الخميس، 25 فبراير 2010

الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها

الرد على مزاعم المتهمون بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها:
        دفع المتهم/ عماد .......... (المتهم الثالث) بالجلسة الأخيرة بعدم جواز نظر الجنحة الماثلة لسابقة الفصل فيها بالجنحة رقم ..... لسنة ....... جنح روض الفرج المقضي فيها بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بجلسة ....... .
        وبمطالعة أوراق تلك الجنحة، يتضح جلياً أنها مقامة ضد بعض المتهمين فقط في الجنحة الماثلة وليس كلهم، وبتهمة تزوير إعلام الوراثة رقم .... لسنة .... وراثات ..... فقط، وليس بتهمة تزوير باقي إعلامات الوراثة جميعها ولا بتهمة استعمال المحررات المزورة ولا بتهمة التعدي على أملاك الدولة ولا بتهمة مخالفة أحكام قانون الشهر العقاري. كما أن هيئة الأوقاف المصرية لم تعلم أصلاً بهذه الجنحة في حينه ولا تدعي مدنياً فيها. ومن ثم فلا مجال للاحتجاج بحجية الجنحة رقم ....... لسنة ...... جنح روض الفرج في الجنحة الماثلة لاختلاف الخصوم والموضوع في كلا الجنحتين.
        حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الحكم السابق لا يجوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلا عن وحدة الخصوم". (نقض مدني في الطعن رقم 1197 لسنة 61 قضائية – جلسة 10/3/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 439).
        كما قضت محكمة النقض بأن: "المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي لا تكون حجة فيما فصلت فيه حقوق إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وأن تتعلق بذات الحق محلا وسبباً". (نقض مدني في الطعن رقم 6114 لسنة 63 قضائية – جلسة 27/6/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 1041).
        اختلاف الموضوع: من المقرر قانوناً أن صدور حكم في جريمة ما لا يمنع من إقامة جنحة أخرى إذا اختلف موضوع الثانية عن الأولى. فعلى سبيل المثال: إذا صدر حكم بالبراءة أو أمر بألا وجه لإقامة الدعوى في جريمة معينة، فهذا الحكم أو هذا الأمر لا تكون له حجية أمام المحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة السابقة، ويكون للمحكمة أن تحكم بصحة البلاغ المقدم عن هذه الواقعة أو كذبه.
        حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: "صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى في جريمة معينة، لا تكون له حجية أمام المحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة، ويكون للمحكمة أن تحكم بصحة البلاغ المقدم عن هذه الواقعة أو كذبه". (نقض جنائي في الطعن رقم 17444 لسنة 63 قضائية – جلسة 28/9/1999).
        كما قضت محكمة النقض بأن: "واقعة تزوير صحيفة دعوى مدنية تختلف عن واقعة تزوير عقد البيع موضوع هذه الدعوى، إذ أن لكل منهما ذاتية وظروف خاصة تتحقق بها الغيرية التي يمتنع معها القول بوحدة الواقعة في الدعويين". (نقض جنائي جلسة 27/6/1960 مجموعة أحكام النقض – السنة 11 – صـ 600 – رقم 115).
