الأربعاء، 29 فبراير 2012

حكم الشرع في دفع الزكاة لمعهد تعليمي ومستشفى علاجي


حكم الشرع في دفع الزكاة لمعهد تعليمي ومستشفى علاجي

الموضوع: دفع الزكاة لمشروع إنشاء معهد أمراض الكبد.
المفتى : فضيلة الشيخ/ جاد الحق على جاد الحق.
في     : 3 ذو الحجة 1400 هجرية - 12 أكتوبر 1980م.

المبادئ:
1-   الدعوة إلى التداوي واضحة صريحة فى السنة النبوية الشريفة.
2- عجز موارد كثير من الناس عن مواجهة نفقات العلاج المتخصص يوجب على المجتمع أن يتساند ويتكافل.
3- الزكاة مفروضة فى أموال الأغنياء لتعود إلى الفقراء؛ ومصارفها محددة فى قوله تعالى {إنما الصدقات} الآية.
4- يجوز للمسلمين دفع جزء من زكاة أموالهم للمعاونة فى إقامة المعاهد العلمية التى تعين على الدراسة واستحداث الوسائل للعلاج ومكافحة الأمراض.

سئل: بالطلب المقدم من مجلس إدارة مشروع إنشاء معهد أمراض الكبد، المطلوب به بيان ما إذا كان يجوز شرعاً دفع الزكاة أو جزء منها لهذا المشروع أم لا يجوز.
وبعد الإطلاع على الكتيب الذى حوى فكرة المشروع، وتقدير تكاليف إنشائه وضرورته بسبب انتشار أمراض الكبد انتشاراً كبيراً فى مصر وباقي الأقطار العربية، وفى مراحل العمر المختلفة.
وأن الجمعية القائمة على المشروع قد تم شهرها وتسجيلها فى 9/12/1979 برقم 2681 بالشئون الاجتماعية جنوب القاهرة.
وأن المعهد سيلحق به مستشفى لعلاج القادرين بأجر فى حدود نسبة معينة من المرضى، وذلك كمورد لتشغيل المعهد ومؤسساته بالإضافة إلى الموارد الأخرى المبينة بالكتيب.

أجاب: إن فقهاء المسلمين قد استنبطوا من القرآن الكريم والسنة الشريفة أن لأحكام الشريعة الإسلامية مقاصد ضرورية كانت هي الغاية من تشريعاتها وقد أطلقوا عليها الضروريات الخمس هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال.
ومن أوضح الأدلة فى القرآن على الأمر بحفظ النفس قول الله سبحانه {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} البقرة 195، وقوله {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء 29.
وفى السنة الشريفة الدعوة الواضحة الصريحة إلى التداوي. فقد روى أحمد عن أسامة بن شريك قال جاء أعرابي فقال: يا رسول الله ألا نتداوى قال: نعم. فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله؛ وفى لفظ قالت الأعراب: يا رسول الله ألا نتداوى، قال: نعم، عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء، إلا داء واحدا. قالوا يا رسول الله: وما هو؟ قال: الهرم. رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذي وصححه (جـ - 8 منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار لابن تيمية وشرحه نيل الأوطار للشوكاني صـ 200 فى باب الطب)، وفى سنن ابن ماجه (جـ - 1 صـ 41 مع حاشية المندي) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير". وقوة المؤمن فى عقيدته وفى بدنه وفى كل شيء يحتاج إلى العزم والعزيمة والمجالدة.
ومن هذه النصوص - من القرآن والسنة - نرى أن الإسلام قد حث الناس على المحافظة على أنفسهم صحيحة قوية قادرة على أداء واجبات الدين والدنيا. وإذا كان التداوي من المرض مطلوباً ليشفى المريض، ويصير عضواً نافعاً فى مجتمعه الإسلامي والإنساني. وإذا كانت أمراض الحضارة قد انتشرت واستشرت، تقوض بناء الإنسان بعد أن تسرى فى دمائه وأوصاله. وإذا كان العلم الذى علمه الله الإنسان، قد وقف محارباً لهذه الأمراض والأوبئة فى صورة معاهد ومستشفيات متخصصة فى نوعيات من المرض فى بعض أعضاء الإنسان. وإذا كان الكثيرون من الناس قد تعجز مواردهم عن مواجهة نفقات العلاج المتخصص. إذا كان كل ذلك وجب على المجتمع أن يتساند ويتكافل، كما هو فرض الإسلام، وكما تدعو إليه غريزة حب البقاء مع النقاء والتكافل والتعاون بين الناس فى درء المفاسد والأمراض يدعو إليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر" (من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه متفق عليه).
وإذا كانت الزكاة قد فرضها الله فى أموال الأغنياء لتعود إلى الفقراء، فإنه لم يترك أمر صرفها وتوزيعها دون تحديد، وإنما بينها فى قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} التوبة 60، وها نحن نجد أن أول الأصناف المستحقين للزكاة بترتيب الله سبحانه الفقراء، وتحديد معنى الفقر وإن تناقش فيه الفقهاء وتنوعت أقوالهم، كما تنوع الرأي فى حد العطاء، ولكنا هنا سنأخذ الفقير والمسكين. بمعنى صاحب الحاجة التى لابد منها ولا يستطيع الحصول عليها. ومن ثم ينبغي أن تكون من الحاجات تيسير سبل العلاج إذا مرض الفقير أو المسكين، هو أو أحد أفراد أسرته الذين تلزمهم نفقته، ولا يترك المريض الفقير أو المسكين للمرض يفترسه ويقضى عليه، لأن تركه على هذه الحال وإلى هذا المآل، قتل للنفس وإلقاء باليد إلى التهلكة، وذلك محرم طبعاً وشرعاً بالآيات الكريمة، وبالأحاديث الشريفة، ومنها ما سبق التنويه عنه.
وإذا أمعنا النظر فى باقي مصارف الصدقات نجد منها {وفى سبيل الله}. وقد تحدث المفسرون والفقهاء فى بيان هذا الصنف، واختلفت أقوالهم فى مداه. والذي أستخلصه وأميل للأخذ به أن سبيل الله ينصرف - والله أعلم - إلى المصالح العامة التى عليها وبها قوام أمر الدين والدولة والتي لا ملك فيها لأحد، ولا يختص بالانتفاع بها شخص محدد، وإنما ينتفع بها خلق الله، فهي ملك لله سبحانه، ومن ثم يدخل فى نطاقها إعداد المعاهد والمستشفيات الصحية التى يلجأ إليها المرضى، والإنفاق عليها ودوام تشغيلها وإمدادها بالجديد من الأدوات والأدوية وكل ما يسفر عنه العلم من وسائل. وهذا المعنى هو مؤدى ما قال به الإمام (جـ - 4 صـ 464) الرازي فى تفسيره من أن ظاهر اللفظ فى قوله تعالى {وفى سبيل الله} لا يوجب القصر على كل الغزاة، ثم قال نقل القفال فى تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد. لأن قوله {وفى سبيل الله} عام فى الكل، وبهذا قال غير الرازي أيضا (محاسن التأويل للقاسمي جـ - 7 صـ 3181 وتفسير المنار لرشيد رضا جـ - 20 صـ 585 و 587) ولا مراء فى أن هذه وجوه عامة لا تعتبر تكراراً للأصناف المحددة قبلاً فى آية المصارف (الآية 60 من سورة التوبة) وإذ كان ذلك وكان من أهداف إنشاء المعهد والمستشفى المسئول عنهما إيجاد مكان لدراسة نوع خطير من الأمراض وعلاجه بالمتابعة العلمية، ويمتد إلى علاج الفقراء الذين تعجز مواردهم عن تحمل نفقات العلاج المتخصص، أصبح إنشاؤه ومستلزماته وتوابعه من المصالح العامة التى تدخل فى وجوه الخير التى ليست موجهة لفرد بذاته وإنما لعمل عام، بالإضافة إلى توافر صفة الفقر أو المسكنة فيمن ينتفعون بالعلاج فيه بالمجان فى الأعم الأغلب. لما كان ذلك يجوز للمسلمين الذين وجب فى أموالهم حق للسائل والمحروم، أن يدفعوا جزءاً من زكاة هذه الأموال للمعاونة فى إقامة المعاهد العلمية التى تعين على الدرس واستحداث الوسائل والأدوية الناجعة للعلاج ومكافحة الأمراض، والإرشاد إلى طرق الوقاية منها، لأن فى سلامة البدن قوة للمسلمين. والمؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير. وهذا متى كانت غايته دفع شرور الأمراض عن المسلمين ولاسيما الفقراء والمساكين منهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

الأحد، 26 فبراير 2012

ضم مدة الخدمة السابقة



السيد الأستاذ/ المستشار نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة الإدارية
تحية طيبة واحتراماً وبعد...
مقدمه لسيادتكم الأستاذ/ ................................................................. المحامي بالإدارة المركزية للشئون القانونية بهيئة الأوقاف المصرية. والمقيم في: ......................................................................................................................           (مدعي)
ضـــــــــــد
السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته (مدعى عليه)
وأتشرف بعرض الآتي
المدعي الأستاذ/ ................................................................. المحامي يعمل بوظيفة "محام" بالدرجة الثالثة التخصصية بالإدارة المركزية للشئون القانونية بهيئة الأوقاف المصرية.
        وحيث أن المدعي خريج كلية الحقوق جامعة ....................... دفعة عام ........... وتقدم للقيد بنقابة المحامين بتاريخ ........................... حيث قيد بها تحت رقم ..................... وظل يمارس مهنة المحاماة منذ ذلك التاريخ. وقد تم قيده أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ ............................... .
        وحيث إنه بموجب القرار رقم ................... المؤرخ ................................ تم تعيين المدعي بوظيفة "محام" بالدرجة الثالثة التخصصية بالإدارة المركزية للشئون القانونية بهيئة الأوقاف المصرية، وتسلم العمل بها بتاريخ ..................... .
        وحيث تقدم المدعي بتاريخ ............................. بطلب إلى المدعى عليه بصفته، قيد برقم ................. لضم مدة خدمته السابقة بنقابة المحامين، إلا أنه رفض ذلك، مما حدا بالمدعي إلى التظلم من ذلك الرفض، بالتظلم المقدم بتاريخ .......................... إلا إن تظلمه تم رفضه، فتقدم إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم .............. لسنة .............. والتي أصدرت توصيتها بجلسة ................... بأحقية الطالب في ضم مدة خدمته السابقة بنقابة المحامين. وإذ لم يستجب المدعى عليه لتنفيذ تلك التوصية، مما حدا بالمدعي إلى إقامة الدعوى الماثلة بغية القضاء له بطلباته فيها.
        ومن حيث إنه عن شكل الدعوى، فإن الدعوى الماثلة تعد من دعاوى "التسويات" و "المطالبات المالية" التي لا تتقيد في رفعها بإجراءات مواعيد دعاوى الإلغاء. وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية الأخرى المقررة قانوناً، فمن ثم تكون مقبولة شكلاً.
        وحيث إنه عن موضوع الدعوى فإن المادة 27 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن:
"تحسب مدة الخبرة المكتسبة عملياً التى تتفق مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل، وما يترتب عليها من أقدمية افتراضية وزيادة في أجر بداية التعيين للعامل الذى تزيد مدة خبرته عن المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة.
كما تحسب مدة الخبرة العملية التى تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل بشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وعلى ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواء من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر.
ويكون حساب مدة الخبرة الموضحة بالفقرتين السابقتين وفقاً للقواعد التى تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية".
        وحيث أن مفاد ذلك النص أن: "قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 نص في المادة 27 المشار إليها على حساب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة فيمنح العامل علاوة عن كل سنة من سنوات الخبرة العملية التي تحسب له بحد أقصى خمس علاوات دورية بغض النظر عن العدد الفعلي لسنوات الخبرة العملية السابقة وذلك بالضوابط والأوضاع التي تقررها لجنة الخدمة المدنية مع مراعاة كافة الشروط المنصوص عليها وأهمها شرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها وعلى ألا يسبق العامل نتيجة لحساب مدة خبرته الزائدة زميله المعين معه بذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة سواء في الأقدمية أو الأجر". (لطفاً، يراجع في ذلك: فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع – ملف 16/3/298 – جلسة 3/12/1986 – الموسوعة الإدارية الحديثة – الجزء 38 – صـ 445). 
        ومن حيث إنه عملاً بالتفويض التشريعي الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة 27 – سالفة الذكر – أصدر وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية القرار رقم 5547 لسنة 1983 (في 20/11/1983 والمنشور بالجريدة الرسمية في 21/11/1983 بالعدد 264 من الوقائع المصرية) بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين – المعدل بالقرار رقم 71 لسنة 1988 – ونص في المادة الأولى منه على أنه:
        "يدخل في حساب مدة الخبرة العملية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 27 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه للعاملين المدد الآتية:-
1- المدد التي تقضى بإحدى الوزارات والمصالح والأجهزة التي لها موازنة خاصة بها ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة والمؤسسات العامة وهيئات وشركات القطاع العام.
2- مدد ممارسة المهن الحرة الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة، ويعتد في ذلك بالمدة اللاحقة لتاريخ القيد بعضوية النقابة التي تضم العاملين بهذه المهنة.
3-   مدة الاشتغال بالمدارس الخاضعة لإشراف الدولة.
4- المدد التي تقضى بإحدى الجمعيات أو الشركات المساهمة الصادر بتشكيلها قوانين أو مراسيم أو قرارات جمهورية.
5-   ...
6-   ...
7-   ...".
وتنص المادة الثانية من ذات القرار على أنه:
        "يشترط لحساب المدد المشار إليها في المادة الأولى من هذا القرار ما يأتي:-
1- مدد العمل في الوزارات والمصالح والأجهزة التي لها موازنة خاصة بها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة وهيئات وشركات القطاع العام، تحسب كاملة سواء كانت متصلة أو متقطعة متى كانت قد قضيت في وظيفة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة التي يعين فيها العامة ويرجع في تقدير ذلك إلى لجنة شئون العاملين.
2- مدد التمرين التي تقضي القوانين واللوائح بضرورة تمضيتها بعد الحصول على المؤهل العلمي كشرط لمزاولة المهنة تحسب بالكامل مدة خبرة في الوظيفة التي يعين فيها الموظف.
3- المدة التي تقضى في التطوع أو التكليف في الوظيفة المدنية أو العسكرية المختلفة تعتبر في حكم مدة الخدمة الحكومية وتسري عليها.
4- مدة العمل التي تقضى في غير الوزارات والمصالح أو الأجهزة ذات الموازنات الخاصة بها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة وهيئات وشركات القطاع العام سواء كانت متصلة أو متقطعة تحسب ثلاثة أرباعها بالشروط الآتية:-
أ‌.      ألا تقل المدة السابقة عن سنة.
ب‌. أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة علم الوظيفة التي يعين فيها العامل، ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون العاملين".
وينص البند رقم "5" من هذه المادة – وهو البند المستبدل بقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5 لسنة 1989 (المنشور بالوقائع المصرية بالعدد 23 بتاريخ 26/1/1989) – على أن:
"مدة العمل التي تقضى في حكومات الدول العربية والأجنبية تحسب كاملة بشرط ألا تقل عن سنة وأن تكون طبيعة العمل فيها تتفق مع طبيعة عمل الوظيفة التي عين فيها الموظف، ويرجع في تقدير ذلك إلى لجنة شئون العاملين".
وتنص المادة الخامسة من القرار المذكور على أنه:
"تسري أحكام هذا القرار على العاملين الموجودين في الخدمة وقت العمل به ... واعتباراً من 12/8/1983 ويشترط لحساب مدة الخبرة السابقة أن يتقدم الموظف بطلب لحسابها مع تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة.
أما من يعين أو يعاد تعيينه بعد نشر هذا القرار فيتعين عليه ذكرها في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه وذلك دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائياً في حسابها".
هذا، وقد ذهبت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إلى أن: "المادة 27 فقرة ثانية تضمنت حكمين:
الأول- وخاص بعدد العلاوات التي يجوز منحها للعامل نتيجة حساب مدة خبرته العملية بواقع علاوة عن كل سنة يتم حسابها بحد أقصى خمس علاوات مع مراعاة عدم تجاوز مرتب زميله المعين معه في الجهة الوظيفية ذاتها.
والثاني- يتعلق بعدد سنوات الخبرة الجائز حسابها والأقدمية الافتراضية المترتبة عن ذلك، وناط بلجنة شئون الخدمة المدنية وضع القواعد المنظمة للأمر، حيث صدر قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية مبيناً المدد التي تدخل في حساب مدة الخبرة العملية ومن بينها المدد التي تقضى بإحدى الوزارات والمصالح والأجهزة التي لها موازنة خاصة وغيرها من الجهات التي عددها نص البند "1" من المادة الأولى من القرار المشار إليه، ولم يفرق المشرع في النص – بعد التعديل – بين كون هذه المدة قضاها العامل في وظيفة دائمة أو باليومية أو المكافأة على نحو ما كان يجري عليه قبل تعديله بالقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 71 لسنة 1988، الأمر الذي يقطع – إزاء إطلاق عبارات النص – بحساب هذه المدة الأخيرة كاملة في أقدمية العامل متى توافرت فيه الشروط المتطلبة قانوناً في هذا الشأن، ومن ثم فلا وجه للقول بأن مقتضى التعديل المشار إليه أن المشرع لم يعد يعبأ بمثل هذه المدة كمدة خبرة سابقة للعامل تحسب في أقدميته إذ أن ذلك ينطوي على تخصيص النص بلا مخصص وحرمان العامل من حق قرره له القانون دون نص يقرر ذلك صراحة". (لطفاً، يراجع في ذلك: فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع – ملف رقم 86/3/859 جلسة 7/2/1993).
ومن المقرر قانوناً أنه: "يدخل في حساب مدة الخبرة المدد التي يقضيها العامل بوحدات الحكم المحلي وغيرها مما ورد ذكرها بشرط اتصال المدة واتفاقها مع طبيعة العمل وكذلك مدد التمرين وذلك بالنسبة للمهن التي تتطلب ذلك والمدد التي تقضى في حكومات الدول العربية مع مراعاة نفس الضوابط المتعلقة بوجوب أن تكون مدد الخبرة السابقة تتفق مع طبيعة عمل الوظيفة التي عين عليها العامل والمقصود بهذا الشرط أن يتماثل العملان حتى يتسنى إفادة العامل من الخبرة التي يكتسبها خلال عمله السابق في عمله الجديد وذلك لأن قواعد حساب مدد الخدمة السابقة إنما تقوم على فكرة أساسية هي الإفادة من الخبرة التي يكتسبها العامل خلال المدة التي يقضيها ممارساً لنشاط وظيفي سابق، تلك الخبرة التي ينعكس أثرها على الوظيفة الجديدة، الأمر الذي يقتضي عدم إهدار هذه المدة عند التعيين". (لطفاً، يراجع في ذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 791 لسنة 3 قضائية – جلسة 24/5/1970 – مجموعة مبادئ الإدارية العليا في خمسة عشر عاماً – الجزء الثاني – صـ 2377).
وقد تطلب أخيراً القرار المشار إليه قيد إجرائي يجب مراعاته ليمكن الاستفادة من مدة الخبرة السابقة، وهو القيد الذي يتعلق بضرورة مراعاة قيام العامل الذي يعين أو يعاد تعيينه بذكر مدة الخبرة أو الخدمة السابقة في الاستمارة الخاصة بذلك (الاستمارة 103 ع.ح) وذلك عند تقديم مسوغات تعيينه وإلا سقط حقه نهائياً فيها.
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق أن المدعي له مدة خبرة سابقة في مجال المحاماة من .............................. حتى .............................. ونظراً لعدم قيامه بإثبات تلك المدة بالاستمارة 103 ع.ح فقد رفضت جهة الإدارة ضم تلك المدة لمدة خدمته الحالية بها.
وحيث إنه من المقرر أنه: "إذا أوجبت جهة الإدارة على المتقدم لشغل الوظيفة تقديم الاستمارة 103 ع.ح بدون ذكر مدد الخبرة السابقة، فإن هذا الشرط هو شرط لم ينص عليه القانون ويؤدي لحرمان العامل من شغل الوظيفة رغم توافر شروط شغلها في حقه، بمجرد استعماله لحقه في ذكر مدة الخبرة السابقة، ومن ثم فإن ذكر غير الحقيقة في هذا البيان غير الجوهري لا يؤثر في قرار التعيين، ولا يمكن حمل الإقرار بعدم ذكر مدة الخبرة السابقة في معنى التنازل عن حسابها، بحسبان أن حساب مدة الخبرة العملية إذا توافرت موجباته يمثل مركز قانوني مستمد من صريح نص القانون، والمركز القانوني لا يمكن التنازل عنه". (لطفاً، يراجع في ذات المعنى: فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة – ملف 86/3/1993 – جلسة 5/3/1993).
وحيث إن الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة قد خاطبت المدعي على محل إقامته بشأن مسوغات التعيين المطلوبة وضمنت من بينها "تقديم استمارة 103 ع.ح بعدم وجود مدة خدمة سابقة"، كما ضمنت من بين مسوغات التعيين "تقديم إقرار بعدم وجود مدة خدمة سابقة"، ومن ثم فإن عدم قيام المدعي بذكر مدة خدمته السابقة كان يرجع لإجبار جهة الإدارة على عدم ذكرها بالاستمارة 103 ع.ح المعدة لذلك وأجبرته كذلك على تقديم إقرار بعدم وجود خبرة سابقة له، ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الشرط التحكمي وبحث مدى أحقية المدعي في ضم تلك المدة من عدمه بغض النظر عن كونه لم يذكرها بالاستمارة المعدة لذلك حيث إن عدم ذكرها كان يرجع لإجبار جهة الإدارة له على ذلك قصراً وفي حالة امتناعه عن تنفيذ ذلك لا تقبل تعيينه بها.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن المدعي حاصل على ليسانس الحقوق عام ................... والثابت من الشهادة المعتمدة من نقابة المحامين تفيد قيد المدعي بجدول المحامين المشتغلين بها في الفترة من .......................... حتى .......................... ، وتم قيده بالجدول الابتدائي بتاريخ .......................... إلى أن تم تعيينه بالهيئة في تاريخ .......................... بوظيفة محام ثالث، وحيث إن المدة المطالب بضمها تتعلق بممارسة مهنة حرة صادر بالاشتغال بها قانون من قوانين الدولة وهي فترة تالية لتاريخ قيد المدعي بعضوية نقابة المحامين، ومن ثم فقد توافر في حق المدعي شروط ضم تلك المدة لمدة خدمته الحالية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
مع الأخذ بعين الاعتبار أنه من المقرر قانوناً أن: "اتفاق طبيعة العمل السابق مع طبيعة العمل الحالي لا يعني التماثل والتطابق من كافة الوجوه، وإنما يعني التماثل من حيث الاستعداد والإمكانيات والتأهيل فيه متماثلاً في الطبيعة مع العمل الجديد". (لطفاً، يراجع في ذات المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1169 لسنة 14 قضائية – جلسة 20/2/1974).
كما خلت أوراق الدعوى مما يفيد وجود زميل يعد قيداً عليه في حساب هذه المدة، الأمر الذي يترتب عليه وجوب القضاء له بأحقيته في ضم مدة الخدمة التي قضاها بالمحاماة ضمن مدة خدمته الحالية. (لطفاً، يراجع في ذات المعنى: حكم المحكمة الإدارية الصادر في الدعوى رقم 128 لسنة 46 قضائية، دائرة وزارة المالية وملحقاتها، بجلسة 23/12/2001. وحكم المحكمة الإدارية لوزارة المالية في الدعوى رقم 1016 لسنة 47 قضائية – جلسة 25/8/2002).
ومن ثم، تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على سند صحيح من الواقع والقانون خليقة بالقبول وإجابة المدعي إلى طلباته فيها، وهي:

"وبناءً عليه"
        لكل ما تقدم، ولما قد يرى المدعي إضافته من أسباب أخرى، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، يلتمس المدعي من عدالة المحكمة الحكم له في الدعوى الماثلة بما يلي:
1-   بقبول هذا الطعن شكلاً.
2- وفي الموضوع: "بأحقية المدعي في ضم مدة خبرته العملية التي قضاها بمهنة المحاماة في المدة من ......................... حتى ......................... لمدة خدمته الحالية بالإدارة المركزية للشئون القانونية بهيئة الأوقاف المصرية، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إرجاع أقدميته بالوظيفة المعين عليها إلى تاريخ ......................... واستحقاقه العلاوات والفروق المالية، وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان".
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام والتقدير،،،
المدعي
الأستاذ/ .................................
المحامي
بهيئة الأوقاف المصرية  




هذا، والله أعلى وأعلم،،،  













الأحد، 19 فبراير 2012

نسبية أثر العقود - لمن الحق في إدارة المال الشائع - الاختصاص بدعاوى الحساب ودعاوى الريع - حجية الحكم في الصفة - تقدير أعمال الخبير - التعويض لا يستحق عليه فوائد


الموجز:
(نسبية أثر العقود): العقد لا يرتب التزاماً في ذمة الغير، فأثر العقد لا يتناول إلا المُتعاقدين، ولا يُجاوزهما إلي الغير، إلا في حالة الاشتراط لمصلحة الغير.
(لمن الحق في إدارة المال الشائع): للشركاء الذين يملكون - على الأقل - ثلاثة أرباع المال الشائع، أن يقرروا، في سبيل تحسين الانتفاع بهذا المال، من التغييرات الأساسية والتعديل في الغرض الذى أعد له، ما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة، ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من تاريخ إعلانهم بالقرار.
(الاختصاص بدعاوى الحساب ودعاوى الريع): وزارة الأوقاف تختص وحدها – من دون هيئة الأوقاف المصرية – بدعاوى الحساب ودعاوى الريع، حيث إن هيئة الأوقاف تؤدي ما تحصله من ريع الأوقاف إلى الوزارة لمحاسبة المستحقين وأصحاب الحقوق، طبقاً لقانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية.
(حجية الحكم في الصفة): الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة المدعي هو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى برمتها ويترتب على قبوله أن يخسر المدعى دعواه بحيث لا يستطيع العودة إليها وتستنفذ محكمة الدرجة الأولى بالقضاء به ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى
(تقدير أعمال الخبير): عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه، إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه
(التعويض لا يستحق عليه فوائد): مبلغ التعويض المطالب به يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ومن ثم فإن تحديده في صحيفة الدعوى لا يجعله معلوم المقدار وقت الطلب، وبالتالي فلا تستحق عليه أية فوائد إلا من تاريخ الحكم به نهائياً.

المذكرة:


محكمة جنوب القاهرة الابتدائية
الدائرة 27 مدني

مُـذكرة


بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية             (مدعى عليها الثانية)

ضـــــــــــد


السيد/ حسين *****                        (مُدع)



في الدعوى رقم 59 لسنة 2008 مدني كلي جنوب القاهرة،
والمحدد لنظرها جلسة يوم السبت لموافق 18/2/2012م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

        نستأذن عدالة المحكمة في الإحالة فيما يخص وقائع الدعوى الماثلة إلى ما جاء بمذكرات دفاعنا السابق تقديمها لعدالة المحكمة الموقرة، منعاً من التكرار وحِفاظاً على ثمين وقت عدالة المحكمة.


ثانياً- الدفاع

        في مستهل دفاعنا نتمسك – على سبيل الجزم واليقين – بجميع أوجه الدفاع والدفوع المبداة منا بمذكرات دفاعنا السابق تقديمها لعدالة المحكمة الموقرة وللخبرة الفنية، ونخص بالذكر منها مذكرة دفاعنا المقدمة بجلسة 23/5/2009 ومذكرة دفاعنا المقدمة بجلسة 26/12/2009، ونعتبرهم جميعاً جزء لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، لا سيما التمسك بـ ..
-   الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون (رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات)..
-       جحد الصور الضوئية المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة.
-   الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة للمدعي، وعلى غير ذي صفة بالنسبة لهيئة الأوقاف المصرية.
-       طلب رفض الدعوى.
ونضيف إلى كل ما سبق؛.. التأكيد على النقاط التالية:
·      نسبية أثر العقد المبرم بين المدعي وبين الجمعية المدعى عليها الأولى:
حيث تنص المادة 152 مدني على أنه: "لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير"؛ مما مفاده أن العقد لا يتناول أثره - بوجه عام - إلا المُتعاقدين، ولا يُجاوزهما إلي الغير إلا في حالة الاشتراط لمصلحة الغير.
        أما الغير الذي لم يكن طرفاً في العقد (ولا خلفاً لأحد من المُتعاقدين)، وهو ما يُسمى بالغير الأجنبي أصلاً عن العقد، فلا ينصرف إليه أثر العقد مادام بعيداً عن دائرة التعاقد.
        ومن ثم، فإن العقد المبرم بين المدعي وبين الجمعية المدعى عليها الأولى (سند المدعي في دعواه الماثلة) لا ينصرف أثر إلى هيئة الأوقاف المدعى عليها الثانية الأجنبية عن ذلك العقد والبعيدة تماماً عن دائرة التعاقد، وعليه، فلا أثر لذلك العقد – سند الدعوى الماثلة – بالنسبة لهيئة الأوقاف المصرية، وبالتالي تكون الدعوى الماثلة مفتقده لسندها القانوني خليقة بالرفض.

·      إدارة المال الشائع تكون لأصاحب ملاك أغلبية الحصص:
تنص المادة 828 مدني على أن: "ما يستقر عليه رأى أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة يكون ملزماً للجميع وتحسب الأغلبية عل أساس قيمة الأنصباء ... وللأغلبية أيضا أن تختار مديراً كما أن لها أن تضع للإدارة ولحسن الانتفاع بالمال الشائع نظاما يسرى حتى على خلفاء الشركاء جميعا سواء أكان الخلف عاما أو خاصاً ... وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم".
كما تنص المادة 829 مدني على أن: "للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا في سبيل تحسين الانتفاع بهذا المال من التغييرات الأساسية والتعديل في الغرض الذى أعد له ما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة ... ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين ...".
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق أن هيئة الأوقاف المصرية تمتلك أغلبية المال الشائع (ثلاثة أربع المال الشائع) وحدها، وبالتالي فلها وحدها إدارة المال الشائع دون الرجوع لأحد، وإذ لم يعترض المدعي على أعمال الإدارة تلك خلال المواعيد القانونية، ومن ثم فتكون تلك التصرفات نهائية ونافذة في حق جميع الشركاء في المال الشائع، وتكون الدعوى الماثلة قد جاء على غير سند من صحيح القانون خليقة بالرفض.

·      هيئة الأوقاف تدفع ما تحصله من الريع لوزارة الأوقاف لمحاسبة المستحقين:
حيث إن هيئة الأوقاف المصرية بصفتها نائبة قانونية عن وزير الأوقاف الناظر القانوني على الأوقاف في مصر، تدير أموال وأعيان الأوقاف لصالح وزارة الأوقاف، وتدفع الهيئة ما تحصله من ريع لوزارة الأوقاف، لتتولى وزارة الأوقاف – من بعد – محاسبة المستحقين في الأوقاف وتوزيع ذلك الريع طبقاً لقواعدها.
حيث تنص – على ذلك صراحة – المادة الخامسة من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية، والتي تقضي بأن: "تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة وتتولى وزارة الأوقاف تنفيذ شروط الواقـفـين والأحكام والقرارات النهائية الصادرة من اللجان والمحاكم بشأن القسمة أو الاستحقاق أو غيرها وكذلك محاسبة مستحقي الأوقاف الأهلية وفقاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه وذلك من حصيلة ما تؤديه الهيئة إلى الوزارة".
كما تنص المادة السادسة من ذات القانون على أنه: "على الهيئة أن تؤدى إلى وزارة الأوقاف صـافى ريـع الأوقـاف الخيرية لصرفه وفقاً لشروط الواقفين ...".
وهدياً بما تقدم، فإن الدعوى بطلب محاسبة ناظر الوقف عن ريع الوقف، يجب أن توجه لوزير الأوقاف وليس ضد هيئة الأوقاف، فالوزير هو صاحب الصفة الوحيد في محاسبة المستحقين وصرف ريع الوقف، أما هيئة الأوقاف فهي جهة تحصيل الريع لدفعه لوزارة الأوقاف فقط لا غير، وعليه تكون الدعوى الماثلة مقامة على غير ذي صفة بالنسبة لهيئة الأوقاف المصرية.

·   هيئة الأوقاف تتمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، حيث إن المدعي لم يثبت ملكيته لحصة شائعة في عقار التداعي، فضلاً عن أن حكم الحراسة الذي يستند إليه ليس حجة ضد الأوقاف لكونها لم تكن مختصمة في دعوى الحراسة الصادر فيها ذلك الحكم، فضلاً عن إنه سبق القضاء بعدم قبول دعوى المطالبة بريع عقار التداعي المقامة من ذات المدعي لرفعها من غير ذي صفة، وهذا حكم موضوعي يحوز الحجية ويمنع من معاودة المنازعة فيه بدعوى جديدة:
هيئة الأوقاف المصرية تتمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها من غير ذي صفة، حيث أن المدعي لم يثبت بدليل مقبول قانوناً ملكيته لأية حصة شائعة في عقار التداعي، فضلاً عن إن حكم الحراسة الذي يستند إليه في الدعوى الماثلة (والصادر بتعيينه حارساً بموجب الحكم رقم 7884 لسنة 1971 مستعجل القاهرة) لم تكن هيئة الأوقاف المصرية مختصمة أو ممثلة في الدعوى الصادر في ذلك الحكم بأية صفة، وبالتالي فهي لا تحاج بهذا الحكم، وهو مما أدى لصدور الحكم في دعوى رقم 10202 لسنة 2005 مدني كلي جنوب القاهرة، الصادر بجلسة 25/1/2006، والقاضي في منطوقه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، في دعوى المطالبة بريع عقار التداعي المقامة من ذات المدعي في الدعوى الماثلة، للأسباب المتقدم ذكرها.
والقضاء السابق بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، هو قضاء موضوعي يحوز حجية وقوة الأمر المقضي به، بما يمنع معاودة المدعي – في الدعوى الماثلة – إلى المنازعة في ذات الطلب من جديد بدعوى أخرى.
        حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: "الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة المدعي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى برمتها ويترتب على قبوله أن يخسر المدعى دعواه بحيث لا يستطيع العودة إليها وتستنفذ محكمة الدرجة الأولى بالقضاء به ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى. ويطرح الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الاستئناف فلا يجوز لها في حالة إلغاء الحكم وقبول الدعوى أن تعيدها إلى محكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها". (نقض مدني في الطعن رقم 520 لسنة 34 قضائية – جلسة 7/1/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – العدد 1 – صـ 18. وفي الطعن رقم 1291 لسنة 47 قضائية – جلسة 30/10/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 1640).
        لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المدعي لم يثبت ملكيته لأي حصة شائعة في عقار التداعي، كما إن حكم الحراسة الذي يستند إليه ليس حجة في مواجهة هيئة الأوقاف المصرية التي لم تكن مختصمة أو ممثلة فيه، كما سبق أن صدرت أحكام قضائية نهائية ضد ذات المدعي في دعاوى مماثلة قضت بعدم قبول طلباته لرفعها من غير ذي صفة، وكانت الأحكام تلك الأحكام موضوعية وتحوز حجية وقوة الأمر المقضي به، مما يتعين معه والحال كذلك القضاء في الدعوى الماثلة بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة.

·      الاعتراض على تقرير الخبير:
لما كان تقرير الخبرة الفنية رقم 656 لسنة 2010 المودع بملف الدعوى الماثلة، لم يبين في تقريره إجمالي عدد المحلات في عقار التداعي، ولم يبين ما إذا كانت المحلات التي يؤجرها المدعي بنفسه تمثل حصته في ملكية عقار التداعي من عدمه، وفضلاً عن مبالغته في تقدير ريع أعيان التداعي على غير أساس من حقيقة الواقع أو صحيح القانون، ناهيك عن عدم إثباته لكون عقار التداعي حكر يتم اتخاذ إجراءات إنهائه من قِبل وزارة الأوقاف، لذا فيتعين إهداره وعدم التعويل عليه عند الفصل في النزاع الماثلة.
        لا سيما وأنه من المقرر قانوناً أن عمل الخبير وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه، إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه.

·   عدم استحقاق أية فوائد قانونية على مبلغ الريع لكونه تعويضاً وبالتالي فهو غير مقدر ولا معروف سلفاً وعليه فلا يستحق أية فوائد عليه:
لما كان من المقرر قانوناً – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه: "من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الريع بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار، وتقدير هذا التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه هو من سلطة قاضي الموضوع ولا تثريب عليه إن هو استرشد في تقديره بالقيمة الإيجارية". (نقض مدني في الطعن رقم 1704 لسنة 51 قضائية - جلسة 31/1/1985. منشور بموسوعة قضاء النقض في المواد المدنية في ستين عاماً - للمستشار/ عبد المنعم دسوقي - الجزء الأول - المجلد الثاني - القاعدة رقم 5194 - صـ 1977).
ومن ثم فالريع ما هو إلا تعويض، والتعويض لا يستحق عليه أية فوائد قانونيةـ حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "تشترط المادة 226 من القانون المدني لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب، والمقصود بكون الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير، وإذ كان التعويض المطلوب هو مما يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فإن تحديده في صحيفة الدعوى لا يجعله معلوم المقدار وقت الطلب بالمعنى الذي قصده القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 542 لسنة 50 قضائية - جلسة 14/4/1983 السنة 34 ص 696. موسوعة النقض المدني - المرجع السابق - الجزء الثاني - المجلد الأول - القاعدة رقم 1278 - صـ 413).
        وطالما كان الريع تعويضاً، وكان التعويض مما يخضع للسلطة التقديرية لعدالة محكمة الموضوع، ومن ثم فإنه لا يكون معلوم المقدار وقت الطلب، وبالتالي فلا تستحق عليه أية فوائد، ويكون طلب الفوائد على مبلغ الريع المطالب به في الدعوى الماثلة قد جاء على غير سند من صحيح القانون خليقاً بالرفض.
        ومن جماع ما تقدم، تكون جميع عناصر الدعوى الماثلة قد جاءت على خلاف حقيقة الواقع وصحيح القانون جديرة بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية) على سبيل الجزم واليقين.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من عدالة المحكمة الموقرة الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:
أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى الأصلية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في المنازعات.
ثانياً- بصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة (بالنسبة للمدعي)، وعلى غير ذي صفة (بالنسبة لهيئة الأوقاف المصرية).
ثالثاً- وعلى سبيل الاحتياط الكلي:
1-   برفض طلب إلزام الهيئة بتقديم مستندات تحت يدها.
2-  برفض طلب الفوائد القانونية على مبالغ الريع.
3-   برفض دعوى المطالبة بالريع (موضوعاً).
4-   برفض دعوى المطالبة بالريع بحالتها.
وفي جميع الأحوال: بإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،

هذا، والله أعلى وأعلم،،،