الخميس، 16 أغسطس 2012

زكاة الفطر - وأهم فتاويها


زكاة الفطر
وأهم فتاويها


زكاة الفطر - مشروعية الزكاة ومقدارها
لفضيلة المفتي الشيخ/ عطية صقر - (مايو 1997)

السؤال:
متى شرعت زكاة الفطر، وما مقدارها، وما هي حكمة مشروعيتها، وهل تجب على من لم يصم رمضان؟

الجواب:
        شرعت زكاة الفطر فى السنة الثانية من الهجرة مع فرض صيام رمضان.
فقد روى البخاري وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين.
كما روى أبو داود وابن ماجه أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
ويبين الحديث الأول مقدار هذه الزكاة وهو صاع من غالب قوت البلد، وكان الغالب فى أيام النبي صلى الله عليه وسلم فى المدينة هو التمر والشعير.
وأئمة الفقه على إخراجها عينًا، لكن أبا حنيفة رأى جواز إخراج القيمة، وهى تختلف من بلد إلى بلد، ومن زمن إلى زمن.
والمقدار هو نصف صاع من القمح عن كل فرد عند أبى حنيفة. أما من الأصناف الأخرى فصاع كامل، وهو قدحان وثلث القدح، وعند الشافعية صاع من أي صنف من الأقوات وهو قدحان، وعند المالكية صاع أيضا، لكن مقداره عندهم قدح وثلث القدح بالكيل المصري، فتكفى الكيلة عن ستة أشخاص، ورأى الجمهور فى كونها صاعاً من أي قوت أقوى من رأى أبى حنيفة فى المفاضلة بين القمح وغيره، فإن معاوية هو الذى قال عند قدومه من الشام إلى الحجاز: إني أرى أن مُدَّين من سمراء الشام - أي القمح - تعدل صاعاً من تمر، فأخذ بعض الناس برأيه، لكن الأكثرين بقوا على ما كان عليه أيام النبي صلى الله عليه وسلم رواه الجماعة عن أبى سعد الخدري.
ولا مانع من الأخذ برأي أبى حنيفة فى إخراج القيمة مع مراعاة عدم التقيد بالسعر الرسمي، فإن الفقير ربما لا يستطيع أن يحصل على القوت بهذا السعر، فيؤخذ بالسعر العادي الجاري بين عامة الناس، وكلما زاد عليه كان أفضل، هذا، والصاع يساوى اثنين من الكيلو جرامات، 48 درهما، أي أربع أوقيات.
وبالنسبة لحكمة مشروعية هذه الزكاة قد أشار إليها الحديث الثاني، فهي تتمثل فى فائدتين، فائدة تعود على المزكي وفائدة تعود على من يأخذون الزكاة. أما الأولى: فهي تطهير الصائم مما عساه يكون قد وقع فيه مما يتنافى مع حكمة الصوم وأدبه، كالسباب والنظر المحرم والغيبة والتمتع بما دون الاتصال الجنسي حتى من زوجته كاللمس والقبلة، وقليل من الناس من يسلم له صومه من كل المآخذ، فتكون زكاة الفطر بمثابة جبر لهذا النقص، أو تكفير له إلى جانب المكفرات الأخرى من الاستغفار والذكر والصلاة وغيرها. وهى فى الوقت نفسه برهان على أنه استفاد من دروس الجوع والعطش رحمة بمن يعانون منهما من الفقراء والمساكين، فقد قاسى كما يقاسون، وهنا لا يجوز له أن يقسو قلبه وتجمد عاطفته عندما يرى غيره ممن لا يجد ما يسد به جوعته أو يطفئ ظمأه، يسأله شيئا من فضل الله عليه. وكأن هذه الزكاة، وهى رمز متواضع، بمثابة الرسم المفروض على الصائم ليتسلم جائزة التقدير من الله يوم العيد، كما جاء فى حديث ابن عباس بسند مقبول فى مثل هذه المواطن، حيث يشهد الله تعالى ملائكته على رضاه ومغفرته لعباده جزاء صيام رمضان وقيام لياليه. ومن قسا قلبه ولم يخرجها، على الرغم من يسرها، دل على أنه لم يستفد من دروس الصيام رحمة، وكان صيامه صياماً شكلياً قد يكون مرغماً عليه حياء، لا من الله ولكن من الناس، فهو عمل مرفوض مردود عليه، وذلك ما يشير إليه الحديث الذى رواه أبو حفص بن شاهين فى فضائل رمضان وقال: إنه حديث جيد الإسناد "صوم شهر رمضان معلَّق بين السماء والأرض ولا يرفع إلا بزكاة الفطر"، وأما الفائدة الثانية لزكاة الفطر فهي للمحتاجين إلى المعونة، وبخاصة فى يوم العيد، كي يشعروا بالفرح والسرور كما يفرح غيرهم من الناس، ولذلك كان من الأوقات المتخيرة لإخراج زكاة الفطر صبيحة يوم العيد وقبل الاجتماع للصلاة، حتى يستقبل الجميع يومهم مسرورين، ولا يحتاج الفقراء إلى التطواف على أبواب الأغنياء ليعطوهم ما يشعرهم ببهجة هذا اليوم، وقد جاء ذلك فى حديث رواه البيهقى والدارقطني "أغنوهم عن طواف هذا اليوم" ولهذه الفائدة التى تتصل بإشاعة الفرح والسرور والتخفيف عن البائسين كانت الزكاة مفروضة حتى على من لم يصم شهر رمضان لعذر أو لغير عذر، فإن كان قد قصَّر فى واجب فلا يجوز أن يقصر فى واجب آخر، وإن كان قد حرم من الفائدة الخاصة للصيام فلا يجوز أن يؤثر ذلك على واجبه الاجتماعي.  

.......................................

زكاة الفطر – تقديرها بالمعايير الحديثة
لفضيلة المفتي الشيخ/ عطية صقر - (مايو 1997)

السؤال:
        نقرأ فى كتب الفقه أن الزكاة يقدر نصابها بالمكاييل والأوزان القديمة فهل يمكن أن نعرف ذلك بالمعايير الحديثة؟

الجواب:
فى حديث رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة، ولا فى أقل من خمسة من الإبل الذود صدقة، ولا فى أقل من خمس أواق من الورق صدقة" والذود من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر.
وفى حديث رواه البخاري وغيره أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير.
والأوسق جمع وسق، والوسق ستون صاعاً، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث - بالرطل العراقي - وهو 130 درهماً، فيكون المد 174 درهماً، ويكون الصاع بالدراهم 696 درهماً.
والصاع يقدر بالكيلو جرام هكذا : الصاع يساوى 696 درهماً، والكيلو جرام يساوى 324 درهماً، وبقسمة دراهم الصاع وهو 696 على دراهم الكيلو جرام وهى 324 يساوى الصاع اثنين من الكيلو جرامات، 48 درهماً. أي أربع أوقيات.
والوسق ستون صاعاً فى 2 من الكيلو جرامات وأربع أوقيات فيكون الوسق 129 كيلو جراماً تقريباً، والنصاب وهو خمسة أوسق يضرب فى 129 كيلو جراماً فيكون 645 كيلو جراماً.
وهذا هو الذى عليه العمل الآن بمصر بالنسبة لغالب الحبوب كالقمح وتقدير النصاب بالكيل المصري هو خمسون كيلة، أي أربعة أرادب وكيلتان.
وبالنسبة للنقود المعبر عنها فى الحديث بالورق أي الفضة، وهى تقدر بالدراهم، فالنصاب خمس أواق والأوقية أربعون درهماً، كما ثبت فى كتب السنة فيكون النصاب مائتي درهم، أي حوالي ستمائة جرام، وجاء فى بعض التقديرات أنه ستمائة وأربعة وعشرون جراماً.
هذا فى نصاب الفضة، أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالاً، يساوى بالجرامات حوالي خمسة وثمانين جراماً. وهذا التقدير تقريبي، وذلك لكثرة الاختلاف بين الأوزان فى البلاد وعلى توالي العصور، وقد جاء فى بعض التقديرات أنه سبعة وثمانون جراماً. والفروق البسيطة فى الوزن أو الكيل ينبغي أن يؤخذ فيها بالأحوط، ليطمئن الإنسان على إبراء ذمته من هذه الحقوق التى كثر الوعيد فى عدم الوفاء بها.

.......................................

زكاة الفطر – هل يجوز إخراج القيمة
لفضيلة المفتي الشيخ/ عطية صقر - (مايو 1997)

السؤال:
هل يجوز إخراج القيمة بدل العين فى الزكاة؟

الجواب:
الزكاة واجبة فى أصناف حددها القرآن والسنة، حدد أوعيتها كما حدد مقاديرها ومن أوعيتها الإبل والبقر والغنم والزروع والثمار، فهل تخرج الزكاة من جنس هذه الأوعية، أو يجوز إخراج قيمتها نقداً أو من نوع آخر؟.
جمهور الفقهاء على أن الزكـاة تخرج من جنس المال المزكي، لكن أبا حنيفة أجاز إخراج القيمة بدل العين، كما أجـازه مالك في رواية، وكذلك الشافعي فى قول له، وفى قول آخر هو مخير بين الإخراج من قيمتها وبين الإخراج من عينها.
ومن الأدلة على ذلك:
1- أن زكاة الإبل قد تخرج من غيرها، وهى الغنم، ففي خمس من الإبل شاة، وفى عشر شاتان، كما هو معروف.
2- النص على جواز القيمة النقدية أو نوع آخر فى حديث البخاري: "من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده الجذعة، وعنده الحقة فإنه يؤخذ منه وما استيسرتا من شاتين أو عشرين درهما".
3- ما رواه الدارقطني وغيره أن معاذ بن جبل قال لأهل اليمن: "أتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم مكان الذرة والشعير فى الصدقة، فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة". والخميس هنا هو الثوب الذى طوله خمسة أذرع ويقال سمي بذلك لأن أول من عمله هو الخمس أحد ملوك اليمن، ولم يثبت أن النبي أنكر عليه أن يأخـذ القماش بدل الذرة والشعير.
4- قول النبي صلى الله عليه وسلم فى زكاة الفطر: "أغنوهم عن سؤال هذا اليوم" رواه البيهقى، أراد أن يغنوا بما يسد حاجتهم، فأي شيء سد حاجتهم جاز.
5-   قول اللَّه تعالى {خذ من أموالهم صدقة} التوبة-103، ولم يخص شيئاً من شيء.
هذه هي أدلة جواز إخراج القيمة بدل العين فى الزكاة كما ذكـرها القرطبي فى تفسيره "جـ 8 – صـ 175"
أورد دليل الرواية الثانية عن مالك بعدم الجواز- وهو ظاهر المذهب - بأن الحديث يقول "فى خمس من الإبل شاة، وفى أربعين شاة شاة" وقال القرطبي: نص على الشاة، فإذا لم يأت بها لم يأت بمأمور به، وإذا لم يأت بمأمور به فالأمر باق عليه. ونوقش هذا الدليل بأنه قد يظهر فى أخذ شاة عن أربعين شاة، ولكن لا يظهر فى أخذ شاة عن خمس من الإبل، فالجنس مختلف وقد يُردُّ ذلك بأن الجنس واحد وهو الأنعام ولا يضر اختلاف النوع، فيؤخذ من الغنم بدل الإبل. والاستدلال ضعيف لا يقوى أمام أدلة المجيزين، وبخاصة الدليل الثاني والثالث، حيث النص فى الأول على البدل وهو شاتان وعلى القيمة "أو عشرين درهما" وفى الثاني على البدل وهو القماش بدل الحبوب. فما استيسر من أي شيء بَدَلَ ما نص عليه فلا مانع منه، لأنه صدقة خرجت من ماله لا تنقص عن قيمة ما نص عليه، وقد تكون القيمة أنفع للفقير أو من يستحق الزكـاة، والزكـاة فى عروض التجارة تكون من القيمة، لأنها تقوم عند آخر الحول، ودليله ما رواه أحمد وأبو عبيد عن أبى عمرو بن حماس عن أبيه قال: أمرني عمر رضي اللَّه عنه فقال "أدِّ زكاة مالك. فقلت: ما لي مال إلا جِعَابٌ وأَدَم، فقال: قومها ثم أدِّ زكاتها". والجعاب جمع جَعْبة، وهى كنانة النبال أي كيسها، والأدم هو الجلد، يقول صاحب المغنى "جـ 3 – صـ 58"، وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر فيكون إجماعاً.
وأجاز أبو حنيفة إخراج الزكاة من عين السلع كسائر الأموال. وبناء على هذه الأقوال أرى أن يراعى مصلحة المزكي فى تجارته الراكدة فيجـوز أن يخرجها من السـلع، وقد أشـار ابن تيمية فى فتاويه "جـ 1 – صـ 299" إلى مراعاة المصلحة والدين يـسر، وحيث توجد المصلحة فثم شرع اللَّه.

.......................................

زكاة الفطر – موعد إخراجها
لفضيلة المفتي الشيخ/ عطية صقر - (مايو 1997)

السؤال:
        لا يوجد فى البلد الذى أعمل فيه فقراء يستحقون الزكاة يوم العيد، وقد أكون فى بلدي قبل يوم العيد وفيها فقراء، فهل يجوز أن أدفع إليهم الزكاة قبل يوم العيد؟

الجواب:
يجوز إخراج زكاة الفطر من أول يوم من رمضان على ما رآه الشافعية، ويجوز أن تؤدى قبل يوم العيد بيوم أو يومين عند بعض الأئمة، بل يجوز ذلك قبل رمضان، أخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ... إلى أن قال: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين.
ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد. والأفضل إخراجها قبل صلاة العيد، لما روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. وفى حديث الدارقطني: أغنوهم عن الطواف فى هذا اليوم، أي أغنوا الفقراء عن الطواف والسعي فى الأسواق ونحوها بطلب الرزق فى هذا اليوم، وهو يوم العيد، وذلك بإعطائهم الزكاة.
وحرمة التأخير عن يوم العيد محلها إذا وجد المستحقون لها ولم يكن هناك غائبون أولى منهم، فإذا عدموا، أو كان هناك غائب أولى كالأرحام مثلا فلا يحرم التأخير.

.......................................

زكاة الفطر – التوكيل والإنابة في صرف الزكاة
لفضيلة المفتي الشيخ/ عبد المجيد سليم - (أكتوبر 1939)

السؤال:
نظرا لاقتراب موسم الزكاة لعيد الفطر رأت وزارة الشئون الاجتماعية أن تبادر بإنشاء صندوق فى مستودع أمين تودع فيه أموال الزكاة التى يدفعها المسلمون فى هذه المناسبة بدون فوائد. وطلبت الإفادة عما إذا كان فى إيداع هذه الأموال فى مصرف كبنك مصر ما يؤدى الغرض المقصود من أداء هذه الفريضة وما هي الوجوه التى تنفق فيها هذه الأموال لتكون متفقة مع مقتضيات هذه الفريضة حتى تسترشد بها اللجنة المشرفة على هذا الصندوق وعلى وجوه صرف أمواله.

الجواب:
اطلعنا على كتاب عزتكم ونفيد أنه لا يجب عند الحنفية أن تعطى صدقة الفطر من الحبوب ولا من سائر أنواع الطعام بل يجوز أن تعطى من النقود بل ذلك أفضل لما قالوه من أن دفعها نقوداً أعون على دفع حاجة الفقير لاحتمال أنه يحتاج غير الحنطة مثلا من ثياب ونحوها. هذا ولا مانع أن يأخذ الناس فى هذا الموضوع بمذهب أبى حنيفة لما فيه من التيسير على الفقراء وأرباب الحاجات.
ولا يجب عند الأئمة الأربعة أن يدفع من وجبت عليه صدقة الفطر بنفسه إلى مستحقها بل يجوز أن يعطيها لولي الأمر أو لنائبه ليصرفها فى مصارفها، فقد جاء فى رد المحتار نقلا عن الرحمتي عند قول المصنف - ولا يبعث الإمام على صدقة الفطر ساعياً - ما نصه: "في الحديث الصحيح أنه جعل أبا هريرة على صدقة الفطر فكان يقبل من جاء بصدقته - قال ابن عابدين - قلت فالمراد أنه لا يبعث عاملاً كعامل الزكاة يذهب إلى القبائل بنفسه فلا ينافي ما فى الحديث. تأمل". انتهت عبارة رد المحتار.
فالمأخوذ من هذا أنه يجوز عند الحنفية أن تدفع هذه الزكاة إلى نائب ولي الأمر وهو الآن وزارة الشئون الاجتماعية التى نيط بها بمقتضى المرسوم الصادر فى 5 رجب 1358 هجرية - 2 أغسطس 1939 ميلادية تنظيم أعمال البر والإحسان ليصرفها فى مصرفها الشرعي.
والحديث المشار إليه فى العبارة المذكورة رواه البخاري فى كتاب فضائل القرآن. وفى كتاب الوكالة وفى صفة أبليس من صحيحه وقد ذكره ابن كثير عند تفسيره لآية الكرسي.
هذا مذهب الحنفية، وقد نص فى مذهب الإمام مالك على أنه يندب دفعها للإمام العدل (أي ولي الأمر العدل) بل ذكروا أن ظاهر المدونة وجوب دفعها للإمام العدل. وقد روى عن الإمام أحمد أنه قال أما صدقة الفطر فينبغي دفعها إلى السلطان. والمأخوذ من شرح المهذب للإمام النووي فى مذهب الإمام الشافعي أنه يجوز دفع زكاة الأموال الباطنة ومنها صدقة الفطر إلى الإمام وأن الأفضل هو دفعها إليه إذا كان عدلاً وهو المذهب عندهم والأصح. وقد علل هذا بأنه بدفعها للإمام يتيقن سقوط الفرض به بخلاف تفريق المزكي لها بنفسه لأنه قد يصادف غير المستحق ولأن الإمام أعرف بالمستحقين وبالمصالح وبقدر الحاجات وبمن أخذ قبل هذه المرة من غيره. والخلاصة أنه لا خلاف بين الأئمة الأربعة فى جواز دفع صدقة الفطر، إلى الإمام أو عماله ليتولوا صرفها فى جهاتها الشرعية بل ذلك أفضل كما نص عليه فى مذهب الإمام الشافعي وكما يؤخذ مما روى عن الإمام أحمد وهو مندوب إليه فى مذهب الإمام مالك وهو مقتضى ما كان يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من جعل أبى هريرة على صدقة الفطر ومن عرف المصلحة التى يراد تحصيلها والتي من أجلها يراد جمع هذه الصدقة وتفريقها على ذويها بنظام يكفل تقديم الأحوج على غيره فى الصرف إليه لا يرتاب فى أن الدفع إلى نائب الإمام أفضل وأولي فى الشريعة الإسلامية التى كلها مصلحة وعدل أما مصارف هذه الزكاة فهم الفقراء على اختلاف أنواعهم وابن السبيل وهو المسافر الذى لا مال معه أو له مال فى وطنه لا يتيسر له الحصول عليه فى الحال ويلحق به من كان له مال على غائب أو معسر أو جاحد له. ولا يلزم إعطاء الكل ويقدم الأحوج على غيره بحسب ما يتبين للجنة التى تشكل لذلك من التحري ممن يوثق به.
هذا ولا مانع شرعاً من جمع هذه الصدقة فى مصرف بغير فوائد متى لم يظن التصرف فيها تصرفاً لا يجوز شرعاً. وبما ذكر علم الجواب عما طلب منا والإجابة عنه واللّه سبحانه وتعالى أعلم.

.......................................

زكاة الفطر – لا تسقط إلا بالأداء
لفضيلة المفتي الشيخ/ جاد الحق علي جاد الحق (أبريل 1979)

السؤال:
        بالطلب المقدم من السيد/ أ. م. ع. المصري الذى يعمل بالسعودية المتضمن أن السائل صام شهر رمضان الماضي بالسعودية، وذهب فى الأسبوع الأخير منه إلى مكة وقام بأداء العمرة - وأراد إخراج زكاة الفطر. فسأل أحد السعوديين عن كيفية إخراجها فقال له أخرجها ليلة العيد، وقبل العيد بيوم ذهب السائل إلى الرياض لقضاء عطلة العيد مع صديق له مصري سبقه بعام للملكة السعودية، وفى الساعة الثانية عشر مساء ليلة العيد علم السائل أن العيد سيكون صباح اليوم التالي فسأل صديقه المصري أين يخرج الزكاة فقال له عند ذهابنا لصلاة العيد فى الخلاء ستجد كثيرين جالسين فى الطريق لأخذ الزكاة من الناس فتعطى منهم من تشاء. وفى الصباح ذهب للصلاة ولكنه فوجئ بعدم وجود أحد فى الطريق إطلاقا، ونتج عن هذا عدم إخراج الزكاة المقررة. وطلب السائل بيان الحكم الشرعي فى هذا الموضوع. وهل يخرج الزكاة أم أنها أسقطت عنه وهل تجب كفارة عليه أم ماذا يصنع.

الجواب:
المقرر فى فقه الحنفية أن زكاة الفطر تجب بطلوع فجر يوم العيد (عيد الفطر) ويستحب للناس أن يخرجوا هذه الزكاة صباح يوم الفطر قبل صلاة العيد، أغناء للفقراء والمساكين فى يوم العيد عن السؤال، فإن قدموها قبل يوم الفطر جاز، وإن أخروها عن يوم الفطر لم تسقط عنهم وكان واجباً عليهم إخراجها، لأنها قربة مالية تثبت بالذمة فلا تسقط بعد الوجوب إلا بأداء كالزكاة، وهذا باتفاق فقهاء المذاهب وعلى هذا فيجب على السائل شرعاً أن يخرج زكاة الفطر الواجبة عليه، لأنها صارت ديناً فى ذمته. والظاهر من السؤال أن تأخيره فى دفعها لمستحقيها كان بعذر فنرجو ألا يأثم فى ذلك. ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم.

.......................................

زكاة الفطر – هل يجوز إعطائها لكافر
لفضيلة المفتي الشيخ/ عطية صقر - (مايو 1997)

السؤال:
عندنا جار فقير لكنه غير مسلم فهل يجوز أن أعطيه من الزكاة؟

الجواب:
        اتفقت الأئمة على عدم جواز إعطاء الزكاة لغير المسلمين، فيما عدا المؤلفة قلوبهم - وهم الذين يرجى إيمانهم أو يخشى شرهم، وإن كان هناك خلاف فى وجودهم الآن وفى جواز إعطائهم إن كانوا - والدليل على عدم إعطاء الكفار من الزكاة قول النبي صلى الله عليه وسلم {صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم} فى حديث معاذ لما أرسله إلى اليمن. والمقصود بهم أغنياء المسلمين وفقراؤهم دون غيرهم، رواه البخاري ومسلم.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئا، واختلفوا فى زكاة الفطر فجوزها أبو حنيفة، وعن عمرو بن ميمون وغيره أنهم كانوا يعطون منها الرهبان، وقال مالك والليث وأحمد وأبو ثور لا يعطون، ونقل صاحب البيان عن ابن سيرين والزهري جواز صرف الزكاة إلى الكفار "المجموع للنووي – جـ 6 – صـ 246"، لكن صدقة التطوع يجوز أن يعطى منها غير المسلم، لما صح من إجازة النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبى بكر أن تبر أمها وكانت مشركة وقال لها "صِلى أمك" ويؤيد هذا قوله تعالى :{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم} الممتحنة- 8. وقال تعالى : {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً} الإنسان-8، فالآية مطلقة والأسير بالذات قد يبقى على دينه ولا يسلم، قالوا: ومنه إعطاء عمر صدقة لليهودي الذى وجده يسأل.
وأختار: أنه لا يجوز لك أيها السائل أن تعطى من زكاتك لغير المسلم ويجوز أن تساعده بصدقة تطوع، رعاية لحق الجوار.

.......................................

زكاة الفطر – عن الزوجة غير المسلمة
لفضيلة المفتي الشيخ/ عطية صقر - (مايو 1997)

السؤال:
        تزوج مسلم مسيحية وله منها أولاد، هل يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عنها؟

الجواب:
زكاة الفطر يجب على الرجل أن يخرجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم ومنهم الزوجة، والزوجة غير المسلمة وإن وجبت على الزوج نفقة الزوجية لها باتفاق العلماء فإن إخراج زكاة الفطر عنها فيه خلاف، فالجمهور من الأئمة وهم مالك والشافعي وأحمد يرون عدم وجوب إخراجها، لأنها لم تجب عليها أصلا لعدم إسلامها، بناء على الرأي القائل بأن الكافر غير مكلف بفروع الشريعة، وللحديث: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على كل حر وعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين". ولأن من حكم زكاة الفطر أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث كما رواه أبو داود بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما، والكافر لم يصم فلا معنى لتطهير الزكاة له. والقيد المذكور فى الحديث وهو "من المسلمين" يحتمل أن يقصد به المؤدَّى عنه وليس المؤدَّى، فلا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطر عن عبده غير المسلم مع وجوب نفقته عليه، وكذلك عن زوجته غير المسلمة "المغنى لابن قدامة – جـ 2 – صـ 646 و 647".
ويرى أبو حنيفة وأصحاب الرأي إخراج الزكاة عن الابن الصغير إذا ارتد - مع مراعاة أن الردة تكون من المكلف البالغ - كما يخرجها عن عبده الذمي، أي غير المسلم، بناء على وجوب إنفاق الوالد على ولده الصغير، وإنفاق السيد على عبده. ورووا فى ذلك حديثا يقول "أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير يهودي أو نصراني أو مجوسي نصف صاع من بر" ورد عليهم الجمهور برفض هذا الحديث، حيث لم يذكره أصحاب الدواوين وجامعو السنن. وقد يقال: إن زكاة الفطر إن لم تكن طهرة للصائم من اللغو والرفث - والكافر لم يصم - فهي طعمة للمساكين كما نص عليه حديث أبى داود، فتخرج عمن لم يصم كأصحاب الأعذار ومنهم الكفار كالزوجة والعبد، ويرد عليه بأن المسلم إذا لم يصم - ولو بغير عذر - مكلف بأمرين، الصيام والزكاة، فإذا قصر فى أحدهما طولب بالآخر.
فالخلاصة أن الزكاة عن الزوجة غير المسلمة غير واجبة على رأى الجمهور، وواجبة عند أبى حنيفة وأصحابه "كفاية الأخبار – جـ 1 – صـ 173".

.......................................

زكاة الفطر – سقوطها على الزوجة الناشز
لفضيلة المفتي الشيخ/ عطية صقر - (مايو 1997)

السؤال:
        هل يجب على الزوج أن يخرج زكاة الفطر عن زوجته الناشز؟

الجواب:
قال جمهور الفقهاء: إن الزوج يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تجب عليه نفقتهم، ومنهم الزوجة ما دامت الزوجية قائمة حقيقة أو حكماً كالمطلقة، وأبو حنيفة لا يوجب هذه الزكاة على الزوج، فهي التى تخرج زكاتها، لكن لو تبرع هو بإخراجها عنها أجزأت ولو كان ذلك بغير إذنها.
فإذا لم تكن الزوجية قائمة بسبب الموت أو الفراق فللنفقة أحكام مذكورة فى مواضعها، لكن النفقة تسقط بالنشوز، الذى يتحقق بأحد أمرين: امتناعها عن تمتع الزوج بها، وخروجها من منزل الزوجية بغير إذنه وبغير ضرورة.
وزكاة الفطر تابعة للنفقة، وفى وجوبها خلاف، فقد تجب النفقة ولا تجب الزكاة (كأن تكون الزوجة غير المسلمة) ، لكن إذا سقطت النفقة سقطت زكاة الفطر إذا كان النشوز فى وقت وجوب الزكاة، وهو آخر ليلة من رمضان أو أول يوم من شوال. وعلى الزوجة أن تخرج زكاتها هي عن نفسها حينئذ.

.......................................

زكاة الفطر – هل يجوز نقلها لبلد آخر
لفضيلة المفتي الشيخ/ عطية صقر - (مايو 1997)

السؤال:
        أنا أعيش فى بلد مستوى المعيشة فيه مرتفع، ويقل أو يندر أن يكون فيه فقير يستحق الزكاة، فهل يجوز أن أدفعها إلى أقاربي المحتاجين في بلد آخر؟

الجواب:
روى الجماعة أن الني صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن قال فيما قال له "فإن هم أطاعوك فأعلمهم أن اللّه تعالى افترض عليهم صدقة فى أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم".
وروى أبو داود وابن ماجه عن عمران بن حُصين أنه استُعمل على الصدقة فلما رجع قيل له: أين المال؟ قال: وللمال أرسلتني، أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ووضعناه حيث كنا نضعه".
وروى الترمذي وحسَّنه أن أبا جُحيفة قال: قدم علينا مصدِّق رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي عامله على الصدقة)، فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها فى فقرائنا.
استدل الفقهاء بهذه المرويات على أنه يشرع صرف زكاة كل بلد في فقراء أهله، واختلفوا في نقلها إلى بلد آخر، بعد إجماعهم على أنه يجوز نقلها إلى من يستحقها إذا استغنى أهل بلد الزكاة عنها.
فقال الحنفية: يكره نقلها، إلا إذا كان النقل إلى ..
-       قرابة محتاجين، لأن فى ذلك صلة رحم،
-       أو إلى جماعة هم أشد حاجة من فقراء البلد،
-       أو كان النقل أصلح للمسلمين،
-       أو كان من دار حرب إلى دار إسلام،
-       أو كان النقل إلى طالب علم،
-       أو كانت الزكاة معجلة قبل أوان وجوبها وهو تمام الحول،
ففي جميع هذه الصور لا يكره النقل.
والشافعية قالوا: لا يجوز نقل الزكاة من بلد فيه مستحقون إلى بلد آخر، بل يجب صرفها فى البلد الذى وجبت فيه على المزكي بتمام الحول، فإذا لم يوجد مستحقون نقلت إلى بلد فيه مستحقون. وحجتهم فى ذلك حديث معاذ المذكور، والذي ذكره أبو عبيد أن معاذاً قدم من اليمن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فرده عمر، ولما بعث إليه بجزء من مال الزكاة لم يقبله ورده أكثر من مرة مع بيان معاذ أنه لا يوجد عنده من يأخذها.
والمالكية لا يجيزون نقلها إلى بلد آخر إلا إذا وقعت به حاجة فيأخذها الإمام ويدفعها إلى المحتاجين، وذلك على سبيل النظر والاجتهاد كما يعبِّرون.
والحنابلة لا يجيزون نقلها إلى بلد يبعد مسافة القصر، بل تصرف في البلد الذى وجبت فيه وما يجاوره فيما دون مسافة القصر. يقول ابن قدامة الحنبلي: إن خالف ونقلها أجزأته في قول أكثر أهل العلم، وإذا كان الشخص في بلد وماله في بلد آخر صرفت في بلد المال لامتداد نظر المستحقين إليه، ولو تفرق ماله فى عدة بلاد أدى زكاة كل مال في بلده.
وهذا الحكم فى زكاة المال، أما فى زكاة الفطر فتوزع فى البلد الذى وجد فيه المزكي حين وجبت عليه، لأنها زكاة عن شخصه لا عن ماله.
ومن هنا أقول لصاحب السؤال: إذا وجد مستحق للزكاة فى البلد الذى يعيش فيه صرفت إليه على رأى جمهور الفقهاء، ولا يجوز نقلها إلى أقاربه المحتاجين، أما أبو حنيفة فيجيز النقل للمبررات المذكورة ومنها صلة الرحم، أو شدة الحاجة، ولا مانع من الأخذ برأيه، فهو ينظر إلى المصلحة الراجحة "المغنى لابن قدامة – جـ 2 – صـ 531 و 532 و نيل الأوطار للشوكاني جـ 4 – صـ 161".

.......................................

زكاة الفطر – الزيادة فيها
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/370)

السؤال:
هل زكاة الفطر محدودة بأن أكيل لكل شخص من أفراد عائلتي صاعاً واحداً بدون تزويد إنني أقصد بالزيادة الصدقة ليس احتياطاً عن نقص الصاع، ودون أن أخبر الفقير الذي أدفعها له بتلك الصدقة، مثل: عندي عشرة أشخاص ثم اشتريت كيس أرز يزن خمسين كيلواً ثم دفعتها كلها زكاة فطر عن هؤلاء العشرة بدون عدها بالأصواع؛ لأنني أعرف بأنها تزيد عنهم بعشرين كيلو أو أكثر، جاعلاً الزيادة صدقة، ثم إنني لا أخبره بأن هذه الزيادة صدقة، بل أقول: خذ زكاتنا، فهو لا يعلم أن ذلك الكيس فيه زيادة عن الزكاة فيأخذها راضياً بها. فما الحكم في ذلك.

الجواب:
زكاة الفطر صاع من البر أو التمر أو الأرز ونحوها من قوت البلد للشخص الواحد، ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً، ولا حرج في إخراج زيادة في زكاة الفطر كما فعلت بنية الصدقة ولو لم تخبر بها الفقير.

.......................................

زكاة الفطر - تأخيرها عن وقتها
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/372)

السؤال:
كنت في سفر ونسيت دفع الفطرة وكان السفر ليلة 27/9 ولم نخرج الفطرة حتى الآن.

الجواب:
إذا أخر الشخص زكاة الفطر عن وقتها وهو ذاكر لها أثم وعليه التوبة إلى الله والقضاء؛ لأنها عبادة فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة، وحيث ذكرت عن السائلة أنها نسيت إخراجها في وقتها فلا إثم عليها، وعليها القضاء، أما كونها لا إثم عليها فلعموم أدلة إسقاط الإثم عن الناسي، وأما إلزامها بالقضاء فلما سبق من التعليل.

.......................................

زكاة الفطر - إخراج الزكاة عن العمال
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/372)

السؤال:
عندنا مصنع ومزرعة فيها عمال ويتقاضون أجرة فهل لنا أن نصرف الفطرة عنهم أم يصرفونها هم عن أنفسهم؟

الجواب:
العمال الذين يتقاضون أجرة مقابل ما يؤدونه من عمل في المصنع والمزرعة هم الذين يخرجون زكاة الفطر عن أنفسهم؛ لأن الأصل وجوبها عليهم. فلا يلزمك إخراجها عنهم.

.......................................

زكاة الفطر - حكم شراء طعام زكاة الفطر قبل مدة
الشيخ محمد بن صالح العثيمين

السؤال:
مركز إسلامي في بلاد الغرب يقوم بشراء كميات من الطعام كالرز مثلاً قبل العيد بعشرة أيام مثلاً ثم يعلن عن استعداده أخذ مبالغ من المسلمين لزكاة الفطر، ثم يخرجها عنهم، وذلك لأنه لا يتمكن من شراء الكمية إذا أخذ الأموال قبل العيد بيوم أو يومين فما حكم ذلك؟

الجواب:
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
لا باس أن يشتري المركز الطعام قبل مدة ثم يبيعه على الراغبين في شراء زكاة الفطر ثم تخرج في وقتها الشرعي.

 
.......................................

زكاة الفطر - لمن تدفع زكاة الفطر
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
يطلب رجال زكاة الفطر بالأسواق، ولا نعرف أهم متدينون أم لا؟ وآخرون حالهم زينة، والذي يجيئهم من الزكاة ينفقونه على أولادهم، وبعضهم يتسلم راتب ولكنهم ضعفاء دين، فهل يجوز دفعها لهم أم لا؟

الجواب:
        تدفع زكاة الفطر لفقراء المسلمين وإن كانوا عصاة معصية لا تخرجهم من الإسلام، والعبرة في فقر من يأخذها حالته الظاهرة، ولو كان في الباطن غنياً، وينبغي لدافعها أن يتحرى الفقراء الطيبين بقدر الاستطاعة، وإن ظهر أن آخذها غني فيما بعد فلا يضر ذلك دافعها، بل هي مجزئة والحمد لله.

.......................................

زكاة الفطر – عن الجنين
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/366)

السؤال:
هل الطفل الذي ببطن أمه تدفع عنه زكاة الفطر أم لا؟  

الجواب:
يستحب إخراجها عنه لفعل عثمان رضي الله عنه ولا تجب عليه لعدم الدليل على ذلك.

.......................................

زكاة فطر - مغتربون ولا يعرفون الفقراء جيداً،
فهل يخرجون زكاة الفطر في بلد آخر
فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 369 و 370)

السؤال:
نحن السعوديون في أوروبا لا نعرف الفقراء جيداً ووجدنا شخصاً ثقة - إن شاء الله - ولكنه يقول أعطوني المال وسوف أشتري ببعضه أرزاً وأدفعه للفقراء وأعطي بعضه نقداً لهم واحتج بأن عددنا يفوق 500 شخص ويصعب عليه شراء كميات كبيرة لصعوبة حملها ولأن الفقراء قد لا يرغبون إلا في النقد لأنهم يستفيدون منه أكثر من الأرز فهل نعطيه أم نوكل إخواننا في السعودية ليخرجوها عنا؟

الجواب:
ذهب جمهور العلماء (منهم مالك والشافعي وأحمد) إلى أنه لا يجوز دفع زكاة الفطر قيمة، بل الواجب أن تخرج طعاماً كما فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى البخاري (1504) ومسلم (984) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: يقول كثير من الفقراء الآن إنهم يفضلون زكاة الفطر نقوداً بدلاً من الطعام؛ لأنه أنفع لهم ، فهل يجوز دفع زكاة الفطر نقوداً؟
فأجاب: "الذي نرى أنه لا يجوز أن تدفع زكاة الفطر نقوداً بأي حال من الأحوال، بل تدفع طعاماً، والفقير إذا شاء باع هذا الطعام وانتفع بثمنه، أما المزكي فلابد أن يدفعها من الطعام، ولا فرق بين أن يكون من الأصناف التي كانت على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، أو من طعام وجد حديثاً، فالأرز في وقتنا الحاضر قد يكون أنفع من البر؛ لأن الأرز لا يحتاج إلى تعب وعناء في طحنه وعجنه وما أشبه ذلك، والمقصود نفع الفقراء، وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: (كنا نخرجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر، والشعير، والزبيب، والأقط) فإذا أخرجها الإنسان من الطعام فينبغي أن يختار الطعام الذي يكون أنفع للفقراء، وهذا يختلف في كل وقت بحسبه.
وأما إخراجها من النقود أو الثياب، أو الفرش، أو الآليات فإن ذلك لا يجزئ، ولا تبرأ به الذمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، انتهى. مجموع فتاوى ابن عثيمين.
وعلى هذا فإن كان هذا الشخص ثقة فإنكم تشترطون عليه أن يخرجها كلها طعاماً، فإن لم يقبل فإنكم تخرجون منها ما تستطيعون في فقراء البلد الذي تقيمون فيه، ثم لا حرج عليكم في نقل باقي الزكاة إلى بلد آخر، ولا يشترط أن يكون إلى بلدكم الأصلي، بل كلما نقلت إلى بلد أهله أكثر حاجة وفقراً، أو إلى أقاربكم كان أولى.
ولا بأس بنقل الزكاة إلى بلد آخر للحاجة، كما لو نقلت إلى بلد فيه أقارب المزكي، أو بلد أهله أشد حاجة.
سئل الشيخ ابن عثيمين: هل يزكي المغترب عن أهله زكاة الفطر، علماً بأنهم يزكون عن أنفسهم؟
فأجاب: "زكاة الفطر وهي صاع من طعام، من الرز، أو البر، أو التمر، أو غيرها مما يطعمه الناس يخاطب بها كل إنسان بنفسه، كغيرها من الواجبات، لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) ، فإذا كان أهل البيت يخرجونها عن أنفسهم فإنه لا يلزم الرجل الذي تغرب عن أهله أن يخرجها عنهم، لكن يخرج عن نفسه فقط في مكان غربته إن كان فيه مستحق للصدقة من المسلمين، وإن لم يكن فيه مستحق للصدقة وكّل أهله في إخراجها عنه ببلده، والله الموفق". انتهى.
وسئل أيضاً: ما حكم نقل زكاة الفطر إلى البلدان البعيدة بحجة وجود الفقراء الكثيرين؟
فأجاب: "نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم يكن عنده أحد من الفقراء فلا بأس به، وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد من يتقبلها فإنه لا يجوز". انتهى.
وهذه فتوى جامعة لعلماء اللجنة الدائمة تجمع هذه المسائل وزيادة: "مقدار زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط أو طعام، ووقتها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد، ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة، وتعطى فقراء المسلمين في بلد مخرجها، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة، ويجوز لإمام المسجد ونحوه من ذوي الأمانة أن يجمعها ويوزعها على الفقراء؛ على أن تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد، وليس قدرها تابعاً للتضخم المالي، بل حدَّها الشرع بصاع، ومن ليس لديه إلا قوت يوم العيد لنفسه ومن يجب عليه نفقته، تسقط عنه، ولا يجوز وضعها في بناء مسجد أو مشاريع خيرية".

.......................................

زكاة الفطر – مكان إخراجها
فتاوى اللجنة الدائمة

السؤال:
        أنا شاب أعيش في الكويت ولكني أعالج ابنتي في أمريكا وصمت رمضان في أمريكا هل يلزمني إخراج زكاة الفطر في أمريكا أو أوكل أهلي في الكويت يؤدونها عني؟ وما حكم إخراج زكاة الفطر نقوداً.علما أنهم في أمريكا يزكون نقودا لا قوتاً؟

الجواب:
        ذكر العلماء رحمهم الله أن زكاة الفطر متعلقة بالبدن لا بالمال، فتخرج في المكان الموجود فيه الشخص ليلة العيد.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/134): "فأما زكاة الفطر فإنه يخرجها في البلد الذي وجبت عليه فيه، سواء كان ماله فيه أو لم يكن" انتهى.
وأما إخراج زكاة الفطر نقوداً، فالواجب أن تخرج طعاماً، وأن إخراجها نقودا لا يجزئ.
فعليك أن تسعى في إخراجها طعاماً، فإن أبى الفقير أخذ الطعام وطلب النقود، فلا حرج عليك من إخراجها نقوداً في هذه الحالة للحاجة أو الضرورة.

.......................................

زكاة الفطر - هل على الفقير وأهله زكاة الفطر
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
إنسان فقير يعول عائلة مكونة من أمه وأبيه وأولاده، ويدركه عيد الفطر، وليس عنده إلا صاع من الطعام فمن يخرجه عنه؟

الجواب:
إذا كان الأمر كما ذكره السائل من حال الفقير المسئول عنه؛ فإنه يخرج الصاع عن نفسه إذا كان فاضلاً عن قوته وقوت من يعول يوم العيد وليلته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) رواه البخاري ومسلم.
أما من يعولهم السائل فإذا لم يكن لديهم شيء يزكون به عن أنفسهم فتسقط لقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) البقرة-286، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صدقة إلا عن ظهر غنى) رواه البخاري ومسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).

.......................................

زكاة الفطر - هل هناك دعاء عند إخراج زكاة الفطر
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل من قول معين يقال عند إخراج زكاة الفطر، وما هو؟  

الجواب:
لا نعلم دعاء معيناً يقال عند إخراجها.

.......................................

زكاة الفطر - هل يعطي زكاة الفطر لشخص واحد أم يوزعها
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – (الفتوى رقم - 1204)

السؤال:
هل زكاة الفطر للشخص الواحد، لا يجوز توزيعها بل تعطى لشخص واحد؟

الجواب:
يجوز دفع زكاة الفطر عن النفر الواحد لشخص واحد، كما يجوز توزيعها على عدة أشخاص.

.......................................

زكاة الفطر - الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل الزكاة المفروضة علي المسلم التي في الأركان الخمسة غير زكاة رمضان؟

الجواب:
نعم، الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة غير الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان.
فالأولى هي زكاة المال لا تجب إلا في أصناف معينة من المال وهي:
1- بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم).
2- الذهب والفضة، ومثلهما الآن الأوراق النقدية.
3- عروض التجارة.
4- الخارج من الأرض وهذا يشمل شيئين:
الأول: الزروع والثمار. وأجمع العلماء على وجوبها في أربعة أصناف وهي: القمح والشعير والتمر والزبيب. واختلفوا فيما عدا هذه الأصناف الأربعة.
الثاني: الركاز وهو مال الكفار المدفون بالأرض الذي يجده مسلم.
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/10) عن ابن المنذر رحمه الله أنه قال: "أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي تِسْعَةِ أَشْيَاءَ: فِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ (القمح) وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. إذَا بَلَغَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ".
واختلفوا فيما عدا هذه الأموال.
وتجب الزكاة في هذه الأموال بشروط معينة، والواجب إخراج قدر معين من المال حدَّده الشرع.
وهذه الزكاة (زكاة المال) ركن من أركان الإسلام يكفر منكرها، ومانعها فاسق قطعاً، وعلى الحاكم المسلم أخذها منه قهراً، فإن أصر على منعها واحتمى بعشيرته قوتل حتى يؤديها.
روى البخاري ومسلم عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الإِسْلامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ.
وروى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ.
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعي الزكاة، فقد روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا (شاة صغيرة) كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
وأما الزكاة التي تجب في آخر رمضان فهي زكاة الفطر وقد أجمع العلماء على وجوبها، إلا من شذ.
وهي دون زكاة المال في الوجوب والمنزلة، فزكاة الفطر ليست ركناً من أركان الإسلام، ولا يكفر منكرها.
وزكاة الفطر قد ورد ذكرها في أحاديث كثيرة، منها:
روى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ.
وروى أبو داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ. حسنه الألباني في صحيح أبي داود.

.......................................

زكاة الفطر - حكم من لم يخرج زكاة الفطر مع القدرة
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
ما حكم من كانت لديه الاستطاعة في إخراج زكاة الفطر ولم يخرجها؟

الجواب:
يجب على من لم يخرج زكاة الفطر أن يتوب إلى الله عز وجل، ويستغفره؛ لأنه آثم بمنعها، وأن يقوم بإخراجها إلى المستحقين، وتعتبر بعد صلاة العيد صدقة من الصدقات.

.......................................

زكاة الفطر - دفع قيمة زكاة الفطر لهيئة خيرية في بداية رمضان
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل يجوز لهيئة خيرية استلام أموال زكاة الفطر مع بداية شهر رمضان وذلك بهدف الاستفادة منه بقدر المستطاع؟  

الجواب:
إذا عدم الفقراء في البلاد أو كان الذين يأخذونها ليسوا بحاجة أو لا يأكلونها وإنما يبيعونها بنصف الثمن وتعذر البحث عن الفقراء المعوزين الذين يأكلونها جاز إخراجها عن البلاد، ويجوز دفع ثمنها من أول الشهر للوكيل الذي يشتريها ثم يوصلها لمستحقها في وقت الدفع وهو ليله العيد أو قبله بيومين والله أعلم.

.......................................

زكاة الفطر - إخراج زكاة الفطر عن الأموات
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
تسأل جدتي ما إذا كان يجوز تقديم فطرة العيد عن الميت، مثلا والديها؟  

الجواب:
        زكاة الفطر واجبة على الذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا تجب إلا على الحي الذي أدرك وقت وجوبها.
ووقت وجوب زكاة الفطر غروب الشمس من آخر يوم من رمضان.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماها صدقة الفطر، والفطر من رمضان يتحقق بغروب الشمس ليلة العيد، ولأنها جعلت طهرة للصائم من اللغو والرفث، والصوم ينقضي بغروب الشمس.
فمن مات قبل أن يدرك وقت الوجوب فلا زكاة عليه. ومن أدرك وقت الوجوب ثم مات قبل أن يخرجها أُخرجت عنه من ماله لأنها استقرت في ذمته وصارت دَيْنًا عليه.
أنظر: "المجموع" (6/84)، "المغني" (2/358) ، "الموسوعة الفقهية" (23/341). وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "ولو مات الإنسان قبل غروب الشمس ليلة العيد، لم تجب فطرته أيضا؛ لأنه مات قبل وجود سبب الوجوب" انتهى. "فقه العبادات" (صـ 211).
والحاصل: أن الميت المسئول عنه إن كان قد مات بعد أن أدرك وقت الوجوب، وهو غروب شمس ليلة الفطر، وجب إخراج الزكاة عنه.
وإن كان مات قبل إدراك وقت الوجوب - وهو الظاهر من السؤال – فلا زكاة عليه.
وإذا أخرجت عنه جدتك صدقة من طعام أو نقود أو غير ذلك فهي صدقة عنه وليست زكاة فطر.
وقد ثبت في أكثر من حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة عن الميت تنفعه، ويصله ثوابها. والله أعلم.

.......................................

زكاة الفطر - هل يجوز للابنة دفع زكاة الفطر عن والدها؟
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل يجوز للمسلمة أن تدفع زكاة الفطر عن والدها؟  

الجواب:
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله: "من أخرج عمن لا تلزمه فطرتُه: فإنه لا بدَّ من إذنه، فلو أن زيداً من الناس أخرج عن عمرو بغير إذنه: فإنها لا تُجزئ؛ لأن زيداً لا تلزمه فطرة عمرو، ولا بدَّ فيها من نيَّة إما ممن تجب عليه أو من وكيله، وهذا مبني على قاعدة معروفة عند الفقهاء يسمونها "تصرف الفضولي" بمعنى أن الإنسان يتصرف لغيره بغير إذنه، فهل يبطل هذا التصرف مطلقاً، أو يتوقف على إذن ورضا الغير؟ هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والراجح: أنه يُجزئ إذا رضي الغير – وساق الشيخ حديث أبي هريرة مع الشيطان في حفظ الزكاة، والشاهد من ذلك: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أجاز هذا التصرف من أبي هريرة وجعله مجزئاً مع أن المأخوذ منه زكاة، وأبو هريرة وكيل في الحفظ، لا وكيل في غيره. والله أعلم.

.......................................

زكاة الفطر - هل لإمام المسجد جمع زكاة الفطر، وأين تُوزع؟
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/369)

السؤال:
متى تخرج زكاة الفطر وأين توزع وهل يجوز جمعها من طرف إمام المسجد ثم توزيعها على المستحقين ولو بعد حين، وهل هي تابعة للتضخم المالي، وهل يجوز إرسالها للمجاهدين في فلسطين مثلاً أو إدخالها في صندوق بناء مسجد مثلاً؟

الجواب:
وقت زكاة الفطر: من ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد. ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة.
وتعطى لفقراء المسلمين في بلد مخرجها، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة.
ويجوز لإمام المسجد ونحوه من ذوي الأمانة أن يجمعها ويوزعها على الفقراء؛ على أن تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد.
وليس قدرها تابعاً للتضخم المالي، بل حدَّها الشرع بصاع.
ومن ليس لديه إلا قوت يوم العيد لنفسه ومن يجب عليه نفقته تسقط عنه.
ولا يجوز وضعها في بناء مسجد أو مشاريع خيرية.
وبالله التوفيق.
(ولذلك نجد الكثير من المساجد يقوم الأئمة الثقاة فيها بجمع قيمة زكاة الفطر من المصلين بالمسجد "نقداً"، ثم يقومون بشراء الحبوب والثمار المحددة شرعاً وتعبئتها وتوزيعها على المستحقين قبل يومين أو ثلاثة من يوم العيد).

.......................................

زكاة الفطر - أخرج زكاة الفطر عن الجنين فتبين أنه توأم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/366)

السؤال:
كانت زوجتي حاملاً في شهر رمضان المبارك وزكيت عن الجنين الذي في بطن أمه، وعندما وضعت الأم بعد عيد الفطر المبارك بأيام قليلة وضعت اثنين توائم بقدر الله سبحانه وتعالى. والآن هل علي شيء، علماً بأني زكيت عن جنين واحد ولم أزك عن الجنين الثاني؟

الجواب:
لا يجب عليك شيء لتركك زكاة الفطر عن الجنين الثاني.

 
.......................................

زكاة الفطر - زكاة الفطر عن الكفار
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الفتوى رقم 7699)

السؤال:
لكثير من الناس خدم كفار في البيت فهل يخرج عنهم زكاة الفطر أو يعطيهم شيئاً من الزكاة؟

الجواب:
لا يخرج عنهم زكاة الفطر ولا يجوز له أن يعطيهم من الزكاة شيئاً، ولو أعطاهم شيئاً منها لم يجزئه، لكن له أن يحسن إليهم من غير الزكاة المفروضة، مع العلم بأن الواجب الاستغناء عنهم بالعمال المسلمين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج الكفار من جزيرة العرب وقال: (لا يجتمع فيها دينان).

.......................................

زكاة الفطر - بينه وبين زوجته نزاع فهل يخرج عنها زكاة الفطر؟
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/367)

السؤال:
هل يلزم الزوج زكاة فطرة الزوجة التي بينه وبينها نزاع شديد أم لا؟

الجواب:
زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة، لوجوب نفقتها عليه، فإذا وجد بينهما نزاع شديد حكم بمقتضاه عليها بالنشوز وإسقاط نفقتها فلا يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عنها لأنها تابعة لنفقتها فتسقط بسقوطها.

.......................................

زكاة الفطر - زكاة الفطر عن الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
امرأة طلقها زوجها طلقة واحدة، فهل يجب عليه أن يُخرج زكاة الفطر عنها؟

الجواب:
زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة ، لوجوب نفقتها عليه والمرآة إذا طُلقت طلاقاً رجعياً، فهي في حكم الزوجات لها ما لهن من النفقة والسكنى، ما دامت في العدة، والفطرة تتبع النفقة، فما دام أن نفقة الرجعية على الزوج، فكذلك الفطرة عليه.
وذهب بعض العلماء إلى أن الزوج لا يلزمه إخراج زكاة الفطر عن زوجته، بل ذلك واجب عليها هي، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، واختاره الشيخ ابن عثيمين.
وينبغي للزوج أن يأخذ بالأحوط والأبرأ لذمته، فيخرج زكاة الفطر عن مطلقته الرجعية، ولا سيما وزكاة الفطر شيء يسير، لا يشق على الزوج إخراجه في الغالب. والله أعلم.

.......................................

زكاة الفطر - حجز اليهود أزواجهن فكيف يخرجن زكاة الفطر
لفضيلة الشيخ/ محمد صالح المنجد

السؤال:
في بلدتنا في خان يونس تحاصرنا القوات الإسرائيلية فتقطعت بنا السبل ولا تعلم الزوجات عن أزواجهن شيئاً فكيف يخرجن زكاة الفطر؟  

الجواب:
تجب زكاة الفطر على عائل الأسرة وهو صاحب المال فعليه أن يخرج الزكاة عنه وعمن يعولهم من الزوجات والأولاد وغيرهم.
فإذا عجز عن إخراج الزكاة فإن الله يعذره، وعليه القضاء بعد أن يفرج الله عنه ويرجع إلى أهله.
وبالنسبة للزوجات فإن كن يقدرن على دفع زكاة الفطر عن أنفسهن فعليهن المبادرة بدفعها، فإذا عجزن عن ذلك فليس عليهن شيء لقول الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) وقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).
والمرأة إذا أخرجت عن نفسها وعن أولادها فهي مأجورة، وإن لم تستطع إلا عن نفسها فليس عليها إلا ذلك.
وإن استطاعت المرأة أن تكلم زوجها بالهاتف وتأخذ منه توكيلاً بدفع الزكاة وكان في البيت ما تخرج به الزكاة عن زوجها ومن يعول فإنها تخرج زكاة الفطر عنهم بعد إذن زوجها.
نسأل الله أن يفرج الكرب وأن يعيد هؤلاء الأزواج سالمين وينصر الإسلام والمسلمين ويخزي اليهود الكافرين.
وصلى الله على نبينا محمد.

.......................................

زكاة الفطر - هل يجوز لزوجة تارك الصلاة إخراج زكاة الفطر عنها وعن أولادها
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل تقبل زكاة الفطر من تارك الصلاة؟ وهل يجوز لزوجته إخراجها من غير علمه لها ولأولادها؟

الجواب:
تارك الصلاة إن كان جاحداً لها فهو كافر باتفاق العلماء. وإن كان مقراً لها، لكنه يتركها كسلاً وتهاوناً، فهو كافر أيضا على الصحيح من قولي العلماء، لأدلة معلومة مشهورة.
وعلى هذا القول، فلا يصح من تارك الصلاة زكاة ولا صوم ولا حج، ولا يجوز للمرأة المسلمة أن تمكنه من نفسها حتى يتوب ويصلي.
وعلى الزوجة أن تخرج زكاة الفطر عن نفسها. وإن أخرجت عن أولادها فحسن.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "زكاة الفطر واجبة وفريضة، وهي كغيرها من الواجبات، يخاطب كل إنسان بنفسه، فأنت أيها الإنسان مخاطب تخرج الزكاة عن نفسك، ولو كان لك أب أو أخ، وكذلك الزوجة مخاطبة أن تخرج الزكاة عن نفسها، ولو كان لها زوج" انتهى. "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/261).
وعلى هذا، فإنك تخرجين زكاة الفطر عن نفسك، أما الأولاد، فإذا كانوا صغاراً؛ فإنك تخرجين عنهم الزكاة، ولا حرج أن يكون ذلك بدون علم الأب. وإن كانوا كباراً بالغين فإنهم يخرجونها عن أنفسهم إن كان لديهم أموال. والله أعلم.

.......................................

زكاة الفطر - لا يجوز دفع الزكاة لمن تجب عليه نفقته
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
أنا امرأة أسكن في بلاد المهجر، ومتزوجة ولدي 7 أولاد، وفي كل عام أرسل زكاة الفطرة لوالدتي التي تسكن في المغرب، للعلم أنا من يتكلف بمصاريفها. فهل تجوز فيها هذه الزكاة أم لا؟

الجواب:
اتفق العلماء على أنه لا يجوز دفع الزكاة المفروضة - ومنها صدقة الفطر - إلى من تلزم نفقته، كالوالدَين والأولاد.
جاء في "المدونة" (1/344): "أرأيت زكاة مالي؟ من لا ينبغي لي أن أعطيها إياه في قول مالك؟ قال: قال مالك: لا تعطيها أحداً من أقاربك ممن تلزمك نفقته".
وقال الشافعي في "الأم" (2/87): "ولا يعطي (يعني من زكاة ماله) أباً ولا أماً ولا جداً ولا جدة ".
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/509): "ولا يعطي من الصدقة المفروضة للوالدين وإن علوا (يعني الأجداد والجدات)، ولا للولد وإن سفل (يعني الأحفاد).
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلي الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم؛ ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه، ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه فلم تجز، كما لو قضى بها دينه".
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء، فأجاب: "يجوز أن تدفع زكاة الفطر وزكاة المال إلى الأقارب الفقراء، بل إنَّ دفعَها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعَها إلى الأقارب صدقةٌ وصلةٌ، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حمايةُ ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته أي على الغني، فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته، لأنه إذا فعل ذلك فقد وفر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز ولا يحل، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته، فإن له أن يدفع إليه زكاته، بل إنَّ دفعَ الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة)".  
وعلى هذا فلا يجوز لك ـ أيتها السائلة ـ أن تدفعي زكاة الفطر لأمك، بل عليك أن تنفقي عليها من غير الزكاة، ونسأل الله تعالى أن يوسع عليك ويرزقك رزقاً حسناً.

.......................................

زكاة الفطر - هل يعطي زكاة الفطر لإخوته غير الأشقاء؟
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
لي إخوة غير أشقاء من أم أخرى والوالد متوفى وهم في حاجة للمال هل يجوز أن أعطيهم زكاة الفطر ؟

الجواب:
        زكاة الفطر تعطى الفقراء والمساكين. لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب". قال ابن القيم رحمه الله: "وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة". "زاد المعاد" (2/21).
وإذا تقرر هذا، فأعلم أن:
-       القريب الفقير أولَى بالزكاة من غيره.
-       ولكن لا يجوز لأحد أن يعطي زكاته إلى من يلزمه أن ينفق عليه.
-       ويجب عليك أن تنفق عليهم إذا كنت ترث منهم،
-       فإن كنت ترث منهم فلا يجوز أن تعطيهم من الزكاة،
-       وإن كنت لا ترث منهم فلا حرج عليك من إعطائهم الزكاة.
-   وإن كنت ترث من بعضهم ولا ترث من بعضهم الآخر، أعطيت الزكاة لمن لا ترث منه.
-   ولا يجب عليك أن تنفق عليهم إلا إذا كان عندك من الأموال ما يزيد عن حاجتك وحاجة أهلك،
-   فإن لم تكن أموالك كذلك فلا يجب عليك أن تنفق عليهم، لأنك غير مستطيع، ولك في هذه الحالة أن تعطيهم زكاتك، ولو كنت وارثاً لهم. والله أعلم.

.......................................

زكاة الفطر – هل أدفع الزكاة لخالتي؟
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل يجوز دفع زكاة الفطر لخالتي المطلقة، وليس لها أولاد، ولكن لها بنات متزوجات، وتمتلك نصف دونم من الأرض، وليس لها مصدر رزق، فهل يجوز إعطاؤها الزكاة أم تعطى لفقير آخر؟

الجواب:
أولاً- أختلف العلماء في مصرف زكاة الفطر، فذهب جمهورهم إلى أنها تصرف إلى أي واحد من مصارف زكاة المال الثمانية، وذهب بعضهم إلى وجوب استيعاب تلك الأصناف الثمانية بالزكاة، وذهب آخرون إلى اختصاصها بالفقراء والمساكين.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/344): "اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلاثة آراءٍ:
-   ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثّمانية الّتي تصرف فيها زكاة المال،
-   وذهب المالكيّة - وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيميّة - إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين،
-       وذهب الشّافعيّة إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثّمانية، أو من وُجد منهم".
وقد ردَّ شيخ الإسلام ابن تيمية القول الأول والثالث في" مجموع الفتاوى" (25/73 – 78)، وبيَّن – رحمه الله – أن تعلق زكاة الفطر بالأبدان لا بالأموال، ومما قال هناك :"ولهذا أوجبها الله تعالى طعاماً، كما أوجب الكفارة طعاماً، وعلى هذا القول: فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم، فلا يعطى منها في المؤلفة، ولا الرقاب، ولا غير ذلك، وهذا القول أقوى في الدليل. وأضعف الأقوال: قول من يقول: إنه يجب على كل مسلم أن يدفع صدقة فطره إلى اثني عشر، أو ثمانية عشر، أو إلى أربعة وعشرين، أو اثنين وثلاثين، أو ثمانية وعشرين، ونحو ذلك ؛ فإن هذا خلاف ما كان عليه المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين، وصحابته أجمعين، لم يعمل بهذا مسلم على عهدهم، بل كان المسلم يدفع صدقة فطره وصدقة فطر عياله إلى المسلم الواحد، ولو رأوا مَن يقسم الصاع على بضعة عشر نفساً يُعطي كل واحد حفنة: لأنكروا ذلك غاية الإنكار وعدُّوه من البدع المستنكرة، والأفعال المستقبحة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّر المأمور به صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير، ومن البر إما نصف صاع وإما صاع، على قدر الكفاية التامة للواحد من المساكين، وجعلها طعمة لهم يوم العيد يستغنون بها، فإذا أخذ المسكين حفنة لم ينتفع بها، ولم تقع موقعاً، وكذلك مَن عليه دَين وهو ابن سبيل إذا أخذ حفنة من حنطة لم ينتفع بها ... والشريعة منزهة عن هذه الأفعال المنكرة التي لا يرضاها العقلاء، ولم يفعلها أحد من سلف الأمة، وأئمتها"؛ ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم (طُعمة للمساكين) نصٌّ في أن ذلك حق للمساكين، كقوله تعالى في آية الظهار: (فإطعام ستين مسكيناً)، فإذا لم يجز أن تصرف تلك للأصناف الثمانية، فكذلك هذه". انتهى.  
وعليه: فيكون الراجح من تلك الأقوال الثلاثة: القول الثاني، وهو وجوب دفع صدقة الفطر للفقراء والمساكين دون غيرهم، وهو الذي رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله ، كما في "الشرح الممتع" (6/117(.
ثانياً- وزكاة المال، وزكاة الفطر إذا كانت في الأقارب الذين يستحقونهما فهي أفضل من أن تكون في غيرهم من المستحقين، وتكون هنا زكاة وصلة، ولكن ذلك مشروط بكون هذا القريب ممن لا تجب نفقته على المزكِّي.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء؟ فأجاب: "يجوز أن تدفع زكاة الفطر، وزكاة المال، إلى الأقارب الفقراء، بل إن دفعها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعها إلى الأقارب صدقة وصلة، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حماية ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته، أي: على الغني؛ فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته؛ لأنه إذا فعل ذلك: فقد وفَّر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز، ولا يحل، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته: فإن له أن يدفع إليه زكاته، بل إن دفع الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة)". انتهى. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/السؤال رقم 301(.
والخلاصة: إذا كانت خالتك فقيرة: فهي تستحق الزكاة، ولو كانت تملك نصف دونم، وإن كان الأفضل لها بيعه والاستغناء بثمنه عن منَّة الناس. ولا ينبغي للمسلمين ترك أقاربهم حتى يقارب شهر رمضان على الانتهاء فيتفقد أحدهم قريبه بصاعٍ من طعام يدفعه له، بل الواجب على المسلمين عموماً تفقد أحوال المحتاجين والفقراء، والمسارعة لبذل ما يحتاجونه من طعام ومال وكساء، ويتحتم هذا على الأغنياء في تفقد أقاربهم الفقراء. والله أعلم .

.......................................

زكاة الفطر – هل يجوز دفع زكاة الفطر لأهل الزوجة المحتاجين
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل تجوز زكاة الفطر على أهل الزوجة فى حالة احتياجهم للمال؟

الجواب:
زكاة الفطر تدفع إلى الفقراء والمساكين، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) رواه أبو داود وحسنه النووي في "المجموع" والألباني في صحيح أبي داود.
فإذا كان أهل الزوجة من الفقراء والمساكين فلا حرج من دفع زكاةِ الفطر لهم، بل دفعها إليهم أفضل من دفعها إلى غيرهم، وذلك لأن أقارب الزوجة (الأصهار) لهم حق الرعاية والعناية إكراماً للزوجة وإحسانا إليها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "نور على الدرب" (682(:  ولا شك أن الأصهار لهم حق ليس لأحد سواهم ممن ليس بصهر". انتهى.
فنرجو أن يكتب الله سبحانه وتعالى لك أجر الصدقة وأجر رعاية المصاهرة والإحسان إلى أهل الزوجة.

.......................................

زكاة الفطر - أعطوه زكاة الفطر فأخرها عن يوم العيد لعدم وجود فقراء
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
رجل يقيم في إيطاليا وهو القائم على شؤون المسجد الذي يوجد ببلدته، كجمع النفقات وقد قام بجمع زكاة الفطر في رمضان الأخير من المصلين بقصد إعطائها إلى من يستحقها لكنه لم يجد من يعطيها إياه لعدم توفر الشروط فبقيت حتى يومنا هذا، فهل يضيفها إلى نفقات المسجد القيم عليه؟ علما بأن هذا المسجد نفقاته كافية. أم يعطها إلى مدرسة تدرس العلوم الشرعية في بلده علما بأن هذه المدرسة تأخذ نفقاتها من المحسنين، وهل في ذلك شيء لأن ابنه يدرس فيها، وهل نقص من أجر مخرجي الزكاة شيء؟

الجواب:
أولاً- زكاة الفطر يجب إخراجها قبل صلاة العيد؛ لما روى أبو داود وابن ماجه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ). وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
قال في "عون المعبود شرح أبي داود": "وَالظَّاهِر أَنَّ مَنْ أَخْرَجَ الْفِطْرَة بَعْد صَلَاة العيد كَانَ كَمَنْ لَمْ يُخْرِجْهَا بِاعْتِبَارِ اِشْتِرَاكهمَا فِي تَرْكِ هَذِهِ الصَّدَقَة الْوَاجِبَة. وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَر الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ إِخْرَاجَهَا قَبْل صَلَاة الْعِيد إِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ, وَجَزَمُوا بِأَنَّهَا تُجْزِئُ إِلَى آخِر يَوْم الْفِطْر, وَالْحَدِيث يَرُدُّ عَلَيْهِمْ.
وَأَمّا تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْم الْعِيد. فَقَالَ اِبْن رَسْلَان: إِنَّهُ حَرَام بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهَا زَكَاة, فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي تَأْخِيرهَا إِثْم كَمَا فِي إِخْرَاج الصَّلَاة عَنْ وَقْتِهَا" انتهى.
وعليه فهذا الإمام قد أخطأ بتأخير الزكاة، وكان عليه أن يبحث عن المستحقين، أو ينقل الزكاة إلى بلد فيه مستحقون.
ثانياً: من أخر زكاة الفطر عن يوم العيد، لغير عذر، أثم، ولزمه قضاؤها، وأهل المسجد لا يلحقهم شيء لأنهم وكلوا من يخرجها عنهم، ويلزم الإمام الآن أن يخرجها إلى المستحقين، ولا يجوز أن يضعها في نفقات المسجد. وأما المدرسة الشرعية، فإن كان فيها فقراء يستحقون الزكاة جاز دفعها لهم وإلا فلا.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/458): "فإن أخرها (يعني زكاة الفطر) عن يوم العيد أثم ولزمه القضاء" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (43/41): "يرى المالكية والشافعية والحنابلة أن من أخر زكاة الفطر عن يوم العيد مع القدرة على إخراجها أثم, ولزمه القضاء" انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (9/373): هل وقت إخراج زكاة الفطر من بعد صلاة العيد إلى آخر ذلك اليوم؟
فأجابت: "لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل الصلاة، ولما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان ... وقال في آخره: (وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين). فمن أخرها عن وقتها فقد أثم، وعليه أن يتوب من تأخيره وأن يخرجها للفقراء" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لم أؤد زكاة الفطر لأن العيد جاء فجأة، وبعد عيد الفطر المبارك لم أفرغ لأسأل عن العمل الواجب علي من هذه الناحية، فهل تسقط عني أم لا بد من إخراجها؟ وما الحكمة منها؟
فأجاب: " زكاة الفطر مفروضة، قال ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر)، فهي مفروضة على كل واحد من المسلمين، على الذكر والأنثى، والصغير، والكبير، والحر والعبد، وإذا قدر أنه جاء العيد فجأة قبل أن تخرجها فإنك تخرجها يوم العيد ولو بعد الصلاة، لأن العبادة المفروضة إذا فات وقتها لعذر فإنها تقضى متى زال ذلك العذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة: (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك)، وتلا قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصلاةَ لِذِكْرِى). وعلى هذا يا أخي السائل فإن عليك إخراجها الآن" انتهى. من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/271).
وقال أيضا: "أما إذا أخرها لعذر كنسيان، أو لعدم وجود فقراء في ليلة العيد فإنها تقبل منه، سواء أعادها إلى ماله، أو أبقاها حتى يأتي الفقير". فعلى إمام المسجد دفع هذه الزكاة للفقراء والمساكين، فإن لم يوجد أحد من هؤلاء في بلده نقلها إلى بلد آخر .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن نقل زكاة الفطر فأجاب: "نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم يكن عنده أحد من الفقراء فلا بأس به، وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد من يتقبلها فإنه لا يجوز على ما قاله بعض أهل العلم" انتهى. من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/318). والله أعلم.

.......................................

زكاة الفطر - هل تجب زكاة الفطر على من أفطر رمضان بعذر؟
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل تجب زكاة الفطر على من أفطر كل شهر رمضان لسفر أو مرض؟

الجواب:
ذهب جماهير أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى أن زكاة الفطر تجب على المسلم ولو لم يصم رمضان، ولم يخالف في ذلك غير سعيد بن المسيب والحسن البصري، فقد قالا: إن زكاة الفطر لا تجب إلا على من صام، والصحيح هو قول الجمهور، وذلك للأدلة الآتية:
1- عموم الحديث الذي هو أصلٌ في فرض زكاة الفطر. فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ(. رواه البخاري ومسلم فقوله : "والصغير" يشمل الصغير الذي لا يستطيع الصيام.
2- الغالب في تشريع الصدقات والزكوات هو النظر إلى مصلحة المسكين والفقير، وتحقيق التكافل الاجتماعي العام، وأظهر ما يكون ذلك في زكاة الفطر، حيث وجبت على الصغير والكبير والحر والعبد والذكر والأنثى، ولم يشترط الشارع في وجوبها نصاباً ولا حولاً، ولذلك فإن وجوبها على من أفطر في رمضان لعذر أو لغير عذر يأتي ضمن السياق المقصود من تشريع هذه الزكاة.
3- أما استدلال من استدل بقول ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ). رواه أبو داود فقالوا: (طهرة للصائم) يدل على عدم وجوب زكاة الفطر إلا على من صام، فقد أجاب عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3/369) فقال: "وأجيب: بأن ذكر التطهير خرج على الغالب، كما أنها تجب على من لم يذنب، كمتحقق الصلاح، أو من أسلم قبل غروب الشمس بلحظة" انتهى.
ومعنى كلامه: أن الغالب أن زكاة الفطر شرعت لأنها تطهر الصائم، ولكن حصول هذا التطهير ليس شرطاً في وجوبها، ونظير ذلك: زكاة المال، فإنها قد شرعت لتطهير النفس أيضاً، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(. التوبة-103، ومع ذلك فإنها تجب في مال الصبي الصغير، وهو لا يحتاج إلى تطهير، لأنه لا يكتب عليه سيئة.
وأجاب الشيخ ابن جبرين بجواب آخر، فقال: "إخراجها عن الأطفال وغير المكلفين والذين لم يصوموا لعذر من مرض أو سفر داخل في الحديث، وتكون طهرةً لأولياء غير المكلفين، وطهرةً لمن أفطر لعذر، على أنه سوف يصوم إذا زال عذره، فتكون طهرةً مقدَّمةً قبل حصول الصوم أو قبل إتمامه" انتهى. "فتاوى الزكاة" (زكاة الفطر/2(. والله أعلم .

.......................................

زكاة الفطر - دفع قيمة صدقة الفطر ليشترى بها طعام للفقراء في بلد آخر

السؤال:
ما حكم دفع قيمة صدقة الفطر وقيمة الأضحية والعقيقة ليشترى بها طعام يدفع وشاة تذبح في بلاد أخرى للفقراء هناك‏؟‏

الجواب:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد‏:‏
فقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏}‏ ‏سورة الحشر‏-آية 7‏‏‏.‏
وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا؛ فهو رد‏)‏، أخرجه البخاري‏‏.‏
وإن بعض الناس في هذا الزمان يحاولون تغيير العبادات عن وضعها الشرعي، ولذلك أمثلة كثيرة؛ فمثلاً صدقة الفطر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجها من الطعام في البلد الذي يوجد فيه المسلم عند نهاية شهر رمضان؛ بأن يخرجها في مساكين ذلك البلد، وقد وجد من يفتي بإخراج القيمة بدلاً من الطعام، ومن يفتي بدفع دراهم يشتري بها طعام في بلد آخر بعيد عن بلد الصائم وتوزع هناك، وهذا تغيير للعبادة عن وضعها الشرعي؛ فصدقة الفطر لها وقت تخرج فيه، وهو ليلة العيد أو قبله بيومين فقط عند العلماء، ولها مكان تخرج فيه، وهو البلد الذي يوافي تمام الشهر والمسلم فيه، ولها أهل تصرف فيهم، وهم مساكين ذلك البلد، ولها نوع تخرج منه، وهو الطعام؛ فلا بد من التقيد بهذه الاعتبارات الشرعية، وإلا فإنها لا تكون عبادة صحيحة، ولا مبرئة للذمة‏.‏
وقد اتفق الأئمة الأربعة على وجوب إخراج صدقة الفطر في البلد الذي فيه الصائم مادام فيه مستحقون لها، وصدر بذلك قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة (العربية السعودية)؛ فالواجب التقيُّد بذلك، وعدم الالتفات إلى من ينادون بخلافه؛ لأن المسلم يحرص على براءة ذمته، والاحتياط لدينه، وهكذا كل العبادات لابد من أدائها على مقتضى الاعتبارات نوعًا ووقتًا ومصرفًا؛ فلا يغير نوع العبادة الذي شرعه الله إلى نوع آخر‏.‏
فمثلاً‏:‏ فِديَةُ الصيام بالنسبة للكبير الهرم والمريض المزمن اللذين لا يستطيعان الصيام قد أوجب الله عليهما الإطعام عن كل يوم بدلاً من الصيام، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ‏}‏ ‏‏سورة البقرة-آية 184‏‏، وكذلك الإطعام في الكفارات كفارة الظهار وكفارة الجماع في نهار رمضان وكفارة اليمين، وكذلك إخراج الطعام في صدقة الفطر؛ كل هذه العبادات لابد من إخراج الطعام فيها، ولا يجزئ عنه إخراج القيمة من النقود؛ لأنه تغيير للعبادة عن نوعها الذي وجبت فيه؛ لأن الله نص فيها على الإطعام؛ فلا بد من التقيُّد به، ومن لم يتقيَّد به؛ فقد غيَّر العبادة عن نوعها الذي أوجبه الله‏.‏
وكذلك الهدي والأضاحي والعقيقة عن المولود؛ لابد في هذه العبادات أن يذبح فيها من بهيمة الأنعام النوع الذي يجزئ منها، ولا يجزئ عنها إخراج القيم أو التصدق بثمنها. لأن الذبح عبادة‏:‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ‏}‏ ‏سورة الكوثر-آية  2‏‏، وقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏سورة الأنعام-آية 162‏‏.‏ والأكل من هذه الذبائح والتصدق من لحومها عبادة‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ‏}‏ ‏سورة الحج-آية  28. فلا يجوز ولا يجزئ إخراج القيمة أو التصدق بالدراهم بدلاً من الذبح؛ لأن هذا تغيير للعبادة عن نوعها الذي شرعه الله فيه، ولابدّ أيضًا أن تذبح هذه الذبائح في المكان الذي شرع الله ذبحها فيه‏:‏ فالهدي يذبح في الحرم‏:‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ‏}‏ ‏سورة الحج‏:‏ آية  33‏، وقال الله تعالى في المحرمين الذين ساقوا معهم الهدي‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ‏}‏ ‏سورة البقرة-آية 196‏‏.‏ والأضحية والعقيقة يذبحهما المسلم في بلده وفي بيته، ويأكل ويتصدق منهما، ولا يبعث بقيمتهما ليشتري بها ذبيحة وتوزع في بلد آخر؛ كما ينادي به اليوم بعض الطلبة المبتدئين أو بعض العوام؛ بحجة أن بعض البلاد فيها فقراء محتاجون‏.‏
ونحن نقول‏:‏ إن مساعدة المحتاجين من المسلمين مطلوبة في أي مكان، لكن العبادة التي شرع الله فعلها في مكان معين لا يجوز نقلها منه إلى مكان آخر؛ لأن هذا تصرف وتغيير للعبادة عن الصيغة التي شرعها الله لها، وهؤلاء شوَّشوا على الناس، حتى كثر تساؤلهم عن هذه المسألة‏.‏
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بالهدي إلى مكة ليذبح فيها وهو مقيم بالمدينة ويذبح الأضحية والعقيقة في بيته بالمدينة ولا يبعث بهما إلى مكة، مع أنها أفضل من المدينة، وفيها فقراء قد يكونون أكثر حاجة من فقراء المدينة، ومع هذا تقيد بالمكان الذي شرع الله أداء العبادة فيه، فلم يذبح الهدي بالمدينة، ولم يبعث بالأضحية والعقيقة إلى مكة، بل ذبح كل نوع في مكانه المشروع ذبحه فيه. ‏وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة‏‏.‏
نعم؛ لا مانع من إرسال اللحوم الفائضة من هدي التمتع وهدي التطوع خاصة دون هدي الجبران ومن الأضاحي إلى البلاد المحتاجة، لكن الذبح لابد أن يكون في المكان المخصص له شرعًا‏.‏
ومن أراد نفع المحتاجين من إخواننا المسلمين في البلاد الأخرى؛ فليساعدهم بالأموال والملابس والأطعمة وكل ما فيه نفع لهم، أما العبادات فإنها لا تغير عن وقتها ومكانها بدعوى مساعدة المحتاجين في مكن آخر، والعاطفة لا تكون على حساب الدين وتغيير العبادة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‏.‏

.......................................

زكاة الفطر - إخراج اللحم في زكاة الفطر
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

السؤال:
هل يجوز إخراج اللحم في زكاة الفطر؟

الجواب:
زكاة الفطر يجب أن تخرج مما يقتاته الناس من الطعام؛ لما روى البخاري  عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ).
فإذا كان الناس في بلد يقتاتون فيه اللحم، جاز إخراجه في زكاة الفطر.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/68): "أَمَّا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَقْتَاتُونَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ جَازَ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِمْ بِلَا رَيْبٍ. وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مَا يَقْتَاتُونَ مِنْ غَيْرِهَا؟ مِثْلُ أَنْ يَكُونُوا يَقْتَاتُونَ الْأُرْزَ وَالذرة فَهَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجُوا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ يُجْزِئُهُمْ الْأُرْزُ وَالذُّرَةُ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وأصح الأقوال: أنه يُخْرِجُ مَا يَقْتَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْمُواساة لِلْفُقَرَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ)، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قُوتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا لَيْسَ قُوتَهُمْ بَلْ يَقْتَاتُونَ غَيْرَهُ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مِمَّا لَا يَقْتَاتُونَهُ، كَمَا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي الْكَفَّارَاتِ" انتهى بتصرف.
وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (3/12): "وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب، فإن كان قوتهم من غير الحبوب، كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائناً ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره، إذ المقصود سد حاجة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/182): "ولكن إذا كان قوت الناس ليس حباً ولا ثمراً، بل لحماً مثلاً، مثل أولئك الذين يقطنون القطب الشمالي، فإن قوتهم وطعامهم في الغالب هو اللحم، فالصحيح أنه يجزئ إخراجه" انتهى بتصرف. والله أعلم.

.......................................

هذا، والله أعلى وأعلم،،،