الأربعاء، 15 يوليو 2009

قرينة البراءة

قرينة البراءة

من المُقرر في الفقه أن: "قرينة البراءة تعني أن الأصل في المتهم براءته مما أسند إليه، ويبقى هذا الأصل حتى تثبت – في صورة قاطعة وجازمة – إدانته. وأهم ما تتضمنه هذه القرينة أنه إذا لم يقدم إلى القاضي الدليل القاطع الجازم على الإدانة تعين عليه أن يقضي بالبراءة. فالإدانة لا تبنى إلا على اليقين والجزم، أما البراءة فيجوز أن تبنى على الشك، وفي تعبير آخر فإن القاضي لا يتطلب للحكم بالبراءة دليلاً قاطعاً على ذلك، ولكن يكفيه ألا يكون ثمة دليل قطعى على الإدانة، ويعني ذلك أنه تستوي براءة تستند إلى اليقين بها وبراءة تعتمد على الشك في الإدانة، وهي التي يعبر عنها كذلك بالبراءة "لعدم كفاية الأدلة" على الإدانة. فإذا تردد القاضي بين الإدانة والبراءة، وثار لديه شك فيهما، تعين عليه أن يرجح جانب البراءة ويقضي بها، "فالشك يفسر لصالح المتهم". وقد أقر الدستور هذه القرينة، فحيث نص على أن: "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة توفر له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع". وقد أقرها كذلك "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". كما أقرها القضاء الوطني. والسند القانوني لقرينة البراءة أن الإتهام يدعي خلاف الأصل وهو "البراءة"، فإذا لم ينجح في إثبات إدعائه إثباتاً قاطعاً تعين الإبقاء على الأصل. كما أن الدعوى الجنائية تبدأ في صورة "شك" في إسناد الواقعة إلى المتهم، وأن هدف إجراءاتها التالية هو تحويل هذا الشك إلى "يقين"، فإذا لم يتحقق ذلك بقي الشك، وهو عدالة لا يكفي للإدانة". (لطفاً، المرجع: "شرح قانون الإجراءات الجنائية" – للدكتور العميد/ محمود نجيب حسني – الطبعة الثانية 1988 – بند 463 – صـ 422 وما بعدها).

كما أنه من المُقرر قضاءً أنه: "يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة". (نقض جنائي جلسة 2/12/1945 مجموعة المكتب الفني – السنة 6 – رقم 78 – صـ 231).

كما تواتر أحكام القضاء على أن: "الأحكام الصادرة بالإدانة يجب ألا تبنى إلا على حجج قطعية الثبوت تفيد الجزم واليقين". (نقض جنائي جلسة 17/3/1958 مجموعة المكتب الفني – السنة 9 – رقم 81 – صـ 294. ونقض جنائي جلسة 6/2/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – رقم 39 – صـ 180).

فضلاً عن أنه من المقرر في الشرع الحنيف أن "الحدود تدرأ بالشبهات".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق