنى المحصول) – ولا تلحق بالعقار سوى نسبة معادلة للمدة الأخيرة (اللاحقة). ومثال ذلك أن تستغرق مدة نضج المحصول من تاريخ بدء الزراعة لتاريخ الجنى 7 شهور مثلاً ولا يعمل التنبيه إلا بعد مضى 5 شهور فتلحق بالعقار ما يعادل قيمة 7:2 من الثمار ويبقى للمدين حقه كاملاً غير منقوص في 7:5 من المحصول وذلك حتى يتكاسل المدين إذا كان مزارعاً في فلاحة الأرض خوفاً من أن يحصل الدائن على ثمرة جهده كلها بجرة قلم. ويبرر الشراح هذا الحل بقياسهم على حالة وفاة المنتفع قبل إدراك الزرع فإن حق الانتفاع ينتهى بالوفاة ولكن يعطى ورثة المنتفع من المحصول ما يعادل قيمة المدة السابقة على الوفاة لأن المنتفع قد أنفق وبذلك الجهد لكى ينبت ذلك المحصول فيعوض ورثته عن جهده ونفقاته بما يعادل قيمة المدة السابقة على الوفاة منسوبة إلى المدة التي يستغرقها إنضاج المحصول من يوم البدء في زراعته إلى يوم حصاده أو جنيه.
ويمكن للدائن أن يحصل على إذن من قاضى التنفيذ بضم المحصول أي جنيه إذا اتضح أن المدين مقصر في ذلك أو كان هناك خطر يخشى من قيام المدين بالجنى فعندئذ يتولى الدائن جنى المحصول وتخزينه وبيعه وإيداع ثمنه في خزينة المحكمة.
يضاف إلى ما تقدم أن من أثار تسجيل التنبيه تأمين فوائد الدين إذا كان مضموناً برهن بحيث يدخل في توزيع ثمن العقار بعد بيعه فوائد سنتين سابقتين على تسجيل التنبيه بالإضافة إلى أصل الدين وتضاف كذلك فوائد المدة اللاحقة أي من تاريخ تسجيل التنبيه إلى يوم رسو المزاد. وتكون للفوائد نفس المرتبة التي لأصل الدين من حيث الأولوية في التوزيع. وقد نصت على ذلك المادة (1058) مدنى.
وباقي إجراءات التنفيذ العقاري لها آثارها – ويكفى في ذلك الرجوع إلى نصوص القانون لتوضيح ما شرح بالمحاضرات شفوياً.

منازعات التنفيذ العقاري:
تعرض المنازعات في التنفيذ العقاري بصورة اعتراضات على قائمة الشروط أو في صورة طلبات بالتأجيل أو الإيقاف أو في صورة دعوى استحقاق فرعية.

الاعتراضات على قائمة الشروط:
ذكرنا فيما تقدم في سياق عرض إجراءات الحجز العقاري أنه بعد تسجيل التنبيه يتقدم الدائن الذى يباشر الإجراءات إلى قلم كتاب محكمة التنفيذ بما يسمى (قائمة شروط البيع) وذلك خلال ِ(90) يوماً من تاريخ تسجيل التنبيه. وتتضمن هذه القائمة بيان قصة التنفيذ من بدايتها وعناصره والإجراءات التي اتخذت بشأنه وترفق بها وثائق معينة.
فإذا لم تودع هذه القائمة خلال الميعاد المشار إليه فإنه يترتب على ذلك اعتبار تسجيل التنبيه كأن لم يكن ويجب إعادة التسجيل أما التنبيه ذاته فلا يسقط. ويجب أن تشتمل القائمة على بيانات معينة (مادة 414) وان تقترن بمرفقات معينة، ويترتب الإعلان على نقص أو تخلف تلك البيانات أو إغفال تلك المرفقات.
وبإيداع القائمة ينفتح باب المنازعات في التنفيذ العقاري: ذلك بأن قلم الكتاب عند إيداع القائمة يحدد جلسة للبيع كما يحدد في نفس الوقت جلسة احتمالية لما عساه أن يقدم من اعتراضات. فإذا لم تقدم اعتراضات سقطت الجلسة الاحتمالية ونمضى قدماً إلى جلسة البيع المحددة في محضر إيداع القائمة – أما إذا قدمت اعتراضات فإنها تنظر في الجلسة المحددة لنظر الاعتراضات (ويؤدى ذلك إلى سقوط جلسة البيع). أي أن إيداع قائمة الشروط وتحديد الجلستين هو الذى يتيح الفرصة لإبداء الاعتراضات ويفتح الباب لهذه المنازعات.
ولهذا يجب أن تكون الاعتراضات على قائمة شروط البيع محلاً لاهتمامنا.

معنى الاعتراضات:
الاعتراضات على قائمة الشروط هى كل المطاعن أو المنازعات التي يمكن أن يعترض بها على التنفيذ. وهذه الاعتراضات قد تبدى من جانب المدين نفسه أو من جانب الغير.
إجراءات الاعتراض وميعاده:
وتبدى الاعتراضات أياً كان نوعها بطريق معين نص عليه المشرع وهو التقرير بها في قلم كتاب محكمة التنفيذ: ولا يغنى عن ذلك رفع دعوى أو توجيه إنذار أو تقديم طلب أو عريضة لأن المشرع قد رسم للإجراء طريقاً مخصوصاً هو التقرير في قلم الكتاب. وللتقرير ميعاد مخصوص كذلك فيجوز تقديم الاعتراضات في أي وقت من تاريخ إيداع القائمة إلى ما قبل جلسة الاعتراضات بثلاثة أيام على الأقل. وهذا الميعاد غريب لأنه يحسب من طرفه الأقصى ولذلك نسميه بالميعاد المرتد لأن حسابه يكون عن طريق الارتداد إلى ما وراء الجلسة (جلسة الاعتراضات) بثلاثة أيام: فلا يجوز تقديم الاعتراضات في الجلسة ذاتها ولا في اليوم السابق عليها ولا في اليومين السابقين على ذلك اليوم وإنما يجوز ذلك في اليوم الرابع قبل الجلسة وبعد ذلك يغلق باب الاعتراضات.
على أنه إذا قدمت اعتراضات جاز لغير أطراف التنفيذ أن يتدخلوا في الاعتراضات القائمة لإبداء ما لديهم من طعون أو اعتراضات ولو كانت من نوع أخر غير نوع الاعتراضات المنظورة أي أن التدخل هنا ليس تدخلاً (إنضمامياً)، وإنما هو تدخل هجومي من نوع خاص – على أن حق الغير في هذا النوع من التدخل رهين بأن تكون ثمة اعتراضات منظورة ومصيره معلق على مصير تلك الاعتراضات فإن سقطت أو تنازل عنها أصحابها سقط اعتراض المتدخل. ويشترط أن يكون المتدخل من الغير أما أطراف التنفيذ فإن حقهم يسقط إذا لم يقدموا اعتراضاتهم إلى ما قبل جلسة الاعتراضات بثلاثة أيام: ولا يجوز لهم إبداء أي اعتراض ولو بطريق التدخل في اعتراض قائم لأن التدخل حق للغير فقط ولا يجوز السماح به لأطراف التنفيذ لأن لهم طريقهم الخاص في الاعتراض.
أما أطراف التنفيذ فهم: المدين والحائز والكفيل العيني والدائنون المرتهنون ومن في حكمهم (من أصحاب الحقوق العينية المقيدة)÷ كصاحب حق الاختصاص أو الامتياز – ويدخل في هذه الزمرة الدائنون العاديون الذين سجلوا تنبيهات أخرى (خلاف مباشر الإجراءات) فهؤلاء يجب أن يتقدموا باعتراضاتهم في الميعاد وإلا سقط حقهم في إبدائها أياً ما كانت الوسيلة.

