الجمعة، 23 أكتوبر 2009

إحباط محاولة المتنازل إليه التنصل من قيمة الجدك بدعوى قضائية

إحباط محاولة المتنازل إليه التنصل من قيمة الجدك بدعوى قضائية

محكمة جنوب القاهرة الابتدائية

الدائرة 26 مدني

مذكرة

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (مدعى عليها الثانية)

ضد

السيد/ المحجوب عبد الفتاح صالح الشهير (مُدع)

في الدعوى رقم 1619 لسنة 2006 مدني كلي جنوب القاهرة، والمحدد لنظرها جلسة يوم السبت الموافق 17/10/2009م للمُرافعة.

أولاً- الوقائع

تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة طلب في ختامها الحكم له:

أولاً- وبصفة مستعجلة، الحكم وقتياً، بإبقاء الحال على ما هو عليه، وكف يد الهيئة المدعى عليها عن المحلين المفتوحين على بعضهما، ومنعها من الاستيلاء عليها مادياً أو بأي شكل من الأشكال، وكذلك الحال بالنسبة للشقة موضوع الدعوى، بحكم وقتي لحين الفصل في موضوع الدعوى، والتصريح باستلام مسودة الحكم والتنفيذ بها دون إعلان.

ثانياً- وفي الموضوع، بصحة تنازل مستأجري الأعيان المبينة بعريضة الدعوى، وهي الشقة رقم 7 والمحلين المفتوحين على بعضهما الكائنة بالعقار رقم 62 بشارع الأزهر، قسم الجمالية، بالقاهرة، إلى المدعي، وإلزام الهيئة المدعى عليها بتحرير عقدين إيجار للمدعي عن المحلين المفتوحين على بعض باعتبارهما محلاً واحداً وعقد إيجار عن الشقة رقم 7، وإلغاء أتعاب تحرير العقدان والنسبة الخاصة بصندوق العاملين لمخالفتهما للقانون، مع ندب خبير لتقدير قيمة التنازل عن المحلين المفتوحين على بعض والشقة طبقاً للثمن وقت التنازل وطبقاً لسعر المثل. وفي جميع الأحوال إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وشمول الحكم بكافة عناصره بالنفاذ المعجل وبلا كفالة.

وقال المدعي شرحاً لدعواه أن المستأجرين الأصليين لأعيان التداعي قد تنازلوا عنها للمدعي طبقاً لأحكام المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين.

وحيث تقدم المدعي لهيئة الأوقاف المصرية لتقنين أوضاعه وتحرير عقد إيجار له بدلاً عن المستأجرين الأصليين، فاشترطت عليه الهيئة سداد مستحقاتها وأخذت عليه إقراراً بسدادها، إلا أن المدعي بعد ذلك استكثر قيمة هذه المستحقات، فرفض السداد وأقام الدعوى الماثلة بغية القضاء بإلزام الهيئة بتحرير عقود إيجار له بعد قيام الخبرة الفنية بتقدير قيمة "مقابل التنازل – أي الجدك".

وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 28/3/2006 قضت عدالة المحكمة الموقرة بـ:

أولاً- بصفة مستعجلة، بمنع الهيئة المدعى عليها من التعرض المادي أو القانوني للمدعي، مؤقتاً، في حيازته وانتفاعه بالمحلين والشقة رقم 7 بالعقار رقم 62 بشارع الأزهر، بالقاهرة، لحين الفصل في الموضوع.

ثانياً- وقبل الفصل في الموضوع، بندب مكتب خبراء وزارة العدل بجنوب القاهرة ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لتنفيذ المأمورية التي أناطها به ذلك الحكم، والذي نحيل إليه منعاً من التكرار.

ونفاذاً لهذا القضاء، باشر الخبير المنتدب المأمورية المنوطة به، وأودع تقريره بملف الدعوى، والذي انتهى فيه إلى نتيجة نهائية مفادها: "... 4- من واقع المعاينة على الطبيعة والاسترشاد بحالات المثل المقدمة من هيئة الأوقاف بذات العقار الواقع به أعيان التداعي وموقع أعيان النزاع ومدى وكيفية استغلالها والأسعار السائدة فإننا نرى أن قيمة الجدك والتنازل عن محلي الدعوى هو مبلغ 1250000جم (فقط مليون ومائتين وخمسون ألف جنيه)، وشقة التداعي هو مبلغ 380000جم (فقط ثلاثمائة وثمانون ألف جنيه) والمُقدر بمعرفة الهيئة المدعى عليها هو تقدير مناسب وقت التنازل عن أعيان التداعي".

وبعد ورود تقرير الخبير قام المدعي بالطعن عليه بالتزوير، لكونه قد جاء على غير هواه، ولإطالة أمد التقاضي واللدد في الخصومة، لا سيما وأنه صادر لصالحه الحكم في الشق المستعجل بعدم تعرض الهيئة له في انتفاعه بعين التداعي.

وبعد أن ورد تقرير الطب الشرعي في الطعن بالتزوير مخيباً لآمال المدعي، قام المدعي بتعديل طلباته في الدعوى الماثلة، بموجب صحيفة، حدد فيها طلباته الختامية في الدعوى الماثلة وهي الحكم له بـ: "

- بصحة التنازل المؤرخ 23/5/2004 المبين بعريضة الدعوى، والمتضمن تنازل المدعو/ سيد حنفي محمد شلبي عن نفسه وبصفته وكيلاً عن ورثة/ حنفي محمد شلبي المستأجر الأصلي للمحلين رقمي 6 و 7 المفتوحين على بعضهما، والكائنين بالعقار رقم 62 بشارع الأزهر، بقسم الجمالية، بالقاهرة؛..

- مع إلزام الهيئة المدعى عليها بتحرير عقد إيجار للمحلين سالفي الذكر للمدعي بذات شروط عقد الإيجار الأصلي الصادر من وزارة الأوقاف إلى المستأجر الأصلي للمحلين؛..

- وبصحة التنازل المؤرخ 8/5/2004 والمبين بعريضة الدعوى، والمتضمن تنازل ورثة الشيخ/ محمد الغزالي المستأجر الأصلي عن الشقة رقم 7 بالدور الثاني فوق الأرضي بالعقار رقم 62 بشارع الأزهر، قسم الجمالية، بالقاهرة؛..

- مع إلزام الهيئة المدعى عليها بتحرير عقد إيجار للشقة سالفة الذكر للمدعي بذات شروط عقد الإيجار الأصلي الصادر من وزارة الأوقاف إلى المستأجر الأصلي؛..

- واعتبار أتعاب تحرير العقدين المقررة من الهيئة المدعى عليها كأن لم تكن؛..

- وصحة مقابل التنازل (الجدك) عن المحلين بمبلغ 175000جم (مائة وخمسة وسبعون جنيه)، وعن الشقة بمبلغ 50000جم (خمسون ألف جنيه)؛..

- وبطلان تقدير الهيئة المدعى عليها بالنسبة للمحلين والشقة وعدم الاعتداد بهما، وبطلان الإقرارين الصادرين من نجل المدعي لصالح الهيئة المدعى عليها، وعدم نفاذهما في حق المدعي؛..

- وإيقاع المقاصة القضائية بين ما حصلت عليه الهيئة المدعى عليها وقدره 407500جم (أربعمائة وسبعة ألف وخمسمائة جنيه) وبين نصف مقابل الانتفاع الذي استلمه المستأجرين الأصليين من المدعي طبقاً لنص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وقدره 112500جم (مائة واثنا عشر ألف وخمسمائة جنيه)، وإلزام الهيئة المدعى عليها بأن ترد للمدعي الباقي وقدره 295000جم (مائتان وخمسة وتسعون ألف جنيه) مع الفوائد والأرباح الناتجة منها؛..

- واحتياطياً إعادة الدعوى لخبير آخر خلاف الخبير الأول لاستحالة تغيير رأيه في الدعوى لبيان حالة المثل المقدمة من المدعي، وهي المحل رقم 9 بذات العقار 62 بشارع الأزهر، قسم الجمالية، بالقاهرة، لبيان التماثل والاختلاف بين المحلين من جميع الأوجه؛..

- وفي جميع الحالات، إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".

ومن ثم، قررت عدالة المحكمة الموقرة تأجيل نظر الدعوى لجلسة اليوم للمرافعة لتبادل المذكرات. لذا يهم هيئة الأوقاف المصرية المدعى التقدم بمذكرة بدفاعها لعدالة المحكمة الموقرة.

ثانياً- الدفاع

العبرة بالطلبات الختامية:

تنص المادة 123 من قانون المُرافعات على أن: "تقدم الطلبات العارضة من المُدعي أو من المُدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المُعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يُقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المُرافعة".

كما تنص المادة 124 مرافعات على أنه: "للمُدعي أن يُقدم من الطلبات العارضة:

1- ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى.

2- ما يكون مُكملاً للطلب الأصلي أو مُترتباً عليه أو مُتصلاً به اتصالاً لا يقبل التجزئة.

3- ما يتضمن إضافة أو تغييراً في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله ...".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبوه على وجه صريح وجازم، وتتقيد المحكمة بطلباتهم الختامية، بحيث إذا أغفل المدعى في مذكراته الختامية - التي حدد فيها طلباته تحديداً جامعاً - بعض الطلبات التي كان قد أوردها في صحيفة افتتاح الدعوى. فإن فصل المحكمة في هذه الطلبات الأخيرة يكون قضاء بما لم يطلبه الخصوم". (نقض مدني في الطعن رقم 128 لسنة 48 قضائية – جلسة 26/1/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 331).

كما قضت محكمة النقض بأن: "العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى لا بالطلبات السابقة عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 2469 لسنة 57 قضائية – جلسة 16/5/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1129 – فقرة 7. وفي الطعن رقم 459 لسنة 64 قضائية – جلسة 24/5/1999).

ومن ثم، فإن موضوع الدعوى الماثلة يتحدد على ضوء الطلبات الختامية التي حددها المدعي وحصرها في صحيفة تعديل طلباته المقيدة بجدول المحكمة الموقرة في تاريخ 2/5/2009، والمعلنة للهيئة في تاريخ 10/5/2009، والمقدمة لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة 12/5/2009.

وعلى ضوء تلك الطلبات الختامية يتحدد نطاق دفاع الهيئة في موضوع الدعوى الماثلة، على النحو التالي:

ندفع بعدم قبول الطلبات الختامية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون:

تنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المُنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها على أن: "تُنشأ في كل وزارة ومُحافظة وهيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة".

كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أنه: "عدا المسائل التي يختص بها القضاء المُستعجل ومُنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المُقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تُقبل الدعوى التي تُرفع ابتداءاً إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة".

كما تنص المادة 14 من ذات القانون على أن: "يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000".

وكذلك تنص المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 بتنظيم العمل في لجان التوفيق في المُنازعات وأماناتها الفنية على أن: "تختص اللجان المُشار إليها بالمادة السابقة بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأة فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك فيما عدا المُنازعات الآتية:

1- المُنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها.

2- المُنازعات المُتعلقة بالحقوق العينية العقارية.

3- المُنازعات التي يُوجب القانون فضها أو تسويتها أو نظر التظلُمات المُتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية.

4- المُنازعات التي يتفق الأطراف على فضها عن طريق هيئات التحكيم.

5- المُنازعات التي تُقرر لها القوانين أنظمة خاصة بها تنفرد بالاختصاص بنظرها".

وحيث أن مفاد ما تقدم، أن المُشرع رغبةً منه في تيسير إجراءات التقاضي وعدم إطالة أمد التقاضي في المحاكم قد قام بإنشاء لجان في كل وزارة أو مُحافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لتختص بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأ فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وأوجب المشرع بالنسبة للمُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون عدم رفع الدعوى ابتداءاً إلى المحاكم إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، ورتب المشرع على رفع الدعوى ابتداءاً إلى المحاكم دون اتخاذ الإجراءات سالفة الذكر، عدم قبول الدعوى .

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطلبات الختامية في الدعوى الماثلة هي من الدعاوى التي تخضع لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 حيث أنها رُفِعَت ضد هيئة عامة في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون سالف الذكر والساري اعتباراً من 1/10/2000، كما أن الدعوى الماثلة ليست من المُنازعات المُستثناة من الخضوع لأحكامه، كما أن الثابت أن الدعوى الماثلة قد رُفِعَت ابتداءاً أمام عدالة المحكمة دون إتباع الإجراءات المُحددة في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 وهي تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، فمن ثم تعين القضاء بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة (المدعى عليه الأول بصفته):

حيث تنص المادة الأولى من القرار الجمهوري بقانون رقم 80 لسنة 1971 بشأن إنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: "تنشأ هيئة عامة تسمى "هيئة الأوقاف المصرية" تكون لها الشخصية الاعتبارية".

كما تنص المادة التاسعة من القرار الجمهوري بقانون رقم 1141 لسنة 1972 بشأن تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أن: "يختص رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بتمثيل هيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفى صلاتها بالغير".

ومفاد ذلك أن الممثل القانوني الوحيد لهيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفي صلاتها بالغير هو السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته دون سواه، وليس للسيد/ مدير عام منطقة أوقاف القاهرة أية صفة في تمثيل الهيئة أمام القضاء، حيث أن منطقة أوقاف القاهرة ما هي إلا إدارة من إدارات الهيكل التنظيمي لهيئة الأوقاف المصرية التي يمثلها كلها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته فقط. وعليه يكون الدفع المبدى من هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الثانية) بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة (المدعى عليه الأول بصفته) قد جاء مصادفاً لحقيقة الواقع وصحيح القانون متعيناً قبوله والقضاء به طبقاً للقانون.

وحيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: "المادة 115/1 مرافعات تنص على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، والمقصود بهذا الدفع هو الدفع بعدم القبول الموضوعي فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع [الشكلي] الذي يتخذ اسم عدم القبول [أي الدفع بعدم القبول الإجرائي] لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 1863 لسنة 50 قضائية - جلسة 15/5/1984)

وحيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه. (المرجع: للدكتور فتحي والى "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 282 - صـ 559 وما بعدها).

نجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي:

قدم المدعي صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المقدمة في الدعوى الماثلة، وهيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) تجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة.

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعون أرقام 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982 وفي الطعنين رقمي 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. وفي الطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

وهدياً بما تقدم، ولما كان المُدعي قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه المُدعي قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة. مما يتعين معه الالتفات بالكلية عن تلك الأوراق المجحودة والقضاء برفض الدعوى لعجز المدعي عن إثبات دعواه وهو المكلف قانوناً بإثباتها.

نطلب رفض الدعوى بجميع طلباتها.. تأسيساً على ما يلي:

التراضي في العقود:

لما كان من المقرر قانوناً أن العقد يتم قانوناً بمجرد أن يتبادل طرفاه التعبير عن ارادتين متطابقتين (طبقاً لنص المادة 89 من القانون المدني). وهذا ما يطلق عليه "التراضي" ويقصد به تطابق ارادتين على إحداث أثر قانوني معين. فلابد لتمام العقد من صدور "إيجاب" من أي من المتعاقدين، يعقبه "قبول" له من المتعاقد الآخر.

والقبول يجب أن يكون مُطابقاً للإيجاب، أما إذا كان غير مُطابق له، بل اختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً، فإن العقد لا يتم ويعتبر مثل هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً، فإذا طلب البائع ثمناً للمبيع ألفاً تدفع فوراً، وقبل المشتري أن يدفع الألف على أن يزيد البائع في المبيع، أو قبل أن يدفع في المبيع وحده ثمانمائة، أو قبل أن يدفع فيه وحده ألفاً ولكن بالتقسيط، لم يتم البيع، واعتبر هذا القبول إيجاباً جديداً من المشتري، وهذا الحكم هو الذي تنص عليه المادة 96 من القانون المدني إذا تقضي بأنه: "إذا اقترن القبول بما يزيد في الإيجاب أو يقيد منه أو يعدل فيه، اعتبر رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً".

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجب لتمام الاتفاق وانعقاده أن يكون القبول مُطابقاً للإيجاب أما إذا اختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً فإن العقد لا يتم، ويعتبر مثل هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً". (نقض مدني في الطعن رقم 354 لسنة 30 قضائية – جلسة 9/11/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 986).

كما قضت محكمة النقض بأن: "تقديم الطاعن عطاء متضمن شرطاً بتحديد مدة العقد بسنة واحدة لا تقبل الزيادة إلا باتفاق جديد، قبول الشركة المطعون ضدها هذا الإيجاب بإصدار أمر توريد متضمناً تعديل مدة العقد بتقرير حقها في وقف التوريد دون أن يكون للطاعن حق الرجوع عليها، اعتبار هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً، انتهاء الحكم المطعون فيه إلى قيام التعاقد بين الطرفين وقضاؤه بمسئولية الطاعن عن عدم تنفيذه رغم رفض الأخير للإيجاب الجديد، مُخالف للثابت بالأوراق ومخالفة للقانون". (نقض مدني في الطعنين رقمي 1696 و 1865 لسنة 70 قضائية – جلسة 23/1/2001). (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ أحمد عبد الرزاق السنهوري – تحديث وتنقيح المستشار/ أحمد مدحت المراغي – الجزء الأول: "نظرية الالتزامات – مصادر الالتزام" – طبعة 2006 القاهرة – بند 111 – صـ 182 وما بعدها وهوامشها).

التراضي في عقد البيع:

وتلك قواعد عامة تنطبق على جميع أنواع العقود، ومنها عقد "البيع"، الذي يجب فيه أن يتفق المتعاقدان (بصفة أساسية وجوهرية) على "المبيع" وعلى "الثمن".

حيث أنه من المُقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أنه: "إذا عرض المشتري في إنذار للبائعين تنقيص الثمن فرفض البائعون في إنذارهم الذي ردوا به – على إنذار المشتري – وأعلنوا عدم قبولهم هذا العرض وضمنوا هذا الإنذار أنهم يعتبرون ما تضمنه عرضاً من جانب المشتري للفسخ وأنهم يقبلونه، فإنه طالما أن قبولهم هذا يعارض الإيجاب الصادر إليهم من المشتري فإن هذا القبول يعتبر رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً بالفسخ وذلك تطبيقاً لنص المادة 96 من القانون المدني". (نقض مدني جلسة 16/2/1972 مجموعة أحكام النقض – السنة 18 – صـ 394).

ولما كان الثمن ركناً جوهرياً من أركان عقد البيع لا يتم عقد البيع بدون الاتفاق عليه. وكان من المُقرر قانوناً وقضاءاً (في قضاء النقض) أنه: "يدل نص المادة 418 من القانون المدني على أن المُشرع جعل الثمن ركناً أساسياً في عقد البيع لا ينعقد بدونه باعتباره محلاً لالتزام المشترى". (نقض مدني في الطعن رقم 948 لسنة 53 قضائية – جلسة 27/11/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – الجزء الثاني – صـ 896).

ولذلك فإذا لم يتم الاتفاق والتراضي على الثمن (وهو ركن أساسي من أركان عقد البيع) أي لم يتم تطابق الإيجاب والقبول على تحديد الثمن وطريقة سداده، فإن عقد البيع لا ينعقد. فلو طلب البائع في الدار ألفاً ولم يقبل المشتري أن يشتريها إلا بتسعمائة لم يتم البيع لأن المتبايعين لم يتفقا على الثمن.

فإذا عرض البائع ثمناً للمبيع ولم يقبله المشتري فلا ينعقد عقد البيع، ولا يجوز للمشتري في هذه الحالة اللجوء إلى القضاء للمطالبة بتحديد ثمن المبيع وإلزام البائع به، ولا يكون ذلك من سلطة القضاء في أي حال من الأحوال.

بل أنه في حالة ما إذا اتفق المتبايعين على ترك تقدير أمر ثمن المبيع لشخص أجنبي عن العقد (أي من غير البائع ولا المشتري) واتفاقا على تسميته وفوضاه في تقدير وتحديد ثمن المبيع (وذلك الشخص يسمى "مفوض" ويُعد بمثابة وكيلاً عن الطرفين في تحديد الثمن، وتقديره للثمن يكون ملزماً للمتبايعين)، ويعتبر عقد البيع في هذه الحالة موقوفاً على شرط قيام المفوض بتقدير الثمن (أي شرط واقف)، فحتى في هذه الحالة المذكورة إذا لم يقم ذلك المفوض بعمله لأي سبب من الأسباب، سواء لعدم مقدرته على تحديد الثمن أو لتعذر ذلك التقدير عليه لعدم خبرته أو لامتناعه بدون عذر عن تقديره أو مات قبل أن يقدره، فإن الشرط الواقف لا يتحقق، ويعتبر البيع كأن لم يكن، ولا يستطيع القاضي إجبار المفوض على تقدير الثمن كما لا يستطيع القاضي أن يعين شخصاً آخر مكانه ولا يستطيع القاضي أن يقوم بتقدير الثمن بنفسه، بل ولا يستطيع القاضي تقدير الثمن بنفسه حتى ولو عهد إليه المتبايعين بذلك وجعلاه هو المفوض لأن القاضي ليست مهمته أن يكمل العقود التي لم تتم وإنما تنحصر مهمته في أن يحسم الخلاف في شأن عقود تمت بالفعل. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ أحمد عبد الرزاق السنهوري – تحديث وتنقيح المستشار/ أحمد مدحت المراغي – الجزء الرابع: "البيع والمقايضة" – طبعة 2006 القاهرة – بند 20 صـ 83 – وبند 212 صـ 312 وهامش رقم 3 بذات الصفحة).

التطبيق: وبتطبيق جميع تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع دعوانا الماثلة، والطلبات الختامية فيها، يتضح جلياً أنه في حالة بيع الجدك التي يتم فيها التصالح بين هيئة الأوقاف المصرية وبين المتنازل إليه عن العين المؤجرة من المستأجر الأصلي، فإن مقابل التنازل (عند عدم إتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والتي تشترط إخطار المالك المؤجر بموجب إنذار رسمي على يد محضر بشخص المتنازل إليه وقيمة مقابل التنازل قبل إبرام العقد وانتظار مدة 30 يوماً حيث يكون للمالك المؤجر خلالها الخيار بين الموافقة على التنازل وتحرير عقد جديد للمتنازل إليه نظير قبضه نصف قيمة التنازل أو أن يقوم هو بسداد نصف تلك القيمة ويسترد منفعة العين المؤجرة. وهذه الإجراءات جميعها لم تتم)، وحيث تقدم المتنازل إليه لهيئة الأوقاف المالكة المؤجرة - بعد مدة طويلة من حدوث التنازل – ليقنن وضعه، وفي مثل هذه الحالات في هيئة الأوقاف يتم تقدير قيمة مقابل التنازل الذي يستحق للهيئة على ثلاث مراحل:

1- المرحلة الأولى: هو تقديره بمعرفة لجنة تسمى "لجنة الجدك المحلية" وهي موجودة في كل منطقة من مناطق هيئة الأوقاف المصرية؛

2- والمرحلة الثانية: هو مراجعة هذا التقدير بمعرفة لجنة تسمى "لجنة الجدك العليا" وهي موجودة في ديوان عام هيئة الأوقاف المصرية فقط؛

3- والمرحلة الثالثة: هي التصديق على التقدير الأخير من السيد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الذي له اعتماد ذلك السعر أو رفعه أو تخفيضه أو رفض الطلب من أساسه.

علماً بأنه في حالة عدم وجود تنازل أو بيعاً بالجدك "موثق" بـأوراق رسمية، فإنه يشترط عادة أن يحضر المستأجر الأصلي ويقر بالتنازل أمام مدير عام منطقة الأوقاف الواقع في دائرتها العين المؤجرة المتنازل عنها، والذي يوقع علي هذا التنازل بعبارة: "تم التوقيع أمامنا". وذلك فقط لضمان عدم رجوع المستأجر الأصلي على الهيئة بأية تعويضات في المستقبل إذا ما ثبت أن التنازل المقدم من المتنازل إليه غير حقيقي أو تم الرجوع عنه وكذلك لتأمين موقف الهيئة في حالة ما إذا ما قررت تحرير عقد إيجار جديد للمتنازل إليه حتى لا يعود عليها أحد بتهمة تحرير عقدي إيجار عن ذات العين وهو الفعل المؤثم جنائياً بوصفه جريمة "نصب". ولكن هذا التوقيع من مدير منطقة أوقاف الهيئة لا يعني موافقة الهيئة النهائية على التنازل ولا يخل بحقها في تقدير قيمة مقابل التنازل على النحو السالف ذكره. لا سيما وأن قبول التنازل من عدمه من سلطات رئيس مجلس إدارة الهيئة وليس من سلطات مدير المنطقة.

فإذا التزام المتنازل إليه بذلك التقدير الذي قدرته الهيئة لمقابل التنازل، وقام بسداده أو اتفق مع الهيئة على طريقة سداده انعقد عقد بيع الجدك بينه وبين هيئة الأوقاف المصرية وأصبح مستأجراً أصلياً للعين المؤجرة، أما إذا قبل المتنازل إليه أخذ وشراء جدك العين المؤجرة ولكنه رفض السعر النهائي المقدر لها وعرض سعر أقل فلا يكون التراضي قد تم ولا يكون عقد بيع الجدك قد أبرم، حيث أن قبول المشتري في هذه الحالة يعتبر رفضاً لإيجاب الهيئة بالبيع بالجدك ويتضمن إيجاباً جديداً من المشتري بالثمن الجديد الذي يعرضه هو، فإذا لم يتم الاتفاق بينهما على الثمن فلا ينعقد عقد البيع (بالجدك)، وتعتبر جميع الأعمال السابقة – طبقاً للتكييف القانوني الصحيح لها – من قبيل "المفاوضات" التي فشلت ولم تنته بإبرام العقد، ومن ثم تعتبر كأن لم تكن وليس لها أي أثر قانوني.

حيث أنه من المُسلم به أن: القانون لا يرتب على "المفاوضات" أثراً قانونياً، فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة في الوقت الذي يريد. ولا مسئولية على من عدل، بل هو لا يكلف بإثبات أنه عدل لسبب جدي، وليست المفاوضات إلا عملاً مادياً لا يلزم أحداً. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرازق أحمد السنهوري - الجزء الأول: "مصادر الالتزام" - المجلد الأول: "العقد" - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 100 – صـ 261 وما بعدها وهوامشها. ونقض مدني في الطعن رقم 862 لسنة 52 قضائية - جلسة 19/1/1986 منشور بمجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في خمس سنوات "1980/1985" للمستشار/ محمود نبيل النباوي - المجلد الثاني: "في المواد المدنية والإثبات" - طبعة نادي القضاة 1989 – صـ 861).

كما لا يجوز في جميع الأحوال لجوء مشتري الجدك (المتنازل إليه عن العين المؤجرة) إلى القضاء للمطالبة بتحديد ثمن العين المبيعة أو تقدير قيمة مقابل التنازل، فالقضاء ليس جهة تثمين أو تسعير أو تقدير أثمان أو أسعار المبيع أياً ما كان، على نحو ما سلف بيانه، حيث أنه من المقرر قانوناً أن القاضي لا يستطيع تقدير الثمن بنفسه (حتى ولو عهد إليه المتبايعين بذلك وجعلاه هو المفوض، وهذا غير منطبق في حالة دعوانـا الماثلـة)

لأن القاضي ليست مهمته أن يكمل العقود التي لم تتم، وإنما تقتصر وتنحصر مهمته في حسم الخلافات الناشئة عن عقود قد تمت بالفعل، على نحو ما سلف بيانه.

وعليه، تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية المدعى عليها على سبيل الجزم واليقين.

كما لا يجوز للمدعي - في حالة دعوانا الماثلة - أن يتمسك بما يسميه هو "حالات مثل"، على غرار ما تقضي به بعض قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية التي تضع سقفاً أعلى للأجرة لا يجوز للمؤجر أن يتعداها. حيث أنه من المُقرر قانوناً أنه: يقع على عاتق المستأجر (الذي يدعي أن الأجرة المتعاقد عليها تزيد عن الحد القانوني) عبء إثبات الأجرة الفعلية في شهر الأساس، وإن تعذر عليه ذلك جاز له أن يثبت أجرة المثل في ذلك الشهر، وذلك بالإرشاد إلى عين مماثلة تكون أجرتها في شهر الأساس ثابتة، فإن عجز عن ذلك رفضت دعواه واعتبرت الأجرة الواردة في عقده هي الأجرة التي يعتد بها.

أما الوضع في القانون المدني، وهو الشريعة العامة للمعاملات والمنطبق على وقائع النزاع الماثل في خصوص عقد بيع الجدك، فلا يعرف ما تعرفه القوانين الاستثنائية من تحديد سقفاً أعلى لأثمان الأعيان المبيعة لا يجوز للبائع أن يتعدها، فهذا كله محض لغو لا سند له من القانون، لا سيما وأن عقار التداعي غير خاضع "للتسعير الجبري"؟!!

ولما كان واقع الحال ينبئ عن أن لكل صفقة ظروفها الخاصة، وللبائع أن يعرض سلعته بالثمن الذي يراه مناسباً له، وللمشتري أن يقبل أو يرفض هذا الثمن، ولكن ليس له أن يلجأ للقضاء للمطالبة بتحديد ثمن العين المبيعة، أو الاحتجاج بما يسميه "حالات مثل".

وإذ خالف المدعي كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر، فأقام دعواه الماثلة وطلباته الختامية فيها هو أن تقوم عدالة المحكمة الموقرة بتحديد ثمن جدك أعيان التداعي أو مقابل التنازل عنها، وشريطة ألا يزيد هذا الثمن أو قيمة مقابل التنازل عن قدر معين حدده المدعي بدون أي سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون، ومن ثم طلب بطلان تقدير الهيئة المدعى عليها لقيمة مقابل التنازل وثمن الجدك (واعتباره كأن لم يكن) مع إلزام الهيئة المدعى عليها بتحرير عقود إيجار له عن أعيان التداعي، فتكون دعواه الماثلة وجميع طلباته الختامية فيها قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

لا سيما وأن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى قد انتهى إلى نتيجة نهائية مفادها أنه: "من واقع المعاينة على الطبيعة والاسترشاد بحالات المثل المقدمة من هيئة الأوقاف بذات العقار الواقع به أعيان التداعي وموقع أعيان النزاع ومدى وكيفية استغلالها والأسعار السائدة فإننا نرى أن قيمة الجدك والتنازل عن محلي الدعوى هو مبلغ 1250000جم (فقط مليون ومائتين وخمسون ألف جنيه)، وشقة التداعي هو مبلغ 380000جم (فقط ثلاثمائة وثمانون ألف جنيه) والمُقدر بمعرفة الهيئة المدعى عليها هو تقدير مناسب وقت التنازل عن أعيان التداعي".

ولما كان من المُقرر في قضاء النقض أن: "المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والموازنة بينهما وفهم الواقع في الدعوى، وكان تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها دون معقب، وأنها متى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءاً مكملاً لأسباب حكمها دون ما حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه". (نقض مدني في الطعن رقم 2235 لسنة 53 قضائية – جلسة 12/11/1989 - مجموعة المكتب الفني - السنة 40 – صـ 48 فقرة 3).

ومن ثم، فلا تثريب على عدالة المحكمة الموقرة إن هي قضت برفض الدعوى الماثلة استناداً إلى وأخذاً بتقرير الخبير (المودع بملف الدعوى) محمولاً على أسبابه.

عدم نفاذ تنازل المستأجر عن العين المؤجرة في حق المالك المُؤجر:

كما سلف القول، بأنه في حالة عدم وجود تنازل أو بيعاً بالجدك "موثق" بـأوراق رسمية، فإن الهيئة تشترط عادة أن يحضر المستأجر الأصلي أو وكيله ويقر بالتنازل أمام مدير عام منطقة الأوقاف الواقع في دائرتها العين المؤجرة المتنازل عنها، والذي يوقع علي هذا التنازل بعبارة: "تم التوقيع أمامنا". وذلك فقط لضمان عدم رجوع المستأجر الأصلي على الهيئة بأية تعويضات في المستقبل إذا ما ثبت أن التنازل المقدم من المتنازل إليه غير حقيقي أو تم الرجوع فيه. وكذلك لتأمين موقف الهيئة في حالة ما إذا ما قررت تحرير عقد إيجار جديد للمتنازل إليه حتى لا يعود عليها أحد بتهمة تحرير عقدي إيجار عن ذات العين وهو الفعل المؤثم جنائياً بوصفه جريمة "نصب". ولكن هذا التوقيع من مدير منطقة أوقاف الهيئة لا يعني موافقة الهيئة النهائية على هذا التنازل ولا يخل بحقها في تقدير قيمة مقابل التنازل على النحو الذي سلف بيانه. لا سيما وأن قبول التنازل من عدمه من سلطات رئيس مجلس إدارة الهيئة وليس من سلطات مدير المنطقة.

ومن ثم فمادام المستأجر الأصلي لم ينذر الهيئة المالكة المؤجرة رسمياً بهذا التنازل، ولم يثبت أن الهيئة قد قبلت هذا التنازل بشكل قطعي، فإن قيام المستأجر الأصلي بالتنازل عن العين المؤجرة للمدعي في الدعوى الماثلة، هذا التنازل يكون غير نافذ في حق هيئة الأوقاف المصرية المالكة المؤجرة والتي لم تعلن به رسمياً ولم تقبله بشكل قاطع.

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "الخلف الخاص هو من تلقى من سلفه شيئاً سواء كان هذا الشيء حقاً عينياً أو حقاً شخصياً أو يتلقى حقاً عينياً على هذا الشيء. أما من يترتب له ابتداء حق شخصي في ذمة شخص آخر فلا يكون خلفاً خاصاً له بل يكون دائناً. فالمُستأجر ليس بخلف للمُؤجر بل هو دائن له، إنما خلف المُستأجر الأصلي هو المُتنازل إليه عن الإيجار، ولما كان التنازل عن الإيجار يتضمن حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المُستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته، فإنه لذلك يجب خضوعه من حيث صحته ونفاذه للقواعد العامة التي تحكم هذين التصرفين فلا ينفذ التنازل عن الإيجار كحوالة حق في حق المُؤجر إلا من وقت إعلانه بالتنازل أو قبوله له – المادة 305 من القانون المدني – ولا ينفذ كحوالة دين في حق الدائن إلا إذا أقرها – المادة 316/1 من القانون المدني". (نقض مدني في الطعن رقم 5 لسنة 44 قضائية – جلسة 2/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 61. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 598 – صـ 868 و 869).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "التنازل عن الإيجار هو حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المُستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته، فيتعين إتباع الإجراءات التي تخضع لها الحوالة في القانون المدني في نطاق الحدود التي لا تتعارض مع التنظيم التشريعي لعقد الإيجار، فلا يصير النزول نافذاً في حق المُؤجر وفق المادة 305 من القانون المدني إلا من وقت إعلانه به أو من وقت قبوله له". (نقض مدني في الطعن رقم 598 لسنة 44 قضائية – جلسة 21/6/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 1510. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 602 – صـ 871).

ومن ثم فمادام المستأجر الأصلي لم ينذر الهيئة المالكة المؤجرة رسمياً بهذا التنازل، ولم يثبت أن الهيئة قد قبلت هذا التنازل بشكل قطعي، فإن تنازل المستأجر الأصلي عن العين المؤجرة للمدعي في الدعوى الماثلة، لا ينفذ في حق هيئة الأوقاف المصرية المالكة المؤجرة، وعليه، تكون طلبات المدعي في الدعوى الماثلة بصحة هذه التنازلات ونفاذها في حق هيئة الأوقاف المصرية (المالكة المؤجرة) قد جاءت على غير سند من صحيح القانون خليقة بالرفض.

رفض طلب المقاصة المزعومة:

طلب المدعي في طلباته الختامية إيقاع المقاصة القضائية بين ما زعم أن الهيئة المدعى حصلت عليه وقدره بمبلغ 407500جم (أربعمائة وسبعة ألف وخمسمائة جنيه) وبين ما زعم أنه نصف مقابل الانتفاع الذي استلمه المستأجرين الأصليين من المدعي طبقاً لنص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 والذي قدره بمبلغ 112500جم (مائة واثنا عشر ألف وخمسمائة جنيه)، كما طلب إلزام الهيئة المدعى عليها بأن ترد له الباقي والذي قدره بمبلغ 295000جم (مائتان وخمسة وتسعون ألف جنيه) مع الفوائد والأرباح الناتجة منها.

وبداية نوضح أن إجراءات وأحكام نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، لم يتبعها لا المستأجر الأصلي ولا المتنازل إليه (المدعي)، وبالتالي فإن أحكامها غير منطبقة على وقائع النزاع الماثل. حيث أن تلك المادة توجب على المُستأجر أن يخطر المالك بثمن البيع وانتظار مدة ثلاثين يوماً ليبدي رأيه سواء في استرداد منفعة العين المؤجرة أو قبض قيمة 50% من ثمن البيع وتحرير عقد إيجار جديد للمشتري.

حيث أنه من المقرر في قضاء النقض من أنه حتى في حالة البيع الجبري للمتجر أو المصنع يجب إعلان المالك بالثمن الذي رسا به المزاد، فلا يجري الميعاد المسقط لحق المالك في اختيار الشراء إلا من تاريخ إعلانه بالثمن الذي رسا به المزاد ولا يغني عن ذلك علم المالك بجلسة المزاد

حيث قضت محكمة النقض بأن: "النص في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 مفاده أن المشرع أعطى لمالك العقار بهذا النص في حالة بيع المتجر الحق في أن يطالب المشتري مباشرة بنسبة من الثمن مقدارها نصف قيمة حق الإجارة كما أعطاه أولوية في استرداد المتجر المبيع إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن الذي تم به البيع مخصوماً منه النسبة سالفة الذكر خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان المُستأجر له على يد محضر بالثمن المعروض عليه من المشتري والذي ارتضاه المُستأجر أو الثمن الذي رسا به المزاد في حالة البيع جبراً عنه لتكون هذه المدة مهلة خالصة لمالك العقار رسم المشرع حدودها يتدبر فيها أمر الصفقة ويتخذ إجراءات الشراء مما لازمه أن يتم إجراء المزاد والاستقرار على سعر البيع قبل إعلان المالك بالثمن الذي رسا به المزاد فعلاً، فلا يجري الميعاد المسقط لحق المالك في اختيار الشراء إلا من تاريخ إعلانه على يد محضر بالثمن الذي رسا به المزاد ولا يغني عن الإعلان علم المالك بجلسة المزاد". (نقض مدني في الطعن رقم 117 لسنة 64 قضائية – جلسة 27/2/1996. المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2001 القاهرة – صـ 728 و 729).

وطالما لم يخطر المستأجر الأصلي المالك المؤجر (بموجب إنذار رسمي على يد محضر) بقيمة ثمن الجدك أو قيمة مقابل التنازل قبل إبرام عقده مع مشتري الجدك أو المتنازل إليه، فإن أحكام المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر لا تنطبق على وقائع دعوانا الماثلة. ومن ثم فلا مجال للاحتجاج بها أو الاستناد إليها من قِبل المدعي في دعوانا الماثلة.

أما عن طلبه إجراء المقاصة، فمردود عليه بأنه المقاصة القانونية لها عدة شروط، منها:

- أن يكون كلا الدينين نقود أو مثليات متحدة في النوع والجودة.

- وأن يكون كلا الدينين خالياً من النزاع.

- وأن يكون كلا الدينين مستحق الأداء.

- وأن يكون كلا الدينين صالحاً للمطالبة به قضاء.

وهذه الشروط مجتمعة غير متوافرة في حالة دعوانا الماثلة. فضلاً عن هيئة الأوقاف المصرية هي "هيئة عامة"، وكانت أموال الهيئات العامة لا يجوز الحجز عليها وفقاً لنص المادة 87/2 مدني. ومن ثم فلا يجوز قانوناً إجراء المقاصة في أموال هيئة الأوقاف المصرية باعتبارها أموالاً عامة لا يجوز الحجز عليها وفقاً لنص المادة 364/3 مدني. ومن ثم، تكون طلبات المدعي الختامية في شأن إجراء المقاصة قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقة بالرفض.

فضلاً عن أن المدعي لا يستحق تلك المبالغ التي يزعمها، بل هو مدين للهيئة بباقي ثمن الجدك ومقابل التنازل عن أعيان التداعي والتي أقر الخبير المنتدب في الدعوى الماثلة بصحة ودقة تقدير الهيئة المدعى عليها لها، وبالتالي لا يكون للمدعي سنداً في طلباته الختامية سالفة الذكر، بما يتعين معه – والحال كذلك – القضاء برفضها.

عدم إعادة الدعوى للخبراء:

لما كان الخبير المنتدب في الدعوى قد باشر المأمورية التي أناطها به الحكم التمهيدي الصادر من عدالة المحكمة الموقرة، وأودع تقريره فيها، وكان ذلك التقرير قد بني على أسس فنية سليمة، ومن ثم فلا مجال لإعادة الدعوى مرة أخرى للخبراء وإطالة أمد التقاضي بلا طائل.

لا سيما وأنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "عمل الخبير وفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها بما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى ما دام قائماً على أسباب لها أصلها في الأوراق وتؤدى إلى ما أنتهي إليه وأن في أخذها بالتقرير محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير دون إلزام عليها بتعقب تلك المطاعن. وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصم إلى طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وبسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه". (نقض مدني في الطعون أرقام 563 و 582 و 676 لسنة 52 قضائية - جلسة 26/12/1985).

ومن ثم، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من عدالة المحكمة الموقرة سرعة البت في الدعوى الماثلة والتي انقضى عليها الآن أكثر من ثلاث سنوات. وليجري الله الحق على أيديكم بعونه وتوفيقه.

دعوى فرعية مستعجلة بالطرد للغصب:

لما كان وضع يد المدعي في الدعوى الأصلية على أعيان التداعي بلا سند قانوني صحيح ومعتبر ونافذ في حق هيئة الأوقاف المصرية، كما أنه رفض المضي قدماً في إجراءات شرائه أعيان التداعي بالجدك ودفع مقابل تنازل المستأجرين الأصليين له عنها، وطلب استرداد ما سبق أن دفعه من أموال للهيئة المحصلة منه تحت حساب التصالح معه وتقنين وضعه، وأقر في أكثر من موضع بمذكرات دفاعه المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة وأثناء مناقشة الدعوى بالخبراء بأنه لا تربطه أية علاقة قانونية من أي نوع مع هيئة الأوقاف المصرية، ومن جماع ما تقدم، يتضح جلياً لعدالة المحكمة الموقرة أن وضع يد المدعي الأصلي على عين التداعي هي وضع يد غاصب يتعين رفعها. تأسيساً على ما يلي:

إثبات الغصب:

لما كان الأصل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – هو: "خلوص المكان لمالكه، فيكفي المُدعي إثباتاً لواقعة الغصب التي يُقيم عليها دعواه أن يُقيم الدليل على وجود المُدعى عليه في العين محل النزاع المملوكة له، لينتقل بذلك عبء إثبات العكس على عاتق المُدعى عليه بوصفه مُدعين خلاف الأصل وليثبت أن وجوده بالعين يستند إلى سبب قانوني يبرر ذلك". (نقض مدني في الطعن رقم 133 لسنة 55 قضائية - جلسة 14/12/1989. والطعن رقم 1933 لسنة 49 قضائية - جلسة 14/2/1985).

ومن ثم فيكفي هيئة الأوقاف المصرية إثبات وجود المدعى عليه فرعياً في أعيان التداعي، وهذا ثابت بإقرار المدعى عليه فرعياً وبتقرير الخبراء المودع بملف الدعوى الماثلة. لينتقل عبء الإثبات إلى عاتق المدعى عليه فرعياً ليثبت أن وجوده بعين التداعي إنما يستند إلى سبب قانوني يبرره على أن يكون نافذاً في حق هيئة الأوقاف المصرية المدعية فرعياً.

شغل المكان بطريق الغصب مهما استطالت مدته. لا يلزم المالك بتأجيره لمن شغله:

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "شغل المكان بطريق الغصب مهما استطالت مدته لا يكسب الحق في البقاء فيه، ذلك أن مجرد انقضاء فترة من الزمن على حيازة الغاصب لا تلزم المالك بتأجير ذلك المكان لمن شغله". (نقض مدني في الطعن رقم 2041 لسنة 51 قضائية – جلسة 14/5/1987).

وعلى ذلك فشغل المدعى عليه فرعياً لعين التداعي، لفترة زمنية مهما طالت، لا يكسبه حقاً ولا يلزم جهة الوقف المالكة بتأجير تلك العين له.

كما أنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "استناد واضع اليد إلى كونه مُستأجراً لعين النزاع غير كاف لنفي غصبه لها. وجوب التحقق من قيام عقد الإيجار بأركانه وأطرافه لاعتبار وضع اليد بسبب قانوني. فلا يكفي مجرد القول بأن واضع اليد مستأجر لعين النزاع لنفي أنه غاصب لها دون التثبت من قيام عقد الإيجار بإرادة طرفيه وتاريخه وتعيين العين المؤجرة وأجرتها القانونية ومدة العقد حتى يكون وضع اليد بسبب قانوني صحيح". (نقض مدني في الطعن رقم 7794 لسنة 66 قضائية – جلسة 9/6/2003).

التقدم بطلب شراء وتسجيل الاسم في الضرائب العقارية وسداد رسم مقابل الانتفاع وإقامة دعوى أمام القضاء المدني – لا يعد سنداً لوضع اليد:

حيث من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: "ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لمباشرة جهة الإدارة سلطتها في إزالة التعدي على أملاكها بالطريق الإداري أن يتحقق مناط مشروعية هذه السلطة وهو ثبوت وقوع اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد وضع اليد من أي سند قانوني يبرر وضع يده – أما إذا استند واضع اليد حسب الظاهر من الأوراق والمستندات التي تفيد وجود حق له على هذه الأملاك فإنه تنتفي حالة التعدي على تلك الأموال ولا يجوز بالتالي للجهة الإدارية إزالته بالطريق الإداري ولا يكفي لقيام هذا السند القانوني لوضع اليد قيامه بسداد مقابل الانتفاع أو تقديمه طلباً لشراء الأرض محل التعدي – إذ أن هذا أو ذاك لا ينشئ لواضع اليد مركزاً قانونياً حيال العقار ولا ينفي عنه صفة التعدي طالما لم تتم الموافقة على الشراء، ولا يغل يد الجهة الإدارية عن إزالة التعدي ، وبالتالي فإن القرار المطعون فيه يكون قائماً على أسبابه المبررة له قانوناً". (الطعن رقم 4030 لسنة 43 قضائية "إدارية عليا" – جلسة 19/6/2002. المصدر: المرجع السابق – صـ 121 و 122).

ومفاد ذلك أنه لا يكفي لقيام هذا السند القانوني لوضع يد المدعى عليه فرعياً على أرض التداعي، قيامه بسداد مقابل الانتفاع، أو تقديمه طلباً لشراء تلك الأعيان محل التعدي – إذ أن هذا أو ذاك لا ينشئ لواضع اليد مركزاً قانونياً حيال العقار ولا ينفي عنه صفة التعدي طالما لم تتم الموافقة على طلب الشراء، ومن ثم يظل للطاعن بصفته الحق في طلب طرده من عين التداعي. ومن ثم تكون الدعوى الفرعية المقامة من هيئة الأوقاف المصرية بطرد المدعى عليه فرعياً من أعيان التداعي بصفة مستعجلة قد جاءت على سند من صحيح القانون خليقة بالقبول.

لا سيما وأنه من المقرر في قضاء النقض أنه: "نص المادة 45 من قانون المرافعات الواردة فى الفصل الخاص بالاختصاص النوعي يدل على أن الشارع قد أفرد قاضى المسائل المستعجلة باختصاص نوعى محدد هو الأمر بإجراء وقتي إذا توافر شرطان: هما عدم المساس بالحق وأن يتعلق الإجراء المطلوب بأمر مستعجل يخشى عليه من فوات الوقت". (نقض مدني في الطعن رقم 295 لسنة 43 قضائية – جلسة 21/12/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 1841).

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من عدالة المحكمة الموقرة الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:

أ) في الدعوى الأصلية:

أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في المنازعات.

ثانياً- بصفة احتياطية:

1- بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير منطقة أوقاف القاهرة بصفته.

2- برفض جميع الطلبات الختامية في الدعوى الماثلة.

وفي جميع الأحوال: بإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

ب) في الدعوى الفرعية:

بصفة مستعجلة: بطرد المدعى عليه فرعياً من أعيان التداعي، وإخلائها منها، وإلزام بردها وتسليمها للمدعي فرعياً بصفته، بالحالة الحسنة التي كانت عليها قبل شغله لها وخاليةً من الأشياء والأشخاص.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

مذكرة في التسليم الحكمي والتفاسخ الضمني وغيرها من الدفوع والدفاع

محكمة شمال الجيزة الابتدائية

الدائرة ( 35 ) مدني

مذكرة ختامية

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (مدعية ومدعى عليها)

ضد

السيد/ محمد حسان مغربي (مدعى عليه ومدع)

في الدعويين رقمي 1238 لسنة 2001 و 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة، والمحدد لنظرهما جلسة يوم الأربعاء الموافق 28/11/2007م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

أولاً- في الدعوى رقم 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة:

تخلص وقائع الدعوى المذكورة الماثلة في أن المدعي فيها قد أقامها بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة طلب في ختامها الحكم له بإلزام الهيئة المدعى عليها بتسليمه عين التداعي المُبينة بصدر صحيفة الدعوى وعقد الاستبدال خالية من الأشخاص والأشياء، مع أحقية المدعي في حبس باقي الثمن وعدم سداد الأقساط اعتباراً من عام 1999 حتى تمام تنفيذ تسليم عين التداعي إليه، مع إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة.

وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه أشترى (هو وآخرين شركاء له) عين التداعي المبينة بصدر صحيفة الدعوى بطريق المزاد العلني في تاريخ 9/6/1997، ودفعوا قيمة 20% من إجمالي ثمن الصفقة على أن يسدد باقي الثمن مقسطاً علي خمسة أقساط سنوية بريع 9% ويستحق القسط الأول في 19/6/1998، وإذ زعم المدعي أن هيئة الأوقاف المصرية (البائعة) المدعى عليها لم تقم بالوفاء بالتزامها بتسليمه العين المبيعة كاملة مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية الحكم له بطلباته سالفة الذكر.

وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، ومن ثم قام المدعي بتعديل طلباتها الختامية فيها، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة، وأعلنت قانوناً للمدعى عليه بصفته، طلب في ختامها الحكم له بطلباته الختامية المُعدلة وهي:

أولاً- إلزام الهيئة المدعى عليها برد مبلغ أصل رأس المال المسلم والمدفوع لها من المدعي وقدره 41000000جم (واحد وأربعون مليون جنيه) والذي يمثل 20% (عشرون بالمائة) كمعجل الثمن عن كامل أرض وبناء العقار المحرر عنه عقد الاستبدال (البيع) المؤرخ في 29/12/1998، ويمثل أيضاً نسبة الـ 9.5% من إجمالي الثمن على النحو الوارد بعقد الاستبدال المذكور، ويمثل كذلك قيمة القسط الأول المدفوع من المدعي.

ثانياً- إلزام الهيئة المدعى عليها بأداء مبلغ وقدره 28700000جم (ثمانية وعشرون مليوناً وسبعمائة ألف جنيه) للمدعي كمجموع الفوائد التأخيرية والتعويضية عن مبلغ أصل رأس المال وقدره 41000000جم (واحد وأربعون مليون جنيه)، بخلاف ما يستجد من فوائد تأخيرية وتعويضية حتى تاريخ الحكم في الدعوى.

ثالثاً- إلزام الهيئة المدعى عليها بأداء تعويض تكميلي عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابت المدعي – إعمالاً للمادة 231 مدني – والذي قدره المدعي بمبلغ 50000000جم (خمسون مليون جنيه) عن الأضرار المادية، وكذلك إلزام الهيئة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي 20300000جم (عشرون مليون وثلاثمائة ألف جنيه) عن الأضرار الأدبية. مع إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصاريف والأتعاب.

ثانياً- في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 مدني كلي شمال الجيزة:

تخلص وقائع هذه الدعوى في أن الهيئة المدعية قد عقدت الخصومة فيها بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة، وأعلنت قانوناً للمدعى عليهم، طلبت في ختامها الحكم لها: "بفسخ عقد الاستبدال (البيع) المؤرخ 29/12/1998 المتضمن بيع العقار البالغ مساحته 4581م2 (أربعة آلاف وخمسمائة وواحد وثمانون متراً مربعاً) والكائن بميدان 26 يوليو (ميدان سفنكس) بالمهندسين – محافظة الجيزة، والمملوك لجهة الوقف الخيري، مع التسليم، واعتبار جميع المبالغ السابق سدادها من المدعى عليهم حقاً خالصاً لهيئة الأوقاف المصرية.

وقالت الهيئة شرحاً لدعواها أنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 29/12/1998 اشترى المدعى عليهم من الهيئة المدعية ما هو عقار التداعي المقام على جزء منه مبنى سينما سفنكس والجزء الباقي أرض فضاء مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وعقد البيع (الاستبدال) بسعر المتر المربع الواحد 22000جم (اثنان وعشرون ألف جنيه) أي بثمن إجمالي قدره 100782000جم (مائة مليون وسبعمائة واثنان وثمانون ألف جنيه)، وقام المشترون (المدعى عليهم) بسداد مقدم الثمن ويمثل 20% من الثمن الإجمالي والباقي يقسط على خمسة أقساط سنوية متساوية بريع 9% سنوياً، وإذ قام المدعى عليهم بسداد القسط الأول وقدره 12000000جم (اثنا عشر مليون جنيه)، إلا أنهم تقاعسوا عن سداد باقي الأقساط في مواعيد استحقاقها.

وحيث نص البند الخامس من عقد بيع عقار التداعي على أنه في حالة تأخر المدعى عليهم عن سداد أي قسط من الأقساط في ميعاد استحقاقه فيكون لهيئة الأوقاف الخيار إما في ... وإما في اعتبار عقد الاستبدال مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار أو إعذار أو حكم من القضاء وتعتبر جميع المبالغ السابق سدادها حقاً خالصاً لهيئة الأوقاف المصرية ويلتزم المدعى عليهم برد وتسليم عقار التداعي إلى الهيئة، وإلا يُعتبر وضع يدهم عليها وضع يد غاصب.

وبناء عليه، تم إنذار المدعى عليهم بضرورة سداد الأقساط المتأخرة عليهم وإلا اعتبر عقد البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار أو إعذار أو حكم من القضاء وتعتبر جميع المبالغ السابق سدادها حقاً خالصاً للهيئة مع التزامهم برد وتسليم العقار المبيع إلى الهيئة. إلا أنهم لم يحركوا ساكناً مما حدا بالهيئة المدعية إلى إقامة دعواها المذكورة بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر.

وإذ تم ضم الدعويين سالفتي الذكر لنظرهما معاً للارتباط وليصدر فيهما حكماً واحداً.

ثانياً- الدفاع

أولاً- في الدعوى رقم 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة:

في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع والدفوع المبداه منا بصحيفة افتتاح دعوانا المذكورة ومذكرات دفاعنا في كلا الدعويين وحوافظ مستنداتنا المقدمة لعدالة المحكمة ولمصلحة الخبراء في كلا الدعويين، ونعتبرهم جزء لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، ونضيف إلى ما سبق ما يلي:

أولاً- ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون:

تنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المُنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها على أن: "تُنشأ في كل وزارة ومُحافظة وهيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة".

كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أنه: "عدا المسائل التي يختص بها القضاء المُستعجل ومُنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المُقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تُقبل الدعوى التي تُرفع إبتداءاً إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة".

كما تنص المادة 14 من ذات القانون على أن: "يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000".

وكذلك تنص المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 بتنظيم العمل في لجان التوفيق في المُنازعات وأماناتها الفنية على أن: "تختص اللجان المُشار إليها بالمادة السابقة بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأة فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك فيما عدا المُنازعات الآتية:

1- المُنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها.

2- المُنازعات المُتعلقة بالحقوق العينية العقارية.

3- المُنازعات التي يُوجب القانون فضها أو تسويتها أو نظر التظلُمات المُتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية.

4- المُنازعات التي يتفق الأطراف على فضها عن طريق هيئات التحكيم.

5- المُنازعات التي تُقرر لها القوانين أنظمة خاصة بها تنفرد بالاختصاص بنظرها".

وحيث أن مفاد ما تقدم، أن المُشرع رغبةً منه في تيسير إجراءات التقاضي وعدم إطالة أمد التقاضي في المحاكم قد قام بإنشاء لجان في كل وزارة أو مُحافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لتختص بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأ فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وأوجب المشرع بالنسبة للمُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون عدم رفع الدعوى إبتداءاً إلى المحاكم إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، ورتب المشرع على رفع الدعوى إبتداءاً إلى المحاكم دون اتخاذ الإجراءات سالفة الذكر، عدم قبول الدعوى.

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الدعوى الماثلة (وكذلك الدعوى الفرعية المقامة في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 المنضمة) هما من الدعاوى التي تخضع لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 حيث أنها رُفِعَت في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون سالف الذكر والساري اعتباراً من 1/10/2000، كما أن الدعوى الماثلة ليست من المُنازعات المُستثناة من الخضوع لأحكامه، كما أن الثابت أن الدعوى الماثلة قد رُفِعَت إبتداءاً أمام عدالة المحكمة دون إتباع الإجراءات المُحددة في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 وهي تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، فمن ثم باتت هذه الدعوى غير مقبولة.

ومن جماع ما تقدم، يتضح لعدالة المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة (وكذلك الدعوى الفرعية المقامة في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 المنضمة) لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 قد صادف حقيقة الواقع وصحيح القانون جديراً بالقبول والقضاء به.

علماً بأن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون مُتعلق بالنظام العام، ذلك أن هذا الدفع يتعلق بإجراءات التقاضي وهي من النظام العام، ويترتب على ذلك أنه إذا ما رُفِعَت الدعوى إبتداءً أمام المحكمة المُختصة وكانت من المُنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 أو رُفِعَت دون مُراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها بالمادتين العاشرة والحادية عشرة كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع أو طلب من الخصوم. كما يجوز للخصوم ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالدفع، كما يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أنه لا يجوز الاتفاق بين الخصوم على رفع المُنازعة الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 أمام المحكمة المُختصة مُباشرة دون اللجوء إلى لجان التوفيق وكل اتفاق من هذا القبيل يُعد باطلاً لمُخالفته لقواعد القانون الآمرة التي لا يجوز الاتفاق على مًُخالفتها. (المرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الأولى عام 2000 القاهرة - بند 330 – صـ 240 : 241).

ومما هو جدير بالذكر أن محكمة النقض قضت في الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 79 لسنة 1975 الخاص بالتأمين الاجتماعي بأن: "الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم مُراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في قانون التأمين الاجتماعي يُعد مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يُدفع به أمامها، وعلة ذلك هي تعلقه بالنظام العام فلا يسقط الحق في التمسك به ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها". (نقض مدني في الطعن رقم 5024 لسنة 61 قضائية – جلسة 1/3/1998. والطعن رقم 2247 لسنة 51 قضائية – جلسة 3/3/1985. ومُشار إليهما في مرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – المرجع السابق – نفس الموضع).

ضرورة التقيد أمام المحكمة بذات الطلبات المعروضة على لجان التوفيق:

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنه بعد تعديل الطلبات في الدعوى الماثلة من طلب التسليم إلى طلب رد الثمن مع التعويض، (والعبرة دائماً هي بالطلبات الختامية)، وهذه الطلبات الختامية لم يسبق لها بأي حال من الأحوال العرض على لجان التوفيق، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

حيث أنه من المُقرر أنه إذا تقدم صاحب الشأن إلى لجنة التوفيق بطلب يتعلق بموضوع مُعين ثم لجأ إلى المحكمة بعد ذلك – في الحالات المُقررة قانوناً – فعليه أن يُبقي على موضوع هذا الطلب أمام المحكمة وإن كان له أن يُغير في سببه أو أن يُضيف له أسباباً جديدة إلا أنه لا يجوز تغيير موضوع هذا الطلب لأنه في هذه الحالة يكون قد لجأ إلى المحكمة بموضوع لم يسبق عرضه على لجنة التوفيق في منازعة من المُنازعات الخاضعة لأحكام القانون، ويتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بعدم قبول هذا الطلب الجديد لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم سابقة عرضه على لجنة التوفيق. (المرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم علي محمد – الطبعة الأولى 2000 القاهرة – بند 323 – صـ 237).

ضرورة عرض الدعوى الفرعية على لجان التوفيق قبل قيدها بالمحكمة:

والأصل في المنازعات التي تكون الهيئات العامة طرفاً فيها، أن تعرض على لجان التوفيق قبل إقامة الدعوى أمام المحاكم، والاستثناءات الواردة على هذا الأصل واردة على سبيل الحصر في المادتين 4 و 11 من القانون المذكور، ولم يرد في تلك الاستثناءات: "الدعاوى الفرعية" – وعليه يجب قبل إقامة الدعوى الفرعية ضد الهيئات العامة أن يسبقها عرض موضوعها على لجان التوفيق المختصة وذلك سواء أكانت الدعوى الأصلية قد سبق عرضها على تلك اللجان أم لا.

وذلك لكون الدعاوى الفرعية غير مستثناة من وجوب العرض على تلك اللجان، فضلاً عن أن عبارة النص جاءت عامة مطلقة بنصها على أنه: "لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداءً إلى المحكمة" فذكرت لفظ "الدعوى" الذي جاء مطلق، أما ذكر لفظ "ابتداءً" فيقصد منه (على ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون) الخصومة عند عرضها على محكمة أول درجة وليس خصومة الطعن. أما لفظ "الدعوى" فقد جاء عاماً مطلقاً، فيكون قصر معناه على "الدعوى الأصلية" فقط، تخصيصاً لعموم النص بغير مخصص وهو ما لا يصح قانوناً حيث أنه من القواعد الكلية والأصول المرعية في القانون وقضاء محكمة النقض أنه: "متى كان النص عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده استهداء بقصد المشرع منه، لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل، ولما ينطوي عليه ذلك من تقييد لمطلق النص وتخصيص لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز". (الطعون أرقام 1697 و 1723 و 1760 و 1762 و 1775 لسنة 55 قضائية – جلسة 23/2/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – الجزء الأول – من يناير إلى مارس 1989 – القاعدة رقم 106 – صـ 593 : 612).

فمن المُقرر قانوناً أنه: "لا يجوز للمُدعي – بعد رفع دعواه أمام المحكمة بذات الطلب الذي كان معروضاً على اللجنة – أن يُضيف طلباً جديداً، ولا يجوز أن يوجه المُدعى عليه طلباً عارضاً (دعوى فرعية) ولم يكن هذا الطلب أو ذاك معروضاً على لجنة التوفيق في المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون (رقم 7 لسنة 2000)، إذ أننا في هذا الفرض نكون بصدد طلب لم يسبق عرضه على لجنة التوفيق وبالتالي يكون هذا الطلب مرفوع بغير الطريق الذي رسمه القانون وعلى المحكمة أن تقضي بعدم القبول من تلقاء نفسها لأن ذلك من إجراءات التقاضي المُتعلقة بالنظام العام. (المرجع: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الأولى عام 2000 القاهرة - بند 326 – صـ 237 ، 238).

ومن جماع ما تقدم، يتضح لعدالة المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 126 لسنة 2002 والدعوى الفرعية المقامة في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 المنضمة لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 قد صادف حقيقة الواقع وصحيح القانون جديراً بالقبول والقضاء به، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية المدعى عليها على سبيل الجزم واليقين.

ثانياً- ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة:

تنص المادة 3 مُرافعات على أنه: "لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومُباشرة وقائمة يُقرها القانون".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الصفة في الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – شرط لازم وضروري لقبولها والاستمرار في موضوعها، فإذا انعدمت فإنها تكون غير مقبولة ويمتنع على المحاكم الاستمرار في نظرها والتصدي لها وفحص موضوعها وإصدار حكم فيها بالقبول أو الرفض، بما لازمة أن تُرفع الدعوى ممن وعلى من له صفة فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 6832 لسنة 63 قضائية – جلسة 8/3/1995. المرجع: "الموسوعة القضائية في المُرافعات المدنية والتجارية في ضوء الفقه والقضاء" - للمُستشار/ مجدي مُصطفى هرجه – صـ 1268).

لما كان ذلك، وكان من المُقرر قانوناً (فقهاً وقضاءاً) أن استخلاص الصفة في الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو ما يستقل به قاضي الموضوع، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي أقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله". (نقض مدني في الطعن رقم 1069 لسنة 56 قضائية – جلسة 25/6/1987).

كما قضي بأن: "شرط قبول الدعوى أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع الدعوى حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته، فتكون له مصلحة شخصية ومباشرة مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 921 لسنة 51 قضائية – جلسة 22/1/1985).

وكذلك تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "المصلحة في الدعوى تعني أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني محل النزاع أو نائبه، وكذلك المدعى عليه بأن يكون هو صاحب المركز القانوني المعتدي على الحق المدعى به، فيجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة، ويحدد الصفة في الدعوى القانون الموضوعي الذي يحكم الحق أو المركز القانوني موضوع الدعوى، إذ يجب التطابق بين صاحب الحق ورافع الدعوى كما يجب التطابق بين المعتدي على الحق وبين المدعى عليه. ولا تتوافر الصفة في حالة التعدد الإجباري إلا بإختصام جميع أفراد الطرف المتعدد سواء في جانب الطرف المدعي فيكون التعدد إيجابياً أو في جانب الطرف المدعى عليه فيكون التعدد سلبياً، وفي هذه الحالة تكون الصفة في الدعوى سواء إيجابية أو سلبية لعدة أشخاص معاً وليست لشخص واحد، فإذا رفعت الدعوى دون اختصام من يجب اختصامه كانت غير مقبولة لرفعها من أو على غير ذي كامل صفة". (نقض مدني في الطعن رقم 176 لسنة 38 قضائية – جلسة 29/11/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – العدد الثالث "من أكتوبر إلى نوفمبر سنة 1973" – الحكم رقم 206 – صـ 1189 : 1193).

لما كان ما تقدم، وكان المدعي في الدعوى الماثلة – وبإقراره أكثر من مرة في صحيفة دعواه الماثلة – ليس هو المشتري الوحيد لعين التداعي بل معها شركاء آخرين، ولكنه أقام الدعوى الماثلة بمفرده طالباً تسليم عين التداعي له هو وحده، ثم عدل طلباته إلى إلزام الهيئة برد ثمن الصفقة بالكامل له وحده (مع عدم اختصامه لباقي الشركاء له)، ومن ثم – وبتطبيق القواعد القانونية المتقدم ذكرها – تكون الدعوى الماثلة غير مقبولة لرفعها من غير ذي كامل صفة، وهو ما تتمسك هيئة الأوقاف المصرية بالدفع به على سبيل الجزم واليقين.

لما كان ما تقدم، وكانت المادة 115/1 مُرافعات تنص على أن: "الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى". ولابد من إثبات الصفة في الحكم وإلا كان مشوباً بعيب جوهري موجب لبطلانه (المادتان 3 ، 178 مرافعات).

وكان من المقرر في قضاء النقض أن: "المادة 115/1 مرافعات تنص على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، والمقصود بهذا الدفع هو الدفع بعدم القبول الموضوعي فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع [الشكلي] الذي يتخذ اسم عدم القبول [أي الدفع بعدم القبول الإجرائي] لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 1863 لسنة 50 قضائية - جلسة 15/5/1984. المرجع: "التعليق على قانون المرافعات" - للمستشار/ عز الدين الدناصوري - الطبعة الثامنة 1996 القاهرة - التعليق على المادة 115 مرافعات – صـ 650 وما بعدها).

حيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه. (المرجع: "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" - للدكتور فتحي والى - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 282 – صـ 559 وما بعدها).

ثالثاً- نجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة:

قدم المدعي صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المُقدمة في الدعوى الماثلة (أمام عدالة المحكمة وفي الخبراء)، وهيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها) تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة.

ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

وهدياً بما تقدم، ولما كان المُدعي قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه المُدعي قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة. مما يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية والقضاء في الدعوى الماثلة برفضها لعجز المُدعي عن إثبات دعواه، أو بالأقل رفض الدعوى بحالتها. علماً بأن عدالة المحكمة غير مُلزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع.

رابعاً- نطلب رفض الدعوى:

تنص المادة 435/1 مدني على أن: "يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول عليه استيلاءً مادياً ما دام البائع قد أعلمه بذلك".

وتنص المادة 449/1 مدني على أنه: "إذا تسلم المُشتري المبيع، وجب عليه التحقق من حالته بمُجرد أن يتمكن من ذلك، وفقاً للمألوف في التعامُل، فإذا كشف عيباً يضمنه البائع وجب عليه أن يُخطره به خلال مُدة معقولة، فإن لم يفعل اعتُبِرَ قابلاً للمبيع بما فيه من عيب".

وتنص المادة 452/1 مدني على أنه: "تسقُط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المُشتري العيب إلا بعد ذلك".

فالقانون قد عرف التسليم بأنه وضع المبيع تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول هذا عليه استيلاءً مادياً. وظاهر أن هذا التعريف للتسليم بمعناه القانوني، وأن هذا التسليم لا يحتاج إلى التسليم الفعلي أي إلى استيلاء المُشتري استيلاءً مادياً على المبيع. فبمُجرد وضع البائع المال المبيع تحت تصرف المُشتري وإعلامه بذلك يُعتبر أنه قد وفى بالتزامه بتسليم المبيع ولا يجوز للمُشتري أن يُطالبه بتنفيذ هذا الالتزام استناداً إلى أنه هو لم يتسلم المبيع، ولا أن يرتب على ذلك اعتبار البائع مُخلاً بالتزامه إخلالاً يبرر طلب فسخ العقد أو الدفع بعدم التنفيذ. وإذا لم يكن للتسليم أجل كان مُستحقاً فور العقد واعتبر المُشتري بموجب هذا الاتفاق مُعذوراً لتسلم المبيع من وقت العقد، أي أنه في هذه الحالة يُعتبر التزام البائع بالتسليم قد تم تنفيذه بمُجرد نشوئه أي بمُجرد انعقاد العقد. (المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" للدكتور/ سليمان مُرقس الجزء الثالث "في العقود المُسماة" المُجلد الأول "عقد البيع" الطبعة الخامسة 1990 القاهرة بند 185 صـ 481 : 485).

ويجب على المُشتري متى تسلم المبيع (قانوناً أو حُكماً) أن يُبادر إلى التحقق من حالته بمُجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف في التعامُل، فإن ظهر له عيب موجب للضمان، أي عيب قديم ومؤثر، وجب أن يُبادر إلى إخطار البائع به خلال مُدة معقولة. ويُقدر القاضي ما إذا كان المُشتري قد بادر إلى فحص المبيع لكشف عيبه بمُجرد تمكُنه من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل أو أنه أبطأ وتهاون في ذلك، وما إذا كان الإخطار بالعيب قد تم خلال مُدة معقولة أو تم بعد فوات المُدة المعقولة. فإن أهمل المُشتري في فحص الشيء أو في الإخطار بالعيب بعد كشفه، عُدَ قابلاً المبيع بحاله وسقط حقه في الرجوع على البائع بالضمان ولو لم تنقض المُدة اللازمة لتقادم دعوى الضمان وهي سنة من تاريخ التسليم. (المرجع السابق نفس الموضع بند 221 صـ 570 : 572).

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يُشترط في وضع المبيع تحت تصرف المُشتري ليتحقق به التسليم المنصوص عليه في المادة 435 من القانون المدني أن يكون بحيث يتمكن المُشتري من حيازة المبيع والانتفاع به. التسليم المعنوي أو الحُكمي يقوم مقام التسليم الفعلي". (نقض مدني في الطعن رقم 632 لسنة 51 قضائية جلسة 21/2/1985).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أن: "مؤدى نص المادة 435 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تسليم المبيع بوضعه تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل مع إعلام المُشتري أن المبيع قد وُضِعَ تحت تصرفه، ولم يشترط المُشرع التسليم الفعلي، بل افترض تمام التسليم متى توافر عنصراه ولو لم يستول المُشتري على المبيع استيلاءً مادياً، فإذا تم التسليم على هذا الوجه انقضى التزام البائع به وبرِئت ذمته منه". (نقض مدني في الطعن رقم 1425 لسنة 56 قضائية جلسة 29/11/1988. والطعن رقم 3539 لسنة 58 قضائية جلسة 19/6/1990).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أن: "مفاد نص المادة 435 من القانون المدني أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل مع إعلام المُشتري أن البيع قد وُضِعَ تحت تصرفه ولم يشترط المُشرع التسليم الفعلي بل افترض تمام التسليم متى توافر عُنصراه، ولو لم يستول المُشتري على المبيع استيلاء مادياً. فيكفي لتمام التسليم مُجرد تغيير النية سواء باتفاق أو بتصرف قانوني مُجرد كأن يظل البائع حائزاً المبيع باعتباره مُستأجراً ويُعتبر التسليم في هذه الحالة حُكمياً أو معنوياً". (نقض مدني في الطعن رقم 1747 لسنة 58 قضائية جلسة 20/1/1991).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أن: "تختص محكمة الموضوع بتقدير ما إذا كان المُشتري قد بادر إلى فحص المبيع لكشف عيبه بمُجرد تمكُنه من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل أو أنه أبطأ وتهاون في ذلك، وما إذا كان الإخطار بالعيب قد تم خلال مُدة معقولة أو تم بعد فوات المُدة المعقولة". (الطعنان رقما 1869 ، 1870 لسنة 55 قضائية جلسة 15/6/1988).

ومن المُقرر في قضاء النقض أيضاً، أن: "مفاد نص المادة 452 من القانون المدني أن الالتزام بضمان العيوب الخفية يسقط بمُضي سنة من وقت تسلم المُشتري للمبيع، غير أنه إذا تعمد البائع إخفاء العيب عن غش منه فلا تسقُط دعوى الضمان في هذه الحالة إلا بمُضي خمس عشرة سنة من وقت البيع". (نقض مدني في الطعن رقم 608 لسنة 40 قضائية جلسة 28/10/1975 مجموعة المكتب الفني - السنة 26 - صـ 1345).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية المُتقدم ذكرها على وقائع الدعوى الماثلة تتضح بجلاء النِقاط التالية:

أ‌- أن جلسة المُمارسة لاستبدال (بيع) عين التداعي، عُقِدت في تاريخ 9/6/1997

ب‌- أنه تم اعتماد المُمارسة لاستبدال (بيع) عين التداعي من مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، في تاريخ 19/6/1997.

ت‌- أنه في تاريخ 25/6/1997 تم عمل محضر تسليم سمي خطأً بأنه مؤقت، ولكنه تسليم فعلي على أية حال لكامل أرض النزاع – وأسموه مؤقت خطأ وهم يقصدون أن العبرة في المساحات المسلمة ستكون بما يسفر عنه كشف التحديد المساحي الذي سيصدر عن مصلحة الشهر العقاري، راجع الصفحة الثانية من محضر التسليم المذكور. ولا أدل على أن هذا التسليم تسليم نهائي من أن المدعي قد طالب القائمين على تشغيل السينما المقامة على الأرض المبيعة بسداد إيجارها له هو). وعلى أقل تقدير يُعتبر محضر التسليم هذا بمثابة إخطار وإعلام للمُشترين (ومنهم المُدعي) بأن الأرض المُستبدلة (المبيعة) تحت تصرفه.

ث‌- ولما لم يكن للتسليم أجل مُتفق عليه في عقد الاستبدال (البيع)، فإن التسليم يكون مُستحقاً فور اعتماد العقد، ويُعتبر المُشتري (المُدعي) بموجب هذا العقد مُعذوراً لتسلم المبيع من وقت اعتماده، أي أنه في هذه الحالة يُعتبر التزام البائع (الهيئة المُدعى عليها) بالتسليم قد تم تنفيذه بمُجرد نشوئه أي بمُجرد اعتماد العقد.

ج‌- ولما كان وجوباً على المُشتري (المُدعي) متى تسلم الأرض المُستبدلة (المبيعة، قانوناً أو حُكماً) أن يُبادر إلى التحقق من حالتها بمُجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف في التعامُل، فإن ظهر له عيب موجب للضمان، أي عيب قديم ومؤثر، وجب أن يُبادر إلى إخطار البائع (المُدعى عليه بصفته) به خلال مُدة معقولة. أما إذا أهمل وتباطأ وتهاون المُشتري (المُدعي) في فحص الأرض المبيعة أو في إخطار البائع (المُدعى عليه بصفته)، خلال المدة المعقولة، بالعيب بعد كشفه، عُدَ قابلاً للأرض المبيعة بحالتها وسقط حقه في الرجوع على البائع بالضمان ولو لم تنقض المُدة اللازمة لتقادم دعوى الضمان وهي سنة من تاريخ التسليم. هذا، فضلاً عن سقوط هذا الحق بالفعل بمرور مدة التقادم المذكورة. مع الأخذ في الاعتبار أن البيع تم في سبتمبر 1997 وأن الدعوى الماثلة لم ترفع إلا في أوائل عام 2002.

خامساً- نطلب رفض الدعوى:

تنص المادة 431 مدني على أن: "يلتزم البائع بتسليم المبيع للمُشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع".

وتنص المادة 1 من "قائمة شروط دخول المزاد"، التي وقع عليها المُدعي، وهي شريعة المُتعاقدين التي تنظم العلاقة التعاقدية بينه وبين الهيئة المُستبدلة (البائعة)، على أن: "أقر بأنني عاينت الأراضي والمحلات والعقارات المعروضة للبيع المعاينة التامة النافية للجهالة طبقاً لكراسة الشروط وأوافق على شرائها بحالتها وأوصافها الراهنة ويعتبر دخولي المزايدة إقراراً مني بذلك".

وتنص المادة 147/1 مدني على أنه: "العقد شريعة المُتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين".

وتنص المادة 447/2 مدني على أنه: "ومع ذلك، لا يضمن البائع العيوب التي كان المُشتري يعرفها وقت البيع، أو كان يستطيع أن يتبينها بنفسه لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، إلا إذا أثبت المُشتري أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب، أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب غِشاً منه".

لما كان ما تقدم، وكان المُشترون (المُدعي وآخرون) قد عاينوا العين المُستبدلة (المبيعة) وعلموا ما بها وما عليها من استحقاقات في وقت البيع أو كان في استطاعتهم أن يعلموا بها، كما أقروا بذلك كتابةً.

ولما كان العقد شريعة المُتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين؛ لأن العقد وليد ارادتين، وما تُبرمه إرادتان لا تحله إرادة واحدة. (نقض مدني في 24 يناير سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 رقم 11 صـ 98).

وعليه، تكون مُطالبة المُدعي بإخلاء عين التداعي من الأشخاص والأشياء ومن ثم تسليمها له خالية، قد جاءت مُخالفة لصحيح القانون جديرة برفضها وهو ما تُطالب به هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) على سبيل الجزم واليقين.

هذا فضلاً عن أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مؤدى نص المادة 435 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تسليم المبيع يتم بوضعه تحت تصرف المُشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به بغير حائل مع إعلام المُشتري أن المبيع قد وُضِعَ تحت تصرفه، ولم يشترط المُشرع التسليم الفعلي، بل افترض تمام التسليم متى توافر عنصراه ولو لم يستول المُشتري على المبيع استيلاءً مادياً، فإذا تم التسليم على الوجه هذا الوجه انقضى التزام البائع به وبرئت ذمته منه. لما كان ذلك وكانت الجهتان الطاعنتان قد تمسكتا بسبق تنفيذهما التزامهما بتسليم الأطيان المبيعة إلى المطعون ضده وأخطرتا المُستأجرين بالوفاء بالأُجرة إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المُستأنف على قوله: "أن الجهة المُستأنفة قد أوفت بالتزامها بتسليم المبيع إلى المُستأنف عليه المطعون ضده بموجب محضر تسليم مؤرخ 31/7/1963 إلا أنه لم يطلب التسليم بغير الحالة التي تم الاتفاق عليها عند التعاقد"، وكان مؤدى ذلك أن الحكم المطعون فيه جعل للمُشتري الحق في مُطالبة البائع بتسليم المبيع بالرغم من انقضاء هذا الالتزام وبراءة ذمة البائع منه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه". (نقض مدني في الطعن رقم 1425 لسنة 56 قضائية جلسة 29/11/1988).

سادساً- نطلب رفض الدعوى بحالتها:

تنص المادة 65 مرافعات على أن: "على المدعى عند تقديم صحيفة دعواه أن يؤدي الرسم كاملاً وأن يُقدم لقلم كُتاب المحكمة صوراً من هذه الصحيفة بقدر عدد المُدعى عليهم وعليه أن يرفق بصحيفة الدعوى جميع المستندات المؤيدة لدعواه ومذكرة شارحة".

وتنص المادة الأولى من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن: "على الدائن إثبات الالتزام".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المدعى هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة إلى تؤيد ما يدعيه فيها"،

"حيث أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"،

و"أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه و لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع"،

و"محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم الذي لم يقدم دليلاً على دفاعه بتقديم هذا الدليل أو لفت نظره إلي مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله".

و"المُقرر في قضاء هذه المحكمة التزام المُدعي بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان هو المُدعي أصلاً في الدعوى أو المُدعى عليه فيها".

(الطعون أرقام: 229 لسنة 38 قضائية - جلسة 19/6/1973 السنة 24 صـ 940. والطعن رقم 98 لسنة 53 - جلسة 7/12/1986. ونقض 6/1/1973 صـ 40. والطعن رقم 1784 لسنة 51 قضائية - جلسة 15/4/1986. الطعن رقم 291 لسنة 31 قضائية - جلسة 25/5/1966 ع1 صـ 1236. الطعن رقم 407 لسنة 51 قضائية - جلسة 12/6/1984. الطعن رقم 5469 لسنة 52 قضائية - جلسة 17/6/1986).

لما كان ما تقدم، وكان المُدعي لم يُقدم أصول المستندات التي جحدتها الهيئة أمام عدالة المحكمة وفي الخبراء، ومن ثم تكون دعواها الماثلة خالية من المستندات ويعتبر المدعي قد عجز عن إثبات دعواه. وعليه، يحق لـهيئة الأوقاف المصرية المطالبة برفض الدعوى الماثلة لعجز المدعى عن إثبات دعواه ولعدم تقديم المستندات المؤيدة لدعواه ولعدم إقامته الدليل على دعواه الماثلة. مما يعنى أن هذا الطلب قد جاء مطابقاً لحقيقة الواقع ومصادفاً لصحيح القانون جديراً بالقبول والقضاء به وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ثانياً- في الدعوى رقم 1238 لسنة 2001 مدني كلي شمال الجيزة:

أولاً- حصول التفاسخ بشأن عقد البيع موضوع الدعوى الماثلة:

لما كان من المُقرر قانوناً أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون التقيد في ذلك بتكييف الخصوم لها.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "قاضي الدعوى مُلزم في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون تقيد بتكييف الخصوم لها، في حدود سبب الدعوى". (نقض مدني في الطعن رقم 29 لسنة 63 قضائية – جلسة 25/11/1996 مجموعة المكتب الفني - السنة 47 – صـ 1387).

ومن المُقرر كذلك في قضاء النقض أنه: "من المُقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تُنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مُقيدة في ذلك إلا بالوقائع وبالطلبات المطروحة عليها". (نقض مدني الطعن رقم 2754 لسنة 60 قضائية – جلسة 30/10/1994 مجموعة المكتب الفني - السنة 45 – صـ 1297 - فقرة 2).

وعليه، فعلى عدالة المحكمة الموقرة أن تُعطي الدعوى الماثلة وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون أن تتقيد في ذلك بتكييف أطرافها لها، مُسترشدة في ذلك بوقائع الدعوى وبالطلبات المطروحة فيها.

لما كان ذلك، وكانت طلبات المدعى عليه في دعواه سالفة الذكر رقم 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة، وفقاً لطلباته الختامية المُعدلة، هي بصفة أساسية: "أولاً- إلزام الهيئة المدعى عليها برد مبلغ أصل رأس المال المسلم والمدفوع لها من المدعي وقدره 41000000جم (واحد وأربعون مليون جنيه) والذي يمثل 20% (عشرون بالمائة) كمعجل الثمن عن كامل أرض وبناء العقار المحرر عنه عقد الاستبدال (البيع) المؤرخ في 29/12/1998، ويمثل أيضاً نسبة الـ 9.5% من إجمالي الثمن على النحو الوارد بعقد الاستبدال المذكور، ويمثل كذلك قيمة القسط الأول المدفوع من المدعي (من ثمن الأرض المبيعة)".

وكانت المطالبة برد الثمن تنطوي ضمناً على طلب فسخ عقد البيع. حيث أنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة ثاني درجة في حدود طلبات المُستأنف، والعبرة في بيان هذه الطلبات بحقيقة المقصود منها دون اعتداد بالعبارات التي صيغت بها، وإذ كان البين من صحيفة الاستئناف أن المطعون ضده الأول "المُستأنف" قد طلب في ختامها الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا له مبلغ 19125 جنيه مقدار الثمن بموجب عقد البيع فإن حقيقة المقصود بهذا الطلب هو: طلب بفسخ عقد البيع ورد الثمن". (نقض مدني في الطعن رقم 4497 لسنة 62 قضائية – جلسة 27/1/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 278 – فقرة 1).

فقد تواتر قضاء محكمة النقض على أن: "الفسخ يعتبر واقعاً في العقد الملزم للجانبين باستحالة تنفيذه ويكون التنفيذ مستحيلاً على البائع بخروج المبيع من ملكه، كما يعتبر الفسخ مطلوباً ضمناً في حالة طلب المشترى رد الثمن تأسيساً على إخلال البائع بالتزامه بنقل ملكية المبيع إليه، وذلك للتلازم بين طلب رد الثمن والفسخ". (نقض مدني في الطعن رقم 1005 لسنة 46 قضائية – جلسة 11/12/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 224 – فقرة 3).

ولما كانت المطالبة برد الثمن تنطوي ضمناً على طلب فسخ عقد البيع، وكانت طلبات هيئة الأوقاف في دعواه الماثلة هي المُطالبة بفسخ ذلك العقد، ومن ثم تكون إرادة الطرفين قد التقتا على طلب فسخ عقد البيع، فيقع الفسخ حتماً.

حيث أنه من المُقرر قانوناً أن "الفسخ" يفترض وجود عقد ملزم للجانبين يتخلف فيه أحد العاقدين عن الوفاء بالتزامه فيطلب الآخر فسخه، ليُقال بذلك من تنفيذ ما التزم به. ويقع الفسخ بناء على حكم يقضي به أو بتراضي العاقدين أو بحكم القانون. وبذلك يكون الفسخ قضائياً أو اتفاقياً أو قانونياً حسب الأحوال. والفسخ الاتفاقي (أو التفاسخ أو التقايل) كما يكون بإيجاب وقبول صريحين، يكون بإيجاب وقبول ضمنيين.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "التفاسخ (التقايل) كما يكون بإيجاب وقبول صريحين يكون أيضاً بإيجاب وقبول ضمنيين، وبحسب محكمة الموضوع إذا هى قالت بالتفاسخ الضمني أن تورد من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفاً عن إرادتي طرفي التعاقد وأن تبين كيف تلاقت هاتان الارادتان على حل العقد". (نقض مدني في الطعن رقم 61 لسنة 33 قضائية – جلسة 16/2/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 394 – فقرة 1).

وتقدير حصول التفاسخ بين طرفي العقد مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "إن حصول التفاسخ من المسائل الموضوعية التي يستقل قاضى الموضوع بتقديرها. فإذا كانت المحكمة قد استخلصت حصول التفاسخ من عبارات واردة في أوراق الدعوى مؤدية إليه فلا سبيل عليها لمحكمة النقض". (نقض مدني في الطعن رقم 36 لسنة 17 قضائية – جلسة 15/4/1948 مجموعة عمر 5ع – صـ 601 – فقرة 1).

لما كان ما تقدم، وكان كلا من طرفي الدعوى الماثلة قد طلبا فسخ عقد البيع موضوع الدعوى الماثلة، فيكون بذلك قد حدث تلاقي الارادتان على فسخ العقد المذكور، ويكون هذا الفسخ فسخاً اتفاقياً لا قضائياً، حتى ولو كان كلا من طرفي العقد قد بنى طلب الفسخ على سبب مغاير للسبب الذي أستند إليه الطرف الآخر.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "متى كان المطعون عليه قد رفع دعواه طالباً فسخ عقد البيع المبرم بينه وبين الطاعنين وطلب هؤلاء الآخرون فسخ هذا العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالفسخ تأسيساً على تلاقى إرادة المشترى والبائعين لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا ينال من ذلك أن كلا من البائعين والمشترى بنى طلب الفسخ على سبب مغاير للسبب الذي بناه الآخر". (نقض مدني في الطعن رقم 82 لسنة 39 قضائية – جلسة 21/11/1974 مجموعة المكتب الفني – السنة 25 – صـ 1254 – فقرة 1).

وطالما كان طرفا الدعوى الماثلة قد طلبا فسخ العقد، ووقع الفسخ هنا اتفاقياً، فالعقد سند الدعوى الماثلة يكون قد فُسِخَ حتماً دون أن يكون للقاضي خيار بين الفسخ والتنفيذ.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ كان الحكم المطعون فيه قد أجاب طرفي التعاقد إلى ما طلباه من فسخ العقد فإنه لا يكون ثمة محل بعد ذلك للتحدث عن شروط انطباق أحكام المادة 157 من القانون المدني لأن مجال إعمالها هو حالة الشرط الفاسخ الضمني أما في حالة الفسخ الإتفاقي فالعقد يُفسخ حتماً دون أن يكون للقاضي خيار بين الفسخ و التنفيذ". (نقض مدني في الطعن رقم 82 لسنة 39 قضائية – جلسة 21/11/1974 مجموعة المكتب الفني – السنة 25 – صـ 1254 – فقرة 2).

ثانياً- الأثر المُترتب على الفسخ:

تنص المادة 160 من القانون المدني على أنه: "إذا فُسِخَ العقد أُعيدَ المُتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ...".

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 160 من القانون المدني يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يترتب على فسخ عقد البيع انحلال العقد بأثر رجعى منذ نشوئه بحيث تعود العين المبيعة إلى البائع - بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد". (نقض مدني في الطعن رقم 1458 لسنة 49 قضائية – جلسة 8/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 652).

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "في حالة القضاء بالفسخ تترتب الآثار التي نصت عليها المادة 160 من القانون المدني وهى أن يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد فيرد كل منهما ما تسلمه بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه". (نقض مدني في الطعن رقم 193 لسنة 34 قضائية – جلسة 15/8/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1500).

لما كان ما تقدم، وكان الإخلاء من مقتضيات الحكم بالفسخ، ومن ثم يتعين مع القضاء بالتفاسخ والإخلاء إلزام المدعى عليهم برد وتسليم العين المبيعة إلى هيئة الأوقاف بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد.

ثالثاً- اعتبار المبالغ المسددة حقاً خالصاً للهيئة:

لما كان من المُقرر قانوناً أن "الشرط الجزائي" (في جوهره) ليس إلا مُجرد تقدير اتفاقي للتعويض الواجب أداؤه.

وكانت المادة 223 مدني تنص على أنه: "يجوز للمُتعاقدين أن يُحددا مُقدماً قيمة التعويض بالنص عليه في العقد، أو في اتفاق لاحق، ويُراعى في هذه الحالة أحكام المواد من 215 إلى 220".

ومن صور الشرط الجزائي أو التعويض الإتفاقي – فيما بين المتعاقدين – اشتراط البائع على المشتري، في عقد البيع، أنه في حالة فسخ العقد بسبب يرجع إلى المشتري، فيعتبر مقدم الثمن أو أقساطه التي تم سدادها بالفعل حقاً خالصاً للبائع. وهذه الصورة من صور الشرط الجزائي مقبولة في الشريعة الإسلامية وفقاً للمذهب الحنبلي الذي يقرر أن من أشترى شيئا ودفع بعض ثمنه وأستأجل (أي طلب أجلاً) لدفع الباقي، لأجل معين، فاشترط البائع عليه أنه إن لم يدفع الباقي عند حلول الأجل، يكون المعجل ملكاً للبائع، فقبل ذلك، صح الشرط وترتب عليه أثره، ويصير مُعجل الثمن ملكاً للبائع إن لم يقم المشترى بدفع الباقي في أجله المحدد.

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الصدد: "ليس الشرط الجزائي في جوهره إلا مُجرد تقدير اتفاقي للتعويض الواجب أداؤه فلا يُعتبر بذاته مصدراً لوجوب هذا التعويض، بل للوجوب مصدر آخر قد يكون التعاقد في بعض الصور، وقد يكون العمل غير المشروع في صور أخرى، فلابد لاستحقاق الجزاء المشروط إذن من اجتماع الشروط الواجب توافرها للحكم بالتعويض، وهي الخطأ والضرر والإعذار".

إذا كان "الشرط الجزائي" قد سمي بهذا الاسم لكونه يشترط عادة في نصوص العقد الأصلي الذي يستحق التعويض على أساسه، إلا أنه لا شيء يمنع من أن يكون في اتفاق لاحق لهذا العقد الأصلي، ولكن قبل وقوع الضرر الذي يقدر الشرط الجزائي التعويض عنه، وذلك حتى لا يلتبس بالصلح أو بالتجديد. بل لا شيء يمنع من أن يكون في اتفاق على تقدير التعويض المستحق من مصدر غير العقد كالعمل غير المشروع وإن كان هذا يقع نادراً، ومن صوره: أن يتفق عليه في حالة الإخلال بعقد الزواج، إذ الإخلال بهذا الوعد تترتب عليه مسئولية تقصيرية لا عقدية. وكذلك الحال في حالة إبطال بيع ملك الغير، وأيضاً إذا حدد المتعاقدان مبلغ التعويض في حالة فسخ العقد، فالمسئولية التي تتخلف عن فسخ العقد إنما هي مسئولية تقصيرية حدد المتعاقدان بشرط جزائي مبلغ التعويض عنها. (المرجع: وسيط السنهوري – المرجع السابق – جـ 1 – مجلد 2 – بند 477 – صـ 766 و 767 وهامش 1 بالصفحة الأخيرة).

فإذا حدد المتعاقدان مبلغ التعويض في حالة فسخ العقد أو بطلانه، فالمسئولية التي تتخلف عن فسخ العقد أو بطلانه إنما هي مسئولية تقصيرية حدد المتعاقدان بشرط جزائي مبلغ التعويض عنها. ومثال ذلك: حالة ما إذا اشترط البائع على المشتري، عند الاتفاق على تسديد ثمن المبيع على أقساط، أنه في حالة إبطال عقد البيع أو فسخه، فإن جميع الأقساط المُسددة سابقاً تُعتبر حقاً خالصاً للبائع. أو حالة الاتفاق في عقد البيع على أنه في حالة فسخ العقد فيُعتبر مقدم الثمن الذي دفعه للبائع حقاً خالصاً للبائع.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "ولئن كان المُقرر أن الشرط الجزائي – باعتباره تعويضاً اتفاقياً – هو التزام تابع لا التزام أصلي في العقد والقضاء بفسخه يرتب سقوط الالتزامات الأصلية فيسقط الالتزام التابع بسقوطها ويزول أثره ولا يصح الاستناد إلى المسئولية العقدية بعد فسخ العقد وزواله، ويكون الاستناد إن كان لذلك محل إلى أحكام المسئولية التقصيرية طبقاً للقواعد العامة، بيد أن ذلك محله أن يكون الشرط الجزائي مُتعلقاً بالالتزامات التي ينشئها العقد قِبل عاقديه باعتباره جزاء الإخلال بها مع بقاء العقد قائماً، فإذا كان هذا الشرط مُستقلاً بذاته غير مُتعلق بأي من الالتزامات فلا يكون ثمة تأثير على وجوده من زوال العقد ما دام الأمر فيه يتضمن اتفاقاً مُستقلاً بين العاقدين، ولو أثبت بذات العقد، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن عقد البيع العرفي المؤرخ 19/6/1955 قد نص في بنده التاسع على أنه إذا تخلف المشتري عن سداد أي قسط من الأقساط يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار فضلاً عن ضياع ما يكون قد دفعه وصيرورته حقاً مُكتسباً للشركة، وما تضمنه هذا النص هو اتفاق الطرفين على الجزاء في حالة حصول الفسخ، ومن ثم تتحقق لهذا الشرط ذاتيته واستقلاله عما تضمنه العقد الذي فُسِخَ من التزامات مما لا يُعتبر معه هذا الاتفاق التزاماً تابعاً لالتزام أصلي في العقد يسقط بسقوطه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون مُجانباً لصحيح القانون ويستوجب نقضه". (نقض مدني في الطعن رقم 1857 لسنة 51 قضائية – جلسة 17/5/1987. ونقض مدني في الطعن رقم 533 لسنة 53 قضائية – جلسة 4/4/1988. مُشار إليهما في: وسيط السنهوري – المرجع السابق – جـ 1 – مجلد 2 – بند 479 – صـ 769).

وهدياً بما تقدم، ولما كان عقد البيع العرفي الابتدائي سند الدعوى الماثلة قد نص في بنده الخامس على أنه في حالة تأخر المدعى عليهم عن سداد أي قسط من الأقساط في ميعاد استحقاقه فيكون لهيئة الأوقاف الخيار إما في ... وإما في اعتبار عقد الاستبدال مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار أو إعذار أو حكم من القضاء وتعتبر جميع المبالغ السابق سدادها حقاً خالصاً لهيئة الأوقاف المصرية ويلتزم المدعى عليهم برد وتسليم عقار التداعي إلى الهيئة ..."، وكان ما تضمنه هذا النص هو اتفاق الطرفين على الجزاء في حالة حصول الفسخ، ومن ثم تتحقق لهذا الشرط ذاتيته واستقلاله عما تضمنه العقد - الذي فُسِخَ - من التزامات، مما لا يُعتبر معه هذا الاتفاق التزاماً تابعاً لالتزام أصلي في العقد يسقط بسقوطه، ولكن يكون له استقلاليته ويظل قائماً ونافذاً بعد فسخ العقد، بل هو التزام معلق على شرط واقف هو فسخ العقد الأصلي طبقاً لبنود عقد البيع. ولما كانت المشترين (المُدعى عليهم) قد تخلفوا عن الوفاء بباقي ثمن العين المبيعة (عين التداعي) في مواعيد استحقاقها ومن ثم يحق لهيئة الأوقاف إعمال الشرط الجزائي المنصوص عليه في البند الخامس من عقد البيع سالف الذكر واعتبار جميع الأقساط السابق سدادها حقاً خالصاً للهيئة.

ومن ثم تكون جميع طلبات الطالب بصفته قد جاءت على سند صحيح من القانون خليقة بالقبول والقضاء للطالب بصفته بطلباته فيها.

رابعاً- الرد على طلب التعويض في الدعوى رقم 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة:

والتعويض، بعد فسخ العقد، ينبني على المسئولية التقصيرية لا المسئولية العقدية، فإن العقد بعد أن فُسِخَ لا يصلح أن يكون أساساً للتعويض، وإنما أساس التعويض هنا هو خطأ المدين، ويعتبر العقد هنا واقعة مادية لا عملاً قانونياً كما في البطلان. (المرجع: وسيط السنهوري – المرجع السابق – الجزء الأول – بند 478 – صـ 978 و 979).

أركان المسئولية التقصيرية:

تنص المادة 163 من القانون المدني المصري على أركان المسئولية التقصيرية بنصها على أن: "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض".

ويتبين من هذا النص أن المسئولية التقصيرية، لها أركان ثلاثة:

1- الخطأ:

والرأي الذي أستقر عليه الفقه والقضاء يُعرف الخطأ في المسئولية التقصيرية بأنه إخلال بالتزام قانوني، (كما أن الخطأ في المسئولية العقدية هو إخلال بالتزام عقدي). إلا أن الالتزام العقدي الذي يعد الإخلال به خطأ في المسئولية العقدية إما أن يكون التزام بتحقيق نتيجة وإما أن يكون التزام ببذل عناية. أما الالتزام القانوني الذي يعتبر الإخلال به خطأ في المسئولية التقصيرية فهو دائماً التزام ببذل عناية.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قاضي الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض". (نقض مدني في الطعن رقم 1083 لسنة 57 قضائية – جلسة 20/6/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 640).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجب على المحكمة عند القضاء بتعويض يدعى ترتبه على إجراءات كيدية ضارة أن تثبت في حكمها أركان الخطأ المستوجب للتعويض وإلا كان حكمها باطلاً لقصور أسبابه". (نقض مدني في الطعن رقم 85 لسنة 5 قضائية – جلسة 21/5/1936 مجموعة عمر 1ع صـ 1119).

2- الضرر:

والضرر قد يكون مادياً يصيب المضرور في جسمه أو في ماله، وقد يكون أدبياً يصيب المضرور في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه أو أي معنى آخر من المعاني التي يحرص الناس عليها.

3- علاقة السببية:

وعلاقة السببية ما بين الخطأ والضرر معناها أن توجد علاقة مباشرة ما بين الخطأ الذي أرتكبه المسئول والضرر الذي أصاب المضرور. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرازق أحمد السنهوري – الجزء الأول: "مصادر الالتزامات" – المُجلد الثاني: "العمل الضار والإثراء بلا سبب والقانون" – الطبعة الثالثة 1981 القاهرة – بند 524 – صـ 1078 وما بعدها).

والمُدعي المُطالب بالتعويض هو الذي يقع عليه عبء إثبات الخطأ والضرر وعلاقة السببية ولما كان المدعي المطالب بالتعويض في دعوانا الماثلة لم يثبت شيئاً من ذلك بل جاءت مزاعمه كلها مجرد أقوال مرسلة لا سند لها من حقيقة الواقع أو صحيح القانون ومن ثم يتعين الالتفات عنها بالكلية والقضاء برفض مطالبته بالتعويض.

خامساً- ندفع بعدم قبول الدعوى التعويض لعدم سبقها بالإعذار المتطلب قانوناً:

تنص المادة 157 مدني على أنه: "في العقود المُلزمة للجانبين، إذ لم يوف أحد المُتعاقدين بالتزامه جاز للمُتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يُطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مُقتض".

وتنص المادة 218 مدني على أنه: "لا يُستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين، ما لم يُنص على غير ذلك".

وتنص المادة 219 مدني على أنه: "يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار، ويجوز أن يتم الإعذار عن طريق البريد على الوجه المُبين في قانون المُرافعات، كما يجوز أن يكون مُترتباً على اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذوراً بمُجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر".

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "يُشترط في التنبيه بالوفاء أن يكون بتكليف رسمي على يد مُحضر فلا يصح بمُجرد خطاب ولو كان موصى عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 138 لسنة 20 قضائية جلسة 1/5/1952).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أنه: "لا يكفي لترتيب الأثر القانوني للإنذار أن يكون المُشتري قد قال في دعوى أخرى إن البائع قد أنذره ما دام ذلك القول قد صدر في وقت لم يكن النزاع على العقد المُتنازع فيه مطروحاً، بل يجب تقديم الإنذار حتى يُمكن للمحكمة أن تتبين إن كان يترتب عليه الفسخ أو لا، وذلك بالرجوع إلى تاريخه وما تضمنه لأنه قد يكون حاصلاً قبل الميعاد المُعين للوفاء أو قبل قيام البائع بتعهداته التي توقفت عليها تعهدات المُشتري". نقض مدني في الطعن رقم 80 لسنة 13 قضائية جلسة 16/3/1944

ومن المُقرر في قضاء النقض أيضاً، أن: "الأصل في التشريع المصري أن مُجرد حلول أجل الالتزام لا يكفي لاعتبار المدين مُتأخراً في تنفيذه، إذ يجب للتنفيذ العيني للالتزام كما يجب للتنفيذ بطريق التعويض إعذار المدين حتى لا يُحمل سكوت الدائن محل التسامح والرضاء الضمني بتأخر المدين في هذا التنفيذ، فإذا أراد الدائن أن يستأدي حقه في التنفيذ الذي حل أجله وجب عليه أن يُعذر المدين بذلك حتى يضعه من تاريخ هذا الإعلان موضع المُتأخر قانوناً في تنفيذ التزامه وتترتب على هذا التأخير نتائجه القانونية، والأصل أن يكون الإعذار بإنذار على يد مُحضر يُكلِف فيه الدائن مدينه بالوفاء بالتزامه، وإذ خلا الإعذار من التكليف المُشار إليه لم يكن إعذاراً بالمعني الذي يتطلبه القانون، فلا يُعد إعذاراً إعلان المدين بصحيفة دعوى الفسخ لإخلاله بتنفيذ أحد التزاماته". (نقض مدني في الطعن رقم 1110 لسنة 49 قضائية جلسة 6/2/1984 مجموعة المكتب الفني - السنة 35 - صـ 398).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالف الذكر على وقائع الدعوى الماثلة نجد أنها قد خلت تماماً من هذا الإعذار أو الإنذار المُتطلب قانوناً وهو شرط رفع الدعوى سواء للمُطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتنفيذ عن طريق التعويض (التنفيذ بمُقابل)، وليست ثمة أية تكاليف بالوفاء مُعتبرة قانوناً، ومن ثم تكون دعوى التعويض الماثلة قد جاء بالمُخالفة لصحيح القانون خليقة بعدم قبولها وهو ما تُطالب به هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) بطريق الجزم واليقين.

سادساً- التعليق على تقرير الخبير:

لما كان من المُقرر في قضاء النقض أن: "عمل الخبير وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بتقرير الخبير كله، إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى مادام قائماً على أسباب لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه، كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه، إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه". (نقض مدني في الطعن رقم 424 لسنة 53 قضائية جلسة 15/5/1986).

لما كان ما تقدم، وكان تقرير الخبير المودع بملف الدعوى الماثلة قد شابه القصور من عدة أوجه، فمن ناحية قرر سيادته أن هيئة الأوقاف لم تقم بتسليم العين المبيعة رغم أن الهيئة قد سلمتها فعلاً على النحو المُتطلب قانوناً كما سلف بيانه في هذه المُذكرة (علماً بأن تلك مسألة قانونية يرجع الفصل والبت فيها لعدالة المحكمة).

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "تقتصر مهمة الخبير على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 59 لسنة 41 قضائية - جلسة 23/12/1975 مجموعة المكتب الفني - السنة 26 - صـ 1653).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجوز للقاضي أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه، والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها، دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها". (نقض 24/3/1976 السنة 27 صـ 752).

وكذلك جرى قضاء النقض على أن: "ندب خبير في الدعوى هو مجرد وسيلة إثبات يقصد بها التحقق من واقع معين يحتاج للكشف عنه معلومات فنية خاصة لا شأن له بالفصل في نزاع قانوني أو الموازنة بين الآراء الفقهية لاختيار أحدها فهذا من صميم واجب القاضي لا يجوز له التخلي عنه لغيره". (نقض مدني في الطعن رقم 1396 لسنة 52 قضائية - جلسة 12/5/1983).

وأيضاً قضت محكمة النقض بأن: "لقاضي الموضوع أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها". (نقض مدني في الطعن رقم 243 لسنة 51 قضائية - جلسة 28/2/1985. وفي الطعن رقم 2418 لسنة 52 قضائية - جلسة 6/5/1986).

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها بما يلي:

أولاً- في الدعوى 126 لسنة 2002 مدني كلي شمال الجيزة:

أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

ثانياً- وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة.

ثالثاً- وعلى سبيل الاحتياط الكلي: (وعلى الترتيب التالي):

1- بعدم قبول الدعوى.

2- برفض الدعوى.

3- برفض الدعوى بحالتها.

وفي جميع الأحوال: بإلزام المُدعي بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.

ثانياً- في الدعوى 1238 لسنة 2001 مدني كلي شمال الجيزة:

أولاً- في الدعوى الأصلية: "بفسخ عقد الاستبدال (البيع) المؤرخ في 29/12/1998 لعقار التداعي البالغ جمله مساحته 4581م2 (أربعة آلاف وخمسمائة وواحد وثمانون متراً مربعاً) والكائن بميدان 26 يوليو (ميدان سفنكس) بالمهندسين - محافظة الجيزة، والمملوك لجهة الوقف الخيري، مع إلزام المدعى عليهم برده وتسليمه للهيئة بالحالة التي كان عليها عند التعاقد، مع اعتبار جميع المبالغ السابق سدادها من المدعى عليهم حقاً خالصاً للهيئة، مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة".

ثانياً- في الدعوى الفرعية:

أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

ثانياً- وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة.

ثالثاً- وعلى سبيل الاحتياط الكلي: (وعلى الترتيب التالي):

1- بعدم قبول الدعوى.

2- برفض الدعوى.

3- برفض الدعوى بحالتها.

وفي جميع الأحوال: بإلزام المُدعين فرعياً بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،

هذا، والله أعلى وأعلم،،،