        وكذلك قضت محكمة النقض بأنه: "إذا أدين شخص بجريمة البلاغ الكاذب، فمن الجائز أن يدان بعد ذلك من أجل شهادة زور، على الرغم من أنه لم يفعل في الشهادة الزور سوى ترديد لما تضمنه البلاغ الكاذب، لأن واقعة البلاغ مختلفة عن واقعة الشهادة". (نقض جنائي فرنسي – جلسة 31/7/1823 مشار إليه في مرجع: "شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية" – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – طبعة 2003 القاهرة – بند 617 ثالثاً – صـ 902 وهامش رقم 76).
        الجريمة المستمرة ووحدة السبب: وكذلك من المقرر قانوناً أن الجريمة المستمرة هي التي يكون السلوك الإجرامي فيها قابلاً لأن يوصف بأنه حالة جنائية مستمرة فترة من الزمن، وفيها يتدخل الجاني بإرادته للإبقاء على سلوكه الإجرامي فترة طويلة، حتى تصبح حالة قائمة تكون المقصودة بالتجريم.
        وقوة الأمر البات الصادر في جريمة مستمرة تنصرف إلى حالة الاستمرار السابقة عليه، ولو كان من أجزائها ما جهلته سلطة الاتهام أو القضاء، أما ما يحصل بعد ذلك من تدخل لإرادة الجاني في استمرار الحالة الجنائية فهو يشكل جريمة تجوز محاكمة الجاني من أجلها ولا يقبل منه الدفع فيها بقوة الأمر المقضي بالنسبة للحكم الذي صدر. (لطفاً، المرجع: "شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية" – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – طبعة 2003 القاهرة – بند 619 – صـ 906 و 907 وهامش رقم 92).
        وقد تواتر قضاء النقض على أنه (في جريمة إدارة محل عمومي بدون رخصة): "إذا كان المتهم بعد الحكم ببراءته من هذه الجريمة استمر - على الرغم من إلغاء الرخصة التي كانت لديه – يدير محله مطعماً عمومياً، فإن المحكمة إذ عاقبته من أجل إدارة هذا المحل بعد الحكم ببراءته لا تكون مخطئه، مهما كان سبب البراءة". (نقض جنائي جلسة 16/4/1945 مجموعة القواعد القانونية – الجزء السادس – صـ 697 – رقم 553. ونقض جنائي في الطعن رقم 27251 لسنة 59 قضائية – جلسة 9/4/1997).
        وهدياً بما تقدم، وطالما اختلفت الجنحة رقم ........ لسنة ....... جنح روض الفرج، عن الجنحة الماثلة، من حيث المتهمون ومن حيث المحرر موضوع الجنحة ومن حيث التهم ومن حيث الادعاء المدني، فالجنحة الأولى موجهة ضد بعض المتهمين في الجنحة الثانية وليس كلهم، والمحرر موضوع الجنحة الأول محرر واحد بينما المحررات في الجنحة الثانية أكثر من أربع محررات، وموضوع الجنحة الأولى هو التزوير فقط، بينما موضوع الجنحة الثانية هو التزوير واستعمال محررات مزورة والتعدي على أملاك الدولة ومخالفة أحكام قانون الشهر العقاري، كما أن جريمة التزوير والاستعمال من الجرائم المستمرة التي يجوز محاكمة مرتكبيها بعد صدور الحكم الأول طالما حالة الاستمرار قائمة، كما أن هيئة الأوقاف المصرية لم تكن ممثلة في التهمة الأولى حتى تدعي مدنياً فيها بينما هي مدعية مدنية في الجنحة الماثلة، وطالما اختلف أطراف الدعويين والموضوع والمحل والسبب، فلا يكون للدعوى الأولى أية حجية عند نظر الدعوى الثانية. ويكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة لسابقة الفصل فيها قد جاء على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقاً بالرفض.

الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم

الرد على دفع المتهمين بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم:
        دفع المتهمون بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، بزعم مرور أكثر من ثلاث سنوات على صدور أول إعلام وراثة الصادر في 1994 بينما التحقيق معهم لم يبدأ إلا في عام 2005، وهذا الزعم ظاهر البطلان – كالدفع السابق – وإنما ينم عن إفلاس دفاع المتهمين. حيث أنه من المقرر قانوناً أن جرائم التزوير في محررات رسمية واستعمالها هي جرائم مستمرة.
        ولما كانت الجريمة المستمرة هي الجريمة التي يكون السلوك الإجرامي فيها قابلاً لأن يوصف بأنه حالة جنائية مستمرة فترة من الزمن. وفيها يتدخل الجاني بإرادته للإبقاء على سلوكه الإجرامي فترة طويلة، حتى تصبح حالة قائمة تكون هي المقصودة بالتجريم، ومثالها: جريمة التزوير في محرر رسمي واستعمال محرر رسمي مزور.
        وكان من المقرر قانوناً أن بداية التقادم في الجرائم المستمرة تكون من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار التي يتصف بها السلوك الإجرامي في هذا النوع من الجرائم. ففي جريمة استعمال المحرر المزور، يبدأ التقادم من تاريخ انتهاء التمسك بهذا المحرر في الغرض الذي استعمل من أجله.
        وعلى هذا قضت به محكمة النقض بأن: "جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقى مقدمها متمسكاً بها ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها أو من تاريخ الحكم بتزويرها". (نقض جنائي في الطعن رقم 1322 لسنة 47 قضائية - جلسة 5/3/1978 مجموعة المكتب الفني - السنة 29 - صـ 224 - فقرة 2. ونقض جنائي جلسة 14/11/1973 مجموعة أحكام النقض – السنة 24 – صـ 897 – رقم 185. ونقض جنائي جلسة 10/6/1963 مجموعة أحكام النقض – السنة 14 – صـ 501 – رقم 98)
        وهدياً بما تقدم، ولما كانت الجرائم المتهم فيها المتهمون في الجنحة الماثلة هي جرائم تزوير محررات رسمية، واستعمال محررات مزورة، وكانت تلك الجرائم جرائم مستمرة، وبالتالي فلا تسقط بالتقادم طالما كان المتهمون ما زالوا متمسكين بتلك المحررات.
        ولا أدل على ذلك من أن المتهم/ عماد ............ (الرأس المدبر للأمر كله) قد تقدم بطلب إلى لجان القسمة بوزارة الأوقاف، مستنداً ومستعملاً فيه إعلامات الوراثة المزورة، بغية التمكن من وضع يده على أعيان الوقف الخيري بالمخالفة للقانون وبإصرار دؤوب على استعمال إعلامات الوراثة المزورة.
ومن ثم يكون دفعهم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، قد جاء بلا سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون خليقاً بالرفض، وهو ما تتمسك به هيئة الأوقاف المصرية (المدعية مدنياً) على سبيل الجزم واليقين.

الشرط المانع من التصرف لمصحلة الغير

الشرط المانع من التصرف لمصلحة الغير 
نص القانون:
تنص المادة 823 من القانون المدني على أنه:
1-   إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضي بمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع، ومقصوراً على مدة معقولة.
2-   ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير.
3-   والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف، أو المتصرف إليه، أو الغير.
شرح الفقه:
فالمفروض إذن، حتى يكون الباعث مشروعاً، والشرط المانع صحيحاً، أن يكون المتصرف قد قصد بالشرط المانع الذي ضمنه العقد أو الوصية حماية مصلحة مشروعة له هو، أو مصلحة مشروعة لمن تصرف له، أو مصلحة مشروعة لأجنبي أي للغير. وكما تكون المصلحة المشروعة المقصود حمايتها مصلحة مادية، كذلك يجوز أن تكون مصلحة أدبية.
        وقد تكون المصلحة المشروعة خاصة بأجنبي، فيهب شخص عقاراً لآخر ويشترط عليه أن يرتب إيراد للأجنبي طوال حياته، ويشترط في الوقت ذاته ألا يتصرف في العقار الموهوب ما دام صاحب الإيراد حياً حتى يكفل له ضماناً لإيراده. كذلك قد يكون للأجنبي حق انتفاع أو حق سكنى في العقار الموهوب، فيشترط الواهب على الموهوب له عدم التصرف في العقار. وقد لا يشترط الواهب عدم التصرف، ويقتصر على أن يشترط على الموهوب له، إذا أراد هذا بيع العقار، أن يعرضه أولاً بالأفضلية على شخص معين، فإن قبل هذا الأخير شراءه تعين على الموهوب له أن يبيعه إياه. فهذا شرط ليس مانع من التصرف، ولكنه على كل حال مقيد لحرية المتصرف له في التصرف لمن يريد. (المصدر: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثامن: "حق الملكية" – طبعة 1967 القاهرة – بند 313 – صـ 512).
أحكام النقض:
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 823 من القانون المدني على أنه "إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف في مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة و يكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير، والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق في مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير". مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شرط المنع من التصرف يصح إذ بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير، و تقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع و لا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة". (الطعن رقم 794 لسنة 52 قضائية – جلسة 31/3/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 536 – فقرة 2).
        التطبيق: ومن ثم يكون من الجائز وضع شرط مانع من التصرف لصالح شخص من غير أطراف العقد.
هذا والله أعلى وأعلم،،،