الأحد، 6 ديسمبر 2020

التوقيع الإلكتروني و شروط صحته و مدى حجيته في الإثبات أمام القضاء ومسائل أخرى متعلقة به - طبقاً لقانون المعاملات الإلكترونية الكويتي ولائحته التنفيذية


التوقيع الإلكتروني، وشروط صحته، ومدى حجيته في الإثبات أمام القضاء، وبعض المسائل المتعلقة به - طبقاً لقانون المعاملات الإلكترونية الكويتي ولائحته التنفيذية 



صدر قانون تنظيم المعاملات الإلكترونية رقم 20 لسنة 2014، ونص في المادة (الأولى) منه، الواردة بالفصل الأول منه، الخاص بالتعريفات، على أنه: "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالمصطلحات الآتية المعاني المبينة قرين كل منها وفقا لما يلي: ...

-   التوقيع الإلكتروني: البيانات التي تتخذ هيئة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها وتكون مُدرجة بشكل إلكتروني أو رقمي أو ضوئي أو أي وسيلة أخرى مماثلة في مستند أو سجل إلكتروني أو مضافة عليها أو مرتبطة بها بالضرورة ولها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها ويميزه عن غيره.

(وهو التعريف ذاته الوارد في المادة الأولى من القانون رقم 63 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات).

-   التوقيع الإلكتروني المحمي: التوقيع الإلكتروني المستوفي لشروط المادة (19) من هذا القانون.

-   أداة التوقيع الإلكتروني: جهاز أو بيانات إلكترونية مُعدة بشكل فريد لتعمل بشكل مستقل أو بالاشتراك مع أجهزة وبيانات إلكترونية أخرى على وضع توقيع إلكتروني لشخص معين، وتشمل هذه العملية أية أنظمة أو أجهزة تنتج أو تلتقط بيانات فريدة مثل رموز أو مناهج حسابية أو حروف أو أرقام أو مفاتيح خصوصية أو أرقام تعريف الشخصية أو خواصها.

-   المُوَقِع: الشخص الطبيعي أو المعنوي الحائز على بيانات وأداة إنشاء توقيع إلكتروني خاصة به ويقوم بالتوقيع عن نفسه أو عمن ينيبه أو يمثله قانوناً على المستند أو السجل الإلكتروني أو الرسالة الإلكترونية باستخدام هذه الأداة وتلك البيانات.

هذا، وتنص المادة (الثالثة) من ذات القانون المذكور على أنه: "يكون كل من السجل الإلكتروني والمستند الإلكتروني والرسالة الإلكترونية والمعاملة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني في مجال المعاملات المدنية والتجارية والإدارية منتجاً لذات الآثار القانونية المترتبة على الوثائق والمستندات والتوقيعات الكتابية من حيث إلزامه لأطرافه أو قوته في الإثبات أو حجيته متى أجري وفقاً لأحكام هذا القانون".

إلا أن المشرِّع الكويتي وضع في القوانين المنظمة للمعاملات الإلكترونية شروطاً معينة في المحرر الإلكتروني حتى يمكن قبوله كدليل إثبات مثل المحرر التقليدي. فنص في المادة (9) من قانون المعاملات الإلكترونية (رقم 20 لسنة 2014)، على هذه الشروط بنصه على أنه:

"يشترط في المستند أو السجل الإلكتروني المنتج لآثاره القانونية توافر الشروط الآتية مجتمعة:

أ‌)      إمكان الاحتفاظ به بالشكل الذي تم إنشاؤه عليه أو إرساله أو تسلمه أو بأي شكل يسهل به إثبات دقة البيانات التي وردت فيه عند الإنشاء والإرسال أو التسليم. 

ب‌) أن تكون البيانات الواردة فيه قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن الرجوع إليها في أي وقت. 

ج‌)  أن تدل البيانات الواردة فيه على هوية من ينشئه أو يستلمه وتاريخ ووقت الإرسال أو التسلم. 

د‌)     أن يتم الحفظ في شكل مستند أو سجل إلكتروني طبقًا للشرائط والأسس التي تحددها الجهة المختصة التي يخضع هذا النشاط لإشرافها. 

ولا تخل أحكام هذه المادة بأحكام أي قانون آخر ينص صراحة على حفظ المستند أو السجل أو البيانات أو المعلومات في شكل إلكتروني معين أو باتباع إجراءات معينة أو حفظها أو إرسالها عبر وسيط إلكتروني معين، كما لا تتنافى مع أي متطلبات إضافية تقررها الجهات الحكومية لحفظ السجلات الإلكترونية التي تخضع لاختصاصها".

    فلكي يكتسب المحرر الإلكتروني حجية قانونية في الإثبات وفقاً للمادة (9) من قانون المعاملات الإلكترونية، يجب أن تتوافر فيه الشروط الآتية:

الشرط الأول - إمكان الاحتفاظ بالمحرر بالشكل الذي تم إنشاؤه عليه، أو إرساله، أو تسلمه، أو بأي شكل يسهل به إثبات دقة البيانات التي وردت فيه عند الإنشاء والإرسال أو التسليم:

والمعنى هو أنه لضمان سلامة المحرر الإلكتروني وعدم تعرض بياناته للتبديل أو التحريف، وإمكانية الرجوع إليه كلما قضت الحاجة، فلا بد من الاحتفاظ به بذات الشكل والمواصفات التي تم بها إنشاؤه أو إرساله أو تسلمه من المرسل إليه، فإذا لم يكن ممكناً حفظه بذات شكله ومواصفاته، جاز حفظه بأي شكل آخر إذا كان من شأنه تسهيل إثبات دقة البيانات الواردة فيه عند الإنشاء والإرسال أو التسليم.

ويتم حفظ المحررات الإلكترونية عن طريق تدوينها على دعامات إلكترونية )غير ورقية(، ومنها الأقراص المدمجة أو الأقراص الممغنطة أو الأقراص الضوئية أو الذاكرة الإلكترونية أو الشريط المغناطيسي إلى غير ذلك، وتحفظ هذه الدعامات بواسطة جهات معتمدة بطريقة لا يمكن الوصول إليها إلا من ذوي الشأن.

الشرط الثاني - أن تكون البيانات الواردة في المحرر قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن الرجوع إليها في أي وقت:

مؤدى هذا الشرط أنه كي يحتج بالبيانات الواردة في المحرر الإلكتروني، لا يكفي إمكانية الاحتفاظ بالمحرر ذاته، بل يجب، إلى جانب ذلك، أن تكون هذه البيانات قابلة أيضا للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن الرجوع إليها في أي وقت وكلما كان ذلك لازماً لمراجعة بنود المعاملة أو عرضها على القضاء عند حدوث خلاف بين أطرافها، إلى غير ذلك.

وتجيز الفقرة (الثانية) من المادة (10) لأي شخص أن يستعين بخدمات شخص آخر مرخص له بحفظ المستندات والبيانات واسترجاعها إذا تطلب القانون حفظها (بشرط توافر الشروط الواردة في المادة السابقة).

وتوجد شركات متخصصة مرخص لها بتوثيق المعلومات الإلكترونية وتخزينها.

وهذه الشركات تحاول تأمين حفظ المعلومات الواردة في المحررات الإلكترونية بوسائل تقنية عالية الجودة تمنع بها عمليات اختراقها أو التسلل إليها من جانب الغير، ومن هذه الوسائل تشفير بيانات المحرر أو ترميزها أو إقامة جدران حماية على الشبكات الداخلية والمواقع الخاصة بالشركات وغيرها، وكلما كانت الشركة التي تقدم هذه الخدمة ذات مصداقية في المعاملات التجارية وتتحري الدقة قبل الإقرار بصحة بيانات المحرر، وكلما كانت الوسائل المستخدمة لتأمينها فاعلة، كانت قيمة هذه البيانات )أو المعلومات( عالية في الإثبات ونالت حجية كاملة استنادا إلى سلامتها وعدم النفاذ إليها أو التلاعب بها.

ونشير إلى أن المادة (14) من هذا القانون أجازت الاحتفاظ بالمستند أو السجل الإلكتروني )المحرر( لغايات الإثبات أو التوثيق أو لأي غايات أخرى، ويكون حجة بين أطرافه، وذلك ما لم يرد نص خاص في قانون آخر يوجب الاحتفاظ بمستند كتابي.

الشرط الثالث - أن تدل البيانات الواردة في المحرر على هوية من ينشئه أو يستلمه وتاريخ ووقت الإرسال أو التسلم:

مقتضى هذا الشرط أنه كي يُعوَّل على البيانات الواردة في المحرر الإلكتروني كدليل لإثبات المعاملة محل المحرر، يجب أن يتبين منها هوية من أنشأ المحرر أو من يستلمه، وكذلك تاريخ ووقت إرساله أو تسلمه.

والمنشئ هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يقوم- أو يتم بالنيابة عنه - بإرسال الرسالة الإلكترونية) المحرر( أيا ما كان مضمونها، إلى شخص آخر طبيعياً كان أو معنوياً. ولا ريب في أن التأكد من هوية منشئ المحرر)الرسالة( أو من يتسلمه، ومن ثم مدى المصداقية أو الثقة التي يتمتع بها أي منهما في المعاملات التجارية، تتأثر بها الحجية أو القوة الثبوتية لهذا المحرر. ويرتبط بذلك تحديد تاريخ ووقت إرساله لما لهما من فائدة في التحقق من بقاء بياناته وعدم العبث بها أو تعديلها أو تغييرها بعد هذا التاريخ.

الشرط الرابع - أن يتم الحفظ في شكل مستند أو سجل إلكتروني طبقاً للشرائط والأسس التي تحددها الجهة المختصة التي يخضع هذا النشاط لإشرافها:

مؤدى هذا الشرط أنه يجب أن يحفظ المستند أو السجل وما دوًن فيه من معلومات أو بيانات بطريقة إلكترونية، ولا يعتمد الحفظ الورقي أو الحفظ التقليدي عن طريق الكتابة، وذلك حتى يسهل الرجوع للمعلومات أو البيانات المحفوظة كلما كانت هناك حاجة لذلك. ويتم الحفظ الإلكتروني للمستند أو السجل في موقع ذي الشأن على شبكة الإنترنت أو في الحاسب الآلي الخاص به. ويمكن أن تنسخ صور منه على شرائط مرنة أو على أقراص مدمجة بهدف الحفاظ على أمن المعلومات أو البيانات الواردة في المستند أو السجل. وكل ذلك طبقاً للشرائط والأسس التي تحددها الجهة المختصة المرخص لها بمزاولة الخدمات الإلكترونية والتي يخضع هذا النشاط لإشرافها.

ويلاحظ أن المادة (9) من القانون الكويتي السابق ذكرها قد أوردت تحفظين على أحكامها، وهما:

الأول: وجوب احترام أحكام أي قانون آخر (غير هذا القانون بطبيعة الحال( ينص صراحة على ضرورة حفظ المستند أو السجل أو البيانات في شكل إلكتروني معين، أو إتباع إجراءات محددة، أو حفظها أو إرسالها عبر وسيط الكتروني معين.

الثاني: حق الجهات الحكومية، فيما يتعلق بالسجلات الإلكترونية التي تحتفظ بها وتخضع لاختصاصها، أن تقتضي متطلبات (شروط) إضافية إلى جانب الشروط المذكورة أعلاه، بهدف تحقيق أعلى قدر من السرية لهذه السجلات وحمايتها من التهديدات الأمنية التي يمكن أن تحدث عن طريق التجسس أو الإرهاب الإلكتروني.

ومن الجدير بالذكر أن اللائحة التنفيذية لقانون المعاملات الإلكترونية الكويتي الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (48) لسنة 2014 (بتاريخ 4/1/2015م، بإصدار باللائحة التنفيذية للقانون رقم 20 لسنة 2014 في شأن المعاملات الإلكترونية)، قد تعرضت (في الفصل الثاني منها) لـ: (حفظ) و (استرجاع) المستندات والسجلات الإلكترونية.

فبخصوص (حفظ ) المستندات والسجلات الإلكترونية، نصت المادة (2) من اللائحة المذكورة على أنه:

"يتبع لحفظ المستندات والسجلات الإلكترونية ما يلي:

1-   أن يتفق الحفظ مع متطلبات الأنظمة واللوائح والإجراءات المتعلقة بحفظ السجلات والبيانات التقليدية وبما لا يخل بالمادة (9) من القانون.

2-   أن يتم حفظ السجلات الصادرة بطبيعتها وبكامل بياناتها الأصلية وأرشفتها وفي أي شكل من أشكال البيانات الإلكترونية التي لا تخل بمستوى السجل وبجودته.

3-   أن يتم وفق الأنظمة أو اللوائح أو الإجراءات أو الاتفاقيات المبرمة بين طرفي التعامل الإلكتروني وتتعلق بتحديد المدة الزمنية الواجبة لبقاء تلك السجلات والمستندات محفوظة خلالها.

4-   مع مراعاة ما ورد بالبند (1) من هذه المادة، يجب أن يتضمن السجل الإلكتروني البيانات التي تحدد هوية السجل، وارتباطه بالتعامل الإلكتروني والسجلات الإلكترونية الأخرى، وتشمل تلك البيانات العناصر التالية بوصفها الحد الأدنى:

أ‌)      معلومات منشئ السجل الإلكتروني.

ب‌) معلومات مرسل السجل الإلكتروني، إذا كان مختلفاً عن المنشئ.

ج) معلومات المرسل إليه السجل الإلكتروني.

د) المرجع أو رقم العملية التي يتضمنها السجل الإلكتروني وطبيعتها.

هـ) تاريخ ووقت إنشاء السجل الإلكتروني وفقاً لـ "خدمة الوقت" )وهي آلية تعنى بتنظيم الوقت ومزامنته باستمرار مع أجهزة الحاسب الآلي المرتبطة بشبكات الحاسب الآلي، وفقاً لنص المادة "1" من اللائحة(، أو "ختم الوقت" )وهو معلومات يتم توفيرها عن طريق مزود خدمات التصديق يتم بموجبها تحديد تاريخ ووقت إنشاء وإرسال وتسلم المستندات والرسائل الإلكترونية بدقة بحيث تعتبر حجة على الكافة، وفقاً لنص المادة "1" من القانون(، أو ما يتفق عليه الطرفان (وفق أحكام المادة "15" من القانون).

و) تاريخ ووقت إرسال السجل الإلكتروني وفقاً "لخدمة الوقت" أو "ختم الوقت" أو ما يتفق عليه الطرفان (وفق أحكام المادة "15" من القانون).

ز) تاريخ ووقت تسلم السجل الإلكتروني وفقاً "لخدمة الوقت" أو "ختم الوقت" أو ما يتفق عليه الطرفان (وفق أحكام المادة "15" من القانون).

ح) معلومات إعادة الإرسال أو التعديل أو الإلغاء أو إقرار التسلم في حالة اشتراط ذلك من قبل المرسل".

وأما فيما يتعلق (باسترجاع) السجلات والمستندات الإلكترونية والاطلاع عليها، فنص المادة (3) من اللائحة المذكورة على أنه:

"يراعى عند استرجاع السجلات والمستندات الإلكترونية والاطلاع عليها، ما يلي:

1-   توفير المعلومات المتعلقة بالتعامل الإلكتروني وفق صيغة إلكترونية متعارف عليها أو متفق عليها صراحة بين طرفي التعامل الإلكتروني، ويجب أن تكون السجلات والمستندات الإلكترونية مقروءة ومفهومة وكاملة.

2-   تطبيق الحلول الفنية المناسبة لتسجيل جميع الحالات التي يتم فيها الاطلاع على السجلات الإلكترونية، أو الوصول إليها، أو التغيير فيها أو في بياناتها".

وتضيف المادة (4) من اللائحة التنفيذية لقانون المعاملات الالكترونية أنه:

"في جميع الأحوال تلتزم الجهات التي تقوم بحفظ و استرجاع السجلات والمستندات الإلكترونية بتحديد صلاحيات الاطلاع والتعامل مع السجلات والمستندات الإلكترونية للعاملين بها بناءً على حاجة العمل، كما تلزم جميع العاملين بها بالمعايير المتعلقة بحماية الخصوصية المعمول بها في تلك الجهات، ولا يجوز الاطلاع على المعلومات والبيانات الخاصة بالمتعاملين إلا من قبل الموظفين المختصين بتقديم الخدمات".

فإذا توافرت الشروط المذكورة مجتمعة في المحرر الإلكتروني تمتع بحجية في الإثبات تضاهي المحرر التقليدي، ويمكن للقضاء الاستناد إليه في حسم المنازعات المعروضة عليه على نحو مماثل للمحرر التقليدي، الرسمي أو العرفي، سواء كانت المنازعة مدنية أو تجارية أو إدارية، ما لم تكن مستثناة بنص خاص، ومهما كانت قيمتها.

حيث قررت المادة (18) من القانون رقم (20) لسنة (2014) في شأن المعاملات الإلكترونية اكتساب التوقيع الإلكتروني المحمي ذات الحجية المقررة للتوقيع الكتابي في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية - المنصوص عليها في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - متى روعي في إنشائه وإتمامه الضوابط الفنية الواردة في هذا القانون ولائحته التنفيذية.

وأوردت المادة (19) من ذات القانون الشروط التي يجب توافرها في التوقيع حتى يعامل على أنه توقيع إلكتروني محمي، وتك الشروط هي:

أ‌)      إمكانية تحديد هوية الموقع.

ب‌) ارتباط التوقيع بالموقع نفسه دون غيره.

ج‌)   تنفيذ التوقيع باستخدام أداة توقيع آمنة وتقع تحت سيطرة الموقع وحده دون غيره وقت التوقيع.

د‌)     إمكانية كشف أي تغيير في البيانات المرتبطة بالتوقيع المحمي أو في العلاقة بين البيانات والموقع. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون الضوابط الفنية اللازمة لذلك.

ونصت المادة (6) من اللائحة التنفيذية للقانون على أنه: "يعتبر التوقيع الإلكتروني محميًّا ومعتمدًا إذا تحقق ما يلي:

1-   إذا كانت أداة إنشاء التوقيع المستخدمة مقصورة على الموقع دون غيره.

2-   إذا كانت أداة إنشاء التوقيع وقت التوقيع تحت سيطرة الموقع دون غيره.

3-   إذا كان ممكنًا كشف أي تغيير للتوقيع الإلكتروني يحدث بعد وقت التوقيع.

4-   إذا كان ممكنًا كشف أي تغيير في المعلومات المرتبطة بالتوقيع يحدث بعد وقت التوقيع.

5-   إذا كان لا يمكن نسخه من الدعامة الإلكترونية التي أنشئ بها".

فالتوقيع الإلكتروني إذن يجب أن يستجمع جملة من الشروط حتى يكون دليلاً كاملاً في الإثبات شأنه شأن التوقيع الكتابي التقليدي، وهي كالتالي:

الشرط الأول- إمكانية تحديد هوية الموقِّع:

مقتضى هذا الشرط أن يكون التوقيع الإلكتروني كافياً للدلالة على شخص الموقِّع، بمعنى أن يكون له طابع شخصي مميز يدل على صاحبه وحده دون غيره، بحيث لو شاهده أحد عرف أن هذا التوقيع يعود للموقع وليس لشخص آخر. وهذا أمر بديهي في التوقيع عموماً، سواء كان تقليديا أو إلكترونياً، باعتباره علامة أو إشارة تميز شخصية صاحبه وتعبر عن إرادته في الالتزام بمضمون المستند الذي وقع عليه. فإذا لم يكن التوقيع مميزاً لشخص صاحبه فقد دوره في حجية المحرر المرتبط به.

والتوقيع الإلكتروني بصوره المختلفة يضمن تحقق هذا الشرط. فالتوقيع الرقمي مثلا قادر على تحديد هوية الموقِّع بفضل المفتاح الشفري الخاص الذي يستخدمه في التوقيع، ولا يشبه مفتاحا آخر، ولا يستطيع الموقِّع به أن ينكره، إضافة إلى شهادة التصديق التي يصدرها مقدم خدمات التصديق وتؤكد هوية الشخص الحائز على منظومة التوقيع الرقمي، وتحتوي على بيانات للتحقق من توقيعه.

ونفس الشيء يتحقق في الصور الأخرى للتوقيع الإلكتروني. فالتوقيع (البيو متري) كاف جدا للتعريف بشخص صاحبه، إذ لا يمكن التعرف على الموقِّع إلا من خلال خاصيته هو، سواء باستخدام بصمته اليدوية أو شبكية عينه أو غيرها، فإذا استطاع الحاسب الآلي التعرف عليها يكون صاحبها هو ذات الشخص صاحب التوقيع على المستند، ولذا يكون التوقيع في هذه الصورة معرفاً بشخص الموقِّع.

وكذلك إذا تم التوقيع بالقلم الإلكتروني ،فإنه يتم التحقق من صحته بمضاهاته بتوقيع هذا الشخص المحفوظ بذاكرة الحاسب الآلي، ولا يكون التوقيع في هذه الصورة صحيحا صادرا من الموقِّع إلا إذا ثبتت مطابقته للتوقيع المحفوظ في ذاكرة الحاسب.

وأيضا في التوقيع (الكودي)، أو الرقم السري المرتبط بالبطاقة الممغنطة، يمكن القول باطمئنان إلى أنه يحدد هوية الموقِّع، حيث أن هذا الكود أو الرقم السري لا يعرفه سوى صاحب التوقيع، وما لم يتم إفشاؤه فلا يستطيع أي شخص آخر الوصول إليه. وخير مثال على ذلك استخدام بطاقة الصراف الآلي المقترنة بالرقم السري، فان هذا الرقم يحدد هوية الشخص صاحب البطاقة )الموقِّع(، وبالتالي إذا أدخل البطاقة في فتحة جهاز الصراف الآلي وأدخل رقمه السري بواسطة لوحة المفاتيح بهذا الجهاز، فإنه يتم التعرف من قبل الجهاز على أن الموقِّع هو صاحب البطاقة، وبالتالي يمكنه من إجراء العملية التي يريدها، وإلا رفض إتمامها، وبذلك يكون هذا التوقيع كاشفاً عن شخص صاحبه.

الشرط الثاني- ارتباط التوقيع الإلكتروني بالموقِّع نفسه دون غيره:

يقصد بهذا الشرط أن يتم التوقيع الإلكتروني بطريقة مميزة تجعله ذو صلة بشخص الموقِّع وحده، ومن شأنها منع أي شخص آخر من إنشاء توقيع مماثل.

وهذا أمر بديهي على اعتبار أن التوقيع علامة تميز شخصية الموقِّع، ومن ثم يجب أن يرتبط به ارتباطاً وثيقاً بطريقة لا لبس فيها ولا غموض. ويتم التوصل لذلك بالرجوع إلى التقنيات المستخدمة في إنشاء التوقيع التي تؤكد ارتباطه بشخص الموقِّع، فإذا ما رجعنا إلى جهات التوثيق الإلكتروني (أو التصديق عليه) التي قامت بتوثيق التوقيع الإلكتروني (أو إصدار شهادة بالتصديق عليه) لعرفنا من خلالها أنه يعود لشخص معين دون غيره، سواء كان توقيعا رقمياً أو بيومترياً أو غير ذلك من صور التوقيع الإلكتروني.

وقد فرضت المادة (20) من القانون على من يتمسك بالتوقيع الإلكتروني المحمي تقديم شهادة التصديق الإلكتروني الدالة على صحته وفقاً لطبيعة القيود والشروط المفروضة على الشهادة مع اتخاذ الخطوات اللازمة للتحقق من صحة التوقيع والشهادة وسريانها، ومع مراعاة أي اتفاق أو تعامل سابق للطرف الذي يحتج بهذه الشهادة وجهة التصديق على ما تحويه من بيانات أو المنسوب إليه إصدارها.

كما نصت المادة (6) من اللائحة التنفيذية للقانون على أن التوقيع الإلكتروني يعتبر محميا وموقعا إذا تحقق ما يلي: 1) إذا كانت أداة إنشاء التوقيع المستخدمة مقصورة على الموقِّع دون غيره ...".

الشرط الثالث- تنفيذ التوقيع باستخدام أداة توقيع آمنة وتقع تحت سيطرة الموقِّع وحده دون غيره وقت التوقيع:

هذا الشرط يعني "سيطرة الموقِّع وحده دون غيره على الوسيط الإلكتروني". والمقصود به أن تكون أداة إنشاء التوقيع الإلكتروني تحت سيطرة الموقِّع وليس أي شخص آخر، أي أن يكون متفرداً بهذه الأداة سواء عند إنشاء التوقيع أو عند استعماله بأي شكل من الأشكال، بحيث يستحيل على الغير فك رموز التوقيع واستعماله. فالموقِّع هو الوحيد القادر على استخدام هذه الرموز من أجل الوصول إلى التوقيع الإلكتروني.

وقد عرفت المادة (1) من القانون أداة التوقيع الإلكتروني بأنها: "جهاز أو بيانات إلكترونية معدة بشكل فريد لتعمل مستقلة (بشكل منفرد) أو بالاشتراك مع أجهزة وبيانات إلكترونية أخرى على وضع توقيع إلكتروني لشخص معين، وتشمل هذه العملية أية أنظمة أو أجهزة تنتج أو تلتقط بيانات فريدة مثل رموز أو مناهج حسابية أو حروف أو أرقام أو مفاتيح خصوصية أو أرقام تعريف الشخصية أو خواصها".

وتتحقق سيطرة الموقِّع على الوسيط الإلكتروني في مجال المعاملات الإلكترونية عبر الإنترنت باستخدام تقنية شفرة المفتاحين العام والخاص. فكل متعاقد يجب أن يكون لديه مفتاحين أحدهما عام والآخر خاص وأن يسيطر على هذين المفتاحين. ويحصل العميل الموقِّع على هذين المفتاحين من جهة التصديق الإلكتروني التي تتولى عملية إصدار هذه المفاتيح بناء على طلب العملاء، وهذه الجهة لديها نظام لحفظ البيانات الخاصة بالعملاء، ولكنها لا تحتفظ بمفتاح الشفرة الخاص الذي تصدره للموقع إلا بناء على طلبه وبموجب عقد مستقل يتم إبرامه بينهما طبقاً لنص المادة (7) من اللائحة التنفيذية للقانون الكويتي.

والمفتاح الشفري الخاص يجب أن يكون سريا ويتم الاحتفاظ به على بطاقة ذكية مؤمنة لا يعلمها إلا الموقِّع وحده دون غيره.

وبحصول العميل الموقِّع على المفتاحين العام والخاص، وحيازته لأداة حفظ المفتاح الشفري الخاص، وهي البطاقة الذكية التي يخزن عليها المفتاح الشفري الخاص والكود السري المقترن به، فإنه يكون مسيطراً على الوسيط الإلكتروني. فإذا فقد هذه السيطرة وأصبحت بيانات إنشاء التوقيع الإلكتروني غير سرية ويعلمها أشخاص آخرون، فإن هذا الشرط لا يكون متحققاً، ولا يعتبر التوقيع الإلكتروني عندئذ حجة في الإثبات، حيث يكون مشكوكا فيه من حيث تحديد شخصية الموقِّع وتمييز هويته.

وانطلاقاً من ضرورة توافر هذا الشرط في التوقيع الإلكتروني أوجبت المادة (21) من القانون على الموقِّع مراعاة الأمور الآتية:

أ‌)      أن يتخذ قدراً معقولاً من العناية والاحتياط لتفادي استخدام الغير أداة وبيانات توقيعه استخداما غير مشروع.

ب‌) أن يبادر دون تأخر إلى اخطار الجهة المختصة والأشخاص المعنيين متي توافرت لديه دلائل كافية على أن توقيعه الالكتروني قد تعرض لاستخدام غير مشروع.

ج‌)  أن يبذل عناية الشخص الحريص في استخدام شهادة التصديق الالكتروني، لضمان دقة واكتمال كل ما يقدمه من بيانات جوهرية ذات صلة بهذه الشهادة طوال فترة سريانها.

[[وقد قضت الدائرة التجارية بمحكمة النقض الفرنسية بأن: التزام الحامل (صاحب البطاقة) بالإخطار عن فقد البطاقة أو سرقتها هي ورقمها السري في آن واحد هو التزام أساسي، وذلك لأن استخدام أجهزة التوزيع الآلي للنقود تتطلب معرفة الرقم السري، لذلك فإن البنك المصدر الذي لم يتم إخطاره بواقعة الفقد أو السرقة للرقم السري مع البطاقة لا يمكنه محو برمجة الأجهزة في الحال، بحيث تمتنع (تلك الأجهزة) عن قبول بطاقة السحب مستقبلاً، أو أن تقوم بإلغائها، ويترتب على ذلك أن الحامل الذي لم يقم بإخطار البنك بواقعة فقد الرقم السري يرتكب خطأ ويتحمل تبعاً لذلك عمليات السحب غير المشروعة التي تمت باستخدام البطاقة المسروقة أو المفقودة رغم معارضته التي جاءت مستترة، فقيام سارق البطاقة (الذي عثر عليها) باستخدامها في السحب يعد قرينة على إهمال الحامل في الإبقاء على الرقم السري طي الكتمان ]].

الشرط الرابع- إمكانية كشف أي تغيير في البيانات المرتبطة بالتوقيع المحمي أو في العلاقة بين البيانات والموقِّع:

يقصد بهذا الشرط أن يكون من شأن منظومة إنشاء التوقيع الإلكتروني القدرة على الكشف عن أي تغيير في البيانات المرتبطة بالتوقيع المحمي أو في العلاقة بين البيانات والموقِّع قد يحدث بعد وقت التوقيع. والغرض من هذا الشرط حماية، ليس فقط التوقيع الإلكتروني، بل أيضاً المحرر الإلكتروني بما يتضمنه من بيانات من التعديل أو التغيير أثناء عملية نقله من المرسل إلى المرسل إليه، سواء بواسطة الغير، أو بواسطة المرسل إليه نفسه، أو بسبب عطل في الوسائل الفنية، إذ لو تم تعديل أو تغيير في أي منهما فقد حجيته في الإثبات حيث تتزعزع الثقة فيه من جانب المتعاملين.

ويلزم لتحقق هذا الشرط استخدام أدوات أو وسائل أو نظم من شأنها أن تحافظ على صحة المحرر الإلكتروني المشتمل على التوقيع الإلكتروني وتؤدي بالنتيجة إلى تحقيق الغاية المرجوة منها وهي كشف أي تعديل في بيانات هذا المحرر ومنها التوقيع الإلكتروني.

ومن أهم الوسائل والنظم المتبعة في هذا الصدد ما يلي:

1-   استخدام تقنية شفرة المفتاحين العام والخاص: هذه التقنية تعرف باسم "تقنية شفرة المفتاح العام "، وقد أشرنا إليها من قبل. فبهذه التقنية يضمن الموقِّع عدم إجراء أي تعديل أو تغيير في بيانات المحرر أو التوقيع الإلكتروني على النحو الذي سبق أن أوضحناه.

2-   الاستعانة بسلطة التصديق الإلكتروني: إلى جانب طريقة تشفير البيانات الخاصة بالمحرر الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني، يتم اللجوء إلى طرف ثالث، يقوم بدور الوسيط بين أطراف العقد وهو (سلطة التصديق الإلكتروني)، وهي جهة أو منظمة عامة أو خاصة مرخص لها بإصدار ما يسمي "شهادة التصديق الإلكتروني". وهذه الشهادة تثبت الارتباط بين الموقِّع وبيانات إنشاء التوقيع، وأنه لم يتم التلاعب فيها ولم يطرأ عليها تعديل أو تبديل، وبذلك تصبح هذه البيانات موثقة ولا يمكن إنكارها.

وعادة ما يحرص المرسل إليه على اشتراط تقديم شهادة التصديق الإلكتروني للتأكد من هوية الشخص الذي ينسب إليه التوقيع وصلاحيته لإبرام التصرفات القانونية، وتحديد المفتاح العام لفك شفرة الرسالة ومطابقته مع المفتاح الخاص الشخصي المستخدم في التوقيع، وحائز هذا المفتاح، وغير ذلك من البيانات الهامة.

وتلتزم الجهة التي تصدر شهادة التصديق الإلكتروني باتخاذ الإجراءات المعقولة لضمان دقة وسلامة البيانات الواردة في الشهادات التي تصدرها، وأن تضع تحت تصرف المرسل إليه الوسائل المعقولة التي تمكنه من التحقق من سيطرة الموقِّع على وسيلة التوقيع، وأنها كانت تحت سيطرته بالفعل وقت التوقيع، والتعرف على الطريقة المتبعة لتحديد هوية الموقِّع، ومن ناحية أخري يلتزم الموقِّع بتقديم كافة البيانات الدقيقة والكاملة اللازمة لإصدار شهادة التصديق وأن يحافظ على سريتها وعدم تعريضها للسرقة أو الفقد. أما المرسل إليه فيجب عليه أن يتحقق من صحة شهادة التصديق وأنها لم تلغ ولم يوقف أثرها، وأن يراعي ما تتضمنه من قيود أو شروط أو استثناءات. وتتحمل جهة التصديق المسؤولية الكاملة عن صحة البيانات الواردة في الشهادة طوال مدة صلاحيتها.

هذا، وقد بينت المادة (5) من اللائحة التنفيذية للقانون الضوابط الفنية للتوقيع الإلكتروني المحمي حتى يتمتع بالحجية في الإثبات، وذكرت منها:

1-   أن يكون التوقيع مرتبطًا بشهادة تصديق إلكتروني صادرة من مزود خدمات تصديق مرخص له ...

2-   أن تكون شهادة التصديق المرتبطة بالتوقيع سارية المفعول وقت إجراء التوقيع.

3-   الحفاظ على سلامة بيانات هوية الموقع، وتوافقها مع شهادة التصديق الإلكتروني.

4-    ...

5-    ...

6-   التزام الموقع بجميع الشروط الواردة في إجراءات التصديق الإلكتروني الخاصة بمزود خدمات التصديق فيما يتعلق بإجراء التوقيع الإلكتروني، وبما لا يتعارض مع الأنظمة واللوائح الصادرة من الجهة المختصة ..".

وحددت هذه المادة الاحتياطات التي يجب على صاحب التوقيع الإلكتروني المحمي اتخاذها لمنع الاستعمال غير المشروع لتوقيعه، وتتمثل هذه الاحتياطات فيما يلي:

1-   الحفاظ على شهادة التصديق الإلكتروني ووثائق التوقيع الإلكتروني الصادرة من مزود خدمات التصديق التي لها طابع السرية، وعدم تمكين غير المصرح لهم بالاطلاع عليها.

2-   تطبيق حلول وتقنيات مناسبة وآمنة وغير قابلة للعبث، وفق أحكام مزاولة خدمات التصديق الإلكتروني التي تصدرها الجهة المختصة.

3-   يجوز للموقع الاستعانة بجهات فنية متخصصة للمراجعة والتدقيق بما يدعم جودة عملية التوقيع وسريته، مع عدم الإخلال بأي ضوابط، أو شروط نظامية، أو تعاقدية بين أطراف التعامل.

4-   يجب على صاحب التوقيع الإلكتروني إبلاغ مزود خدمات التصديق فور علمه بوجود استعمال غير مشروع لتوقيعه، على أن يتم توثيق البيانات المتعلقة بالاستعمال غير المشروع".

وأما من يعتمد على التوقيع الإلكتروني لشخص آخر، فقد أوجبت هذه المادة عليه أن يبذل العناية اللازمة للتحقق من صحة هذا التوقيع، وذلك باستخدام بيانات للتحقق من التوقيع الإلكتروني وفق الإجراءات التالية:

1-   التأكد من منشأ شهادة مرسل الرسالة، وأنها صادرة من مزود خدمات تصديق مرخص له وفق أحكام هذه اللائحة، والتحقق من صلاحيتها، وأنها سارية.

2-   التأكد من أن البيانات المرفقة مع التوقيع الإلكتروني مطابقة لبيانات صاحب التوقيع من واقع الشهادة الصادرة له.

3-   عدم ظهور رسائل تنبيه أو تحذير تفيد عدم المطابقة الآلية للتوقيع أو أي خلل آخر ذي صلة بالمنشأ أو المحتوى، وذلك ضمن الرسالة والتوقيع الواردين".

وعليه، فإذا تم تأمين الطابع المتفرد لبيانات إنشاء التوقيع الإلكتروني بما يعني عدم قابلية التوقيع وبياناته للاستنساخ أو الاستنباط وصحة نسبته للموقع ومن ثم قبوله الالتزام بمضمون المحرر الإلكتروني، أنتج أثره في الإثبات وتمتع بحجية مماثلة للتوقيع الكتابي أو ما يقوم مقامه من بصمة وغيرها، وفقاً لما قررته المادة (18) من قانون المعاملات الإلكترونية سالفة الذكر. سواء أكان المحرر الموقع عليه "عقداً رضائياً" أو "محضر اجتماع داخلي للشركة" أو أي محرر آخر معد أساساً للإثبات.

مع ملاحظة أن العقود الشكلية التي ينص القانون على وجوب تفريغها في شكل معين -"في ورقة رسمية"- كعقد الهبة الرسمي، وعقد بيع السفن والطائرات، وعقد تأسيس وتعديل الشركات التجارية، وعقد الزواج، وحجة الوقف، وحجة الوصية، والأوراق التجارية القابلة للتداول كالسندات الإذنية والكمبيالات، والعقود التي يستلزم القانون تسجيلها لإنفاذ بعض آثارها "كعقد بيع العقار" ...الخ، فإنها تفترض حتماً وجود "ورقة" موقع عليها "باليد" من صاحب الشأن المعني بموضوع التصرف، ومن ثم فلا ينطبق ولا يسري عليها "التوقيع الإلكتروني".

وتجدر الإشارة إلى أن المادة (6) من القانون نصت على أن: "تعتبر الصورة المنسوخة على الورق من المستند أو السجل الإلكتروني حجة على الكافة أمام القضاء بالنسبة للمستند الرسمي، وحجة على من نسب إليه توقيعه الإلكتروني عليها بالنسبة للمستند العرفي بالقدر الذي تكون فيه كل منهما مطابقة لأصل المستند أو السجل الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني الموجودين على الدعامة الإلكترونية وفقاً للشروط الواردة في المادتين (19، 20) من هذا القانون".

وهذا وقد أضافت المادة (7) من القانون المعاملات الإلكترونية الكويتي أنه: "تسري في إثبات صحة المستندات أو السجلات الإلكترونية الرسمية والعرفية، وصورها المنسوخة على الورق، والتوقيع الإلكتروني والكتابة الإلكترونية فيما لم يرد في شأنه نص في هذا القانون أو في لائحته التنفيذية، الأحكام المنصوص عليها في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية".

[[وقد قضت الدائرة التجارية بمحكمة النقض المصرية بأن: المشرع كان حريصًا على أن تتحقق حجية الإثبات المقررة للكتابة الإلكترونية والمحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية لمنشئها، إذا توافرت الضوابط الفنية والتقنية من حيث أن يكون متاحًا فنيًا تحديد وقت وتاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية، من خلال نظام حفظ الكتروني مستقل وغير خاضع لسيطرة منشئ هذه الكتابة أو تلك المحررات، أو لسيطرة المعنى بها. وأن يكون متاحًا فنيًا تحديد مصدر إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية ودرجة سيطرة مُنشئها على هذا المصدر وعلى الوسائط المستخدمة في إنشائها. وهو ما يدل على أن المشرع ارتأى مواكبة التطور التكنولوجي العالمي في المعاملات المدنية والتجارية والإدارية عن طريق تنظيمها ووضع ضوابط لها من أجل ترتيب آثارها القانونية، مدركًا المفهوم الحقيقي للمحرر وأنه لا يوجد في الأصل ما يقصر معناه على ما هو مكتوب على نوع معين من الدعامات Support سواء كانت ورقًا أم غير ذلك. وأنه ولئن كانت الكتابة على الورق هى الأصل الغالب، إلا أن المحرر لم يكن في أي وقت مقصورًا على ما هو مكتوب على ورق وحده، وكل ما يتطلبه المشرع للإثبات هو ثبوت نسبة المحرر إلى صاحبه، فلا ارتباط قانونًا بين فكرة الكتابة والورق، ولذلك لا يُشترط أن تكون الكتابة على ورق بالمفهوم التقليدي ومذيلة بتوقيع بخط اليد، وهو ما يوجب قبول كل الدعامات الأخرى – ورقية كانت أو إلكترونية أو أيًا ما كانت مادة صنعها – في الإثبات. ومن ذلك ما نصت عليه المادة الأولى (ز) من اتفاقية مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع (نيويورك، لعام ١٩٧٤) بصيغتها المعدلة بالبروتوكول المعدِل للاتفاقية (بروتوكول عام ١٩٨٠) على أنه "في هذه الاتفاقية: ... (ز) تشمل "الكتابة" البرقية والتلكس". وما نصت عليه المادة ١٣ من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع (فيينا، لعام ١٩٨٠) من أنه: "يشمل مصطلح "كتابة"، في حكم هذه الاتفاقية، الرسائل البرقية والتلكس". وما نصت عليه المادة الرابعة من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية (نيويورك، لعام ٢٠٠٥) من أنه "أ- يقصد بتعبير الخطاب: أي بيان أو إعلان أو مطلب أو إشعار أو طلب، بما في ذلك أي عرض وقبول عرض يتعين على الأطراف توجيهه، أو تختار توجيهه في سياق تكوين العقد أو تنفيذه. ب - يقصد بتعبير الخطاب الإلكتروني: أي خطاب توجهه الأطراف بواسطة رسائل بيانات. ج– يقصد بتعبير رسالة البيانات: المعلومات المنشأة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسائل إلكترونية أو مغناطيسية أو بصرية أو بوسائل مشابهة تشمل –على سبيل المثال لا الحصر– التبادل الإلكتروني للبيانات أو البريد الإلكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي". وأنه وفق التعريف الذى أوردته الفِقرة (١٧) من المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كليًا أو جزئيًا (نيويورك، لعام ٢٠٠٨) -"قواعد روتردام"- فإن مصطلح الخطاب أو الرسالة الإلكترونية electronic communication يعنى المعلومات المعدة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسيلة إلكترونية أو بصرية أو رقمية أو بوسيلة مشابهة، بما يؤدى إلى جعل المعلومات الواردة في الخطاب ميسورة المنال بحيث يمكن الرجوع إليها لاحقًا. وبهذه المثابة فإن البريد الإلكتروني (electronic mail / E-mail) هو وسيلة لتبادل الرسائل الإلكترونية بين الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية من أجهزة كمبيوتر أو هواتف محمولة أو غيرها، تتميز بوصول الرسائل إلى المرسل إليهم في وقت معاصر لإرسالها من مُرسِلها أو بعد برهة وجيزة، عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) أيًا كانت وسيلة طباعة مستخرج منها في مكان تلقى الرسالة، وسواء اشتملت هذه الرسائل على مستندات أو ملفات مرفقة attachments أم لا. ولقد أجازت القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية للقاضي استخلاص واقعتي الإيجاب والقبول -في حالة التعاقد الإلكتروني- من واقع تلك الرسائل الإلكترونية دون حاجة لأن تكون مفرغة كتابيًا في ورقة موقعة من طرفيها، ذلك أن هذه الرسائل يتم تبادلها عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، ولذلك فإن أصول تلك الرسائل -مفهومة على أنها بيانات المستند أو المحرر الإلكتروني- تظل محفوظة لدى أطرافها -مهما تعددوا- المُرسِل والمُرسَل إليهم داخل الجهاز الإلكتروني لكل منهم، فضلًا عن وجودها بمخزنها الرئيسي داخل شبكة الإنترنت في خادمات الحواسب Servers للشركات مزودة خدمة البريد الإلكتروني للجمهور. وفى كل الأحوال، فإنه في حالة جحد الصور الضوئية، فلا يملك مُرسِل رسالة البريد الإلكتروني أن يقدم أصل المستند أو المحرر الإلكتروني، ذلك أن كل مستخرجات الأجهزة الإلكترونية، لا تعدو أن تكون نسخًا ورقية مطبوعة خالية من توقيع طرفيها، ومن ثم فإن المشرع وحرصًا منه على عدم إهدار حقوق المتعاملين من خلال تلك الوسائل الإلكترونية الحديثة حال عدم امتلاكهم لإثباتات مادية على تلك المعاملات، قد وضع بقانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية الضوابط التي تستهدف التيقن من جهة إنشاء أو إرسال المستندات والمحررات الإلكترونية وجهة أو جهات استلامها وعدم التدخل البشرى والتلاعب بها للإيهام بصحتها، وهو ما قد يستلزم في بعض الحالات الاستعانة بالخبرات الفنية المتخصصة في هذا المجال، فإذا ما توافرت هذه الشروط والضوابط فإن الرسائل المتبادلة بطريق البريد الإلكتروني، تكتسب حجية في الإثبات تتساوى مع تلك المفرغة ورقيًا والمذيلة بتوقيع كتابي، فلا يحول دون قبول الرسالة الإلكترونية كدليل إثبات مجرد أنها جاءت في شكل إلكتروني، ولهذا فإنها تكون عصية على مجرد جحد الخصم لمستخرجاتها وتمسكه بتقديم أصلها؛ إذ إن ذلك المستخرج ما هو إلا تفريغ لما احتواه البريد الإلكتروني، أو الوسيلة الإلكترونية محل التعامل، ولا يبقى أمام من ينكرها من سبيل إلا طريق وحيد هو المبادرة إلى الادعاء بالتزوير وفق الإجراءات المقررة قانونًا تمهيدًا للاستعانة بالخبرة الفنية في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قدمت أمام لجنة الخبراء مستخرجات من البريد الإلكتروني المرسل منها للشركة الطاعنة وتمسكت بدلالاتها، إلا أن الشركة الطاعنة قد اكتفت بجحدها بمقولة إنها صور ضوئية لا قيمة لها في الإثبات إلا بتقديم أصلها، على الرغم من أن هذه المستخرجات في حقيقة الأمر ليست إلا تفريغًا لما احتواه البريد الإلكتروني على النحو السالف بيانه، وليس لها أصل ورقى بالمعنى التقليدي مكتوب ومحفوظ لدى مرسلها، وبذلك تكون بمنأى عن مجرد الجحد، ولا سبيل للنيل من صحتها إلا بالتمسك بعدم استلام البريد الإلكتروني ابتداءً من جهة الإرسال، أو التمسك بحصول العبث في بياناته بعد استلامه، والمبادرة إلى سلوك طريق الادعاء بتزويرها وبعدم مطابقتها للشروط والضوابط المتطلبة بالقانون لصحة المحررات والبيانات الإلكترونية وهو ما خلت منه الأوراق من جانب الطاعنة، لما هو مقرر من أنه يجب على مدعى التزوير أن يسلك في الادعاء به الأوضاع المنصوص عليها في المادة ٤٩ من قانون الإثبات وما بعدها - كي ينتج الادعاء أثره القانوني دون الوقوف على إذن من المحكمة بذلك. وكان لا يغير من هذا النظر ما تثيره الشركة الطاعنة من أن المطعون ضدها لم ترسل لها أي رسائل عبر البريد الإلكتروني الخاص بها، ذلك أنها لم تدع سبق تمسكها بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، كما لم تعقد المقارنة اللازمة بين عنوان بريدها الإلكتروني المعتمد وبين عنوان البريد الإلكتروني الذى وُجهت إليه الرسائل التي أرسلتها إليها المطعون ضدها، ومن ثم فلا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن دفاع لم يقدم الخصم دليله، ويكون النعي عليه بما سلف على غير أساس – نقض مدني، في الطعن رقم 17689 لسنة 89 قضائية – جلسة 10/3/2020م ]].

    مع ملاحظة أن نطاق تطبيق المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني يشمل جميع المعاملات المدنية والتجارية والإدارية، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك (في حالات يكون المطلوب فيها أوضاعا أو أشكالاً معينة في المستند أو المعاملة). ومنها ما قد حددته المادة (2) من القانون بنصها على أنه: "... ولا تسري أحكام هذا القانون على ما يأتي:

أ‌)      المعاملات والمسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والوصية.

ب‌) سندات ملكية الأموال العقارية وما ينشأ عنها من حقوق عينية أصلية أو تبعية.

ج) السندات الإذنية والكمبيالات القابلة للتداول.

د) أي مستند يستلزم القانون إفراغه في محرر رسمي أو توثيقه أو ورد في تنظيمه نص خاص في قانون آخر".

هذا، وقد أحال القانون – في شأن إثبات صحة المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني - فيما لم يرد في شانه نص خاص (في قانون المعاملات الإلكترونية الكويتي ولائحته التنفيذية أو قانون التوقيع الإلكتروني) إلى أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية. ومفاد ذلك أنه في حالة الادعاء بتزوير المحررات الإلكترونية أو التوقيع الإلكتروني أو الدفع بإنكارها تطبق أحكام المواد من (26) إلى (38) من القانون رقم (39) لسنة 1980 بشأن الإثبات في المواد المدنية والتجارية.

هذا، وقد حمى المشرع – في القانون رقم )63( لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات – التوقيع الإلكتروني، فنص في المادة (الثالثة) منه على أن:

    "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من:

1-    ...

2-  زور أو أتلف مستنداً أو سجلاً أو توقيعاً إلكترونياً أو نظام معالجة إلكترونية للبيانات أو نظام إلكتروني أو موقعاً أو نظام حاسب آلي أو نظام إلكتروني بطريق الاصطناع أو التغيير أو التحوير أو بأي طريقة أخرى، وذلك باستخدام وسيلة من وسائل تقنية المعلومات.

فإذا وقع التزوير على مستند رسمي أو بنكي أو بيانات حكومية أو بنكية إلكترونية تكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تجاوز ثلاثين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ويعاقب بذات العقوبة بحسب الأحوال، كل من استعمل أيا مما ذكر مع علمه بتزويره أو فقده لقوته القانونية.

3- غير أو أتلف عمداً مستنداً إلكترونياً يتعلق بالفحوصات الطبية أو التشخيص الطبي أو العلاج الطبي أو الرعاية الطبية أو سهل للغير فعل ذلك أو مكنه منه، وذلك باستعمال الشبكة المعلوماتية أو باستخدام وسيلة من وسائل تقنية المعلومات.

4-    ....

توصل عن طريق الشبكة المعلوماتية أو باستخدام وسيلة من وسائل تقنية المعلومات إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال أو منفعة أو مستند أو توقيع على مستند، وذلك باستعمال طريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة متى كان ذلك من شأنه خداع المجني عليه".