الاثنين، 7 ديسمبر 2020

مذكرة دفاع - عن شركة تأمين - عن مطالبة بالتعويض عن ذات الإصابة

 

التعويض عن ذات الإصابة 



التعويض عن "ذات الإصابة":

حيث تنص المادة (248) من القانون المدني على أنه: "إذا كان الضرر واقعاً على النفس، فان التعويض عن الإصابة ذاتها يتحدد طبقاً لقواعد الدية الشرعية، من غير تمييز بين شخص وآخر، وذلك دون إخلال بالتعويض عن العناصر الأخرى للضرر على نحو ما تقرره المادة السابقة".

وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون، تعليقاً على تلك المادة، ما نصه: "ويعرض المشروع، في المواد 248 الى 251، للتعويض عن ذات إصابة النفس، مما تستحق عنه الدية وفقاً لأحكام الشريعة الاسلامية. وتأتى المادة248 لتقضى بأن هذا التعويض يتحدد بمبلغ جزافي يقدره القاضي سلفاً، وهو ما يتمثل في الدية الشرعية نفسها. والمشروع إذ يفعل ذلك، يخالف الأصل العام المقرر في القانون المعاصر المتمثل في ترك تحديد مقدار التعويض للمحكمة، لينحو منحى الفقه الإسلامي القاضي بأن يكون التعويض بقدر الدية، كاملة كانت أم في جزء منها. وهو عين الحكم الذى يقرره قانون تنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع الكويتي الحالي (المادة 21). ولم ير المشروع الا أن يلتزمه ويسايره. والتعويض عن ذات إصابة النفس يتحدد بالدية طبقا لأحكام الشريعة الاسلامية. وحاصل هذا، بادئ ذي بدء، أن ذاك التحديد لا يكون إلا حيثما تكون إصابة النفس مما يمكن أن تقوم عنها الدية أو الارش، فان لم تبلغ الاصابة مبلغ ما تدفع عنه الدية أو الارش، وفق ما تقضى به احكام الشرع الإسلامي، وينص عليه جدول الديات الصادر بمرسوم، فغن التعويض عنها يكون وفق ما يقدره القاضي حسب ما يراه جابراً للضرر. ويتفق هذا الحكم مع ما يقول به الفقه الإسلامي من أن في قطع الأعضاء والجراح التي تصيب الانسان فتنقص من المنفعة أو الجمال، والتي لا يوجد فيها قصاص، وليس لها دية أو أرش مقدر شرعاً، تجب غرامة متروكة لتقدير القاضي، وتسمى (حكومة العدل). مثال ذلك: كسر غير السن من العظام، وما كان بسيطاً من الخدوش والجراح، وقد آثر المشروع أن ينحو نحو قانون تنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع القائم، فلا يفرق في استحقاق الدية، باعتبارها تعويضاً عن ذات إصابة النفس، لجنس أو لسن أو لدين أو لجنسية أو لأى اعتبار آخر. فالناس كلهم في ذلك سواسية المرأة كالرجل، والصغير كالكبير، والعظيم كالبسيط، والذمي كالمسلم، والعربي كغير العربي. والمشروع إذ يخالف في ذلك بعض ما ورد في أقوال فقهاء المسلمين، حين فرقوا في مقدار الدية بسبب الذكورة والأنوثة والدين والحرية، الا أنه قد أدخل في اعتباره ما أخرجه البيهقي عن الزهري من أن دية النصراني واليهودي كانت مثل دية المسلم في زمن النبى وأبى بكر وعثمان، وإنها لم تنقص الى النصف الا في عهد معاوية، حيث أخذ نصفها الآخر لبيت المال. ثم أنه قد روى عن ابن عليه وأبى بكر الأصم أنهما قالا: بخلاف رأى الجمهور، أن دية المرأة كدية الرجل مستندين الى قول الرسول: "في النفس المؤمنة مائة من الابل"، دون تفرقة بين الرجل والمرأة. والدية لا تتمثل تعويضاً الا عن ذات إصابة النفس. وهى بهذه المثابة لا تمنع من التعويض، وفق ما يقدره القاضي، من كافة عناصر الضرر الأخرى، إن تواجدت كالضرر الناشئ عن القعود عن الكسب وفقد العائل ومصروفات العلاج والآلام حسية كانت أم نفسية، وغير ذلك كله من كافة صروف الأذى التي تلحق الناس في أنفسهم أو في أموالهم. وقد حرصت المادة 248 على أن تبرر هذا الحكم دفعاً لأية مظنة".

هذا، ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه: "من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن النص في المادة 248 من القانون المدني على أنه "إذا كان الضرر واقعاً على النفس فإن التعويض عن الإصابة ذاتها يتحدد طبقاً لقواعد الدية الشرعية من غير تميز بين شخص وآخر وذلك دون إخلال بالتعويض عن العناصر الأخرى للضرر"، وفي الفقرة الثانية من المادة 251 من ذات القانون على أن ويصدر بمرسوم جدول للديات وفق أحكام الشريعة الإسلامية تتحد بمقتضاه حالات استحقاق الدية كلياً أو جزئياً (الإرش المقدر)، وقد صدر مرسوم جدول الديات وحدد التعويض المستحق عن فقد النفس وعن كل إصابة، ومفاد ذلك وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني أن التعويض يتحدد بمبلغ جزافي يقدره القاضي سلفاً وهو ما يتمثل في الدية الشرعية طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية أو الإرش المقدر فإن لم تبلغ الإصابة مبلغ ما تدفع عنه الدية أو الإرش المقدر طبقاً لما تنص عليه جدول الديات فإن التعويض يكون وفق ما يقدره القاضي حسبما يراه جابراً للضرر وهو ما يسمى "حكومة عدل" ولما كان البين من نصوص جدول الديات المشار إليه أن المشرع حين ذكر الإصابات وما يستحق عنها قد سماها بمسمياتها المعروفة في الفقه الإسلامي، وكذلك الحال بالنسبة لما يستحق من الدية عن الإصابات، فإن مقتضى ذلك وجوب الرجوع إلى الإصابات المبينة بجدول الديات للوصول إلى تحديد حالات استحقاق الدية عنها، ولما كان المقرر أن الهاشة هي التي تهشم العظم وتكسره دون أن تزيله عن موضعه وعند جمهور الفقهاء من الشجاج أي الجروح التي لا تكون إلا في الرأس أو الوجه أما الجروح التي تكون في باقي الجسم - ولو كانت كسراً للعظم فلا تدخل في الشجاج وتسمى جراحة وليس فيها إرش مقدر وإنما تجب فيها حكومة عدل".

[[الطعنان بالتمييز رقما 943 ، 968 / 2007 تجاري/3 – جلسة 19/5/2009م]]

لما كان ذلك، وكانت المادة (251) من القانون المدني تنص على أن:

1-  تقدر الدية الكاملة بعشرة آلاف دينار. ويجوز تعديل مقدارها بمرسوم.

2- ويصدر بمرسوم جدول للديات، وفق أحكام الشريعة الإسلامية، تتحدد بمقتضاه حالات استحقاق الدية كلياً أو جزئياً".

وتنص المادة (255) مدني على أنه: "إذا وقع ضرر على النفس بما يستوجب الدية وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات المنصوص عليه في المادة 251 وكان وقوع هذا الضرر بطريق المباشرة، وباستعمال شيء مما ذكر في المادة 243 (بشأن حراسة الأشياء)، فإن المُباشِر يلتزم بضمانه، ما لم يكن في إتيانه ملتزماً حدود الدفاع الشرعي".

وتنص المادة (258) مدني على أن: "يقتصر ضمان أذى النفس على الدية كلها أو جزء منها، وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات المشار إليه في المادة 251، مع مراعاة تحديد مقدار الدية الكاملة على نحو ما تقضى به المادة المذكورة".

وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون، تعليقاً على تلك المادة، ما نصه: "وتعرض المادة 258 للجزاء المترتب على ضمان أذى النفس في جميع حالات وجوبه، قاصرة إياه على الدية كاملة كانت أم في جزء منها، على حسب الأحوال، ووفقاً لأحكام الشرع الإسلامي، وما يتضمنه جدول الديات، ومع مراعاة تحديد مقدار الدية الكاملة على نحو ما تقضى به المادة 251".

هذا، ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز أن: "للمؤمن الرجوع على ضامن أذى النفس بما أوفاه من تعويض للمضرور عن الفعل الضار بمقتضى حوالة الحق التي تصدر له منه، إلا أن النص في المادة 258 من القانون المدني على أن "يقتصر ضمان أذى النفس على الدية كلها أو جزء منها، وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات ..."، يدل على أن الإصابة إذا كانت لا تبلغ ما يدفع عنه الدية أو الإرش المقدر وفقاً لجدول الديات فإن المباشر لا يسأل عن ضمانها استناداً إلى ضمان أذى النفس".

[[ الطعن بالتمييز رقم 373 لسنة 2008 تجاري/4 – جلسة 25/12/2008م ]]

[[ الطعن بالتمييز رقم 256 لسنة 2000 مدني – جلسة 21/5/2001م ]]

كما قضت محكمة التمييز بأن: "مفاد نص المادة (258) من القانون المدني -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه إذا كانت الإصابة لا تبلغ مبلغ ما يدفع عنه الدية أو الأرش المقدر طبقاً لجدول الديات، وليس فيها بالتالي دية أو جزء منها، فإن المباشر لا يسأل عن ضمانها استناداً إلى أحكام ضمان أذى النفس. وكان المقرر أيضا أن كسر العظم ونقله من أصل مكانه والمسمى في المادة الرابعة فقرة (9) من لائحة جدول الديات "بالمنقلة" وكسر العظم الذي لا يزيله عن موضعه والمسمى "بالهاشمة" يُعد عند فقهاء الشريعة من الشجاج أو الجروح التي لا يتكون إلا في الرأس أو الوجه. أما الجروح التي تحدث في باقي الجسم، ولو كانت كسراً في العظام، فلا تدخل في (الشجاج) وتسمى (جراحة) وليس فيها "إرش" مُقدر. كما أن فقد نسبة من قدرة الجسم كله لا تجب فيه الدية أو جزء منها".

[[ الطعن بالتمييز رقم 277 لسنة 2003 مدني – جلسة 10/5/2004م ]]

كما قضت محكمة التمييز بأن: "مسئولية المباشر يقتصر التعويض فيها على الدية الشرعية فقط وفقاً لما تقضي به المادة 258 من القانون المدني".

[[ الطعن بالتمييز رقم 880 لسنة 2003 تجاري/3 – جلسة 18/6/2005م ]]

[[الطعنان بالتمييز رقما 873 ، 885 / 2008 تجاري/4 – جلسة 30/4/2009م]]

[[ الطعن بالتمييز رقم 1307 لسنة 2012 مدني/3 – جلسة 4/6/2014م ]]

وقد تواتر قضاء التمييز على أن: "من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن مسئولية المباشر يقتصر التعويض فيها على الدية الشرعية أو جزء منها وفقاً لما تقضي به المادة (258) من القانون المدني، مما مفاده أنه إذا كانت الإصابة لا تبلغ ما يدفع عنه الدية أو الإرش المقدر وفقاً لجدول الديات، فإن المباشر لا يُسأل عن ضمانها استناداً إلى أحكام ضمان أذى النفس، وإنما يكون التعويض عنها طبقاً لأحكام المسئولية عن العمل غير المشروع إذا ما توافرت إحدى صورها. وأن المقرر –في قضاء هذه المحكمة- أن كسر العظم الذي يسمى في المادة الرابعة من لائحة جدول الديات "بالهاشمة" هي التي تهشم العظم أو تكسر دون أن تنقله من موضعه، وهي عند جمهور الفقهاء من "الشجاج" أي "الجروح" التي لا تكون إلا في الرأس أو الوجه، أما الجروح التي في باقي الجسم – ولو كانت كسراً للعظم – فلا تدخل في الشجاج وتسمى "جراحة" وليس فيها تقدير للإرش وإنما تجب فيها "حكومة عدل" وهو ما يخضع لتقدير المحكمة. لما كان ذلك، وكانت إصابة المطعون ضده حسبما جاء بالتقرير الطبي "كسر في عظمة الترقوة" ولم ترد تلك الإصابة بجدول الديات ولا يُستحق عنها دية أو جزء منها، فإن المطعون ضده يعوض عنها بحكومة عدل متروك تقديره للمحكمة، ولا يُسأل المباشر عن التعويض عنها ... وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وألزم الطاعنة (شركة التأمين) بالتعويض على أساس المباشر، رغم أن إصابة المجني عليه لم ترد بجدول الديات، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب تمييزه".

[[ الطعن بالتمييز رقم 4 لسنة 2004 تجاري/3 - جلسة 4/6/2005م ]]

وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان من بيان الإصابات التي لحقت بالمدعية، وفقاً للثابت بتقرير الطب الشرعي المودع بملف الدعوى، أن الإصابات التي لحقت بالمدعية تتمثل في كسور العظام، وأورد ذلك التقرير صراحة أن جميع تلك الكسور (إصابات غير مدرجة ضمن الإصابات الواردة بجدل الديات)، أي إنها مما لا يدفع عنها الدية أو الإرش المُقدر وفق ما تقضي به أحكام الشريعة الإسلامية وينص عليها جدول الديات، وإنما يقضى بالتعويض عنها وفق ما يسمى بـ: "حكومة عدل"؛ بما تنتفي معه مسئولية شركة التأمين - على أساس مسئولية المباشر - عن التعويض.

ولا يشفع للمدعية أن القانون قد منحها حقاً مباشراً قِبل شركة التأمين تستأديه منها، إذ إن ذلك النص إنما يجيء بحيث لا يتعارض مع غيره من النصوص القانونية الأخرى والتي تدور جميعها في فلك واحد لا تعارض بينها، وإذ كان ذلك وكان النص في المادة 258 من القانون المدني قد جاء صريحاً في النص على أنه إذا كانت الإصابات التي لحقت بالمضرور لم تبلغ مبلغ الدية أو الإرش المقدر فلا يجوز إلزام المباشر بها، ومن ثم فتكون مطالبة المدعية لشركة التأمين بالتعويض عن (ذات الإصابة) رغم عدم ضمانها لها، لكونها مما لا يدفع عنها الدية أو الإرش المُقدر وفق ما تقضي به أحكام الشريعة الإسلامية وينص عليها جدول الديات، فإن تلك المطالبة – استناداً إلى ضمان أذى النفس – إنما تكون قد جاءت على غير سند صحيح من القانون خليقة بالرفض، وهو ما تتمسك به شركة التأمين على سبيل الجزم واليقين، على نحو يقرع سمع عدالة المحكمة الموقرة.