الجمعة، 3 يوليو 2009

نظرية و طبيعة الإدارة العامة - الجزء الأول

نظرية وطبيعة الإدارة العامة

الفصل الأول

المفهوم الحديث للإدارة العامة

المبحث الأول

طبيعة وأهمية الإدارة العامة

الفرع الأول

الحاجة إلى الإدارة العامة

أولاً- اتساع دور الدولة:

1- أصبح الدور الذي تقوم به الإدارة العامة في مختلف أوجه نشاط الدولة دوراً بارزاً في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.

2- أصبحت الدولة تمتلك المؤسسات والشركات وتضع القوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي وتضع التخطيط القومي الشامل للإسراع بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما تتدخل الدولة في الحياة الاجتماعية.

3- مع تزايد دور الدولة في كافة المجتمعات أصبحت عملية التوجيه والسيطرة على أنشطتها عملية معقدة ولم يعد أسلوب التجربة والخطأ لإدارة هذه الأنشطة أمر مقبول حيث أصبحت الإدارة علم يعتمد على أسس وأصول بمعنى أنها تعتمد على حقائق أساسية يمكن أن تطبق في حالات معينة في إطار ظروف المجتمع والبيئة والناس والمعتقدات.

4- تقدم الدول والمنظمات المختلفة لم يعد يقاس بما تملكه من ثروات وإمكانيات مادية وإنما بما لديها من قدرات إدارية قادرة على توجيه واستغلال ما لديها من ثروات وإمكانيات.

5- تعد نظم الإدارة العامة معيار التفرقة بين الدول المتقدمة وغير المتقدمة وعلامة من علامات تطور المجتمعات ومقياس من مقاييس التقدم.

ثانياً- متطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية:

1- يتطلب تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ضرورة الاستخدام الفعال للموارد المتاحة عن طريق المزج الأمثل لهذه الموارد بهدف زيادة الإنتاج والزيادة الحقيقية في دخل الفرد.

2- يعتمد هذا بصفة أساسية على وجود إدارة قادرة على تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة لكافة القطاعات الاقتصادية بما يحقق الهدف الرئيسي للتنمية.

3- تحقيق التنمية الشاملة هو التحدي الحقيقي للإدارة العامة ومنظماتها أمام أفراد المجتمع في المجالات التعليمية والصحية وكافة مجالات السلع والخدمات التي يجب أن تعمل بجدية في إطار إمكانياتها المحدودة للسيطرة على تلك المشكلات وعلاجها.

ثالثاً- تحقيق السياسة العامة للدولة:

1- الإدارة العامة تمثل أساساً الأداة التي يتم بمقتضاها تنفيذ السياسة العامة للدولة وتحقيق الأهداف العامة للمجتمع وتحتفظ السلطة التشريعية بحق إصدار هذه السياسات والقرارات.

2- أن دور الإدارة العامة هو استخدام الموارد المتاحة لخدمة الصالح العام للمجتمع وإشباع حاجات أفراده في إطار "السياسة العامة للدولة" والتي تتكون من الدستور والقوانين التي تضعها الدولة للقيام بمسئوليتها الاجتماعية وخدمة الصالح العام.

3- وعلى ذلك فإن جميع الأنشطة الحكومية من تعليم وزراعة وصناعة وخدمات وأمن وغيرها تستلزم إدارة عامة لتحقيق أهدافها على الوجه المطلوب.

رابعاً- الإسهام في وضع السياسات العامة:

1- مع التوسع في دور المنظمات العامة والذي أدى إلى تعقيد تركيبها تبعاً لتغير هيكلها التنظيمي وتزايد مسئولياتها الإدارية وتطور حجم العمالة بها إلى جانب كونها حلقة اتصال مباشر بين أفراد المجتمع والسلطة التشريعية يجعلها في موقف أفضل من حيث الحكم على مدى مطابقة السياسة العامة لحاجات ومتطلبات الجمهور.

2- وعلى ذلك ينظر إلى دور الإدارة العامة من مجرد أداة تنفيذية للسياسة العامة إلى دورها في تكوين هذه السياسة ثم بناء الخطط والبرامج التي تترجمها أي تنتقل من دور التنفيذ إلى كونها أداة تغيير وتطوير.

3- وعلى ذلك تصبح مسئولية الإدارة العامة في المجتمع الحديث ذات شقين وهما: "وضع" و "تنفيذ" السياسة العامة. وإذا كان الشق الثاني يمثل الجانب التقليدي لنشاط وممارسات الإدارة العامة إلا أن الشق الأول يمثل تطوراً في هذا المجال.

الفرع الثاني

مفهوم الإدارة العامة

تعريف الإدارة العامة:

يمكن تعريف الإدارة العامة بأنها: "فرع من فروع الإدارة، تتعلق بتطبيق المبادئ العلمية والأسس الإدارية المتفق عليها، في الأنشطة الحكومية وشبه الحكومية، بما يحقق أهداف المجتمع، وبهذا المعنى تشمل الإدارة العامة جميع وظائف الإدارة من تخطيط وتنظيم وتعيين وتنسيق وتوجيه ورقابة في الجهاز التنفيذي للدولة بمعناه الواسع من الوزارات والمصالح والهيئات والشركات معاً".

الفرع الثالث

سمات الإدارة العامة

تتصف الإدارة العامة بمجموعة من السمات وهي:

أولاً- الارتباط السياسي:

1- ترتبط الإدارة العامة بالتركيب السياسي للدولة الذي يشمل البرلمان بما فيه من أحزاب ذات اتجاهات مختلفة، وتمثل أجهزة الإدارة العامة في الدولة كيان السلطة التنفيذية، ولا يمكن دراستها وتحليل أدائها إلا بتفهم وتحليل النظام السياسي القائم بهذه الدولة.

2- شكل العمل الإداري العام يتحدد بواسطة السلطة التنفيذية والإداريين يصدرون أوامرهم ويتخذون قراراتهم في حدود القوانين والأنظمة التي تضعها السلطة السياسية في الدولة؛ وهناك قيود معينة تفرضها السلطة السياسية على الإداري في الإدارة العامة.

3- يجب ألا يفهم من هذا الارتباط خضوع أجهزة الإدارة العامة خضوعاً تاماً للسلطة السياسية، فرسم السياسات العامة هي عملية موائمة لحاجات العديد من الجماعات والقوى الاجتماعية والسياسية في المجتمع.

4- الإدارة العامة يجب أن يكون لها أثر مشارك في رسم هذه السياسات، فهي الأداة الأولى والرئيسية التي تتولى مهمة التنفيذ، ويجب أن يكون لها دور في صياغة سياسة الدولة.

5- عملية صنع السياسات لا بد أن يساهم فيها المسئولين في الأجهزة الإدارية بإبداء الرأي من خلال خبراتهم وممارستهم حتى تصبح هذه السياسات واقعية وقابلة للتحقيق.

6- عندما يصدر قانون من الهيئة التشريعية يحدد سياسة معينة فإن إجراءات التنفيذ والأساليب التي تمارسها أجهزة الإدارة العامة تحدد معنى السياسات الموضوعة ومضمونها الفعلي وكثيراً ما تشارك الأجهزة الإدارية في اقتراح سياسات معينة لمشروعات قوانين على الهيئة التشريعية.

7- رسم السياسات لم يعد حكراً على السلطة التشريعية بل يعهد به إلى السلطة التنفيذية وأصبحت مهمة الإدارة العامة رسم السياسة العامة في ضوء ما يتوافر لها من معلومات وأصبحت مهمة السلطة التشريعية إقرار ما تقدمه السلطة التنفيذية في هذا الشأن.

ثانياً- الارتباط القانوني:

ترتبط الإدارة العامة ارتباطاً جوهرياً بدستور الدولة وقوانينها، وبصفة خاصة القانون الإداري الذي يحكم تصرفات جميع الأجهزة العامة من تعيين وتدريب وأجور ومكافآت ويترتب على هذا النتائج التالية:

1- العاملين بأجهزة الإدارة العامة يتصرفون بما يتفق مع التشريعات التي تحكم العمل.

2- التطور في مجال الإدارة العامة غير مرن إذا ما تطلب الأمر تعديل تشريعي وذلك بسبب ضرورة الرجوع إلى الهيئة التشريعية وانتظار ما تقرره، وغالباً ما يكون التعديل للتشريع عملية بطيئة.

3- قيام مبدأ المسئولية العامة حيث تتوفر مسئولية المنفذين والعاملين بالحكومة أمام السلطات التشريعية والأجهزة القضائية والرقابية المختلفة التي لها حق التدخل كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك.

ثالثاً- الارتباط بالصالح العام:

1- تقوم الإدارة العامة على هدف أساسي هو تقديم الخدمة العامة للمجتمع حيث يعمل الموظف العام لإشباع حاجات أفراد المجتمع وتحت إشراف السلطة التشريعية طبقاً للتشريعات والتعليمات التي تضعها.

2- الإدارة العامة لا ترتبط بعنصر الربح الذي يمثل الدافع الرئيسي لإدارة الأعمال وهناك الكثير من المشروعات التي لا تحقق عائد مباشر ومع ذلك تقوم الحكومة بإنشائها.

3- هناك إجماع على أن الصالح العام هو صالح المجتمع أو مجموع المواطنين أو أكبر فئة أو جماعة يتصل بها الموضوع أو المشروع أو القرار.

الفرع الرابع

ملامح الإدارة العامة

من خلال عرض المفاهيم السابقة عن الإدارة العامة، وسماتها الرئيسية، يمكن أن نحدد أهم ملامحها فيما يلي:

1- هي جهد جماعي تعاوني في سياق عام.

2- تغطي السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) والعلاقات بينهم.

3- تقوم بدور هام في صياغة السياسة العامة للدولة وهي جزء من العملية السياسية.

4- ترتبط ارتباط وثيق بالعديد من الأفراد والجماعات بتقديم خدمات متعددة لهم.

5- تختلف عن الإدارة الخاصة أو إدارة الأعمال في عدد من الجوانب الأساسية، وهي: 7

الإدارة العامة وإدارة الأعمال:

· أ ) أهم الاختلافات بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال:

1- يتمثل العنصر المميز للإدارة العامة في أن كل شيء تفعله منظمات عامة يعتبر موضع اهتمام الجمهور حيث أن المنظمات العامة تستخدم حصيلة الضرائب ويحق لكل مواطن أن يعرف كيفية إنفاق هذه الحصيلة؛ وأن ينتقد المسئولين الذين لا يوافق على قراراتهم.

2- إن صعوبة العمل الحكومي تتمثل في أن الأمر لا يقتصر على وجوب أدائه بصورة جيدة، وإنما يجب كذلك إقناع الجمهور بأنه يتم بصورة جيدة. وبعبارة أخرى: هناك حاجة إلى كل من "الكفاءة" و "الإقناع" في العمل الحكومي.

3- تختلف الإدارة العامة عن إدارة الأعمال في أنه لا توجد شركة خاصة تعدل وتناظر المنظمة العامة في الحجم أو تنوع الأنشطة التي تؤثر على الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للدولة.

4- تهدف الإدارة العامة إلى تحقيق خدمات عامة، وتهدف إدارة الأعمال – أساساً – إلى الربح. فلا يمكن إدارة المشروعات الحكومية على أسس تجارية بحتة كما هو الحال بالنسبة لإدارة الأعمال، أي أن الإدارة العامة تساهم في تقديم خدمات لا تستطيع الشركات الخاصة تقديمها وإذا قدمتها فستكون بتكلفة أعلى بكثير.

5- هناك ميزة تختص بها منظمات الأعمال حيث تتمتع بقدر كبير من التحكم والسيطرة في استخدام ونقل وترقية وفصل العاملين لديها، بينما المنظمات العامة (الحكومية) تكون مقيدة للغاية في عملية تغيير الأفراد، برغم أن هذه الحماية توفر الاستخدام الأمثل للعاملين إلا أنها تقيد حرية الإدارة في إجراء تعديلات في الأفراد كالتي تجريها المنظمات الخاصة.

6- تعتبر المسئولية المحاسبية (بمعنى المسئولية الوظيفية والإدارية والتأديبية للموظف العام، والمسئولية العامة والسياسية للمنظمة ككل) أكثر ارتباطاً بالمنظمات العامة منها بمنظمات الأعمال، حيث تخضع الأولى لمتابعة وتقييم أدائها من قِبل اللجان التشريعية المختلفة والأجهزة الرقابية المتنوعة بصورة أشد مما يحدث مع المنظمات الخاصة.

7- الإدارة العامة محكومة بالتشريعات والقوانين التي تتصرف في حدودها. بينما إدارة الأعمال محكومة بقرارات مجلس الإدارة وتعليمات المديرين.

· ب ) أهم أوجه الاتفاق بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال:

1- تتكون العملية الإدارية في كل منهما من عدة وظائف (وهي: التخطيط والتنظيم والتوجيه والتنسيق والرقابة).

2- المبادئ والأصول والقواعد التي تستند إليها كل منهما واحدة.

3- يعمل كل منهما على رفع مستوى الكفاءة الإنتاجية للعاملين والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لخفض التكاليف ورفع مستوى المعيشة لأفراد المجتمع.

4- كل منهما "نظام مفتوح" يعمل في إطار بيئي مُعين يؤثر فيه ويتأثر به، ويضع من السياسات والخطط ما يحقق أكبر قدر من التوافق والتكيف مع البيئة.

5- يؤثر ويتأثر كل منهما في الآخر فيما يتعلق بتطوير أساليب العمل وتحسين طرقه أو الاهتمام بالنظم المالية المتعلقة بشئون العاملين (كالحد الأدنى للأجور والمعاشات).

الفصل الثاني

مداخل دراسة الإدارة العامة

يوجد العديد من المداخل لدراسة الإدارة العامة، وكل منها يعبر عن منهج للفكر ويدرس الإدارة من زاوية معينة، وأهم هذه المداخل هي:

أولاً- المدخل السياسي:

1- يعالج هذا المدخل الإدارة العامة كمظهر من مظاهر العملية السياسية باعتبار أن أجهزة الإدارة تمثل الأداة التنفيذية للنظام السياسي للحكم. والعلاقة بين الجهاز الإداري العام والجهاز السياسي لا تقتصر على مسئولية الجهاز الأول أمام الثاني، بل تمتد إلى مشاركة الجهاز الإداري للجهاز السياسي في وضع السياسات العامة.

2- من وجهة نظر أصحاب هذا المدخل فإن رجال الإدارة العامة يقومون بدور سياسي عندما يساعدون في تشكيل السياسات وتفسيرها وتطبيقها.

3- عيوبه: وبالرغم من أن أجهزة الإدارة العامة تتأثر بالعمليات السياسية والبناء السياسي للمجتمع، إلا أن العوامل السياسية لا تمثل المتغيرات الوحيدة التي تحرك أداء الإدارة العامة حيث توجد متغيرات أخرى (تتمثل في استراتيجية التنظيم والإدارة والبيئة وسلوكيات العاملين) ويتم تطويعها لكي تناسب الواقع الذي تعمل في إطاره أجهزة الإدارة العامة.

ثانياً- المدخل القانوني:

1- يركز هذا المدخل على دراسة القواعد والمبادئ القانونية التي تطبق على أنشطة الإدارة العامة مع التركيز على الحقوق القانونية والواجبات المفروضة عليها. ويدخل ضمن إطار هذا المدخل الدور الذي تلعبه كل من السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وعلاقة كل سلطة بالسلطات الأخرى.

2- فالمدخل القانوني يبحث في الجوانب المتعلقة بالموظفين العموميين من حيث علاقة الموظف بالجهاز الإداري، وطرق تعيينه، وواجباته ومكافآته ومجازاته ومعاشاته ...الخ.

3- مميزاته: يفيد هذا المدخل في التعرف على الإطار القانوني للمنظمات العامة.

4- عيوبه: إلا أنه يؤخذ عليه إهماله للنواحي البيئية والسلوكية والاجتماعية. (فهو لا يصلح بمفرده ليكون مدخلاً وحيداً للإدارة العامة).

ثالثاً- المدخل الوظيفي (المدخل الإداري):

1- يُعبر هذا المدخل عن تأثير مناهج الفكر الإداري على دراسة الإدارة العامة، حيث تقوم المنظمات العامة بعدد من الوظائف الإدارية (مثلها في ذلك مثل منظمات الأعمال) من قبيل: التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والرقابة.

2- مميزاته: ويفيد هذا المدخل في تثبيت دعائم الفكر الإداري في الإدارة العامة، وتثبيت كثير من المفاهيم والأساليب الإدارية.

3- عيوبه: إلا أنه يؤخذ على هذا المدخل تداخل بعض الوظائف الإدارية عند ممارستها، وعدم التركيز على العوامل البيئية والاجتماعية.

رابعاً- المدخل البيئي:

1- يهتم هذه المدخل بإبراز العلاقة بين الإدارة العامة والبيئة المحيطة التي تعيش فيها، على اعتبار أنها نتاج للبيئة بغض النظر عما تقرره اللوائح والقوانين.

2- مميزاته: يهتم هذا المدخل بدراسة وتحليل العوامل البيئية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) بغرض تغيير أو إعادة بناء أنظمة الإدارة العامة بحيث تكون ملائمة للواقع البيئي لضمان فاعليتها ونجاحها.

3- عيوبه: برغم أهمية ومنطقية هذا المدخل إلا أن دراسة الإدارة العامة طبقاً له تشتت جهود الباحثين لتشعب أبعاده المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. هذا إلى جانب أن هذه العوامل البيئية في تطور وتغير مستمر مما يتطلب ضرورة اللحاق بهذه التطورات وتأثيرها على المنظمات العامة.

خامساً- مدخل النظم:

1- ينظر هذا المدخل إلى الجهاز الحكومي كنظام كبير يتكون من عدد من الأنظمة الفرعية التي تمثل الأجهزة المختلفة التي يتكون منها الجهاز الحكومي، وكل من هذه الأجهزة يمكن اعتباره نظام يتضمن عدداً من الأنظمة الفرعية قد تكون قطاعات أو إدارات أو أقسام، ويضم كل هذه الأنظمة نظام أكبر هو البيئة التي يعمل فيها الجهاز الحكومي.

2- مكونات النظام الإداري العام، هي:

أ‌. المدخلات.

ب‌. العمليات التحويلية.

ت‌. المخرجات.

ث‌. التغذية المرتدة.

ج‌. البيئة الخارجية.

3- المدخلات: تتكون المدخلات من مختلف العناصر التي تسهم في تكوين مخرجات النظام الإداري، من قبيل الموارد البشرية والمادية والمالية والقوانين والتشريعات ...الخ.

4- العمليات التحويلية: ويقصد بها مختلف الأنشطة اللازمة لتحويل المدخلات إلى مخرجات، من قبيل التخطيط والتنظيم وإصدار الأوامر وصناعة القرارات ...الخ.

5- المخرجات: تتكون المخرجات من القرارات والسياسات والإنجازات التي ينتجها النظام الإداري.

6- التغذية المرتدة: لإظهار كفاءة النظام والتأكد من أدائه بطريقة سليمة لا بد من وجود المعلومات المرتدة التي تمكن من اتخاذ الإجراءات التصحيحية أولاً بأول ومراجعة القرارات والسياسات حتى يتم تحقيق الأهداف بالطريقة السليمة والمناسبة.

7- البيئة الخارجية: لا بد أن يهتم النظام بأثر البيئة ويكون حساس للتغيرات البيئية المحيطة به والدائمة الحركة، حتى يستطيع أن يتواءم معها (كنظام مفتوح).

8- مميزاته: يمتاز هذا المدخل بأنه يسعى لتحقيق تكامل النشاط الإداري وتفاعل عناصره مع بعضها البعض من ناحية، وبينه وبين البيئة الخارجية من ناحية أخرى.

9- عيوبه: إلا أنه يؤخذ على هذا المدخل (في دراسة الإدارة العامة) أنه لا يوضح القوى الداخلية ذات النفوذ والتأثير في عملية اتخاذ القرارات، كما أنه يتعامل مع "الكل" ويهمل "الأجزاء".

سادساً- المدخل السلوكي:

1- يقوم هذا المدخل على فكرة أن التنظيم الإداري ما هو إلا تجمع إنساني يكون فيه الأفراد هم القوى المحركة للتنظيم، ويركز هذا المدخل على دراسة الفرد في علاقته مع نفسه ومع غيره من الناس ومعرفة ما يحفزه للعمل وتحليل دوافع السلوك وأثرها على أهداف التنظيم.

2- مميزاته: تبدو أهمية هذا المدخل في دراسة الإدارة العامة في تنمية المهارات السلوكية للموظف العام في تعامله مع الجمهور، وقدراته على خدمة الجمهور بطريقة سليمة. ويُبرز هذا المدخل أهمية العامل الإنساني والنظام الاجتماعي والتركيز على الأهداف الأخلاقية للإدارة.

