من آثار الحكم برفض الدعوى – الدفع بعدم جواز
نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها – بيان مدى حجية الحكم الصادر برفض الدعوى بحالتها –
رفض الدعوى لا يؤدي إلى قطع التقادم
ثانياً- وبصفة احتياطية: تدفع الشركة المدعى
عليها بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة لسابقة الفصل فيها:
لما كانت المادة (82) من قانون المرافعات تنص على أن: "الدفع
بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها
الدعوى، وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها".
ولما كانت المادة (53) من قانون الإثبات تنص
على أن: "الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون
حجة فيما فصلت فيه من الخصومة، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة، ولكن لا تكون
لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم
وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها".
ولما كان من المقرر في قضاء التمييز أن: "المقرر
–وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة– أن للأحكام حجية فيما فصلت فيه بين الخصوم، بصفة
صريحة أو ضمنية حتمية، سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق
بدونها، بحيث لا يجوز للخصوم نقض هذه الحجية، ولو بأدلة واقعية أو حجج قانونية
جديدة لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى، طالما لم تتغير صفاتهم وتعلقت دعواهم
الجديدة بذات الحق السابق الفصل فيه محلاً وسبباً، ووحدة المحل وفق هذا النص تتحقق
متى كانت المسألة المقضي فيها نهائياً أساسية لا تتغير تناقش فيها الطرفان في
الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً وكانت
هي بذاتها الأساس فيما يدعيه من بعد في الدعوى الثانية أي من الطرفين قِبل الآخر
من حقوق مترتبة عليها أو متفرعة عنها".
(الطعن بالتمييز رقم 17 لسنة 2001 تجاري /2 – جلسة
27/10/2002)
(الطعن بالتمييز رقم 361 لسنة 1999 تجاري /1 – جلسة
20/11/2000)
(الطعن بالتمييز رقم 93 لسنة 1997 مدني – جلسة 5/1/1998)
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت
بالأوراق، وبإقرار الشركة المدعية في مذكرة دفاعها المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة
بجلسة 22/4/2025 والمرفق بها حافظة مستندات مؤيدة لها بذات الجلسة المذكورة، ثابت
بها إقرار الشركة المدعية إقراراً قضائياً (لا يقبل النكول عنه، ولا الرجوع فيه،
ولا إثبات عكسه) أنه قد سبق لها أن أقامت ذات الدعوى بذات الطلبات ومستندة لذات
السبب من قبل، وذلك بالدعوى رقم 272849 لسنة 2022 تجاري كلي الفروانية /17، والتي
قضي فيها بجلسة 12/1/2023، بقضائها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: (حكمت
المحكمة: برفض الدعوى، وألزمت المدعية بالمصروفات)، وذلك تأسيساً على أن تلك
الدعوى مقامة على غير سندٍ من الواقع والقانون.
ومن ثم، فإن هذا الحكم القضائي القطعي والنهائي والبات (لفوات مواعيد
الطعن عليه بدون رفع أي طعن عليه من أيا من أطرافه)، يضحى هذا الحكم هو عنوان
الحقيقة، ويحوز حجية وقوة الأمر المقضي به، وإذ عاودت الشركة المدعية إقامة ذات
الدعوى، بذات الطلبات، عن ذات السبب، مرة أخرى بالدعوى الماثلة، فإنه يتعين –والحال
كذلك– القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وهو دفع متعلق بالنظام
العام، تقضي به عدالة المحكمة الموقرة من تلقاء نفسها، طالما أن أوراق الدعوى تدل
عليه، فما بالنا إذا كانت تلك الأوراق مقدمة من المدعية ذاتها ؟؟!!
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى:
فإنه حتى على سبيل الفرض الجدلي والظني
(والظن لا يغني عن الحق شيئا) أن الحكم السابق قد قضي في منطوقه: (برفض الدعوى بحالتها)
–وهو لم يفعل– نقول حتى في هذا الفرضية فإن الحكم برفض الدعوى بحالتها يحوز الحجية
(المؤقتة) طالما بقيت الحالة كما هي لم تتغير.
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن: "النص في المادة 53 من المرسوم
بقانون رقم 39 لسنة 1980 في شأن الإثبات في المواد المدنية والتجارية على أن
"الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الخصومة ولا
يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع
قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم ويتعلق بذات الحق محلاً وسبباً وتقضي
المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها"؛ يدل –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة–
أن المناط في حجية الأمر المقضي المانع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي
فيها نهائياً أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير تناضل فيها الطرفان في الدعوى
واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً مانعاً من إعادة مناقشتها لدى
الحكم الثاني وكانت هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قِبل الآخر في
الدعوى الثانية من حقوق فإن هذا الحكم يحوز حجية الأمر المقضي في هذه المسألة
الأساسية ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق يتوقف ثبوته أو
انتفائه على ثبوت تلك المسألة الأساسية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو
على انتفائها بصفة صريحة أو بصفة حتمية سواء في المنطوق أو الأسباب التي لا يقوم
المنطوق بدونها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو
أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات أو السبب في
الدعويين ما دام الأساس فيهما واحداً. وأن الحكم
الصادر برفض الدعوى بالحالة التي هي عليها يكون له حجية موقوتة تقتصر على الحالة
التي كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة، ولا تحول دون معاودة طرح النزاع من
جديد إلا إذا كانت الحالة التي انتهت بالحكم
السابق هي بعينها لم تتغير، فإن تغيرت زالت الحجية. وأن من
المقرر كذلك أن القول بوحدة العناصر في الدعويين هي مسألة موضوعية يستقل بها قاضي
الموضوع بغير معقب متى كان قد أعتمد على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة
التي انتهت إليها".
(الطعن
بالتمييز رقم 918 لسنة 2005 تجاري/3 – جلسة 13/3/2007)
(الطعن
بالتمييز رقم 305 لسنة 2001 أحوال/2 – جلسة 9/6/2002)
فقد تواتر قضاء محكمة التمييز على أنه: "من المقرر أن الحكم الصادر
برفض الدعوى بالحالة التي هي عليها يكون له حجية موقوتة تقتصر على الحالة التي
كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة، ولا تحول دون معاودة طرح النزاع من جديد إلا إذا كانت الحالة التي انتهت بالحكم السابق
هي بعينها لم تتغير، فإن تغيرت زالت عنها الحجية".
(الطعن
بالتمييز رقم 666 لسنة 2001 تجاري /3 – جلسة 20/4/2002)
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق، وبإقرار
الشركة المدعية في مذكرة دفاعها وحافظة مستنداتها المقدمتين لعدالة المحكمة
الموقرة بجلسة 22/4/2025 أن الحكم السابق صدوره في الدعوى رقم 272849 لسنة 2022
تجاري كلي الفروانية /17، والتي قضي فيها بجلسة 12/1/2023، بقضائها الذي جرى
منطوقه على النحو التالي: (حكمت المحكمة: برفض الدعوى، وألزمت المدعية
بالمصروفات)، وذلك تأسيساً على أن تلك الدعوى مقامة على غير سندٍ من الواقع
والقانون.
فحتى على سبيل الفرض الجدلي أن ذلك الحكم قضى برفض الدعوى بحالتها،
فإنه يحوز حجية (مؤقتة) طالما بقيت الحالة على ما كانت عليه عند صدور الحكم السابق
ولم يطرأ عليها أي تغيير (كما هو حال الدعوى الماثلة). فإن الدفع المبدى من الشركة
أمان للتأمين التكافلي يكون قد وافق حقيقة الواقع وصادف صحيح القانون خليقاً
بالقبول والقضاء بمقتضاه.
ومن ناحية ثالثة:
فإن الحكم السابق الصادر في الدعوى رقم 272849 لسنة 2022 تجاري كلي
الفروانية /17، والتي قضي فيها بجلسة 12/1/2023، بقضائها الذي جرى منطوقه على
النحو التالي: (حكمت المحكمة: برفض الدعوى، وألزمت المدعية بالمصروفات)،
وذلك تأسيساً على أن تلك الدعوى مقامة على غير سندٍ من الواقع والقانون؛ وأياً
كان وجه الرأي فيه (سواء رفض الدعوى موضوعياً، أو رفض الدعوى بحالتها)، يفند ويدحض
–في جميع الأحوال– مزاعم الشركة المدعية في شأن زعمها أن مطالبتها في الدعوى السابقة
قد (قطعت مدة التقادم المسقط).
حيث إنه
من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء التمييز، فإن: "مناط قيام الاثر
الذي يرتبه الشارع على اجراء قانوني معين هو مطابقة هذا الإجراء أصلاً لما اشترطه
القانون فيه، ومن ثم فإن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة
القضائية يستلزم صحة هذه المطالبة شكلاً وموضوعاً، وهو
ما لم يتحقق إلا بصدور حكم نهائي فيها بإجابة صاحبها إلى طلبه كله أو بعضه، أما انتهاؤها بغير ذلك فإنه يزيل أثرها في
الانقطاع، ويصبح التقادم الذي قبلها مستمراً لم ينقطع".
(الطعن بالتمييز رقم 78 لسنة 1999 عمالي – جلسة
27/12/1999)
كما تواتر قضاء التمييز، وجرى على أن: "مفاد
نص المادة 448 من القانون المدني أن التقادم المسقط ينقطع بالمطالبة القضائية ولو
رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، إلا أنه من المقرر
أن الحكم النهائي برفض الدعوى يزيل أثرها في قطع التقادم، فيعتبر الانقطاع المبني
عليها كأن لم يكن، والتقادم الذي بدأ قبلها مستمراً في السريان. وأن مناط قيام
الأثر الذي يرتبه الشارع على إجراء قانوني معين هو مطابقة هذا الإجراء أصلاً لما
اشترطه القانون فيه، ومن ثم فإن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة القضائية
يستلزم صحة هذه المطالبة شكلاً وموضوعاً، وهو ما لا يتحقق إلا بصدور حكم نهائي
فيها، بإجابة صاحبها إلى طلبه كله أو بعضة، أما
انتهاؤها بغير ذلك فإنه يزيل أثرها في الانقطاع ويصبح التقادم الذي بدأ قبلها
مستمراً ولم ينقطع".
(الطعنين بالتمييز رقمي 356، 390 لسنة 2007 تجاري/3 –
جلسة 14/4/2009)
(الطعن بالتمييز رقم 961 لسنة 2006 مدني/1 – جلسة
3/12/2007)
ومن ثم، فإن انتهاء الدعوى السابقة بالحكم فيها (نهائياً) برفضها،
سواء أكان رفض موضوعي، أو رفض بحالتها (على حد زعم المدعية)، يزيل أثرها في قطع
التقادم، ويصبح التقادم الذي بدأ قبلها مستمراً ولم ينقطع.
هذا، والله أعلى وأعلم،،،