الخميس، 5 نوفمبر 2009

مذكرة دفاع في دعوى حيازة ضد الوقف

مذكرة دفاع في دعوى حيازة ضد الوقف

محكمة حلوان الجزئية

الدائرة "الخامسة" - زوجي

مذكرة

بدفاع/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته (مدعى عليه الثاني)

ضد

السادة/ الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين ....... (مدعية)

في الدعوى رقم 472 لسنة 2009 مستعجل حلوان، والمحدد لنظرها جلسة يوم الثلاثاء الموافق 20/10/2009م للمرافعة

أولاً- الوقائع

تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي بصفته عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة، ولم تعلن قانوناً لهيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية)، طلب في ختامها الحكم له ضد المدعى عليهما الأول والثاني بصفتيهما – وفي مواجهة المدعى عليه الثالث بصفته – بإلزامهما بمنع تعرضهما القانوني والمادي للجمعية المدعية في حيازتها (لقطعة الأرض الكائنة 25 كدستر بشارع عزام بحلوان والبالغ مساحتها الإجمالية 2987.50م2وذلك بصفة مستعجلة، وإلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وقالت الجمعية المدعية شرحاً لدعواها أنها اشترت عين التداعي من الغير بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 24/4/2008 (وذكرت في موضع آخر أن تاريخ الشراء كان في 24/8/2008) وأنها بعد إبرام عقد البيع الابتدائي قامت مباشرة بتسجيله وشهره بالشهر العقاري (ولم تذكر تاريخ التسجيل أو رقمه)، وإذ ادعت الجمعية المدعية بأن وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية يتعرضا لها مادياً وقانونياً في ملكيتها وحيازتها لعين التداعي، مما حدا بها إلى إقامة دعواها الماثلة بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر.

ثانياً- الدفاع

ندفع بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة "محلياً" بنظر الدعوى:

حيث تنص المادة 49 من قانون المرافعات على أن: "يكون الاختصاص (المحلي) للمحكمة التي يقع في دائرتها "موطن" المُدعى عليه، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. فإن لم يكن للمُدعى عليه موطن في الجمهورية يكون الاختصاص (المحلي) للمحكمة التي يقع في دائرتها "محل إقامته". وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص (المحلي) للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم".

ففي حالة تعدد المُدعى عليهم، فإن الاختيار في ذلك يكون للمُدعي، شريطة توافر شروط أربعة، هي:

1- أن يكون التعدد المدعى عليهم تعدداً حقيقياً (وليس صوري).

2- ألا ترفع الدعوى أمام محكمة الخصم الذي اختصم ليصدر الحكم في مواجهته أو لمجرد المثول في الدعوى.

3- أن تكون المحكمة التي ترفع إليها الدعوى، محكمة "موطن" أحد المدعى عليهم، وليست المحكمة المتفق عليها مع أحدهم دون الآخرين.

4- أن يكون من بين الطلبات الموجهة إلى المدعى عليهم ارتباط يبرر جمع الطلبات الموجهة لمدعى عليهم متعددين في دعوى واحدة.

وإذا رفعت الدعوى أمام محكمة لا يقع في دائرتها موطن أحد المدعى عليهم، وقبل أحدهم اختصاصها، فلا يسقط حق الباقين في الدفع بعدم الاختصاص. (لطفاً، المرجع: "التعليق على قانون المرافعات" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري وحامد عكاز – الجزء الأول – الطبعة الثامنة – صـ 394 وما بعدها).

لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد النص في المادة 194 و 55 و 49 من قانون المرافعات أن قاضى الأمور الوقتية المختص محلياً بإصدار الأمر هو قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة محلياً بنظر الدعوى، وهي محكمة موطن المدعى عليه، وعند تعدد المدعى عليهم يكون الاختصاص لأية محكمة يقع في دائرتها موطن أحدهم، ويشترط لتطبيق هذه القاعدة أن يكون تعدد المدعى عليهم حقيقياً لا صورياً". (نقض مدني في الطعن رقم 1914 لسنة 50 قضائية – جلسة 12/3/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 380 – فقرة 4).

وكذلك تواترت أحكام محكمة النقض على أنه: "لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات على أن "وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم" قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة المدعى عليهم المتعددين في الخصومة تعدداً حقيقياً، والمقصود بهم هؤلاء الذين وجهت إليهم طلبات في الدعوى لا أولئك الذين اختصموا ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 1697 لسنة 55 قضائية – جلسة 23/2/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 593 – فقرة 1).

كما قضت محكمة النقض بأنه: "إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن لم يمثل في الخصومة أمام محكمة أول درجة وقد تمسك بصحيفة الاستئناف بعدم اختصاص تلك المحكمة محلياً بنظر الدعوى، وإذ كان للمدعي في حالة تعدد المدعى عليهم أن يرفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم عملا بالفقرة الأخيرة من المادة 49 من قانون المرافعات، ويشترط لذلك أن يكون التعدد حقيقياً لا صورياً وأن يكون المدعى عليهم متساوين في قوة الالتزام". (نقض مدني في الطعن رقم 2717 لسنة 61 قضائية - جلسة 20/5/1992 مجموعة المكتب الفني - السنة 43 - صـ 705).

لما كان ما تقدم، وكان موطن وزير الأوقاف (المدعى عليه الأول بصفته) كائن في شارع صبري أبو علم بمحافظة القاهرة، وكان موطن هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية بصفته) كائن في شارع التحرير بميدان الدقي بمحافظة الجيزة، وموطن محافظ حلوان (المدعى عليه الثالث بصفته، وهو خصم مواجهة وليس خصم حقيقي) كائن في هيئة قضايا الدولة بمجمع التحرير بميدان التحرير بمحافظة القاهرة. ولا يوجد من بين المدعى عليهم بصفاتهم من موطنه كائن في محافظة حلوان أو مدينة حلوان حتى ترفع الدعوى الماثلة أمام محكمة حلوان.

ومن ثم يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية – والحال كذلك – الدفع بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة "محلياً" بنظر الدعوى الماثلة وطلب إحالتها بحالتها لمحكمة جنوب الجيزة الابتدائية لنظرها للاختصاص، ويكون هذا الدفع قد جاء على سند صحيح من القانون خليقاً بالقبول والقضاء به، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية بصفته) على سبيل الجزم واليقين.

علماً بأن الجمعية المدعية لم تعلن هيئة الأوقاف المصرية على موطنها القانوني وهو مركزها الرئيسي الكائن بميدان الدقي بالجيزة، ولكن أعلنتها على إدارة القضايا بها في العتبة بالقاهرة، وذلك على خلاف القانون حيث لا يجوز الإعلان على المحل المختار من دون الموطن الرئيسي.

ندفع بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة "نوعياً" بنظر الدعوى:

لما كان من المقرر قانوناً أن القضاء المستعجل يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت، فصلاً مؤقتاً لا يمس أصل الحق، وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح الطرفين المتنازعين.

ويشترط لاختصاص القاضي المستعجل تحقق الشروط الثلاثة الآتية:

الشرط الأول- توافر ركن الاستعجال أو الخطر:

ومعنى ذلك أن تكون المنازعة مما يخشى عليه من فوات الوقت. وقد عرف الاستعجال بأنه هو الخطر المحدق بالحقوق أو المصالح التي يراد المحافظة عليها. وهو يتوافر كلما وجدت حالة يترتب على فوات الوقت حصول ضرر منها يتعذر تداركه أو إصلاحه.

وللخشية من فوات الوقت مظهران:

المظهر الأول: الخشية من زوال المعالم – ومثال ذلك أن يقوم شخص بإغراق أرض جاره بالمياه بعد أن يكون قد أعدها للزراعة – ويرغب صاحب الأرض في إثبات هذه الحالة فوراً- وظاهر أن فوات الوقت يؤدي إلى جفاف المياه وزوال معالم الواقعة التي يريد صاحب الأرض الاستناد إليها في طلب التعويض مستقبلا.

والمظهر الثاني: هو الخشية من فوات المصلحة أو ضياع الحق - كما في حالة المستأجر الذي يترك العين المؤجرة بعد أن يخربها أو يتلفها - فهذه الحالة لا تزول معالمها بمرور الوقت – ولكن يترتب على البطء في إثباتها تفويت حق المؤجر في الانتفاع بالعين أو تأجيرها للغير.

ففي مثل هذه الأحوال يقتضي الأمر اتخاذ إجراء سريع لا يحتمل الإبطاء، ونتيجة لذلك توصف المنازعة بأنها مستعجلة.

وركن الاستعجال أو الخطر يجب أن يتوافر في جميع المنازعات المستعجلة وإلا كان القاضي المستعجل غير مختص بها، ووجب عرض النزاع في شأنها على القاضي الموضوعي إن كان لذلك محل.

ونلاحظ أخيراً في خصوص ركن الاستعجال ملاحظتين:

1- أن الاستعجال ينشأ من طبيعة الحق المتنازع فيه أو من الظروف المحيطة به لا من إرادة الخصوم أو رغبتهم في الحصول على حكم سريع ولا من اتفاقهم على اختصاص القاضي المستعجل.

2- أنه إذا زال الاستعجال أثناء نظر الدعوى فالراجح أن ذلك يزيل اختصاص القاضي المستعجل.

الشرط الثاني: أن يكون المطلوب في الدعوى المستعجلة هو إجراء وقتي أو تحفظي:

فإذا تضمنت الدعوى المستعجلة طلباً موضوعياً كالحكم بالمديونية أو الملكية أو الحيازة أو البطلان أو الفسخ كان القاضي المستعجل غير مختص بالدعوى (أو على الأقل بالطلب الموضوعي).

إلا أنه يجوز للقاضي المستعجل عندما يعرض عليه طلب موضوعي خارج عن حدود اختصاصه إذا ما قدر أنه ينطوي على طلب وقتي يدخل في اختصاصه أن يغير الطلبات المطروحة في الدعوى بما يتلاءم مع اختصاصه.

الشرط الثالث: ألا يكون من شأن الفصل في الدعوى المستعجلة المساس بأصل حق من الحقوق المدعاة من جانب أحد الطرفين:

وعدم المساس بالحق هو شرط لاختصاص القاضي المستعجل وقيد على سلطته في نفس الوقت.

فلو رفعت دعوى مستعجلة تتضمن مساساً بأصل الحق، فإن القاضي المستعجل يجب أن يحكم بعدم اختصاصه بها، ولو توافر ركن الخطر، ومثال ذلك أن ترفع إليه دعوى بطلب إثبات تزوير عقد – فمثل هذا الطلب موضوعي ويمس أصل الحق، فيجب على القاضي أن يحكم بعدم اختصاصه بالدعوى، وإنما يجوز له أن يحكم بالتحفظ على العقد المطعون عليه بالتزوير وذلك فإيداعه في خزينة المحكمة داخل مظروف مختوم، فمثل هذا الإجراء الوقتي يدخل في حدود اختصاصه.

مواطن عدم المساس بأصل الحق:

وعدم المساس بأصل الحق كشرط لاختصاص القضاء المستعجل يتمثل في جملة مواطن أو مواضع من الدعوى:

أولها- في الطلبات المعروضة على القاضي: إذ يجب ألا تكون طلبات موضوعية. والطلبات الموضوعية هي التي تتعلق بأصل الحق. ومثالها طلب الحكم بالمديونية أو الملكية أو البطلان أو الفسخ أو براءة الذمة أو سقوط الحق بالتقادم إلى غير ذلك من الطلبات المماثلة.

وثانيها- في بحث المستندات: إذ أن القاضي المستعجل يحكم بحسب الظاهر فلا يجوز له أن يتعمق في بحث المستندات أو أن يقطع في شأنها برأي حاسم أو أن يفسرها سواء كانت عقوداً أو أحكاماً، بل أنه يحكم بحسب ما يبدو له لأول وهلة أو لأول نظرة (أو على حد تعبير محكمة النقض أنه يتحسس المستندات، أي يبحثها بحثاً عرضيا). فإذا ما تعمق في بحثها أو تطرق إلى تفسيرها فإنه يكون قد جاوز اختصاصه.

وثالثها- في تسبيب الحكم: إذ يجب ألا يستند القاضي المستعجل في أسبابه إلى ثبوت الحق أو نفيه بل يجب أن يقتصر على الترجيح بين الاحتمالات دون أن يقطع برأي في أصل الحق، وإلا فإن حكمه يكون مبنياً‌ على أساس فاسد لتجاوزه حد اختصاصه.

ولهذا نجد أن أسباب الأحكام المستعجلة تتردد فيها غالباً عبارة "وحيث أنه يبدو ..." أو "وحيث أن الظاهر من الأوراق أو من الظروف ..." فلا يجوز أن يقول القاضي المستعجل: "وحيث أنه قد ثبت ..." - لأنه بذلك يكون قد اعتدى على ولاية القاضي الموضوعي ولم يبق شيئاً ليحكم فيه - مع أن القاعدة أن أصل الحق يبقى سليماً محفوظاً يتناضل فيه الخصمان أمام محكمة الموضوع ولا يتأثر بما ورد في الحكم المستعجل. ومن نتائج ذلك اعتبار حجية الحكم المستعجل مؤقتة ونسبية بمعنى أنها لا تؤثر على قضاء الموضوع.

والموضع الرابع- هو في منطوق الحكم: فلا يجوز للقاضي المستعجل أن ينتهي في قضائه إلى تقرير ثبوت الحق أو نفيه أو إلى إلزام أحد الخصمين بأداء حق إلى الآخر بل كل ما يستطيعه هو الحكم بإجراء مؤقت.

وتظل للإجراء الوقتي المحكوم به صفة الوقتية حتى ولو ترتب عليه ضرر دائم أو ضرر يتعذر تداركه كما في حالة الحكم بالطرد مثلا إذ ما شغلت العين التي طرد منها المستأجر، أو الحكم بالهدم إذا ما تم الهدم، ثم تبين بعد ذلك أمام قاضي الموضوع أن من صدر الحكم بالطرد أو الهدم لصالحه لم يكن محقاً في طلبه من الناحية الموضوعية، فإن تعذر إعادة الحال إلى ما كانت عليه لا ينفي أن الإجراء كان مع ذلك وقتياً، مقصوداً به تدارك الخطر العاجل الذي كان ماثلا أمام القاضي المستعجل، مع بقاء أصل الحق سليماً.

وتترتب على وجوب امتناع القاضي المستعجل عن المساس بأصل الحق نتيجة هامة، هي أنه لا يجوز له أن يحكم بإحالة الدعوى المستعجلة إلى التحقيق أي أن يسمع شهوداً كما لا يحوز له أن يقضي بتوجيه اليمين الحاسمة أو أن يحقق الادعاء بالتزوير، ولهذا فإن القاضي المستعجل لا يصدر أحكاماً تمهيدية بل ينتهي دائماً إلى القضاء بإجراء وقتي بموجب حكم يختتم به الدعوى دون أن تسبقه أحكام تمهيدية.

وإنما أجيز للقاضي المستعجل أن يقضي بالمعاينة أو يندب خبيراً إذا كان من شأنه هذا الإجراء التحقق من توافر ركن الاستعجال أي باعتبار ذلك وسيلة للتحقق من اختصاص القاضي، ومثال ذلك دعوى ترفع بطلب وقف أعمال الهدم أو البناء في عقار مجاور لأن ذلك يهدد عقار المدعى، فيجوز للقاضي أن يعاين أو أن يندب خبيراً للتثبت من أن هذه الأعمال تهدد عقار المدعى، فإذا تبين له ذلك كان مختصاً، وإلا فإن ركن الخطر ينتفي، وينتفي بذلك اختصاصه.

هذه هي الشروط اللازمة لاختصاص القاضي المستعجل، ويلاحظ أن أي شرط منها لا يغني عن الآخر بل لابد أن تتوفر جميعاً. فلو توافر الاستعجال والخطر، وتبين أن هناك مساساً بأصل الحق كان القاضي المستعجل غير مختص مهما بلغت درجة الخطورة. والعكس صحيح بمعنى أنه لو طلب من القاضي إجراء وقتي ولم يكن في ذلك أي مساس بأصل الحق ولكن انتفى الاستعجال فإنه يكون غير مختص.

ويجدر أخيراً أن نكرر الإشارة إلى أنه لا يكفي اتفاق الطرفين على اختصاص القاضي المستعجل لأن اختصاصه من النظام العام فهو لا يتولد من إرادة الطرفين بل من طبيعة الخصومة أو المنازعة والإجراء المطلوب فيها.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "نص المادة 45 من قانون المرافعات الواردة في الفصل الخاص بالاختصاص النوعي يدل على أن الشارع قد أفرد قاضى المسائل المستعجلة باختصاص نوعى محدد هو الأمر بإجراء وقتي إذا توافر شرطان: هما عدم المساس بالحق وأن يتعلق الإجراء المطلوب بأمر مستعجل يخشى عليه من فوات الوقت. وهذا الاختصاص متميز عن الاختصاص النوعي للمحاكم الجزئية والابتدائية التي تختص بالفصل في موضوع الأنزعة التي ترفع إليها. وإذا رفعت الدعوى لقاضى المسائل المستعجلة بطلب اتخاذ إجراء وقتي وتبين له أن الفصل فيه يقتضي المساس بالحق أو أن الاستعجال مع خشية فوات الوقت غير متوفر قضى بعدم اختصاصه بنظر الدعوى وبهذا القضاء تنتهي الخصومة أمامه ولا يبقى منها ما يجوز إحالته لمحكمة الموضوع طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات أولاً لأن هذا القضاء يتضمن رفضاً للدعوى لعدم توافر الشرطين اللازمين لقبولها وهما الاستعجال وعدم المساس بالحق وثانياً لأن المدعى طلب في الدعوى الأمر باتخاذ إجراء وقتي وهذا الطلب لا تختص به استقلالا محكمة الموضوع ولا تملك المحكمة تحويره من طلب وقتي إلى طلب موضوعي لأن المدعى هو الذي يحدد طلباته في الدعوى". (نقض مدني في الطعن رقم 295 لسنة 43 قضائية – جلسة 21/12/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 1841).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "قاضي الأمور المستعجلة يختص وفقاً للمادة 45 من قانون المرافعات بالحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت، فأساس اختصاصه أن يكون المطلوب الأمر باتخاذ قرار عاجل، وألا يمس هذا القرار أصل الحق الذي يترك لذوي الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعي، فإذا تبين أن الإجراء المطلوب ليس عاجلاً أو يمس بأصل الحق حكم بعدم اختصاصه بنظر الطلب ويعتبر حكمه منهياً للنزاع المطروح عليه بحيث لا يبقى منه ما يصح إحالته لمحكمة الموضوع". (نقض مدني في الطعن رقم 1678 لسنة 52 قضائية جلسة 27/3/1989).

وهدياً بما تقدم، ولما كان من المقرر قانوناً أن دعوى منع التعرض هي دعوى موضوعية، ولا تكون أبداً مستعجلة، وأن المطلوب في الدعوى الماثلة ليس اتخاذ إجراء وقتي عاجل مبني على ظاهر الأوراق، ومن ثم تنتفي جميع شروط الدعوى المستعجلة، وعليه يتعين القضاء بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة نوعياً بنظر الدعوى الماثلة والذي هو بمثابة رفضاً للدعوى المستعجلة.

نجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي:

قدم المُدعي بصفته صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المُقدمة في الدعوى الماثلة، وهيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية) تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة. وكذلك أية صور ضوئية أخرى سيُقدِمُها فيها.

لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. وفي الطعنين رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

ومن المبادئ المستقرة التي قررتها محكمة النقض أن: "استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور".

وهدياً بما تقدم، ولما كان المُدعي بصفته قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها الثانية) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه المُدعي بصفته قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة. مما يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية والقضاء في الدعوى الماثلة برفضها لعجز المُدعي عن إثبات دعواه، أو بالأقل رفض الدعوى بحالتها. علماً بأن عدالة المحكمة غير مُكلفة بتكليف الخصم بإثبات دعواه أو لفت نظره لمُقتضيات دفاعه.

نطلب رفض دعوى الحيازة:

لما كانت الدعوى الماثلة هي دعوى حيازة. وكانت دعاوى الحيازة لها عدة شروط لقبولها، وهذه الشروط تتعلق بالمُدعي في دعوى الحيازة (طالب الحيازة)، وبالمُدعي عليه فيها، وبالحق موضوع الحيازة، وبالاعتداء الذي ترفع الدعوى بسبب وقوعه، وبالمدة التي يجب أن ترفع خلالها دعوى الحيازة..

فبالنسبة للمُدعي في دعوى الحيازة (طالب الحيازة): فيشترط فيه أن يكون حائزاً للعقار، أي له سيطرة فعلية على العقار، وتلك السيطرة تكون بأن يستعمل الشخص العقار الذي يضع يده عليه فيما خصص له هذا العقار.

وبالنسبة لشروط الحيازة التي يحميها القانون: فقد نصت المادة 949 من القانون المدني على أنه: "لا تقوم الحيازة على عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المُباحات أو عمل يتحمله الغير على سبيل التسامح. وإذا اقترنت بإكراه أو حصلت خُفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أُخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها، إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب". وقد تضمن هذا النص شروط الحيازة التي يحميها القانون، وهذه الشروط هي:

- أن تكون الحيازة سيطرة متعدية، أي ليست مجرد رخصة أو عمل من الأعمال المُباحة أو عملاً يُقبل على سبيل التسامح.

- أن تكون الحيازة هادئة.

- أن تكون الحيازة ظاهرة.

- ألا تكون الحيازة غامضة أو مشوبة بلبس.

- أن تكون الحيازة مستمرة.

- أن تستمر الحيازة بشروطها السابقة كلها لمدة سنة واحدة على الأقل.

وبالنسبة لميعاد رفع الدعوى: فيشترط أن ترفع دعوى الحيازة خلال سنة من تاريخ الاعتداء على الحيازة. فقد نصت المادة 957 من القانون المدني على أنه: "لا تنقضي الحيازة إذا حال دون مباشرة السيطرة الفعلية على الحق مانع وقتي. ولكن الحيازة تنقضي إذا استمر هذا المانع سنة كاملة، وكان ناشئاً من حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو دون علمه. وتحسب السنة ابتداء من الوقت الذي بدأت فيه الحيازة الجديدة. إذا بدأت علناً، أو من وقت علم الحائز الأول بها إذا بدأت خُفية". فإذا لم ترفع دعوى الحيازة خلال السنة التي يحددها القانون فإنها تسقط بفوات هذا الميعاد.

الإثبات في دعوى الحيازة: يقع عب إثبات الحيازة بشرائطها القانونية جميعها على مُدعيها، وذلك في جميع أنواع دعاوى الحيازة. وكل ما تثبته محكمة الموضوع بشأن صفة الحيازة واستمرارها وانقطاعها وتقديرها لما يتمسك به الخصوم في ذلك من الأوراق والأفعال هو تقدير موضوعي لا سبيل لمحكمة النقض إلى رقابته إذا هو قد أقام قضاءه في ذلك على ما يكفي لتبريره. والحيازة كواقعة مادية العبرة فيها بما يثبت قيامه فعلاً، فإذا كان الثابت في الواقع يخالف ما هو ثابت في الأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع وإطراح ما هو غير حاصل، وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه لا تثريب على المحكمة إذا هي أحالت دعوى منع التعرض إلى التحقيق وكلفت المدعي فيها إثبات وضع يده الذي ينكره عليه خصمه، ولو كان بيده محضر تسليم رسمي سابق. (حكم صادر في 15 من يونيه 1950 مجموعة أحكام محكمة النقض للمكتب الفني سنة أولى صـ 611).

لما كان ما تقدم، وكان المُدعي في الدعوى الماثلة، لم يقم بإثبات أي عنصر من عناصر دعوى الحيازة الماثلة، بشرائطها السالف ذكرها، مما يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية المُطالبة والحال كذلك برفض الدعوى الماثلة (أو بالأقل رفضها بحالتها).

لا سيما وأنه من المقرر في قضاء النقض أن: "المدعى هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة إلى تؤيد ما يدعيه فيها"، و"أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع"، و"محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم الذي لم يقدم دليلاً على دفاعه بتقديم هذا الدليل أو لفت نظره إلي مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله". (نقض مدني في الطعون أرقام : 229 لسنة 38 قضائية - جلسة 19/6/1973 السنة 24 صـ 940. وفي الطعن رقم 98 لسنة 53 - جلسة 7/12/1986. ونقض 6/1/1973 صـ 40. وفي الطعن رقم 1784 لسنة 51 قضائية - جلسة 15/4/1986. وفي الطعن رقم 291 لسنة 31 قضائية - جلسة 25/5/1966 ع1 صـ 1236. وفي الطعن رقم 407 لسنة 51 قضائية - جلسة 12/6/1984. وفي الطعن رقم 5469 لسنة 52 قضائية - جلسة 17/6/1986).

عدم جواز الاستناد إلى الملكية في دعوى حيازة:

أما عن طلب المدعي بصفته منع تعرض الهيئة (المدعي عليها الثانية) له في حيازته لعين التداعي وذلك بعد أن استند لملكيته لها، يكون طلبه هذا قد جاء مخالفاً لصحيح القانون، حيث أنه لا يجوز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق في نفس الوقت.

لأنه من المسلم به قانوناً: أنه لا يجوز للمدعي في دعوى الحيازة أن يستند إلى ملكية عين التداعي، كما لا يجوز للمدعى عليه في دعوى الحيازة أن يدفع دعوى الحيازة بسبب يستند إلى ملكية عين التداعي، كما لا يجوز للقاضي أن يفصل في دعوى الحيازة استناداً إلى ملكية عين التداعي. إذ أن دعوى الحيازة تقوم فقط على واقعة الحيازة مجردة عن الملكية بل لا يجوز الجمع بين دعوى الحيازة والملكية معاً، حيث تنص المادة 44/3 مرافعات على أنه: "وكذلك لا يجوز الحكم في دعاوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه". وهذا المنع ينطبق على القاضي في مرحلتين من مراحل الدعوى: المرحلة الأولى "مرحلة إثبات الحيازة"، والمرحلة الثانية: "مرحلة الحكم في الحيازة".

ففي المرحلة الأولى "مرحلة إثبات الحيازة": لا يجوز لإثبات الحيازة التعرض للحق ذاته، بل يكون الإثبات قاصراً على واقعة الحيازة، وهي تثبت بجميع الطرق، ولا علاقة لإثباتها بإثبات الحق. فمثلاً في دعوى منع التعرض إذا قدم الحائز (المعتدى على حيازته)، لإثبات حيازته، مستندات تثبت ملكيته للعقار ليدلل بذلك على أنه هو الحائز الحقيقي للعقار، فإنه يمتنع على القاضي أن يقضي له بالحيازة لمجرد إثباته أنه صاحب الحق (حق الملكية)، بل عليه التحقق من توافر شروط الحيازة دون نظر للحق (حق الملكية).

وفي المرحلة الثانية "مرحلة الحكم في الحيازة": لا يجوز لقاضي الحيازة أن يجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق في الحكم الذي يصدره فاصلاً في الحيازة، وعليه أن يتجنب إسناد حكمه في الحيازة إلى الحكم في الحق. فإذا بنى حكمه في الحيازة على نص من نصوص القانون المدني التي تنظم وسائل اكتساب الحقوق أو فقدها كان حكمه مخالفاً للقانون، وخاصة إذا ذكر ذلك النص في منطوقه، أو أسس الحكم في الحيازة عليه وحده. حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أنه على المحكمة في دعاوى وضع اليد (الحيازة) أن تحصر أسباب حكمها فيما يتعلق بالحيازة المادية وتبحث شروطها القانونية، هل هي متوافرة للمدعي أم لا. أما إذا هي استقت أسباب حكمها من عقود الملكية وأقامتها عليها وحدها فإنها بذلك تكون قد جمعت بين دعوى الملكية (الحق) ودعوى وضع اليد (الحيازة) وخالفت بذلك نص القانون وتعين نقض حكمها. (حكم صادر في 24 مايو 1945 مجموعة القواعد القانونية جـ4 صـ 692 رقم 258).

لما كان ذلك، وكان المدعي في الدعوى الماثلة لم يستند في دعواهم إلا إلى أصل الحق (في الملكية) لعين التداعي، رغم أن طلبه النهائي هو منع التعرض (وهو من دعاوى الحيازة)، فإنه يكون قد جمع بين الملكية والحيازة بالمخالفة للقانون، ومن ثم تكون دعواه الماثلة قد جاءت على غير سند من صحيح القانون خليقة بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية.

عدم جواز حيازة الوقف الخيري:

لما كان ما تقدم، وكان المدعي بصفته لم يقم بإثبات توافر شروط الحيازة المتطلبة قانوناً، وجاءت ادعاءاته في هذا الصدد مجرد أقوال مرسلة عارية عن كل دليل، علماً بأن المدعى هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه.

وحتى على فرض قيام المدعي بإثبات دعواه وحيازته لعين التداعي الحيازة المتطلبة قانوناً والتي يحميها القانون، فإنه ولما كانت عين التداعي تتبع الأوقاف الخيرية لأنها وقف خيري، فلا يجوز بالتالي للمدعي طلب حماية وضع يده عليها، لأنه من المسلم به: "أن القانون لا يحمى الحيازة إلا باعتبارها مظهراً من مظاهر الملكية وقرينة عليها ويحمى الحائز بافتراض أنه المالك"، ولذلك فمن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أنه: "لا حماية للحيازة إذا لم تكن مؤدية للملكية، أي مُكسِبَة لها، والحيازة لا تُكسِب الحائز هذه الملكية إلا إذا توافرت لدية نية التملك، والقانون لا يعتد بنية التملك تلك إلا إذا تعلقت الحيازة بعقار يُمكن كسب ملكيته (أو كسب أي حق عيني آخر عليه) بالتقادم، أما في الأحوال التي لا يُمكن كسب ملكية العقار بالتقادم كما هو الحال بالنسبة إلى العقارات المملوكة ملكية عامة أو خاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأوقاف الخيرية فإن القانون لا يعتد بنية التملك هذه ولا يحمى حيازة حائزها مهما استطالت مدتها. وفى هذا الشأن قضت محكمة النقض بما يلي:

أ) "الحيازة التي تبيح رفع دعاوى الحيازة ليست مجرد السيطرة المادية على العقار فحسب بل يجب أن يكون ذلك مقترناً بنية التملك ولازم هذا أن يكون العقار من العقارات التي يجوز تملكها بالتقادم فيخرج منها العقار الذي يُعد من الأموال العامة أو الخاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأوقاف الخيرية إذ هي أموال غير جائز تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم إعمالاً لنص المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957". (نقض مدني في الطعن رقم 452 لسنة 54 قضائية - جلسة 26/11/1987).

ب) "أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وجوب توافر نية التملك لدى الحائز الذي يلجأ إلى دعاوى الحيازة حمايةً لحيازته، ولازم ذلك أن يكون العقار موضوع الحيازة مما يجوز تملكه بالتقادم فلا يكون من الأموال العامة أو الخاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأوقاف الخيرية التي منع المشرع تملكها أو كسب أي حق من الحقوق العينية عليها بالتقادم، وقد نصت المادة 970 من القانون المدني بعد تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957 على عدم جواز تملك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن أعيان النزاع مما تضمنته حجة الوقف التي تقع حصة الخيرات مشاعاً فيها، ولئن كان المطعون ضده الأول يستند في حيازته لنصيبه إلى عقود قسمة فيما بينه وبين باقي ورثة الواقف غير أن الأوقاف الخيرية لم تكن طرفاً في هذا العقد ولو يتم فرز وتجنيب حصتها عن طريق لجان القسمة بوزارة الأوقاف ومقتضى قيام حالة الشيوع هذه أن الأوقاف الخيرية تملك في كل ذرة من ذرات المال الشائع ومؤدى ذلك وإعمالاً لما نصت عليه المادة 970 من القانون المدني سالفة الذكر عدم جواز تملك أي جزء من الأعيان التي تضمنتها حجة الوقف المشار إليها بالتقادم ولا تتوافر بالتالي لدى المطعون ضده الأول وهو حائز لجزء من تلك الأعيان شروط الحيازة التي يجوز حمايتها بدعاوى الحيازة ومن ثم تكون دعواه غير مقبولة". (نقض مدني في الطعن رقم 1623 لسنة 51 قضائية - جلسة 13/1/1985 س 36. والطعن رقم 607 لسنة 53 قضائية - جلسة 9/2/1984).

جـ) "يتعين توافر نية التملك لمن يبغي حماية يده بدعوى منع التعرض ولازم ذلك أن يكون العقار من العقارات التي يجوز تملكها بالتقادم فلا يكون من الأموال العامة أو الخاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأوقاف الخيرية التي منع المشرع تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم بما نص عليه في المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانونين 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959. ومن ثم يتعين على المحكمة في دعوى منع التعرض أن تحسم النزاع المثار حول ما إذا كان العقار مما يجوز كسب ملكيته بالتقادم أو لا، للوصول إلى ما إذا كانت حيازته جديرة بالحماية القانونية لمنع التعرض أم لا، دون أن يُعتبر ذلك منها تعرضاً لأصل الحق". (نقض مدني في الطعن رقم 1080 لسنة 50 قضائية - جلسة 27/3/1984 س 35 صـ 846. وفي الطعن رقم 353 لسنة 54 قضائية - جلسة 25/6/1987).

وعليه تكون دعوى المدعي الماثلة قد جاءت على خلاف الحقيقة والقانون جديرة بالرفض وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

حق المدعي بصفته عند البائع له وليس عند هيئة الأوقاف:

حيث أن القانون قد رسم طريق لحماية حقوق المشتري من الخطر الجدي الظاهر الذي يهددها في المادتين 443 و 444 من القانون المدني.

فنصت المادة 443 من القانون المدني على أنه: "إذا استحق كل المبيع كان للمشترى أن يطلب من البائع:

1. قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت.

2. قيمة الثمار التي ألزم المشترى بردها لمن استحق المبيع.

3. المصروفات النافعة التي لا يستطيع المشترى أن يلزمها بها المستحق وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيئ النية.

4. جميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق عدا ما كان للمشترى يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر البائع بالدعوى طبقاً للمادة440.

5. وبوجه عام تعويض المشترى عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع.

كل هذا ما لم يكون رجوع المشترى مبيناً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله".

كما تنص المادة 444 من القانون المدني على أنه: "

1. إذا استحق بعض المبيع أو وجد مثقلا بتكليف وكان خسارة المشترى من ذلك قد بلغت قدراً لو علمه لما أتم العقد كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة في المادة السابقة على أن يرد له المبيع وما أفاده منه.

2. فإذا اختار المشترى استبقاء المبيع أو كانت الخسارة التي لحقته لم تبلغ القدر المبين في الفقرة السابقة لم يكن له إلا أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق".

فإن استحقاق المبيع يعتبر إخلالاً بالتزام الضمان الذي يقع على البائع، وأنه يؤدي طبقاً للقواعد العامة إلى تخويل المُشتري أن يطلب إما التنفيذ بمُقابل (التنفيذ عن طريق التعويض) وإما فسخ العقد أو إبطاله. وقد طبقت المادة 443 مدني حكم التنفيذ بمُقابل، دون الإخلال بحق المُشتري في فسخ العقد أو إبطاله حيث نصت صراحة في فقرتها الأخيرة على أن كل هذا ما لم يكن رجوع المُشتري مبنياً على المُطالبة بفسخ البيع أو إبطاله. فيجوز للمُشتري أن يتجاوز عن طلب التنفيذ بمُقابل، وأن يطلب الفسخ. ويكون له بناء على ذلك أن يسترد الثمن الذي دفعه وأن يطلب فوق ذلك تعويضاً عن الأضرار التي أصابته بسبب الاستحقاق. وفوق ذلك، فإن استحقاق المبيع للغير يحمل في ذاته الدليل على أن البيع ورد على ملك الغير، وإذن يجوز للمُشتري أن يستغني عن طلب التنفيذ بمُقابل وعن طلب الفسخ كليهما، بطلب إبطال البيع مع التعويض لورود البيع على مال غير مملوك للبائع. (لطفاً، المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور سليمان مرقس – لجزء الثالث: "في العقود المُسماة" – المُجلد الأول: "عقد البيع" – الطبعة الخامسة 1990 القاهرة – بند 210 – صـ 547 وما بعدها).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض في هذا الصدد أن: "مجرد احتمال وجود تسجيلات على العين المبيعة لا يخول للمشتري حق حبس الثمن حتى يتحقق من خلوها من التسجيلات، وبخاصة بعد أن يكون قد تسلم المبيع، فإن القانون إذا رسم الطريق لحماية حقوق المشتري من الخطر الجدي الظاهر الذي يهددها". (نقض مدني جلسة 28/1/1942 مجموعة عمر 3 رقم 164 صـ 468).

ومن ثم، فإن المادة 443 قد نصت على أنه إذا استحق المبيع فقد بينت التعويض الذي يأخذه المشتري من البائع بعناصر مختلفة حددتها هذه المادة، وهي عديدة ومتنوعة وجابرة لجميع الأضرار المحتملة فضلاً عن استرداده للثمن وكافة مستحقاته، لذا فإذا كان للجمعية المدعية أية حقوق فهي عند البائع لها وليس عند هيئة الأوقاف المصرية التي تدير الوقف الخيري. وإذ خالفت الجمعية المدعية هذا النظر فإنها تكون قد خالفت حقيقة الواقع وصحيح القانون فتكون دعواها خليقة بالرفض.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:

بصفة أصلية: بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة محلياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها لمحكمة جنوب الجيزة الابتدائية للاختصاص.

وبصفة احتياطية: بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة نوعياً بنظر الدعوى.

وعلى سبيل الاحتياط الكلي: وعلى الترتيب التالي..

1- بعدم قبول الدعوى.

2- برفض الدعوى.

3- برفض الدعوى بحالتها.

وفي جميع الأحوال: بإلزام الجمعية المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

القبول الضمني أو الرضاء الضمني كتعبير عن الإرادة

صحيفة استئناف للرد على القول بالرضاء الضمني
"وأعلنته بصحيفة الاستئناف الآتية"

بموجب هذه الصحيفة يستأنف الطالب بصفته الحكم الصادر في الدعوى رقم 853 لسنة 2009 إيجارات كلي جنوب القاهرة، الصادر من الدائرة "26" إيجارات كلي بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بجلسة يوم الأربعاء الموافق 30/9/2009، والقاضي في منطوقه: "بإثبات العلاقة الايجارية بين المدعي والمدعى عليهما عن الشقة رقم 3 بالدور الثاني من العقار رقم 16 بشارع سامي البارودي (حسن الأكبر سابقاً) بقسم عابدين بالقاهرة ملك هيئة الأوقاف المصرية، وألزمت المدعى عليهما المصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة".

ولما كان هذا الحكم، قد جاء مجحفاً بحقوق الطالب بصفته، لذا فهو يطعن عليه بطريق الاستئناف، بموجب هذه الصحيفة.

"الموضوع"

تخلص وقائع الدعوى المستأنف حكمها في أن المعلن إليه الأول عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب في ختامها الحكم لها: "بإثبات العلاقة الايجارية بينه وبين هيئة الأوقاف المصرية، وذلك عن الشقة رقم 3 بالدور الثاني بالعقار رقم 16 بشارع سامي البارودي (حسن الأكبر سابقاً) بقسم عابدين بالقاهرة، ملك هيئة الأوقاف المصرية، مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".

على سند من القول بأن المعلن إليه (المدعي في الدعوى المستأنف حكمها) يقيم في عين التداعي منذ ما يقرب من خمسين عاماً، منذ قيام والده المرحوم/ إبراهيم محمود بكر بالإقامة فيها من تاريخ 12/2/1958 خلفاً للمستأجر الأصلي لها بعقده المؤرخ 1/6/1936 المدعو/ نيقولا انطون تيودور والذي تركها لوالد الطالب بعد بيعه للمنقولات الموجودة بها إليه عن طريق زوجته السيدة/ السين صارو منذ عام 1958. مما حدا بالمعلن إليه الأول إلى إقامة دعواه المستأنف حكمها بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

وتداولت الدعوى المستأنف حكمها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة يوم الأربعاء الموافق 30/9/2009 قضت محكمة أول درجة بحكمها سالف الذكر.

ولما كان هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطالب بصفته، لكونه قد جاء مجحفاً بحقوقه، فضلاً عما شابه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله ومخالفته للثابت بالأوراق ومعيباً بالقصور في التسبيب، لذا فالطالب بصفته يطعن على ذلك الحكم لتلك الأسباب وللأسباب التالية:

"أسباب الاستئناف"

الأثر الناقل للاستئناف:

في مستهل دفاعنا، نتمسك بجميع أوجه الدفوع والدفاع والطلبات المبداه منا أمام محكمة أول درجة ونعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أسباب هذا الاستئناف الماثل.

حيث تنص المادة 232 مرافعات على الأثر الناقل للاستئناف بقولها أن: "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط".

وعليه، يترتب على رفع الاستئناف طرح النزاع المرفوع بشأنه الاستئناف إلى محكمة الدرجة الثانية لتفصل فيه من جديد، ويكون لمحكمة الدرجة الثانية كل ما كان لمحكمة الدرجة الأولى من سلطة في هذا الصدد، فهي تبحث وقائع الدعوى وتقوم باتخاذ ما تراه من إجراءات الإثبات وتعيد تقدير الوقائع من واقع ما قدم إليها من مستندات وما قدم لمحكمة أول درجة منها، ومن واقع دفاع الخصوم، ثم هي أخيراً تطبق القاعدة القانونية التي تراها صحيحة على وقائع الدعوى، فالاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بما سبق أن أبداه المستأنف أمام أول درجة من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف؛ ويعتبر كل ما كان مطروحاً على محكمة أول درجة مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية.

وفى هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "على محكمة الاستئناف أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى ومن ثم يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي قضت فيها لغير مصلحته". (نقض 26/1/1967 المكتب الفني السنة 18 صـ 256. ونقض 2/3/1971 المكتب الفني السنة 22 صـ 239).

كما تنص المادة 233 من قانون المرافعات على أنه: "يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى".

ومن المقرر في قضاء النقض أن: "وظيفة محكمة الاستئناف. عدم اقتصارها على مراقبة سلامة التطبيق القانوني. التزامها بمواجهة النزاع بكل ما أشتمل عليه من أدلة ودفوع ودفاع بقضاء يواجه عناصره الواقعية والقانونية. حجب محكمة الاستئناف نفسها عن تمحيص وتقدير أدلة الدعوى اكتفاء بتقدير محكمة أول درجة لها رغم أن الطاعن قد تعرض لها في طعنه. مخالفة للثابت بالأوراق وقصور". (نقض مدني في لطعن رقم 1836 لسنة 57 قضائية - جلسة 18/7/1989).

لما كان ما تقدم، فالطالب بصفته يتمسك بجميع الأدلة والدفوع والدفاع والطلبات المبداه منه أمام محكمة أول درجة ويعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أسباب هذا الطعن الماثل، بالإضافة إلى الدفوع وأوجه الدفاع الجديدة التالية:

1- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه:

ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة:

حيث تنص المادة الأولى من القرار الجمهوري بقانون رقم 80 لسنة 1971 بشأن إنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: "تنشأ هيئة عامة تسمى "هيئة الأوقاف المصرية" تكون لها الشخصية الاعتبارية".

كما تنص المادة التاسعة من القرار الجمهوري بقانون رقم 1141 لسنة 1972 بشأن تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أن: "يختص رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بتمثيل هيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفى صلاتها بالغير".

ومفاد ذلك أن الممثل القانوني الوحيد لهيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفي صلاتها بالغير هو السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته دون سواه، وليس للسيد/ مدير عام منطقة أوقاف القاهرة أية صفة في تمثيل الهيئة أمام القضاء، حيث أن منطقة أوقاف القاهرة ما هي إلا إدارة من إدارات الهيكل التنظيمي لهيئة الأوقاف المصرية التي يمثلها كلها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته فقط. وعليه يكون الدفع المبدى من هيئة الأوقاف المصرية بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة قد جاء مصادفاً لحقيقة الواقع وصحيح القانون متعيناً قبوله والقضاء به طبقاً للقانون.

وحيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: "المادة 115/1 مرافعات تنص على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، والمقصود بهذا الدفع هو الدفع بعدم القبول الموضوعي فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع [الشكلي] الذي يتخذ اسم عدم القبول [أي الدفع بعدم القبول الإجرائي] لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 1863 لسنة 50 قضائية - جلسة 15/5/1984)

وحيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه. (المرجع: للدكتور فتحي والى "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 282 - صـ 559 وما بعدها).

2- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه:

جحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المعلن إليه (المستأنف ضده):

قدم المعلن إليه (المستأنف ضده) صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المقدمة لمحكمة أول درجة، وإذ يتمسك الطالب بصفته بجحد كافة تلك الصور الضوئية المُقدمة من المعلن إليه في الدعوى المستأنف حكمها.

ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "القانون لم يشترط طريقاً مُعيناً يتعين على من يُنكر التوقيع على المُحرر العرفي إتباعه إذ يكفي إبداء الدفع بالإنكار صراحةً حتى تسقط عن المُحرر حجيته في الإثبات إعمالاً لنص المادة 14/1 من قانون الإثبات". (نقض مدني في الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/5/1980).

وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور".

وهدياً بما تقدم، ولما كان المعلن إليه (المستأنف ضده) قد جاءت مُستندات دعواه المستأنف حكمها خالية من أصولها وكان الطالب بصفته قد جحد تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات، بما كان يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وعول على الصور الضوئية المجحودة من الطالب بصفته، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأت في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

3- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

الدفع بسقوط حق المدعي في الدعوى بالتقادم الطويل:

لما كان هناك تمييز بين الحق الموضوعي وبين الحق في الدعوى. وكلاهما يسقط بالتقادم وهو يسري من وقت نشوء الحق في الدعوى، فالتقادم لا يسري إلا من وقت استحقاق الدين وعدم المُطالبة به (فيكون التقادم جزاء إهمال الدائن في عدم المُطالبة بالدين خلال مدة التقادم). فإذا اكتملت مُدة التقادم، وتمسك المدين بالتقادم، فإنه بمُجرد حدوث ذلك يسقط الدين وتوابعه. والأصل أنه يجب على المدين التمسك بالدفع بالتقادم، حيث أن المحكمة لا تقضي به من تلقاء نفسها. كما أن العمل قد جرى في مثل هذه الأحوال على أن تصدر الأحكام، عند تمسك الدائن المُدعى عليه بالتقادم، بـ: "سقوط حق المُدعي في الدعوى بالتقادم".

لما كان ما تقدم، وكانت الالتزامات تتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة، ولما كان الالتزام هو المُقابل للحق، فهما وجهان لعملة واحدة أو اسمان لمُسمى واحد، فالرابطة القانونية إذا نظرنا إليها من جانب المدين فهي "التزام" عليه، وإذا نظرنا إليها من جانب الدائن فهي "حق" له. فالالتزام والحق شئ واحد. والنص على أن الالتزامات تتقادم بـ 15 سنة، يعني أيضاً أن الحقوق تتقادم بـ 15 سنة، وسواء في ذلك جميع الحقوق (إلا ما استثني بنص خاص) بما في ذلك الحق في رفع الدعوى (وهو يختلف عن الحق الموضوعي المُطالب به). (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – لعبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: "نظرية الالتزام بوجه عام – الأوصاف والحوالة والانقضاء" – طبعة 1958 القاهرة – بند 596 وما بعدها – صـ 1006 وما بعدها).

وحيث تنص المادة 385 من القانون المدني على أنه: "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة ...".

كما تنص الفقرة الأولى من المادة 386 مدني على أن: "يترتب على التقادم انقضاء الالتزام".

كما تنص الفقرة الثانية من المادة 387 مدني على أن: "يجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف". فإن فات المُدعى عليه الدفع بالتقادم أمام محكمة أول درجة، سواء لأنه كان يجهله أو كان يعلمه ولكنه لم يتمكن من إبدائه قبل إقفال باب المرافعة لسهو أو لتعذر الحصول على الأدلة المثبتة لوقوع التقادم أو لغير ذلك من الأسباب، فإنه يستطيع أن يدفع بالتقادم لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية، وفي أي حالة تكون عليها الدعوى. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث: "نظرية الالتزام بوجه عام – الأوصاف والحوالة والانقضاء" – طبعة 1958 القاهرة – بند 652 – صـ 1139).

وتضع الفقرة الأولى من المادة 381 من القانون المدني القاعدة العامة في تحديد مبدأ سريان التقادم، حيث نصت على أنه: "لا يبدأ سريان التقادم من فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مُستحق الأداء". فالقاعدة إذن أن يبدأ سريان التقادم من وقت استحقاق الدين.

وإذا سقط الدين بالتقادم، سقط بأثر رجعي، واستند سقوطه إلى الوقت الذي بدأ فيه سريان التقادم، لا إلى الوقت الذي اكتملت فيه مدة التقادم. ولما كان الدين ينقضي بأثر رجعي من وقت مبدأ سريان التقادم، فإنه يعتبر غير موجود خلال مدة سريان التقادم. (المرجع السابق – بند 668 – صـ 1158).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ كانت المادة 385 من القانون المدني فيما تنص عليه فقرتها الثانية من تقادم الدين بخمس عشرة سنة إذا صدر به حكم حائز لقوة الأمر المقضي تستبدل التقادم الطويل بالتقادم القصير متى عززه حكم يُثبته ويكون له من قوة الأمر المقضي فيه ما يحصنه، وكان الحكم بالتعويض المؤقت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وأن لم يُحدد الضرر في مداه يعرُض للمسئولية التقصيرية بما يُثبتها ولدين التعويض بما يُرسيه غير مُعين المقدار مما يرتبط بالمنطوق أوثق ارتباط فتمتد إليه قوة الأمر المقضي، ومتى توافرت لأصل الدين هذه القوة فهي بظاهر النص حسبه في استبدال التقادم الطويل بتقادمه القصير ولو لم يكن قابلاً بعد للتنفيذ الجبري، ولا يسوغ أن يُقصر الدين الذي أرساه الحكم على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلاله عليه، بل يمتد إلى كل ما يتسع له محله من عناصر تقديره ولو بدعوى لاحقه لا يرفعها المضرور بدين غير الدين بل يرفعها بذات الدين يستكمله بتعيين مقداره، فهي بهذه المثابة فرع من أصل تخضع له وتتقادم بما يتقادم به ومدته خمس عشرة سنة". (نقض مدني في الطعون أرقام 120 لسنة 43 قضائية - جلسة 9/12/1982. ونقض مدني في الطعن رقم 1552 لسنة 49 قضائية - جلسة 30/3/1983. ونقض مدني في الطعن رقم 1519 لسنة 49 قضائية - جلسة 5/5/1983).

وهدياً بما تقدم، وكان الثابت بالأوراق، وبإقرار المستأنف ضده في صحيفة دعواها أن حقه قد نشأ منذ ترك المستأجر الأصلي عين التداعي لوالده في غضون عام 1958 إلا أن المدعي لم يرفع دعواه الماثلة إلا في غضون عام 2009 أي أزيد من خمسين عاماً (أي نصف قرن، وهي أكثر من ثلاثة أضعاف مدة التقادم البالغة 15 سنة)، فيحق لهيئة الأوقاف المصرية – والحال كذلك – الدفع بسقوط الحق في الدعوى الماثلة بالتقادم، ويكون هذا الدفع قد جاء على سند صحيح من القانون جديراً بالقبول والقضاء به، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية (المستأنفة) على سبيل الجزم واليقين.

4- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

عدم جواز الاستناد إلى الأدلة المقدمة في دعوى سابقة لم تضم أوراقها إلى الدعوى الماثلة، فضلاً عنه قد قضي فيها بانعدام الخصومة وبالتالي فلا يجوز التعويل عليها:

ولئن كان من المُقرر في قضاء النقض أنه لا تثريب على محكمة الموضوع في أن تستند في قضائها إلى أوراق دعوى أخرى كانت مرددة بين ذات الخصوم، ولو أختلف موضوعها عن النزاع المطروح عليها، طالما أن تلك الدعوى مضمومة لملف النزاع. وتحت بصر الخصوم فيها كعنصر من عناصر الإثبات يتناضلون في دلالته. (نقض مدني في الطعن رقم 122 لسنة 37 قضائية جلسة 7/3/1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 صـ 305 فقرة 1).

أما إذا كانت أوراق الدعوى الأخرى لم تضم إلى الدعوى المستأنف حكمها، كما أن الطاعن بصفته لم يتمكن من الحضور بأياً من جلساتها ولم يطلع عليها وبالتالي لم يحدث أي نضال بشأن دلالتها أو قوتها في الإثبات، ومن ثم فلا يجوز التعويل عليها عند الفصل في موضوع النزاع.

كما أن السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في استنباط القرائن أو الاستناد إلى ما قضى به فى دعوى أخرى إنما يجوز فقط إذا كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي سردتها. (نقض مدني في الطعن رقم 1561 لسنة 57 قضائية – جلسة 3/1/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 102 – فقرة 2). أي لا يصلح أن يكون بذاته هو الدليل الوحيد في الدعوى.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه. حيث أنه يكون والحال كذلك قد جاء خلواً من أسباب قانونية جائز الأخذ بها أو التعويل عليها، أي جاء بدون أسباب مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بإلغائه.

5- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

عدم وجود إرادة ضمنية بالتنازل عن الحق في طلب الإخلاء:

أما بخصوص اعتبار سكوت المؤجر عن طلب الإخلاء عند قيام المستأجر بالتأجير من الباطن مع علمه بذلك، واعتباره بمثابة رضاء ضمني منه بهذا التأجير، فإنه من المقرر قانوناً أنه: لا محل لاعتبار السكوت معبراً عن الإيجاب، فإنه لا يتصور أن يكون مجرد السكوت إيجاباً. ولكن هل يجوز أن يكون قبولاً؟

يمكن القول بوجه عام أن السكوت في ذاته مجرداً عن أي ظرف ملابس له، لا يكون تعبيراً عن الإرادة ولو قبولاً، لأن الإرادة عمل إيجابي والسكوت شئ سلبي، ويقول فقهاء الشريعة الإسلامية: "لا يُنسب لساكت قول".

وليس السكوت إرادة ضمنية فإن الإرادة الضمنية تستخلص من ظروف إيجابية تدل عليها. أما السكوت فهو العدم، وأولى بالعدم أن تكون دلالته الرفض لا القبول. وهذا هو المبدأ العام، يقول به الفقه والقضاء في مصر وفي غيرها من البلاد. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني " - للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري - الجزء الأول " نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام " - المجلد الأول " العقد " - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 112 - صـ 281 ، 282 وهوامشهما).

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الصدد ما يأتي: "ينبغي التفرقة بين التعبير الضمني عن الإرادة وبين مجرد السكوت. فالتعبير الضمني وضع إيجابي، أما السكوت فهو مجرد وضع سلبي. وقد يكون التعبير الضمني بحسب الأحوال إيجاباً أو قبولاً، أما السكوت فمن الممتنع على وجه الإطلاق أن يتضمن إيجاباً، وإنما يجوز في بعض الفروض الاستثنائية أن يعتبر قبولاً". (مجموعة الأعمال التحضيرية 2 صـ 57. المصدر: وسيط السنهوري - المرجع السابق - نفس الموضع).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض ما يلي:

1 - "أنه وإن كان يجوز للمؤجر أن ينزل عن حقه في طلب إخلاء المستأجر بسبب استعماله للمكان المؤجر بطريقة تخالف شروط العقد المعقولة، وكان لا يلزم أن يكون هذا التنازل صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً، وذلك باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد التنازل حسبما تقضي به المادة 90 من القانون المدني. إلا أن إلا أن مجرد علم المؤجر بحصول المخالفة وعدم اعتراضه عليها لا يعتبر بذاته تنازلاً ضمنياً عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة. ولما كان ذلك، وكان عبء إثبات التنازل صريحاً كان أو ضمنياً يقع على عاتق مدعيه، وكان الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه أقام الدليل لدى محكمة الموضوع على أن المطعون عليه الأول قد اتخذ موقفاً إيجابياً يقطع في الدلالة على قصد التنازل عن حقه في طلب الإخلاء. وكان مجرد السكوت عن استعمال الحق في طلب الإخلاء فترة من الزمن رغم العلم بقيام المخالفة لا يعتبر تنازلاً عن الحق، فإن النعي يكون على غير أساس". (نقض مدني في الطعن رقم 100 لسنة 45 قضائية - جلسة 28/4/1979. المصدر: وسيط السنهوري - المرجع السابق - نفس الموضع - في الهامش).

2 - " وحيث أن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون - وشرحاً لذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن سكوت الشركة المطعون ضدها الأولى مدة طويلة وعدم اعتراضها على الرغم من علمها بتأجيرها من الباطن جزءاً من الشقة المؤجرة لها للمطعون ضده الثاني يسقط حق الشركة في طلب الإخلاء لهذا السبب - فأهدر الحكم المطعون فيه هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.. وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه وأن سكوت المؤجر عن واقعة التأجير من الباطن لا يعتبر بذاته دليلاً على علمه به وقبولاً منه يتضمن النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الإيجابي عن الإرادة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده من أنه ليس صحيحاً ما جاء بأسباب الحكم المستأنف من أن مضي وقت طويل على حصول التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار يعد تنازلاً ضمنياً من الشركة عن الحظر الوارد في عقد الإيجار، ذلك أن المقرر أنه طالما ثبت وقوع المخالفة فلا عبرة بمضي الوقت طالما لم يصدر من المؤجر تصرف يدل دلالة قاطعة على موافقته على تصرف المستأجر، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي على غير أساس". (نقض مدني في الطعن رقم 2401 لسنة 54 قضائية - جلسة 5/4/1990 - مجموعة المكتب الفني - السنة 41 - القاعدة رقم 155 - ص 948 : 954).

3 - "إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه. مجرد علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن لا يعتبر بذاته قبولاً لها يتضمن النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الإيجابي عن الإرادة". (نقض مدني في الطعن رقم 1411 لسنة 52 قضائية - جلسة 21/5/1989. وراجع طعون أخرى عديدة في هذا الشأن : بمجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين إيجار الأماكن في 65 عاماً - للمستشار/ محمد خيري أبو الليل - الجزء الأول - طبعة 1997 القاهرة - القاعدة رقم 650 وما بعدها - صـ 904 وما بعدها).

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأسس قضائه سالف الذكر على سند من الزعم بعلم هيئة الأوقاف المصرية بواقعة التنازل منذ مدة طويلة مع سكوت الهيئة عن طلب الإخلاء الأمر الذي تعتبره المحكمة (محكمة أول درجة) رضاءاً ضمنياً منها عن واقعة التنازل عن الإيجار وتنازلاً منها عن حقها في طلب الفسخ والإخلاء وهو ما يثبت به للمدعي العلاقة الايجارية مع الهيئة المدعى عليها؟!!! فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه حيث أنه من المُقرر قانوناً أن مجرد علم المؤجر بواقعة التنازل لا يعتبر بذاته قبولاً له يتضمن النزول عن حقه في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة. ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى.

6- مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:

عدم نفاذ التنازل عن العين المؤجرة في حق المالك المؤجر:

من المسلم به قانوناً أنه طالما أن المستأجر الأصلي لم ينذر الهيئة المالكة المؤجرة رسمياً بالتنازل عن العين المؤجرة للغير، ولم يثبت أن الهيئة قد قبلت هذا التنازل بشكل قطعي، فإن قيام المستأجر الأصلي بالتنازل عن العين المؤجرة للمدعي في الدعوى المستأنف حكمها، فهذا التنازل يكون غير نافذ في حق هيئة الأوقاف المصرية المالكة المؤجرة والتي لم تعلن به رسمياً ولم تقبله بشكل قاطع.

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "الخلف الخاص هو من تلقى من سلفه شيئاً سواء كان هذا الشيء حقاً عينياً أو حقاً شخصياً أو يتلقى حقاً عينياً على هذا الشيء. أما من يترتب له ابتداء حق شخصي في ذمة شخص آخر فلا يكون خلفاً خاصاً له بل يكون دائناً. فالمُستأجر ليس بخلف للمُؤجر بل هو دائن له، إنما خلف المُستأجر الأصلي هو المُتنازل إليه عن الإيجار، ولما كان التنازل عن الإيجار يتضمن حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المُستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته، فإنه لذلك يجب خضوعه من حيث صحته ونفاذه للقواعد العامة التي تحكم هذين التصرفين فلا ينفذ التنازل عن الإيجار كحوالة حق في حق المُؤجر إلا من وقت إعلانه بالتنازل أو قبوله له – المادة 305 من القانون المدني – ولا ينفذ كحوالة دين في حق الدائن إلا إذا أقرها – المادة 316/1 من القانون المدني". (نقض مدني في الطعن رقم 5 لسنة 44 قضائية – جلسة 2/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 61. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 598 – صـ 868 و 869).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "التنازل عن الإيجار هو حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المُستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته، فيتعين إتباع الإجراءات التي تخضع لها الحوالة في القانون المدني في نطاق الحدود التي لا تتعارض مع التنظيم التشريعي لعقد الإيجار، فلا يصير النزول نافذاً في حق المُؤجر وفق المادة 305 من القانون المدني إلا من وقت إعلانه به أو من وقت قبوله له". (نقض مدني في الطعن رقم 598 لسنة 44 قضائية – جلسة 21/6/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 1510. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 602 – صـ 871).

ومن ثم فمادام المستأجر الأصلي لم ينذر الهيئة المالكة المؤجرة رسمياً بهذا التنازل، ولم يثبت أن الهيئة قد قبلت هذا التنازل بشكل قطعي، فإن تنازل المستأجر الأصلي عن العين المؤجرة للمدعي في الدعوى الماثلة، لا ينفذ في حق هيئة الأوقاف المصرية المالكة المؤجرة، ومن ثم تكون الدعوى المستأنف حكمها قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقة بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ولما كان هذا الاستئناف قد أقيم في الميعاد القانوني ومستوفياً لكافة أوضاعه القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

لكل ما تقدم، ولما سيبديه الطالب بصفته من أسباب أخرى وأوجه دفاع ودفوع، مع حفظ حقه في إبداء كافة الدفوع الشكلية منها والموضوعية، عند نظر الاستئناف الماثل بالجلسات، في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة.

ولما تراه عدالة محكمة الاستئناف الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطالب بصفته) القضاء لها في الاستئناف الماثل بما يلي:

"بنــاء عليــه"

أنا المحضر سالف الذكر قد أنتقل في التاريخ أعلاه إلى حيث مقر وتواجد المُعلن إليه وأعلنته وسلمته صورة من صحيفة هذا الاستئناف وكلفته بالحضور أمام محكمة استئناف القاهرة، الكائن مقرها بدار القضاء العالي بوسط مدينة القاهرة – بميدان الإسعاف – شارع 26 يوليو، وذلك أمام الدائرة ( ............ ) إيجارات، التي ستعقد جلساتها علناً بسرايا المحكمة في تمام الساعة التاسعة وما بعدها من صباح يوم ……………………… الموافـــق …....../…......./2009 لسماعه الحكم ضده بما يلي:

"أولاً- بقبول هذا الاستئناف شكلاً.

ثانياً- وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مُجدداً..

أ. بصفة أصلية:

1- بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة.

2- بسقوط حق المدعي في الدعوى بالتقادم الطويل.

ب. وبصفة احتياطية: برفض الدعوى.

وفي جميع الأحوال: مع إلزام المعلن إليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي".

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانــت،،،

صحيفة دعوى براءة ذمة من مطالبات الجمارك

صحيفة دعوى براءة ذمة من دين الجمارك

أنا مُحضر محكمة الجزئية، قد انتقلت وأعلنت كل من:

السيد/ وزير المالية بصفته (الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك).

السيد/ رئيس قطاع جمارك السويس بصفته.

ويعلن سيادتهما بهيئة قضايا الدولة (فرع السويس) – السويس – مُحافظة السويس.

"وأعلنتهما بالآتي"

الوقائع والموضوع:

حصلت الشركة المُدعية بصفتها على مُوافقة استيرادية من الجهة الإدارية المُختصة بالمُوافقة على استيراد رسالة أجهزة ريسيفر (ماركة تُرمان – منشأ كوري) وكذلك أجهزة استقبال وإرسال وتخفيض شوشرة (منشأ أسباني)، وبالفعل وصلت الرسالة إلى جمرك السويس (إدارة السخنة) وتحرر عنها البيان الجمركي رقم 6430 في تاريخ 21/8/2003 وأرفق بالبيان الجمركي كافة المُستندات من الموافقة على الاستيراد والفاتورة المبدئية والنهائية وسائر الأوراق التي طلبها جمرك السويس الذي أخضعها للبند الجمركي رقم .................................... ومن ثم تمت كل الإجراءات الجمركية من مراجعة المُستندات ومُعاينة البضاعة فعلياً على الطبيعة داخل الدائرة الجمركية وبعد كل ذلك قام جمرك السويس بتقدير الضرائب والرسوم الجمركية المُستحقة على تلك البضاعة المُستوردة، وعقب ذلك قام المُدعي بصفته بسداد جميع تلك الضرائب والرسوم المُستحقة بالقسيمة رقم 39/1050676 في تاريخ 10/9/2003، وبناء عليه تم الإفراج عن البضاعة في ذات التاريخ.

وبتاريخ 15/1/2004 ورد إلى المُدعي كتاب مصلحة جمارك السويس رقم 190 المُؤرخ في 14/1/2004 يُطالبه فيه بسداد مبلغ وقدره 114142جم (فقط مائة وأربعة عشر ألفاً ومائة وأثنين وأربعون جنيهاً) بزعم أنها فروق رسوم جمركية عن البيان الجمركي رقم 6430 لسنة 2003 السخنة بادعاء أن هذا المبلغ المُطالب به يُمثل فروق رسوم جمركية.

علماً بأن تلك المبالغ المُطالب بها ليست ناتجة عن أخطاء مادية حسابية: عند حساب الضريبة أو حجم البضاعة أو عددها أو وزنها. ولا ناتجة كذلك عن أخطاء قانونية: في تطبيق ضريبة جمركية لا تخص نوع البضاعة المفروض عليها الضريبة. وإنما تلك المبالغ المُطالب بها ناتجة إعادة تقدير قيمة الضريبة ذاتها مرة أخرى، وهذا ثابت بجلاء وبيقين من مُذكرة السيد الأستاذ/ مُدير عام المُراجعات بقطاع السويس والبحر الأحمر والذي جاء فيها بالحرف الواحد: "... أما بالنسبة لأجهزة الأمبلفير (مضخات وموجات صوتية) ماركة (ALCOD) منشأ أسباني، تم قبول أسعارها بدون تعديل إلا أن هذه الأسعار مُتدنية جداً بالمُقارنة بالأسعار الواردة بمنشور الأسعار رقم 66 بتاريخ 24/8/2003 لنفس الشركة المُنتجة ونفس المنشأ... أما بالنسبة لطراز (MU 830) فهو غير وارد بالمنشور، فيُقبل 40 يورو. وعلى ذلك يُطالب صاحب الشأن بالفروق المالية ..."؟‍‍‍!!! وهذا وحده كاف وقاطع في أن ما قامت به مصلحة الجمارك لا يُعد تدارك منها لخطأ أو سهو وقعت فيه بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة وإنما هو بيقين إعادة لتقدير الضريبة والرسم الجمركي بعد أن تم الإفراج عن البضاعة بالفعل، لذا فإن الأحكام القانونية التي تنطبق على حالة دعوانا الماثلة ليست أحكام تدارك مصلحة الجمارك لخطأ أو سهو وقعت فيه بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة وإنما الأحكام التي يجب تطبيقها هي أحكام إعادة مصلحة الجمارك لتقدير الضريبة والرسوم الجمركي المفروض على البضاعة بعد أن تم الإفراج عنها بالفعل. وهذه نقطة جوهرية ومفصلية في حالة دعوانا الماثلة لكون مصلحة الجمارك يحق لها قانوناً تدارك خطأ أو سهو وقعت فيه بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة ولكن لا يحق لها قانوناً (مُطلقاً) إعادة تقدير الضريبة والرسم الجمركي بعد الإفراج عن البضاعة بالفعل، وكل ذلك مُستقر بأحكام المحاكم العليا كمحكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا وكذلك فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، على نحو ما سيلي بيانه لاحقاً.

ولما كان هذا المسلك من قبل جمرك السويس بإعادة تقدير الرسوم هو غير قانوني بالمرة، وأن ذمة الشركة المُدعية بريئة من هذه المبالغ التي يطالب بها جمرك السويس لكون صاحبة البضاعة "الشركة المُدعية" قد تقدمت بالفاتورة الأصلية الخاصة بالبضاعة المُستوردة مُصدق عليها من هيئة رسمية تقبلها مصلحة الجمارك "المُدعى عليها" الغير مُقيدة أصلاً بما ورد في تلك الفاتورة أو المُستندات المُرتبطة بها، حيث أن مصلحة الجمارك لها مُطلق سلطة التقدير والتأكد من الثمن الحقيقي للبضاعة في تاريخ تسجيل البيان الجمركي وفقاً للقواعد المُقررة في هذا الشأن: كالاسترشاد مثلاً بما لديها من قوائم أسعار صادرة من مصادر الإنتاج ذاتها أو عن طريق المُلحقين التجاريين في بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج، أو الاسترشاد بقوائم أسعار لبضاعة مُماثلة من ذات بلد المنشأ أو من بلد آخر تتماثل فيه البضاعة من ناحية المواصفات الفنية أو بضاعة مُماثلة تم الإفراج عنها في ذات ظروف البضاعة محل التقدير في تاريخ مُعاصر، وكذلك مُعاينتها فعلياً على الطبيعة ولو لأكثر من مرة كلما دعت الحاجة لذلك، كل ذلك طالما ظلت البضاعة تحت رقابة المصلحة في نطاق الدائرة الجمركية ولم تخرج منها، وفي مثل هذه الحالات يكون التقدير مُتفقاً مع صحيح القانون (ما دامت الغاية منه هي الوصول إلى التقدير الحقيقي لثمن البضاعة) وهو ما تم إعماله في الحالة الماثلة بما قامت به مصلحة الجمارك بدءً من وصول البضاعة وانتهاءً بقرار الإفراج عنها بعد تحصيل كامل الضريبة والرسوم الجمركية التي قدرتها مصلحة الضرائب بمعرفتها هي وبعد استعمال سلطتها التقديرية الواسعة كاملة في هذا الشأن، وعلى هذا الأساس تم الإفراج بالفعل عن بضاعة "الشركة المُدعية". ومن ثم فما كان يجوز لمصلحة الجمارك قانوناً (بعد كل ذلك) أن تطالب صاحبة البضاعة "الشركة المُدعية" بسداد فرق رسوم جمركية عن البيان الجمركي المُشار إليه بزعم أن المبلغ المُطالب به "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند (وهذا يؤكد مرة أخرى إن ما قامت به مصلحة الجمارك هو إعادة تقدير وليس ناتج عن خطأ مادي حسابي أو خطأ قانوني على نحو ما سلف ذكره)، خاصة وأن هذا الخطأ (المقول به) ليس ناتج عن غش ولا حتى مُجرد خطأ أو إهمال صاحبة البضاعة "الشركة المُدعية" التي اتخذت جميع الإجراءات القانونية السليمة في استيراد البضاعة والإفراج عنها. وعليه، تكون تلك المُطالبة الأخيرة من مصلحة الجمارك بما تزعم أنه "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند، بعد الإفراج بالفعل عن البضاعة، تكون تلك المُطالبة قد جاءت على خلاف حقيقة الواقع وعلى غير سند من صحيح القانون، مما يحق معه للشركة المُدعية – والحال كذلك – الاعتصام بعدالة القضاء لإنصافها في هذا النزاع والقضاء لها ببراءة ذمتها من قيمة الدين الذي تطالبها به مصلحة الجمارك على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون.

الأسانيد القانونية:

ومن حيث إنه باستعراض أحكام قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 يبين أن:-

المادة ( 5 ) من قانون الجمارك تنص على أنه: "تخضع البضائع التي تدخل أراضي الجمهورية لضرائب الواردات المُقررة في التعريفة الجمركية، علاوة على الضرائب الأخرى المُقررة... ولا يجوز الإفراج عن أية بضاعة قبل إتمام الإجراءات الجمركية وأداء الضريبة والرسوم المُستحقة".

في حين تنص المادة ( 22 ) من ذات القانون على أن: "تكون القيمة الواجب الإقرار بها في حالة البضائع الواردة هي الثمن الذي تساويه في تاريخ تسجيل البيان الجمركي المُقدم عنها في مكتب الجمرك ...".

كما تنص المادة ( 23 ) على أنه: "على صاحب البضاعة أن يُقدم الفاتورة الأصلية بها مُصدقاً عليها، ولمصلحة الجمارك الحق في المُطالبة بالمُستندات والعقود والمُكاتبات وغيرها المُتعلقة بالصفقة دون أن تتقيد بما ورد فيها أو بالفواتير نفسها".

وتنص المادة ( 43 ) على أنه: "يجب أن يُقدم للجمرك بيان تفصيلي (شهادة إجراءات) عن أية بضاعة قبل البدء في إتمام الإجراءات ويجب أن يتضمن هذا البيان جميع المعلومات والإيضاحات والعناصر التي تُمكن من تطبيق الأنظمة الجمركية واستيفاء الضرائب".

وتنص المادة ( 50 ) على أنه: "يتولى الجمرك بعد تسجيل البيان مُعاينة البضاعة للتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها ومن مُطابقتها للبيان والمُستندات المُتعلقة به".

وأخيراً، تنص المادة ( 53 ) على أنه: "للجمرك في جميع الأحوال إعادة مُعاينة البضاعة ما دامت تحت رقابته"(1).

وحيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: "قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن مصلحة الجمارك وهي تتولى تقدير قيمة البضاعة المُستوردة تتمتع بسلطة تقدير واسعة، فلا تتقيد لزاماً بالفواتير والمُستندات التي يُقدمها صاحب البضاعة، ويكون للمصلحة مُعاينة البضاعة للتحقق من نوعها وقيمتها ومدى مُطابقتها للبيان الجمركي، والأصل أن تتم المُعاينة في نطاق الدائرة الجمركية، كما يجوز إعادة المُعاينة ما دامت البضاعة تحت رقابة المصلحة، ومن ثم فإن المصلحة بعد أن تمارس هذه السلطة التقديرية الواسعة في مُعاينة البضاعة ومُطابقتها للبيان الجمركي والمُستندات المُتعلقة به والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها إلى غير ذلك مما يُمكنها من تقدير ثمن البضاعة وتحديد التعريفة الجمركية الخاضعة لها، وتسوية الضريبة والرسوم الجمركية على أساس ذلك، وتحصيل الضريبة والإفراج عن البضاعة، فإنها بذلك تكون قد استنفدت اختصاصها، فلا يجوز لها بعد ذلك أن تعاود النظر في تقدير قيمة البضاعة مرة أخرى، طالما كان بوسعها أن تتحقق بكافة الوسائل من قيمة البضاعة ونوعها، وألا تفرج عنها قبل التثبت من ذلك وفرض الضريبة عليها على أساس صحيح. والقول بغير ذلك من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المعاملات التجارية ويدفع المصلحة إلى التراخي في أداء اختصاصها، مع بقاء تدخلها بمُعاودة النظر، سيفاً مُسلطاً على صاحب البضاعة المُفرج عنها، وكل ذلك مما يتنافى مع الإدارة الرشيدة، ومع التوقع الطبيعي المشروع الذي يحق للمُتعامل مع الإدارة أن يفترض قيامه وأن ينعم بالطمأنينة على أساسه. ولما كان ذلك، وكان الطاعن قد حصل في 25/11/1990 على موافقة استيرادية برقم 3408 من لجنة البنوك الجمركية لاستيراد رسالة أجهزة وأدوات كهربائية، ووردت الرسالة بتاريخ 14/7/1991 إلى جمرك السويس، وتحرر عنها البيان الجمركي رقم 1267 ق.ج جمرك السويس، وتمت جميع الإجراءات الجمركية، وقام الطاعن بسداد الرسوم الجمركية وأفرج عن الرسالة في 16/7/1991 ومن ثم فما كان يجوز قانوناً لمصلحة الجمارك أن تطالبه بعد ذلك في 2/1/1992 بسداد فرق رسوم جمركية عن البيان الجمركي المُشار إليه بزعم أن المبلغ به "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند، خاصة وأن هذا الخطأ ليس نتيجة غش أو خطأ من المستورد الذي اتخذ جميع الإجراءات القانونية السليمة في استيراد السلعة والإفراج عنها، كما أنه وأياً ما كان وجه الأمر فيما تدعيه المصلحة في المُنازعة الماثلة فإن مسلكها بمُعاودة النظر في تقدير الضرائب والرسوم الجمركية ثانية في الحالة الماثلة لا يصادف محلاً بعد إذ تم الإفراج عن البضاعة فعلاً وسداد الضرائب والرسوم التي قدرتها، ومن ثم يغدو قرار المصلحة الطعين الصادر في هذا الشأن مُخالفاً للقانون حرياً بالإلغاء". (الطعن رقم 731 لسنة 41 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 7/4/2001. المصدر: مُجلد "مجلة المُحاماة" – العدد الثاني 2002 – المُستحدث من المبادئ التي أقرتها دوائر المحكمة الإدارية العليا للعام القضائي 200/2001 – تحت عنوان: "جمارك – تحديد صحة الثمن" – صـ 508 : 509).

كما أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا في خصوص الـ : "جمارك. حساب الضريبة الجمركية. الخطأ في حسابها: إذا وقعت مصلحة الجمارك في خطأ مادي في حساب الضريبة أو حجم البضاعة أو عددها أو وزنها، أو خطأ قانوني في تطبيق ضريبة جمركية لا تخص نوع البضاعة المفروضة عليها يجوز لها تدارك الخطأ بمطالبة المستورد بما هو مستحق لها زيادة على ما دفعه. ويجوز أيضاً للمستورد المطالبة باسترداد ما دفعه بغير حق، كل ذلك ما لم يكن الحق في المطالبة قد سقط بالتقادم. في التقدير: لا يجوز إعادة النظر فيه بعد أن استنفذ الجمرك سلطاته التقديرية سواء كان ذلك لمصلحة المستورد أو لمصلحة الجمارك". (الطعن رقم 743 لسنة 34 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 7/1/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 410 – فقرة 2. المصدر: CD "برنامج أحكام المحاكم العليا" – لشركة: المجموعة الدولية للمحاماة والاستشارات القانونية – تحت عنوان: ضرائب، الضريبة الجمركية).

وعلى ذلك أستقر قضاءنا الوطني في جميع درجاته، حيث تواترت أحكام محكمة استئناف عالي القاهرة على أنه: "ومن حيث أنه عن موضوع الاستئناف، فإنه لما كان من المُقرر في ضوء نصوص القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك على أن يتولى الجمرك بعد تسجيل البيان التفصيلي عن شهادة الإجراءات للبضائع المستوردة مُعاينة تلك البضائع والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها ومُطابقتها للبيان والمُستندات المُتعلقة به وللجمرك في جميع الأحوال إعادة مُعاينة البضاعة ما دامت تحت رقابته، ومن ثم فإذا قامت المصلحة بإعمال سلطتها التقديرية في مُعاينة البضاعة ومُطابقتها للبيان الجمركي والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها ومدى مُطابقتها للبيانات الواردة بالإفراج الجمركي والمُستندات المُتعلقة بها بما يُمكنها من تقدير ثمنها وتحديد البند الجمركي الخاضعة له وقيمة الضرائب والرسوم المُستحقة عليها وتحصيلها والإفراج عنها فتكون بذلك قد استنفذت سلطتها مما لا يجوز لها أن تعيد النظر في تقدير قيمة البضاعة مرة أخرى لأي سبب آخر إلا أن يكون خطأ مادياً أو غش من المُستورد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الجمارك قامت بفحص الرسالة محل المُطالبة وقدرت قيمة الجمارك والضرائب والرسوم المُستحقة عنها بما لها من سلطة في ذلك وقامت المُستأنف ضدها (صاحبة البضاعة) بسدادها وتم الإفراج عن البضاعة من الجمرك ومن ثم فلا يجوز للمصلحة أن تعاود تقدير الرسوم والجمارك والضرائب المُستحقة على الرسالة بعد الإفراج عنها بحجة وجود خطأ في إجراءات الربط بتطبيق البند الجمركي على نحو غير سليم فهذا الخطأ راجع إلى تابعيها دون أن يكون هناك غش من المُستأنف ضدها (صاحبة البضاعة) أو وقوع خطأ مادي يستوجب إعادة احتساب الضريبة وعليه يكون الاستئناف (المُقام من مصلحة الجمارك) قد جاء على غير سند من الواقع والقانون مُتعيناً القضاء برفضه وتأييد الحكم المُستأنف لما سلف من أسباب ولما تضمنه الحكم المُستأنف من أسباب أخرى لا تتعارض مع أسباب هذا الحكم". (الحكم الصادر في الاستئناف رقم 12659 لسنة 118 قضائية "استئناف عالي القاهرة" – بجلسة يوم الأربعاء الموافق 19/6/2002 من الدائرة 66 مدني).

وهذه المبادئ القانونية سالفة الذكر درجت عليها جميع الأجهزة القضائية في الدولة، فهذه هي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة قد أصدرت فتواها رقم 32/2/2632 والذي جاء فيها: "وحاصل الوقائع أن الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية استوردت من الخارج بتاريخ 18/3/1992 ثمان حاويات تضم أجزاء سنترالات مُفككة مشمول البيان الجمركي رقم 322 م.ح حيث تم أداء الضرائب والرسوم المُستحقة عليها بالقسيمة رقم 318071 بتاريخ 2/3/1992، بيد أنه بمُراجعة مشمول هذه الشهادة بالإدارة العامة للمُراجعات تبين لها أن الرسالة عبارة عن كابلات وأجزاء معدنية عبارة عن بروفيل (منشآت) بالإضافة إلى مسامير وصواميل وورد وأغطية، ومن ثم فلا تخضع للبند الجمركي 85/13 وإنما يطبق في شأنها بنود أخرى يُستحق بموجبها فروق الضرائب والرسوم الجمركية محل النزاع الماثل، وبمُطالبة هيئة الاتصالات بأدائها قعدت عن الوفاء، ولذلك طلبت مصلحة الجمارك عرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع. وعرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلسة 20/11/1996 فتبين لها باستعراض نصوص قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أن المُشرع قد وضع أصلاً عاماً في قانون الجمارك مُقتضاه خضوع جميع الواردات للضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب الإضافية المًُقررة على الواردات بحيث لا يُعفى منها إلا بنص خاص، مع استحقاق الضرائب والرسوم لدى مرور البضاعة، وخول المُشرع مصلحة الجمارك وهي بسبيل تقدير قيمة البضاعة المُستوردة سلطة تقديرية واسعة بغية الوصول إلى الثمن الحقيقي الذي تساويه في سوق مُنافسة في تاريخ تسجيل البيان الجمركي المُقدم عنها. والمصلحة وهي تباشر هذه المُهمة غير مُقيدة بما ورد من بيان بالفواتير التي يُقدمها صاحب البضاعة أو بغيرها من مستندات أو عقود ولو قدمت بناء على طلبها، وإنما لها أن تعاين البضاعة وتتحقق من نوعها وتدقق في قيمتها وتتأكد من منشأها ومدى مُطابقة ذلك لما ورد من بيانات بشهادة الإفراج الجمركي والمُستندات المُتعلقة بها. وأوجب القانون أن تتم مُعاينة البضائع الواردة داخل الدائرة الجمركية وأجاز إعادة المُعاينة ما دامت البضاعة تحت رقابة مصلحة الجمارك. ومن ثم فإذا قامت المصلحة بإعمال سلطتها التقديرية في مُعاينة البضاعة ومُطابقتها للبيان الجمركي والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشأها إلى غير ذلك مما يُمكنها من تقدير ثمنها وتحديد البند الجمركي الخاضعة له وقيمة الضرائب والرسوم الجمركية المُستحقة عليها وتحصيلها والإفراج عن البضاعة فإنها تكون قد استنفذت سلطتها بما لا يجوز لها من بعد مُعاودة النظر في تقدير قيمتها مرة أخرى بسند من أن المُستورد لم يذكر القيمة الحقيقية للبضاعة أو نوعها أو غير ذلك من بيانات شهادة الإفراج الجمركي طالما كان بمُكنة المصلحة بما لها من سلطة تقديرية خولها لها القانون أن تتحقق من صحة البيانات ومُطابقتها للبضاعة الواردة. ومن حيث أن الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية استوردت مشمول البيان الجمركي رقم 322 م.ح وقامت مصلحة الجمارك بمُعاينته وإخضاعه للبند الجمركي 85/12 بفئة 50% وإعمال التنزيل المُقرر للهيئة وخفض الفئة الجمركية المُقررة للبند المُشار إليه لفئة 5% وتم ذلك بعد مُعاينة مشمول البيان وأداء الضرائب والرسوم الجمركية المُقررة والإفراج عن الواردات، فمن ثم لا يجوز لمصلحة الجمارك مُعاودة النظر في تقدير الضرائب والرسوم الجمركية بسند من أن الواردات عبارة عن أجزاء سنترالات مُفككة ودوائر كهربائية وأجزاء معدنية وليست بسنترالات كاملة مفككة ومشتملاتها إذ كان للمصلحة ألا تفرج عن هذه الواردات إلا بعد استيثاقها من ذلك، فإن فعلت فليس لها أن تعاود النظر من بعد في تقدير الضرائب والرسوم الجمركية المُقررة. الأمر الذي تغدو معه المُطالبة الماثلة عارية من صحيح سندها مُتعينة الرفض. لذلك انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى رفض مُطالبة مصلحة الجمارك بإلزام الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية بأداء مبلغ 422444 جنيها (أربعمائة وأثنين وعشرين ألفاً وأربعمائة وأربعة وأربعين جنيهاً) كفروق ضرائب ورسوم جمركية على مشمول البيان الجمركي رقم 322 م.ح". (فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 32/2/2632 الصادرة في تاريخ 20/11/1996).

وفضلاً عما تقدم، فإن المادة 119 من دستور 1971 الدائم للجمهورية تنص على أن: " إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغائها لا يكون إلا بقانون، ولا يُعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المُبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون".

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "لما كانت المادة الثامنة من اللائحة الجمركية تقضي بألا يُفرج عن أية بضاعة قبل سداد الرسوم المُقررة عليها، فقد دلت على أن أساس استحقاق الرسم الجمركي هو: الإفراج عن البضاعة من الدائرة الجمركية بعد مرورها بها إلى داخل البلاد للاستهلاك المحلي. ذلك أن البضائع تعتبر – بالمعنى الجمركي – خارج حدود الدولة طالما لم تسحب من مكان إيداعها للتصرف فيها داخل البلاد، إذ قد يُعاد تصديرها للخارج قبل إدخالها البلاد فلا تستحق عنها رسوم جمركية، وإنما تعتبر البضاعة أنها قد دخلت حدود الدولة وتستحق بالتالي عنها الرسوم الجمركية، عند الإفراج عنها لتخصيصها للاستهلاك الداخلي". ( الطعن رقم 15 لسنة 26 قضائية – جلسة 31/5/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 749. والطعن رقم 1827 لسنة 50 قضائية – جلسة 7/5/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 1193. والطعن رقم 894 لسنة 54 قضائية – جلسة 26/1/1987. مُشار إليهم في: "الموسوعة التجارية الحديثة" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – المُجلد الثالث – القاعدة رقم 67 – صـ 99 : 100).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الأصل في البضائع الموجودة فيما وراء الدائرة الجمركية أنها خالصة الرسوم، وعلى من يدعي العكس عبء الإثبات. حيث تنص المادة الثالثة من اللائحة الجمركية على أنه يجوز فيما وراء حدود دائرة المُراقبة الجمركية نقل البضائع بحرية، ومن مُقتضى هذا النص أن يكون الأصل في البضائع الموجودة فيما وراء حدود هذه الدائرة أنها تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وأن يكون مُدعي خلاف هذا الأصل هو المُكلف قانوناً بإثباته". (الطعن رقم 58 لسنة 19 قضائية – جلسة 22/2/1951 مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 366. مُشار إليه في: "موسوعة الجمارك والتهريب الجمركي" – للمُستشارين/ فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي – طبعة 2004 القاهرة – صـ 327).

علماً بأنه بعد تقدير الضريبة والرسوم الجمركية وسدادها من قبل الملتزم بها ومن ثم الإفراج عن البضاعة، بعد ذلك لا يوجد نص في القانون يجيز لمصلحة الجمارك إعادة تقدير الضريبة والرسوم الجمركية من جديد ومُطالبة صاحب البضاعة بها بعد الإفراج عن البضاعة بالفعل. وأن هذا المسلك من جانب مصلحة الجمارك مُخالف للقانون بل وللدستور ذاته.

لما كان ذلك، وكانت المبالغ التي تطالب بها مصلحة الجمارك "المُدعى عليها" ليست ناتجة عن خطأ مادي في حساب الضريبة أو حجم البضاعة أو عددها أو وزنها ولا ناتجة عن خطأ قانوني في تطبيق ضريبة جمركية لا تخص نوع البضاعة المفروض عليها وإنما هو ناتج عن إعادة النظر في التقدير ذاته وهذا لا يجوز قانوناً بعد استيفاء جميع الإجراءات الجمركية وسداد الضرائب والرسوم المُستحقة ومن ثم الإفراج عن البضاعة بالفعل، وعليه تكون هذه المُطالبة من المصلحة "المُدعى عليها" قد جاءت على غير سند من صحيح القانون مما يحق معه للشركة المُدعية – والحال كذلك – اللجوء للقضاء العادل بغية الحكم لها ببراءة ذمتها من هذه المبالغ الغير مُستحقة قانوناً والتي تطالبها بها مصلحة الجمارك المُدعى عليها.

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الشركة المُدعية "صاحب البضاعة المُستوردة" قد قامت بسداد كامل الضريبة والرسوم الجمركية التي قدرتها مصلحة الضرائب بمعرفتها وبعد استعمالها لسلطتها التقديرية الواسعة كاملةً في هذا التقدير، ومن ثم تم الإفراج بالفعل عن البضاعة. وعليه فلا يجوز لمصلحة الجمارك قانوناً (بعد كل ذلك – ووفقاً لما سلف بيانه) أن تطالب "الشركة المُدعية" صاحب البضاعة بسداد فرق رسوم جمركية عن البيان الجمركي المُشار إليه بزعم أن المبلغ المُطالب به "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند، خاصة وأن هذا الخطأ (على فرض وجوده – وهو غير موجود أصلاً) ليس ناتج عن غش ولا حتى مُجرد خطأ أو إهمال صاحب البضاعة "المُدعي" الذي اتخذ جميع الإجراءات القانونية السليمة في استيراد البضاعة والإفراج عنها. وعليه، تكون تلك المُطالبة الأخيرة (موضوع الدعوى الماثلة) من جانب مصلحة الجمارك التي تزعم أنه يوجد "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند بعدما أفرجت بالفعل عن البضاعة، تكون تلك المُطالبة قد جاءت على خلاف حقيقة الواقع وعلى غير سند من صحيح القانون، مما يحق معه للشركة المُدعية – والحال كذلك – الاعتصام بعدالة القضاء لإنصافه في هذا النزاع والقضاء له براءة ذمتها من قيمة الدين الذي تطالبها به مصلحة الجمارك على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون.

لما كان ما تقدم، وكانت دعوى براءة الذمة هي دعوى تقريرية، حيث أن القضاء التقريري الصادر فيها يهدف إلى تأكيد وجود أو عدم وجود حق أو مركز قانوني أو واقعة قانونية، وبهذا التقرير أو التأكيد يزول الشك القائم حول هذا الوجود. لذا تسمى الدعوى التي ترمي إلى الحصول على هذا القضاء بالدعوى التقريرية "declaratoire". ومن أمثلتها: دعوى براءة الذمة ودعوى نفي وجود حق ارتفاق. والقضاء التقريري الصادر في مثل تلك الدعاوى يحوز (بمُجرد صدوره) حجية الأمر المقضي، وذلك بالنسبة لما يتضمنه من تأكيد وجود أو عدم وجود الرابطة القانونية أو المركز القانوني أو الواقعة القانونية، فإذا قضي ببراءة ذمة المدين من دين مُعين، أو ببطلان عقد من العقود، أو بتقرير أن المُدعي مصري الجنسية، أو بتأكيد أن التوقيع على السند هو للمدين أو بأن السند مزور، فإن هذا القضاء يحوز حجية فيما قضى به. ولا يجوز بعده رفع دعوى أمام القضاء بخصوص نفس الحق أو الواقعة القانونية إلا أن تكون دعوى إلزام. كما لو قضي بأن التوقيع هو للمدين، فإنه يُمكن استناداً إلى هذا القضاء التقريري رفع دعوى للمُطالبة بأداء الدين. وإذا قضي بصحة عقد، فإنه يمكن استناداً إلى هذا القضاء رفع دعوى للمُطالبة بتنفيذ الالتزامات الواردة بالعقد. وتكون المحكمة المرفوعة إليها الدعوى – عندئذ – مُقيدة بما قرره القضاء التقريري. (المرجع: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – للدكتور العميد/ فتحي والي – الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 66 : 72 – صـ 131 : 140). ومن ثم تكون دعوى براءة الذمة الماثلة قد جاءت على سند صحيح من القانون جديرة بالقبول إن شاء الله الذي حرم الظلم على نفسه وجعله مُحرماً بين عباده.

الاختصاص الولائي للمحاكم العادية:

لما كان من المُقرر في قضاء النقض أن: "دعوى مصلحة الجمارك بالمُطالبة بالرسوم والضرائب الجمركية المُستحقة على السيارة المُفرج عنها لمُخالفة شروط الاتفاقية الدولية الخاصة بالاستيراد المُؤقت للسيارات. استناداً إلى قانون الاستيراد رقم 9 لسنة 1959 وقانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963. اختصاص المحاكم العادية بنظرها. علة ذلك: هذه الاتفاقيات وتلك القوانين لم تنص على استثناء المُنازعات المُترتبة على تطبيقها من الخضوع للقواعد العامة في التقاضي. المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972. المحاكم العادية دون غيرها هي المُختصة بنظر دعوى الطاعن بالنسبة لطلب الضرائب والرسوم الجمركية باعتبارها صاحبة الولاية العامة بنظر المُنازعات". (الطعن رقم 1382 لسنة 51 قضائية – جلسة 28/10/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 957. مُشار إليه في: "موسوعة الجمارك والتهريب الجمركي" – للمُستشارين/ فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي – طبعة 2004 القاهرة – صـ 304 : 305).

كما أن قضاء النقض مُستقر على أنه: "لا يبين من الحكم المطعون فيه أنه ذهب إلى خروج النزاع المطروح عن الاختصاص الولائي للمحاكم، وإنما قضى برفض دعوى الطاعنة باسترداد مبالغ تدعي أنها دفعتها دون وجه حق، لافتقارها إلى السند الذي يؤيدها لخلو قرار وزير المالية الصادر بشأن الطلب المُقدم منها تطبيقاً للقانون رقم 23 لسنة 1974 من تقرير إعفاء جمركي للبضائع المُطالب باسترداد ما دفع عنها من رسوم جمركية، مُقرراً أن المُنازعة في سلامة موقف وزير المالية من تقرير الإعفاء مسألة أولية تخرج عن الاختصاص الولائي للقضاء العادي، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها بطلب الحكم لها باسترداد المبالغ التي حصلتها منها المصلحة المطعون ضدها كرسوم جمركية على المُعدات التي استوردتها لتجديد دور العرض السينمائي التابعة لها وخطابي الضمان الصادرين بشأنها لعدم أحقيتها في اقتضائها، وهو ما يختص القضاء العادي بنظره ولا يستلزم الفصل فيه التعرض لسلامة قرار وزير المالية والذي يخرج عن الاختصاص الولائي للمحاكم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في فهم الواقع في الدعوى وفي تطبيق القانون يكون على غير أساس". (الطعن رقم 131 لسنة 53 قضائية – جلسة 5/12/1988. مُشار إليه في: "الموسوعة التجارية الحديثة" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – المُجلد الثالث – القاعدة رقم 253 – صـ 268).

ولما كانت الدعوى الماثلة هي دعوى مدنية بطلب الحكم للشركة المُدعية ببراءة ذمتها من دين الضريبة والرسوم الجمركية التي تطالبها بها مصلحة الجمارك المُدعى عليها. فمن ثم، ينعقد الاختصاص الولائي بنظر الدعوى المدنية الماثلة، القضاء المدني بالمحاكم العادية دون غيرها باعتباره صاحب الولاية العامة بنظر المُنازعات.

سابقة العرض على لجان التوفيق في بعض المُنازعات:

ومن حيث أن المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإصدار لجان التوفيق التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً تنص على أنه: "لا تُقبل الدعوى التي تُرفع إبتداءً إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية، أو المِيعاد المُقرر لعرضها دون قبول"..

مما أضطر الشركة المُدعية إلى تقديم الطلب رقم 210 لسنة 2004 إلى اللجنة رقم 11 للتوفيق في بعض المُنازعات الكائن مقرها في مصلحة الجمارك بالقاهرة وذلك في تاريخ 16/2/2004 ولكن اللجنة المذكورة أصدرت توصيتها في هذا الطلب بذات الجلسة (في تاريخ 16/2/2004) برفض طلب التوفيق.

لكل هذه الأسباب، وللأسباب الأخرى التي ستُبديها الشركة المُدعية أثناء نظر الدعوى بالجلسات في مُذكراتها المكتوبة ومُرافعاتها الشفوية، وللأسباب الأصوب والأرشد التي تراها عدالة المحكمة

"وبناء عليه"

أنا المُحضر سالف الذكر، قد انتقلت في التاريخ أعلاه إلى حيث مقر إقامة وتواجد المُعلن إليهما وأعلنتهما وسلمت لكل واحد منهما صورة من هذه الصحيفة، للعلم بما جاء فيها وما اشتملت عليه، وكلفتهما بالحضور أمام محكمة السويس الابتدائية الكائن مقرها في .................... وذلك أمام الدائرة ( ..... ) مدني - حكومة، التي ستعقد جلساتها علناً في تمام الساعة التاسعة من صباح يوم .............. الموافق ................ ليسمعا الحكم ضدهما بما يلي:

أولاً- بصفة مُستعجلة: بإلزام مصلحة الجمارك بعدم اتخاذ أية إجراءات تنفيذية (أياً كانت) بشأن المُطالبة بالمبالغ التي تطالب بها الشركة المُدعية، وذلك لحين صدور حكم قضائي نهائي وبات في موضوع الدعوى الماثلة.

ثانياً- وفي الموضوع: بصفة أصلية واحتياطية: " ببراءة ذمة الشركة المُدعية من قيمة الدين الذي تطالبها به مصلحة الجمارك والبالغ قدره 114142جم (فقط مائة وأربعة عشر ألفاً ومائة وأثنين وأربعون جنيهاً) بزعم أنها فرق رسوم جمركية عن البيان الجمركي رقم 6430 لسنة 2003 السخنة وادعائها بأن هذه المبالغ المُطالب بها "فرق بند" نتيجة خطأ في تقدير البند، مع إلزام المُدعى عليهما بصفتهما بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة".

مع حفظ كافة حقوق الشركة المُدعية، الأخرى أياً كانت،،،

ولأجل العلم ........



(1) بينت محكمة النقض المقصود بـ: "الإقليم الجمركي – ونطاق الرقابة الجمركية" بقولها: "البين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه يُقصد بالإقليم الجمركي الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر العربية والدول المُتاخمة وكذلك شواطئ البحار المُحيطة بالجمهورية وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحرية من الخط الجمركي إلى ثمانية عشر ميلاً بحرياً في البحار المُحيطة به، أما النطاق البري فيُحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمُقتضيات الرقابة، ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمُراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه". (الطعن رقم 2534 لسنة 59 قضائية – جلسة 6/2/1990. مُشار إليه في: "الموسوعة التجارية الحديثة" – للمُستشار/ عبد المُنعم دسوقي – المُجلد الثالث – القاعدة رقم 156 – صـ 176).

أما منطقة الرقابة فهي دائرة مُغلقة، وأكد إغلاقها القانون رقم 354 لسنة 1956 بشأن حظر دخول الدوائر الجمركية بالمطارات والموانئ، الذي حظر دخولها بغير إذن من وزير الحربية أو من يُنيبه أو بمُقتضى جواز سفر مستوف. (الطعن رقم 1958 لسنة 30 قضائية – جلسة 6/2/1961 مجموعة المكتب الفني – السنة 12 – صـ 181. مُشار إليه في: "موسوعة الجمارك والتهريب الجمركي" – للمُستشارين/ فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي – طبعة 2004 القاهرة – صـ 75).