الخميس، 5 نوفمبر 2009

فسخ توكيل خاص

فسخ توكيل خاص

محكمة جنوب الجيزة الابتدائية

الدائرة ( 17 ) مدني حكومة

مذكرة

بدفاع وطلبات السيد/ .................. (مُدع)

ضد

السيد/ ................... وآخرين. (مُدعى عليهم)

في الدعوى رقم 319 لسنة 2007 مدني كلي حكومة جنوب الجيزة، والمُحدد لنظرها جلسة يوم السبت المُوافق 26/4/2007م للمرافعة.

الموضوع والدفاع

بموجب عقد بيع ابتدائي أشترى المدعي والمدعى عليهم من الأول حتى الثالث (على الشيوع فيما بينهم)، من المدعى عليه الثامن بصفته (جمعية 6 أكتوبر التعاونية لبناء المساكن لضباط القوات المسلحة)، ما هو: حصة قدرها –س 6ط 6ف (ستة أفدنه وستة قراريط) مشاعاً في قطعة الأرض رقم 14 من 13 رمزية من 11 من 7 كدستر كائنة بحوض الجبل الوسطاني رقم 11 – قسم ثان – حلوان – بمحافظة القاهرة، وذلك بهدف المتاجرة فيها ومحاولة بيعها للغير بسعر مغري بما يحقق الربح لجميع الأطراف المشترين لها وهم المدعي وعليهم من الأول حتى الثالث.

إلا أنه تعذر على المشترين العثور على مشتر لتلك الأرض بسعر مناسب نظراً لركود الحركة التجارية وعدم توافر السيولة النقدية ولعدم تسجيلهم لعقد شرائهم لتلك الأرض – أو كذلك أوهم المدعى عليهم من الأول إلى الثالث، أوهموا المدعي بذلك – ومن ثم فقد أقنعوه بأن يتخارج من عقد شراء تلك الأرض ببيع حصته إليهم هم مجتمعين وهم سيتحملون الخسارة الناتجة عن عدم إمكانية بيعها بسعر مناسب، وإزاء تعذر بيع تلك الأرض وتحقيق ربح من ورائها وإزاء الضغوط وإلحاح المدعى عليهم من الأول إلى الثالث على المدعي فقد رضخ لإرادتهم (وهم شركائه في تلك الصفقة الذين يحوزون ثقته الكاملة) فقد قام بعمل توكيل خاص لهم برقم 4536 لسنة 2006 حرف "ن" توثيق الأهرام النموذجي (بتاريخ 12/7/2006) وكل بموجبه المدعي المدعى عليهم من الأول إلى الثالث في بيع قطعة الأرض سالفة الذكر لأنفسهم أو للغير والتوقيع على عقود البيع النهائية أمام الشهر العقاري والتعامل مع جمعية 6 أكتوبر التعاونية لبناء المساكن لضباط القوات المسلحة والتعامل مع الأحياء وكافة الجهات الحكومية ...الخ".

وبعد مدة من الزمن أكتشف الطالب الخدعة التي نصبها له شركائه المدعى عليهم من الأول حتى الثالث، إذ أنهم قاموا بالفعل بالاتفاق على ببيع أرض التداعي بسعر مغر وأخفوا ذلك عن الطالب (شريكهم في الصفقة على الشيوع) بل وأقنعوه بعدم إمكان بيعها لكي يتنازل لهم عن نصيبه فيها بعمل ذلك التوكيل المنوه عنه، ليستأثروا هم بربح تلك الصفقة بالكامل وحرمان الطالب من حقه المشروع فيها، وتم ذلك بطريق التكتم على خبر الاتفاق بيع أرض التداعي لشركة الوالي بثمن يربو على 136 مليون جنيه أي ما يعادل تقريباً سبعة أضعاف السعر الذي أشتروها به، في حين تعمدوا الكذب على المدعي وإيهامه على غير الحقيقة بعدم إمكانية بيع أرض التداعي أو تحقيق أي ربح من وراء ذلك.

وإذ تكشف ذلك الأمر للطالب فقد طلب من المدعى عليهم من الأول إلى الثالث الحضور أمام مكتب التوثيق المختص لإلغاء التوكيل الخاص الصادر منه لهم حيث أنه توكيل خاص لصالحهم لا يجوز إلغائه إلا بموافقتهم وحضورهم أمام مكتب التوثيق المختص للإقرار بإلغائه إلا أنه ماطلوا وسوفوا واختلقوا الأعذار للامتناع عن المثول أمام مكتب الشهر العقاري المختص لإلغاء التوكيل سالف الذكر.

مما أضطر الطالب إلى الاعتصام بحصن القضاء المنيع واللوذ به لإنصافه من الغبن والظلم الذي حاق به من شركائه الذين أساءوا استغلال ثقة المدعي بهم وغرروا به ودلسوا عليه لأكل ماله وحقه بدون وجه حق.

المطالبة بإبطال عقد الوكالة للغلط في صفة الشيء، المصحوب بالتدليس:

عيوب الإرادة ( Vices du Consentement ):

إذا كان وجود التراضي ضرورياً لقيام العقد، فإنه لكي يستقر العقد نهائياً - بعد قيامه - يجب أن يكون هذا التراضي صحيحاً، وذلك بأن يكون صادراً من ذي أهلية وبريئاً من عيوب الإرادة. فالإرادة المعيبة هي إرادة موجودة ولكنها لم تصدر عن بينة واختيار، وهي وإن كانت لا تحول دون وجود العقد فإنها تجعل لمن عيبت إرادته أن يتحلل منه بإبطاله أو فسخه. وعيوب الإرادة ما هي إلا تطبيق لمبدأ سلطان الإرادة، فمادام إن الإرادة هي ركن "التصرف القانوني" تنشئه وتحدد آثاره، فيجب أن تكون بريئة من كل عيب يشوبها حتى يتوفر لها سلطانها الكامل في هذا المجال. وعيوب الإرادة هي الغلط والتدليس والإكراه والاستغلال.

الغلط ( L’erreur ):

والغلط هو: "وهم يقوم في ذهن الشخص فيصور له الأمر على غير حقيقته، ويكون هذا الوهم هو الدافع إلى التعاقد". فالغلط هو تصور كاذب للواقع يؤدي بالشخص إلى إبرام عقد، ما كان ليبرمه لو تبين حقيقة هذا الواقع. والغلط يصيب الإرادة عند إبرام التصرف، فيوجهها وجهة لا تتفق مع الواقع الذي تمثل في ذهن العاقد على غير حقيقته، كأن يشتري شخص تمثالاً يعتقد أنه أثري وهو ليس كذلك.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "توهم غير الواقع الذي يخالط الإرادة عند تكوين العقد هو من قبيل الغلط الذي نظم المشرع أحكامه من في المواد من 120 إلى 124 من القانون المدني فجعل للمتعاقد الذي وقع فيه أن يطلب أبطال التصرف الذي شابه متى كان الغلط جوهريا". (نقض مدني في الطعن رقم 349 لسنـــة 60 قضائية – جلسة 12/7/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – الجزء الثاني – صـ 1192).

الغلط الجوهري:

ويكون الغلط الجوهري إذا كان هو الدافع إلى التعاقد، أي أن معيار الغلط هنا هو معيار "ذاتي" كما تقول بذلك النظرية الحديثة في الغلط والتي أخذ بها المُشرع المصري. فهذه النظرية الحديثة للغلط والتي تقول بالمعيار الذاتي لتحديده تعتد بالغلط "الجوهري" الذي يقوم على تقدير المتعاقد لأمر معين يبلغ في نظره درجة من الأهمية تكفي لأن تجعله يقدم على التعاقد إن وُجِدَ ويحجم عنه إن تخلف.

وقد أخذ المشرع المصري بتلك النظرية الحديثة للغلط، حيث نصت المادة 121 من القانون المدني على أن: "

1- يكون الغلط جوهرياً إذا بلغ من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط.

2- ويعتبر الغلط جوهرياً "على الأخص":

أ‌. إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقد، أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف وما ينبغي في التعامل من حُسن النية.

ب‌. إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة هي السبب الرئيسي في التعاقد".

والأخذ بالمعيار الذاتي يقتضي البحث في نية المتعاقدين لمعرفة مدى الأهمية التي يعلقها المتعاقد على الأمر الذي أنصب عليه الغلط، وقد استعان المشرع المصري ببعض الضوابط الموضوعية تساعد على تبين نية المتعاقدين لا سيما في خصوص الغلط في صفة جوهرية للشيء إذ قضى بأن صفة الشيء تكون جوهرية إذا كانت كذلك في اعتبار المتعاقدين أو كان يجب اعتبارها كذلك في ضوء ما يلابس العقد من ظروف وما ينبغي في التعامل من حُسن النية. فالظروف التي تحيط بالعقد ووجوب توافر حُسن النية في التعامل هذان الأمران يمكن الاستعانة بهما في التعرف على نية المتعاقدين إذا لم يكن من المستطاع الوصول إلى هذه النية من طريق آخر. فمثلاً لو أن شخصاً أشترى شيئاً من تاجر آثار وظن أن هذا الشيء أثري فدفع ثمناً عالياً له ثم تبين له بعد ذلك أنه غير أثري. فإنه في هذه الحالة يمكن الاستدلال من أن البائع "تاجر آثار" ومن أن المشتري دفع "ثمناً عالياً" للشيء - يمكن الاستدلال من ذلك - على أن المشتري يحسب الشي أثرياً وأن هذه الصفة هي التي دفعته إلى التعاقد.

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في صدد المادة 121 ما يأتي: "وينبغي أن يكون الغلط المبطل للعقد جوهرياً، ولا يتحقق ذلك إلا إذا دفع من وقع فيه إلى التعاقد، ومؤدى هذا أن يناط تقدير الغلط بمعيار شخصي، وقد انتهى القضاء المصري والقضاء الفرنسي في هذا الشأن إلى تطبيقات ثلاث تقررت في نصوص المشروع..

1. أولها يتعلق بالغلط في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين أو بالنسبة لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي أن يسود التعامل من حسن النية، وفي هذا الفرض يرتبط تقدير الغلط الجوهري بعامل شخصي هو حسن النية وبعامل مادي قوامه الظروف التي لابست تكوين العقد.

2. والثاني يتصل بالغلط الواقع في ذات شخص المتعاقد أو في صفة من صفاته، إذا كانت هذه الذات أو تلك الصفة السبب الوحيد أو السبب الرئيسي في التعاقد، والمعيار في هذا الفرض شخصي بحت.

3. والثالث خاص بالغلط في أمور يعتبرها من يتمسك به من المتعاقدين عناصر ضرورية للتعاقد طبقاً لما تقضي به النزاهة في التعامل، وقد تنطوي صورة الغلط في الباعث في هذا التطبيق الثالث. بيد أنه يتعين الرجوع، عند الإثبات، إلى عنصر موضوعي أو مادي بحت، هو عنصر نزاهة التعامل، ويتضح من ذلك أن تقدير الغلط، وإن كان قد نيط بمعيار شخصي بحت، إلا أن تيسير الإثبات قد اقتضى الاعتداد بعناصر مختلفة، فيها الشخصي والمادي". (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الثاني – صـ 143).

الغلط في صفة للشيء:

يعيب الغلط في صفة للشيء الإرادة إذا كان جوهرياً، بأن يقع في صفة في الشيء ترقى في نظر المتعاقد إلى المستوى الذي يجعله هو الدافع إلى التعاقد، إذ أنه حينئذ تكون هذه الصفة جوهرية، وكثيراً ما يستعان بظروف التعاقد للوقوف على مدى أهمية هذه الصفة في نظر المتعاقد. والأمثلة على ذلك كثيرة في قضاء المحاكم، نذكر منها ما يلي:

- الترخيص الذي أعطته الحكومة في استغلال أرض كانت تعتقد أنها لا تحتوي إلا على كميات صغيرة جداً من الملح، يجوز إبطاله إذا تبين أن هذه الأرض تحتوي على كميات كبيرة يمكن استغلالها بسهولة. (حكم محكمة الاستئناف المختلطة بجلسة 7/1/1892 مجموعة التشريع والقضاء المختلط 4 – صـ 99).

- إذا باع شخص أرضاً على أنها تحد من الجهة البحرية بشارع عرضه خمسة أمتار، وتبين بعد ذلك أن هذا الشارع لا وجود له، مما يجعل الأرض محصورة من جهاتها الأربع ولا منفذ لها يؤدي إلى الطريق العام، فإن البيع يجوز إبطاله بسبب الغلط الواقع في صفة جوهرية في الشيء المبيع. (حكم محكمة الاستئناف المختلط بجلسة 19/1/1911).

- وإذا بيعت سيارة على أنها جديدة ولم تستعمل إلا على سبيل الفحص والتجربة، ثم تبين أنها استعملت كثيراً من قبل، وأنه سبق ردها من مشتر آخر لذات السبب. (حكم محكمة الاستئناف المختلط بجلسة 28/5/1931 مجموعة التشريع والقضاء المختلط 43 – صـ 495).

- وأن الوفاء اتفاق بين الموفى والموفى له على قضاء الدين، فهو بهذه المثابة تصرف قانوني يجرى عليه من الأحكام ما يجرى على سائر التصرفات القانونية، فلا بد فيه من تراضى الطرفين على وفاء الالتزام. ويشترط في هذا التراضي أن يكون خالياً من عيوب الإرادة، فإذا داخل الوفاء عيب منها كان قابلاً للإبطال. فإذا كانت محكمة الموضوع قد حصلت في حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة أن الموفى ما قبل الوفاء إلا لاعتقاده بأن الدين الذي أوفى به حال بحكم نهائي، وبأنه تبين بعد ذلك عدم تحقق هذه الصفة في الدين، فإن الموفى يكون قد وقع في غلط جوهري بشأن صفة من صفات الدين الموفى به كانت أساسية في اعتباره إذ لولا هذا الغلط ما كان الوفاء. فإذا كان الموفى له على علم بهذا الغلط الدافع إلى الوفاء فإن من شأن هذا الغلط أن يؤدى إلى إبطال الوفاء متى طلب الموفى ذلك وأن يعود الطرفان إلى الحالة التي كانا عليها قبل حصوله ومن ثم يلتزم الموفى له بأن يرد المبلغ الذي قبله. (نقض مدني في الطعن رقم 379 لسنة 30 قضائية – جلسة 20/5/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – الجزء الثاني – صـ 602).

الغلط الفردي:

وإذا كان الغلط جوهرياً فيكفي أن يكون فردياً، أي قائم في ذهن أحد المتعاقدين دون الآخر، ولم يشترك فيه كلا المتعاقدين، لأنه إذا عيبت إرادة واحدة فسد التراضي.

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "من أبرم عقداً تعهد فيه بشيء، ولم يكن تعهده مبنياً على رضا صحيح منه، فلا يكون ملزماً بوفاء ما تعهد به. والرضا لا يكون صحيحاً إذا وقع عن غلط في أصل الموضوع المعتبر في العقد. ولا يُشترط النظر إلى حال المتعاقد الآخر من الغلط الواقع فيه المتعاقد الغالط، فغلط الغالط كاف وحده في عدم التزامه بالوفاء. فإذا أثبت المتعاقد أنه كان واقعاً في غلط، ثم أثبت أنه لولا الغلط ما كان أبرم العقد، حكم له ببطلانه ولو كان المتعاقد الآخر حسن النية غير عالم بغلط صاحبه، إذ أن حسن نيته ليس من شأنه أن يقيم عقداً باطلاً، وإنما هو قد يجعل له على الغالط حقاً في التعويض إن كان يستحقه تطبيقاً لقواعد المسئولية. فإذا قضى الحكم ببطلان الإقرار الموقع من الممول بموافقته على تقدير مصلحة الضرائب لأرباحه بناءاً على أن موافقته كانت عن غلط وقع فيه، فإنه لا يكون بحاجة إلى تحرى علم مصلحة الضرائب بغلطه". (نقض مدني في الطعن رقم 29 لسنة 17 قضائية – جلسة 1/4/1948 مجموعة المكتب الفني – السنة 5ع – صـ 586).

* وفي حكم آخر حديث لمحكمة النقض قضت بأنه: "

1- لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وقع في غلط جوهري إذ توهم أنه اختص في عقد القسمة الذي أبرمه مع أخيه المطعون ضده بمساحة 177.78 مترا مربعا وانه لو كان يعلم أن ما يزيد على خمسين مترا من هذه المساحة يتداخل في طريق عام يحدها من الناحية البحرية لأحجم عن إبرام العقد، كما تمسك بأن قسيمه كان عالما بوقوعه في ذلك الغلط وأنه دلس عليه بأن سكت عمداً عن تلك الواقعة حتى يتردى هو فيما شاب إرادته من غلط ودلل على صدق ما يقول بما أقر به المطعون ضده نفسه في محضر الاستجواب من أن ذلك الطريق كان مقاما منذ أمد طويل - حدده الخبير المندوب من محكمة الاستئناف بمدة تزيد على خمسين عاما وأورد انه يقتطع من نصيب الطاعن مساحة 58.50 مترا مربعا - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه انه لم يعن بتمحيص هذا الدفاع الجوهري وأقام قضاءه برفض الدعوى (دعوى الطاعن بطلب إبطال العقد) على ما قاله الحكم الابتدائي من أن الطريق الذي تداخل فيه نصيب الطاعن أنشئ بعد تحرير عقد القسمة بأربع سنوات فانه فضلا عن مخالفة الثابت في الأوراق يكون مشوبا بقصور يبطله.

2- كما أن النص في المادة 120 من القانون المدني على أنه: "إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد أن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه"، وفى المادة 121/1 منه على أن: "يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط" - يدل على أن المشرع يعتد بالغلط الفردي سببا لإبطال العقد، وعودة طرفيه إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرامه واشترط لذلك أن يكون هذا الغلط جوهريا - وهو ما يتحقق إذا كان هو الدافع إلى إبرام العقد - وأن يكون المتعاقد الآخر عالماً به أو في مقدوره أن يعلم به.

3- كما أن النص في المادة 125 من القانون نفسه (القانون المدني) على أن: "يعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة" - مؤداه أن المشرع اعتبر مجرد كتمان العاقد واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر أو ملابسة، من قبيل التدليس الذي يجيز طلب إبطال العقد إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه المدلس عمداً. (نقض مدني في الطعن رقم 5524 لسنة 63 قضائية – جلسة 17/4/2001 المستحدث من أحكام النقض – صـ 212).

الغلط المصحوب بالتدليس:

وفي حكم هام لمحكمة النقض صادر في الطعن رقم 8240 لسنـــة 65 قضائية – بجلسة 23/6/1997 منشور بمجموعة المكتب الفني – السنة 48 – الجزء الثاني – صـ 952 ، قررت محكمة النقض المبادئ القانونية الأساسية التالية:

- المقرر وفقاً للمادتين 120 و 125 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أو وقع عليه تدليس الحق في طلب إبطال العقد وهو حق يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى.

- المقرر وفقاً للمادتين 120 و 121 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري في قيمة الشيء أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر أو اتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.

- المقرر وفقاً للفقرة الثانية من المادة 125 من القانون المدني يُعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة.

- تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس الذي يجيز إبطال العقد أو عدم ثبوته هو من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض ما دام قضائها مقاماً على أسباب سائغة.

- يجوز مع القضاء ببطلان العقد للغلط أو التدليس أن يحكم بالتعويض إذا ترتب عليه ضرراً بأحد المتعاقدين ويكون ذلك لا على اعتبار أنه عقد بل باعتباره واقعة مادية متى توافرت شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الآخر الذي تسبب بخطئه في هذا البطلان.

التدليس ( Le dol ):

تنص المادة 125 من القانون المدني على أنه: "يجوز إبطال العقد للتدليس، إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين، أو نائب عنه، من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد".

والتدليس هو: "استعمال حيلة توقع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد"، فهو يثير الغلط في ذهن المتعاقد، فيعيب الإرادة من هذا الطريق. ومن ثم يكون العيب الذي يشوب الإرادة حينئذ هو "الغلط" الذي يولده "التدليس".

فيجب أن يلجأ المدلس إلى حيل لإخفاء الحقيقة، وأن تكون هذه الحيل كافية للتضليل بحسب حالة المتعاقد الآخر، فالمعيار في هذا الشأن معيار شخصي بحت.

التدليس بالكذب أو الكتمان:

والأصل أن "الكذب" لا يكفي لقيام التدليس، إلا إذا أنصب على واقعة معينة لها اعتبارها عند المتعاقد الآخر فيعتبر هنا تدليساً. كأن يعطي شخص بيانات غير صحيحة عن خبراته وكفاءته بقصد التحايل للحصول على عمل.

وكذلك "الكتمان" ( Reticence ) فالأصل فيه أنه لا يعتبر تدليساً، إلا في الأحوال التي يكون لزاماً على المتعاقد فيها أن يفضي بأمر من الأمور ويُعتبر سكوته عنها تدليساً، وهذا الالتزام ببيان معلومات لها أهميتها في التعاقد قد يكون مصدرها القانون (مثل نص المادة 764 من القانون المدني)، أو قد تفرضه طبيعة العقد. ففي عقد التأمين على الحياة إذا كتم المؤمن له على حياته أنه قد أصيب بمرض خطير قبل التأمين عليه فإن هذا الكتمان يعد تدليساً، وقد توجب الظروف والملابسات التي تحيط بالتعاقد على المتعاقد – في ضوء هذه الظروف – أن يكشف عن أمر يدرك أن له خطره لدى المتعاقد الآخر، فإذا باع شخص لآخر منزلاً وكتم عنه أن هذا المنزل قد شرع في نزع ملكيته للمنفعة العامة فإن هذا الكتمان يعتبر تدليساً، ويكفي الكتمان في هذه الحالات لقيام التدليس لا سيما إذا كان المدلس عليه يجهل الأمر الذي سكت عنه المتعاقد الآخر (المدلس) وأنه ليس في استطاعته أن يعرف هذا الأمر من طريق آخر.

وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في صدد المادة 125 ما يأتي: "يُشترط في التدليس إذا صدر من أحد المتعاقدين، سواء أصدر من المتعاقد نفسه أم من نائبه أم من شريك له، أن ينطوي على حيل، بيد أن هذه الحيل تختلف عن سميها في "النصب الجنائي"، إذ يكفي فيها مجرد "الامتناع" من جانب العاقد، كسكوته عمداً عن واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر. والواقع أنه ليس ثمة تطابق بين تعريف التدليس المدني والتدليس الجنائي. ويُشترط كذلك أن تكون الحيل التي تقدمت الإشارة إليها قد دفعت من ضلل بها إلى التعاقد ومناط التقدير في هذا الصدد نفسي أو ذاتي، كما هي الحال بالنسبة لعيوب الرضاء جميعاً". (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الثاني – صـ 172).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المُقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يُعتبر تدليساً السكوت عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة وأن الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بها التدليس إما أن تكون إيجابية باستعمال طرق احتيالية أو تكون سلبية بتعمد المتعاقد كتمان أمر عن المتعاقد الآخر متى كان هذا الأمر يبلغ حداً من الجسامة بحيث لو علمه الطرف الآخر لما اقدم على التعاقد بشروطه". (الطعن رقم 431 لسنة 66 قضائية – جلسة 28/4/2001 المستحدث في أحكام النقض – صـ 214).

كما جرى قضاء النقض على أن: "النص في المادة 125 من القانون المدني على أن: "يُعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة" - مؤداه أن المشرع اعتبر مجرد كتمان العاقد واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر أو ملابسة ما، من قبيل التدليس الذي يجيز طلب إبطال العقد إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه المدلس عمداً".(نقض مدني في الطعن رقم 5524 لسنة 63 قضائية – جلسة 17/4/2001 المستحدث في قضاء النقض – صـ 212 – فقرة 3).

وعلى ذلك تواتر قضاء النقض، حيث قضت محكمة النقض بأن: "النص في المادة 125 من القانون المدني - يدل على أن الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بها التدليس إما أن تكون إيجابية باستعمال طريق احتيالية أو أن تكون سلبية بتعمد المتعاقد كتمان أمر عن المتعاقد الأخر متى كان هذا الأمر يبلغ حداً من الجسامة بحيث لو علمه الطرف الأخر لما أقدم على التعاقد". (نقض مدني في الطعن رقم 1196 لسنة 57 قضائية – جلسة 18/11/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 217).

وبتطبيق كل تلك القواعد والمبادئ القانونية المستقرة على وقائع الدعوى الماثلة يتضح جلياً أنه بعد أن قام المدعي بالاشتراك مع المدعى عليهم من الأول حتى الثالث بشراء أرض التداعي من الجمعية المعلن إليها الثامنة وذلك بهدف الاتجار فيها والكسب من وراء بيعها مرة ثانية للغير بثمن عالي، إلا أن المدعي وقع في غلط جوهري باعتقاده – بناء على كذب وتدليس شركائه المدعى عليهم من الأول حتى الثالث – بأن تلك الأرض راكدة ولا تجد من يشتريها بسعر معقول، ومن ثم أقنع المدعى عليهم من الأول إلى الثالث، المدعي بأن يتخارج من عقد شراء تلك الأرض ببيع حصته إليهم هم مجتمعين وهم سيتحملون الخسارة الناتجة عن عدم إمكانية بيعها بسعر مناسب، وإزاء تعذر بيع تلك الأرض وتحقيق ربح من ورائها وإزاء الضغوط وإلحاح المدعى عليهم من الأول إلى الثالث على المدعي فقد رضخ لإرادتهم (وهم شركائه في تلك الصفقة الذين يحوزون ثقته الكاملة) وقام بعمل توكيل خاص لهم برقم 4536 لسنة 2006 حرف "ن" توثيق الأهرام النموذجي (بتاريخ 12/7/2006) وكل بموجبه المدعي المدعى عليهم من الأول إلى الثالث في بيع قطعة الأرض سالفة الذكر لأنفسهم أو للغير والتوقيع على عقود البيع النهائية أمام الشهر العقاري والتعامل مع جمعية 6 أكتوبر التعاونية لبناء المساكن لضباط القوات المسلحة والتعامل مع الأحياء وكافة الجهات الحكومية ...الخ". وبعد مدة من الزمن أكتشف الطالب الخدعة التي نصبها له شركائه المدعى عليهم من الأول حتى الثالث، إذ أنهم قاموا بالفعل ببيع أرض التداعي لشركة الوالي بثمن يربو على الـ 136 مليون جنيه أي بما يقرب من سبعة أضعاف السعر الذي أشتروها به وأخفوا ذلك الاتفاق عن المدعي (شريكهم في الصفقة على الشيوع) تدليساً منهم ليستأثروا بربح بيع تلك الأرض كلها من دونه، بل وأقنعوه بعدم إمكان بيعها والتنازل لهم عن نصيبه فيها بعمل ذلك التوكيل المنوه عنه، ليستأثروا هم بربح تلك الصفقة بالكامل وحرمان المدعي من حقه المشروع فيها، وتم ذلك بطريق التكتم على خبر الاتفاق على بيع أرض التداعي بذلك السعر المغر، وهذا غلط جوهري إذ لولاه ما أقدم المدعي على عمل التوكيل المذكور، كما أنه يعد تدليساً من المدعى عليهم من الأول حتى الثالث الذين كتموا عنه أمر الاتفاق على بيع أرض التداعي لشركة الوالي بسعر باهظ وهي حقيقة لو عملها المدعي ما أقدم بأي حال من الأحوال في عمل التوكيل المنوه عنه، وإذ تكشف ذلك الأمر للمدعي فقد طلب من المدعى عليهم من الأول إلى الثالث الحضور أمام مكتب التوثيق المختص لإلغاء التوكيل الخاص الصادر منه لهم حيث أنه توكيل خاص لصالحهم لا يجوز إلغائه إلا بموافقتهم وحضورهم أمام مكتب التوثيق المختص للإقرار بإلغائه إلا أنه ماطلوا وسوفوا واختلقوا الأعذار للامتناع عن المثول أمام مكتب الشهر العقاري المختص لإلغاء التوكيل سالف الذكر. مما يحق معه للطالب – والحال كذلك – إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بإبطال التوكيل المتقدم ذكره وعودة جميع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل إبرام ذلك التوكيل.

علماً بأنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "يجب التفرقة بين التصرف في حد ذاته وبين الدليل المعد لإثباته، فثبوت صحة التوقيع على الورقة العرفية لا يعنى صحة التصرف المثبت بها ولا يحول دون الطعن في التصرف القانوني - لا في الورقة - بالغلط أو التدليس أو الإكراه أو عدم مشروعية السبب أو بأي دفع موضوعي أو شكلي آخر". (نقض مدني في الطعن رقم 7155 لسنة 64 قضائية – جلسة 18/9/2004 المستحدث من أحكام النقض – صـ 3). ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على سند من صحيح القانون خليقة بالقبول وإجابة المدعي إلى طلباته فيها.

إبطال البيع أو تكملة الثمن:

تنص الفقرة الأولى من المادة 129 من القانون المدني على أنه: "إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الآخر، وتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الآخر قد أستغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً، جاز للقاضي بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات هذا المتعاقد".

كما تنص المادة 130 من القانون المدني على أن: "يراعى في تطبيق المادة السابقة عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود …".

ومن الأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود، ما نصت عليه القانون من أحكام خاصة بالغبن في عقد البيع. حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 425 من القانون المدني على أنه: " إذا بيع عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية أو كان في البيع غبن يزيد على الخمس، فللبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أرباع أخماس ثمن المثل".

الثمن التافه:

الثمن التافه هو الثمن الذي يصل من التفاهة إلي حد يبدو فيه البيع وكأنه بلا مقابل. وهو وإن كان يعتبر منعدماً شأنه كشأن الثمن الصوري إلا أن الفرق بينهما أن في الثمن الصوري يبدو الثمن متناسباً مع المبيع ولكن لا يدفعه المشتري للبائع، أما في حالة الثمن التافه فإن الثمن يكون حقيقياً وفقاً لما هو متفق عليه فعلاً، بل ومن الممكن أن يكون المشتري قد قام بتسليمه إلى البائع. ولكن العلة في عدم الاعتداد بالثمن التافه تكمن في أنه وعلى نحو ظاهر لا يتناسب مطلقاً مع قيمة المبيع فيكون التعاقد واردا على غير محل – الثمن - ويقع بالتالي باطلاً بطلاناً مطلقاً.

الثمن البخس:

الثمن البخس يعني "الغبن" بالمعنى المطلق لهذه الكلمة. والغبن بمعناه المطلق يعني عدم التعادل بين الأداءات المتقابلة. فهو عدم تعادل بين ما يعطي الشخص وبين ما يأخذ، مما يؤدي إلى اختلال التوازن العقدي الذي هو بحسب الأصل الهدف من التعاقد. والأصل أن عدم التوازن الذي يمكن أن يوصف بالغبن هو ذلك الخارج عن المألوف في المعاملات.

فالثمن البخس هو الثمن الذي يقل كثيراً عن قيمة المبيع، ولكنه لا ينزل إلى حد الثمن التافه الذي لا يعتد به ولا يهم البائع الحصول عليه. فالثمن البخس، خلافاً للثمن الصوري أو للثمن التافه، ثمن جدي كان الحصول عليه هو الباعث الدافع للبائع على الالتزام بنقل ملكية المبيع إلى المشتري، وهو لذلك يكفي لانعقاد البيع. غير أن انخفاض الثمن وعِظم التفاوت بينه وبين قيمة المبيع قد يكونان سبباً في جعل العقد قابلاً للإبطال، وهما في القانون المصري يخولان البائع في بعض الأحوال حق طلب زيادة الثمن إلى حد معين (المادة 425 مدني)، وفي أحوال أخرى حق طلب إبطال العقد أو زيادة الثمن أو نقص مقدار المبيع (المادة 129 مدني).

ويلاحظ أن المشرع المصري في الحالات الغبن سالفة الإشارة إليها أخذ بفكرة الغبن المادية، مما يعني عدم تطلب المشرع للركن المعنوي في الاستغلال. أي أن مجرد عدم التعادل بين الأداءات في هذه الحالات يكفي لتوقيع الجزاء الذي يرتبه المشرع بغض النظر عن ثبوت الضعف في الطرف المغبون وبدون حاجة إلى البحث عن مدى علم الطرف الآخر بهذا الضعف أو اتجاه إرادته إلى استغلاله. وعلى هذا النحو فإن الغبن في هذه الحالات لا يعتبر عيباً من عيوب الإرادة، وإنما يكون عيباً في العقد يؤخذ به حتى وإن كانت الإرادة سليمة وخالية من أي عيب. فالمعيار هنا يصبح معياراً مادياً بحتاً.

إبطال البيع أو تكملة الثمــن:

لكي يكون نقص الثمن فاحشاً بما يسمح للبائع برفع دعوى إبطال البيع أو تكملة الثمن على المشتري يجب أن يقل الثمن الذي تقاضاه البائع في عقد البيع عن القيمة الفعلية للعقار في وقت البيع بأكثر من الخمس.

فلو كان عقاراً قيمته وقت البيع مائة ألف جنيه فيجب لكي يُعد الغبن فاحشاً أن يقل الثمن عن أربعة أخماس هذا الثمن أي أقل من ثمانون ألفاً. أما إذا كان الثمن المتعاقد عليه ثمانون ألف جنيه أو أكثر، فلا يُعد هذا غبناً، ولا يحق للبائع رفع دعوى إبطال البيع أو تكملة الثمن. ومع ذلك فإن المشرع لم يتطلب تكملة الثمن بما يساوي قيمة المبيع وقت البيع، بل اكتفى بتكملة الثمن حتى أربعة أخماس القيمة الحقيقية للعقار، أي بإزالة حالة الغبن الفاحش التي قدر أنها تظهر عندما تقل قيمة البيع عن أربعة أخماس القيمة الحقيقية للعقار المبيع.

فإذا قضت المحكمة بإلزام المشتري بأداء ما نقص عن أربعة أخماس العقار للبائع، التزم المشتري بتكملة الثمن إلى الحد الذي قرره الحكم. فإذا امتنع المشتري اعتبر متخلفاً عن الوفاء بالتزامه التعاقدي الجوهري الذي استكمله الحكم القضائي الصادر في دعوى تكملة الثمن شأنه في ذلك شأن أي عقد بيع آخر يمتنع فيه المشترى عن سداد باقي الثمن، والجزاء واحد وهو حق البائع المتضرر في طلب الفسخ. وإذا قضى بفسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض (المادة 160 مدني) فيسترد البائع العقار إن كان قد سلمه للمشتري والتزم برد الثمن الذي تقاضاه ويسترد المشتري ما يكون قد دفعه من الثمن، ومع ذلك يبقى للبائع حق طلب التعويض عن فترة الانتفاع التي تمتع بها المشتري حتى استرداد المبيع أي ريع المبيع كتعويض عن حرمانه من الانتفاع بالمبيع طوال الفترة التي كان فيها تحت يد المشتري وحتى تاريخ رده للبائع.

لما كان ما تقدم، وكان المدعي والمدعى عليهم من الأول حتى الثالث قد اشتروا أرض التداعي بمبلغ يقارب العشرون مليوناً ثم أخرج المدعى عليهم الثلاثة الأول المدعي من حالة الملكية الشائعة في تلك الأرض ثم باعوها إلى شركة الوالي بمبلغ يربو على الـ 136 مليون، أي بما يقارب سبعة أضعاف المبلغ الذي اشتروها به وأخرجوا المدعي من شراكته فيها على أساس ذلك المبلغ البخس ثم باعوها بهذا المبلغ الباهظ في غضون أشهر قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة إن لم يكن الاتفاق بشأنها قد تم بالفعل قبل إخراج المدعي من تلك الشراكة، مما يحق معه – والحال كذلك – للمدعي المطالبة أصلياً بإبطال بيعه لأرض التداعي إلى المدعى عليهم الثلاثة الأول وذلك للغبن والاستغلال طبقاً لنص المادة 129 من القانون المدني؛ واحتياطياً تكملة ثمن أرض التداعي إلى أربعة أخماس الثمن الذي باعوها به إلى شركة الوالي والبالغ قدره 136 مليون جنيه طبقاً لنص المادة 425 من القانون المدني، ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على سند من صحيح القانون خليقة بالقبول وإجابة المدعي إلى طلباته فيها.

المُطالبة بفسخ عقد الوكالة:

من المسلم به قانوناً أنه يجوز إنهاء الوكالة عن طريق طلب فسخها إذا أخل أحد المتعاقدين بالتزاماته، وذلك طبقاً للقواعد العامة. كما يجوز للموكل طلب فسخ الوكالة أيضاً في الأحوال التي لا يجوز له فيها عزل الوكيل، أو إذا أراد مطالبته بالتعويض إلى جانب الفسخ. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" - للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري - الجزء السابع - المجلد الأول - طبعة 2006 القاهرة - بند 239 - صـ 544).

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 715 من القانون المدني على أنه "1- يجوز للموكل في أي وقت أن ينهى الوكالة أو يقيدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك ... 2- غير انه إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي فلا يجوز للموكل أن ينهى الوكالة أو يقيدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه"، يدل على أن إنهاء الوكالة في حالة ما إذا كانت صادرة لصالح الوكيل أو أجنبي لا يتم بالإرادة المنفردة للموكل بل لابد أن يشاركه في ذلك من صدرت لصالحه الوكالة وهو الوكيل في الحالة الأولى أو الأجنبي الذي صدرت الوكالة لصالحه في الحالة الثانية فإذا استقل الموكل بعزل الوكيل دون رضاء من صدرت لصالحه الوكالة فإن تصرفه لا يكون صحيحا ولا يتم العزل وتبقى الوكالة قائمة سارية رغم العزل وينصرف اثر تصرف الوكيل إلى الموكل". (نقض مدني في الطعن رقم 2218 لسنة 70 قضائية – جلسة 31/5/2001 المستحدث في قضاء النقض المدني صـ 271).

وهدياً بما تقدم، ولما كان لا يجوز عزل الوكيل بالإرادة المنفردة للموكل إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل على نحو ما نصت عليه المادة 715 وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض، وكان الوكيل لا يشارك الموكل في رغبته في إنهاء الوكالة، فلا مناص في مثل هذه الحالات من لجوء الموكل إلى القضاء بغية الحكم له بفسخ عقد الوكالة كما هو الحال في حالة دعوانا الماثلة، ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على سند صحيح من القانون خليقة بالقبول وإجابة المدعي إلى طلباته فيها بفسخ التوكيل الخاص رقم 4536 لسنة 2006 "ن" توثيق الأهرام النموذجي الصادر بتاريخ 12/7/2006 لصالح المدعى عليهم من الأول حتى الثالث.

الأثر المترتب على إبطال العقد أو فسخه:

تنص المادة 160 من القانون المدني على أنه: "إذا فُسِخَ العقد أُعيدَ المُتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 160 من القانون المدني يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يترتب على فسخ عقد البيع انحلال العقد بأثر رجعى منذ نشوئه بحيث تعود العين المبيعة إلى البائع - بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد". (نقض مدني في الطعن رقم 1458 لسنة 49 قضائية – جلسة 8/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 652).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إن المشرع وإن كان قد أجاز للمشترى - طبقاً للمادة 443 من القانون المدني - الرجوع على البائع له، في حالة استحقاق المبيع، بضمان الاستحقاق إلا أنه لم يمنعه من المطالبة بفسخ عقد البيع على أساس أن البائع قد أخل بالتزامه وهو ما أشارت إليه المادة السابق ذكرها بقولها "كل هذا ما لم يكن رجوع المشترى مبنيا على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله"، ومن مقتضى ذلك أنه في حالة القضاء بالفسخ تترتب الآثار التي نصت عليها المادة 160 من القانون المدني وهى أن يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد فيرد كل منهما ما تسلمه بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه". (نقض مدني في الطعن رقم 193 لسنة 34 قضائية – جلسة 15/8/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1500). ومن ثم يترتب على القضاء بإبطال العقد أو فسخه إعادة الحال بالمتعاقدين إلى ما كانا عليه قبل التعاقد.

المُطالبة بمحو وشطب مشهر:

لما كانت الفقرة الأولى من المادة التاسعة من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، تنص على أن: "جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية، أو نقله، أو تغييره، أو زواله وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك، يجب شهرها بطريق التسجيل ...".

كما تنص الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري سالف الذكر، على أن: "جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب كذلك تسجيلها، ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير".

كما تنص المادة الثانية عشر من ذات القانون على أن: "جميع التصرفات المنشأة لحق من الحقوق العينية العقارية التبعية أو المقررة لها، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق القيد، ويترتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير".

كما تنص المادة الخامسة عشر من القانون المذكور على أن: "يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجوداً أو صحة أو نفاذاً كدعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع، فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر تسجل تلك الدعاوى. ويجب كذلك تسجيل دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية العقارية أو التأشير بها على حسب الأحوال، كما يجب تسجيل دعاوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية. وتحصل التأشيرات والتسجيلات المشار إليها بعد إعلان صحيفة الدعوى وقيدها بجدول المحكمة".

كما تنص المادة السادسة عشر من ذات القانون على أن: يؤشر بمنطوق الحكم النهائي في الدعاوى المبينة بالمادة السابقة في ذيل التأشير بالدعوى أو في هامش تسجيلها. ويتم التأشير بالنسبة للأحكام الواجب تسجيلها عقب تسجيل هذه الأحكام".

كما تنص الفقرة الأولى من المادة السابعة عشر من ذات القانون على أنه: "يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة 15 أو التأشير بها أن حق المدعي إذا ما تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها".

ومفاد ما تقدم أن دعاوى البطلان والفسخ والإلغاء والرجوع المقامة ضد العقود واجبة التسجيل، يجب التأشير بها أو تسجيلها لأن هذه الدعاوى والإجراءات من شأنها أن تزيل أثر هذه العقود فوجب شهرها إما بالتأشير على هامش تسجيل العقد إذا كان العقد قد سجل، وإما بتسجيل صحيفة الدعوى إذا كان العقد لم يسجل، وكذلك دعاوى استحقاق أي حق من الحقوق العينية لأنها دعوى قد تكون نتيجتها الكشف عن أن صاحب الحق العيني هو غير الشخص الظاهر فوجب شهرها هي أيضاً، سواء بالتأشير على هامش تسجيل المحرر الذي يثبت الحق للمدعي عليه إذا كان هذا الحق موجوداً وسبق تسجيله، أو بتسجيل صحيفة الدعوى إذا كان المحرر غير موجود أو موجوداً ولكن لم يسبق تسجيله، ويترتب أثر تسجيل صحف تلك الدعاوى أو التأشير بها، وكذلك التأشير بالحكم الصادر فيها، من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها لا من تاريخ التأشير بالحكم الصادر فيها.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "التسجيل طبقاً لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري وهو نظام شخصي يجري وفقاً للأسماء لا بحسب العقارات وليست له حجية كاملة في ذاته فهو لا يُصحح العقود الباطلة أو يُكمل العقود الناقصة بل تتم إجراءاته بناء على طلب أصحاب الشأن أو من يقوم مقامهم على ضوء البيانات التي أوجبت المادة 22 من القانون اشتمال طلبات الشهر عليها ومنها البيانات الخاصة بالتكليف إذا كان موضوع المُحرر يقتضي تغييراً في دفاتره والبيانات المُتعلقة بأصل حق الملكية أو الحق العيني محل التصرف واسم المالك السابق أو صاحب الحق العيني وطريق انتقال الملكية أو الحق العيني فيه ورقم وتاريخ شهر عقد التمليك إن كان قد شهر والأوراق المُؤيدة للبيانات المذكورة، فإذا ما قامت مصلحة الشهر العقاري ببحث أصل الملكية أو الحق العيني في حدود هذه البيانات والأوراق المُؤيدة لها وانتهت بعد التحقق من صحتها إلى إجراء شهر المُحرر فإنها تكون قد أدت واجبها طبقاً للقانون ولو لم يترتب على هذا التسجيل انتقال الحق إلى طالب الشهر لعيب في سند ملكيته أو لكون المتصرف غير مالك للحق المتصرف فيه طالما أن الأوراق والمُستندات المُقدمة لا تنبئ عن العيب اللاحق لسند التمليك أو تشير إلى وقوع تصرف سابق على ذات الحق محل الشهر". (نقض مدني في الطعن رقم 541 لسنة 35 قضائية – جلسة 28/5/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 929).

ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن التسجيل طبقاً لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري هو نظام شخصي يجري وفقاً للأسماء لا بحسب العقارات وليست له حجية كاملة في ذاته فهو لا يُصحح العقود الباطلة ولا يُكمل العقود الناقصة بل تتم إجراءاته بناء على طلب أصحاب الشأن أو من يقوم مقامهم على ضوء البيانات التي أوجبت المادة 22 من هذا القانون اشتمال طلبات الشهر عليها ومنها البيانات المُتعلقة بأصل حق الملكية أو الحق العيني محل التصرف واسم المالك السابق أو صاحب الحق العيني وطريق انتقال الملكية أو الحق العيني إليه، ومتى قامت مصلحة الشهر العقاري ببحث أصل الملكية أو الحق العيني في حدود هذه البيانات والأوراق المُؤيدة لها فلا مسئولية عليها بأن هي اعتمدت هذه البيانات وتلك الأوراق وقامت بشهر المُحرر استناداً إليها ولو لم يترتب على التسجيل انتقال الحق إلى طالب الشهر لعيب في سند الملكية أو لكون المُتصرف غير مالك للحق المُتصرف فيه طالما أن الأوراق والمُستندات المُقدمة لا تنبئ عن العيب المانع من انتقال الحق". (الطعن رقم 1107 لسنة 51 قضائية – جلسة 30/6/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – صـ 847).

لما كان ذلك، وكان المدعي والمدعى عليهم من الأول حتى الثالث باعتبارهم مشترين لقطعة الأرض على المشاع فيما بينهم من الجمعية المعلن إليها الثامنة ولم يسجلوا عقد شرائهم لأرض التداعي، ومن ثم فلا يجوز للمدعى عليهم من الأول حتى الثالث تسجيل عقد شرائهم لتلك الأرض من الطالب بموجب ذلك التوكيل سالف الذكر، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "المقصود بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع المعروفة بدعوى صحة التعاقد هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المُشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فإن المُشتري لا يُجاب إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر له في الدعوى مُمكنين، ومن ثم فإذا ظهر للمحكمة من أوراق الدعوى أن الملكية لم تنتقل إلى البائع حتى تاريخ الفصل في الدعوى لأن عقد شرائه لم يُسجل وأن المشتري لم يختصم في دعواه البائع للبائع له ليطلب الحكم بصحة العقد الصادر منه إلى البائع للمشتري توطئة للحكم بصحة عقده هو حتى إذا ما سُجِلَ الحكم بصحة العقدين انتقلت الملكية إليه، فإنه لا يكون للمحكمة أن تُجيب المُشتري الأخير إلى طلبه وتكون دعواه بطلب صحة تعاقده قبل أن يسجل البائع له عقد شرائه غير مقبولة، ذلك أنه ما دامت الملكية لم تنتقل إلى البائع له فإن هذا البائع لا يستطيع نقلها إليه كما وأن الحكم للمشتري في هذه الحالة بصحة عقده لا يمكن أن يُحقق الغاية منه بسبب استحالة تسجيله قبل أن يسجل البائع له عقد شرائه وقد يمتنع من باع لهذا البائع عن القيام بالإجراءات اللازمة لهذا التسجيل ولا يكون في الإمكان إجباره على إنفاذ التزامه بذلك عن طريق رفع دعوى عليه بصحة التعاقد إذا تبين أن البيع الصادر منه غير صحيح أو غير واجب النفاذ بسبب قانوني". (نقض مدني في الطعن رقم 290 لسنة 32 قضائية جلسة 19/5/1966 مجموعة المكتب الفني - السنة 17 - صـ 1196).

ومن المقرر في قضاء النقض كذلك أن: "الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل، وأن المشترى لا يجاب إلى طلب الحكم بصحة عقده إلا إذا كان انتقال الملكية إليه ممكناً، وهو في حالة عدم تسجيل العقود الصادرة لمن باع له غير ممكن". (نقض مدني في الطعن رقم 496 لسنة 41 قضائية - جلسة 24/11/1975 - س 26 – صـ 1465).

ففي حالة عدم تسجيل المدعي لسند ملكيته للأعيان المبيعة فلا يمكنه نقل الملكية إلى المشترين منه بموجب التوكيل سالف الذكر، وبالتالي لا يجوز لهم تسجيل عقد شرائهم المزعوم هذا لأن الملكية لم تنتقل إلى البائع لهم حتى تنتقل منه إليهم، لأن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل وفقاً للمادة 9 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري، وما دام البائع لم يسجل عقد شرائه بعد فلا يجوز للمشتري منه تسجيل عقد شرائه لعدم تسجيل البائع لسند ملكيته، وإذا قام المشتري الثاني بتسجيل عقده رغم عدم تسجيل البائع له لسند ملكيته كان هذا التسجيل باطلاً حابط الأثر ولم يترتب على هذا التسجيل انتقال الحق لطالبي الشهر وفقاً لأحكام النقض سالفة الذكر، ومن ثم يكون طلب المدعي بمحو وشطب المشهر رقم 3307 لسنة 2006 شهر عقاري حلوان الوارد على أرض التداعي قد جاء على سند صحيح من القانون خليق بإجابته إليه.

لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "طلب شطب التسجيل المبني على أن طالبه يملك الأرض المُتنازع على ملكيتها يتضمن طلب الحكم بثبوت ملكيته لهذه الأرض". (نقض مدني في الطعن رقم 85 لسنة 33 قضائية – جلسة 15/2/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 304).

مع الأخذ في الاعتبار بأن: "الجمع بين دعوى الحيازة وبين المُطالبة بالحق. محظور. المادة 44 مرافعات. دعاوى الحيازة. مقصودها. طلب تثبيت الملكية وكف المُنازعة ومنع التعرض عدم اعتباره بمثابة جمع بين دعوى الحق ودعوى الحيازة". (نقض مدني في الطعن رقم 1689 لسنة 54 قضائية – جلسة 7/1/1988).

لذا يحق للمدعي المطالبة بمحو وشطب المشهر سالف الذكر؛ مع تثبيت ملكيته لأرض التداعي مع إلزام المدعى عليهم من الأول حتى الثالث بكف مُنازعتهم ومنع تعرضهم هم والغير له في ملكيته وانتفاعه بحصته في أرض التداعي.

وعليه تكون الدعوى الماثلة – بجميع طلباتها – قد جاءت على سند من صحيح القانون خليقة بالقبول والقضاء للطالب بطلباته فيها.

العبرة بالطلبات الختامية:

تنص المادة 123 من قانون المُرافعات على أن: "تقدم الطلبات العارضة من المُدعي أو من المُدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المُعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يُقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المُرافعة".

كما تنص المادة 124 مرافعات على أنه: "للمُدعي أن يُقدم من الطلبات العارضة:

- ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى.

- ما يكون مُكملاً للطلب الأصلي أو مُترتباً عليه أو مُتصلاً به اتصالاً لا يقبل التجزئة.

- ما يتضمن إضافة أو تغييراً في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله ...".

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبوه على وجه صريح وجازم، وتتقيد المحكمة بطلباتهم الختامية، بحيث إذا أغفل المدعى في مذكراته الختامية - التي حدد فيها طلباته تحديداً جامعاً - بعض الطلبات التي كان قد أوردها في صحيفة افتتاح الدعوى، فإن فصل المحكمة في هذه الطلبات الأخيرة يكون قضاء بما لم يطلبه الخصوم". (نقض مدني في الطعن رقم 128 لسنة 48 قضائية – جلسة 26/1/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 331).

وأن: "العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى لا بالطلبات السابقة عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 2469 لسنة 57 قضائية – جلسة 16/5/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1129 – فقرة 7. وفي الطعن رقم 459 لسنة 64 قضائية – جلسة 24/5/1999).

وأن: "للخصوم أن يقدموا طلباتهم الختامية وأوجه دفاعهم بالشكل الذي يريدونه، شفاهاً أو كتابة أو بهما معا". (نقض مدني في الطعن رقم 43 لسنة 33 قضائية – جلسة 23/3/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 666).

لذا يتشرف المدعي بالتقدم بطلباته الختامية في الدعوى الماثلة إلى عدالة المحكمة الموقرة على نحو ما سيرد بالطلبات الختامية في نهاية المذكرة الماثلة.

الرد على مزاعم المدعى عليهم الثلاثة الأول:

زعم المدعى عليهم الثلاثة الأول بمذكرة دفاعهم المقدمة لعدالة المحكمة الموقرة بجلسة 16/2/2008 أن المدعي استلم كامل حقوقه على أرض التداعي محل الوكالة الخاصة واستندوا في ذلك إلى إقرار منسوب صدوره للمدعي وزعموا أنه مرفوع بشأنه دعوى صحة توقيع المدعي على هذا الإقرار.

من جانبنا، نتشرف بأن نقدم لعدالة المحكمة الموقرة إقراراً وتعهداً من المدعى عليهم الثلاثة الأول (غير مؤرخ) وصادر في تاريخ لاحق لتاريخ عمل التوكيلات الخاصة موضوع الدعوى الماثلة، وقد أقر وتعهد فيه المدعى عليهم الثلاثة الأول بسداد كافة المبالغ المستحقة للمدعي وفي حالة عدم وفائهم بهذا الالتزام يعتبر الإقرار الموقع من المدعي (والسالف الإشارة إليه) في تاريخ 12/7/2006 والمتضمن بأنه قام باستلام كافة مستحقاته وثمن الأرض موضوع الإقرار لاغياً من تلقاء نفسه. وكذلك تعد جميع المحررات العرفية والتوكيلات الخاصة التي صدرت لنا (للمقرين المتعهدين المدعى عليهم الثلاثة الأول) بتاريخ 12/7/2006 تعد لاغية ولا يجوز التصرف بموجبها ويعد باطلاً أي تصرف من شأنه أن ينقل الملكية ... وعلى القاضي أن يحكم بإلغاء وبطلان التصرفات التي تمت بموجب هذه التوكيلات وشطب ومحو ما ترتب على استخدامها. كما يعتبر الاتفاق المؤرخ في 5/7/2006 ومحضر جلسة التحكيم العرفي المؤرخ في 11/7/2006 لاغيان ونلتزم بدفع قيمة الشرط الجزاء المنصوص عليه في هذين المحررين بالإضافة إلى التعويضات اللازمة ...إلى آخر ما جاء بهذا الإقرار والتعهد.

هذا، وقد صدر لصالح المدعي حكماً قضائياً نهائياً وباتاً وحائزاً لقوة وحجية الأمر المقضي به، في خصوص صحة توقيع المدعى عليهم الثلاثة الأول على الإقرار والتعهد المتقدم ذكره، وذلك بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1418 لسنة 2007 من محكمة الدقي الجزئية بجلسة يوم الأربعاء الموافق 20/2/2008 والقاضي في منطوقه: "بصحة توقيع المدعى عليهما الأول والثاني على الإقرار غير المؤرخ، وألزمت المدعى عليهما الأول والثاني المصاريف ومبلغ خمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة".

لما كان ذلك، وكان من المُقرر قانوناً طبقاً لنص المادة الأولى من قانون الإثبات إنه على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه، وكان المدعي قد أثبت بالدليل القاطع أن المدعى عليهم الثلاثة الأول قد التزموا بسداد كافة المبالغ المستحقة له، واتفقوا على الجزاء الذي يوقع عليهم في حالة عدم وفائهم بالتزامهم هذا. ولم يقوموا بسداد المديونية التي عليهم ولم يثبتوا أو حتى يزعموا أنهم سددوها، ومن ثم فإنه – ووفقاً للإقرار والتعهد الموقع منهم – يعتبر الإقرار الموقع من المدعي في تاريخ 12/7/2006 والمتضمن بأنه قام باستلام كافة مستحقاته وثمن الأرض موضوع الإقرار لاغياً من تلقاء نفسه. وكذلك تعد جميع المحررات العرفية والتوكيلات الخاصة التي صدرت للمقرين المتعهدين المدعى عليهم الثلاثة الأول بتاريخ 12/7/2006 تعد لاغية ولا يجوز التصرف بموجبها ويعد باطلاً أي تصرف من شأنه أن ينقل الملكية ... وعلى القاضي أن يحكم بإلغاء وبطلان التصرفات التي تمت بموجب هذه التوكيلات وشطب ومحو ما ترتب على استخدامها. كما يعتبر الاتفاق المؤرخ في 5/7/2006 ومحضر جلسة التحكيم العرفي المؤرخ في 11/7/2006 لاغيان وفقاً للإقرار والتعهد الصادر من المدعى عليهم الثلاثة الأول والمقضي بصحة توقيعهم عليه. وذلك طبقاً أيضاً لنص الفقرة الأولى من المادة 147 من القانون المدني التي تنص على أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين.

ومن ثم تكون مزاعم المدعى عليهم الثلاثة الأول الواردة بمذكرة دفاعهم المقدمة لعدالة المحكمة بجلسة 16/2/2008 المنوه عنها، قد جاءت على غير سند من القانون جديرة بالالتفات عنها بالكلية، وهو ما يطالب به المدعي على سبيل الجزم واليقين.

الطلبات الختامية

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، يلتمس المدعي الحكم له بطلباته الختامية التالية:

بصفة أصلية:

بإبطال عقد الوكالة المسجل برقم 4536 لسنة 2006 حرف "ن" توثيق الأهرام النموذجي (بتاريخ 12/7/2006) مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعادة الطرفين الموكل والوكلاء إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد.

وبصفة احتياطية:

بفسخ عقد الوكالة المسجل برقم 4536 لسنة 2006 حرف "ن" توثيق الأهرام النموذجي (بتاريخ 12/7/2006) مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعادة الطرفين الموكل والوكلاء إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد؛

وعلى سبيل الاحتياط الكلي:

بتكملة ثمن الأرض المبيعة من المدعي للمدعى عليهم الثلاثة الأُول إلى أربع أخماس ثمن المثل الذي باعوا به إلى شركة الوالي بسعر يربو على مبلغ 136 مليون جنيه.

وفي جميع الأحوال:

1. بمحو وشطب المُشهر رقم 3307 لسنة 2006 شهر عقاري حلوان مع ما يترتب على ذلك من آثار؛

2. بتثبيت ملكية الطالب لحصته الشائعة في أرض التداعي المبينة بصدر صحيفة الدعوى؛

3. وبعدم نفاذ التصرفات التي أبرمها المدعى عليهم من الأول حتى الثالث بشأن كامل أرض التداعي في مواجهة المدعي؛

4. بإلزام المدعى عليهم الثلاثة الأُول برد أرض التداعي للمدعي وتسليمها له بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد؛

5. بكف مُنازعة المدعى عليهم من الأول حتى الثالث ومنع تعرضهم هم والغير للمدعي في ملكيته وانتفاعه بحصته في أرض التداعي؛

6. بإلزام المدعى عليهم الثلاثة الأُول متضامنين بأداء ريع تلك الأرض إلى المدعي اعتباراً من تاريخ وضع يدهم عليها وحتى تاريخ إعادة تسليمها إليه (بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد) رضاءاً أو قضاءاً.

7. بإلزام المدعى عليهم من الأول حتى الثالث – في مواجهة باقي المدعى عليهم – بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة، بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة.

مع حفظ كافة حقوق المدعي الأخرى أياً ما كانت،،،

مذكرة دفاع في دعوى تعويض

مذكرة دفاع في دعوى تعويض

محكمة استئناف القاهرة

الدائرة 7 تجاري

مذكرة ختامية

بدفاع/ ................. بصفته رئيس مجلس إدارة شركة ................. انترناشيونال. (مستأنف)

ضد

السيد/ ..................... بصفته العضو المنتدب لشركة ................ للصناعات الدوائية والمستحضرات التشخيصية (.................). (مُستأنف ضده)

في الاستئناف رقم 3203 لسنة 122 قضائية "استئناف القاهرة"، والمنضم للاستئناف رقم 3162 لسنة 122 قضائية "استئناف القاهرة، والمُحدد لنظرهما معاً جلسة يوم ........................................ المُوافق .................../ .................../2009م للمرافعة.

أولاً- الوقائع

نستأذن عدالة المحكمة الموقرة في الإحالة فيما يخص وقائع الاستئناف الماثل إلى ما جاء بصحيفة افتتاح الدعوى المستأنف حكمها، وإلى صحيفة الاستئناف الماثل، وإلى تقارير الخبراء المودعة بها والأحكام الصادرة فيها وكذا إلى أوجه دفاعنا ودفوعنا الثابتة بمذكراتنا وبحوافظ مستنداتنا وبمحاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة أو عدالة محكمة الاستئناف أو بمحاضر أعمال الخبراء، منعاً من التكرار وحِفاظاً على ثمين وقت عدالة المحكمة.

ثانياً- الدفاع

في مستهل دفاعنا نتمسك ونصمم على جميع ما جاء بصحيفة افتتاح الدعوى المستأنف حكمها، وإلى صحيفة الاستئناف الماثل، وإلى تقارير الخبراء المودعة بها والأحكام الصادرة فيها وكذا إلى أوجه دفاعنا ودفوعنا الثابتة بمذكراتنا وبحوافظ مستنداتنا وبمحاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة أو عدالة محكمة الاستئناف (لا سيما مذكرات الدفاع المقدمة منا بجلسة 1/2/2009، وكذا المقدمة منا أثناء حجز الاستئنافين للحكم لجلسة 9/6/2009 مع التصريح بمذكرات) وكذا الثابت منها بمحاضر أعمال الخبراء، ونعتبرها جميعها جزء لا يتجزأ من دفاعنا الراهن. ونضيف إلى ما سبق ما يلي:

التعويض عن المسئولية العقدية والتقصيرية:

من المُسلم به أن المسئولية العقدية تقابل المسئولية التقصيرية. فالأولى جزاء العقد، والثانية جزاء العمل غير المشروع. وقيام المسئولية العقدية يفترض أن هناك عقداً صحيحاً واجب التنفيذ لم يقم المدين بتنفيذه، ففي هذه الحالة تقول الفقرة الأولى من المادة 199 من القانون المدني: "يُنفذ الالتزام جبراً على المدين". وتقول الفقرة الأولى من المادة 203 من ذات القانون: "يُجبر المدين بعد إعذاره طبقاً للمادتين 219 و 220 على تنفيذ التزامه عينياً متى كان ذلك مُمكناً". فإذا أمكن التنفيذ العيني – وطلبه الدائن – أجبر المدين عليه. وإلى هنا لا تقوم المسئولية إذ نحن بصدد التنفيذ العيني للالتزام لا في صدد التعويض عن عدم تنفيذه. أما إذا لم يُمكن التنفيذ العيني. ففي هذه الحالة لا يسع القاضي إلا أن يحكم بالتعويض، جزاء عدم تنفيذ الالتزام. وهنا تقوم المسئولية العقدية.

وأركان المسئولية العقدية هي: الخطأ العقدي والضرر وعلاقة السببية.

1- الخطأ العقدي:

والخطأ العقدي هو "عدم تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد". فإذا لم يقم المدين في العقد بالتزامه كان هذا هو الخطأ العقدي.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ خص المشرع المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلا منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل من المسئوليتين في تقنينه موضوعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى فقد أفصح بذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين، فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد، فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد، سواء عند تنفيذه صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة، لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني، إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد". (نقض مدني في الطعن رقم 268 لسنة 47 قضائية – جلسة 27/1/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – جزء رقم 1 – صـ 355 – فقرة 1).

وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة كما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة إلا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذي لحق بأحد العاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق به في حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد وأن استخلاص عناصر الغش وتقدير ما يثبت به من عدمه في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض عليها في ذلك ما دامت الوقائع تسمح به". (نقض مدني في الطعن رقم 3284 لسنة 54 قضائية – جلسة 4/4/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 917 – فقرة 4).

2- الضرر:

والضرر قد يكون مادياً يصيب المضرور في جسمه أو في ماله، وقد يكون أدبياً يصيب المضرور في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه أو أي معنى آخر من المعاني التي يحرص الناس عليها.

3- علاقة السببية:

وعلاقة السببية ما بين الخطأ والضرر معناها أن توجد علاقة مباشرة ما بين الخطأ الذي أرتكبه المسئول والضرر الذي أصاب المضرور. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" للدكتور/ عبد الرازق أحمد السنهوري الجزء الأول: "مصادر الالتزامات" المُجلد الثاني: "العمل الضار والإثراء بلا سبب والقانون" الطبعة الثالثة 1981 القاهرة بند 524 – صـ 1078 وما بعدها).

تقدير التعويض:

وتنص المادة 170 من القانون المدني على أن: "يُقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 و 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة ...".

وتنص الفقرة الأولى من المادة 221 من القانون المدني على أنه: "إذا لم يكن التعويض مُقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يُقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به، ويُعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول".

وتنص الفقرة الأولى من المادة 222 من القانون المدني على أن: "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً ...".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الضرر ركن من أركان المسئولية، وثبوته شرط لازم لقيامها، وللقضاء تبعاً لذلك بالتعويض، يستوي في إيجاب التعويض أن يكون هذا الضرر مادياً أو أدبياً، ولا يقصد بالتعويض عن الضرر الأدبي محو هذا الضرر وإزالته من الوجود، إذ هو نوع من الضرر لا يمحى ولا يزول بتعويض مادي، ولكن يقصد بالتعويض أن يستحدث المضرور لنفسه بديلاً عما أصابه من الضرر الأدبي، فالخسارة لا تزول ولكن يقوم إلى جانبها كسب يعوض عنها، وليس هناك معيار لحصر أحوال التعويض عن الضرر الأدبي، إذ كل ضرر يؤذي الإنسان في شرفه واعتباره أو يصيب عاطفته وإحساسه ومشاعره يصلح أن يكون محلاً للتعويض، فيندرج في ذلك: العدوان على حق ثابت للمضرور، كالاعتداء على حق الملكية، ولذا فإن إتلاف سيارة مملوكة للمضرور ويتخذها وسيلة لكسب الرزق والعيش يعتبر عدواناً على حق الملكية وحرماناً من ثمرته من شأنه أن يحدث لصاحب هذا الحق حزناً وغماً وأسى وهذا هو الضرر الأدبي الذي يسوغ التعويض عنه". (نقض مدني في الطعن رقم 308 لسنة 58 قضائية – جلسة 15 مارس 1990).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "الأصل في المسائل المدنية أن التعويض يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي، على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون مواسياً للمضرور ويكفل رد اعتباره". (نقض مدني في الطعن رقم 1368 لسنة 50 قضائية – جلسة 8/1/1985).

التعويض عن تفويت الفرصة (ضمن تعويض الضرر المادي):

من المسلم به أنه إذا كانت الفرصة أمراً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق يجيز للمضرور أن يطالب بالتعويض عنها، ولا يمنع القانون من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل في الحصول عليه من كسب من وراء تحقق هذه الفرصة، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الأمل قائماً على أسباب مقبولة من شأنها طبقاً للمجرى الطبيعي للأمور ترجيح كسب فوته عليه العمل الضار غير المشروع، وليس في القانون ما يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب ما دام لهذا الأمل أسباب مقبولة.

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذا كان الحرمان من الفرصة حتى فواتها هو ضرر مُحقق ولو كانت الإفادة منها أمراً محتملاً، وكان الثابت أن الطاعنين أقاموا الدعوى بطلب التعويض عن الضرر المادي الناشئ عن امتناع المطعون ضده عن طبع مؤلفهم وحبس أصوله عنهم خلال السنوات المقام بشأنها الدعوى، بما ضيع عليهم فرصة تسويقه خلال تلك المدة وهو ضرر محقق، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب التعويض على سند من أن هذا الضرر احتمالي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 837 لسنة 52 قضائية – جلسة 14/3/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 403).

التزام المقاول بالمحافظة على الأشياء المسلمة له:

تنص الفقرة الأولى من المادة 649 من القانون المدني على أنه: "إذا كان رب العمل هو الذي قدم المادة، فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها وأن يؤدي حساباً لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقي منها، فإذا صار شيء من هذه المادة غير صالح للاستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية، التزم برد قيمة هذا الشيء لرب العمل".

فالمقاول يلتزم بالمحافظة على الأشياء المسلمة إليه من رب العمل لاستخدامها في العمل، سواء كانت هذه الأشياء قيمية أو مثلية. وهذا الالتزام يتطلب منه أن يحرص عليها، بأن يتخذ الإجراءات والاحتياطات الكفيلة بمنع تلفها أو ضياعها. وإذا احتاج حفظ هذه الأشياء إلى نفقات، فإن المقاول يتحملها ولا يجوز له أن يرجع بها على رب العمل، لأنها تعتبر جزء من النفقات العامة التي عليه أن يراعيها عند تحديد أجره. فإذا قصر المقاول في الوفاء بهذا الالتزام، وترتب على ذلك تلف الأشياء المسلمة إليه من رب العمل، أو أصبحت غير صالحة لاستخدامها، أو ضاعت أو سرقت، فإن المقاول يكون مسئولاً عن ذلك، ويلتزم بأن يرد قيمة هذه الأشياء إلى رب العمل، وفضلاً عن ذلك يلتزم بتعويضه وفقاً للقواعد العامة في المسئولية العقدية. (المرجع: "شرح أحكام عقد المقاولة" – للدكتور/ محمد لبيب شنب – طبعة 1962 القاهرة – بند 78 – صـ 96 وما بعدها).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الاستئناف الماثل يتضح جلياً لعدالة المحكمة الموقرة، وعلى ما أثبته تقرير الخبراء رقم 226 لسنة 2006 المودع بملف الاستئناف الماثل، في الصفحة 31 منه: "لذلك نرى عدم أحقية المستأنف (شركة .................) في تمسكه بالبند الرابع من العقد (عقد الاتفاق سند الدعوى الماثلة)، وعليه فإن الشركة المستأنفة (شركة .................) تكون قد أخلت بالتزاماتها تجاه الشركة المستأنف ضدها (شركة .................)، حيث لم تقم بتعبئة الأصناف محل الدعوى بطريقة مُحكمة، وعدم إحكام لحام الأكياس، وأن الشركة المستأنفة (شركة .................) لم تقم بعمل التحليلات اللازمة أو إعداد شهادات تحليل تفيد تحليل مواد التعبئة والتغليف والبضاعة تامة الصنع أو إخطار الشركة المستأنف ضدها بها أو تسليم الشركة المستأنف ضدها (شركة .................) عينات التشغيل التي تم إنتاجها، وهو ما لم تقم به جميعه الشركة المستأنفة (شركة .................) ولم تقدم أية مستندات تثبت ذلك، ولم تقدم ما يفيد تنفيذ ما ورد بالبند السادس من العقد (سند الدعوى الماثلة). وعليه فإن اللجنة (لجنة الخبراء) ترى أن الشركة المستأنفة (شركة .................) لم تقم بتنفيذ التزامها التعاقدي تجاه الشركة المستأنف ضدها (شركة .................)، مما تسبب في تلف المستحضرات التي قامت بتعبئتها للمستأنف ضدها لعدم إحكام الأكياس المعبأة للمستحضر.

لما كان ذلك، وكانت أركان المسئولية قد تحققت جميعها في حق شركة ................. (المستأنف ضدها في الاستئناف 3203 لسنة 112 قضائية) من خطأ عقدي وفعل غير مشروع وضرر حاق بالشركة المستأنف (شركة .................) وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر.

وإذ قدرت الشركة المستأنفة (شركة .................) التعويضات الجابرة لتلك الأضرار على النحو التالي:

· ما لحقه من خسارة:

- قيمة العبوات الفاسدة 222558 جم

- دعاية وإعلان 150000 جم

- قيمة إجمالي إعادة الحملة الإعلانية 150000 جم

- عمولات ومرتبات وتكاليف نقل 200000 جم

- فقدان التدفق النقدي 400000 جم

· ما فاته من كسب:

- تحقيق مبيعات 4000000 جم

- كسب صافي من جملة المبيعات 1200000 جم

· الضرر الأدبي:

- بالإساءة إلى سمعته التجارية 2000000 جم

* فيكون إجمالي مبلغ التعويض هو = 7022558 جم

التعليق على تقرير لجنة الخبراء الثلاثية:

- تركت لجنة الخبراء الثلاثية أمر تقدير وحساب التدفق النقدي والتعويض الجابر للأضرار الأدبية، الذي طالبت بهما الشركة المستأنفة (شركة .................)، إلى عدالة المحكمة الموقرة. ونذكر هنا بما سبق وأن أشرنا إليه من أن المتواتر في قضاء النقض أن: "الأصل في المسائل المدنية أن التعويض يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي، على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون مواسياً للمضرور ويكفل رد اعتباره". (نقض مدني في الطعن رقم 1368 لسنة 50 قضائية – جلسة 8/1/1985). لذا ينبغي عند تقدير التعويض عن الضرر الأدبي في دعوانا الماثلة مراعاة الآتي:

1. مراعاة أن يكون مواسياً للمضرور، ويكفل رد اعتباره.

2. مراعاة مدى الإساءة التي حاقت بسمعة الشركة المضرورة.

3. مراعاة مدى الإساءة التي لحقت بسمعة المنتجات موضوع الدعوى الماثلة.

4. مراعاة مدى تأثر الأصناف الأخرى (غير موضوع الدعوى الماثلة) بسبب انهيار الثقة في الشركة المضرورة ومنتجاتها.

5. مراعاة انهيار ثقة العملاء والأطباء والصيادلة والبنوك في الشركة المضرورة وكافة منتجاتها وتعاملاتها.

6. مراعاة المركز العلمي والأكاديمي والاجتماعي لرئيس مجلس إدارة الشركة المضرورة (شركة .................) وهو عناية الأستاذ الدكتور/ ................ وهو أستاذ جامعي يحاضر ويدرس مادة ومُقرر "تخطيط وتسويق الأدوية" لطلاب البكالوريوس بجامعة عين شمس وهي من أعرق الجامعات المصرية. ومدى الإساءة التي لحقت وحاقت بسمعته من جراء إلصاق فضيحة طرح منتجات فساده وغير صالحة للاستخدام الآدمي في سوق الدواء المصري ونسبت تلك الفضيحة إليه.

7. مراعاة ما لحق بالشركة المضرورة وبرئيس مجلس إدارتها من جراء تحريك الدعوى الجنائية ضده (وضد الشركة باعتبارها مسئولة عن الحقوق المدنية) بتهمة مخلة بالشرف بل وتضر بالأمن العام للبلد بأسره من جراء فضيحة طرح أدوية فسادة وغير صالحة للاستخدام، نتيجة فعل الشركة المستأنف ضدها (.................).

8. مراعاة المعاناة والأسى والضيق والغم والهم والحزن الذي حاق وأثر على جميع العاملين بالشركة المضرورة من جراء فضيحة بيع أدوية فسادة وغير صالحة للاستخدام نتيجة فعل الشركة المستأنف ضدها (.................).

- أثبتت لجنة الخبراء أن الحاضر عن شركة ................. قدم شهادة رسمية صادرة من بنك مصر/إيران للتنمية (لم تعترض عليها شركة .................)، وثابت فيها أن قيمة الفوائد والعمولات التي تكبدتها شركة ................. خلال الفترة من عام 2005 وحتى 30/4/2007 بمبلغ وقدره 3587616.47جم (فقط ثلاثة ملايين وخمسمائة وسبعة وثمانون ألف وستمائة وستة عشر جنيهاً وسبعة وأربعون قرشاً لا غير). إلا أن لجنة الخبراء استطردت بعد ذلك إلى القول بأن شركة ................. لم تقدم ما يفيد ارتباط هذه الفوائد والعمولات بالعقد موضوع الدعوى؟!! فكيف يريد الخبير إثبات ارتباط تلك الفوائد والعمولات بالعقد موضوع الدعوى؟!! إن عقود القروض مع البنوك تهتم وتركز على ضمانات وكفالات سدادها وليس المشاريع التي سيتم تنفيذها بتلك الأموال المقترضة، فيكون الخبير – والحال كذلك – قد طلب المستحيل وغير المتصور، فضلاً عن أن شركة ................. نفسها لم تعترض على تلك المبالغ وكما قررت لجنة الخبراء نفسها ذلك؟!!

- قررت لجنة الخبراء أن الأضرار المادية التي أصابت شركة ................. نتيجة إخلال شركة ................. بالتزاماتها التعاقدية وأفعالها غير المشروعة تبلغ مبلغاً وقدره 1610081.50جم (مليون وستمائة وعشرة ألف وواحد وثمانون جنيه وخمسون قرشاً).

- لما كان الثابت من أوراق الدعوى، وفي تقرير لجنة الخبراء ذاته، أن قيمة العبوات الفاسدة تقدر قيمتها بمبلغ 222558جم (مائتان واثنان وعشرون ألف وخمسمائة وثمانية وخمسون جنيهاً)، وأن قيمة المبيعات في حال تسويق المنتج تقدر بمبلغ 4000000جم (أربعة ملايين جنيه)، وأن الربح الصافي الربح من ناتج قيمة المبيعات يقدر بمبلغ 1200000جم (مليون ومائتي ألف جنيه)، وناتج جمع تلك المبالغ المذكورة يقارب مبلغ خمسة ملايين وخمسمائة ألف جنيه. إلا أن لجنة الخبراء عندما قدرت مبلغ تعويض لشركة ................. عما فاتها من كسب، بقولها بالحرف الواحد (في صـ 37 من التقرير): "... نرى تقدير نسبة 10% عما فاتها من كسب من مبلغ 222558جم (وهي قيمة العبوات الفاسدة فقط) أي بقيمة 222558 x 10% = 22256.50جم"؟؟!!!! فما هو سند وأساس حساب التعويض عما فاته من كسب والتعويض عن فوات الفرصة بعدم تسويق المنتج بنسبة 10% من قيمة العبوات الفاسدة فقط؟!! على الرغم من أن المُقرر في قضاء النقض – وعلى ما سلف بيانه – أنه: "إذا كان الحرمان من الفرصة حتى فواتها هو ضرر مُحقق ولو كانت الإفادة منها أمراً محتملاً، وكان الثابت أن الطاعنين أقاموا الدعوى بطلب التعويض عن الضرر المادي الناشئ عن امتناع المطعون ضده عن طبع مؤلفهم وحبس أصوله عنهم خلال السنوات المقام بشأنها الدعوى، بما ضيع عليهم فرصة تسويقه خلال تلك المدة وهو ضرر محقق، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب التعويض على سند من أن هذا الضرر احتمالي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 837 لسنة 52 قضائية – جلسة 14/3/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 403). ومن ثم ينبغي التعويض عن كامل الضرر وليس فقط عن نسبة 10% منه كما فعل الخبير.

- ومما يؤكد ما تقدم في البند السابق، أن الفقرة الأولى من المادة 649 من القانون المدني والتي تنص على أنه: "إذا كان رب العمل هو الذي قدم المادة، فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها وأن يؤدي حساباً لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقي منها، فإذا صار شيء من هذه المادة غير صالح للاستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية، التزم برد قيمة هذا الشيء لرب العمل". ولما كان دفاع شركة ................. قد أقر بتكييف العقد موضوع الدعوى الماثلة بأنه "عقد مقاولة"، ولما كان المقاول – كما سلف القول – يلتزم بالمحافظة على الأشياء المسلمة إليه من رب العمل لاستخدامها في العمل، وهذا الالتزام يتطلب منه أن يحرص عليها، فإذا قصر المقاول في الوفاء بهذا الالتزام، وترتب على ذلك تلف الأشياء المسلمة إليه من رب العمل أو أصبحت غير صالحة لاستخدامها، فإن المقاول يكون مسئولاً عن ذلك، ويلتزم بأن يرد قيمة هذه الأشياء إلى رب العمل، وفضلاً عن ذلك يلتزم بتعويضه وفقاً للقواعد العامة في المسئولية العقدية. والتعويض – وفقاً للقواعد العامة يكون عن كامل الضرر وليس عن نسبة 10% منه كما فعل الخبير.

- فضلاً عن إغفال الخبير للعديد من الأوراق والمستندات المثبتة لحق شركة ................. في كامل التعويض الذي تطالب به.

- كما نتمسك في الختام بجميع الاعتراضات السابق إبداؤها منا على تقرير الخبراء في كافة مذكرات دفاعنا (لا سيما مذكرتنا المقدمة بجلسة 23/5/2004)، وكذا حوافظ مستنداتنا (لا سيما في جلستي 3/10/1999 و 4/10/2003)، وكذا الثابت منها بمحاضر جلسات المحكمة ومحاضر أعمال الخبراء دون أن نتنازل عن أياً منها ونعتبرها جميعها جزء لا يتجزأ من دفاعنا واعتراضنا على تقرير الخبراء الماثل.

الرد على مزاعم شركة .................:

لقد تكفل تقرير لجنة الخبراء المودع بملف الاستئنافين الماثلين بتفنيد والرد على جميع مزاعم شركة .................، حيث أثبت ذلك التقرير في نتيجته النهائية: "تبين أن الشركة المستأنفة (شركة .................) قد أخلت بالتزاماتها تجاه الشركة المستأنف ضدها (شركة .................)، على النحو المبين بتقريرنا". كما جاء في صفحة 31 من ذلك التقرير ما يلي:

"لذلك نرى عدم أحقية المستأنف (شركة .................) في تمسكه بالبند الرابع من العقد (عقد الاتفاق سند الدعوى الماثلة)، وعليه فإن الشركة المستأنفة (شركة .................) تكون قد أخلت بالتزاماتها تجاه الشركة المستأنف ضدها (شركة .................)، حيث لم تقم بتعبئة الأصناف محل الدعوى بطريقة مُحكمة، وعدم إحكام لحام الأكياس، وأن الشركة المستأنفة (شركة .................) لم تقم بعمل التحليلات اللازمة أو إعداد شهادات تحليل تفيد تحليل مواد التعبئة والتغليف والبضاعة تامة الصنع أو إخطار الشركة المستأنف ضدها بها أو تسليم الشركة المستأنف ضدها (شركة .................) عينات التشغيل التي تم إنتاجها، وهو ما لم تقم به جميعه الشركة المستأنفة (شركة .................) ولم تقدم أية مستندات تثبت ذلك، ولم تقدم ما يفيد تنفيذ ما ورد بالبند السادس من العقد (سند الدعوى الماثلة). وعليه فإن اللجنة (لجنة الخبراء) ترى أن الشركة المستأنفة (شركة .................) لم تقم بتنفيذ التزامها التعاقدي تجاه الشركة المستأنف ضدها (شركة .................)، مما تسبب في تلف المستحضرات التي قامت بتعبئتها للمستأنف ضدها لعدم إحكام الأكياس المعبأة للمستحضر.

ومن ثم، تكون دعوى شركة ................. قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقة بالرفض، وهو ما تطلب به شركة ................. على سبيل الجزم اليقين.

مزاعم شركة ................. بضرورة الإعذار:

زعم دفاع الشركة المستأنف ضدها في مذكرة دفاعه المعلنة للشركة المستأنفة أثناء حجز هذا الاستئناف الماثل للحكم (لجلسة 9/6/2009)، والتي دفع فيها بعدم قبول طلبات الشركة المستأنفة لعدم سبقها بالإعذار الذي زعم أنه مشترط قانوناً. وهذا الزعم مردود عليه بما يلي:

لما كانت المادة 218 مدني تنص على أنه: "لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين، ما لم ينص على غير ذلك".

وكانت المادة 219 مدني تنص على أن: "يكون الإعذار المدين بإنذار أو بما يقوم مقام الإنذار، ويجوز أن يتم الإعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في قانون المرافعات. كما يجوز أن يكون مترتباً على اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذراً بمجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر".

وكانت المادة 220 مدني تنص على أنه: "لا ضرورة لإعذار المدين في الحالات الآتية:

1- إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين.

2- إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع.

3- إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق أو شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك.

4- إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه".

معنى الإعذار:

وكان من المسلم به قانوناً أن الإعذار هو: وضع المدين قانوناً في حالة المتأخر عن تنفيذ التزامه. وهو عبارة عن إرادة منفردة، تصدر من الدائن، ويعلن بها المدين، ويشترط فيمن يصدر عنه الإعذار أهلية الإدارة دون أهلية التصرف.

كيف يتم الإعذار:

جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الصدد ما يأتي: "اقتصر المشروع في شأن الإعذار بوجه عام على ضبط حدود بعض الأحكام ضبطاً قصد به إلى علاج ما يعتور من نصوص التقنين الحالي (السابق) من اقتضاب مخل. ويراعى بادئ ذي بدء أنه لم يأت على وجه الإطلاق جديد فيما يتعلق بقاعدة وجوب الإعذار أو ما يرد عليها من استثناءات. على أن ذلك لم يصرفه عن استحداث أحكام أخرى، قد يكون أهمها ما يتصل بإصلاح الإجراءات المتبعة في إعذار المدين، فقد قضى المشروع بجواز الاكتفاء بمجرد طلب كتابي في المواد المدنية. وهو بهذا يخالف ما جرى عليه القضاء المصري دفعاً لحرج الغلو في التشبث بشكلية الإجراءات". (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الثاني – صـ 544).

والأصل في إعذار المدين أن يكون بإنذاره، ولكن ليس الإنذار هو الطريق الوحيد لإعذار المدين، فهناك ما يقوم مقام الإنذار، وأية ورقة رسمية يظهر منها بجلاء رغبة الدائن في أن ينفذ المدين التزامه – تقوم مقام الإنذار، من ذلك (على سبيل المثال لا الحصر) التنبيه الرسمي الذي يسبق التنفيذ ومحضر الحجز وأيضاً صحيفة الدعوى ولو رفعت أمام محكمة غير مختصة. (المصدر: "الوسيط في شرح القانون المدني" - للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري - الجزء الثاني - طبعة 2006 - بند 465 - صـ 750).

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الإعذار هو وضع المدين في حالة المتأخر في تنفيذ التزامه، ويكون ذلك بإنذاره بورقة رسمية من أوراق المحضرين، أو ما يقوم مقامه، وتعتبر المطالبة القضائية ذاتها إعذاراً". (نقض مدني في لطعن رقم 1414 لسنة 53 قضائية – جلسة 3/2/1991).

شكل الإعذار:

ومن المسلم به قانوناً أنه ليس للإعذار شكل خاص، فيجوز أن يكون بإنذار على يد محضر، أو بكتاب مسجل بعلم الوصول، أو بكتاب عادي، بل ويجوز أن يكون شفوياً. ولكن من صدر منه التنبيه يحمل عبء إثباته.

ويجوز إعطاء التنبيه أو الإعذار على المخالصة بالأجرة، كما يجوز توجيهه في برقية إذا تبين جلياً من البرقية اسم المرسل. ويكون التنبيه بالإنهاء أو الإخطار بالإخلاء صحيحاً، حتى ولو كان الإنذار الرسمي الذي تضمن هذا التنبيه باطلاً لعيب في الشكل مثلاً.

وهذا لا يمنع المتعاقدين من أن يشترطا شكلاً خاصاً للتنبيه، كأن يحتما أن يكون التنبيه على يد محضر أو بكتاب مسجل، ويرجع إلى نية المتعاقدين في معرفة ما إذا كان قد أرادا بهذا الشكل الخاص ألا يكون للتنبيه وجود قانوني بدونه، أو أنهما أراداه لمجرد إثبات التنبيه. وفي الحالة الأخيرة يكون التنبيه موجوداً ولو لم يحصل بالشكل المشترط، إلا أن إثباته لا يكون إلا بالإقرار أو اليمين عند عدم حصوله بالشكل المتفق عليه.

وإذا اتفق المتعاقدان على شكل خاص للتنبيه، ولم يتبين هل قصدا أن يكون هذا الشكل للانعقاد أو للإثبات، اعتبر الشكل المتفق عليه للإثبات لا للانعقاد، لأن الأصل في العقود والتصرفات القانونية أن تكون رضائية. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء السادس: "عقد الإيجار والعارية" – طبعة 2006 القاهرة – بند 511 – صـ 729 و 730).

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "التنبيه بالإخلاء هو تصرف قانوني صادر من جانب واحد يتضمن رغبة صاحبه استناداً إلى إرادته المنفردة في إنهاء العقد، فيجب أن يشتمل التنبيه على ما يفيد – بغير غموض – الإفصاح عن هذه الرغبة و لا يلزم احتواء التنبيه الموجه من أحد طرفي العقد إلى الطرف الآخر لإخلاء المكان المؤجر لانتهاء مدته على ألفاظ معينة أو تحديد السبب الذي حمل موجه التنبيه إلى طلب الإخلاء، مما مؤداه أنه يكفي لتحقق الأثر المترتب على التنبيه دلالة عباراته في عمومها على القصد منه وهو إبداء الرغبة في اعتبار العقد منتهياً في تاريخ معين إعمالاً للحق المستمد من العقد أو نص القانون، فتنحل بذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة وينقضي العقد فلا يقوم من بعد إلا بإيجاب وقبول جديدين". (نقض مدني في الطعن رقم 1776 لسنة 55 قضائية – جلسة 24/1/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 252. وفي الطعن رقم 1504 لسنة 54 قضائية – جلسة 21/12/1989 وفي الطعن رقم 941 لسنة 51 قضائية – جلسة 25/5/1988).

الحالات التي لا ضرورة فيها للإعذار:

هناك حالات لا ضرورة فيها للإعذار، ويعتبر مجرد حلول الدين إشعاراً للمدين بوجوب تنفيذ التزامه وإلا كان مسئولاً عن التعويض. وهذه الحالات ترجع إما إلى الاتفاق، وإما إلى حكم القانون، وإما إلى طبيعة الأشياء، وقد نص عليها جميعاً في المادتين 219 و 220 من القانون المدني.

ومن الحالات التي يرجع فيها إلى طبيعة الأشياء ما نصت عليه المادة 220 مدني وهي حالة ما إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين. فلا معنى إذن لإعذار المدين، وهذا ما تقضي به طبيعة الأشياء، لأن الإعذار هو دعوة المدين إلى تنفيذ التزامه وقد أصبح هذا التنفيذ غير ممكن أو غير مجد بفعله، فاستحق عليه التعويض دون حاجة إلى إعذار. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – المجلد الثاني "آثار الالتزام " – طبعة 2006 القاهرة – بند 466 – صـ 754).

ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: " لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين ، وإذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أعتبر الأخطاء الفنية التي وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركه ، فإن مفاد ذلك أن الالتزام المترتب على عقد المقاولة قد أصبح غير ممكن تنفيذه ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى بفسخ العقد وبالتعويض دون سبق إعذار المدين بالتنفيذ العيني لا يكون قد خالف القانون ". (نقض مدني جلسة 5/4/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 797).

كما تواتر قضاء النقض على أن: "المقصود بالإعذار حد وضع المدين في مركز الطرف المتأخر عن تنفيذ التزامه ومن ثم فلا يوجب له وفقاً للمادة 220 من القانون المدني بعد أن أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل الطاعن المدين ". (نقض مدني في الطعن رقم 2092 لسنة 57 قضائية – جلسة 6/3/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 735 – فقرة 3).

حيث استقر قضاء النقض على أن: "مفاد نص المادتين 218 و 230/1 من القانون المدني أنه ولئن كان التعويض لا يستحق إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك إلا أنه لا ضرورة لهذا الإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين ، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد تركيب واستعمال التليفون المبرم بين الطرفين أن الهيئة الطاعنة التزمت بتركيب خط التليفون المبين بالأوراق، وكانت طبيعة هذا الالتزام تقتضي تركيبه بحالة صالحة للاستعمال وأن تتخذ الهيئة الطاعنة كافة الإجراءات الفنية اللازمة لإصلاح هذا الخط وصيانته بقصد تمكين المتعاقد الآخر من إتمام الاتصال التليفوني وعلى أن يتم ذلك فور مطالبة المتعاقد بإجراء الاتصال أو في الوقت المناسب لذلك تحقيقاً للغرض الذي هدف إليه المتعاقد من تركيب التليفون، ومن ثم فإن تأخير الهيئة الطاعنة في تحقيق الاتصال التليفوني في الوقت المناسب من شأنه أن يرتب مسئوليتها عن إخلالها بالتزامها ولا يكون إعذارها واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت إذ لا ضرورة لإعذاره بنص المادة 220 من القانون المدني متى أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي اتخذته محكمة الموضوع سنداً لقضائها أن التليفون الذي قامت الهيئة الطاعنة بتركيبه لم يعمل في خلال الفترة من ...... حتى ...... بسبب تهالك شبكة الكابلات الأرضية لانتهاء عمرها الافتراضي، فإنه لا ضرورة لإعذارها إزاء تأخر الهيئة الطاعنة وفوات الوقت المناسب لتنفيذ التزامها ووقوع الضرر". (نقض مدني في الطعن رقم 1556 لسنة 56 قضائية – جلسة 26/3/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 840 – فقرة 1).

وحيث جرى قضاء النقض على أنه: "متى كان الحكم قد انتهى إلى إخلال الطاعن - رب العمل في المقاولة - بالتزامه من جراء تأخره في الحصول على رخصة البناء في الوقت المناسب، فإن إعذاره لا يكون واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت، إذ لا ضرورة للإعذار بنص المادة 220 من القانون المدني إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين . وإذ كان الحكم قد قضى بالتعويض المستحق للمطعون عليه دون أن يرد على ما تمسك به الطاعن في دفاعه من ضرورة إعذاره في هذه الحالة، فإنه لا يكون مشوبا بالقصور". (نقض مدني في الطعن رقم 243 لسنة 37 قضائية – جلسة 1/6/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 1062 – فقرة 3).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية على وقائع الاستئناف الماثل يتضح جلياً لعدالة المحكمة الموقرة مدى زيف ادعاءات الشركة المستأنف ضدها، وذلك على الوجه التالي:

أولاً- استندت الشركة المستأنف ضدها في طلبها عدم قبول طلب التعويض لعدم سبقه بالإعذار الذي زعمت أنه مشترط قانوناً إلى سند أساسي ووحيد وهو نص البند السادس عشر من العقد سند الدعوى الماثلة، والذي زعمت الشركة المستأنف ضدها أن يلزم الشركة المستأنفة بالإعذار وببيان أوجه التقصير وبإعطائها مهلة للشركة المستأنف ضدها لا تقل عن ثلاثين يوماً؟!!

إلا أنه بمراجعة سريعة – وحتى من ظاهر الأوراق – لنص البند السادس عشر سند الشركة المستأنف ضدها فيما زعمته نجده ينص صراحة وبالحرف الواحد على أنه:

"يحق لأي من الطرفين إنهاء هذا العقد دون حاجة إلى حكم قضاء على النحو التالي:

1- في حالة إشهار إفلاس أو إعسار أي من الطرفين، يكون إنهاء العقد فوراً بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول.

2- إذا أخل أو توقف أحد الطرفين بالتزاماته الجوهرية المتعلقة بهذا العقد بعد إخطار الطرف المنسوب له الإخلال بالتزاماته، والتي لم يمكنه القيام بإصلاح هذا الخلل خلال المدة التي حددها له بالإخطار ولا تقل عن ثلاثين يوماً، ينتهي العقد فوراً بعد أن يخطر بذلك".

هذا هو نص البند السادس عشر الذي ينظم حالة أحقية أي من الطرفين في إنهاء العقد، ولكنه لا يتناول من قريب ولا من بعيد مسألة اشتراط الإعذار قبل المطالبة بالتعويض. ومحاولة الشركة المستأنف ضدها بالتمسح في هذا البند إنما ينبئ عن ضعف موقفها وفساد دليلها وهوان حجتها.

ثانياً- الثابت بأوراق الدعوى، وبإقرار دفاع الشركة المستأنف ضدها نفسها، والإقرار حجة قاطعة على المُقر طبقاً لنص المادة 104 من قانون الإثبات، لا سيما وأنه إقرار قضائي في مذكرة دفاعه الأخيرة المعلنة قانوناً للشركة المستأنفة، أن الشركة المستأنف قد أنذرت بالفعل الشركة المستأنف ضدها في تاريخ 7/2/1999 وهو ما يعد إعذاراً صحيح قانوناً، وإن كانت الشركة المستأنف ضدها تأخذ على هذا الإنذار وذاك الإعذار عدم تضمنه عبارات معينة بعينها، فإنه من المُقرر قانوناً – وعلى ما سلف القول – أنه لا يلزم احتواء الإعذار الموجه من أحد طرفي العقد إلى الطرف الآخر على ألفاظ معينة ، مما مؤداه أنه يكفي لتحقق الأثر المترتب على الإعذار دلالة عباراته في عمومها على القصد منه . (نقض مدني في الطعن رقم 1776 لسنة 55 قضائية – جلسة 24/1/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 252. وفي الطعن رقم 1504 لسنة 54 قضائية – جلسة 21/12/1989. وفي الطعن رقم 941 لسنة 51 قضائية – جلسة 25/5/1988). وكذلك دفعاً لحرج الغلو في التشبث بشكلية الإجراءات. (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الثاني – صـ 544).

ثالثاً- أنه من المُقرر قانوناً أن المطالبة القضائية ذاتها تعد إنذاراً. لأنه ليس الإنذار هو الطريق الوحيد لإعذار المدين، فهناك ما يقوم مقام الإنذار، وأية ورقة رسمية يظهر منها بجلاء رغبة الدائن في أن ينفذ المدين التزامه – تقوم مقام الإنذار، ومن ذلك صحيفة الدعوى ولو رفعت أمام محكمة غير مختصة. (المصدر: "الوسيط في شرح القانون المدني" - للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري - الجزء الثاني - طبعة 2006 - بند 465 - صـ 750). حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الإعذار يكون بالإنذار بورقة رسمية من أوراق المحضرين، أو ما يقوم مقامه، وتعتبر المطالبة القضائية ذاتها إعذاراً". (نقض مدني في لطعن رقم 1414 لسنة 53 قضائية – جلسة 3/2/1991).

رابعاً- أنه لا ضرورة أصلاً لإعذار الشركة المستأنف ضدها، لكون تنفيذ الالتزام المتفق عليه معها قد أصبح غير ممكن وغير مجد بفعلها. وقد أخطرت الشركة المستأنف الشركة المستأنف ضدها بذلك رسمياً بموجب الإنذار المؤرخ 20/2/1999 والذي أقرت به كذلك الشركة المستأنفة في مذكرة دفاعها الأخيرة. ولما كانت المادة 220 مدني تنص على أنه: "لا ضرورة لإعذار المدين في الحالات الآتية: إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين ...". فإذا ما أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين. فلا معنى إذن لإعذار المدين، وهذا ما تقضي به طبيعة الأشياء، لأن الإعذار هو دعوة المدين إلى تنفيذ التزامه وقد أصبح هذا التنفيذ غير ممكن أو غير مجد بفعله، فاستحق عليه التعويض دون حاجة إلى إعذار. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – المجلد الثاني "آثار الالتزام " – طبعة 2006 القاهرة – بند 466 – صـ 754). ومن المُقرر في قضاء النقض أنه لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين، وإذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أعتبر الأخطاء الفنية التي وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركه، فإن مفاد ذلك أن الالتزام المترتب على عقد المقاولة قد أصبح غير ممكن تنفيذه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى بفسخ العقد وبالتعويض دون سبق إعذار المدين بالتنفيذ العيني لا يكون قد خالف القانون. (نقض مدني جلسة 5/4/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 797). لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق وبتقارير الخبراء المنتدبون في الاستئناف الماثل وبتقارير كلية الصيدلة بجامعة القاهرة وكلية الصيدلة بجامعة قناة السويس وبتقارير الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية ثابت بها جميعاً أن المنتجات المعبأة في أكياس والخاصة بالشركة المستأنفة والمعبأة بمعرفة الشركة المستأنف ضدها أن الأكياس المعبأة بها تلك المنتجات غير محكمة اللحام وأن هذا العيب هو عيب تصنيع وعدم رقابة الجودة فضلاً عن عدم تجانس الأوزان بتلك الأكياس وأن تلك المنتجات غير محتفظة بخواصها الطبيعية حيث تسربت الرطوبة إلى داخل تلك الأكياس نتيجة سوء التغليف وعدم إحكام اللحام مما أدى إلى امتصاص تلك المنتجات للرطوبة وتحجرها وبالتالي عدم قابليتها للاستعمال مما أدى بكافة الصيدليات إلى ردها فضلاً عن تحريك الدعوى الجنائية ضد ممثل الشركة المستأنفة بتهمة طرحه منتجات دوائية غير صالحة للاستخدام. فكيف تزعم الشركة المستأنف ضدها – في مذكرة دفاعها الأخيرة – أنه بإمكانها إصلاح هذا الخطأ الجسيم في التصنيع والتعبئة بعدما فسدت المادة الأولية ذاتها؟!! إن ذلك محض اختلاق للتنصل من المسئولية والتزامها بتعويض الشركة المستأنفة.

خامساً- مع الأخذ في الاعتبار أن الثابت بالأوراق وبتقرير الخبراء المودعة بملف الاستئناف الماثل أن الشركة المستأنف ضدها لم تقم بتنفيذ البند السادس من العقد سند الدعوى الماثلة والذي ينص على أنه: "يقوم الطرف الثاني (الشركة المستأنف ضدها) بعمل التحليلات المطلوبة وطبقاً للمواصفات المعتمدة من وزارة الصحة، وإعداد شهادات التحليل للمواد الأولية ولمواد التعبئة والتغليف والبضاعة تامة الصنع، إخطار الطرف الأول (الشركة المستأنفة) بصورة منها، كما يلتزم بتسليم الطرف الأول عينات ممثلة للتشغيلات المنتجة وله أن يجري تحليلات لها بالطريقة التي يراها، وفي حالة عدم مطابقة هذه التشغيلات لمواصفات الطرف الأول يلتزم الطرف الثاني بإعادة تصنيعها على نفقته ويتحمل الطرف الأول مصاريف التحليل سواء للمنتج أو المواد الخام". إلا أن الثابت بالأوراق وبتقرير الخبراء أن الشركة المستأنف ضدها لم تقم بما تم الاتفاق عليه في البند السادس من العقد سند الدعوى الماثلة ولم تقدم ما يفيد قيامها بالوفاء بهذا الالتزام سواء من بالنسبة لعمل التحليلات اللازمة وإعداد شهادات تحليل لمواد التعبئة والتغليف والبضاعة تامة الصنع ومن ثم إخطار الشركة المستأنفة بها، أو سواء بالنسبة لتسليم عينات ممثلة للتشغيلات المنتجة إلى الشركة المستأنفة. وهذا ثابت يقيناً بتقارير الخبراء المودعة بملف الاستئناف الماثل.

سادساً- وفضلاً عما تقدم، فلعدالة محكمة الاستئناف الموقرة – قانوناً – أن تأخذ بتقرير الخبراء المودع بملف الدعوى الماثلة محمولاً على أسبابه. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "إذ اعتمد الحكم المطعون فيه تقرير الخبير لاطمئنانه إليه فإن نتيجة تقرير الخبير وأسبابه تعتبر جزءاً مكملاً لأسباب الحكم. ولا موجب على المحكمة أن تدعمه بأسباب خاصة". (نقض مدني في الطعن رقم 944 لسنة 48 قضائية – جلسة 20/12/1982 مجموعة المكتب الفني - السنة 33 – صـ 1184 - فقرة 2). كما تواتر قضاء النقض على أنه: "لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير عمل الخبير والأخذ بتقريره محمولاً على أسبابه، ولا تلتزم بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير". (نقض مدني في الطعن رقم 1444 لسنة 51 قضائية – جلسة 30/12/1984 مجموعة المكتب الفني - السنة 35 – صـ 2311 - فقرة 2). وقد جرى قضاء النقض على أنه: "لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- تقدير عمل الخبير والأخذ بتقريره محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه، وهى غير ملزمة بالتحدث في حكمها على كل ما يقدمه الخصوم من دلائل ومستندات، كما أنها غير مكلفة بأن تورد كل حججهم وتفندها طالما أنها أقامت قضاءها على ما يكفى لحمله إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لإطراح هذه الدلائل والمستندات". (نقض مدني في الطعن رقم 1974 لسنة 50 قضائية – جلسة 31/1/1985 مجموعة المكتب الفني - السنة 36 – صـ 187 - فقرة 2). لا سيما وأن اعتراضات الشركة المستأنف ضدها قد جاءت كلها على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون، متعيناً الالتفات عنها بالكلية، بعكس الاعتراضات المبداه من الشركة المستأنفة على تقرير الخبير والمقدمة لعدالة المحكمة بجلسة 1/2/2009 .

الرد على مزاعم شركة ................. فيما يتعلق بالحكم الصادر في الدعوى الجنائية:

زعمت الشركة المستأنف ضدها أن النيابة العامة قد سبق لها وأن حركت الدعوى العمومية ضد العضو المنتدب السيد/ مصطفى وفائي عبد الرحمن، وقيدت بالجنحة رقم 14449 لسنة 1999 جنح العجوزة، ومن ثم فقد ادعت الشركة المستأنفة مدنياً في تلك الجنحة، إلا أن محكمة الجنح قد قضت ببراءة العضو المنتدب من التهمة المنسوبة إليه، وتأيد هذا الحكم استئنافياً بالاستئناف رقم 2683 لسنة 2000 جنح مستأنف العجوزة والمقام من النيابة العامة. وعليه، دفعت الشركة المستأنف ضدها بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها. وهذا الزعم مردود عليه بما يلي:

أن حجية الشيء المقضي به، تشترط اتحاد الخصوم والموضوع والسبب، وهذه الشروط جمعيها غير متوافرة في حالة دعوانا الماثلة. لأن الثابت بالأوراق أن الجنحة المذكورة أقامتها النيابة العامة ضد العضو المنتدب بشخصه، إذ أن الشخص المعنوي غير مسئولا جنائياً، بينما الدعوى الماثلة مقامة ضد الشخص المعنوي وممثله بصفته وليس بشخصه، ومن ثم فلا يكون هناك اتحاد بين الخصوم، حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن العبرة هي باتحاد الخصوم بصفاتهم لا بأشخاصهم، وتطبيقاً لذلك قضت بأن الحكم الصادر في وجه خصم بصفته وكيلاً أو نائباً لا يكون له حجية قبل هذا الخصم بصفته الشخصية؛ وبأن الحكم الصادر في وجه خصم بصفته الشخصية لا تكون له حجية قبل هذا الخصم باعتباره ناظراً على وقف، وبأن الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته الشخصية لا يؤثر على وضع يد الوقف ولا يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة إليه. (نقض مدني جلسة 17/12/1964 مجموعة المكتب الفني – السنة 15 – صـ 1161. ونقض مدني جلسة7/3/1940 مجموعة عمر 3 رقم 39 صـ 114. ونقض مدني جلسة 10/3/1955 مجموعة أحكام النقض 6 – رقم 103 – صـ 796).

هذا من ناحية ومن ناحية ثانية، فإن موضوع الجنحة هو جريمة الغش التجاري، بينما موضوع دعوانا الماثلة هو التعويض عن الإخلال بالتزام تعاقدي، أي أن موضوعه "التعويض" وسببه هو "المسئولية العقدية" وليس المسئولية التقصيرية أو الخطأ الجنائي. ومن ثم فلا مجال للزعم بسابقة الفصل لانتفاء حجية الأمر المقضي به. حيث أنه من المقرر قانوناً أنه قد يتحد المحل في الدعويين ويتعدد السبب، وعند ذلك لا يكون للحكم الصادر في الدعوى الأولى حجية الأمر المقضي في الدعوى الثانية، إذ أنه بالرغم من توافر شرط اتحاد المحل قد أختل شرط اتحاد السبب، وأكثر ما يتحد المحل ويتعدد السبب في العمل حالة: أن يكون المحل المتحد هو قيام التزام وتتعدد مصادره. كقيام التزام بالتعويض مع تعدد مصادره وهي المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية. وحيث جرى قضاء الدائرة الجنائية بمحكمة النقض على أنه إذا رفضت الدعوى على أساس نوع معين من المسئولية لم يحز الحكم حجية الأمر المقضي به بالنسبة إلى الأنواع الأخرى – فالسبب في دعوى المسئولية هو نوع الخطأ الذي قامت عليه – فيتميز الخطأ العقدي عن الخطأ التقصيري – كما يتميز الخطأ الثابت عن الخطأ المفترض – لا قيام المسئولية في ذاتها. وتطبيقاً لذلك تواترت أحكام محكمة النقض على أنه ما دامت الدعوى قد رفعت على أساس المسئولية التقصيرية، والمدعي لم يطلب أن يقضى له فيها بالتعويض على أساس المسئولية التعاقدية – إن صح أن يطلب ذلك أمام المحكمة الجنائية – فليس للمحكمة أن تتبرع من عندها فتبني الدعوى على سبب غير الذي رفعها صاحبها به، فإنها إذ تفعل تكون قد حكمت بما لم يطلبه منها الخصوم وهذا غير جائز في القانون. (نقض جنائي جلسة 8/3/1943 المحاماة 25 رقم 45 صـ 132).

كما قضت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بأنه: "يتعين على محكمة الموضوع ألا تقضي بالتعويض إلا على من تثبت عليه الجريمة، وأن تقضي برفض الدعوى بالنسبة للمتهمين الآخرين، لأن حكمها على المتهم الذي خالف شروط العقد لا يكون إلا على أساس المسئولية التعاقدية وهو غير السبب المرفوعة به الدعوى أمامها، وهذا لا يجوز في القانون، ولأن حكمها بالتعويض على المتهم الآخر ليس له ما يبرره ما دام لم يثبت وقوع أي خطأ منه. أما القول بأن المحكمة كان عليها في هذه الحالة أن تحكم بعدم الاختصاص في الدعوى المدنية بالنسبة لهذين المتهمين، أحدهما أو كليهما، لا برفضها، فمردود بأنه ما دامت الدعوى قد رفضت على أساس انعدام المسئولية التقصيرية، فإن ذلك لا يمنع المدعي بالحقوق المدنية من رفعها أمام المحكمة المدنية بناء على سبب آخر هو المسئولية التعاقدية". (نقض جنائي جلسة 31/5/1943 المحاماة 26 رقم 37 صـ 81. المصدر: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثاني – طبعة 2006 القاهرة – البند 376 – صـ 645 في الهامش).

وقد جرى القضاء الفرنسي على نحو ما تجري عليه الدائرة الجنائية في محكمة النقض المصرية، فهو يذهب إلى أن: "السبب في دعوى المسئولية هو نوع الخطأ الذي تقوم عليه المسئولية، فلا يجوز للمدعي أن يترك الخطأ التقصيري إلى الخطأ العمدي، أو يترك الخطأ الثابت إلى الخطأ المفترض، وإلا كان ذلك طلباً جديداً لا يجوز له أن يتقدم به لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، ولا يجوز هذا أيضاً للقاضي وإلا كان ذلك قضاء في شيء لم يطلبه الخصوم، وإذا رفضت دعوى المسئولية على أساس نوع معين من الخطأ فإن هذا الحكم لا يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة إلى الأنواع الأخرى". (المرجع السابق – نفس الموضع).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع دعوانا الماثلة يتضح مدى زيف وبطلان مزاعم الشركة المستأنف ضدها، بما يتعين معه الالتفات بالكلية عن تلك المزاعم والقضاء في الدعوى بطلبات الشركة المستأنفة وهي كما يلي:

ثالثاً- الطلبات الختامية

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، يلتمس المستأنف الحكم له بطلباته التالية:

أولاً- في الاستئناف رقم 3162 لسنة 122 قضائية: برفضه، وتأييد الحكم المُستأنف.

ثانياً- وفي الاستئناف رقم 3203 لسنة 122 قضائية:

1- بصفة أصلية: بطلباتنا الواردة بأصل صحيفة الاستئناف.

2- وبصفة احتياطية: بإعادة الاستئناف لمصلحة الخبراء لتقدير التعويضات بطريقة مناسبة للمستأنف بصفته ولتحقيق اعتراضاته المدونة بمذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 1/2/2009.

3- وفي جميع الأحوال: بإلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة عن درجتي التقاضي".

مع حفظ كافة حقوق المُستأنف بصفته الأخرى أياً ما كانت،،،