الجمعة، 23 أكتوبر 2009

مذكرة لتنفيذ حكم قضائي نهائي

مذكرة لتنفيذ حكم قضائي نهائي

البحث القانوني

حجية الأحكام النهائية:

يقصد بحجية الأمر المقضي أن القرار القضائي (الحكم) إذ يطبق إرادة القانون في الحالة المعينة فإنه يحوز الاحترام، سواء أمام المحكمة التي أصدرته أو أمام المحاكم الأخرى، بحيث إذا رفع أحد الخصوم نفس الدعوى التي فصل فيها مرة أخرى تعين عدم قبولها، وإذا أثير ما قضى به أمام القضاء وجب التسليم به دون بحث مجدد.

فحجية الأمر المقضي تبدو في أثرين: أحدهما سلبي والآخر إيجابي، هما:

أ‌- الأثر السلبي – عدم جواز إعادة النظر في الدعوى: فلا يجوز رفع نفس الدعوى مرة أخرى بعد الفصل فيها، ولو قدمت في الخصومة الجديدة أدلة واقعية أو أسانيد قانونية لم يسبق إثارتها في الخصومة الأولى. وعدم جواز إعادة النظر في الدعوى يقيد القاضي الذي تطرح عليه الدعوى من جديد، كما يقيد الخصوم فيها. ويستوي أن يكون الخصم قد كسب الدعوى أم خسرها.

ب‌- الأثر الإيجابي – احترام ما قضي به: وهذا الأثر يسري أيضاً في مواجهة الخصوم والقاضي. فللخصم الذي أكد القضاء حقه أن يتمتع بحقه وبمزاياه، وإذا رفع دعوى استناداً إليه، فعلى القاضي احترام التأكيد الذي قضي به. ولهذا إذا قضي بعزل وكيل، ورفع الموكل دعوى لمطالبته بالمستندات التي تحت يده، فيجب على المحكمة التي تنظر الدعوى أن تسلم بما قضى به من عزل الوكيل فلا تناقشه من جديد. (المصدر: "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" – للدكتور/ فتحي والي – الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 87 – صـ 161).

السند التنفيذي:

تنص المادة 280 مرافعات على أنه: "لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء. والسندات التنفيذية هي: الأحكام والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة. ولا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص القانون إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية: "على الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك".

والأحكام (النهائية الحائزة لقوة وحجية الأمر المقضي به)، كسند تنفيذي، تصدر بعد تحقيق كامل وتتضمن تأكيداً قضائياً لوجود حق "الدائن"، فالحكم هو: "عنوان الحقيقة".

والأحكام الحائزة لقوة الشيء المحكوم فيه تقبل التنفيذ ولا يمنع من تنفيذها قابليتها للطعن فيها بالتماس إعادة النظر أو النقض ولا الطعن فيها بأحد هذين الطريقين بالفعل، والأحكام الحائزة لقوة الشيء المحكوم به هي الأحكام التي لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف سواء أكانت صادرة من محاكم الدرجة الثانية أم من محاكم الدرجة الأولى وذلك في حالة صدورها في حدود نصابها الانتهائي أو في حالة سقوط الحق في استئنافها بانقضاء الميعاد أو في حالة سقوط الخصومة في الاستئناف (بعد رفعه، أو بطلان صحيفته، أو اعتباره كأن لم يكن، أو بشطبه). (المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري وحامد عكاز – الجزء الثاني – الطبعة الثامنة 1996 القاهرة – شرح المادة 280 – صـ 592 وما بعدها).

ويكون للحكم قوة لتنفيذ ما أمر به في منطوقه. فإذا حدث ولم يعين المنطوق ما ينصب عليه التنفيذ، فيكون إجراء التنفيذ على أساس ما يبين من الحكم بالرجوع إلى ما تنازع فيه الطرفان أمام المحكمة وما جاء في أسباب الحكم، أي أن يكون الأساس هو: "تفهم مقتضى الحكم وتقصي مراميه" وتطبيقاً لهذا حكم بأنه عند تنفيذ الحكم بتسليم عقار فإنه يمكن الرجوع إلى أسباب الحكم لمعرفة أوصاف العقار الذي يراد تسلمه.

ومن المُتفق عليه فقهً وقضاءً أن الأحكام التي تنفذ تنفيذاً جبرياً هي فقط أحكام "الإلزام"، وذلك دون الأحكام "المُقررة" أو "المُنشئة"، وعله هذا أن حكم "الإلزام" هو وحده الذي يقبل مضمونه التنفيذ الجبري. (المصدر: "التنفيذ الجبري" – للدكتور/ فتحي والي – طبعة 1986 القاهرة – بند 19 وما بعده – صـ 37 وما بعدها).

محل التنفيذ:

محل التنفيذ في التنفيذ المباشر هو نفس محل حق الدائن الموضوعي الذي لم يف به المدين، وبعبارة أخرى هو نفس الشيء الذي كان يجب على المدين الوفاء به بمقتضى علاقة المديونية. فإذا كان على المدين أن يسلم حيواناً معيناً للدائن، ولم يقم بواجبه، حصل الدائن جبراً عنه على نفس هذا الحيوان.

أما محل التنفيذ بنزع الملكية فهو غير الشيء الواجب. فإذا كان على المدين أن يفي بمبلغ مائة جنيه للدائن، كان للدائن الحق في الحصول على مائة جنيه من المدين بضمان ذمته المالية. فإذا لم يف المدين، كان أي مال من أمواله محلاً للتنفيذ. وبهذا يمتد محل التنفيذ خارج الشيء الواجب، فبينما الشيء الواجب هو مائة جنيه، يصبح محل التنفيذ أي مال من أموال المدين، ومعنى هذا أن محل التنفيذ لا يحدده محل الحق الموضوعي. (المصدر: د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 92 – صـ 177).

مُقدمات التنفيذ:

قبل إجراء التنفيذ الجبري، يوجب القانون القيام ببعض الأعمال الإجرائية التي لا تعتبر جزءاً من خصومة التنفيذ، من قبيل: إعلان السند التنفيذي قبل إجراء التنفيذ بميعاد معين:

حيث تنص المادة 281 مرافعات على أنه: "يجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي لشخص المدين أو في موطنه الأصلي وإلا كان باطلاً. ويجب أن يشتمل هذا الإعلان على تكليف المدين الوفاء وبيان المطلوب وتعيين موطن مختار لطالب التنفيذ في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة ... ولا يجوز إجراء التنفيذ إلا بعد مضي يوم على الأقل من إعلان السند التنفيذي".

فيجب على الدائن قبل اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري أن يعلن المدين بالسند التنفيذي وأن يشتمل الإعلان على تكليفه بالوفاء وإنذاره بأنه إذا لم يف فإن الحق سيستوفي جبراً عنه. وفائدة هذا الإعلان هو إخبار المدين بحق الدائن في التنفيذ الجبري ومداه، وتمكينه من مراقبة استعمال الدائن له. فيستطيع أن يعترض على التنفيذ إذا كان لديه وجه للاعتراض، أو أن يقوم بالوفاء اختياراً فيتجنب تحمل إجراءات التنفيذ الجبري. أما التكليف بالوفاء مع الإنذار، فإنه يرمي إلى تأكيد امتناع المدين عن الوفاء باعتباره اعتداء على حق الدائن يبرر الحماية القانونية بطريق التنفيذ الجبري. (المصدر: د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 115 – صـ 231).

وتكليف المدين بالوفاء بالمطلوب، وتحذيره بأنه إذا لم يقم بالوفاء أجرى التنفيذ جبراً عنه، وتعيين موطن مختار لطالب التنفيذ في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة، وقبض المحضر للدين. (المرجع السابق – نفس الموضع وما بعده).

مُنازعة التنفيذ الوقتية، وأثر رفع الإشكال الأول:

بينما لا يؤدي رفع "مُنازعة التنفيذ الموضوعية" – كقاعدة عامة – إلى وقف التنفيذ إلا ما استثناه القانون بنص خاص، فإن مُجرد رفع "مُنازعة التنفيذ الوقتية"( 1 ) يؤدي إلى وقف التنفيذ. ويستوي أن تقدم المُنازعة أمام المحضر عند التنفيذ أو أن ترفع مباشرة إلى قاضي التنفيذ. ويكون الأمر كذلك ولو رفعت المنازعة إلى محكمة غير مختصة.( 2 ) (المصدر: د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 388 – صـ 689 وما بعدها).

فرق القانون بين الإشكال الأول والإشكال الثاني. فوفقاً للمادة 312/4 لا يترتب على تقديم أي إشكال آخر وقف التنفيذ ما لم يحكم قاضي التنفيذ بالوقف. ومعنى هذا أن الإشكال الثاني (أو الآخر) – على خلاف الإشكال الأول – لا يترتب على تقديمه وقف التنفيذ( 3 ). ذلك أن المشرع قد افترض في رافعه سوء النية والرغبة في عرقلة التنفيذ. ولهذا فإن الإشكال الثاني لا يوقف التنفيذ إلا إذا حكم القاضي بوقفه بعد نظر الإشكال. (المصدر: د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 389 – صـ 691).

جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم القضاء:

تكون الأحكام الصادرة ضد الجهات الحكومية واجبة التنفيذ إذا توافرت فيها شروط الصلاحية للتنفيذ، وهي بالنسبة إلى الأحكام الصادرة في المواد المدنية: أن تكون نهائية أو مشمولة بالنفاذ المُعجل – كما يُشترط أن تكون مذيلة بالصيغة التنفيذية ومعلنة إلى الجهات الحكومية – ولا يوجد إشكال في تنفيذها لم يُفصل فيه بعد.

ولكن قد يتأخر تنفيذ الأحكام بمبرر قانوني: مثل عدم توافر الاعتمادات المالية إلى أن تتوافر هذه الاعتمادات في ميزانية السنة المالية التالية.

بل قد تمتنع جهة الإدارة عمداً عن تنفيذ الأحكام ويكون امتناعها له مبرر قانوني، وذلك إذا كان يترتب على تنفيذها جبراً حدوث قلاقل أو اضطرابات أو فتن تمس الأمن والنظام.

كما قد يكون الامتناع عن التنفيذ بدون مبرر قانوني وتعنتاً من الموظف المختص بالتنفيذ والذي يعد تدخله ضرورة حتمية لإجراء التنفيذ لأن الأحكام الصادرة ضد الجهات الحكومية لا يجوز تنفيذها بالطريق الجبري لأنه لا يجوز الحجز على أموال الدولة العامة والخاصة على السواء.

وهذا التعنت من الموظف المختص بالتنفيذ يعتبر جريمة خطيرة لأنه كما تقرر محكمة القضاء الإداري: "ينطوي على مخالفة لقوة الشيء المقضي به، وهي مخالفة قانونية لمبدأ أساسي، وأصل من الأصول القانونية تمليه الطمأنينة العامة وتقضي به ضرورة استقرار الحقوق والروابط الاجتماعية استقراراً ثابتاً، ولذلك تعتبر المخالفة القانونية في هذه الحالة خطيرة وجسيمة، لما تنطوي عليه من خروج سافر على القوانين فهي عمل غير مشروع ومعاقب عليه بالمادة 123 من قانون العقوبات". (الطعن رقم 88 لسنة 3 قضائية – جلسة 29/6/1950).

وقد عالج المشرع جريمة تعطيل تنفيذ الأحكام والأوامر والامتناع عن تنفيذها في المادة 123 من قانون العقوبات التي تنص على أن: "يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادر من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة. كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاص الموظف".

كما أن الدستور رأي أن في تعطيل تنفيذ الأحكام أو الامتناع عن تنفيذها مساس بمبدأ سيادة القانون، فنص عليها في صلب الدستور وأباح للمتضرر رفع دعوى الجنحة المباشرة ضد الموظف المختص المسئول وذلك استثناء من نص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية التي تحظر رفع الدعوى الجنائية ضد الموظف العام لجريمة وقعت منه أثناء أو بسبب وظيفته إلا بإذن من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة، فنصت المادة 72 من الدستور الدائم لسنة 1971 على أنه: "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون. وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة". (المصدر: بحث بعنوان "جريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام عمداً" – للمستشار/ ذكريا مصيلحي عبد اللطيف – منشور بمجلة "إدارة قضايا الحكومة" – العدد 3 – السنة الحادية والعشرون – يوليو/سبتمبر 1977 – صـ 5 وما بعدها).

وحيث أنه لا يوجد سبب قانوني جد بعد صدور الحكم يجيز لهيئة الأوقاف المصرية الاستشكال في تنفيذ الحكم، كما أن إقامة الإشكال بدون سند قانوني صحيح مصيره الرفض، فضلاً عن أن هيئة قضايا الدولة قد رأت عدم الطعن على الحكم الاستئنافي بطريق النقض، كما أن الصادر لصالحه الحكم قد أعلن هيئة الأوقاف بالصيغة التنفيذية لذلك الحكم، وخشية من إقامة جنحة مباشرة بتهمة عدم تنفيذ الأحكام ضد السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، لذلك..

ثالثاً- الرأي:

ولكل ما تقدم، أرى – لدى الموافقة – أن يتم تنفيذ الحكم رقم .......... لسنة .......... إيجارات كلي شمال القاهرة، والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم .......... لسنة ........ قضائية "استئناف عالي القاهرة – مأمورية شمال"، والقاضي في منطوقه: بفسخ عقد الإيجار المؤرخين في 1/5/1990 والمبرم بين السيد/ .......... وهيئة الأوقاف المصرية، واعتبارهما عديمي الأثر. مع إلزام هيئة الأوقاف المصرية برد ما تسلمته من قيمة ايجارية عملاً لعقدي الإيجار المؤرخين في 1/5/1990 من السيد/ .................؛ وذلك بالشروط التالية:

1- تنفيذ الحكم طبقاً لمنطوقه.

2- التأكد من عدم سابقة الصرف أو التنفيذ.

3- التحقق من عدم وجود مانع من موانع الصرف أو التنفيذ.

4- التحقق من عدم وجود أية استحقاقات للخزانة العامة (كالضرائب والرسوم).

5- أخذ المُخالصة اللازمة على الصورة التنفيذية وسحبها من المحكوم لصالحه وحفظها لدى الهيئة ضمن مُستندات الصرف.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،



( 1 ) ويُشترط في مُنازعة التنفيذ الوقتية: 1- أن يكون المطلوب إجراء وقتياً.. 2- شرط الاستعجال.. 3- أن تكون المنازعة من اختصاص جهة المحاكم.. 4- وجوب رفعها قبل تمام التنفيذ.

( 2 ) نقض مدني في 8 يناير 1979 في الطعن رقم 597 لسنة 44 قضائية. ويظل الأثر الواقف ولو حكم بعدم الاختصاص والإحالة. إذ هذا الحكم ينقل الدعوى بحالتها إلى المحكمة المحال إليها. ويعتبر صحيحاً أمامها ما تم من إجراءات قبل الإحالة بما في ذلك صحيفة الإِشكال وأثرها الواقف للتنفيذ. د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 388 – صـ 689 – هامش 2 بذات الصفحة.

( 3 ) ويُلاحظ أن الإشكال لا يعتبر إشكالاً ثانياً إلا إذا سبقه إشكال أول. ولا تعتبر منازعة التنفيذ الموضوعية – ولو ترتب على رفعها وقف التنفيذ، كدعوى الاسترداد – إشكالاً، ولهذا فإنه إذا رفع إشكال بعد دعوى الاسترداد، فإن هذا الإشكال لا يعتبر لمجرد سبقه بدعوى استرداد إشكالاً ثانياً بل هو إشكال أول. د. فتحي والي – المرجع السابق – بند 389 – صـ 691 – هامش 1 بذات الصفحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق