الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

المنازعات المستثناة من العرض على لجان التوفيق في بعض المنازعات المشكلة بالقانون رقم 7 لسنة 2000



المنازعات المستثناة من العرض على لجان التوفيق في بعض المنازعات المشكلة بالقانون رقم 7 لسنة 2000

محكمة استئناف عالي القاهرة
الدائرة 19 إيجارات

مـذكــرة
بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية        (مستأنف ضدها الثانية)

ضـــد

السيد/ محمد *****           (مستأنف)


في الاستئناف رقم 22801 لسنة 122 قضائية "استئناف القاهرة"
والمحدد لنظره جلسة يوم السبت الموافق **/**/2011م للمرافعة.

أولاً- الوقائع
تخلص وقائع الاستئناف الماثل في أن المستأنف كان قد عقد الخصومة ابتداءً، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة أول درجة، وقيدت برقم 10311 لسنة 2002 إيجارات كلي جنوب القاهرة، طلباً في ختامها الحكم له: "بتحديد القيمة الايجارية لدكان التداعي في ظل القانون رقم 6 لسنة 1997 والقانون رقم 14 لسنة 2001 مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة"، على سند من القول إن مورثه (عبد القادر سليمان) وشريكه (محمد أحمد فرج) كانا يستأجران – من وزارة الأوقاف – بموجب عقد إيجار مؤرخ في يونيو من عام 1955، ما هو: دكان التداعي ويحمل رقم 2 بحارة جامع عزبان – قسم الموسكي – العتبة – القاهرة، والتابع لجهة وقف/ عزبان الخيري، وذلك بقيمة إيجارية شهرية قدرها 20.815جم (عشرون جنيهاً وثمانمائة وخمسة عشر مليماً)، وحيث زعم المدعي إن مورثه قد تقاسم مع شريكه (حال حياتهما) دكان التداعي (استئجارهما) – فيما بينهما، ودون تدخل أو علم أو موافقة الأوقاف (المؤجرة) – وأصبح لكل منهما فترينته الخاصة، ولكنهما ظلا يسددان القيمة الايجارية عنهما باعتبارهما محلاً واحداً للأوقاف، وإذ زعم المدعي (المستأنف) بحدوث جدل بينه وبين الأوقاف بشأن زيادة القيمة الايجارية للدكان محل التداعي، مما حدا به إلى إقامة الدعوى المستأنف حكمها بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.
وتداولت الدعوى أمام محكمة أول درجة بالجلسات، على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 25/1/2003 أصدرت محكمة أول درجة حكماً تمهيداً بإحالة الدعوى لمكتب خبراء وزارة العدل لمباشرة المأمورية التي أناطها به الحكم التمهيدي، ونفاذاً لذلك الحكم باشر الخبير المنتدب المأمورية المنوطة به وأودع تقريره الذي انتهى فيه إلى نتيجة نهائية مفادها إنه غير وارد بالكشوف الرسمية المستخرجة من مصلحة الضرائب العقارية تاريخ إنشاء عين النزاع كما إنه لم يتم تقديم أي مستندات للخبرة الفنية تفيد تاريخ الإنشاء ومن ثم فإنه لا يمكن حساب الأجرة القانونية لعين النزاع والزيادات التي طرأت عليها وفقاً لقوانين إيجار المتعاقبة. ومن ثم تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 29/10/2005 قضت عدالة محكمة أول درجة: "بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن التوفيق في بعض المنازعات".
وإذ لم يرتض المدعي (المستأنف) بذلك القضاء، ومن ثم فقد طعن عليه بالاستئناف الماثل، بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب في ختامها الحكم له بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً له بطلباته الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى أمام محكمة أول درجة، وتداول الاستئناف بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره، ومن ثم قضت عدالة محكمة الاستئناف بإحالة الاستئناف إلى مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق عناصر الدعوى ومباشرة المأمورية التي أناطها به الحكم التمهيدي، ونفاذاً لذلك الحكم باشر الخبير المنتدب المأمورية المنوطة به وأودع تقريره الذي انتهى فيه إلى نتيجة نهائية مفادها إن عين التداعي منشأة قبل عام 1944 وأن أجرة الأساس في أبريل 1941 هي 12جم (اثنا عشر جنيه) لكامل محل التداعي، وإذ قام المستأجران بتقسيمه إلى محلين فيما بينهما فإن أجرة محل التداعي الذي يشغله المدعي (المستأنف) تبلغ (12جم ÷ 2) = 6جم (ستة جنيهات) ومن ثم قام الخبير باحتساب التخفيضات والزيادات على تلك الأجرة (ستة جنيهات) حتى بلغت في تاريخ 1/4/2002 مبلغاً وقدره 202.0138جم (مائتان واثنان جنيه ومائة وثمانية وثلاثون مليماً). علماً بأن تلك القيمة هي على نصف المحل فقط، بينما عقد إيجار عين التداعي كان عن العين كلها لمستأجرين اثنين، فقيام المستأجران بتقسيم المحل فيما بينهما بدون علم أو موافقة الأوقاف، لا يسري في حق الأوقاف ويظل العقد عن العين كاملة ويلتزم المستأجران بالتضامن بالوفاء بقيمة الأجرة كاملة للأوقاف، وهو ما كانا يقومان بعد إلى حين، ومن ثم فلا محل لما قام به الخبير – بناء على طلب المستأنف – من احتساب القيمة الإيجارية عن نصف المحل المؤجر فقط بزعم أنه الجزء الذي يشغله المستأنف.  

ثانياً- الدفاع
في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفوع والدفاع المبداه منا أمام محكمة أول درجة والسابق تقديمها لعدالة محكمة الاستئناف وكذلك مذكرات الدفاع المقدمة منا أمام الخبرة الفنية، ونعتبرهم جميعاً جزءً لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، ونضيف إلى ما سبق ما يلي:
هيئة الأوقاف المصرية تطلب رفض الاستئناف الماثل وتأييد الحكم المستأنف، لعدم صحة مطاعن المستأنف على الحكم المستأنف الذي أصاب صحيح القانون:
طلب المستأنف في صحيفة استئنافه الماثل إلغاء الحكم المستأنف بزعم إنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله عندما قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2002 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات، زاعماً أن المنازعات الايجارية المستندة إلى نصوص وأحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتعاقبة تعد قوانين خاصة وزعم إنه بالتالي فإن الدعاوى الناشئة عنها تكون مستثناة من العرض على لجان التوفيق في بعض المنازعات، وهذا الزعم ظاهر البطلان ومردود عليه بأنه:
تنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها على أن: "ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر، للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة".
وتنص المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن إنشاء لجان التوفيق على أنه: "عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي أجهزتها طرفاً فيها، وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، وتلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية، ... تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه ...".
        ومفاد نص المادة الرابعة أن المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة تخرج من اختصاص لجان التوفيق ويظل الاختصاص بها منعقداً للمحاكم أو للجهات القضائية المختصة المنصوص عليها بتلك القوانين الخاصة، نظراً لأن القانون قد أفرد بعض المنازعات بأنظمة خاصة من حيث طريقة رفعها أو أثناء نظرها، لذلك فقد رؤى إخراج تلك المنازعات من اختصاص لجان التوفيق.
        واستثناء المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، جاء بصيغة العموم، بحيث يشمل جميع المنازعات التي تنظمها قوانين أو نصوص خاصة سواء كانت هذه القوانين خاصة بطبيعتها أو كانت المنازعة منظمة في القوانين بنصوص خاصة.
والمنازعات التي تنظمها قوانين خاصة هي:
قانون المحكمة الدستورية العليا: حيث حدد القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا قواعد تعيين السادة أعضاء المحكمة ومرتباتهم وبدلاتهم وندبهم وإعارتهم ومخاصمتهم وأجازاتهم حقوقهم وضماناتهم وتأديبهم، ونصت المادة 16 من هذا القانون على اختصاص المحكمة الدستورية دون غيرها بالفصل في الطلبات الخاصة بمرتباتهم ومكافأتهم ومعاشاتهم وكذلك بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئونهم وطلبات التعويض عنها، ونصت المادة 20 من هذا القانون أيضاً على اختصاص الجمعية العامة للمحكمة بهيئة تأديبية بتأديب السادة أعضاء المحكمة، وبينت المادة 19 من ذات القانون ضمانات التأديب. ومما تقدم يبين أن جميع المنازعات المتعلقة بالأمور السابقة تخرج من اختصاص لجان التوفيق لأن قانون المحكمة الدستورية العليا يفردها بقواعد وأنظمة خاصة.
قانون السلطة القضائية: لقد نظم القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المسائل المتعلقة بتعيين السادة القضاة وأعضاء النيابة العامة وترقياتهم وأقدميتهم ونقلهم وندبهم وإعارتهم ومرتباتهم ومعاشاتهم وحقوقهم وواجباتهم والتفتيش على أعمالهم ونظر تظلماتهم والطعون في القرارات الخاصة بشئونهم فنصت المادة 83 من القانون المذكور على اختصاص دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم. وكذا الفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات، وأيضاً بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم. كما تضمنت المادة 98 من القانون سالف الذكر النص على تشكيل مجلس تأديب يختص بتأديب القضاة، كما بينت المادة 99 وما بعدها من هذا القانون ضمانات السادة القضاة أمام مجلس التأديب والجزاءات التي يجوز توقيعها إلى غير ذلك من مسائل التأديب. ومن ثم فإن جميع هذه المنازعات تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
قانون مجلس الدولة: لقد نظم القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة شئون السادة أعضاء المجلس من حيث تعيينهم وترقيتهم وتحديد أقدميتهم ونقلهم وندبهم وإعارتهم وحقوقهم وواجباتهم والتفتيش على أعمالهم وأجازاتهم وتأديبهم وضمانات التأديب والعقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على الأعضاء، ونصت المادة 112 من القانون المذكور على تشكيل مجلس التأديب والإجراءات التي تتبع أمامه، كما نصت المادة 104 من ذات القانون على اختصاص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم والتعويض عنها. ومن ثم فإن جميع هذه المنازعات تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
قانون هيئة قضايا الدولة: لقد نظم القانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 بشأن هيئة قضايا الدولة المسائل المتعلقة بتعيين السادة أعضاء الهيئة وترقيتهم وتحديد أقدميتهم ونقلهم وندبهم وإعاراتهم وحقوقهم وواجباتهم وضماناتهم والتفتيش على أعمالهم وأجازاتهم، ولقد تضمنت المادتان 25 و 26 من القانون المذكور الأحكام الخاصة بتأديب أعضاء الهيئة والإجراءات المتبعة أمام لجان التأديب وضمانات الأعضاء في التأديب، وكذلك حددت المادة 25 من ذات القانون الجهة المختصة بالفصل في القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم إلغاءً وتعويضاً إلى غير ذلك من مسائل متعلقة بشئونهم. ومن ثم كان من الطبيعي أن تخرج جميع المنازعات المتعلقة بشئونهم من اختصاص لجان التوفيق.
قانون هيئة النيابة الإدارية: لقد نظم قانون هيئة النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 المسائل المتعلقة بالسادة أعضاء الهيئة من تعيينهم وترقيتهم وتحديد أقدميتهم ونقلهم وندبهم وإعاراتهم وحقوقهم وضماناتهم وواجباتهم والتفتيش على أعمالهم وأجازاتهم وتأديبهم وضمانات التأديب وأناط بمجلس التأديب تأديب أعضاء الهيئة، كما حدد الجهة المختصة بالفصل في القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئونهم إلغاءً وتعويضاً. ومن ثم فإن جميع المنازعات المتعلقة بشئونهم تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
قانون مجلس الشعب: لقد نظم القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب الترشيح للعضوية والشروط الواجب توافرها في الترشيح وفحص طلبات الترشيح والبت في صفة المرشح وعملية الانتخاب والتصويت وفرز الأصوات وإعلان النتيجة وحقوق الأعضاء وواجباتهم وضماناتهم ومكافآتهم إلى غير ذلك من مسائل متعلقة بشئونهم. ومن ثم فإن جميع هذه المنازعات المتعلقة بشئون الأعضاء تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
قانون مجلس الشورى: لقد نظم القانون 120 لسنة 1980 بشأن مجلس الشورى الدوائر الانتخابية وشروط الترشيح والتعيين لعضوية المجلس وتقديم طلبات الترشيح وواجبات الأعضاء وحقوقهم وضماناتهم ومكافآتهم إلى غير ذلك من مسائل متعلقة بشئونهم. ومن ثم فإن جميع المنازعات المتعلقة بشئون أعضاء مجلس الشورى تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
قانون تنظيم الجامعات: لقد نظم القانون رقم 4 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات المسائل المتعلقة بتعيين المدرسين المساعدين والمدرسين والأساتذة المساعدين والأساتذة ورؤساء الأقسام بالجامعات وحقوقهم وواجباتهم وتنقلاتهم وإعاراتهم وندبهم وترقياتهم وتأديبهم. ومن ثم فإن المنازعات المتعلقة بشئونهم تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
قانون هيئة الشرطة: لما كان قانون هيئة الشرطة ينظم المسائل المتعلقة بضباط الشرطة من ناحية نقلهم ترقيتهم وإعاراتهم وندبهم ومرتباتهم وتأديبهم وحقوقهم وواجباتهم. ومن ثم فإن المنازعات المتعلقة بشئونهم تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
قانون الجهاز المركزي للمحاسبات: وينظم هذا القانون المسائل المتعلقة بتعيين الأعضاء وترقيتهم ونقلهم ندبهم وإعارتهم ومرتباتهم ومعاشاتهم وحقوقهم وواجباتهم. لذلك فإن المنازعات المتعلقة بشئونهم تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
وكذلك يخرج من اختصاص لجان التوفيق المنازعات التي تنظمها نصوص خاصة في القوانين، حيث تشترط بعض النصوص إجراءات خاصة لنظر المنازعة بحيث لا تقبل المنازعة إلا باتخاذ هذه الإجراءات، وهذه الإجراءات لا يمكن إتباعها أمام لجان التوفيق، ومن ثم فقد بات الأمر مقضياً أن تظل هذه المنازعات في اختصاص جهة القضاء.
* والمنازعات التي تنظمها نصوص خاصة في القوانين والتي تخرج من اختصاص لجان التوفيق هي:
المعارضة في أمر تقدير الرسوم القضائية: ذلك أن القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسم القضائية قد أفرد للمعارضة في أمر تقدير الرسوم نظاماً خاصاً، حيث استلزمت المادة 17 منه أن تتم المعارضة إما أمام المحضر عند إعلان أمر التقدير وإما بتقرير بقلم كتاب المحكمة التي أصدرت الأمر خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان الأمر، كما حددت المادة 18 من ذات القانون المحكمة المختصة بنظر المعارضة بأنها المحكمة التي أصدرت الأمر، ويصدر الحكم فيها بعد سماع أقوال قلم الكتاب والمعارض إذا حضر. ومن ثم فإن المشرع يكون قد حدد طريق المعارضة والمحكمة المختصة بنظرها بما مؤداه أن المشرع قد أفرد نظاماً خاصاً لهذه المنازعة ويتأبى من ثم نظرها أمام لجان التوفيق. وقد قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بأن: "تقدير الرسوم متفرع عن الأصل المقضي به - وهو قضاء محكمة الموضوع - وهو ما حدا بالمشروع إلى أن يخص المحكمة التي أصدر رئيسها أو قضائها أمر تقدير الرسوم بنظر المعارضة في التقدير الذي صدر به هذا الأمر، وحدد ميعادا لاستئناف الحكم يغاير الميعاد المقرر لاستئناف الأحكام غير المستعجلة الوارد بالمادة 227 من قانون المرافعات وهو أربعون يوماً، ومن ثم فان قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنه 1944 يكون قد أفرد المنازعة في تقدير الرسوم بنظام خاص في التقاضي وتخرج هذه المنازعة من ثم من اختصاص لجان التوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية المنشاة بمقتضى القانون رقم 7 لسنه 2000". (نقض مدني في الطعن رقم 6550 لسنة 72 قضائية – جلسة 4/5/2004 المستحدث في قضاء النقض – صـ 96).
