الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

الفرق بين محكمة الاستئناف ومحكمة النقض أو التمييز


الفرق بين محكمة الاستئناف ومحكمة النقض (أو التمييز):
تأخذ أغلب التشريعات الحديثة، ومنها التشريع الكويتي والمصري، بمبدأ: "التقاضي على درجتين". هما "محكمة أول درجة" و "محكمة الاستئناف".
ومن ثم فيوجد في النظام القضائي (الكويتي والمصري) طبقتان من المحاكم. فالحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى يُمكن أن يُستأنف أمام المحكمة الاستئنافية، أي أمام محكمة الدرجة الثانية.
ومحكمة النقض (أو التمييز) ليست درجة ثالثة من درجات التقاضي، بل هي طبقة بذاتها أعلى من محاكم الدرجة الأولى والثانية. ووظيفة محكمة النقض (أو التمييز) تختلف عن وظيفة المحكمة الاستئنافية.
فالاستئناف هو طريق طعن عادي، به يطرح الخصم الذي صدر الحكم كلياً أو جزئياً لغير صالحه، القضية كلها أو جزءا منها أمام محكمة أعلى من تلك التي أصدرت الحكم، وهي محكمة الاستئناف. ومن ثم، فمحل الاستئناف ليس "حكم أول درجة" ولكنه "نفس القضية" التي نظرها قاضي أول درجة. أما ما يكون في الحكم المطعون فيه من عيوب سواء اتصلت بعدالته أو بصحته فإنها تواجه في الاستئناف بطريق  غير مباشر. فالمحكمة الاستئنافية لا تبحث ولا تحاكم حكم محكمة أول درجة لتراقب صحته أو عدالته، وإنما هي تبحث القضية من جديد (كمحكمة موضوع)، أي تبحثها للمرة الثانية بذات السلطات التي كانت مخولة لمحكمة الدرجة الأولى (فكلاهما محكمة موضوع)، تبحث الوقائع وتعيد تقدير الأدلة ...الخ. فحتى لو كان حكم أول درجة معيباً فإن محكمة الاستئناف تبحث موضوع القضية مباشرة دون حاجة لبحث عيوب هذا الحكم، وهي عندما تصدر حكماً في هذا الموضوع فإنه يحل محل حكم أول درجة ويكون هو الحكم الوحيد في القضية.
أما محكمة النقض (أو التمييز) فهي لا تبحث القضية من جديد، من حيث الوقائع وتقدير الأدلة، وإنما هي تحاكم الحكم الاستئنافي من حيث صحة تطبيق القانون (سواء القانون الموضوعي "مثل القانون المدني أو التجاري مثلاً"، أو القانون الإجرائي "مثل قانون المرافعات المدنية والتجارية مثلا"). فالقضية التي أمام محكمة النقض (أو التمييز) هي: "عدالة الحكم الاستئنافي أو صحته"، وهي قضية تختلف عن تلك التي كانت معروضة على محكمة الموضوع في أول وثاني درجة. لذا فمحكمة النقض (أو التمييز) ليست درجة ثالثة من درجات التقاضي سواء في الكويت أو في مصر.
وعليه، فالطعن بالنقض (أو التمييز) هو طريق طعن غير عادي، لا يكون إلا لعيوب معينة على سبيل الحصر تلحق بالحكم المطعون فيه وتجعله مخالفاً للقانون. والطعن بالنقض (أو التمييز) لا يؤدي إلى طرح نفس القضية الموضوعية التي نظرتها محكمة الموضوع، وإنما يطرح قضية أخرى هي: "البحث حول مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون". ولهذا فمحكمة النقض (أو التمييز) لا تعيد نظر النزاع من جديد وإنما تبحث مدى صحة وعدالة الحكم المطعون فيه، لذا فليس من مهمتها بعد نقض الحكم (أو تمييزه) نظر الموضوع لإحلال حكم جديد محله الذي ألغته، وإنما هي تعيد – كأصل عام – الدعوى لمحكمة الاستئناف لتفصل فيه من جديد بهيئة مغايرة للهيئة التي أصدرته.
هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "الطعن بطريق النقض ليس امتداداً للخصومة الأولى، ولا درجة من درجات التقاضي، حتى يصح أن يكون للخصوم فيه من الحقوق والمزايا ما كان لهم أمام محكمة الموضوع بدرجتيها من تقديم طلبات أو أوجه دفاع جديدة لم يسبق عرضها من قبل على كلتي المحكمتين، وإنما هي خصومة خاصة حرم فيها المشرع على محكمة النقض إعادة نظر الموضوع للفصل فيه من جديد إلا على النحو المبين بالقانون، وجعل مهمتها مقصورة على القضاء في مدى صحة الأحكام الإنتهائية من حيث أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض على محكمة الموضوع من الطلبات وأوجه الدفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 973 لسنة 51 قضائية – جلسة 27/3/1985).
كما تواتر قضاء محكمة النقض المصرية على أن: "الأمر الذي يعرض على محكمة النقض ليس هو الخصومة التي كانت مرددة بين الطرفين أمام محكمة الموضوع، وإنما هو في الواقع مخاصمة الحكم النهائي الذي صدر فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 1083 لسنة 53 قضائية – جلسة 29/10/1984. وفي الطعن رقم 14 لسنة 40 قضائية "أحوال شخصية". مرجع: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – للدكتور/ فتحي والي – الطبعة الثالثة 1981، القاهرة – بند 133 صـ 249 ، وبند 350 صـ 782 ، وبند 367 صـ 840. ومرجع: "النقض المدني – تأصيل وتطبيق لنظام الطعن بالنقض في الأحكام المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية" – للمستشار/ محمد وليد الجارحي – طبعة نادي القضاة، عام 2000، القاهرة – بند 7 – صـ 74 وما بعدها).
وهدياً بما تقدم، فإن القول بوجوب "محاكمة الحكم" هو قول صحيح في حالة ما إذا كنا بصدد طعن بطريق النقض أو التمييز لأنهما محكمة قانون وظيفتها مراقبة صحة تطبيق الأحكام للقوانين الموضوعية والإجرائية، أما في مرحلة خصومة الطعن بالاستئناف، فمحكمة الاستئناف محكمة موضوع، يتعين عليها أن تعيد بحث النزاع من جديد بكل عناصره الواقعية والقانونية، بصرف النظر عن تعييب الحكم المطعون فيه من عدمه، فحتى إذا كان الحكم المطعون فيه معيباً ولكن المستأنف لم يثبت حقه وادعائه فمحكمة الاستئناف لن تلغي الحكم القاضي برفض دعواه وإنما ستغير أسبابه بإضافة أسباب أخرى جديدة صحيحة، أما إذا أثبت المستأنف حقه ودعواه فستلغي المحكمة حكم أول درجة وتقضي مجدداً له بطلباته مكتفية بالعبارة المشهورة في هذا الصدد: "... وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين معه القضاء بإلغائه". وذلك بعد سرد وإثبات الحق الموضوعي ودون التعرض تفصيلاً لعيوب الحكم المطعون فيه.
وكم سبق أن بينا، وعلى ما ذكره الدكتور/ فتحي والي: فحتى لو كان حكم أول درجة معيباً فإن محكمة الاستئناف تبحث موضوع القضية مباشرة دون حاجة لبحث عيوب هذا الحكم، وهي عندما تصدر حكماً في هذا الموضوع فإنه يحل محل حكم أول درجة ويكون هو الحكم الوحيد في القضية (المرجع سالف الذكر).
لذا فيجب أن ينصب الاهتمام – اهتمام الجميع، لا سيما القانونيين منهم – بإثبات الحق الموضوعي وإثبات صحة إدعاء المستأنف، بدلاً من التركيز على بيان المطاعن والمآخذ والمثالب والعيوب التي وقع فيها الحكم المستأنف، فبيان هذه العيوب ومحاكمة الحكم وحدها لن تجدي نفعاً في حالة ما إذا لم يقم المستأنف بإثبات حقه الموضوعي فيما يدعيه.
هذا، والله أعلى وأعلم،،،

المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه ولا يخطب على خطبته.


 
 
 
 
 
 

 

الجمعة، 25 ديسمبر 2009

أكبر مكتبة عربية مجانية على الإنترنت - زروها تجدوا ما يسركم

أكبر مكتبة عربية مجانية على الإنترنت 
أي كتاب يخطر على بالك، قديم أو حديث، ستجده إن شاء الله على هذا الموقع 
أنصح بزيارته بشدة


http://spreadsheets.google.com/pub?key=r6wharOxPespMyfz5KkPllg&gid=0

الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

عقد السمسرة - اتفاق سمسرة


عقد السمسرة، وطبيعته:
        لما كان عقد السمسرة، وعلى ما عرفته به المادة 306 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980، هو عقد يتعهد بموجبه السمسار لشخص بالبحث عن طرف ثان لإبرام عقد معين والتوسط لإبرامه في مقابل أجر.
        وعقد السمسرة من عقود المعاوضة، لأن كلا من طرفيه يسعى للحصول على مقابل لما يؤديه، ولكنه عقد احتمالي، لأن السمسار لا يستحق أجره إلا إذا نجح في مسعاه. وهو كذلك من العقود المُلزمة للجانبين.
        هذا، ويمتاز عقد السمسرة عن عقد الوكالة، بأن موضوعه "عمل مادي" هو السعي لإيجاد متعاقد آخر، وليس القيام "بعمل قانوني" كما هو شأن "الوكيل".
        فالسمسار لا يشترك في إبرام العقد كوكيل عن أحد الطرفين، فهو فقط يقرب الطرفين إلى بعضهما ثم يتركهما يتعاقدان بأنفسهما أو يوكلان عنهما. (لطفاً، المرجع: "العقود التجارية" – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة دار النهضة العربية، القاهرة – بند 127 – صـ 111).
        ذلك أن طبيعة مهمة السمسار تنتهي بمجرد سعيه في إيجاد متعاقد آخر وإبرام العقد معه، فلا شأن له بتنفيذه كله أو بعضه. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005  دار النهضة العربية، القاهرة – بند 369 – صـ 506).
        ومن المُقرر في قضاء النقض المصرية أن: "يقتصر عمل السمسار على التقريب بين شخصين لإتمام الصفقة، دون أن يكون له شأن فيما يتم التعاقد عليه، فهو لا يمثل أحد المتعاقدين، ولا يوقع على العقد بوصفه طرفاً فيه". (نقض مدني جلسة 7 يونيو 1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – صـ 879).
حقوق السمسار:
        ومن المُقرر قانوناً أنه يكفي لاستحقاق السمسار لأتعابه توافر شروط ثلاثة، هي:
1- وجود عقد سمسرة يربطه بالطرف المرفوع عليه الدعوى، وكما يكون العقد صريحاً قد يكون ضمنياً.
2- ونجاح التعاقد على الصفقة.
3- وأن يكون هذا النجاح بتدخل السمسار.
ويكفي لتحقق هذه الشروط أن يكون نجاح الصفقة وليد إرشاد السمسار للعميل إلى الطرف الراغب في التعاقد، وليس بلازم أن يشترك السمسار في المناقشة في شروط العقد الذي يتم بين طرفي الصفقة أو أن يبذل مجهوداً في تحديد الثمن.
الشرط الأول-  وجود عقد السمسرة :
        فيُشترط وجود عقد سمسرة بين السمسار والشخص الذي يطالبه السمسار بدفع الأجر. وكما يكون العقد صريحاً، قد يكون ضمنياً.
العقد الضمني:      تنص المادة 34 من القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980 على أن: "التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة الشائعة الاستعمال أو بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي أو باتخاذ أي موفق آخر لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود منه، وذلك ما لم يتطلب القانون - في حالة خاصة - حصول التعبير عن الإرادة على نحو معين".
        كما تنص المادة 35 مدني على أنه: "يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً، ما لم يستلزم القانون أو الاتفاق أو طبيعة المعاملة أن يجئ صريحاً".
وتنص المادة 44 مدني على أنه: "لا ينسب لساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان يعتبر قبولاً. ويعتبر السكوت قبولاً، بوجه خاص، إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين، واتصل الإيجاب بهذا التعامل، أو إذا كان الإيجاب لمحض منفعة الموجب له. وكذلك يعتبر سكوت المشتري، بعد تسلمه البضاعة التي اشتراها وقائمة الثمن، قبولا لما ورد في هذه القائمة من شروط".
ومن ثم، فيجوز التعبير عن كل من الإيجاب والقبول باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً، كما يجوز باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود، بل يجوز أن يكون التعبير ضمنياً. ويعتبر استخلاص الرضا الضمني أو عدمه مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع ولا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض. (نقض مدني مصري جلسة 6 يناير 1964 مجموعة أحكام النقض – السنة 15 – صـ 43 – رقم 10).
إثبات العقد: وإثبات هذا العقد (الصريح أو الضمني) يقع على عاتق السمسار لأنه المدعي. فإذا فشل السمسار في هذا الإثبات كان "فضولياً"، ولم يكن أمامه سوى دعوى "الفضالة" – أو دعوى الإثراء بلا سبب – إذا توافرت شروطهما.
تحديد الأجر: وتنص المادة 307 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أنه: "إذا لم يعين أجر السمسار في القانون أو في الاتفاق، عين وفقاً لما يقضي به العرف. فإذا لم يوجد عرف قدره القاضي تبعا لما بذله السمسار من جهد وما صرفه من وقت في القيام بالعمل المكلف به".
        فالأصل أن يحدد عقد السمسرة أجر السمسار، فإذا لم يتفق به على الأجر أو اتفق عليه ولم يحدد مقداره، عُيِنَ وفقاً لما يقضي به العرف، ومن حق السمسار إثبات "العرف" بكافة طرق الإثبات. فإذا لم يوجد عرف قدره القاضي وكان المرجع للمحكمة، فالسكوت في عقد السمسرة عن تحديد الأجر لا يسقط حق السمسار فيه إذ أنه من عقود المعاوضة، وللمحكمة أن تحدد قيمة هذا الأجر تبعاً لظروف كل دعوى مستهدية في ذلك بقيمة الصفقة ومدى المجهود الذي بذله السمسار وما إذا كان محترفاً للسمسرة وخاضعاً للضريبة ويستخدم موظفين وعمالاً ويستأجر مكاناً يباشر فيه أعماله ...الخ. (لطفاً، المرجع: "العقود التجارية" – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة دار النهضة العربية، القاهرة – بند 133 – صـ 118. ومرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005 ، دار النهضة العربية، القاهرة – بند 366 – صـ 500).
        وإذا كان الأجر محدداً في العقد، فلا يجوز للمحكمة أن تعدل فيه، فالعقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، طبقاً للقواعد الأصولية العامة في القانون والشرع. 
الشرط الثاني-  نجاح السمسار في مهمته :
        فيشترط لاستحقاق السمسار لأجرته أن ينجح في مهمته، أي إبرام العقد المقصود، فإذا نجح في ذلك فله الأجر، وإن لم ينجح فلا أجر مهما كانت المساعي والجهود التي بذلها. لذلك يعبر عن عقد السمسرة بأنه عقد احتمالي، لأن استحقاق السمسار أجره أمر غير مؤكد.
وفي الحالة الثانية، قد يكون للسمسار الحق في طلب التعويض إذا أثبت أن عدم إتمام الصفقة راجع إلى خطأ عميله أو تعسفه (بالرغم من توصل السمسار إلى شخص يقبل إبرام الصفقة بالشروط التي وضعها عميله وفي الأجل الذي حدده؛ طالما أن العميل لم يحتفظ صراحة بحقه في قبول أو رفض التعاقد)، ويستند التعويض هنا إلى إخلال العميل بالتزاماته التعاقدية الناشئة من عقد السمسرة. (نقض مدني مصري في الطعن رقم 601 لسنة 45 قضائية – جلسة 5 فبراير 1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 476. وفي الطعن رقم 21 لسنة 32 قضائية – جلسة 14/11/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 649)
العقد الابتدائي والعقد النهائي: إذا كان العقد الذي يتوسط فيه السمسار يتم بعقد ابتدائي يليه عقد نهائي، فإن السمسار يستحق أجره بمجرد انعقاد العقد الابتدائي.
أما إذا كان العقد المتوسط فيه من العقود "الشكلية" التي لا تنعقد إلا بإجراء شكلي معين، كالرسمية بالنسبة لعقد الشركة أو بيع أو رهن أو تأجير استغلال المحل التجاري، فإن السمسار لا يستحق أجره إلا بتمام الشكل الذي يتطلبه القانون. على أن هذا لا يمنع السمسار من المطالبة بالتعويض إذا كان تراخي المتعاقدين في إتمام الشكل كان بقصد الإضرار به وحرمانه من أجره. ويرى جانب آخر من الفقه أن دور السمسار هو التوفيق بين المتعاقدين للوصول بهما إلى مرحلة تلاقي العروض تلاقياً كاملاً، فإذا نجح في ذلك استحق أجره كاملاً ولا شأن له بعد ذلك بصياغة العقد وإفراغه في الشكل القانوني المطلوب، فتلك مهمة المتعاقدين.
وإذا كان الإجراء الذي يتطلبه المشرع هو شرط لتنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد، كما هو الحال عند اشتراط المشرع التسجيل لنقل الملكية في العقارات، فإنه لا أثر لعدم القيام بهذا الإجراء على حق السمسار في الأجر، ذلك أن مناط استحقاق الأجر هو انعقاد العقد الذي يتحقق بمجرد التراضي ولا شأن له بالتنفيذ. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005  دار النهضة العربية، القاهرة – بند 372 صـ 509 – وبند 373 صـ 510).
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "الأصل أنه يكفي لاستحقاق السمسار كامل أجره مجرد إبرام الصفقة وإتمام العقد الابتدائي". (نقض مدني في الطعن رقم 19 لسنة 34 قضائية – جلسة 24/6/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1379).
وتنص المادة 308 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أنه: "لا يستحق السمسار أجره، إلا إذا  أدت وساطته إلى إبرام العقد. ويُستحَق الأجر بمُجرد إبرام العقد، ولو لم ينفذ كله أو بعضه ...".
ومن المُقرر في قضاء محكمة التمييز الكويتية أن: "السمسار يستحق أجره بمُجرد إتمام الصفقة، متى كان إبرامها قد تم نتيجة سعيه ووساطته، بأن تكون الصفقة ثمرة جهوده وتدخله". (حكم محكمة التمييز في الطعنين رقمي 136 و 177 لسنة 1994 تجاري – جلسة 15/1/1996).
ومن المُقرر في قضاء محكمة الاستئناف العليا بالكويت: "مؤدى نص المادة 306 من قانون التجارة الكويتي أن السمسرة عقد يلتزم بمقتضاه السمسار قِبل من فوضه بإيجاد متعاقد لإبرام عقد معين مقابل أجر، وهذا الأجر يُستحق طبقاً لما تنص عليه الفقرتان الأولى والثانية من المادة 308 من ذات القانون عند نجاح السمسار في وساطته بإبرام العقد فعلاً على يديه بين طرفين بغض النظر عن تنفيذه كله أو بعضه، لأن السمسار لا يضمن التنفيذ وتنتهي مهمته بمجرد نجاح سعيه في إيجاد متعاقد آخر وإبرام العقد نتيجة جهده وسعيه أما نفاذه بعد ذلك واقترانه لأجل واقف أو شرط فاسخ فإن الشركة الطاعنة (لسمسار) لا يضمن تنفيذه وتنتهي مهمته عند إبرام هذا العقد نتيجة جهده، ومن ثم يكون الحكم المستأنف في غير محله قانوناً". (الاستئناف المقيد بالجدول تحت رقم 897 لسنة 1995 تجاري – الدائرة الرابعة).
فالسمسار يستحق أجره بمجرد إبرام العقد بالشروط المتفق عليها في عقد السمسرة، كما يستحق السمسار عمولته ولو تم التعاقد بغير الشروط المتفق عليها بعقد السمسرة طالما لا يرجع ذلك إلى خطأ السمسار. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005 دار النهضة العربية، القاهرة – بند 366 – صـ 500. ونقض مدني مصري في الطعن رقم 692 لسنة 42 قضائية – جلسة 31/1/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 318).
        فإذا نجحت مهمة السمسار في التوسط بين الطرفين وكللت جهوده بإبرام العقد المقصود بينهما، فقد استحق الأجر نهائياً بإبرام ذلك التصرف، ولا يُسأل بعد ذلك عن تنفيذ العقد، ولا يرد الأجر إذا تم فسخ العقد أو تم إبطاله، طالما كان السمسار حسن النية أي لا يعلم سبب الإبطال أو الفسخ في وقت تكوين العقد.
        فمن المُقرر في قضاء النقض المصرية أنه: "متى تمت الصفقة نتيجة لسعي السمسار ووساطته، فإنه لا يحول دون استحقاقه للأجر، أن يفسخ العقد الخاص بالصفقة أو يبطل فيما بعد، لسبب كان السمسار يجهله وقت العقد، أو طرأ بعد تمامه". (نقض مدني جلسة 13 يونيو 1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1173)
لما كان ما تقدم، وكان السيد/ جمال كامل أحمد حسانين وكيل الشركة المطعون ضدها قد أقر في جلسة 5/6/2008 أمام الخبراء، بأن تعاقد الشركة المطعون ضدها مع الشركة الأمريكية قد تم.
لما كان ذلك، وكانت المادة 57 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 تنص على أن: "الإقرار حجة على المُقر".
إذن فالواقعة محل الإقرار تعتبر ثابتة، وهذا الثبوت يُلزِم كُلاً من المُقر والقاضي. فالمُقر ليس له بعد إقراره أن يقدم دليلاً عكسياً كأن يطلب سماع شهود لإثبات عكس ما أقر به، أو أن يقدم كتابة لهذا الإثبات. ومن ناحية أخرى يلتزم لقاضى بالحكم وفقاً لمُقتضى الإقرار، فليس له حرية اقتناع بشأنه. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – للدكتور فتحي والى - الطبعة الثانية 1981، القاهرة – بند 297 – صـ 613).
وفى هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية بأنه: "من المُقرر بنص المادة 104 من قانون الإثبات (المصري المُقابلة لنص المادة 57 من قانون الإثبات الكويتي) أن الإقرار حجة قاطعة على المقر فتصبح الواقعة التي أقر بها الخصم في غير حاجة إلى الإثبات، ويُحسم النزاع في شأنها، ويأخذ بها لقاضى كواقعة ثابتة بالنسبة إلى الخصم الذي أقر بها" (نقض مدني في الطعن رقم 813 لسنة 49 قضائية - جلسة 28/2/1980. وفي الطعن رقم 509 لسنة 55 قضائية – جلسة 9/5/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 86).  
        كما قضت محكمة النقض المصرية بأن: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة - إن إقرار الوكيل في حدود وكالته حجة على موكله وينصرف أثره إليه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن البند الثالث عشر من عقد البيع المؤرخ 8/8/1966 المتضمن بيع الشركة المطعون ضدها الثانية للمطعون ضده الأول قطعة الأرض موضوع الدعوى، حظر على الأخير التنازل عنها للغير إلا بعد الحصول على موافقة الشركة الكتابية الصريحة على العقد بقبول التنازل وذلك لكي تحصل الشركة على حقوقها الثابتة في هذا العقد من المتنازل إليه، وكانت الكتابة المتطلبة في هذا الشأن هي للإثبات وكان المحامى الحاضر عن رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها الثانية قد قرر بمحضر جلسة 26/1/1975 أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة بموافقة الشركة على التنازل المؤرخ 10/2/1974 المتضمن تنازل المطعون ضده الأول للطاعن عن قطعة الأرض مُشتراة وذلك إذا دفع لها مؤجل الثمن وهو ما أكدته أيضا في مذكرتها المقدمة لتلك المحكمة في 9/3/1975 ومن ثم فإن التكييف القانوني الصحيح لما أقرت به الشركة أنها موافقة على التنازل معلقة على شرط الوفاء لها بكامل الثمن، وإذ تحقق هذا الشرط بسداد الطاعن المتنازل له عن الأرض كامل الثمن فإن موافقة الشركة تكون قد تحقق ولا يجوز لها أن تعود فتعدل عما وافقت عليه بمقولة أن هذه الموافقة تتطلب اتخاذ إجراءات معينة لم تتخذ بعد". (نقض مدني في الطعن رقم 1862 لسنة 59 قضائية – جلسة 13/1/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 143).
وكذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن: "إقرار الخصم بجوهر الواقعة المراد إثباتها بالاستجواب يجعل طلب الاستجواب غير مُنتج". (نقض مدني في الطعن رقم 461 لسنة 48 قضائية – جلسة 24/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 746 – فقرة 5).
وهدياً بما تقدم، فإن إقرار وكيل الشركة المطعون ضدها – أثناء سير الدعوى أمام محكمة الموضوع – بأن عقد شركته مع الشركة الأمريكية قد تم، ومن ثم يكون هذا الإقرار حجة قاطعة على المقر لا يقبل منه إثبات عكسه، ولا يجوز له الرجوع فيه، وليس للقضاء سلطة تقديرية بشأنه.
الشرط الثالث-  أن يكون إبرام الصفقة نتيجة تدخل السمسار :
        وأخيراً، يشترط لاستحقاق السمسار للأجر أن يكون النجاح في إبرام الصفقة المقصودة بين عميله والغير، راجعاً إلى - وناتجاً عن - تدخل السمسار بجهوده ومساعيه.
        ولذلك فلا يستحق السمسار أجراً إضافياً في حالة قيام عميله والغير الذي تعاقد معه بتجديد العقد. فالسمسار لا يستحق أجراً إلا عن الصفقة التي توسط في إبرامها، أما في حالة تجديد العقد أو حالة ما إذا أدى تعارف الطرفين (العميل والغير) إلى إبرام صفقات أخرى جديدة بينهما، فليس للسمسار أن يدعي أجراً عنها.
(لطفاً، المرجع: "العقود التجارية" – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة دار النهضة العربية، القاهرة – بند 133 – صـ 119).
وفي حالة تواطأ عميله والغير بالتظاهر غشاً بعدم الاتفاق للإفلات من أجر السمسار، فيستحق السمسار تعويضاً عن ذلك، وقد يكون أنسب تعويض له هو أجر السمسرة، طالما أمكن له إثبات ذلك الغش والتواطؤ. 

تنفيذ عقد السمسرة

عدم توقف أجرة السمسار على تنفيذ العقد الذي توسط فيه:

تنص المادة 308 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أنه: "لا يستحق السمسار أجره، إلا إذا  أدت وساطته إلى إبرام العقد. ويُستحَق الأجر بمُجرد إبرام العقد، ولو لم ينفذ كله أو بعضه ...".
        وكما سبق القول: فإن عمل السمسار هو "عمل مادي" وليس "عمل قانوني"، فعمل السمسار ينحصر فقط في إرشاد عميله إلى فرصة للتعاقد والسعي إلى إتمام الصفقة، من دون أن يبرم السمسار عقد الصفقة ولا يظهر فيه ولا يُسأل عن تنفيذه. فلا يُسأل السمسار عن يسار الشخص الذي أرشد عميله إليه للتعاقد معه، لأن السمسار لا يضمن تنفيذ العقد الذي يبرمه عميله مع الطرف الآخر. (لطفاً، المرجع: "العقود التجارية" – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة دار النهضة العربية، القاهرة – بند 131 – صـ 117).
        فعمل السمسار ينتهي بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول، ولا شأن له بتنفيذ العقد أو تسليم الثمن أو تسليم المبيع إلى غير ذلك من الآثار التي قد تترتب على التعاقد، كما أن السمسار لا يُسأل عن حسن تنفيذ العقد أو ضماناته.
وإذا فسخ العقد المتوسط فيه لأسباب تتعلق بعاقديه أو استحالة تنفيذه، دون غش أو خطأ جسيم من السمسار، فلا أثر لذلك على حق السمسار في الأجر. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005 ، دار النهضة العربية، القاهرة – بند 346 صـ 473 – وبند 371 صـ 508).
        ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "السمسار يكلفه أحد العاقدين بالتوسط لدى العاقد الآخر لإتمام صفقة بينهما، بأجر يستحق له بمقتضى اتفاق صريح أو اتفاق ضمني يستفاد من طبيعة عمله عند نجاح وساطته بإبرام عقد الصفقة على يديه. وليس يمنع عنه هذا الإجراء الذي استحقه بتمام العقد أن يفسخ العقد فيما بعد". (نقض مدني جلسة 27 ديسمبر 1945 - مجموعة مبادئ النقض لـ 25 عاماً - جـ 1 - صـ 681).
        وهدياً بما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أن جهود وساطة الشركة الطاعنة قد كللت بالنجاح، ونتج عنها إبرام الشركة المطعون ضدها لعقد العمالة مع الشركة الأمريكية وقد تم الشروع في تنفيذ ذلك العقد بالفعل، حيث شهد السيد/ ............، مدير عام الشركة المطعون ضدها، بجلسة 7/10/2005 بأن شركته المطعون ضدها قد سددت بالفعل مبلغ 150000.00 د.ك (مائة وخمسون ألف دينار كويتي)، كتأمين لصالح الشركة الأمريكية المتعاقد معها. وهذا يفيد البدء في تنفيذ العقد بينهما.
        كما قدمت الشركة الطاعنة شهادة رسمية (إلى محكمة أول درجة بجلسة 17/11/2008م) صادرة من البنك الذي تتعامل معه الشركة المطعون ضدها، تفيد هذه الشهادة بأن الشركة المطعون ضدها قد قامت بالفعل بالتأمين على عقد العمالة بموجب حوالة إلى شركة لويدز للتأمين، مبين فيها اسم المستفيد وسبب الحوالة. وهذا أيضاً يفيد البدء في تنفيذ العقد المبرم بينهما. ومن ثم تستحق الشركة الطاعنة عمولتها عن عقد السمسرة لا سيما وأنه لا يُسأل أصلاً عن تنفيذ العقد الذي نجح في التوصل إليه بين مفوضه في السمسرة وبين الشركة الأمريكية، ولا يضمن هذا التنفيذ.
إثبات عقد السمسرة:
        طرق الإثبات: عقد السمسرة عقد رضائي لا يُشترط لإبرامه شكل معين، ويتم العقد شفاهه أو كتابة، والكتابة هنا "للإثبات" وليست "لانعقاد العقد"، ويجوز إثبات عقد السمسرة بكافة طرق الإثبات، بما فيها قرائن الأحوال وشهادة الشهود.
فعقد السمسرة مثله مثل باقي العقود التجارية يخضع في إثباته لمبدأ "حرية الإثبات"، فيجوز إثباته بغير الكتابة ولو زادت قيمته عن الحد المنصوص عليه قانوناً، أو كان غير محدد القيمة. بل ويجوز إثبات ما يخالف الكتابة بغير الكتابة (أي إثبات عكس ما جاء به بغير الكتابة إذا كان مكتوباً).
        حيث تنص المادة 39 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 على أنه: "في غير المواد التجارية إذا كان التصرف تزيد قيمته على خمسة آلاف دينار أو كان غير محدد القيمة، فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ...".
كما تنص الفقرة الرابعة من المادة 5 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أن: "تعد أعمالاً تجارية الأعمال المتعلقة بالأمور الآتية، بقطع النظر عن صفة القائم بها أو نيته: ... 4- الوكالة التجارية و السمسرة ...".
        ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية: "جواز الإثبات في المواد التجارية بكافة طرق الإثبات إلا ما استثني بنص خاص". (نقض مدني في الطعن رقم2320 لسنة 59 قضائية – جلسة 13 يونيو 1996. وفي الطعن رقم 274 لسنة 60 قضائية – جلسة 10 أبريل 1997).
شهادة الشهود: ومن ثم، فطالما كان من الجائز إثبات عقد السمسرة بكافة طرق الإثبات، ومن ثم فيجوز إثباته بالبينة (أي بشهادة الشهود)، وحيث أحضرت الشركة الطاعنة شهود ثقاة وعدل في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة (شهود الشركة الطاعنة):  
أما شاهد الشركة المطعون ضدها الذي ذكر أن: عقد السمسرة مُعلق على شرط واقف هو التصديق عليه من السفارة الأمريكية في الكويت؛. فيُستدل من شهادته تلك على:
1- إثبات وجود عقد السمسرة بالفعل؛.
2- أن تعليق العقد على شرط إجرائي – حتى وإن صح هذا الزعم – فلا شأن ولا علاقة للسمسار به، فكما بينا آنفاً فالسمسار يستحق أجرته بمجرد إبرام العقد الابتدائي دون توقف على إبرام العقد النهائي أو استيفاء أي إجراء شكلي أو إداري أو تسجيل العقد أو خلافه؛.
3- أن العقد المتوسط فيه غير معلق على شرط واقف، حيث أن الثابت بالأوراق أن إن العقد الموقع عليه في 14/3/2005 وهو العقد المتوسط فيه بين شركة "لاروزا" المطعون ضدها و "الشركة الأمريكية"، غير معلق على أي شرط، ولا أدل على ذلك من أن ذلك العقد ذاته نص في نهايته على أنه: "اتفق الطرفان المذكوران أعلاه على التقيد تماماً بالبنود والشروط المذكورة أعلاه، وبموجب هذا يوقعان لجعل هذا العقد نافذاً في تاريخ التوقيع"؛.
4- أن العقد المتوسط فيه قد أبرم بالفعل مستوفياً كافة أركانه، بل وبدء في تنفيذه بالفعل، وقد سبق أن بينا ذلك من خلال شهادة السيد/ بهجت طوقان سالفة الذكر (الذي كان يعمل مديراً عاماً للشركة المطعون ضدها في وقت إبرام عقد السمسرة وصفقة عقد العمالة مع الشركة الأمريكية)، وكذلك تقديمنا لشهادة من البنك الذي تتعامل معه الشركة المطعون ضدها تفيد التأمين على العقد المتوسط فيه لصالح الشركة الأمريكية (فضلاً عما سلف بيانه من أن السمسار لا يضمن تنفيذ العقد المتوسط فيه، ولا هو مسئول عن هذا التنفيذ، بل هو يستحق أجرته حتى ولو تم فسخ العقد أو إبطاله)؛.
5- مع ملاحظة أن سماع شهادة ذلك الشاهد تمت بالمخالفة للقانون، حيث أنه لم يحلف اليمين القانونية قبل الإدلاء بشهادته، وهذا كفيل وحده وفي حد ذاته بإبطال شهادته (بل وإبطال الحكم ذاته الذي عول في قضائه على هذه الشهادة)، استناداً إلى القاعدة الأصولية القاضية بأن: "ما بني على باطل فهو باطل".
حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 44 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 على أنه: "ويحلف الشاهد اليمين بأن يقول: أقسم بالله العظيم، ويكون الحلف على حسب الأوضاع الخاصة بدينه أن طلب ذلك".
        هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية على أن: "التحقيق الذي يصح اتخاذه سنداً أساسياً للحكم، إنما هو الذي يجرى وفقاً للأحكام التي رسمها القانون لشهادة الشهود، تلك الأحكام التي تقضى بأن التحقيق يحصل أمام المحكمة ذاتها أو بمعرفة قاض تندبه لذلك، وتوجب أن يحلف الشاهد اليمين إلى غير ذلك من الضمانات المختلفة التي تكفل حسن سير التحقيق توصلاً إلى الحقيقة، أما ما يجريه الخبير من سماع الشهود ولو أنه يكون بناء على ترخيص من المحكمة لا يعد تحقيقاً بالمعنى المقصود إذ هو مجرد إجراء ليس الغرض منه إلا أن يستهدى به الخبير في أداء مهمته". (نقض مدني في الطعن رقم 199 لسنة 38 قضائية – جلسة 20/11/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – صـ 1114).
        كما قضت محكمة النقض المصرية بأن: "العبرة بالشهادة التي يدلى بها الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين ولا قيمة لما يقدمه الشهود من إقرارات مكتوبة لأحد طرفي الخصومة". (نقض مدني في الطعن رقم 212 لسنة 37 قضائية – جلسة 21/3/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 439 – فقرة 3).
ومن المُقرر قانوناً أن سماع شهادة الشاهد بدون أن يحلف اليمين يبطل شهادته، ويبطل الحكم إذا استند إليها. لأن ما بني على باطل فهو باطل..
فمن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "جرى قضاء محكمة النقض على أن ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً. وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانه يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه بما في ذلك المنطوق الذي هو في واقع الحال الغاية من الحكم والنتيجة التي تستخلص منه وبدونه لا يقوم للحكم قائمة، وذلك لما هو مقرر من أن الحكم يُكون مجموعاً واحداً يكمل بعضه بعضاً. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ أحال منطوقه إلى منطوق الحكم المستأنف على الرغم من بطلانه لخلوه من تاريخ إصداره قد أنصرف أثره إلى باطل، وما بنى على باطل فهو باطل، وكان لا يعصم الحكم المطعون فيه استيفاءه لشرائط صحته واستكمال ما فات الحكم المستأنف من نقص في بياناته الجوهرية وإنشاءه لقضائه أسباباً خاصة به ما دام أنه أحال إلى منطوق الحكم المستأنف الباطل مما يؤدى إلى استطالة البطلان إلى الحكم المطعون فيه ذاته بما يعيبه ويوجب نقضه". (نقض مدني في الطعن رقم 449 لسنة 36 قضائية – جلسة 13/6/1966. وفي الطعن رقم 1105 لسنة 43 قضائية – جلسة 15/1/1974).      
ومن ثم تكون الشركة الطاعنة قد نجحت في إثبات دعواها على النحو المُتطلب قانوناً، وتكون الشركة المطعون ضدها قد عجزت عن نفي ما أثبتته الشركة الطاعنة قانوناً، وعليه تكون دعوى الشركة الطاعنة قد جاءت على سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون. 
        الإثبات بقرائن الأحوال: وكذلك، يجوز إثبات عقد السمسرة بكافة طرق الإثبات، بما فيها القرائن. ولما كان الإثبات بالقرائن ينصب على واقعة أخري متصلة بمحل النزاع وليس على واقعة النزاع نفسها, حيث يعتبر أن إثبات هذه الواقعة ذات الصلة، في ذات الوقت، إثباتاً للواقعة محل النزاع. ولذلك فهي من طرق الإثبات غير المباشرة.
والقرائن نوعان فهي أما قرائن قانونية, أي قرائن أوردها القانون ونص عليها. وإما قرائن قضائية حيث يستنبطها القاضي من وقائع الدعوى وظروفها في كل حالة على حدة.
        والقرينة القضائية يستخلصها القاضي مما هو مطروح أمامه من وقائع الدعوى, فيصل منها بطريق الاستنباط إلى الاقتناع بصحة وقائع أخري واعتبار هذه الوقائع ثابتة.
والقرينة القضائية تعد من قبيل الأدلة غير المباشرة, إذ لا يقع الإثبات فيها على الواقعة ذاتها مصدر الحق بل على واقعة أخري إذا ثبتت أمكن أن يستخلص منها ثبوت الواقعة المراد إثباتها أصلاً. ومن أمثلة ذلك: أن يكون السند في يد المدين قرينة على الوفاء. فالواقعة المعلومة هي وجود سند الدين في يد المدين. ويستدل القاضي من هذه الواقعة على واقعة الوفاء. 
        لا سيما وأنه من المُقرر قانوناً: "أن من يحمل عبء الإثبات ليس مُطالباً بإثبات كامل وقاطع، ولا هو مُكلف بإثبات كل عنصر من العناصر التي تتكون منها الواقعة مصدر الحق المُدعى به، وليست الحقيقة القضائية التي يتولى إثباتها بالحقيقة المُطلقة التي لا يُداخلها الشك، فالقانون لا يطلب المستحيل، وإنما يكتفى ممن يحمل عبء الإثبات أن يُقنع القاضي بأن الأمر الذي يدعيه أمر مُرجح الوقوع بحيث يكون من المعقول التسليم بوقوعه فعلاً. وينفي القاضي ما بقي من شك يحوم حول الأمر بأن ينقل عبء الإثبات إلى الخصم الآخر [لكي ينفي ما أثبته خصمه]". (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثاني – طبعة 2006، القاهرة – بند 56 – صـ 73 : 75).
وفي هذا الصدد, تنص المادة 52 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 على أن: "القرائن التي ينص عليها القانون تغني من قررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات، على أنه يجوز نقض هذه القرائن بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك. وللقاضي أن يستنبط قرائن أخرى للإثبات وذلك في الأحوال التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود".
هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "لقاضى الموضوع أن يستنبط من وقائع الدعوى ومن مسلك الخصوم فيها القرائن التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته". (نقض مدني في الطعن رقم 1799 لسنة 62 قضائية – جلسة 17/6/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 712 – فقرة 5).
        لما كان ما تقدم، وكان الثابت بأوراق الدعوى أن ممثل الشركة الطاعنة كان قد أرسل لممثل الشركة المطعون ضدها (قبل إبرام الأخير عقد "العمالة" مع الشركة الأمريكية، نتيجة وساطة الشركة الطاعنة)، كان قد أرسل إليه رسالة بالبريد الإلكتروني في تاريخ 6/ 3/2005 يحثه علي توقيع العقد "الوساطة والسمسرة" قبل أن يوقع مع الشركة الأمريكية، فرد ممثل الشركة المطعون ضدها (بذات الطريقة) قائلاً: لا مانع من توقيع العقد فور انتهاء محامينا من دراسة بنوده
وبعد قيام الشركة المطعون ضدها بتوقيع عقد العمالة مع الشركة الأمريكية (بفضل وساطة الشركة الطاعنة)، ذهب ممثل الشركة الطاعنة إلى مقر الشركة المطعون ضده يلوم ممثلها ويطالبه بحقه، فطلب منه ممثل الشركة المطعون ضدها: إمهاله عدة أيام سيتم بعدها إنجاز ما تم الاتفاق عليه بينهما؛ إلا أنه وبعد عدة أيام أرسل ممثل الشركة المطعون ضدها إلى ممثل الشركة الطاعنة رسالة بالبريد الإلكتروني (الإيميل) – في تاريخ 19/3/ 2005 يخطره فيها: بأنه لن يدفع إليه إلا بعد استلامه الدفعات من الشركة الأمريكية
        ومن هذه الوقائع الثابتة يقيناً – وغيرها كثير – يمكن استخلاص واستنباط وجود عقد السمسرة بين الشركة الطاعنة وبين الشركة المطعون ضدها، مقابل الأجرة التي ذكرته الشركة الطاعنة وشهد بصحته أكثر من شاهد عدل وثقة.
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "إذا ما استندت محكمة الموضوع في قضائها إلى جملة قرائن يكمل بعضها بعضا وتؤدى في مجموعها إلى النتيجة التي خلصت إليها، فإنه لا يقبل من الخصم مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها بذاتها". (نقض مدني في الطعن رقم 1136 لسنة 55 قضائية – جلسة 23/6/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 1098 – فقرة 5).
        علماً بأن ممثل الشركة المطعون ضدها ذاته قد أقر بصحة إرساله هذه الرسائل الإلكترونية إلى ممثل الشركة الطاعنة، ولكنه حاول التنصل من التزاماته الناشئة عن عقد السمسرة بإدعاء أنه كان يقصد في هذه الرسائل صفقة أخرى مع شخص آخر، وهو قول مرسل يدحضه المنطق السليم، إذ لو صح زعمه هذا فلماذا أرسلها إلى ممثل الشركة الطاعنة، ولماذا في أحد هذه الرسائل – المؤرخة 29 مارس 2005 – يقول صراحة ما نصه: "بخصوص العمولة، لن أتمكن من دفع المبلغ إلا بنسبة كل شهر بشهره، ابتداء من ثاني دفعة استلمها، وذلك من قيمة المشروع بدون الأوفر تايم".
كل هذا يؤكد صحة الوقائع كما ذكرتها الشركة الطاعنة، ويدحض المزاعم التي يزعمها ممثل الشركة المطعون ضدها، فضلاً عن أن الشركة الطاعنة قد قامت بالفعل بتقديم شهادة رسمية (إلى محكمة أول درجة بجلسة 17/11/2008م) صادرة من البنك الذي تتعامل معه الشركة المطعون ضدها، تفيد هذه الشهادة بأن الشركة المطعون ضدها قد قامت بالفعل بالتأمين على عقد العمالة بموجب حوالة إلى شركة لويدز للتأمين، مبين فيها اسم المستفيد وسبب الحوالة. وهذه قرينة قاطعة الدلالة على أن عقد العمالة الذي توسطت فيه الشركة الطاعنة قد أبرم بين الشركة المطعون ضدها وبين الشركة الأمريكية وأنه دخل حيز التنفيذ بالفعل.

        مبدأ ثبوت بالكتابة: هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن المادة 41 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 تنص على أنه: "يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة في الأحوال الآتية: أولاً- إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة، ويعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعي به قريب الاحتمال ...".

        ومن هذا النص يتضح أن "مبدأ الثبوت بالكتابة" هو عبارة عن "كتابة صادرة ممن يراد الإثبات ضده، ليست سندا كاملا بما يراد إثباته، وإنما تجعله قريب الاحتمال". فهي في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون "دليل كتابي" ولكنه دليل كتابي "ناقص" لا يتوافر فيه شروط الدليل الكتابي "الكامل" على النحو الذي يتطلبه القانون. ولكن إذا توافر مبدأ الثبوت بالكتابة، فإنه يجوز في هذه الحالة إثبات التصرف القانوني بشهادة الشهود أو بالقرائن أو بهما معاً، أي أن الإثبات بتلك الوسائل يساند ويعاضد الدليل الكتابي الناقص فيُكمله، بحيث يرقى به إلى مرتبة الدليل الكامل في إثبات ما كان يجب إثباته أصلاً بالكتابة.
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "نص المادة 62 من قانون الإثبات (المصري المُقابلة لنص المادة 41 من قانون الإثبات الكويتي) يدل – وعلى ما جرى به قضاء النقض – على أن المُشرع قد جعل لمبدأ الثبوت بالكتابة، ما للكتابة من قوة في الإثبات، حين أكمله الخصوم بشهادة الشهود أو القرائن، واشترط لتوافر مبدأ الثبوت بالكتابة أن تكون هناك ورقة مكتوبة، صادرة من الخصم المُراد إقامة الدليل عليه أو ممن يمثله أو ينوب عنه قانوناً، وأن يكون من شأنها أن تجعل الالتزام المدعى به أو الواقعة المُراد إثباتها قريبة الاحتمال. وأن تقرير ما إذا كانت الورقة المُراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من جهة كونها تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال من عدمه، يعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بشرط أن يكون ما استخلصه وبنى عليه قضاءه سائغاً". (نقض مدني في الطعن رقم 493 لسنة 49 قضائية – جلسة 28/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – جـ 1 – صـ 581).
        لما كان ذلك، وكانت رسائل البريد الإلكتروني الصادرة من ممثل الشركة المطعون ضدها تجعل الالتزام المُدعى والواقعة المراد إثباتها "قريبة الاحتمال"، ومن ثم فيمكن اعتبار ذلك مبدأ ثبوت بالكتابة، وطالما أكملته الشركة الطاعنة بقرائن الأحوال وشهادة الشهود على النحو السالف ذكره، فيكون لهذا الدليل قوة الدليل الكتابي الكامل في الإثبات، ناهيك عن أن القانون لا يشترط إثبات عقد السمسرة (بوصفة من العقود التجارية) بالكتابة أصلاً. وإن كان ذلك يعتبر بمثابة دليل تكميلي يضاف إلى ما سبق التدليل به على صحة إدعاء الشركة الطاعنة في دعواها.
تكييف عقد السمسرة
        لما كانت مسألة تكييف العقد (أي تحديد طبيعته وإعطائه الوصف القانوني الصحيح)، مسألة قانونية محضة، يختص بها قاضي الموضوع، تحت رقابة محكمة النقض (أو التمييز).
حيث أنه من المسلم به في فقه القانون المدني أنه متى كشف القاضي عن إرادة المتعاقدين، كيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح غير متقيد بتكييف المتعاقدين، ثم رتب على هذا التكييف آثاره القانونية. وهو خاضع في التكييف وما رتبه من آثار لرقابة محكمة النقض (أو التمييز)، لأنه يطبق القانوني على الواقع، وتطبيق القانون يعد من المسائل القانونية التي تختص محكمة النقض بمراقبتها. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول: "مصادر الالتزام" – المجلد الأول: "العقد" – الطبعة الثالثة 1981 القاهرة – بند 388 – صـ 804 وهامشها).
        ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "العبرة في تكييف العقود هي بحقيقة ما عناه العاقدون منها، وتعرف هذا القصد من سلطة محكمة الموضوع، ومتى تبينت تلك المحكمة إرادة العاقدين على حقيقتها، فإن عليها أن تكيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح غير متقيدة في ذلك بتكييف العاقدين". (نقض مدني في الطعن رقم 107 لسنة 37 قضائية – جلسة 28/12/1971 مجموعة المكتب الفني – السنة 22 – صـ 1115 – فقرة 5).
        لما كان ذلك، وكان من المُقرر قانوناً - وعلى ما تواتر عليه قضاء محكمة النقض المصرية – أن: "مهمة الخبير تقتصر على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء الرأي في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه، دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 59 لسنة 41 قضائية - جلسة 23/12/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1653).
        لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر قانوناً فقهً وقضاءاً أن: "وصف الرابطة بين الخصوم، وإسباغ التكييف القانوني عليها هي مسألة قانونية بحتة فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ولا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها في ولايتها وحدها ولا يجوز لها أن تستند إلى ما أورده الخبير في هذا الصدد ولا غِناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنها فإن استندت إلى تقرير الخبير في هذا الشأن كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب". (لطفاً، المرجع: "التعليق على قانون الإثبات" – للمُستشار/ عز الدين الدناصوري والأستاذ/ حامد عكاز – الطبعة العاشرة 2002 – المادة 135 – صـ 1229).
        كما أنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانوني عليها هو مسألة قانونية بحتة، فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها، ولا للمحكمة أن تنزل عنها، لأنها في ولايتها وحدها، ولا يجوز أن تستند إلى ما أورده الخبير في هذا الصدد، ولا غناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنها، فإن استندت  إلى تقرير الخبير في هذا الشأن كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب". (نقض مدني في الطعن رقم 362 لسنة 62 قضائية – جلسة 21/4/1998).
        لما كان ذلك، وكان تقرير الخبرة المودعة تقاريره بملف الطعن الماثل قد تجاوز حدود اختصاصاته بخوضه في مسائل قانونية محضة، يستقل بها القضاء وحده دون غيره، حيث أورد التقرير أن: "طبيعة العلاقة بين الطرفين أن المدعي (الشركة الطاعنة) قد عرض على المدعي عليها (الشركة المطعون ضدها) بأن هناك شركة أمريكية تريد التعاقد مع شركة كويتية لتوفير موظفين لتنفيذ عقودها في العراق، ولم يتبين للخبرة وجود أي اتفاق أو عقود سمسرة (مكتوبة) بين الطرفين، وخلا ملف الدعوى مما يؤكد وجود تلك السمسرة باستثناء مراسلات إلكترونية لا تعد دليلاً على وجود اتفاق سمسرة بين الطرفين"؟!!
        وعليه، فما كان للخبرة الفنية أن تطرق لمسألة وصف الرابطة بين الخصوم، ولا تحديد العلاقة القانونية بينهما، ولا تكييف العقد المدعي به (على أنه مجرد "عرض")، ولا الخضوع الأدلة القانونية وما يجوز الاحتجاج به وما لا يجوز الاحتجاج به في خصوص إثبات وجود عقد السمسرة بين الطرفين. فكل تلك مسائل قانونية القول الفصل فيها للقضاء وليس للخبراء الفنيين المحاسبين.
        والخبرة الفنية حتى لم تبحث هذه المسألة "القانونية" التي تطرقت إليها بدون داع، وإنما فقط رددت أقوال الشركة المطعون ضدها، حيث أن الشركة المطعون ضدها قد سبق لها أن دفعت بأنها: "لم تكلف الشركة المدعية (الطاعنة) أو أياً من موظفيها بالبحث لها عن متعاقد لإبرام العقد المدعى به، وإنما عُرِضَ عليها ذلك من قِبل المدعو/ خالد عبد الله العدواني وتمت المفاوضات على هذا الأساس". (لطفاً، يُراجع مذكرة دفاع الشركة المطعون ضدها المقدمة لمحكمة أول درجة أثناء حجزها للحكم لجلسة 19/11/2006).
وحتى إن صدق هذا الزعم، فسيان – من الناحية القانونية – في إبرام العقد أن يصدر الإيجاب من أي طرف من طرفيه، أي سواء صدر الإيجاب من الشركة الطاعنة وصادفه قبول من الشركة المطعون ضدها، أو صدر إيجاب من الشركة المطعون ضدها وصادفه قبول من الشركة الطاعنة، فالنتيجة واحدة، وهي اقتران الإيجاب بالقبول، ومن ثم ينعقد العقد.
وبالتالي فلا أثر قانوني لما تقول به الشركة المطعون ضدها من أنها لم تكلف ولم تفوض وإنما عرض عليها الأمر، طالما أنها قبلت هذا العرض، بدليل أنها أرسلت أيميل للشركة الطاعنة تفيد موافقتها على دفع العمولة لها (حيث أقرت الشركة المطعون ضدها في الرسالة الإلكترونية المعنونة بـ: "موافقة على العمولة" المرسلة للشركة الطاعنة في تاريخ 6/3/2005)؛
وهذا يقطع باقتران إيجاب (عرض) رجل الشركة الطاعنة بقبول ممثل الشركة المطعون ضدها، ومن ثم فقد تم انعقاد العقد وترتبت آثاره والتزاماته على طرفيه.
وفي هذا الشأن تنص المادة 31 من القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980 على أن: "العقد هو ارتباط الإيجاب بالقبول على إحداث اثر يرتبه القانون".
كما تنص المادة 32 من ذات القانون على أن: "ينعقد العقد بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول، إذا ورد على محل واستند إلى سبب معتبرين قانوناً ...".
كما تنص المادة 39 من ذات القانون على أن: "يعتبر إيجابا العرض الذي يتضمن عزم صاحبه على إبرام العقد بمجرد أن يقبله الموجب له ...".
كما تنص المادة 47 من ذات القانون على أنه: "إذا ارتبط الإيجاب بالقبول، لزم العقد طرفيه، ولا يكون لأي منهما عنه نكوص ...".
        كما تنص المادة 196 من ذات القانون على أن: "العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه ...".
        كما تنص المادة 197 من ذات القانون على أنه: "يجب تنفيذ العقد طبقا لما يتضمنه من أحكام، وبطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل".
ومن ثم، فهذا "العرض" الذي تقول به الشركة المطعون ضدها، وسايرها في ذلك تقرير الخبرة الفنية، لم يظل "عرضاً"، إي إيجاب معلق، لم يصادف قبول، بل اقترن بالقبول (الصريح، أو الضمني على أقل تقدير) من الطرف الثاني، ومن ثم فقد انعقد العقد ونشأ ونتج عنه التزاماته على عاتق طرفيه، ولا يجوز لأي منهما النكوص عنه ولا أن يستقل بتعديله أحكامه أو نقضه بل يوجب القانون عليه تنفيذه بطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل.
مع ملاحظة أن كتابة العقد هنا ليست شرطاً لانعقاده وإنما هي للإثبات فقط، لكونه من العقود الرضائية (أي ينعقد بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول)، ومن ثم فيجوز إثباته بكافة طرق الإثبات.
        وعليه، فما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ ذلك التقرير محمولاً على أسبابه – في هذه الجزئية المتقدم ذكرها – لأنه لا يجوز لها أن تنزل عن ولايتها للخبراء للفصل في الشق القانوني في موضوع الدعوى المطروح عليها، ولا غِناء عن أن تقول محكمة الموضوع كلمتها هي في هذا الشأن، وإن هي لم تفعل، مكتفية بالاستناد إلى تقرير الخبرة الفنية، فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله، وكذا بالقصور في التسبيب بما يبطل الحكم المطعون فيه، بما يستوجب تمييزه. 

الوجه الثالث- بطلان أعمال الخبرة الفنية:
في أثناء جلسات التحقيق فطنت عدالة محكمة أول درجة إلى وجود عقد سمسرة بين الشركة الطاعنة والشركة المطعون ضدها، فقضت بإعادة أوراق الدعوى إلى الخبرة الفنية (لجنة ثلاثية) لبيان وتقدير ما تستحقه الشركة الطاعنة من أجر على ضوء جدول المرتبات التابع للعقد المبرم بين الشركة المطعون ضدها والشركة الأمريكية بواقع 5% من قيمة العقد عن السنة الأولى بالإضافة إلى الأجر الإضافي
ولكن اللجنة الثلاثية لم تباشر المأمورية التي أناطها به الحكم التمهيدي المذكور وتطرقت بدلاً من ذلك إلى الفصل في مسائل قانونية غير مختصة بها ولم يطلبه منها الحكم التمهيدي.
حيث أورد تقرير اللجنة الثلاثية إنه: "ثبت له (أي للخبرة الفنية) أن العقد الذي تطالب به الشركة الطاعنة بعمولته لم ينفذ لأنه لم يتم التصديق عليها من قِبل الجهات المختصة، وقد خلا ملف الدعوى من ذلك، ولم تقدم الشركة الطاعنة ما يؤكد أن العقد تم تنفيذه، وبالتالي فإن العلاقة بين الشركة المدعى عليها (المطعون ضدها) والشركة الأمريكية لم تكتمل ولم تدخل حيز التنفيذ". (وقد أوضحنا زيف جميع هذه الادعاءات من قبل).
وإذ سايرت محكمة الموضوع الخبرة الفنية في هذا الشأن، حيث جاء الحكم المطعون فيه مبنياً على رأي الخبرة الفنية في تلك "المسائل القانونية" فأورد حكم أول درجة حيثياته ما يلي: "أنه (أي القاضي) يطمئن إلى تقرير الخبير وأن طبيعة العلاقة بين الطرفين (مجرد عرض) المدعي (الطاعنة) على المدعى عليه (المطعون ضدها) أن هناك شركة تريد التعاقد مع شركة كويتية لتستعين بعمالة للعراق، ولم تشر الخبرة إلى وجود أية عقود سمسرة بين الطرفين (الخبرة هي التي تشير إلى العقود والروابط القانونية؟!!). وما انتهت إليه اللجنة الثلاثية في تقريرها بعدم صحة اعتراضات المدعي (الطاعنة) وعدم استحقاقه لأية مبالغ كعمولة عن العقد غير النهائي والذي لم يدخل حيز التنفيذ. كما أن الحكم الاستئنافي قد اكتفى بوضع تقرير الخبرة في دعوى إثبات الحالة دون النظر لاعتراضات الشركة الطاعنة على تطرق التقرير لمسائل قانونية وتركه للمسائل الفنية المطلوب إثباتها واحتسابها وتقديرها.
        بطلان عمل اللجنة الثلاثية: لما كان ما تقدم، وكان تقرير الخبرة الفنية (اللجنة الثلاثية) قد شابه البطلان من ناحيتين:
الأولى- عدم مباشرته وتنفيذه للمأمورية التي أناطها به الحكم التمهيدي؛
والثانية- بخوضه في مسائل قانونية بحتة لا علاقة له بها.
وعليه، يكن قد شاب ذلك التقرير البطلان لأنه قد شاب إجراءاته عيب جوهري، من الناحيتين سالفتي الذكر، وهو ما ترتب عليه ضرر للشركة الطاعنة.
حيث أنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "مناط بطلان تقرير الخبير هو أن يكون قد شاب إجراءاته عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم". (نقض مدني في الطعن رقم 2469 لسنة 57 قضائية – جلسة 16/5/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1129 – فقرة 5).
        وطالما كان ذلك التقرير باطلاً، فإن حكم محكمة الموضوع إذ عول في قضائه على ذلك التقرير، فإنه يكون قد لحقه البطلان كذلك، لأنه من المُقرر قانوناً – كما سلف بيانه – أن: "ما بني على باطل فهو باطل".
لا سيما وأنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "إذا ندبت المحكمة ثلاثة خبراء، وجب أن يشتركوا جميعاً لا في الأعمال التي تقتضيها المأمورية المعهود إليهم بها فحسب، بل أيضاً في المداولة وتكوين الرأي. وعلى ذلك فإنه إذا أنفرد خبيران بالمداولة ووضعا التقرير وأمتنع ثالثهما عن الاشتراك معهما كان التقرير المقدم منهما باطلاً وأمتنع على المحكمة الأخذ به. ولا يحدث في جواز الاعتماد على التقرير الباطل القول بأن الأمر مرده إلى المحكمة التي لها الرأي الأعلى في تقدير نتيجة بحوث الخبراء في المسائل المتنازع عليها، إذ أن سلطة المحكمة في تقدير آراء الخبراء محلها أن تكون هذه الآراء قدمت لها في تقرير صحيح. فإذا أخطأت المحكمة في رفض الدفع ببطلان تقرير خبير باطل، فإن ذلك يستلزم نقض حكمها فيما كان منه مؤسساً على هذا التقرير" (نقض مدني في الطعن رقم 87 لسنة 15 قضائية – جلسة 31/10/1946 مجموعة عمر – 5ع – صـ 230 – فقرة 2).
وهدياً بما تقدم، وإذ عول الحكم محكمة الموضوع على تقرير الخبرة الذي شابه البطلان واكتفي بإيداعه دون بحث اعتراضات الشركة الطاعنة، وترك للخبرة الفنية الفصل في مسائل قانونية هي من صميم اختصاص القضائي وحده دون غيره. ولم يأبه لإغفال الخبراء إثبات الحالة المطلوب إثباتها وبيان وتقدير واحتساب أجر السمسرة بالمخالفة للحكم التمهيدي ذاته الصادر بإحالة الدعوى إليه لاحتساب ذلك الأجر.
ولكن بدلاً من ذلك، تطرق تقرير الخبرة الفنية إلى مسألة تكييف العلاقة بين الطرفين، وهي مسألة قانونية بحتة تدخل في صميم عمل القاضي وحده، كما سلف بيانه تفصيلاً.
كما تدخل تقرير الخبرة الفنية في اختصاصات القاضي، ترك  اختصاصه ولم يباشر ولم ينفذ المأمورية التي أناطها به الحكم التمهيدي الصادر بإحالة الدعوى إلى الخبراء.
ولم تكتف الخبرة الفنية بذلك، بل وأورد تقريرها بأنه لم يتبين لها ثمة عقود سمسرة بين الشركة الطاعنة والشركة المطعون ضدها، حيث خلا ملف الدعوى مما يؤكد على وجود عقد السمسرة باستثناء مراسلات إلكترونية في البريد الإلكتروني. وتلك بدورها مسألة قانونية فقبول أدلة الإثبات وتقديرها قيمتها في الإثبات مسألة قانونية تختص بها محكمة الموضوع دون غيرها. ولا يجوز بحال تركها للخبرة الفنية لتفصل فيها. وقد سبق أن بينا جميع أدلة الإثبات التي يجوز إثبات عقد السمسرة بها.
لا سيما وأنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "تقتصر مهمة الخبير على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 59 لسنة 41 قضائية - جلسة 23/12/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26  - صـ 1653. وفي الطعن رقم 243 لسنة 51 قضائية - جلسة 28/2/1985. وفي الطعن رقم 2418 لسنة 52 قضائية - جلسة 6/5/1986).
وقد تواتر قضاء محكمة النقض المصرية بأن: "ندب خبير في الدعوى هو مجرد وسيلة إثبات يقصد بها التحقق من واقع معين يحتاج للكشف عنه معلومات فنية خاصة لا شأن له بالفصل في نزاع قانوني أو الموازنة بين الآراء الفقهية لاختيار أحدها فهذا من صميم واجب القاضي لا يجوز له التخلي عنه لغيره". (نقض مدني في الطعن رقم 1396 لسنة 52 قضائية - جلسة 12/5/1983. ونقض مدني جلسة 24/3/1976 مجموعة المكتب الفني – السنة 27 – صـ 752).
        وكذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن: "الطبيب ليس هو الذي يعطى الوصف القانوني للحالة المرضية التي يشاهدها، بل الشأن في ذلك للقاضي الذي يملك أن يقيم قضاءه ببطلان العقود لعته المتصرف على ما يطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن، ولو كانت مخالفة لرأى الطبيب، إذ للقاضي مطلق الحق في تقدير ما يدلى به الخبراء من أراء". (نقض مدني في الطعن رقم 53 لسنة 38 قضائية – جلسة 1/1/1974 مجموعة المكتب الفني – السنة 25 – صـ 92 – فقرة 6).
        لما كان ما تقدم، فما كان يجوز للحكم المطعون فيه (في أول وثان درجة) أن يعول في قضائه على تقرير خبرة فنية باطل لعدم مباشرة للمأمورية التي نيطت بالخبراء ولتطرقه لمسائل قانونية صرفه من اختصاص القاضي وحده. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب تمييزه.