الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

إشكالات التنفيذ



إشكالات التنفيذ

نبذة عن: منازعات التنفيذ:
التنفيذ بطريق الحجز ينقسم إلى مرحلتين: (أولاهما) هى المرحلة التحفظية التي تهدف إلى وضع المال تحت يد القضاء تمهيداً لبيعه أو لاقتضاء حق الدائن منه (والثانية) هى المرحلة التنفيذية بالمعنى الصحيح وهى مرحلة بيع المال (منقولا كان ام عقارا) بالمزاد العلني وتحويله نتيجة لذلك إلى مبلغ من النقود يقتضى الدائنون حقهم منه فيوزع عليهم اما بحسب الأولوية إن كان فيهم دائن له أولوية واما بحسب قسمة الغرماء إن كانوا جميعاً دائنين عاديين ليس لأحد منهم على الآخرين ميزة فيقسم بينهم على سواء كل منهم بنسبة دينه إلى مجموع الديون المحجوز بها أي التي وقع الحجز لاستيفائها.
ويلاحظ أن مرحلة البيع متصورة في حالة الحجز على المنقول أو على العقار. أما في حجز ما للمدين لدى الغير فإن المرحلة الثانية أي مرحلة التنفيذ الحقيقي أو العملي لا تتمثل في بيع المال المحجوز عليه – الا في صورة خاصة([1]). وانما تتمثل في اقتضاء الدائن لحقه من المال المحجوز عليه رأساً، لأن المفروض أن المال المحجوز عليه هو بذاته مبلغ من النقود فلا يتصور بيعه لتحويله أو لاستبداله بمبلغ آخر من النقود معادل له – لأن هذا عبث – وانما الذى يتصور في هذه الحالة هو أن يقتضى الدائن حقه منه رأسا ومباشرة. فالتنفيذ بطريق الحجز ينطوي إذن على مرحلتين: حجز وبيع أو حجز واقتضاء.
على أن بين المرحلتين سالفتي الذكر مرحلة وسطى تتخللها وهى مرحلة تصفية المنازعات.
ذلك بأن الحجز عادة لا يمر بسهولة ولا يمضى إلى غايته في يسر وانما تعترضه في الغالب عقبات وتصادفه صعوبات: فقد ينازع المدين في الحجز وقد ينازع فيه الغير ومن العدالة أن تتاح للمدين وللغير فرصة المنازعة في الحجز حتى لا يطغى الدائن فيه أو يتعدى حدود القانون وحتى لا يكون الحجز مثابة أو وسيلة للاعتداء على حقوق الغير أو للتعدي على حق المدين: فهذه صورة من صور الدفاع التي ينبغي أن يفتح المشرع لها الطريق. ومن هنا كانت المرحلة الوسطى ما بين المرحلة التحفظية والمرحلة التنفيذية في أي لون من ألوان الحجز هى المرحلة التي يفتح فيها باب الاعتراض على الحجز والمنازعة فيه. وفى هذه المرحلة تصفى المنازعات فان صفيت لصالح المعترض (سواء كان هو المدين أو الغير) فإن الحجز يسقط أو ينتهى عند هذا الحد ولا نصل إلى مرحلة البيع أو مرحلة الاستيفاء.
اما إذا صفيت المنازعات بما فيه مصلحة الدائن الحاجز فإنه يمضى بعد ذلك في طريقه إلى مرحلة التنفيذ الحقيقي (أي مرحلة البيع أو مرحلة القبض) وتعتبر الوسطى – مرحلة المنازعات – بمثابة جملة اعتراضيه تتخلل الحجز والتنفيذ.
ومن هنا كانت أهمية المنازعات في التنفيذ وأهمية المرحلة الوسطى (مرحلة تصفية المنازعات) فهي قلب التنفيذ أو لب التنفيذ.
والمنازعات التي تثار في هذه المرحلة قد تكون منازعات مستعجلة وقد تكون منازعات موضوعية. وقد أنشأ المشرع نظام (قاضى التنفيذ) لمعالجة هذه المرحلة: فالمحضرون يقومون بالإجراءات. أما المنازعات فينظرها قاض متخصص ومخصص لها وهو قاضى التنفيذ: ينظرها بصفته قاضياً مستعجلا أن كانت مستعجلة وبصفته قاضياً موضوعياً أن كانت موضوعية كما أنه يعتبر قاضياً وقتيا بالنسبة للأمور الوقتية والمنازعات الوقتية أو العقبات الوقتية التي تعترض التنفيذ: فتعرض عليه ليقرر في شأنها ما يراه ملائما من الاجراءات أو التدابير وما يتفق مع الظروف المحيطة بها والملابسة لها. وقد يعهد بمنازعات التنفيذ المستعجلة إلى قاضى الأمور المستعجلة العادي فيعتبر بالنسبة لها بمثابة قاضى للتنفيذ لأنه لا يعد وان يكون قاضياً جزئياً فإذا خلع عليه المشرع صفة (قاضى التنفيذ) أو أسبغ عليه ولاية (قاضى التنفيذ) بالنسبة لبعض المنازعات – فإنه يعتبر في هذه الحالة قاضياً للتنفيذ فيما يتعلق بمنازعات التنفيذ المستعجل أي يسند إليه الشق المستعجل من وظيفة قاضى التنفيذ فيكون مختصاً بمنازعات التنفيذ المستعجلة (اختصاصاً نوعياً) لا شبهة فيه.
ومنازعات التنفيذ المستعجلة يطلق عليها عادة اسم (اشكالات التنفيذ) أو (اشكالات التنفيذ المستعجلة) وهى اشكالات أو منازعات عامة يمكن أن نتصور اثارتها بالنسبة لتنفيذ أي حكم مهما كان أمره: وسواء كان التنفيذ قد بدأ أو لم يبدأ وسواء كان التنفيذ يتم بطريق الحجز أو بطريق التنفيذ العيني.
أما منازعات الموضوعية في التنفيذ فإنها قد تتعلق بالإجراءات المتبعة فيه أو تتصل بأي سبب آخر يحتاج الأمر فيه إلى بحث متعمق أو إلى تمحيص موضوعي يمس أصل الحق. ولكل نوع من أنواع الحجز منازعاته الموضوعية الخاصة به: ففي حجز المنقول نجد أن المنازعة التي يتميز بها هى دعوى الاسترداد وفى حجز العقار نجد أن المنازعات المتعلقة به تتمثل في دعوى الاستحقاق الفرعية وفى الاعتراضات على قائمة شروط البيع وفى طلبات التأجيل والايقاف (الوجوبي منه والجوازي).
ولا يتصور في نطاق حجز المنقول أن تثار اعتراضات على قائمة الشروط أو أن ترفع دعوى استحقاق وانما تسمى الدعوى التي ترفع بشأنه باسم دعوى استرداد المنقولات المحجوزة. كما لا يتصور في نطاق حجز العقار رفع دعوى استرداد لأن هذه الدعوى خاصة بالمنقولات وانما تسمى الدعوى التي ترفع في هذا المقام باسم "دعوى الاستحقاق الفرعية".
ومن هنا نرى أن لكل نوع من أنواع الحجز منازعاته التي يتميز ويستقل بها ولذلك نبدأ بتناول اشكالات التنفيذ باعتبارها من المنازعات العامة التي يمكن أن تثار بالنسبة لسائر أنواع التنفيذ: وهى تتميز بصفة الاستعجال.
ثم ننتقل إلى منازعات التنفيذ الأخرى الخاصة بكل نوع من أنواع الحجز على حدة: فنستعرض المنازعات المتعلقة بحجز المنقول والمنازعات المتعلقة بحجز العقار والمنازعات المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير.
وذلك تباعاً فيما يلى:

اشكالات التنفيذ:
اشكالات التنفيذ هى منازعات مستعجلة تثور أثناء التنفيذ أو بمناسبة التنفيذ، والأصل أن تثار هذه المنازعات من جانب المدين أو من الغير ويكون المقصود منها الاعتراض على التنفيذ والمطلوب فيها وقفه. ولكن قد يحدث أحياناً أن تقوم في وجه الدائن صعوبات في التنفيذ، فيضطر إلى الالتجاء للقضاء طالبا تذليلها. وتسمى دعواه في هذه الحالة اشكالا. ولكن هذه التسمية غير دقيقة لأن المرء لا يقيم اشكالا في وجه نفسه، وانما جرت العادة على اطلاق كلمة اشكال على كل منازعة تنفيذية مستعجلة سواء كان المقصود منها عرقلة التنفيذ أو ازالة الصعوبات التي تعترضه، والواقع أن الاشكال الذى يرفع من الدائن نفسه يكون مقصوداً به ازالة الصعوبات التي تعترض التنفيذ، حتى يتمكن من البدء في التنفيذ إذا كانت العقبة قد حالت دون البدء فيه، أو يتسنى له الاستمرار في التنفيذ إذا كانت الصعوبة قد أدت إلى توقفه وحالت دون استمراره. فهو إذن (اشكال إيجابي) مقصود به الحصول على حكم يقضى بالاستمرار في التنفيذ.
وقد جرى بعض الفقهاء على اطلاق اسم الاشكال على كل منازعة في التنفيذ سواء كانت مستعجلة أو موضوعية – وعلى هذا الأساس توجد، في بعض كتب الفقه، تفرقة بين الاشكالات المستعجلة والاشكالات الموضوعية. ولكننا نعتقد أن كلمة اشكالات يجب أن تقتصر على المنازعات المستعجلة، اما المنازعات الأخرى فهي اعتراضات موضوعية على التنفيذ ولا يمكن أن توصف بأنها مجرد اشكالات. وهذه الاعتراضات متعددة وتتنوع بحسب نوع الحجز كما سبق القول فهي في حجز المنقول تأخذ صورة دعوى الاسترداد وفى حجز العقار تأخذ صورة دعوى الاستحقاق وفى حجز ما للمدين لدى الغير تأخذ صورة دعوى رفع الحجز وفى الحجوز التحفظية التي ترفع بأمر من القاضي الوقتي تأخذ صورة التظلم، وكل هذه الاعتراضات منازعات في التنفيذ لا تؤدى بذاتها إلى ايقافه – وإنما يجب لإيقاف التنفيذ أن تقترن برفع اشكال مستعجل.
فالإشكال المستعجل هو الذى يؤدى إلى ايقاف التنفيذ مؤقتاً. فإذا قضى فيه لصالح المستشكل ظل التنفيذ موقوفا إلى أن يتم الفصل في النزاع الموضوعي القائم بشأن التنفيذ أو في خصوص الحق الأصلي الذى يجرى التنفيذ لاقتضائه.
اما المنازعات الأخرى فلا توقف التنفيذ بذاتها وبمجرد رفعها – فيما عدا دعوى الاسترداد – بل لابد من صدور حكم فيها لصالح رافعها. وفى هذه الحالة لا تكون النتيجة هى مجرد ايقاف التنفيذ بل تتعدى ذلك إلى الغاء اجراءاته وبطلانها وزوالها بما يؤدى إلى عدم جواز المضي فيها.
هذا بالنسبة لأثر المنازعة على التنفيذ. أما فيما يتعلق بالتسمية فليس أجدر من تسمية تلك المنازعات الأخرى باسمها الصحيح وهو: المنازعات الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ.
وعلى ضوء ما تقدم، يمكننا أن نخلص إلى التعريف الآتي: اشكالات التنفيذ هى منازعات مستعجلة تتعلق بالتنفيذ وترفع إلى قاضى التنفيذ بصفته قاضياً للأمور المستعجلة – أو إلى قاضى الأمور المستعجلة باعتباره قاضياً للتنفيذ – سواء من جانب الدائن أو المدين أو الغير – ويكون المقصود منها هو ايقاف التنفيذ أو استمراره – أي أن المطلوب فيها هو الحكم بمجرد اجراء وقتي سريع لحين الفصل في النزاع الموضوعي المتعلق بالتنفيذ أو بأصل الحق الذى يجرى التنفيذ لاقتضائه.

الصور المختلفة للطلبات في الاشكالات:
إذا رفع الاشكال من الدائن فإنه يرفع بطلب استمرار التنفيذ. أما إذا كان الاشكال مرفوعاً من المدين أو الغير فإنه يرفع في أغلب الأحوال بطلب وقف التنفيذ.
ولكن هناك حالات لا تتحقق فيها مصلحة المدين إذا أقام اشكالا وطلب فيه وقف التنفيذ. ومثال ذلك أن يحجز على مال المدين لدى الغير. فلو رفع اشكالا وطلب فيه وقف التنفيذ فإن ذلك يحول بينه وبين ماله – وهو ما لا تتحقق به مصلحة المدين بل يكون أقرب إلى تحقيق مصلحة الدائن – وكذلك الأمر في طلب استمرار التنفيذ.
وهكذا نرى أن وقف التنفيذ قد يكون في بعض الحالات ضارا بالمدين. ولهذا فإنه لا يرفع الاشكال طالباً وقف التنفيذ أو الاستمرار فيه بل يطلب اجراء وقتياً آخر هو السماح له بقبض دينه رغم الحجز.
ويطلق على الاشكال عندئذ اسم "دعوى عدم الاعتداد بالحجز" – والمقصود بها تعطيل مفاعيل الحجز مؤقتاً أو التقرير باعتباره غير مؤثر- بمعنى أن الحجز يتمخض عن مجرد واقعة لها وجود فعلى ولكن لا عمل لها في المجال القانوني ولا أثر ولو إلى حين.
وقد نص المشرع على هذه الدعوى في المادة (351) مرافعات.
كذلك ترفع دعوى عدم الاعتداد في حالة اتخاذ اجراءات تنفيذية مشوبة ببطلان جوهري ظاهر، كما لو اتخذت دون أن يسبقها إعلان السند التنفيذي. حتى لو لم تكن تلك الاجراءات حجزاً، ومثال ذلك تنفيذ حكم بتسليم عقار أو منقول دون أن يكون التنفيذ مسبوقا بإعلان الحكم. وبديهي أن الدعوى في هذه الحالة لا تسمى (دعوى عدم اعتداد بالحجز) وانما توصف بأنها دعوى عدم الاعتداد بإجراء تنفيذي باطل.
ويفصل قاضى التنفيذ في دعوى عدم الاعتداد بالحجز كما يفصل في سائر الاشكالات، بمعنى أنه يصدر حكما بإجراء وقتي هو التصريح بقبض المبلغ المحجوز رغم قيام ذلك الحجز من الناحية النظرية، بما يؤدى إلى تمكن المدين من صرف المبلغ الموجود تحت يد الغير، رغم وجود الحجز المتوقع تحت اليد. ولا يغير من ذلك أن يتضح فيما بعد عند نظر النزاع الموضوعي في التنفيذ أن الدائن كان محقاً في ايقاع الحجز أو أن الاجراءات كانت صحيحة – فإن الدائن يكون له في هذه الحالة الحق في منع استمرار الصرف للمدين – إذا كان الصرف يتم بصفة دورية أو مستمرة – كما هو الشأن في المرتبات أو الأجور – كما يكون له الحق دائماً في الرجوع على المدين بالتعويض – ولكن ذلك كله لا يحول دون القول بأن الحكم بعدم الاعتداد بالحجز – وما يؤدى إليه من صرف المبلغ إلى المدين – انما كان حكما بإجراء وقتي – وحتى لو ترتبت على ذلك نتائج لا يمكن تداركها أو الرجوع فيها، ولكن هذه فروض نادرة على كل حال لأن القاضي قلما يقضى بعدم الاعتداد بالحجز ما لم يكن وجه البطلان ظاهرا أمامه بصورة يقينية أو شبه يقينية، بحيث لو عرض الأمر على قضاء الموضوع لما قضى بغير ذلك.

سلطة قاضى التنفيذ بالنسبة للإشكال:
وقاضى التنفيذ، حين يفصل في دعوى عدم الاعتداد بالحجز أو في سائر الاشكالات الأخرى التي يطلب فيها وقف التنفيذ مؤقتا أو استمراره – انما يفعل ذلك بصفته قاضيا للأمور المستعجلة أي على اساس البحث الظاهري للأمور وتحسس المستندات دون التعمق في بحث الموضوع دون المساس بأصل الحق.
ويترتب على ذلك أن قاضى التنفيذ نفسه عندما ينظر بعد ذلك في المنازعات التنفيذية الموضوعية بصفته قاضياً للموضوع لا يتقيد بالحكم الذى صدر منه بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة في الاشكال المستعجل، لأن ذلك الحكم لا حجية له أمام قضاء الموضوع.
على أنه إذا رأى قاضى التنفيذ أن الاشكال المرفوع أمامه يتضمن مساسا بأصل الحق أو ينطوي على طلب موضوعي فإنه لا يقضى عندئذ بعدم اختصاصه بل ينظر المنازعة باعتبارها من منازعات التنفيذ الموضوعية. وذلك لأنه مختص بمنازعات التنفيذ المستعجلة والموضوعية معاً على السواء ولا يحكم قاضى التنفيذ بعدم اختصاصه إلا إذا تبين أن المنازعة الموضوعية ليست من منازعات التنفيذ. أما إذا كانت منازعة تنفيذية ولكنها موضوعية فإنه يحيلها إلى نفسه باعتباره قاضى التنفيذ الموضوعي.

شروط قبول الاشكالات:
وتشترط جملة شروط القبول للإشكالات باعتبارها منازعات وقتية مستعجلة، وحتى ينعقد الاختصاص بها لقاضى التنفيذ بوصفة قاضيا للأمور المستعجلة، لا بوصفه قاضيا للموضوع.
ونجعل هذه الشروط فيما يأتي:
يجب أن يكون المطلوب في الاشكال اجراء وقتياً.
كما يجب ألا يكون الاشكال بحيث يمس أصل الحق – سواء بالنسبة للطلبات المبداة فيه أو بالنسبة للحكم الذى يصدر في تلك الطلبات.
وألا يتضمن الاشكال طعناً على الحكم أو السند التنفيذي المستشكل فيه.
وان يكون (الاشكال) مبنياً على أسباب لاحقة للحكم المستشكل فيه، وليس على أسباب سابقة عليه.
وألا يكون التنفيذ قد تم.
وأن يتوافر ركن الاستعجال.

ونعالج فيما يلى كلا من هذه الشروط.
الشرط الأول - أن يكون المطلوب في الاشكال اجراء وقتياً:  
فالإشكال يرفع (كما سبق القول) بأحد طلبين: اما وقف التنفيذ واما استمراره – فإذا كان مرفوع من المدين أو من الغير فإن الطلب الذى يقدم فيه هو طلب وقف التنفيذ – اما إذا كان الاشكال مرفوعا من الدائن فإنه يرفع بطلب استمرار التنفيذ.
ووقف التنفيذ أو استمراره (إذا ما قضى به قاضى التنفيذ بوصفه قاضياً مستعجلاً) يكون اجراء وقتيا – لأن التنفيذ يوقف أو يستمر بصفة مؤقتة – ويبقى رهيناً بما يسفر عنه الفصل في المنازعة الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ.
فإذا رفع الاشكال بطلب موضوعي كان غير مقبول. ومن أمثلة ذلك أن يطلب المستشكل الحكم ببراءة ذمته من الدين أو الحكم ببطلان الحجز أو الغاء الحجز – فهذه كلها طلبات موضوعية. وانما يجوز للقاضي تحوير الطلبات ليستخلص من الطلب الموضوعي طلبا مستعجلا يختص به – كما لو رفع اشكال بطلب براءة ذمة المدين والغاء الحجز تبعا لذلك، فيستخلص منه القاضي طلبا مؤقتا بوقف التنفيذ ويحكم بذلك بوصفة قاضيا مستعجلاً.
دعوى عدم الاعتداد بالحجز:
وإذا قلنا أن الطلبات في اشكالات التنفيذ لا تخرج عن طلب وقف التنفيذ أو استمراره – فإننا يجب ألا نغفل دعوى عدم الاعتداد بالحجز التي أشرنا اليها فيما تقدم – وهى دعوى مستعجلة ترفع في حالة حجز ما للمدين لدى الغير إذا كان الحجز باطلا بطلانا ظاهرا – والغرض منها هو الاذن للمدين في قبض أمواله المحجوزة – بصرف النظر (مؤقتاً) عن الحجز الواقع عليها أي دون اعتداد بذلك الحجز، ولو إلى حين. وقد نص المشرع في المادة (315) مرافعات على جواز الحكم في هذه الدعوى بصفة مستعجلة من قبل قاضى التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة فدل ذلك على انها من قبيل الاشكالات المستعجلة التي يختص بها قاضى التنفيذ بوصفة قاضيا للأمور المستعجلة.

الشرط الثاني- عدم المساس بأصل الحق:
لا يجوز أن يؤدى رفع الاشكال إلى المساس بأصل الحق، وأصل الحق هنا مزدوج – إذ يقصد به أولاً: الحق الذى يجرى التنفيذ لاقتضائه وثانيا: الحق في التنفيذ. ولا يجوز أن يمس الاشكال أحد هذين الأصلين.
ويتضح ذلك من المثالي الآتي: شخص ينفذ بمبلغ مائة جنيه حجز على فراش مملوك للمدين، فإذا استشكل المدين على أساس أن ذمته بريئة من الدين كان هذا الاشكال غير مقبول – لأن قاضى التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة لا يملك أن يتناول بالبحث أصل الحق الذى يجرى التنفيذ لاقتضائه.
وكذل إذا استشكل المدين على أساس أن الفراش لا يجوز الحجز عليه لأنه لازم له أو لزوجته كان الاشكال غير مقبول لأنه يتناول مسألة لزوم الفراش للمدين أو عدم لزومه مما يؤدى بالتالي إلى القول بأن الحجز على الفراش جائز أو غير جائز. وكل هذه مسائل موضوعية تنطوي على المساس بأحقية الدائن أو عدم أحقيته في التنفيذ، وهذا المساس بأصل الحق في التنفيذ، مانع من قبول الاشكال شأنه في ذلك شأن المساس بالحق الأصلي الذى يجرى التنفيذ لاقتضائه.
وإذا كان قاضى التنفيذ يملك نظر بعض هذه المسائل الموضوعية ويبحثها بوصفه قاضياً للموضوع فانه في نطاق سلطته المحدودة كقاض للأمور المستعجلة لا يستطيع أن يمس أصل الحق سواء في ذلك الحق الأصلي أو الحق في التنفيذ، وغاية ما يمكن في مجال المنازعات المستعجلة المتعلقة بالتنفيذ – أي في مجال الاشكالات – هو التمسك بهذه الأمور ابتغاء وقف التنفيذ – والقاضي هنا لا يحكم في مسألة براءة ذمة المدين أو أحقية الدائن في الحجز وانما يتلمس من الظاهر ما يوقف به التنفيذ أو ما يبرر عدم ايقافه – دون أن يتعرض لموضوع التنفيذ ذاته أو للموضوع الأصلي الذى بنى عليه التنفيذ، ويجرى التنفيذ من أجله وبقصد تحقيقه واقتضائه. أي أن المنازعة الجدية في هذه المسائل الموضوعية عندما تثأر أمام القضاء المستعجل تصلح حجة وعماداً لوقف التنفيذ لا أكثر.
وقد يكون من نافلة القول أن نشير في ختام هذا الشرط إلى أن عدم المساس بأصل الحق لا يعد وان يكون وجهاً آخر للشرط الأول وهو وجوب كون المطلوب في الاشكال اجراء وقتياً. فهذان الشرطان يرتبطان بحيث يمكن القول بأنهما يمتزجان ليتكون منهما شرط واحد. فإن استلزام وقتية الاجراء المطلوب يقتضى بالضرورة عدم المساس بأصل الحق، كما أن عدم المساس بأصل الحق يفترض أن يكون المطلوب اجراء وقتيا مع بقاء أصل الحق سليما محفوظاً يتناضل فيه الطرفان أمام قاضى الموضوع، ولذلك حق القول بأن هذين الشرطين ليسا الا وجهين لمسألة واحدة. غير أننا نجعل من كل منهما شرطا متميزا، لأن محل الطلب قد يكون اجراء وقتيا ولكن الحكم في الاشكال يقتضى من ذلك المساس بأصل الحق، أو تثور اثناء نظر الاشكال منازعة موضوعية جدية لابد من التعرض لها والفصل فيها – وعندئذ ينحسر الاختصاص المستعجل لقاضى التنفيذ فلا يبقى أمامه الا أن يتعرض لبحث المنازعة باعتبارها من منازعات التنفيذ الموضوعية، أو أن يقضى بعدم اختصاصه إذا لم تكن من منازعات التنفيذ، على ما سبقت الاشارة اليه. وتقدير جدية المنازعة أو عدم جديتها مترو للقاضي المستعجل. فان كانت منزعة موضوعية (تمس أصل الحق) ولكنها غير جدية فإنها لا تمنع القاضي المستعجل من الحكم في الاشكال ولا تؤدى إلى عدم اختصاصه.

الشرط الثالث- يتضمن الاشكال طعنا على الحكم:
ومعنى 5-1 الشرط أنه لا يجوز أن يبنى الاشكال على اساس تخطئة الحكم المستشكل في تنفيذه – ولو كان المطلوب مجرد اجراء وقتي – كأن يرفع شخص اشكالا يطلب فيه وقف تنفيذ حكم معين على أساس الادعاء مثلا بأن المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم قد أخطأت في تطبيق القانون أو في الوقائع، أو أنها غير مختصة أو أن شمل الحكم بالنفاذ المعجل غير جائز – فمثل هذه الانتقادات أو المطاعن التي توجه إلى الحكم يجب أن ترفع إلى محكمة الطعن يرفع أمامها عن ذلك الحكم المستشكل فيه – وذلك بالطرق المقررة للطعن – وفى المواعيد المحددة لذلك – وبشرط أن يكون الطعن جائزاً.
أما قاضى التنفيذ فليس جهة طعن وليس رقميا على الأحكام حتى تثار أمامه هذه المسائل، وهو لا يملك تصحيح الأحكام التي تنطوي على خطأ كما أنه لا يملك تفسير الأحكام أو السندات التنفيذية الغامضة. ومن جهة أخرى فان الاشكال ليس طريقا من طرق الطعن.
وإذا كان صاحب الشأن قد فوت على نفسه فرصة الطعن في الحكم أمام المحكمة التي كان يجب رفع الطعن اليها في المواعيد وبالإجراءات المقررة لذلك قانونا فلا يلومن الا نفسه – ولا يجوز أن يتخذ من الاشكال وسيلة غير مباشرة للطعن في الحكم.
أما إذا كان المستشكل قد طعن في الحكم، فإنه يملك أن يطلب من المحكمة المرفوع اليها الطعن أن تقضى بوقف نفاذ الحكم المطعون فيه. ولكن هل يمنعه ذلك من رفع اشكال بطلب وقف التنفيذ؟
لا نرى مانعا من ذلك، فإن اقامة الطعن لا توجب التجاء الطاعن إلى محكمة الطعن لطلب وقف التنفيذ، فمن حقه أن يقيم اشكالا للوصول إلى هذا الغرض، وليس ثمة ما يمنع قانوناً من ذلك. كما أنه حتى لو تقدم بطلب وقف النفاذ أمام محكمة النقض مثلاً، لا يسقط بذلك حقه في الالتجاء إلى قاضى التنفيذ (بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة) بطلب وقف التنفيذ مؤقتاً إلى أن يفصل في طلب وقف النفاذ المرفوع امام محكمة الطعن وذلك عن طريق رفع اشكال التنفيذ: فإن محكمة الطعن قد تتأخر في نظر طلب وقف النفاذ أو الفصل فيه، ويرى الطاعن من مصلحته أن يتدارك أمره برفع اشكال يطلب فيه (من قاضى التنفيذ) وقف التنفيذ – ولا يوجد في القانون ما يحلو دون لجوء الشخص إلى قاضى التنفيذ عن طريق الاشكال بدلا من اللجوء إلى محكمة الطعن بطلب وقف النفاذ – كما أنه لا يوجد ما يمنعه من الجمع بين رفع الاشكال بطلب وقف التنفيذ وتقديم طلب بوقف النفاذ في نفس الوقت إلى محكمة الطعن – فقد أتاح المشرع له هذه السبل جميعاً – ولم ينص على عدم جواز الجمع بينهما، أو على وجوب اتباع ترتيب معين في الالتجاء إلى أحدها يسقط الحق في الطريق الآخر – وطالما أن التشريع لم يتضمن نصا بهذا المعنى فالبتة من القول بإباحتها جميعاً.
ونضيف إلى ما تقدم: أنه لا يجوز كذلك الاستشكال على أساس بطلان الحكم – لأن البطلان ينطوي على الطعن في الحكم أو نسبة الخطأ القانوني اليه – ولكن يستثنى من ذلك حالة ما إذا كان سبب البطلان هو تزوير السند التنفيذي وحالة الأحكام المعدومة. فيجوز الاستشكال على أساس أن الحكم قد صدر من غير قاض أو من قاض انتهت ولايته أو صدر ضد شخص توفى أو على خصم لم يعلن أصلاً بالدعوى – لأن مثل هذه الأسباب تؤدى إلى انعدام الحكم، فالنعي عليه بانعدام وجوده قانوناً لا يعتبر طعناً لأن الطعن لا يرد على المعدوم. كذلك يجوز الاستشكال بطلب وقف التنفيذ إذا كان الاشكال مبنيا على أن الحكم مزور، لأن التزوير يستوى مع انعدام الوجود القانوني للحكم، ويعتبر صورة من صورة أو سبباً من أسبابه، وهو يؤدى على كل حال إلى تعطيل قوة السند التنفيذية إلى أن يبت في موضوع الادعاء بالتزوير.

الشرط الرابع- أن يكون مبنى الاشكال وقائع لاحقة:
يجب أن يكون الاشكال مؤسسا على وقائع لاحقة للحكم المستشكل فيه، أي أنه لا يجوز أن يبنى الاشكال على وقائع سابقة في ترتيبها الزمنى على ذلك الحكم. ويرجع إلى أن الوقائع السابقة كان ينبغي الادلاء بها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم.
ولا يخلوا الحال هنا من أحد فرضين، فإما أن يكون المستشكل قد تمسك أمام المحكمة بتلك الوقائع (السابقة) وقضت المحكمة برفض حجته أو التفتت عنها مما يفيد رفضها ضمنا – فلا يجوز له بالتالي اثارتها من جديد امام القاضي المستعجل لأن في ذلك مساسا بحجية الأمر المقضي فيه – واما أن يكون قد أهمل في ابداء حجته فيكون هو الملوم – وأمامه الاستئناف على كل حال فيتمسك بتلك الحجة – إذا كان قد فاته التقدم بها امام محكمة أول درجة – أو تقدم بها ولم يتعرض لها الحكم.
ولعل هذا الشرط يمكن ادراكه بوضوح إذا ما ضربنا لذلك مثالا مزدوجا: والوجه الأول للمثال: أن يؤسس المدين اشكاله على أنه قام بوفاء الدين قبل صدور حكم المديونية فمثل هذا الاشكال لا يقبل منه لأنه كان يجب أن يتمسك بالوفاء أمام المحكمة التي أصدرت الحكم.
أما إذا ادعى أنه بعد صدور الحكم قام بوفاء الدين المحكوم به فإن هذا الادعاء يصلح أساساً للإشكال لأن واقعة الوفاء هنا لاحقة على الحكم – وتصلح سببا لطلب وقف النفاذ لحين تمحيص هذه الواقعة من قبل محكمة الموضوع.
وهذا هو الوجه الثاني الذى سقناه.
استثناء: على أن يستثنى من ذلك حالة الاستشكال في أوامر الأداء فيجوز فيها ابداء أسباب سابقة على صدور أمر الأداء وذلك لأن ام الأداء يصدر دون استدعاء المدين ودون سماع دفاعه أو أقواله، أي أن المدين لم تتح له الفرصة لإبداء دفاعه أو أقواله. أي أن المدين لم تتح له الفرصة لإبداء دفاعه والادلاء بحجته فلا أقل من تمكينه من طرح هذا الدفاع أمام قاضى التنفيذ، ومن العدل أن تتاح له هذه الفرصة ولو لمجرد التوصل إلى وقف النفاذ ولا يعاب عليه أنه لم يتقدم بهذا الدفاع من قبل.

الشرط الخامس- ألا يكون التنفيذ قد تم قبل رفع الاشكال:
لأنه إذا كان التنفيذ قد تم فإن الاشكال يصبح غير ذي موضوع إذ لا فائدة من الحكم بوقف التنفيذ إذا كان قد تم فعلاً – فإن ما تم لا يمكن ايقافه – فتنعدم مصلحة المستشكل في الاشكال وبالتالي يكون غير مقبول.
ولذلك يجوز رفع الاشكال قبل البدء في التنفيذ أو بعد البدء فيه وقبل تمامه إذا كان يتم على مراحل أو يستغرق فترة معينة من الوقت. وبغير ذلك لا يتصور ايقاف التنفيذ ولو بصورة جزئية.
وانما يثور التساؤل في حالة ما إذا رفع الاشكال قبل تمام التنفيذ وتم التنفيذ بعد رفعه بما يضع المحكمة أمام الأمر الواقع – فهل يحول ذلك دون المضي في نظر الاشكال أو دون الحكم فيه بوقف التنفيذ؟
الجواب: أن تمام التنفيذ بعد رفع الاشكال لا يمنع من الحكم بوقف التنفيذ ويكون معنى الحكم بوقف التنفيذ هنا هو عدم الاعتداد بما تم من تنفيذ ورد الحالة إلى ما كانت عليه وقت رفع الاشكال وهو ما يسمى بالتنفيذ العكسي، وقد ترفع في هذا الشأن (دعوى تمكين) أي دعوى بإزالة أعمال التنفيذ التي تمت بعد رفع الاشكال وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه، ويكون قاضى التنفيذ هو المختص بها لأنها منازعة تنفيذية. وهذا هو ما استقر عليه القضاء، ويرجع ذلك إلى أن الحكم في الاشكال يرتد إلى تاريخ رفعه أي يستند بأثر رجعى إلى يوم تقديم الاشكال لأن المستشكل لا يضار من تأخير الفصل في اشكاله ولا يتأثر بأية واقعة تطرأ بعد رفع الاشكال – خصوصاً وان رفع الاشكال يؤدى قانوناً إلى ايقاف التنفيذ: فإتمام التنفيذ رغم الاشكال ينطوي على مخالفة للقانون فلا ينبغي أن يكون لها أثر قانونيا أمام القضاء.
وكذلك الأمر إذا كان التنفيذ قد تم في جملته أو في جزء منه وكان باطلاً بطلانا جوهريا كما لو كان قد تم بغير حكم أو بغير سند أصلاً أو تم دون أن يسبقه اعلان الحكم أو السند التنفيذي – فإنه يجوز رفع الأمر لقاضى التنفيذ لكى يقضى بعدم الاعتداد بما تم من أعمال التنفيذ ويرد الحالة إلى ما كانت عليه (أن كان ذلك ممكنا) – لأن التنفيذ الذى تم في هذه الحالة لا يعدو أن يكون عملاً ماديا لا سند له من القانون فهو من أعمال العدوان. وقد رأينا أن هذه الدعوى لا يصدق عليها وصف الاشكال ولكنها تعتبر من منازعات التنفيذ المستعجلة.

الشرط السادس- ركــن الاستعجال:
لا شك في أنه يجب بطبيعة الحال أن يكون الاشكال مبنيا على الخشية من فوات الوقت أي أن يتحقق فيه ركن الاستعجال ولكن يلاحظ أن الاستعجال مفترض دائماً في جميع اشكالات التنفيذ، فهي مستعجلة بطبيعتها – بمعنى أن من يرفع اشكالا لا يحتاج إلى اثبات ركن الاستعجال ولا يتطلب منه القاضي ذلك.
فإذا كنا نقول أن الاستعجال شرط في الاشكال فهذا في الواقع شرط سلبى ومفترض.

طريقة رفع الاشكال:
توجد طريقتان لرفع الاشكالات: فالإشكال لا يعدو أن يكون دعوى كأي دعوى أخرى وبذلك يجوز رفعه بالطريق المعتاد المألوف لرفع الدعاوى بصفة عامة، ولكن المشرع أنشأ إلى جانب ذلك – وعلى سبيل التيسير – طريقاً آخر ترفع به الاشكالات بإجراء مبسط على خلاف القواعد العامة في رفع الدعاوى.
ويتأدى لنا من ذلك أنه توجد لرفع الاشكالات طريقتان:
الطريقة الأولى:
وهى الطريقة العادية لرفع الدعاوى وتتلخص في اعداد صحيفة دعوى تقدم إلى القضاء بالإجراءات المعتادة – أي بإيداعها في قلم كتاب محكمة التنفيذ – ثم تعلن للخصوم مع تحديد جلسة يكلفون بالحضور اليها، وقد جرت العادة على إعلان قلم المحضرين بالإشكال لكى يوقف التنفيذ.
الطريقة الثانية:
وهى طريقة خاصة بالإشكالات وتعتبر استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى – وبموجبها يتم الالتجاء إلى القضاء بأبداء الاشكال شفوياً أمام المحضر عند اقدامه على التنفيذ. وفى هذه الحالة يدفع رسم الاشكال للمحضر الذى يتعين عليه اثبات ذلك في محضر التنفيذ وتحديد جلسة لنظر الاشكال أمام قاضى التنفيذ مع تكليف الخصوم بالحضور اليها.
ولا يمكن تقديم الاشكال بهذه الطريقة الا أثناء التنفيذ قبل قفل المحضر ويعتبر الاشكال مرفوعا من وقت ابدائه فإذا قصر المحضر في رفعه للقاضي جاز تحريك الاشكال بتحديد جلسة بمعرفة قلم الكتاب أو بأمر القاضي واعلان الخصم بها ولا يعتبر ذلك اشكالا جديداً.
وهذه الطريقة تسعف الخصم الذى لم يتمكن من رفع الاشكال مسبقاً قبل البدء في التنفيذ بصحيفة يودعها قلم الكتاب ويعلنها للخصم – ولذلك تدارك المشرع أمره ومد إليه يد الانقاذ فأجاز له رفع الاشكال عند التنفيذ بهذه الطريقة الفورية: أي بأبداء الاشكال امام المحضر.
وقد نص المشرع على انه لا يجوز للمحضر في هذه الحالة – أي في حالة ابداء الاشكال أمامه – أن يتم التنفيذ قبل أن يصدر القاضي حكمه في الاشكال – فدل بذلك على أن مجرد رقع الاشكال يؤدى إلى وقف التنفيذ – غير أنه أردف بأنه يجوز للمحضر أن يوقف التنفيذ أو أن يمضى فيه على سبيل الاحتياط (تراجع المادة 312 مرافعات) وقد أثارت هذه العبارة جدلاً حول مضمونها، ومدى سلطة المحضر فيها – وهو جدل ينبغي أن نقف قليلاً عنده لبيان حقيقة الأمر فيه:
وتأويل ذلك – أنه يجب أن نفرق هنا بين حالتين:
الحالة الأولى:
إذا كان التنفيذ مما يتم على مرحلة واحدة كالطرد أو الازالة أو التسليم، ففي هذه الحالة لا يكون أمام المحضر الا التوقف عن التنفيذ.
الحالة الثانية:
إذا كان التنفيذ يتم على مرحلتين أو أكثر فعندئذ يجوز للمحضر أن يمضى إلى نهاية المرحلة الأولى كما في حالة الحجز على المنقول مثلاً إذ يجوز أن يتم الحجز، بمعنى أنه إذا كان قد حجز على بعض المنقولات ثم قدم له الاشكال أثناء الحجز فإنه يستطيع أن يمضى في حجز باقي المنقولات – إلا أنه لا يجوز له أن يمضى بعد ذلك في اجراءات البيع الا بعد الحكم في الاشكال.
ونعتبر الاجراءات التي قام بها المحضر بعد تقديم الاشكال اليه أنها اتخذت على سبيل الاحتياط – بمعنى أنه إذا حكم بقبول الاشكال فإن هذه الاجراءات تسقط بأثر رجعى وتعتبر كأنها لم تتخذ أصلا – أما إذا حكم برفض الاشكال فأنها تستقر وتعتبر اجراءات تنفيذية قائمة ومنتجة لآثارها، ويجوز للدائن في هذه الحالة أن يستمر في التنفيذ على هذا الأساس فيستكمل أو يتمم باقي اجراءاته ولا يبدأ من جديد.

أثر الاشكال على التنفيذ:
ويترتب على رفع الاشكال وقف التنفيذ – يستوى في ذلك أن يكون الاشكال مرفوعاً بصحيفة أو قدم أمام المحضر. وقد استقر الرأي على اسناد هذا الأثر للإشكال بمجرد رفعه، ولم يعد هناك خلاف فقهى أو قضائي في هذا الشأن.
ولكن يجب التفرقة في ذلك بين الاشكال الأول والاشكال الثاني. فان الاشكال الأول يوقف التنفيذ بمجرد رفعه، أما الاشكال الثاني فلا يوقف التنفيذ الا إذا حكم قاضى التنفيذ بالوقف.

ولكن متى يعتبر الاشكال اشكالا ثانياً:
كان القانون القديم يعتبر الاشكال اشكالا ثانياً إذا رفع بعد الحكم في الاشكال الأول، وبشرط أن يكون الحكم في الاشكال الأول صادراً بالرفض.
أما قانون المرافعات الجديد فهو يعتبر الاشكال اشكالا ثانياً إذا قدم بعد رفع الاشكال الأول، ولا يشترط لذلك أن يكون قد حكم في ذلك الاشكال الأولى. ويستوى في ذلك أن يكون الاشكال الثاني مرفوعا من نفس المستشكل الأول أو من شخص آخر سواه.
اما إذا رفع أكثر من اشكال في وقت واحد، فان كلا منهما يعتبر اشكالا أول.
الا أن المشرع قد استدرك هنا: فقرر أنه لا يعتبر اشكالا ثانيا الاشكال الذى يقيمه الطرف الملتزم في السند التنفيذي إذا لم يكن قد اختصم في الاشكال السابق – وذلك لتجنب العبث والتحايل إذ قد يوعز الدائن إلى أحد أتباعه برفع اشكال ما – حتى إذا جاء المدين عند التنفيذ عليه ليرفع اشكاله يفاجأ بأنه اشكال ثان لا يوقف التنفيذ – فقرر المشرع أن المدين إذا لم يختصم في الاشكال السابق فإنه لا يعتبر حجة عليه – ويكون من حقه أن يرفع اشكاله، ويعتبر اشكاله في هذه الحالة اشكالا أول وبالتالي موقفا للتنفيذ.
وغنى عن البيان أن الاشكال المرفوع عن حجز آخر يعتبر اشكالا أول لأن لكل حجز اشكالاته الخاصة، ولو كان الحكم المنفذ به واحداً.

نظر الاشكال والطعن فيه:
كان قانون المرافعات الملغى يجيز للمحكمة أن تفصل في الاشكال سواء حضر الخصوم أو لم يحضروا. وهذا الحكم مطبق في القانون الحالي (الجديد) بالنسبة لسائر الدعاوى وليس قاصرا على الاشكالات. فالمادة (82) تجيز للمحكمة الفصل في الدعوى (رغم غياب المدعى والمدعى عليه) إذا كانت صالحة للفصل فيها. وعلى ذلك يجوز لقاضى التنفيذ أن يحكم في الاشكال إذا كان صالحا للفصل فيه رغم غياب الخصمين معا.
الا أنه إذا تغيب الخصوم ورأى القاضي أن الاشكال غير صالح للفصل فيه فإنه يحكم بشطب الاشكال.
ويترتب على الشطب زوال الأثر الواقف المترتب على رفع الاشكال (مادة 314).
والقاضي المختص بنظر الاشكال هو قاضى التنفيذ الذى يجرى التنفيذ في دائرة محكمته.
والحكم الذى يصدر من قاضى التنفيذ في اشكال وقتي بصفته قاضيا للأمور المستعجلة يقبلا الطعن فيه بالاستئناف أمام المحكمة الابتدائية بصرف النظر عن قيمة النزاع (المادة 277 مرافعات) وذلك فيما عدا الحكم الصادر بصفة مستعجلة من قاضى التنفيذ في طلب قصر الحجز على بعض الأموال المحجوزة – فإنه لا يقبل الطعن فيه بأي طريق (مادة 403 مرافعات).
وميعاد استئناف الأحكام الصادرة في الاشكالات هو خمسة عشر يوماً.




([1] ) حيث يكون المال المحجوز عليه تحت يد الغير ديناً مؤجلاً أو حيث يتم الحجز على سندات أو أسهم مملوكة للمدين ومودعة في أحد المصارف أو تحت يد احدى الشركات أو حيث يكون المال المحجوز عليه تحت يد الغير منقولا ماديا فيباع بذات الاجراءات التي يباع بها المنقول المحجوز عليه لدى المدين ذاته على اعتبار أنه في حيازته ومملوك له.

الحجز التحفظي





الحجز التحفظي ..

الحجز التحفظي:
الحجز التحفظي ليس وسيلة من وسائل التنفيذ بل هو تدبير وقائع يقصد منه إلى ضبط المال المتنازع عليه ووضعه تحت يد القضاء خشية تهريبه أو تبديده. وقت ينتهى الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي في بعض الأحوال إذا ما اتخذت الاجراءات اللازمة لذلك.
ومحل الحجز التحفظي قد يكون منقولاً مادياً وقد يكون ديناً. أما العقارات فلا تخضع لنظام الحجز التحفظي في التشريع المصري – وان كان ثمة اجراء قريب من الحجز التحفظي بالنسبة للعقارات وهو الحصول على أمر من القضاء بالاختصاص بعقار معين من عقارات المدين. ودراسة حق الاختصاص واجراءاته والشروط اللازمة للحصول عليه والآثار المترتبة عليه – كل ذلك موضعه في القانون المدني في باب التأمينات العينية فارجع إليه أن شئت في موضعه ذاك.
أما قانون المرافعات فإنه يعرف الحجز التحفظي في باب حجز ما للمدين لدى الغير وفى باب حجز المنقول. وليس من الضروري أن يكون طالب الحجز التحفظي دائناً لمالك المال المحجوز عليه بل قد يكون هو نفسه صاحب المال الذى يطلب الحجز عليه تحفظياً: وفى هذه الحالة يكون الغرض من الحجز هو ضبط المال لمنع تبديده وذلك تمهيداً لرد ذلك المال إلى صاحبه. وهو ما يعرف باسم الحجز التحفظي الاستحقاقي.

أنواع الحجز التحفظي:
وينقسم الحجز التحفظي إلى نوعين:
(1) حجز ما للمدين لدى الغير (تحفظياً):
وحالات الحجز التحفظي بالنسبة لأموال المدين الموجودة تحت يد الغير هى حالات معينة: فيجوز حجز ما للمدين لدى الغير في أية حالة يكون فيها ذلك لازماً وبالنسبة لأى مال من أموال المدين موجودة تحت يد الغير سواء أكان ذلك المال ديناً في ذمة الغير ام وديعة ام مالا منقولا موجوداً في حيازة الغير وبالنسبة لأى حق من حقوق تتوفر فيه الشروط التي يتطلبها القانون لإمكان ايقاع الحجز التحفظي بمقتضاه.

(2) أما حجز المنقول (تحفظيا):
فالمقصود به حجز المنقولات الموجودة تحت يد المحجوز عليه. ولو صورتان:
(أ) الصورة الأولى: صورة الحجز على منقولات المدين بصفة عامة.
(ب) الصورة الثانية: صورة الحجز على منقولات معينة في حالات خاصة.
وتشمل الصورة الثانية حالتان:
(1) حالة الحجز على أمتعة المستأجر
(1) حالة الحجز التحفظي الاستحقاقي. وفى الحالتين المذكورتين لا يقع الحجز إلا على منقول معين ومحدد.

شروط الحق الذى يجرى الحجز التحفظي بمقتضاه:
يشترط في الحق الذى يجرى الحجز التحفظي بمقتضاه شرطان:
أن يكون محقق الوجود.
أن يكون حال الاداء.
ولا يلزم أن يكون معين المقدار.
الشرط الأول:
وهو تحقق الوجود فمعناه أن يكون لدى الدائن الدليل الحاضر أو الظاهر على حقه أي أن يكون الحق محقق الوجود من حيث أساسه أو أصله ولو حصلت المنازعة حول صحته أو بطلانه وحول بقائه أو زواله – فإذا كان حق الدائن مطعوناً عليه بالبطلان أو مطلوبا فسخه أو مدعى بانقضائه عن طريق الوفاء أو المقاصة أو التقادم – فغن كل ذلك لا ينفى كونه محقق الوجود مادام أساسه أو أصله أو مصدره ثابتا أي مادام دليله قائماً وحاضراً.
أما إذا كانت المنازعة تتناول أصل الحق أي مصدره وأساه فانه لا يكون عندئذ محقق الوجود ولا يجوز الحجز التحفظي بمقتضاه.
وقد ذهب رأى إلى أن تحقق وجود الدين معناه أن يكون مؤكداً بمعنى الا يكون ثمة نزاع في شأنه أياً كان ذلك النزاع بمعنى أنه حتى إذا انصب النزاع على صحة الدين أو على بقائه وزواله فإنه لا يكون محقق الوجود. وهذا الرأي المتشدد مرجوح لأنهلا يتفق مع مفترضات الحجز التحفظي ذاتها: فمن المسلم به أن كل حجز تحفظي يعقبه دائماً رفع دعوى بحصة الحجز للحصول على حكم بالمديونية فدل ذلك على أن الحجز التحفظي يفترض بذاته وجود النزاع حول صحة الدين أو بطلانه وحول انقضائه وزواله أو بقائه: فلا جرم أن يكون الدين مطعوناً عليه بالبطلان أو بالانقضاء أياً ما كان سبب الانقضاء أو مطلوبا بشأنه الفسخ مما يؤدى إلى زواله (وبأثر رجعى) فإن ذلك لا يؤثر على كونه محقق الوجود بمعنى ألا يكون هناك نزاع جدى حول نشأته.
ولا يتطلب المشرع أن يكون الدين (مصفى) أي خالياً من كل نزاع سواء حول أصل خلقته (أي نشأته) أو حول صحته وبطلانه أو حول بقائه أو زواله بأي سبب من أسباب الزوال كالانقضاء أو الفسخ – لا يتطلب المشرع ذلك الا في الحق الذى يجرى التنفيذ بمقتضاه: لأن الحق عندئذ يكون قد تبلور في صورة سند تنفيذي أي في صورة حكم قضائي (غالباً) مما ينطوي حتماً على تصفية كل منازعة في شأنه سواء كانت منازعة أصلية أم فرعية أم طارئة.
وعلى ضوء ما تقدم يمكن القول بأنه لا يجوز استصدار أمر حجز تحفظي بمقتضى حساب جار لم يقفل بعد أو بمقتضى هبه رجع فيها الواهب لأن ذلك يمس صميم نشأة الحق.
الشرط الثاني:
وهو أن يكو الحق حال الأداء فمقصود به ألا يكون الدين احتمالياً أو موصوفا بشرط واقف أو مقترنا بأجل لم يحل والا لم يجز استصدار أمر حجز تحفظي بموجبه.
أما إذا كان الدين محقق الوجود من حيث نشأته بمعنى أن يكون بيد الدائن الدليل الحاضر والظاهر على وجوده، وكان من جهة أخرى حال الأداء بمعنى ألا يكون احتمالياً وألا تكون المطالبة به متراخية أو متوقفة على تحقق شرط لم يثبت بعد تحققه – ففي هذه الحالة لا يحول دون استصدار أمر حجز تحفظي بموجبه اني كون الدين غير معين المقدار بل يمكن في هذه الحالة أن يصدر امر من القاضي الوقتي بتعيين مقدار للدين بصفة مؤقتة وبإيقاع الحجز التحفظي بموجبه وفى حدود ذلك القدر الذى عينه القاضي.

اجراءات الحجز التحفظي:
تتلخص هذه الاجراءات فيما يلى:
(1) استصدار أمر من القاضي بإيقاع الحجز التحفظي بعد التحقق من توافر شروط الدين ومن أن الحالة المعروضة تستوجب ايقاع ذلك الحجز.
والأمر في ذلك متروك للقاضي يستخلصه مما هو معروض عليه من الأوراق وله الحق في أن يجرى بهذا الشأن تحقيقا مختصراً.
ولا يحتاج القاضي عند اصداره لأمره إلى تسبيب الأمر لأن الأوامر على العرائض لا تحتاج إلى تسبيب إلا إذا كان الأمر صادراً على خلاف امر سابق.
وغنى عن البيان أن استصدار امر القاضي بالحجز التحفظي يتم بطريق الأوامر على العرائض أي عن طريق تقديم عريضة (مشفوعة بالمستندات) إلى القاضي. فيرجع إلى باب الأوامر على العرائض بشأن هذه التفصيلات.
(2) ويلى ذلك (خلال 30 يوماً من صدور الأمر) توقيع الحجز التحفظي بناء على أمر القاضي بموجب محضر حجز يحرره المحضر إذا كان الحجز واقعاً على منقول أو بموجب إعلان إلى المحجوز لديه (يعقبه ابلاغ إلى المحجوز لديه).
فإذا فاتت مدة 30 يوماً سقط الأمر ولم يجز توقيع الحجز بموجبه وان جاز استصدار أمر جديد بمضمونه.
(3) ثم يلى ذلك إعلان الأمر ومحضر الحجز إلى المدين خلال ثمانية أيام من تاريخ ايقاع الحجز. ويسمى ذلك (تبليغا) بالحجز بالنسبة إلى حجز ما للمدين لدى الغير.
(4) ويعقب ذلك رفع دعوى بصحة الحجز خلال ثمانية أيام من تاريخ ايقاع الحجز أو اعلانه.
وترفع الدعوى بالإجراءات المعتادة إلى المحكمة المختصة حسب قيمة الدين أو الحق المطلوب إلى المحكمة الجزئية أن كان في حدود (500) جنيه والى المحكمة الابتدائية أن زاد عن ذلك.
وان كانت دعوى الحق مرفوعة من قبل فيرفع طلب صحة الحجز (في خلال الأيام الثمانية المشار اليها) إلى المحكمة الناظرة لدعوى الحق.
والجزاء على عدم اتباع هذه الاجراءات اللاحقة على ايقاع الحجز هو اعتبار الحجز كأن لم يكن – ولكن ذلك لا يمس أمر الحجز ذاته فإنه يبقى على حاله ويمكن ايقاع حجز جديد بمقتضاه ما لم يكن الأمر ذاته قد ألغى أو سقط لسبب متعلق به أي بالأمر نفسه. كما لو كانت قد مضت على صدوره المدة القانونية (30 يوما).
ولا يلزم في الحجز التحفظي اتخاذ مقدمات التنفيذ أي إعلان أمر الحجز وانتظار مضى يوم قبل ايقاع الحجز لأن ذلك يتنافى مع فكرة المباغتة وهى قوام الحجز التحفظي وحكمته.

وسيلة الطعن في الحجز التحفظي:
أولاً: يمكن التظلم من أمر الحجز التحفظي إذا صدر في حالة لم يكن ينبغي فيها اصداره أو إذا صدر بناء على حق غير محقق الوجود أو غير حال الأداء. وليس لهذا التظلم ميعاد.
ثانياً: يمكن رفع اشكال مستعجل بشأن الحجز التحفظي الذى تم ايقاعه أو بشأن الأمر الذى تم ايقاع الحجز بمقتضاه وبناء عليه.
ولكن الاشكال هنا محل نظر: إذ أن الاشكال هو منازعة وقتية ومستعجلة في التنفيذ يقصد منها إلى ايقاف التنفيذ أو استمراره. وفى حالة الحجز التحفظي لا يتصور استمرار التنفيذ ولذلك لا يتصور أيضاً ايقافه لأنه موقف بطبعه إذ أن الغرض من الحجز التحفظي هو مجرد ضبط المال أو التحفظ عليه ووضعه تحت يد القضاء لمنع تهريبه أو تبديده ومن ثم فلا يتصور أن يعقبه بيع أو أي اجراء تنفيذي آخر الا إذا صدر الحكم في دعوى صحة الحجز لمصلحة رافعها (الدائن) فعندئذ يتحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي ويمكن الاستشكال فيه. أما رفع الاشكال قبل صدور الحكم في دعوى صحة الحجز فهو سابق لأوانه وبالتالي لا محل له إذا كان المقصود برفعه استصدار حكم بعدم الاعتداد به أو بالإجراءات التي اتبعت في شأنه أي في شأن الحجز ذاته أو في شأن الأمر الصادر بإيقاعه أو كما لو كان المال المحجوز عليه مثلاً من الأموال التي لا يجوز لحجز عليها – أو كما لو كان الحجز واقعاً دون أمر من القاضي – فعندئذ يؤمر بالصرف رغم ايقاع الحجز (التحفظي).
وكذلك الحال لو كان أمر الحجز باطلاً أو حصل التظلم منه وألغى. إلى غير ذلك من الحالات المماثلة.
ثالثاً: يجوز كذلك رفع دعوى ببطلان الحجز سواء من المدين أو من الغير.
رابعاً: هذا فضلا عن أنه يحق للغير الذى وقع الحجز (التحفظي) على أمواله أن يرفع دعوى استرداد عن ذلك المال المحجوز لأنه مملوك له وغير مملوك للمدين.

حالات الحجز التحفظي:
أولاً- في حجز ما للمدين لدى الغير:
لا توجد حالات محددة وانما يجوز ايقاع الحجز التحفظي سواء على منقولات المدين الموجودة لدى الغير أو الحقوق التي للمدين في ذمة الغير وذلك بناء على طلب الدائن الذى لا يوجد بيده سند تنفيذي وانما يجب على الدائن في هذه الحالة أن يستصدر من القاضي المختص أمراً بإيقاع الحجز (أو: بإيقاع الحجز وتقدير الدين) بشرط أن يكون حقه محقق الوجود وحال الأداء (تراجع المادة 325 مرافعات).
وإذا كان بيد الدائن سند تنفيذي ولكنه غير مشمول بالنفاذ جاز له أن يوقع بمقتضاه حجزاً تحفظياً ولا يحتاج هنا إلى استصدار أمر من القاضي بذلك.
ومن باب أولى: لو كان بيد الدائن سند تنفيذي واجب النفاذ فإن من حقه أن يوقع بمقتضاه حجزاً تنفيذياً. ومن باب أولى حجزا تحفظياً دون أن يحتاج إلى أمر قاضى.

حجز المنقول:
كان القانون القديم يحدد حالات الحجز التحفظي على المنقول بخمس حالات (مادة 601 من قانون المرافعات القديم) أما القانون الجديد فقد أتى ببعض الحالات على سبيل المثال:
أولهما: حالة الكمبيالات والسندات الإذنية المتعلقة بدين تجارى (مادة 316/1): فإذا كان الدائن بدين تجارى حاملاً لكمبيالة أو سند أذني وكان المدين تاجراً وله توقيع على الكمبيالة أو سند أذني وكان المدين تاجراً وله توقيع على الكمبيالة أو السند الأذني يلزمه بالوفاء بقيمة الكمبيالة أو السند الأذني كأن يكون هو محرر الكمبيالة أو المسحوب عليه القابل فإن يجوز استصدار امر بالحجز التحفظي على أي منقول من المنقولات المملوكة له لوفاء تلك القيمة.
ويلاحظ أنه إذا كان المراد الحجز عليه هو أحد الضمان أو المظهرين وجب تحرير البروتستو في الميعاد.
والثانية: حالة خشية فقدان الضمان: كما لو كان المدين قد أضعف التأمينات التي قدمها سواء كانت تأمينات شخصية ام عينية أو كما لو هبطت قيمة الشيء المرهون – ففي هذه الحالة نجد أن التأمينات مهددة بالضياع وأن الدائن يخشى فقدان الضمان المقدم إليه والذى يكفل له وفاء دينه بالكامل ويصدق ذلك غالباً على مديني بنك التسليف الزراعي وأمثالهم من مديني البنوك ففي هذه الحالة يجوز استصدار امر بالحجز التحفظي على أي منقول من منقولات المدين ويوقع الحجز هنا على المنقول المادي بصفة عامة ولو كان طائرة أو سفينة (كذا على حملة السفينة) وكذلك الأسهم والسندات والأوراق التجارية على اعتبار أن الحق قد تجسد في الورقة فأصبحت بمثابة منقول مادى.
(وإنما يراعى في هذا المقام أن حجز الطائرات قد تقرر بشأنه أحكام خاصة بموجب قانون خاص بحجز الطائرات فيرجع إليه في هذا الصدد).
وإلى جانب هاتين الحالتين الواردتين في القانون الجديد يمكن الاسترشاد بالحالات الثلاث الأخرى (التي كانت واردة في القانون القديم بالإضافة إلى هاتين الحالتين وهى: (1) إذا لم يكن للمدين موطن مستقر في مصر. وكما هو الشأن بالنسبة للسائحين وركاب السفن (2) إذا خشى الدائن فرار مدينه وأبدى أسبابا جدية لخشيته يقتنع بها القاضي الوقتي (3) إذا كان المدين تاجراً وكانت أسباب جدية يتوقع معها تهرب أو اخفاء الأموال.
ففي جميع هذه الحالات وغيرها من الحالات المماثلة يجوز للدائن أن يحجز تحفظياً على منقولات مدينه أيا كانت دون تحديد لمنقولات خاصة أو معينة.
وإلى جانب هذه الحالات التي يكون فيها حجز المنقول عاماً أي شاملاً لجميع المنقولات توجد حالات للحجز التحفظي على منقولات خاصة (معينة) وهى:

(1) حالة المستأجر والمستأجر من الباطن:
وفى هذه الحالة يحق للمؤجر (مؤجر العقار) الحجز على المنقولات المملوكة للمستأجر أو للمستأجر من الباطن: لاستيفاء الأجرة والديون الناشئة عن عقد الايجار ولو كانت تعويضات. ولكن يشترط هنا أن تكون العين المؤجرة عقاراً كمنزل أو أطيان.
ويتم الحجز هنا على أثاث المنزل وعلى محصولات الحقل وثماره. ويحجز على هذه المنقولات متى كانت موجودة بالعين المؤجرة وكذلك يحجز عليها حتى لو نقلت بدون رضاء المؤجر إلى أي مكان آخر خارج العين المؤجرة شريطة أن يتم الحجز خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النقل ويرجع ذلك إلى أن للدائن (المؤجر) حق امتياز على منقولات المستأجر الموضوعة في العين ضماناً للأجرة. ومن ثم فإن الدائن (المؤجر) يكون له حق تتبع هذه المنقولات لو نقلت إلى خارج العين فضلاً عن حقه في استيفاء دين الأجرة بالأولوية من قيمة هذه المنقولات.
ويرى بعض الشراح أن الحجز على هذه المنقولات بعد نقلها من العين يعتبر صورة من صور الحجز التحفظي الاستحقاقي.

(2) حالة الحجز الاستحقاقي:
وصورته البارزة هى صورة الزوجة التي تحجز على المنقولات المملوكة لها والموجودة في منزل الزوجية بعد أن تغادر ذلك المنزل وتنفصل عن زوجها. ففي هذه الحالة يحق لها الحجز على هذه المنقولات مع أنها مملوكة لها وذلك لمنع الزوج من تبديدها.
كذلك لو كانت لك منقولات عند نجاراً أو تاجراً للموبيليا اشتريتها منه وتركتها عنده كوديعة – أو سلمتها إليه لإصلاحها وتخشى أن يتصرف فيها أو يخفيها – فمن حقك أن تحجز عليها عنده حجزاً تحفظياً لمنعه من تهريبها.
كذلك لو كانت لك سيارة مودعة في جراج أو ملابس عند ترزي أو مكوجي أو حقائب أو منقولات مودعة عند أحد الأقارب أو الأصدقاء وخشيت تبديدها – فإن لك الحق في أن تحجز عليها تحفظياً لضبطها والتحفظ عليها – إلى أن تثبت أمام القضاء انها مملوكة لك فتتسلمها.
ومن ثم فإن هذا النوع من الحجز يسمى بالحجز التحفظي الاستحقاقي لأنه حجز يوقعه مالك المنقول على المنقول المملوك له تحت يد الشخص الملتزم بتسليمه.
ويتم ذلك عن طريق استصدار امر على عريضة بإذن أو يصرح بإيقاع الحجز الاستحقاقي (التحفظي) ويعقبه خلال (8) أيام رفع دعوى بالأحقية إلى المنقولات وبصحة الحجز: فإذا حكم في الدعوى بأحقية الحاجز إلى ملكية المنقولات المحجوزة فإن الحجز يتحول من تحفظي إلى تنفيذ ولكن لا يعقبه بيع وانما يعقبه رد الأموال إلى صاحبها أي تسليمها بعينها إلى الحاجز لأنها مملوكة له: فالتسليم أثر من آثار الحكم له بملكية المنقول ويعتبر هذا هو التنفيذ (العيني) بمعناه الصحيح. وقد نصت على الحجز التحفظي الاستحقاقي المادة 318 من قانون المرافعات.
وما يحق للمالك يحق أيضاً لكل صاحب حق عيني تقتضى ممارسته حيازة الشيء إذا ما اقتضى الأمر تسليم المنقول أو إذا خرج المنقول من حيازة صاحب الحق العيني: ومثال ذلك صاحب حق الانتفاع وصاحب حق الحبس (وان كان وصف حق الحبس بأنه حق عيني محل خلاف في القانون المدني الجديد) وصاحب حق الرهن الحيازي وصاحب حق الامتياز على المنقول إذا ما خرج المنقول من حيازته بغير رضاه.
وفى رأيي أنه يمكن ايقاع الحجز التحفظي الاستحقاقي تحت يد الغير وتكون هذه صورة خاصة من حجز ما للمدين لدى الغير يكون محل الحجز فيها منقولاً مادياً مملوكا للحجز وموجودا في حيازة الغير كما لو كان الزوج قد قام بنقل المنقولات (المملوكة لزوجته) من منزل الزوجية أودعها عند أحد التجار أو في أحد المخازن فيحجز عليها تحت يد التاجر أو صاحب المخزن حجز ما للمدين لدى الغير. ولكنه يكون حجزاً استحقاقياً. ويمكن أن يطلق على هذا النوع من الحجز اسم "حجز ما للمدين لدى الغير" (استحقاقياً).
ويتحول الحجز من تحفظي إلى تنفيذي متى صدر الحكم بصحة الحجز: ولا يحتاج الدائن إلى اتخاذ اجراءات حجز جديدة لكى يتوصل عن طريقها إلى المرحلة الثانية وهى مرحلة التنفيذ الحقيقي أي مرحلة البيع في حالة الحجز لاستيفاء دين – أو مرحلة التسليم في حالة الحجز استحقاقاً لعين الحجز الاستحقاقي).
وتجدر الاشارة إلى أن ثمة صورا اخرى من الحجز التحفظي منها صورة حجز البضائع المقلدة والحجز على المصنفات التي تعرض بدون اذن كتابي من المؤلف – وقد نص عليها في قانون حماية حق المؤلف (م43) وفى قانون براءات الاختراع (م49) وفى قانون العلامات والبيانات التجارية (يراجع الوسيط للدكتور السنهوري جزء ثامن صحيفة 425 و 460 و 474) – وحسبنا الاشارة هنا إلى هذه الصور.
وقد ينبغي أخيراً أن نشير إلى صورة خاصة من صور حجز ما للمدين لدى الغير وهى الحجز تحت يد النفس حيث يكون الدائن مديناً في الوقت نفسه لمدينه فيجوز له أن يوقع الحجز تحت يد نفسه على ما هو مدين به لمدينه ويتم الحجز بإعلان إلى المدين يشتمل على البيانات الواجب ذكرها في ورقة ابلاغ الحجز مع رفع دعوى صحة الحجز خلال ثمانية أيام من إعلان المدين بالحجز في الحالات التي يكون الحجز فيها واقعاً بأمر من القاضي (المادة 349 مرافعات).
وقد يكون من المفيد في ختام هذا الفصل أن نشير إلى أن الصورة الغالبة للحجز التحفظي تتمثل في حجز ما للمدين لدى الغير الذى يقرر البعض أنه دائماً يبدأ تحفظياً – وينتهى تنفيذيا.