الجمعة، 15 أبريل 2011

مذكرة دفاع في دعوى إلزام بإتمام عقد بيع

مذكرة دفاع في دعوى إلزام بتحرير عقد بيع

محكمة حلوان الابتدائية
الدائرة " 3 " مدني كلي
مذكــرة

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية               (المدعى عليها الثانية)

ضـــــــــد

السيد/ أحمد ********* وآخرين                           (المدعي)


في الدعوى رقم **** لسنة 2010 مدني كلي حلوان
والمحدد لنظرها جلسة الأحد الموافق ***/***/2011م للمرافعة

الوقائع
        تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 4/3/2010 طلب في ختامها الحكم له: "بإلزام المدعى عليهما متضامنين بإتمام التعاقد، وإلزامهما بإبرام عقد بيع بعد دفع الثمن عن قطعة الأرض التي يستأجرها المدعي من المدعى عليه الثاني بصفته والموضحة الحدود والمعالم بصدر صحيفة الدعوى والتابعة لجهة وقف/ جميلة هانم الخيري الكائنة في ركن فاروق بحلوان بمحافظة حلوان".
        وقال المدعي شرحاً لدعواه إن مورثه كان يستأجر من هيئة الأوقاف المصرية عين التداعي، وإنه تقدم بعدة عروض لهيئة الأوقاف المصرية لشراء قطعة الأرض التي يستأجرها مورثه إلا إنها أبت ورفضت دوماً جميع عروضه بالشراء، وإذ قامت هيئة الأوقاف المصرية بطرح عين التداعي – ضمن مساحات أكبر – للبيع بالمزاد العلني، كما زعم المدعي إن هيئة الأوقاف المصرية عند طرحها تلك الأراضي للبيع (الاستبدال) بالمزاد العلني بالغت في تحديد أسعار وأثمان تلك الأراضي كما بالغت في تقدير قيمة مبلغ التأمين الواجب سداده للدخول في المزاد، مما حال دون دخول أي شخص للاشتراك في جلسة المزاد، مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر على أن يتولى خبير تقدير ثمن الأرض ليقوم المدعي بسداده بالتقسيط وعلى أن يتولى الخبير تحديد الإطار القانوني لإتمام التعاقد مع هيئة الأوقاف المصرية؟!!  
الدفاع
        في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع والدفوع والطلبات والأسانيد السابق إبداؤها منا بجلسات المرافعة وبمذكرات دفاعنا لا سيما المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة 27/2/2011م وكذا بجميع حوافظ مستنداتنا ونعتبرهم جميعاً جزءً لا يتجزأ من دفاعنا الراهن. ونضيف إلى ما سبق ما يلي:
أولاً- ندفع بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها:
تنص المادة 65/3 من قانون المرافعات على أنه:
"لا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا أُشهرت صحيفتها".
ومن المقرر قانوناً أن:
"الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إشهار الصحيفة هو دفع شكلي موجه إلى إجراءات الخصومة وكيفية توجيهها، ألا أنه دفع متعلق بالنظام العام لأن الباعث إلى تقريره - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون - هو تحقيق مصلحة عامة اجتماعية واقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد. ومن ثم يجوز إبداء هذا الدفع في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف، بل للمحكمة من تلقاء نفسها أن تعرُض له وتحكم بعدم قبول الدعوى إذا ما استبان لها عدم شهر الصحيفة. ويجب على المحكمة أن تتصدى لهذا الدفع وتفصل فيه على استقلال قبل التعرض للموضوع ومن ثم لا يجوز لها أن تأمر بضمه إلى الموضوع".
ولما كان طلب المُدعي في الدعوى الماثلة هو إلزام المدعى عليه بتحرير عقد بيع عين التداعي للمدعي، ومن ثم يقتضي هذا الطلب أن تفصل عدالة المحكمة الموقرة في أمر صحة ذلك العقد، وأن تفصل في أمر امتناع الهيئة المدعى عليها عن تنفيذ التزاماتها التي من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المدعي. فإن الدعوى الماثلة – وفقاً للتكييف القانوني الصحيح المُنطبق على وقائعها – هي دعوى إثبات التعاقد المُسماة بـ: "دعوى صحة التعاقد".
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن:
"دعوى إثبات التعاقد ودعوى صحة ونفاذ العقد هما مُسميان لدعوى واحدة موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه".
(نقض مدني في الطعن رقم 462 لسنة 39 قضائية – جلسة 7/12/1983.
وفي الطعن رقم 86 لسنة 26 قضائية – جلسة 27/12/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 1214.
لطفاً، المرجع: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمُستشار/ عبد المنعم الدسوقي – المُجلد الأول – بيع – نطاق دعوى صحة التعاقد – القاعدة رقم 2758 – صـ 1029).
لما كان ما تقدم، وكان البين من الإطلاع على مُفردات هذه الدعوى أن المُدعي لم يقم بإشهار صحيفتها مما يتعين معه – والحال كذلك – القضاء بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها.
ثانياً- نطلب رفض الدعوى الماثلة.. تأسيساً على ما يلي:
1 - بيع أعيان الأوقاف لا يكون إلا بالمزاد العلني:
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
"القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية نص في مادته الأولى على أن "تكون لهذه الهيئة شخصية اعتبارية"، وأسند إليها في المادتين الثانية والخامسة تولي إدارة أموال الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها".
(نقض مدني جلسة 19/6/1980 - السنة 31 - الجزء الثاني – صـ 1782).
كما قضت محكمة النقض بأن:
"النص في المادة الحادية عشر من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن "يصدر رئيس الجمهورية قرار بتنظيم العمل بالهيئة وتشكيل مجلس إدارتها وبيان اختصاصاته"؛ والنص في المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1141 لسنة 1972 الصادر بتنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أن "تقوم الهيئة بإدارة واستثمار الأوقاف على الوجه الذي يحقق لها أكبر عائد للمعاونة في تحقيق أهداف نظام الوقف ورسالة وزارة الأوقاف، ويكون للهيئة أن تتعاقد وتجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله"؛ والنص في المادة الحادية عشر من القرار ذاته على أن "يكون للهيئة أن تشتري الأعيان التي تتولى لجان القسمة بيعها طبقاً لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1960 أو غيرها من الأعيان التي تحقق بها عائداً، وكذلك لها استبدال أو بيع العقارات بطريق المزاد العلني، ويجوز للهيئة الاستبدال أو البيع بالممارسة في الأحوال الآتية:
1.  للملاك على الشيوع في العقارات التي بها حصص خيرية بشرط إلا تزيد الحصة الخيرية على نصف العقار.
2.    لمستأجري الأراضي الفضاء التي أقام عليها مستأجروها مبان لأكثر من خمس عشرة سنة.
3.    لمستأجري الوحدات السكنية بعمارات الأوقاف بالنسبة للوحدات المؤجرة لهم.
4.  للجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات التعاونية لبناء المساكن والجمعيات الخيرية.
وذلك كله بالشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة الهيئة بقصد إعادة استثمار هذه الأموال"؛ يدل على أن الأصل في استبدال أو بيع العقارات أن يكون بالمزاد العلني - دفعاً لكل مظنة وضماناً لحُسن التصرف في هذه العقارات، وأن المشرع أجاز للهيئة على سبيل الاستثناء أن تسلك طريق الممارسة في الأحوال المبينة حصراً بهذا النص، تقديراً منه لاعتبارات تدل عليها كل حالة بذاتها، ومؤدى ذلك ألا يكون للهيئة أن تسلك طريق الممارسة في غير هذه الأحوال وإلا كان تصرفها باطلاً سواء كان التصرف للأفراد أو لغيرهم. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون على غير أساس".
(نقض مدني في الطعن رقم 1405 لسنة 53 قضائية - جلسة 31/3/1987.
لطفاً، الحكم منشور بموسوعة قضاء النقض في المواد المدنية في ستين عام - للمستشار/ عبد المنعم الدسوقي - الجزء الثاني - المجلد الثاني - تحت كلمة "وقف" - القاعدة رقم 3640 – صـ 1422 : 1423).
        وهدياً بما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق، وبإقرار المدعي نفسه في صحيفة دعواه إنه لم يدخل كمتزايد لشراء عين التداعي في المزاد العلني الذي أعلنت عنه هيئة الأوقاف المصرية ولم يتقدم بأي عطاء لشرائها ومن ثم تكون دعواه الماثلة بطلب شرائها بطريق الممارسة المباشرة قد جاءت على غير سند صحيح من القانون خليقة بالرفض.  
2 - الإعلان عن البيع بالمزاد العلني لا يعد "إيجاباً"، ولكن العطاء المقدم من المتزايد هو الذي يعد "إيجاباً" للجهة الداعية للتزايد قبول العطاء أو رفضه:
لما كان من المقرر قانوناً أنه:
"لا يعتبر طرح المبيع للبيع (بالمزاد العلني) - ولو مع تعيين ثمن أساسي له - إيجاباً، بل يعتبر دعوة لكل راغب في الشراء كي يتقدم بعطاء، ويعتبر هذا العطاء إيجاباً، ويلتزم به مقدمه المدة التي تكفي عادة لاستثارة عطاء آخر أو لقبوله بعد اليأس من تقدم غيره، فلا يجوز سحب عطائه قبل ذلك إلا بموافقة القائم بالمزاد، كما لا يجوز له - بعد أن تقدم بعطائه المعتبر إيجاباً - وفق شروط المزاد الذي قدم أيجابه على أساسها - القبول بانعقاد العقد وفق شروط أخرى".
(لطفاً، المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" - للدكتور سليمان مرقس - الجزء الثالث "العقود المسماة" - المجلد الأول "عقد البيع" - الطبعة الخامسة 1990 القاهرة - بند31/مكرر – صـ 63 وما بعدها وهوامشها).
كما إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض:
"إنه وإن كان تقديم عطاء يزيد على العطاء السابق عليه يترتب عليه طبقاً للمادة 99 من القانون المدني سقوط العطاء الأقل إلا أنه لا يترتب عليه انعقاد العقد بين مقدم العطاء الأعلى و بين الداعي للمزايدة لأن التقدم بالعطاء ولو كان يزيد على غيره من العطاءات ليس إلا إيجاباً من صاحب هذا العطاء فلا بد من لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزاد عليه ممن يملكه، ولما كان هذا القبول لم يصدر من المطعون ضده وقام بإخطار الطاعن برفض عطائه، فإن عقداً ما لا يكون قد انعقد بينهما".
(نقض مدني في الطعن رقم 569 لسنة 34 قضائية – جلسة 12/6/1969 مجموعة المكتب الفني – السنة 20 – صـ 957).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أن:
"إن النص في المادة 99 من التقنيين المدني على أنه "لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد، ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلاً"، يدل على أن التقدم بالعطاء سواء في المزايدات أو المناقصات - و التي تأخذ حكمها - ليس إلا إيجاباً من صاحب العطاء فلا بد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزاد أو المناقصة عليه ممن يملكه".
(نقض مدني في الطعن رقم 350 لسنة 50 قضائية – جلسة 10/1/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 156).
كما جرى قضاء محكمة النقض على أن:
"مفاد نص المادة 99 من القانون المدني أن التقدم بالعطاء في المزايدات ليس إلا إيجاباً من صاحب العطاء فلا بد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزاد عليه ممن يملكه مما مؤداه أن العقد في البيع بالمزاد ينعقد كأصل عام بإيجاب من المزايد هو العطاء الذي يتقدم به وقبول من الجهة صاحبة المزاد يتم برسو المزاد، إلا أنه إذا كان القبول معلقاً بموجب قائمة المزاد أو القوانين واللوائح على تصديق جهة معينة فلا ينعقد في هذه الحالة برسو المزاد إنما يعتبر مجرد اتفاق على أن يتقيد الراسي عليه المزاد بعطائه إلى أن يتم تصديق هذه الجهة فينعقد بهذا التصديق".
(نقض مدني في الطعن رقم 1622 لسنة 55 قضائية – جلسة 12/5/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1078 – فقرة 2).
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، وكان الثابت بالأوراق، وبإقرار المدعي نفسه في صحيفة دعواه الماثلة، أن هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية) قد طرحت أعيان التداعي بالبيع بالمزاد العلني إلا أنه لم يتقدم أحد للمزايدة على شرائها، وأن المدعي نفسه لم يتقدم بأي عطاء للتزايد على شراء عين التداعي، ومن ثم فلا يعد هناك أي إيجاب أو قبول يسيغ للمدعي الزعم بانعقاد العقد ومطالبته بإلزام هيئة الأوقاف المصرية بتحرير عقد البيع له. وعليه تكون الدعوى الماثلة قد جاءت مفتقدة لسندها القانوني خليقة بالرفض.
3 - تأسيساً على عدم اعتماد رئيس مجلس الإدارة للبيع المزعوم:
حيث تنص المادة الحادية عشر من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية، على أن:
"يصدر رئيس الجمهورية قراراً بتنظيم العمل بالهيئة وتشكيل مجلس إدارتها وبيان اختصاصاته ...".
كما تنص المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1141 لسنة 1972 بشأن تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية، على أن:
"تقوم هيئة الأوقاف المصرية بإدارة واستثمار الأوقاف على الوجه الذي يحقق لها أكبر عائد للمعاونة في تحقيق أهداف نظام الوقف ورسالة وزارة الأوقاف، ويكون للهيئة أن تتعاقد وتجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله".
كما تنص المادة الحادية عشر (المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 724 لسنة 1981) من القرار الجمهوري رقم 1141 لسنة 1972 سالف الذكر، على أن:
"يكون للهيئة أن تشتري الأعيان التي تتولى لجان القسمة بيعها طبقاً لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1960 ... وكذلك لها استبدال أو بيع العقارات بطريق المزاد العلني، ويجوز للهيئة الاستبدال أو البيع بالممارسة في الأحوال الآتية: أ- ... ب- ... ج- ... د- لمستأجري الأراضي الزراعية للمساحات المتناثرة التي لا تزيد كل منها على ثلاثة أفدنه ... وذلك كله بالشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة الهيئة بقصد إعادة استثمار هذه الأموال".
كما تنص المادة الرابعة (البند أولاً) من لائحة إدارة واستثمار أموال وأعيان الأوقاف والتصرف فيها، على أن:
"يختص مجلس إدارة الهيئة بالبت في المسائل الآتية: أولاً- استبدال الأعيان ...".
كما تنص المادة الخامسة من اللائحة المذكورة، على أن:
"يكون الاستبدال بالمزاد العلني في جميع الأحوال على أنه يجوز الاستبدال أو البيع بالممارسة على أساس الثمن الأساسي المحدد بمعرفة اللجان المختصة، وذلك في الأحوال الآتية: ... لمستأجري الأراضي الزراعية للمساحات المتناثرة التي لا تزيد كل منها على ثلاثة أفدنه ...".
كما تنص المادة السادسة من اللائحة المذكورة، على أن:
"في حالة الاستبدال بالممارسة لمستأجري الأراضي الزراعية للمساحات المتناثرة التي لا تزيد كل منها على ثلاثة أفدنه ... يراعى ما يأتي: أ- تسديد 20% من الثمن المقدر بمعرفة الهيئة مُقدماً مع الرسوم المستحقة والمصاريف بواقع 10% من جملة قيمة الثمن تحت        الحساب. ب- تسديد باقي الثمن على عشرة أقساط سنوية على أن يستحق القسط الأول خلال شهر من تاريخ قرار رئيس مجلس الإدارة بالموافقة على الاستبدال ...".
كما تنص المادة الرابعة عشر من اللائحة المذكورة، على أن:
"تتم إجراءات الاستبدال على الوجه التالي: أ- ... ب- ... ج- ... د- تتولى الإدارة العامة للملكية العقارية عرض الصفقات على لجنة الاستبدال لتقرير ما تراه بشأن الموافقة على الاستبدال من عدمه، واعتماد السعر الأساسي للاستبدال. هـ- تعرض قرارات لجنة الاستبدال على مجلس الإدارة للنظر في الموافقة على الاستبدال واعتماد سعر البيع الأساسي للصفقات، وفي حالة موافقة المجلس على ذلك، تقوم أجهزة الهيئة باتخاذ إجراءات الاستبدال النهائية. و- ... ز- ... ح- يكون لمدير عام الأملاك والاستثمار بالهيئة اعتماد المزاد أو الممارسة فيما لا يجاوز 2000 جنيه للصفقة الواحدة، ولمدير عام الهيئة اعتماد مرسى المزاد والممارسة فيما لا يجاوز 5000 جنيه للصفقة الواحدة، وما زاد على ذلك يكون باعتماد رئيس مجلس الإدارة ...".

ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن:

"الأصل في استبدال أو بيع عقارات الأوقاف يكون بطريق المزاد العلني – دفعاً لكل مظنة وضماناً لحسن التصرف في هذه العقارات، وأن المشرع أجاز للهيئة - على سبيل الاستثناء - في ذلك سبيل، الممارسة في الأحوال المبينة حصراً بهذه النصوص، تقديراً منه لاعتبارات تدل عليها كل حالة بذاتها، وأن بيع أو استبدال أملاك الأوقاف بهذا الطريق لا ينعقد بمجرد موافقة الهيئة على طلب الاستبدال وإجراء المفاوضات مع طالبي الاستبدال بشأن شروطه وتحديد الثمن الأساسي له بمعرفة اللجان المختصة أو دفع مقدم ذلك الثمن، إذ لا يعد ذلك قبولاً من هيئة الأوقاف للاستبدال، وإنما يتم القبول فيه وبالتالي انعقاده باعتماده من صاحب الصفة وهو رئيس مجلس إدارة الأوقاف المصرية طبقاً لما تضمنته قائمة شروط استبدال عقارات الأوقاف الخيرية بالممارسة، باعتبارها قانون المتعاقدين. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن صفقة الاستبدال بالممارسة موضوع الدعوى تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه، ولم يقدم المطعون ضده ما يدل على الموافقة عليها واعتمادها من صاحب الصفة قانوناً وهو رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف، وفقاً لحكم الفقرة "ب" من المادة السادسة والفقرة "ج" من المادة الرابعة عشر من لائحة إدارة واستثمار أموال وأعيان الأوقاف المشار إليها، فإن الاستبدال لا يكون قد انعقد قانوناً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بصفته (رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته) بإتمام إجراءات الاستبدال للعقارات محل النزاع وإلزامه تحرير عقد استبدال عنها، تأسيساً على أن موافقة مجلس إدارة هيئة الأوقاف بتاريخ 11/2/1986 على البدء في إجراءات الاستبدال واعتماد السعر الأساسي الذي حددته اللجنة المختصة وقيام المطعون ضده بسداد مقدم الثمن، مما ينعقد به العقد، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه".

(نقض مدني في الطعن رقم 2103 لسنة 63 قضائية – جلسة 17/5/2007 المقام من رئيس هيئة الأوقاف المصرية بصفته ضد السيد/ إبراهيم سليمان جاب الله).

فيجب إذن التصديق على بيوع الأوقاف من رئيس مجلس إدارة الهيئة:
لما كان ما تقدم، وكان من المقرر قانوناً (فقهً وقضاءً) أنه إذا كان الأصل أن عقد البيع عقداً رضائياً ينعقد بتوافق ارادتين ودون حاجة إلي إثباته في محرر، إلا أنه يستثنى من ذلك أن تكون قائمة شروط البيع أو القوانين أو اللوائح تجعل البيع معلقاً على تصديق جهة معينة، ففي تلك الحالة لا ينعقد البيع إلا بتصديق هذه الجهة. فإذا صدقت الجهة المعنية على البيع أنعقد العقد بهذا التصديق وإلا انقضى برفض التصديق. وقبل التصديق تظل ملكية المبيع للجهة البائعة.
لما كان ذلك، وكانت اللوائح المعمول بها في شأن بيع الأموال الخاصة المملوكة للحكومة أو للهيئات العامة أو للأوقاف الخيرية تجعل البيوع التي تبرمها تلك الجهات معلقة على التصديق عليها من المختص بذلك، وهو في حالة دعوانا الماثلة السيد اللواء/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته، والذي له حق اعتماد هذه البيوع أو رفضها أو إعادة الإشهار عنها دون إبداء الأسباب، وفي حالة رفض التصديق لا يكون لدافع مقدم الثمن الحق في المطالبة بأي تعويض أو فوائد، ويقتصر حقه في استرداد ما دفعه.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن:
"التعاقد بشأن بيع الأملاك الخاصة بالدولة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يتم إلا بالتصديق عليه ممن يملكه".
(نقض مدني في الطعن رقم 2366 لسنة 52 قضائية - جلسة 16/11/1983.
وفي الطعن رقم 922 لسنة 52 قضائية - جلسة 19/3/1986).
كما تواتر قضاء النقض على أن:
"مفاد نص المادة 89 من القانون المدني يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن العقد ينعقد بمجرد أن تتطابق إرادة طرفيه إذا لم يقرر القانون أوضاعاً معينة لانعقاده، فإذا استلزم القانون أوضاعاً أو إجراءات معينة فلا ينعقد العقد إلا بعد استيفاء القانون تلك الأوضاع أو هذه الإجراءات، ولا عبرة بما يتم قبلها من إعلان عن الرغبة في التعاقد أو ما تتخذ بشأنه من مفاوضات".
(نقض مدني في الطعن رقم 1733 لسنة 53 قضائية – جلسة 15/2/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 474 – فقرة 2).
كما أستقر قضاء النقض على أن:
"مفاد نص المادة 99 من القانون المدني أن التقدم بالعطاء في المزايدات ليس إلا إيجاباً من صاحب العطاء، فلا بد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزاد عليه ممن يملكه، مما مؤداه أن العقد في البيع بالمزاد ينعقد كأصل عام بإيجاب من المزايد هو العطاء الذي يتقدم به وقبول من الجهة صاحبة المزاد يتم برسو المزاد، إلا أنه إذا كان القبول معلقاً بموجب قائمة المزاد أو القوانين واللوائح على تصديق جهة معينة فلا ينعقد في هذه الحالة برسو المزاد إنما يعتبر مجرد اتفاق على أن يتقيد الراسي عليه المزاد بعطائه إلى أن يتم تصديق هذه الجهة فينعقد بهذا التصديق".
(نقض مدني في الطعن رقم 1622 لسنة 55 قضائية – جلسة 12/5/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1078 – فقرة 2).
لما كان ما تقدم، وعلى فرض أن هناك عقد قد تم التوصل إلي إبرامه كل من هيئة الأوقاف المصرية والمدعي في الدعوى الماثلة، وعلى فرض صحة هذا الزعم (وهذا مجرد فرض جدلي ظني لا يرقى إلى مرتبة الحقيقة ولا يغني عن الحق شيئا) فإنه مادام السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية لم يصدق ولم يعتمد هذا العقد، ولم يزعم المدعي ذاته أنه تم الاعتماد والتصديق على عقد البيع من السيد اللواء/ رئيس مجلس إدارة الهيئة المدعى عليها، فلا يعتبر البيع قد تم وتظل ملكية الشيء المبيع في الذمة المالية للجهة البائعة وفقاً للمبادئ القانونية السالف ذكرها. وعليه تكون مطالبة المدعي في الدعوى الماثلة بإلزام هيئة الأوقاف بتحرير عقد بيع له عن أطيان التداعي فإنها تكون قد جاءت مخالفة لحقيقة الواقع وعلى غير سند من صحيح القانون وعارية عن كل دليل يؤيد مزاعمها مما يتعين معه - والحال كذلك - القضاء برفضها، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين، لا سيما أنه ليس هناك عقد أصلاً إلا في مخيلة المدعى نفسه.
4 - المحاكم ليست جهات لتحديد الأثمان والأسعار:
من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض، أن:
"الثمن ركن جوهري من أركان عقد البيع لا يتم عقد البيع بدون الاتفاق عليه. ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يدل نص المادة 418 من القانون المدني على أن المُشرع جعل الثمن ركناً أساسياً في عقد البيع لا ينعقد بدونه باعتباره محلاً لالتزام المشترى".
(نقض مدني في الطعن رقم 948 لسنة 53 قضائية – جلسة 27/11/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – الجزء الثاني – صـ 896).
فإذا لم يتم الاتفاق والتراضي على الثمن، أي لم يتم تطابق الإيجاب والقبول على تحديد الثمن وطريقة سداده، فإن عقد البيع لا ينعقد. فلو طلب البائع في الدار ألفاً ولم يقبل المشتري أن يشتريها إلا بتسعمائة لم يتم البيع لأن المتبايعين لم يتفقا على الثمن.
        فإذا عرض البائع ثمناً للمبيع ولم يقبله المشتري فلا ينعقد عقد البيع، ولا يجوز للمشتري في هذه الحالة اللجوء إلى القضاء للمطالبة بتحديد ثمن المبيع وإلزام البائع به، ولا يكون ذلك من سلطة القضاء في أي حال من الأحوال.
"بل أنه في حالة ما إذا اتفق المتبايعين على ترك تقدير أمر ثمن المبيع لشخص أجنبي عن العقد (أي من غير البائع ولا المشتري) اتفاقا على تسميته وفوضاه في تقدير وتحديد ثمن المبيع (وذلك الشخص يسمى "مفوض" ويُعد بمثابة وكيلاً عن الطرفين في تحديد الثمن، وتقديره للثمن يكون ملزماً للمتبايعين)، ويعتبر عقد البيع في هذه الحالة موقوفاً على شرط قيام المفوض بتقدير الثمن (أي شرط واقف)، فحتى في هذه الحالة المذكورة إذا لم يقم ذلك المفوض بعمله لأي سبب من الأسباب، سواء لعدم مقدرته على تحديد الثمن أو لتعذر ذلك التقدير عليه لعدم خبرته أو لامتناعه بدون عذر عن تقديره أو مات قبل أن يقدره، فإن الشرط الواقف لا يتحقق، ويعتبر البيع كأن لم يكن، ولا يستطيع القاضي إجبار المفوض على تقدير الثمن كما لا يستطيع القاضي أن يعين شخصاً آخر مكانه ولا يستطيع القاضي أن يقوم بتقدير الثمن بنفسه، بل ولا يستطيع القاضي تقدير الثمن بنفسه حتى ولو عهد إليه المتبايعين بذلك وجعلاه هو المفوض لأن القاضي ليست مهمته أن يكمل العقود التي لم تتم وإنما تنحصر مهمته في أن يحسم الخلاف في شأن عقود تمت بالفعل".
(لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ أحمد عبد الرزاق السنهوري – تحديث وتنقيح المستشار/ أحمد مدحت المراغي – الجزء الرابع: "البيع والمقايضة" – طبعة 2006 القاهرة – بند 20 صـ 83 – وبند 212 صـ 312 وهامش رقم 3 بذات الصفحة).
        وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق، وبإقرار المدعي نفسه في صحيفة دعواه، أن هيئة الأوقاف المصرية عند طرحها أرض التداعي للبيع، حددت ثمناً أساسياً يتم على أساسه بدء جلسة مزاد بيعها، ولكن المدعي (الذي لم يحضر جلسة المزاد من أصله) يعترض على ذلك الثمن بل ويعترض حتى على مبلغ التأمين الواجب سداده لدخول جلسة المزاد، أي لم يتم الاتفاق على الثمن، وهو ركن جوهري في عقد البيع، لا يتم البيع دون الاتفاق عليه، ومن ثم فلا مجال للزعم بوجود أي علاقة تعاقدية من أي نوع بين المدعي وبين هيئة الأوقاف المصرية. كما لا يجوز – في جميع الأحوال – لجوء المدعي إلى القضاء للمطالبة بتحديد ثمن العين المبيعة أو حتى ندب الخبرة الفنية لتحديد سعرها، فعدالة القضاء الجالس والأجهزة المعاونة له ليست  جهات تثمين أو تسعير أو تقدير ثمن المبيع أياً ما كان. وعليه، تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية المدعى عليها على سبيل الجزم واليقين.
الطلبات
        لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الدعوى الماثلة:
أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها.
ثانياً- وبصفة احتياطية: برفض الدعوى.
وفي جميع الأحوال: بإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى،،،

عرض رائع لترويض الخيول



تسجيل نادر للشيخ عبد الباسط عبد الصمد


الأربعاء، 30 مارس 2011

ملاحظات على دعوى دستورية - بعدم دستورية قانون الاستقرار المالي في دولة الكويت

ملاحظات على دعوى دستورية
طعناً بعدم دستورية قانون الاستقرار المالي في دولة الكويت

أولاً: شروط قبول الدعوى – المصلحة في الدعوى الدستورية:
        لما كان من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن:
"لقاضي الموضوع سلطة تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وكان يشترط لقبول الدعوى الدستورية المحالة من محكمة الموضوع توافر المصلحة الشخصية المباشرة للطاعن في طعنه بأن يكون من شأن الحكم في المسألة الدستورية أن يؤثر فيما أبداه الطاعن من طلبات في دعوى الموضوع، فالتصدي لبحث دستورية التشريع لا يكون إلا إذا كان أمرا لازما وضروريا للفصل في المنازعة الموضوعية المطلوب تطبيق النص المطعون عليه فيها، ويتحدد مفهوم تلك المصلحة باجتماع شرطين: أولهما- أن يقدم المدعي الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا ومستقلا بعناصره ممكنا إدراكه ومواجهته بالحكم بعدم الدستورية وليس ضررا نظريا أو مجهلا. ثانيهما- أن يكون مرد الأمر في الضرر النص التشريعي المطعون عليه، فإذا لم يكن النص قد طبق على المدعي أصلا أو كان قد أفاد من مزاياه فإن المصلحة الشخصية تكون منتفية، وشرط المصلحة إنما ينفصل دوما عن مطابقة النص التشريعي المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه".
(الطعنين رقمي 883 لسنة 2002 و 1 لسنة 2003 تجاري/3 – جلسة 28/2/2004).
        وهديا بما تقدم، وبالبناء عليه، فإن مفهوم المصلحة في الدعوى الدستورية إنما يتحدد بتوافر شرطين:
-    الأول: أن يقدم المدعي الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا ومستقلا بعناصره ممكنا إدراكه ومواجهته بالحكم بعدم الدستورية وليس ضررا نظريا أو مجهلا.
-    والثاني: أن يكون مرد الأمر في الضرر النص التشريعي المطعون عليه، فإذا لم يكن النص قد طبق على المدعي أصلا أو كان قد أفاد من مزاياه فإن المصلحة الشخصية تكون منتفية،
ولما كان الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة لم تقدم الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق بها (على أن يكون ضررا مباشرا ومستقلا بعناصره، وممكنا إدراكه وليس ضررا نظريا أو مجهلا). كما أن الثابت كذلك أن الشركة الطاعنة قد استفادت من مزايا قانون الاستقرار المالي، على الأقل من جهة الإقرار بديونها والتسليم بها بدون منازعة. ومن ثم ينتفي شرطي "المصلحة" في الدعوى الدستورية بما يتعين معه – والحال كذلك – القضاء بعدم قبول الطعن الماثل.

ثانياً: ملائمة التشريع والباعث على إصداره تنحسر عنه الرقابة الدستورية:
        لما كان من المستقر عليه قانونا، وعلى ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية في مصر، أن:
"ملائمة التشريع والبواعث على إصداره من إطلاقات السلطة التشريعية ما لم يقيدها الدستور بحدود وضوابط معينة. وإذ كان ما يقرره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا حول ملائمة التشريع وما قد يترتب عليه من إجحاف بحقوق طائفة من الدائنين، فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يشكل عيبا دستوريا يوصم به النص المطعون فيه ولا تمتد إليه الرقابة على دستورية القوانين".
(الطعن رقم 13 لسنة 1 قضائية "دستورية" – جلسة 16/2/1980 مجموعة المكتب الفني – ا لسنة 1 – صـ 151).
        كما تواتر قضاء المحكمة الدستورية في مصر على أن:
"مجالات التشريع الذي تمارسه سلطة التشريع وإنما تمتد إلى جميع الموضوعات كما أن ملائمات التشريع هي من أخص مظاهر السلطة التقديرية للمشرع العادي ما لم يقيده الدستور بحدود وضوابط يتعين على التشريع التزامها وإلا عد مخالفا للدستور ومن ثم يكون من حق التشريع العادي أن يستقل بوضع القواعد القانونية التي يراها محققة للمصلحة العامة متى كان في ذلك ملتزما بأحكام الدستور وقواعده".
(الطعن رقم 93 لسنة 4 قضائية "دستورية" – جلسة 18/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 3 – صـ 29).
        وكذلك استقر قضاء المحكمة الدستورية في مصر على أنه:
"للمشرع سلطة تقديرية في تنظيم الحقوق بلا معقب عليه في تقديره ما دام أن الحكم التشريعي الذي قرره لتلك الحالات قد صدرت به قاعدة عامة مجردة لا تنطوي على التمييز بين من تساوت مراكزهم القانونية ولا تهدر نصا في الدستور".
(الطعن رقم 26 لسنة 1 قضائية "دستورية" – جلسة 1/1/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 67 – فقرة 4).
وفي الكويت استقر قضاء محكمة التمييز على أن:
"يضع الدستور القواعد العامة لحقوق المواطنين وواجباتهم، ولكنه يترك للقانون تنظيم هذه الأمور".
(الطعن بالتمييز رقم 827 لسنة 2001 إداري – جلسة 3/3/2003).
وهديا بما تقدم، فإن المشرع عند إصداره لقانون الاستقرار المالي له مطلق السلطة التقديرية في تنظيم الحقوق بلا معقب عليه في تقديره ما دام أن الحكم التشريعي الذي قرره لتلك الحالات قد صدرت به قاعدة عامة مجردة لا تنطوي على التمييز بين من تساوت مراكزهم القانونية ولا تهدر نصا في الدستور. كما إن ما تقرره الشركة الطاعنة (في طعنها الماثل) لا يعدو أن يكون جدلا حول ملائمة التشريع وما قد يترتب عليه من إجحاف بحقوق طائفة من الدائنين، وكان ما تنعاه في هذا الشأن لا يشكل عيبا دستوريا يوصم به النص المطعون فيه وبالتالي لا تمتد إليه الرقابة على دستورية القوانين، وعليه يكون الطعن الماثل غير مقبول.

الجمعة، 25 مارس 2011

مذكرة دفاع في دعوى فسخ عقد إيجار وفقاً للقانون الكويتي



المحكمة الكلية
الدائرة:  إيجارات كلي العاصمة/ 4  
مذكرة بدفاع

شركة ******                               (مدعية)

ضـــــــــــــــــــد

******                                      (مدعى عليها)


في الدعوى رقم ***** لسنة 2010 إيجارات كلي العاصمة/ 4
والمحدد لنظرها جلسة يوم الأربعاء الموافق 9/6/2010م للمرافعة.

الموضوع و الدفاع
حيث أن وقائع الدعوى تتحصل في أن المدعية عقدت الخصومة فيها بموجب صحيفة، موقعة من محام، أودعت إدارة الكتاب في تاريخ 6/5/2010، وأعلنت قانونا، بغية الحكم لها بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي إليها قيمة الأجرة المترصدة في ذمتها وقدرها 1800د.ك (ألف وثمانمائة دينار كويتي) أجرة أربعة أشهر (من 1/2/2010 وحتى 31/5/2010)، مع إلزامها بإخلاء عين التداعي لعدم سداد أجرتها، ومع إلزامها بما يستجد من أجرة حتى تاريخ تمام الإخلاء، ومع إلزامها بالمصروفات ومقابل الأتعاب الفعلية للمحاماة، بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة.
على سند من أن المدعى عليها تستأجر منها عين التداعي المبينة بصحيفة الدعوى وعقد الإيجار، وذلك لقاء أجرة شهرية مقدارها 450د.ك (أربعمائة وخمسون دينار كويتي)، وإذ تخلفت المدعى عليها عن سداد الأجرة المستحقة عليها عن الفترة من 1/2/2010 حتى 31/5/2010 وجملتها 1800د.ك (ألف وثمانمائة دينار كويتي)، ومن ثم يعد ذلك إخلالا منها بالتزامها بالوفاء بالأجرة، لذلك أقامت الدعوى المطروحة ابتغاء الحكم بطلباتها السابقة.
ولما كان المشرع قد أوجب على المستأجر – بنص المادتين 10 و 20/1 من المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات، المعدل بالقانونين رقمي 2 لسنة 1988 و 8 لسنة 1994 – أن يوفي بالأجرة المستحقة في الموعد المتفق عليه، أو في أول كل شهر عند عدم الاتفاق إذا كان الإيجار مشاهرة، أو في أول كل مدة معقود عليها في الأحوال الأخرى. ومنحه مهلة عشرين يوما رخص له فيها بإيداعها خزانة إدارة التنفيذ بعد عرضها على المؤجر عرضا قانونيا وأعتبر هذا الإيداع في الميعاد وفاءا مبرئا لذمته، ورتب على عدم الوفاء بالأجرة حق للمؤجر في طلب إخلاء العين المؤجرة مع إلزامه بدفع ما أستحق عليه من أجرة متأخرة.
ولما كانت العلاقة الإيجارية ثابتة بين طرفي التداعي من عقد الإيجار المقدم، وقد خلت الأوراق من دليل على وفاء المدعى عليها بالأجرة المستحقة في موعدها بموجب الشهادة الصادرة من إدارة التنفيذ، ومن ثم فإن ذلك يعتبر إخلالا من المستأجرة بالتزامها العقدي بالوفاء بالأجرة، ويضحى طلب الإخلاء والأجرة وما يستجد منها حتى تاريخ الحكم على سند من الواقع والقانون جديرا بالقبول والقضاء به على هدي من أحكام المادتين 10 و 20/1 من المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات المعدل بالقانونين رقمي 2 لسنة 1988 و 8 لسنة 1994.
وحيث أنه وعن طلب التسليم فإنه أثر من آثار الإخلاء.
وأما عن طلب الإلزام بما يستجد من أجرة بعد تاريخ الحكم بالإخلاء حتى تمام الإخلاء فإن هذا الحكم ينطوي على قضاء ضمني بالفسخ للعلاقة الإيجارية للتلازم بينهما، ذلك أن ما يستحقه المؤجر من مبالغ بعد تاريخ الحكم إنما يكون بمثابة تعويض له مقابل انتفاع المدعى عليها بالعين المؤجرة، وهو ما تقدره المدعية بقيمة الأجرة ذاتها أي 450د.ك (أربعمائة وخمسون دينار كويتي) شهريا حتى تمام الإخلاء استهداء في ذلك بالأجرة المتفق عليها بين الطرفين.
حيث أنه من المقرر قانونا وعلى ما جرى عليه قضاء النقض أنه:
"من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الريع بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار، وتقدير هذا التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه هو من سلطة قاضي الموضوع، ولا تثريب عليه إن هو استرشد في تقديره بالقيمة الإيجارية للعقار المغتصب".
(نقض مدني في الطعن رقم 1704 لسنة 51 قضائية – جلسة 31/1/1985.
ونقض مدني جلسة 20/1/1963 مجموعة المكتب الفني –  السنة 14 –  صـ 896).
وحيث أنه عن المصروفات شاملة أتعاب المحاماة فيتعين إلزام المدعى عليها بها عملا بنص المادتين 119 و 120 مرافعات.
وحيث أنه عن طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل، وكان الحكم فيما عدا القضاء بالإخلاء نافذا بقوة القانون بنص المادة 24 من القانون رقم 35 لسنة 1978 سالف الذكر، كما أن القضاء بالإخلاء يترتب على تأخير تنفيذه ضرر جسيم بالمدعية بما يتوافر معه شرط شمول الحكم بالإخلاء بالنفاذ المعجل تطبيقا لنص المادة 194 مرافعات.
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد..
لذلك
تلتمس الشركة المدعية الحكم لها:
"في منازعة ايجارية: بإلزام المدعى عليها بإخلاء عين التداعي المبينة بصحيفة الدعوى وعقد الإيجار من الأشخاص والأشياء وتسليمها للمدعية بالحالة الجيدة التي كانت عليها عند التعاقد؛ وبأن تؤدي للمدعية مبلغ وقدره 1800د.ك (ألف وثمانمائة دينار كويتي) متأخر الأجرة عن الفترة من 1/2/2010 وحتى 31/5/2010، وما يستجد من أجرة ومقابل انتفاع بواقع 450د.ك (أربعمائة وخمسون دينار كويتي) شهريا اعتبارا من 1/6/2010 وحتى تمام الإخلاء والتسليم، وإلزامها بالمصاريف ومقابل الأتعاب الفعلية للمحاماة، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة".
مع حفظ كافة حقوق الشركة المدعية،،،

عدم تصريح أو ترخيص الجهة الإدارية باستعمال العين المؤجرة في الغرض الذي أجرت من أجله

إستشارة إيجارية
استعمال العين المؤجرة في الغرض الذي استأجرت من أجله
عدم تصريح الجهة الإدارية باستعمال العين في نشاط خاص
وإبطال العقد للتدليس – وكل ذلك طبقاُ للقانون الكويتي

السؤال المطروح هو: طبيب أسنان أستأجر شقة لغرض افتتاح مركز علاجي لعلاج الأسنان في بناية مرخصة "إداري وتجاري" دون العيادات الطبية والمراكز العلاجية، ولكن المؤجر أخفى عنه هذه المعلومة عند إبرامه لعقد الإيجار مع طبيب الأسنان ( على الرغم من كونها الباعث على التعاقد، وبما أوقع المستأجر في غلط جوهري في صفة جوهرية من صفات العين المتعاقد عليها ).
وبعد تحرير عقد الإيجار حاول الطبيب استخراج رخصة لإنشاء مركزه الطبي، إلا أن الجهة الإدارية رفضت ذلك تماماً استناداً إلى إنه غير مرخص لافتتاح عيادات طبية أو مراكز علاجية في تلك البناية المرخصة فقط للأنشطة "الإدارية" و "التجارية".
فحاول الطبيب مع مالك ومؤجر الشقة لفسخ عقد الإيجار ورد مبلغ التأمين الذي حصل عليه عند تحرير العقد، إلا أن مالك العقار رفض ذلك محتجاً بأن قانون إيجار العقارات في صفه وهدد المستأجر بالرجوع عليه قضائياً مطالباً بالأجرة المستحقة للعين المؤجرة وبالتعويضات المناسبة.
فيسأل الطبيب: هل صحيح أن قانون إيجار العقارات في صف المالك المؤجر، وعما إذا كانت هناك أي طريقة لفسخ عقد الإيجار واسترداد قيمة مبلغ التأمين، والأسانيد القانونية لكل ذلك.
الجواب: فنقول – بتوفيق الله وعونه – أن:

تطبيق القانون المدني الشريعة العامة للمعاملات على ما لم يرد فيه نص خاص:
حيث قضت محكمة النقض بأنه:
"لما كان المشرع قد نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهى واجبة التطبيق ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها لتعلق أحكام التشريعات الأخيرة بالنظام العام. فإذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية والشريعة العامة للمعاملات".
(نقض مدني في الطعن رقم 1829 لسنة 56 قضائية – جلسة 9/1/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – الجزء الأول – صـ 142).
وقد تواتر قضاء محكمة التمييز على أنه:
"من المقرر أنه مع وجود قانون خاص فإنه لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما لم ينظمه القانون الخاص من أحكام، إذ القاعدة القانونية الخاصة لا تلغي القواعد العامة بل تستثنى منها، فيظل كل من التشريعين: العام والخاص يعملان معاً كل في نطاقه، والقول بغير ذلك فيه مجافاة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص".
(الطعن بالتمييز رقم 761 لسنة 2002 إداري – جلسة 3/11/2003).
          ومن ثم، فلما كان قانون إيجار العقارات قد خلا من أي تنظيم لمسألة استغلال العين المؤجرة وامتناع الجهة الإدارية عن إصدار ترخيص بمزاولة النشاط الذي من أجله تم تأجير العين، وعليه: فيتعين الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني باعتباره الشريعة العامة للمعاملات المدنية في البلاد.
الغرض من الإيجار:
ولما كان مقتضى عقد الإيجار: التزام المؤجر بأن يمكن المستأجر من الانتفاع بالمأجور (المادة 561 مدني والمادة 4 من قانون إيجار العقارات).
كما يلتزم المؤجر بتسليم المأجور وملحقاته في حالة يصلح معها لاستيفاء المنفعة المقصودة (المادة 569 مدني).  
فإذا كان المأجور لا يصلح لاستيفاء المنفعة المقصودة، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد مع التعويض (المادة 570 والمادة 7 من قانون إيجار العقارات).
        كما إن النص في عقد الإيجار على الغرض من استعمال العين المؤجرة "كمركز طب أسنان تخصصي" ولا يجوز تغيير الغرض من الإيجار إلا بموافقة كتابية من المؤجر، تفيد أن المؤجر كفل للمستأجر انتفاعه بالعين المؤجرة في الغرض الذي استأجره من أجله (البند الرابع من العقد).  
فإذا لم يتوافر في المأجور وقت التسليم الصفات التي كفل المؤجر للمستأجر وجودها فيه، كان للمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار مع التعويض (المادة 585 مدني).
ضمان العيوب بكافة أنواعها:
        فضلا عن أن المؤجر يضمن للمستأجر براءة المأجور من العيوب التي تحول دون الانتفاع به (المادة 582).  فإذا ظهر بالمأجور عيب يتحقق معه الضمان، جاز فسخ الإيجار مع التعويض (المادة 583 مدني).
عمل السلطة العامة:
        وإذا ترتب على عمل صدر من السلطة العامة – في حدود القانون –  نقص كبير في انتفاع المستأجر، جاز له أن يطلب فسخ العقد (المادة 581).  
وقد تواتر قضاء محكمة التمييز على أن:
"النص في المادة 581 من القانون المدني على أنه "إذا ترتب على عمل صدر من السلطة العامة – في حدود القانون – نقص كبير في انتفاع المستأجر، جاز له أن يطلب فسخ العقد، أو إنقاص الأجرة، ما لم يكن عمل السلطة لسبب يعزى إليه ... وكل ما سبق ما لم يقضي الاتفاق بغيره"، مؤداه – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لذات القانون – أن الأعمال الصادرة من السلطات العامة ومنها القرارات الصادرة من جهة الإدارة والتي يترتب عليها حرمان المستأجر من انتفاعه بالمأجور أو الإخلال بالانتفاع به تعتبر من قبيل القوة القاهرة التي لا يكون المؤجر ملتزما بضمانها ولكنه يتحمل تبعتها فيكون للمستأجر تبعا لجسامة الإخلال بالانتفاع أن يطلب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة ولكن بشرط ألا يكون عمل السلطة ناجماً عن عمل يعزى إلى المستأجر أو أن يكون عدم انتفاع المستأجر بالعين راجعا إلى خطئه أو إلى سبب يتعلق بشخصه أو نتيجة استعماله العين بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وكل هذا ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على غيره".
(الطعن بالتمييز رقم 1099 لسنة 2004 تجاري/3 – جلسة 21/1/2006).
يترتب على الفسخ إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد:
وإذا فسخ العقد، أعتبر كأن لم يكن، وأعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها عند إبرامه (المادة 211 مدني).
ومن ثم ففي عقد الإيجار الذي لم ينفذ، يسترد المؤجر منفعة العين المؤجرة، ويسترد المستأجر ما يكون قد عجله من أجرة أو تأمينات أو خلافه.
إبطال العقد للتدليس:
وفضلا عما تقدم، فإنه يمكن طلب إبطال عقد الإيجار للتدليس استنادا إلى ما تنص عليه المادة 152 من القانون المدني من أنه:
"يعتبر بمثابة الحيل المكونة للتدليس الكذب في الإدلاء بالمعلومات بوقائع التعاقد وملابساته، أو السكوت عن ذكرها، إذا كان ذلك إخلالا بواجب الصدق أو المصارحة يفرضه القانون أو الاتفاق أو طبيعة المعاملة ..."
ومن المقرر في قضاء النقض أنه:
"يُعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة، إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة".
(نقض مدني في الطعن رقم 8240 لسنـــة 65 قضائية – بجلسة 23/6/1997 مجموعة المكتب الفني – السنة 48 – الجزء الثاني – صـ 952 ).
كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أن:
"النص في المادة 152 من القانون المدني على أن "تعتبر بمثابة الحيل المكونة للتدليس الكذب في الإدلاء بالمعلومات بوقائع التعاقد وملابساته أو السكوت عن ذكرها، إذا كان ذلك إخلالا بواجب في الصدق أو المصارحة، يفرضه القانون أو الاتفاق أو طبيعة المعاملة أو الثقة الخاصة التي يكون من شأن ظروف الحال أن تجعل للمدلس عليه الحق في أن يضعها فيمن غرر به" يدل –  بصريحه وما ورد بمذكرته الإيضاحية – على أن التدليس المفسد للرضاء هو استعمال حيل تحفز المتعاقد إلى عقد، ما كان ليرتضيه على نحو ما وقع، لولا انخداعه بحيل، منها الكذب في الإخبار بوقائع التعاقد وملابساته ومنها كتمها والإمساك عن ذكرها، إخلالا بواجب التصريح بها، تفرضه حتى الثقة الخاصة التي يوليها المتعاقد لمن غرر به. وأن استخلاص عناصر التدليس وتقدير ما يثبت به وما لا يثبت ذلك وغيره من عيوب الرضا من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع بتقدير الأدلة فيها بغير معقب عليه متى أقام تقديره لهذا الواقع على ما ينتجه".
(الطعن بالتمييز رقم 238 لسنة 2002 تجاري/3 – جلسة 10/5/2003
والطعن بالتمييز رقم 918 و 921 لسنة 2004 تجاري/3 – جلسة 8/10/2005).
لما كان ذلك، وكان المؤجر يعلم يقينا، بناء على الترخيص الصادر له بالبناء، أن تأجير وحدات مبناه سيكون قاصر فقط على "المكاتب التجارية" (من دون العيادات الطبية أو المراكز العلاجية). فيعد سكوته عمدا عن تلك الواقعة وعدم إبلاغها إلى المستأجرة عند تحرير عقد الإيجار لاستغلال الوحدة المؤجرة لها لتكون "مركز طبي" يعد ذلك السكوت منه "تدليسا" يبطل العقد، لا سيما وأن الدافع الجوهري لإبرامه هو افتتاح ذلك المركز الطبي به.
لا سيما وأن الالتزام بالإخطار في حالتنا الماثلة هو من مقتضيات العقد تمليه حسن النية وشرف التعامل طبقا لنص المادة 195 من القانون المدني التي تنص على أنه:
"لا يقصر العقد على ما يرد فيه من شروط أو يسري عليه من أحكام القانون، وإنما يتضمن كذلك ما يعتبر من مستلزماته، وفقا لما تجري عليه العادة وما تمليه العدالة، ومع مراعاة طبيعة التعامل وما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل".
كما تنص المادة 197 من القانون المدني على أنه:
"يجب تنفيذ العقد طبقا لما يتضمنه من أحكام، وبطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل".
إبطال العقد يجعله كأن لم يكن أصلا:
        عند القضاء بإبطال العقد يعتبر العقد كأن لم يكن أصلا (المادة 179 مدني).
ومن ثم يتعين إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد وذلك في حالتنا الماثلة بأن يسترد المؤجرة حيازة ومنفعة العين المؤجرة ويسترد المستأجر ما أداه من أجرة أو تأمينات أو خلافه. 
 
وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية المتقدم على السؤال المطروح يتضح جلياً أنه لا حقيقة لما يزعمه المؤجر من أن قانون إيجار العقارات في صفه وعدم أحقية المؤجر في المطالبة بتنفيذ العقد وسداد أجرة العين المؤجرة، بل يحق للمستأجر المطالبة بفسخ عقد الإيجار واسترداد قيمة مبلغ التأمين السابق سداده، فضلاً عن المطالبة بالتعويضات عن جميع الأضرار التي لحقت به من جراء تدليس المؤجر (من قبيل نفقات تجهيز العين المؤجرة وتأثيثها والديكورات التي تمت فيها وحرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة في الغرض الذي أجرت من أجله ...الخ).
هذا، والله أعلى وأعلم،،،