التظلم من أمر تقدير المصروفات القضائية: ذلك أن المشرع قد رسم طريقاً للتظلم من أمر تقدير المصروفات القضائية، حيث يحصل التظلم طبقاً لنص المادة 190 من قانون المرافعات إما أمام المحضر عند إعلان أمر التقدير أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم وذلك خلال ثمانية أيام التالية لإعلان الأمر، ويحدد المحضر أو قلم الكتاب على حسب الأحوال اليوم الذي ينظر فيه التظلم أمام المحكمة في غرفة المشورة. ومن ثم فإن القانون يكون قد أفرد لهذا التظلم نظاماً خاصاً به الأمر الذي تخرج معه هذه المنازعة من اختصاص لجان التوفيق.
التظلم من أمر تقدير أتعاب الخبراء: ذلك أن القانون رقم 25 لسنة 1968 بشأن الإثبات في المواد المدنية والتجارية قد أفرد هذا التظلم في المادة 161 منه بنظام خاص، حيث يحصل التظلم بتقرير في قلم الكتاب وينظر في غرفة المشورة بعد تكليف الخبير والخصوم بالحضور بناء على طلب قلم الكتاب، ولقد حددت المادة 159 من قانون الإثبات ميعاد التظلم بثمانية أيام من تاريخ الإعلان، كما أوجبت المادة 160 من قانون الإثبات إيداع المبلغ الصادر به أمر التقدير خزانة المحكمة مع تخصيصه لأداء ما يستحقه الخبير وإلا كان التظلم غير مقبول. وهذا النظام الخاص بطريقة التظلم ونظره وإيداع المبلغ الصادر به أمر التقدير يفرد هذا التظلم بنظام خاص يتعذر إتباعه أمام لجان التوفيق وبالتالي تخرج هذه المنازعة من اختصاص لجان التوفيق.
طلب تصحيح الأحكام وتفسيرها: ذلك أن المحكمة تتولى تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة، كتابية كانت أو حسابية، بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها، بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح، أما القرار الذي يصدر برفض طلب التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال بل يمكن أن يكون سبباً من أسباب الطعن عند الطعن في الحكم موضوع التصحيح.
كما يجوز للخصوم أن يطلبوا من المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام، ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى. ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً للحكم الذي يفسره ويسري عليه ما يسري على هذا الحكم من قواعد خاصة بطرق الطعن العادية وغير العادية (المادة 192 مرافعات). ومفاد ما تقدم، أن المشرع قد نظم طرق تصحيح الأحكام وتفسيرها بأنظمة خاصة على النحو السالف ذكره، ومن ثم فإن طلبات تصحيح الأحكام وتفسيرها تختص بها المحكمة التي أصدرت الحكم، وتخرج من ثم من اختصاص لجان التوفيق.
طلب إغفال الفصل في بعض الطلبات: إذا أغفلت المحكمة الفصل في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه (المادة 193 مرافعات)، ويقدم هذا الطلب إلى المحكمة التي أصدرت الحكم ولا تختص به محكمة سواها، ولذلك فإن طلب إغفال الفصل فيما أغفلت المحكمة الفصل فيه لا تختص به لجان التوفيق.
طلبات رد القضاة وتنحيتهم ومخاصمتهم: لقد أفرد قانون المرافعات في الباب الثامن منه في المواد من 146 حتى 164 نظاماً خاصاً بطلبات رد القضاة، ومن ثم فإن هذه الطلبات تخرج من اختصاص لجان التوفيق. كما نظم قانون المرافعات في المواد من 494 حتى 500 منه دعاوى مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة، وأفرد لها نظم خاصة، وبالتالي فإن دعوى المخاصمة تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
دعوى التزوير الأصلية: وهي الدعوى التي ترفع بطلب الحكم بتزوير ورقة في يد الخصم ويخشى المدعي من الاحتجاج بها عليه عملاً بنص المادة 59 من قانون الإثبات التي تنص على أنه يجوز لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيد منه لسماع الحكم بتزويره ويكون ذلك بدعوى عليه ترفع بالأوضاع المعتادة وتراعي المحكمة في تحقيق هذه الدعوى والحكم فيها القواعد المنصوص عليها في هذا الفرع والفرع السابق عليه". ولقد استلزم القانون رفع دعوى التزوير الأصلية بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى لسماع المدعى عليه – الذي بيده الورقة – الحكم بتزويرها، ومن ثم فإن هذه الدعوى تخرج من اختصاص لجان التوفيق.
* كما لا تختص لجان التوفيق بنظر المنازعات التي تختص بنظرها لجان قضائية، وذلك حتى لا يكون هناك ازدواج في الاختصاصات. وتلك اللجان القضائية هي:
اللجنة القضائية المختصة بإجراء التغيير في بيانات السجل العيني: (المُشكلة بموجب نص المادة 21 من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني).
اللجنة القضائية الخاصة بإنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة: (المُشكلة بموجب نص المادة 5 من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة).
كما لا تختص لجان التوفيق بنظر المنازعات التي تختص بنظرها لجان إدارية، وذلك حتى لا يكون هناك ازدواج في الاختصاصات. وتلك اللجان الإدارية هي:
لجان الطعن الضريبي: (طبقاً للقانون رقم 157 لسنة 1981 بشأن الضرائب على الدخل). 
اللجان المختصة بالفصل في منازعات التعويضات المنصوص عليها في قانون الري والصرف: (طبقاً لقانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984).
لجان فحص المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون التأمين الاجتماعي: (طبقاً للقانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي).
اللجان المختصة بنظر الطعون في مسائل مقابل التحسين: (طبقاً للقانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل تحسين على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة).
لجنة تصحيح قيود الأحوال المدنية: (طبقاً لقانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994).
لجان تحديد الأجرة: (طبقاً لقوانين إيجار الأماكن المتعاقبة).
لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة: (المُشكلة طبقاً لنص المادة 57 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر).
لجان التصالح في منازعات رسوم الشهر العقاري: (طبقاً للقانون رقم 6 لسنة 1991 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر وقانون المرافعات المدنية والتجارية).
لجان التصالح في المنازعات الضريبية: (طبقاً للقانون رقم 159 لسنة 1997 في شأن التصالح في المنازعات الضريبية القائمة أمام المحاكم بين مصلحة الضرائب والممولين).
مجلس المراجعة: (طبقاً للقانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية).
لجنة فحص طلبات الترشيح ولجنة الفصل في الاعتراضات بشأن انتخابات مجلس الشعب: (المنصوص عليهما بالمادتين 8 و 9 من القانون رقم 38 لسنة 1973 في شأن مجلس الشعب).
لجنة شئون الأحزاب السياسية: (المنشأة بالقانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية وتعديلاته).
لجان فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين: (والمنشأة بالقانون رقم 49 لسنة 1972).
المجالس الملية.
لجان تقييم المنشآت المؤممة.
لجان تصفية الحراسات.
اللجان الخاصة بالنقابات المهنية.
اللجنة القضائية للهيئة العامة للتصنيع.
لجان التحكيم الطبي: (المنصوص عليها في قانون التأمين الصحي).
(لطفاً، المصدر: "قانون لجان التوفيق في بعض منازعات الدولة" – للمستشار/ عبد الرحيم علي علي محمد – الطبعة الأولى 2000 القاهرة – بند 78 وما يليه – صـ 55 وما بعدها).
وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع النزاع الماثل، الذي يدور حول تحديد الزيادات القانونية لأجرة عين التداعي، وكان هذا النزاع – وفي حدود هذا النطاق – لا يدخل في عِداد المنازعات المستثناة من العرض على لجان التوفيق لأنها ليست من المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، فلا هي تنظمها قوانين خاصة ولا هي  تنظمها نصوص خاصة من حيث إجراءات رفع الدعوى واختصاص المحكمة التي تفصل فيها وطريقة إصدار الأحكام فيها وقابليتها للاستئناف. كما لا تختص بنظرها لجان قضائية معينة ولا لجان إدارية محددة بل يطبق على النزاع الماثل القواعد العامة في قانون المرافعات المدنية والتجارية سواء من حيث إجراءات رفع الدعوى أو من حيث تحديد المحكمة التي تنظر تلك الأنزعة.
هذا، وقد نصت المادة الخامسة من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن: "تختص المحاكم العادية – دون غيرها – بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون".
ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المُقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 أن "المحاكم تختص بالفصل في كافة المنازعات والجرائم فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، وعدا ما استثني بنص خاص"، ولما كانت المنازعة في الدعوى بين طرفي عقد إيجار ليست من بين الحالات المستثناة الداخلة في ولاية القضاء الإداري أو غيرها من جهات القضاء، فإن الاختصاص بنظرها والفصل فيها ينعقد لجهة المحاكم دون غيرها". (نقض مدني في الطعن رقم 2033 لسنة 51 قضائية – جلسة 25/12/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – الجزء الثاني – صـ 10442).
فلئن كانت قوانين إيجار الأماكن قوانين خاصة استثنائية، إلا أن المنازعات الناشئة عن تطبيقها – فيما عدا الطعن على قرارات لجان تحديد الأجرة وقرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والاختصاص النوعي للمحاكم الابتدائية بالمنازعات الايجارية – تخضع للقواعد العامة في قانون المرافعات المدنية والتجارية سواء من حيث إجراءات رفع الدعوى أو نظرها والفصل فيها أو الطعن عليها بطرق الطعن العادية وغير العادية. فلا توجد قوانين خاصة ولا نصوص خاصة تنظم أنظمة خاصة للتقاضي في شأن المنازعات الايجارية حتى يستساغ القول باستثناء تلك المنازعات من العرض على لجان التوفيق في المنازعات.
        وإذ وافق الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس، فيكون الاستئناف الماثل قد جاء على غير سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض وبتأييد الحكم المستأنف.

