الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

الحجز التحفظي





الحجز التحفظي ..

الحجز التحفظي:
الحجز التحفظي ليس وسيلة من وسائل التنفيذ بل هو تدبير وقائع يقصد منه إلى ضبط المال المتنازع عليه ووضعه تحت يد القضاء خشية تهريبه أو تبديده. وقت ينتهى الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي في بعض الأحوال إذا ما اتخذت الاجراءات اللازمة لذلك.
ومحل الحجز التحفظي قد يكون منقولاً مادياً وقد يكون ديناً. أما العقارات فلا تخضع لنظام الحجز التحفظي في التشريع المصري – وان كان ثمة اجراء قريب من الحجز التحفظي بالنسبة للعقارات وهو الحصول على أمر من القضاء بالاختصاص بعقار معين من عقارات المدين. ودراسة حق الاختصاص واجراءاته والشروط اللازمة للحصول عليه والآثار المترتبة عليه – كل ذلك موضعه في القانون المدني في باب التأمينات العينية فارجع إليه أن شئت في موضعه ذاك.
أما قانون المرافعات فإنه يعرف الحجز التحفظي في باب حجز ما للمدين لدى الغير وفى باب حجز المنقول. وليس من الضروري أن يكون طالب الحجز التحفظي دائناً لمالك المال المحجوز عليه بل قد يكون هو نفسه صاحب المال الذى يطلب الحجز عليه تحفظياً: وفى هذه الحالة يكون الغرض من الحجز هو ضبط المال لمنع تبديده وذلك تمهيداً لرد ذلك المال إلى صاحبه. وهو ما يعرف باسم الحجز التحفظي الاستحقاقي.

أنواع الحجز التحفظي:
وينقسم الحجز التحفظي إلى نوعين:
(1) حجز ما للمدين لدى الغير (تحفظياً):
وحالات الحجز التحفظي بالنسبة لأموال المدين الموجودة تحت يد الغير هى حالات معينة: فيجوز حجز ما للمدين لدى الغير في أية حالة يكون فيها ذلك لازماً وبالنسبة لأى مال من أموال المدين موجودة تحت يد الغير سواء أكان ذلك المال ديناً في ذمة الغير ام وديعة ام مالا منقولا موجوداً في حيازة الغير وبالنسبة لأى حق من حقوق تتوفر فيه الشروط التي يتطلبها القانون لإمكان ايقاع الحجز التحفظي بمقتضاه.

(2) أما حجز المنقول (تحفظيا):
فالمقصود به حجز المنقولات الموجودة تحت يد المحجوز عليه. ولو صورتان:
(أ) الصورة الأولى: صورة الحجز على منقولات المدين بصفة عامة.
(ب) الصورة الثانية: صورة الحجز على منقولات معينة في حالات خاصة.
وتشمل الصورة الثانية حالتان:
(1) حالة الحجز على أمتعة المستأجر
(1) حالة الحجز التحفظي الاستحقاقي. وفى الحالتين المذكورتين لا يقع الحجز إلا على منقول معين ومحدد.

شروط الحق الذى يجرى الحجز التحفظي بمقتضاه:
يشترط في الحق الذى يجرى الحجز التحفظي بمقتضاه شرطان:
أن يكون محقق الوجود.
أن يكون حال الاداء.
ولا يلزم أن يكون معين المقدار.
الشرط الأول:
وهو تحقق الوجود فمعناه أن يكون لدى الدائن الدليل الحاضر أو الظاهر على حقه أي أن يكون الحق محقق الوجود من حيث أساسه أو أصله ولو حصلت المنازعة حول صحته أو بطلانه وحول بقائه أو زواله – فإذا كان حق الدائن مطعوناً عليه بالبطلان أو مطلوبا فسخه أو مدعى بانقضائه عن طريق الوفاء أو المقاصة أو التقادم – فغن كل ذلك لا ينفى كونه محقق الوجود مادام أساسه أو أصله أو مصدره ثابتا أي مادام دليله قائماً وحاضراً.
أما إذا كانت المنازعة تتناول أصل الحق أي مصدره وأساه فانه لا يكون عندئذ محقق الوجود ولا يجوز الحجز التحفظي بمقتضاه.
وقد ذهب رأى إلى أن تحقق وجود الدين معناه أن يكون مؤكداً بمعنى الا يكون ثمة نزاع في شأنه أياً كان ذلك النزاع بمعنى أنه حتى إذا انصب النزاع على صحة الدين أو على بقائه وزواله فإنه لا يكون محقق الوجود. وهذا الرأي المتشدد مرجوح لأنهلا يتفق مع مفترضات الحجز التحفظي ذاتها: فمن المسلم به أن كل حجز تحفظي يعقبه دائماً رفع دعوى بحصة الحجز للحصول على حكم بالمديونية فدل ذلك على أن الحجز التحفظي يفترض بذاته وجود النزاع حول صحة الدين أو بطلانه وحول انقضائه وزواله أو بقائه: فلا جرم أن يكون الدين مطعوناً عليه بالبطلان أو بالانقضاء أياً ما كان سبب الانقضاء أو مطلوبا بشأنه الفسخ مما يؤدى إلى زواله (وبأثر رجعى) فإن ذلك لا يؤثر على كونه محقق الوجود بمعنى ألا يكون هناك نزاع جدى حول نشأته.
ولا يتطلب المشرع أن يكون الدين (مصفى) أي خالياً من كل نزاع سواء حول أصل خلقته (أي نشأته) أو حول صحته وبطلانه أو حول بقائه أو زواله بأي سبب من أسباب الزوال كالانقضاء أو الفسخ – لا يتطلب المشرع ذلك الا في الحق الذى يجرى التنفيذ بمقتضاه: لأن الحق عندئذ يكون قد تبلور في صورة سند تنفيذي أي في صورة حكم قضائي (غالباً) مما ينطوي حتماً على تصفية كل منازعة في شأنه سواء كانت منازعة أصلية أم فرعية أم طارئة.
وعلى ضوء ما تقدم يمكن القول بأنه لا يجوز استصدار أمر حجز تحفظي بمقتضى حساب جار لم يقفل بعد أو بمقتضى هبه رجع فيها الواهب لأن ذلك يمس صميم نشأة الحق.
الشرط الثاني:
وهو أن يكو الحق حال الأداء فمقصود به ألا يكون الدين احتمالياً أو موصوفا بشرط واقف أو مقترنا بأجل لم يحل والا لم يجز استصدار أمر حجز تحفظي بموجبه.
أما إذا كان الدين محقق الوجود من حيث نشأته بمعنى أن يكون بيد الدائن الدليل الحاضر والظاهر على وجوده، وكان من جهة أخرى حال الأداء بمعنى ألا يكون احتمالياً وألا تكون المطالبة به متراخية أو متوقفة على تحقق شرط لم يثبت بعد تحققه – ففي هذه الحالة لا يحول دون استصدار أمر حجز تحفظي بموجبه اني كون الدين غير معين المقدار بل يمكن في هذه الحالة أن يصدر امر من القاضي الوقتي بتعيين مقدار للدين بصفة مؤقتة وبإيقاع الحجز التحفظي بموجبه وفى حدود ذلك القدر الذى عينه القاضي.

