السبت، 20 فبراير 2010

نموذج مذكرة دفاع في دعوى تعويض عن بلاغ كاذب

محكمة ...
الدائرة ...

مذكرة

بدفاع/ .... (مُدع)

ضد

السيد/ ... (مُدعى عليه)
في الدعوى رقم .... لسنة .... تعويضات .... ..... والمحدد لنظرها جلسة يوم ... الموافق ... للمرافعة.

أولاً- الوقائع

نستأذن عدالة المحكمة الموقرة في الإحالة فيما يخص وقائع الدعوى الماثلة إلى ما جاء بصحيفة افتتاح الدعوى وسائر الأوراق منعاً من التكرار وحفاظاً على ثمين وقت عدالة المحكمة.
        إلا إننا نوجزها في عجالة مفادها أن: ... (موجز الوقائع) ...

ثانياً- الدفاع

        في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع المبداه منا بصحيفة افتتاح الدعوى الماثلة وجميع مذكرات دفاعنا المقدمة فيها ونعتبرهم جميعاً جزء لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، ونضيف إلى ما سبق ما يلي:
أولاً- حالات عدم حجية حكم الجنائي أمام القاضي المدني:
تنص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فُصِلَ فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بنى على انتفاء التهمة أو عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون".
فإذا حكمت المحكمة الجنائية بالبراءة لأن القانون الجنائي لا يعاقب المتهم لانتفاء الركن المعنوي لديه، كعدم ثبوت القصد الجنائي مثلاً، مع ثبوت الواقعة مادياً، فلا تكون لهذا الحكم حجية أمام القاضي المدني تمنعه من الحكم بالتعويض. ويكون لهذا القاضي أن يحكم بالتعويض على أساس القانون المدني. (لطفاً، المرجع: "شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية" – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – طبعة 2003 القاهرة – بند 787/6 – صـ 1170 وما بعدها).
هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "إذا صدر حكم بالبراءة في جنحة "ضرب عمد" على أساس تخلف القصد الجنائي، فليس ما يمنع من صدور حكم القاضي المدني بالتعويض على أساس وجود إهمال من الفاعل أدى إلى إصابة المجني عليه وحدوث ضرر لديه من جراء إصابته". (نقض مدني جلسة 10/3/1966 مجموعة أحكام النقض – السنة 17 صـ 558- رقم 76. ونقض مدني جلسة 24/2/1982 في الطعن رقم 1616 لسنة 48 قضائية).
وقد قضت محكمة النقص بأنه: "إذا كانت المحكمة حين قضت برفض طلب التعويض عن البلاغ الكاذب قد أسست ذلك على عدم ثبوت بعض التهم وعلى عدم تحقق جميع العناصر القانونية في البعض الآخر، فإن أيا من هذين الأساسين يكفي لتبرير قضائها، لأن التبليغ عن الوقائع الجنائية حق للناس، بل هو واجب مفروض عليهم، فلا تصح معاقبتهم عليه واقتضاء تعويض منهم إلا إذا كانوا قد تعمدوا الكذب فيه. أما اقتضاء التعويض مع القضاء بالبراءة في هذه الجريمة فلا يكون إلا على أساس الإقدام على التبليغ باتهام الأبرياء عن تسرع وعدم ترو دون أن يكون هناك لذلك من مبرر". (نقض جلسة 21/5/1945 في الطعن رقم 1066 لسنة 15 قضائية).
كما قضت محكمة النقض بأنه: "من المقرر أنه إذا بنيت براءة المبلغ على انتفاء أي ركن من أركان البلاغ الكاذب فينبغ بحث مدى توافر الخطأ المدني المستوجب التعويض من عدمه في واقعة التبليغ ذاتها، فالتبليغ خطأ مدني يستوجب التعويض إذا كان صادراً من قيل التسرع في الاتهام أو قصد التعريض بالمبلغ والإساءة إلى سمعته أو في القليل عن رعونة أو عدم تبصر، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر ما إذا كان هناك خطأ مدني ضار يستوجب مساءلة المطعون ضدهم بالتعويض عنه أو لا فإنه يكون معيبا بما يتعين معه نقضه والإحالة". (نقض جلسة 11/1/1965 في الطعن رقم 1601 لسنة 34 قضائية – مجموعة أحكام النقض – السنة 16 – صـ 45).
وقد تواتر قضاء محكمة النقض على أنه: "من المقرر انه إذا ثبتت براءة المبلغ على انتفاء أي ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب فينبغي بحث مدى توافر الخطأ المدني المستوجب للتعويض من عدمه في واقعة التبليغ ذاتها فالتبليغ خطأ مدني يستوجب التعويض إذا كان صادراً من قبيل التسرع في الاتهام أو بقصد التعريض بالمبلغ والإساءة إلى سمعته أو في القليل عن رعونة وعدم تبصر. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه ببراءة المطعون ضدهما من جريمة البلاغ الكاذب إلى عدم توافر القصد الجنائي إذ لم يتوافر هذا القصد من علم بكذب الوقائع المبلغ بها ونية الإضرار بالمجني عليه دون أن يستظهر ما إذا كان هناك خطأ مدني ضار يستوجب مساءلة المطعون ضدهما بالتعويض عنه أو لا فانه يكون معيبا بما يتعين معه نقضه". (نقض جلسة 11/6/1995 في الطعن رقم 29196 لسنة 59 قضائية).
ومن ثم، فإن الحكم ببراءة المدعى عليه في جنحة البلاغ الكاذب لانتفاء الركن المعنوي من أركان هذه الجريمة، واستناداً إلى أن حق الشكوى مكفول للجميع، هذا القضاء لا يحوز الحجية أمام القاضي المدني الذي يتعين عليه استظهار ما إذا كان هناك خطأ مدني ضار يستوجب مساءلة المدعى عليه بالتعويض عنه من عدمه، لا سيما إذا كان استعمال هذا الحق (الحق في الشكوى) صادراً بتسرع في الاتهام وبقصد الإساءة إلى سمعة المدعي وأهله، أو على أقل تقدير صادراً عن رعونة وعدم تبصر وعدم ترو، وإذ ثبت ذلك في حق المدعى عليه ومن ثم فقد التزم بتعويض الضرر الناجم عن خطئه المدني المستوجب لمسئوليته.  
ثانياً- عناصر المسئولية التقصيرية:
        تنص المادة 163 مدني، والتي تنظم أحكام المسئولية التقصيرية، على أن: "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من أرتكبه بالتعويض".
        ولما كان من المسلم به، أن عناصر المسئولية التقصيرية ثلاث هي : الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر.  
1-   الخطأ:
من المُقرر في قضاء محكمة النقض أنه: "وإن كان تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، إلا أن استخلاص قيام الخطأ أو نفى ثبوته هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى". (نقض مدني في الطعن رقم 357 لسنة 56 قضائية – جلسة 4/1/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 115).
2-   الضرر:
والضرر قد يكون مادياً يصيب المضرور في جسمه أو في ماله، وقد يكون أدبياً يصيب المضرور في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه أو أي معنى آخر من المعاني التي يحرص الناس عليها.
ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الضرر بوصفه ركناً من أركان المسئولية التقصيرية أما أن يكون مادياً أو أدبياً - الضرر المادي هو الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية للمضرور - الضرر الأدبي هو الذي يصيب مصلحة غير مالية للمضرور - يشترط لقيام المسئولية أن يكون الضرر بنوعيه متحققاً". (نقض مدني في الطعن رقم 765 لسنة 30 قضائية – جلسة 23/2/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 1162).
3-   علاقة السببية: 
وعلاقة السببية ما بين الخطأ والضرر معناها أن توجد علاقة مباشرة ما بين الخطأ الذي أرتكبه المسئول والضرر الذي أصاب المضرور. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" للدكتور/ عبد الرازق أحمد السنهوري الجزء الأول: "مصادر الالتزامات" المُجلد الثاني: "العمل الضار والإثراء بلا سبب والقانون" الطبعة الثالثة 1981 القاهرة بند 524 – صـ 1078 وما بعدها).
تقدير التعويض:
        وتنص المادة 170 من القانون المدني على أن: "يُقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 و 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة ...".
        وتنص الفقرة الأولى من المادة 221 من القانون المدني على أنه: "إذا لم يكن التعويض مُقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يُقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به، ويُعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول".
        وتنص الفقرة الأولى من المادة 222 من القانون المدني على أن: "يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً ...".
        ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الضرر ركن من أركان المسئولية، وثبوته شرط لازم لقيامها، وللقضاء تبعاً لذلك بالتعويض، يستوي في إيجاب التعويض أن يكون هذا الضرر مادياً أو أدبياً، ولا يقصد بالتعويض عن الضرر الأدبي محو هذا الضرر وإزالته من الوجود، إذ هو نوع من الضرر لا يمحى ولا يزول بتعويض مادي، ولكن يقصد بالتعويض أن يستحدث المضرور لنفسه بديلاً عما أصابه من الضرر الأدبي، فالخسارة لا تزول ولكن يقوم إلى جانبها كسب يعوض عنها، وليس هناك معيار لحصر أحوال التعويض عن الضرر الأدبي، إذ كل ضرر يؤذي الإنسان في شرفه واعتباره أو يصيب عاطفته وإحساسه ومشاعره يصلح أن يكون محلاً للتعويض، فيندرج في ذلك: العدوان على حق ثابت للمضرور، كالاعتداء على حق الملكية، ولذا فإن إتلاف سيارة مملوكة للمضرور ويتخذها وسيلة لكسب الرزق والعيش يعتبر عدواناً على حق الملكية وحرماناً من ثمرته من شأنه أن يحدث لصاحب هذا الحق حزناً وغماً وأسى وهذا هو الضرر الأدبي الذي يسوغ التعويض عنه". (نقض مدني في الطعن رقم 308 لسنة 58 قضائية – جلسة 15 مارس 1990).
        كما تواتر قضاء النقض على أن: "الأصل في المسائل المدنية أن التعويض يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي، على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون مواسياً للمضرور ويكفل رد اعتباره". (نقض مدني في الطعن رقم 1368 لسنة 50 قضائية – جلسة 8/1/1985).
التطبيق: وهدياً بما تقدم، ... (يتم تطبيق الوقائع على القواعد القانونية المتقدم ذكرها) ...

