الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

التنفيذ على منقول

التنفيذ على منقول
حجز المنقول:
يجرى التنفيذ على المنقول عن طريق حجزه حجزاً تنفيذياً – فالحجز على المنقول قد يكون حجزاً تحفظياً أو حجزاً تنفيذياً.
وللحجز التحفظي على المنقول أحكامه الخاصة – أما المقصود هنا فهو الحجز التنفيذي أي حجز المنقول حجزاً تنفيذياً – ويلزم لذلك أن يكون بيد الدائن سند تنفيذي وأن يعلن هذا السند أولاً إلى المدين لشخصه أو في موطنه الأصلي مع تكليفه بالوفاء، ولا يجوز إجراء التنفيذ إلا بعد مضى يوم كامل على الأقل من إعلان السند التنفيذي أي أن تتخذ مقدمات التنفيذ قبل أن يبدأ الدائن في حجز المنقول وحجز العقار فإن جميع الحجوز التنفيذية وجميع صور التنفيذ – أي حتى لو كان عينياً – يشترط فيها أن يسبقها إعلان السند التنفيذي إلى المدين وان يتخلل الإعلان والتنفيذ يوم على الأقل.
ولا يعتبر الإعلان جزءاً من إجراءات التنفيذ ذاتها وإنما هو مقدمة سابقة عليها وخارجة عن نطاقها. وليس لإعلان السند التنفيذي ميعاد فيجوز إجراؤه في أي وقت ما لم يكن السند قد سقط بمضي المدة 15 عاماً من تاريخ صدوره.
ويتم التنفيذ على المنقول بتسليم السند التنفيذي إلى المحضر مصحوباً بتوكيل يصدر إليه من الدائن (المحكوم لصالحه) يبيح له فيه التنفيذ ويخوله الحق في قبض المبالغ التي تتحصل عن التنفيذ نيابة عنه مع إعطاء المخالصة اللازمة عنها إلى المدين.
وإذا تبين أن المدين قد توفى فيجب أن يتم إعلان السند التنفيذي إلى الورثة حتى إذا كان المدين قد أعلن بذلك السند أثناء حياته. ويحدث ذلك إذا قام المدين بإعلان السند التنفيذي وتراخى في القيام بإجراءات الحجز فلما شرع في الحجز فوجئ بأن المدين (المعلن بالسند) قد توفى. ففي هذه الحالة يلزم إعلان السند التنفيذي مرة ثانية ولكنه يعلن عندئذ إلى الورثة.
وسواء كان المدين قد أعلن أو لم يعلن من قبل فإن الإعلان للورثة يقتضى التريث ثمانية أيام لا يجوز إيقاع الحجز قبلها: لأن اشتراط مضى يوم كامل إنما يكون في حالة إعلان السند التنفيذي إلى المدين نفسه – أما الإعلان للورثة فيلزم فيه مضى ثمانية أيام كاملة بين الإعلان والبدء في التنفيذ ولا يكتفى عندئذ بمضي يوم واحد فقط بين الإعلان والتنفيذ.
وقد أسبغ المشرع على طالب التنفيذ رعاية خاصة في هذا المقام: لأنه قد يجهل من هم ورثة المدين بالتفصيل وما هى مواطنهم فلم يشترط القانون إعلان كل منهم على حدة في موطنه إلا إذا كان قد مضى على الوفاة أكثر من ثلاثة شهور – أما إذا تم إعلان السند التنفيذي إلى الورثة – خلال الثلاثة شهور التالية للوفاة فيجوز إعلانهم جملة في أخر موطن للمورث دون أن يحتاج إلى بيان أسمائهم فرادى.
وما يصدق على الورثة يصدق على صاحب الصفة الجديدة إذا ما زالت أو تغيرت صفة المنفذ عليه أو إذا ما انتقصت أهليته وعين عليه قيم مثلاً فإن الإعلان في هذه الحالة يكون إلى القيم أو إلى صاحب الصفة الجديدة (ولو كان قد سبق إعلان السند التنفيذي إلى المدين نفسه) ثم أنه يجب عندئذ احترام مهلة الأيام الثمانية كما في حالة وفاة المدين.
وإذا تم التنفيذ دون إعلان السند التنفيذي أو دون مراعاة المهلة المقررة قانوناً فإن التنفيذ يكون باطلاً ولكن يجب على المدين المنفذ ضده أن يتمسك بهذا البطلان لأنه مقرر لمصلحته فإذا لم يتمسك به فإن إجراءات التنفيذ تسير وتمضى إلى غايتها كما لو لم يكن هناك بطلان.
ولا يجوز لغير المدين المنفذ عليه التمسك بهذا البطلان.
وعلى ذلك فإن التنفيذ دون مقدمات أي دون أن يسبقه إعلان السند التنفيذي إعلاناً صحيحاً ومضى يوم (أو ثمانية أيام في الحالات التي ذكرناها) – يعتبر جائزاً وصحيحاً أو في حكم الصحيح إذا لم يتمسك صاحب المصلحة (أي المدين أو ورثته أو من حل محله) بالبطلان لتخلف مقدمات التنفيذ.
والمقصود بالمنقول الذى يحجز عليه في هذا الباب: المنقول المادة (المنفصل) إذا كان موجوداً في حيازة المدين نفسه أو لم يكن موجوداً في حيازة أحد كسيارة متروكة في الطريق العام.
أما إذا كان المنقول المادي متصلاً بغيره: كأن كان عقاراً بالتخصيص فلا يجوز التنفيذ عليه بطريق حجز المنقول وإنما يجب أن ينفذ عليه بطريق الحجز العقاري تبعاً للعقار الأصلي نفسه أي عن طريق توجيه تنبيه بنزع الملكية إلى المدين.
ومعروف أن العقار بالتخصيص ما هو إلا منقول مادى مملوك لمالك العقار ومخصص لخدمة العقار كالمحراث في الحقل إذا كان الحقل والمحراث ملكاً لمالك واحد – وقس على ذلك حيوانات الزراعة وماكيناتها – وأجهزة دار العرض السينمائي ومقاعدها – والآلات في المصنع – والأسرة في الفندق – والسيارات المخصصة لخدمة المصنع أو الفندق ولو أنها تتحرك إلى أماكن بعيدة عنه – وكل ذلك منوط بأن يكون العقار نفسه (الذى تخصص هذه المنقولات لخدمته) مملوكاً لنسف مالك المنقولات.
فإذا اتخذت إجراءات حجز المنقول على هذه المنقولات المعتبرة بالتخصيص عقاراً فإن التنفيذ يبطل وعندئذ ينبغي أن يتبع الدائن إجراءات الحجز العقاري.
وهذا الحكم يسرى بالنسبة لحجز الثمار مادامت متصلة بالأراضي لأنها تعتبر في هذه الحالة عقاراً بطبيعتها فضلاً عن أن القانون يقرر إلحاقها بالعقار: وتعتبر محجوزة تبعاً لحجز العقار وبنفس الإجراءات التي اتخذت لحجزه دون حاجة إلى إجراءات جديدة.
إلا أنه إذا تم الحجز على الثمرات الطبيعية والمحصولات الزراعية قبل نضجها بفترة قصيرة (حددها المشرع بخمسة وأربعين يوماً) فإنه يجوز عندئذ حجزها بطريق حجز المنقول – لأنها تعتبر في هذه الحالة في حكم المنقول ويطلق عليها وصف أنها (منقولات بحب المال) أي أن مصيرها المحتوم هو إلى قطفها أو جنيها وانفصالها عن العقار، فقدر المشرع أنها تعتبر كأنها منفصلة عن العقار حتى وهى على سوقها (قبل الجنى) إذا كانت على وشك الحصاد: أي تفصل بينها وبين الحصاد فترة قصيرة حددها المشرع بخمسة وأربعين يوماً (ويرجع في ذلك إلى الخبراء لتحديد صلاحية الثمار للجنى والمدة الباقية على قطفها أو حصادها). أما إذا تم الحجز على المحصولات وهى على سوقها في الحقل قبل نضجها بأكثر من (45) يوماً – فإنه يجب أن يتم الحجز عندئذ بطريق حجز العقار لأن الثمار قبل الجنى هى في حقيقتها عقار بطبيعتها لاتصالها بالأرض اتصالاً وثيقاً فلابد من اتباع أسلوب الحجز العقاري في التنفيذ عليها (حتى لو نفذ الدائن عليها وحدها ولم ينفذ على الأرض).
ولذلك فإن الحجز عليها بطريق حجز المنقول إذا كانت على وشك النضج أي قبل نضجها بشهر ونصف (45 يوماً) يعتبر حاصلاً على سبيل الاستثناء. أما لو كانت إجراءات الحجز العقاري متخذة على الأرض ذاتها فإنها تشمل بالضرورة كل ما يظهر على تلك الأرض من ثمار تطبيقها لقاعدة إلحاق الثمار بالعقار فتعتبر الثمار محجوزة مع العقار لحساب الدائن مباشر التنفيذ فإذا جاء دائن أخر وحجز على الثمار بطريق حجز المنقول قبل النضج خلال الفترة المسموح بها (45 يوماً) فإن حجز المنقول يقع صحيحاً ولكن يتزاحم مع حجز العقار: فتباع الثمار ويودع ثمنها في الخزانة (على أساس أن الثمار ملحقة بالعقار) – ويوزع على أساس تفضيل الحاجز العقاري – ولا يأخذ الدائن الذى حجز على الثمار حجز منقول شيئاً من ثمن ما حجز عليه من الثمار إلا بعد أن يستوفى الحاجز العقاري حقه هو ومن يلوذ به في مجال التنفيذ العقاري.
وهذه مشكلة دقيقة يجب الانتباه إليها لأن العمل جرى على حجز الثمار بطريق حجز المنقول وبيعه – ولو كان العقار نفسه محجوزاً عليه – دون التفات إلى الحجز العقاري وبصرف النظر عنه – بمعنى أن ثمن الثمار المحجوزة يعطى للدائن الذى حجز عليها مع مخالفة ذلك لقاعدة الإلحاق (إلحاق الثمار بالعقار) – ويمكن تبرير ذلك بأن الدائن الذى حجز على العقار لم يتمسك بحقه في الإلحاق – وهذا شأنه – لأن الإلحاق مقرر لمصلحته ومنوط بأن يكون ثمن العقار غير كاف لسداد الديون المنفذ بها.
ومهما يكن من أمر: فقد أشرنا إلى أن المقصود بالمنقول في هذا الباب هو المنقول المادي – وميزناه عن العقار بالطبيعة وبالتخصيص. وبقى أن نميزه عن المنقول غير المادي: كحق المؤلف والديون الثابتة في ذمة مدين المدين: فهذه المنقولات غير المادية لا يحجز عليها بطريق حجز المنقول وإنما بطريق أخر هو حجز ما للمدين تحت يد الغير – وسنعالجه في موضعه من هذه المذكرات – ويقع الحجز على تلك المنقولات المعنوية باطلاً إذا اتبعت إجراءات حجز المنقول المادي – وتوجد في هذا المجال مسائل وحالات خلافية – سنعرض لها في موقعها.

إجراءات حجز المنقول:
ينقسم الحجز التنفيذي للمنقولات المادية إلى مرحلتين: إحداهما مرحلة الحجز والأخرى مرحلة البيع – وقد تتخلل هاتين المرحلتين مرحلة ثالثة هى مرحلة تصفية المنازعات وسنرجئ الحديث عن المرحلة الثالثة إلى ما بعد. أما الآن فنعالج الإجراءات في مرحلتي الحجز والبيع.

إجراءات الحجز:
تتم إجراءات حجز المنقول بانتقال المحضر إلى مكان وجود المحجوزات وتحرير محضر يبين فيه مفردات ما حجز عليه وأوصافها وهو ما يسمى (بمحضر الحجز).
ويجب ألا يكون الدائن حاضراً في مكان الحجز وقت توقيعه وإلا كان الحجز باطلاً. والحكمة من ذلك هى منع الاصطدام أو الاحتكاك بين الدائن والمدين: لأن وجود الدائن وقت توقيع الحجز قد يحمل على معنى التحدي للمدين أو التشفي فيه وهو ما يؤدى إلى إيجاد الحزازة بين الطرفين أو يجرح مشاعر المدين أو يحرجه – وقد راعى المشرع هذه الاعتبارات الإنسانية فحضر على الدائن الحضور وقت توقيع الحجز وجعل البطلان جزاء على مخالفة هذا المنع. على أن ذلك لا يمنع من وجود مرشد من قبل الدائن لإرشاد المحضر عما ينبغي حجزه وعن مكان وجوده. ويجب أن يتم الحجز في مكان وجود الأشياء المحجوز عليها وهو ما يقتضى انتقال الحضر إلى ذلك المكان.
فإذا ادعى المدين أن المحضر قد حرر محضر الحجز من الذاكرة أو بإملاء من الدائن دون أن ينتقل إلى مكان وجود المحجوزات – فإن هذا القول لا يقبل منه متى أثبت المحضر في محضره أنه انتقل لأن محضر الحجز ورقة رسمية فلا يجوز نفسى البيانات الواردة فيه على لسان محرره (عما شاهده بنفسه) إلا بطريق الطعن بالتزوير على محضر الحجز – وهو أمر يبدو إثباته عسيراً.
ويا حبذا لو اشترط المشرع على المحضر أن يصطحب معه شاهدين عند إيقاع الحجز كما كان الحال في الماضي (في القانون القديم) حتى نضمن انتقال المحضر إلى مكان وجود المحجوزات لأن ترك الأمر للمحضر (منه لنفسه) دون رقابة – وتصديقه فيما يقرره بمحضره على اعتباره ورقة رسمية – قد يكون مثابة إلى التهاون أو التسيب وتحرير محضر الحجز في مكان آخر غير مكان وجود المحجوزات (وهو ما يسمى عملاً بالحجز المكتبي أو الحجز خارج العين) مما لا يتسنى معه للمدين العلم بواقعة الحجز وقد يؤدى ذلك إلى وقوعه تحت طائلة قانون العقوبات إذا ما ذكر المحضر في محضره أنه قد عين المدين حارساً على المنقولات: لأنه إذا جاء محضر يوم البيع ولم يجد المنقولات أو لم يتقدم إليه المدين بها فإنه سيعتبره عندئذ مبدداً للمنقولات المحجوز عليها ويحرر بذلك محضراً (محضر تبديد) مما يعرض المدين للعقاب وهو لا يدرى من أمر الحجز شيئاً.
لذلك نحبذ وجود أشخاص مع الحضر يكونون شهداء على الحجز: ورقباء على المحضر في ذات الوقت: ولا شك في أن ذلك ينطوي على حماية المحضر نفسه من الاعتداءات أو الادعاءات كما ينطوي على حماية المدين – وفيه أيضاً حماية للدائن نفسه.
وينبغي أن يذكر المحضر في محضر الحجز الذى يحرره مفردات الأشياء المادية المنقولة التي يوقع الحجز عليها مع بيان وصفها حتى يمكن تمييزها عن سواها وحتى لا تستبدل. كما تبين في محضر الحجز كذلك قيمة الأشياء المحجوزة بالتقريب وفقاً لتقدير المحضر ما لم تكن من المصوغات أو المجوهرات فإنها تقوم بمعرفة خبير يرفق تقريره بالمحضر (مادة 358 مرافعات).
وتعتبر المنقولات محجوزة بمجرد ذكرها في محضر الحجز. ولكن جرت العادة على أن يعين المحضر حارساً على المنقولات المحجوزة ليتولى تقديمها للمحضر عند حلول موعد البيع. ويمكن أن يكون الحارس هو المدين نفسه بل هو أولى الناس بأن تسند ِإليه هذه المهمة – إلا أنه إذا كان غائباً وقت الحجز أو رفض الحراسة فمن حق المحضر أن يعين حارساً غيره بشرط ألا يكون من أقارب المحضر أو أصهاره أو أزواجه أو ممن يعملون في خدمته. كذلك لا يجوز أن يكون من أقارب الدائن الحاجز أو أصهاره أو أزواجه أو ممن يعملون في خدمته كبواب العمارة مثلاً (تراجع المادة 364 مرافعات).
والحراسة هنا نوع من "الخفارة" فحارس الحجز لا يعدو أن يكون غفيراً. ولا تختلط الحراسة هنا بالحراسة القضائية التي قد تفرض على عقار أو منقول أو مجموعة من العقارات والمنقولات لحفظها أو لاستغلالها وإدارتها والتي يعتبر الحارس القضائي فيها نائباً عن المدين والدائنين معاً في إدارة الأموال الخاضعة للحراسة وفى استغلالها بالطريقة الملائمة – إذ يجب في الحراسة القضائية أن يصدر حكم قضائي بتعيين الحارس أما (حارس الحجز) فهو لا يعين بحكم قضائي ولا يستمد سلطته من القضاء ولذلك فإنه لا يعتبر حارساً قضائياً وإنما هو مجرد (أمين) ينصبه المحضر ويقتصر دوره على تقديم المحجوزات إلى المحضر يوم البيع ولكن لا صفة له في إدارة المنقولات المحجوزة أو في استغلالها أن كانت قابلة لأن تدار أو تستغل – وهذا على خلاف الحال في الحراسة القضائية حيث يعتبر الحارس القضائي هو وحده صاحب الصفة في الإدارة والاستغلال – وفى التقاضي أيضاً فلا يعتد باختصام المدين أو الدائن دونه عند المنازعة بل لابد من أن يختصم الحارس القضائي: وقد يكتفى به وحده في المخاصمة لأن الصفة ثابتة له ومسندة إليه وحده ولهذا فإنه يغنى عن غيره في هذا المقام.
على أنه يجب أن نشير إلى أن المحضر قد تصادفه صعوبات أو عقبات عند شروعه في التنفيذ كما لو وجد المكان (الذى توجد به المحجوزات) مغلقاً ولا أحد فيه – أو امتنع المدين عن إدخاله – فماذا يفعل المحضر عندئذ؟ يقرر القانون أن المحضر يستطيع أن يقتحم الأبواب المغلقة وان يكسرها ويدخل لأداء مهمته إلا أنه يجب لذلك أن يصطحب معه أحد رجال الضبط حتى يكون فعله مشروعاً. وقد جرت عادة المحضرين أخيراً على الالتجاء في مثل هذه الحالات إلى قاضى التنفيذ لاستصدار إذن منه بالكسر والدخول بالقوة مع أن ذلك ليس بلازم قانوناً فإن المحضر قادر على أن يفعل ذلك بنفسه دون تصريح من قاضى التنفيذ أو غيره – فمن حقه أن يلجأ مباشرة إلى رجال الشرطة أو النيابة طالباً إمداده بالقوة اللازمة للتنفيذ وغالباً ما يصطحب معه ضابطاً أو أحد أمناء الشرطة مع نجار أو كوالينى يتولى كسر الأبواب أو فض الأقفال بطريقة فنية لا تؤدى إلى إتلافها.
وإذا دخل المحضر إلى المكان ووجد غرفة مغلقة أو دولابا مغلقاً أو حقيبة أو درجاً وترى له أن يكسر المغلق ويحجز على ما بالداخل جاز له ذلك بحضور الشرطة وغالباً ما يرجع إلى قاضى التنفيذ لاستئذانه حتى لا يتحمل المسئولية.
أما إذا حجز على الدولاب المغلق دون أن يحجز على ما فيه أو حجز على الحقيبة أو الدرج دون أن يحجز على محتوياتهما فإنه الحجز لا يشمل سوى الدولاب ذاته أو الدرج أو الحقيبة أما المحتويات فلا تعتبر محجوزة مهما كانت قيمتها.
وإذا لم يجد المحضر شيئاً يستحق أن يحجز عليه فإنه يحرر محضراً يسمى (محضر عدم وجود). يثبت فيه خلو المكان من المنقولات أو عدم وجود شيء يستحق الحجز كما لو وجد ركاما أو حطاماً تافهاً. ومثل هذا الحضر (السلبى) الذى يثبت فيه المحضر عدم وجود شيء على الإطلاق أو عدم وجود ما يستحق أن يحجز – مثل هذا المحضر ليس عديم القيمة بل أنه يعتبر عملاً إيجابياً من أعمال التنفيذ أو محاولة جادة للتنفيذ تدل على اتجاه نية الدائن إلى اقتضاء حقه وعدم تراخيه في ذلك تراخياً قد يفسر أو يؤول على معنى التسامح أو التنازل الضمني – ولهذا يعتبر هذا الحضر (السلبى) إجراء إيجابياً قاطعاً للتقادم – فتبدأ به مدة تقادم جديدة يجوز التنفيذ خلالها ولو كن للسند التنفيذي تاريخ قديم يزيد على مدة التقادم المعتادة وهى (15) سنة سابقة على التنفيذ.
وحارس الحجز يتقاضى أجره من الدائن الذى يرجع به على المدين باعتباره من مصاريف الحجز. ويقدر أجر حارس الحجز بمعرفة قاضى التنفيذ بناء على طلب يقدم إليه دون حاجة إلى رفع دعوى بذلك (وأن كان البعض قد أشار برفع دعوى وهو رأى ضعيف).
والسند القانوني لإعطاء أجر لحارس الحجز مستمد من نص القانون الذى يحرم حارس الحجز من أجر الحراسة إذا استعمل الأشياء المحجوزة أو استغلها أو أعارها للغير فيفهم من ذلك بطريق الاستنتاج العكسي (أي بمفهوم المخالفة) أن الأصل هو استحقاق الأجر للحارس – وإلا ففيما كان حرمانه منه إذا أساء استعمال المحجوز.
على أنه إذا كان المدين هو الذى عين كحارس للمنقولات، فأنه لا يتقاضى أجراً كما سبق القول، ويجوز له أن يستعمل الأشياء لأنها لا تزال مملوكة له وفى حيازته ولم تخرج من ذمته المالية ولا من حوزته، وليس في القانون نص يحرم المدين أو يمنعه من استعمال ماله أو استغلاله أو إدارته كما أن مبدأ إلحاق الثمار خاص بالعقارات فلا يسرى على المنقول. ولذلك فإن ثمار المنقول تعتبر حقاً خالصاً للمدين، وكذلك نماء المنقول ونتاجه فإن كان المحجوز بقرة وولدت بعد الحجز عجلاً فالعجل بمعزل عن الحجز لأنه لم يذكر في محضر الحجز ضمن مفردات الأشياء المحجوزة، وإن كان المحجوز دجاجة وباضت فالبيض الناتج عنها لا يعتبر محجوزاً عليه لأن حجز المنقول لا يقع إلا على مال حاضر أي موجود وقت توقيع الحجز أما البيض فوجوده طارئ بعد الحجز فلا يشمله – وإن كان المحجوز عليه من المنقولات التي تدر إيراداً كسيارة تاكسي أو عربة كارو مثلاً فإن ما ينتج عن تشغيلها من إيرادات لا يكون محجوزاً عليه بالتبعية لأن إلحاق الثمار بالشيء المحجوز حكم خاص بالحجز العقاري كما سبق القول – وليس ثمة سند قانونيا لتطبيق هذا الحكم بالنسبة للمنقولات.
وقد أطلنا الكلام في هذه المسألة بالذات لأن بعض الفقهاء كان قد ذهب إلى أن الثمار تلحق بالشيء المحجوز ولو كان منقولاً واستثنى من ذلك بيض الدجاج فسمح للمدين بأن يأكله نيئاً أو مقلياً كما سمح له بشرب لبن الماشية وبرر هذا التعطف أو (الاعفاء) من الحجز بأنه في مقابل حراسة المدين للشيء المحجوز عليه لأنه لا يتقاضى عن ذلك أجراً فأعطاه أجره بيضاً أو لبناً، والواقع أن عدم إعطاء أجر للمدين عن حراسته للأشياء المحجوزة راجع إلى أنه هو الملزم بأجر الحراسة باعتباره من مصاريف الحجز فإن أخذ أجراً فكأنما يأخذه من نفسه أي أن مقاصة تجرى هنا بين ما هو مستحق له من أجر الحراسة وما هو ملزم به منها فلا يعطي ولا يأخذ.
والصواب في هذا الموضوع هو ما قلناه من أن ثمار المنقول لا تلحق به نتيجة الحجز ولا تعتبر محجوزاً عليها ولا تباع مع المنقول ولا يوزع ثمنها مع ثمنه لأن الإلحاق استثناء تقرر بنص خاص في حجز العقار فلا سبيل إلى القياس عليه أو إلى اتخاذه أساسا لتقرير قاعدة عامة.
هذا، ويجب على المحضر أن يثبت في محضر الحجز جميع الخطوات التي قام بها والصعوبات التي صادفته وكيف ذللها.
وإذا انتهى الوقت ولم يتم الحجز تماماً فيؤجل إلى اليوم التالي وتتخذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على الحالة القائمة (كتعيين أحد رجال الشرطة للحراسة المؤقتة مع تشميع أبواب المحل أو المكان الذى يجرى فيه الحجز.
ذلك بأن المحضر لا يستطيع أن يستمر في عمله بعد الساعة الخامسة مساء أو في أيام العطلات إلا بأذن كتابي من قاضى الأمور الوقتية وفى حالات الضرورة فقط (مادة 7 مرافعات) – أو إذا اقتضى الحال الاستمرار لإنهاء الإجراءات التي بدأت.
ويحدد المحضر في محضر الحجز موعدا للبيع مع بيان الزمان والمكان.
ويوقع المحضر على المحضر كما يوقع عليه المدين أن كان حاضراً وكذلك يوقع عليه الحارس. وتسلم صورة منه إلى كل من المدين والحارس.
أما إذا تم الحجز في غيبة المدين أو في غير موطنه فإنه يجب إعلان محضر الحجز إليه في اليوم التالي على الأكثر.
أما الحارس فإنه إذا رفض استلام صورة من المحضر أو رفض التوقيع عليه فإن صورة المحضر تسلم لجهة الإدارة في ذات اليوم مع اخطار الحارس بالبريد المسجل خلال 24 ساعة واثبات ذلك في المحضر.
وعقب اقفال محضر الحجز يقوم المحضر بإلصاق إعلانات موقع عليها منه يبين فيها نوع الأشياء المحجوزة ووصفها وصفا اجمالياً مع بيان يوم البيع وساعته مكانه – وتلصق هذه الإعلانات (1) على باب المكان الذى تم فيه الحجز على المنقولات (2) وعلى باب العمدة أو الشيخ أو المقر الإداري التابع له مكان المحجوزات (3) وفى اللوحة المعدة لذلك بمحكمة المواد الجزئية المهيمنة على مكان الحجز.
ويحرر باللصق محضر يلحق بمحضر الحجز.
ثم يتم النشر عن البيع في الصحف المقررة لنشر الإعلانات القضائية، وقد يكون من الخير أن نكرر هنا أن المنقولات التي تذكر في محضر الحجز تعتبر بذلك محجوزة دون حاجة إلى أي إجراء أخر أي حتى لو لم يعين عليها حارس (مادة 361 مرافعات).
والأصل أن تظل المنقولات في مكانها لأن الحجز لا يقتضى نقلها من موضعها إلا إذا وجدت ظروف تستلزم ذلك كأن يقع الحجز مثلا في مكان مهجور لا يوجد فيه من يمكن اسناد الحراسة إليه فيرفع المحضر الأمر إلى قاضى لتكليف أحد رجال الإدارة في المنطقة بالحراسة مؤقتاً أو ليأمر بنقل المحجوزات وإيداعها عند أمين يقبل الحراسة يختاره الحاجز أو المحضر (مادة 365).

إجراءات البيع في حجز المنقول:
يحدد المحضر في محضر الحجز موعداً للبيع كما ذكرنا ويجب أن تفصل بين هذا الموعد وبين تاريخ الحجز فترة لا تقل عن ثمانية أيام لأن المشرع قد نص في المادة (376) مرافعات على أنه لا يجوز إجراء البيع إلا بعد مضى ثمانية أيام على الحجز أو على تسليم صورة محضر الحجز إلى المدين أن كان حاضراً أو إعلانه بها أن كان غائباً أو رفض استلام الصورة.
وقد ذكرنا كذلك أنه يجب أن يعقب الحجز إجراءات أخرى خاصة باللصق والنشر. وقد ورد النص بأنه لا يجوز إجراء البيع إلا بعد مضى يوم على الأقل من تاريخ اتمام إجراءات اللصق والنشر.
إلا أنه إذا كانت المحجوزات مما يتعرض للتلف كما لو كانت من اللحوم أو الاسماك أو الخضراوات أو مما يتعرض لتقلب الأسعار كالطماطم فيجوز إجراء بيعها ولو بعد الحجز بساعة ولكن يشترط أن يصدر إذن بذلك من قاضى التنفيذ بناء على طلب يقدم إليه من الحارس أو من إحدى ذوى الشأن.
ويجرى البيع في ذات مكان الحجز أو في أقرب سوق ما لم يأمر قاضى للتنفيذ بنقل الأشياء المحجوزة إلى مكان آخر (بناء على عريضة تقدم إليه من أحد ذوى الشأن) ويتم بيع المنقولات المحجوزة في اليوم المحدد لذلك في محضر الحجز ما لم يطرأ ما يحول دون البيع كما لو أقام المدين أو غيره اشكالاً أو رفعت دعوى باسترداد المنقولات المحجوزة. ففي هذه الحالة يلغى الموعد المحدد للبيع وتتوقف الإجراءات إلى أن يفصل في الأشكال أو في دعوى الاسترداد.
فإذا رفضت دعوى الاسترداد أو رفض الاشكال يحدد للبيع موعد جديد بإذن القاضي وتعتبر فترة المنازعة كأنها فترة "انقطاع" للإجراءات فلا تحسب من المدة المقررة قانوناً كحد أقصى لإجراء البيع.
ذلك بأن البيع يجب أن يتم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الحجز وإلا فأن الحجز يعتبر كأن لم يكن.
فإذا عمد الدائن إلى بيع الأشياء المحجوزة بعد الحجز بشهر مثلاً وثارت منازعات فان مدة الثلاثة أشهر تنقطع حتى تنتهى المنازعات فتحسب له بعد ذلك مدة شهرين أيضاً أي أنه يكمل المدة السابقة وأن كان البعض قد قال أنه تبدأ له بعد انتهاء المنازعات مدة ثلاثة شهور جديدة. وهو رأى مرجوح.
كذلك يجوز عند حلول موعد البيع أن يرجأ البيع بناء على رغبة الدائن أو باتفاق الخصوم بشرط ألا تزيد مدة التأجيل عن ثلاثة شهور من تاريخ الاتفاق.
وتحصب مدة الارجاء أو تأجيل البيع كأنها فترة انقطاع على نحو ما رأينا في حالة المنازعات.
كذلك قد يؤجل البيع في حالة عدم وجود مشترين وهذه حالة اضطرارية.
ولكن يراعى في كل هذه الحالات ألا تمضى بين الحجز والبيع حقبة من الزمن تزيد على ثلاثة شهور متصلة أو متقطعة مع استبعاد فترة المنازعات أو التأجيل الودى أو الاضطراري.
ويجرى البيع بمعرفة المحضر – سواء كان هو نفس المحضر الذى أوقع الحجز أو أي محضر آخر – والمقصود بما ذكرناه – هو أن بيع المنقولات المحجوزة لا يتم بمعرفة قاض أو أمام المحكمة وإنما هو أمر متروك للمحضرين.
ويحرر محضر للبيع أسوة بما حصل عند الحجز تذكر فيه جميع الخطوات والعقبات: ويبدأ الحضر بجرد الأشياء المحجوزة ومطابقتها مع بيان النواقص (أن كانت هناك أشياء ناقصة عما في محضر الحجز) ثم يعمد المحضر إلى البيع بالنداء على المحجوزات فإن لم يتقدم أحد للشراء يؤجل البيع إلى يوم أخر ويثبت ذلك في محضر البيع.
ويجرى البيع بالمزاد ويرسو المزاد على م يعرض أعلى سعر. ويثبت ذلك كله في المحضر ويجب على من يرسو عليه المزاد أن يدفع الثمن كله فوراً وإلا فأن الحضر يعيد المزايدة ويعتبر المشترى متخلفاً فيعاد البيع على ذمته فإذا بيع الشيء بأقل كان ملزماً بالفرق ولكنه لا يستفيد إذا بيع بأزيد.
والمحضر هو المسئول عن استيفاء الثمن ممن يرسو عليه المزاد وهو المسئول عن إعادة البيع على ذمة المشترى المتخلف.
ويكف المحضر عن البيع إذا نتج منه مبلغ كاف لوفاء الديون المحجوز من أجلها هى والمصاريف.
ونظام الكف عن البيع هو الضمان لقصر التنفيذ على ما يوازى حق الحاجز نقداً حتى لا يتمادى في بيع المحجوزات دون مبرر بعد أن يكون البيع قد أسفر عن وجود مبلغ يكفى لوفاء حق الدائنين الحاجزين.
وإذا نتج عن البيع مبلغ أكثر فالفائض يرد إلى المدين.
وغنى عن البيان أه إذا سقط الحجز أو تنازل عنه صاحبه أو اعتبر كأن لم يكن أو حكم في المنازعات المثارة قبل البيع لصالح من أثار المنازعة فإن البيع لا يتم وتقف الإجراءات عند حد الحجز وحده. ولهذا قلنا أن الحجز ليس هو التنفيذ الكامل بل هو مرحلة من مراحل التنفيذ، قد يعقبها البيع فيكتمل التنفيذ بذلك. وقد لا يعقبها بيع فتعتبر مجرد محاولة غير منتجة يحق معها القول بأن الحجز ليس (في حد ذاته) تنفيذاً.
أنظر ما ذكرناه من أنه ليس كل تنفيذ حجزاً وليس كل حجز تنفيذاً.

النتائج التي تترتب على الحجز والبيع:
تترتب على الإجراءات التي تتخذ في حجز المنقول نتائج أو آثار قانونية معينة. منها ما يترتب على إجراءات الحجز ومنها ما يترتب على إجراءات البيع. ونعالج ذلك فيما يلى:

النتائج التي تترتب على الحجز:
ذكرنا فيما تقدم أن حجز المنقول يتم بمجرد إدراج المنقولات المحجوز عليها في محضر الحجز دون حاجة إلى أي إجراء آخر بمعنى أنه حتى لو لم يعين حارس على المنقولات فإنها تعتبر محجوزة متى ذكرت في محضر الحجز.
إلا أن حجز المنقول لا يخرج المنقول من ملك صاحبه كما أنه لا يؤدى إلى تخصيص الدائن الحاجز بالمنقول الذى حجز عليه. ويترتب على المبدأ الأول وهو عدم خروج المنقول من ملك صاحبه كنتيجة للحجز أن المدين يبقى مالكاً للمنقول الحجوز عليه ويكون له حق التصرف فيه وحق الانتفاع به واستعماله واستغلاله.
إلا أن حق الدائن الحاجز يقتضى بالنسبة لحق التصرف منع المدين منه في الحدود التي تمس حق الحاجز بمعنى أن التصرف يكون صحيحاً فيما بين عاقديه ولكنه لا ينفذ في حق الدائن: فإذا قام المدين ببيع المنقول المحجوز عليه فإن البيع يقع صحيحاً فيما بين البائع (المدين) والمشترى. ولكنه لا ينفذ في حق الدائن الحاجز الذى يكون له الحق في تجاهل هذا البيع والمضي في إجراءاته على تقدير أن هذا البيع غير قائم أو غير موجود. أما إذا تنازل الحاجز عن حجزه أو سقط الحجز لأى سبب فإن التصرف يضحى صحيحاً نافذا ويحق للمشترى أن يطلب من المدين تسليمه المنقول المباع إليه وأن يتمسك عليه بأن ذلك المنقول مملوك له لأن المشترى بمجرد إبرام عقد البيع دون ما حاجة إلى أي إجراء آخر أي أن التسليم وانتقال الحيازة إلى المشترى ليس شرطاً لنقل الملكية بل يصبح المشترى مالكاً للمنقول بمجرد التعاقد وبموجب العقد ذاته.
على أنه يلاحظ أن تصرفات المدين في المنقول قبل الحجز عليه تنفذ في حق الدائن الحاجز إذا كانت ثابتة التاريخ قبل الحجز ويترتب على ذلك أن الحجز يعتبر باطلاً – إذا وقع على منقول تصرف فيه المدين قبل الحجز بموجب ورقة ثابتة التاريخ لأن الملكية تكون في هذه الحالة قد انتقلت إلى المشترى فيخرج المنقول من ذمة المدين ويقع الحجز على غير مملوك للمدين فيبطل لبطلان محله.
كما أن حق المدين في استعمال المنقول المحجوز عليه واستغلاله يتقيد: فلا يجوز له أن يستعمله بطريقة تؤدى إلى هبوط قيمته أي إلى هلاكه بما يشئ إلى حق الدائن. وهو ما نصت عليه المادة (368) مرافعات في قولها أنه يجوز للحارس إذا كان مالكاً للمنقولات المحجوز عليها أو صاحب حق في الانتفاع بها أن يستعملها (فيما خصصت له). ونرى أنه إذا أساء الانتفاع فإنه يجوز عزله من الحراسة وتولية غيره.
أما ثمار المنقول فقد سبق أن ذكرنا أنها من حق المدين ولا تعتبر محجوزاً عليها فيكون للمدين أن يحصل على ثمرة المال (المنقول) المحجوز عليها بالذات أو بالواسطة بمعنى أنه يستطيع أن يقطف الثمرة لنفسه وان يؤكد المنقول إلى الغير لاستعماله فيما خصص له وان يقبض أجرته عن المدة اللاحقة للحجز (أو السابقة عليه أن كان مؤجراً من قبل).
إلا أنه إذا وقع الحجز على آلات وأدوات لازمة لتشغيل مصنع أو على بضائع (عروض) لازمة لتشغيل محل تجارى أو على ماشية لازمة لاستغلال أرض فإنه يجوز لقاضى التنفيذ أن يكلف الحارس (سواء كان هو المدين أو غيره) بإدارة المنقولات المحجوز عليها واستغلالها أو أن يستبدل به حارساً آخر يقوم بالإدارة.
وإذا كانت المنقولات المحجوزة عبارة عن محاصيل زراعة فإن المدين أو الحارس يقوم بجنيها أو حصادها ويحتفظ بها لتقديمها إلى المحضر يوم البيع أو تباع بإذن القاضي إذا كانت مما يتلف بسرعة ويحفظ ثمنها ويحل محل المنقولات بمعنى أن الثمن يعتبر محجوزاً عليه في يد المدين أو الحارس الأجنبي فلا يجوز له أن يتصرف فيه. وإنما يجوز للدائن أن يتقدم إلى القاضي بطلب ضم المحصول حتى يقوم هو بجنى المحصول أو حصاده (مادة 370 مرافعات). ويودعه في مخزن لحين ميعاد البيع. فإذا تبين أن الحجز باطل ا تنازل عنه الدائن الحاجز فإن المحصولات التي تم جنيها أو حصادها ولو بمعرفة الدائن ترد إلى المدين لأنه هو مالكها. وكذلك لو تم بيع المنقولات المحجوزة وأسفر البيع عن تحصيل مبلغ أكبر من قيمة الدين أو الديون المحجوز بمقتضاها فإن الزيادة تكون من حق المدين وترد إليه.
وكل ذلك راجع إلى أن المنقول يظل رغم الحجز باقياً على ذمة صاحبه. ولذلك أيضاً يجوز للدائنين الآخرين الذين يداينون نفس الشخص أن يحجزوا على ذات المنقول ولو كان قد سبق الحجز عليه.
ويسوقنا هذا إلى الكلام عن المبدأ الثاني وهو عدم تخصيص الدائن بالمنقول المحجوز عليه: فغن هذا المبدأ ليس إلا نتيجة للمبدأ السابق وهو عدم خروج المال المحجوز من ذمة المدين. ولذلك يجوز للدائنين الآخرين أن يحجزوا عليه باعتباره عنصراً من عناصر الذمة المالية لمدينهم والتي يتكون منها الضمان العام للدائنين.
ويستوى في ذلك الدائن السابق الذى نشأ دينه قبل الحجز والدائن اللاحق الذى نشؤ دينه بعد الحجز.
ويتم الحجز على المنقول ولو كان قد سبق حجزه.
أما بتحرير محضر حجز جديد على اعتبار أن الحاجز الثاني لا يعلم بالحجز الأول أو لم يصل إليه بعد نبأ ذلك الحجز الأول.
وأما بتحرير محضر جرد: إذا علم الحاجز الثاني بالحجز السابق – ولو ساعة قيامه بتوقيع حجزه: كأن قدم إليه الحارس على المنقولات محضر الحجز السابق – وفى هذه الحالة يعتبر الحاجز الثاني متدخلا في الحجز (الأول) ويتم تدخله فيه عن طريق الجرد أي عن طريق تحرير محضر جديد لا يسمى (محضر حجز) وانما يسمى (محضر جرد) ويقوم فيه الحضر بمطابقة الأموال الموجودة أمامه على محضر الحجز السابق – فإن وجدها كما هى – اعتبر الجرد بمثابة حجز ثان – وان وجدها ناقصة اثبت النواقص في محضر الجرد – أما إذا وجد منقولات أخرى لم يسبق الحجز عليها فأنه يوقع عليها حجزاً جديداً ومبتدأ وذلك بذكرها في محضر جرده على اعتبار أنه قد حجز عليها.
ويترتب على تدخل الدائن الثاني في الحجز الأول (عن طريق الجرد) أن يدخله المحضر في حسابه عند البيع بمعنى أنه لا يكتفى بالوصول إلى مبلغ يعادل قيمة دين الحاجز الأول بل يمضى في البيع حتى يصل إلى مبلغ يكفى الحاجز الأول والحاجز الثاني معاً. كما أنه عند الإعلان عن البيع لا يكتفى بالإشارة إلى حق الحاجز الأزل بل يجب أن يذكر دين الحاجز الثاني أيضاً – وذلك عند النشر عن البيع في الصحف وكذا في الاعلانات التي يتم لصقها في الأماكن التي حددها القانون.

