الأحد، 17 يناير 2021

هل يجوز تقاضي فوائد تأخيرية عن الأجرة المتأخرة في ذمة مستأجري الوحدات الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية ؟

 

جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون إيجار الأماكن الاستثنائية رقم 49 لسنة 1977، تعليقاً على نص المادة 33 من (مشروع القانون)، والتي جاء نصها رقم 31 من القانون المصدر، والتي تقابل نص المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 المعدل لبعض أحكام القانون المصدر رقم 49 لسنة 1977، ما نصه:

"تقضي قوانين الإيجارات الخاصة ومنذ أمد بعيد بامتداد عقود الإيجار امتداداً تلقائياً وبقوة القانون، تقديراً من المشرع لحاجة المستأجر الماسة والشخصية لكي يستمر في العين الخالية التي يشغلها حتى ولو انتهت المدة المتفق عليها في عقد الإيجار.

وقد استقرت نظرية الامتداد التلقائي لعقود الإيجار بحيث أصبحت ركيزة من ركائز تشريعات الإيجار المتعاقبة واستقرت في ضمير ووجدان المجتمع وأصبح من الواجب الحفاظ عليها وعدم إثارة البلبلة في شأنها.

وجنباً إلى جنب مع النظرية المذكورة أجازت قوانين الإيجارات ومنذ أمد بعيد أيضاً، طلب إخلاء المكان لأسباب محددة على سبيل الحصر لا يتصور في حالة وقوع أي منها استمرار المستأجر في شغله للعين. ومن بين هذه الأسباب حالة عدم قيام المستأجر بالوفاء بالأجرة.

وقد نظمت هذه الحالة أحكام البند (أ) من المادة 33 من مشروع الحكومة ويقضي بأنه لا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بأداء الأجرة وفوائدها بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ السداد والمصاريف الرسمية وذلك قبل قفل باب المرافعة في الدعوى، فإذا تكرر امتناعه أو تأخر عن الوفاء بالأجرة المستحقة، دون أن يقدم مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء.

ولما كانت الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريع فإنه يتعين عدم التسليم بأي نص يفرض فائدة في المعاملات بين الأفراد، خصوصاً في مثل هذه الحالة التي يكون المستأجر قد تأخر في الأجرة عن غير مقدرة. ومع النزول على مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء فيما يتعلق بالفوائد فإنه يجب أيضاً النزول على قاعدتها الأصولية السامية التي تقضي بأنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، الأمر الذي يتحتم معه جبر الضرر الذي يلحق بالمؤجر بسبب اضطراره إلى رفع دعوى بالإخلاء بسبب عدم قيام المستأجر بالوفاء بالأجرة، ولا أقل من أن يسترد المؤجر في هذه الحالة ما أداه من مصروفات وتكبده من نفقات في سبيل الحصول على حق مشروع له ما كان سيضطر إلى الالتجاء إلى القضاء لولا تراخى المستأجر في الوفاء به.

لذلك فقد أعادت اللجنة صياغة هذا الحكم بما يكفل النص على أنه لا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بأداء الأجرة وكافة المصاريف والنفقات التي يتكبدها المؤجر وتحددها المحكمة، وذلك قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، فإذا تكرر امتناعه أو تأخر عن الوفاء بالأجرة المستحقة عن عمد ودون مقتض تقدره المحكمة - كان المستأجر غير جدير بالحماية فيحكم عليه بالإخلاء".

 

وفي موضع آخر بينت المذكرة الإيضاحية للقانون أنه:

"كما بين هذا الباب التزامات كل من المالك أو خلفه العام أو الخاص نحو إتمام الهدم والشروع في إعادة البناء ثم استكمال المباني دون تراخ, كما نظم هذا الباب أيضاً حق مستأجري الوحدات التي يتم هدمها في شغل وحدات بالعقار الجديد.

وبعد أن تدارست أهداف وأبعاد هذا الباب أدخلت التعديلات الآتية:

ارتأت اللجنة زيادة التعويض الذي يدفعه المالك للمستأجر إلى 1000 جنيه بدلاً من خمسمائة وذلك في حالة طلب إخلاء المبنى غير السكني لإعادة بنائه (مادة 52 – من مشروع القانون).

في حالة وجود وحدات سكنية تعترض التنفيذ يجوز الحكم بإخلائها وهدمها بشرط أن يقوم المالك بتدبير مسكن آخر مناسب مع حفظ حق المستأجر في العودة إلى المبنى الجديد (مادة 52 – من مشروع القانون).

النص على أنه إذا لم يشرع المالك أو خلفه في البناء في الوقت الذي تحدده الجهة المختصة بشئون التنظيم وبدلاً من الوقت المناسب، جاز للمحافظ المختص أن يعهد إلى إحدى الجهات القيام بالبناء أو تكملته على حساب المالك.

النص على أنه للجهة الإدارية التي أقامت المبنى على حساب المالك اقتضاء أجرته إلى أن تستوفي المبالغ التي أنفقتها والمصاريف الإدارية (بدلاً من الفوائد) تطبيقاً لأحكام الشريعة الإسلامية (مادة 56 – من مشروع القانون – والتي وردت برقم 53 في القانون المصدر)".

 

وهدياً بما تقدم، وبمطالعة المذكرة الإيضاحية لقانون إيجار الأماكن الاستثنائية، يتضح جلياً أنه لا يجوز للمؤجر – في حال تخلف أو امتناع أو تأخر المستأجر عن الوفاء بالقيمة الإيجارية القانونية – أن يطالب بفوائد تأخيرية عن تلك القيمة الإيجارية. وإن كل ما له، على ما بينته المذكرة الإيضاحية للقانون، استرداد كافة المصاريف والنفقات التي يتكبدها المؤجر في سبيل إلزام المستأجر قضائياً بالوفاء بالأجرة المتأخرة، مع التأكيد على أن تلك النفقات والمصاريف تحددها محكمة الموضوع في كل حالة على حدة.

 

هذا، مع ملاحظة أن القانون رقم 136 لسنة 1981 ما هو إلا تعديل لبعض أحكام قانون إيجار الأماكن الاستثنائية رقم 49 لسنة 1977.

 

الخلاصة: لا نرى صحة الرأي الذي زعم أحقية الأوقاف (الإسلامية) في تحصيل (فوائد) تأخيرية على المستأجرين الخاضعين لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، لمخالفة ذلك الرأي للشريعة الإسلامية مخالفة صارخة، ولمخالفته أيضاً لمراد المشرع الذي أفصح عنه الشارع في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، والذي جاء مراده في هذا الشأن قاطع الدلالة على حظر تحصيل مثل تلك الفوائد التأخيرية عن الأجرة المتأخرة.

 

هذا والله أعلى وأعلم،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق