الخميس، 29 أكتوبر 2009

الحق في الحبس و الدفع بعدم التنفيذ - مذكرة للرد

الحق في الحبس و الدفع بعدم التنفيذ – مذكرة للرد

محكمة الجيزة الابتدائية

"مأمورية شمال الجيزة"

الدائرة 2 مدني كلي

مُـذكرة

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (صفتها: مدعى عليها)

ضد

السيد/ عبد اللطيف السيد عبد اللطيف (صفته: مدع)

في الدعوى رقم 52 لسنة 2009 مدني كلي شمال الجيزة، والمحدد لنظرها جلسة يوم الاثنين الموافق 5/10/2009م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعى عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب في ختامها الحكم له بأحقيته في حبس مبلغ 84800جم (أربعة وثمانون ألف وثمانمائة جنية) المستحقة لهيئة الأوقاف المصرية المدعى عليها، مع ما يستجد من مبالغ أخرى كأقساط سنوية، حتى يفصل في النزاع القائم بين هيئة الأوقاف المصرية والمدعو/ محمد السيد أحمد عبد المجيد في الدعوى رقم 310 لسنة 2008 مدني كلي شمال الجيزة بحكم نهائي وبات، وفي حالة الحكم لصالح الهيئة في هذا النزاع – المنوه عنه – فيطلب القضاء للمدعي بأحقيته في إتمام إجراءات التعاقد وسداد المبالغ المستحقة عليه للهيئة، وفي حالة الحكم لصالح المدعو/ محمد السيد أحمد عبد المجيد فيطلب القضاء له بإلزام الهيئة برد مبلغ التأمين وقدره خمسة وعشرون ألف جنيه مع تعويض المدعي بمبلغ وقدره مائة ألف جنيه.

وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 23/3/2008 تم عقد جلسة المزاد العلني بمشروع مدينة الزهور الكائن بمدينة الإسكندرية ومن ضمن هذا المزاد الشقة رقم 6 بالدور السادس عمارة رقم 1 بعمارات الزهور بالمنتزه بالإسكندرية (عين التداعى)، وحيث أن المدعي تقدم لهذا المزاد عن تلك الشقة موضوع التداعى، وحيث رسى عليه مزاد تلك الشقة (بالتمليك)، بمبلغ 370000جم (ثلاثمائة وسبعون ألف جنية)، وبعد انتهاء المزاد قام الطالب بالتوقيع على عقد البيع، وكان قد قام بدفع مبلغ وقدره 25000جم (خمسة وعشرون ألف جنية) قيمة تأمين دخول المزاد، وبعد انتهاء هذه الإجراءات اصبح الطالب هو صاحب الحق الوحيد فى هذه الشقة، وقال المدعي كذلك أنه طبقاً لكراسة الشروط يصبح الطالب ملزم بسداد مبلغ وقدره 20% من إجمالي القيمة الراسي بها المزاد، وأيضاً استكمال نسبة 5% من قيمة الخبرة والدلالة والتثمين، وكذا 1% من إجمالي الثمن كمصاريف تحرير عقد، وكذا 1% لصندوق العاملين و2% صيانة، ثم يسدد الباقي على عشرة أقساط سنوية متساوية بريع 7%.

وزعم المدعي بأنه بعد رسو المزاد عليه، نما إلى علمه وجود نزاع قضائي بين الهيئة البائعة له وبين والمدعو/ محمد السيد احمد، بموجب الدعوى رقم 310 لسنة 2008 مدني كلى شمال الجيزة عن ذات الشقة، وأن هيئة الأوقاف قامت بإجراء المزاد على هذه الشقة رغم علمها بوجود نزاع قضائي قبل إجراء عملية المزاد إلى آخر ما جاء بعريضة دعواه، مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

ومن ثم، تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وإذ ألزمت هيئة المحكمة الموقرة المدعي بتقديم المستندات المؤيدة لدعواه ولفت نظره إلى تحقيق دفاعه ومقتضياته، إلا أن المدعي نكص على عقبيه ولم يقدم دليل واحد يؤيد مزاعمه التي وردت في صحيفة افتتاح دعواه الماثلة.

ثانياً - الدفاع

في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع والدفوع المبداه منا من قبل أمام عدالة المحكمة الموقرة، ونعتبرها جزء لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، كما نتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة. ونضيف إلى ما سبق ما يلي:

وحيث أن المدعي قد أسس دعواه الماثلة على سند من المادة 457 من القانون المدني، وأدعى أن له حقاً في حبس الثمن والدفع بعدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد البيع (بالمزاد العلني) سند الدعوى الماثلة، لذا يهمنا في هذا المقام التركيز على الرد على تلك المزاعم لبيان وجه الحق أو العوار فيها..

الرد على الدفع بعدم التنفيذ:

النص القانوني: تنص المادة 161 من القانون المدني على أنه: "في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به".

نطاق الدفع بعدم التنفيذ: مؤدى نص المادة 161 مدني، أن الدفع بعدم التنفيذ، كالفسخ، محصور في نطاق العقود الملزمة للجانبين.

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "جرى قضاء هذه المحكمة - على أن مجال أعمال الدفع بعدم التنفيذ - وفقاً لما تنص عليه المادة 161 من القانون المدني - مقصور على ما تقابل من التزامات طرفي التعاقد، ومناط ذلك ما اتجهت إليه براداتهما، وهو ما لمحكمة الموضوع حق استظهاره". (نقض مدني في الطعن رقم 702 لسنة 51 قضائية – جلسة 6/11/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 970).

كما جرى قضاء محكمة النقض على أنه: "خولت المادة 161 من القانون المدني للمتعاقد في العقود المدنية الملزمة للجانبين حقا في أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما ألتزم به. وهذا الحق - وهو ما أصطلح على تسميته بالدفع بعدم التنفيذ - إن هو إلا الحق في الحبس في نطاق العقود الملزمة للجانبين. ولئن كان المعتصم بهذا الحق أو الدفع في غير حاجة إلى دعوى يرفعها على المتعاقد الآخر للترخيص له باستعمال هذا الحق بل له أن يتربص حتى ترفع عليه الدعوى من ذلك المتعاقد الآخر بمطالبته بتنفيذ ما توقف عن تنفيذه من التزاماته فيتمسك فيها حينئذ بحقه في عدم التنفيذ إلا إنه ليس في القانون ما يمنعه من رفع دعوى على المتعاقد الآخر بالاستناد إلى حقه هذا إذا ما أنكره عليه هذا المتعاقد أو نازعه في مدى ما يحق له حبسه من التزاماته. وأراد هو من ناحية أخرى أن يؤمن نفسه من عواقب ما قد يقع فيه من خطأ في تقدير هذا المدى ذلك أن لكل حق دعوى تحميه عند الاعتداء عليه و تقرره عند المنازعة فيه". (نقض مدني في الطعن رقم 350 لسنة 30 قضائية – جلسة 11/11/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 1018).

شرط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ: يشترط في الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه أن يكون واجب التنفيذ حالاً. فلا يكفي أن يكون هناك عقد ملزم للجانبين، بل يجب أيضاً أن يكون الالتزام الذي يدفع بعد تنفيذه التزاماً واجب التنفيذ حالاً.

ومن ثم فلا يجوز الدفع بعدم التنفيذ إذا كان العقد يوجب على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر، فلا يحق أن ينتفع من هذا الدفع إذ يتعين عليه أن يفي بما التزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر. (المرجع: "الـوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – طبعة 2006 القاهرة – بند 495 – صـ 616 و 617 وهوامشهما).

لذا فقد تواتر قضاء النقض على أنه: "يُشترط لاستعمال الدفع بعدم التنفيذ تطبيقا لنص المادة 161 من القانون المدني أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً، فإذا كان العقد يوجب على أحد العاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولا أن ينتفع بهذا الدفع". (نقض مدني في الطعن رقم 366 لسنة 35 قضائية – جلسة 3/7/1969 مجموعة المكتب الفني – السنة 20 – صـ 1118 – فقرة 3. وفي الطعن رقم 69 لسنة 32 قضائية – جلسة 3/3/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 504. ونقض مدني جلسة 29/12/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 2045).

حيث اضطرد قضاء محكمة النقض على أنه: "يُشترط لقبول الدفع بعدم التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين ألا يوجب العقد على المتعاقد الذي أبدى هذا الدفع أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر إذ يمتنع عليه في هذه الحالة أن ينتفع بالدفع ويتعين عليه أن يفي بما ألتزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر لالتزامه". (نقض مدني في الطعن رقم 505 لسنة 34 قضائية – جلسة 10/12/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1504 – فقرة 2. ونقض مدني جلسة 31/5/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 1279).

يُشترط عدم التعسف في استعمال الدفع بعدم التنفيذ: فلا يكفي أن يكون العقد ملزماً للجانبين، وأن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاماً واجب التنفيذ حالاً، بل يجب إلى ذلك ألا يساء استعمال الدفع، فلا يجوز للمتعاقد أن يتمسك بالدفع: إذا كان هو البادئ بعدم تنفيذه، أو إذا تسبب في عدم تنفيذ الالتزام الآخر، كذلك لا يجوز التمسك بالدفع إذا كان المتعاقد الآخر قد قام بمعظم التزامه ولم يبق إلا جزء يسير لا يبرر امتناع المتعاقد الأول عن القيام بالتزامه. (المرجع: "الـوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – طبعة 2006 القاهرة – بند 495 – صـ 616 وهوامشها).

وقد كان المشروع التمهيدي للقانون المدني يتضمن نصاً يجري على الوجه الآتي: "على أنه لا يجوز للمتعاقد أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا كان ما لم ينفذ منه الالتزام المقابل ضئيلاً بحيث يكون امتناعه عن التنفيذ غير متفق مع ما يجب توافره من حسن النية". (مجموعة الأعمال التحضيرية – جـ 2 – صـ 331). وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في صدد هذا النص ما يأتي: "ومهما يكن من شيء فليس يباح للعاقد أن يسيء استعمال هذا الدفع، فلا يجوز له أن يتمسك به ليمتنع عن تنفيذ التزامه إذا كان الالتزام المقابل كاد أن يكمل نفاذه وأصبح ما لم ينفذ منه ضئيلاً لدرجة لا تبرر اتخاذ هذا الإجراء". (مجموعة الأعمال التحضيرية – جـ 2 – صـ 333). وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة لأنه مجرد تطبيق لنظرية التعسف في استعمال الحق (مجموعة الأعمال التحضيرية – جـ 2 – صـ 334). (المرجع السابق – نفس الموضع).

وهدياً بما تقدم، جرى قضاء محكمة النقض على أنه: "حق المشترى فى حبس الثمن وإن ورد فيه نص خاص هو نص المادة 457/2،3 من القانون المدني - ليس إلا تطبيقاً للدفع بعدم التنفيذ وللحق فى الحبس بوجه عام المنصوص عليهما بالمادة 246 منه، ومقتضى هذا النص أنه لا يجوز للدائن أن يستعمل الحق فى الحبس إذا كان هو البادئ فى عدم تنفيذ التزامه، فيمتنع على المشترى استعمال الحق فى حبس الثمن ما دام لم يقم من جانبه بما هو ملزم به قانوناً وبحكم العقد، إذ لا يصح فى هذه الحالة اعتبار البائع مقصراً فى الوفاء بالتزاماته قبله". (نقض مدني في الطعن رقم 1229 لسنة 47 قضائية - جلسة 4/5/1981 مجموعة المكتب الفني - السنة 32 - صـ 1366 - فقرة 2).

كما قضت محكمة النقض بأنه: "لا يكفي للتمسك بعدم التنفيذ أن يكون العقد ملزماً للجانبين، وأن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه واجب التنفيذ حالاً، بل يجب إلى جانب ذلك: ألا يساء استعمال هذا الدفع، ولا يباح للعاقد أن يتمسك به ليمتنع عن تنفيذ التزامه إذا كان ما لم ينفذ من الالتزام المقابل ضئيلاً لدرجة لا تبرر اتخاذ هذا الموقف الذي لا يكون متفقاً مع ما يجب توافره من حسن النية". (نقض مدني جلسة 10/5/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 1040. ونقض مدني جلسة 4/12/1958 مجموعة المكتب الفني – السنة 9 – صـ 703).

حقوق المشتري مصونة ولا يخشى عليها من الضياع: فلئن كانت المادة 246/1 من القانون المدني تنص على أن: "لكل من التزم بأداء شيء أن يمنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه".

وكان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "وضعت المادة 246 من القانون المدني قاعدة مقتضاها أنه يجوز لكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه استنادا إلى حقه في الحبس ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطاً به، مما مؤداه أن حق الحبس هو دفع يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ التزامه المقابل". (نقض مدني في الطعون أرقام 923 و 1049 و 1080 لسنة 51 قضائية – جلسة 24/5/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 1292).

إلا أن مفاد ما تقدم أن الحق في الحبس أو الدفع بعدم التنفيذ ما هو إلا وسيلة ضمان لعدم قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه، وإذا كانت هناك وسيلة أخرى أجدى وأنفع للمشتري لضمان حقوقه وحفظها من الضياع، فعندئذ يبطل الاستناد إلى الدفع بعدم التنفيذ. حيث أن القانون قد رسم طريق لحماية حقوق المشتري من الخطر الجدي الظاهر الذي يهددها في المادتين 443 و 444 من القانون المدني.

فنصت المادة 443 من القانون المدني على أنه: "إذا استحق كل المبيع كان للمشترى أن يطلب من البائع:

1. قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت.

2. قيمة الثمار التي ألزم المشترى بردها لمن استحق المبيع.

3. المصروفات النافعة التي لا يستطيع المشترى أن يلزمها بها المستحق وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيئ النية.

4. جميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق عدا ما كان للمشترى يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر البائع بالدعوى طبقاً للمادة440.

5. وبوجه عام تعويض المشترى عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع.

كل هذا ما لم يكون رجوع المشترى مبيناً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله".

كما تنص المادة 444 من القانون المدني على أنه: "

1. إذا استحق بعض المبيع أو وجد مثقلا بتكليف وكان خسارة المشترى من ذلك قد بلغت قدراً لو علمه لما أتم العقد كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة في المادة السابقة على أن يرد له المبيع وما أفاده منه.

2. فإذا اختار المشترى استبقاء المبيع أو كانت الخسارة التي لحقته لم تبلغ القدر المبين في الفقرة السابقة لم يكن له إلا أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق".

فإن استحقاق المبيع يعتبر إخلالاً بالتزام الضمان الذي يقع على البائع، وأنه يؤدي طبقاً للقواعد العامة إلى تخويل المُشتري أن يطلب إما التنفيذ بمُقابل (التنفيذ عن طريق التعويض) وإما فسخ العقد أو إبطاله. وقد طبقت المادة 443 مدني حكم التنفيذ بمُقابل، دون الإخلال بحق المُشتري في فسخ العقد أو إبطاله حيث نصت صراحة في فقرتها الأخيرة على أن كل هذا ما لم يكن رجوع المُشتري مبنياً على المُطالبة بفسخ البيع أو إبطاله. فيجوز للمُشتري أن يتجاوز عن طلب التنفيذ بمُقابل، وأن يطلب الفسخ. ويكون له بناء على ذلك أن يسترد الثمن الذي دفعه وأن يطلب فوق ذلك تعويضاً عن الأضرار التي أصابته بسبب الاستحقاق. وفوق ذلك، فإن استحقاق المبيع للغير يحمل في ذاته الدليل على أن البيع ورد على ملك الغير، وإذن يجوز للمُشتري أن يستغني عن طلب التنفيذ بمُقابل وعن طلب الفسخ كليهما، بطلب إبطال البيع مع التعويض لورود البيع على مال غير مملوك للبائع. (المرجع: "الوافي في شرح القانون المدني" – للدكتور سليمان مرقس – الجزء الثالث: "في العقود المُسماة" – المُجلد الأول: "عقد البيع" – الطبعة الخامسة 1990 القاهرة – بند 210 – صـ 547 وما بعدها).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض – في هذا الصدد – أن: "مجرد احتمال وجود تسجيلات على العين المبيعة لا يخول للمشتري حق حبس الثمن حتى يتحقق من خلوها من التسجيلات، وبخاصة بعد أن يكون قد تسلم المبيع، فإن القانون إذا رسم الطريق لحماية حقوق المشتري من الخطر الجدي الظاهر الذي يهددها، قد ألزمه بدفع الثمن، ومتى كان المشتري هو الذي امتنع عن دفع الباقي من الثمن مقابل شطب التسجيل الذي كان يهدد ملكيته، ثم لم يقم من جانبه بما هو ملزم به قانوناً وبحكم العقد، فلا يصح اعتبار البائع مقصراً في الوفاء بالتزاماته قِبله". (نقض مدني جلسة 28/1/1942 مجموعة عمر 3 – رقم 164 – صـ 468).

ومن ثم، فإن المادة 443 قد نصت على أنه إذا استحق المبيع فقد بينت التعويض الذي يأخذه المشتري من البائع بعناصر مختلفة حددتها هذه المادة، وهي عديدة ومتنوعة وجابرة لجميع الأضرار المحتملة فضلاً عن استرداده للثمن وكافة مستحقاته، ولذا فلا مجال للاحتجاج بالدفع بعدم التنفيذ بزعم الخشية من عدم تنفيذ الالتزام المقابل. لا سيما وأن المدعي طلب في صحيفة دعواها الماثلة الحكم له: ... في حالة الحكم لصالح المدعو/ محمد السيد أحمد عبد المجيد (في الدعوى المنوه عنها) القضاء له بإلزام الهيئة برد مبلغ التأمين وقدره خمسة وعشرون ألف جنيه مع تعويض المدعي بمبلغ وقدره 100000جم (مائة ألف جنية).

عدم وجود أسباب جدية يخشى معها على المبيع: وفضلاً عما تقدم، فقد نصت المادة 457 من القانون المدني على أنه:

1. يكون الثمن مستحق الوفاء في الوقت الذي يسلم فيه المبيع، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك.

2. فإذا تعرض أحد للمشترى مستندا إلى حق سابق على البيع أو آل إليه من البائع أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشترى جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر ومع ذلك يجوز للبائع في هذه الحالة أن يطالب باستيفاء الثمن على أن يقدم كفيلاً.

3. ويسرى حكم الفقرة السابقة في حالة ما إذا كشف المشترى عيبا في المبيع".

ولما كان من المقرر قانوناً أن حق المشتري في حبس الثمن مناطه وجود سبب يخشى معه نزع المبيع من تحت يده وأن تقدير جدية هذا السبب مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضائه على أسباب سائغة.

حيث أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 457/2 من القانون المدني أن المشرع وإن أجاز للمشترى الحق في حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده إلا أن تقدير جدية السبب الذي يولد الخشية في نفس المشترى من نزع المبيع من تحت يده، هو من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله".

(نقض مدني في الطعن رقم 1455 لسنة 53 قضائية – جلسة 14/6/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – صـ 822 – فقرة 6).

لما كان ذلك، وكان مجرد الزعم بوجود خشية من الفصل في الدعوى رقم 310 لسنة 2008 مدني كلي شمال الجيزة، والمقدم صورة ضوئية من صحيفة دعواها (تجحدها هيئة الأوقاف)، لصالح رافعها، لا يخول للمدعي (المشتري) حق حبس الثمن.

خاصة وأنه قد تسلم الوحدة المبيعة له بالفعل ووضع يده عليها وينتفع بها انتفاع الملاك.

كما أن الهيئة البائعة لم تمانع في تسجيل عقد شرائه لعين التداعي، والمدعي نفسه لم يثبت بل لم يزعم أن الهيئة البائعة لم تسلمه عين التداعي أو أنها مانعت في تسجيل عقد شرائه لها.

كما أنه ليس له الحق في حبس باقي الثمن لأنه توافر لديه علمه بالمبيع وسند ملكية البائع له عند تحرير العقد.

فضلاً عن أن عدم الوفاء بباقي الثمن، بغير حق، يجعل المشتري - والحال كذلك - مخلاً بالتزاماته قِبل البائع.

وإذا كان المدعي ملتزماً بالوفاء بالعهد، بما يوجبه حُسن النية، وإذا كانت لديه أية أوهام أو ظنون غير جدية بشأن وفاء الهيئة بالتزاماتها، وكان يريد التمسك بالعقد، مع إبراء ذمته من دين الأقساط المستحقة عليه، فإنه - على أضعف الإيمان - كان يمكنه إيداع أقساط الثمن في تواريخ استحقاقها خزانة المحكمة على ذمة الهيئة البائعة تصرف لها بلا قيد أو شرط بعد صدور حكم نهائي لصالحها في الدعوى التي ينوه عنها، وفي ذلك ليس إبراء لذمته فقط من دين أقساط الثمن المستحقة عليه، بل وفيه أيضاً مصلحة له تتمثل في: قطع سريان فوائد الثمن، حيث أن تلك الفوائد القانونية والمنصوص عليها في عقد البيع لا ينقطع سريانها إذا بقى الثمن في ذمة المشتري ولو كان حابساً له. (نقض مدني جلسة 9/12/1948 مجموعة عمر 5 – رقم 350 – صـ 679). فضلاً عن هذا الإيداع يجنبه لجوء الهيئة البائعة إلى فسخ عقدها معه لعدم وفائه بأقساط الثمن في تواريخ استحقاقها، وذلك تطبيقاً لنصوص عقد البيع وأحكام القانون المدني في هذا الشأن (لا سيما المادتين 157 و 158 منه).

ولكن طالما تنكب المدعي هذا الطريق المتقدم ذكره، وكان الثابت من الأوراق أنها جاءت خالية من أية أسباب جدية يخشى معها المدعي المشتري للوحدة المبيعة له (محل التداعي) من أن تنزع من يده بعد قيامه بسداد أقساط الثمن في تواريخ استحقاقها، لا سيما وأنه لا يوجد ثمة تعرض فعلي له في الانتفاع بعين التداعي، حيث قامت الهيئة البائعة بالوفاء بالتزامها بتسليم عين التداعي إلى المدعي، ولم تمانع في تسجيله لعقد شرائها لها، وبالتالي فلا يوجد في الأوراق ما يخول له حق حبس أقساط الثمن وبالتالي تضحى الدعوى الماثلة مقامه بغير سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون جديرة برفضها. وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية، الحكم لها في الدعوى الماثلة: "برفضها، وإلزام رافعها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

أوامر الأداء - نموذج أمر أداء

السيد الأستاذ المستشار/ رئيس محكمة ................... (الجزئية / الابتدائية)

تحية طيبة واحتراماً وبعد...

مُقدمه لسيادتكم السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته.

وموطنه القانون: "مركز إدارة الهيئة الرئيسي" الكائن بالعقار رقم 109 بشارع التحرير، بميدان الدقي، تابع قسم الدقي، بمحافظة الجيزة.

ومحله المختار: "إدارة قضايا الهيئة" الكائن مقرها بالعقار رقم 7 "أ" بشارع يوسف نجيب، بالعتبة، تابع قسم الموسكي، بالقاهرة.

ضــد

السيد/ ............... . المقيم: ........................

"ونتشرف بعرض الآتي"

بموجب عقد إيجار مؤرخ .............. يداين الطالب المعروض ضده بمبلغ .................. مستحق السداد في تاريخ ................ بخلاف الفوائد المتفق عليها بواقع ................ من تاريخ ................. حتى تمام السداد.

وحيث أن المعروض ضده أمتنع عن سداد ذلك المبلغ رغم إنذاره بموجب إنذار رسمي على يد محضر بالإنذار رقم .............. محضري ............. والمعلن إليه في تاريخ ................ للتنبيه عليه بالسداد وتكليفه بالوفاء.

وحيث إنه يحق للطالب في هذه الحالة عملاً بنص المادة 202 مرافعات استصدار أمر بالأداء.

حيث تنص المادة 201 من قانون المرافعات على أنه: "استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداء، تتبع الأحكام الواردة في المواد التالية، إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره، وتتبع هذه الأحكام إذا كان صاحب الحق دائناً بورقة تجارية واقتصر رجوعه على الساحب أو المحرر أو القابل أو الضامن الاحتياطي لأحدهم. أما إذا أراد الرجوع على غير هؤلاء وجب عليه اتباع القواعد العامة في رفع الدعوى".

وحيث تنص المادة 202 من قانون المرافعات على أنه: "على الدائن أن يُكلف المدين أولاً بالوفاء بميعاد خمسة أيام على الأقل، ثم يستصدر أمراً بالأداء من قاضى محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المدين أو رئيس الدائرة بالمحكمة الابتدائية حسب الأحوال وذلك ما لم يقبل المدين اختصاص محكمة أخرى بالفصل في النزاع ويكفى في التكليف بالوفاء أن يحصل بكتاب مسجل مع علم الوصول ويقوم برتستو عدم الدفع مقام هذا التكليف".

وحيث تنص المادة 203 من قانون المرافعات على أن: "يصدر الأمر بالأداء بناء على عريضة يقدمها الدائن أو وكيله يرفق بها الدين وما يثبت حصول التكليف بوفائه ويبقى هذا السند في قلم الكتاب إلي أن يمضى ميعاد التظلم. ويجب أن تحرر العريضة من نسختين متطابقتين وأن تشتمل على وقائع الطلب وأسانيده واسم المدين كاملاً ومحل إقامته وترفق بها المستندات المؤيدة لها وأن يعين الطالب فيها موطناً مختاراً له في دائرة اختصاص المحكمة فإن كان مقيماً خارج هذه الدائرة تعين عليه اتخاذ موطن مختار في البلدة التي بها مقر المحكمة. ويجب أن يصدر الأمر على إحدى نسختي العريضة خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تقديمها وأن يبين المبلغ الواجب أداؤه من أصل وفوائد أو ما أمر بأدائه من منقول حسب الأحوال وكذا المصاريف".

هذا، ومن المُقرر في الفقه، أنه يُشترط في الحق الذي يجب إتباع نظام أوامر الأداء للمُطالبة به، ما يلي:

1- أن يكون محله مبلغاً من النقود، أو منقولاً معيناً بنوعه أو مقداره، أو منقولاً معيناً بذاته.

2- أن يكون محل الحق معين المقدار.

3- أن يكون الحق حال الأداء.

4- أن يكون الحق ثابتاً بالكتابة.

5- وفضلاً عن الشروط السابقة، فإنه يجب أن تكون المُطالبة مبتدأه.

وإذا توافرت كافة الشروط السابقة، فإن المشرع المصري أوجب سلوك طريق أوامر الأداء. فهي ليست طريقاً اختيارياً بحيث يكون للدائن بحق من الحقوق التي يستصدر بها أمر الأداء إما إتباع طريق أوامر الأداء أو رفع الدعوى بالطريق المعتاد للتقاضي، بل أن طريق أوامر الأداء إجبارياً وإلزامياً للدائن، فإذا رفعت دعوى عادية حيث يجب طلب أمر الأداء فإن هذه الدعوى يحكم فيها بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق المُقرر قانوناً وهو طريق أوامر الأداء. (المرجع: "التعليق على قانون المرافعات" – للدكتور/ أحمد المليجي – الجزء الرابع – الطبعة الثالثة – صـ 64).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "طريق أوامر الأداء إذا توافرت شروطه طريق إلزامي يتعين على الدائن إتباعه، فإن لجأ إلى إجراءات التقاضي العادية كانت هذه الإجراءات باطلة لعدم مراعاة الدائن للقواعد التي فرضها المشرع لاقتضاء حقه، ويكون الدفع بذلك دفعاً بعدم القبول موجهاً إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها فيكون بهذه المثابة من الدفوع الشكلية، وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 144 مرافعات، الحكم بعدم القبول هنا شكلي لا تستنفذ به محكمة أول درجة ولايتها، وفي حالة إلغائه في الاستئناف يتعين إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة". (نقض مدني في الطعن رقم 710 لسنة 40 قضائية – جلسة 7/3/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – العدد الأول – صـ 736. ونقض مدني جلسة 23/5/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 981. المصدر: "التعليق على قانون المرافعات" – للمستشار/ عز الدين الدناصوري وحامد عكاز – الطبعة الثامنة 1996 القاهرة – الجزء الأول – صـ 1008).

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أن طريق أوامر الأداء هو استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداء فلا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلا إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره، وأن قصد المشرع من تعيين مقدار الدين بالسند ألا يكون بحسب الظاهر من عباراته قابلاً للمنازعة فيه، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط وجب على الدائن اتباع الطريق العادي في رفع الدعوى". (نقض مدني في الطعن رقم 3141 لسنة 61 قضائية – جلسة 7/12/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 1479. وفي الطعن رقم 4746 لسنة 61 قضائية – جلسة 7/6/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 802).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 201 من قانون المرافعات - يدل على أنه يشترط لسلوك طريق استصدار أمر الأداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة ومعين المقدار وحال الأداء، ومقتضى ذلك أن يكون ثابتاً بورقة عليها توقيع المدين وأن تكون مفصحة بذاتها عن وجوب أداء مبلغ النقود الثابت بها دون غيره في ميعاد استحقاقه، فإذا تخلفت هذه الشروط فإن سبيل الدائن في المطالبة بالدين يكون بالطريق العادي لرفع الدعاوى ولا يجوز له في هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق استصدار أمر الأداء استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه". (نقض مدني في الطعن رقم 3246 لسنة 59 قضائية – جلسة 20/1/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 231 – فقرة 1).

وحيث أنه لما كان ما تقدم وهدياً به وكان البين أن المبلغ محل المطالبة إنما هو بشأن قيمة ايجارية ثابتة بعقد الإيجار سند الدعوى، فهو مبلغ محدد من النقود وهو سند المطالبة وثابت بالكتابة بالعقد وممهور بتوقيع المدعى عليه وحال الأداء لكونه بشأن فترة ايجارية قد انقضت. ومن ثم يتعين اللجوء إلى الطريق الذي رسمه القانون بتقديم أمر الأداء الماثل.

لذلك

وبعد الإطلاع على سند الدين، وصورة الإنذار بالتكليف بالوفاء، سالفي الذكر.

يلتمس مقدمه صدور الأمر بإلزام المعروض ضده بأن يؤدي إلى الطالب مبلغ ..................... من تاريخ .......... ، مع إلزامه بالمصاريف القضائية ومقابل أتعاب المحاماة.

وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام والتقدير،،،

ملاحظات عامة:

- يتميز نظام أوامر الأداء عن الأوامر على العرائض بأنه يجب أن يسبق استصدار أمر الأداء تكليف المدين بالوفاء بميعاد خمسة أيام وذلك لتنبيه المدين على الأجراء الذي سيتخذه ضده.

- يتم تحديد القاضي المختص حسب قيمة الدين المطالب به.

- إذا قبل أمر الأداء فإنه يسقط إذا لم يعلن المدين به خلال 3 شهور من صدوره (المادة 205).

- وإذا رفض أمر الأداء فإنه من المقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 204 من قانون المرافعات على أنه إذا "رأى القاضي ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته، كان عليه أن يمتنع عن إصدار الأمر، وأن يحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، مع تكليف الطالب إعلان خصمه إليها" يدل على أن المشرع أوجب على القاضي متى لم ير توافر شروط إصدار الأمر بالأداء في الدين موضوع المطالبة، أو رأى ألا يجيب الطالب لبعض طلباته أن يمتنع عن إصداره، ويحدد جلسة أمام المحكمة لنظر الدعوى، ويعتبر تقديم طلب أمر الأداء بديلا عن إيداع صحيفة الدعوى، وبإعلان هذا الطلب مذيلا بأمر الرفض والتكليف بالحضور لسماع الحكم بالطلبات يتم انعقاد الخصومة وتستقيم الدعوى بما يوجب الحكم في موضوعها ولو كان رفض إصدار الأمر بالأداء مبناه أن الطلب في غير حالاته. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المطعون ضدها الأولى بعد أن رفض طلبها بإصدار الأمر بالأداء ضد الطاعنة والمطعون ضده الثاني قامت بإعلانها بهذا الطلب مذيلا بأمر الرفض والتكليف بالحضور لسماع الحكم بالطلبات، فإن النعي يكون على غير أساس". (نقض مدني في الطعن رقم 4766 لسنة 61 قضائية – جلسة 1/2/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 461).

- وإذا رفعت الدعوى مباشرة إلى محكمة الموضوع، فإنه يراعى أن الدفع بعدم قبولها ينطبق عليه أحكام الدفوع الشكلية وليس الدفع الموضوعي بعدم القبول، أي يجب أن يبدى قبل الكلام في الموضوع ولا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن: "إجراءات استصدار أمر الأداء عند توافر الشروط التي يتطلبها القانون إجراءات تتعلق بشكل الخصومة ولا تتصل بموضوع الحق المدعى به أو بشروط وجوده، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء هو فى حقيقته دفع ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التي فرضها القانون لاقتضاء دينه، وبالتالي يكون هذا الدفع موجها إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها، وبهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية، وليس دفعا بعدم القبول مما نصت عليه المادة 142 من قانون المرافعات السابق (المقابلة لنص المادة 144 من قانون المرافعات الحالي)". (نقض مدني في الطعن رقم 393 لسنة 37 قضائية – جلسة 23/5/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 981 – فقرة 4).. ومن ثم يطبق عليها أحكام الدفوع الشكلية وليس أحكام الدفع بعدم القبول الموضوعي.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

تجديد الالتزام

"القانون المدني"

الكتاب الأول: "الالتزامات بوجه عام"

الباب الخامس: "انقضاء الالتزام"

الفصل الثاني: "انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء"

"قد لا يُؤدي المدين ما عليه، وفاءً به، ولكن الدائن قبل أن يستعيض عن محل التزام المدين بمحل آخر من عمل أو مال، أو قبل من المدين أو غيره، التزاماً جديداً بدلاً من الالتزام القديم، في هذه الصورة لا يحدث وفاء، ولكن الدائن يحصل على ما يُعادل حقه، ولذا فإن التزام المدين ينقضي بما يعادل الوفاء. والأسباب التي تُؤدي إلى انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء، كما حددها القانون المدني هي: الوفاء بمُقابل (الإعتياض)، وتجديد الالتزام، والمقاصة، واتحاد الذمة، وقد وضع القانون المدني أحكامها في نصوص المواد من 350 إلى 370 مدني". (المرجع: "النظرية العامة للالتزام" – للدكتور/ جميل الشرقاوي – الكتاب الثاني: "أحكام الالتزام" – طبعة 1981 القاهرة – بند 103 – ص 287).

تجديد الالتزام

(راجع المواد من 352 : 358 مدني)

"تجديد الالتزام يعني استبدال التزام جديد بالتزام قائم (قديم) سواء أكان عنصر الجدة هو تغيير محل الالتزام، أو أساسه (مصدره)، أو تغيير المدين أو الدائن، وفي كل هذه الصور ينقضي الالتزام القديم ليحل محله الالتزام الجديد، ومن هنا كان التجديد سبباً للانقضاء، ومن ناحية أخرى فإن انقضاء هذا الالتزام لا يتم دون حصول الدائن على التزام جديد بدلاً من الالتزام المُنقضي، ولذا فانقضاء الالتزام في حال التجديد، هو بما يعادل الوفاء ". (المرجع السابق – بند 105 – ص 291).

* "وتوجد ثلاثة عناصر لا بد من توافرها لتحقيق التجديد، وهي:

أولاً- وجود التزام قائم يستبدل به التزام جديد.

ثانياً- اختلاف الالتزام الجديد عن القديم.

ثالثاً- القصد إلى التجديد.

وهي عناصر تُؤخذ من نصوص المواد من 352 : 355 مدني ". (المرجع السابق – بند 106 – ص 292).

* "والقصد إلى التجديد يقتضي أن يكون هدف الاتفاق تغيير عنصر أساسي في الالتزام، كموضوعه أو شخص المدين به أو الدائن بالحق المُقابل له، لا مُجرد إضافات أو تغييرات لا تتناول مضمونه أو عناصره الجوهرية. ومن ناحية أخرى فاستلزام قصد التجديد يعني أن الاتفاق عليه يجب أن يكون واضحاً، إن لم يكن اتفاقاً صريحاً، المادة 354 مدني". (المرجع السابق – ص 296).

* "آثار التجديد – انقضاء الالتزام القديم: التجديد يترتب عليه نشؤ التزام جديد بدلاً من التزام سابق، وهذا يعني انقضاء الالتزام السابق، ومُقتضى هذا الانقضاء أن يزول بأصله وتوابعه، ولا يبقى إلا الالتزام الجديد بصفته وشروطه، فتقوم المديونية على المدين الجديد، أو للدائن الجديد، أو بالدين الجديد، وتزول العلاقات السابقة، فيبراء المدين القديم، أو يزول حق الدائن السابق، أو ينقضي الدين القديم، بصفاته وتأميناته، المادة 356/1 مدني". (المرجع السابق – بند 107 – ص 298).

* " فتجديد الدين (باستبدال دين جديد بدين قديم) سبب في انقضاء الدين القديم وفي نشؤ الدين الجديد، وشروط التجديد ثلاثة: أولها- تعاقب التزامين (التزام قديم حل محله التزام جديد)، وثانيها- اختلاف الالتزامين في أحد العناصر (إما بتغيير المدين أو الدائن أو الدين)، وثالثها- نية التجديد. ويترتب على التجديد انقضاء الالتزام القديم ونشؤ التزام جديد يحل محله ". (المرجع: "القضاء المُستعجل وقضاء التنفيذ" – للمُستشار/ عز الدين الدناصوري – الطبعة السادسة 1998 القاهرة – ص 991 ، 992).

التطبيق: لما كان ما تقدم، وكان قد ترتب على المدين (المُستأجر الصادر ضده حكم بفسخ عقد استئجاره لعين النزاع) التزام قانوني بإخلاء العين المُؤجرة له وردها وتسليمها للمُؤجر خالية من الأشياء والأشخاص بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد (وهو التزام بعمل)..

ولما كانت الهيئة المُؤجرة والدائنة (الصادر لصالحها حكم الفسخ سالف الذكر) بصدد عقد اتفاق – بعد صدور حكم الفسخ – مع المدين (المُستأجر الصادر ضده حكم الفسخ) يقضي باستمرار عقد الإيجار (المقضي بفسخه) نظير التزام المدين بسداد مبالغ مالية على عدة أقساط (التزام مالي بدفع نقود)..

فإن التكييف القانوني الصحيح لهذا الاتفاق أو العقد الجديد – في حالة إبرامه – إنما هو تجديد للالتزام، وذلك باستبدال التزام جديد (بسداد مبالغ مالية مقسطة) بدلاً عن الالتزام السابق (بالإخلاء والتسليم). وفي هذه الحالة ينقضي – قانوناً – الالتزام السابق ويسقط تماماً ونهائياً بكل أوصافه وتأميناته وبلا رجعة..

وفي حالة إخلال المدين بالتزامه الجديد، لا يحق للهيئة الدائنة (مُطلقاً) العودة إلى المُطالبة بتنفيذ الالتزام السابق (الذي سقط وانقضى تماماُ ونهائياً بدون رجعة بكل أوصافه وتأميناته).. وكل ما للهيئة الدائنة في هذه الحالة، ووفقاً للقواعد العامة، إما أن تُطالب بتنفيذ الالتزام الجديد ولو جبراً عن المدين سواء تنفيذ عيني أو عن طريق التعويض، وإما المُطالبة بفسخ العقد الجديد مع التعويض إن كان له مُقتض.. مع ملاحظة أنه في حالة طلب فسخ العقد الجديد فيجب أن يتضمن طلب الفسخ طلب إخلاء العين المُؤجرة من الأشياء والأشخاص وردها وتسليمها للهيئة المُُؤجرة الدائنة بالحالة التي كانت عليها عند هذا التعاقد الجديد مع الريع والتعويض إن كان له مُقتض.. أما تنفيذ حكم فسخ عقد الإيجار القديم فقد انقضى وسقط نهائياً بدون رجعة.

وإذا رأت الهيئة الدائنة تجنب مثل هذا الوضع، فعليها ألا تبرم عقد تجديد الالتزام وأن تتمسك بتنفيذ الالتزام الأصلي (فسخ عقد الإيجار القديم مع الإخلاء والتسليم) ولو تنفيذاً مكتبياً (على الورق فقط مع بقاء الأوضاع الفعلية على ما هي عليه)، ومن ثم تحرير عقد إيجار جديد لذات المدين بشروط جديدة وخضوعه لأحكام القانون المدني (وليس لأحكام قانون إيجار الأماكن). علماً بأن المدين (المُستأجر الصادر ضده حكم بفسخ عقد إيجاره) ليس في وضع تفاوضي يسمح له بالمُناورة فضلاً عن إملاء شروطه هو، ومن ثم فمصلحته تقتضي منه الموافقة على هذا العرض الأخير من الهيئة وإلا نفذت الهيئة حكم الفسخ والإخلاء والتسليم تنفيذاً فعلياً جبراً عنه ومن ثم تأجير تلك العين للغير بطريق المزاد العلني بشروط جديدة وطبقاً لأحكام القانون المدني.

الخلاصة: في حالة إبرام عقد جديد مع ذات المُستأجر القديم – بعد صدور الحكم بفسخ عقد إيجاره – والنص في هذا العقد الجديد على استمرار عقد الإيجار القديم نظير قيام المُستأجر بسداد مبالغ مالية مُقسطة للهيئة المُؤجرة.. ثم تقاعس المُستأجر أو أخل بالتزاماته المنصوص عليها في هذا العقد الجديد.. ونتيجة لذلك، وبفرض قيام الهيئة المُؤجرة بمحاولة لتنفيذ حكم الفسخ السابق، ومن ثم قيام المُستأجر بالاستشكال في هذا التنفيذ طالباً وقفه.. فإنه، وطبقاً للتطبيق القانوني الصحيح، سيقضى في هذا الإشكال بقبوله ووقف التنفيذ استناداً إلى انقضاء الالتزام السابق وحلول الالتزام الجديد محله.. والحل في مثل هذا الوضع ليس هو تنفيذ الحكم القديم وإنما استصدار حكم جديد بفسخ العقد الجديد مع الإخلاء والتسليم وتنفيذه. والأفضل من كل ذلك هو عدم تحرير عقد تجديد الالتزام بل تنفيذ الحكم الفسخ مكتبياً على الورق فقط ثم تحرير عقد إيجار جديد لذات المُستأجر.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أحكام النقض في تجديد الالتزام

الطعن رقم 0034 لسنة 26 مكتب فني 12 صفحة رقم 386

بتاريخ 20-04-1961

* "تجديد الالتزام وفقا للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته، وينبني على ذلك أنه متى كانت العلاقة بين طرفي النزاع تقوم بصفة أصلية على اتفاق تحررت ببعض الدين الوارد فيه سندات إذنيه وتنازل الدائن عن باقيه مع حفظ حقه في الرجوع في هذا التنازل إذا ما تخلف المدين عن الوفاء بأي سند منها فإن تحرير هذه السندات لا يعتبر تجديدا للدين والدعوى التي ترفع للمطالبة بقيمتها مع باقي الدين لا تعتبر من دعاوى السندات الإذنية التي قصدت إليها المادة 118 من قانون المرافعات ومن ثم فيتعين عند استئناف الحكم الصادر فيها رفعه بطريقة إيداع عريضة الاستئناف قلم الكتاب طبقا لمادة 405 مرافعات المعدلة بالقانون 264 سنة 1953 وإلا كان الاستئناف باطلاً".

الطعن رقم 0357 لسنة 30 مكتب فني 16 صفحة رقم 583

بتاريخ 13-05-1965

* "تجديد الالتزام بتغيير المدين يتم طبقاً للمادة 2/352 من القانون المدني بغير حاجة لرضاء المدين الأصلي. ومتى كان لا حاجة لهذا الرضاء لا في انعقاد التجديد ولا في نفاذه فإن علم المدين الأصلي بالتجديد لا يكون لازماً لحصوله".

الطعن رقم 0357 لسنة 30 مكتب فني 16 صفحة رقم 583

بتاريخ 13-05-1965

فقرة رقم : 2

* "كون التجديد لا يفترض وهو ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 354 من القانون المدني لا يقتضي أن ينص صراحة في العقد على التجديد بل أنه يقوم أيضاً - وعلى ما تقرره تلك المادة - إذا كان يستخلص بوضوح من الظروف".

الطعن رقم 028 لسنة 36 مكتب فني 21 صفحة رقم 1038

بتاريخ 11-06-1970

فقرة رقم : 2

* "السند الذي يترتب عليه تجديد الدين وتغيير نوع التقادم، هو ذلك الصك الكتابي المستقل عن الورقة التجارية الذي يعترف فيه المدين بالدين ويكون كاملاً وكافياً بذاته لتعيين عناصر الالتزام الذي يتضمنه بغير حاجة إلى الاستعانة بالورقة التجارية التي حل محلها، بحيث يترتب عليه تجديد الدين ويصح معه اعتبار المدين ملتزما بمقتضاه وحده على أن يكون لاحقا لميعاد استحقاق الورقة التجارية حتى يمكن أن يترتب عليه قطع التقادم الذي يبدأ من اليوم التالي لتاريخ الاستحقاق".

الطعن رقم 0320 لسنة 36 مكتب فني 22 صفحة رقم 113

بتاريخ 21-01-1971

* "إنشاء الورقة التجارية أو تظهيرها لتكون أداة وفاء لدين سابق، يترتب عليه نشوء التزام جديد في ذمة المدين، هو الالتزام الصرفي، ونشوء هذا الالتزام لا يستتبع انقضاء الدين الأصلي بطريق التجديد طبقاً للمادة 354 من القانون المدني، التي تنص على أن التجديد لا يفترض، بل يجب أن يتفق عليه صراحة أو أن يستخلص بوضوح من الظروف، وأنه بوجه خاص لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك، ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو مكانه أو كيفيته، وهو ما يستتبع قيام الالتزام الجديد إلى جانب الالتزام الأصلي، ويبقى لكل منهما كيانه الذاتي، ومن ثم يصبح للدائن في حالة نشوء الالتزام الصرفي الرجوع على المدين بدعوى الدين الأصلي أو بدعوى الصرف، فإذا استوفى حقه بإحداهما، امتنعت عليه الأخرى، وإذا سقطت دعوى الصرف بسبب إهمال حامل الورقة التجارية أو انقضت بالتقادم الخمسي، ظل الدين الأصلي قائماً، وكذلك الدعوى التي تحميه، ولا يرد على ذلك بأن التقادم الصرفي يقوم على قرينة الوفاء التي لا ينقضها إلا الإقرار أو النكول عن اليمين، وأن المطالبة بالدين الأصلي بعد انقضاء مدة التقادم الصرفي، مما تتنافر وهذه القرينة التي أقامها القانون، ذلك أن هذه القرينة إنما تتعلق بالدين الصرفي وحده، فتفترض أن هذا الدين قد تم الوفاء به وزالت بانقضائه العلاقة الصرفية، فيعود الوضع إلى ما كان عليه قبل إنشاء الورقة التجارية أو تظهيرها لاستقلال كل من الالتزامين".

الطعن رقم 0385 لسنة 38 مكتب فني 25 صفحة رقم 358

بتاريخ 18-02-1974

فقرة رقم : 2

* "التجديد لا يرد على العقد الباطل. وإذا كان ما قرره الحكم بشأن مثل هذا التجديد تزيدا يستقيم الحكم بدونه، فإن النعى عليه في هذا الصدد يكون غير منتج ولا جدوى منه".

الطعن رقم 0501 لسنة 44 مكتب فني 33 صفحة رقم 677

بتاريخ 07-06-1982

فقرة رقم : 3

* "تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقاً لما تقضى به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان على انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاما آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره، واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي يستقل به قاضى الموضوع متى كانت الأسباب التي أقامت عليها المحكمة حكمها من شأنها أن تؤدى إلى القول بذلك".

الطعن رقم 1934 لسنة 51 مكتب فني 38 صفحة رقم 250

بتاريخ 16-02-1987

فقرة رقم : 2

* "تجديد الالتزام وفقاً للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته".

الطعن رقم 2132 لسنة 52 مكتب فني 39 صفحة رقم 110

بتاريخ 18-01-1988

فقرة رقم : 3

* "تجديد الالتزام بتغيير المدين وفقاً للمادة 352/2 من القانون المدني يتم إما باتفاق الدائن مع أجنبي على أن يكون هذا الأجنبي مديناً مكان المدين الأصلي وعلى أن تبرأ ذمة المدين الأصلي دون حاجة لرضائه أو إذا حصل المدين على رضاء الدائن بشخص أجنبي أن يكون هو المدين الجديد".

الطعن رقم 2132 لسنة 52 مكتب فني 39 صفحة رقم 110

بتاريخ 18-01-1988

فقرة رقم : 4

* "الإنابة في الوفاء - على ما تنص عليه المادتين 359/1 ، 360/1 من القانون المدني - هي إحدى صورتي تجديد الالتزام بتغيير المدين، فإذا لم تتضمن الإنابة تجديداً بتغيير المدين بل بقى المنيب مديناً للمناب لديه إلى جانب المناب وصار للمناب لديه مدينان بدلاً من مدين واحد سميت الإنابة في هذا الحال بالإنابة القاصرة".

2230 – "إذا كان الاتفاق الذي عقد بين المُشتري والبائع – بشأن تجديد التزامه بالوفاء بالباقي من الثمن واستبدال التزام جديد به يكون مصدره عقد قرض – مُعلقاً على شرط واقف هو قيام المُشتري برهن قدر من أطيانه رهناً تأمينياً في المرتبة الأولى لصالح هذا البائع ضماناً لوفائه بدين القرض، وكان هذا الشرط قد تخلف بقيام هذا المُشتري برهن هذه الأطيان ذاتها إلى أحد البنوك مما أصبح معه مُؤكداً أن الأمر الذي عُلِقَ الالتزام الجديد على وقوعه لن يقع فإنه يترتب على تخلف هذا الشرط الواقف زوال هذا الالتزام وبقاء الالتزام القديم – وهو التزام المُشتري بدفع باقي الثمن – على أصله دون أن ينقضي واعتبار التجديد كأن لم يكن". (الطعنان رقما 523 ، 524 لسنة 29 قضائية – جلسة 12/11/1964 مجموعة المكتب الفني – السنة 15 – ص 1028). [المرجع: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمُستشار/ عبد المنعم الدسوقي – المُجلد الأول – بيع – التزامات المُشتري – أ) الالتزام بدفع الثمن – 4) محل التزام الوفاء بالثمن – القاعدة رقم 2230 – ص 836].

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

رقابة الأزهر الشريف على المصنفات الفنية الإسلامية

رقابة الأزهر على المصنفات الفنية

فيما يلي نص الجمعية العمومية بمجلس الدولة لتحديد اختصاصات كل من الأزهر الشريف ووزارة الثقافة في التصدي للأعمال الفنية والمصنفات السمعية والبصرية التي تتناول قضايا إسلامية:

مجلس الدولة - ملف رقم: 58/1/63

الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع

حضرة صاحب الفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

اطلعنا على كتاب فضيلتكم رقم 1171 المؤرخ 10 من يوليه سنة 1993 بشأن "تحديد اختصاصات كل من الأزهر الشريف ووزارة الثقافة في التصدي للأعمال الفنية والمصنفات السمعية أو السمعية البصرية التي تتناول قضايا إسلامية أو تتعارض مع الإسلام ومنعها من الطبع أو التسجيل أو النشر والتوزيع والتداول إعمالاً للصلاحيات المخولة لكل منها بمقتضى القوانين واللوائح.

وقد رأيتم فضيلتكم استطلاع رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، في هذا الأمر، في ضوء ما أثير من أحاديث عن مسئولي الرقابة عن المصنفات الحوارية، وفي ضوء ما شملته قوانين الأزهر والرقابة على المصنفات الفنية من أحكام.

وننهي إلى فضيلتكم أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلسة 2 من فبراير سنة 1944، وتبين لها أن الرقابة على المصنفات الفنية، سمعية وبصرية، تخضع لأحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف، والقانون رقم 430 لسنة 1955 بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحري والأغاني والمسرحيات والمونولوجات والأسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتي، وإن كلا القانونين جرى تعديله بالقانون رقم 38 لسنة 1992.

وبهذا القانون الأخير أضيفت "المادة 7 مكررًا" إلى قانون حماية حق المؤلف، حظرت على كل صاحب حق في استغلال المصنفات السمعية والسمعية البصرية وعلى من يزاول هذا النشاط إنتاج أي من هذه المصنفات أو نسخه أو تصديره أو طرحه للتداول أو تحويله أو عرضه "إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الثقافة" وخولت وزير الثقافة تعيين الجهة المختصة بمنح الترخيص وشروطه وإجراءاته.

وبهذا القانون الأخير أيضًا، عدل العديد من مواد قانون "تنظيم الرقابة على الأشرطة ..."، واستحدث تعبير "المصنفات السمعية والسمعية البصرية" للإشارة إلى كل ما يثبت بالوسائل التقنية من أشرطة وأسطوانات وغيرها وقررت المادة (1) معدلة أن "تخضع للرقابة المصنفات ... وذلك بقصد حماية النظام العام والآداب ومصالح الدولة العليا". وحظرت المادة (2) المعدلة التصدير والتسجيل والنسخ والتحويل والأداء والعرض والإذاعة والتوزيع والتأجير والتداول والبيع والعرض للبيع، بالنسبة لتلك المصنفات، وذلك "بغير ترخيص من وزارة الثقافة"، وأحالت المادة (4) معدلة إلى اللائحة التنفيذية لبيان الجهة المختصة بإصدار الترخيص وشروطه وغير ذلك. ثم أوجبت أني صدر قرار البت في طلب الترخيص خلال شهر أو ثلاثة أشهر حسب أنواع النشاط المشار إليها في المادة (2)، وإلا اعتبر الترخيص ممنوحًا، كما أوجبت عند الرفض أن يكون الرفض مسببًا. ونظمت المادة (12) المعدلة طريق التظلم من قرار رفض الترخيص وتشكيل لجنة بقرار من الوزير يكون رئيسها أحد نواب رئيس مجلس الدولة وأعضاؤها الأربعة الآخرون ممثلين لهيئة الاستعلامات وللمجلس الأعلى للثقافة ولأكاديمية الفنون ولمجلس النقابة التابع لها نوع المصنف محل التظلم.

واستظهرت الجمعية العمومية من كل ذلك، أن قرار الترخيص إنما يصدر عن وزارة الثقافة، وهو قرار إيجابي يصدر بالإفصاح الصريح بالترخيص أو يصدر بالاستخلاص الضمني بعدم الممانعة عن الترخيص، وهو استخلاص يستفاد من الدلالة السكوتية بمضي شهر واحد أو ثلاثة أشهر دون البت في الطلب، أو يصدر القرار بالإفصاح الصريح برفض الترخيص، على أن يكون قرار الرفض مسببًا. كما تستظهر الجمعية العمومية أن الرقابة المستهدفة بأعمال سلطة الترخيص بالموافقة أو الرفض، إنما تتغيا "حماية النظام العام والآداب ومصالح الدولة العليا". ومن ثم فإن المصلحة العامة التي تشكل ركن الغاية في القرار الإداري بالترخيص أو برفضه، إنما تتمثل في حماية النظام العام ومصالح الدولة العليا، وأن ركن السبب في القرار ذاته يدور في هذا الفلك الذي عينته وأشارت إلى عناصره العامة العبارة الأخيرة من المادة (1) المعدلة من قانون تنظيم الرقابة رقم 430 لسنة 1955 سالف البيان.

وما دام فضيلة الإمام الأكبر يتساءل عن وجه إعمال هذه الأحكام فيما يتعلق بقضايا الإسلام، فقد وجب لتحرير هذه المسألة النظر فيما يستوي به القرار الإداري من حيث الغاية المستهدفة والسبب الدافع، في إطار ما أشار إليه القانون من حماية للنظام العام والآداب ومصالح الدولة وصلة الإسلام بهذا الوعاء العام للغايات والأسباب المحيطة بالقرار الإداري المنظور.

ومنذ انتظمت الجماعة المصرية في دولة ذات دستور منظم لوجودها كشخص معنوي عام وكأبنية وهياكل تنظيمية، حرصت دساتيرها الوضعية بعامة على النص أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية وتتابع وجود هذا النص في دساتيرها المتغيرة عبر مراحل التاريخ الدستوري الحديث، أوردته المادة 149 من دستور 1923 في عهد النظام الملكي البرلماني، وأوردته بنصه المادة 138 من دستور 1930 الذي تخلل العهد ذاته سنين معدودة، عاد بعدها دستور 23، ثم أوردته بنصه المادة (3) من دستور 1956 في العهد الجمهوري الرئاسي، كما أوردته بنصه المادة 5 من دستور 1964 في عهد نظام جمهوري بين البرلمانية والرئاسية، ثم أوردته المادة 2 من دستور 1971 بنصه وأضافت إليه عبارة "ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

وعبر هذا النص بهذا المفاد مراحل تاريخية كاملة من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري ومن النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي إلى نظام مشترك، ومن نظم اجتماعية إلى نظم اجتماعية أخرى، وأن ثباته بنصه ومعناه رغم كل ذلك، إنما يفيد أنه يكشف عن إقرار التشريع الوضعي للدولة الحديثة بأنه نص يقر حقيقة أكثر رسوخًا وأدوم بقاء، وأوغل في الدلالة عن جوهر "النظام العام والآداب"، بما لا يتغير بتغير الدساتير ونظم الحكم والنظم الاجتماعية.

والإسلام دين الغالبية الغالبة من الشعب المصري، بحسبان أن الشعب هو الركن الركين للدولة التي ينظمها الدستور، ومن ثم تقوم خصائصه الثابتة في الواقع بحسبانها من خصائص الدولة المعترف بها في القانون، وقد نص دستور 1971 في المادة (5) على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وبهذا يظهر أن الإسلام ومبادئه وقيمه إنما يتخلل النظام العام والآداب وهو كذلك مما تتضمنه المصالح العليا للدولة، حسب الصيغة التي أقام بها القانون الرقابة على المصنفات ركن الغاية في القرار الصادر بشأن الترخيص بأي من هذه المصنفات.

وفي هذا الإطار استعرضت الجمعية العمومية الأحكام المتعلقة بالقوانين الخاصة بالأزهر الشريف ونظرة المشرع الوضعي في مصر الحديثة، منذ انتظم لهيئات الدولة والمجتمع تقنيات ولوائح ونظم تشريعية، تصدرها جهات التشريع ذات الولاية في إمضاء النظم وحراستها. استعرضت الجمعية العمومية ما أوردته هذه النظم بشأن الأزهر الشريف وما رسمته له من وظائف وما نيط به من دور من بناء المجتمع المصري الحديث، بمراعاة أن الأزهر هيئة تقوم على الحفظ والتدريس والبحث في علوم هي دين للغالبية الغالبة، ومن هذا الدين تستمد عقائد وقيم وأصول احتكام.

وقد صدر أول قانون بشأن تنظيم الجامع الأزهر والمعاهد الدينية العلمية الإسلامية تنظيمًا شاملاً برقم 10 لسنة 1911، ونص في المادة (1) على أن "الجامع الأزهر هو المعهد العلمي الإسلامي الأكبر ..." وفي المادة (2) على أن "الغرض من الجامع الأزهر والمعاهد الأخرى هو القيام على حفظ الشريعة الغراء وفهم علومها ونشرها على وجه يفيد الأمة وتخريج علماء يوكل إليهم أمر التعاليم الدينية ويلون الطوائف الشرعية في مصالح الأمة ويرشدونها إلى طرق السعادة" ونصت المادة (4) "شيخ الجامع الأزهر هو الإمام الأكبر لجميع رجال الدين والرئيس العام للتعليم فيه وفي المعاهد الأخرى، والمشرف الأعلى على السيرة الشخصية الملائمة لشرف العلم والدين ..." ونص القانون 49 لسنة 1930 بإعادة تنظيم الأزهر والمعاهد الدينية العلمية الإسلامية، في المادة (1) "الجامع الأزهر هو المعهد الديني العلمي الإسلامي الأكبر، والغرض منه هو: (1) القيام على حفظ الشريعة الغراء، أصولها وفروعها، وعلى تعليم اللغة العربية، ونشرها على وجه يفيد الأمة ويرشدها إلى طرق السعادة، (2) تخريج العلماء ..."، ونصت المادة (9) "شيخ الجامع الأزهر هو الإمام الأكبر لجميع رجال الدين والمشرف الأعلى على السيرة الشخصية الملائمة لشرف العلم والدين بالنسبة لأهل العلم.. "ثم صدر القانون 26 لسنة 1936 فاحتفظت المادة (1) منه بنص المادة 1 من القانون السابق عليه، واحتفظت المادة (6) منه بنص المادة (9) من القانون السابق أيضا.

وفي عام 1961 صدر القانون رقم 103 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، ونصت المادة (2) منه على أن "الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وأثره في تقدم النشر وفي الحضارة وكفالة الأمم ..." ونصت المادة (4) على أن "شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام ...".

واستظهرت الجمعية العمومية من هذه النصوص في تتابعها الزماني، أن التشريع الوضعي الذي بنى الهياكل الحديثة للدولة والمجتمع، قد اطردت أعرافه وسياساته التشريعية على أن يوكل للأزهر الشريف في كل تنظيم له، مهمة حفظ الشريعة الغراء وفهم علومها ونشرها وحفظ التراث ونشره وحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى الشعوب كلها، مع إظهار حقيقة الإسلام وأثره، وأن لفضيلة شيخ الأزهر مقام الإمام الأكبر وله مرتبة الإشراف، وقد عبر عنه القانون رقم 103 لسنة 1961 النافذ حاليًا بأنه "صاحب الرأي في كل ما يتصل بالشئون الدينية.." بتعريف للرأي يفيد في اللغة القصر (وأن خبر الجملة مقصور على مبتدأها) أو قد يفيد عدم مماثلة غيره من جنسه له.

ويتبين للجمعية العمومية من مطالعة قانون الأزهر سالف البيان ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975، أن القانون أنشأ بين هيئات الأزهر "مجمع البحوث الإسلامية بحسبانه الهيئة العليا للبحوث الإسلامية التي تقوم بدراسة وتجديد الثقافة الإسلامية حسبما أوضحت المادتان 15، 25 من القانون، ويرأسه شيخ الأزهر طبقًا للمادة 18، وأن اللائحة التنفيذية للقانون أوضحت في المادة 15 واجبات المجمع ومنها (1) تتبع ما ينشر عن الإسلام والتراث الإسلامي من بحوث ودراسات في الداخل والخارج بما فيها من رأي صحيح أو مواجهتها بالتصحيح والرد". كما نصت المادة 38 من اللائحة على أن "إدارة الثقافة والبعوث الإسلامية هي الجهاز الفني لمجمع البحوث الإسلامية ومديرها هو أمين عام المجمع ..." ونصت المادة 39 على أن من بين إدارات هذه "إدارة البحوث والنشر" التي عقدت لها المادة 40 ولاية مراجعة المصحف الشريف والتصريح بطبعه وتداوله، وكذلك (2) فحص المؤلفات والمصنفات الإسلامية أو التي تتعرض للإسلام وإبداء الرأي فيها بنشرها أو تداولها أو عرضها ...".

ومن حيث أنه يبين من ذلك كله، أن الأزهر هو الهيئة التي ناط بها المشرع الوضعي حفظ الشريعة والتراث ونشرهما وحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، بالتصدي لأداء هذه المهام، وأن شيخه شيخ الأزهر هو صاحب الرأي فيما يتصل بالشئون الدينية، وأن المجمع بما يتبعه من إدارات ومنها إدارة البحوث والنشر هو من له ولاية مراجعة المصحف الشريف، ومن له التصدي لفحص المؤلفات والمصنفات التي تتعرض للإسلام وإبداء الرأي فيها. الأمر الذي يجعل هذه الهيئة هي الجهة صاحبة التقدير فيما يتعلق بالشئون الإسلامية، وهو التقدير الذي ينبني على أعماله اتخاذ القرارات الملزمة والمنشئة للمراكز القانونية والمعدلة لها مما تتخذه جهات الإدارة في الدولة بموجب الولايات والصلاحيات التي خولها القانون لأي من هذه الجهات. ومن بينها ما خوله القانون رقم 354 لسنة 1954 والقانون رقم 430 لسنة 1955 المعدلان بالقانون رقم 38 لسنة 1992 من ولايات ناطها بوزارة الثقافة بشأن الرقابة على المصنفات السمعية والسمعية البصرية.

ومن ثم تكون سلطة تقدير الشأن الإسلامي الذي يتخلل حماية النظام العام والآداب والمصالح العليا للدولة، تكون سلطة تقدير هذا الشأن من ولايات الأزهر وهيئاته وإداراته حسب قانونه، وبهذا التقدير يقوم ركن السبب المتعلق بالشأن الإسلامي والمستمد من هذا الشأن، وذلك في القرار الإداري الذي تملكه وزارة الثقافة، فيما تجريه من رقابة على تلك المصنفات، وفيما تصدره إعمالاً لهذه الرقابة من قرارات بالترخيص الصريح أو الضمني، أو برفض الترخيص بأي من المصنفات السمعية والسمعية البصرية، متى كان الشأن الإسلامي داخلاً في تكوين النظام العام والآداب ومصالح الدولة العليا ومتخللاً لها، ومتى لزم تقدير الشأن الإسلامي في هذا الأمر.

ومن ثم فإن إبداء الأزهر -بواسطة هيئاته- رأيه في تقدير هذا الشأن الإسلامي، يكون ملزمًا للجهات التي نيط بها إصدار القرار، وذلك فيما ينبني عليه هذا القرار من تقدير لهذا الشأن ولما يتخلله بالنسبة للنظام العام والآداب وما يجري مجراها. ويصدق ذلك على وزارة الثقافة فيما تصدره من قرارات بالترخيص الصريح أو الضمني أو رفض الترخيص بأي من المصنفات محل طلب الرأي.

وفي إطار هذا الوضع للمسألة، فإن الجمعية العمومية قد لاحظت، أن القانون رقم 102 لسنة 1985 بشأن تنظيم طبع المصحف الشريف والأحاديث النبوية قد خص في المادة (1) مجمع البحوث الإسلامية "دون غيره" بالإشراف على طبع المصحف الشريف ونشره وتوزيعه وعرضه وتداوله وتسجيله للتداول، وكذا الأحاديث النبوية، وخص الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بأي من ذلك كله أو بعضه وفقًا للشروط والقواعد التي يصدر بها قرار من شيخ الأزهر، وأتاح منح صفة الضبط القضائي للعاملين في تطبيق هذا القانون، وفرض عقابًا جنائيًا على المخالفين له، وكل ذلك يتيح للأزهر الشريف بهيئة مجمع البحوث وأمينه ولاية إصدار القرار بالترخيص، في خصوص أحكام هذا القانون وبالنظر للقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة كلها أو بعضها، وذلك دون اكتفاء بالتقدير الذي يستند إليه قرار الترخيص في غير هذا الأمر من مصنفات سمعية أو سمعية بصرية.

كما لاحظت الجمعية العمومية، أن القانون رقم 102 لسنة 1985 سالف البيان أحال في تطبيق أحكامه "لما تقرره اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها". ومن ثم فإنه في تطبيق أحكام القانون رقم 102 لسنة 1985 قد صارت أحكام اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 ذات قوة ونفاذ تصل إلى مرتبة القانون بموجب الإحالة الصريحة الحاصلة.

وتلاحظ الجمعية العمومية أيضا، أنه إذا كانت المادة (4) من القانون رقم 430 لسنة 1955 معدلاً بالقانون رقم 38 لسنة 1992، نصت على أن قرار البت بالترخيص يصدر خلال شهر أو ثلاثة أشهر حسب الأحوال فإذا لم يصدر خلال هذه المدة يعتبر الترخيص ممنوحًا، فإن مفاد ذلك أن ثمة ترخيصا يصدر به قرار ضمني بفوات شهر أو ثلاثة أشهر على الطلب. وأن الترخيص هنا يستفاد بالدلالة السكوتية من عرض الطلب على جهة إصدار القرار وتقدير ملاءمات البت فيه وانقضاء تلك المدة على العرض. وأن الدلالة السكوتية التي تفيد الموافقة في هذه الحالة إنما تتأتى من فوات المدة المضروبة مع توافر العلم بالطلب وإمكان التقدير لمدى الملاءمة. وغني عن البيان أن هذه الدلالة الضمنية لا تستفاد إلا عند إتاحة العلم لإمكان التقدير للجهة صاحبة الرأي الملزم الذي يصدر القرار بناء على تقديرها، وذلك حينما يدخل تقديرها في عناصر السبب الذي يقوم عليه القرار.

وتلاحظ الجمعية العمومية أخيرًا أن غير الشأن الإسلامي مما يشكل جوانب تقدير تدخل في إطار المصالح العليا للدولة أو غيرها من جوانب النظام العام ذات التمييز عن الأمور الإسلامية والدينية، فإن وزارة الثقافة تملك بالنسبة لها ما تملكه من مكنات التقدير الذي يتشكل به سبب القرار ويستجمع عناصره.

لــذلــك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أن الأزهر الشريف هو وحده صاحب الرأي الملزم لوزارة الثقافة في تقدير الشأن الإسلامي للترخيص أو رفض الترخيص بالمصنفات السمعية والسمعية البصرية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

رئيس الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع

المستشار/ طارق عبد الفتاح سليم البشري

النائب الأول لرئيس مجلس الدولة