الأحد، 17 يناير 2021

من أحكام الدوائر التجارية - في دعاوى الإخلاء - في ظل جائحة كورونا

 

 

تجاري كلي/ ....

 

 

        ....

        وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، الأجرة المستحقة عن شهر سبتمبر 2019 – الذي تضمنه طلب إلزامه بمبلغ وقدره ـ/6,520 د.ك (ستة آلاف وخمسمائة وعشرون دينار كويتي)، قيمة الأجرة المستحقة عن أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر لعام 2019م.

فإنه لما كان من المقرر قانوناً أن عقد الإيجار يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين لمدة محددة في مقابل عوض مالي (المادة 561 مدني).

كما إنه عملاً بالمادة (586) مدني أنه يجب على المستأجر الوفاء بالأجرة في المواعيد المتفق عليها، فإذا لم يكن هناك اتفاق وجب الوفاء بها في المواعيد التي يعينها العرف، ويكون الوفاء بالأجرة في موطن المستأجر ما لم يكن هناك اتفاق أو غرف يقضي بغير ذلك.

وأنه عملاً بالمادة (209) من ذات القانون فإنه في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه عند حلول أجله، وبعد إعذاره، جاز للمتعاقد الآخر إن لم يفضل التمسك بالعقد أن يطلب من القاضي فسخه مع التعويض إن كان له مقتضى.

وأنه من المستقر عليه في قضاء التمييز أن: "استخلاص إخلال المتعاقد بالتزامه الموجب للفسخ، من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، بغير معقب متى استندت إلى أسباب سائغة". (الطعن بالتمييز رقم 167 لسنة 1988 تجاري جلسة 27/11/1988م).

وأنه عملاً بالمادتين (211) و (219) مدني فإن فسخ العقد أو انفساخه يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها عند إبرامه إلا ما استثني في المادة (212) من أنه في العقود المستمرة لا يكون للفسخ أثر إلا من وقت تحققه.

وأنه من المقرر أن رفع الدعوى يُعد بمثابة إعذار للمدعى عليه أصلياً.

        لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على عقد الإيجار موضوع الدعوى (المؤرخ 23/5/2019م) أن المدعية أجرت للمدعى عليه الأعيان محل النزاع مقابل أجرة شهرية قدرها ـ/1,630 د.ك (ألف وستمائة وثلاثون دينار) بموجب البند (الثاني) والبند (5/ب) من ذلك العقد تسدد مقدماً أول كل شهري ميلادي، وكانت الأوراق قد خلت مما ينفي استلام المدعى عليه للأعيان وتمكينه من الانتفاع بها حتى تاريخ تسليمه للمفتاح في 19/9/2019م، وهو ما يلتزم معه بالوفاء بأجرة شهر سبتمبر 2019 المستحقة في أول ذلك الشهر والمتفق عليها وذلك عملاً بنص المادة (586/1) من القانون المدني، وإذ تخلف المدعى عليه عن الوفاء بالتزامه بسداد تلك الأجرة، وهو ما ثبت من شهادة إدارة التنفيذ المقدمة من المدعية والمؤرخة في 5/12/2019م التي تثبت عدم إيداع الأجرة المستحقة لحسابها بخزانتها، وهو ما لا يماري فيه المدعى عليه، مما يثبت معه إخلاله بأهم التزاماته الناشئة عن عقد الإيجار وهو سداد الأجرة، مما يتعين معه القضاء بإلزام المدعى عليه بمبلغ ـ/1,630 د.ك (ألف وستمائة وثلاثون دينار كويتي) قيمة الأجرة المستحقة عن شهر سبتمبر 2019م.

        وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه بالأجرة المستحقة عن أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر 2019 والذي تأسس على ما نصت عليه المادة 19/3 من المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات، فإنه لما كان هذا النص لا ينطبق على الدعوى الماثلة، فإن هذا الطلب يكون قد غاب عنه سنده القانوني متعيناً رفضه.

        وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، مبلغاً وقدره ـ/3,260 د.ك (ثلاثة آلاف ومائتان وستون دينار كويتي) قيمة إيجار شهري يوليو وأغسطس لعام 2019م (فترة السماح) ومقابل استهلاك الكهرباء والماء المتبقي عنه استناداً إلى نص البند 30 من العقد، وذلك لإخلاله بالتزاماته التعاقدية بإنهاء العقد قبل انتهاء المدة المتفق عليها به، فإنه لما كان البند الأخير ينص على أنه: "تم الاتفاق على إعفاء الطرف الثاني (المدعى عليه) من سداد القيمة الإيجارية عن الفترة من 1/7/2019م حتى 31/8/2019م، وفي حال إنهاء العقد بسبب أو بناءً على طلب الطرف الثاني أو التنازل عن العين المؤجرة قبل انتهاء مدة العقد الأصلية، فإنه يلتزم بسداد القيمة الإيجارية عن فترة الإعفاء". وهو ما يعني التزم المدعى عليه بسداد مقابل القيمة الإيجارية عن هذه الفترة (شهري يوليو وأغسطس لعام 2019م) بناءً على ما هو ثابت بالأوراق من إنهاء العقد موضوع الدعوى بمعرفة المدعى عليه على أثر تسليمه المفتاح، وذلك نفاذاً للقوة الملزمة لذلك العقد على وفق ما تنص عليه المادتان (196) و (197) من القانون المدني، وهو ما يتعين معه إلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغ وقدره ـ/ 3,260 د.ك (ثلاثة آلاف ومائتان وستون دينار كويتي) قيمة إيجار هذه المدة، دون ما تطالب به المدعية عن قيمة استهلاك الكهرباء والماء التي لم يتضمنها نص البند (30) من العقد سند الدعوى، وخلت الأوراق مما يثبت استهلاك كهرباء وماء مستحق على المدعى عليه.

        وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغاً وقدره ـ/1,260 د.ك (ألف ومائتان وستون دينار كويتي) مقابل فترة الإخطار المنصوص عليها بالعقد، حيث إنه لما كان من المقرر في قضاء التمييز أن: "المناط في تكييف العقود وإعطائها الوصف القانوني الصحيح هو القصد المشترك الذي انصرفت إليه نية المتعاقدين وقت إبرام الاتفاق، ويدخل التعرف على هذا القصد في سلطة محكمة الموضوع التي يكون لها استخلاص نية المتعاقدين وما انعقد عليه اتفاقهما بشرط أن يكون هذا الاستخلاص سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر لهذه المحررات، كما أن لها سلطة تفسير المستندات والعقود وسائر المحررات التي تقدم إليها واستخلاص ما تراه أوفى بمقصود عاقديها مسترشدة بذلك بظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة عليها في ذلك متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها". (الطعن بالتمييز رقم 1041 لسنة 2016 مدني/1 – جلسة 23/1/2017م).

        لما كان ذلك، وكان البين أن البند (19) من العقد سند التداعي، والذي ينص على أنه: "عند إبداء أي من الطرفين رغبته في إنهاء العقد وإخلاء العين، يحق للطرف الأول قبل موعد الإخلاء بشهر وضع لافتة للإعلان عن التأجير، كما يحق له إدخال راغبي التأجير للعين في المواعيد المناسبة وبالطريقة التي يتفق عليها الطرفان، وعلى الطرف الثاني تسهيل مهمة الطرف الأول في ذلك". وهو ما يستخلص منه انصراف نية الطرفين إلى أنه عند رغبة المستأجر (المدعى عليه) في إنهاء العقد قبل انتهاء مدته، فإنه يلتزم بإخطار المؤجر (المدعية) بذلك، قبل شهر من التاريخ المحدد للإخلاء، وتمكينه من وضع لافتة للإعلان عن التأجير وإدخال راغبي التأجير للعين في المواعيد المناسبة، بما مؤداه التزام المستأجر (المدعى عليه) بأجرة العين لمدة شهر من تاريخ إبداء رغبته في إنهاء العقد، وهو ما لم يلتزم به المدعى عليه، إذ بادر إلى تسليم المفتاح لإدارة التنفيذ بتاريخ 19/9/2019م دون أن يسبق ذلك توجيه إخطار منه للمدعية برغبته في الإخلاء، ومن ثم يتعين القضاء بإلزامه بأن يؤدي للمدعية مبلغاً وقدره ـ/1,320 د.ك (ألف وثلاثمائة وعشرون دينار كويتي) مقابل أجرة شهر.

        ولا ينال من ذلك ما يثيره المدعى عليه من أنه وجه كتاب مؤرخ في 30/7/2019م للمدعية لإبداء رغبته في إنهاء العقد، إذ خلت الأوراق مما يثبت تسلم المدعية لذلك الإخطار الذي أنكرت علمها به. كما لا يغنيه كذلك الإنذار الموجه للشركة المدعية بتاريخ 18/9/2019م إذ فضلاً عن أن هذا الإعلان شابه البطلان لافتقاره لما تطلبته المادة (10/هـ) من قانون المرافعات، إذ تم في مواجهة حارس عقار لم تثبت علاقته بالشركة المدعية (مديرة العقار)، فإنه لم يسبق الإخلاء الحاصل بموجب تسليم المفتاح لإدارة التنفيذ في 19/9/2019م إلا بيوم واحد فقط.

        وحيث إنه عن طلب مقابل الانتفاع عن الفترة من تاريخ الحكم بفسخ العقد إلى تاريخ الإخلاء الفعلي ورد وتسليم العين المؤجرة للمدعية، فهو طلب سديد، إذ إنه نظراً لطبيعة العقد الزمنية وعدم إمكان إعادة المتعاقدين للحالة التي كانا عليها وقت التعاقد، وكان من المقرر قانوناً بنص المادة (595) من القانون المدني أنه: "يلتزم المستأجر برد المأجور وملحقاته عند انتهاء الإيجار، فإن أخل بالتزامه بالتسليم، وجب عليه تعويض المؤجر عما لحقه من ضرر، وذلك دون إخلال بحق المؤجر في تسليم المأجور"، بما يكون معه مطالبة المدعية بمقابل الانتفاع بالمأجور عن الفترة التالية للحكم بفسخ العقد وإخلاء المدعى عليه من عين التداعي، حتى تاريخ الإخلاء الفعلي قد جاء موافقاً لحقيقة الواقع وصحيح القانون، على أن يتم تقدير مقابل الانتفاع بقيمة أجرة عين التداعي الواردة في عقد الإيجار سند التداعي.

        وحيث إنه عما أبداه المدعى عليه من دفع موضوعي تمثل في طلب إجراء المقاصة بين ما هو مستحق له من استرداد قيمة التأمين المسدد منه بواقع مبلغ وقدره ـ/1,630 د.ك (ألف وستمائة وثلاثون دينار كويتي) مما هو مستحق للمدعية. فإنه لما كان من المقرر قانوناً أن: "مؤدى نصوص المواد 425 إلى 432 من القانون المدني وما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون في شأنها، أن ما تضمنه من أحكام إنما تتعلق بالمقاصة القانونية التي تتم بين الدينين قصاصاً بمجرد توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 425 المشار إليها. ومنها خلو الدينين من النزاع، وذلك دون حاجة لصدور حكم قضائي بإجرائها، ومن ثم يجوز طلب هذه المقاصة في صورة دفع لدعوى الخصم، أما إذا كان أحد الدينين محل نزاع، فإن سبيل استنزاله هو التمسك بالمقاصة القضائية التي يشترط لإجرائها طبقاً لنص المادة 85 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن تبدى في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة، ولا يجوز طلب المقاصة هذه في صورة دفع لدعوى الخصم". (الطعن بالتمييز رقم 4 لسنة 1994 – جلسة 17/10/1994م مجموعة المكتب الفني السنة 22 – صـ 416).

        لما كان ذلك، وكان الثابت بالبند الرابع من العقد سند التداعي أن مبلغ التأمين المسدد من المدعى عليه، وهو محل المقاصة المدفوع بها منه، يعاد له عند انتهاء العقد وتسليم العين المؤجرة بالحالة الحسنة التي كانت عليها عند بداية التعاقد، وأنه يحق للمدعية أن تستقطع من هذا المبلغ قيمة الأضرار الفعلية التي لحقت بالعين من جراء استخدام المدعى عليه للعين وسائر الالتزامات الأخرى المستحقة عليه، بما يبين معه أن حق المدعى عليه في استرداد مبلغ التأمين المشار إليه معلق على شرط تسليم العين المؤجرة للمدعية بالحالة الحسنة التي كانت عليها عند بدء التعاقد وعدم وجود التزامات أخرى مستحقة عليه، وهو ما يقدح في توفر شرطي خلو هذا الحق من استحقاق الأداء والخلو من المنازعة الواردين بنص المادة 425 من القانون المدني. ومن ثم فإن المقاصة القانونية بين هذا الحق وبين ما هو مستحق للمدعية في ذمة المدعى عليه لا تقع بقوة القانون، ولذا يمتنع القضاء بها لمجرد أن الخصم دفع بتحققها، إذ السبيل لإعمال هذا النوع من المقاصة هو التمسك بإجرائها طبقاً لنص المادة 85 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن تبدى في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى المدعية الأصلية طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة، وهو ما لم يقم به المدعى عليه، ومن ثم يتعين القضاء برفض هذه المقاصة.

        وحيث إنه عن المصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة فيتعين إلزام المدعى عليه بها بحسبانه خاسر الدعوى، وذلك عملاً بنص المادة 119/1 من قانون المرافعات، وكذا إلزامه بمقابل أتعاب المحاماة الفعلية بالنسبة للدعوى الأصلية والذي تقدره المدعية بحسب الجهد المبذول في الدعوى ودرجة التقاضي بمبلغ لا يقل عن ـ/1,000 د.ك (ألف دينار كويتي)، عملاً بنص المادة 199/مكرر من ذات القانون.

        وحيث إنه عن النفاذ المعجل بلا كفالة، فإنه لما كان الحكم صادراً في مادة تجارية، فإنه يكون مشمولاً بالنفاذ المعجل بقوة القانون.