اجراءات الحجز التحفظي:
تتلخص هذه الاجراءات فيما يلى:
(1) استصدار أمر من القاضي بإيقاع الحجز التحفظي بعد التحقق من توافر شروط الدين ومن أن الحالة المعروضة تستوجب ايقاع ذلك الحجز.
والأمر في ذلك متروك للقاضي يستخلصه مما هو معروض عليه من الأوراق وله الحق في أن يجرى بهذا الشأن تحقيقا مختصراً.
ولا يحتاج القاضي عند اصداره لأمره إلى تسبيب الأمر لأن الأوامر على العرائض لا تحتاج إلى تسبيب إلا إذا كان الأمر صادراً على خلاف امر سابق.
وغنى عن البيان أن استصدار امر القاضي بالحجز التحفظي يتم بطريق الأوامر على العرائض أي عن طريق تقديم عريضة (مشفوعة بالمستندات) إلى القاضي. فيرجع إلى باب الأوامر على العرائض بشأن هذه التفصيلات.
(2) ويلى ذلك (خلال 30 يوماً من صدور الأمر) توقيع الحجز التحفظي بناء على أمر القاضي بموجب محضر حجز يحرره المحضر إذا كان الحجز واقعاً على منقول أو بموجب إعلان إلى المحجوز لديه (يعقبه ابلاغ إلى المحجوز لديه).
فإذا فاتت مدة 30 يوماً سقط الأمر ولم يجز توقيع الحجز بموجبه وان جاز استصدار أمر جديد بمضمونه.
(3) ثم يلى ذلك إعلان الأمر ومحضر الحجز إلى المدين خلال ثمانية أيام من تاريخ ايقاع الحجز. ويسمى ذلك (تبليغا) بالحجز بالنسبة إلى حجز ما للمدين لدى الغير.
(4) ويعقب ذلك رفع دعوى بصحة الحجز خلال ثمانية أيام من تاريخ ايقاع الحجز أو اعلانه.
وترفع الدعوى بالإجراءات المعتادة إلى المحكمة المختصة حسب قيمة الدين أو الحق المطلوب إلى المحكمة الجزئية أن كان في حدود (500) جنيه والى المحكمة الابتدائية أن زاد عن ذلك.
وان كانت دعوى الحق مرفوعة من قبل فيرفع طلب صحة الحجز (في خلال الأيام الثمانية المشار اليها) إلى المحكمة الناظرة لدعوى الحق.
والجزاء على عدم اتباع هذه الاجراءات اللاحقة على ايقاع الحجز هو اعتبار الحجز كأن لم يكن – ولكن ذلك لا يمس أمر الحجز ذاته فإنه يبقى على حاله ويمكن ايقاع حجز جديد بمقتضاه ما لم يكن الأمر ذاته قد ألغى أو سقط لسبب متعلق به أي بالأمر نفسه. كما لو كانت قد مضت على صدوره المدة القانونية (30 يوما).
ولا يلزم في الحجز التحفظي اتخاذ مقدمات التنفيذ أي إعلان أمر الحجز وانتظار مضى يوم قبل ايقاع الحجز لأن ذلك يتنافى مع فكرة المباغتة وهى قوام الحجز التحفظي وحكمته.

وسيلة الطعن في الحجز التحفظي:
أولاً: يمكن التظلم من أمر الحجز التحفظي إذا صدر في حالة لم يكن ينبغي فيها اصداره أو إذا صدر بناء على حق غير محقق الوجود أو غير حال الأداء. وليس لهذا التظلم ميعاد.
ثانياً: يمكن رفع اشكال مستعجل بشأن الحجز التحفظي الذى تم ايقاعه أو بشأن الأمر الذى تم ايقاع الحجز بمقتضاه وبناء عليه.
ولكن الاشكال هنا محل نظر: إذ أن الاشكال هو منازعة وقتية ومستعجلة في التنفيذ يقصد منها إلى ايقاف التنفيذ أو استمراره. وفى حالة الحجز التحفظي لا يتصور استمرار التنفيذ ولذلك لا يتصور أيضاً ايقافه لأنه موقف بطبعه إذ أن الغرض من الحجز التحفظي هو مجرد ضبط المال أو التحفظ عليه ووضعه تحت يد القضاء لمنع تهريبه أو تبديده ومن ثم فلا يتصور أن يعقبه بيع أو أي اجراء تنفيذي آخر الا إذا صدر الحكم في دعوى صحة الحجز لمصلحة رافعها (الدائن) فعندئذ يتحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي ويمكن الاستشكال فيه. أما رفع الاشكال قبل صدور الحكم في دعوى صحة الحجز فهو سابق لأوانه وبالتالي لا محل له إذا كان المقصود برفعه استصدار حكم بعدم الاعتداد به أو بالإجراءات التي اتبعت في شأنه أي في شأن الحجز ذاته أو في شأن الأمر الصادر بإيقاعه أو كما لو كان المال المحجوز عليه مثلاً من الأموال التي لا يجوز لحجز عليها – أو كما لو كان الحجز واقعاً دون أمر من القاضي – فعندئذ يؤمر بالصرف رغم ايقاع الحجز (التحفظي).
وكذلك الحال لو كان أمر الحجز باطلاً أو حصل التظلم منه وألغى. إلى غير ذلك من الحالات المماثلة.
ثالثاً: يجوز كذلك رفع دعوى ببطلان الحجز سواء من المدين أو من الغير.
رابعاً: هذا فضلا عن أنه يحق للغير الذى وقع الحجز (التحفظي) على أمواله أن يرفع دعوى استرداد عن ذلك المال المحجوز لأنه مملوك له وغير مملوك للمدين.

حالات الحجز التحفظي:
أولاً- في حجز ما للمدين لدى الغير:
لا توجد حالات محددة وانما يجوز ايقاع الحجز التحفظي سواء على منقولات المدين الموجودة لدى الغير أو الحقوق التي للمدين في ذمة الغير وذلك بناء على طلب الدائن الذى لا يوجد بيده سند تنفيذي وانما يجب على الدائن في هذه الحالة أن يستصدر من القاضي المختص أمراً بإيقاع الحجز (أو: بإيقاع الحجز وتقدير الدين) بشرط أن يكون حقه محقق الوجود وحال الأداء (تراجع المادة 325 مرافعات).
وإذا كان بيد الدائن سند تنفيذي ولكنه غير مشمول بالنفاذ جاز له أن يوقع بمقتضاه حجزاً تحفظياً ولا يحتاج هنا إلى استصدار أمر من القاضي بذلك.
ومن باب أولى: لو كان بيد الدائن سند تنفيذي واجب النفاذ فإن من حقه أن يوقع بمقتضاه حجزاً تنفيذياً. ومن باب أولى حجزا تحفظياً دون أن يحتاج إلى أمر قاضى.

حجز المنقول:
كان القانون القديم يحدد حالات الحجز التحفظي على المنقول بخمس حالات (مادة 601 من قانون المرافعات القديم) أما القانون الجديد فقد أتى ببعض الحالات على سبيل المثال:
أولهما: حالة الكمبيالات والسندات الإذنية المتعلقة بدين تجارى (مادة 316/1): فإذا كان الدائن بدين تجارى حاملاً لكمبيالة أو سند أذني وكان المدين تاجراً وله توقيع على الكمبيالة أو سند أذني وكان المدين تاجراً وله توقيع على الكمبيالة أو السند الأذني يلزمه بالوفاء بقيمة الكمبيالة أو السند الأذني كأن يكون هو محرر الكمبيالة أو المسحوب عليه القابل فإن يجوز استصدار امر بالحجز التحفظي على أي منقول من المنقولات المملوكة له لوفاء تلك القيمة.
ويلاحظ أنه إذا كان المراد الحجز عليه هو أحد الضمان أو المظهرين وجب تحرير البروتستو في الميعاد.
والثانية: حالة خشية فقدان الضمان: كما لو كان المدين قد أضعف التأمينات التي قدمها سواء كانت تأمينات شخصية ام عينية أو كما لو هبطت قيمة الشيء المرهون – ففي هذه الحالة نجد أن التأمينات مهددة بالضياع وأن الدائن يخشى فقدان الضمان المقدم إليه والذى يكفل له وفاء دينه بالكامل ويصدق ذلك غالباً على مديني بنك التسليف الزراعي وأمثالهم من مديني البنوك ففي هذه الحالة يجوز استصدار امر بالحجز التحفظي على أي منقول من منقولات المدين ويوقع الحجز هنا على المنقول المادي بصفة عامة ولو كان طائرة أو سفينة (كذا على حملة السفينة) وكذلك الأسهم والسندات والأوراق التجارية على اعتبار أن الحق قد تجسد في الورقة فأصبحت بمثابة منقول مادى.
(وإنما يراعى في هذا المقام أن حجز الطائرات قد تقرر بشأنه أحكام خاصة بموجب قانون خاص بحجز الطائرات فيرجع إليه في هذا الصدد).
وإلى جانب هاتين الحالتين الواردتين في القانون الجديد يمكن الاسترشاد بالحالات الثلاث الأخرى (التي كانت واردة في القانون القديم بالإضافة إلى هاتين الحالتين وهى: (1) إذا لم يكن للمدين موطن مستقر في مصر. وكما هو الشأن بالنسبة للسائحين وركاب السفن (2) إذا خشى الدائن فرار مدينه وأبدى أسبابا جدية لخشيته يقتنع بها القاضي الوقتي (3) إذا كان المدين تاجراً وكانت أسباب جدية يتوقع معها تهرب أو اخفاء الأموال.
ففي جميع هذه الحالات وغيرها من الحالات المماثلة يجوز للدائن أن يحجز تحفظياً على منقولات مدينه أيا كانت دون تحديد لمنقولات خاصة أو معينة.
وإلى جانب هذه الحالات التي يكون فيها حجز المنقول عاماً أي شاملاً لجميع المنقولات توجد حالات للحجز التحفظي على منقولات خاصة (معينة) وهى:

(1) حالة المستأجر والمستأجر من الباطن:
وفى هذه الحالة يحق للمؤجر (مؤجر العقار) الحجز على المنقولات المملوكة للمستأجر أو للمستأجر من الباطن: لاستيفاء الأجرة والديون الناشئة عن عقد الايجار ولو كانت تعويضات. ولكن يشترط هنا أن تكون العين المؤجرة عقاراً كمنزل أو أطيان.
ويتم الحجز هنا على أثاث المنزل وعلى محصولات الحقل وثماره. ويحجز على هذه المنقولات متى كانت موجودة بالعين المؤجرة وكذلك يحجز عليها حتى لو نقلت بدون رضاء المؤجر إلى أي مكان آخر خارج العين المؤجرة شريطة أن يتم الحجز خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النقل ويرجع ذلك إلى أن للدائن (المؤجر) حق امتياز على منقولات المستأجر الموضوعة في العين ضماناً للأجرة. ومن ثم فإن الدائن (المؤجر) يكون له حق تتبع هذه المنقولات لو نقلت إلى خارج العين فضلاً عن حقه في استيفاء دين الأجرة بالأولوية من قيمة هذه المنقولات.
ويرى بعض الشراح أن الحجز على هذه المنقولات بعد نقلها من العين يعتبر صورة من صور الحجز التحفظي الاستحقاقي.

(2) حالة الحجز الاستحقاقي:
وصورته البارزة هى صورة الزوجة التي تحجز على المنقولات المملوكة لها والموجودة في منزل الزوجية بعد أن تغادر ذلك المنزل وتنفصل عن زوجها. ففي هذه الحالة يحق لها الحجز على هذه المنقولات مع أنها مملوكة لها وذلك لمنع الزوج من تبديدها.
كذلك لو كانت لك منقولات عند نجاراً أو تاجراً للموبيليا اشتريتها منه وتركتها عنده كوديعة – أو سلمتها إليه لإصلاحها وتخشى أن يتصرف فيها أو يخفيها – فمن حقك أن تحجز عليها عنده حجزاً تحفظياً لمنعه من تهريبها.
كذلك لو كانت لك سيارة مودعة في جراج أو ملابس عند ترزي أو مكوجي أو حقائب أو منقولات مودعة عند أحد الأقارب أو الأصدقاء وخشيت تبديدها – فإن لك الحق في أن تحجز عليها تحفظياً لضبطها والتحفظ عليها – إلى أن تثبت أمام القضاء انها مملوكة لك فتتسلمها.
ومن ثم فإن هذا النوع من الحجز يسمى بالحجز التحفظي الاستحقاقي لأنه حجز يوقعه مالك المنقول على المنقول المملوك له تحت يد الشخص الملتزم بتسليمه.
ويتم ذلك عن طريق استصدار امر على عريضة بإذن أو يصرح بإيقاع الحجز الاستحقاقي (التحفظي) ويعقبه خلال (8) أيام رفع دعوى بالأحقية إلى المنقولات وبصحة الحجز: فإذا حكم في الدعوى بأحقية الحاجز إلى ملكية المنقولات المحجوزة فإن الحجز يتحول من تحفظي إلى تنفيذ ولكن لا يعقبه بيع وانما يعقبه رد الأموال إلى صاحبها أي تسليمها بعينها إلى الحاجز لأنها مملوكة له: فالتسليم أثر من آثار الحكم له بملكية المنقول ويعتبر هذا هو التنفيذ (العيني) بمعناه الصحيح. وقد نصت على الحجز التحفظي الاستحقاقي المادة 318 من قانون المرافعات.
وما يحق للمالك يحق أيضاً لكل صاحب حق عيني تقتضى ممارسته حيازة الشيء إذا ما اقتضى الأمر تسليم المنقول أو إذا خرج المنقول من حيازة صاحب الحق العيني: ومثال ذلك صاحب حق الانتفاع وصاحب حق الحبس (وان كان وصف حق الحبس بأنه حق عيني محل خلاف في القانون المدني الجديد) وصاحب حق الرهن الحيازي وصاحب حق الامتياز على المنقول إذا ما خرج المنقول من حيازته بغير رضاه.
وفى رأيي أنه يمكن ايقاع الحجز التحفظي الاستحقاقي تحت يد الغير وتكون هذه صورة خاصة من حجز ما للمدين لدى الغير يكون محل الحجز فيها منقولاً مادياً مملوكا للحجز وموجودا في حيازة الغير كما لو كان الزوج قد قام بنقل المنقولات (المملوكة لزوجته) من منزل الزوجية أودعها عند أحد التجار أو في أحد المخازن فيحجز عليها تحت يد التاجر أو صاحب المخزن حجز ما للمدين لدى الغير. ولكنه يكون حجزاً استحقاقياً. ويمكن أن يطلق على هذا النوع من الحجز اسم "حجز ما للمدين لدى الغير" (استحقاقياً).
ويتحول الحجز من تحفظي إلى تنفيذي متى صدر الحكم بصحة الحجز: ولا يحتاج الدائن إلى اتخاذ اجراءات حجز جديدة لكى يتوصل عن طريقها إلى المرحلة الثانية وهى مرحلة التنفيذ الحقيقي أي مرحلة البيع في حالة الحجز لاستيفاء دين – أو مرحلة التسليم في حالة الحجز استحقاقاً لعين الحجز الاستحقاقي).
وتجدر الاشارة إلى أن ثمة صورا اخرى من الحجز التحفظي منها صورة حجز البضائع المقلدة والحجز على المصنفات التي تعرض بدون اذن كتابي من المؤلف – وقد نص عليها في قانون حماية حق المؤلف (م43) وفى قانون براءات الاختراع (م49) وفى قانون العلامات والبيانات التجارية (يراجع الوسيط للدكتور السنهوري جزء ثامن صحيفة 425 و 460 و 474) – وحسبنا الاشارة هنا إلى هذه الصور.
وقد ينبغي أخيراً أن نشير إلى صورة خاصة من صور حجز ما للمدين لدى الغير وهى الحجز تحت يد النفس حيث يكون الدائن مديناً في الوقت نفسه لمدينه فيجوز له أن يوقع الحجز تحت يد نفسه على ما هو مدين به لمدينه ويتم الحجز بإعلان إلى المدين يشتمل على البيانات الواجب ذكرها في ورقة ابلاغ الحجز مع رفع دعوى صحة الحجز خلال ثمانية أيام من إعلان المدين بالحجز في الحالات التي يكون الحجز فيها واقعاً بأمر من القاضي (المادة 349 مرافعات).
وقد يكون من المفيد في ختام هذا الفصل أن نشير إلى أن الصورة الغالبة للحجز التحفظي تتمثل في حجز ما للمدين لدى الغير الذى يقرر البعض أنه دائماً يبدأ تحفظياً – وينتهى تنفيذيا.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق