الاثنين، 23 مارس 2020

تداعيات تفشي وباء "كورونا" المستجد على عقود إيجار المحلات التجارية (التي صدرت قرارات من السلطات العامة بالدولة تقضي بإغلاقها)



تداعيات تفشي وباء "كورونا" المستجد على عقود إيجار المحلات التجارية (التي صدرت قرارات من السلطات العامة بالدولة تقضي بإغلاقها)

 [ المؤجر يتحمل تبعة عدم انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة بسبب يرجع إلى السلطات العامة ]




السؤال: هل يحق لمالك العقار طلب الإيجار كاملاً، بالرغم من قيام سلطات الدولة بإصدار قرارات بفرض عطلات رسمية للجهات الحكومية، وإغلاق العديد من المنشآت والمكاتب والمؤسسات؟
تنص المادة (581) من القانون المدني (الكويتي) على أنه: "إذا ترتب على عمل صدر من السلطة العامة -في حدود القانون- نقص كبير في انتفاع المستأجر، جاز له أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة، ما لم يكن عمل السلطة يُعزى إليه.
ولا يكون للمستأجر حق في التعويض قِبل المؤجر إلا إذا كان عمل السلطة العامة قد صدر لسبب يكون المؤجر مسئولاً عنه.
وكل ما سبق ما لم يقض الاتفاق بغيره".
ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز عند تطبيقها لأحكام نص المادة (581) من القانون المدني ــ أنه: "... بشرط ألا يكون عمل السلطة ناجماً عن عمل يُعزى إلى المستأجر، أو أن يكون عدم انتفاع المستأجر بالعين راجعاً إلى خطئه، أو إلى سبب يتعلق بشخصه، أو نتيجة استعماله العين بالمخالفة لشروط عقد الإيجار، وكل هذا ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على خلافه". (الطعن بالتمييز رقم 1099 لسنة 2004 تجاري/3 – جلسة 21/1/2006م).
ومن المقرر قانوناً وفقاً لقضاء التمييز أن: "تقدير مبررات فسخ العقد – على مقتضى نص المادة 209 من القانون المدني – وكفاية أسبابه أو عدم كفايتها، وتحديد الجانب المُقصر في العقد أو نفي التقصير عنه، وتنفيذ المتعاقد لالتزامه، كل ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها متى استندت إلى أسباب سائغة". (الطعن بالتمييز رقم 25 لسنة 1993 مدني – جلسة 21/2/1994م)، (الطعن بالتمييز رقم 108 لسنة 1995 مدني – جلسة 9/12/1996م).
علماً بأن القانون المدني (الشريعة العامة للمعاملات) هو القانون الواجب التطبيق على كافة عقود الإيجار، فيما لا يتعارض مع نص خاص وارد في قانون إيجار العقارات. حيث إنه من المُقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أن: "القانون المدني هو الشريعة التي تسود أحكام عقد الإيجار، وهي الواجبة التطبيق ما لم ير المشرع – لاعتبارات يقدرها – تعطيل بعض أحكامه باعتبار ذلك استثناء من الأصل". (نقض مدني في الطعن رقم 1517 لسنة 73 قضائية – جلسة 26/1/2005م).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أنه: "خلو تشريعات إيجار الأماكن من تنظيم حالة مُعينة. أثره. وجوب الرجوع إلى أحكام القانون المدني". (نقض مدني، في الطعن رقم 785 لسنة 55 قضائية – جلسة 18/4/1990م)، (ونقض مدني، في الطعن رقم 1532 لسنة 52 قضائية – جلسة 5/5/1988م)، (ونقض مدني، في الطعن رقم 1646 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/3/1988م).  
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كانت السلطات العامة في دولة الكويت، قد أصدرت – في حدود القانون، وللحفاظ على الصحة العامة – عدة قرارات ضرورية لمكافحة تفشي وباء "كورونا"، وكانت تلك القرارات تقضي بإغلاق عدد كبير جداً من المحال التجارية، وكان تنفيذ تلك القرارات إجبارياً على جميع المخاطبين بأحكامه، ومن ثم يترتب عليه حرمان مستأجري تلك المحلات من الانتفاع بالأعيان المؤجرة (لمزاولة نشاطهم التجاري أو الإداري)، لذا فإنه يحق لهؤلاء المستأجرين إما طلب فسخ عقود الإيجار أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من انتفاعهم بالعين المؤجرة، أو حتى الامتناع عن سداد أجرة تلك الأعيان طيلة مدة الحظر المفروض من جانب السلطات العامة في الدولة.
وذلك لأن الأجرة مقابل الانتفاع، فإذا نقص الانتفاع نقصت الأجرة، وإذا زال الانتفاع بالكلية سقطت الأجرة. فمن المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، فإنه: "من المقرر أن الأجرة تكون مقابل الانتفاع بالمأجور، وتستحق باستيفاء المنفعة أو بإمكانيه استيفائها، فإن زالت المنفعة أو اختلت، سقطت الأجرة أو انقضت". (الطعن بالتمييز رقم 628، 664/2003 تجاري ــ جلسة 24/3/2004م)، (والطعن بالتمييز رقم 1114/2006 تجاري ــ جلسة 16/12/2007م).
وكل ذلك، بشرط ألا تكون عقود إيجار هؤلاء التجار المستأجرين قد تم الاتفاق فيها على خلاف ذلك، لكون تلك المسألة ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق على مخالفتها، فإذا تم الاتفاق على خلاف ذلك، وجب إعمال الاتفاق لكونه شريعة المتعاقدين وهو القانون الخاص الذي ارتضيا الارتباط به والعمل بموجبه.
وهذا الأمر، مشروط كذلك، بألا يكون سبب صدور قرار من السلطات العامة بإغلاق المحل التجاري، راجعاً إلى المستأجر (أو تابعيه) أو بسبب يعزى إليهما، وإلا انتفى موجب إعمال هذا النص. كأن يكون المستأجر قد ارتكب مخالفة ما أو خالف الاشتراطات الصحية التي وضعتها السلطات العامة، فترتب على تلك المخالفة من المستأجر صدور قرار من السلطة العامة بغلق محله. 
وعليه، فحتى لو طالب مالك العقار مستأجري الوحدات التجارية لديه بسداد الإيجار كاملاً، فمن حق هؤلاء المستأجرين رفض طلبه كتابةً استناداً إلى أحكام نص المادة 581 من القانون المدني، وبشرط توافر شروط إعمالها.
أما في حالة قيام المؤجر بإعفاء المستأجر من أجرة تلك الأشهر التي تم فيها إغلاق المحلات المؤجرة، فينتفي – في هذه الحالة – حاجة المستأجر إلى طلب فسخ عقد الإيجار أو الاستثمار.

السؤال: هل يجوز مطالبة ملاك العقارات بفترة سماح إضافية، بعد وقف الإغلاق الإلزامي، نتيجة تضرر ملاك المشاريع الصغيرة؟

من الناحية القانونية، وبعد زوال أثر قرار السلطات العامة بالدولة بالإغلاق الإلزامي للعديد من المنشآت والمحال التجارية، وعدم تعرض الملاك المؤجرين لمستأجري تلك الوحدات في انتفاعهم بالأعيان المؤجرة، لا يوجد سند قانوني لمطالبة المستأجرين لهؤلاء الملاك بفترة سماح إضافية يعفون فيها من سداد إيجار تلك الأعيان، ما لم يوافق هؤلاء الملاك المؤجرون على ذلك رضائياً وودياً، ولكن لا وجه لإلزامهم قانوناً بقبول ذلك الأمر.


الأربعاء، 18 مارس 2020

تداعيات أزمة وباء كورونا على علاقات العمل في القطاع الأهلي

     تداعيات أزمة وباء كورونا على علاقات العمل في القطاع الأهلي 


أصدر مجلس الوزراء – في اجتماعه المنعقد في تاريخي 11/3/2020م ، 21/3/2020م – قراراً بتعطيل جميع الوزارات والجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة أعمالها "احترازياً" بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد – كأيام عطلة رسمية – وذلك اعتباراً من يوم الخميس الموافق 12/3/2020م وحتى يوم الخميس الموافق 9/4/2020م، على أن يستأنف الدوام الرسمي يوم الأحد الموافق 12/4/2020م.
وتنفيذاً لهذا القرار أصدر ديوان الخدمة المدنية – في تاريخ 11/3/2020م – التعميم رقم (7) لسنة 2020 بشأن تعطيل العمل بجميع الوزارات والجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة "احترازياً" بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، متضمناً ذات مضمون قرار مجلس الوزراء سالف الذكر، ومنبهاً على جميع الجهات الحكومية بضرورة التقيد والالتزام بما تقرر والعمل بموجبه.
ووفقاً للقرارين سالفي الذكر، فإن الفترة من 12/3/2020م حتى 9/4/2020م، تُعتبر أيام "عطلة رسمية".
فتلك الأيام تعتبر عطلة رسمية (في الدولة)، ملزمة فقط للجهات الحكومية، ولكن يجوز في القطاع الأهلي تشغيل العمال خلالها إذا كانت حاجة العمل تتطلب ذلك.

هذا، وقد قامت الإدارة العامة للطيران المدني، بإصدار تعميم رقم (27) لسنة 2020 – بتاريخ 6/3/2020م – استناداً إلى السلطات الصحية بدولة الكويت، بإيقاف جميع رحلات الطيران القادمة إلى/والمغادرة من مطار الكويت الدولي، للدول التالية: (بنغلادش ، الفلبين ، الهند ، سيرلانكا ، سوريا ، لبنان ، مصر)، اعتباراً من 7/3/2020م.
مع منع دخول جميع القادمين إلى دولة الكويت من أي جنسية ممن لديهم إقامة صالحة أو سمة دخول سابقة وكذلك المحولين من مطارات أخرى، ممن كانوا متواجدين في الدول المشار إليها أعلاه خلال الأسبوعين الماضيين (على تاريخ صدور ذلك القرار).

كما، أصدر وزارة الداخلية قراراً بإعطاء إذن غياب (مدته 3 ثلاثة أشهر) للمقيمين في الكويت، ممن يتواجدون في دولهم التي سجلت إصابات بفيروس كورونا، حتى وإن انتهت إقامتهم. وسيسمح لهم بالعودة إلى الكويت بعد انتهاء وباء كورونا.
وعليه، فإن المقيمين بدولة الكويت، ممن ينتسبون لجنسيات دول: (بنغلادش ، الفلبين ، الهند ، سيرلانكا ، سوريا ، لبنان ، مصر)، وكانوا متواجدين في بلدانهم خلال في تاريخ 21/2/2020م حتى 6/3/2020م، ومنعوا – بموجب قرار إدارة الطيران المدني بالكويت – من دخول دولة الكويت أو العودة إليها، واحصروا في بلدانهم.
فإنهم يستطيعون – سواء عن طريق شركاتهم أو أهاليهم في دولة الكويت – الحصول على إذن غياب (من وزارة الداخلية) مدته ثلاثة أشهر (حتى وإن انتهت إقامتهم). على أن يسمح لهم بالعودة إلى الكويت بعد انتهاء أزمة الوباء.
ومن ثم، فإن التكييف القانوني، بالنسبة لوضع هؤلاء المحصورون في بلدانهم، إنهم: (متغيبون – بإذن – عن العمل)، ومن المسلم به أن المتغيب عن العمل (حتى ولو كان بإذن) لا يستحق راتباً أو مقابلاً من أي نوع عن أيام تغيبه.
وكل هذا بافتراض أن المتغيب عن العمل (في بلده) لم يباشر أي عمل لصالح شركته (الكويتية)، في بلده (موطنه)، أما إذا كان للشركة الكويتية مثلاً فرع أو مصالح أو أعمال في بلد العامل وكلفته بإنجازها ومتابعتها فقام بذلك، أو في حالة ما إذا باشر مقتضيات عمله – في الكويت – (عن بُعد) بأية وسيلة إلكترونية كانت، ففي مثل تلك الحالات يستحق العامل أجراً ومقابلاً لما يقوم به من عمل لصالح شركته الكويتية.
ومع ملاحظة أنه عند انتهاء أزمة الوباء، وعودة العامل إلى دولة الكويت، فإن علاقة العمل تظل مستمرة مع جهة عمله، وحتى لو حررت معه عقد عمل جديد، فإن علاقة العمل تعتبر مستمرة وتحسب مستحقاته على أن عقد عمله عقداً واحد متصلاً ومدة عمله مدة واحدة، وليس عقدين منفصلين ولا مدتين مستقلتين، ولكن لا تحتسب فترة الغياب في بلده (بسبب الوباء) ضمن مدة العمل التي تحسب على أساسها مستحقات العامل (لا سيما مكافأة نهاية الخدمة).

السؤال: هل يستحق موظفو شركتنا العاملون خلال تلك الإجازة، أية بدلات مالية أو غير مالية؟
لا، لا يستحق العامل الذي يعمل خلال فترة الإجازة، غير الأجر الاعتيادي.

السؤال: لدينا موظفون كانوا في إجازة خارج الكويت، وقد تم تعليق الطيران من/إلى بلادهم، الأمر الذي منعهم من الالتحاق بوظائفهم في شركتنا، فكيف سنتعامل مع هذا الوضع؟
العامل المحصور في بلده لا يستطيع العودة للكويت ومباشرة مهام عمله، على شركتكم التقدم بطلب إذن غياب له (مدته ثلاثة أشهر) من وزارة الداخلية، مع اعتبار فترة تغيبه في بلده (غياب بإذن) غير مدفوعة الأجر.

السؤال: بقية موظفينا ما زالوا يداومون في مقرات العمل في شركتنا كل حسب مكانه ووظيفته دون انقطاع، نرجو بيان مدى حقهم في الانقطاع عن عملهم، وكيف سنتعامل مع طلباتهم تلك من ناحية المعالجة القانونية لأي منهم؟
العطلات الرسمية ملزمة للجهات الرسمية والحكومية في الدولة، ولكنها ليست ملزمة للقطاع الأهلي، فيمكن لرب العمل إلزام العامل بالعمل في تلك العطلات إذا كانت حاجة العمل تستدعي ذلك.
ومن ثم فليس من حق العامل (في القطاع الأهلي) الانقطاع عن العمل، أو رفض طلب جهة عمله بالعمل في يوم العطلة الرسمية، ومن حق رب العمل رفض طلب العامل التصريح له بالقيام بأية عطلات طالما كانت حالة العمل تستدعي مباشرة العامل للعمل.
ويلتزم رب العمل – في جميع الأحوال – بتطبيق المعايير الصحية والتعليمات والتوجيهات الصحية الصادرة عن الجهات الرسمية في الدولة بحيث يمنع التكدس أو التزاحم في مكان العمل (سواء بالنسبة للعاملين أو المتعاملين مع الشركة) وبتوفير كافة وسائل الوقاية والتعقيم والنظافة، وبتوفير بيئة صحية في مكان العمل وتوفير كمامات وقفازات ومطهرات ومحارم ورقية وسلة مهملات مغلقة وكافة المستلزمات الصحية للمحافظة على صحة عماله والمراجعين والمترددين على شركته.

السؤال: كافة فروع شركتنا تعمل بشكل اعتيادي، هل نحن ملزمون بالإغلاق وفق أي قرار رسمي صادر؟
كما سبق القول، فإن العطلات الرسمية ملزمة للقطاع الحكومي، ولكنها ليست ملزمة للقطاع الأهلي، وليس هناك ما يلزمكم بغلق فروع شركتكم – طالما كانت تتوافر فيها جميع المتطلبات الصحية التي تستلزمها الجهات الرسمية بالدولة – وطالما تتوافر البيئة الصحية للعاملين بشركتكم وللمترددين عليها.
ولكن في حال ما إذا كان مقر الفرع كائن في مول أو برج أو بناية ما، صدر قرار خاص بها بالإغلاق، ولم يكن لهذا الفرع مدخل أو مخرج خاص به، فعندئذ تلتزم شركتكم بإغلاق ذلك الفرع الصادر بشأن المول التجاري الكائن فيه تنفيذاً لقرار الإغلاق الصادر تحديداً بغلق ذلك المول التجاري. إلا إذا كان لذلك الفرع مدخل أو مخرج خاص به (لا يستلزم المرور بداخل ذلك المول التجاري الصادر قرار بإغلاقه).

السؤال: هل يحق لصاحب العمل، إعطاء إجازة للعاملين لديه (بالأجرة الشهرية)؟
صياغة السؤال غير واضحة، فهل المقصود الاستفسار عن إمكانية قيام صاحب العمل بإعطاء إجازات للعاملين لديه (يتقاضون رواتبهم شهرياً، وليس أسبوعياً أو يومياً أو بالساعة)؟ أم المقصود منح العاملين إجازة (مدفوعة الأجر) بحيث يتقاضى العامل راتبه الشهري مع (منحه إجازة من الدوام)؟
إذا كان المقصود من السؤال عن مدى إمكانية قيام رب العمل بمنح العاملين لديه إجازات مدفوعة الأجرة (بحيث يتقاضون رواتبهم كاملة مع إعفائهم من الدوام)، فليس هناك ما يمنع قانوناً من ذلك، لا سيما إذا اضطرت المنشأة للإغلاق، وكان رب العمل يرغب في الاحتفاظ بعماله، فهو حينئذ يكون ملزماً بمنح عماله رواتبهم كاملة، تطبيقاً لنص المادة (61) من قانون العمل في القطاع الأهلي، والتي تنص على أنه: "يلزم صاحب العمل بدفع أجور عماله خلال فترة الإغلاق ... ، كما يلتزم بدفع أجور عماله طوال فترة تعطيل المنشأة كلياً أو جزئياً لأي سبب آخر لا دخل للعمال فيه، طالما رغب صاحب العمل في استمرار عملهم لديه".
أما إذا كان المقصود من الاستفسار السؤال عن مدى إمكانية قيام رب العمل بمنح عماله (الذين يتقاضون رواتبهم شهرياً) إجازة، فإذا كانت الإجازة مدفوعة الأجر، فإنه يسري عليها ما سلف بيانه في الفقرة السابقة، أما إذا كان المقصود منح العمال إجازة بدون مرتب خلال فترة تعطل العمل في المنشأة، فإنه لا يحق لأصحاب الأعمال المتوقف أنشطتها إجبار الموظفين على القيام بإجازة "بدون مرتب"، فنص المادة 61 من قانون صريح وقاطع الدلالة على أنه يتعين ألا يُضار العامل من أي إغلاق (كلي أو جزئي) للمنشأة بسبب خارج عن إرادة العامل.
كما لا يجوز خصم تلك الإجازات الاستثنائية للظروف الصحية التي تمر بها البلاد من رصيد الإجازات السنوية للعامل.

السؤال: هل يحق لصاحب العمل خصم فترة التوقف على عمالته أو خصم من البدلات التي يتقاضونها؟
لا، لا يحق لصاحب العمل خصم فترة التوقف على عماله، ولا خصم أية بدلات كانوا يتقاضونها كميزة شخصية لهم، أما إذا كانت تلك البدلات (أو بعضها) لخدمة العمل، وكان العمل قد توقف، فليس هناك مبرر إذن لمنحها للعامل طالما لم يقم بها بسبب توقف العمل، وكانت تلك الميزة مقدمة له لخدمة العمل وليس كميزة أو منفعة شخصية له.

السؤال: هل يعتبر قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010 سارياً في حال وجود ظروف استثنائية كالتي تمر بها البلاد والعالم في هذا الوقت؟
نعم، يظل قانون العمل سارياً ونافذ المفعول وتطبق جميع أحكامه في كافة الظروف، طالما لم يصدر تشريع آخر تالياً له يلغيه أو يوقف العمل به أو ببعض أحكامه.

السؤال: هل عقود العمل محددة المدة، ملزمة في هذه الأوضاع، لكل من صاحب العمل أو للموظف، في حال رغبة أحدهما بترك الآخر في ظل هذه الظروف؟
هذا السؤال له فرضيتان:
الأولى: أن يكون إغلاق المنشأة نهائياً، ففي هذه الحالة ينقضي عقد العمل وينتهي تلقائياً (طبقاً لنص المادة 50 من قانون العمل في القطاع الأهلي)، مع عدم الإخلال باستحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة "كاملة" (طبقاً لنص المادة 52 من قانون العمل في القطاع الأهلي).
ولكن نصوص قانون العمل في القطاع الأهلي قد جاءت خلواً من تنظيم مدى استحقاق أي من طرفي العقد لمقابل مهلة بدل الإنذار في هذه الحالة، والمرجح هو ألا يلتزم أي منهما بذلك المقابل، لكون إنهاء علاقة العمل لا يرجع لأيهما، ولكون شرط الالتزام بأداء ذلك المقابل هو أن يكون إنهاء علاقة العمل راجعاً إلى الطرف الملتزم أو المطالب بأن يؤدي ذلك المقابل، وطالما انتفى شرط استحقاق ذلك المقابل (لعدم وجود طرف متسبب في إنهاء علاقة العمل)، بما يترتب عليه انتفاء استحقاق أيهما لذلك المقابل.
والفرضية الثانية: أن يكون إغلاق المنشأة جزئياً، أو لفترة محدودة (تقدرها السلطات العامة في الدولة)، وفي هذه الحالة، تطبق القواعد العامة، فمن يقوم بإنهاء العقد، يلتزم بتعويض الطرف الثاني عن باقي مدة العقد (وفقاً للشروط والأحكام – وبالكيفية والمقدار – المنصوص عليها في قانون العمل).

السؤال: فترة التضرر لملاك المشاريع الصغيرة، تفوق فترة الإغلاق بكثير، فهل يجوز الرجوع على الدولة للمطالبة بالتعويضات نتيجة القرارات التي تم اتخاذها مؤخراً من قِبل الحكومة (وهي: غلق مقار الشركات والمحلات التجارية ...الخ)، حيث إن خسائر تلك الشركات تفوق بكثير فترة الإغلاق، وإذا كانت الإجابة بـ: "نعم" ما هي الإجراءات الواجب اتخاذها؟ والجهات الواجب مخاطبتها؟
الأصل العام، أن دعوى التعويض تفترض وجود ثلاثة أركان، ركن الخطأ، وركن الضرر، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، فإذا كانت الإجراءات التي قامت بها سلطات الدولة لا تتسم بأي خطأ وإنما هي إجراءات ضرورية للمحافظة على الصحة والسلامة العامة لجميع أفراد المجتمع، فإنه لا يكون ثمة مجال للقول بإمكانية الرجوع عليها بطلب التعويضات عن أية أضرار تكون قد أصابت فئات معينة من المجتمع، تضررت من تلك الإجراءات. أي إنه لا يوجد أي سند قانوني في إقامة دعوى تعويض من جانبكم ضد سلطات الدولة لمطالبتها بالتعويض عن فترة الإغلاق، وما يصاحبها ويلحق بها، وفي حال إقامة مثل هذه الدعوى فلن تكون مرجحة الكسب.
      ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز أن: "المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن الحرب وما يصاحبها من أعمال مقاومة للعدو وما ينتج عن ذلك من أضرار لا يترتب عليها مسئولية الدولة أو يتولد عنها أي حق من أي نوع كان بالغاً مبلغ الضرر الذي نشأ عنه إلا في حدود ما يقرره الدستور والقانون. وكانت الدولة وإعمالا لمقتضى نص المادة 25 من الدستور التي تقضي بأن تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة وتعويض المصابين بأضرار الحرب واستجابة لقواعد العدالة وواجبها الإنساني نحو مواطنيها قامت بصرف المنح والأجور لرعايا المضرورين أثناء فترة الغزو - كما أنشأت بالمرسوم بقانون رقم 6/1991 الهيئة العامة بتقدير التعويضات عن خسائر العدوان العراقي وناطت بها حصر الأضرار التي تسبب فيها العدوان العراقي وتقدير التعويض الجابر لها عما أنشأت بالمرسوم بقانون رقم 133/1992 اللجنة الوطنية لشئون الأسرى والمفقودين وناطت بها عدة اختصاصات من بينها العمل على رعاية أسر الأسرى والمفقودين أثناء الغزو العراقي وتوفير ما يحتاجونه من خدمات وتسهيل معاملاتهم والتعاون في ذلك مع الجهات الحكومية وتقرر صرف إعانات مالية لهذه الأسر، ومن ثم فإن الدولة قد أعملت مقتضى النص الدستوري سالف البيان على النحو المتقدم ومن ثم فلا وجه للمطالبة بحقوق أخرى أو تعويضات تتجاوز ما قررته الدولة في هذا الشأن من خلال اللجنة الوطنية لشئون الأسرى وما هو مقرر في القوانين". (الطعن بالتمييز رقم 1562 لسنة 2012 مدني/1 – جلسة 21/1/2014م).
وفضلاً عما تقدم، فقد تم إعداد مقترح بقانون – من بعض أعضاء مجلس الأمة الكويتي على رأسهم الدكتور المحامي بدر الملا - لإنشاء صندوق التكافل الاقتصادي – التي تعطي حلاً لمشكلة التكاليف المالية الثابتة في ظل عدم وجود إيرادات – والذي يشمل كافة وجميع التراخيص الفردية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات وأصحاب المهن. ومن المنتظر – بمشيئة الرحمن – الموافقة وإقرار ذلك القانون سريعاً، على غرار تعديل قانون المرافعات (الذي تقدمت به ذات المجموعة التي أعدت مشروع صندوق التكافل الاقتصادي).

السؤال: هل من الممكن الاستناد إلى قواعد الظروف الاستثنائية والقوة القاهرة والحوادث الطارئة والسبب الأجنبي، للقول بـ: توقف سريان عقود العمل، وعدم صرف رواتب العمال، على غرار ما حدث أبان الغزو العراقي؟
للإجابة على هذا التساؤل، ينبغي علينا تناول المسائل التالية:
الأصل، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، فإن: "لرب العمل السلطة المطلقة في إدارة منشأته، وتنظيم العمل بها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحته، ولا وجه للحد من سلطاته في ذلك كله متى كانت ممارسته لها مجردة عن أي قصد في الإساءة لعماله". (الطعن بالتمييز رقم 1 لسنة 2001 عمالي – جلسة 26/11/2001م).
إلا أن المادة (61) من قانون العمل في القطاع الأهلي (رقم 6 لسنة 2010)، تنص على أنه: "يلزم صاحب العمل بدفع أجور عماله خلال فترة الإغلاق إذا تعمد غلق المنشأة لإجبار العمال على الرضوخ والإذعان لمطالبه، كما يلتزم بدفع أجور عماله طوال فترة تعطيل المنشأة كلياً أو جزئياً لأي سبب آخر لا دخل للعمال فيه، طالما رغب صاحب العمل في استمرار عملهم لديه".
وجاء في المذكرة الإيضاحية، تعليقاً على هذه المادة، ما نصه: "كما جاءت المادة (61) بحكم مستحدث بإلزام صاحب العمل بدفع أجور عماله طوال فترة تعطيل المنشأة كلياً أو جزئياً لأي سبب لا دخل للعمال فيه، ونصت على أن لا ينتهي عقد العمل لذات السبب".
فمن المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، فإن: "من الأصول المقررة أنه متى كان النص عاماً صريحاً في الدلالة على المراد منه، فإنه لا محل لتقييده أو تخصيصه أو تأويله، إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل، كما أنه لا يجوز تفسير النصوص إلا في حالة غموض عبارتها عن بيان مقصود الشارع منها أو وجود لبس فيها". (الطعن بالتمييز رقم 554 لسنة 2001 إداري – جلسة 14/10/2002م).
كما تواتر قضاء التمييز على أنه: "من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن القاضي مُطالب أساساً بالرجوع إلى نص القانون ذاته وإعماله على واقعة الدعوى في حدود عبارة النص فإذا كانت واضحة الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو تقييدها لما في ذلك من استحداث لحكم مُغاير لمراد الشارع عن طريق التأويل، وأنه لا وجه للبحث في حكمة التشريع ودواعيه عند صراحة النص، إذ أن ذلك لا يكون إلا عند غموضه أو وجود لبس فيه، بما لا يجوز معه الخروج على النص الصريح وتأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته" (الطعن بالتمييز رقم 556 لسنة 2001 إداري – جلسة 29/4/2002م).
لما كان ذلك، وكان يُستفاد من نص هذه المادة 61 من قانون العمل، ومن مذكرته الإيضاحية، إن رب العمل يلتزم – قانوناً – بدفع أجور عماله (طالما يرغب في استمرار عملهم لديه)، وذلك في حال تعطل المنشأة (كلياً أو جزئياً)، لأي سبب آخر (غير تعمد رب العمل غلق المنشأة لإجبار العمال على الرضوخ والإذعان لمطالبه) لا دخل للعمال فيه.
وطبقاً للقواعد العامة في تفسير النصوص القانونية، ولما كان هذا النص – بتلك الصياغة – قد جاء عاماً مطلقاً، فلا يجوز تقييد عمومه بلا مقيد، ولا تخصيص إطلاقه بلا مخصص. وعليه فتشمل هذه الحالة كل سبب (آخر) لا دخل للعمال فيه، بما فيها ما يرجع منها لرب العمل (بدون تعنت أو تعسف منه)، سواء كانت أسباب خاصة برب العمل شخصياً، أو كانت أسباب عامة بجميع أرباب العمل في البلاد، بما في ذلك ما يُعد من قبيل (القوة القاهرة) أو (الحادث الطارئ) أو (الظروف الاستثنائية) أو (السبب الأجنبي) أو ما شابه ذلك.
لا سيما وأن هذا النص (المستحدث) هو نص خاص، وارد في قانون خاص، فلا يجوز إهماله وترك إعماله، واللجوء (عوضاً عنه، والاستناد بدلاً منه) إلى القانون العام (القانون المدني) للبحث فيه عن نظرية الظروف الطارئة (في القانون المدني).
مع الأخذ بعين الاعتبار ما هو مقرر قانوناً من أن: "الحقوق التي رتبتها نصوص قانون العمل (في القطاع الأهلي) للعامل، تُعد من النظام العام بحيث لا يجوز مخالفتها إلا إذا نتج عن هذه المخالفة منفعة أو فائدة أكثر للعامل". (الطعن بالتمييز رقم 67 لسنة 2003 عمالي/1 – جلسة 5/4/2004م).
بل إن العامل ذاته لا يجوز له التنازل عن تلك الحقوق (طيلة سريان علاقة العمل)، فمن المقرر في قضاء التمييز أن: "حق العامل - نشوئه وفق قواعد آمرة متعلقة بالنظام لا يجوز له التنازل عنه - إلا بعد انتهاء علاقة العمل - حيث يملك النزول عنه أو التصالح عليه بعد ثبوت حقه له بالفعل". (الطعنان بالتمييز رقما 289 ، 306 لسنة 2008 عمالي/3 – جلسة 27/1/2010م).
ويؤيد ما سبق، ما نصت عليه (صراحة) الفقرة الثانية من المادة (115) من قانون العمل في القطاع الأهلي (رقم 6 لسنة 2010) من أنه: "يقع باطلاً كل شرط أو اتفاق أبرم قبل العمل بهذا القانون أو بعده يتنازل بموجبه العامل عن أي حق من الحقوق التي يمنحها القانون، كما يقع باطلاً كل تصالح أو مخالصة تتضمن إنقاصاً أو إبراء من حقوق العامل الناشئة له بموجب عقد العمل خلال فترة سريانه أو ثلاثة أشهر من تاريخ انتهائه، متى كانت مخالفة لأحكام هذا القانون".
وإزاء خلو قانون العمل السابق من نص مماثل لنص المادة 61 من قانون العمل الحالي (وهو نص مستحدث)، لم يجد القضاء حينئذ مناصاً من الرجوع لأحكام القانون المدني (الشريعة العامة للمعاملات) – بسبب خلو القانون الخاص من نص ينظم تلك المسألة – فلجأ القضاء وقتها إلى نظرية القوة القاهرة (الغزو العراقي لدولة الكويت)، وقضى بأنه: "من المقرر أن مفاد المادة 215 من القانون المدني أنه في الالتزامات العقدية التي روعيت فيها المدة، إذا حدثت قوة قاهرة جعلت تنفيذ الالتزام مستحيلاً استحاله فعلية أو قانونية طوال الوقت الواجب التنفيذ فيه، فإن الالتزام ينقضي بهذه الاستحالة، أي أنه يشترط في القوة القاهرة التي ينقضي بها الالتزام أن تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً استحالة مطلقة، أما إذا كانت هذه الاستحالة مؤقتة وزالت بعد حلول ميعاد التنفيذ في وقت يكون فيه تنفيذ الالتزام غير متعارض مع الغرض الذي من أجله وجد الالتزام، فان هذه الاستحالة المؤقتة لا ينقضي بها الالتزام، وانما يقتصر أثرها على وقفه إلى أن يصبح قابلاً للتنفيذ بزوال هذا الطارئ وتستأنف الالتزامات المؤجلة سيرها، فلا يكون لذلك الطارئ من أثر على قيام العقد الذي يبقى شريعة المتعاقدين التي تحكم العلاقة بين أطرافه". (الطعن بالتمييز رقم 17 لسنة 1999 عمالي – جلسة 24/1/2000م) ، (والطعن بالتمييز رقم 198 لسنة 2001 تجاري/3 – جلسة 18/5/2002م).
كما تواتر قضاء التمييز (حينها وقبل صدور قانون العمل الحالي)، على أنه: "من المقرر أن الغزو العراقي للكويت لا يُعد من قبيل القوة القاهرة التي يترتب عليها انفساخ عقد العمل بين الطرفين بقوة القانون بسبب استحالة تنفيذه، وإنما يترتب عليه فقط وقف هذا العقد بين طرفيه مؤقتاً وحتى زوال العدوان، بما مؤداه وقف عقد العمل خلال فترة الغزو، وهو وقف التزامات كل من الطرفين قبل الآخر، فلا يلتزم العامل بأداء العمل في تلك الفترة، ولا يلتزم صاحب العمل بأداء أي حقوق عنها للعامل". (الطعنان بالتمييز رقما 110 ، 121 لسنة 2003 عمالي – جلسة 14/3/2005م).
      وهذه الأحكام صادرة كلها قبل صدور قانون العمل الحالي، الذي تضمن نصاً مستحدثاً لم يكن موجوداً ولا معمولاً به في ظل قانون العمل السابق، ومن ثم فلا يجوز – قانوناً – الاستناد إلى تلك الأحكام في ظل قانون العمل الحالي.
وحتى في ظل قانون العمل السابق، أصدرت محكمة التمييز حكماً يقضي بأنه: "من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه يشترط لانقضاء الالتزام أن يطرأ عليه بعد نشوئه سبب أجنبي لا يد للمدين فيه يجعل تنفيذه مستحيلاً استحالة دائمة مطلقة بالنسبة للكافة وليس بالنسبة للبعض دون البعض الآخر، ويستوي بعد ذلك أن تكون الاستحالة قانونية أو فعلية، فإن لم يكن من المستحيل على المدين تنفيذ التزامه استحالة مطلقة بالوصف السابق كأن يحول دون تنفيذه ظروف شخصية تحيط بالمدين، فإنه ينتفي القول بانقضاء الالتزام حتى ولو كان مرهقاً له، وإذا كان محل التزام المدين هو أداء مبلغ من النقود فهو التزام لا ترد عليه بطبيعته الاستحالة المطلقة بل هو ممكن دائماً". (الطعن بالتمييز رقم 355 لسنة 2001 تجاري – جلسة 28/4/2002م).
      وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فلا أرى – شخصياً، وقد أكون مخطئاً – أنه لا مجال لإعمال نظرية السبب الأجنبي (سواء القوة القاهرة أو الحوادث الطارئة أو الظروف الاستثنائية أو خطأ الغير أو ما شابه ذلك)، في ظل الصياغة الحالية لنص المشرع الذي صاغ به المادة المستحدثة في قانون العمل الحالي (المادة 61).
      أما في حال مخالفة هذا الرأي، والأخذ بالسبب الأجنبي، فإنه في حال توافر شروط القوة القاهرة (من عدم التوقع، وعدم إمكانية الدفع، وكونها ظروف عامة ليست متعلقة بحالة شخص المدين، ولا تختلف من شخص إلى آخر ومن مقدرة شخص إلى آخر)، فإنه يترتب عليه – كما هو الحال في ظل قانون العمل الملغي، واسترشاد بالأحكام المتعلقة بفترة الغزو العراقي – وقف عقد العمل، فلا يكلف العامل بعمل، ولا يلتزم رب العمل براتب العامل، ولكني ما زلت أرى إن هذا الراي سيصطدم بصراحة وعموم وإطلاق نص المادة 61 من قانون العمل الحالي، على نحو ما سلف بيانه.
      هذا، ومن المرجح أن تتناقض وتتعارض الأحكام القضائية (الابتدائية والاستئنافية) عند تصديها للفصل في مثل تلك المنازعات الناشئة عن تطبيق نص المادة المذكورة، إلى أن يتم حسم الأمر من محكمة التمييز، أو يتدخل المشرع بتعديل تشريعي ما يحسم الجدل المثار حول تفسير تلك المادة بأن يتبنى أحد الاتجاهين والنص عليه صراحة.