الأحد، 24 يناير 2021

استئناف حكم نفقة - أحوال شخصية جعفري - النشوز في القانون الجعفري - حالة إعسار الزوج

 

 

وأعلنتها بالآتي:

= المـوضـــــــوع =

بموجب هذه الصحيفة، يطعن الطالب بالاستئناف على الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم ......... / 2020 أسرة جعفري العاصمة / 3 ، بجلسة 31/12/2020م، والقاضي في منطوقه: "حكمت المحكمة – في مادة أحوال شخصية:

بإلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، مبلغ وقدره ـ/300 د.ك (ثلاثمائة دينار كويتي)، نفقة زوجية فائتة منذ شهر 7/2017م، حتى تاريخ طلاقها في 12/10/2020م، مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات، ومبلغ ـ/50 د.ك (خمسون دينار كويتي) مقابل أتعاب المحاماة الفعلية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات".

ولما كان هذا القضاء قد جاء مُجحفاً بحقوق الطالب، لذا فهو يطعن عليه بالاستئناف الماثل.

= الوقائــــــــع =

تخلُص وقائع النزاع الماثل في أن المعلن إليها (المدعية/المستأنف ضدها)، كانت قد عقدت الخصومة فيه، ضد الطالب (المدعى عليه/المستأنف)، بموجب صحيفة، أودعت إدارة كتاب محكمة أول درجة بتاريخ 27/9/2020م، وقُيِّدت بجدولها العمومي تحت رقم .... / 2020 أسرة جعفري العاصمة/3، طلبت في ختامها الحكم لها:

أولاً- بإلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، نفقة زوجية (بنوعيها: مأكل وملبس)، من تاريخ الامتناع عن الانفاق الحاصل في شهر 7/2017م، وجعلها مستمرة.

ثانياً- بإلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، أجرة مسكن زوجية، من تاريخ الامتناع عن الانفاق الحاصل في شهر 7/2017م، وجعلها مستمرة، ومصاريف تأثيث مسكن الزوجية بمبلغ وقدره ـ/5,000 د.ك (خمسة آلاف دينار كويتي).

ثالثاً- إلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، أجرة خادمة، وجعلها مستمرة، ومصاريف استقدامها.

رابعاً- إلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، ثمن مركبة.

خامساً- إلزام المدعى عليه بمصروفات الدعوى، ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية".

وذلك على سندٍ من أن: المدعية (المستأنف ضدها) زوجة للمدعى عليه، بموجب العقد الموثق برقم (......) لسنة ...... والمؤرخ ..............م، الصادر عن إدارة التوثيقات الجعفرية، وحيث زعمت المدعية أن المدعى عليها تركها من دون نفقة منذ شهر 7/2017 رغم يسارها، مما حدا بها إلى إقامة دعواها المبتدئة (المستأنف حكمها) بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر.

ومن ثم، تداولت الدعوى بالجلسات، على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 31/12/2020م قضت محكمة أول درجة بقضائها سالف الذكر بصدر هذه الصحيفة.

       وإذ جاء هذا القضاء مجُحفاً بحقوق الطالب، فضلاً عما شابه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، لذا فإن الطالب يطعن عليه بطريق الاستئناف لهذه الأسباب، وللأسباب التالية:

 

= أسبــاب الاستئنــاف =

قبـول الطعـن شكـــلاً

حيث تنص المادة 129 من قانون المرافعات على أنه: " يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك ...".

وحددت المادة 141 من ذات القانون ميعاد الطعن بالاستئناف بثلاثين يوماً.

وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 31/12/2020م، لذا فإن آخر ميعاد لقيد الطعن بالاستئناف هو 30/1/2021م، حيث إن شهر ديسمبر واحد وثلاثون يوماً.

وحيث إن هذا ذلك اليوم يصادف يوم راحة أسبوعية (يوم السبت)، لذا فإن ميعاد الطعن يمتد قانوناً لأول يوم عمل يليه، وهو يوم الأحد الموافق 31/1/2021م، طبقاً لنص المادة 17 من قانون المرافعات.

وإذ قـُيِّد هذا الطعن في الميعاد القانوني، وأُقيم ممن يملكه، وعن حكمٍ قابلٍ للطعن فيه، ومُوقع عليه من مُحامٍ مقبولٍ أمام محكمة الاستئناف، ومستوفٍ لكافة أوضاعه الشكلية والقانونية المُقررة، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

 

الأثـــر الناقـــل للاستئنـــاف

تنص المادة 144 من قانون المرافعات على أن: "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة إلى ما رُفِعَ عنه الاستئناف فقط. وتنظر المحكمة الاستئناف على أساس ما يُقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة، وما كان قد قُدِمَ من ذلك لمحكمة الدرجة الأولى".

ومن المقرر في قضاء التمييز أن: "النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 144 من قانون المرافعات على أن "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رُفع عنه الاستئناف فقط. وتنظر المحكمة الاستئناف على أساس ما يُقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُدم من ذلك لمحكمة الدرجة الأولى"؛ يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن الدعوى التي كانت مطروحة على محكمة الدرجة الأولى تعتبر مطروحة على محكمة الاستئناف برمتها بكل ما أُبديَ فيها أمام تلك المحكمة من أقوال وطلبات وما قُدم إليها من أدلة ودفوع".

[[ الطعن بالتمييز رقم 632 لسنة 1997 تجاري/2 – جلسة 21/6/1998م ]]

[[ والطعن بالتمييز رقم 668 لسنة 1997 تجاري/2 – جلسة 8/11/1998م ]]

وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإن المستأنف يتمسك – على سبيل الجزم واليقين – بكافة أوجه الدفاع والدفوع والطلبات والأسانيد والأسباب المبداة منها أمام محكمة أول درجة، ويعتبرها جميعاً جزءاً لا يتجزأ من أسباب استئنافها الماثل.

= الأسبــاب الموضوعية للاستئنــاف =

مخالفة الحكم المستأنف للقانون، والخطأ في تطبيقه

وفــي تأويلــه، مــن أوجــه عــدة، نبينها كالتالي:

الوجه الأول:

عوَّل الحكم المستأنف في قضائه على مجرد صور ضوئية مقدمة من المدعية (المستأنف ضدها)، وحيث إن المستأنف جحد وينكر كافة تلك الصور الضوئية المقدمة من المستأنف ضدها، ويلتمس المستأنف من عدالة محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع إلزام المستأنف ضدها بتقديم أصول كافة المستندات المجحود صورها الضوئية لمضاهاتها بالصور الضوئية المقدمة منها للتأكد من عدم التلاعب بها أو تغيير الحقيقة فيها.

حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه: "لا حجية لصور الأوراق العرفية ولا قيمة لها في الإثبات إلا بمقدار ما تهدي به إلى الأصل إذا كان موجودا فيرجع إليه، وتكون الحجية للأصل لا للصورة".

[[ الطعن بالتمييز رقم 27 لسنة 1995 عمالي – جلسة 27/11/1995 مجموعة القواعد القانونية – القسم الثالث – المجلد الأول – صـ 191 – قاعدة 489 ]]

كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أنه: "من المقرر أنه لا حجية لصور الأوراق الرسمية إلا إذا كانت هذه الصور بذاتها رسمية".

[[ الطعن بالتمييز رقم 266 لسنة 1994 تجاري – جلسة 13/6/1995م ]]

ومن المقرر في قضاء محكمة التمييز أن: "الكتاب المقدم من الطاعن والمنسوب صدوره من المطعون ضده – محل سبب النعي – إنما هو مجرد صورة فوتوغرافية عرفية ليس لها دلالة قانونية ملزمة، وإنما تخضع كقرينة لمطلق سلطان محكمة الموضوع في تقدير الأدلة، فلا عليها إن هي أطرحته وألتفت عنه دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى ذلك".

[[ الطعن بالتمييز رقم 252 لسنة 2001 تجاري/3 – جلسة 24/11/2001م ]]

وهدياً بما تقدم، ولما كانت مستندات المستأنف ضدها قد جاءت كلها عبارة عن صورٍ ضوئية، وقد خلت أوراق الدعوى من أصول تلك الصور، وقد جحد المستأنفة الصور الضوئية المقدمة منها، الأمر الذي يفقد تلك الصور الضوئية حجيتها في الإثبات، ومن ثم فلا يجوز التعويل على تلك الصور الضوئية المجحودة حيث لا حجية لها مطلقاً في الإثبات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، فيكون من المتعين إلغاؤه.

 

الوجه الثاني:

إن نشوز الزوجة، طبقاً لنص وروح القانون رقم 124 لسنة 2019 بإصدار قانون الأحوال الشخصية الجعفرية، لا يشترط فيه صدور حكم قضائي به وإعلان الزوجة بذلك الحكم وعدم تنفيذها له. بل إن هذا القانون نص على حالات أخرى اعتبر فيها الزوجة ناشزاً بدون الحاجة لصدور أية أحكام قضائية، وإنما فقط رتبها على مجرد عدم تسليم الزوجة نفسها لزوجها.

فعلي سبيل المثال: تنص المادة (33) من هذا القانون على أن: "للزوجة الامتناع عن تسليم نفسها لزوجها – قبل أن يدخل بها – حتى تقبض مهرها الحال". وتنص المادة (34) من القانون المذكور على أنه: "إذا دخل بها (الزوج) باختيارها ورضاها، من دون أن تقبض مهرها المعجل، فليس لها بعد ذلك الامتناع من نفسها، بحجة أنه لا تسلمه نفسها حتى تقبض مهرها، فلو امتنعت والحال هذه تعتبر ناشزاً".

وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون، تعليقاً على هذه المادة، ما نصه: "المشهور بين فقهاء الإمامية عدم حقها في الامتناع، وذلك لأن المهر قد استقر بالوطء، وقد حصل تسليمها نفسها برضاها، ومتى سلم أحد المتعاوضين العوض من جانبه باختياره لم يكن له بعد ذلك حبسه، والواجب على الزوجة هو عدم الامتناع من نفسها بحجة قبض المهر، وهو المتسالم بين الفقهاء".

وبمفهوم هذا النص، ومن باب أولى، إذا قبضت الزوجة مهرها المعجل، ودخل بها الزوج باختيارها ورضاها، فليس لها بعد ذلك الامتناع من نفسها، بأي حجة من الحجج، فإن هي امتنعت فإنها تعتبر ناشزاً، ومن ثم فهي لا تستحق نفقة.

حيث إن المشرع قد قرن وربط بين نفقة الزوجة وبين عدم منعها نفسها من الزوج. فنص صراحة في المادة (99) من القانون المذكور على أنه: "تجب النفقة للزوجة على زوجها بالعقد، ولو كانت موسرة، إذا لم تمنع نفسها منه ...".

كما نص المشرع في المادة (101) من القانون على أنه: "تجب نفقة الزوجة على زوجها إذا كانت مطيعة غير ناشز، فلو كانت ناشزاً لم تجب نفقتها".

وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون، تعليقاً على هذه المادة الأخيرة، ما نصه: "وجوب النفقة على الزوجة إن كانت غير ناشزة، وذلك لأن النفقة واجبة بالعقد بشرط التمكين التام، وهو ما تسالم عليه الفقهاء واعتبروا النشوز مسقطاً للنفقة للأخبار الواردة في المقام، لا سيما الخروج بدون إذنه".

والمفهوم من هذا النص، وفقاً لما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون، أن خروج الزوجة من منزل الزوجية بدون إذن الزوج، يعتبر نشوزاً موجباً لسقوط نفقتها طيلة فترة خروجها من المنزل والبقاء خارجه بدون إذن الزوج. فما بالنا إذا سافرت الزوجة من قارة إلى قارة أخرى – مسافة السفر تستغرق ما يزيد على 18 ساعة بالطيران الجوي – ولم ترجع ولم تعد لزوجها رغم حثها على ذلك مراراً وتكراراً دون جدوى.

ويؤيد ويؤكد ذلك ما نصت عليه المادة (115) من ذات القانون، والتي نصت على أنه: "لو مضت مدة، والزوجة عند أهلها أو عند غيرهم، ولم تستأجر بيتاً لسكناها، فليس لها المطالبة بأجرة المدة التي قضتها خارج بيت الزوج".

كما عرفت المادة (126) من ذات القانون، النشوز المانع من استحقاق النفقة، بنصها على أن: "النشوز الذي يمنع من وجوب النفقة يتحقق بتمرد الزوجة على زوجها، بمنعه من حقوقه، أو بفعلها المنفرات له عنها، أو بخروجها من بيته دون إذنه ورضاه".

وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإنه طبقاً لقانون الأحوال الشخصية الجعفرية – المنطبق على وقائع النزاع الماثل – فإن نشوز الزوجة (المانع من استحقاقها لنفقة الزوجية) إنما يتحقق بأي فعل يفيد تمردها على زوجها ومنعه من حقوقه الزوجية أو بفعل المنفرات له عنها أو بخروجها من بيته دون إذنه ورضاه. ولم يشترط قانون الأحوال الشخصية الجعفرية صدور حكم قضائي نهائي بإثبات نشوز الزوجة وإعلان الزوجة بذلك الحكم وامتناعها عن تنفيذه حتى يعتبرها ناشزاً. وإن ذلك إنما يشترط فقط بالنسبة للمنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية (بالنسبة للسنة).

حيث تنص المادة (87) من قانون الأحوال الشخصية للسنة، على أنه: "

أ‌)  إذا امتنعت الزوجة عن الانتقال إلى منزل الزوجية بغير مسوغ، أو منعت الزوج أن يساكنها في منزلها، ولم يكن أبى نقلها، سقط حقها في النفقة مدة الامتناع الثابت قضاءً.

ب‌)  ولا يثبت نشوز الزوجة إلا بامتناعها عن تنفيذ الحكم النهائي بالطاعــة ...".

وإذ جاء قانون الأحوال الشخصية الجعفرية، التالي واللاحق على قانون الأحوال الشخصية للسنة، وبالتالي فهو ناسخاً ومقيداً ومخصصاً للقانون السابق، فيما يتعلق بالمنازعات الخاضعة للأحوال الشخصية الجعفرية، والذي جاء خالياً من مثل هذا النص الوارد في الأحوال الشخصية للسنة، ولم يشترط القانون الجعفري لثبوت نشوز الزوجة صدور حكم نهائي ضدها بدخولها في طاعة زوجها، وإعلانها بذلك الحكم، وامتناعها عن تنفيذه، وإنما اعتبر الزوجة ناشزاً بارتكابها أي فعل من شأنه أن تمنع نفسها من زوجها أو حتى مجرد خروجها من بيت الزوجية بدون إذن ورضاء الزوج.

لا سيما وأنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، فإنه: "لا خلاف بين الطرفين في أنهما جعفريا المذهب، فإن المذهب الجعفري يكون هو الواجب التطبيق، ولا يسري القانون رقم 51 لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية على النزاع الماثل، إذ أنه ليس في المذهب الجعفري حكم مماثل لما تضمنه نص المادة 78 من القانون المذكور، فلم يرد به أي قيد على سماع الدعوى عن مدة معينة، إذ أن القاعدة عند الإمامية أن نفقة الزوجة تكون دينا في ذمة زوجها متى تحققت شروط استحقاقها مهما طال الزمن، سواء كان موسراً أو معسراً، حكم بها القاضي أم لم يحكم".

[[ الطعن بالتمييز رقم 263 لسنة 2005 أحوال شخصية - جلسة 3/12/2006م ]]

كما تواتر قضاء التمييز على أن: "إذ كان طرفا الدعوى ينتميان إلى المذهب الجعفري، ومن ثم فإن أحكام هذا المذهب هي الواجبة التطبيق على الدعوى شاملة قواعد الإثبات إعمالاً لنص المادة (346) من القانون رقم 51 / 1984 في شأن الأحوال الشخصية، وكان المقرر في فقه هذا المذهب أنه إذا كانت الزوجة تعيش في بيت الزوج وداخله في عياله وهو ينفق عليهم بنفسه أو بتوسط وكيله عند غيابه، ثم ادعت الزوجة أنها لم تتسلم منه نفقتها خلال تلك المدة – مع ظهور الحال في عدم استثنائها عنهم – لم يقبل قولها إلا بالبينة، فإن لم يكن لها بينة، فإن القول قول زوجها بيمينه".

[[ الطعن بالتمييز رقم 15 لسنة 2001 أحوال شخصية – جلسة 3/9/2001 مجموعة المكتب الفني – القسم الرابع – المجلد الخامس – صـ 754 ]]

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق، وبإقرار وكيل المدعية (في محضر جلسة التحقيق أمام محكمة أول درجة) بأن: "الزوجة (المدعية) مقيمة خارج البلاد". وإذا أرادت عدالة محكمة الاستئناف الاستيثاق من ذلك، فنلتمس التصريح لنا باستخراج شهادة رسمية من إدارة المنافذ تفيد تاريخ دخول المدعية وخروجها من دولة الكويت، لإثبات أن الزوجة (المدعية) لم تمكث في دولة الكويت إلا ما يقارب ثلاثة أسابيع فقط تم خلالها عمل إقامة رسمية لها، ثم تحججت بمرض والدها في المغرب وأصرت على السفر له، بعد أن حصلت من الزوج المدعى عليه على مبلغ ـ/6,100 د.ك ستة آلاف ومائة دينار كويتي عبارة عن مؤخر صداقها ورسوم دراسية (على الرغم من كونها لا تدرس في أي معهد أو جامعة أو خلافه)، ومن ثم سافرت وغادرت الكويت (بعد ثلاثة أسابيع فقط) عائدة إلى المغرب في تاريخ 18/7/2017م ولم تعد مرة أخرى لزوجها بدولة الكويت مطلقاً منذ ذلك التاريخ رغم المناشدات المتكررة من الزوج لاستعادة زوجته إلا أنها أبت الرجوع إليه ومنعته من نفسها وهجرته إلى الأبد غير آسفة عليه ولا على دولة الكويت التي لم تطق العيش فيها لمدة تجاوز الثلاثة أسابيع لا غير ؟؟!! ثم فجأة بعد أكثر من ثلاث سنوات على مغادرتها للكويت وهجرانها لزوجها، تذكرت فجأة إنها زوجة وأن لها نفقة على زوجها (وهي كل ما تذكرته من علاقة الزوجية) فأقامت الدعوى المستأنف حكمها ؟؟!!

وإذ كان كل ذلك مطروحاً على محكمة أول درجة، إلا أن الحكم المستأنف التفت عن كل ذلك، متذرعاً – وعلى ما جاء في حيثياته ومدوناته – بأنه: "... ولا ينال من ذلك دفع المدعى عليه بواقعة نشوز الزوجة وخروجها من مسكن الزوجية، طالما لم يثبت بالأوراق صدور حكم نهائي يقض بذلك " ؟؟!!

بينما قانون الأحوال الشخصية الجعفرية، وهدياً بنصوصه ومذكرته الإيضاحية، المتقدم بيانها، لم يشترط لإثبات نشوز الزوجة صدور حكم قضائي نهائي يقضي بذلك، فإن الحكم المستأنف يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه. بل ويكون الحكم المستأنف قد خالف قانون الأحوال الشخصية السني ذاته، والذي ينص في الفقرة الأولى من المادة (346) على أنه: "يطبق هذا القانون على من كان يطبق عليهم مذهب الإمام مالك، وفيما عدا ذلك فيطبق عليهم أحكامهم الخاصة بهم"، و "إطلاق" لفظ "أحكامهم" إنما اطلق ليشمل الأحكام "الموضوعية" والأحكام "الإجرائية" وقواعد "الإثبات"، ولا يجوز تقييد المطلق بغير مقيد، ولا تخصيص العام بغير مخصص، وإلا يكون الحكم المستأنف قد وقع في مغبة الخطأ في تفسير النص القانوني واجب التطبيق، بما يتعين معه إلغاؤه.

 

الوجه الثالث:

ومن ناحية أخرى، وبصفة احتياطية فقط، عند التفات عدالة محكمة الاستئناف عن الدفاع الجوهري سالف الذكر، والذي يتغير به – إن صح، وهو صحيح – وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المستأنف قد بالغ في تقدير النفقة المقضي بها لصالح الزوجة التي هجرت زوجها وبلده ولم تعد إليهما منذ ما يزيد على ثلاث سنوات كاملة، ولم يراع حالة إعسار الزوج (المدعى عليه /المستأنف).

حيث تنص المادة (122) من القانون رقم 124 لسنة 2019 بإصدار قانون الأحوال الشخصية الجعفرية، على أن: "معنى يسار وقدرة المنفق هو: أن يفضل من ماله ما يزيد على نفقة نفسه وزوجته بحسب شأنه".

وكان من المقرر في قضاء التمييز أنه: "من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المذهب الجعفري الواجب التطبيق في النزاع بلا خلاف بين الطرفين، لم يتضمن تحديداً زمنياً للفترة التي تستحق فيها نفقة الزوجية دون ما عداها. وأن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير النفقة الزوجية بما يناسب حال الزوج من اليسر والعسر".

[[ الطعن بالتمييز رقم 202 لسنة 2007 أحوال شخصية/2 – جلسة 6/3/2008م ]]

[[ والطعن بالتمييز رقم 515 لسنة 2009 أحوال شخصية/1 – جلسة 1/11/2010م ]]

كما تواتر قضاء التمييز على أن: "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف، ولمحكمة الاستئناف أن تذهب في تقدير النفقة بجميع صنوفها مذهباً مُغايراً لمحكمة أول درجة في نطاق ما هو معروض عليها".

[[ الطعن بالتمييز رقم 426 لسنة 2005 أحوال شخصية – جلسة 11/6/2006م ]]

[[ الطعنان بالتمييز رقما 137، 149 لسنة 2004 أحوال شخصية – جلسة 13/2/2005م ]]

هذا، فضلاً عن أنه من المقرر في قضاء التمييز أن: "المقرر في فقه المذهب الجعفري أن نص المادة 205 من قانون الأحوال الشخصية تسري على من ينتمون على المذهب الجعفري عدا تاريخ استحقاق النفقة فهي تستحق لديهم من تاريخ الحكم وليس من تاريخ رفع الدعوى. ولما كان طرفي الدعوى وبلا خلاف ينتميان إلى المذهب الجعفري - وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن يكون تاريخ الاستحقاق من يوم صدوره يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي في خصوصه على غير أساس".

[[ الطعن بالتمييز رقم 234 لسنة 2000 أحوال شخصية – جلسة 24/3/2001م ]]

لما كان ذلك، و كان الثابت بالأوراق، وطبقاً للمستندات التي نتشرف بتقديمها لعدالة محكمة الاستئناف – عند تداوله بالجلسات – أن الزوج (المدعى عليه/المستأنف) معسر، إذ لا دخل له سوى راتبه من عمله فقط، حيث لا يمتلك أي رخص تجارية ولا أية شركات أو حصص أو أسهم في أي شركات ولا يمتلك عقارات تدر عليه دخلاً أو ما شابه ذلك، فكل ما يمتلكه من حطام الدنيا هو راتبه الشهري فقط من جهة عمله، وهذا الراتب يسدد منه الزوج قسط قرض استهلاكي اضطر إلى اقتراضه لمواجهة أعباء الحياة، حيث يسدد ذلك القرض على أقساط شهرية متساوية، قيمة القسط الواحد ألف دينار شهرياً، فضلاً عن استقطاع مبلغ وقدره حوالي مائتي دينار استبدال التأمينات الاجتماعية، ناهيك عن رواتب وأجور عمال لديه (سائق، وطباخ) بمبلغ يناهز الأربعمائة دينار شهرياً، وكذلك قسط دراسة لأحد أبنائه من زوجته الأولى، بقيمة مائتان وعشرون دينار شهرياً تقريباً، وأيضاً مصاريف زوجته الأولى وثلاثة أبناء (من مأكل وملبس ومشرب ومسكن وتعليم ومواصلات وعلاج ...الخ)، فضلاً عن مصاريف الزوج نفسه (الذي تقدم نفقته على أية نفقة أخرى شرعاً وقانوناً)، وبخصم كل تلك المبالغ من راتب الزوج الذي لا يتعدى الألفين والأربعمائة دينار، نجد إن الناتج سيكون بالسلب، أي إن الزوج سيخرج من تلك الحسبة مديناً ولا يتبقى لديه شيء ليعيش به حياة كريمة، بما يتعين معه على عدالة محكمة الاستئناف الموقرة، والتي تملك أن تذهب مذهباً مغايراً لمحكمة أول درجة، أن تراعي حالة إعسار الزوج، عند تقديرها للنفقة التي تطالب بها الزوجة (المدعية/المستأنف ضدها) بغير حق لا في الشرع ولا في القانون ولا في العقل والمنطق.

فلهذه الأسباب، وللأسباب الأخرى التي سوف يبديها المستأنف في مرافعاته الشفهية ومذكراته المكتوبة، ولما تراه عدالة محكمة الاستئناف من أسباب أصوب وأرشد.

= بنـــــاءً عليــــه =

       أنـا منـدوب الإعلان السالف الذكر قـد انتقلت فـي تاريخـه أعلاه إلى حيث مقـر المعلن إليها، وأعلنتها، وسلمتها صورة من صحيفـة هذا الاستئناف، وكلفتها بالحضور أمام محكمة أسرة العاصمة، الكائن مقرهـا في بالكويت، وذلك أمام الدائـرة: استئناف أسرة جعفري العاصمة/ ........، بجلستها التي ستعقد بها علنًا في تمام الساعة الثامنة والنصف -وما بعدهـا- من صباح يوم ....................... الموافق ........./........./2021م لتسمع المستأنف ضدها الحكـم بما يلي:

أولاً: بقبول هذا الاستئناف شكلاً.

ثانياً: بوقف تنفيذ الحكم المستأنف، مؤقتاً، لحين الفصل في موضوع الاستئناف الماثل، بحكم قطعي نهائي وبات.

ثالثاً: وفي الموضـــــوع: بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً:

1-          بصفة أصلية: برفض الدعوى.

2-    وبصفة احتياطية: بسقوط نفقة المدعية (المستأنف ضدها) لنشوزها.

3-    وعلى سبيل الاحتياط الكلي: بتخفيض مبلغ النفقة المقضي بها إلى الحد الذي يتناسب مع إعسار الزوج (المستأنف).

4-    وفي جميع الأحوال: بإلزام المستأنف ضدها بالمصروفات القضائية، ومقابل الأتعاب الفعلية للمحاماة عن درجتي التقاضي.

مع حفظ كافـة الحقوق الأخرى للمستأنف، أياً ما كانت.

ولأجــل العلـــم/

 

الأحد، 17 يناير 2021

من أحكام الدوائر التجارية - في دعاوى الإخلاء - في ظل جائحة كورونا

 

 

تجاري كلي/ ....

 

 

        ....

        وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، الأجرة المستحقة عن شهر سبتمبر 2019 – الذي تضمنه طلب إلزامه بمبلغ وقدره ـ/6,520 د.ك (ستة آلاف وخمسمائة وعشرون دينار كويتي)، قيمة الأجرة المستحقة عن أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر لعام 2019م.

فإنه لما كان من المقرر قانوناً أن عقد الإيجار يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين لمدة محددة في مقابل عوض مالي (المادة 561 مدني).

كما إنه عملاً بالمادة (586) مدني أنه يجب على المستأجر الوفاء بالأجرة في المواعيد المتفق عليها، فإذا لم يكن هناك اتفاق وجب الوفاء بها في المواعيد التي يعينها العرف، ويكون الوفاء بالأجرة في موطن المستأجر ما لم يكن هناك اتفاق أو غرف يقضي بغير ذلك.

وأنه عملاً بالمادة (209) من ذات القانون فإنه في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه عند حلول أجله، وبعد إعذاره، جاز للمتعاقد الآخر إن لم يفضل التمسك بالعقد أن يطلب من القاضي فسخه مع التعويض إن كان له مقتضى.

وأنه من المستقر عليه في قضاء التمييز أن: "استخلاص إخلال المتعاقد بالتزامه الموجب للفسخ، من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، بغير معقب متى استندت إلى أسباب سائغة". (الطعن بالتمييز رقم 167 لسنة 1988 تجاري جلسة 27/11/1988م).

وأنه عملاً بالمادتين (211) و (219) مدني فإن فسخ العقد أو انفساخه يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها عند إبرامه إلا ما استثني في المادة (212) من أنه في العقود المستمرة لا يكون للفسخ أثر إلا من وقت تحققه.

وأنه من المقرر أن رفع الدعوى يُعد بمثابة إعذار للمدعى عليه أصلياً.

        لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على عقد الإيجار موضوع الدعوى (المؤرخ 23/5/2019م) أن المدعية أجرت للمدعى عليه الأعيان محل النزاع مقابل أجرة شهرية قدرها ـ/1,630 د.ك (ألف وستمائة وثلاثون دينار) بموجب البند (الثاني) والبند (5/ب) من ذلك العقد تسدد مقدماً أول كل شهري ميلادي، وكانت الأوراق قد خلت مما ينفي استلام المدعى عليه للأعيان وتمكينه من الانتفاع بها حتى تاريخ تسليمه للمفتاح في 19/9/2019م، وهو ما يلتزم معه بالوفاء بأجرة شهر سبتمبر 2019 المستحقة في أول ذلك الشهر والمتفق عليها وذلك عملاً بنص المادة (586/1) من القانون المدني، وإذ تخلف المدعى عليه عن الوفاء بالتزامه بسداد تلك الأجرة، وهو ما ثبت من شهادة إدارة التنفيذ المقدمة من المدعية والمؤرخة في 5/12/2019م التي تثبت عدم إيداع الأجرة المستحقة لحسابها بخزانتها، وهو ما لا يماري فيه المدعى عليه، مما يثبت معه إخلاله بأهم التزاماته الناشئة عن عقد الإيجار وهو سداد الأجرة، مما يتعين معه القضاء بإلزام المدعى عليه بمبلغ ـ/1,630 د.ك (ألف وستمائة وثلاثون دينار كويتي) قيمة الأجرة المستحقة عن شهر سبتمبر 2019م.

        وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه بالأجرة المستحقة عن أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر 2019 والذي تأسس على ما نصت عليه المادة 19/3 من المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات، فإنه لما كان هذا النص لا ينطبق على الدعوى الماثلة، فإن هذا الطلب يكون قد غاب عنه سنده القانوني متعيناً رفضه.

        وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه، بأن يؤدي للمدعية، مبلغاً وقدره ـ/3,260 د.ك (ثلاثة آلاف ومائتان وستون دينار كويتي) قيمة إيجار شهري يوليو وأغسطس لعام 2019م (فترة السماح) ومقابل استهلاك الكهرباء والماء المتبقي عنه استناداً إلى نص البند 30 من العقد، وذلك لإخلاله بالتزاماته التعاقدية بإنهاء العقد قبل انتهاء المدة المتفق عليها به، فإنه لما كان البند الأخير ينص على أنه: "تم الاتفاق على إعفاء الطرف الثاني (المدعى عليه) من سداد القيمة الإيجارية عن الفترة من 1/7/2019م حتى 31/8/2019م، وفي حال إنهاء العقد بسبب أو بناءً على طلب الطرف الثاني أو التنازل عن العين المؤجرة قبل انتهاء مدة العقد الأصلية، فإنه يلتزم بسداد القيمة الإيجارية عن فترة الإعفاء". وهو ما يعني التزم المدعى عليه بسداد مقابل القيمة الإيجارية عن هذه الفترة (شهري يوليو وأغسطس لعام 2019م) بناءً على ما هو ثابت بالأوراق من إنهاء العقد موضوع الدعوى بمعرفة المدعى عليه على أثر تسليمه المفتاح، وذلك نفاذاً للقوة الملزمة لذلك العقد على وفق ما تنص عليه المادتان (196) و (197) من القانون المدني، وهو ما يتعين معه إلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغ وقدره ـ/ 3,260 د.ك (ثلاثة آلاف ومائتان وستون دينار كويتي) قيمة إيجار هذه المدة، دون ما تطالب به المدعية عن قيمة استهلاك الكهرباء والماء التي لم يتضمنها نص البند (30) من العقد سند الدعوى، وخلت الأوراق مما يثبت استهلاك كهرباء وماء مستحق على المدعى عليه.

        وحيث إنه عن طلب إلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغاً وقدره ـ/1,260 د.ك (ألف ومائتان وستون دينار كويتي) مقابل فترة الإخطار المنصوص عليها بالعقد، حيث إنه لما كان من المقرر في قضاء التمييز أن: "المناط في تكييف العقود وإعطائها الوصف القانوني الصحيح هو القصد المشترك الذي انصرفت إليه نية المتعاقدين وقت إبرام الاتفاق، ويدخل التعرف على هذا القصد في سلطة محكمة الموضوع التي يكون لها استخلاص نية المتعاقدين وما انعقد عليه اتفاقهما بشرط أن يكون هذا الاستخلاص سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر لهذه المحررات، كما أن لها سلطة تفسير المستندات والعقود وسائر المحررات التي تقدم إليها واستخلاص ما تراه أوفى بمقصود عاقديها مسترشدة بذلك بظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة عليها في ذلك متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها". (الطعن بالتمييز رقم 1041 لسنة 2016 مدني/1 – جلسة 23/1/2017م).

        لما كان ذلك، وكان البين أن البند (19) من العقد سند التداعي، والذي ينص على أنه: "عند إبداء أي من الطرفين رغبته في إنهاء العقد وإخلاء العين، يحق للطرف الأول قبل موعد الإخلاء بشهر وضع لافتة للإعلان عن التأجير، كما يحق له إدخال راغبي التأجير للعين في المواعيد المناسبة وبالطريقة التي يتفق عليها الطرفان، وعلى الطرف الثاني تسهيل مهمة الطرف الأول في ذلك". وهو ما يستخلص منه انصراف نية الطرفين إلى أنه عند رغبة المستأجر (المدعى عليه) في إنهاء العقد قبل انتهاء مدته، فإنه يلتزم بإخطار المؤجر (المدعية) بذلك، قبل شهر من التاريخ المحدد للإخلاء، وتمكينه من وضع لافتة للإعلان عن التأجير وإدخال راغبي التأجير للعين في المواعيد المناسبة، بما مؤداه التزام المستأجر (المدعى عليه) بأجرة العين لمدة شهر من تاريخ إبداء رغبته في إنهاء العقد، وهو ما لم يلتزم به المدعى عليه، إذ بادر إلى تسليم المفتاح لإدارة التنفيذ بتاريخ 19/9/2019م دون أن يسبق ذلك توجيه إخطار منه للمدعية برغبته في الإخلاء، ومن ثم يتعين القضاء بإلزامه بأن يؤدي للمدعية مبلغاً وقدره ـ/1,320 د.ك (ألف وثلاثمائة وعشرون دينار كويتي) مقابل أجرة شهر.

        ولا ينال من ذلك ما يثيره المدعى عليه من أنه وجه كتاب مؤرخ في 30/7/2019م للمدعية لإبداء رغبته في إنهاء العقد، إذ خلت الأوراق مما يثبت تسلم المدعية لذلك الإخطار الذي أنكرت علمها به. كما لا يغنيه كذلك الإنذار الموجه للشركة المدعية بتاريخ 18/9/2019م إذ فضلاً عن أن هذا الإعلان شابه البطلان لافتقاره لما تطلبته المادة (10/هـ) من قانون المرافعات، إذ تم في مواجهة حارس عقار لم تثبت علاقته بالشركة المدعية (مديرة العقار)، فإنه لم يسبق الإخلاء الحاصل بموجب تسليم المفتاح لإدارة التنفيذ في 19/9/2019م إلا بيوم واحد فقط.

        وحيث إنه عن طلب مقابل الانتفاع عن الفترة من تاريخ الحكم بفسخ العقد إلى تاريخ الإخلاء الفعلي ورد وتسليم العين المؤجرة للمدعية، فهو طلب سديد، إذ إنه نظراً لطبيعة العقد الزمنية وعدم إمكان إعادة المتعاقدين للحالة التي كانا عليها وقت التعاقد، وكان من المقرر قانوناً بنص المادة (595) من القانون المدني أنه: "يلتزم المستأجر برد المأجور وملحقاته عند انتهاء الإيجار، فإن أخل بالتزامه بالتسليم، وجب عليه تعويض المؤجر عما لحقه من ضرر، وذلك دون إخلال بحق المؤجر في تسليم المأجور"، بما يكون معه مطالبة المدعية بمقابل الانتفاع بالمأجور عن الفترة التالية للحكم بفسخ العقد وإخلاء المدعى عليه من عين التداعي، حتى تاريخ الإخلاء الفعلي قد جاء موافقاً لحقيقة الواقع وصحيح القانون، على أن يتم تقدير مقابل الانتفاع بقيمة أجرة عين التداعي الواردة في عقد الإيجار سند التداعي.

        وحيث إنه عما أبداه المدعى عليه من دفع موضوعي تمثل في طلب إجراء المقاصة بين ما هو مستحق له من استرداد قيمة التأمين المسدد منه بواقع مبلغ وقدره ـ/1,630 د.ك (ألف وستمائة وثلاثون دينار كويتي) مما هو مستحق للمدعية. فإنه لما كان من المقرر قانوناً أن: "مؤدى نصوص المواد 425 إلى 432 من القانون المدني وما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون في شأنها، أن ما تضمنه من أحكام إنما تتعلق بالمقاصة القانونية التي تتم بين الدينين قصاصاً بمجرد توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 425 المشار إليها. ومنها خلو الدينين من النزاع، وذلك دون حاجة لصدور حكم قضائي بإجرائها، ومن ثم يجوز طلب هذه المقاصة في صورة دفع لدعوى الخصم، أما إذا كان أحد الدينين محل نزاع، فإن سبيل استنزاله هو التمسك بالمقاصة القضائية التي يشترط لإجرائها طبقاً لنص المادة 85 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن تبدى في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة، ولا يجوز طلب المقاصة هذه في صورة دفع لدعوى الخصم". (الطعن بالتمييز رقم 4 لسنة 1994 – جلسة 17/10/1994م مجموعة المكتب الفني السنة 22 – صـ 416).

        لما كان ذلك، وكان الثابت بالبند الرابع من العقد سند التداعي أن مبلغ التأمين المسدد من المدعى عليه، وهو محل المقاصة المدفوع بها منه، يعاد له عند انتهاء العقد وتسليم العين المؤجرة بالحالة الحسنة التي كانت عليها عند بداية التعاقد، وأنه يحق للمدعية أن تستقطع من هذا المبلغ قيمة الأضرار الفعلية التي لحقت بالعين من جراء استخدام المدعى عليه للعين وسائر الالتزامات الأخرى المستحقة عليه، بما يبين معه أن حق المدعى عليه في استرداد مبلغ التأمين المشار إليه معلق على شرط تسليم العين المؤجرة للمدعية بالحالة الحسنة التي كانت عليها عند بدء التعاقد وعدم وجود التزامات أخرى مستحقة عليه، وهو ما يقدح في توفر شرطي خلو هذا الحق من استحقاق الأداء والخلو من المنازعة الواردين بنص المادة 425 من القانون المدني. ومن ثم فإن المقاصة القانونية بين هذا الحق وبين ما هو مستحق للمدعية في ذمة المدعى عليه لا تقع بقوة القانون، ولذا يمتنع القضاء بها لمجرد أن الخصم دفع بتحققها، إذ السبيل لإعمال هذا النوع من المقاصة هو التمسك بإجرائها طبقاً لنص المادة 85 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن تبدى في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى المدعية الأصلية طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة، وهو ما لم يقم به المدعى عليه، ومن ثم يتعين القضاء برفض هذه المقاصة.

        وحيث إنه عن المصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة فيتعين إلزام المدعى عليه بها بحسبانه خاسر الدعوى، وذلك عملاً بنص المادة 119/1 من قانون المرافعات، وكذا إلزامه بمقابل أتعاب المحاماة الفعلية بالنسبة للدعوى الأصلية والذي تقدره المدعية بحسب الجهد المبذول في الدعوى ودرجة التقاضي بمبلغ لا يقل عن ـ/1,000 د.ك (ألف دينار كويتي)، عملاً بنص المادة 199/مكرر من ذات القانون.

        وحيث إنه عن النفاذ المعجل بلا كفالة، فإنه لما كان الحكم صادراً في مادة تجارية، فإنه يكون مشمولاً بالنفاذ المعجل بقوة القانون.