الاعتراض على تقرير الخبرة الفنية المودع بملف الاستئناف الماثل:
لما كان الخبير الفني – الذي انتدبته مصلحة الخبراء بوزارة العدل بناءً على حكم الإحالة الصادر من عدالة محكمة الاستئناف الموقرة – قد باشر المأمورية المنوطة به بالحكم التمهيدي الصادر بإحالة الدعوى لسيادته، ومن ثم فقد أودع تقريره بملف الاستئناف الماثل والذي انتهى فيه إلى نتيجة نهائية مفادها إن عين التداعي منشأة قبل عام 1944 وأن أجرة الأساس في أبريل 1941 هي 12جم (اثنا عشر جنيه) لكامل محل التداعي، وإذ قام المستأجران بتقسيمه إلى محلين فيما بينهما فإن أجرة محل التداعي الذي يشغله المدعي (المستأنف) تبلغ (12جم ÷ 2) = 6جم (ستة جنيهات) ومن ثم قام الخبير باحتساب التخفيضات والزيادات على تلك الأجرة (ستة جنيهات) حتى بلغت في تاريخ 1/4/2002 مبلغاً وقدره 202.0138جم (مائتان واثنان جنيه ومائة وثمانية وثلاثون مليماً).
علماً بأن تلك القيمة هي على نصف المحل فقط، بينما عقد إيجار عين التداعي كان عن العين كلها لمستأجرين اثنين، فقيام المستأجران بتقسيم المحل فيما بينهما بدون علم أو موافقة الأوقاف، لا يسري في حق الأوقاف ويظل العقد عن العين كاملة ويلتزم المستأجران بالتضامن بالوفاء بقيمة الأجرة كاملة للأوقاف، وهو ما كانا يقومان بعد إلى حين، ومن ثم فلا محل لما قام به الخبير – بناء على طلب المستأنف – من احتساب القيمة الإيجارية عن نصف المحل المؤجر فقط بزعم أنه الجزء الذي يشغله المستأنف، تكون على غير أساس وقائمة بالنسبة لنصف عين التداعي فقط بدون سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون، ومن ثم يتعين عدم الأخذ بذلك التقرير أو التعويل عليه عند احتساب القيمة الايجارية لكامل العين المؤجرة الصادر عنها عقد إيجار واحد لمستأجرين اثنين يلتزمان – بالتضامن فيما بينهما – بسداد كامل أجرة تلك العين إلى الأوقاف طبقاً لعقد الإيجار سند الدعوى الماثلة، وإذ خالف الخبير المنتدب هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي حساب كامل القيمة الايجارية لعين التداعي، وبالتالي لا يجوز الاستناد إلى ذلك التقرير أو التعويل عليه في قضاء عدالة محكمة الاستئناف الموقرة.    

ثالثاً- الطلبات
        لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الاستئناف الماثل: "برفضه، وبتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام المستأنف بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي".
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى،،،

الجمعة، 30 سبتمبر 2011

أحكام المنافسة غير المشروعة


أحكام المنافسة غير المشروعة

المنافسة غير المشروعة – كما عرفتها المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 – هي: "... كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية ...".
وأحكام المنافسة غير المشروعة تتوزع على طائفتين من الأحكام:-
الطائفة الأولى: تتعلق بحالات الالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة المستندة إلى والناشئة عن العقود والاتفاقات، والمسئولية الناشئة عنها مسئولية عقدية. (ويطلق عليها البعض المنافسة "الممنوعة").
والطائفة الثانية: تتعلق بحالات الالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة المستندة إلى القانون مباشرة، والمسئولية الناشئة عنها مسئولية تقصيرية.  
ونوجز حالات كل طائفة على النحو التالي:

أ ) حالات الالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة، بموجب العقود والاتفاقات:

1- التزام البائع للمحل التجاري بعدم منافسة المشتري:
يرتب عقد البيع – طبقاً للقواعد العامة – التزاماً في ذمة البائع بعدم التعرض للمشتري، حتى يتمكن من الانتفاع بالمحل المبيع انتفاعاً كاملاً. والتعرض في عقد بيع المحل التجاري يتمثل في امتناع البائع عن فتح محل مماثل لنشاط المحل المبيع في ذات المنطقة طالما سيترتب على ذلك منافسة المشتري بتحويل العملاء عن المحل المبيع، ونقصان قيمته التي كانت الأساس في تقدير الثمن، فيلحق بمشتري المحل التجاري ضرراً أكيداً ويحرمه من تحقيق الغاية المنشودة من شراء المحل التجاري، ألا وهي الاستمرار في تردد العملاء على محله.
        والحكمة من التزام بائع المحل التجاري بعدم التعرض هي عدم الإضرار بالمشتري وفقده لعملائه إذا ما أنشأ البائع محلاً تجارياً جديداً يباشر فيه ذات النشاط التجاري في ذات منطقة المتجر أو المصنع المباع.
        وقد قررت محكمة النقض الفرنسية بدوائرها المجتمعة إدانة بائع المحل التجاري لأنه ينافس المشتري في ذات العقار الذي تنازل فيه عن جزء من حق الانتفاع للمحل. (29/5/1970 الـ J.C.P. 1970 – 4 – 189).
        ويعتبر القضاء الفرنسي مستقراً على إنه رغم خلو العقد من شرط "عدم التعرض" فإن البائع للمحل التجاري  - تحت التزامه بالضمان – يمتنع عليه منافسة المشتري سواء شخصياً أو بالتأجير لمنافسيه. (نقض تجاري في 30/4/1965 الـ J.C.P 1967 – 11 – 14950).
        وقد يعتبر تعرضاً من بائع المحل التجاري تعاقده كشريك متضامن في شركة تمارس ذات النشاط التجاري الذي يزاوله مشتري المتجر، ذلك لأنه يعتبر مسئولاً عن تعهدات الشركة. إذ قد يكون لشخص البائع أثر كبير في تأسيس هذه الشركة أو إدارتها أو قد يتضمن عنوانها التجاري اسمه مما يكون له شأن في جذب العملاء وبالتالي يؤثر على علاقة مشتري المحل التجاري بعملائه القدامى.
        وكذلك يعتبر عملاً منافساً من البائع اشتغاله مأجوراً طرف محل منافس عند اشتراط عدم المنافسة. (نقض تجاري فرنسي جلسة 22/4/1985 – دالوز – سيري 1985 – 1 – 479. ريبير رقم 487).
        كما حكم بأن شرط عدم التعرض الوارد بعقد بيع المحل التجاري لتجارة التجزئة يمنع البائع من مزاولة تجارة الجملة لذات نوع البضائع. (المجلة الفصلية 1965 – 821 مع تعليق جوفريه).
        إلا أنه يجوز لبائع المحل التجاري أن ينشئ محلاً جديداً يزاول فيه ذات النشاط، إذا كان ذلك في منطقة بعيدة عن نطاق نشاط المحل الأول الذي قام ببيعه للغير. كما يجوز لبائع المحل التجاري أن ينشئ محل تجارة في ذات المنطقة ولكن ليزاول فيه نشاطاً مختلفاً عن النشاط الذي يزاوله المحل الأول المبيع.
        قد نصت المادة 42/1 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أنه: "لا يجوز لمن تصرف في المتجر بنقل ملكيته إلى الغير أو بتأجير استغلاله أن يزاول نشاطاً مماثلاً لنشاط المتجر بكيفية يترتب عليها ضرر لمن آلت إليه الملكية أو الاستغلال، إلا إذا اتفق علي خلاف ذلك".
        وفي خصوص مدة الحظر، وضع قانون التجارة – بذات المادة، في فقرتها الثانية – مدة عشر سنوات تحسب من تاريخ شهر التصرف ما لم يتفق على خلاف ذلك.
        وغالباً لا يكتفي مشتري المحل التجاري بمجرد ضمان عدم التعرض تطبيقاً للقواعد العامة، وإنما عادة يضمن عقد البيع ذاته شرطاً يحظر فيه على البائع فتح محل مماثل للمحل المبيع.
        وقد أقر القضاء هذا الشرط طالما كان يقتصر على حرمان البائع من مزاولة نوع معين من التجارة وخلال فترة زمنية محددة أو في نطاق منطقة معينة. ومن ثم فلا يجوز أن يكون هذا الشرط مطلقاً شاملاً لكل أنواع التجارة وفي كل مكان وزمان، إذ أن ذلك يتضمن خروجاً على مبدأ حرية التجارة وحرية العمل وهما من النظام العام.
        وقد أيدت محكمة النقض المصرية هذا الاتجاه بحكمها الصادر بجلسة 7/6/1963 بقولها: "إن ضمان البائع المترتب على بيع المتجر يلزم البائع بعدم التعرض للمشتري في انتفاعه بمتجره وبالامتناع عن كل عمل يكون من شأنه الانتقاص من هذا الانتفاع مما يتفرع عنه أن الالتزام بعدم المنافسة في شتى صوره ومنها حظر التعامل مع العملاء لا يكون باطلاً إلا إذا تضمن تحريم الاتجار كليةً عن البائع لأنه يكون في هذه الحالة مخالفاً لمبدأ حرية التجارة وحرية العمل وهما من النظام العام". (نقض مدني في الطعن رقم 378 لسنة 36 قضائية – جلسة 7/6/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 764).
        مع ملاحظة أنه حتى إذا تضمن العقد حظراً على البائع بفتح محل يزاوله فيه نشاطاً مماثلاً خلال مدة محددة، فإنه يجوز للبائع حتى قبل ـ انقضاء تلك المدة المنصوص عليه أن يفتح محلاً يزاول فيه ذات النشاط وذلك إذا ما زالت أسباب الحظر: كما إذا أغلق المحل المبيع نهائياً أو اعتزل صاحبه "المشتري" التجارة كلية أو بسبب وفاته وعدم استمرار ورثته في التجارة، وذلك كله تطبيقاً لقاعدة: "زوال الأثر عند زوال العلة".

جزاء الإخلال بشرط الالتزام بعدم التعرض:
        إذا أخل البائع بالتزامه بعدم التعرض، أو خالف الشرط المتفق عليه في عقد البيع، فإن ذلك يوجب مسئوليته العقدية دون حاجة إلى إثبات المشتري للضرر الذي أصابه. وقد قضت محكمة النقض المصرية في قضية تتعلق بشخص باع لآخر محلاً تجارياً مع تعهده بعدم الاتجار في ذات البضائع، وخالف هذا الشرط، فأقام عليه المشتري دعوى طالباً التعويض، فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن ضرراً أصاب المشتري، ثم قضت في الموضوع برفض الدعوى، فطعن المشتري في هذا الحكم التمهيدي بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وقضت محكمة النقض بأن: "البائع أخل بواجب الضمان الذي يلزمه بوصفه بائعاً، كما أخل بالشرط المتفق عليه في عقد البيع، وأن هذا الإخلال ما هو إلا تعرض للمشتري في بعض المبيع من شأنه أن ينقص من قيمته التي كانت الأساس الذي قدر عليه الطرفان الثمن عند التعاقد، ونقص قيمة المبيع على هذه الصورة هو بداية الضرر الذي أصاب المشتري من تعرض البائع، وهو ضرر مفترض بحكم واجب الضمان الملتزم به البائع بمجرد الإخلال بهذا الشرط، إذ يمثل الثمن الجزء من المبيع الذي حصل التعرض فيه من جانب البائع". (نقض مدني مصري في الطعن رقم 273 لسنة 22 قضائية – جلسة 8/3/1952 مجموعة المكتب الفني – صـ 291).
        ويجوز للمشتري - طبقاً للقواعد العامة - أن يطالب قضائياً البائع بالتنفيذ العيني، كأن يطلب الحكم بإغلاق المحل الذي افتتحه البائع، ويكون للقاضي في سبيل ذلك أن يفرض على البائع غرامة تهديدية عن كل يوم يتأخر فيه عن تنفيذ الحكم حتى يلزم بغلق المحل.
        وللقاضي أن يكتفى بالحكم النقدي عن الضرر الذي أصاب المشتري من جراء ذلك، ويقدر التعويض حسب الرأي الراجح بالقيمة الإجمالية للعمليات التي قام بها البائع في مكان محله الجديد. وأخيراً يكون للمشتري أن يطلب فسخ البيع الصادر له من البائع.
(لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون التجاري المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الأول – طبعة 2005 القاهرة – بند 228 – صـ 362 وما بعدها وهوامشها).

2- التزام مؤجر المحل التجاري بعدم منافسة المستأجر في استغلاله للمحل التجاري:
        يلتزم مؤجر المتجر بعدم منافسة المستأجر، وهو التزام ينشأ تلقائياً عن عقد تأجير استغلال المحل التجاري. فإقامة المؤجر تجارة مماثلة وسحب العملاء بعد إبرام عقد تأجير استغلال المحل التجاري يعد تعرضاً يلحق ضرراً كبيراً بالمستأجر ويحرمه من تحقيق الغاية المنشودة من استئجار المتجر ألا وهي استمرار تردد العملاء. ويشبه الفقه والقضاء التزام المؤجر في هذا الخصوص بالتزام بائع المتجر بعدم منافسة المشتري.
(لطفاً، المرجع: "الوسيط في شرح القانون التجاري المصري" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الجزء الأول – طبعة 2005 القاهرة – بند 330 – صـ 515).

3- التزام الشريك بعدم منافسة الشركة:
        يلتزم جميع الشركاء في شركة التضامن بعدم القيام بأعمال يترتب عليها منافسة الشركة أو الإضرار بها. ومقتضى ذلك أنه يحظر على الشريك أن يمارس لحسابه الخاص أو لحساب الغير نشاطاً من ذات نوع نشاط الشركة أو مشابهاً له.
 كما يحظر على الشريك المتضامن أن يكون شريكاً متضامناً في شركة تضامن أخرى أو توصية بسيطة تمارس ذات نشاط شركته.
        وهذا الحظر يسري ولو كانت الشركة الأخرى شركة ذات مسئولية محدودة أو كان شريكاً موصياً في شركة توصية بسيطة طالما إن هذه الشركة تمارس نشاطاً منافساً لنشاط شركة التضامن الذي هو شريك متضامن فيها.
        والحكمة من ذلك أن شركات التضامن تؤسس على الاعتبار الشخصي والثقة المتبادلة بين الشركاء وعلى التعاون الإيجابي في العمل على نجاح نشاط الشركة، وقد يترتب على كون الشريك المتضامن شريكاً في أي نوع من هذه الشركات التزامه بإبداء النصح والمشورة لشركته التضحية بمصالح شركة التضامن.
        كما يترتب على قيام الشريك بعمل منافس لعمل الشركة في أي صورة من الصورة منافسة الشركة وسحب عملائها، الأمر الذي يهدم كلية الاعتبار الشخصي ومصلحة جميع الشركاء المتضامنين في شركة التضامن.
        على أنه يجوز للشريك القيام بمثل هذه الأعمال أو الدخول كشريك في إحدى صور الشركات المشار إليها إذا وافق باقي الشركاء على ذلك بتقدير عدم إصابتهم بأي أضرار من ذلك.
        وطبقاً لحكم المادة 512 من القانون المدني، فإنه يمتنع على الشريك القيام بـأي نشاط يلحق الضرر بالشركة أو يكون مخالفاً للغرض الذي أنشئت لتحقيقه.    كما إنه على الشريك أن يبذل من العناية في تدبير مصالح الشركة ما يبذله في تدبير مصالحه الخاصة، إلا إذا كان منتدباً للإدارة بأجر فلا يجوز أن ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد.
(لطفاً، المرجع: "الشركات التجارية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الثالثة 1992 القاهرة – صـ 267).

*****        *****        *****   

ب ) حالات الالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة، بموجب القانون:

الحماية القانونية للمنافسة المشروعة في المعاملات التجارية:
        تنص المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على إنه: "
1-    يعتبر منافسة غير مشروعة كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية، ويدخل فى ذلك على وجه الخصوص: الاعتداء على علامات الغير أو على أسمه التجاري أو على براءات الاختراع أو على أسراره الصناعية التي يملك حق استثمارها، وتحريض العاملين فى متجره على إذاعة أسراره أو ترك العمل عنده، وكذلك كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس فى المتجر أو فى منتجاته أو إضعاف الثقة فى مالكه أو فى القائمين على إدارته أو فى منتجاته.
2-    كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناجم عنها. وللمحكمة أن تقضى - فضلاً عن التعويض - بإزالة الضرر وبنشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه فى إحدى الصحف اليومية".
ومفاد هذا النص إنه يمكن تعريف المنافسة غير المشروعة بأنها: "كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية". هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن مفاد عبارة: "... ويدخل فى ذلك على وجه الخصوص": أن صور المنافسة غير المشروعة الواردة في صدر تلك المادة إنما وردت على سبيل المثال لا الحصر، ومن ثم فيقاس عليها "كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس فى المتجر أو فى منتجاته أو إضعاف الثقة فى مالكه أو فى القائمين على إدارته أو فى منتجاته".   

صور المنافسة غير المشروعة (الواردة في النص على سبيل المثال):
* المنافسة غير المشروعة هي إذن كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية، ويدخل فى ذلك على وجه الخصوص:
1- الاعتداء على علامات الغير أو على أسمه التجاري أو على براءات الاختراع أو على أسراره الصناعية التي يملك حق استثمارها، ويشمل ذلك:
أ‌.      الاعتداء على الاسم التجاري أو التسمية المبتكرة:
كاتخاذ المحل المنافس اسما تجاريا مشابها لأسم محل آخر أو اعتدائه على التسمية لمحل آخر.
ب‌.  الاعتداء على العلامة التجارية:
يعتبر الاعتداء على العلامة التجارية التي يتخذ منها المتجر إشارة لتمييز منتجاته أو بضائعه بتقليدها أو تزويرها من قبيل أعمال المنافسة الغير المشروعة.
ت‌.  وضع بيانات تجارية مغايرة للحقيقة:
يعد من أعمال المنافسة غير المشروعة وضع بيانات تجارية مغايرة للحقيقة بقصد منافسة الخصم، أو إيهام الجمهور بتوافر شروط معينة في البضائع المتنافس عليها كإذاعته أمور مغايرة للحقيقة خاصة بمنشأ بضاعته أو أوصافها أو تتعلق بأهمية تجارته بقصد إيهام الغير بمميزات غير حقيقية ككون المتجر على غير الحقيقة حائز لمرتبه أو شهادة أو مكافأة بقصد انتزاع عملاء تاجر آخر ينافسه.
ث‌.  تقليد طرق الإعلان:
يعتبر أعمال المنافسة غير المشروعة تقليد طريقة الطبع أو طرق الإعلان أو البيع فمثل هذه الأعمال تمس أهم عناصر المتجر وهو الاتصال بالعملاء.
ج‌.  تخفيض أسعار البيع:
ولا يكون تخفيض أسعار البيع منافسة غير مشروعة إلا إذا استمر مدة طويلة مدعوماً بحملات إعلانية موضح بها الأسعار التي يبيع بها منافسيه، فهنا يتضح أن المقصود هو تحطيم تجارة الغير بطريقة غير مشروعة، كما يعد أيضا منافسة غير مشروعة البيع بأقل من السعر المتفق عليه بين التجار عموماً لما يؤدي إليه ذلك من حرمان المنافس من عملائه بطريق غير مشروع. كما قد يعمد بعض التجار – وهم عادة من أصحاب المتاجر الكبيرة – إلى البيع بأسعار أقل بكثير من السعر المعتاد للسلعة مع تشجيع جمهور العملاء على استبدال ما لديهم من تلك السلعة "المستعملة" بسلعتهم "الجديدة" ذات السعر المغري، وذلك بهدف احتكار سوق تلك السلعة ومن ثم التحكم في أسعارها بصورة مطلقة على المدى الطويل.

2-  وتحريض العاملين فى متجره على إذاعة أسراره أو ترك العمل عنده:  
قد تكون أعمال المنافسة غير المشروعة في صورة تحريض العمال الذين يعتمد عليهم المشروع المنافس، ومثال ذلك: تحريضهم بترك العمل أو تشجيعهم على الإضراب وبث الفوضى في المحل المنافس، أو إغراء عمال المتجر المنافس بالعمل لديه حتى يجذب العملاء، وقد يعمد المنافس إلى إغراء العامل بالمتجر الآخر بالمال للوقوف على أسرار أعمال المنافسة في صناعة معينة أو تركيب معين للمواد التي تباع أو تدخل ضمن نشاط المتجر.

3- وكذلك كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس فى المتجر أو فى منتجاته أو إضعاف الثقة فى مالكه أو فى القائمين على إدارته أو فى منتجاته، ومن قبيل ذلك:
أ‌.      الاعتداء على سمعة التاجر المنافس ونشر بيانات كاذبة عنه:
كإذاعة معلومات غير صحيحة عنه أو إشاعات كاذبة عن إفلاسه أو ارتباكه المالي أو عزمه على تصفية متجره أو بيعه أو نقله أو تشويه الحقائق على البضائع والسلع والمنتجات موضوع نشاط المحل التجاري بهدف صرف عملائه عنه.


جزاء الإخلال بالالتزام بالمنافسة المشروعة:
        قرر المشرع التجاري حماية قانونية عند الاعتداء على أي من العناصر المشار إليها في المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، حيث أجاز لصاحب الحق المعتدى عليه رفع دعوى المنافسة غير المشروعة ضد المعتدي طالباً منع الاعتداء وطلب التعويض عما أصابه من أضرار بالإضافة إلى جواز الحكم بنشر الحكم في إحدى الصحف اليومية على نفقة المعتدي المحكوم عليه.
        وهذه الحماية يتمتع بها صاحب العلامة المعتدى عليها – على سبيل المثال – سواء كانت العلامة التجارية مسجلة أو غير مسجلة.
        فإذا كانت العلامة التجارية غير مسجلة:  تعتبر الحماية على أساس المنافسة غير المشروعة (طبقاً للمادة 66 من قانون التجارة) هي الوسيلة الوحيدة لحمايتها من الضرر المادي والأدبي الذي يلحق بصاحبها.
        وإذا كانت العلامة التجارية مسجلة: فإن الحماية الجنائية الخاصة المقررة لها وفقاً لقانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 تتيح لصاحب العلامة التجارية المسجلة المطالبة بالتعويض سواء أمام المحاكم الجنائية أو المدنية.
        وتظهر أهمية الحماية المؤسسة على المنافسة غير المشروعة – طبقاً لنص المادة 66 من قانون التجارة – بالنسبة للعلامة التجارية المسجلة في حالة عدم توافر شروط الدعوى الجنائية، إذ أن الجزاء الجنائي المقرر لجرائم الاعتداء على الحق في العلامة (وفقاً لقانون حماية الملكية الفكرية) يتطلب القصد الجنائي الخاص لدى المقلد أو المستعمل أو البائع أي سوء نيته في ارتكاب مثل هذه الأفعال. فإذا حدث وحكم بالبراءة على أساس انتفاء القصد الجنائي فإن حكم البراءة هذا لا يمنع من الحكم بالتعويض لصاحب العلامة على أساس الفعل الضار الذي يمثل منافسة غير مشروعة سواء كان خطأ المعتدي عمدياً أم غير عمدي، ذلك لأن الالتزام بالتعويض في  هذه الحالة أساسه الفعل الضار سواء توافرت أركان جرائم التقليد بكافة صورها أم لا.
        هذا، ويجوز رفع دعوى المنافسة غير المشروعة من مالك العلامة التجارية قبل وقوع الضرر فعلاً، كأن يرفع الدعوى لمنع وقع هذا الضرر برفع التشابه أو الخلط أو الالتباس بين علامته وغيرها من العلامات المشابهة.
        كما إن دعوى المنافسة غير المشروعة يجوز رفعها من مالك العلامة التجارية أو من غيره من ذوي الشأن: فيجوز لكل من أصابه ضرر بسبب خطأ الغير رفع دعوى المنافسة غير المشروعة وطلب الحكم بالتعويض وإزالة الضرر، سواء كان مالكاً للعلامة التجارية أم غير مالك. فالتاجر الذي يتعامل في منتجات مميزة بعلامة معينة تشير إلى مصدر الإنتاج يضار إذا ما لجأ تاجر آخر بتزوير هذه العلامة ووضعها على منتجاته من ذات النوع أو منتجات مصدر آخر. كذلك الشأن بالنسبة لمن له حق انتفاع على العلامة بعقد ترخيص من مالكها. بل ويجوز للمستهلكين أيضاً رع الدعوى عند توافر أركانها.
(لطفاً، المرجع: "الملكية الصناعية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الخامسة 2005 القاهرة – بند 416 – صـ 585 وما بعدها).

جواز الحكم بالمصادرة والنشر والإتلاف من المحكمة المدنية:
        يجوز للمحكمة المدنية – أسوة بالمحكمة الجنائية – أن تحكم ببيع الأشياء المحجوزة أو التي تحجزها فيما بعد لاستنزال ثمنها من التعويضات أو الغرامات أو الأمر بالتصرف فيها بأية طريقة أخرى تراها المحكمة مناسبة (وفقاً لنص المادة 117/1 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002).
        ويجوز أيضاً للمحكمة المدنية أن تأمر بإتلاف العلامات المخالفة، ويجوز لها – عند الاقتضاء – الأمر بإتلاف المنتجات أو البضائع أو عناوين المحال أو الأغلفة أو الفواتير أو المكاتبات أو وسائل الإعلان أو غير ذلك مما يحمل تلك العلامة أو يحمل بيانات أو مؤشرات جغرافية بالمخالفة لأحكام قانون حماية الملكية الفكرية سالف الذكر، وكذلك إتلاف الآلات والأدوات التي استعملت بصفة خاصة في ارتكاب الجريمة (وفقاً لنص المادة 117/2 من قانون حماية الملكية الفكرية).
        ويجوز للمحكمة أيضاً أن تأمر بنشر الحكم في جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه (المادة 117/3 القانون).
        بل وأجاز المشرع للمحكمة أن تأمر بكل أو بعض ما سبق حتى في حالة الحكم بالبراءة (المادة 117/4 من القانون).
        وقد نصت المادة 66/2 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على حق المحكمة أن تقضي – فضلاً عن التعويض – بإزالة الضرر وبنشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه في إحدى الصحف اليومية.
(لطفاً، المرجع: "الملكية الصناعية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الخامسة 2005 القاهرة – بند 419 – صـ 588).

الحق في اتخاذ الإجراءات التحفظية لكل ذي شأن عند الاعتداء على العلامة التجارية:
        أجاز المشرع في قانون حماية حقوق الملكية الفكرية بالمادة 115 منه لكل ذي شأن اتخاذ الإجراءات التحفظية لإثبات الاعتداء على حقه في العلامة التجارية بتقليدها أو تزويرها أو اغتصابها قبل رفع الدعوى، وهذا الحق في اتخاذ الإجراءات التحفظية يمكن اتخاذه من مالك العلامة التجارية أو من غيره، وسواء رغب في رفع دعوى المنافسة غير المشروعة أم رغب في رفع الدعوى الجنائية.
        هذا، ويراعى دائماً حكم المادة 115/3 من أنه: "يجب أن يرفع الطالب أصل النزاع إلى المحكمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الأمر وإلا زال كل أثر له".
        ومقتضى ذلك أن الإجراءات التحفظية في أي صورة من الصور السابقة تعتبر كأن لم تكن إذا لم يتبعها رفع دعوى المنافسة غير المشروعة أو الدعوى الجنائية - في حالة الاعتداء على علامة مسجلة - على من اتخذت ضده تلك الإجراءات خلال خمسة عشر يوماً التالية لصدور الأمر.
(لطفاً، المرجع: "الملكية الصناعية" – للدكتورة/ سميحة القليوبي – الطبعة الخامسة 2005 القاهرة – بند 420 – صـ 588 وما بعدها).

*****        *****        *****   

من أحكام محكمة النقض المصرية

* في التشابه في العلامات التجارية:
        من المُقرر في قضاء النقض أن:
"الغرض من العلامة التجارية - على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 57 سنة 1939 - هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل، ومن أجل ذلك وجب لتقدير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها النظر إليها في مجموعها لا إلى العناصر التي تتركب منها - فالعبرة ليست باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه علامة أخرى -  وإنما العبرة هي بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لترتيب هذه الصورة أو الرموز أو الصور مع بعضها وللشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى".
(نقض مدني في الطعن رقم 430 لسنة 25 قضائية – جلسة 28/1/1960 مجموعة المكتب الفني – السنة 11 – صـ 100 – فقرة 1.
وفي الطعن رقم 45 لسنة 33 قضائية – جلسة 26/1/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 256 – فقرة 3).
        وأنه:
"ليس الفيصل في التمييز بين علامتين باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه العلامة الأخرى بل العبرة بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب هذه الصور أو الرموز وبالشكل الذي تبرز به في علامة أخرى بصرف النظر عن العناصر التي ركبت فيها وعما إذا كانت الواحدة فيها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى ومن ثم فالحكم المطعون فيه إذ أنزل حكم هذه الضوابط مقررا ـ في نطاق سلطته الموضوعية ـ وجود تشابه خادع بين علامتي الطاعن والمطعون عليه فإنه لا يكون قد خالف القانون".
(نقض مدني الطعن رقم 390 لسنة 27 قضائية – جلسة 24/1/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 180 – فقرة 5).

* درجة التشابه في التقليد:
        ومن المُقرر في قضاء النقض أنه:
"لا يلزم في التقليد أن يكون هناك ثمة تطابق بين العلامتين بل يكفى لتوافره وجود تشابه بينهما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث اللبس والخلط بين المنتجات".
(نقض مدني في الطعن رقم 2274 لسنة 55 قضائية – جلسة 22/12/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – صـ 1016 – فقرة 5).

* معيار التشابه:
        ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"معيار التشابه الخادع بين علامتين تجاريتين هو ما ينخدع به المستهلك العادي المتوسط الحرص والانتباه".
(نقض مدني في الطعن رقم 495 لسنة 34 قضائية – جلسة 20/6/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1212 – فقرة 3).
        وأن:
"العبرة في أوجه التشابه التي تعتبر تقليدا محرما قانونا هي بما يخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه لا الرجل الفني وحده".
(نقض مدني في الطعن رقم 331 لسنة 21 قضائية – جلسة 4/2/1954 مجموعة المكتب الفني – السنة 5 – صـ 486 – فقرة 3).

* تحقق التقليد بتوافر اللبس:
        ومن المُقرر في قضاء النقض أنه:
"لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي تقليد المطعون ضده للعلامة المسجلة التي تستعملها الطاعنة على سند من أن التشابه بين العلامتين قد اقتصر على السعر والوزن بما لا يؤدي إلى وقوع المستهلك في خلط بينهما دون أن يعتد بباقي العناصر التي تتكون منها كل من العلامتين، وإلى خلو الأوراق مما يفيد أن المطعون ضده قد قلد العلامة التجارية الخاصة بالطاعنة دون أن يعنى ببحث ما تمسكت به الأخيرة من دلالة ما جاء بالقرار الذي أصدرته الإدارة العامة للعلامات التجارية في المعارضة رقم 4644 التي أقامتها اعتراضاً على تسجيل علامة المطعون ضده محل النزاع. والذي انتهى إلى استبعاد الرسم من تسجيل هذه العلامة تفادياً من الالتباس بينهما والمرفق صورة منه بحافظة مستندات الطاعنة بجلسة 27/3/1993 أمام محكمة أول درجة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون".
(نقض مدني في الطعن رقم 5693 لسنة 65 قضائية – جلسة 14/5/2002. المصدر: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 119 و 120).

* أساس المسئولية المدنية:
ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"تقليد العلامة التجارية يقوم على محاكاة تتم بها المشابهة بين الأصل والتقليد بحيث تدعو إلى تضليل الجمهور، فيعد بهذه المثابة من بين صور الخطأ الذي يمكن الاستناد إليه كركن في دعوى المنافسة التجارية غير المشروعة التي لا تخرج عن كونها دعوى مسئولية عادية أساسها الفعل الضار".
(نقض مدني في الطعن رقم 2274 لسنة 55 قضائية – جلسة 22/12/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – صـ 1016 – فقرة 2).

* أساس المسئولية الجنائية في حالة تسجيل العلامة:
        * يبين من مقارنة نص المادة 113 بنص المادة 114 (من قانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002) أن النص الأول اشترط لتوقيع العقوبة الجنائية الواردة به أن يقع الاعتداء على علامة تجارية أو صناعية تم تسجيلها طبقاً للقانون، ولذلك يعتبر التسجيل ركناً من أركان الجرائم التي تضمنها نص المادة 113 بجميع فقراتها وهي التزوير والتقليد ووضع العلامة بسوء قصد وبيع سلعة عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعه بغير حق أو عرضها للبيع أو التداول أو حيازتها بقصد البيع. أما نص المادة 114 فلم يشترط التسجيل لإنزال العقوبة المقررة به.
(لطفاً، المرجع: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 124).

* أساس المسئولية الجنائية في حالة عدم تسجيل العلامة:
        ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
"الغرض الأساسي الذي توخاه الشارع من النص في المادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1939 على وجوب مطابقة البيان التجاري للحقيقة هو رعاية مصلحة المستهلكين، ومن أجل ذلك لم تقتض النصوص الخاصة بالبيانات التجارية وجود علامات مسجلة، بل اكتفت بالنص فيما نصت عليه من أنه يعتبر بياناً تجارياً أي إيضاح يتعلق بالاسم أو الشكل الذي تعرف به البضاعة، فإذا كانت المحكمة قد أثبتت على المتهم أن الشركة التي يديرها لصنع الطرابيش قد اتخذت لمصنوعاتها التي تعرضها للبيع رسوماً ورموزاً وعلامات مماثلة تمام المماثلة من حيث وضعها وأشكالها وكتابتها للعلامات والرسوم والأشكال الخاصة بصنف الطرابيش الواردة من شركة تشيكوسلوفاكيا الأجنبية، وذلك دون أن يكون لشركته أي حق في استعمال تلك العلامات، فهذا يكفي لتحقق الجريمة التي أدانته فيها وهي عرضه للبيع طرابيش تحمل بياناً تجارياً لا يطابق الحقيقة، بصرف النظر     عن تسجيل أو عدم تسجيل العلامات التجارية للشركة التي انتحل هو الرسوم والأشكال والعلامات التي تعرف بها بضائعها".
(نقض مدني في الطعن رقم 1297 لسنة 14 قضائية – جلسة 29/1/1945. المصدر: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 124 و 125).
        ويبين من وقائع هذا الطعن، أن الفعل الذي ارتكبه المتهم ينطوي على تقليد علامة تدعو إلى تضليل الجمهور وفي نفس الوقت يعتبر بياناً تجارياً لا يطابق الحقيقة، ولما كان القانون يتطلب للعقاب على التقليد أن تكون العلامة مسجلة وهو أمر غير متحقق، لذلك أسند الوصف الثاني للمتهم إذ لم يتطلب القانون التسجيل له.
(لطفاً، المرجع: "حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 125).

* إجراءات التقاضي:
        ومتى وقع العمل غير المشروع، كان للمضرور الرجوع على الفاعل بالتعويض، وله في سبيل ذلك، إبلاغ النيابة العامة لتتولى شئونها في الجريمة ثم يتدخل كمدع بالحقوق المدنية، أو الانتظار حتى يصدر حكم جنائي نهائي فيرفع دعواه بالتعويض أمام المحكمة المدنية المختصة وفقاً لقيمة التعويض المطالب به، أو تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر والادعاء مدنياً فيها، أو اللجوء مباشرة إلى القضاء المدني متحملاً عبء الإثبات، فإن كانت العلامة مسجلة قامت قرينة على ملكيته لها فيعفى من إثبات ذلك، ذلك أن المسئولية المدنية لا تتطلب أن تكون العلامة مسجلة إذ يقتصر ذلك على المسئولية الجنائية، ومن ثم لا يجوز اللجوء إلى الطريق الجنائي إلا في الحالة التي تكون فيها العلامة مسجلة فأن لم تكن قد سجلت فلا سبيل إلا الطريق المدني إن كان الفعل خاضعاً لنص المادة 113 أما إن كان خاضعاً لنص المادة 114 جاز سلوك الطريقين سواء كانت العلامة مسجلة أو غير مسجلة.
(لطفاً، المرجع: :"حماية حقوق الملكية الفكرية" – للمستشار/ أنور طلبة – صـ 125).
        مع ملاحظة أن من يسلك الطريق الجنائي يجوز له العدول عنه إلى الطريق المدني، أما من يسلك الطريق المدني أولاً فلا يجوز له العدول عنه إلى الطريق الجنائي بعد ذلك. وهو ما يعرف بـ : "قاعدة عدم جواز الالتجاء إلى الطريق الجنائي بعد سبق اختيار الطريق المدني"، حيث تنص المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "إذا ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية، يجوز له أن يرفعها أمام المحاكم المدنية، ما لم يكن صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى"، ومن هذا النص استخلصت القاعدة المذكورة بمفهوم المُخالفة.
(لطفاً، المرجع: "شرح قانون الإجراءات الجنائية" – للدكتور/ محمود نجيب حسني – الطبعة الثانية 1987 القاهرة – بند 315 – صـ 288 و 289 وهوامشها).