الاثنين، 23 مارس 2020

تداعيات تفشي وباء "كورونا" المستجد على عقود إيجار المحلات التجارية (التي صدرت قرارات من السلطات العامة بالدولة تقضي بإغلاقها)



تداعيات تفشي وباء "كورونا" المستجد على عقود إيجار المحلات التجارية (التي صدرت قرارات من السلطات العامة بالدولة تقضي بإغلاقها)

 [ المؤجر يتحمل تبعة عدم انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة بسبب يرجع إلى السلطات العامة ]




السؤال: هل يحق لمالك العقار طلب الإيجار كاملاً، بالرغم من قيام سلطات الدولة بإصدار قرارات بفرض عطلات رسمية للجهات الحكومية، وإغلاق العديد من المنشآت والمكاتب والمؤسسات؟
تنص المادة (581) من القانون المدني (الكويتي) على أنه: "إذا ترتب على عمل صدر من السلطة العامة -في حدود القانون- نقص كبير في انتفاع المستأجر، جاز له أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة، ما لم يكن عمل السلطة يُعزى إليه.
ولا يكون للمستأجر حق في التعويض قِبل المؤجر إلا إذا كان عمل السلطة العامة قد صدر لسبب يكون المؤجر مسئولاً عنه.
وكل ما سبق ما لم يقض الاتفاق بغيره".
ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز عند تطبيقها لأحكام نص المادة (581) من القانون المدني ــ أنه: "... بشرط ألا يكون عمل السلطة ناجماً عن عمل يُعزى إلى المستأجر، أو أن يكون عدم انتفاع المستأجر بالعين راجعاً إلى خطئه، أو إلى سبب يتعلق بشخصه، أو نتيجة استعماله العين بالمخالفة لشروط عقد الإيجار، وكل هذا ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على خلافه". (الطعن بالتمييز رقم 1099 لسنة 2004 تجاري/3 – جلسة 21/1/2006م).
ومن المقرر قانوناً وفقاً لقضاء التمييز أن: "تقدير مبررات فسخ العقد – على مقتضى نص المادة 209 من القانون المدني – وكفاية أسبابه أو عدم كفايتها، وتحديد الجانب المُقصر في العقد أو نفي التقصير عنه، وتنفيذ المتعاقد لالتزامه، كل ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها متى استندت إلى أسباب سائغة". (الطعن بالتمييز رقم 25 لسنة 1993 مدني – جلسة 21/2/1994م)، (الطعن بالتمييز رقم 108 لسنة 1995 مدني – جلسة 9/12/1996م).
علماً بأن القانون المدني (الشريعة العامة للمعاملات) هو القانون الواجب التطبيق على كافة عقود الإيجار، فيما لا يتعارض مع نص خاص وارد في قانون إيجار العقارات. حيث إنه من المُقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أن: "القانون المدني هو الشريعة التي تسود أحكام عقد الإيجار، وهي الواجبة التطبيق ما لم ير المشرع – لاعتبارات يقدرها – تعطيل بعض أحكامه باعتبار ذلك استثناء من الأصل". (نقض مدني في الطعن رقم 1517 لسنة 73 قضائية – جلسة 26/1/2005م).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أنه: "خلو تشريعات إيجار الأماكن من تنظيم حالة مُعينة. أثره. وجوب الرجوع إلى أحكام القانون المدني". (نقض مدني، في الطعن رقم 785 لسنة 55 قضائية – جلسة 18/4/1990م)، (ونقض مدني، في الطعن رقم 1532 لسنة 52 قضائية – جلسة 5/5/1988م)، (ونقض مدني، في الطعن رقم 1646 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/3/1988م).  
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كانت السلطات العامة في دولة الكويت، قد أصدرت – في حدود القانون، وللحفاظ على الصحة العامة – عدة قرارات ضرورية لمكافحة تفشي وباء "كورونا"، وكانت تلك القرارات تقضي بإغلاق عدد كبير جداً من المحال التجارية، وكان تنفيذ تلك القرارات إجبارياً على جميع المخاطبين بأحكامه، ومن ثم يترتب عليه حرمان مستأجري تلك المحلات من الانتفاع بالأعيان المؤجرة (لمزاولة نشاطهم التجاري أو الإداري)، لذا فإنه يحق لهؤلاء المستأجرين إما طلب فسخ عقود الإيجار أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من انتفاعهم بالعين المؤجرة، أو حتى الامتناع عن سداد أجرة تلك الأعيان طيلة مدة الحظر المفروض من جانب السلطات العامة في الدولة.
وذلك لأن الأجرة مقابل الانتفاع، فإذا نقص الانتفاع نقصت الأجرة، وإذا زال الانتفاع بالكلية سقطت الأجرة. فمن المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، فإنه: "من المقرر أن الأجرة تكون مقابل الانتفاع بالمأجور، وتستحق باستيفاء المنفعة أو بإمكانيه استيفائها، فإن زالت المنفعة أو اختلت، سقطت الأجرة أو انقضت". (الطعن بالتمييز رقم 628، 664/2003 تجاري ــ جلسة 24/3/2004م)، (والطعن بالتمييز رقم 1114/2006 تجاري ــ جلسة 16/12/2007م).
وكل ذلك، بشرط ألا تكون عقود إيجار هؤلاء التجار المستأجرين قد تم الاتفاق فيها على خلاف ذلك، لكون تلك المسألة ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق على مخالفتها، فإذا تم الاتفاق على خلاف ذلك، وجب إعمال الاتفاق لكونه شريعة المتعاقدين وهو القانون الخاص الذي ارتضيا الارتباط به والعمل بموجبه.
وهذا الأمر، مشروط كذلك، بألا يكون سبب صدور قرار من السلطات العامة بإغلاق المحل التجاري، راجعاً إلى المستأجر (أو تابعيه) أو بسبب يعزى إليهما، وإلا انتفى موجب إعمال هذا النص. كأن يكون المستأجر قد ارتكب مخالفة ما أو خالف الاشتراطات الصحية التي وضعتها السلطات العامة، فترتب على تلك المخالفة من المستأجر صدور قرار من السلطة العامة بغلق محله. 
وعليه، فحتى لو طالب مالك العقار مستأجري الوحدات التجارية لديه بسداد الإيجار كاملاً، فمن حق هؤلاء المستأجرين رفض طلبه كتابةً استناداً إلى أحكام نص المادة 581 من القانون المدني، وبشرط توافر شروط إعمالها.
أما في حالة قيام المؤجر بإعفاء المستأجر من أجرة تلك الأشهر التي تم فيها إغلاق المحلات المؤجرة، فينتفي – في هذه الحالة – حاجة المستأجر إلى طلب فسخ عقد الإيجار أو الاستثمار.

السؤال: هل يجوز مطالبة ملاك العقارات بفترة سماح إضافية، بعد وقف الإغلاق الإلزامي، نتيجة تضرر ملاك المشاريع الصغيرة؟

من الناحية القانونية، وبعد زوال أثر قرار السلطات العامة بالدولة بالإغلاق الإلزامي للعديد من المنشآت والمحال التجارية، وعدم تعرض الملاك المؤجرين لمستأجري تلك الوحدات في انتفاعهم بالأعيان المؤجرة، لا يوجد سند قانوني لمطالبة المستأجرين لهؤلاء الملاك بفترة سماح إضافية يعفون فيها من سداد إيجار تلك الأعيان، ما لم يوافق هؤلاء الملاك المؤجرون على ذلك رضائياً وودياً، ولكن لا وجه لإلزامهم قانوناً بقبول ذلك الأمر.