الأحد، 25 أكتوبر 2009

مذكرة للتفتيش الفني بوزارة العدل

حيث ورد إلينا كتاب إدارة التفتيش الفني على الإدارات القانونية بوزارة العدل بمناسبة ما تجريه من تحقيقات في الشكوى رقم 46/2008-2009 أمام عناية السيد الأستاذ المستشار/ ................. المفتش الفني بالإدارة.

وحيث طلب منا تقديم مذكرة بأقوالنا ودفاعنا فيما هو منسوب إلينا من إهمال الإشراف والمتابعة على أعمال الأستاذ/ ................ المحامي بإدارة القضايا، مما ترتب عليه تقاعس الأخير عن حضور جلسات الخبير في الدعوى رقم 19662 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة، ومن ثم قيام الخبير بإيداع تقريره المتضمن تقاعس الهيئة عن تقديم المستندات وإعادة الأوراق للمحكمة لعدم كفاية المستندات.

ويهمنا في هذا الصدد شرح وإيضاح الوقائع والحقائق التالية:

بموجب قانون إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة رقم 43 لسنة 1982 تم إنشاء لجنة قضائية بمنطقة أوقاف القاهرة، وقد حدد ذلك القانون اختصاصات تلك اللجنة القضائية على سبيل الحصر.

وقد أجاز قانون إنهاء الأحكار سالف الذكر لكل من هيئة الأوقاف والمستحكر أو المنتفع الظاهر الطعن على القرار الصادر من اللجنة القضائية للأحكار أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار المحكر، على أن يكون قرار المحكمة الابتدائية في ذلك الطعن نهائياً لا يقبل الطعن عليه بأي من طرق الطعن العادية أو غير العادية.

وحيث صدر قرار اللجنة القضائية للأحكار – بجلسة 17/3/2003 – والذي قررت فيه تقدير ثمن المتر من أرض العقار رقم 9 عطفة الروم، بحارة الروم، قسم الدرب الأحمر، بالقاهرة، بمبلغ 3000 جنيه وثمن المتر من المباني بمبلغ 150 جنيه، مع إلزام هيئة الأوقاف بتعويض المستحكرين بنسبة 25% من ثمن الأرض، وكذا اتخاذ اللازم حيال ملحق المسجد المقام على الأرض موضوع الحكر.

وإذ لم ترتض هيئة الأوقاف المصرية بهذا القرار فقد طعنت عليه أمام المحكمة الابتدائية المختصة بالدعوى رقم 19662 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة، استناداً إلى تجاوز اللجنة القضائية للأحكار لنطاق اختصاصها المحدد حصراً في قانون إنهاء الأحكار سالف الذكر، مع ملاحظة أن تلك المسألة مسألة قانونية بحتة.

كما لم يرتض ورثة كل من/ ..................... (الصادر ضدهم قرار اللجنة القضائية للأحكار) بقرار تلك اللجنة، فقد طعنا عليه أمام المحكمة الابتدائية المختصة بالدعوى رقم 20491 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة، استناداً إلى خطأ القرار بعدم قضائه باتخاذ إجراءات استبدال العقار المحكر لصالح المستحكرين، وبإعادة تقدير ثمن المتر من الأرض حيث أن السعر الذي قدرته اللجنة يقل كثيراً عن القيمة الحقيقية لتلك الأرض.

وإذ تم ضم الدعويين سالفتي الذكر لبعضهما، للارتباط حيث أنهما طعنان على حكم واحد، وليصدر فيهما حكماً واحداً.

وإذ قضت المحكمة بإحالة الدعوى لمكتب الخبراء المختص لمباشرة المأمورية التي أناطها بها الحكم التمهيدي، وهي أساساً تقدير سعر المتر من أرض التداعي، لبحث اعتراضات المستحكرين في طعنهم سالف الذكر والذي يطلبون فيه إعادة تقدير ثمن المتر من أرض التداعي.

وإذ طلب الخبير من المستحكرين موافاته بحالات مثل قريبة من أرض التداعي حتى يستطيع تقدير ثمن المتر من أرض التداعي على أساس واقعي سليم.

وإذ تقاعس المستحكرين عن موافاة الخبير بما طلبه، ومن ثم فقد أعاد الخبير الدعوى للمحكمة دون مباشرة المأمورية لعدم كفاية المستندات المودعة بها.

وإذ أخذت المحكمة بمذكرة الخبير، دون بحث موضوع الطعنين، وقضت برفضهما معاً لعدم تقديم كل طاعن المستندات المؤيدة لطعنه.

وننوه هنا إلى نقاط هامة وفاصلة في موضوع الشكوى عاليه، وهي:

أن طعن هيئة الأوقاف رقم 19662 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة كان أساسه مسألة قانونية بحتة، تختص المحكمة بالفصل فيها، ولا مجال مطلقاً لإيداع الفصل فيها للخبراء، لكونها مسألة قانونية محضة وليست مسألة فنية يصعب على المحكمة تقصي حقيقتها بنفسها. فمن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجوز للقاضي أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه، والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها، دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها". (نقض مدني جلسة 24/3/1976 المكتب الفني - السنة 27 – صـ 752). كما تواتر قضاء النقض على أنه: "لقاضي الموضوع أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها". (نقض مدني في الطعن رقم 243 لسنة 51 قضائية - جلسة 28/2/1985. وفي الطعن رقم 2418 لسنة 52 قضائية - جلسة 6/5/1986).

أن طعن المستحكرين رقم 20491 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة كان أساسه عنصرين: أحدهما قانوني وهو خطأ اللجنة القضائية للأحكار فيما لم تقض به من اتخاذ إجراءات استبدال عقار التداعي إليهم. والآخر فني واقعي وهو: إعادة تقدير سعر المتر من أرض التداعي بزعم أن السعر الذي قدرته اللجنة القضائية للأحكار يقل كثيراً عن سعر المثل.

ومن ثم، فإن عبء الإثبات في طعن المستحكرين المتقدم ذكره، والمحال للخبراء، بشأن إعادة تقدير سعر المتر من أرض التداعي ليتناسب مع سعر المثل، مما يقتضي تقديم حالات مثل من حيث الموقع الجغرافي والنطاق الزمني، هذا العبء يثقل كاهل المستحكرين الطاعنين. وهيئة الأوقاف ليست ملزمة قانوناً بأن تثبت لهم دعواهم وهي المدعى عليها؟!! حيث تنص المادة الأولى من قانون الإثبات على أنه: "على الدائن إثبات الالتزام". ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المدعى هو المُكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة إلى تؤيد ما يدعيه فيها"، وأن: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"، وأنه: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة التزام المُدعي بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان هو المُدعي أصلاً في الدعوى أو المُدعى عليه فيها". (الطعون أرقام: 229 لسنة 38 قضائية - جلسة 19/6/1973 السنة 24 صـ 940. والطعن رقم 98 لسنة 53 - جلسة 7/12/1986. والطعن رقم 1784 لسنة 51 قضائية - جلسة 15/4/1986. والطعن رقم 291 لسنة 31 قضائية - جلسة 25/5/1966 ع1 صـ 1236. والطعن رقم 407 لسنة 51 قضائية - جلسة 12/6/1984. والطعن رقم 5469 لسنة 52 قضائية - جلسة 17/6/1986).

أن هيئة الأوقاف المصرية، ولجنة مراجعة قرارات اللجنة القضائية للأحكار، قد ارتضت بالسعر الذي قدرته اللجنة القضائية للأحكار لأرض التداعي، ولم تر ثمة مطعن عليه. وعليه فإن رفض المحكمة لتعديل سعر المتر من أرض التداعي يكون في صالح هيئة الأوقاف وليس في صالح المستحكرين.

أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 19662 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة بجلسة 29/6/2008، قد أخطأ فيما قضى به من رفض هذا الطعن المقام من هيئة الأوقاف، وذلك لأنه استند إلى مذكرة الخبير الذي أعاد ملف الدعوى للمحكمة لعدم كفاية الأوراق لمباشرة المأمورية بإعادة تقدير سعر المتر من أرض التداعي بناء على اعتراض المستحكرين ولعدم تقديم حالات مثل تمكن الخبير من إعادة بحث تلك المسألة. فهو إن أصاب في رفض طعن المستحكرين لهذا السبب، إلا أنه يكون قد أخطأ في رفض طعن هيئة الأوقاف لهذا السبب، إذ أن طعن الهيئة منصب على مسألة قانونية بحتة وليس مسألة فنية ولا علاقة له بإعادة تقدير ثمن المتر من أرض التداعي.

ولئن كان ما تقدم، إلا أن أحكام المحكمة الابتدائية الصادرة في الطعون المقامة أمامها على قرارات اللجنة القضائية للأحكار، هي أحكام نهاية لا يجوز الطعن عليها بأي من طرق الطعن العادية أو غير العادية. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد نصوص المواد 5 ، 6 ، 12 من القانون رقم 43 لسنه 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة أن المشروع قد خول اللجنة القضائية المُشكلة وفقا للمادة الخامسة اختصاصا قضائيا في المسائل المبينة بها ومن تقدير ثمن الأرض والفصل في كافة المنازعات التي تنشأ عن تطبيق هذا القانون، ولم يستثن من الخضوع لأحكامه سوى الأحكار التي صدرت قرارات بإنهائها وتمت إجراءاتها نهائياً وقام المحتكر بسداد الثمن أو مُعجلة وذلك قبل العمل بأحكام هذا القانون، كما تختص المحكمة الابتدائية بنظر الطعون التي تقدم إليها من ذوى الشأن ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية في قرارات اللجنة القضائية، فولايتها إذ مقصورة على النظر فيما إذا كان قرار اللجنة سالف الذكر قد صدر موافقا لأحكام ذلك القانون أو بالمخالفة له وحكمها في هذا الشأن يكون نهائيا غير قابل للطعن فيه بالاستئناف". (نقض مدني في الطعن رقم 1374 لسنة 59 قضائية – جلسة 10/6/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 633).

وأخيراً، فإن إخطارات الخبراء عندما ترد إلى إدارة القضايا، مباشرة وفي وقت كاف قبل موعد جلسة الخبير، فإن مدير إدارة القضايا أو من يحل محله، يؤشر عليها بالتسليم للعضو القانوني المختص، وفي موعد الجلسة يحرر العضو القانون خط سير للذهاب إلى الخبراء، أو الذهاب إليها مباشرة بعد حضوره جلسات المحكمة إذا كان عنده جلسة بالمحكمة في ذلك اليوم، أو يقوم بعمل تعارض ليحضر أحد تلك الجلستين ويحضر زميل آخر الجلسة الأخرى، وهي توقع من مدير إدارة القضايا، ويقف دوره عند هذا الحد، ولكنه لا يذهب ليتابع كل محام في إدارة القضايا، وعددهم يربو على الـ 60 محامي ومحامية، ليعرف ما إذا كانوا يحضرون جلسات الخبراء من عدمه، فهذا ما لا يمكنه طلبه منه. حيث أنه من المبادئ المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الإشراف لا يعني أن يقوم المشرف بكل عمل أو متابعة كل عمل مرءوسيه في كل خطوة من خطواتهم وإلا كان معنى ذلك أنه سيقوم بعمل الإدارة التي يشرف عليها كلها وهو ما لا يتصور. حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "تحديد مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية ليس معناه تحميله بكل المخالفات التي تقع في أعمال التنفيذ التي تتم بمعرفة المرءوسين خاصة ما قد يقع منهم من تراخ في التنفيذ أو التنفيذ بما لا يتفق والتعليمات - أساس ذلك: أن ليس مطلوباً من الرئيس أن يحل محل كل مرءوس في أداء واجباته لتعارض ذلك مع طبيعة العمل الإداري ولاستحالة الحلول الكامل - يسأل الرئيس الإداري عن سوء ممارسة مسئولياته الرئاسية خاصة الإشراف والمتابعة والتنسيق بين أعمال مرءوسيه في حدود القوانين واللوائح والتعليمات بما يكفل حسن سير المرفق الذي يخدمه". (الطعن رقم 2815 لسنة 33 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 12/11/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 104 – فقرة 1).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

الرد على مطالبة نقابة التطبيقيين بالدمغة

الضريبة والرسم:

المبالغ المطالب بها هي في حقيقتها "جباية" أو بمثابة "ضريبة" وليس "رسم" حيث أن الرسوم تكون مُقابل خدمات تؤديها الجهة الإدارية للمواطنين بناء على طلبهم أما الضرائب فهي مبالغ تقتضي منهم دون رضائهم ودون أن يقابلها أية خدمة مباشرة تؤديها الجهة الإدارية لهم نظير تلك المبالغ.

حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن: "الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً وبصفة نهائية من المُكلفين بها، لا يملكون التنصل من أدائها باعتبار أن حصيلتها تعينها على النهوض بخدماتها ومهامها التي يُفيد مواطنوها منها بوجه عام، فلا تكون الضريبة التي يتحملون بها إلا إسهاماً منطقياً من جانبهم في تمويل أعبائها، ولا تقابلها بالتالي خدمة بذاتها أدتها مُباشرة لأحدهم، وذلك على نقيض رسومها التي لا تقتضيها من أيهم إلا بمُناسبة عمل أو أعمال مُحددة بذاتها أتتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مُقابل يناسبها – وإن لم يكن بقدر تكلفتها – إلا جزاءاً عادلاً عنها، ومن ثم تكون هذه الأعمال مناط فرضها، وبما يوازيها". (الطعن رقم 58 لسنة 17 قضائية "دستورية عليا" – جلسة 15/11/1997).

كما أنه من المُقرر كذلك في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "ليس ثمة مصلحة مشروعة ترتجى من وراء إقرار تنظيم تشريعي يتوخى مُجرد تنمية موارد الدولة من خلال فرض ضريبة تفتقر إلى قوالبها الشكلية أو لا تتوافر – في أركانها ودوافعها – الأسس الموضوعية التي ينبغي أن تقوم عليها، ذلك أن جباية الأموال في ذاتها، لا تعتبر هدفاً يحميه الدستور بل يتعين أن تتم وفق قواعده وبالتطبيق لأحكامه". (الطعن رقم 9 لسنة 17 قضائية "دستورية عليا" – جلسة 7/9/1996).

وعليه، فالرسوم التي تفرضها الدولة لا تحصل إلا جزاءاً عادلاً عن الأعمال مناط فرضها والتي تؤديها الجهة الإدارية للمواطنين بناء على طلبهم، فتلك الأعمال مناط استحقاق الرسوم، وإذا لم يتوافر مناط استحقاقها فلا تستحق، وإلا غدا تحصيلها بالتالي مُجرد جباية لا ضابط لها ولا يستقيم بُنيانها وفق الأسس الموضوعية التي لا تقوم [لا الضريبة ولا الرسوم] دستورياً في غيابها.

لما كان ما تقدم، وكانت المادة 119 من الدستور تنص على أن: "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغاؤها لا يكون إلا بقانون... ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون".

كما تنص المادة 120 من الدستور على أن: "ينظم القانون القواعد الأساسية لجباية الأموال العامة وإجراءات صرفها".

عدم دستورية الضريبة المنصوص عليها بقانون نقابة التطبيقيين:

لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت: "بعدم دستورية البند "ب" من المادة 52 من القانون رقم 67 لسنة 1974 معدلاً بالقانون رقم 40 لسنة 1979 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية فيما نص عليه من لصق دمغة النقابة على أوامر وعقود توريد السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الفنية التنفيذية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة". (الطعن رقم 128 لسنة 22 قضائية "دستورية" – بجلسة 6/6/2004. المصدر: مجلة "الدستورية" – العدد السادس – السنة الثانية – أكتوبر 2004 – صـ 62 وما بعدها). وقد جاء في حيثيات هذا الحكم ما يلي:

وحيث أن المادة 52 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية معدلاً بالقانون رقم 40 لسنة 1979 تنص على أن: "يكون لصق دمغة النقابة إلزامياً على الأوراق والدفاتر والرسومات الآتية:

1- أصول عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يباشرها أو يشرف عليها عضو النقابة، وكذلك عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يقوم بها عضو النقابة لحسابه الخاص وأوامر التوريد الخاصة بها، وكذلك صورها التي تعتبر مستنداً ويعتبر العقد أصلاً إذا حمل توقيع الطرفين مهما تعددت الصور.

2- أوامر التوريد بالأمر المباشر وأوامر التكليف بالأعمال الفنية التطبيقية وعقود التوريد عن السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الفنية التنفيذية، وكذلك عقود الأعمال الفنية التنفيذية الأخرى على اختلاف أنواعها كالآلات والأدوات والأجهزة والمعدات وذلك كله طبقاً لما يحدده النظام الداخلي للنقابة وتعتبر الفواتير الخاصة بهذه التوريدات كعقود إذا لم تحرر لها عقود.

3- تقارير الخبراء الفنيين من أعضاء النقابة، وتكون قيمة الدمغة المستحقة طبقاً للفقرات السابقة كما يلي:

- 100 مليم عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 100 جنيه.

- 500 مليم عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 500 جنيه.

- جنيه واحد عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 1000 جنيه.

- وتزاد خمسمائة مليم عن كل ألف جنيه تزيد على الألف جنيه الأولى.

ويتحمل قيمة الدمغة الطرف المسند إليه تنفيذ الأعمال أو التوريد أو مقدم الشكوى أو طالب تقدير الأتعاب أو رافع الدعوى، حسب الأحوال ...".

وحيث أن من المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، يدفعونها بصفة نهائية دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، وهي تفرض مرتبطة بمقدرتهم التكليفية، ولا شأن لها بما قد يعود عليهم من فائدة بمناسبتها، أما الرسم فإنه يُستحق مقابل نشاط خاص أتاه الشخص العام عوضاً عن تكلفته وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكانت الدمغة المفروضة بالنص الطعين على أوامر وعقود توريد السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الفنية التنفيذية لا تقابلها خدمة فعلية تكون النقابة أو أحد أعضائها قد بذلها لمن يتحملون بها، فإنها لا تعد من الناحية القانونية رسماً، على الرغم من أن المشرع قد أسبغ عليها هذا الوصف بنص المادة 54 من ذات القانون، وإنما تنحل ضريبة، وهي بعد ضريبة عامة إذ لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة، وإنما تسري كلما توافر مناطها في أية جهة داخل حدود الدولة الإقليمية.

وحيث أن الضريبة العامة يحكمها أمران أساسيان لا ينفصلان عنها، بل تتحدد دستوريتها على ضوئهما معاً.

أولهما: أن الأموال التي تجبيها الدولة من ضرائبها وثيقة الصلة بوظائفها سواء التقليدية منها أو المستحدثة، وقيامها على هذه الوظائف يقتضيها أن توفر بنفسها – ومن خلال الضريبة وغيرها من الموارد – المصادر اللازمة لتمويل خططها وبرامجها. والرقابة التي تفرضها السلطة التشريعية – بوسائلها – على هذه الموارد ضبطاً لمصارفها، هي الضمان لإنفاذ سياستها المالية، وأن اختصاص السلطة التشريعية في مجال ضبطها لمالية الدولة يقتضي أن تقوم هذه السلطة بربط الموارد في جملتها بمصارفها تفصيلاً وإحكام الرقابة عليها، لا أن تناقض فحواها بعمل من جانبها.

ثانيهما: أن الضريبة العامة هي أصلاً وابتداء مورد مالي يتضافر مع غيره من الموارد التي تستخدمها الدولة لمواجهة نفقاتها الكلية بما يحقق النفع العام لمواطنيها، أي أن تحقيق النفع العام أو ما يعبر عنه أحياناً بأكبر منفعة جماعية يعد قيداً على إنفاق الدولة لإيراداتها، وشرطاً لاقتضائها ضرائبها ورسومها.

وحيث إن ما تقدم لا يعني أن الدولة لا تستطيع تحويل بعض مواردها إلى الجهة التي تراها عوناً لها على النهوض بمسئولياتها بل يجوز ذلك بشرطين:

الأول: أن تكون الأغراض التي تقوم عليها هذه الجهة وفقاً لقانون إنشائها وثيقة الاتصال بمصالح المواطنين في مجموعهم، أو تؤثر على قطاع عريض من بينهم.

الثاني: أن يكون هذا الدعم المالي مطلوباً لتحقيق أهداف تلك الجهة، وعلى أن يتم ذلك من خلال رصد ما يكفيها بقانون الموازنة العامة وفقاً للقواعد التي نص عليها الدستور، لا عن طريق الضريبة التي تفرضها السلطة التشريعية لصالح تلك الجهة ابتداء.

وحيث أن الأصل في الضريبة – وباعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً - أن يؤول مبلغها إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي تم تدبيرها، وكان النص المطعون فيه قد فرض الضريبة المتنازع عليها لصالح نقابة بذاتها واختصها بحصيلتها التي تؤول إليها مباشرة فلا تدخل خزانة الدولة، أو تقع ضمن مواردها بحيث تستخدمها في مجابهة نفقاتها العامة، فإنها تكون في حقيقتها معونة مالية رصدتها الدولة لتلك النقابة عن طريق الضوابط التي فرضها الدستور في شأن الإنفاق العام، ومن ثم تفقد الضريبة المطعون عليها مقوماتها وتنحل عدماً، وهو ما يقتضي الحكم بعدم دستوريتها لمخالفتها أحكام المواد 61 و 115 و 116 و 119 و 120 من الدستور.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت أحكام المواد 53 و 54 و 82/7 و 105 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية قد تناولت بالتنظيم بعض جوانب الضريبة المقضي بعدم دستوريتها، حيث حظرت المادة 53 على الجهات المشار إليها بها قبول الأوراق والمستندات المنصوص عليها بالمادة 52 إلا إذا كان ملصقاً عليها الدمغة المقررة، كما قضت المادة 54 بسقوط الحق في طلب رد رسم الدمغة المحصل بغير وجه حق بمضي سنة من يوم أدائه، واعتبرت المادة 82/7 حصيلة طوابع الدمغة على الأوراق والعقود المنصوص عليها في المادة 52 ضمن موارد صندوق الإعانات والمعاشات للنقابة المذكورة، وفرض نص المادة 105 من ذات القانون عقوبة الغرامة التي لا تجاوز خمسة جنيهات على كل من وقع أو قبل أو أستعمل عقداً أو رسماً أو صورة أو محرراً مما ورد في المادة 52 من هذا القانون لم يؤد عنه رسم الدمغة المقرر، وكان الحكم بعدم دستورية ضريبة الدمغة في مجال تطبيقها بالنسبة للبند "ب" من المادة 52 المشار إليها يعني بطلانها وزوال الآثار التي رتبتها، وكان ما يتصل من أحكام المواد 53 و 82/7 و 105 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بذلك البند، مؤداه ارتباطهما معاً ارتباطاً لا يقبل التجزئة فإن تلك الأحكام – وبقدر هذا الاتصال – تسقط تبعاً للحكم ببطلان الضريبة المطعون عليها". (الطعن رقم 128 لسنة 22 قضائية "دستورية" – بجلسة 6/6/2004. المصدر: مجلة "الدستورية" – العدد السادس – السنة الثانية – أكتوبر 2004 – صـ 62 وما بعدها)

أثر الحكم بعدم دستورية نص في القانون (في خصوص الضرائب):

تنص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، على أن: "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير مُلزمة لجميع السلطات وللكافة. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يُحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مُباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المُدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص".

ومن المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "تنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسن 1979 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية... مُلزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتُنشر الأحكام... في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص من قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره. ومفاد هذا النص أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري – تكون لها حجية مُطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وكذلك جميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمُذكرة الإيضاحية للقانون لا يقتصر على المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم". (الطعن رقم 48 لسنة 3 قضائية – جلسة 11/6/1983 مجموعة المكتب الفني – سنة 2 – صـ 148 – فقرة 1).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض المدني أن: "النص في المادة 178 من الدستور على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار"، والنص في المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 الخاص بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة الدستورية العليا على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل في دستورية القوانين وتكون هذه الأحكام ملزمة لجميع جهات القضاء"، يدل على أن نشر تلك الأحكام قصد به علم الكافة، وأن هذا العلم يفترض بمجرد حصول هذا النشر، وأنه يترتب على هذه الأحكام عدم نفاذ النصوص التشريعية المحكوم بعدم دستوريتها من تاريخ نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع جهات القضاء منذ هذا التاريخ". (الطعن رقم 128 لسنة 47 قضائية – جلسة 18/3/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 861. والطعنان رقمي 507 و 1354 لسنة 47 قضائية – جلسة 27/3/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 937. المصدر: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4971 – صـ 1870).

كما قضت محكمة النقض المدني بأنه: "إذا كان الثابت من الطلب الذي قدمته المطعون ضدها لفتح باب المُرافعة في الدعوى بعد حجزها للحكم أنه أشار إلى قرار المحكمة الدستورية العليا الصادر في طلب التفسير رقم 4 لسنة 8 قضائية "دستورية عليا"، وكانت المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 تنص على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا ..."، فإن مُقتضى ذلك افتراض علم الكافة به، ولا يكون من أوجه الدفاع التي يمتنع على المحكمة قبولها دون إطلاع الخصم عليها طبقاً للمادة 168 مرافعات". (الطعن رقم 302 لسنة 48 قضائية – جلسة 13/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 454. المصدر: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4972 – صـ 1871).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

إثبات عقد الإيجار الأماكن بالكتابة

إثبات عقد الإيجار بالكتابة

أولاً- الموضوع:

تمتلك جهة وقف/ فريدة حسن فرج – فيما تمتلك – العقار رقم 3 بشارع سعد ابن أبي وقاص – بمصر القديمة – بالقاهرة.

وبموجب إقرار وضع يد مُؤرخ في أول أغسطس من عام 1993 يستأجر السيد/ ............................ ما هو الشقة رقم 2 بالعقار سالف الذكر، نظير أجرة شهرية قدرها 15ر5جم (خمسة جنيهات وخمسة عشر مليماً).

وفي تاريخ 16/8/2005 تقدم السيد/ ................... مستأجر الشقة المذكورة بطلب إلى السيد الأستاذ/ مدير عام منطقة أوقاف القاهرة يلتمس فيه الموافقة على تحرير عقد إيجار له عن الشقة المؤجرة له بموجب إقرار وضع اليد، وذلك بعد أن قام بسداد الإيجار المتأخر على تلك الشقة حتى شهر أغسطس 2005 بالإيصال رقم 12716 بتاريخ 16/8/2005.

قام السيد معاون الأملاك (بقسم ثالث) بمنطقة أوقاف القاهرة بعمل المعاينة والتحريات عن تلك الشقة وأفاد بأنه: "بالمعاينة على الطبيعة تبين أن الشقة المذكورة تقع بالدور الأرضي علي يسار مدخل العقار، ولها بابين، وبالسؤال عن المستأجر أفاد أحد سكان العقار بأن المستأجر خارج البلاد وأن الشقة مغلقة منذ فترة طويلة".

كما أفادت إدارة الأملاك – قسم ثالث بمنطقة أوقاف القاهرة في كتابها المؤرخ في 26/10/2005 والوارد إلي الشئون القانونية بمنطقة أوقاف القاهرة برقم 2124 في تاريخ 7/11/2005 بأنه: "لا يوجد إيجار متأخر بدفتر الحركة على تلك الشقة، وأن الإيجار مُسدد حتى آخر شهر ديسمبر 2005". وقد أرفقت بكتابها هذا المستندات التالية:

- صورة ضوئية من إقرار وضع يد مؤرخ في أول أغسطس 1993 عن الشقة المذكورة عالية موقع من السيد/ ........................

- صورة ضوئية من الطلب المُقدم من السيد/ ..................... والذي يلتمس فيه الموافقة على تحرير عقد إيجار له عن تلك الشقة المؤجرة له بموجب إقرار وضع يد منذ عام 1993.

وقد طلبت منطقة أوقاف القاهرة الإفادة بالرأي بشأن الطلب المُقدم.

ومن ثم فقد أحيلت إلينا الأوراق للبحث القانوني.

ثانياً- البحث القانوني:

التزام المؤجر بتحرير عقد الإيجار كتابة:

تنص المادة 16/1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه: "اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابةً ...".

فابتداءً من 18/8/1969 (تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969) يلتزم المُؤجر بتحرير عقد الإيجار كتابةً. سواء كان تاريخ إنشاء العين المُؤجرة سابق أو لاحق لتاريخ العمل بأحكام هذا القانون المذكور. أما عقود الإيجار السابقة على هذا التاريخ فأمرها متروك للقواعد العامة.

وقد أوردت المادة 24/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ذات الحكم. وهو التزام المُؤجر بتحرير عقد الإيجار كتابةً، فنصت على أنه: "اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابةً... ويجوز للمُستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات...".

وقد أبقى القانون رقم 136 لسنة 1981 على هذا الحكم، فلم يلغيه ولم يعدله.

وجدير بالذكر أن إيجاب تحرير عقد الإيجار كتابةً يرد على كل تعاقد بالإيجار يتم ليس فقط ابتداءً من تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في 9/9/1977 بل ابتداءً من تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 في 18/8/1969 إذ أن هذا القانون أيضاً قد أوجب تحرير عقود الإيجار بالكتابة ابتداء من تاريخ نفاذه.

ويبين من مناقشات مجلس الشعب أن المشرع مع إبقائه على مبدأ رضائية عقد الإيجار قد قصد فيما يتعلق بإثبات هذا العقد حماية الجانب الضعيف فيه وهو المُستأجر، فاشترط في إثبات العقد من جانب المُؤجر أن يكون بالكتابة، بحيث لا يجوز له إثباته بالبينة إلا إذا وجد أحد مسوغات الإثبات بالبينة حيث يجب الإثبات بالكتابة [راجع المواد 61 وما بعدها من قانون الإثبات]. أما المُستأجر فقد أجاز له القانون إثبات التعاقد بكافة طرق الإثبات. (المصدر: "شرح قانون إيجار الأماكن" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثاني – الطبعة التاسعة 1992 القاهرة – بند 253/أ – ص 625 : 633).

ويلاحظ أن المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا تقضي بحرمان المُؤجر من الإثبات بالبينة إلا إذا كان هو المتمسك بالعقد أو بشرط من شروطه، فيكون عليه إثباته بالكتابة ويمتنع عليه إثباته بالبينة (ما لم يوجد لديه أحد المسوغات التي تجيز الإثبات بالبينة استثناءً فيما يجب إثباته بالكتابة أصلاًأما إذا كان المتمسك بالعقد أو بشرط من شروطه هو المستأجر، فإن المادة المذكورة تجيز له إثبات ذلك بكافة الطرق بما فيها البينة. (المصدر: سليمان مرقس – المرجع السابق بند 253/أ – ص 630 : 631).

والالتزام بتحرير عقد الإيجار كتابةً مُتعلق بالنظام العام، ويترتب عليه أن تقضي المحكمة بعدم قبول دعوى المُؤجر أو رفضها إذا استبان لها عدم وجود عقد إيجار مكتوب، وذلك من تلقاء نفسها ولو لم يدفع الخصم بعدم وجود عقد مكتوب. (المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الأول – الطبعة الرابعة عشر 2001 القاهرة – ص 897).

هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "مُؤدى المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 (المُقابلة لنص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977) أن المُشرع مع إبقائه على مبدأ رضائية عقد الإيجار قصد من حيث إثبات العقد حماية الجانب الضعيف وهــو المُستأجر، فاشترط في إثبات العقد من جانب المُؤجر أن يكون بالكتابة بحيث لا يجوز إثباته بالبينة إلا إذا وُجِدَ أحد مسوغات الإثبات بالبينة فيما يجب إثباته بالكتابة، أما المُستأجر فقد أجاز القانون له إثبات التعاقد وجميع شروطه بكافة طرق الإثبات". (الطعن رقم 869 لسنة 47 قضائية – جلسة 13/6/1981. المصدر: عزمي البكري – المرجع السابق – ص 895 ، 896).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "مفاد نص المادتين 16 و 44 من القانون رقم 52 لسنة 1969 (المُقابلة لنص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977) يدل على أن المشرع اعتبر الالتزام بإفراغ التعاقد على الإيجار في عقد مكتوب من مسائل النظام العام، وأجاز للمستأجر في حالة مخالفة المؤجر لهذا الالتزام أو في حالة الاحتيال لستر العقد أو شرط من شروطه في صورة مخالفة، إثبات حقيقة التعاقد بجميع طرق الإثبات". (الطعن رقم 767 لسنة 47 قضائية – جلسة 14/2/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 487 – فقرة 1. المصدر: CD موسوعة أحكام المحاكم العليا).

هجرة المستأجر أو عدم انتفاعه بالعين المؤجرة:

من المُسلم به قانوناً أن انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة هو: حق له وليس واجب عليه، بمعنى أن للمستأجر حرية الانتفاع بالعين المؤجرة أو عدم الانتفاع بها، وذلك شريطة ألا يصاحب عدم الانتفاع بتلك العين ما ينبئ عن نية تخلي المستأجر عنها أو تركها نهائياً، وشريطة ألا يترتب على غلق العين وعدم الانتفاع بها ضرر بالعين المؤجرة أو بالمبنى الكائنة فيه، وشريطة أن يقوم المستأجر بتنفيذ التزاماته تجاه المؤجر ومن أهمها الوفاء بالأجرة المستحقة في مواعيدها.

فمن المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعبير المُستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين كما قد يكون صريحاً يصح أن يكون ضمنياً بأن يتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في انصراف نيته إلى إحداث هذا الأثر القانوني، وأنه وإن كان من واجب المُؤجر تمكين المُستأجر من الانتفاع بالعين، إلا أنه لا تثريب على المُستأجر إن هو لم ينتفع بها فعلاً، ما دام قائماً بتنفيذ التزاماته تجاه المُؤجر". (الطعن رقم 1331 لسنة 49 قضائية – جلسة 15/1/1986. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 608 – صـ 874 و 875).

وأنه حتى لو كان المستأجر قد هاجر إلى الخارج وترك البلاد نهائياً فهذا لا يحول دون حقه في استئجار الأعيان داخل القطر ولا يمنعه من المطالبة بتحرير عقد إيجار له عن العين التي يستأجر ويدفع أجرتها منذ عام 1993.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "هجرة المصري إلي الخارج - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تفيد حتماً تركه العين المؤجرة له، ويؤيد ذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 111 لسنة 1983بإصدار قانون الهجرة ورعاية المصريين في الخارج". (الطعن رقم 215 لسنة 54 قضائية – جلسة 31/1/1985)

حيث أنه لا تلازم بين الترك الذي عناه المشرع في قوانين إيجار الأماكن وبين إقامة المستأجر بالخارج، ولا يوهن ذلك من بقاء عقد الإيجار إذ أن القانون لا يحرمه في هذه الحالة من الاحتفاظ بمسكنه في موطنه الأصلي وهو ما يؤكده حكم المادة الأولى من قانون الهجـرة ورعاية المصريين بالخارج رقم رقم 111 لسنة 1983من أن للمصريين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة للخارج وأنه لا يترتب على هجرتهم الدائمة أو الموقوتة الإخلال بحقوقهم الدستورية أو القانونية التي ينتفعون بها بوصفهم مصريين طالما ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية. فلا ينتهي عقد الإيجار بهجرة المستأجر المصري ومغادرته الديار المصرية نهائياً. (نقض مدني في 25/5/1977 - مجموعة أحكام النقض السنة 28 صـ 1278 – رقم 220).

التطبيق:

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الفتوى الماثلة يتضح جلياً أن مستأجر الشقة موضوع البحث الماثل يستطيع إثبات العلاقة التعاقدية مع هيئة الأوقاف المصرية بكافة طرق الإثبات (بما فيها البينة وقرائن الأحوال) لا سيما وأن معه إيصالات سداد أجرة تلك العين منذ عام 1993 وحتى نهاية عام 2005، بينما هيئة الأوقاف المصرية المؤجرة والملزمة قانوناً بإفراغ التعاقد على الإيجار في عقد مكتوب (وهذا الالتزام متعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه) لا يجوز لها التمسك بالعلاقة الايجارية أو مقاضاة المستأجر بشأنها إلا إذا كان معها عقد إيجار مكتوب، ومن ثم يكون تحرير عقد إيجار مع المستأجر يصب في مصلحة الهيئة أكثر من مصلحة المستأجر. وأن المستأجر لو لجأ إلى القضاء للحكم له بإثبات العلاقة الايجارية وإلزام الهيئة بتحرير عقد إيجار له فإنه (وعند التطبيق السليم للقانون) سيقضى له بطلباته تلك، بينما الهيئة إذا أرادت مقاضاة المستأجر لأي سبب سواء بطلب الإخلاء لعدم سداد الأجرة أو فسخ العقد للتنازل أو التأجير من الباطن فلن تقبل دعوى الهيئة إلا إذا قدمت عقد الإيجار سند الدعوى ولا يجوز لها باعتبارها المؤجرة إثبات العلاقة الايجارية بأي طريق آخر سوى تقديم عقد الإيجار المكتوب على نحو ما سلف بيانه.

أما عن المعلومات التي أفاد بها أحد سكان العقار من أن المستأجر خارج البلاد وأن الشقة مغلقة منذ مدة طويلة فلا أثر قانوني لها على التزام الهيئة المؤجرة بتحرير عقد إيجار مكتوب للمستأجر، لا سيما وأن هجرة المستأجر أو عدم انتفاعه بالعين المؤجرة لا يجيز إخلاء العين طالما لم يكشف المستأجر عن نيته على التخلي عن العين أو تركها ولم يثبت أن عدم الانتفاع بالعين يضر بسلامة المبنى كما أن المستأجر يفي بالتزاماته تجاه الهيئة المؤجرة لا سيما وأنه مسدد أجرة تلك العين حتى نهاية عام 2005. فضلاً عن أن اللجوء للقضاء للمطالبة بإخلاء المستأجر وفسخ عقد الإيجار معه لأي سبب كان يستلزم قانوناً تقديم عقد الإيجار سند الدعوى من جانب هيئة الأوقاف المؤجرة التي لا يجوز لها قانوناً إثبات العلاقة الايجارية بأي طرق خلاف عقد الإيجار المكتوب.

مع ملاحظة أنه في حالة اعتماد تلك المذكرة والموافقة على الرأي الذي انتهت إليه الفتوى فإنه سيتم تحرير عقد الإيجار في أواخر عام 2005 أو أوائل عام 2006 ولمنع أي لبس في شأن القانون الذي سيخضع له هذا العقد (هل هو القانون المدني أم قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية) فنرى وجوب أن يدون على وجه عقد الإيجار الذي سيحرر مع المستأجر (مُقدم الطلب) أنه تم تحرير هذا العقد تنفيذاً لفتوى الشئون القانونية بمنطقة أوقاف القاهرة رقم 563 لسنة 2005 المعتمدة من السيد الأستاذ/ رئيس مجلس الإدارة في تاريخ ... (يدون تاريخ الاعتماد)، بناءاً على إقرار وضع اليد المُؤرخ في أول أغسطس من عام 1993. وذلك ليكن معلوماً أن تاريخ نشأة العلاقة التعاقدية هي أصلاً في عام 1993 وبالتالي يخضع عقد الإيجار الذي سيحرر إلى قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية وليس إلى القانون المدني على الرغم من أن تاريخ تحريره سيكون في 2005 أو 2006.

ثالثاً- الرأي:

لكل ما تقدم، نرى: الموافقة على الطلب المُقدم من السيد/ .................. بتحرير عقد إيجار له بوصفه المُستأجر الأصلي للشقة رقم 2 بالعقار رقم 3 بشارع سعد ابن أبي وقاص – بمصر القديمة – بالقاهرة، التابع لجهة وقف/ فريدة حسن فرج، مع مراعاة ما يلي:

- أن يدون على وجه عقد الإيجار المكتوب الذي سيحرر مع المستأجر أنه تم تحرير هذا العقد تنفيذاً لفتوى الشئون القانونية بمنطقة أوقاف القاهرة رقم 563 لسنة 2005 المعتمدة من السيد الأستاذ/ رئيس مجلس الإدارة في تاريخ ... (يدون تاريخ الاعتماد)، بناءاً على إقرار وضع اليد المُؤرخ في أول أغسطس من عام 1993

- أن يذكر في عقد الإيجار الذي سيتم تحريره الغرض من الإيجار، حيث أنه غير مدون في إقرار وضع اليد المؤرخ 1/8/1993.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية

عدم جواز الطعن بالنقض على حكم صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية

أولاً- الوقائع والموضوع:

تمتلك جهة وقف/ فاطمة هانم إسماعيل الخيري – فيما تمتلك – قطعة أرض زراعية مساحتها 8س 19طف (تسعة عشر قيراطاً وثمانية أسهم) مُقسمة على قطعتين: الأولى- مساحتها 10ط (عشرة قراريط) كائنة بحوض أم زينة نمره/9 صـ 10 بزمام منية سندوب، مركز المنصورة، بالدقهلية. والقطعة الثانية- مساحتها 8س 9ط (تسعة قراريط وثمانية أسهم) كائنة بحوض الجزيرة نمره/ 5 بزمام منية سندوب، مركز المنصورة، بالدقهلية.

وبموجب عقد إيجار أطيان زراعية مُحرر بتاريخ 19/9/1973 أستأجر المواطن/ ........................... مجموع تلك الأطيان سالفة الذكر نظير إيجار سنوي قدره 463ر26جم (ستة وعشرون جنيهاً وأربعمائة وثلاثة وستون مليماً). [ومدون على هامش هذا العقد أنه تم التنازل عن صورة العقد السابق إيداعه بالجمعية عن نفس المساحة حيث حرر عقد آخر].

قام مستأجر الأرض الزراعية المذكورة بزراعتها وسداد القيمة الايجارية عنها خلال الفترة من عام 1973 وحتى 1998، حيث أنه في غضون عام 1998 سمح المستأجر الأصلي لمن يُدعى/ .............................. بوضع يده على مساحة قدرها 1ط (قيراط واحد) تقريباً من إجمالي مساحة القطعة الأولى المؤجرة للمستأجر الأصلي (والبالغ قدرها 10ط عشر قراريط بحوض أم زينة نمره/9 صـ 10 المتقدم ذكرها)، وقد حدث ذلك بدون علم أو موافقة هيئة الأوقاف المصرية المؤجرة.

ومن ثم قام المدعو/ ..................................... (واضع اليد) بتبوير مساحة القيراط (تقريباً) التي يضع يده عليها، وقام ببناء منزل بالطوب الأحمر والمونة الأسمنتية والسقف خشب (على مساحة 80ر116م2 - مائة وستة عشر متراً مربعاً وثمانون سنتيمتر تقريباً)، وحدث ذلك بدون علم أو موافقة هيئة الأوقاف المصرية المؤجرة.

وعليه فقد تم تحرير محضر مخالفة مباني رقم 43416 لسنة 1998 بمعرفة الجهة الإدارية المختصة، ومن ثم أقيمت الدعوى الجنائية ضد المدعو/ .......................... (واضع اليد) بتهمة تبوير الأرض الزراعية والبناء عليها، وهي الجنحة رقم 1725 لسنة 1998 جنح أمن دولة طوارئ، ولكن قُضِىَ فيها لصالحه بالبراءة (بجلسة 8/4/1998) استناداً إلى تقرير الخبير المودع بملف تلك الجنحة والذي أثبت أن تلك الأرض (محل الاتهام) يتعذر زراعتها لعدم إمكانية الري والصرف وأنها أرض بور محاطة بأراضي بور من جميع الجهات ولا يوجد لها مصدر ري. وقد أصبح هذا الحكم نهائياً.

وبعد ذلك، قامت هيئة الأوقاف المصرية (منطقة أوقاف الدقهلية) برفع دعوى مدنية أمام المحكمة الجزئية المُختصة، وهي الدعوى رقم 458 لسنة 2000 مدني جزئي مركز المنصورة – وقيدت بتاريخ 2/5/2000، ضد كل من المستأجر الأصلي للأطيان الزراعية المواطن/ .................. ، وواضع اليد (على جزء من تلك الأطيان) المدعو/ ....................... ، بطلب الحكم للهيئة بفسخ عقد الإيجار المُحرر في 19/9/1973 المحرر بين الهيئة والمستأجر الأصلي، مع طرد المدعى عليهما من تلك الأطيان المؤجرة، وتسليم الأرض كلها بما عليها من مباني باعتبارها مُستحقة الإزالة، مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومُقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المُعجل بلا كفالة. وأسست الهيئة هذه الدعوى المدنية على سند من القانون رقم 96 لسنة 1992 المتعلق بإيجار الأراضي الزراعية وكذلك القانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي والمعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1975، وأيضاً لمُخالفة المستأجر الأصلي لبنود عقد الإيجار.

وتداولت تلك الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 31/3/2004 قضت محكمة مركز المنصورة الجزئية بـ: "عدم قبول الدعوى، وألزمت المُدعي بصفته بالمصاريف". وقد أسست محكمة مركز المنصورة الجزئية قضائها هذا على أساس عدم قيام هيئة الأوقاف (المدعية) بإعذار المتعاقد معها قبل طلب فسخ العقد طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 157 من القانون المدني وأحكام محكمة النقض في هذا الشأن، حيث خلت أوراق الدعوى مما يفيد إنذار المدعي بصفته للمدعى عليه الأول (المستأجر الأصلي) بأي إعذار ومن ثم تكون الدعوى قد تخلف عنها شرط الإعذار الأمر الذي قضت معه المحكمة بعدم قبول الدعوى على نحو ما ورد بمنطوق الحكم.

وإذ لم ترتض هيئة الأوقاف المصرية بهذا الحكم لذا فقد قامت بالطعن عليه بطريق الاستئناف أمام المحكمة المُختصة (المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية)، وذلك بالاستئناف رقم 642 لسنة 2004 مدني مُستأنف كلي المنصورة، وقيد هذا الاستئناف في تاريخ 8/5/2004 وتداول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره، وبجلسة 30/5/2005 قضت المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية في هذا الاستئناف بـ: "سقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، وألزمت المُستأنف بصفته بالمصروفات". وأسست المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية قضائها هذا على سند من قانون الإصلاح الزراعي (الذي أسست الهيئة دعواها عليه) والذي نص في المادة 39 مكرر "أ" منه على أنه يجوز استئناف الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية المختصة طبقاً لأحكام المادة السابقة أياً كانت قيمة الدعوى وذلك خلال 30 (ثلاثين) يوماً من تاريخ صدور الحكم أمام المحكمة الابتدائية المختصة، ولما كان الحكم المستأنف قد صدر بتاريخ 31/3/2004 وقيدت صحيفة الاستئناف بتاريخ 8/5/2004 أي بعد مرور أكثر من الثلاثين يوماً المنصوص عليها بالمادة سالفة الذكر الأمر الذي يكون معه المستأنف بصفته (هيئة الأوقاف) قد أقام استئنافه بعد الميعاد وقضت المحكمة بسقوط حقه فيه على نحو ما ورد بمنطوق ذلك الحكم.

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فقد تقدم المدعو/ ....................... (واضع اليد على قيراط تقريباً من المساحة المؤجرة للمستأجر الأصلي المتقدم ذكره) بطلب إلى رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية يلتمس فيه التصالح مع الهيئة والتعاقد معها ويبدي استعداده لسداد مُقابل انتفاعه بتلك المساحة كما أبدى رغبته في شراء تلك المساحة من الهيئة واستبدالها.

ومن ثم أحيل هذا الطلب المذكور إلى إدارة الفتوى والرأي بالإدارة العامة للشئون القانونية بديوان عام الهيئة، وأفرد لها ملف الفتوى رقم 439 حصر عام 1057 لسنة 2001 اختصاص الأستاذ/ ........................ ، وقد انتهت الفتوى المذكورة إلى: "أولاً- إرجاء البت في الطلب المقدم من المواطن/ محمد أسعد السيد محمد بخصوص استبدال المساحة البالغ قدرها 175م2 بحوض أم زينة بوقف فاطمة هانم إسماعيل بمنية سندوب التابعة لمنطقة الدقهلية لحين الفصل في النزاع القضائي المتداول. ثانياً- متابعة منطقة الدقهلية للدعوى المرفوعة من قبل الهيئة ضد المواطن المذكور وإبلاغ الإدارة العامة للشئون القانونية بما يتم بشأنها حتى يمكن اتخاذ اللازم". وقد تم اعتماد الرأي الوارد في تلك الفتوى وتم إبلاغ منطقة أوقاف الدقهلية بها.

كما تم فتح ملف فتوى ثانية لذات الموضوع، وهي الفتوى رقم 708 حصر عام 1166 لسنة 2003 اختصاص الأستاذ/ .................. ، وغير واضح من الأوراق سبب فتح ملف ثاني لذات الموضوع ولا ما انتهى إليه الرأي في هذه الفتوى الثانية.

وبناء على كل ما تقدم، فقد قامت الشئون القانونية بمنطقة أوقاف الدقهلية بمُخاطبة الإدارة العامة للشئون القانونية للاستطلاع رأيها في شأن التصالح مع المدعى عليه الثاني (واضع اليد) واستبدال تلك المساحة له وتحصيل رسوم الدعوى عن الدرجتين أو الطعن على الحكم الاستئنافي بطريق النقض. ومن ثم أحيلت الأوراق إلى إدارة القضايا للنظر والتصرف وإبداء الرأي في الطعن أو التصالح والإفادة بما يتم.

ثانياً- البحث القانوني:

تنص المادة 248 من قانون المُرافعات على أنه: "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الأحوال الآتية: ...".

كما تنص المادة 249 من قانون المُرافعات على أنه: "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي – أياً كانت المحكمة التي أصدرته – فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي".

فكقاعدة عامة، لا تقبل الطعن بطريق النقض إلا الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف. فلا يُطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى ولو صدرت انتهائية، أو في الأحكام الصادرة من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية، إلا في أحوال استثنائية. وتقبل جميع أحكام محاكم الاستئناف الطعن بالنقض، سواء صدرت في استئناف أحكام محاكم الدرجة الأولى، أو صدرت بعد نظر محكمة الاستئناف لطعن بالتماس إعادة النظر. وسواء كان الحكم فاصلاً في موضوع الدعوى أو صادراً قبل الفصل في الموضوع ولو في دعوى وقتية. وسواء كان الحكم مُنهياً للخصومة أو غير منه لها مع ملاحظة القاعدة العامة في للطعن من عدم قابلية الحكم الغير المنهي للخصومة للطعن إلا بعد صدور الحكم المُنهي لها باستثناء بعض الحالات. وأخيراً فإن حكم محكمة الاستئناف يقبل الطعن بالنقض أياً كانت قيمة القضية التي صدر فيها. (المصدر: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – للدكتور/ فتحي والي – الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 268 – صـ 842 و 843).

ويُلاحظ بالنسبة لجواز الطعن بالنقض، حيث يجوز الطعن بالنقض في غير أحكام محاكم الاستئناف، فإن الأمر يقتصر على أحوال مُحددة واردة على سبيل الحصر، وهذه هي في القانون المصري:

1- الحكم الانتهائي: أياً كانت المحكمة التي أصدرته، سواء كانت محكمة جزئية أو محكمة ابتدائية، الذي فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، طبقاً لنص المادة 249 مرافعات.

2- الأحكام الانتهائية التي يُجيز القانون للنائب العام الطعن فيها لمصلحة القانون في الحالات التي تنص عليها المادة 250 مُرافعات.

فلا يجوز الطعن في غير هذه الأحوال. (المصدر: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – د. فتحي والي – المرجع السابق – نفس الموضع).

ومن المُستقر عليه قانوناً (تشريعاً وفقهً وقضاءً) أن الطعن بالنقض هو من طرق الطعن غير العادية فلا يجوز إلا في الحالات التي حددتها المادة 248 مرافعات على سبيل الحصر، وكأصل عام لا يجوز إلا في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إلا أن المُشرع استثنى من ذلك الأحكام الانتهائية المشار إليها في المادة 249 مرافعات. (المصدر: "التعليق على قانون المُرافعات" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري – الجزء الثاني – الطبعة الثامنة 1996 القاهرة – شرح المادة 248 مرافعات – صـ 350).

هذا ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "مُؤدى المادتين 248 و 249 من قانون المُرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وعلى الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز الطعن فيها بطريق النقض وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها وعلى المحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها". (الطعن رقم 15 لسنة 43 قضائية – جلسة 20/4/1977. والطعن رقم 405 لسنة 45 قضائية – جلسة 5/2/1980. والطعن رقم 269 لسنة 49 قضائية جلسة 9/1/1984. والطعن رقم 957 لسنة 50 قضائية – جلسة 31/5/1984. المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للدناصوري – المرجع السابق – القاعدة رقم 7 – صـ 357 و 358).

حيث تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "مُقتضى المادتين 248 و 249 من قانون المُرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وفي الأحكام الانتهائية – أياً كانت المحكمة التي أصدرتها – إذا صدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فإنها لا يجوز الطعن فيها بطريق النقض، وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء بتأييدها أو بإلغائها أو تعديلها". (الطعن رقم 193 لسنة 50 قضائية – جلسة 21/5/1984 . ونقض جلسة 11/1/1977 السنة 28 العدد الأول صـ 194. المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للدناصوري – المرجع السابق – القاعدة رقم 146 – صـ 378 و 379).

كما قضت محكمة النقض بأن: "مؤدى نص المادتين 248 و 249 من قانون المُرافعات أن الطعن بطريق النقض قاصر على أحكام محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية إذا فصلت الأخيرة في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي". (الطعن رقم 445 لسنة 48 قضائية – جلسة 11/12/1983. المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للدناصوري – المرجع السابق – القاعدة رقم 187 – صـ 386).

لما كان ما تقدم، وكانت الحالة الاستثنائية المُحددة والواردة على سبيل الحصر في قانون المرافعات غير متوافرة في حالة دعوانا الماثلة، ومن ثم فلا يجوز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية في الدعوى رقم 642 لسنة 2005 مدني مُستأنف كلي المنصورة المذكور عاليه.

ولما كان طلب التصالح قد أفرد له ملفان فتوى بإدارة الفتوى والرأي بالإدارة العامة للشئون القانونية بديوان عام الهيئة، على النحو سالف الذكر، لذا فمن الأصوب إحالة الأوراق إلى إدارة الفتوى بديوان عام الهيئة للعمل على ضم ملفي الفتوتين المذكورتين وإرفاق هذه الأوراق وتلك المذكرة بهما ومن ثم إصدار التوصية والرأي المناسب قانوناً.

ثالثاً- الرأي:

· لكل ما تقدم نرى – لدى الموافقة:

1- عدم جواز الطعن بطريق النقض على الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية في الاستئناف رقم 642 لسنة 2005 مدني مُستأنف كلي المنصورة المذكور عاليه.

2- إحالة الأوراق إلى إدارة الفتوى والرأي بالإدارة العامة للشئون القانونية بديوان عام الهيئة لإرفاقها بملفي الفتويين رقمي 439 حصر عام 1057 لسنة 2001 اختصاص الأستاذ/ ................. ، والفتوى رقم 708 حصر عام 1166 لسنة 2003 اختصاص الأستاذ/ ................... ، بعد ضم الفتوتين معاً للارتباط ولتصدر فيهما فتوى واحدة.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،