الاثنين، 15 أغسطس 2011

انفساخ عقد الإيجار بانهدام وهلاك العين المؤجرة، بقوة ا لقانون


انفساخ عقد الإيجار بانهدام وهلاك العين المؤجرة، بقوة القانون

قانون إيجار الأماكن لا يمنع من إنهاء عقد الإيجار لأحد الأسباب الطارئة المنصوص عليها في المادة 601 وما بعدها من القانون المدني:
        من المقرر أن القصد الأساسي من قوانين إيجار الأماكن "الاستثنائية" هو تقرير الامتداد القانوني لعقود الإيجار بعد انقضاء مدتها بحيث يمتنع على المؤجر إنهاء العلاقة الإيجارية من جانبه وحده بمجرد انقضاء مدة العقد، أي إن المشرع قصد من تلك القوانين استبعاد السبب الأصلي والطبيعي لإنهاء العلاقة الإيجارية، ألا وهو تمسك المؤجر بانقضاء مدة العقد، ولم يقصد المشرع أبداً – عند إيراده للأسباب المسوغة للإخلاء – استبعاد الأسباب الطارئة العارضة لإنهاء العقد، وإنما تركها لأحكام القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني، لا إبطال عملها أو إهدار أثرها في فسخ العقد.
(لطفاً، المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث "في العقود المسماة" – المجلد الثاني "عقد الإيجار" – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 288 مكرر – صـ 753 وما بعدها).

أهم الأسباب العارضة العامة لانحلال عقد الإيجار – هلاك العين المؤجرة:
        حيث تنص المادة 159 من القانون المدني على أنه:
"في العقود الملزمة للجانبين، إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه، انقضت معه الالتزامات المقابلة له، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه".
        كما تنص المادة 569 من القانون المدني على أنه:
1- إذا هلكت العين المؤجرة أثناء الإيجار هلاكاً كلياً انفسخ العقد من تلقاء نفسه.
2- أما إذا كان هلاك العين جزئياً أو إذا أصبحت العين في حالة لا تصلح معها للانتفاع الذى أوجرت من أجله أو نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً أو لم يكن للمستأجر يد في شيء من ذلك فيجوز له إذا لم يقم المؤجر في ميعاد مناسب بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها أن يطلب تبعاً للظروف أما إنقاص الأجرة أو فسخ الإيجار ذاته دون إخلال بما له من حق في أن يقوم بنفسه بتنفيذ التزام المؤجر وفقا لإحكام المادة السابقة.
3- ولا يجوز للمستأجر في الحالتين السابقتين أن يطلب تعويضا إذا كان الهلاك أو التلف يرجع إلى سبب لا يد للمؤجر فيه".
وظاهر أن هذا النص يرتب على الهلاك الكلي للعين المؤجرة إنفساخ عقد الإيجار، أي انحلاله بقوة القانون، أي دون حاجة إلى صدور حكم بذلك، ويترتب على ذلك انقضاء التزامات كلا الجانبين، فلا يكون هناك محل لالتزام المؤجر بتجديد العين إذا هلكت. وهذا الحكم يسري أياً كان سبب الهلاك، أي سواء كان الهلاك راجعاً إلى القوة القاهرة أو إلى خطأ المؤجر أو خطأ المستأجر أو إلى خطأ الغير.
(لطفاً، المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – المرجع السابق – بند 158 – صـ 343 وما بعدها وهوامشها).
        هذا، ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أنه:
"... أياً كان سبب هلاك العين المؤجرة، لا يجبر المؤجر على إعادة العين إلى أصلها، ولا يلزم إذا أقام بناء جديداً مكان البناء الذي هلك كلياً أن يبرم عقد إيجار جديد مع المستأجر، وإنما يكون المؤجر ملزماً بتعويض المستأجر في حالة هلاك العين المؤجرة بخطأ المؤجر".
(نقض مدني في الطعن رقم 28 لسنة 45 قضائية – جلسة 21/12/1981.
مشار إليه في: "الوافي في شرح القانون المدني" – المرجع السابق – نفس الموضع – وهامش 144 و 145 صـ 344).
ويكون الهلاك كلياً إذا انعدمت العين انعداماً تاماً، وكذلك إذا لم تنعدم ولكن صارت غير صالحة أصلا للانتفاع المقصود بالإجارة كأن تصير العين المؤجرة آيلة للسقوط وتهدد سلامة السكان.
ويعتبر في حكم الهلاك من هذه الناحية، نزع ملكية العين المؤجرة للمنفعة العامة، والتعرض المادي الصادر من الغير، وأوامر السلطة سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أو من السلطة الإدارية متى ترتب عليها حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، وهو ما يسمى بالهلاك المعنوي.
وإذا حدث الهلاك بقوة قاهرة، فإن الفسخ ينهي الإيجار بالنسبة إلى المستقبل ولا يترتب عليه أي التزام بالتعويض. فلا يجوز للمستأجر مطالبة المؤجر بأن يمكنه من الانتفاع بعين أخرى بدلاً من العين التي هلكت.
(لطفاً، المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – المرجع السابق، بند 294 – صـ 766 : 770).
        هذا وقد تواتر قضاء محكمة النقض على أن:
"الهلاك الكُلي في معنى المادة 569/1 من القانون المدني هو أن يلحق الدمار العين المُؤجرة فيأتي عليها كُلها أو يجعلها غير صالحة جميعها لأداء الغرض الذي أُجِرَت من أجله، والهلاك هنا مادي يلحق مقومات العين المُؤجرة وكيانها الذاتي ولئن انعقد الإجماع على منح نفس الأثر للهلاك المعنوي أو القانوني الذي لم يمس نفس الشيء المُؤجر في مادته إلا أنه يحول دون أدائه المنفعة التي قصد أن يستوفيها المُستأجر منه، إلا أن شرطه أن يحول دون الانتفاع بالعين جميعها وألا يكون المانع مُؤقتاً بل دائماً، فإن لم يترتب إلى انتفاء الفائدة من جزء من العين أو كان المانع مصيره إلى زوال قبل انتهاء مُدة العقد اعتُبِرَ الهلاك جُزئياً، ومسألة ما إذا كان الهلاك كُلياً أو جزئياً من مسائل الواقع التي تخضع لسلطان قاضي الموضوع وتقديره دون رقابة محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً".
(نقض مدني جلسة 16/11/1977 – مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 1703.
ونقض مدني في الطعن رقم 823 لسنة 56 قضائية – جلسة 23/11/1988.
ومُشار إليهما في مرجع: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 382 – صـ 269).
        كما أستقر قضاء محكمة النقض على أن:
"عقد الإيجار – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ينقضي وفقاً لنص المادة 569/1 من القانون المدني بهلاك العين المُؤجرة هلاكاً كُلياً، ويترتب على هذا الهلاك إنفساخ العقد من تلقاء نفسه لاستحالة التنفيذ بانعدام المحل أياً كان السبب في هذا الهلاك سواء كان راجعاً إلى القوة القاهرة أو خطأ المُؤجر أو خطأ المُستأجر أو الغير ولا يُجبر المُؤجر في أي من هذه الحالات على إعادة العين إلى أصلها، ولا يلتزم إذا أقام بناء جديداً مكان البناء الذي هلك أن يُبرم عقد إيجار جديد مع المُستأجر".
(نقض مدني في الطعن رقم 1141 لسنة 53 قضائية – جلسة 19/7/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 771.
وفي الطعن رقم 28 لسنة 45 قضائية – جلسة 21/12/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 2365.
وفي الطعن رقم 1705 لسنة 49 قضائية – جلسة 11/3/1985.
وفي الطعن رقم 1201 لسنة 50 قضائية – جلسة 13/12/1987.
وفي الطعن رقم 1960 لسنة 51 قضائية – جلسة 31/5/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 502.
وفي الطعن رقم 1346 لسنة 56 قضائية – جلسة 5/4/1990.
وفي الطعن رقم 1723 لسنة 53 قضائية – جلسة 17/1/1990.
وفي الطعن رقم 1267 لسنة 53 قضائية – جلسة 30/5/1990.
ومُشار إليهم في مرجع: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 384 – صـ 270).
        كما جرى قضاء محكمة النقض على أن:
"نص الفقرة الأولى من المادة 569 من القانون المدني قد جرى على أنه "إذا هلكت العين المُؤجرة هلاكاً كُلياً أنفسخ العقد من تلقاء نفسه"، وهذا النص تطبيق للقواعد العامة التي تقضي بإنفساخ العقد لاستحالة التنفيذ الراجع إلى انعدام المحل، بما مُؤداه أنه متى هلكت العين المُؤجرة هلاكاً كُلياً أصبح تنفيذ عقد الإيجار مُستحيلاً فينفسخ من تلقاء نفسه، وبحكم القانون، وذلك سواء أكان الهلاك – وعلى ما ورد بالمُذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني- بخطأ المُؤجر أو بخطأ المُستأجر أو بقوة قاهرة".
(نقض مدني في الطعن رقم 2877 لسنة 58 قضائية – جلسة 15/12/1994.
وفي الطعن رقم 2975 لسنة 59 قضائية – جلسة 21/4/1994.
وفي الطعن رقم 3559 لسنة 63 قضائية – جلسة 23/3/1994.
وفي الطعن رقم 2856 لسنة 57 قضائية – جلسة 16/12/1993.
وفي الطعن رقم 1056 لسنة 61 قضائية – جلسة 15/3/1992.
ومُشار إليهم في مرجع: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 385 – صـ 270 و 271).
        كما استقر قضاء محكمة النقض على أن:
"النص فى المادة 569/1 من القانون المدني على أنه "إذا هلكت العين المؤجرة أثناء الإيجار هلاكاً كلياً أنفسخ العقد من تلقاء نفسه" هذا النص يعتبر تطبيقاً للقاعدة العامة التي تقضى بإنفساخ العقد لاستحالة التنفيذ الراجع إلى انعدام المحل لهلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً أصبح معه تنفيذ عقد الإيجار مستحيلاً ومن ثم ينفسخ من تلقاء نفسه وبحكم القانون، وتقرر المادة 159 من القانون المدني القاعدة العامة فى هذا الصدد إذ تقول "فى العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه" والمشرع فى النصين سالفي الذكر لم يميز بين ما إذا كان الهلاك غير راجع لخطأ المؤجر فينفسخ العقد بحكم القانون وبين ما إذا كان الهلاك راجعاً إلى خطأ المؤجر فيجوز للمستأجر طلب الفسخ قضاء بل جعل الحكم فى الحالتين واحد هو إنفساخ العقد بحكم القانون وترتيباً على ذلك يكون لكل من الطرفين طلب الإنفساخ ويعتبر العقد مفسوخاً من وقت الهلاك ولا حاجة إلى حكم بذلك وإن صدر مثل هذا الحكم فإنما يكون مقرراً لهلاك العين وإنفساخ العقد ويؤيد ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني فى هذا الصدد بأنه قد تهلك العين هلاكاً كلياً سواء كان ذلك من جراء عدم القيام بالترميمات اللازمة لحفظ العين أو بخطأ المؤجر أو المستأجر أو بقوة قاهرة وفى كل هذه الأحوال ينفسخ العقد من تلقاء نفسه لانعدام المحل وهذا هو المقرر فى قضاء النقض فى أحكامه الأخيرة إذ جرى على أن هلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً يؤدى إلى إنفساخ عقد الإيجار من تلقاء نفسه أياً كان السبب فى هذا الهلاك ولو كان ذلك بسبب المؤجر ولا يجبر على إعادة العين إلى أصلها".
(نقض مدني في الطعن رقم 1886 لسنة 54 قضائية – جلسة 9/5/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1048 – فقرة 4).
        * وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، وحيث إنه لما كان الثابت بالأوراق وبالمستندات المقدمة منا لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة اليوم، أن عين التداعي لم تكن مؤجرة في يوماً ما إلى مورث المطعون ضدهم، وعلى فرض أن مورثهم كان يستأجر عين التداعي، فإن الثابت بالأوراق أن تلك العين قد إنهدمت كلياً في عام 1972، وبالتالي فإن عقد إيجارها على فرض وجوده قد انفسخ بقوة القانون، ولا يحق للمستأجر المزعوم أو ورثته المدعيين من بعده المطالبة بأية حقوق على تلك العين بعد إعادة بناءها، فضلاً عن أنهم غير مستفيدين من ميزة الامتداد القانوني لعقد الإيجار لانتفاء شرط الإقامة فيها مع المستأجر الأصلي قبل وفاته لسبب بديهي إن العين المؤجرة قد تهدمت كلياً وانفسخ عقد إيجارها بقوة القانون، ولا أدل على ذلك من عدم تقديمهم لأي سند أو مستند يفيد سدادهم للقيمة الإيجارية لعين النزاع طوال تلك الفترة من عام 1972 حتى تاريخه، وإذ قام المطعون ضدهم بالتعدي على تلك العين بعد إعادة بناءها بدون سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون فإن تصرفهم هذا يعد غصباً للعين وتعدي على أملاك الأوقاف الخيرية يجيز لجهة الإدارة إزالته بالطريق الإداري طبقاً لصحيح القانون.