النتائج التي تترتب على البيع:
يترتب على البيع فيما يتعلق بحقوق المدين خروج المنقولات المبيعة من ملك المدين، وحلول ثمنها في ذمته محلها، بمعنى أنه لا يجوز لدائنيه الآخرين أن يحجزوا على هذه المنقولات وإنما يجوز لهم أن يحجزوا على الثمن المتحصل من بيعها، وهم يحجزون على هذا الثمن باعتباره مال مدينهم تحت يد المحضر أو تحت يد قلم الكتاب (كاتب الودائع والأمانات) إذا كان الثمن قد أودع في خزينة المحكمة. وهذه صورة من صور حجز ما للمدين لدى الغير. ولكن لها أحكامها الخاصة.
وإذا لم يحصل حجز على هذا الثمن من جانب دائنين آخرين، كان للمدين أن يحصل على الباقي منه بعد سداد حقوق الدائنين الحاجزين باعتبار أن هذا الباقي هو حقه، بل أنه إذا أوفى للدائنين الحاجزين بطريق آخر أو حصل على تنازل منهم كان من حقه الحصول على المبالغ المتحصلة من بيع منقولاته، الموجودة تحت يد المحضر أو في خزينة المحكمة، باعتباره أصيلاً لا باعتباره حالا محل الدائنين في استحقاق هذه المبالغ أو باعتبار هذه المبالغ آيلة إليه منهم بطريق الحوالة أو التنازل.
ومن ناحية أخرى، يترتب على البيع انتهاء الحجز، وانتهاء آثاره، وبذلك يزول قيد الحجز عن المنقولات الباقية (التي كانت محجوزة ولم يتناولها البيع). فيجوز للمدين أن يسلمها لمن سبق له التصرف إليهم فيها، ويجوز لهؤلاء أن يطلبوا تسليمها إليهم. كما يجوز للمدين أن يتصرف فيها بعد البيع بتصرفات مبتدأه، ويقوم بتنفيذ هذه التصرفات، ويسلم هذه المنقولات إلى من تصرف لهم فيها، كما يجوز له أن يتصرف فيها تصرفاً مادياً بالتغيير أو الاتلاف وأن يستعملها وينتفع بها ولو على غير الوجه الذى كانت مخصصة له ولا يحول دون ذلك سبق الحجز عليها، لأن البيع يطهر المنقولات الباقية من آثار الحجز وتصبح طليقة من قيده.

آثار البيع بالنسبة للحاجز:
على أنه يلاحظ فيما يتعلق بحقوق الحاجز أن الغرض من التنفيذ هو تحويل أموال المدين المحجوزة – وهى في هذه الحالة منقولات – إلى نقود لكى يقتضى الدائن منها حقه غير أنه يجب أن نلاحظ أيضاً أن ثمن المحجوزات لا يدخل في ضمة الدائن الحاجز بل يبقى في ذمة المدين نفسه على ما قدمنا إلى أن يتم توزيعها بين الدائنين وتسليمها إليهم.
ولذلك يثور البحث فيما إذا كان الدائن الحاجز يختص بهذا الثمن بحيث لا يزاحمه فيه سواه، ولا يجوز الحجز عليه من الدائنين الآخرين، أم أن الحاجز لا يختص بهذا الثمن.
وقد فرق القانون في هذا الشأن بين فرضين:
الفرض الأول:
إذا كان ما نتج من البيع يكفى لوفاء دين الحجز أو ديون الدائنين الحاجزين، ففي هذا الفرض يختص الدائن الحاجز أو الدائنين الحاجزين بهذا الثمن، ويجوز للمحكمة تسليمه إليهم. وإذا أودع في خزينة المحكمة اعتبر مخصصا لهم، وإذا وقع عليه حجز تحت يد المحضر أو في الخزينة فإن ذلك لا يؤثر على حق الحاجزين في اقتضاء ذلك الثمن كله بقدر ديونهم ولا يتناول الحجز إلا ما فاض عن ذلك.
كما يتحقق تخصيص الحاجز أو الحاجزين بالثمن في حالة الكف عن البيع لأن الكف عن البيع لا يحصل إلا إذا نتج من البيع مبلغ كاف لوفاء الدين المحجوز من أجله.
وهذا هو ما يفهم من نص المادة (390) التي قررت أنه في حالة الكف عن البيع، فإن ما يوقع بعد ذلك من الحجوز تحت يد المحضر (أو غيره ممن يكون تحت يده الثمن) لا يتناول إلا الفائض.

الفرض الثاني:
أن يكون المتحصل من البيع غير كاف لوفاء جميع حقوق الحاجزين، ففي هذه الحالة لا يختص الحاجزون به، بل يجوز لأى دائن آخر أن يحجز عليه تحت يد المحضر أو تحت يد قلم الكتاب (كاتب الودائع) وان يزاحمهم فيه.

آثار البيع بالنسبة للمشترى:
يترتب على رسو المزاد أن يصبح المشترى ملتزماً بأداء الثمن، ويجب أن يؤديه فوراً، فإذا امتنع أو عجز عن ذلك يعاد البيع على ذمته، ويعتبر محضر البيع سنداً تنفيذياً بفرق الثمن بالنسبة إليه إذا رسا المزاد من جديد بمبلغ أقل مما كان هو قد عرضه.
ويعتبر البيع بالمزاد سنداً صحيحاً للمشترى يؤدى إلى امتلاكه للأشياء التي كانت محجوزة حتى لو كانت غير مملوكة للمدين أو كان حجزها باطلاً بشرط أن يكون المشترى حسن النية وان يتسلم هذه المنقولات فعلاً حتى تنطبق عليه قاعدة "الحيازة في المنقول سند الملكية".
أما إذا كان سيء النية فيجوز استرداد هذه المنقولات منه، إذ أن السبب الصحيح وحده، وهو (البيع بالمزاد) لا يكفى في اعتبار الحيازة سبباً أو سنداً للمالك، بل يجب أن يقترن ذلك بحسن النية.
وفى حالة ما إذا كان الشيء مسروقاً أو ضائعاً يجوز لمالكه أن يسترده من المشترى بالمزاد في خلال ثلاث سنوات من تاريخ رسو المزاد طبقاً للمادة 977 مدنى بشرط أن يعجل للمشترى ما دفعه في المزاد أي أن يدفع الثمن إليه فوراً وبالكامل قبل أن يتسلم المنقول. (وذلك طبعاً بفرض أن المشترى حسن النية).

آثار البيع بالنسبة للمحضر:
يعتبر المحضر مسئولاً عن الثمن الذى يقبضه، ويعتبر محضر البيع سنداً تنفيذياً بالنسبة إليه، وقد أشرنا إلى أن محضر البيع يعتبر سنداً تنفيذياً بالنسبة للمحضر في حالة ما إذا لم يستوف الثمن من المشترى فوراً ولم يبادر بإعادة البيع على ذمته.
ويفهم من ذلك أن محضر البيع يعتبر سنداً تنفيذياً بالنسبة للمحضر في حالتين:
في حالة ما إذا باع المنقول بالمزاد وقبض ثمنه لأنه يعتبر في ذلك وكيلاً عن الدائن.
حالة ما إذا رست المزايدة على شخص ولم يستوف المحضر منه الثمن فوراً – أو عجز عن دفع الثمن ولم يبادر المحضر إلى إعادة البيع فوراً على ذمته بأي ثمن.
واعتبار محضر البيع سنداً تنفيذياً بالنسبة للمحضر معناه أن طالب التنفيذ يستطيع أن يرجع على المحضر شخصياً بالثمن الذى قبضه أو الذى أهمل في قبضه – أو في اتخاذ الاجراءات اللازمة للحصول عليه عن طريق إعادة البيع فورا على ذمة المشترى المتخلف (العاجز عن دفع الثمن فوراً وبالكامل إلى المحضر فور رسو المزاد عليه). ففي هذه الأحوال لا يحتاج طالب التنفيذ إلى رفع دعوى ذد الحضر ومقاضاته للحصول على حكم قضائي وذلك بموجب محضر البيع ذاته الذى يعتبر سنداً تنفيذياً كما لو كان حكماً قضائياً سواء بسواء – فيجوز للدائن بمقتضاه أن يحجز على منقولات المحضر الشخصية أو ما يملكه من عقار أو ما يكون له من حقوق لدى الغير – مما يجوز حجزه.
وهذا تيسير من المشرع وهو تيسير محمود ولولا ذلك لأضطر طالب التنفيذ إلى مقاضاة المحضر للحصول على المبلغ الذى قبضه ذلك المحضر بالنيابة عن طالب التنفيذ على أثر بيعه للمنقولات المحجوزة عليها لدى المدين. وهو ما يؤدى إلى منازعات لا نهاية لها فضلاً عما قد يولده لدى بعض المحضرين من عدم الاكتراث ومن التراخي في تسليم حصيلة ما يبيعونه من المنقولات المحجوزة إلى أصحابها أو في إيداعها بخزينة المحكمة.

المنازعات في حجز المنقول:
يلاحظ أن مرحلة الحجز لا يعقبها البيع مباشرة بل تتخلل ذلك مرحلة وسطى هى مرحلة تصفية المنازعات. وهو ما سنعالجه عند التعرض لمنازعات التنفيذ في موضعه المناسب من هذه المذكرات.
غير أننا نبادر إلى القول بأن المنازعة في حجز المنقول قد تتمثل في صورة دعوى استرداد ترفع من الغير الذى يدعى ملكية المنقولات المحجوزة ويطلب بالتالي إلغاء الحجز المتوقع عليها لأن من شروط صحة الحجز أن يكون المال المحجوز عليه مملوكاً للمدين. وهذه منازعة موضوعية، وقد تتمثل المنازعة في صورة اشكال مستعجل يطلب فيه وقف التنفيذ.
وسنعرض لهذه المنازعات المختلفة فيما بعد، عند التحدث عن منازعات التنفيذ.

في تعدد الحجوز على نفس المنقولات:
جواز تعدد الحجوز:
رأينا فيما تقدم أن الحج على المنقول لا يؤدى إلى اخراجه من ملك المدين ولا إلى تخصيص الحاجز به، ولذلك يجوز أن يقوم سواه من دائني نفس المدين بالحجز على المنقول ذاته، وبذلك تتعدد الحجوز على المنقول الواحد أو على نفس المنقولات، ولا شك في أن هذا الوضع يستلزم تنظيماً خاصاً ولذلك قرر المشرع في شأنه قواعد معينة نتولى بيانها فيما يلى:

معنى عدم ورود حجز على حجز:
على أن الفقه قد جرى على القول بأن الحجز على الحجز لا يجوز. ويجب أن نحدد المقصود بهذه العبارة لأنه قد يفهم منها أنه إذا وقع حجز على منقولات سبق إيقاع الحجز عليها فإن الحجز الثاني يقع باطلاً. وهذا فهم غير دقيق لمعنى هذا المبدأ – فإن غاية ما يقصد به هو أنه لا يجوز أن تسير إجراءات كل من الحاجزين على استقلال إذ أن ذلك يؤدى إلى التعارض فهذا المبدأ إذن معناه العمل على توحيد إجراءات التنفيذ عند تعدد الحجوز.

ضرورة توحيد الإجراءات عند تعدد الحجوز:
والواقع أن المشرع المصري قد وضع قواعد من شأنها توحيد الإجراءات عند تعدد الحجوز الموقعة على نفس المنقولات فنص في المادة 371 على أنه إذا انتقل المحضر لتوقيع الحجز على أشياء كان قد سبق حجزها وجب على الحارس المعين عليها أن يبرز له صورة محضر الحجز ويقدم الأشياء المحجوزة.
وعلى المحضر في هذه الحالة أن يجرد الأشياء في محضر ويجعل حارس الحجز الأول حارساً عليها.
إلا أننا نستطيع أن نتصور حالة يتوجه فيها المحضر لتوقيع الحجز على منقولات ولا يجد أحداً يخبره بأنه قد سبق الحجز عليها فلو أوقع المحضر عندئذ حجزاً مبتدأ وعين عليها حارساً وحدد للبيع موعداً فإن إجراءاته في ذلك تكون صحيحة، وغاية الأمر أنه سيحصل التعارض نظراً لتحديد موعد للبيع في الحجز الأول وموعد آخر في الحجز الثاني، فيكون ذلك مثاراً لاعتراض إذا رفع على صورة اشكال إلى قاضى التنفيذ، أما إلى ايقاف البيع – ويتم بعد ذلك توحيد الإجراءات بتحديد موعد واحد للبيع بناء على الحجزين معاً – وأما إلى استمرار البيع مع إيداع المتحصل منه في خزينة المحكمة، ويكون من الميسور عندئذ إيقاع الحجز على هذا الثمن المتحصل من البيع من جانب الدائن المعترض أو توزيعه واقتسامه بين الحاجزين.
على أنه يندر أن تسير إجراءات كل من الحجزين على استقلال، دون أن يعلم أحد الحاجزين بما يصنعه الآخر، إلى أن يتم البيع، ولكن إذا تحققت هذه الصورة الفرضية النادرة فلا مناص من القول بصحة الإجراءات التي تمت، إذ لا يوجد في القانون ما يوجب بطلانها، فالحجز لا يؤدى إلى تخصيص الحاجز بالأموال المحجوز عليها.
وإنما عنى المشرع بالصورة الشائعة وهى التي يجد المحضر فيها من يخبره (وهو الحارس غالبا) بسبق توقيع الحجز على المنقولات فنص في المادة 371 على أن المحضر في هذه الحالة يقوم بجرد هذه الأشياء وتحرير محضر بذلك.

الحل عند تعارض الحجوز المتعددة:
وإذا تعارضت الإجراءات في حالة توقيع أكثر من حجز على نفس المنقولات واقتضى الأمر توحيدها، فلا مناص من أن يتقدم صاحب المصلحة إلى قاضى التنفيذ بطلب تحديد موعد واحد للبيع حتى لا يسبق أحد الحاجزين غيره بتحديد موعد قريب للبيع وإجراء المزايدة. على أنه حتى لو تم ذلك فإن في الوسع إيداع الثمن في خزينة المحكمة ليتقاسمه الحاجز التالي مع الحاجز الذى سارع إلى إجراء البيع. وبعبارة أخرى أن الأمر في هذه الحالة لا يعد وأن يكون اشكالا في التنفيذ يرفع إلى قاضى التنفيذ ليقرر فيه الإجراءات المؤقتة التي تؤدى إلى حل الاشكال وتوحيد الإجراءات والمحافظة على حقوق الحاجزين.

ما يترتب على تعدد الحجوز:
ويترتب على تعدد الحجوز على المنقول الواحد اعتبار الحاجز الثاني (أو الحاجزين اللاحقين) مشتركاً في المصلحة مع الحاجز الأول بحيث إذا تراخى الحاجز الأول عن السير في الاجراءات جاز للحاجز الثاني (أو الحاجزين اللاحقين) أن يطلبوا إجراء البيع بعد اتخاذ إجراءات اللصق والنشر، أي أنهم يحلون محل الحاجز الأول في مباشرة الإجراءات والاستمرار فيها.
كما أنه عند البيع يراعى أن المحضر لا يكف عن البيع إلا إذا نتج عن البيع مبلغ كاف لوفاء دين الحاجز الأول وديون الحاجزين اللاحقين أيضاً.

الحلول في الإجراءات:
وإذا فوت الحاجز الأول الميعاد الذى حدده للبيع فتقرر المادة 392 مرافعات أنه يجوز للحاجزين المتدخلين بطريق الجرد – أي على مقتضى المادة 371 – أن يحلوا محله ويرى بعض الشراح جواز ذلك أيضاً لمن تدخلوا بطريق الحجز تحت يد المحضر أي على مقتضى المادة 374، ولكن يستلزمون للحلول في الحالتين وجود سند تنفيذي بيد الدائن المتداخل.

جواز التدخل في الحجز حتى بعد البيع:
ويلاحظ أن انتهاء الحجز الأول بتمام البيع، لا يمنع الدائنين الآخرين من التدخل، طالما أن المبلغ الناتج عن البيع لم يوزع بعد فيجوز للدائنين الآخرين في هذه الحالة أن يحجزوا تحت يد المحضر أو غيره ممن يكون تحت يده الثمن.

طرق التدخل في حجز المنقول:
ويفهم مما تقدم أن للتدخل في حجز المنقول طريقتان:
الأولى: تحرير محضر جرد. وهذا المحضر يعلن للحاجز الأول والى المدين والحارس (إذا لم يكن حاضراً) والمحضر الذى أوقع الحجز الأول ويترتب على ذلك بقاء الحجز لمصلحة الحاجز الثاني حتى لو تنازل الحاجز الأول عن حجزه (مادة 371).
الثانية: الحجز تحت يد المحضر على الثمن المتحصل من البيع. وفى هذه الحالة لا يلزم طلب الحكم بصحة الحجز (مادة 374).
ويلاحظ أنه إذا وقع حجز باطل على المنقولات فإن ذلك لا يؤثر في الحجوز اللاحقة المتوقعة على نفس المنقولات إذا وقعت صحيحة في حد ذاتها (المادة 372).

في أثر سقوط الحجز على حقوق الدائن المتدخل:
إنما إذا سقط الحجز الأول سواء بتنازل الحاجز الأول عن حجزه أو ببطلان الحجز فلابد أن يثور التساؤل عن أثر ذلك على حقوق الدائن المتدخل المترتبة على تدخله؟
اختلف الفقه في ذلك: ووجد رأيان متطرفان: رأى يقول بأن ذلك يؤدى دائماً إلى سقوط حق الدائن المتدخل ورأى آخر يقول بأن ذلك لا يؤدى إلى سقوط حق المتدخل أبداً، غير أن الراجح فقها هو التفرقة بين جملة فروض نعرض لبيانها فيما يلى:

1- الفرض الأول- إذا لم يكن بيد المتدخل سند تنفيذي:
فإن تنازل الحاجز الأول عن الحجز الذى أوقعه أو بطلان ذلك الحجز لأى سبب من الأسباب يؤدى إلى زوال ما للدائن المتدخل من حقوق مترتبة على تدخله – لأنه قد اعتمد على الحجز الأول، فإذا زال ذلك الحجز فإنه لا يجد لتدخله متعمداً، لا فرق في ذلك بين تنازل وبطلان.

2- الفرض الثاني- تنازل الحاجز الأول إذا كان بيد المتداخل سند تنفيذي:
أما إذا كان بيد الدائن المتدخل سند تنفيذي، فإن تنازل الحاجز الأول لا يضيره إذ أنه يستطيع عندئذ أن يتولى متابعة الإجراءات والحلو في ذلك محل الحاجز الأول.

3- الفرض الثالث- بطلان الحجز وبيد المتدخل سند تنفيذي:
أما بطلان الحجز، فإنه لا يؤثر في حقوق الدائن المتدخل إذا كان بيده سند تنفيذي، إلا إذا كان ذلك البطلان ظاهرا بمعنى أن يكون راجعاً إلى سبب شكلي يمكن للدائن المتدخل أن يتبينه بالاطلاع على محضر الحجز، ويكون بوسعه عندئذ أن يتلافى نتائجه فلا يكتفى بالتدخل في ذلك الحجز، مادام قد تبين له أنه باطل، بل يعمد إلى إيقاع حجز جديد.
أما إذا كان سبب البطلان مما يخفى على الدائن المتدخل بأن كان سبباً موضوعياً (متعلقاً بدين الحاجز الأول أو صفته أو سنده) فلا يتأثر بذلك مركز الدائن المتدخل.
وأعتد أنه يشترط لذلك أيضاً أن يكون الدائن المتدخل حسن النية – أي يجهل سبب البطلان. فإذا تبين أنه كان على علم به أو يتسنى له العلم به، فإنه يكون مخطئا إذا اكتفى بالتدخل في الحجز الأول وقد كان ينبغي عليه عندئذ أن يعمد إلى ايقاع حجز جديد.

التفرقة بين أسباب البطلان الظاهرة والخفية:
ويفهم من ذلك أنه يجب التفرقة بين أوجه البطلان الظاهرة والخفية.
(أ) فالأولى منها – أي الظاهرة – تؤثر على حقوق الدائن التالي الذى يتدخل في الحجز الباطل بطلاناً ظاهراً، فيسقط حق المتدخل تبعاً لبطلان الحجز الأول الذى تدخل فيه.
وعلة ذلك أن ظهور وجه البطلان كان من شأنه أن يتنبه الدائن الثاني إليه فيعمل على تجنبه بأن يعمد إلى إيقاع حجز جديد مبتدأ ولا يكتفى بالتدخل في الحجز، الظاهر بطلانه.
(ب) أما الثانية – أي وجوه البطلان الخفية – فلا تؤثر على حقوق الدائن المتدخل في الحجز الباطل إلا إذا ثبت أنه كان عالما بها أو كان في استطاعته أن يعلم بها.
والمقصود بوجوه البطلان الخفية تلك الأوجه التي لا يتمكن الشخص العادي من تبينها.
والعلة في عدم تأثر حقوق الدائن المتدخل بوجوه البطلان الخفية أن خفاءها لا يدعوه إلى توقيع حجز جديد يتجنب به آثارها بل أنه يمضى في الطريق المألوف للتدخل في الحجز القائم مطمئناً إلى قيامه.
على أنه إذا كان عالما بها فإنها لا تكون خافية عليه وان خفيت على سواه ولذلك يكون مهملاً إذا لم يتجنبها (بإيقاع حجز مبتدأ).

التفرقة بين البطلان الشكلي والموضوعي:
ولما كان الغالب أن تكون وجوه البطلان الظاهرة وجوها شكلية فإن التفرقة التقليدية في الفقه قد جرت على التمييز ما بين البطلان الشكلي والبطلان الموضوعي، ولذلك يقرر الشراح أن بطلان الحجز الأول شكلاً يؤدى لسقوط حقوق من تدخل فيه أما بطلانه موضوعاً فلا يؤدى إلى ذلك.
وربما كان الأدق تمييز وجوه البطلان الظاهرة عن وجوه البطلان الخفية لأن هناك حالات يكون فيها البطلان شكليا ولكن سببه يخفى (كما في حالة بطلان محضر الحجز لعدم توقيع الحضر على صورته – وفقاً لرأى بعض الشراح) كما أن البطلان قد يكون موضوعياً ويكون سببه ظاهراً كما لو كان الدين قد سقط بالتقادم ويبين ذلك بوضوح للمطلع على محضر الحجز من مجرد النظر إلى تاريخ السند التنفيذي.
ولهذا نرى التمسك بالتفرقة في وجوه البطلان بين ما ظهر منها وما خفى، أما التفرقة بين وجوه البطلان الشكلي والموضوعي فهي تجرى على أساس الغالب عملاً.
هذا مع مراعاة أن علم المتدخل بالعيب (ولو كان خفياً) لا يجعله خافياً عليه ولذلك يتأثر به ويبطل تدخل نتيجة له.
وهذا تطبيق لنظرية الأوضاع الظاهرة.

فرض رابع- سقوط الحجز الأول بمرور ثلاثة شهور:
ولا يبقى إلا أن نعالج فرضاً رابعاً وهو أن يسقط الحجز الأول بسبب عدم اتمام البيع خلال ثلاثة شهور من تاريخ توقيعه مما يؤدى إلى اعتبار الحجز كأن لم يكن طبقاً لما نصت عليه المادة 375 (ما لم يكن هناك سبب لإيقاف هذه المدة) – ونرى في هذا الفرض أن حقوق الدائن المتدخل، المترتبة على تدخله، تسقط تبعاً لذلك إذ أنه كان يستطيع أن يتولى الإجراءات بنفسه، بمقتضى ما له من حق الحلول محل الحاجز المباشر للإجراءات، إذا ما تبين إهمالاً أو تراخياً من جانب الحاجز الأصلي، وقدر أن ذلك قد يؤدى إلى سقوط الحجز، فإن المتدخل يكون في هذه الحالة مخطئاً أو مهملاً بدوره وعليه أن يتحمل تبعة خطئه أو إهماله.
وتحسب مدة الثلاثة أشهر من تاريخ الحجز الأول (الأصلي) لا من تاريخ التدخل في ذلك الحجز.

المنازعات في مجال حجز المنقول:
من الطبيعي أن يكون ثمة احتمال لأن تطرأ منازعات أثناء التنفيذ بطريق الحجز على المنقول. فإن من النادر أن يذعن المدين للتنفيذ أو يمتثل بل أنه غالباً ما يعترض على التنفيذ ويحاول منعه أو عرقلته أو تأخيره. وله في ذلك وسائل شتى.
وقد أتاح المشرع له أن يعترض على التنفيذ الجاري ضده، وهذا أمر طبيعي يقتضيه حق الدفاع – ولا يقال في هذا المجال أن المدين قد استنفذ حق دفاعه في مرحلة التقاضي أمام المحكمة التي صدر منها الحكم المراد تنفيذه فإن إبداء المدين لدفاعه قبل صدور الحكم لا يمنع من تخويل المدين حق الدفاع في مرحلة التنفيذ فهذه مرحلة جديدة ولاحقه على الحكم وقد يكون للمدين فيها وجه دفاع جديد ومقبول كأن يكون بعد الحكم قد سدد الدين الذى يجرى التنفيذ بمقتضاه أو أن تكون قد وقعت المقاصة فيه فيزول بذلك سبب التنفيذ: وهو ركن لا يمكن التنفيذ بدونه لأن التنفيذ الذى يجرى دون سبب هو تنفيذ باطل. كما أن الدائن قد يطغى فيما يعمد إليه من تنفيذ أو يتحيف على حق المدين أو يتخذ ضده إجراءات باطلة – فمن الطبيعي إذن أن يكون للمدين وسيلة لدفع الأذى عن نفسه وان يتيح المشرع له السبيل للاعتراض حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه.
كما أن المنازعة في التنفيذ قد لا تأتى من جانب المدين المنفذ ضده بل من جانب الغير إذا كان التنفيذ يمس بحقوق ذلك الغير أو بمصالحه. ومن جهة ثالثة فإن التنفيذ قد لا يجرى بحكم قضائي بل بسند تنفيذي آخر كعقد رسمي مذيل بالصيغة التنفيذية فلا محل للقول في هذه الحالة بأن المدين قد سبق له الدفاع عن نفسه واستنفذ بذلك حق دفاعه: إذ أن حق الدفاع هنا لا يبدأ بالنسبة إليه إلا من وقت التنفيذ عليه لأن التنفيذ لم تسبقه دعوى يدافع المدين عن نفسه فيما أمام القضاء.
ونستطيع أن نخلص من ذلك إلى أن الاعتراض على حجز المنقول قد يحصل من المدين أو من غير المدين. وان للاعتراض أسباباً متعددة منها ما هو موضوعي متعلق بالدين أو بالسند التنفيذي أو متعلق بمحل التنفيذ كما لو كان من المنقولات التي لا يجوز الحجز عليها، وقد يتعلق الاعتراض بأشخاص التنفيذ كما لو كان الحاجز غير ذي صفة أولاً مصلحة له في إجراء التنفيذ أو كما لو كان المحجوز عليه عديم الأهلية أو ممن لا يجوز التنفيذ عليهم كرجال السلك الدبلوماسي الأجانب فيما يتمتعون به من حصانة. وقد يتعلق الاعتراض بإجراءات التنفيذ كما لو جرى التنفيذ قبل إعلان سنده أو قبل مضى يوم على هذا الإعلان أو كان الدائن حاضراً وقت الحجز أو حدد موعدا للبيع قبل مضى ثمانية أيام من إعلان صورة محضر الحجز للمدين أو تسليمها إليه، أو قبل مضى يوم على الإعلان عن البيع أو دون أن يحصل الإعلان أصلاً، إلى غير ذلك من صنوف الاعتراضات التي لا يمكن حصرها والتي ينجلي العمل يومياً عن الكثير منها.
ويحصل الاعتراض اما برفع اشكال في التنفيذ إلى قاضى التنفيذ ليأمر بإيقاف التنفيذ – أو برفع دعوى موضوعية ببطلان التنفيذ، وقد تقترن هذه الدعوى بطلب مستعجل هو إيقاف التنفيذ إلى أن يفصل في الموضوع.
وقد تم ابداء الاشكال امام المحضر عند ايقاع الحجز، كما أنه قد يتم برفع دعوى بصحيفة يودعها المعترض بقلم الكتاب وتنطوي على تكليف الدائن الحاجز بالحضور أمام قاضى التنفيذ.
وكل هذه الاعتراضات ترفع إلى قاضى التنفيذ، ويتم الفصل فيها طبقاً للقواعد العامة، سواء رفعت بصورة اشكال في التنفيذ أو صورة دعوى موضوعية، فهي لا تتميز بإجراءات أو آثار خاصة. وإنما عنى المشرع عناية خاصة بأحد الاعتراضات التي تثار عند الحجز على المنقول، وهو اعتراض الغير على الحجز بمقولة أن المال المحجوز مملوك للمعترض لا للمدين المحجوز عليه، وبذلك يكون الحجز على ذلك المال باطلاً لوقوعه على غير محل وهو ما يعرف باسم دعوى الاسترداد أو بالأصح دعوى استرداد المنقولات المحجوزة، فقد أفرد المشرع لهذه الدعوى طائفة من النصوص في باب حجز المنقول وتولى تنظيمها ووضع لها أحكاماً وقواعد خاصة باعتبارها أهم اعتراض يثور في هذا النوع من الحجز ولهذا فإننا نقتصر في هذا الفصل على دراسة هذه الدعوى. أما بقى الاعتراضات فإنه يكفى في شأنها الرجوع إلى القواعد العامة المتعلقة بإشكالات التنفيذ بصفة خاصة وبالدعاوى على وجه العموم.
وقد سبق الإيضاح فيما يتعلق بالإشكالات. ولذلك نقتصر هنا على ايضاح القواعد المتعلقة بدعوى الاسترداد.

دعوى استرداد المنقولات المحجوزة:
أهمية دعوى الاسترداد:
ترجع أهمية دعوى الاسترداد إلى أن لها أثراً قانونياً هاماً، فهي بمجرد رفعها توقف التنفيذ (مادة 393) وهذا الأثر – أي وقف التنفيذ – يترتب أوتوماتيكياً أي بقوة القانون ولمجرد رفع دعوى الاسترداد.
غير أن هذا الأثر لا يترتب عليها – أو بعبارة أدق لا يستقر لها – إلا إذا روعيت فيها الشروط التي قررها المشرع في المادة 394 مرافعات. ونعرض فيما يلى لبيان هذه الشروط:

شروط رفع دعوى الاسترداد:
ترفع دعوى الاسترداد – كأية دعوى – بالطرق المعتادة أي بصحيفة تودع قلم الكتاب وتقيد ثم تعلن للمدعى عليهم مع تكليفهم بالحضور أمام قاضى التنفيذ للحكم عليهم بالطلبات الواردة فيها.
غير أن المشرع قرر بالنسبة لدعوى الاسترداد شروطاً ينبغي مراعاتها في رفعها. ونلخصها فيما يلى:
أولاً: أنه يجب فيما اختصام المحجوز عليه والحاجز والحاجزين المتدخلين، على أنه إذا لم ترفع الدعوى إلا على بعض هؤلاء الأشخاص فغن ذلك لا يؤدى إلى عدم قبولها أو إلى بطلان صحيفتها بل تكون مقبولة وصحيحة، ويجوز تأجيلها لإدخال من لم ترفع عليه في البداية، وإنما قد يؤدى هذا النقص إلى تعطيل الأثر الواقف لهذه الدعوى على ما سنرى.
ويلاحظ أن العمل قد جرى على اختصام قلم المحضرين القائم بإجراء التنفيذ وان كان القانون لم ينص على ذلك، ولكن الغرض من إعلان قلم المحضرين هو أن يتوقف المحضر على إجراء البيع.
ثانياً: يجب أن تشتمل صحيفة الدعوى على بيان واف لأدلة الملكية.
ثالثاً: يجب أن تودع المستندات الدالة على الملكية عند تقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب.
تعطيل الأثر الواقف لدعوى الاسترداد
والأثر يترتب على دعوى استرداد المنقولات المحجوزة هو وقف البيع، إلا أن هذا الأثر الواقف لدعوى الاسترداد قد يتعطل ويكون ذلك أما بحكم من القضاء وأما بغير حاجة إلى حكم.

(أ) تعطيل أثر الدعوى بحكم قضائي:
قد يتعطل الأثر الواقف لدعوى الاسترداد بموجب حكم قضائي يقرر الاستمرار في التنفيذ رغم دعوى الاسترداد وذلك بناء على طلب يتقدم به الحاجز إلى القضاء، غير أنه يجب في ذلك أن نفرق بين صورتين يكون الحكم باستمرار التنفيذ في أولاهما جوازياً للقضاء وفى الثانية وجوبياً متعيناً على المحكمة بحيث لا يجوز لها أن ترفضه متى طلب وتحققت أسبابه ويكون رفضها له خطأ في القانون.

أولاً- حالات الحكم الجوازي (باستمرار التنفيذ):
نصت المادة 393 على أنه يجوز لقاضى التنفيذ أن يحكم باستمرار التنفيذ (بشرط إيداع الثمن أو بدونه) رغم رفع دعوى الاسترداد.
ويصدر الحكم باستمرار التنفيذ أثناء نظر الدعوى وقبل صدور الحكم فيها.
وحكم القاضي باستمرار التنفيذ في هذه الحالة جوازي ومتروك لتقديره.

رفض الدعوى ابتدائياً، هل يزيل أثرها:
ونشير بهذه المناسبة إلى أنه كان المفهوم مما تقدم أن الأثر الواقف لدعوى الاسترداد يستمر إلى أن يقضى فيها نهائياً (حتى لو صدر الحكم الابتدائي برفضها) طالما أنه لم يصدر حكم بالاستمرار في التنفيذ، وبعبارة أخرى أن الحكم برفض الدعوى ابتدائياً كان لا يزيل أثرها الواقف بل كان البيع يظل موقوفاً إلى أن يقضى فيها استئنافياً مهما طالت مدة نظر الاستئناف، وقد كان هذا هو حكم القانون السابق. ولهذا نص القانون الجديد على أن للحاجز أن يمضى في التنفيذ إذا حكم برفض الدعوى (مادة 394) فتدارك بذلك نقص القانون القديم، ومدى ذلك أننا لم نعد في حاجة إلى أن يقترن حكم الرفض (في ظل القانون الجديد) بما يفيد الحكم باستمرار التنفيذ، فقد أصبح حكم الرفض بذاته مبرراً كافياً لاستمرار التنفيذ بقوة القانون.

ثانياً- حالات الحكم الوجوبي (باستمرار التنفيذ):
نصت المادة (394) على أنه إذا لم تراعى الإجراءات السابق بيانها في رفع دعوى الاسترداد كلها أو بعضها فإنه يكون من حق الحاجز أن يطلب الحكم بالاستمرار في التنفيذ بغير انتظار الفصل في الدعوى، وفى هذه الحالة يجب الحكم باستمرار التنفيذ.
أي أن الحكم في هذه الحالة وجوبي.
وتقرر المادة (394): أنه لا يجوز الطعن في هذا الحكم بأي طريق.
وعلى هذا: فإذا يختصم في الدعوى أحد الأشخاص المنصوص عليهم (المحجوز عليه – والحاجز – والحاجزين المتدخلين)، أو لم تشتمل صحيفتها على بيان واف لأدلة الملكية أو لم يكن البيان واضحاً أو لم تودع المستندات في قلم الكتاب عند تقديم صحيفة الدعوى، ففي جميع هذه الأحوال قد تسير الدعوى بل وقد يحكم فيها في النهاية لمصلحة رافعها، ولكن يجب على المحكمة أن تقضى باستمرار التنفيذ إذا طلب الحاجز ذلك وتحققت المحكمة من عدم مراعاة الإجراءات وذلك قبل صدور الحكم في موضوع الدعوى ودون انتظار الفصل في الموضوع.
وغنى عن البيان أنه يلزم عند تقديم هذا الطلب دفع الرسم اللازم عنه.
إلا أنه يلاحظ أن الدعوى المعيبة يترتب عليها أثرها الواقف بمجرد رفعها، ولا يزول هذا الأثر إلا إذا طلب الحاجز من المحكمة أن تحكم باستمرار التنفيذ وصدر الحكم بذلك. وهو لا يصدر إلا بناء على طلب الدائن الحاجز لأن المحكمة لا تقضى إلا بما يطلب منها، فإذا لم يتقدم بهذا الطلب فإن البيع يظل موقوفاً. ولا تقضى المحكمة باستمرار التنفيذ من تلقاء نفسها لأن هذه المسألة تتعلق بمصلحة الدائن الخاصة.

(ب) تعطيل الأثر الواقف لدعوى الاسترداد بقوة القانون أي بغير حاجة إلى استصدار حكم قضائي بالاستمرار في التنفيذ:
نصت المادة (395) على أنه يحق للحاجز أن يمضى في التنفيذ في جملة حالات بينتها تلك المادة وهى:
إذا حكم بإيقاف الدعوى طبقاً للمادة 99 مرافعات (أي في حالة الوقف الجزائي).
إذا اعتبرت الدعوى كأن لم تكن ا حكم باعتبارها كذلك.
إذا حكم بشطب الدعوى (لغياب طرفيها).
أو إذا حكم برفض الدعوى (طبقاً للقانون الجديد).
وكذلك إذا حكم في الدعوى بعدم الاختصاص.
أو بعدم القبول.
أو ببطلان صحيفتها.
أو بسقوط الخصومة فيها.
أو بقبولها تركها.
ويكفى في هذه الحالات (من 1-9) تقديم صورة الحكم الصادر من المحكمة بأحد المعاني المتقدمة، حتى ينهض المحضر إلى إجراء البيع الذى أوقفته دعوى الاسترداد، ويستوى في ذلك أن يكون الحكم عندئذ قابلاً للاستئناف أو أن يكون نهائياً. ويلاحظ أن الحكم في هذه الحالة لا يتضمن صراحة الأمر باستمرار التنفيذ ولكن هذه هى النتيجة الحتمية والمفترضة لصدور حكم بأحد المعاني المتقدمة.

دعوى الاسترداد الثانية:
تنص المادة 396 على أنه إذا رفعت دعوى استرداد ثانية فلا توقف البيع إلا إذا حكم قاضى التنفيذ بإيقافه لأسباب هامة – وهذه هى الصورة العكسية للأثر المترتب على رفع دعوى الاسترداد الأولى، فالأصل عند رفع دعوى استرداد (أولى) أنها توقف البيع (مادة 393) ولكن هذا الأثر يتعطل في بعض الحالات كما قدمنا، ويجوز أن يحكم باستمرار التنفيذ رغم رفع دعوى الاسترداد – ولكن إذا كانت الدعوى دعوى استرداد ثانية فالأصل أنها لا توقف البيع، ولكن يجوز هنا استثناء أن يصدر حكم بإيقافه لمبرر قوى – أي أن الأصل هنا ينقلب استثناء والاستثناء ينقلب أصلاً.
والحكم بإيقاف البيع رغم أن الدعوى المرفوعة هى دعوى استرداد ثانية يكون (لأسباب هامة) وتقدير أهمية الأسباب متروك لتقدير قاضى التنفيذ.

متى تكون الدعوى ثانية:
ولكن متى تعتبر الدعوى استرداد ثانية، وبعبارة أخرى: متى تعتبر دعوى من الدرجة الثانية؟
نص المشرع في المادة 396 على أنها تعتبر كذلك إذا كان قد سبق رفعها من المسترد نفسه اعتبرت كأن لم تكن، أو حكم باعتبارها كذلك، أو حكم بشطبها أو بعدم قبولها أو بعدم اختصاص المحكمة بها أو ببطلان صحيفتها أو بسقوط الخصومة فيها، أو بقبول تركها، وغنى عن البيان أنه إذا رفعت دعوى من شخص آخر (غير المسترد نفسه) وتحققت تلك الظروف نفسها فإنها تعتبر أيضاً دعوى استرداد ثانية.
على أنه يمكن القول بصفة عامة أن الدعوى لا تعتبر دعوى استرداد ثانية إلا إذا رفعت بعد صدور حكم من شأنه تعطيل الأثر الواقف لدعوى الاسترداد الأولى (سواء أكان حكماً باستمرار التنفيذ أو حكماً من الأحكام المشار إليها في المادة 395 والتي يكون من نتيجتها اعطاء الحق للحاجز في المضي في التنفيذ بقوة القانون أي بغير حاجة إلى استصدار حكم قضائي بالاستمرار في التنفيذ).
وعلى هذا فإذا رفعت أكثر من دعوى بالاسترداد من جملة مستردين فإن كلا منها يعتبر دعوى استرداد أولى، ويترتب على كل منها وقف البيع طالما أن الأثر الواقف لأية واحدة منها لم يتعطل بأي سبب من الأسباب سواء بحكم قضائي جوازي أو وجوبي، أو بغير حكم.
فليست العبرة إذن بعدد الدعاوى أو بالأسبقية في رفعها وإنما توصف الدعاوى بأنها (أولى) أو (ثانية) بالمعنى الاصطلاحي المبين فيما تقدم.
وإذا رفع المسترد دعواه بالاسترداد وتبين له أنه أخطأ فيها فإنه يستطيع أن يتدارك ذلك برفع دعوى أخرى بالاسترداد يستوفى فيها ما لم يتمكن من استيفائه أو يصحح فيها خطأه. وتعتبر هذه الدعوى الأخرى دعوى استرداد اولى مادامت قد رفعت قبل صدور حكم بالاستمرار في التنفيذ ا, قبل أن يصدر في دعوى الاسترداد التي رفعها أولاً حكم من الأحكام المشار إليها في المادة (395).
ونخلص مما تقدم بأن دعوى الاسترداد تعتبر دعوى ثانية إذا كان قد سبق رفع دعوى استرداد غيرها وتعطل الأثر الواقف لتلك الدعوى السابقة سواء كان تعطيله بصدور حكم يقضى باستمرار التنفيذ طبقاً للمادة 393 أو للمادة 394 أو بغير حكم قاض بالاستمرار (أي في إحدى الحالات المبينة في المادة 395).
ونخلص مما تقدم بأن دعوى الاسترداد تعتبر دعوى ثانية إذا كان قد سبق رفع دعوى استرداد غيرها وتعطل الأثر الواقف لتلك الدعوى السابقة سواء كان تعطيله بصدور حكم يقضى باستمرار التنفيذ طبقاً للمادة 393 أو للمادة 394 أو بغير حكم قاضى بالاستمرار (أي في إحدى الحالات المبينة في المادة 395).
أما إذا لم يكن الأثر المواقف للدعاوى السابقة قد تعطل فإن الدعوى اللاحقة تعتبر مع ذلك دعوى استرداد أولى أي من الدرجة الأولى.

الاختصاص بالدعوى:
عقد المشرع الاختصاص بدعوى الاسترداد لقاضى التنفيذ الذى يقع المنقول المحجوز عليه في دائرته أيا كانت قيمة الدعوى.

الطعن في الحكم:
ويجوز استئناف الحكم إلى المحكمة الابتدائية إذا كانت قيمة النزاع تزيد عن 50 جنيها ولا تجاوز 500 جنيهاً، أما إذا زادت عن 500 جنيهاً فيرفع الطعن إلى محكمة الاستئناف العليا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق