فسخ عقد إيجار أماكن
" وأعلنته بالآتي "
تمتلك جهة وقف/ المكاتب والمساجد الخيري – فيما تمتلك – العقار رقم ..... بالقاهرة، وهو مُكون من دور أرضي (مجلات) + ثلاثة أدوار مُتكررة (لوكاندة البرلمان) + غُرف السطح + جزء خلفي بارتفاع الدور الأرضي فقط من جهة شارع المُرجان (محلات)، وبه عدد 19 (تسعة عشر) شقة (خلاف المحلات)، وتُستعمل كـ "لوكاندة".
ويتنظر على جهة الوقف المذكورة السيد وزير الأوقاف بصفته، وتديره نيابة عن وزارة الأوقاف هيئة الأوقاف المصرية بموجب قانون إنشاء الهيئة.
وبموجب عقد إيجار مُحرر في 9/10/2002 وساري اعتباراً من أول أكتوبر 2002 يستأجر المُعلن إليه من الطالب بصفته ما هو: عدد خمس حجرات أرقام 109 و 110 و 111 و 112 و 113 بمنافعهم (التراس وطرقة واستراحة ودورة مياه ومطبخ) الكائنين بالعقار رقم .... بالقاهرة، نظير أجرة شهرية قدرها 92ر700جم (سبعمائة جنيه واثنان وتسعون قرشاً)، بغرض استغلالها في تجارة وصيانة الأجهزة الالكترونية.
هذا، وقد نُصَ في العقد سالف الذكر – في البند الثالث والعشرون منه – على أنه: "لا يجوز للمُستأجر أن يتنازل لأحد عن حقوقه في هذا الاستئجار إلا لأحد ورثته أو أقاربه حتى الدرجة الثالثة الذي تثبت إقامته معه ولا أن يُؤجر المحل المُؤجر كله أو بعضه من باطنه ولا يجوز الاحتجاج على الهيئة بقبولها الاستئجار من الباطن أو التنازل للغير إلا بعقد كتابي خاص صادر منها بذلك تُبين فيه شروط قبولها التأجير من الباطن أو التنازل عنه للغير ولهذا اتفق الطرفان صراحة بأن كل طلب مُقدم للهيئة سواء أكان من المُستأجر أم من غيره بالتصريح بالتأجير من الباطن أو بالتنازل وبأن عدم رد الهيئة على هذا الطلب أو إجراء مُكاتبات منها بخصوص النظر في هذا الطلب كل هذا عمل إداري لا يُعتبر قبولاً من الهيئة لهذا التنازل أو التأجير من الباطن كما لا يجوز اعتباره ابتداء إثبات بالكتابة بقبولها ذلك إذ أن الدليل الوحيد على الهيئة في هذا الشأن هو العقد الكتابي الصريح بذلك لا غيره كما تقدم ذكره".
كما نُصَ في العقد سالف الذكر – في البند الثامن والثلاثون، فقرة 2 منه – على أنه: "ليس للمُستأجر الحق في التنازل عن الشقة (العين) المُؤجرة أو تأجيرها كلها أو جزء منها من الباطن أو إشراك غيره في السكن بمُقابل أو بغير مُقابل وإذا خالف ذلك فيُعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار ويكون وضع يده مُغتصباً ومن حق الهيئة طرده بحكم من قاضي الأمور المُستعجلة إلا إذا كان التنازل بمُوافقة الهيئة ولأحد ورثته أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثالثة الذي تثبت إقامته معه".
ورغم كل ما تقدم فقد خالف المُستأجر (المُعلن إليه) هذه النصوص الواردة بعقد إيجار عين التداعي المُكملة بأحكام قوانين إيجار الأماكن التي تنظم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر، وذلك بأن قام بهدم حوائط وفواصل الغرف والحجرات المُؤجرة له وقام بإعادة تقسيمها وتهيئتها كمحلات تجارية وقام ترقيمها من جديد بمعرفته هو وبدون الرجوع إلى هيئة الأوقاف المصرية المالكة والمُؤجرة، ولم يكتف بذلك بل قام بتأجير أغلب تلك الوحدات (المحلات، بعد إعادة تقسيمها) من الباطن إلى الغير بدون تصريح كتابي صريح من المالك المُؤجر. فعلي سبيل المثال لا الحصر، قام المُستأجر (المُعلن إليه) بتأجير المحل رقم 5ج إلى السيدة/ حنان ..... كما قام بتأجير المحلين رقمي 5أ و 5ب إلى السيد/ طارق سيد محمد عبد الرحمن. كما قام بتأجير المحل الواقع بالدور الأول فوق الأرضي من العقار رقم 3 بميدان العتبة إلى السيد/ محمد أحمد صالح حسن. وهؤلاء وغيرهم هم واضعي اليد على الطبيعة وعلى الحقيقة وليس المُستأجر المُعلن إليه الذي أجره تلك المحلات من الباطن إليهم وإلى غيرهم.
نص المادة 18 / ج من القانون رقم 136 لسنة 1981:
لما كان ما تقدم، وكانت الفقرة "ج" من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر تنص على أنه: "لا يجوز للمُؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المُدة المُتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:
أ- ...
ب- ...
ج- إذا ثبت أن المُستأجر قد تنازل عن المكان المُؤجر، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمُستأجر الأصلي، أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائياً وذلك دون إخلال بالحالات التي يُجيز فيها القانون للمُستأجر تأجير المكان مفروشاً أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربى وفقاً لأحكام المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977".
هذا، وقد حظرت قوانين إيجار الأماكن على المُستأجر تأجير المكان من الباطن أو التنازل عن الإيجار للغير بدون إذن كتابي صريح من المالك للمُستأجر الأصلي، والحكمة من هذا الحظر أن المُشرع بعد أن خول المُستأجر مزايا عديدة تتلخص في البقاء بأجرة مُخفضة في العين بعد انقضاء مُدة الإيجار الاتفاقية، وجد من الواجب أن يُلقي على المُستأجر واجبات شديدة تضمن من جهة قيامه بسداد هذه الأجرة المُخفضة في ميعادها، ومن جهة أخرى المُحافظة على أن يكون شغله للمكان بهذه الأجرة ناشئاً عن ضرورة حقيقية دون أن يتخذه وسيلة للاستغلال والربح بأن يُؤجره من باطنه أو بأن يتنازل عن الإيجار للغير، والغالب أن يكون ذلك نظير إيجار مُرتفع ارتفاعاً فاحشاً يُثري به على حساب المالك ولإخفاء هذه الزيادة يكتب العقد بالقيمة القانونية ويأخذ الفرق نقداً من المُستأجر الثاني أو المُتنازل إليه. (من التقرير الثاني للجنة العدل بمجلس الشيوخ في خصوص قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947. المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني - الفقرة رقم 123 – صـ 436).
قيام الحظر ودواعيه:
من المُقرر في قضاء النقض أنه: "جرى التقنين المدني على أن حق المُستأجر المُتولد من عقد الإيجار في الانتفاع بالشيء المُؤجر، بوصفه من الحقوق المالية، يقبل التعامل فيه سواء بالنزول عنه إلى الغير كُلاً أو جزءاً، مُدة الإجارة كلها أو بعضها، بمُقابل أو بدونه، أو بتأجيره إلى الغير لقاء أجرة على النحو المُتقدم، وذلك ما نصت عليه المادة 593 من القانون المدني بقولها: "للمُستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وذلك عن كل ما استأجره أو بعضه ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك"، دلالة على أن المنع من هذه التصرفات هو استثناء من الأصل لا يقوم إلا بالاتفاق عليه بين المُؤجر والمُستأجر، إلا أنه تنظيماً للعلاقات بين المُؤجرين والمُستأجرين أصدر المُشرع قوانين آمرة منها القانون رقم 140 لسنة 1946 ومن بعده القانون رقم 121 لسنة 1947 الذي حدد أجرة الأماكن ومد الإيجار بعد انتهاء مُدته الاتفاقية، سالباً المُؤجر بذلك حقه في طلب إخلاء المسكن المُؤجر لهذا السبب، ومُقيداً حقه في ذلك بأسباب حددها من بينها تأجير المُستأجر للمكان من باطنه بغير إذن كتابي صريح من المالك، مما أضحى الأصل الذي أورده القانون المدني بشأن الحق في التأجير من الباطن استثناء يستلزم ترخيصاً به من المُؤجر، وذلك على تقدير من المُشرع بأنه لا وجه لتخويل المُستأجر حق استغلال المكان المُؤجر عند عدم احتياجه إلى الانتفاع به بنفسه وبمن يشملهم الحق في الانتفاع بطريق التبعية له، وذلك بتأجيره إلى الغير من باطنه كله أو بعضه بغير إذن من المالك، ثم جاء بعد ذلك القانون رقم 52 لسنة 1969 مُقتفياً هذا الأثر ومُضيفاً إليه النص على حظر التنازل عن المكان المُؤجر أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، مُؤكداً بذلك التسوية في الحكم بين التنازل عن الإيجار وبين التأجير من الباطن إتباعاً لحكم المادة 594 من القانون المدني التي تقضي بأن: "منع المُستأجر من أن يُؤجر من الباطن يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس"، ومُحققاً شمول الحكم لكافة صور تخلي المُستأجر عن الحق في الانتفاع بالمكان المُؤجر بتمكين الغير منه بأي وجه من الوجوه، ولو بغير طريق التنازل أو التأجير من الباطن، فدل ذلك على أن الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المُستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المُؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كُلياً أو جزئياً، مُستمراً أو مُؤقتاً، بمُقابل أو بدونه، باعتبار هذا التخلي بجميع صوره، خروجاً من المُستأجر على نص عقد الإيجار مُكملاً بحكم هذا القانون يُجيز للمُؤجر طلب إخلاء المكان المُؤجر". (الطعن رقم 225 لسنة 47 قضائية – جلسة 20/1/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 309. والطعن رقم 1195 لسنة 50 قضائية – جلسة 13/4/1987. والطعن رقم 1697 لسنة 54 قضائية – جلسة 8/6/1987. والطعن رقم 276 لسنة 52 قضائية – جلسة 22/3/1989. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 550 – صـ 840 و 841).
تحقق الحظر ولو انصبت المُخالفة على تأجير جزء من العين:
من المُقرر في قضاء النقض: "أن إقامة الطاعنين – المُؤجرين – دعواهم بطلب إخلاء العين المُؤجرة لتأجيرها بأكملها من الباطن على خلاف التصريح الصادر من المُؤجر الأصلي بقصر الإذن للمُستأجر بالتأجير على جزء منها يتم الاتفاق عليه بين الطرفي العقد هو استعمال مشروع لحقهم في هذا الطلب ولا تعسف فيه – إذ ليس هناك ما يمنع قانوناً من أن يتفق طرفا عقد الإيجار على تحديد نطاق الإذن بالتأجير من الباطن". (الطعن رقم 143 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/6/1989. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 551 – صـ 841).
ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "ثبوت مُخالفة المُستأجر لشروط العقد مُكملة بالقانون كاف لتوفير مُبرر الإخلاء سواء كانت المُخالفة قد انصبت على العين المُؤجرة جميعاً أم على جزء منها". (الطعن رقم 1039 لسنة 52 قضائية – جلسة 9/2/1989. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 552 – صـ 841).
توافر الحظر يُرتب حق المُؤجر في طلب الإخلاء:
من المُقرر في قضاء النقض أن: "العقد شريعة المُتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يُقرها القانون، مما مُؤداه التزام المُستأجر باحترام الشروط الواردة في عقد الإيجار والذي يحظر عليه التنازل عن الإيجار، وإلا حق عليه الجزاء المُقرر لمُخالفة ذلك في العقد أو في القانون، وكان من الأصول التي تقوم عليها القوانين الاستثنائية الصادرة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المُؤجرين والمُستأجرين، حظر تأجير الأماكن المُؤجرة من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك المكان المُؤجر للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، وتقرير الحق للمُؤجر - في حالة إخلال المُستأجر بذلك - في طلب إخلاء المكان المُؤجر". (نقض جلسة 12/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 332. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 553 – صـ 841 و 842).
التمسك بالحظر لا يتضمن تعسفاً من المُؤجر في استعمال حقه:
من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذا كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار الأصلي المبرم مع المطعون عليه الأول والمُستأجرة الأصلية قد نص على عدم التأجير للغير، وكان شرط الحصول على رضا المُؤجر بالتأجير من الباطن ألحق بالشرط المانع المُطلق في الأثر فلا يستطيع المُستأجر إلا أن يصدع له دون أن يملك مُناقشة الأسباب التي جعلت المُؤجر يفرضه عليه، وطالما أجاز المُشرع الشرط المانع مُطلقاً أو مُقيداً فلا محل للقول بأن المُؤجر يتعسف في استعمال حقه إذا تمسك بشرط يُجيزه القانون وارتضاه المُستأجر المُتعاقد معه والذي لا يخوله حقه الشخصي في المنفعة أكثر مما اتفق عليه مع المُؤجر له، ويكون لا محل للقول بتعسف المُؤجر في استعمال حقه متى قام سبب تمسكه بالشرط المانع". (نقض جلسة 6/6/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 564. ونقض جلسة 22/2/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 558. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 559 – صـ 844 و 845).
عدم اشتراط التنبيه على المُستأجر:
من المُقرر في فقه قوانين إيجار الأماكن أنه: "لا يقتضي رفع دعوى الإخلاء سواء للتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار أو ترك المكان المُؤجر للغير بدون إذن كتابي صريح من المالك المُؤجر، توجيه أي تنبيه إلى المُستأجر، كما في حالة طلب الإخلاء بسبب الامتناع عن دفع الأجرة، وإذا حدث هذا التنبيه فلا يلزم بداهةً انتظار أي مُدة بعده. ويجوز رفع الدعوى بمُجرد حصول المُخالفة، كما يجوز رفعها حتى إذا أزال المُستأجر المُخالفة وعاد إلى شغل العين المُؤجرة بنفسه". (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني - الفقرة رقم 157 – صـ 525).
نشوء حق المًُؤجر في الإخلاء بمُجرد وقوع المُخالفة ولو أزيلت بعد ذلك، ولا تملك المحكمة سلطة تقديرية في إيقاع الفسخ:
من المُقرر في قضاء النقض أن: "التشريع الاستثنائي، بعد أن سلب المُؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المُؤجر بعد انتهاء مُدة الإيجار الاتفاقية مُقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار تلقائياً، أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المُستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المُستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المُؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلياً كان ذلك أو جزئياً، مُستمراً أو مُؤقتاً، بمُقابل أو بدونه، واعتبار هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المُستأجر على نص عقد الإيجار مُكملاً بحكم القانون يُجيز للمُؤجر طلب إخلاء المكان. وينشأ حق المُؤجر في الإخلاء بمُجرد وقوع المُخالفة ولا ينقضي بإزالتها فيبقى له هذا الحق ولو أسترد المُستأجر الأصلي العين المُؤجرة بعد ذلك، ومتى ثبت قيام المُستأجر بتأجير العين المُؤجرة له من الباطن – دون إذن كتابي صريح من المالك – تعين على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار وإخلاء المكان دون أن يكون لها سلطة تقديرية في ذلك لأن حق المُؤجر في الإخلاء ينشأ بمُجرد وقوع المُخالفة، فالحكم بالفسخ هنا مُقرر تقع نتيجته بمُجرد قيام سببه، وذلك سواء نص عليه في عقد الإيجار أو لم ينص وسواء طلب المُؤجر إعمال نص القانون أو العقد إذ يستند الإخلاء في هذه الحالة إلى إرادة المُشرع وليس إلى اتفاق الطرفين وذلك لتعلق التشريع بالنظام العام". (الطعن رقم 272 لسنة 48 قضائية – جلسة 28/11/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 1943. ونقض جلسة 11/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 159. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 563 – صـ 846 و 847).
ماهية التأجير من الباطن:
من المُقرر في قضاء النقض أن: "يُقصد بالتأجير من الباطن المعنى المُراد في الشريعة العامة بتأجير المُستأجر حقه في الانتفاع بالعين المُؤجرة إليه إلى آخر لقاء جُعل يُتفق عليه بينهما ويستوي أن يكون التأجير من الباطن وارداً على العين المُؤجرة كلها أو بعضها". (نقض جلسة 21/5/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – 1373. والطعن رقم 1207 لسنة 50 قضائية – جلسة 13/1/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – صـ 101. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 564 – صـ 849).
ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذا كان البين من نصوص العقد أن الطاعن تعهد بتمكين المطعون ضده من الانتفاع بالمحل الذي يستأجره الطاعن من وزارة الأوقاف على أن يستقل المطعون ضده به فيبيع بضاعته فيه تحت مسئوليته هو مُقابل التزامه بأن يدفع للطاعن شهرياً ما يُعادل 3% من قيمة البضاعة التي يبيعها في المحل علاوة على التزامه بأربعة أخماس أجرة المحل وبدفعه مُرتبات المُوظفين واشتراك التليفون ونفقات إضاءة المحل، فإن هذه الشروط التي تضمنها العقد تجعل منه عقد إيجار من الباطن. ولا يُغير من ذلك القول بأن وصف المبلغ الذي تعهد المطعون ضده بأدائه شهرياً للطاعن بأنه عمولة يجعل العقد بيعاً بالعمولة ذلك لأن القانون لا يعرف البيع بالعمولة وإنما يعرف الوكالة بالعمولة في البيع وهي تقتضي أن يبيع الوكيل بالعمولة باسم ولحساب الموكل فيما يوكله الأخير في بيعه وهي صورة مُختلفة عما اتُفِقَ عليه في العقد من أن يبيع المطعون ضده بضاعته هو باسمه ولحساب نفسه". (الطعن رقم 178 لسنة 34 قضائية – جلسة 29/6/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1441. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 566 – صـ 850).
صور التنازل عن الإيجار، والإيجار من الباطن، وترك العين للغير:
من المُسلم به قانوناً، فقهاً وقضاءاً، أنه: "قد يكون التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن أو الترك سافراً، كما يمكن أن يكون مُستتراً تحت ستار عقد آخر كالوكالة أو غيرها لأن العبرة بحقيقة العلاقة كما تثبت للمحكمة، ومن أمثلة ذلك ستر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن أو الترك بإبرام توكيل من المُستأجر الأصلي إلى المُتنازل إليه أو المُستأجر من الباطن أو لمن وقع الترك لصالحه بإدارة العين المُؤجرة ودفع أجرتها". (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الثاني - الفقرة رقم 129/1 – صـ 452).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "مُؤدى المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المُشرع أجاز للمُؤجر طلب الإخلاء إذا أجر المُستأجر العين من باطنه أو تنازل عنها أو تركها للغير دون إذن كتابي منه، يستوي أن يكون التأجير من الباطن أو النزول عن الإيجار أو الترك سافراً صريحاً أو مُتخذاً ستار عقد آخر لأن العبرة بحقيقة العلاقة لا بما يسبغه المُتعاقدان من أوصاف، فلا تقف المحكمة عن المظهر البادي وإنما من حقها أن تمحص العلاقة التعاقدية، وأن تطلق عليها وصفها الصحيح". (الطعن رقم 356 لسنة 48 قضائية – جلسة 7/2/1979. منشور بالموسوعة الشاملة للشربيني – جـ 5 – صـ 280. المصدر: عزمي البكري – المرجع السابق – نفس الموضع – الفقرة رقم 129/1 – صـ 452 و 453).
إثبات الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين:
من المُقرر بين فقهاء قوانين إيجار الأماكن أنه: "يجوز للمُؤجر إثبات الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين المُؤجرة بكافة طرق الإثبات القانونية – بما فيها البينة والقرائن – فلئن كانت الإجارة الأصلية صادرة منه، إلا أنه يُعتبر من الغير بالنسبة لعقد الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار. الأمر الذي يُشكل مانعاً من الحصول على دليل كتابي يُثبت الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار". (المرجع: عزمي البكري – المرجع السابق - الفقرة رقم 160 – صـ 536).
إثبات وجود غير المُستأجر بالعين وقوعه على عاتق المُؤجر، وإثبات أن وجوده يستند إلى سبب مُبرر تقع على عاتق المُستأجر:
من المُقرر في قضاء النقض أن: "المُقرر في قواعد الإثبات أن البينة على من يدعي خلاف الأصل، والأصل هو خلوص المكان المُؤجر لمُستأجره ومن يتبعه، وخلوه من غير هؤلاء، ومن ثم فإنه يكفي المُؤجر – إثباتاً للواقعة التي يقوم عليها طلبه بإخلاء المكان المُؤجر وفقاً لنص المادة 18/ج من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن يُقيم الدليل على وجود غير المُستأجر ومن يتبعه في العين المُؤجرة، فينتقل بذلك عبء إثبات العكس إلى عاتق المُستأجر بوصفه مُدعياً خلاف الأصل ليثبت أن وجود ذلك الغير يستند إلى سبب قانوني يبرر ذلك فإن أثبت ذلك درء عن نفسه جزاء الإخلاء". (الطعن رقم 276 لسنة 52 قضائية – جلسة 22/3/1989. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 611 – صـ 876).
استخلاص التنازل عن الشرط المانع من التنازل عن عقد الإيجار، مُجرد علم المُؤجر وسكوته لا يكفي:
من المُقرر في قضاء النقض أن: "إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مُقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه. مُجرد علم المُؤجر بواقعة التأجير من الباطن لا يُعتبر بذاته قبولاً لها يتضمن النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الإيجابي عن الإرادة". (الطعن رقم 1411 لسنة 52 قضائية – جلسة 21/5/1989. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 650 – صـ 904).
ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المُقرر أن ما نصت عليه المادة 23/2 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المُقابلة للمادة 31/ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 من أنه يجوز للمُؤجر طلب إخلاء المكان إذا قام المُستأجر بتأجيره من الباطن أو تنازل عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك – مفاده أن المُشرع استلزم لتوقي طلب إخلاء العين في الحالات الواردة بها أن يكون لدى المُستأجر موافقة كتابية صريحة من المُؤجر على ذلك ومن ثم فلا يُقبل الادعاء بصدور موافقة ضمنية مُستفادة من علمه بذلك وعدم اعتراضه عليه". (الطعن رقم 2134 لسنة 54 قضائية – جلسة 15/1/1985. المصدر: خيري أبو الليل – المرجع السابق – القاعدة رقم 651 – صـ 904).
اختصام المُستأجر الأصلي فقط:
من المُقرر في قضاء النقض أن: "دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن بدون أذن كتابي صريح من المؤجر، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، محلها فسخ الإجارة الصادرة منه إلى المستأجر الأصلي وليس الإيجار من الباطن إذ أنه ينقضي حتماً بانقضاء الإيجار الأصلي، ومن ثم فهي ترفع منه على الأخير ليقول كلمته فيما أسند إليه من إخلال بالعقد، فإذا لم يختصم في الدعوى واختصم المستأجر من الباطن وحده كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة، على أنه يجوز للمؤجر أن يدخل المستأجر من الباطن في الدعوى إلى جوار المستأجر الأصلي وإن كان ذلك غير ضروري لأن الحكم الصادر ضد المستأجر الأصلي يجوز تنفيذه على المستأجر من الباطن ولو لم يختصم في الدعوى". (الطعن رقم 3 لسنة 56 قضائية - جلسة 20/12/1990. ونقض 27/6/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 1960. ونقض 2/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – ع2 – صـ 253).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "من المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد الإيجار من الباطن لا يُنشئ علاقة مُباشرة بين المُستأجر من الباطن والمُؤجر الأصلي إلا في حدود ما تقضي به المادتين 596 و 597 من القانون المدني خاصاً بالأجرة حتى ولو كان مُصرحاً للمُستأجر الأصلي في عقد الإيجار بالتأجير من الباطن إلا أنه في هذه الحالة الأخيرة تكون الإجارة من الباطن نافذة في حق المُؤجر فلا يملك الأخير التعرض للمُستأجر من الباطن ما دامت الإجارة الأصلية قائمة، فإذا ما انتهى عقد الإيجار الأصلي فإنه يترتب على ذلك انقضاء عقد الإيجار من الباطن". (الطعن رقم 603 لسنة 51 قضائية – جلسة 1/3/1989. والطعن رقم 1331 لسنة 49 قضائية – جلسة 15/1/1986. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً" – للمٌستشار/ محمد خيري أبو الليل – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 572 – صـ 854).
التطبيق:
وبتطبيق كل تلك القواعد والأسانيد القانونية سالفة الذكر على وقائع النزاع الماثل يتضح جلياً لعدالتكم أن: المُستأجر الأصلي قد قام بتأجير أجزاء من العين المُؤجرة له إلى الغير بدون موافقة كتابية صريحة من المالك المُؤجر بذلك، بالمُخالفة لنصوص عقد إيجار عين التداعي وبالمُخالفة كذلك لأحكام قوانين إيجار الأماكن المُنظمة للعلاقة بين المُؤجر والمُستأجر، مما يُجيز للمُؤجر – والحال كذلك – طلب فسخ عقد إيجار عين التداعي واخلائها من الأشخاص والأشياء وتسليمها للطالب بصفته بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد، ومن ثم تكون هذه الدعوى الماثلة قد جاءت على سند صحيح من القانون خليقة بالقبول، وهو ما تُطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.
سابقة العرض على لجان فض المُنازعات:
ومن حيث أن المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإصدار لجان التوفيق التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً تنص على أنه: "لا تُقبل الدعوى التي تُرفع إبتداءً إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية، أو المِيعاد المُقرر لعرضها دون قبول"..
ولما كانت لجان التوفيق ينعقد لها الاختصاص بنظر دعاوى الفسخ والإبطال والرجوع، ذلك أن هذه الدعاوى ليست دعاوى عقارية – ولو كانت العقود محلها تنصب على عقارات – لأن تلك الدعاوى لا تتعلق بحق عيني على عقار وتعتبر من ثم دعاوى منقولة وبالتالي تخرج عن نطاق الاستثناء الوارد بنص المادة الرابعة من القانون والخاصة بالدعاوى العينية العقارية وبالتالي فهي تدخل في اختصاص لجان التوفيق. (يُراجع وسيط السنهوري – الجزء الثامن – طبعة 1967 – بند 114 – ص 208. ونقض مدني جلسة 31/1/1967 في الطعن رقم 161 لسنة 33 قضائية. مُشار إليهما في: "قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة" – للمُستشار/ عبد الرحيم على على محمد – الطبعة الأولى عام 2000 القاهرة - بند 77 – ص 54).
مما اضطر الطالب بصفته إلى تقديم الطلب رقم 245 لسنة 2004 إلى اللجنة التاسعة للتوفيق الكائنة في بديوان عام هيئة الأوقاف المصرية بميدان الدقي وذلك في تاريخ 29/5/2004 وقد أصدرت عدالة اللجنة توصيتها في هذا الطلب بجلسة 22/6/2004 والذي جرى منطوقها على النحو التالي: "قررت اللجنة: حفظ الطلب لعدم حضور المُدعى عليه رغم إعلانه"؛ وقد جاء في حيثيات هذه التوصية ما يلي: "ولما كان المُدعى عليه قد تخلف عن الحضور رغم إعلانه، الأمر الذي يُشير بأنه على علم تام بمُوافقة الطلب للواقع والقانون وبعدم وجود ما لديه من دفاع في هذا المقام، ومن ثم يتعين حفظ الطلب والهيئة المُدعية وشأنها بإزاء موقف المُدعى عليه".
لكل هذه الأسباب، وللأسباب الأخرى التي سيُبديها الطالب بصفته أثناء نظر الدعوى بالجلسات في مُذكراته المكتوبة ومُرافعاته الشفوية، وللأسباب الأصوب والأرشد التي تراها عدالة المحكمة…
" وبناء عليه "
أنا المُحضر سالف الذكر قد انتقلت في التاريخ أعلاه إلى حيث مقر إقامة وتواجد المُعلن إليه وأعلنته وسلمته صورة من هذا الإعلان للعلم بما جاء فيه وما اشتمل عليه وكلفته بالحضور أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الكائن مقرها بشارع أحمد ماهر (ميدان باب الخلق سابقاً) بجوار مُديرية أمن القاهرة، وذلك أمام الدائرة ( ................ ) إيجارات التي ستعقد جلستها علناً بسرايا المحكمة في تمام الساعة التاسعة من صباح يوم ............................................ الموافق ............./............./2004م لسماعه الحكم ضده بما يلي:
"بفسخ عقد الإيجار المُؤرخ 9/10/2002 عن عين التداعي المُبينة بصدر هذه الصحيفة وبعقد الإيجار، مع إخلاء عين التداعي من الأشخاص والأشياء، وتسليمها إلى الطالب بصفته بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد".
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،
ولأجل العلم ............................................
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
أشرف رشوان
المحامي بالنقض
ashraf.rashwan@gmail.com