الاثنين، 14 أبريل 2014

تصحيح الخطأ المادي في الحكم - ما يجوز وما لا يجوز فيه




تصحيح الأخطاء المادية في الأحكام إنما يكون بطلب يقدم للمحكمة التي أصدرت الحكم – بدون مرافعة – وليس إقامة دعوى جديدة بطلب تصحيح الحكم وليس بالطعن على الحكم.. 



تتمسك المدعى عليها برفض دعوى تصحيح الخطأ المادي استناداً إلى عدم توافر شروط - وعدم  إتباع إجراءات – "تصحيح الأخطاء المادية" في الأحكام: حيث تنص المادة 124 من قانون المرافعات على أنه:
( ( يجوز للمحكمة – بقرار تصدره بناء على طلب أحد الخصوم أو من تلقاء نفسها – بغير مرافعة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة،كتابية أو حسابية ... ) ).
ولما كانت الأخطاء المادية هي ما يقع في "التعبير" وليس في "التفكير".
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه:
( ( يجوز للمحكمة بناء على طلب أحد الخصوم أو من تلقاء نفسها أن تصحح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة – كتابية أو حسابية – يستوي في ذلك أن يقع في منطوق الحكم أو في جزء آخر من الحكم مكمل للمنطوق. والخطأ المادي هو ما يقع في التعبير لا في التفكير، وهو يعتبر كذلك إذا كان القاضي في التعبير عما انتهى إليه قد استخدم عبارات أو أرقاماً أو أسماء لا تعبر عما اتجهت إليه إرادة المحكمة ) ).
(الطعن بالتمييز رقم 263 لسنة 2004 تجاري/2 – جلسة 5/1/2004).
وباستقراء نصوص القانون وأحكام المحاكم العليا في شأن "تصحيح الأخطاء المادية في الحكم"، يتبين وجوب توافر ثلاثة شروط لإجراء التصحيح المطلوب، وهي:
1-              الشرط الأول: أن يتم التصحيح بناء على طلب أحد الخصوم – أو من تلقاء نفس المحكمة التي أصدرت الحكم – "بغير مرافعة" وليس بدعوى مبتدئة.
فمن المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
( ( الأصل فى تصحيح الأحكام أن يكون بطرق الطعن المقررة فى القانون لا بدعوى مبتدأة وإلا انهارت قواعد الشيء المحكوم فيه وأتخذ التصحيح تكأة للمساس بحجيتها،واستثناء من هذا الأصل – وللتيسير – أجازت المادة 364 من قانون المرافعات تصحيح ما عساه يقع فى منطوق الحكم من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية بطلب من أحد الخصوم أو من تلقاء نفس المحكمة ) ).
(نقض مدني في الطعن رقم 13 لسنة 32 قضائية – جلسة 3/3/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 252 – فقرة 4).
وإذ خالف المدعي هذا الشرط، بعدم تقدمه بطلب  إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المراد تصحيحه، وإنما أقام دعوى مبتدئة بغية الحكم له بتصحيح الحكم المراد تصحيحه، على نحو يغير من منطوق الحكم المراد تصحيح بما يمثل مساساً بحجية الشيء المقضي به.
2-              الشرط الثاني: أن تكون الواقعة الصحيحة معروضة على المحكمة وثابتة بأوراقها، لا أن تكون مستحدثة بعد صدور الحكم ولم تكن معروضة على المحكمة عند الفصل في النزاع:
فمن المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
( ( لكى يمكن الرجوع إلى المحكمة التى أصدرت الحكم لتصحيح الخطأ المادى الواقع فى منطوقه، يجب أن يكون لهذا الخطأ المادى أساس فى الحكم يدل على الواقع الصحيح فيه فى نظر الحكم، بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الصحيح الثابت فيه حتى لا يكون التصحيح ذريعة للرجوع عن الحكم والمساس بحجيته ) ).
(نقض مدني في الطعن رقم 348 لسنة 23 قضائية – جلسة 26/12/1957 مجموعة المكتب الفني – السنة 8 – صـ 967 – فقرة 2.
ونقض مدني في الطعن رقم 266 لسنة 46 قضائية – جلسة 9/6/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 76 – فقرة 2).
       ولما كانت الواقعة الصحيحة التي يزعمها المدعي لم تكن معروضة أصلاً على عدالة المحكمة التي أصدرت الحكم المراد تصحيحه، ولم يكن بأوراق الدعوى الصادر فيها الحكم المراد تصحيحه ما يشير من قريب أو من بعيد إلى ما يزعمه المدعي من أنه الواقعة الصحيحة التي يريد تصحيح الحكم المراد تصحيحه بناءً عليها، فإن مسلكه هذا يعد بمثابة ذريعة للرجوع عن الحكم المراد تصحيح ومساساً بحجية الشيء المقضي به.
3-              الشرط الثالث: ألا يترتب على التصحيح رجوع المحكمة عن الحكم الصادر منها بتغيير منطوقه بما يناقضه، لما في ذلك من المساس بحجية الشيء المحكوم فيه:  
فقد تواتر قضاء محكمة النقض على أنه:
( ( يترتب على صدور الحكم انتهاء النزاع بين الخصوم وخروج القضية من يد المحكمة بحيث لا يجوز لها أن تعود الى نظرها بما لها من سلطة قضائية، كما لا يجوز لها تعديل حكمها فيه أو إصلاحه. وهذا هو الأصل، إلا أن الشارع رأى لاعتبارات قدرها عند وضع قانون المرافعات الجديد أن يجيز للمحكمة أخذاً بما جرى عليه العمل،أن تصحح ما يقع فى منطوق حكمها من أخطاء مادية بحتة، إلا أن سلطة المحكمة فى تصحيح ما يقع فى منطوق حكمها مقصورة على الأخطاء المادية البحتة، وهى التى لا تؤثر على كيانه بحيث تفقده ذاتيته وتجعله مقطوع الصلة بالحكم المُصحح، ومن ثم فهى لا تملك بحال أن تتخذ من التصحيح وسيلة للرجوع عن الحكم الصادر منها فتغير منطوقه بما يناقضه، لما فى ذلك من المساس بحجية الشيء المحكوم فيه ) ).
(نقض مدني في الطعن رقم 334 لسنة 20 قضائية – جلسة 27/11/1952 مجموعة المكتب الفني – السنة 4 – صـ 148 – فقرة 1.
ونقض مدني في الطعن رقم 17 لسنة 34 قضائية – جلسة 19/4/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 724 – فقرة 1.
ونقض مدني في الطعن رقم 416 لسنة 52 قضائية – جلسة 13/2/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 465 – فقرة 3).
       ولما كان المدعي يبغي من وراء دعواه الماثلة تغيير منطوق الحكم المراد تصحيحه – عن غير طريق الطعن المقرر قانوناً – متجاهلةً أنه بعد صدور الحكم المراد تصحيحه فإن الدعوى تكون قد خرجت من يد عدالة المحكمة التي أصدرت فيها حكمها، بحيث لا يجوز لها معاودة نظر النزاع من جديد بما لها من سلطة قضائية، كما لا يجوز لها الرجوع في ذلك الحكم أو إجراء أي تعديل عليه بتعديل منطوقه وتغييره بما يناقضه بذريعة تصحيحه، لما في ذلك من مساس بحجية الشيء المقضي به.
       وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت مجافاة المدعي لجميع شروط وإجراءات تصحيح الأخطاء المادية في الأحكام، فإن دعواه المبتدئة الماثلة تكون قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون خليقة بالرفض وهو ما تتمسك به الشركة المدعى عليها الأولى على سبيل الجزم واليقين.