أنواع الاعتراضات:
وتنقسم الاعتراضات من حيث موضعها إلى ثلاثة مجموعات (أولها) وجوه البطلان (وثانيها) الملاحظات (وثالثها) الطلبات الخاصة.

المجموعة الأولى - وجوه البطلان:
وجوه البطلان إما أن تكون شكلية تتعلق بالإجراءات وإما أن تتعلق بالموضوع.

(1) أما وجوه البطلان الشكلية:
فإما أن ترجع إلى التنبيه أو الإنذار أو القائمة.
فمن وجوه البطلان الشكلي التي ترجع إلى تنبيه نزع الملكية: وجود نقص في بياناته التي أوجب القانون مراعاتها وعل البطلان جزاء لإغفالها (مادة 401)، أو سقوط تسجيله (مادة 412) أو أن يكون غير مسبوق بإعلان السند التنفيذي أو لم يذكر فيه تاريخ إعلان ذلك السند.
وأما وجوه البطلان الشكلي التي ترجع إلى إنذار الحائز: فمنها إغفال هذا الإنذار كلية أو حصوله قبل التنبيه أو دون تبليغ التنبيه للحائز (مادة 411) أو عدم تسجيل الإنذار في الميعاد أو إغفال التأشير به على هامش تسجيل التنبيه أو تجاوز الميعاد المحدد لذلك (مادة 412 و 413).
وأما ما يتصل بالقائمة في مجال البطلان الشكلي: فمثالها: النقص في بياناتها (مادة 412) أو في مرفقاتها (مادة 415) أو إيداعها بعد مضى 90 يوم على تسجيل التنبيه (مادة 414).

(2) أما وجه البطلان الموضوعي:
فهي إما أن تتعلق بالدين المطلوب للتنفيذ بمقتضاه أو بالسند التنفيذي أو بالعقار الذى يجرى التنفيذ عليه.
أما وجوه البطلان الراجعة إلى الدين – فمثالها أن يكن الدين قد انقضى بالتقادم أو بالوفاء أو نحو ذلك، أو أن يكون غير محقق الوجود.
وأما وجوه البطلان المتعلقة بسند التنفيذ فمثالها أن يجرى التنفيذ بعقد رسمي حصل الطعن فيه بالتزوير أو بموجب حكم غير نهائي ولا مشمول بالنفاذ أو قضى بوقف نفاذه.
أما وجوه البطلان المتعلقة بالعقار محل التنفيذ شمالها أن يكون التنفيذ حاصلاً على عقار لا يجوز حجزه كالخمسة أفدنه الأخيرة من ملك المزارع أو العقار الموهوب بشرط عدم التصرف فيه أو العقار الموقوف ونحو ذلك.
المجموعة الثانية من الاعتراضات: الملاحظات:
يجوز إبداء ملاحظات – ممن تكون له مصلحة في ذلك – على الشروط الواردة في قائمة شروط البيع، وهذه الملاحظات إما أن يكون الغرض منها الحذف أو الإضافة أو التغيير.

1- الملاحظات بالحذف:
الغرض منها هو الاعتراض على بعض الشروط التي تتضمنها القائمة وطلب حذفها ويندرج تحت هذا النوع من الملاحظات ما يتعلق بالقانون أو بالملائمة:
أ) كطلب حذف شرط من شروط القائمة لمخالفته للنظام العام:
كما لو كان يتضمن اقتضاء فوائد ربوية أو استبعاد طائفة معينة من دخول المزاد (أي قصر المزايدة على فريق من الناس). لأن ذلك يخل بعلانية المزاد وبمبدأ المساواة بين المواطنين. وفى هذه الحالة يكون الشرط المطلوب حذفه مخالفاً للقانون مخالفة جسيمة تتصل بالنظام العام.

ب) أو طلب حذف شرط مخالف القانون:
كما لو اشترط مقدم القائمة عدم رد الثمن إلى من يتم إيقاع البيع عليه حتى لو تبين أن العقار المنزوعة ملكيته غير مملوك للمدين، لأن ذلك يخالف نص المادة 416 مرافعات التي تقرر أنه لا يجوز أن تتضمن قائمة شروط البيع الإعفاء من رد الثمن في حالة استحقاق البيع. كما أنه يخالف القواعد العامة في القانون إذ يعتبر من قبيل الإثراء بلا سبب وهو غير جائز.
وفى هذه الحالة يكون الشرط مخالفاً للقانون ولكن المخالفة لا ترقى إلى حد المساس بالنظام العام.

ج) أما حالات الحذف التي تتعلق بالملاءمة:
وإن لم يكن فيها مخالفة للقانون فمثالها طلب حذف شرط طار بالمزايدة: لما فيه من التشدد كاشتراط دفع الثمن كله نقداً وفوراً أو لما فيه من التساهل كتقسيط الثمن على دفعات صغيرة متباعدة.

2- أما الملاحظات بالإضافة:
فيقصد منها إضافة بند لقائمة شروط البيع كما في حالة من يكون له حق ارتفاق على العين المنزوع ملكيتها، أو من يكون مستأجراً لها، ويرغب الإشارة إلى حقه في القائمة حتى يكون المشترى على بينة من ذلك، ولو كانت هذه الحقوق مما يسرى في حق الراسي عليه المزاد أي من يتم إيقاع البيع عليه كما لو كانت مسجلة أو ثابتة التاريخ حيث ينبغي ذلك ولكنها تضاف ليطمئن قلب صاحب الحق.

3- أما الملاحظة التي يقصد منها إلى تعديل شروط القائمة:
فمثالها: أن يطلب المعترض تجزئة العقار المنفذ عليه إلى صفقات يقدر لكل منها ثمن أساسي خاص، وتباع كل صفقة منها على استقلال وذلك إذا كانت القائمة تتضمن بيع العقار كله كوحدة واحدة مع كبر مساحته أو علو قيمته.
وإما أن تكون بطلب توحيد العقار إذا كانت القائمة تتضمن تجزئته إلى صفقات تؤدى إلى تفتيته والهبوط بقيمته – أو بجمع بعض هذه الأجزاء في صفقة واحدة. أو بتعديل طريقة التجزئة.
وقد تتعلق الملاحظة بالثمن الأساسي فيجب تقديمها بطريق الاعتراض وفى ميعاده، وإلا سقط الحق فيها: كما لو كان المطلوب هو تقدير ثمن أساسي خلاف المقدر في قائمة الشروط (أعلى أو أدنى) أو الاعتراض على كيفية تقدير الثمن الأساسي من حيث معياره أو ضوابطه فكل هذه ملاحظات يجب أن تبدى بطريق الاعتراض وفى ميعاده.

المجموعة الثالثة من الاعتراضات - الطلبات الخاصة:
وهذه الطلبات تتلخص فيما يأتي:
أولاً- طلب تأجيل إجراءات بيع العقار:
نص المشرع في المادة 424 فقرة 2 على أنه يجوز للمدين أن يطلب (بطريق الاعتراض على القائمة) تأجيل إجراءات البيع إذا ثبت أن له أموالاً تغل ريعاً صافياً يوازى مقداره في سنة واحدة ما يكفى لوفاء ديون الدائنين الحاجزين والذين أصبحوا طرفاً في الإجراءات.
ولا يشترط أن يكون الريع ناتجاً عن العقار المنزوعة ملكيته بل يمكن أن ينتج عن عقارات أخرى أو عن منقولات تدر إيرادا كشهادات الاستثمار وسيارات النقل مثلاً.
وفى هذه الحالة يحكم القاضي في جلسة الاعتراضات بتأجيل البيع لمدة سنة أو أكثر وذلك لإعطاء المدين فرصة للوفاء بهذه الديون ويحدد الحكم موعداً تبدأ فيه إجراءات البيع في حالة عدم الوفاء. وقد نص القانون الجديد على جواز تقديم مثل هذا الطلب في أية حالة تكون عليها الإجراءات إلى ما قبل اعتماد العطاء إذا طرأت ظروف تبرر ذلك.

ثانياً- طلب قصر التنفيذ على بعض العقارات:
ويجوز لكل من المدين والحائز طبقاً للفقرة الأولى من المادة 424 أن يطلب بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع وقف إجراءات التنفيذ على عقار أو أكثر من العقارات المعينة في التنبيه إذا ثبت أن قيمة العقار الذى تظل الإجراءات مستمرة بالنسبة إليه تكفى لوفاء ديون الحاجزين وجميع الدائنين الذين أصبحوا طرفاً في الإجراءات فيحكم القاضي في هذا الاعتراض بقصر التنفيذ على هذا البعض من العقارات وإيقاف البيع مؤقتاً بالنسبة للباقي – ويعين الحكم الصادر في هذا الاعتراض العقارات التي تقف الإجراءات مؤقتاً بالنسبة إليها.
فإذا تبين بعد إيقاع البيع أن هذا التقدير كان خاطئاً وأن قيمة العقار الذى اقتصر التنفيذ عليه لم تكف لوفاء الديون جاز لكل دائن أن يمضى في التنفيذ على العقارات التي أوقف التنفيذ بالنسبة لها.
وقد أجاز القانون الجديد إبداء هذا الطلب (إذا طرأت ظروف تبرر ذلك) في أية حالة تكون عليها الإجراءات إلى ما قبل اعتماد العطاء.

ثالثاً- طلب إيقاف التنفيذ على الحصة الشائعة:
نصت المادة (423) على أنه إذا كان التنفيذ يجرى على حصة شائعة تدخل ضمن أعيان مفرزة وكان ثمة دائن له حق مقيد على تلك الأعيان المفرزة جاز له أن يبدى رغبته في التنفيذ على الأعيان المفرزة ويطلب – بطريق الاعتراض على قائمة البيع – وقف إجراءات التنفيذ الخاصة بالحصة الشائعة.
وفى هذه الحالة يصدر الحكم بوقف الإجراءات على الحصة الشائعة بصفة مؤقتة وتحدد للمعترض مدة يجب أن يبدأ خلالها في التنفيذ على الأعيان المفرزة، فإذا انقضت هذه المدة دون أن يبدأ ذلك المعترض إجراءاته فإن الإجراءات الموقوفة يأخذ مجراها من جديد ويجوز المضي في التنفيذ على الحصة الشائعة.
وفى هذه الحالة يصدر الحكم بوقف الإجراءات على الحصة الشائعة بصفة مؤقتة وتحدد للمعترض مدة يجب أن يبدأ خلالها في التنفيذ على الأعيان المفرزة، فإذا انقضت هذه المدة دون أن يبدأ ذلك المعترض إجراءاته فإن الإجراءات الموقوفة يأخذ مجراها من جديد ويجوز المضي في التنفيذ على الحصة الشائعة.

رابعاً- حالات أخرى لها حكم خاص:
وتبقى بعد ذلك حالات أخرى لها حكم خاص:
منها: حالة رفع دعوى بالفسخ على المدين، وصورة المسألة أن يكن المدين قد اشترى عقاراً ولم يدفع ثمنه ثم قام أحد دائنيه باتخاذ إجراءات التنفيذ على ذلك العقار باعتباره ملكاً للمدين – وقام بائع العقار برفع دعوى ضد المدين بفسخ البيع لعدم دفع الثمن – ففي هذه الحالة يوجب القانون على رافع دعوى الفسخ أن يدون ذلك في ذيل قائمة شروط البيع في الميعاد المحدد لتقديم الاعتراضات وإلا سقط حقه في الاحتجاج بحكم الفسخ على من حكم بإيقاع البيع عليه.
ومنها: حالة رفع الدعوى بنقض البدل وهى تماثل الحالة السابقة وصورة المسألة فيها أن يمتلك المدين العقار بطريق البدل (المقايضة) ويخل بشروط البدل فيرفع عليه المتبادل معه دعي بفسخ عقد البدل (وتسمى في العمل دعوى نقض البدل) فيوجب القانون تدوين ما يدل على ذاته في ذيل قائمة الشروط في الميعاد المحدد لتقديم الاعتراضات حتى يكون الحكم في الدعوى حجة على الراسي عليه المزاد (أي من حكم بإيقاع البيع عليه) – وتوقف إجراءات التنفيذ إذا تم تدوين ما يدل على رفع دعي الفسخ في ذيل القائمة في الميعاد وقدم الدليل على ذلك.
وقد نصت على هاتين الحالتين المادة (425) من قانون المرافعات الجديد وتقابلها المادة (650) من القانون الملغى.

الاختصاص بالاعتراضات والطعن فيها:
يختص بنظر الاعتراضات قاضى التنفيذ الذى يجرى التنفيذ في دائرة عمله وذلك بصرف النظر عن موضوع تلك الاعتراضات أو قيمة النزاع الذى تنصب عليه مع أن قاضى التنفيذ هو قاضى جزئي وقد تزيد قيمة الاعتراضات عن نصاب القضاء الجزئي هو 500 جنيه.
ويجوز الطعن في الحكم الصادر في الاعتراض – وذلك بطريق الاستئناف، ويرفع إلى المحكمة الابتدائية المختصة إذا كانت قيمة النزاع في حدود 500 جنيهاً – أما إذا زادت عن ذلك فيرفع الاستئناف رأساً إلى محكمة الاستئناف العليا التي تقع في دائرتها المحكمة الجزئية التي يتبعها قاضى التنفيذ، وتتاح عندئذ فرصة الطعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف العليا.
وميعاد الاستئناف في الحالتين أربعون يوماً تبدأ من تاريخ صدور الحكم في الاعتراض وليس ذلك إلا تطبيقاً للقواعد العامة في الاستئناف.

تأجيل البيع وإيقافه:
أما النوع الثاني من منازعات التنفيذ العقاري وهى المنازعات أو الطوارئ التي تثور أمام قاضى التنفيذ في جلسة البيع ذاتها – فإما أن تتعلق بتأجيل البيع أو إيقافه.

تأجيل البيع:
يرجع التأجيل إلى جملة أسباب منها ما يتعلق بالقانون ومنها ما يتعلق بالملائمة.
1- فقد يكون سبب التأجيل هو عدم إتمام إجراءات الإعلان عن البيع – أي إجراءات اللصق والنشر المنصوص عليها في المواد 428 و 429 و 430 – وقد نصت المادة (432) على أن وجوه البطلان المتعلقة بالإعلان عن البيع يجب أن نبدى قبل جلسة البيع بثلاثة أيام – والوسيلة إلى ذلك هى التقرير بذلك في قلم الكتاب – وإلا سقط الحق فيها.
ويحكم قاضى التنفيذ ببطلان الإعلان أو بعدم بطلانه في جلسة البيع ذاته قبل افتتاح المزايدة، وحكمه في هذا الشأن لا يقبل الطعن بأي طريق. فإذا حكم ببطلان إجراءات الإعلان فإنه يؤجل البيع غلى جلسة أخرى يحددها ويأمر بإعادة هذه الإجراءات.
أما إذا قضى برفض طلب البطلان فأنه يأمر بإجراء المزايدة على الفور.
ويجب هنا أن نفرق بين أمرين:
أولهما: ألا تتم إجراءات الإعلان أصلاً – أو ألا تتم كلها – بل يتم بعضها دون البعض الأخر – كأن يجرى اللصق ولا يتم النشر أو يتم النشر دون اللصق.
وفى هذه الحالة يتعين على القاضي تأجيل البيع ولو من تلقاء نفسه لحين إتمام الإجراءات، ويجب إعادتها كلها من جديد.
ثانيهما: أن تتم إجراءات الإعلان ولكن يشوبها بطلان – كأن يتم اللصق أو النشر دون مراعاة المواعيد المنصوص عليه في القانون ( المادة 428) أو دون أن تتضمن الإعلانات البيانات المنصوص عليها في تلك المادة – أو يتم اللصق في بعض الأماكن التي حددتها المادة 429 دون البعض الأخر.
وفى هذه الحالة لا يقرر القاضي تأجيل البيع من تلقاء نفسه بل ينبغي أن يتقدم أحد أصحاب الشأن بطلب بطلان الإجراءات وان يحكم القاضي بقبول هذا الطلب شكلاً وموضوعاً.
ومثل هذا الطلب لا يقبل شكلاً إلا إذا قدم قبل جلسة البيع بثلاثة أيام على الأقل – وفى صورة تقرير بقلم الكتاب.
أما قبول الطلب موضوعاً فهو متوقف على تقدير القاضي لأهمية الإجراء الناقص، لأن القانون (الجديدِ) لا يقرر أن الإعلان يكون باطلاً عند عدم مراعاة أحكام المواد 428 و 429 و 430 – وهى المواد التي تبين أوضاع الإعلان ومواعيده – ولذلك يرجع القاضي إلى القواعد العامة في البطلان – فيقضى به عند وجود عيب لا تتحقق معه الغاية من الإجراء – وذلك طبقاً للمادة (420) من قانون المرافعات – الخاصة بالبطلان.
ولما كان حكم القاضي في هذه الحالة غير قابل للطعن، فإن مسألة البطلان هنا تكون في الواقع تقديرية ومتروكة للقاضي.
على أن التأجيل في حالة الحكم ببطلان إجراءات اللصق أو النشر أو لعدم إتمامها أصلاً – هو تأجيل راجع إلى سبب قانونيا.

2- وقد يكون سبب التأجيل: هو عدم إخبار أصحاب الشأن بإيداع قائمة شروط البيع وبجلسة البيع، فقد نصت المادة (435) على أن قاضى التنفيذ يتولى إجراء المزايدة في اليوم المحدد للبيع بعد التحقق من إعلان أصحاب الشأن بإيداع القائمة وبجلسة البيع، وجاء في المذكرة الإيضاحية أن المشرع قد أتجه إلى منح قاضى التنفيذ سلطة فعالة للتحقق من صحة الإجراءات ومن حصولها في مواجهة أصحاب الشأن فأوجب عليه أن يتحقق من تلقاء نفسه قبل البيع من أخبار جميع أصحاب الشأن بإيداع القائمة وإلا وجب عليه تأجيل الجلسة لإخبار من لم يعلن.
ويحكم القاضي بالتأجيل في هذه الحالة من تلقاء نفسه حتى إذا لم يتقدم أحد بطلب التأجيل لهذا السبب. وهذا السبب بدوره هو من أسباب التأجيل القانونية.

3- وقد يكون التأجيل لأسباب أخرى – دون حصر – فقد نصت المادة (436) على أنه يجوز تأجيل المزايدة بذات الثمن الأساسي بناء على طلب كل ذي مصلحة إذا كان للتأجيل أسباب قوية. فسبب التأجيل هنا راجع للملاءمة.
وتقدير هذه الأسباب القوية وتقدير قوتها متروك للقاضي، فقد يرى تأجيل البيع نظراً لانقطاع المواصلات أو لهطول أمطار غزيرة عاقت عددا من راغبي الشراء عن الحضور (وقد صدرت أحكام بهذا المعنى فعلاً من القضاء المختلط) – وقد يرى تأجيل البيع إذا تبين له أن المدين قد استجدت له أموال – عن طريق ميراث مثلاً أو كسب جائزة – تمكنه من الوفاء.
ولا يحكم القاضي بالتأجيل هذه الحالة إلا بناء على طلب يقدم إليه من ذوي المصلحة، وقرار التأجيل هنا على كل حال لا يقبل الطعن بأي طريق.

4- وقد يقع التأجيل إذا لم يتقدم أحد أصحاب الشأن ممن ذكروا في المادة 435 بطلب إجراء البيع، فإن هذه المادة تقرر أن القاضي يتولى إجراء المزايدة بناء على طلب من يباشر التنفيذ أو الحائز أو الكفيل العيني أو أي دائن أصبح طرقاً في الإجراءات، وإذا جرت المزايدة دون طلب أحد من هؤلاء كان البيع باطلاً. فسبب التأجيل هنا قانونيا.
فإذا حلت جلسة البيع ولم يطلب أحد إجراء المزايدة فإن القاضي لا يستطيع أن يجرى المزايدة من تلقاء نفسه، ولا يوجد في القانون نص يقرر ما يجب على القاضي أن يفعله في هذه الحالة وقد ذهب رأى القاضي أنه يحكم بالشطب على أن يكون مفهوماً أن معنى الشطب في هذه الحالة هو إيقاف الإجراءات إلى أن يتقدم أحد ذوى الشأن بطلب تحديد جلسة جديدة للبيع ومفاد ذلك هو تأجيل جلسة البيع إلى أجل غير مسمى، ولكن ليس ثمة ما يمنع في رأينا أن يقرر القاضي التأجيل إلى جلسة أخرى يحدد تاريخها – أو يقضى بالشطب في حالة تخلف ذوى الشأن عن الحضور، والشطب هنا هو شطب للإجراءات لأنه لا توجد دعوى فلا مانع من طلب تحديد جلسة أخرى للبيع في أي وقت بعد ذلك – دون تقيد بالمواعيد المقررة في شطب الدعوى أو بالجزاء المقرر لذلك (مادة 82).  

5- وقد يقع التأجيل نتيجة لعدم تقدم أحد للشراء، في هذه الحالة يقترن التأجيل بتنقيص العشر أي عشر الثمن الأساسي، ويجوز أن يتكرر ذلك أكثر من مرة (مادة 438). وسبب التأجيل هنا قانونيا.

6- ويراعى هنا ما سبقت الإشارة إليه من أنه إذا طرأت ظروف تبرر تطبيق المادة 424 بفقرتيها فيمكن التقدم بطلب إلى قاضى التنفيذ في أية حالة تكون عليها الإجراءات وإلى ما قبل صدور الحكم باعتماد العطاء – ويطلب هنا تأجيل الإجراءات لمدة سنة على أساس أنه قد استجدت للمدين أموال يكفى ريعها السنوي لسداد الديون المطلوبة. والتأجيل هنا يتعلق بالملائمة ويكون لمدة طويلة لا تقل عن سنة وقد تزيد.

طلبات الإيقاف الوجوبي والجوازي:
أ) حالات الإيقاف الوجوبي:
1- إذا وجدت منازعة في السند التنفيذي تدعو إلى إيقافه – كما لو كان التنفيذ يجرى بمقتضى حكم غير نهائي ولكنه مشمول بالنفاذ المعجل وحلت جلسة البيع قبل أن يصبح الحكم نهائياً (مادة 426) أو إذا كان الحكم نهائياً ولكن طعن فيه بالنقض وقضت محكمة النقض بوقف نفاذه – أو إذا كان التنفيذ يجرى بعقد رسمي طعن عليه بالتزوير ووقفت صلاحيته للتنفيذ نتيجة لصدور حكم المحكمة (التي تنظر في الادعاء بالتزوير) بقبول شواهد التزوير وبإجراء التحقيق في شأن الادعاء بالتزوير. ولكن الطعن بالتزوير وحده لا يكفى.

2- في حالة رفع دعوى الفسخ أو نقص البدل – عندما يكون المنفذ ضده قد اشترى العقار أو قايض به ورفع البائع أو المقايض دعوى بفسخ عقد البيع أو المقايضة وتم تدوين ما يفيد رفع هذه الدعوى في ذيل قائمة شروط البيع في الميعاد المحدد للاعتراضات (مادة 425): فإذا قدم الدليل على ذلك توقف الإجراءات.
وتقرر المادة 425) السالفة الذكر أن إجراءات التنفيذ على العقار في هذه الحالة "توقف" أي أن الوقف يتم بقوة القانون – ولكن إذا حدث السير في إجراءات البيع بطريق الخطأ رغم تدوين شيء من ذلك في ذيل القائمة في الميعاد – فإنه يجب على قاضى التنفيذ أن يحكم بإيقاف البيع إذا طلب منه ذلك ومن تلقاء نفسه إذا تنبه إليه.

3- وكذلك الحال فيما يتعلق برفع دعوى الاستحقاق الفرعية – إذا حلت جلسة البيع قبل الجلسة المحددة لنظر دعوى الاستحقاق – (أو قبل أن يحكم في دعوى الاستحقاق بوقف إجراءات البيع).
ولكن يشترط لذلك أن يطلب مدعى الاستحقاق إيقاف البيع قبل جلسة البيع بثلاثة أيام على الأقل ولم يستلزم المشرع هنا التقرير بذلك في قلم الكتاب فيجوز التقدم بهذا الطلب إلى قاضى التنفيذ بموجب عريضة تقدم إليه قبل البيع بثلاثة أيام.
وفى هذه الحالة يتعين إيقاف البيع متى تحقق القاضي من استيفاء الإجراءات التي يتطلبها القانون في دعوى الاستحقاق الفرعية (المادة 455).

4- ويكون الإيقاف وجوبياً كذلك في حالة ما إذا كانت هناك اعتراضات على قائمة شروط البيع مقدمة في الميعاد ولم يفصل فيها بأحكام واجبة النفاذ إلى أن حلت جلسة البيع، كما لو فصل في الاعتراض برفضه ولم يصبح حكم الرفض نهائياً أو استأنف أو بقى منظوراً أمام المحكمة.
على أنه إذا حكم برفض الاعتراض بحكم مشمول بالنفاذ المعجل فإن سياق نص المادة يوحى بأنه يجوز إجراء البيع رغم ذلك ولا يكون الوقف وجوبياً – وهو ما لا نظن أن المشرع قد اتجه إليه لأنه لا يجيز إجراء البيع إلا بعد تصفية جميع الاعتراضات تصفية نهائية حتى لا يكون حكم إيقاع البيع مهدداً – فالحل العملي في مثل هذه الحالة هو الإيقاف الجوازي.

الطعن في حكم الإيقاف الوجوبي:
في حالات الإيقاف الوجوبي يكون الحكم قابلاً للطعن فيه – إذا صدر إيجابياً أي بالإيقاف، أما إذا صدر سلبياً (يرفض الإيقاف الوجوبي) فإنه يعقبه البيع – ولذلك يطعن فيه عن طريق الطعن في حكم إيقاع البيع نفسه (عن طريق استئنافه) خلال خمسة أيام من صدوره.
على أن الحكم بالإيقاف أو برفض الإيقاف بسبب رفع دعوى استحقاق فرعية فإنه لا يقبل الطعن بأي طريق (مادة 456).


ب) حالات الإيقاف الجوازي:
يجوز لقاضى التنفيذ في غير الحالات السابق بيانها أن يقضى بإيقاف إجراءات التنفيذ إذا طلب منه ذلك وقدر أن لطلب الإيقاف وجاهته، وهذه مسألة تقديرية للقاضي.
على أنه ينبغي إذا كان طالب الإيقاف ممن يحق لهم الاعتراض على القائمة أن يكون السب الذى يبنى عليه طلب الإيقاف قد طرأ بعد الميعاد المحدد لتقديم الاعتراضات على قائمة الشروط لأنه إذا كان هذا السبب قائماً قبل ذلك فإنه يسقط الحق في تقديمه بفوات ذلك الميعاد: فلا يجوز التحايل وتقديمه بعد ذلك في صورة طلب بالإيقاف.
ومن أمثلة الإيقاف الجوازي أن يقوم المدين بوفاء ديون الدائنين قبل جلسة البيع أو بإيداع مبلغ كاف لذلك وتخصيصه.
أو أن يكون طالب الإيقاف من الأشخاص الذين يوجب القانون إخبارهم بإيداع القائمة ولم يحصل إخباره فيكون من حقه أن ينازع في التنفيذ لأى سبب شكلي أو موضوعي لأن إلزامه بسلوك طريق الاعتراض (وتقيده بميعاده) لا يتأتى إذا تم إخباره بإيداع القائمة.

الطعن في حكم الإيقاف الجوازي:
وإذا حكم بالإيقاف ولو في حالة من حالاته الجوازية جاز الطعن في هذا الحكم طبقاً للقواعد العامة. أما إذا حكم برفض الإيقاف حيث يكون جوازياً فلا محل للطعن مطلقاً لأن هذا الحكم سيعقبه البيع فلا توجد فرصة للطعن فيه. والطعن في حكم إيقاع البيع لرفض طلب من طلبات الإيقاف قاصر على حالات الإيقاف الوجوبي: فلا يجوز الطعن إذن في حكم مرسى المزاد على أساس أنه قد سبقه رفض طلب من طلبات الإيقاف الجوازي: ويخلص من ذلك أن رفض الطلب (الجوازي) في هذه الحالة لا يطعن فيه بأي طريقة.

دعوى الاستحقاق الفرعية:
هذه هى الصورة الثالثة من صور منازعات التنفيذ بالنسبة للحجز العقاري. والمفروض في هذه الصورة أن يثير شخص من الغير منازعة قضائية برفع دعوى لتثبيت ملكيته إلى العقار الجاري نزع ملكيته وبالتالي بطلان إجراءات التنفيذ المتخذة على ذلك العقار لأن من شروط التنفيذ الصحيح أن ينصب على مال مملوك للمدين فإن كان المال (عقاراً كان أم منقولاً) غير مملوك للمدين وقع التنفيذ على غير محل وبطلت إجراءاته لتخلف محلها.
على أنه يتصور في بعض الحالات أن يوعز المدين إلى بعض أقاربه أو أصحابه برفع مثل هذه الدعوى بغية إيقاف إجراءات التنفيذ: حتى يتسنى له أن يلتقط أنفاسه وأن يدبر من المال ما يسدد به الدين ويدرأ بذلك عن عقاره ما يهدده من نزع الملكية.
ولذلك فإن المدين الذى يستنفد طريق المنازعة الأول وهو الاعتراضات على قائمة الشروط وعندما يستنفذ طلبات التأجيل وطلبات الإيقاف – لن يجد سبيلاً أخر يلجأ إليه للمنازعة في التنفيذ العقاري – إلا بتحريض شخص من الغير لرفع دعوى استحقاق فرعية – لعلها تؤدى إلى وقف التنفيذ.
وقد سميت الدعوى بهذا الاسم وهو (دعوى الاستحقاق) لأن موضوعها هو الادعاء باستحقاق (أي بملكية) رافع الدعوى إلى العقار موضع التنفيذ.
وسميت (فرعية) لأنها ترفع أثناء سير إجراءات التنفيذ وقبل تمام البيع فهي إذن متفرعة من الإجراءات الجارية أما إذا رفعت بعد تمام الإجراءات فلا تسمى فرعية – وإنما تعتبر دعوى استحقاق أصلية فلا توقف التنفيذ مع أنها قد تكون دعوى جدية وقد يحكم فيها في النهاية لمصلحة رافعها بما يسفر عن حقيقة لا شك فيها هى أن العقار الذى تم التنفيذ عليه ليس مملوكاً للمدين المنفذ ضده – ومع ذلك فإن الهدف الأساسي من دعوى الاستحقاق الفرعية وهو إيقاف التنفيذ لا يتحقق في هذه الحالة لأن رفع دعوى الاستحقاق بعد تمام التنفيذ لا يؤثر على التنفيذ إذ لا يمكن إيقاف أمر تم وأصبح أمراً مقضياً.
كذلك لو رفعت دعوى الاستحقاق قبل البدء في إجراءات التنفيذ فإنها لا تكون فرعية بل تكون دعوى استحقاق أصلية. على أنه إذا اتخذت إجراءات تنفيذية على العقار قبل الحم في دعوى استحقاق فإنه يجوز التحدي بهذه الدعوى والاحتجاج بها على الدائن مباشر الإجراءات وطلب إيقاف الإجراءات إلى أن يفصل نهائياً في دعوى الاستحقاق – وقد يتم ذلك عن طريق الاعتراض على قائمة الشروط أو من طريق تقديم طلب بالإيقاف أمام قاضى التنفيذ.
وعلى ضوء ما تقدم يمكن أن نقرر أن دعوى الاستحقاق الفرعية هى منازعة موضوعية في التنفيذ العقاري ولذلك يختص بها قاضى التنفيذ مهما كانت قيمتها لأن قاضى التنفيذ مختص بكافة المنازعات التنفيذية بما فيها المنازعات الموضوعية.
ومن المقرر كذلك – ( في تقنين المرافعات الحالي) – أن هذه الدعوى إنما ترفع من الغير الذى يدعى ملكية العقار المنفذ عليه ولذلك لا يجوز رفعها من أطراف التنفيذ (وأمامهم الاعتراضات على قائمة الشروط إذا شاءوا) وترفع الدعوى بطلبين موضوعيين أولهما: الملكية (أي الاستحقاق) وثانيهما: نتيجة للأول وهو إبطال إجراءات نزع الملكية المتخذة على العقار لوقوعها على مال غير مملوك للمدين. وتشتمل الدعوى على شق مستعجل هو طلب إيقاف إجراءات التنفيذ المتخذة على العقار إلى أن يفصل الدعوى (دعوى الاستحقاق).

الخصوم في الدعوى:
أولاً- المدعى في هذه الدعوى:
لا يرفع دعوى الاستحقاق الفرعية إلا من (الغير) فلا يجوز رفعها من شخص يعتبر طرفاً في الإجراءات، لأن مثل هذا الشخص كان يجب أن يتقدم بمنازعته في الميعاد المحدد للاعتراضات وبالطريق المقرر لتقديم الاعتراضات، حتى لو كان اعتراضه مؤسساً على أنه يملك العقار الذى يجرى التنفيذ عليه كله أو بعضه. فإذا لم يتقدم باعتراضه في الميعاد وبالطريق المقرر قانوناً، سقط حقه في الاعتراض.
وقد كانت هذه المسألة محل خلاف في ظل القانون الملغى وقيل بأنه يجوز ويتصور رفع الدعوى من شخص معتبر طرفاً من أطراف التنفيذ كالحائز مثلاً إذا وقع التنفيذ على عقار مملوك له شخصياً، ولكن المشرع عدل صياغة النصوص ليقضى على هذا الخلاف ويقصر الحق في رفع هذه الدعوى على الغير أي من لا يعتبر طرفاً من أطراف التنفيذ، ولهذا قررت المادة 454 من قانون المرافعات الجديد أنه يجوز "للغير" رفع دعوى الاستحقاق الفرعية، وقد ورد في المذكرة الإيضاحية أن المقصود بذلك هو قصر الحق في رفع دعوى الاستحقاق الفرعية على الغير، دون أطراف التنفيذ، فلا يجوز لغير الغير رفعها.

ثانياً- المدعى عليهم في دعوى الاستحقاق:
أما بالنسبة للمدعى عليهم في دعوى الاستحقاق الفرعية فقد أوجب المشرع في هذه الدعوى اختصام أشخاص معينين وهم:
الدائن الذى يباشر إجراءات التنفيذ.
المدين أو الحائز أو الكفيل العيني.
أول الدائنين المقيدين.
وقد خرج المشرع في ذلك على القاعدة العامة التي تقرر أن للمدعى في أية دعوى الحرية التامة في أن يختصم من يشاء ويغفل اختصام من يشاء، إلا أن لهذه القاعدة استثناءات يوجب فيها القانون في بعض دعاوى معينة اختصام أشخاص معينين كدعوى الشفعة مثلاً، ومن هذه الاستثناءات دعوى الاستحقاق الفرعية.
واختصام المدين هنا أمر طبيعي لأن إجراءات التنفيذ تتخذ على أساس أنه هو مالك العقار.
ولما كان رافع دعوى الاستحقاق يدعى ملكية العقار لنفسه، فإنه يجب بداهة أن يختصم المدين لأنه غريمه في الملكية.
وما يصدق على المدين يصدق على الحائز أو الكفيل العيني في حالة اتخاذ إجراءات نزع الملكية ضدهما.
وأما اختصام الدائن مباشر الإجراءات فهو أيضاً إجراء طبيعي لأن مدعى الاستحقاق يطلب إلغاء الإجراءات التي اتخذها ذلك الدائن.
ويبقى بعد ذلك اختصام أول دائن من الدائنين أصحاب الحقوق المقيدة على العقار، أي المرتهنين ومن في حكمهم – فقد قدر المشرع أن اختصام هؤلاء الدائنين واجب نظراً لأن دعوى الاستحقاق تتعارض مع حقوقهم ومصالحهم، ولكن لم يشأ المشرع أن يثقل كأهل مدعى الاستحقاق باختصام هؤلاء الدائنين جميعاً، واكتفى بأول واحد منهم على اعتبار أنه يمثلهم لأن ما تتأثر به مصالحهم تتأثر به مصلحته، ولأنه إذا نجح في دفاعه ضد مدعى الاستحقاق عاد ذلك بالفائدة عليهم جميعاً.
أما الجزاء على عدم اختصام هؤلاء الأشخاص.
فهو من الأمور المختلف عليها لعدم وجود نص في القانون عليه، ولذلك رأى البعض أن الدعوى في هذه الحالة تكون غير مقبولة، ولكن هذا الرأي مرجوح إذ لا يوجد سبب يبرر عدم القبول، ولذلك قيل بأن الدعوى تكون مقبولة وصحيحة ولكن الحكم فيها لا يكون حجة على من لم يختصم، وذلك تطبيقاً لقاعدة نسبية الأحكام.
واتجه رأى أخر إلى أنها لا تعتبر دعوى استحقاق فرعية منتجة لأثرها في مجال التنفيذ – وهو وقف البيع – بل تتمخض عن دعوى ملكية عادية، وهذا الرأي أساسه القياس على دعوى استرداد المنقولات المحجوزة وما يقرره المشرع فيها من وجوب اختصام أشخاص معينين (وهم المدين والحاجز والحاجزين المتدخلين) وقد رتب المشرع على عدم اختصامهم أن تلك الدعوى لا تنتج، في مجال التنفيذ، أثرها المقصود وهو وقف البيع (مادة 394) – فكذلك دعوى الاستحقاق.
وهذا هو الرأي الأصوب.

إجراءات رفع الدعوى:
إلى جانب ما اشترطه المشرع من اختصام أشخاص معينين في دعوى الاستحقاق الفرعية، فقد أوجب اتخاذ إجراءات معينة سنعرض لها حالا.
وترفع هذه الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى طبقاً لما ورد في قانون المرافعات الجديد – أي بصحيفة تودع في قلم كتاب المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى – وهى في حالتنا محكمة التنفيذ، وتقيد هذه الدعوى ثم تعلم للخصوم في المواعيد التي حددها القانون وأنظر المادة 63 وما بعدها.
وفضلاً عن الإجراءات والشروط المعتادة في رفع الدعاوى بصفة عامة يوجب القانون في دعوى الاستحقاق الفرعية التزام أمور معينة (أولاها): أن تشمل صحيفتها على بيان المستندات المؤيدة للادعاء بالملكية أو على بيان دقيق بأدلة الملكية أو وقائع الحيازة التي يستند إليها المدعى في دعواه (وثانيهما): إيداع كفالة أو أمانة في خزينة المحكمة تمثل قيمة المبلغ الذى يقدره قلم الكتاب للوفاء بمصاريف الدعوى (مقابل أتعاب المحاماة والمصاريف اللازمة لإعادة الإجراءات عند الاقتضاء) (أي عند رفض الدعوى).

والجزاء:
على عدم مراعاة هذين الإجراءين أو أحدهما هو أن الدعوى لا تنتج أثرها المقصود – وهو وقف البيع.

ميعادها:
وفيما عدا هذه البيانات التي يتطلبها القانون في صحيفة الدعوى وإيداع الكفالة التي يشترطها – فإن المشرع لم يحدد ميعاداً لرفعها فيجوز رفعها في أي وقت حتى بعد انتهاء الميعاد المحدد لتقديم الاعتراضات على قائمة شروط البيع ولكن يجب بالضرورة رفعها أثناء الإجراءات وإلى ما قبل جلسة البيع وإلا فإنها لا تعتبر دعوى استحقاق فرعية بل تكون دعوى ملكية عادية.

أثر دعوى الاستحقاق الفرعية:
إذا توافرت في الدعوى شروطها السابق بيانها – (وهى اختصام الأشخاص المعينين الذين أوجب القانون اختصامهم – وتوافر البيانات التي اشترط اشتمال صحيفتها عليها – وإيداع الكفالة المطلوبة) – فإنه يترتب عليها أثر هام هو وقف البيع وجوباً.
ولكن هذا الأثر لا يترتب بقوة القانون بمجرد رفعها بل لابد من صدور حكم به، ويصدر الحكم بالإيقاف من محكمة التنفيذ، وهى المحكمة المختصة التي أوجب القانون رفع الدعوى إليها.
ويجب على المحكمة أن تقضى بالإيقاف متى تحققت من توافر الشروط السابق بياناتها وهى:
تضمن صحيفتها بيان أدلة الملكية ومستنداتها.
إيداع الكفالة المطلوبة.
واختصام من ويوجب القانون اختصامهم.
فالحكم بالإيقاف وجوبي مت توافرت هذه الشروط الشكلية وليس متروكاً لتقدي قاضى التنفيذ.
ويصدر الحكم بالإيقاف في أول جلسة تنظر فيها الدعوى (مادة 455) – أما إذا حلت جلسة البيع قبل الجلسة المحددة لنظر دعوى الاستحقاق أو قبل أن يصدر حكم الإيقاف، فأنه يجور لرافع الدعوى أن يتقدم بطلب الإيقاف إلى قاضى التنفيذ قبل جلسة البيع بثلاثة أيام على الأقل.
ومع أن المشرع قد جعل الحكم بالإيقاف وجوبياً – إلا أنه يقرر أن الحكم الصادر بإيقاف البيع أو المضي فيه لا يقبل الطعن بأي طريق (مادة 456).
إلا أنه توجد حالة خاصة نصت عليها المادة 457 ومؤداها أنه إذا كانت دعوى الاستحقاق الفرعية لا تتناول إلا جزءا من العقارات المحجوزة فإن البيع لا يوقف بالنسبة إلى باقيها – ولكن قاضى التنفيذ يجوز له مع ذلك أن يأمر بإيقاف البيع بالنسبة إلى كل الأعيان إذا دعت إلى ذلك أسباب قوية، وتعتقد أنه يمكن الطعن في الحكم الصادر بإيقاف البيع بالنسبة لكل الأعيان – وذلك لأن نص المادة (456) الذى يقرر عدم جواز الطعن – لا ينصرف إلى هذه الحالة التي ورد بها نص مادة تالية وهى المادة (457).

المحكمة المختصة بالدعوى – والطعن في الحكم:
يختص قائد التنفيذ بدعوى الاستحقاق الفرعية مهما كانت قيمتها، وهذا الاختصاص قاصر على قاضى التنفيذ، ووجه الاستثناء فيه أن قاضى التنفيذ وهو قاضى جزئي يختص بالدعوى حتى ولو كانت قيمتها تتجاوز نصاب اختصاص المحكمة الجزئية وهو 500 جنيهاً (وفى الغالب تكون قيمة دعوى الاستحقاق أكثر من ذلك).
ولكن الحكم في دعوى الاستحقاق يكون قابلاً للطعن فيه بطريق الاستئناف، مع التفرقة بين حالتين: (1) أن تكون قيمة الدعوى في حدود 500 جنيهاً فيرفع الاستئناف إلى المحكمة الابتدائية. (2) أن تتجاوز قيمتها هذا المبلغ فيرفع الاستئناف إلى محكمة الاستئناف العليا (المختصة).
وفى حالة رفض دعوى الاستحقاق يجوز شمول الحكم بالنفاذ المعجل – بما يفيد الاستمرار في إجراءات التنفيذ التي أوقفت بسبب رفع الدعوى – وذلك على تقدير أن الحكم صادر في منازعة متعلقة بالتنفيذ لمصلحة طالب التنفيذ (المادة 290/5) – ويجوز للقاضي في هذه الحالة اشتراط كفالة للمضي في التنفيذ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق