الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

تقرير بشأن الخلاف حول تكييف عقد نقل التكنولوجيا


تقرير بشأن الخلاف حول تكييف عقد نقل التكنولوجيا
وضع مكتب .......... تقرير خبرة في مسألة التكييف القانوني للعقد المُبرم بين ............ و ................ وذلك بناء على طلب من محامي ............
وكان موضوع التقرير هو الإجابة على السؤال التالي: هل يُعد العقد موضوع البحث – وفقاً للقانون المصري – عقداً لنقل التكنولوجيا بما يمتنع معه على أطرافه إخضاعه لقانون آخر خلاف القانون المصري (طبقاً لأحكام قانون التجارة المصري الجديد) من عدمه؟
وبعد استعراض نصوص قانون التجارة الجديد، انتهى التقرير المذكور إلى أن العقد موضوع البحث هو عقد بيع بضائع وليس عقد نقل تكنولوجيا، وقد أسس التقرير رأيه على الأسانيد التالية:
1-     ديباجة العقد.
2-     بنود العقد، مثل خطاب الضمان، وضمان الجودة
3-     المستندات الفنية المقدمة من البائع لغرض التشغيل فقط. وهي جزء مكمل لعقد البيع. فأساس العقد هو الآلات والأجهزة وهي عناصر مادية وليس المعلومات الفنية وهي عناصر معنوية وجوهر عقد نقل التكنولوجيا.
4-     عدم النص على سرية المعلومات في العقد.
5-     أن العقد غير محدد فيه مدة الترخيص باستخدام المعلومات السرية.
وتلك الأسانيد بل المزاعم مردود عليها قانوناً على النحو التالي:
1- الرد على الزعم الأول (ديباجة العقد):
أن ديباجة العقد، أو حتى عنوانه الرئيسي، ليسا حجة على مضمون العقد أن اختلف المضمون والمحتوى مع العنوان أو الديباجة، ولمحكمة الموضوع سلطة تكييف العقد وإعطائه الوصف القانوني الصحيح وفقاً لما تضمنه محتواه من التزامات بغض النظر على التسمية التي أطلقها عليه المتعاقدان.
حيث أنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "المناط في تكييف العقود هو بما عناه العاقدون فيها، لا يعتد بما أطلقوه عليها من أوصاف أو ما ضمنوه من عبارات إذا تبين أن هذه الأوصاف وتلك العبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده العاقدون منه". (نقض مدني في الطعن رقم 67 لسنة 34 – جلسة 22/6/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1331. المصدر: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الثاني – المجلد الأول – القاعدة رقم 591 – صـ 191).
وكذلك تواترت أحكام محكمة النقض المصرية على أن: "العبرة في تكييف العقود هي بحقيقة ما عناه العاقدون منها، وتعرف هذا القصد من سلطة محكمة الموضوع، ومتى تبينت تلك المحكمة إرادة العاقدين على حقيقتها، فإن عليها أن تكيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح غير مُتقيدة في ذلك بتكييف العاقدين". (نقض مدني في الطعن رقم 351 لسنة 33 قضائية – جلسة 7/12/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1833. المصدر: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الثاني – المجلد الأول – القاعدة رقم 594 – صـ 192).
هذا فضلاً عن أن العقد محل البحث عقد مركب فيه عنصران عنصر معنوي يتمثل في حق المعرفة، وعنصر مادي يتمثل في الآلات والأجهزة والمعدات، والعبارات التي وردت في الديباجة إنما اقتصرت على العناصر المادية فقط دون غيرها.
2- الرد على الزعم الثاني (بند الضمان في العقد لا تجعله عقد نقل تكنولوجيا وإنما عقد بيع):
لما كانت أحكام الضمان الواردة في مواد البيع – في القانون المصري – تعد من الأحكام العامة في الضمان، مثلها مثل أحكام التسليم، فتسري أحكام ضمان التعرض أو الاستحقاق أو العيوب الخفية على كافة العقود التي تنشئ التزاماً بنقل التكنولوجيا أو التمكين من الانتفاع أو الحيازة. وعلى ذلك تسري بالضرورة على عقد نقل التكنولوجيا.
حيث يلتزم مورد التكنولوجيا بضمان التعرض والاستحقاق، أي ضمان أي فعل صادر منه أو من الغير يكون من شأنه حرمان المتلقي من كل أو بعض حقه في الانتفاع بالتكنولوجيا محل العقد، فيلتزم المورد بضمان تعرضه الشخصي، سواء في ذلك التعرض المادي أو القانوني. ولا يجوز الاتفاق على إعفاء مورد التكنولوجيا من التزامه بضمان تعرضه الشخصي، كما يلتزم المورد بدفع تعرض الغير وهو التزام بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية، ويشترط في التعرض الذي يقع من الغير حتى يضمنه مورد التكنولوجيا أن تتوافر فيه ثلاثة شروط: ألهما- أن يكون التعرض قانونياً، وثانيها- أن يكون سبب التعرض منسوباً لمورد التكنولوجيا، وثالثها- أن يقع التعرض بالفعل.
كما يلتزم مورد التكنولوجيا بضمان العيوب الخفية، ويشترط في العيب الذي يلتزم مورد التكنولوجيا بضمانه أن يكون: مؤثراً، وقديماً، وخفياً، وغير معلوم للمُتلقي.       
وإذا ما أندمج عقد نقل التكنولوجيا في عقد تسليم المفتاح في اليد( 1 )، فإن مورد التكنولوجيا يلتزم بضمان كافة العيوب التي يكشفها المتلقي خلال تنفيذ المشروع سواء تعلقت هذه العيوب بأبنية المنشآت أو تجهيز الآلات، كذلك فإنه يضمن العيوب التي تتكشف خلال تجربة الآلات والأجهزة، كما يضمن المورد كافة العيوب التي تتكشف بعد تسليم المشروع.
وينصرف ضمان العيوب الخفية بالنسبة للآلات والأجهزة – في حالة عقد تسليم المفتاح – إلى ضمان العيب في تصميم الآلة، وفي تركيب أجزائها، وفي المواد التي استعملت في صنعها، وفي طاقتها الإنتاجية، ولا ينسحب على ضمان العيب في تشغيل الآلة، ومع ذلك يجوز الاتفاق على تحديد العيوب التي يشملها الضمان والعيوب التي تخرج عن نطاق الضمان.
وقد جرى العمل على تحديد مدة الالتزام بضمان العيوب الخفية في عقد تسليم المفتاح بمدة ستة أشهر من تاريخ تشغيل الآلات والأجهزة، متى كان التشغيل مستمراً لا ينقطع ليلاً أو نهاراً، ومدة سنة متى كان التشغيل متقطعاً، أي لبضع ساعات يومياً، ويقع عبء إثبات العيب على المُتلقي. (لطفاً، المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 185 : 189).
ضمان النتائج: كما يضمن مورد التكنولوجيا مُطابقة المعلومات الفنية التي قدمها للمعلومات المُبينة في العقد، كما يضمن مُطابقة الرسوم والنماذج وبراءات الاختراع وكافة حقوق المعرفة الفنية لما هو ثابت بالعقد، كما يلتزم المورد بتمكين المُتلقي من زيارة مصانعه، وتزويده بكافة الإيضاحات والاستفسارات المنصوص عليها في العقد.
فيلتزم المورد بضمان تحقيق نتائج معينة، ووصف تلك النتائج من حيث كم الإنتاج، والجودة، والمستوى الفني، ونسب السماح، وأن يحدد العقد طريقة إجراء التجارب الخاصة باختبار مستوى الإنتاج قبل بدء التشغيل، وإذا ما فشلت التجارب في تحقيق هذه النتائج، يلتزم المورد بتصحيح الأوضاع خلال فترة محددة وعلى نفقته الخاصة، وإذا فشل مرة أخرى، التزم بتعويض المتلقي عما لحقه من ضرر، ويلتزم كذلك بضمان كفاءة التكنولوجيا المنقولة لإنتاج السلع والخدمات المُتفق عليها إذا ما استخدمت وفقاً لشروط التعاقد.
ومن ثم فإن النص على التزام المورد بضمان نتائج معينة في العقد لا يترتب عليه استبعاد هذا العقد من نطاق عقود نقل التكنولوجيا واعتباره عقد بيع بضائع، إذ أن ضمان النتائج ضروري بل من مستلزمات عقد نقل التكنولوجيا، لكون الباعث الدافع على التعاقد (في عقد نقل التكنولوجيا) هو الرغبة الملحة للمتلقي في الحصول على التكنولوجيا، ليس حباً في اقتنائها ولا تفاخراً بحيازتها وما تحتويه من أفكار براقة، وإنما يستهدف من ورائها زيادة الإنتاج وتحقيق التنمية، ومن ثم، فإن طبيعة العقد – بوصفه من عقود التنمية – تقتضي التزام مورد التكنولوجيا بضمان تحقيق نتائج معينة، حتى ولو لم ينص على ذلك في العقد، بحسبان أن الالتزام بضمان النتائج من مستلزمات العقد. (لطفاً، المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 189 ، 195 بتصريف).
3- الرد على الزعم الثالث من مزاعم التقرير (محل العقد عناصر مادية فقط وليست معنوية):
استبعاد العقود التي يكون محلها مُجرد بيع أو تأجير سلع فقط من نطاق عقود نقل التكنولوجيا، لا يكون إلى في العقود التي يكون محلها مُجرد بيع أو تأجير سلع فقط، لكون عقد نقل التكنولوجيا لا يكمن في العناصر المادية كالأجهزة والآلات والمعدات التي يشملها محل الاتفاق، وإنما يتعلق بالعناصر المعنوية المُتمثلة في حقوق المعرفة وبراءات الاختراع والخدمات الفنية. مما يعني أن المُستبعد هو البيع أو الإيجار الذي ينصب على أشياء مادية فقط، ولكن إذا أشتمل محل العقد على عدة عناصر مركبة، بعضها أشياء مادية كالأجهزة والآلات والمعدات، وبعضها الآخر أشياء معنوية كحقوق المعرفة وبراءات الاختراع والمعلومات والمعارف والخدمات الفنية الخاصة بتركيب وتشغيل الآلات والمعدات والأجهزة، فإن العقد في مجموعه ينطوي على نقل التكنولوجيا، ذلك أن جوهر العقد هو العناصر المعنوية وما عداه مُجرد عناصر ثانوية. (لطفاً، المرجع: "نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية" – للدكتور/ محسن شفيق – مطبعة القاهرة والكتاب الجامعي 1984 القاهرة – صـ 23. المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 117 ، 118).
وعلى ذلك، فإذا أبرم عقد وورد فيه المحل على أموال مادية كالآلات والأجهزة وأموال معنوية كالمعلومات الفنية الخاصة بتركيب وتشغيل تلك الآلات والأجهزة، فنكون بصدد عقد نقل التكنولوجيا متى كان العنصر الغالب في المحل هو العنصر المعنوي وكان ما عداه عناصر ثانوية. ويكون لمحكمة الموضوع – في حدود سلطتها التقديرية – أن تستخلص من إرادة العاقدين ومن ظروف وملابسات التعاقد أن الغرض الأساسي من التعاقد ليس هو العناصر المادية وإنما هو العناصر المعنوية، وأن العناصر المادية ما هي إلا عناصر ثانوية بالنسبة للعناصر المعنوية حتى تصل إلى حقيقة كون العقد من عقود نقل التكنولوجيا وليس مجرد بيع أو استئجار سلع فحسب. (لطفاً، المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 138).
وفضلاً عن ذلك، فأن "حق المعرفة" عند التطبيق العملي يتحول إلى منتجات مادية، إذ غالباً ما يتحول العنصر غير المادي إلى عناصر مادية، فمن الصعوبة بمكان أن تظل المعلومات والمُعطيات المتناثرة والمتباينة في وضع متنافر دائماً، وإنما لا بد وأن تؤول في الغالب الأعم من الحالات إلى أشكال مادية. (المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 139).
وعلى خلاف ما زعم التقرير من أن العناصر الأساسية في العقد هي العناصر المادية وأن المستندات تعتبر من مستلزماتها، فإن العكس هو الصحيح تماماً حيث تشكل المستندات الفنية الجزء الرئيسي الذي يقدم من خلاله "حق المعرفة"، ويكمل هذه المستندات البيانات والإيضاحات والشروح والتعليمات التي يصدرها المورد أو خبرائه، كما يكملها المساعدات الفنية التي يتلقاها أفراد المتلقي. (لطفاً، المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 175).
وعليه، تكون تلك المستندات التي تحتوي على "حق المعرفة" وما يكملها من بيانات وإيضاحات وشروح وتعليمات التي يصدرها المورد أو خبرائه، والمساعدات الفنية التي يتلقاها أفراد المتلقي، تعد هي العنصر المعنوي والعنصر الأساسي والرئيسي من التعاقد وما الآلات والأجهزة إلا عناصر ثانوية ومن مستلزمات حق المعرفة المنصوص عليه في المستندات، وهذا هو جوهر عقد نقل التكنولوجيا.
4- الرد على الزعم الرابع من مزاعم التقرير (عدم النص على السرية):
تكمن الحكمة من تقرير التزام المتلقي بالمحافظة على سرية التكنولوجيا المنقولة له، في حماية التكنولوجيا محل العقد، ولذلك حيث تتم حماية تلك التكنولوجيا بمقتضى نظام الملكية الصناعية من خلال تسجيل براءات الاختراع تنعدم الحاجة إلى النص على هذا الالتزام.
ويلتزم متلقي التكنولوجيا بالمحافظة على السرية، ولو لم يتضمن العقد هذا الالتزام، ذلك أن هذا الالتزام تفرضه طبيعة العقد ذاته بوصفه من العقود المؤسسة على الاعتبار الشخصي، فضلاً عن مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود يوجب على متلقي التكنولوجيا المحافظة على الأسرار المتعلقة بحق المعرفة، والتي أتاح له العقد الإطلاع عليها ومعرفة خباياها، وبحسبان أن المحافظة على السرية من مستلزمات العقد. (لطفاً، المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 222 ، 223).
ومفاد أن المحافظة على السرية من مستلزمات العقد، أن متلقي التكنولوجيا يلتزم بمحافظة على تلك السرية ولو لم ينص على هذا الالتزام في العقد، فعدم النص على هذا الالتزام بالعقد لا يبطله ولا يخرجه من نطاق عقود نقل التكنولوجيا على حد ما زعم التقرير.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فإن متلقي التكنولوجيا قد أوفى بالتزامه بالمحافظة على السرية لكون هذا الالتزام يحقق مصلحة شخصية وذاته له هو، إذ لا يعقل أنه بعد كل ما أنفق من أموال للحصول على تلك التكنولوجيا أن يقوم بنشرها للآخرين لكي يقوموا بمنافسته في السوق!!
5- الرد على الزعم الخامس من مزاعم التقرير (مدة العقد):
كثيراً ما يتم تحديد مقابل حق المعرفة بنسبة دورية حسب كمية الإنتاج، وبالتالي يتعين تحديد نطاق العقد من حيث المدة التي تسري فيها الإتاوة. أيضاً فإن أحد الالتزامات التي يرتبها العقد في ذمة المورد، الالتزام بتقديم التحسينات والتطويرات التي يتوصل إليها أو يتحصل عليها، وقد يكون الالتزام بتقديم التحسينات تبادلياً، يقع على عاتق الطرفين، ومن ثم يتعين تحديد المدة القصوى التي ينتهي بعدها هذا الالتزام.
ومن جانب آخر، فإن الاعتبارات التي تدفع إلى ضرورة الاتفاق على تحديد المدة تطور التكنولوجيا ذاتها، ذلك أن أي تكنولوجيا مهما كان نوعها أو درجة تقدمها وتعقدها سوف تغدو بعد حين تكنولوجيا متخلفة إذا ما ظهر ما هو أحدث منها وأجدى للتنمية الاقتصادية، فضلاً عن أن المدة التي يظل فيها صاحب حق المعرفة محتفظاً بسريته هي مدة موقوتة بطبيعتها، ولا بد أن يصير حق المعرفة من قبيل المعلومات الشائعة بعد فترة ما، ومن ثم يتعين على المتلقي تحديد المدة واضعاً في اعتباره إمكانية صيرورة حق المعرفة مجرد معلومات عامة بعد فترة قصيرة نتيجة التطور التكنولوجي. كما يتعين على المتلقي أيضاً عند تحديد مدة الاتفاق أن تكون المدة مناسبة على نحو يسمح لعماله باستيعاب التكنولوجيا محل العقد وفهم أسرارها ودقائقها.
وإذا كان مورد التكنولوجيا يفضل عادة إبرام العقد لأطول مدة ممكنة، حتى يضمن زيادة دخله من الإتاوة. فإن من مصلحة المتلقي – من جانب آخر – تقصير تلك المدة مع مراعاة أن تكون كافية لكي يستوعب أفراده التكنولوجيا المنقولة وأن يكتسبوا المهارة المطلوبة.
إلا أن مسألة تحديد مدة العقد مسألة نسبية، فليس هناك مدة معينة يتعين الاتفاق عليها، وإنما يتوقف الأمر على طبيعة ومضمون الالتزامات التي رتبها العقد في ذمة الطرفين، ففي حالة الاتفاق على دفع الثمن دفعة واحدة إجمالية دون الالتزام بدفع إتاوات سنوية بعد ذلك يكون من مصلحة المتلقي إطالة مدة العقد، حيث يلتزم المورد أمامه بتقديم كافة التحسينات والتطورات التي يتوصل إليها أو يتحصل عليها، ومن ثم فإن إطالة المدة يحقق إفادة للمتلقي دون غرم عليه. (لطفاً، المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 154 ، 155).
وعلى هذا الأساس تم الاتفاق بين الطرفين على إغفال شرط "المدة" لكونه يحقق مصلحة المتلقي، وقد وافق المورد على ذلك مقابل الارتفاع الكبير في سعر الثمن الإجمالي الذي فرضه من جانبه هو.
الخلاصة:
ومن ثم يتضح زيف الأسانيد وبطلان المزاعم التي أستند عليها التقرير فيما ذهب إليه من استبعاد العقد محل البحث من نطاق عقود نقل التكنولوجيا. لا سيما وأن هذا التقرير جاء عبارة عن رأي شخصي لمحرريه ولم يستند إلى أية أراء فقيه لكبار فقهاء القانون أو أية أحكام صادرة عن المحاكم العليا في مصر. لذا فهو مجرد رأي شخصي لمحامي يتبنى وجه نظر موكله ليس إلا.
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
أشرف رشوان
المحامي بالنقض
ashraf.rashwan@gmail.com


( 1 )  من أهم صورة عقود نقل التكنولوجيا ما يلي: 1- عقد الترخيص الصناعي. 2- عقد المساعدة الفنية. 3- عقد تسليم المفتاح. 4- الاستثمار الأجنبي المستقل والمشترك.. ويُقصد بعقد تسليم المفتاح ذلك الاتفاق الذي يتولى بموجبه أحد الطرفين إقامة مصنع وتسليمه جاهزاً للتشغيل والإنتاج، وما يستتبع ذلك بالضرورة من انتقال المعارف الفنية إلى الدولة المُضيفة من خلال الفنيين والخبراء القائمين على إنشاء المصنع بما يقدمونه من معارف فنية كاملة ورسوم هندسية وخطط تفصيلية وبواسطة تدريب العاملين في الدولة المضيفة على تشغيل المصنع وصيانته. حيث لا ينتهي دور الطرف الأجنبي بإنشاء المصنع وتسليمه – لا سيما إذا كان صاحب المصنع في البلد المضيف يعوزه الخبرة على تشغيل المصنع وتنقصه العمالة الفنية المدربة والقادرة على استيعاب التكنولوجيا وتطويعها – وعندئذ يلتزم الطرف الأجنبي بتقديم المعونة الفنية وتدريب أفراد صاحب المصنع حتى تكتمل قدرتهم على الإنتاج والتشغيل الأمثل، ويسمى عندئذ عقد تسليم إنتاج أو عقد الإنتاج في اليد ( Contrat Produits en main ) حيث لا تنتهي التزامات المقاول عند تسليم المصنع جاهزاً للتشغيل، وإنما تمتد إلى أبعد من ذلك فيلتزم بتدريب أفراد صاحب المصنع على التشغيل والإنتاج. (لطفاً، المصدر: "النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا" – للدكتور/ يوسف عبد الهادي خليل الإكيابي – رسالة دكتوراه لكلية الحقوق بجامعة الزقازيق 1988 الزقازيق – صـ 55 : 58).