الخميس، 14 نوفمبر 2019

إذا كانت الإصابة لا تبلغ ما يدفع عنه الدية أو الإرش المقدر وفقاً لجدول الديات، فإن المباشر لا يُسأل عن ضمانها استناداً إلى أحكام ضمان أذى النفس، وإنما يكون التعويض عنها طبقاً لأحكام المسئولية عن العمل غير المشروع إذا ما توافرت إحدى صورها




إذا كانت الإصابة لا تبلغ ما يدفع عنه الدية أو الإرش المقدر وفقاً لجدول الديات، فإن المباشر لا يُسأل عن ضمانها استناداً إلى أحكام ضمان أذى النفس، وإنما يكون التعويض عنها طبقاً لأحكام المسئولية عن العمل غير المشروع إذا ما توافرت إحدى صورها

إن الثابت بتقرير الطب الشرعي الخاص بالمستأنف ضده أن إصابته هي: كسر متفتت بأسفل عظمة الفخذ الأيسر، وكسر بعظمة الترقوة، وكسور الأضلاع الصدرية، ولما كانت تلك الإصابات لا يُستحق عنها "دية" لكونها غير واردة في جدول الديات، كما إنها – وبإقرار الحكم المستأنف نفسه في مدوناته وحيثياته – ليس فيها "إرش" مقدر، وإنما تجب فيها "حكومة عدل"، وحيث إن الحكم المستأنف قدر التعويض الجابر للضرر عن تلك الإصابات والعجز الناجم عنها بمبلغ ـ/5,000 د.ك (خمسة آلاف دينار كويتي)، ألزم بها شركة التأمين (المدعى عليها/المستأنفة).
فإن الحكم المستأنف يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، لكون تلك الإصابات (الغير مندرجة في جدول الديات، والغير مستحق عنها إرش مقدر، وإنما يستحق عنها حكومة عدل)، تخرج عن الضمان المنصوص عليه في المادة 255 من القانون المدني، ولا يُسأل عنها "المباشر"، إذ أن المباشر لا يُسأل عن تلك الإصابات إلا إذا كان يستحق عنها دية أو جزء منها (وفقاً لجدول الديات)، وهو ما خلت منه أوراق الدعوى، وإذ ألزم الحكم المستأنف شركة التأمين المدعى عليها بالتعويض على أساس إن قائد السيارة المؤمن عليها لديها مباشراً للضرر فإنه يكون معيباً يستوجب إلغاؤه.
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه: "من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المادة (255) من القانون المدني تلزم المباشر بضمان أذى النفس، ومن ثم الالتزام بالدية أو جزء منها وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي، وما يتضمنه جدول الديات المنصوص عليه في المادة 251 من ذات القانون، وهذا الحكم هو ضمان احتياطي استهدف به المشرع كما تقول المذكرة الإيضاحية: الحفاظ على الدم المسفوك من أن يضيع هدراً، بحيث يضمن المصاب دمه في الأحوال التي تقعد فيها أحكام المسئولية عن العمل غير المشروع عن التعويض عنه، ومن ثم فإن مسئولية المباشر يقتصر التعويض فيها على الدية الشرعية أو جزء منها وفقاً لما تقضي به المادة (458) من القانون المدني التي تنص على أن "يقتصر ضمان أذى النفس على الدية أو جزء منها وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات المشار إليه في المادة (251)"؛ مما مفاده أنه إذا كانت الإصابة لا تبلغ ما يدفع عنه الدية أو الإرش المقدر وفقاً لجدول الديات، فإن المباشر لا يُسأل عن ضمانها استناداً إلى أحكام ضمان أذى النفس، وإنما يكون التعويض عنها طبقاً لأحكام المسئولية عن العمل غير المشروع إذا ما توافرت إحدى صورها. وأن المقرر –في قضاء هذه المحكمة- أن كسر العظم الذي يسمى في المادة الرابعة من لائحة جدول الديات "بالهاشمة" هي التي تهشم العظم أو تكسر دون أن تنقله من موضعه، وهي عند جمهور الفقهاء من "الشجاج" أي الجروح التي لا تكون إلا في الرأس أو الوجه، أما الجروح التي في باقي الجسم – ولو كانت كسراً للعظم – فلا تدخل في الشجاج وتسمى "جراحة" وليس فيها تقدير للإرش وإنما تجب فيها "حكومة عدل" وهو ما يخضع لتقدير المحكمة. لما كان ذلك، وكانت إصابة المطعون ضده حسبما جاء بالتقرير الطبي "كسر في عظمة الترقوة" ولم ترد تلك الإصابة بجدول الديات ولا يُستحق عنها دية أو جزء منها، فإن المطعون ضده يعوض عنها بحكومة عدل متروك تقديره للمحكمة، ولا يُسأل المباشر عن التعويض عنها إنما يستلزم للتعويض أن تتوافر عناصر التعويض طبقاً للمسئولية التقصيرية وما تستلزمه من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، ولما كان الثابت في الأوراق أن قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة قد قضي ببراءته من تسببه خطأ في إصابة المجني عليه (المطعون ضده)، وأقام الأخير دعواه بالمطالبة بالتعويض على أساس المباشر، ومن ثم فلا يجوز إلزام المباشر بالتعويض عن هذه الإصابة التي لا يستحق عنها دية أو إرش مقدر وإنما يعوض عنها طبقاً لأحكام المسئولية عن العمل غير المشروع، وإذ قضي ببراءة قائد السيارة المؤمن عليها لدى الشركة الطاعنة، ومن ثم فقد انتفى خطأ قائد تلك السيارة التزاماً بحجية الحكم الجزائي في هذا الصدد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وألزم الطاعنة (شركة التأمين) بالتعويض على أساس المباشر، رغم أن إصابة المجني عليه لم ترد بجدول الديات، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب تمييزه".
[[ الطعن بالتمييز رقم 4 / 2004 تجاري/3 - جلسة 4/6/2005م ]]