الاثنين، 18 أكتوبر 2021

الدفع بـ عدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان - في قضايا شركات التأمين والتعويضات عن الحوادث المرورية

 

 

في قضايا رجوع شركات التأمين بعضها على بعض بما أدته من تعويضات للمضرورين، بسبب الحوادث المرورية، المدان فيها المتسبب في الحادث، بحكم غيابي، لم يثبت إعلانه به قانوناً، فيمكن الدفع – من ضمن الدفوع الأخرى – بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان (قبل صيرورة الحكم الجزائي نهائياً)، وذلك على التفصيل التالي:

 

الشركة المدعى عليها تتمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان:

فمن المقرر قانوناً، وفقاً لنص الفقرة (الثانية) من المادة (188) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية (رقم 17 لسنة 1960)، أن:

"... يعلن الحكم الغيابي لشخص المحكوم عليه، فإن لم يتيسر ذلك سُلِمَ الإعلان في محل إقامته لمن يوجد من أقاربه أو أصهاره الساكنين معه أو لمن يوجد من أتباعه. فإن لم يوجد منهم أحد، أو امتنع من وُجِدَ عن تسلم الإعلان، نُشِرَ الإعلان في الجريدة الرسمية وألصق في أمكنة بارزة في الجهة التي فيها وفى مكان بارز من محل سكنه أو عمله وفى أي مكان آخر يُرَىَ نشره فيه".

ومن المقرر في الفقه القانوني أنه:

"في الحالات التي يبدأ فيها ميعاد الطعن من تاريخ إعلان الحكم يتعين أن يتم إعلان الحكم بموجب ورقة من أوراق المحضرين تشتمل على الحكم كاملاً بمنطوقه وأسبابه فلا يُغني عنه إعلان المحكوم عليه بصحيفة استئناف من خصمه ولا علمه المُؤكد بصدور الحكم بأية طريقة أخرى ولو كانت قاطعة كثبوت اطلاعه عليه أو علمه به أو تقديمه كمُستند في قضية كان مُختصماً فيها أو رفعه عنه طعناً خطئاً. فإذا لم يعلن الخصم بالحكم إلا أنه ثبت اطلاعه عليه كما إذا كان قد أطلع عليه بقلم الكتاب ووقع على ملف الدعوى أو على ورقة أرفقت بها بذلك، فإن هذا لا يُغني عن ضرورة إعلانه به في الأحوال التي رتب القانون على الإعلان بدء سريان ميعاد الطعن".

[[ لطفاً، المرجع: "التعليق على قانون المرافعات" – للمُستشار/ عز الدين الدناصوري وحامد عكاز – الجزء الثاني – الطبعة الثامنة 1996م القاهرة – المادة 213 – صـ 88 و 90 ]]

هذا، ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز أن:

"الأصل في الإعلان هو أن يصل إلى علم المكلف بالحضور علماً يقيناً بتسليم صورة الإعلان له شخصياً، إلا أن المشرع أراد أن يكتفي بالعلم الظني في بعض الحالات بإعلان المكلف بالحضور في موطنه، وبمجرد العلم الحكمي في البعض الآخر بتسليم الصورة للنيابة العامة أو الادعاء العام بحسب الأحوال لحكمه تسوغ الخروج على هذا الأصل. وكانت القواعد المتعلقة بإعلان الأمر بالحضور تسري على إعلان جميع الأوراق، ما لم ينص القانون على غير ذلك، وأنه وإن كانت المادة 188 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية قد نظمت إعلان الحكم الغيابي (للمحكوم عليه)، بنصها في فقرتها الثانية على أنه "ويعلن الحكم الغيابي لشخص المحكوم عليه، فإن لم يتيسر ذلك سلم الإعلان في محل إقامته لمن يوجد من أقاربه أو أصهاره الساكنين معه أو لمن يوجد من أتباعه، فإن لم يوجد منهم أحد، أو امتنع من وجد عن تسلم الإعلان، نشر الإعلان في الجريدة الرسمية وألصق في أمكنة بارزة في الجهة التي فيها وفي مكان بارز من محل سكنه أو عمله وفي أي جهة أخرى يرى نشره فيه".

[[ الطعن بالتمييز رقم 763 /2004 تجاري – جلسة 28/2/2005م ]]

كما تواتر قضاء التمييز على أن:

"التظلم من أمر الأداء يكون خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان أمر الأداء إلى المدين، ولا يغني عن هذا الإعلان علم المدين بأمر الأداء علماً يقينياً، ذلك أن المشرع إذا رسم طريقاً معيناً لانفتاح طريق التظلم من أمر الأداء فلا يتم إلا به، ولا ينفتح باب التظلم إلا بحصول الإعلان وفقا لما رسمه المشرع، ويتعين على المحكمة المرفوع إليها التظلم التحقق من أن إعلان المدين بأمر الأداء تم وفقاً لما رسمه القانون، فإن لم يتبع في الإعلان ما رسمه المشرع فإن هذا الإعلان يكون باطلاً ويكون ميعاد التظلم من الأمر ما زال مفتوحا".

[[ الطعن بالتمييز رقم 1180 / 2004 تجاري/3 – جلسة 12/11/2005م ]]

كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أن:

"ميعاد الطعن يبدأ من تاريخ إعلان الحكم (لمن تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاع)، وسريان هذا الميعاد إنما يبدأ من وقت إعلان الحكم لمن صدر ضده إعلاناً صحيحاً طبقاً للإجراءات التي رسمها قانون المرافعات، حتى يعلم المحكوم عليه بالحكم علماً كاملاً. ولا يقوم مقام الإعلان العلم المؤكد للمحكوم عليه بصدور الحكم بأية طريقة أخرى ولو كانت قاطعة، لما هو مقرر أنه متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على إجراء معين فإنه لا يجوز الاستعاضة عنه بإجراء آخر ولو كان قاطعاً".

[[ الطعن بالتمييز رقم 96 /2001 أحوال شخصية/2 – جلسة 8/6/2002م ]]

كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أن:

"الشهادة الصادرة عن إدارة تنفيذ أحكام المرور والثابت بها سداد المتهم الصادر ضده الحكم المذكور للغرامة وعدم معارضته أو استئنافه للحكم لا يعتبر دليلاً على نهائية الحكم الجزائي الصادر في حقه، لخلوها مما يدل على إعلان المتهم بالحكم الصادر ضده إعلاناً قانونياً طبقاً لما نصت عليه المادة 188 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية".

[[ الطعن بالتمييز رقم 113 /2008 تجاري – جلسة 10/4/2010م ]]

كما جرى قضاء محكمة التمييز على أن:

"الإدارة العامة للمرور – وإن أعطاها القانون رقم 22 لسنة 1960 حق إعلان الأوامر الجزائية والأحكام الغيابية بشأن بعض الجرائم – إلا أنها ليست جهة اختصاص بشأن تمام الإعلان وصحته وبدء المدة القانونية للطعن، ومن ثم فإن فواتها وصيرورة الحكم نهائياً، وما تقوم به من ذلك، فيه أفتأت على سلطة المحكمة واختصاصها".

[[ الطعن بالتمييز رقم 995 /2017 تجاري – جلسة 16/5/2019م ]]

 

لما كان ما تقدم، وكان البين من المستندات المقدمة من الشركة المدعية لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة 14/6/2021م – على فرض صحة تلك المستندات وتقديم أصلها لمضاهاته بالصور الضوئية المقدمة منه – بالمستند رقم (2)، أن المتهم الصادر ضده الأمر الجزائي (المدعى عليه الأول) قد قام بسداد قيمة الغرامة المقضي عليه بها بالإيصال رقم 26987 بتاريخ 9/7/2018م، إلا أن الأوراق قد جاءت خلواً من إعلان المتهم المذكور بالحكم الجزائي الغيابي الصادر ضده إعلاناً قانونياً صحيحاً طبقاً لما نصت عليه المادة 188/2 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، بما مفاده أن باب المعارضة في هذا الحكم الجزائي ما زال مفتوحاً أمام المتهم (المدعى عليه الأول) حتى تسقط الدعوى الجزائية بمضي المدة، وعليه فالحكم الجزائي المذكور لم يصبح نهائياً وحائزاً لحجية وقوة الأمر المقضي به.

لما كان ذلك، وكانت المدعية قد أقامت دعواها الماثلة بطلب إلزام المدعى عليها بأن تؤدي لها المبلغ محل المطالبة استناداً إلى حجية الحكم الجزائي الصادر غيابياً (في الجنحة رقم 1698 /2017 مرور النقرة)، واستندت في إثبات نهائية الحكم المذكور وصيرورته باتاً إلى الوصف الذي أطلقته عليه الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية؛ وكان ذلك البيان لا يقوم مقام الإعلان ولا يفيد بذاته صيرورة الحكم الجزائي باتاً حتى يضحى ذا حجية ملزمة للقاضي المدني.

ولا يغير من ذلك من دُوِّنَ بذات الشهادة بتمام إعلان المحكوم عليه بالحكم الغيابي الصادر ضده؛ ذلك أن هذا البيان لا يدل في ذاته على تمام الإعلان بالطريق الذي رسمه القانون سواء لشخص المحكوم عليه أو في محل إقامته لمن يوجد من أقاربه أو أصهاره الساكنين معه أو لمن يوجد من أتباعه أو نشر الإعلان في الجريدة الرسمية ولصقه في أمكنة بارزة في الجهة التي فيها وفي مكان بارز من محل سكنه أو عمله وفي أي مكان آخر يرى نشره فيه.

ولا ينال من ذلك حجية المستند الرسمي الصادر عن إدارة تنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية باعتباره محرراً بمعرفة موظف عام مختص في حدد مهمته، لكون أن حدود هذه الحجية قاصرة على إثبات الواقعة المادية للإعلان ولا تمتد تلك الحجية إلى إضفاء الشرعية القانونية على هذا الواقعة، ما دام أن الموظف القائم بالإعلان لم يثبت الإجراءات التي اتخذها في هذا السياق حتى يتسنى للمحكمة مطابقتها مع صحيح القانون؛ سيما وأن التحقق من حصول إعلان المحكوم عليه غيابياً إعلاناً قانونياً صحيحاً هو واجب على محكمة الموضوع، فلا يصح التسليم بما دون بالشهادة المذكورة بشأن صحة الإعلان وصيرورة الحكم الجزائي الغيابي باتاً لفوات مواعيد الطعن عليه، لما في هذا التسليم من أفتأت على سلطة المحكمة واختصاصها.

ولا يقدح من مجمل ما تقدم مقالة أن الأصل في الإجراءات إنها روعيت صحيحاً لما في هذا المقالة من مخالفة للثابت بالأوراق إذ أن الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية قد دونت بالشهادة المرفقة بالأوراق ما يدل على إعلان الحكم الغيابي بعبارة فضفاضة دون أن تشير إلى الإجراءات التي اتخذتها في سبيل تمام الإعلان حتى يتسنى للمحكمة مطابقتها مع الإجراءات التي تطلبها القانون في الإعلان ورتب البطلان على مخالفتها، وعلى ضوء ما تقدم فقد ثبت خلو الأوراق مما يقطع بتمام إعلان الحكم الجزائي الغيابي إعلاناً قانونياً صحيحاً وفوات مواعيد الطعن بالمعارضة أو الاستئناف.

بما مفاده أن باب المعارضة في هذا الحكم الجزائي ما زال مفتوحاً أمام المتهم إلى أن تسقط الدعوى الجزائية بمضي المدة. وعليه فالحكم الجزائي المذكور لم يصبح نهائياً وحائزاً لحجية وقوة الأمر المقضي به فيما يتعلق بثبوت الخطأ ونسبته إلى المتهم.

لا سيما أن المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء التمييز، فإن:

"المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن الحكم الجزائي لا يكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام القضاء المدني، إلا إذا كان نهائيا إما لاستنفاد طريق الطعن فيه بالاستئناف أو بفوات ميعاده، وبالتالي فإن الحكم الجزائي الذي لم يصبح نهائياً بعد لا يحوز حجية في ثبوت الخطأ أمام القاضي المدني، وأن المشرع قد رسم في المواد 16، 17، 18، 20 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الطرق الواجب إتباعها في إعلان الأوراق في المواد الجزائية، ومن ذلك النص في البند (ب) من المادة 18 منه المعدلة بالقانون رقم 7-1981 ... وأنه وإن كانت المادة 188 من ذات القانون قد نظمت إعلان الحكم الغيابي، إلا أنها لم تورد أحكاما خاصة للإعلان في حالة عدم الوقوف على موطن المراد إعلانه بالكويت ومن ثم تطبق القاعدة العامة الواردة في البند (ب) من المادة 18".

[[ الطعن بالتمييز رقم 1938 /2013 تجاري/5 – جلسة 3/12/2013م ]]

 

وفضلاً عما تقدم، وطبقاً للتعديلات الواردة في قانون الإجراءات الجزائية بالنسبة للطعن على الأحكام الصادرة بالغرامة. وقد خلت الأوراق أيضاً مما يفيد فوات مواعيد الطعن بالتمييز (على فرض فوات مواعيد المعارضة والاستئناف)، الأمر الذي يعد معه – والحال كذلك – عدم حجية الجزائي المذكور أمام عدالة القاضي المدني، ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد رفعت قبل الأوان.

 

=====================