ثالثاً- الطلبات

        لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، يلتمس المدعي الحكم له بطلباته الواردة بأصل صحيفة افتتاح الدعوى الماثلة.
مع حفظ كافة حقوق المدعي الأخرى أياً ما كانت،،،
ملحوظة: يراعى تقديم الأدلة والإثباتات الكافية لإثبات الضرر (لا سيما المادي) ومقداره، حتى يقضى به، وكذلك عدم المبالغة في تقدير الضرر الأدبي، لأن مبلغ التعويض الذي سيرفض القضاء لك به ستلتزم بمصاريفه باعتبارك خاسر الدعوى أو هذا الشق منها.

هذا، والله أعلى وأعلم.

استئناف حكم بإلزام الهيئة بالريع

"وأعلنتهم بصحيفة الاستئناف الآتية"
بموجب هذه الصحيفة يستأنف الطالب بصفته الحكم الصادر في الدعوى رقم 2483 لسنة 2006 إيجارات كلي جنوب القاهرة، الصادر من الدائرة "3" إيجارات كلي بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بجلسة يوم الأحد الموافق 27/12/2009، والقاضي في منطوقه: "
أولا ً: بعدم نفاذ عقد الإيجار المؤرخ 1/10/2001 موضوع الدعوى والمبرم فيما بين المدعى عليه الأول بصفته (هيئة الأوقاف المصرية) وبين المدعى عليه الثاني (عبد الله منصور عبد الله) في حق المدعيات، وإخلائهما من عين النزاع الموضحة المعالم بتقرير الخبرة المودع ملف الدعوى، وتسليمها للمدعيات خالية.
ثانياً: بإلزام المدعى عليه الثاني (عبد الله منصور عبد الله) بأن يؤدي للمدعيات مبلغ 8821.30جم (فقط مبلغ ثمانية آلاف وثمانمائة وواحد وعشرون جنيهاً وثلاثون قرشاً)، مقابل انتفاعه بعين التداعي خلال الفترة من 1/1/1981 وحتى 30/9/2001.
ثالثاً: بإلزام المدعى عليهما (هيئة الأوقاف المصرية و عبد الله منصور عبد الله) بأن يؤديا للمدعيات مبلغ 21410.40جم (فقط مبلغ واحد وعشرون ألف وأربعمائة وعشرة جنيهات وأربعون قرشاً) كمقابل لانتفاع المدعى عليه الثاني (عبد الله منصور عبد الله) بعين التداعي عن الفترة من 1/10/2001 وحتى نهاية شهر أكتوبر من عام 2009.
وألزمتهما بالمصاريف ومبلغ خمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات".  
ولما كان هذا الحكم، قد جاء مجحفاً بحقوق الطالب بصفته، لذا فهو يطعن عليه بطريق الاستئناف، بموجب هذه الصحيفة.
"الموضوع"
تخلص وقائع الدعوى المستأنف حكمها في أن المعلن إليهن الثلاثة الأُول قد عقدوا الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة في 27/8/2006، طلبوا في ختامها الحكم لهن: "
أولاً: ببطلان العقد المحرر بتاريخ أول أكتوبر 2001 من قِبل المدعى عليه الأول بصفته (هيئة الأوقاف المصرية) لصالح المدعى عليه الثاني (عبد الله منصور عبد الله).
ثانياً: بفسخ العقد المنوه عنه بالبند الأول لوقوعه باطلاً في الأصل بطلاناً مطلقاً.
ثالثاً: إلزام المدعى عليهما (هيئة الأوقاف المصرية و عبد الله منصور عبد الله) بتسليم العين محل النزاع الموضحة بذلك العقد وصحيفة الدعوى خالية مما يشغلها.
رابعاً: إلزام المدعى عليهما متضامنين بسداد قيمة بدل انتفاع عن فترة شغل المدعى عليه الثاني (عبد الله منصور عبد الله) لحانوت التداعي، وأقلها منذ تحرير العقد وحتى صدور الحكم وما يستجد.
خامساً: إلزام المدعى عليه الأول بصفته بسداد قيمة بدل انتفاع من تاريخ وفاة المستأجرة الأصلية (المرحومة/ نظلة إبراهيم إبراهيم – في 24/6/1979) وحتى تاريخ تحرير عقد الإيجار المؤرخ في أول أكتوبر عام 2001.
سادساً: إلزام المدعى عليه الأول بصفته (هيئة الأوقاف المصرية) بسداد الفرق بين القيمة الايجارية المبينة بعقد الإيجار الذي حررته للمدعى عليه الثاني، وهو مبلغ ستون جنيهاً سنوياً، بعد خصم قيمة المبلغ المستحق لها سنوياً، وقيمة اثنتي عشر جنيهاً، وذلك عن مدة العقد المذكورة.
مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة".
وقالت المدعيات (المعلن إليهن الثلاثة الأُول) بأن هيئة الأوقاف المصرية تمتلك حصة وقف خيري مقدارها قيراط واحد وعشرة أسهم ونصف شائعة في كامل العقار رقم 11 درب الطواشي، والكائن به حانوت التداعي، وتعود ملكية باقي الحصص المشاع في العقار إليهن، وزعموا بأنه تم تحديد ريع حصة الوقف الخيري بمبلغ اثنتي عشر جنيهاً سنوياً، وأن حانوت التداعي كان مؤجراً للمرحومة/ نظلة إبراهيم إبراهيم بموجب عقد إيجار محرر في غضون عام 1958، وبعد وفاتها قامت هيئة الأوقاف المصرية بتأجير دكان التداعي إلى السيد/ عبد الله منصور عبد الله وعدم إخطارهن بذلك، مما حدا بهن إلى إقامة دعواهن المستأنف حكمها بغية القضاء لهن بطلباتهن سالفة الذكر.
وتداولت الدعوى المستأنف حكمها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة يوم الأحد الموافق 27/12/2009 قضت محكمة أول درجة بحكمها سالف الذكر.
        ولما كان هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطالب بصفته، لكونه قد جاء مجحفاً بحقوقه، فضلاً عما شابه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله ومخالفته للثابت بالأوراق ومعيباً بالقصور في التسبيب، لذا فالطالب بصفته يطعن على ذلك الحكم لتلك الأسباب وللأسباب التالية:
"أسباب الاستئناف"
الأثر الناقل للاستئناف:
في مستهل دفاعنا، نتمسك بجميع أوجه الدفوع والدفاع والطلبات المبداه منا أمام محكمة أول درجة ونعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أسباب هذا الاستئناف الماثل.
حيث تنص المادة 232 مرافعات على الأثر الناقل للاستئناف بقولها أن: "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط".
وعليه، يترتب على رفع الاستئناف طرح النزاع المرفوع بشأنه الاستئناف إلى محكمة الدرجة الثانية لتفصل فيه من جديد، ويكون لمحكمة الدرجة الثانية كل ما كان لمحكمة الدرجة الأولى من سلطة في هذا الصدد، فهي تبحث وقائع الدعوى وتقوم باتخاذ ما تراه من إجراءات الإثبات وتعيد تقدير الوقائع من واقع ما قدم إليها من مستندات وما قدم لمحكمة أول درجة منها، ومن واقع دفاع الخصوم، ثم هي أخيراً تطبق القاعدة القانونية التي تراها صحيحة على وقائع الدعوى، فالاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بما سبق أن أبداه المستأنف أمام أول درجة من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف؛ ويعتبر كل ما كان مطروحاً على محكمة أول درجة مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية.
وفى هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: "على محكمة الاستئناف أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى ومن ثم يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي قضت فيها لغير مصلحته". (نقض مدني جلسة 26/1/1967 المكتب الفني - السنة 18 - صـ 256. ونقض مدني جلسة 2/3/1971 المكتب الفني - السنة 22 - صـ 239).
كما تنص المادة 233 من قانون المرافعات على أنه: "يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قُـدِمَ من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى".
ومن المقرر في قضاء النقض أن: "وظيفة محكمة الاستئناف. عدم اقتصارها على مراقبة سلامة التطبيق القانوني. التزامها بمواجهة النزاع بكل ما أشتمل عليه من أدلة ودفوع ودفاع بقضاء يواجه عناصره الواقعية والقانونية. حجب محكمة الاستئناف نفسها عن تمحيص وتقدير أدلة الدعوى اكتفاء بتقدير محكمة أول درجة لها رغم أن الطاعن قد تعرض لها في طعنه. مخالفة للثابت بالأوراق وقصور". (نقض مدني في لطعن رقم 1836 لسنة 57 قضائية - جلسة 18/7/1989).
لما كان ما تقدم، فالطالب بصفته يتمسك بجميع الأدلة والدفوع والدفاع والطلبات المبداه منه أمام محكمة أول درجة ويعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أسباب هذا الطعن الماثل، بالإضافة إلى الدفوع وأوجه الدفاع الجديدة التالية:
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
1- جحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المعلن إليهن (المدعيات في أول درجة):
قدم المعلن إليهن الثلاثة الأُول صوراً ضوئية لمستنداتهن بحوافظ مستنداتهن المقدمة لمحكمة أول درجة، وإذ يتمسك الطالب بصفته بجحد كافة تلك الصور الضوئية المُقدمة من المعلن إليهن في الدعوى المستأنف حكمها.
ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. وفي الطعنين رقمي 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. وفي الطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "القانون لم يشترط طريقاً مُعيناً يتعين على من يُنكر التوقيع على المُحرر العرفي إتباعه إذ يكفي إبداء الدفع بالإنكار صراحةً حتى تسقط عن المُحرر حجيته في الإثبات إعمالاً لنص المادة 14/1 من قانون الإثبات". (نقض مدني في الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/5/1980).
وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند.  التفات الحكم عن الورقة.  لا قصور".
وهدياً بما تقدم، ولما كان المعلن إليهن الثلاثة الأُول قد جاءت مُستندات دعواهن المستأنف حكمها خالية من أصولها وكان الطالب بصفته قد جحد تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات، بما كان يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وعول على الصور الضوئية المجحودة من الطالب بصفته، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأت في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.  
2- القضاء بما لم يطلبه أحد من الخصوم:
لما كان من المُقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض، أن: "المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضى الموضوع وإن تعين عليه أن يلتزم بطلبات الخصوم في الدعوى، إلا أنه غير ملزم بما يطلقونه عليها من وصف قانوني لأنه هو الذي ينزل عليها الكيوف والأوصاف التي تتفق وصحيح القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 834 لسنة 50 قضائية – جلسة 25/4/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 1262 – فقرة 3).
        كما قضت محكمة النقض بأنه: "جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا بالوقائع و الطلبات المطروحة عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 437 لسنة 50 قضائية – جلسة 5/6/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 1369 – فقرة 2).
        ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تعطى الدعوى وصفها الحق  وأن تسبغ عليها التكييف القانوني الصحيح بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى متى تقيدت في ذلك بالواقع والطلبات المطروحة عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 1933 لسنة 55 قضائية – جلسة 7/3/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 685 – فقرة 1).
        وأنه: "لئن كان على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها إلا أنها لا تملك تغيير سبب الدعوى ويجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 1349 لسنة 59 قضائية – جلسة 14/12/1995 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 1393 – فقرة 1).
        وأن: "المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها وملتزمة بسبب الدعوى وبطلبات الخصوم فيها وعدم الخروج عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 802 لسنة 56 قضائية – جلسة 4/11/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1588 – فقرة 1).
        وأنه: "على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى كما يجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 3219 لسنة 64 قضائية – جلسة 16/1/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 179 – فقرة 1).
        وأنه: "إذ كان لمحكمة الموضوع أن تكيف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون، إلا أنها مقيدة في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها فلا تملك التغيير في مضمون هذه الطلبات أو استحداث طلبات جديدة لم يطرحها عليها الخصوم". (نقض مدني في الطعن رقم 1498 لسنة 35 قضائية – جلسة 25/3/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 484 – فقرة 5).
لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر قانوناً أن: "العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبوه على وجه صريح وجازم، وتتقيد المحكمة بطلباتهم الختامية، بحيث إذا أغفل المدعى في مذكراته الختامية – التي حدد فيها طلباته تحديداً جامعاً - بعض الطلبات التي كان قد أوردها في صحيفة افتتاح الدعوى. فإن فصل المحكمة في هذه الطلبات الأخيرة يكون قضاء بما لم يطلبه الخصوم، وهي إذ تقضى بشيء لم يطلبوه أو بأكثر مما طلبوه، وهي مدركة حقيقة ما قدم لها من طلبات وعالمة بأنها إنما تقضى بما لم يطلبه الخصوم، أو بأكثر مما طلبوه، مسببة إياه في هذا الخصوص، فيكون سبيل الطعن عليه هو النقض، أما إذا لم تتعمد المحكمة ذلك  وقضيت بما صدر به حكمها عن سهو وعدم إدراك، دون أي تسبيب لوجهة نظرها، كان هذا من وجوه التماس إعادة النظر طبقاً للفقرة الخامسة من المادة 241 من قانون المرافعات". (نقض مدني في الطعن رقم 128 لسنة 48 قضائية – جلسة 26/1/1981).
        وكان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "متى كان المطعون عليه لم يطلب الحكم على الطاعنة بشيء من طلباته وإنما اختصمها في الاستئناف ليصدر الحكم في مواجهتها وقضى الحكم المطعون فيه مع ذلك بإلزامها مع المطعون عليه الثاني بما حكم به، فإنه يكون قد قضى بما لم يطلب منه وبالتالي خالف القانون وأخطأ في تطبيقه". (نقض مدني في الطعن رقم 225 لسنة 32 قضائية – جلسة 11/5/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 1080).
        كذلك من المُقر في قضاء محكمة النقض أن: "العبرة في تحديد طلبات الخصم هي بما يطلب الحكم له به. وإذا كانت الشركة المطعون عليها الأولى لم تطلب الحكم على الطاعن والمطعون ضده الثاني بالتضامن، وإنما أشارت في صحيفة افتتاح الدعوى إلى أن مسئوليتهما تضامنية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بالتضامن تأسيساً على أن المطعون عليها الأولى طلبت الحكم به في صلب الصحيفة، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه". (نقض مدني في الطعن رقم 218 لسنة 38 قضائية – جلسة 21/2/1974 مجموعة المكتب الفني – السنة 25 – صـ 389).
وأخيراً قضت محكمة النقض بأن: "العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبوه على وجه صريح وجازم وتتقيد المحكمة بطلباتهم الختامية، وهى إذ تقضى بشيء لم يطلبوه أو أكثر مما طلبوه وهى مدركه  حقيقة ما قدم لها من طلبات وعالمه بأنها إنما تقضى بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه مسببه إياه في هذا الخصوص فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون". (نقض مدني في الطعن رقم 419 لسنة 57 قضائية – جلسة 23/12/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – الجزء رقم 2 – صـ 1973)
        لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد جاوز طلبات الخصوم وقضى بما يطلبه أحد منه، حيث أن المدعيات الثلاثة طلبن في صحيفة دعواهن المستأنف حكمها بطلان وفسخ عقد الإيجار الذي حررته هيئة الأوقاف مع السيد/ عبد الله منصور عبد الله، إلا أن الحكم الطعين قضى بعم نفاذ ذلك العقد في مواجهتهن، فإنه يكون – والحال كذلك – يكون قد قضى بما لم يطلبه أحد من الخصوم منه.
        فما كان على حكم محكمة أول درجة إذ وجد أن الطلبات التي طلبتها المدعيات غير قانونية، فتبرع من عنده وأضاف طلباً لم يطلبه أحداً منه – بزعم تكييف الطلبات – ومن ثم القضاء لهن بتلك الطلبات التي استحدثها الحكم نفسه. إذ أورد الحكم المستأنف صراحة في صفحته السابعة: "... وحيث أنه عن موضوع الطلبين الأول والثاني من طلبات المدعيات ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/10/2001 والمبرم فيما بين المدعى عليهما، وبفسخ ذلك العقد لبطلانه، فكلاهما ينطوي على طلب الحكم بعدم نفاذ ذلك العقد في مواجهتهن ... فذلك حسبنهن دفعاً لأثر ذلك العقد بالنسبة إليهن، ليغدو الأمر بشأن فسخه أو إبطاله قاصراً على أطرافه وهن لسن طرفاً فيه"؟!! أي أن الحكم بعد أن رأى أن طلب الفسخ أو الإبطال ليس من حق المدعيان لأنهن لسن طرفاً فيه، فاستحدث من عنده – ومساعدة منه لهن – طلباً جديداً لم يكن مطروحاً عليه ومن ثم القضاء به ألا وهو عدم نفاذ ذلك العقد في مواجهتهن. مع الأخذ في الاعتبار ما سبق تقريره من أن سلطة محكمة الموضوع في تكييف الدعوى ليست مطلقة بل مقيدة بوقائع الدعوى وطلبات الخصوم فيها ولا تملك التغيير في مضمون طلبات الخصوم واستحداث طلبات لم يطرحها عليها أحد. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.
3- ما بني على باطل فهو باطل:
        وبناء على ما تقدم، ولما كان القضاء بإخلاء عين التداعي وتسليمها للمدعيات مع الحكم لهن بمقابل الانتفاع بتلك العين، كلها بنيت على أساس القضاء الأولى بعدم نفاذ عقد الإيجار في مواجهتهن، وكان هذا القضاء قد شابه البطلان لقضائه بما لم يطلبه أحد من الخصوم منه، ومن ثم، فإن ما بني على باطل فهو باطل.
فتلك القاعدة من القواعد الأصولية في الشريعة والقانون، فمن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "جرى قضاء محكمة النقض على أن ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً. وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانه يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه بما في ذلك المنطوق الذي هو في واقع الحال الغاية من الحكم والنتيجة التي تستخلص منه وبدونه لا يقوم للحكم قائمة، وذلك لما هو مقرر من أن الحكم يُكون مجموعاً واحداً يكمل بعضه بعضاً. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ أحال منطوقه إلى منطوق الحكم المستأنف على الرغم من بطلانه لخلوه من تاريخ إصداره قد أنصرف أثره إلى باطل، وما بنى على باطل فهو باطل، وكان لا يعصم الحكم المطعون فيه استيفاءه لشرائط صحته واستكمال ما فات الحكم المستأنف من نقص في بياناته الجوهرية وإنشاءه لقضائه أسباباً خاصة به ما دام أنه أحال إلى منطوق الحكم المستأنف الباطل مما يؤدى إلى استطالة البطلان إلى الحكم المطعون فيه ذاته بما يعيبه ويوجب نقضه". (نقض مدني في الطعن رقم 449 لسنة 36 قضائية – جلسة 13/6/1966. وفي الطعن رقم 1105 لسنة 43 قضائية – جلسة 15/1/1974).      
        وترتيباً على ذلك يكون الحكم المستأنف كله بجميع مشتملاته قد أصابه البطلان لكونه قد بنى على باطل.
4- التضامن لا يفترض:
        تنص المادة 279 مدني على أن: "التضامن بين الدائنين أو المدينين لا يفترض، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون".
        وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الشأن: "... ومن الأصول المُقررة أن التضامن بنوعيه لا يُفترض. وليس يقصد بذلك إلى وجوب اشتراطه بصريح العبارة، فقد تنصرف إليه الإرادة ضمناً، ولكن ينبغي أن تكون دلالة الاقتضاء في مثل هذه الحالة واضحة لا خفاء فيها. فإذا اكتنف الشك هذه الدلالة، وجب أن يؤول لنفي التضامن لا لإثباته". (مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء 3 – صـ 51).
        هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: "من المُقرر عملاً بالمادة 279 من القانون المدني أن التضامن لا يفترض ولكن ينبغي أن يرد إلى نص في القانون أو إلى اتفاق صريح أو ضمني، وعلى قاضي الموضوع إذا استخلصه من عبارات العقد وظروفه أن يبين كيف أفادته هذه العبارات والظروف". (نقض مدني في الطعون أرقام 1498 و 1474 و 1521 لسنة 35 قضائية – جلسة 25/3/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – الجزء 1 – صـ 484).
        ومن ثم يكون قضاء الحكم المستأنف بإلزام هيئة الأوقاف المصرية بالتضامن مع شاغل عين التداعي (الذي كان يشغلها بالفعل من مدة طويلة من قبل تعاقده مع هيئة الأوقاف)، رغم عدم وجود اتفاق في هذا الشان ودون الاستناد إلى نص قانون في هذا الخصوص، فإن الحكم المستأنف يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله. بما يستوجب إلغاؤه.
5- عدم استحقاق الريع، لعدم إثبات سوء النية:
لما كان من المُقرر في قضاء النقض أنه: "من المقرر أن الحائز يعتبر سيئ النية من الوقت الذى يعلم فيه بعيوب سند حيازته، وهو يعتبر كذلك من تاريخ إعلانه برفع الدعوى عليه فى خصوص استحقاق العقار. وحسن النية يفترض دائماً فى الحائز حتى يقدم الدليل على العكس. وكان الثابت أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى ضد الطاعنين الثاني والثالث بطلب الريع في سنة 1972، وقد تمسك الأخيران بأنهما حائزان لأرض النزاع بحسن نية بموجب العقد المسجل رقم .... الصادر لهما من الطاعنة الأولى، فقد كان مقتضى ذلك إلزامهما بالريع من تاريخ إعلانهما برفع الدعوى، وهو الوقت الذى يعتبر الحائز فيه سيئ النية بعلمه بالعيب اللاصق بسند حيازته، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهم بالريع عن الفترة من سنة 1969 حتى تاريخ إعلان صحيفة الدعوى الابتدائية، دون أن يبين فى أسبابه كيف أفاد استخلاص سوء النية وعلم الطاعنين بالعيب اللاصق بسند استحقاقهم خلال هذه الفترة، ودون أن يرد على دفاعهم فى هذا الخصوص وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي فى الدعوى. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وعابه القصور فى التسبيب". (نقض مدني في الطعن رقم 1068 لسنة 47 قضائية – جلسة 7/4/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 1073 – فقرة 1).
        لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً أن حُسن النية يفترض دائماً في الحائز حتى يُقدم الدليل على عكس ذلك، وإذ كان الحكم المستأنف قد ألزم هيئة الأوقاف المصرية بريع عين التداعي دون أن يبين في أسبابه كيف استخلص سوء النية في جانب هيئة الأوقاف المصرية ودون أن يرد على دفاع الهيئة في هذا الشأن، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب، بما يستوجب إلغاؤه.
        ولما كان هذا الاستئناف قد أقيم في الميعاد القانوني ومستوفياً لكافة أوضاعه القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
لكل ما تقدم، ولما سيبديه الطالب بصفته من أسباب أخرى وأوجه دفاع ودفوع، مع حفظ حقه في إبداء كافة الدفوع الشكلية منها والموضوعية، عند نظر الاستئناف الماثل بالجلسات، في مرافعاته الشفوية ومذكراته المكتوبة.
ولما تراه عدالة محكمة الاستئناف الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطالب بصفته) القضاء لها في الاستئناف الماثل بما يلي:
"بنــاء عليــه"
أنا المحضر سالف الذكر قد أنتقل في التاريخ أعلاه إلى حيث مقر وتواجد المُعلن إليه وأعلنته وسلمته صورة من صحيفة هذا الاستئناف وكلفته بالحضور أمام محكمة استئناف القاهرة، الكائن مقرها بدار القضاء العالي بوسط مدينة القاهرة – بميدان الإسعاف – شارع 26 يوليو، وذلك أمام الدائرة ( ............ ) إيجارات، التي ستعقد جلساتها علناً بسرايا المحكمة في تمام الساعة التاسعة وما بعدها من صباح يوم  ……………………… الموافـــق …....../…......./2010 لسماعه الحكم ضده بما يلي:
"أولاً- بقبول هذا الاستئناف شكلاً.
ثانياً- وفي الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف، فيما قضى به في البندين "أولاً" و "ثالثاً"، والقضاء مُجدداً برفض الدعوى، مع إلزام المعلن إليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي".
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانــت،،،

الوجيز في عقد السمسرة

عقد السمسرة، وطبيعته:
لما كان عقد السمسرة، وعلى ما عرفته به المادة 306 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980، هو عقد يتعهد بموجبه السمسار لشخص بالبحث عن طرف ثان لإبرام عقد معين والتوسط لإبرامه في مقابل أجر.
وعقد السمسرة من عقود المعاوضة، لأن كلا من طرفيه يسعى للحصول على مقابل لما يؤديه، ولكنه عقد احتمالي، لأن السمسار لا يستحق أجره إلا إذا نجح في مسعاه. وهو كذلك من العقود المُلزمة للجانبين.
هذا، ويمتاز عقد السمسرة عن عقد الوكالة، بأن موضوعه "عمل مادي" هو السعي لإيجاد متعاقد آخر، وليس القيام "بعمل قانوني" كما هو شأن "الوكيل".
فالسمسار لا يشترك في إبرام العقد كوكيل عن أحد الطرفين، فهو فقط يقرب الطرفين إلى بعضهما ثم يتركهما يتعاقدان بأنفسهما أو يوكلان عنهما. (لطفاً، المرجع: "العقود التجارية" – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة دار النهضة العربية، القاهرة – بند 127 – صـ 111).
ذلك أن طبيعة مهمة السمسار تنتهي بمجرد سعيه في إيجاد متعاقد آخر وإبرام العقد معه، فلا شأن له بتنفيذه كله أو بعضه. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005  دار النهضة العربية، القاهرة – بند 369 – صـ 506).
ومن المُقرر في قضاء النقض المصرية أن: "يقتصر عمل السمسار على التقريب بين شخصين لإتمام الصفقة، دون أن يكون له شأن فيما يتم التعاقد عليه، فهو لا يمثل أحد المتعاقدين، ولا يوقع على العقد بوصفه طرفاً فيه". (نقض مدني جلسة 7 يونيو 1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – صـ 879).
حقوق السمسار:
ومن المُقرر قانوناً أنه يكفي لاستحقاق السمسار لأتعابه توافر شروط ثلاثة، هي:
وجود عقد سمسرة يربطه بالطرف المرفوع عليه الدعوى، وكما يكون العقد صريحاً قد يكون ضمنياً.
ونجاح التعاقد على الصفقة.
وأن يكون هذا النجاح بتدخل السمسار.
ويكفي لتحقق هذه الشروط أن يكون نجاح الصفقة وليد إرشاد السمسار للعميل إلى الطرف الراغب في التعاقد، وليس بلازم أن يشترك السمسار في المناقشة في شروط العقد الذي يتم بين طرفي الصفقة أو أن يبذل مجهوداً في تحديد الثمن.
الشرط الأول-  وجود عقد السمسرة :
فيُشترط وجود عقد سمسرة بين السمسار والشخص الذي يطالبه السمسار بدفع الأجر. وكما يكون العقد صريحاً، قد يكون ضمنياً.
العقد الضمني: تنص المادة 34 من القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980 على أن: "التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة الشائعة الاستعمال أو بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي أو باتخاذ أي موفق آخر لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود منه، وذلك ما لم يتطلب القانون - في حالة خاصة - حصول التعبير عن الإرادة على نحو معين".
كما تنص المادة 35 مدني على أنه: "يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً، ما لم يستلزم القانون أو الاتفاق أو طبيعة المعاملة أن يجئ صريحاً".
وتنص المادة 44 مدني على أنه: "لا ينسب لساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان يعتبر قبولاً. ويعتبر السكوت قبولاً، بوجه خاص، إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين، واتصل الإيجاب بهذا التعامل، أو إذا كان الإيجاب لمحض منفعة الموجب له. وكذلك يعتبر سكوت المشتري، بعد تسلمه البضاعة التي اشتراها وقائمة الثمن، قبولا لما ورد في هذه القائمة من شروط".
ومن ثم، فيجوز التعبير عن كل من الإيجاب والقبول باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً، كما يجوز باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود، بل يجوز أن يكون التعبير ضمنياً. ويعتبر استخلاص الرضا الضمني أو عدمه مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع ولا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض. (نقض مدني مصري جلسة 6 يناير 1964 مجموعة أحكام النقض – السنة 15 – صـ 43 – رقم 10).
إثبات العقد: وإثبات هذا العقد (الصريح أو الضمني) يقع على عاتق السمسار لأنه المدعي. فإذا فشل السمسار في هذا الإثبات كان "فضولياً"، ولم يكن أمامه سوى دعوى "الفضالة" – أو دعوى الإثراء بلا سبب – إذا توافرت شروطهما.
تحديد الأجر: وتنص المادة 307 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أنه: "إذا لم يعين أجر السمسار في القانون أو في الاتفاق، عين وفقاً لما يقضي به العرف. فإذا لم يوجد عرف قدره القاضي تبعا لما بذله السمسار من جهد وما صرفه من وقت في القيام بالعمل المكلف به".
فالأصل أن يحدد عقد السمسرة أجر السمسار، فإذا لم يتفق به على الأجر أو اتفق عليه ولم يحدد مقداره، عُيِنَ وفقاً لما يقضي به العرف، ومن حق السمسار إثبات "العرف" بكافة طرق الإثبات. فإذا لم يوجد عرف قدره القاضي وكان المرجع للمحكمة، فالسكوت في عقد السمسرة عن تحديد الأجر لا يسقط حق السمسار فيه إذ أنه من عقود المعاوضة، وللمحكمة أن تحدد قيمة هذا الأجر تبعاً لظروف كل دعوى مستهدية في ذلك بقيمة الصفقة ومدى المجهود الذي بذله السمسار وما إذا كان محترفاً للسمسرة وخاضعاً للضريبة ويستخدم موظفين وعمالاً ويستأجر مكاناً يباشر فيه أعماله ...الخ. (لطفاً، المرجع: "العقود التجارية" – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة دار النهضة العربية، القاهرة – بند 133 – صـ 118. ومرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005 ، دار النهضة العربية، القاهرة – بند 366 – صـ 500).
وإذا كان الأجر محدداً في العقد، فلا يجوز للمحكمة أن تعدل فيه، فالعقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، طبقاً للقواعد الأصولية العامة في القانون والشرع. 
الشرط الثاني-  نجاح السمسار في مهمته :
فيشترط لاستحقاق السمسار لأجرته أن ينجح في مهمته، أي إبرام العقد المقصود، فإذا نجح في ذلك فله الأجر، وإن لم ينجح فلا أجر مهما كانت المساعي والجهود التي بذلها. لذلك يعبر عن عقد السمسرة بأنه عقد احتمالي، لأن استحقاق السمسار أجره أمر غير مؤكد.
وفي الحالة الثانية، قد يكون للسمسار الحق في طلب التعويض إذا أثبت أن عدم إتمام الصفقة راجع إلى خطأ عميله أو تعسفه (بالرغم من توصل السمسار إلى شخص يقبل إبرام الصفقة بالشروط التي وضعها عميله وفي الأجل الذي حدده؛ طالما أن العميل لم يحتفظ صراحة بحقه في قبول أو رفض التعاقد)، ويستند التعويض هنا إلى إخلال العميل بالتزاماته التعاقدية الناشئة من عقد السمسرة. (نقض مدني مصري في الطعن رقم 601 لسنة 45 قضائية – جلسة 5 فبراير 1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 476. وفي الطعن رقم 21 لسنة 32 قضائية – جلسة 14/11/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 649). 
العقد الابتدائي والعقد النهائي: إذا كان العقد الذي يتوسط فيه السمسار يتم بعقد ابتدائي يليه عقد نهائي، فإن السمسار يستحق أجره بمجرد انعقاد العقد الابتدائي.
أما إذا كان العقد المتوسط فيه من العقود "الشكلية" التي لا تنعقد إلا بإجراء شكلي معين، كالرسمية بالنسبة لعقد الشركة أو بيع أو رهن أو تأجير استغلال المحل التجاري، فإن السمسار لا يستحق أجره إلا بتمام الشكل الذي يتطلبه القانون. على أن هذا لا يمنع السمسار من المطالبة بالتعويض إذا كان تراخي المتعاقدين في إتمام الشكل كان بقصد الإضرار به وحرمانه من أجره. ويرى جانب آخر من الفقه أن دور السمسار هو التوفيق بين المتعاقدين للوصول بهما إلى مرحلة تلاقي العروض تلاقياً كاملاً، فإذا نجح في ذلك استحق أجره كاملاً ولا شأن له بعد ذلك بصياغة العقد وإفراغه في الشكل القانوني المطلوب، فتلك مهمة المتعاقدين.
وإذا كان الإجراء الذي يتطلبه المشرع هو شرط لتنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد، كما هو الحال عند اشتراط المشرع التسجيل لنقل الملكية في العقارات، فإنه لا أثر لعدم القيام بهذا الإجراء على حق السمسار في الأجر، ذلك أن مناط استحقاق الأجر هو انعقاد العقد الذي يتحقق بمجرد التراضي ولا شأن له بالتنفيذ. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005  دار النهضة العربية، القاهرة – بند 372 صـ 509 – وبند 373 صـ 510).
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "الأصل أنه يكفي لاستحقاق السمسار كامل أجره مجرد إبرام الصفقة وإتمام العقد الابتدائي". (نقض مدني في الطعن رقم 19 لسنة 34 قضائية – جلسة 24/6/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1379).
وتنص المادة 308 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أنه: "لا يستحق السمسار أجره، إلا إذا  أدت وساطته إلى إبرام العقد. ويُستحَق الأجر بمُجرد إبرام العقد، ولو لم ينفذ كله أو بعضه ...".
ومن المُقرر في قضاء محكمة التمييز الكويتية أن: "السمسار يستحق أجره بمُجرد إتمام الصفقة، متى كان إبرامها قد تم نتيجة سعيه ووساطته، بأن تكون الصفقة ثمرة جهوده وتدخله". (حكم محكمة التمييز في الطعنين رقمي 136 و 177 لسنة 1994 تجاري – جلسة 15/1/1996).
ومن المُقرر في قضاء محكمة الاستئناف العليا بالكويت: "مؤدى نص المادة 306 من قانون التجارة الكويتي أن السمسرة عقد يلتزم بمقتضاه السمسار قِبل من فوضه بإيجاد متعاقد لإبرام عقد معين مقابل أجر، وهذا الأجر يُستحق طبقاً لما تنص عليه الفقرتان الأولى والثانية من المادة 308 من ذات القانون عند نجاح السمسار في وساطته بإبرام العقد فعلاً على يديه بين طرفين بغض النظر عن تنفيذه كله أو بعضه، لأن السمسار لا يضمن التنفيذ وتنتهي مهمته بمجرد نجاح سعيه في إيجاد متعاقد آخر وإبرام العقد نتيجة جهده وسعيه أما نفاذه بعد ذلك واقترانه لأجل واقف أو شرط فاسخ فإن الشركة الطاعنة (لسمسار) لا يضمن تنفيذه وتنتهي مهمته عند إبرام هذا العقد نتيجة جهده، ومن ثم يكون الحكم المستأنف في غير محله قانوناً". (الاستئناف المقيد بالجدول تحت رقم 897 لسنة 1995 تجاري – الدائرة الرابعة).
فالسمسار يستحق أجره بمجرد إبرام العقد بالشروط المتفق عليها في عقد السمسرة، كما يستحق السمسار عمولته ولو تم التعاقد بغير الشروط المتفق عليها بعقد السمسرة طالما لا يرجع ذلك إلى خطأ السمسار. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005 دار النهضة العربية، القاهرة – بند 366 – صـ 500. ونقض مدني مصري في الطعن رقم 692 لسنة 42 قضائية – جلسة 31/1/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 318).
فإذا نجحت مهمة السمسار في التوسط بين الطرفين وكللت جهوده بإبرام العقد المقصود بينهما، فقد استحق الأجر نهائياً بإبرام ذلك التصرف، ولا يُسأل بعد ذلك عن تنفيذ العقد، ولا يرد الأجر إذا تم فسخ العقد أو تم إبطاله، طالما كان السمسار حسن النية أي لا يعلم سبب الإبطال أو الفسخ في وقت تكوين العقد.
فمن المُقرر في قضاء النقض المصرية أنه: "متى تمت الصفقة نتيجة لسعي السمسار ووساطته، فإنه لا يحول دون استحقاقه للأجر، أن يفسخ العقد الخاص بالصفقة أو يبطل فيما بعد، لسبب كان السمسار يجهله وقت العقد، أو طرأ بعد تمامه". (نقض مدني جلسة 13 يونيو 1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1173)
لما كان ما تقدم، وكان السيد/ ............... وكيل الشركة المطعون ضدها قد أقر في جلسة 5/6/2008 أمام الخبراء، بأن تعاقد الشركة المطعون ضدها مع الشركة الأمريكية قد تم.
لما كان ذلك، وكانت المادة 57 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 تنص على أن: "الإقرار حجة على المُقر".
إذن فالواقعة محل الإقرار تعتبر ثابتة، وهذا الثبوت يُلزِم كُلاً من المُقر والقاضي. فالمُقر ليس له بعد إقراره أن يقدم دليلاً عكسياً كأن يطلب سماع شهود لإثبات عكس ما أقر به، أو أن يقدم كتابة لهذا الإثبات. ومن ناحية أخرى يلتزم لقاضى بالحكم وفقاً لمُقتضى الإقرار، فليس له حرية اقتناع بشأنه. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في قانون القضاء المدني" – للدكتور فتحي والى - الطبعة الثانية 1981، القاهرة – بند 297 – صـ 613).
وفى هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية بأنه: "من المُقرر بنص المادة 104 من قانون الإثبات (المصري المُقابلة لنص المادة 57 من قانون الإثبات الكويتي) أن الإقرار حجة قاطعة على المقر فتصبح الواقعة التي أقر بها الخصم في غير حاجة إلى الإثبات، ويُحسم النزاع في شأنها، ويأخذ بها لقاضى كواقعة ثابتة بالنسبة إلى الخصم الذي أقر بها" (نقض مدني في الطعن رقم 813 لسنة 49 قضائية - جلسة 28/2/1980. وفي الطعن رقم 509 لسنة 55 قضائية – جلسة 9/5/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 86).  
كما قضت محكمة النقض المصرية بأن: "المُقرر في قضاء هذه المحكمة - إن إقرار الوكيل في حدود وكالته حجة على موكله وينصرف أثره إليه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن البند الثالث عشر من عقد البيع المؤرخ 8/8/1966 المتضمن بيع الشركة المطعون ضدها الثانية للمطعون ضده الأول قطعة الأرض موضوع الدعوى، حظر على الأخير التنازل عنها للغير إلا بعد الحصول على موافقة الشركة الكتابية الصريحة على العقد بقبول التنازل وذلك لكي تحصل الشركة على حقوقها الثابتة في هذا العقد من المتنازل إليه، وكانت الكتابة المتطلبة في هذا الشأن هي للإثبات وكان المحامى الحاضر عن رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها الثانية قد قرر بمحضر جلسة 26/1/1975 أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة بموافقة الشركة على التنازل المؤرخ 10/2/1974 المتضمن تنازل المطعون ضده الأول للطاعن عن قطعة الأرض مُشتراة وذلك إذا دفع لها مؤجل الثمن وهو ما أكدته أيضا في مذكرتها المقدمة لتلك المحكمة في 9/3/1975 ومن ثم فإن التكييف القانوني الصحيح لما أقرت به الشركة أنها موافقة على التنازل معلقة على شرط الوفاء لها بكامل الثمن، وإذ تحقق هذا الشرط بسداد الطاعن المتنازل له عن الأرض كامل الثمن فإن موافقة الشركة تكون قد تحقق ولا يجوز لها أن تعود فتعدل عما وافقت عليه بمقولة أن هذه الموافقة تتطلب اتخاذ إجراءات معينة لم تتخذ بعد". (نقض مدني في الطعن رقم 1862 لسنة 59 قضائية – جلسة 13/1/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 143).
وكذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن: "إقرار الخصم بجوهر الواقعة المراد إثباتها بالاستجواب يجعل طلب الاستجواب غير مُنتج". (نقض مدني في الطعن رقم 461 لسنة 48 قضائية – جلسة 24/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 746 – فقرة 5).
وهدياً بما تقدم، فإن إقرار وكيل الشركة المطعون ضدها – أثناء سير الدعوى أمام محكمة الموضوع – بأن عقد شركته مع الشركة الأمريكية قد تم، ومن ثم يكون هذا الإقرار حجة قاطعة على المقر لا يقبل منه إثبات عكسه، ولا يجوز له الرجوع فيه، وليس للقضاء سلطة تقديرية بشأنه.
الشرط الثالث-  أن يكون إبرام الصفقة نتيجة تدخل السمسار :
وأخيراً، يشترط لاستحقاق السمسار للأجر أن يكون النجاح في إبرام الصفقة المقصودة بين عميله والغير، راجعاً إلى - وناتجاً عن - تدخل السمسار بجهوده ومساعيه.
ولذلك فلا يستحق السمسار أجراً إضافياً في حالة قيام عميله والغير الذي تعاقد معه بتجديد العقد. فالسمسار لا يستحق أجراً إلا عن الصفقة التي توسط في إبرامها، أما في حالة تجديد العقد أو حالة ما إذا أدى تعارف الطرفين (العميل والغير) إلى إبرام صفقات أخرى جديدة بينهما، فليس للسمسار أن يدعي أجراً عنها. (لطفاً، المرجع: "العقود التجارية" – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة دار النهضة العربية، القاهرة – بند 133 – صـ 119).
وفي حالة تواطأ عميله والغير بالتظاهر غشاً بعدم الاتفاق للإفلات من أجر السمسار، فيستحق السمسار تعويضاً عن ذلك، وقد يكون أنسب تعويض له هو أجر السمسرة، طالما أمكن له إثبات ذلك الغش والتواطؤ. 
تنفيذ عقد السمسرة
عدم توقف أجرة السمسار على تنفيذ العقد الذي توسط فيه:
تنص المادة 308 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أنه: "لا يستحق السمسار أجره، إلا إذا  أدت وساطته إلى إبرام العقد. ويُستحَق الأجر بمُجرد إبرام العقد، ولو لم ينفذ كله أو بعضه ...".
وكما سبق القول: فإن عمل السمسار هو "عمل مادي" وليس "عمل قانوني"، فعمل السمسار ينحصر فقط في إرشاد عميله إلى فرصة للتعاقد والسعي إلى إتمام الصفقة، من دون أن يبرم السمسار عقد الصفقة ولا يظهر فيه ولا يُسأل عن تنفيذه. فلا يُسأل السمسار عن يسار الشخص الذي أرشد عميله إليه للتعاقد معه، لأن السمسار لا يضمن تنفيذ العقد الذي يبرمه عميله مع الطرف الآخر. (لطفاً، المرجع: "العقود التجارية" – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة دار النهضة العربية، القاهرة – بند 131 – صـ 117).
فعمل السمسار ينتهي بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول، ولا شأن له بتنفيذ العقد أو تسليم الثمن أو تسليم المبيع إلى غير ذلك من الآثار التي قد تترتب على التعاقد، كما أن السمسار لا يُسأل عن حسن تنفيذ العقد أو ضماناته.
وإذا فسخ العقد المتوسط فيه لأسباب تتعلق بعاقديه أو استحالة تنفيذه، دون غش أو خطأ جسيم من السمسار، فلا أثر لذلك على حق السمسار في الأجر. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح قانون التجارة المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الثاني – الطبعة الرابعة 2005 ، دار النهضة العربية، القاهرة – بند 346 صـ 473 – وبند 371 صـ 508).
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "السمسار يكلفه أحد العاقدين بالتوسط لدى العاقد الآخر لإتمام صفقة بينهما، بأجر يستحق له بمقتضى اتفاق صريح أو اتفاق ضمني يستفاد من طبيعة عمله عند نجاح وساطته بإبرام عقد الصفقة على يديه. وليس يمنع عنه هذا الإجراء الذي استحقه بتمام العقد أن يفسخ العقد فيما بعد". (نقض مدني جلسة 27 ديسمبر 1945 - مجموعة مبادئ النقض لـ 25 عاماً - جـ 1 - صـ 681).
وهدياً بما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أن جهود وساطة الشركة الطاعنة قد كللت بالنجاح، ونتج عنها إبرام الشركة المطعون ضدها لعقد العمالة مع الشركة الأمريكية وقد تم الشروع في تنفيذ ذلك العقد بالفعل، حيث شهد السيد/ .......... مدير عام الشركة المطعون ضدها، بجلسة 7/10/2005 بأن شركته المطعون ضدها قد سددت بالفعل مبلغ 150000.00 د.ك (مائة وخمسون ألف دينار كويتي)، كتأمين لصالح الشركة الأمريكية المتعاقد معها. وهذا يفيد البدء في تنفيذ العقد بينهما.
كما قدمت الشركة الطاعنة شهادة رسمية (إلى محكمة أول درجة بجلسة 17/11/2008م) صادرة من البنك الذي تتعامل معه الشركة المطعون ضدها، تفيد هذه الشهادة بأن الشركة المطعون ضدها قد قامت بالفعل بالتأمين على عقد العمالة بموجب حوالة إلى شركة لويدز للتأمين، مبين فيها اسم المستفيد وسبب الحوالة. وهذا أيضاً يفيد البدء في تنفيذ العقد المبرم بينهما. ومن ثم تستحق الشركة الطاعنة عمولتها عن عقد السمسرة لا سيما وأنه لا يُسأل أصلاً عن تنفيذ العقد الذي نجح في التوصل إليه بين مفوضه في السمسرة وبين الشركة الأمريكية، ولا يضمن هذا التنفيذ.
إثبات عقد السمسرة:
طرق الإثبات: عقد السمسرة عقد رضائي لا يُشترط لإبرامه شكل معين، ويتم العقد شفاهه أو كتابة، والكتابة هنا "للإثبات" وليست "لانعقاد العقد"، ويجوز إثبات عقد السمسرة بكافة طرق الإثبات، بما فيها قرائن الأحوال وشهادة الشهود.
فعقد السمسرة مثله مثل باقي العقود التجارية يخضع في إثباته لمبدأ "حرية الإثبات"، فيجوز إثباته بغير الكتابة ولو زادت قيمته عن الحد المنصوص عليه قانوناً، أو كان غير محدد القيمة. بل ويجوز إثبات ما يخالف الكتابة بغير الكتابة (أي إثبات عكس ما جاء به بغير الكتابة إذا كان مكتوباً).
حيث تنص المادة 39 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 على أنه: "في غير المواد التجارية إذا كان التصرف تزيد قيمته على خمسة آلاف دينار أو كان غير محدد القيمة، فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ...".
كما تنص الفقرة الرابعة من المادة 5 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أن: "تعد أعمالاً تجارية الأعمال المتعلقة بالأمور الآتية، بقطع النظر عن صفة القائم بها أو نيته: ... 4- الوكالة التجارية و السمسرة ...".
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية: "جواز الإثبات في المواد التجارية بكافة طرق الإثبات إلا ما استثني بنص خاص". (نقض مدني في الطعن رقم2320 لسنة 59 قضائية – جلسة 13 يونيو 1996. وفي الطعن رقم 274 لسنة 60 قضائية – جلسة 10 أبريل 1997).
شهادة الشهود: ومن ثم، فطالما كان من الجائز إثبات عقد السمسرة بكافة طرق الإثبات، ومن ثم فيجوز إثباته بالبينة (أي بشهادة الشهود)، وحيث أحضرت الشركة الطاعنة شهود ثقاة وعدل في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة (شهود الشركة الطاعنة).    
أما شاهد الشركة المطعون ضدها الذي ذكر أن: عقد السمسرة مُعلق على شرط واقف هو التصديق عليه من السفارة الأمريكية في الكويت؛. فيُستدل من شهادته تلك على:
إثبات وجود عقد السمسرة بالفعل؛.
أن تعليق العقد على شرط إجرائي – حتى وإن صح هذا الزعم – فلا شأن ولا علاقة للسمسار به، فكما بينا آنفاً فالسمسار يستحق أجرته بمجرد إبرام العقد الابتدائي دون توقف على إبرام العقد النهائي أو استيفاء أي إجراء شكلي أو إداري أو تسجيل العقد أو خلافه؛.
أن العقد المتوسط فيه غير معلق على شرط واقف، حيث أن الثابت بالأوراق أن إن العقد الموقع عليه في 14/3/2005 وهو العقد المتوسط فيه بين شركة "لاروزا" المطعون ضدها و "الشركة الأمريكية"، غير معلق على أي شرط، ولا أدل على ذلك من أن ذلك العقد ذاته نص في نهايته على أنه: "اتفق الطرفان المذكوران أعلاه على التقيد تماماً بالبنود والشروط المذكورة أعلاه، وبموجب هذا يوقعان لجعل هذا العقد نافذاً في تاريخ التوقيع"؛.
أن العقد المتوسط فيه قد أبرم بالفعل مستوفياً كافة أركانه، بل وبدء في تنفيذه بالفعل، وقد سبق أن بينا ذلك من خلال شهادة السيد/ ............ سالفة الذكر (الذي كان يعمل مديراً عاماً للشركة المطعون ضدها في وقت إبرام عقد السمسرة وصفقة عقد العمالة مع الشركة الأمريكية)، وكذلك تقديمنا لشهادة من البنك الذي تتعامل معه الشركة المطعون ضدها تفيد التأمين على العقد المتوسط فيه لصالح الشركة الأمريكية (فضلاً عما سلف بيانه من أن السمسار لا يضمن تنفيذ العقد المتوسط فيه، ولا هو مسئول عن هذا التنفيذ، بل هو يستحق أجرته حتى ولو تم فسخ العقد أو إبطاله)؛.
مع ملاحظة أن سماع شهادة ذلك الشاهد تمت بالمخالفة للقانون، حيث أنه لم يحلف اليمين القانونية قبل الإدلاء بشهادته، وهذا كفيل وحده وفي حد ذاته بإبطال شهادته (بل وإبطال الحكم ذاته الذي عول في قضائه على هذه الشهادة)، استناداً إلى القاعدة الأصولية القاضية بأن: "ما بني على باطل فهو باطل".
حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 44 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 على أنه: "ويحلف الشاهد اليمين بأن يقول: أقسم بالله العظيم، ويكون الحلف على حسب الأوضاع الخاصة بدينه أن طلب ذلك".
هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية على أن: "التحقيق الذي يصح اتخاذه سنداً أساسياً للحكم، إنما هو الذي يجرى وفقاً للأحكام التي رسمها القانون لشهادة الشهود، تلك الأحكام التي تقضى بأن التحقيق يحصل أمام المحكمة ذاتها أو بمعرفة قاض تندبه لذلك، وتوجب أن يحلف الشاهد اليمين إلى غير ذلك من الضمانات المختلفة التي تكفل حسن سير التحقيق توصلاً إلى الحقيقة، أما ما يجريه الخبير من سماع الشهود ولو أنه يكون بناء على ترخيص من المحكمة لا يعد تحقيقاً بالمعنى المقصود إذ هو مجرد إجراء ليس الغرض منه إلا أن يستهدى به الخبير في أداء مهمته". (نقض مدني في الطعن رقم 199 لسنة 38 قضائية – جلسة 20/11/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – صـ 1114).
كما قضت محكمة النقض المصرية بأن: "العبرة بالشهادة التي يدلى بها الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين ولا قيمة لما يقدمه الشهود من إقرارات مكتوبة لأحد طرفي الخصومة". (نقض مدني في الطعن رقم 212 لسنة 37 قضائية – جلسة 21/3/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 439 – فقرة 3).
ومن المُقرر قانوناً أن سماع شهادة الشاهد بدون أن يحلف اليمين يبطل شهادته، ويبطل الحكم إذا استند إليها. لأن ما بني على باطل فهو باطل..
فمن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "جرى قضاء محكمة النقض على أن ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً. وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانه يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه بما في ذلك المنطوق الذي هو في واقع الحال الغاية من الحكم والنتيجة التي تستخلص منه وبدونه لا يقوم للحكم قائمة، وذلك لما هو مقرر من أن الحكم يُكون مجموعاً واحداً يكمل بعضه بعضاً. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ أحال منطوقه إلى منطوق الحكم المستأنف على الرغم من بطلانه لخلوه من تاريخ إصداره قد أنصرف أثره إلى باطل، وما بنى على باطل فهو باطل، وكان لا يعصم الحكم المطعون فيه استيفاءه لشرائط صحته واستكمال ما فات الحكم المستأنف من نقص في بياناته الجوهرية وإنشاءه لقضائه أسباباً خاصة به ما دام أنه أحال إلى منطوق الحكم المستأنف الباطل مما يؤدى إلى استطالة البطلان إلى الحكم المطعون فيه ذاته بما يعيبه ويوجب نقضه". (نقض مدني في الطعن رقم 449 لسنة 36 قضائية – جلسة 13/6/1966. وفي الطعن رقم 1105 لسنة 43 قضائية – جلسة 15/1/1974).      
ومن ثم تكون الشركة الطاعنة قد نجحت في إثبات دعواها على النحو المُتطلب قانوناً، وتكون الشركة المطعون ضدها قد عجزت عن نفي ما أثبتته الشركة الطاعنة قانوناً، وعليه تكون دعوى الشركة الطاعنة قد جاءت على سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون. 
الإثبات بقرائن الأحوال: وكذلك، يجوز إثبات عقد السمسرة بكافة طرق الإثبات، بما فيها القرائن. ولما كان الإثبات بالقرائن ينصب على واقعة أخري متصلة بمحل النزاع وليس على واقعة النزاع نفسها, حيث يعتبر أن إثبات هذه الواقعة ذات الصلة، في ذات الوقت، إثباتاً للواقعة محل النزاع. ولذلك فهي من طرق الإثبات غير المباشرة.
والقرائن نوعان فهي أما قرائن قانونية, أي قرائن أوردها القانون ونص عليها. وإما قرائن قضائية حيث يستنبطها القاضي من وقائع الدعوى وظروفها في كل حالة على حدة.
والقرينة القضائية يستخلصها القاضي مما هو مطروح أمامه من وقائع الدعوى, فيصل منها بطريق الاستنباط إلى الاقتناع بصحة وقائع أخري واعتبار هذه الوقائع ثابتة.
والقرينة القضائية تعد من قبيل الأدلة غير المباشرة, إذ لا يقع الإثبات فيها على الواقعة ذاتها مصدر الحق بل على واقعة أخري إذا ثبتت أمكن أن يستخلص منها ثبوت الواقعة المراد إثباتها أصلاً. ومن أمثلة ذلك: أن يكون السند في يد المدين قرينة على الوفاء. فالواقعة المعلومة هي وجود سند الدين في يد المدين. ويستدل القاضي من هذه الواقعة على واقعة الوفاء. 
لا سيما وأنه من المُقرر قانوناً: "أن من يحمل عبء الإثبات ليس مُطالباً بإثبات كامل وقاطع، ولا هو مُكلف بإثبات كل عنصر من العناصر التي تتكون منها الواقعة مصدر الحق المُدعى به، وليست الحقيقة القضائية التي يتولى إثباتها بالحقيقة المُطلقة التي لا يُداخلها الشك، فالقانون لا يطلب المستحيل، وإنما يكتفى ممن يحمل عبء الإثبات أن يُقنع القاضي بأن الأمر الذي يدعيه أمر مُرجح الوقوع بحيث يكون من المعقول التسليم بوقوعه فعلاً. وينفي القاضي ما بقي من شك يحوم حول الأمر بأن ينقل عبء الإثبات إلى الخصم الآخر [لكي ينفي ما أثبته خصمه]". (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثاني – طبعة 2006، القاهرة – بند 56 – صـ 73 : 75).
وفي هذا الصدد, تنص المادة 52 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 على أن: "القرائن التي ينص عليها القانون تغني من قررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات، على أنه يجوز نقض هذه القرائن بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك. وللقاضي أن يستنبط قرائن أخرى للإثبات وذلك في الأحوال التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود".
هذا، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "لقاضى الموضوع أن يستنبط من وقائع الدعوى ومن مسلك الخصوم فيها القرائن التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته". (نقض مدني في الطعن رقم 1799 لسنة 62 قضائية – جلسة 17/6/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 712 – فقرة 5).
لما كان ما تقدم، وكان الثابت بأوراق الدعوى أن ممثل الشركة الطاعنة كان قد أرسل لممثل الشركة المطعون ضدها (قبل إبرام الأخير عقد "العمالة" مع الشركة الأمريكية، نتيجة وساطة الشركة الطاعنة)، كان قد أرسل إليه رسالة بالبريد الإلكتروني في تاريخ 6/ 3/2005 يحثه علي توقيع العقد "الوساطة والسمسرة" قبل أن يوقع مع الشركة الأمريكية، فرد ممثل الشركة المطعون ضدها (بذات الطريقة) قائلاً: لا مانع من توقيع العقد فور انتهاء محامينا من دراسة بنوده
وبعد قيام الشركة المطعون ضدها بتوقيع عقد العمالة مع الشركة الأمريكية (بفضل وساطة الشركة الطاعنة)، ذهب ممثل الشركة الطاعنة إلى مقر الشركة المطعون ضده يلوم ممثلها ويطالبه بحقه، فطلب منه ممثل الشركة المطعون ضدها: إمهاله عدة أيام سيتم بعدها إنجاز ما تم الاتفاق عليه بينهما؛ إلا أنه وبعد عدة أيام أرسل ممثل الشركة المطعون ضدها إلى ممثل الشركة الطاعنة رسالة بالبريد الإلكتروني (الإيميل) – في تاريخ 19/3/ 2005 يخطره فيها: بأنه لن يدفع إليه إلا بعد استلامه الدفعات من الشركة الأمريكية
ومن هذه الوقائع الثابتة يقيناً – وغيرها كثير – يمكن استخلاص واستنباط وجود عقد السمسرة بين الشركة الطاعنة وبين الشركة المطعون ضدها، مقابل الأجرة التي ذكرته الشركة الطاعنة وشهد بصحته أكثر من شاهد عدل وثقة.
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "إذا ما استندت محكمة الموضوع في قضائها إلى جملة قرائن يكمل بعضها بعضا وتؤدى في مجموعها إلى النتيجة التي خلصت إليها، فإنه لا يقبل من الخصم مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها بذاتها". (نقض مدني في الطعن رقم 1136 لسنة 55 قضائية – جلسة 23/6/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 1098 – فقرة 5).
علماً بأن ممثل الشركة المطعون ضدها ذاته قد أقر بصحة إرساله هذه الرسائل الإلكترونية إلى ممثل الشركة الطاعنة، ولكنه حاول التنصل من التزاماته الناشئة عن عقد السمسرة بإدعاء أنه كان يقصد في هذه الرسائل صفقة أخرى مع شخص آخر، وهو قول مرسل يدحضه المنطق السليم، إذ لو صح زعمه هذا فلماذا أرسلها إلى ممثل الشركة الطاعنة، ولماذا في أحد هذه الرسائل – المؤرخة 29 مارس 2005 – يقول صراحة ما نصه: "بخصوص العمولة، لن أتمكن من دفع المبلغ إلا بنسبة كل شهر بشهره، ابتداء من ثاني دفعة استلمها، وذلك من قيمة المشروع بدون الأوفر تايم".
كل هذا يؤكد صحة الوقائع كما ذكرتها الشركة الطاعنة، ويدحض المزاعم التي يزعمها ممثل الشركة المطعون ضدها، فضلاً عن أن الشركة الطاعنة قد قامت بالفعل بتقديم شهادة رسمية (إلى محكمة أول درجة بجلسة 17/11/2008م) صادرة من البنك الذي تتعامل معه الشركة المطعون ضدها، تفيد هذه الشهادة بأن الشركة المطعون ضدها قد قامت بالفعل بالتأمين على عقد العمالة بموجب حوالة إلى شركة لويدز للتأمين، مبين فيها اسم المستفيد وسبب الحوالة. وهذه قرينة قاطعة الدلالة على أن عقد العمالة الذي توسطت فيه الشركة الطاعنة قد أبرم بين الشركة المطعون ضدها وبين الشركة الأمريكية وأنه دخل حيز التنفيذ بالفعل.
مبدأ ثبوت بالكتابة: هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن المادة 41 من قانون الإثبات الكويتي رقم 39 لسنة 1980 تنص على أنه: "يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة في الأحوال الآتية: أولاً- إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة، ويعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعي به قريب الاحتمال ...".
ومن هذا النص يتضح أن "مبدأ الثبوت بالكتابة" هو عبارة عن "كتابة صادرة ممن يراد الإثبات ضده، ليست سندا كاملا بما يراد إثباته، وإنما تجعله قريب الاحتمال". فهي في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون "دليل كتابي" ولكنه دليل كتابي "ناقص" لا يتوافر فيه شروط الدليل الكتابي "الكامل" على النحو الذي يتطلبه القانون. ولكن إذا توافر مبدأ الثبوت بالكتابة، فإنه يجوز في هذه الحالة إثبات التصرف القانوني بشهادة الشهود أو بالقرائن أو بهما معاً، أي أن الإثبات بتلك الوسائل يساند ويعاضد الدليل الكتابي الناقص فيُكمله، بحيث يرقى به إلى مرتبة الدليل الكامل في إثبات ما كان يجب إثباته أصلاً بالكتابة.
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "نص المادة 62 من قانون الإثبات (المصري المُقابلة لنص المادة 41 من قانون الإثبات الكويتي) يدل – وعلى ما جرى به قضاء النقض – على أن المُشرع قد جعل لمبدأ الثبوت بالكتابة، ما للكتابة من قوة في الإثبات، حين أكمله الخصوم بشهادة الشهود أو القرائن، واشترط لتوافر مبدأ الثبوت بالكتابة أن تكون هناك ورقة مكتوبة، صادرة من الخصم المُراد إقامة الدليل عليه أو ممن يمثله أو ينوب عنه قانوناً، وأن يكون من شأنها أن تجعل الالتزام المدعى به أو الواقعة المُراد إثباتها قريبة الاحتمال. وأن تقرير ما إذا كانت الورقة المُراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من جهة كونها تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال من عدمه، يعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بشرط أن يكون ما استخلصه وبنى عليه قضاءه سائغاً". (نقض مدني في الطعن رقم 493 لسنة 49 قضائية – جلسة 28/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – جـ 1 – صـ 581).
لما كان ذلك، وكانت رسائل البريد الإلكتروني الصادرة من ممثل الشركة المطعون ضدها تجعل الالتزام المُدعى والواقعة المراد إثباتها "قريبة الاحتمال"، ومن ثم فيمكن اعتبار ذلك مبدأ ثبوت بالكتابة، وطالما أكملته الشركة الطاعنة بقرائن الأحوال وشهادة الشهود على النحو السالف ذكره، فيكون لهذا الدليل قوة الدليل الكتابي الكامل في الإثبات، ناهيك عن أن القانون لا يشترط إثبات عقد السمسرة (بوصفة من العقود التجارية) بالكتابة أصلاً. وإن كان ذلك يعتبر بمثابة دليل تكميلي يضاف إلى ما سبق التدليل به على صحة إدعاء الشركة الطاعنة في دعواها.
تكييف عقد السمسرة
لما كانت مسألة تكييف العقد (أي تحديد طبيعته وإعطائه الوصف القانوني الصحيح)، مسألة قانونية محضة، يختص بها قاضي الموضوع، تحت رقابة محكمة النقض (أو التمييز).
حيث أنه من المسلم به في فقه القانون المدني أنه متى كشف القاضي عن إرادة المتعاقدين، كيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح غير متقيد بتكييف المتعاقدين، ثم رتب على هذا التكييف آثاره القانونية. وهو خاضع في التكييف وما رتبه من آثار لرقابة محكمة النقض (أو التمييز)، لأنه يطبق القانوني على الواقع، وتطبيق القانون يعد من المسائل القانونية التي تختص محكمة النقض بمراقبتها. (لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول: "مصادر الالتزام" – المجلد الأول: "العقد" – الطبعة الثالثة 1981 القاهرة – بند 388 – صـ 804 وهامشها).
ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "العبرة في تكييف العقود هي بحقيقة ما عناه العاقدون منها، وتعرف هذا القصد من سلطة محكمة الموضوع، ومتى تبينت تلك المحكمة إرادة العاقدين على حقيقتها، فإن عليها أن تكيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح غير متقيدة في ذلك بتكييف العاقدين". (نقض مدني في الطعن رقم 107 لسنة 37 قضائية – جلسة 28/12/1971 مجموعة المكتب الفني – السنة 22 – صـ 1115 – فقرة 5).
لما كان ذلك، وكان من المُقرر قانوناً - وعلى ما تواتر عليه قضاء محكمة النقض المصرية – أن: "مهمة الخبير تقتصر على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء الرأي في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه، دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 59 لسنة 41 قضائية - جلسة 23/12/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1653).
لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر قانوناً فقهً وقضاءاً أن: "وصف الرابطة بين الخصوم، وإسباغ التكييف القانوني عليها هي مسألة قانونية بحتة فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ولا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها في ولايتها وحدها ولا يجوز لها أن تستند إلى ما أورده الخبير في هذا الصدد ولا غِناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنها فإن استندت إلى تقرير الخبير في هذا الشأن كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب". (لطفاً، المرجع: "التعليق على قانون الإثبات" – للمُستشار/ عز الدين الدناصوري والأستاذ/ حامد عكاز – الطبعة العاشرة 2002 – المادة 135 – صـ 1229).
كما أنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانوني عليها هو مسألة قانونية بحتة، فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها، ولا للمحكمة أن تنزل عنها، لأنها في ولايتها وحدها، ولا يجوز أن تستند إلى ما أورده الخبير في هذا الصدد، ولا غناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنها، فإن استندت  إلى تقرير الخبير في هذا الشأن كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب". (نقض مدني في الطعن رقم 362 لسنة 62 قضائية – جلسة 21/4/1998).
لما كان ذلك، وكان تقرير الخبرة المودعة تقاريره بملف الطعن الماثل قد تجاوز حدود اختصاصاته بخوضه في مسائل قانونية محضة، يستقل بها القضاء وحده دون غيره، حيث أورد التقرير أن: "طبيعة العلاقة بين الطرفين أن المدعي (الشركة الطاعنة) قد عرض على المدعي عليها (الشركة المطعون ضدها) بأن هناك شركة أمريكية تريد التعاقد مع شركة كويتية لتوفير موظفين لتنفيذ عقودها في العراق، ولم يتبين للخبرة وجود أي اتفاق أو عقود سمسرة (مكتوبة) بين الطرفين، وخلا ملف الدعوى مما يؤكد وجود تلك السمسرة باستثناء مراسلات إلكترونية لا تعد دليلاً على وجود اتفاق سمسرة بين الطرفين"؟!!
وعليه، فما كان للخبرة الفنية أن تطرق لمسألة وصف الرابطة بين الخصوم، ولا تحديد العلاقة القانونية بينهما، ولا تكييف العقد المدعي به (على أنه مجرد "عرض")، ولا الخضوع الأدلة القانونية وما يجوز الاحتجاج به وما لا يجوز الاحتجاج به في خصوص إثبات وجود عقد السمسرة بين الطرفين. فكل تلك مسائل قانونية القول الفصل فيها للقضاء وليس للخبراء الفنيين المحاسبين.
والخبرة الفنية حتى لم تبحث هذه المسألة "القانونية" التي تطرقت إليها بدون داع، وإنما فقط رددت أقوال الشركة المطعون ضدها، حيث أن الشركة المطعون ضدها قد سبق لها أن دفعت بأنها: "لم تكلف الشركة المدعية (الطاعنة) أو أياً من موظفيها بالبحث لها عن متعاقد لإبرام العقد المدعى به، وإنما عُرِضَ عليها ذلك من قِبل المدعو/ .............. وتمت المفاوضات على هذا الأساس". (لطفاً، يُراجع مذكرة دفاع الشركة المطعون ضدها المقدمة لمحكمة أول درجة أثناء حجزها للحكم لجلسة 19/11/2006).
وحتى إن صدق هذا الزعم، فسيان – من الناحية القانونية – في إبرام العقد أن يصدر الإيجاب من أي طرف من طرفيه، أي سواء صدر الإيجاب من الشركة الطاعنة وصادفه قبول من الشركة المطعون ضدها، أو صدر إيجاب من الشركة المطعون ضدها وصادفه قبول من الشركة الطاعنة، فالنتيجة واحدة، وهي اقتران الإيجاب بالقبول، ومن ثم ينعقد العقد.
وبالتالي فلا أثر قانوني لما تقول به الشركة المطعون ضدها من أنها لم تكلف ولم تفوض وإنما عرض عليها الأمر، طالما أنها قبلت هذا العرض، بدليل أنها أرسلت أيميل للشركة الطاعنة تفيد موافقتها على دفع العمولة لها (حيث أقرت الشركة المطعون ضدها في الرسالة الإلكترونية المعنونة بـ: "موافقة على العمولة" المرسلة للشركة الطاعنة في تاريخ 6/3/2005
وهذا يقطع باقتران إيجاب (عرض) رجل الشركة الطاعنة بقبول ممثل الشركة المطعون ضدها، ومن ثم فقد تم انعقاد العقد وترتبت آثاره والتزاماته على طرفيه.
وفي هذا الشأن تنص المادة 31 من القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980 على أن: "العقد هو ارتباط الإيجاب بالقبول على إحداث اثر يرتبه القانون".
كما تنص المادة 32 من ذات القانون على أن: "ينعقد العقد بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول، إذا ورد على محل واستند إلى سبب معتبرين قانوناً ...".
كما تنص المادة 39 من ذات القانون على أن: "يعتبر إيجابا العرض الذي يتضمن عزم صاحبه على إبرام العقد بمجرد أن يقبله الموجب له ...".
كما تنص المادة 47 من ذات القانون على أنه: "إذا ارتبط الإيجاب بالقبول، لزم العقد طرفيه، ولا يكون لأي منهما عنه نكوص ...".
كما تنص المادة 196 من ذات القانون على أن: "العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه ...".
كما تنص المادة 197 من ذات القانون على أنه: "يجب تنفيذ العقد طبقا لما يتضمنه من أحكام، وبطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل".
ومن ثم، فهذا "العرض" الذي تقول به الشركة المطعون ضدها، وسايرها في ذلك تقرير الخبرة الفنية، لم يظل "عرضاً"، إي إيجاب معلق، لم يصادف قبول، بل اقترن بالقبول (الصريح، أو الضمني على أقل تقدير) من الطرف الثاني، ومن ثم فقد انعقد العقد ونشأ ونتج عنه التزاماته على عاتق طرفيه، ولا يجوز لأي منهما النكوص عنه ولا أن يستقل بتعديله أحكامه أو نقضه بل يوجب القانون عليه تنفيذه بطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل.
مع ملاحظة أن كتابة العقد هنا ليست شرطاً لانعقاده وإنما هي للإثبات فقط، لكونه من العقود الرضائية (أي ينعقد بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول)، ومن ثم فيجوز إثباته بكافة طرق الإثبات.
وعليه، فما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ ذلك التقرير محمولاً على أسبابه – في هذه الجزئية المتقدم ذكرها – لأنه لا يجوز لها أن تنزل عن ولايتها للخبراء للفصل في الشق القانوني في موضوع الدعوى المطروح عليها، ولا غِناء عن أن تقول محكمة الموضوع كلمتها هي في هذا الشأن، وإن هي لم تفعل، مكتفية بالاستناد إلى تقرير الخبرة الفنية، فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله، وكذا بالقصور في التسبيب بما يبطل الحكم المطعون فيه، بما يستوجب تمييزه.