السبت، 24 أكتوبر 2009

مذكرة دفاع في طعن على قرار إزالة أصدرته الهيئة

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإداري

دائرة "المفوضين – أفراد"

مذكرة

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (مطعون ضدها)

ضــد

السيد/ ......................... (طاعن)

في الطعن رقم 15002 لسنة 62 قضائية "قضاء إداري"، والمحدد لنظرها أمام هيئة المفوضين الموقرة جلسة الخميس الموافق 23/4/2009م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

تخلص وقائع الطعن الماثل في أن الطاعن عقد الخصومة فيه، بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب في ختامها الحكم له: "

أولاً- إيقاف القرارات أرقام 521 ، 523 ، 524 ، 525 ، 528 ، 529 ، 530 ، 531 ، 536 ، 554 ، 555 ، 556 ، 557 ، 558 ، 559 ، 560 ، 562 ، 563 ، 564 ، 567 ، 569 ، 586 ، 587 ، 588 ، 590 ، 591 ، 592 ، 593 ، 594 ، 595 ، 627 ، 633 ، 634 ، 635 ، 636 ، 638 ، 640 ، 641 ، 642 ، 643 ، 644 ، 645 ، 646 ، 647 ، 648 ، 654 ، 657 ، 655 ، 658 ، 652 ، 653 ، 639 ، 637 ، 650 ، 651 لسنة 2008.

ثانياً- وفى الموضوع: بإلغاء القرارات المطعون عليها".

وقال الطاعن شرحاً لدعواها أن السيد اللواء/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته قد أصدر القرارات الإدارية المطعون عليها ضد شاغلي المحلات التجارية الكائنة بعقارات التداعي، وزعم الطاعن أنه معين حارساً على هذه العقارات، كما زعم بأن القرارات المطعون عليها – بالتالي – صادرة من غير ذي صفة على حد زعمها، مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباتها سالفة الذكر.

وتداولت الدعوى بالجلسات أمام هيئة المفوضين الموقرة بمجلس الدولة، وذلك على النحو الثابت بمحاضرها، ومن ثم تم تأجيل نظرها لجلسة اليوم للمرافعة ولتقديم مستندات والمذكرات من قِبل هيئة الأوقاف المصرية، ولما كان يهم الطالب بصفته تنفيذ قرار عدالة هيئة المفوضين الموقرة، لذا فهو يتشرف بتقديم مذكرة شارحة لدفاعه ليضعها بين يدي عدالة هيئة المفوضين أجرى الله الحق على يديها.

ثانياً- الدفاع

في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع والدفوع المبداه منا والثابتة بمحاضر الجلسات ومذكرات الدفاع وحوافظ المستندات المقدمة من هيئة الأوقاف، ونعتبرها جزء لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، ونضيف إلى ما سبق ما يلي:

ندفع بعدم قبول الطعن الماثل لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة بصفته:

تنص المادة الأولى من القرار الجمهوري بقانون رقم 80 لسنة 1971 بشأن إنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: "تنشأ هيئة عامة تسمى "هيئة الأوقاف المصرية" تكون لها الشخصية الاعتبارية".

كما تنص المادة التاسعة من القرار الجمهوري بقانون رقم 1141 لسنة 1972 بشأن تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أن: "يختص رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بتمثيل هيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفى صلاتها بالغير".

ومفاد ذلك أن الممثل القانوني الوحيد لهيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفي صلاتها بالغير هو السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته دون سواه، وليس للسيد/ مدير عام منطقة أوقاف القاهرة أية صفة في تمثيل الهيئة أمام القضاء، حيث أن منطقة أوقاف القاهرة ما هي إلا إدارة من إدارات الهيكل التنظيمي لهيئة الأوقاف المصرية التي يمثلها كلها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته فقط. وعليه يكون الدفع المبدى من هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الأولى) بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة بصفته قد جاء مصادفاً لحقيقة الواقع وصحيح القانون متعيناً قبوله والقضاء به طبقاً للقانون.

حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: "المادة 115/1 مرافعات تنص على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، والمقصود بهذا الدفع هو الدفع بعدم القبول الموضوعي فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع [الشكلي] الذي يتخذ اسم عدم القبول [أي الدفع بعدم القبول الإجرائي] لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 1863 لسنة 50 قضائية - جلسة 15/5/1984)

حيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه. (المرجع: للدكتور فتحي والى "الوسيط في شرح قانون القضاء المدني" - الطبعة الثالثة 1981 القاهرة - بند 282 - صـ 559 وما بعدها).

ندفع بعدم قبول الطعن الماثل لرفعه من غير ذي صفة ولانتفاء مصلحة الطاعن فيه:

تنص المادة 3 مُرافعات على أنه: "لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومُباشرة وقائمة يُقرها القانون".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الصفة في الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – شرط لازم وضروري لقبولها والاستمرار في موضوعها، فإذا انعدمت فإنها تكون غير مقبولة ويمتنع على المحاكم الاستمرار في نظرها والتصدي لها وفحص موضوعها وإصدار حكم فيها بالقبول أو الرفض، بما لازمة أن تُرفع الدعوى ممن وعلى من له صفة فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 6832 لسنة 63 قضائية – جلسة 8/3/1995. المرجع: "الموسوعة القضائية في المُرافعات المدنية والتجارية في ضوء الفقه والقضاء" - للمُستشار/ مجدي مُصطفى هرجه – صـ 1268).

لما كان ذلك، وكان من المُقرر قانوناً (فقهاً وقضاءاً) أن استخلاص الصفة في الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو ما يستقل به قاضي الموضوع، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي أقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله". (نقض مدني في الطعن رقم 1069 لسنة 56 قضائية – جلسة 25/6/1987).

كما قضي بأن: "شرط قبول الدعوى أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع الدعوى حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته، فتكون له مصلحة شخصية ومباشرة مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 921 لسنة 51 قضائية – جلسة 22/1/1985).

وكذلك تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "المصلحة في الدعوى تعني أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني محل النزاع أو نائبه، وكذلك المدعى عليه بأن يكون هو صاحب المركز القانوني المعتدي على الحق المدعي به، فيجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة، ويحدد الصفة في الدعوى القانون الموضوعي الذي يحكم الحق أو المركز القانوني موضوع الدعوى، إذ يجب التطابق بين صاحب الحق ورافع الدعوى كما يجب التطابق بين المعتدي على الحق وبين المدعى عليه. ولا تتوافر الصفة في حالة التعدد الإجباري إلا باختصام جميع أفراد الطرف المتعدد سواء في جانب الطرف المدعي فيكون التعدد إيجابياً أو في جانب الطرف المدعى عليه فيكون التعدد سلبياً، وفي هذه الحالة تكون الصفة في الدعوى سواء إيجابية أو سلبية لعدة أشخاص معاً وليست لشخص واحد، فإذا رفعت الدعوى دون اختصام من يجب اختصامه كانت غير مقبولة لرفعها من أو على غير ذي كامل صفة ". (نقض مدني في الطعن رقم 176 لسنة 38 قضائية – جلسة 29/11/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – العدد الثالث "من أكتوبر إلى نوفمبر سنة 1973" – الحكم رقم 206 – صـ 1189 : 1193).

لما كان ما تقدم، وكانت المادة 115/1 مُرافعات تنص على أن: "الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى". ولابد من إثبات الصفة في الحكم وإلا كان مشوباً بعيب جوهري موجب لبطلانه (المادتان 3 و 178 مرافعات).

لما كان ذلك، وكانت أعيان التداعي مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية، وكان الحارس المزعوم على أعيان وقف أحمد جوربجي لا صفة له ولا صلة له بباقي أعيان الأوقاف التي تملكها هي الأوقاف المصرية، لا سيما وأن حكم الحراسة الذي يستند إليه لم يصدر في مواجهة هيئة الأوقاف، كما أن ذلك الحكم ذاته رفض طلب الحارس تسليمه أعيان الوقف الذي عين عليه حارساً، فإن طعنه الماثل على قرارات إدارية صادرة بشأن أوقافات أخرى غير تلك التي عين حارساً عليها، يكون مقام من غير ذي صفة وتنتفي مصلحته فيه، مما يتعين معه القضاء – والحال كذلك – بعدم قبول هذا الطعن الماثل لرفعه من غير ذي صفة ولانتفاء مصلحة الطاعن فيه.

نجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من الطاعن:

قدم الطاعن صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المقدمة في الطعن الماثل، وهيئة الأوقاف المصرية (المطعون ضدها) تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من الطاعن في الطعن الماثل.

لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور".

وهدياً بما تقدم، ولما كان الطاعن قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المطعون ضدها) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه الطاعن قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة. كما يتعين الالتفات بالكلية عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية.

نطلب رفض الطعن موضوعاً:

حقيقة الموضوع: يهمنا أن نوضح لعدالة المحكمة الموقرة أصل موضوع النزاع لتكون عدالة المحكمة الموقرة على بينة من حقيقة الموضوع والذي يتحصل في أن المدعو/ ....................... كان قد أقام الدعوى رقم 1166 لسنة 1997 مستعجل القاهرة ضد السيد/ ...................... (وآخرين بلغ عددهم الإجمالي 55 خصماً – ليس من بينهم هيئة الأوقاف المصرية على الإطلاق)، وذلك بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بتاريخ 2/4/1997، وتم إعلانها قانوناً للمدعى عليهم (وليس من بينهم هيئة الأوقاف المصرية مطلقاً)، طلب في ختامها الحكم له: "بصفة مستعجلة: بتعيينه حارساً بلا أجر على الوقف المبين بصحيفة الدعوى بدلاً من الحارس السابق – لوفاته – وذلك لأداء المهمة الواردة بالحكم الصادر في الدعوى رقم 9808 لسنة 1955 مستعجل القاهرة مع جعل المصروفات على عاتق الحراسة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة".

وقال المذكور شرحاً لدعوى الحراسة التي أقامها – والمتقدم ذكرها – أنه والمدعى عليهم في دعوى الحراسة (على حد زعمه) من المستحقين في وقف/ أحمد جوربجي والذي كانت وزارة الأوقاف معينة عليه حارسة بمقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 9808 لسنة 1955 مستعجل القاهرة، وإذ طلبت وزارة الأوقاف إعفائها من الحراسة لعدم الاستدلال على أعيان ذلك الوقف، وقضي في الدعوى رقم 2945 لسنة 1958 مستعجل جزئي القاهرة بتعيين السيد/ ........................... بدلاً منها، والذي تم استبداله استئنافياً بتعيين السيد/ ................... الذي استمر في مباشرة أعمال الحراسة اعتباراً من عام 1958 وحتى وافته المنية في 26/12/1984، وظلت الحراسة شاغرة من بعده منذ عام 1984 وحتى أقام المذكور دعوى الحراسة سالفة الذكر في 2/4/1997 (أي ما يقرب من 13 عام) لتعيين نفسه بدلاً من الحارس المتوفى.

وأثناء تداول دعوى الحراسة – المتقدم ذكرها – بالجلسات، تقدم المدعي فيها بطلب إضافي، بموجب صحيفة، موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب فيها: "استلام باقي أعيان الوقف، وتوزيعه على المستحقين".

وتداولت دعوى الحراسة، بعد الإعلان بالطلب المضاف، بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة يوم الاثنين الموافق 30/3/1998 قضت الدائرة السابعة بمحكمة القاهرة للأمور المستعجلة، في مادة مستعجلة: "بتعيين المدعي حارساً قضائياً بلا أجر بدلاً من الحارس المتوفى (المرحوم/ ........................... )، وذلك لأداء المأمورية الواردة بالحكم الصادر في الدعوى رقم 9808 لسنة 1955 مستعجل جزئي القاهرة، وأضافت المصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة على عاتق الحراسة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات".

أي أن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة عند نظر دعوى الحراسة والطلب المضاف من المدعي (في دعوى الحراسة المذكورة) بتسليمه أعيان الوقف، قضت برفض هذا الطلب المضاف بالتسليم، وأسست قضائه على سند من القول بأنه: "وحيث أنه فيما يختص بطلب المدعي استلامه باقي أعيان الوقف، وتوزيعه على المستحقين، فهو طلب موضوعي يخرج عن الاختصاص النوعي لهذه المحكمة لما يتضمن من فصل في أصل الحق، كما وأن من شأن الفصل فيه المساس بحجية الحكم الصادر بفرض الحراسة القضائية والذي استند في فرضها إلى المنازعة حول ملكية أعيان الوقف والتي خلت الأوراق مما يفيد حسمها بعد". ومن ثم قضت المحكمة برفض الطلب المضاف من المدعي باستلامه أعيان الوقف.

إلا أن المدعي في دعوى الحراسة سالفة الذكر، قد استغل هذا الحكم، بالتواطؤ مع العديد من ضعاف النفوس في أقلام المحضرين، وقام باستلام العديد من العقارات التابعة لهيئة الأوقاف المصرية وأكثرها عقارات لا تتبع جهة الوقف الذي تم تعيينه حارساً عليها بل تتبع أوقافات أخرى، مما حدا بهيئة الأوقاف المصرية إلى تنبيه الشاغلين لتلك العقارات بعدم التعامل مع غير هيئة الأوقاف بشأن تلك العقارات، لكون حكم الحراسة لم يتضمن تسليم تلك العقارات للحارس فضلاً عن أن الكثير جداً من تلك العقارات تتبع أوقافات أخرى غير الوقف الذي عين المدعي المذكور حارساً عليه.

ومن ذلك السرد لحقيقة النزاع، وهدياً بالحقائق والقواعد القانونية سالفة الذكر، يتضح جلياً لعدالة المحكمة الموقرة ما يلي:

- أن حكم الحراسة سالف الذكر لم يصدر ضد (أو حتى في مواجهة) هيئة الأوقاف المصرية.

- أن حكم الحراسة سالف الذكر رفض طلب المدعي تسليمه أعيان الوقف.

- أن حكم الحراسة، وفقاً لمنطوقه، هو حكم تقريري لا يصلح كسند تنفيذي، إذ أن أحكام الإلزام فقط هي التي تصلح كسندات تنفيذية.

- إن حكم الحراسة رفض طلب الحارس تسليمه باقي أعيان الوقف، ومع ذلك قام الحارس بالتواطؤ مع العديد من ضعاف النفوس في أقلام المحضرين، باستلام العديد من العقارات بل وأكثر تلك العقارات التي قام باستلامها – بدون سند من القانون – ليست تابعة لجهة الوقف الذي تم تعيينه حارساً عليه.

- فضلاً عن أن الأعيان التي قام الحارس باستلامها بدون وجه حق بموجب حكم الحراسة المتقدم ذكره، مقام بشأنها دعوى بطلان وعدم اعتداد بمحاضر تسليمه تلك الأعيان وما زالت متداولة بالجلسات في ساحات القضاء العادل. كما أن المدعي سبق له أن أقام دعوى جنائية ضد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية عن طريق الجنحة المباشرة بتهمة عدم تنفيذ حكم قضائي نهائي "وهو حكم الحراسة سالف الذكر" ولكن محكمة الجنح برأت السيد اللواء رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية من تلك التهمة المنسوبة إليه زوراً وبهتاناً.

القرارات المطعون فيها صدرت سليمة مطابقة لصحيح القانون:

لما كان ما تقدم، وكان من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: "وحيث أن المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957، و 309 لسنة 1959 و 55 لسنة 1970 تنص على أنه "... لا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص إزالته إدارياً ".

ومؤدى هذا النص، في ضوء المذكرات الإيضاحية لتعديلاته، أنه مراعاة لكثرة وقوع حالات الإدعاء بالملكية وحوادث التعدي على أملاك الحكومة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي من هذه الأشخاص العامة وكذلك شركات القطاع العام وجهات الوقف الخيري، فقد اقتضى الأمر إضفاء حماية خاصة على تلك الأموال في مواجهة كل من التقادم المكسب للغير والتعدي، وذلك نأياً بها عن مجال تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها، وتأميناً لها من خطر التعدي عليها بحيث إذا وقع مثل هذا التعدي كان من حق الجهة الإدارية المختصة إزالته بالطريق الإداري.

ومن حيث أنه يؤخذ مما تقدم أن المشرع لم يشأ أن يقصر حمايته للأموال الخاصة المملوكة للدولة ولجهات الوقف الخيري وغيرها من الجهات التي حددها في النص المشار إليه، على مجرد حظر تملك هذه الأموال أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وإنما بسط هذه الحماية لتشمل منع أي تعد عليها، وأعطى في ذات الوقت الجهات المذكورة حق دفع هذا التعدي ورده بإزالته إدارياً وذلك تفادياً لدخولها مع واضعي اليد من المعتدين في دعاوى ومنازعات إذا ما ترك أمر تقدير الإزالة لجهات القضاء، وغير خاف ما يستغرقه الفصل في هذه الإشكالات من وقت وجهد يعوق تلك الأموال عن أداء الدور السياسي المنوط بها في خدمة الاقتصاد القومي ويغل يد الإدارة عن استغلالها وتنفيذ مشروعاتها". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 234 و 240 لسنة 25 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 21/6/1980، مجموعة العشر سنوات - جـ1 - صـ 625. وفي الطعن رقم 682 لسنة 31 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 14/1/1989 - السنة 34 - صـ 432).

كما قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: "المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 55 لسنة 1970. المشرع لم يقصر حماية الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة على مجرد حظر تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم - بسط المشرع هذه الحماية لتشمل منع أي تعد على تلك الأموال فقرر لجهة الإدارة حقاً في إزالة التعدي بالطريق الإداري دون اللجوء إلى القضاء. حكمة ذلك. تفادي الدخول مع واضعي اليد المعتدين في دعاوى ومنازعات إذا ترك أمر تقدير الإزالة لجهات القضاء". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 864 لسنة 28 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 28/12/1985 - السنة 30 - صـ 45. وفي الطعن رقم 1246 لسنة 29 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 17/1/1987 - السنة 32 - صـ 654).

هذا، وقد أستقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه: "ومن حيث أنه باستقراء المادة 970 من القانون المدني، المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957، و 309 لسنة 1959، و 55 لسنة 1970، على هدى من المذكرات الإيضاحية، يبين أن المشرع بسط الحماية على الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، سواء بحظره تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم، أو بتجريمه التعدي عليها، أو بتخويله الجهة الإدارية المعنية سلطة إزالة هذا التعدي إدارياً، دون حاجة إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في دعاوى غيرها. فلا يعوق سلطتها في إزالة التعدي مجرد منازعة واضع اليد أو محض ادعائه حقاً لنفسه أو إقامته دعوى بذلك أمام القضاء المدني، طالما أن لدى الجهة الإدارية مستندات أو أدلة جدية بحقها، وهو ما يخضع لرقابة القضاء الإداري عند بحثه مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في موضوع الملكية أو الحق المتنازع عليه حتى يفحص المستندات ويفحص الأوراق المقدمة من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه عند التحقق من صحة هذا القرار وخاصة قيامه على سببه المبرر له قانوناً المستمد من شواهد ودلائل جدية". (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1336 لسنة 30 قضائية "إدارية عليا" - جلسة 7/11/1987 - السنة 33 - صـ 154).

اختصاص هيئة الأوقاف المصرية بإصدار قرارات الإزالة:

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنه 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية - المشرع أنشأ هيئة الأوقاف المصرية بمقتضى هذا القانون وخولها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها - أساس ذلك - اعتبارها نائبا عن وزير الأوقاف بصفته ناظر وقف. والمواد 37 و 37 مكررا "1"و"2" من القانون رقم 178 لسنه 1952 بشـأن الإصلاح الزراعي معدلا بالقانون رقم 52 لسنه 1966 - المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقوانين أرقام 147 لسنه 1957 و 309 لسنه 1959 و 55 لسنه 1970 - المشرع وضع حد أقصى للملكية - يدخل في حساب هذه المساحة ما يكون الشخص وأسرته مالكين له أو واضعي اليد عليه بنيه التملك ولو لم تكن في حيازتهم الفعلية أو ما يكون الشخص أو أي من أفراد أسرته موكلا في إدارته أو استغلاله أو تأجيره من الأراضي المشار إليها - جزاء مخالفة هذه الأحكام - البطلان - وحق الجهة الإدارية المختصة في إزالة وضع اليد على المساحة الزائدة إداريا - إزالة التعدي على الأوقاف الخيرية - شروطها - توافر أسباب ودواعي استعمالها كوجود اعتداء ظاهر على تلك الأموال أو محاولة غصبها بدون مبرر قانوني - هيئة الأوقاف المصرية هي صاحبة الاختصاص في إزالة هذا التعدي - أساس ذلك - أنها الملكة والمسئولة عن إدارة هذه الأراضي ومن ثم مختصة بالمحافظة عليها – تطبيق". (نقض مدني في الطعن رقم 3927 لسنة 73 قضائية – جلسة 30/1/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 693).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الطعن الماثل يتضح جلياً أن أعيان التداعي مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية، وأن الحارس المزعوم على أعيان وقف أحمد جوربجي لا صفة له ولا صلة له بباقي أعيان الأوقاف الأخرى التي تملكها هي الأوقاف المصرية، لا سيما وأن حكم الحراسة المذكور لم يصدر في مواجهة هيئة الأوقاف، كما أن ذلك الحكم بفرض الحراسة ذاته قد رفض طلب الحارس تسليمه أعيان الوقف الذي عين عليه حارساً، ومن ثم فإن زعمه باستلام أعيان التداعي، يكون قد جاء على غير سند من صحيح القانون، وبالتالي غصباً لتلك الأعيان، ولما كان القانون قد خول الجهة الإدارية المعنية سلطة إزالة هذا التعدي إدارياً، دون حاجة إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في دعاوى غيرها. وكان من المُقرر قانوناً – على نحو ما سلف بيانه – أنه لا يعوق سلطة الجهة الإدارية في إزالة التعدي مجرد منازعة واضع اليد أو محض ادعائه حقاً لنفسه أو إقامته دعوى بذلك أمام القضاء المدني، طالما أن لدى الجهة الإدارية مستندات أو أدلة جدية بحقها، وهو ما يخضع لرقابة القضاء الإداري عند بحثه مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في موضوع الملكية أو الحق المتنازع عليه حتى يفحص المستندات ويفحص الأوراق المقدمة من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه عند التحقق من صحة هذا القرار وخاصة قيامه على سببه المبرر له قانوناً المستمد من شواهد ودلائل جدية. ولما كان كل ذلك متوافر ومتحقق في حالة دعوانا الماثلة بما مفاده أن الطعن الماثل قد جاء على غير سند من صحيح القانون جديراً بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة هيئة المفوضين الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية، الحكم لها في الطعن الماثل بما يلي:

· أولاً- بصفة أصلية:

1- بعدم قبول الطعن الماثل لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة لمدير عام منطقة أوقاف القاهرة بصفته.

2- بعدم قبول الطعن الماثل لرفعه من غير ذي صفة، ولانتفاء مصلحة الطاعن فيه.

· ثانياً- وبصفة احتياطية: برفض الطعن.

· وفي جميع الأحوال: بإلزام الطاعن بالمصروفات ومُقابل أتعاب المحاماة.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق