الجمعة، 30 سبتمبر 2011

أحكام المنافسة غير المشروعة


أحكام المنافسة غير المشروعة

المنافسة غير المشروعة – كما عرفتها المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 – هي: "... كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية ...".
وأحكام المنافسة غير المشروعة تتوزع على طائفتين من الأحكام:-
الطائفة الأولى: تتعلق بحالات الالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة المستندة إلى والناشئة عن العقود والاتفاقات، والمسئولية الناشئة عنها مسئولية عقدية. (ويطلق عليها البعض المنافسة "الممنوعة").
والطائفة الثانية: تتعلق بحالات الالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة المستندة إلى القانون مباشرة، والمسئولية الناشئة عنها مسئولية تقصيرية.  
ونوجز حالات كل طائفة على النحو التالي:

أ ) حالات الالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة، بموجب العقود والاتفاقات:

1- التزام البائع للمحل التجاري بعدم منافسة المشتري:
يرتب عقد البيع – طبقاً للقواعد العامة – التزاماً في ذمة البائع بعدم التعرض للمشتري، حتى يتمكن من الانتفاع بالمحل المبيع انتفاعاً كاملاً. والتعرض في عقد بيع المحل التجاري يتمثل في امتناع البائع عن فتح محل مماثل لنشاط المحل المبيع في ذات المنطقة طالما سيترتب على ذلك منافسة المشتري بتحويل العملاء عن المحل المبيع، ونقصان قيمته التي كانت الأساس في تقدير الثمن، فيلحق بمشتري المحل التجاري ضرراً أكيداً ويحرمه من تحقيق الغاية المنشودة من شراء المحل التجاري، ألا وهي الاستمرار في تردد العملاء على محله.
        والحكمة من التزام بائع المحل التجاري بعدم التعرض هي عدم الإضرار بالمشتري وفقده لعملائه إذا ما أنشأ البائع محلاً تجارياً جديداً يباشر فيه ذات النشاط التجاري في ذات منطقة المتجر أو المصنع المباع.
        وقد قررت محكمة النقض الفرنسية بدوائرها المجتمعة إدانة بائع المحل التجاري لأنه ينافس المشتري في ذات العقار الذي تنازل فيه عن جزء من حق الانتفاع للمحل. (29/5/1970 الـ J.C.P. 1970 – 4 – 189).
        ويعتبر القضاء الفرنسي مستقراً على إنه رغم خلو العقد من شرط "عدم التعرض" فإن البائع للمحل التجاري  - تحت التزامه بالضمان – يمتنع عليه منافسة المشتري سواء شخصياً أو بالتأجير لمنافسيه. (نقض تجاري في 30/4/1965 الـ J.C.P 1967 – 11 – 14950).
        وقد يعتبر تعرضاً من بائع المحل التجاري تعاقده كشريك متضامن في شركة تمارس ذات النشاط التجاري الذي يزاوله مشتري المتجر، ذلك لأنه يعتبر مسئولاً عن تعهدات الشركة. إذ قد يكون لشخص البائع أثر كبير في تأسيس هذه الشركة أو إدارتها أو قد يتضمن عنوانها التجاري اسمه مما يكون له شأن في جذب العملاء وبالتالي يؤثر على علاقة مشتري المحل التجاري بعملائه القدامى.
        وكذلك يعتبر عملاً منافساً من البائع اشتغاله مأجوراً طرف محل منافس عند اشتراط عدم المنافسة. (نقض تجاري فرنسي جلسة 22/4/1985 – دالوز – سيري 1985 – 1 – 479. ريبير رقم 487).
        كما حكم بأن شرط عدم التعرض الوارد بعقد بيع المحل التجاري لتجارة التجزئة يمنع البائع من مزاولة تجارة الجملة لذات نوع البضائع. (المجلة الفصلية 1965 – 821 مع تعليق جوفريه).
        إلا أنه يجوز لبائع المحل التجاري أن ينشئ محلاً جديداً يزاول فيه ذات النشاط، إذا كان ذلك في منطقة بعيدة عن نطاق نشاط المحل الأول الذي قام ببيعه للغير. كما يجوز لبائع المحل التجاري أن ينشئ محل تجارة في ذات المنطقة ولكن ليزاول فيه نشاطاً مختلفاً عن النشاط الذي يزاوله المحل الأول المبيع.
        قد نصت المادة 42/1 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أنه: "لا يجوز لمن تصرف في المتجر بنقل ملكيته إلى الغير أو بتأجير استغلاله أن يزاول نشاطاً مماثلاً لنشاط المتجر بكيفية يترتب عليها ضرر لمن آلت إليه الملكية أو الاستغلال، إلا إذا اتفق علي خلاف ذلك".
        وفي خصوص مدة الحظر، وضع قانون التجارة – بذات المادة، في فقرتها الثانية – مدة عشر سنوات تحسب من تاريخ شهر التصرف ما لم يتفق على خلاف ذلك.
        وغالباً لا يكتفي مشتري المحل التجاري بمجرد ضمان عدم التعرض تطبيقاً للقواعد العامة، وإنما عادة يضمن عقد البيع ذاته شرطاً يحظر فيه على البائع فتح محل مماثل للمحل المبيع.
        وقد أقر القضاء هذا الشرط طالما كان يقتصر على حرمان البائع من مزاولة نوع معين من التجارة وخلال فترة زمنية محددة أو في نطاق منطقة معينة. ومن ثم فلا يجوز أن يكون هذا الشرط مطلقاً شاملاً لكل أنواع التجارة وفي كل مكان وزمان، إذ أن ذلك يتضمن خروجاً على مبدأ حرية التجارة وحرية العمل وهما من النظام العام.
        وقد أيدت محكمة النقض المصرية هذا الاتجاه بحكمها الصادر بجلسة 7/6/1963 بقولها: "إن ضمان البائع المترتب على بيع المتجر يلزم البائع بعدم التعرض للمشتري في انتفاعه بمتجره وبالامتناع عن كل عمل يكون من شأنه الانتقاص من هذا الانتفاع مما يتفرع عنه أن الالتزام بعدم المنافسة في شتى صوره ومنها حظر التعامل مع العملاء لا يكون باطلاً إلا إذا تضمن تحريم الاتجار كليةً عن البائع لأنه يكون في هذه الحالة مخالفاً لمبدأ حرية التجارة وحرية العمل وهما من النظام العام". (نقض مدني في الطعن رقم 378 لسنة 36 قضائية – جلسة 7/6/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 764).
        مع ملاحظة أنه حتى إذا تضمن العقد حظراً على البائع بفتح محل يزاوله فيه نشاطاً مماثلاً خلال مدة محددة، فإنه يجوز للبائع حتى قبل ـ انقضاء تلك المدة المنصوص عليه أن يفتح محلاً يزاول فيه ذات النشاط وذلك إذا ما زالت أسباب الحظر: كما إذا أغلق المحل المبيع نهائياً أو اعتزل صاحبه "المشتري" التجارة كلية أو بسبب وفاته وعدم استمرار ورثته في التجارة، وذلك كله تطبيقاً لقاعدة: "زوال الأثر عند زوال العلة".

جزاء الإخلال بشرط الالتزام بعدم التعرض:
        إذا أخل البائع بالتزامه بعدم التعرض، أو خالف الشرط المتفق عليه في عقد البيع، فإن ذلك يوجب مسئوليته العقدية دون حاجة إلى إثبات المشتري للضرر الذي أصابه. وقد قضت محكمة النقض المصرية في قضية تتعلق بشخص باع لآخر محلاً تجارياً مع تعهده بعدم الاتجار في ذات البضائع، وخالف هذا الشرط، فأقام عليه المشتري دعوى طالباً التعويض، فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن ضرراً أصاب المشتري، ثم قضت في الموضوع برفض الدعوى، فطعن المشتري في هذا الحكم التمهيدي بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وقضت محكمة النقض بأن: "البائع أخل بواجب الضمان الذي يلزمه بوصفه بائعاً، كما أخل بالشرط المتفق عليه في عقد البيع، وأن هذا الإخلال ما هو إلا تعرض للمشتري في بعض المبيع من شأنه أن ينقص من قيمته التي كانت الأساس الذي قدر عليه الطرفان الثمن عند التعاقد، ونقص قيمة المبيع على هذه الصورة هو بداية الضرر الذي أصاب المشتري من تعرض البائع، وهو ضرر مفترض بحكم واجب الضمان الملتزم به البائع بمجرد الإخلال بهذا الشرط، إذ يمثل الثمن الجزء من المبيع الذي حصل التعرض فيه من جانب البائع". (نقض مدني مصري في الطعن رقم 273 لسنة 22 قضائية – جلسة 8/3/1952 مجموعة المكتب الفني – صـ 291).
        ويجوز للمشتري - طبقاً للقواعد العامة - أن يطالب قضائياً البائع بالتنفيذ العيني، كأن يطلب الحكم بإغلاق المحل الذي افتتحه البائع، ويكون للقاضي في سبيل ذلك أن يفرض على البائع غرامة تهديدية عن كل يوم يتأخر فيه عن تنفيذ الحكم حتى يلزم بغلق المحل.
        وللقاضي أن يكتفى بالحكم النقدي عن الضرر الذي أصاب المشتري من جراء ذلك، ويقدر التعويض حسب الرأي الراجح بالقيمة الإجمالية للعمليات التي قام بها البائع في مكان محله الجديد. وأخيراً يكون للمشتري أن يطلب فسخ البيع الصادر له من البائع.
(لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون التجاري المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الأول – طبعة 2005 القاهرة – بند 228 – صـ 362 وما بعدها وهوامشها).

2- التزام مؤجر المحل التجاري بعدم منافسة المستأجر في استغلاله للمحل التجاري:
        يلتزم مؤجر المتجر بعدم منافسة المستأجر، وهو التزام ينشأ تلقائياً عن عقد تأجير استغلال المحل التجاري. فإقامة المؤجر تجارة مماثلة وسحب العملاء بعد إبرام عقد تأجير استغلال المحل التجاري يعد تعرضاً يلحق ضرراً كبيراً بالمستأجر ويحرمه من تحقيق الغاية المنشودة من استئجار المتجر ألا وهي استمرار تردد العملاء. ويشبه الفقه والقضاء التزام المؤجر في هذا الخصوص بالتزام بائع المتجر بعدم منافسة المشتري.
(لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون التجاري المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الأول – طبعة 2005 القاهرة – بند 330 – صـ 515).

3- التزام الشريك بعدم منافسة الشركة:
        يلتزم جميع الشركاء في شركة التضامن بعدم القيام بأعمال يترتب عليها منافسة الشركة أو الإضرار بها. ومقتضى ذلك أنه يحظر على الشريك أن يمارس لحسابه الخاص أو لحساب الغير نشاطاً من ذات نوع نشاط الشركة أو مشابهاً له.
 كما يحظر على الشريك المتضامن أن يكون شريكاً متضامناً في شركة تضامن أخرى أو توصية بسيطة تمارس ذات نشاط شركته.
        وهذا الحظر يسري ولو كانت الشركة الأخرى شركة ذات مسئولية محدودة أو كان شريكاً موصياً في شركة توصية بسيطة طالما إن هذه الشركة تمارس نشاطاً منافساً لنشاط شركة التضامن الذي هو شريك متضامن فيها.
        والحكمة من ذلك أن شركات التضامن تؤسس على الاعتبار الشخصي والثقة المتبادلة بين الشركاء وعلى التعاون الإيجابي في العمل على نجاح نشاط الشركة، وقد يترتب على كون الشريك المتضامن شريكاً في أي نوع من هذه الشركات التزامه بإبداء النصح والمشورة لشركته التضحية بمصالح شركة التضامن.
        كما يترتب على قيام الشريك بعمل منافس لعمل الشركة في أي صورة من الصورة منافسة الشركة وسحب عملائها، الأمر الذي يهدم كلية الاعتبار الشخصي ومصلحة جميع الشركاء المتضامنين في شركة التضامن.
        على أنه يجوز للشريك القيام بمثل هذه الأعمال أو الدخول كشريك في إحدى صور الشركات المشار إليها إذا وافق باقي الشركاء على ذلك بتقدير عدم إصابتهم بأي أضرار من ذلك.
        وطبقاً لحكم المادة 512 من القانون المدني، فإنه يمتنع على الشريك القيام بـأي نشاط يلحق الضرر بالشركة أو يكون مخالفاً للغرض الذي أنشئت لتحقيقه.    كما إنه على الشريك أن يبذل من العناية في تدبير مصالح الشركة ما يبذله في تدبير مصالحه الخاصة، إلا إذا كان منتدباً للإدارة بأجر فلا يجوز أن ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد.
(لطفاً، المرجع: "الشركات التجارية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الثالثة 1992 القاهرة – صـ 267).

*****        *****        *****   

ب ) حالات الالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة، بموجب القانون:

الحماية القانونية للمنافسة المشروعة في المعاملات التجارية:
        تنص المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على إنه: "
1-    يعتبر منافسة غير مشروعة كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية، ويدخل فى ذلك على وجه الخصوص: الاعتداء على علامات الغير أو على أسمه التجاري أو على براءات الاختراع أو على أسراره الصناعية التي يملك حق استثمارها، وتحريض العاملين فى متجره على إذاعة أسراره أو ترك العمل عنده، وكذلك كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس فى المتجر أو فى منتجاته أو إضعاف الثقة فى مالكه أو فى القائمين على إدارته أو فى منتجاته.
2-    كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناجم عنها. وللمحكمة أن تقضى - فضلاً عن التعويض - بإزالة الضرر وبنشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه فى إحدى الصحف اليومية".
ومفاد هذا النص إنه يمكن تعريف المنافسة غير المشروعة بأنها: "كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية". هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن مفاد عبارة: "... ويدخل فى ذلك على وجه الخصوص": أن صور المنافسة غير المشروعة الواردة في صدر تلك المادة إنما وردت على سبيل المثال لا الحصر، ومن ثم فيقاس عليها "كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس فى المتجر أو فى منتجاته أو إضعاف الثقة فى مالكه أو فى القائمين على إدارته أو فى منتجاته".   

صور المنافسة غير المشروعة (الواردة في النص على سبيل المثال):
* المنافسة غير المشروعة هي إذن كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية، ويدخل فى ذلك على وجه الخصوص:
1- الاعتداء على علامات الغير أو على أسمه التجاري أو على براءات الاختراع أو على أسراره الصناعية التي يملك حق استثمارها، ويشمل ذلك:
أ‌.      الاعتداء على الاسم التجاري أو التسمية المبتكرة:
كاتخاذ المحل المنافس اسما تجاريا مشابها لأسم محل آخر أو اعتدائه على التسمية لمحل آخر.
ب‌.  الاعتداء على العلامة التجارية:
يعتبر الاعتداء على العلامة التجارية التي يتخذ منها المتجر إشارة لتمييز منتجاته أو بضائعه بتقليدها أو تزويرها من قبيل أعمال المنافسة الغير المشروعة.
ت‌.  وضع بيانات تجارية مغايرة للحقيقة:
يعد من أعمال المنافسة غير المشروعة وضع بيانات تجارية مغايرة للحقيقة بقصد منافسة الخصم، أو إيهام الجمهور بتوافر شروط معينة في البضائع المتنافس عليها كإذاعته أمور مغايرة للحقيقة خاصة بمنشأ بضاعته أو أوصافها أو تتعلق بأهمية تجارته بقصد إيهام الغير بمميزات غير حقيقية ككون المتجر على غير الحقيقة حائز لمرتبه أو شهادة أو مكافأة بقصد انتزاع عملاء تاجر آخر ينافسه.
ث‌.  تقليد طرق الإعلان:
يعتبر أعمال المنافسة غير المشروعة تقليد طريقة الطبع أو طرق الإعلان أو البيع فمثل هذه الأعمال تمس أهم عناصر المتجر وهو الاتصال بالعملاء.
ج‌.  تخفيض أسعار البيع:
ولا يكون تخفيض أسعار البيع منافسة غير مشروعة إلا إذا استمر مدة طويلة مدعوماً بحملات إعلانية موضح بها الأسعار التي يبيع بها منافسيه، فهنا يتضح أن المقصود هو تحطيم تجارة الغير بطريقة غير مشروعة، كما يعد أيضا منافسة غير مشروعة البيع بأقل من السعر المتفق عليه بين التجار عموماً لما يؤدي إليه ذلك من حرمان المنافس من عملائه بطريق غير مشروع. كما قد يعمد بعض التجار – وهم عادة من أصحاب المتاجر الكبيرة – إلى البيع بأسعار أقل بكثير من السعر المعتاد للسلعة مع تشجيع جمهور العملاء على استبدال ما لديهم من تلك السلعة "المستعملة" بسلعتهم "الجديدة" ذات السعر المغري، وذلك بهدف احتكار سوق تلك السلعة ومن ثم التحكم في أسعارها بصورة مطلقة على المدى الطويل.

2-  وتحريض العاملين فى متجره على إذاعة أسراره أو ترك العمل عنده:  
قد تكون أعمال المنافسة غير المشروعة في صورة تحريض العمال الذين يعتمد عليهم المشروع المنافس، ومثال ذلك: تحريضهم بترك العمل أو تشجيعهم على الإضراب وبث الفوضى في المحل المنافس، أو إغراء عمال المتجر المنافس بالعمل لديه حتى يجذب العملاء، وقد يعمد المنافس إلى إغراء العامل بالمتجر الآخر بالمال للوقوف على أسرار أعمال المنافسة في صناعة معينة أو تركيب معين للمواد التي تباع أو تدخل ضمن نشاط المتجر.

3- وكذلك كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس فى المتجر أو فى منتجاته أو إضعاف الثقة فى مالكه أو فى القائمين على إدارته أو فى منتجاته، ومن قبيل ذلك:
أ‌.      الاعتداء على سمعة التاجر المنافس ونشر بيانات كاذبة عنه:
كإذاعة معلومات غير صحيحة عنه أو إشاعات كاذبة عن إفلاسه أو ارتباكه المالي أو عزمه على تصفية متجره أو بيعه أو نقله أو تشويه الحقائق على البضائع والسلع والمنتجات موضوع نشاط المحل التجاري بهدف صرف عملائه عنه.


جزاء الإخلال بالالتزام بالمنافسة المشروعة:
        قرر المشرع التجاري حماية قانونية عند الاعتداء على أي من العناصر المشار إليها في المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، حيث أجاز لصاحب الحق المعتدى عليه رفع دعوى المنافسة غير المشروعة ضد المعتدي طالباً منع الاعتداء وطلب التعويض عما أصابه من أضرار بالإضافة إلى جواز الحكم بنشر الحكم في إحدى الصحف اليومية على نفقة المعتدي المحكوم عليه.
        وهذه الحماية يتمتع بها صاحب العلامة المعتدى عليها – على سبيل المثال – سواء كانت العلامة التجارية مسجلة أو غير مسجلة.
        فإذا كانت العلامة التجارية غير مسجلة:  تعتبر الحماية على أساس المنافسة غير المشروعة (طبقاً للمادة 66 من قانون التجارة) هي الوسيلة الوحيدة لحمايتها من الضرر المادي والأدبي الذي يلحق بصاحبها.
        وإذا كانت العلامة التجارية مسجلة: فإن الحماية الجنائية الخاصة المقررة لها وفقاً لقانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 تتيح لصاحب العلامة التجارية المسجلة المطالبة بالتعويض سواء أمام المحاكم الجنائية أو المدنية.
        وتظهر أهمية الحماية المؤسسة على المنافسة غير المشروعة – طبقاً لنص المادة 66 من قانون التجارة – بالنسبة للعلامة التجارية المسجلة في حالة عدم توافر شروط الدعوى الجنائية، إذ أن الجزاء الجنائي المقرر لجرائم الاعتداء على الحق في العلامة (وفقاً لقانون حماية الملكية الفكرية) يتطلب القصد الجنائي الخاص لدى المقلد أو المستعمل أو البائع أي سوء نيته في ارتكاب مثل هذه الأفعال. فإذا حدث وحكم بالبراءة على أساس انتفاء القصد الجنائي فإن حكم البراءة هذا لا يمنع من الحكم بالتعويض لصاحب العلامة على أساس الفعل الضار الذي يمثل منافسة غير مشروعة سواء كان خطأ المعتدي عمدياً أم غير عمدي، ذلك لأن الالتزام بالتعويض في  هذه الحالة أساسه الفعل الضار سواء توافرت أركان جرائم التقليد بكافة صورها أم لا.
        هذا، ويجوز رفع دعوى المنافسة غير المشروعة من مالك العلامة التجارية قبل وقوع الضرر فعلاً، كأن يرفع الدعوى لمنع وقع هذا الضرر برفع التشابه أو الخلط أو الالتباس بين علامته وغيرها من العلامات المشابهة.
        كما إن دعوى المنافسة غير المشروعة يجوز رفعها من مالك العلامة التجارية أو من غيره من ذوي الشأن: فيجوز لكل من أصابه ضرر بسبب خطأ الغير رفع دعوى المنافسة غير المشروعة وطلب الحكم بالتعويض وإزالة الضرر، سواء كان مالكاً للعلامة التجارية أم غير مالك. فالتاجر الذي يتعامل في منتجات مميزة بعلامة معينة تشير إلى مصدر الإنتاج يضار إذا ما لجأ تاجر آخر بتزوير هذه العلامة ووضعها على منتجاته من ذات النوع أو منتجات مصدر آخر. كذلك الشأن بالنسبة لمن له حق انتفاع على العلامة بعقد ترخيص من مالكها. بل ويجوز للمستهلكين أيضاً رع الدعوى عند توافر أركانها.
(لطفاً، المرجع: "الملكية الصناعية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الخامسة 2005 القاهرة – بند 416 – صـ 585 وما بعدها).

جواز الحكم بالمصادرة والنشر والإتلاف من المحكمة المدنية:
        يجوز للمحكمة المدنية – أسوة بالمحكمة الجنائية – أن تحكم ببيع الأشياء المحجوزة أو التي تحجزها فيما بعد لاستنزال ثمنها من التعويضات أو الغرامات أو الأمر بالتصرف فيها بأية طريقة أخرى تراها المحكمة مناسبة (وفقاً لنص المادة 117/1 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002).
        ويجوز أيضاً للمحكمة المدنية أن تأمر بإتلاف العلامات المخالفة، ويجوز لها – عند الاقتضاء – الأمر بإتلاف المنتجات أو البضائع أو عناوين المحال أو الأغلفة أو الفواتير أو المكاتبات أو وسائل الإعلان أو غير ذلك مما يحمل تلك العلامة أو يحمل بيانات أو مؤشرات جغرافية بالمخالفة لأحكام قانون حماية الملكية الفكرية سالف الذكر، وكذلك إتلاف الآلات والأدوات التي استعملت بصفة خاصة في ارتكاب الجريمة (وفقاً لنص المادة 117/2 من قانون حماية الملكية الفكرية).
        ويجوز للمحكمة أيضاً أن تأمر بنشر الحكم في جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه (المادة 117/3 القانون).
        بل وأجاز المشرع للمحكمة أن تأمر بكل أو بعض ما سبق حتى في حالة الحكم بالبراءة (المادة 117/4 من القانون).
        وقد نصت المادة 66/2 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على حق المحكمة أن تقضي – فضلاً عن التعويض – بإزالة الضرر وبنشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه في إحدى الصحف اليومية.
(لطفاً، المرجع: "الملكية الصناعية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الخامسة 2005 القاهرة – بند 419 – صـ 588).

الحق في اتخاذ الإجراءات التحفظية لكل ذي شأن عند الاعتداء على العلامة التجارية:
        أجاز المشرع في قانون حماية حقوق الملكية الفكرية بالمادة 115 منه لكل ذي شأن اتخاذ الإجراءات التحفظية لإثبات الاعتداء على حقه في العلامة التجارية بتقليدها أو تزويرها أو اغتصابها قبل رفع الدعوى، وهذا الحق في اتخاذ الإجراءات التحفظية يمكن اتخاذه من مالك العلامة التجارية أو من غيره، وسواء رغب في رفع دعوى المنافسة غير المشروعة أم رغب في رفع الدعوى الجنائية.
        هذا، ويراعى دائماً حكم المادة 115/3 من أنه: "يجب أن يرفع الطالب أصل النزاع إلى المحكمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الأمر وإلا زال كل أثر له".
        ومقتضى ذلك أن الإجراءات التحفظية في أي صورة من الصور السابقة تعتبر كأن لم تكن إذا لم يتبعها رفع دعوى المنافسة غير المشروعة أو الدعوى الجنائية - في حالة الاعتداء على علامة مسجلة - على من اتخذت ضده تلك الإجراءات خلال خمسة عشر يوماً التالية لصدور الأمر.
(لطفاً، المرجع: "الملكية الصناعية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الخامسة 2005 القاهرة – بند 420 – صـ 588 وما بعدها).

*****        *****        *****   

من أحكام محكمة النقض المصرية

* في التشابه في العلامات التجارية:
        من المُقرر في قضاء النقض أن:
"الغرض من العلامة التجارية - على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 57 سنة 1939 - هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل، ومن أجل ذلك وجب لتقدير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها النظر إليها في مجموعها لا إلى العناصر التي تتركب منها - فالعبرة ليست باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه علامة أخرى -  وإنما العبرة هي بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لترتيب هذه الصورة أو الرموز أو الصور مع بعضها وللشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى".
(نقض مدني في الطعن رقم 430 لسنة 25 قضائية – جلسة 28/1/1960 مجموعة المكتب الفني – السنة 11 – صـ 100 – فقرة 1.
وفي الطعن رقم 45 لسنة 33 قضائية – جلسة 26/1/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 256 – فقرة 3).
        وأنه:
"ليس الفيصل في التمييز بين علامتين باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه العلامة الأخرى بل العبرة بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب هذه الصور أو الرموز وبالشكل الذي تبرز به في علامة أخرى بصرف النظر عن العناصر التي ركبت فيها وعما إذا كانت الواحدة فيها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى ومن ثم فالحكم المطعون فيه إذ أنزل حكم هذه الضوابط مقررا ـ في نطاق سلطته الموضوعية ـ وجود تشابه خادع بين علامتي الطاعن والمطعون عليه فإنه لا يكون قد خالف القانون".
(نقض مدني الطعن رقم 390 لسنة 27 قضائية – جلسة 24/1/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 180 – فقرة 5).

* درجة التشابه في التقليد:
        ومن المُقرر في قضاء النقض أنه:
"لا يلزم في التقليد أن يكون هناك ثمة تطابق بين العلامتين بل يكفى لتوافره وجود تشابه بينهما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث اللبس والخلط بين المنتجات".
(نقض مدني في الطعن رقم 2274 لسنة 55 قضائية – جلسة 22/12/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – صـ 1016 – فقرة 5).

* معيار التشابه:
        ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"معيار التشابه الخادع بين علامتين تجاريتين هو ما ينخدع به المستهلك العادي المتوسط الحرص والانتباه".
(نقض مدني في الطعن رقم 495 لسنة 34 قضائية – جلسة 20/6/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1212 – فقرة 3).
        وأن:
"العبرة في أوجه التشابه التي تعتبر تقليدا محرما قانونا هي بما يخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه لا الرجل الفني وحده".
(نقض مدني في الطعن رقم 331 لسنة 21 قضائية – جلسة 4/2/1954 مجموعة المكتب الفني – السنة 5 – صـ 486 – فقرة 3).

* تحقق التقليد بتوافر اللبس:
        ومن المُقرر في قضاء النقض أنه:
"لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي تقليد المطعون ضده للعلامة المسجلة التي تستعملها الطاعنة على سند من أن التشابه بين العلامتين قد اقتصر على السعر والوزن بما لا يؤدي إلى وقوع المستهلك في خلط بينهما دون أن يعتد بباقي العناصر التي تتكون منها كل من العلامتين، وإلى خلو الأوراق مما يفيد أن المطعون ضده قد قلد العلامة التجارية الخاصة بالطاعنة دون أن يعنى ببحث ما تمسكت به الأخيرة من دلالة ما جاء بالقرار الذي أصدرته الإدارة العامة للعلامات التجارية في المعارضة رقم 4644 التي أقامتها اعتراضاً على تسجيل علامة المطعون ضده محل النزاع. والذي انتهى إلى استبعاد الرسم من تسجيل هذه العلامة تفادياً من الالتباس بينهما والمرفق صورة منه بحافظة مستندات الطاعنة بجلسة 27/3/1993 أمام محكمة أول درجة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون".
(نقض مدني في الطعن رقم 5693 لسنة 65 قضائية – جلسة 14/5/2002. المصدر: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 119 و 120).

* أساس المسئولية المدنية:
ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"تقليد العلامة التجارية يقوم على محاكاة تتم بها المشابهة بين الأصل والتقليد بحيث تدعو إلى تضليل الجمهور، فيعد بهذه المثابة من بين صور الخطأ الذي يمكن الاستناد إليه كركن في دعوى المنافسة التجارية غير المشروعة التي لا تخرج عن كونها دعوى مسئولية عادية أساسها الفعل الضار".
(نقض مدني في الطعن رقم 2274 لسنة 55 قضائية – جلسة 22/12/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – صـ 1016 – فقرة 2).

* أساس المسئولية الجنائية في حالة تسجيل العلامة:
        * يبين من مقارنة نص المادة 113 بنص المادة 114 (من قانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002) أن النص الأول اشترط لتوقيع العقوبة الجنائية الواردة به أن يقع الاعتداء على علامة تجارية أو صناعية تم تسجيلها طبقاً للقانون، ولذلك يعتبر التسجيل ركناً من أركان الجرائم التي تضمنها نص المادة 113 بجميع فقراتها وهي التزوير والتقليد ووضع العلامة بسوء قصد وبيع سلعة عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعه بغير حق أو عرضها للبيع أو التداول أو حيازتها بقصد البيع. أما نص المادة 114 فلم يشترط التسجيل لإنزال العقوبة المقررة به.
(لطفاً، المرجع: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 124).

* أساس المسئولية الجنائية في حالة عدم تسجيل العلامة:
        ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"الغرض الأساسي الذي توخاه الشارع من النص في المادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1939 على وجوب مطابقة البيان التجاري للحقيقة هو رعاية مصلحة المستهلكين، ومن أجل ذلك لم تقتض النصوص الخاصة بالبيانات التجارية وجود علامات مسجلة، بل اكتفت بالنص فيما نصت عليه من أنه يعتبر بياناً تجارياً أي إيضاح يتعلق بالاسم أو الشكل الذي تعرف به البضاعة، فإذا كانت المحكمة قد أثبتت على المتهم أن الشركة التي يديرها لصنع الطرابيش قد اتخذت لمصنوعاتها التي تعرضها للبيع رسوماً ورموزاً وعلامات مماثلة تمام المماثلة من حيث وضعها وأشكالها وكتابتها للعلامات والرسوم والأشكال الخاصة بصنف الطرابيش الواردة من شركة تشيكوسلوفاكيا الأجنبية، وذلك دون أن يكون لشركته أي حق في استعمال تلك العلامات، فهذا يكفي لتحقق الجريمة التي أدانته فيها وهي عرضه للبيع طرابيش تحمل بياناً تجارياً لا يطابق الحقيقة، بصرف النظر     عن تسجيل أو عدم تسجيل العلامات التجارية للشركة التي انتحل هو الرسوم والأشكال والعلامات التي تعرف بها بضائعها".
(نقض مدني في الطعن رقم 1297 لسنة 14 قضائية – جلسة 29/1/1945. المصدر: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 124 و 125).
        ويبين من وقائع هذا الطعن، أن الفعل الذي ارتكبه المتهم ينطوي على تقليد علامة تدعو إلى تضليل الجمهور وفي نفس الوقت يعتبر بياناً تجارياً لا يطابق الحقيقة، ولما كان القانون يتطلب للعقاب على التقليد أن تكون العلامة مسجلة وهو أمر غير متحقق، لذلك أسند الوصف الثاني للمتهم إذ لم يتطلب القانون التسجيل له.
(لطفاً، المرجع: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 125).

* إجراءات التقاضي:
        ومتى وقع العمل غير المشروع، كان للمضرور الرجوع على الفاعل بالتعويض، وله في سبيل ذلك، إبلاغ النيابة العامة لتتولى شئونها في الجريمة ثم يتدخل كمدع بالحقوق المدنية، أو الانتظار حتى يصدر حكم جنائي نهائي فيرفع دعواه بالتعويض أمام المحكمة المدنية المختصة وفقاً لقيمة التعويض المطالب به، أو تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر والادعاء مدنياً فيها، أو اللجوء مباشرة إلى القضاء المدني متحملاً عبء الإثبات، فإن كانت العلامة مسجلة قامت قرينة على ملكيته لها فيعفى من إثبات ذلك، ذلك أن المسئولية المدنية لا تتطلب أن تكون العلامة مسجلة إذ يقتصر ذلك على المسئولية الجنائية، ومن ثم لا يجوز اللجوء إلى الطريق الجنائي إلا في الحالة التي تكون فيها العلامة مسجلة فأن لم تكن قد سجلت فلا سبيل إلا الطريق المدني إن كان الفعل خاضعاً لنص المادة 113 أما إن كان خاضعاً لنص المادة 114 جاز سلوك الطريقين سواء كانت العلامة مسجلة أو غير مسجلة.
(لطفاً، المرجع: :"حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 125).
        مع ملاحظة أن من يسلك الطريق الجنائي يجوز له العدول عنه إلى الطريق المدني، أما من يسلك الطريق المدني أولاً فلا يجوز له العدول عنه إلى الطريق الجنائي بعد ذلك. وهو ما يعرف بـ : "قاعدة عدم جواز الالتجاء إلى الطريق الجنائي بعد سبق اختيار الطريق المدني"، حيث تنص المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "إذا ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية، يجوز له أن يرفعها أمام المحاكم المدنية، ما لم يكن صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى"، ومن هذا النص استخلصت القاعدة المذكورة بمفهوم المُخالفة.
(لطفاً، المرجع: "شرح قانون الإجراءات الجنائية" – للدكتور/ محمود نجيب حسني – الطبعة الثانية 1987 القاهرة – بند 315 – صـ 288 و 289 وهوامشها).



الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

الأحكام التي تصلح كسندات تنفيذية

الأحكام التي تصلح كسندات تنفيذية
من المسلم به قانوناً أن القضاء الموضوعي الصادر بتأكيد حق أو مركز قانوني مُعين يأخذ ثلاثة صور، هي:
1.   القضاء التقريري: وهذا القضاء يقتصر على مُجرد تقرير الحق أو المركز القانوني.
2.   القضاء المُنشئ: وهذا القضاء لا يقتصر على مُجرد التقرير بل ينشأ عن هذا التقرير تغيير في مركز قانوني قائم وإنشاء لمركز جديد.
3.   قضاء الإلزام: وهذا القضاء يتخذ صورة إلزام بأداء مُعين.

القضاء التقريري إذن هو: "القضاء الذي يؤكد وجود أو عدم وجود حق أو مركز قانوني أو واقعة قانونية"، وبهذا التقرير أو التأكيد يزول الشك القائم حول هذا الوجود. وتسمى الدعوى التي ترمي إلى الحصول على هذا القضاء بالدعوى التقريرية "déclaratoire".
ومن أمثلتها: الدعوى التي للوارث ضد من يُشكك في صفته للحصول على قضاء يقرر أنه وارث، وحاجته إلى هذا القضاء واضحة، إذ تأكيد صفته كوارث لبعض الأموال يُمكنه من حرية التصرف فيها.
وفي هذه الصورة من صور الحماية القضائية يُنظر إلى الحق أو المركز القانوني في ذاته من حيث وجوده في الحياة القانونية، وذلك بصرف النظر عن مضمونه، ولهذا فإن صورة الحماية هنا لا تواجه اعتداء يظهر في شكل مُخالفة لالتزام، فالحق أو المركز القانوني في ذاته لا يُقابله أي التزام، وإنما يواجه مُجرد اعتراض. وهذا الاعتراض يكفي لرده مُجرد صدور قضاء يُقرر وجود هذا الحق أو المركز القانوني، إذ هذا التقرير "الرسمي" يُزيل حالة عدم التأكيد التي أثارها الاعتراض، وذلك دون حاجة لأن يتضمن إي إلزام.
والواقع أن كل قضاء موضوعي يتضمن تقرير وجود حق أو مركز قانوني أو عدم وجوده، فهذا التقرير يُعتبر مُفترضاً ضرورياً لأي قضاء ولو كان قضاء إلزام أو قضاء مُنشئاً.
ولكن القضاء التقريري يتميز بأن التقرير فيه يُعتبر هو الهدف الوحيد. فالدعوى التقريرية لا ترمي إلى تقرير وجود لإلزام الخصم بأداء مُعين أو الحصول على تغيير للحالة القانونية، وإنما ترمي فقط إلى تقرير وجود حق للمُدعي أو تقرير عدم وجود حق للمُدعى عليه. فهي ترمي إلى التقرير كهدف نهائي. فالحماية القضائية – هنا – تتم بمُجرد التقرير.
التقرير السلبي: قد ترمي الدعوى التقريرية إلى تقرير سلبي. والتقرير السلبي يحدث بتقرير عدم وجود حق أو مركز قانوني. ومن أمثلة دعوى التقرير السلبي: الدعوى التي يرفعها المالك لتقرير عدم وجود حق ارتفاق لشخص على ما يملكه. ومن أمثلتها كذلك: دعوى براءة الذمة. ويُلاحظ أنه يوجد تقرير سلبي دائماً في كل حالة يرفض فيها القضاء دعوى موضوعية أياً كانت. فإذا طلب شخص بإلزام آخر بدين مُعين، وهذه دعوى إلزام، ورفضت المحكمة الدعوى، فإن حكمها بالرفض يتضمن تقريراً بعدم وجود حق مُعين للمُدعي في مواجهة المُدعى عليه.
ومن ثم فلا محل لطلب وقف تنفيذ حكم قاضي برفض الدعوى لكون هذا القضاء هو قضاء تقريري لا يتضمن إلزام ما يمكن تنفيذه بالطريق الجبري.
التقرير الإيجابي: وقد ترمي الدعوى التقريرية إلى تقرير إيجابي. والتقرير الإيجابي يحدث بتقرير وجود حق أو مركز قانوني مُعين. ومن أمثلة دعوى التقرير الإيجابي: دعوى إثبات الجنسية، وتعتبر هذه الدعوى مقبولة ولو كانت الدولة لم ترفض منح المُدعي ما يثبت جنسيته، ما دام قام شك حولها.
أثار القضاء التقريري: يحوز القضاء التقريري بمُجرد صدوره حجية الأمر المقضي، وذلك بالنسبة لما يتضمنه من تأكيد وجود الرابطة القانونية أو المركز القانوني أو الواقعة القانونية، فإذا قضي ببراءة ذمة المدين من دين مُعين، أو ببطلان عقد من العقود، أو بتقرير أن المُدعي مصري الجنسية، أو بتأكيد أن التوقيع على السند هو للمدين أو بأن السند مزور، فإن هذا القضاء يحوز حجية فيما قضى به. ولا يجوز بعده رفع دعوى أمام القضاء بخصوص نفس الحق أو الواقعة القانونية إلا أن تكون دعوى إلزام. كما لو قضي بأن التوقيع هو للمدين، فإنه يُمكن استناداً إلى هذا القضاء التقريري رفع دعوى للمُطالبة بأداء الدين. وإذا قضي بصحة عقد، فإنه يمكن استناداً إلى هذا القضاء رفع دعوى للمُطالبة بتنفيذ الالتزامات الواردة بالعقد. وتكون المحكمة المرفوعة إليها الدعوى – عندئذ – مُقيدة بما قرره القضاء التقريري.
(راجع في شأن كل ما تقدم: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – للدكتور العميد/ فتحي والي – الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 66 : 72 – صـ 131 : 140).

فالأحكام التي تصلح كسندات تنفيذية، هي أحكام "الإلزام" فقط دون غيرها:
إن أحكام الإلزام هي فقط التي تصلح سندات تنفيذية. أما الأحكام التقريرية والأحكام المنشئة فلا تصلح لذلك وتكون غير قابلة للتنفيذ.
والحكم التقريري ( Le Jugement Declartione ):
        هذا الحكم الذي يقضي بوجود أو عدم وجود مركز قانوني دون إلزام المحكوم عليه بأداء معين أو بإحداث أي تغيير في هذا المركز، كالحكم ببراءة الذمة أو ببطلان عقد أو تزوير ورقة.
والحكم المنشئ ( Le Jugement Constitutif ):
        هو الذي يقرر إنشاء أو تعديل أو إنهاء مركز قانوني موضوعي كالحكم بإشهار إفلاس تاجر أو بتعديل الالتزام التعاقدي بسبب الاستغلال أو الظروف الطارئة، والحكم بالتطليق والحكم بإبطال عقد أو فسخه.
أما حكم الإلزام ( Le Jugement de Cendamnation ):
        فهو الذي يقضي بالتزام المحكوم عليه بأداء جزائي ومثاله الحكم بإخلاء عقار أو بدفع مبلغ معين من النقود أو بتسليم شيء معين.
        وعلى ذلك فإن الحكم الصادر بصحة التوقيع لا يعتبر حكماً بالإلزام وبالتالي لا يجوز تنفيذه جبراً.
        وكذلك فإن الحكم الصادر بفسخ عقد إيجار أو بطلانه أو إبطاله لا يعد حكماً بالإلزام فلا يصلح سنداً تنفيذياً لإخلاء العين المؤجرة اللهم إلا إذا تضمن النص على الالتزام بالإخلاء ولو ضمناً.
        وكذلك الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد بيع لا يعتبر سنداً تنفيذياً، ولكنه إذا قضى مع صحة ونفاذ عقد البيع بإلزام المدعي أو المدعى عليه بالمصاريف فإنه يعتبر سنداً تنفيذياً لاقتضاء المصاريف المحكوم بها.
        وكذلك يعتبر سنداً تنفيذياً الحكم الذي يقضي بإلزام أحد أطرافه بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن الخصومة أو بتغريمه.
        وعلى ذلك، فالقاعدة المستقرة التي لا جدال فيها ولا خلاف حولها أن الأحكام المعتبرة سندات تنفيذية هي التي تتضمن "الإلزام" بأداء شيء معين يتعين على المحكوم عليه الوفاء به عيناً أو نقداً طوعاً أو كرهاً. لأن هذه الأحكام هي التي تنشئ للمحكوم له حقاً في إجراء التنفيذ جبراً على المحكوم عليه.
(المرجع: بحث بعنوان "جريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام عمداً" - للمستشار/ زكريا مصيلحي عبد اللطيف - منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة - العدد الثالث - السنة الحادية والعشرون - يوليو/سبتمبر 1977 - ص 18 : 20).
لما كان من المتفق عليه فقهاً وقضاءاً أن الأحكام التي تنفذ تنفيذاً جبرياً هي فقط أحكام الإلزام، وذلك دون الأحكام المقررة أو المنشئة، وعلة هذا أن حكم الإلزام هو وحده الذي يقبل مضمونه التنفيذ الجبري.
فالحكم المقرر لا يرمي إلا إلى تأكيد رابطة قانونية، وبصدوره تتحقق الحماية القانونية كاملة، كذلك الأمر بالنسبة للحكم المنشئ فهو يرمي إلى إنشاء رابطة قانونية جديدة فتتحقق بمجرد صدوره الحماية القانونية. أما بالنسبة لحكم الإلزام، فلكي يتحقق مضمونه أي لكي تتحقق الحماية القانونية التي يتضمنها، يجب أن يقوم المحكوم عليه بعمل أو أعمال لصالح المحكوم له، فإذا لم يقم بها فإن الدولة يجب أن تحل محله في القيام ببعض الأعمال لتحقيق الحماية القانونية، فحكم الإلزام على خلاف الحكم المنشئ أو الحكم المقرر لا يحقق بذاته الحماية القانونية، ولهذا فإن المحكوم له ينشأ له عن هذا الحكم حق جديد هو "الحق في التنفيذ الجبري"، يستطيع بموجبه أن يطلب من السلطة العامة القيام بأعمال معينة لتحقيق الحماية القانونية له. وهذا الحق في التنفيذ الجبري والأعمال التي يستعمل بأدائها لا حاجة إليها بالنسبة للحكم المقرر أو الحكم المنشئ.
(المرجع: "التنفيذ الجبري" للدكتور/ فتحي والي طبعة 1986 القاهرة بند 22 ص 38 ، 39).
هذا، والله أعلى وأعلم،،،