3- عيوبه: إلا أنه يؤخذ على هذا المدخل أن بعض الكتاب السلوكيين يركز على الفرد والسلوك والدوافع، والبعض الآخر يركز على عملية اتخاذ القرار، والبعض يهتم بدراسة أهداف المنظمة (كالنمو والاستقرار).

سابعاً- المدخل الهيكلي (المدخل الوصفي):

1- يركز هذا المدخل على التركيب الهيكلي للإدارة العامة، أي الخريطة التنظيمية للدولة والأجهزة التنفيذية التابعة لها، ودراسة الوزارات المختلفة وأجهزة الإدارة المحلية واللجان والأجهزة الاستشارية.

2- يعالج هذا المدخل مشاكل التنظيم مثل المركزية واللامركزية والسلطة ونطاق الإشراف وعلاقة المنظمات الإدارية ببعضها وطبيعة التنظيم ومشاكله.

3- مميزاته: يفيد هذا المدخل في التعرف على الهيكل التنظيمي للدولة والعلاقة بين وحداته.

4- عيوبه: إلا أنه يؤخذ عليه أنه:

أ‌. ينظر إلى الهيكل التنظيمي للدولة نظرة مثالية تحدد ما يجب أن يكون.

ب‌. عدم الربط بين الهيكل التنظيمي والبيئة والمجتمع والتأثيرات المتبادلة.

ت‌. يهمل دراسة السلوك الإنساني بالمنظمة.

ث‌. يتعامل مع عملية اتخاذ القرارات من جانبها الرسمي فقط، دون مراعاة لتأثير الجماعات المختلفة في المجتمع.

ثامناً- المدخل المُقارن:

1- يُمثل هذا المدخل مجال من مجالات البحث في الإدارة العامة بالدول المُختلفة بهدف الوصول إلى المبادئ والقواعد التي لها صفة الشمول والعمومية والتي تصلح للتطبيق على مختلف النظم الإدارية لنقل التجارب والحلول بين الدول المختلفة بدلاً من أن تقوم كل دولة بجهودها الخاصة المكلفة في هذا المجال.

2- ويرجع انتشار هذا المدخل وزيادة الاهتمام به لدراسة الإدارة العامة إلى مجموعة من الأسباب:

أ‌. التقدم الملحوظ في وسائل النقل والتكنولوجيا جعل انتقال الخبرات وتبادلها بين الدول أمر سهل المنال.

ب‌. الدور الذي تلعبه الهيئات الدولية وما تقدمه من معونات للدول المختلفة من أجل النهوض بأنماطها الإدارية.

ت‌. زيادة عدد الدول النامية التي تتشابه في ظروفها ورغبة حكوماتها في القيام بدور إيجابي للنهوض بها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

الفصل الثالث

الأبعاد البيئية للإدارة العامة

يُعتبر "المدخل البيئي" لدراسة الإدارة العامة من المداخل التي لاقت اهتماماً كبيراً من كتاب الإدارة العامة، باعتبار أن أي نظام إداري يصادف نجاح في مجتمع معين لا يعني بالضرورة أنه سيُصادف نفس النجاح في مجتمع آخر.

والأبعاد أو المتغيرات البيئية تنقسم إلى أبعاد (أو متغيرات): سياسية - واقتصادية - وحضارية - واجتماعية - وتكنولوجية.

أولاً- الأبعاد السياسية

يُقصد بالأبعاد السياسية في بيئة الإدارة العامة كافة النظم والقوى والظواهر التي تحيط بأجهزة الإدارة العامة وتتفاعل معها وتنشأ بينهما علاقات تأثير وتأثر ذات طابع سياسي وتحمل جانب من النفوذ أو المشاركة. ودراسة الأبعاد السياسية تفرضها طبيعة السياسة وعلاقاتها بأجهزة الإدارة العامة؛ والسياسة العامة "مخرج" رئيسي للنظام السياسي و "مدخل" أساسي لأجهزة الإدارة العامة.

ولتحديد ملامح النظام السياسي (القائم في أي مجتمع) المسئول عن رسم السياسة العامة لا بد أن نتناول بالبحث ثلاث موضوعات هي: "الأمة" و "الدولة" و "الحكومة".

· الأمة:

ويُقصد بالأمة جماعة من الأفراد يستقروا في إقليم معين تجمع بينهم الرغبة المشتركة في العيش معاً.

وعلى ذلك، فهناك ثلاثة أركان أساسية لنشأة الأمة:

1- الأفراد.

2- الإقليم.

3- الرغبة في العيش معاً.

وبجانب تلك الأركان المذكورة، توجد مجموعة أخرى من "العوامل المساعدة" على تكوين الأمة، وهي:

1- وحدة اللغة:

أ‌. اللغة الواحدة هامة في خلق تفكير مشترك بين أبناء الأمة الواحدة.

ب‌. وحدة اللغة من العوامل المساعدة وليست من الأركان الأساسية لنشأة الأمة. فهناك بعض الأمم التي توجد بها عدة لغات.

2- وحدة العقيدة:

أ‌. العقيدة الواحدة تعتبر من أهم العوامل التي تساعد على تقارب الأمة.

ب‌. هناك بعض الأمم تدين بعقائد مختلفة.

3- وحدة المصالح الاقتصادية:

أ‌. البعض يرى أن وحدة المصالح الاقتصادية هي ركن أساسي في تكوين الأمة، ويرى البعض أنها من العوامل المساعدة (وليست من الأركان).

4- وحدة الأصل أو الجنس:

أ‌. البعض يرى أن الأصل والجنس المشترك من أهم مقومات الأمة.

ب‌. والبعض الآخر يقول بصعوبة الإدعاء بوجود جنس نقي لم يختلط بغيره من الأجناس، وهناك بعض الأمم تتكون من أصول وأجناس مختلفة.

5- وحدة التاريخ والتراث الثقافي المشترك:

أ‌. وحدة التاريخ والتراث الثقافي المشترك والتي تتراكم عبر السنين تساعد على تكوين الأمة.

· الدولة:

ويُقصد بالدولة جماعات من الأفراد استقروا على إقليم معين ويخضعون لسلطة حاكمة ذات سيادة. وعلى ذلك فعناصر الدولة هي: الشعب – و الإقليم – و السلطة.

1- الشعب:

- لا يتصور وجود دولة بدون وجود مجموعة من الأفراد والعائلات.

- إلا أنه ليس هناك حد أدنى لعدد أفراد الدولة.

- ولكنه كلما كثر عدد أفراد الدولة، كلما كانت الدولة أقوى، بشرط توافر الحياة الكريمة للأفراد.

2- الإقليم:

الإقليم هو رقعة من الأرض يقيم عليها سكان الدولة، وتمارس الدولة سيادتها عليه، ويشتمل إقليم الدولة على:

أ‌. الإقليم الأرضي:

- هو مساحة من الأرض (اليابس) لها حدود واضحة، وتمارس الدولة سلطاتها في حدود ذلك الإقليم.

- ولا يلزم في إقليم الدولة أن يكون رقعة واحدة متصلة الأجزاء، بل قد يتكون من أجزاء متناثرة أو متباعدة عن بعضها البعض (كالدول الجزيرية مثل بريطانيا واليابان وإندونيسيا – ومثل أقاليم فيما وراء البحار لبعض الدول الاستعمارية القديمة مثل بريطانيا وفرنسا).

- ولا يشترط في إقليم الدولة أن يبلغ مساحة معينة، فالمجتمع الدولي يضم دولاً صغيرة المساحة.

- في حالة عدم رسم وتعيين حدود الإقليم بدقة، فسيكون ذلك سبباً لنشوب المنازعات والمشاكل بين تلك الدولة وجيرانها.

ب‌. الإقليم المائي:

- ويُقصد به أجزاء إقليم الدولة التي تغطيها المياه، وهو بدوره ينقسم إلى:

- إقليم مائي داخلي مثل الأنهار (سواء كانت أنهار وطنية أي تنبع وتصب داخل حدود دولة واحدة، أو أنهار دولية وهي التي تمر عبر حدود أكثر من دولة) والبحيرات (سواء المنغلقة أي التي لا يوجد لها منفذ على البحر العام، أو المفتوحة أي التي يوجد لها منفذ على البحر العام).

- وإقليم مائي خارجي وهو مساحة مائية ملاصقة لشاطئ الدولة والممتدة لمسافة ما في البحر العام (على ألا تزيد عن 12 ميلا بحرياً تقاس من خط الأساس، وهو الخط الذي يرسم من حد أدنى جزر على امتداد الساحل كما هو مبين على الخرائط المعترف بها رسمياً من قِبل الدول الساحلية).

- وكلا من الإقليم المائي الداخلي والخارجي يخضع لسيادة الدولة (مع تقرير حق السفن الأجنبية في المرور البريء عبر البحر الإقليمي).

ت‌. الإقليم الجوي:

- وهو عبارة عن طبقات الجو والهواء التي تعلو الإقليم الأرضي والإقليم المائي للدولة، ويخضع لسلطان الدولة، ولا يجوز التحليق فيه أو عبوره بغير استئذان الدولة صاحبة السيادة.

3- السلطة:

- لا يكفي لنشأة الدولة وجود عدد من الأفراد يستقروا على إقليم معين، بل يجب أن يخضع هؤلاء لسلطة حاكمة تمارس سلطانها باسم الدولة.

- ولا يُشترط أن يكون قيام الحكومة برضا جميع الأفراد.

- الأمة والدولة يشتركان في عنصري الشعب والإقليم، وتتميز الدولة بعنصر السلطة، فإذا تحققت للأمة سلطة حاكمة تحولت إلى دولة. وقد تنقسم الأمة الواحدة إلى عدة دول (كما هو الحال بالنسبة للأمة العربية – والأمة الكردية)، وقد تضم الدولة الواحدة عدة أمم أو قوميات (كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية - والهند - والاتحاد السوفيتي قبل انهياره).

أشكال الدول:

تنقسم الدول من حيث التكوين إلى دول بسيطة (موحدة) ودول مُركبة (متحدة)، وتظهر الاختلافات بينهم على النحو التالي:

الدولة البسيطة: هي الدولة الموحدة وتكون السيادة فيها غير مجزئة وتخضع لدستور واحد وسلطة تشريعية واحدة وسلطة قضائية واحدة وحكومة واحدة ويخضع جميع أفرادها لنفس القوانين وتعتبر كل أقاليمها إقليم واحد.

الدولة المركبة: هي الدولة المتحدة، فقد تتحد مجموعة من الدول المُستقلة بهدف تحقيق أهداف معينة أو لتدعيم موقفها في المجتمع الدولي، وقد يكون هذا الاتحاد غير قادر على مواجهة الصعاب فينهار، وقد يقوى لدرجة يتحول معها إلى شكل الدولة البسيطة (الموحدة).

أنواع اتحاد الدول:

1- الاتحاد الشخصي أو الرئاسي: ويظهر هذا النوع عندما يتولى شخص واحد رئاسة دولتين أو أكثر مُستقلتين تماماً كل منهما عن الأخرى، فلكل منهما شخصيتها الدولية المستقلة وسيادتها الداخلية والخارجية الكاملة، وتكون الصلة الوحيدة بينهما هي شخص رئيس الدولة. ويرتبط هذا النوع من أنواع الاتحاد بالدول الملكية حيث تجتمع وراثة العرش في دولتين (ولو بطريق المصاهرة) في أسرة ملكية واحدة، فتخضع الدولتين لملك واحد.

2- الاتحاد التعاهدي: الاتحاد التعاهدي أو الاستقلالي (الكونفدرالي) يتكون بين دولتين أو أكثر تحتفظ كل منهما بسيادتها في الداخل والخارج، وتنشأ فيما بينها نوع من الارتباط والاتحاد بقصد تحقيق أهداف معينة يتم الاتفاق عليها في معاهدة وتشكل هيئة تشرف على تنفيذ هذا الاتفاق الوارد في المعاهدة (التعاهدي).

3- الاتحاد الفعلي: الاتحاد الفعلي أو الحقيقي (الدولة المتحدة) يتكون من دولتين أو أكثر تحتفظ كل دولة بسيادتها الداخلية وتتخلى عن سيادتها الخارجية لصالح دولة الاتحاد، وتخضع لرئيس واحد وتشرف على شئونها الخارجية هيئة واحدة.

4- الاتحاد المركزي (الفيدرالي): الاتحاد المركزي أو الفيدرالي ينشأ بين دولتين أو أكثر لتكوين دولة جديدة واحدة تسمى الدولة الاتحادية بحيث تتنازل الدول المتعاقدة عن جزء من سيادتها الخارجية وجزء من سيادتها الداخلية لدولة الاتحاد.

5- الكومنولث: هو اتحاد بسيط بين دولة وبين عدة دول أخرى كانت تتبعها وحصلت على استقلالها، ويتولى هذا الكومنولث بصفة خاصة التنسيق بين هذه الدول في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، ومثل هذا الاتحاد ضعيف جداً حيث تظل كل دولة من أعضائه محتفظة بالشخصية القانونية الدولية المستقلة وتمارس سيادتها الكاملة على إقليمها، ومثل هذا الاتحاد لا يعدو أن يكون منسق لبعض المصالح الوطنية. (مثل الكومنولث البريطاني والكومنولث السوفيتي الذي تكون من الدول المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفيتي بعد انهياره).

تقسيم الدول من حيث السيادة:

من حيث السيادة قد تكون الدولة كاملة السيادة أو ناقصة السيادة، ويمكن تصنيفهم على النحو التالي:

1- الدولة كاملة السيادة: هي الدولة المتمتعة بجميع مظاهر شخصيتها الدولية ولا تخضع لرقابة أو سيطرة أو وصاية دولة أجنبية.

2- الدولة ناقصة السيادة: هي دولة لا تتمتع بكامل أهليتها القانونية وتشاركها في ممارسة سلطاتها إما دولة أجنبية أو منظمة دولية.

أنواع الدول ناقصة السيادة:

تنقسم الدول ناقصة السيادة إلى:

1- الدول المحمية: وهي التي توجد في حماية دولة أجنبية، وقد تطلب دولة ما من دولة أخرى أقوى منها حمايتها (وتسمى هنا حماية اختيارية)، وقد ترغم على قبول هذه الحماية بالقوة (وتسمى هنا الحماية المفروضة)، وبالتالي تفقد الدولة المحمية الجزء الأكبر من سيادتها الدولية وجزء من سيادتها الداخلية لصالح الدولة الحامية. والدولة الحامية (في الحماية الاختيارية) غالباً ما تكون دولة صديقة أو مجاورة وقوية وتطلب حمايتها دولة ضعيفة أو محدودة الإمكانيات (مثل خضوع إمارة "موناكو" لحماية فرنسا بموجب اتفاقية دولية أبرمت في عام 1918 بعد الحرب العالمية الأولى) ( 1 ) .

2- الدول المستعمرة: وهي دولة تخضع لسيطرة دولة أقوى منها تفرض إرادتها بقوة السلاح وتفقد الدولة الخاضعة للاستعمار سيادتها الخارجية والداخلية.

3- الدول التابعة: هي الدول الموجودة في حالة تبعية وخضوع لدولة أخرى، والدولة المتبوعة تستأثر بالتمثيل الخارجي وتعين رئيس الدولة التابعة وتشرف على مؤسساتها الدستورية. (وقد ظلت مصر في وضع الدولة التابعة للدولة العثمانية منذ عام 1840 – بمقتضى اتفاق لندن – وحتى عام 1914 عند قيام الحرب العالمية الأولى).

4- الدولة الموضوعة تحت الوصاية: أي الدولة الموضوعة تحت إشراف الأمم المتحدة (سواء مباشرة أو عن طريق دولة ثانية)، وبمقتضى هذا النظام توضع دولة تحت وصاية الأمم المتحدة مباشرة (أو تحت وصاية دولة أخرى بإشراف الأمم المتحدة) وذلك لفترة ما حتى تتمكن تلك الدولة (الخاضعة للوصاية) من استكمال مقومات استقلالها، وطوال فترة الوصاية تعتبر الدولة الخاضعة لها ناقصة السيادة.

5- الأقاليم الخاضعة للتدويل: يقصد بنظام التدويل خضوع إقليم ما للإدارة الدولية بمقتضى معاهدة دولية، بسبب الأهمية الدولية لإقليم معين، بما يستوجب عدم إخضاعه لدولة واحدة تحقيقاً لمصالح عدة دول. ومن أمثلة ذلك خضوع طنجة للإدارة الدولية بمقتضى اتفاق بين فرنسا وأسبانيا عام 1920 (وقد عادت للإدارة المغربية عام 1956). كما حاولت الأمم المتحدة وضع مدينة "القدس" تحت إدارة دولية إلا أن ذلك لقي معارضة من الدول العربية وإسرائيل معاً.

الحكومة:

الحكومة هي التعبير الذائع عن السلطة (باعتبارها الركن الثالث من أركان الدولة) وهي (الحكومة أو السلطة) التي تميز الدولة عن الأمة، فإذا ما وجدت الحكومة في أمة تحولت إلى دولة. ويستخدم لفظ الحكومة للتعبير عن عدة معان، فقد يقصد بها "مجلس الوزراء" فقط فيقال إعادة تشكيل الحكومة، وقد يقصد بها السلطة التنفيذية أي رئيس الدولة والوزراء، وقد تطلق على جميع الفئات الحاكمة من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأخيراً قد يقصد بها طريقة استخدام السلطة وممارسة الحكم، ويمكن تقسيم الحكومات إلى عدة تقسيمات على النحو التالي:

أولاً- من حيث صفة رئيس الدولة:

1- حكومات ملكية: ويستمد رئيس الدولة فيها حقه في تولي الحكم عن طريق الوراثة.

2- حكومات جمهورية: يتم اختيار رئيس الدولة عن طريق الانتخاب، ويسمى رئيس الجمهورية.

ثانياً- من حيث الخضوع للقانون:

1- حكومات قانونية: يقصد بها الحكومة التي تخضع للقوانين والأنظمة القائمة المحددة التي يتعين على الحكومة احترامها.

2- حكومات استبدادية: لا تخضع في ممارستها للحكم للقوانين أو لأي أنظمة ثابتة ومحددة.

ثالثاً- من حيث توزيع السيادة:

1- حكم مطلق: حيث تتركز السلطة في يد شخص واحد أو هيئة واحدة تقوم بحكم البلاد عن طريق قوانين يخضعون لها.

2- حكم مقيد: حيث توزع السلطة بين عدة هيئات مختلفة يراقب بعضها البعض.

رابعاً- من حيث مصادر السيادة:

1- حكومات فردية: تعترف بالسيادة لشخص واحد، تتركز في يده كل السلطات، وهي تنقسم بدورها لقسمين:

أ‌. ملكية مُطلقة: تعني أن يكون الملك وحده هو مصدر السيادة، ويدير البلاد دون أدنى مشاركة من أي أحد، ويعتلي الملك السلطة بالوراثة.

ب‌. الحكم الديكتاتوري: وفيه يستقل الحاكم بالحكم، ويستولي على السلطة بالقوة.

2- حكومات أقلية: حيث تتركز فيها مصدر السيادة (في الدولة) في يد أقلية من بين أفراد الشعب، توجه الحكم في الاتجاه الذي يحقق مصالحها، ومن أهم صورها ما يلي:

أ‌. الحكومة الأرستقراطية: وتكون فيها الأقلية الحاكمة من طبقات المجتمع المتميزة بفضل: أصولها، أو عملها، أو مركزها الاجتماعي.

ب‌. الحكومة الثرية: حيث يعتبر النظام الحاكم أن الثروة هي القيمة الأساسية لجلب الاحترام والمُشاركة في الحكم.

ت‌. الحكومة التيموقراطية: التي يحكم فيها رجال الدين.

ث‌. الحكومة العسكرية: ويتولى الحكم فيها قادة القوات المسلحة.

3- حكومات ديمقراطية: وهي تلك التي تجعل الشعب كله مصدراً للسلطة والسيادة، ولا تجعلها حكراً على فرد أو أقلية من الأفراد، والحكومات الديمقراطية لها أشكال متعددة، وأقسام مختلفة، منها:

· من حيث طبيعة علاقة الشعب بالمجلس النيابي:

1- حكومة ديمقراطية مباشرة: حيث يمارس الشعب بنفسه مهمة التشريع، ولا يوجد مجلس نيابي، ولا يوجد هذا الشكل في الوقت الحاضر.

2- حكومة ديمقراطية شبة مباشرة: حيث يشارك الشعب في بعض مظاهر الحكم، وتأخذ المشاركة في الحكم مظاهر متعددة منها:

الاستفتاء الشعبي: ويعني عرض مشروعات القوانين التي يضعها البرلمان على الشعب لأخذ رأيه فيها، وقد يأخذ شكل الاستفتاء السياسي لأخذ رأي الشعب في مسألة سياسية معينة.

الاعتراض الشعبي: ويعني حق عدد معين من أفراد الشعب في الاعتراض على قانون صادر من البرلمان خلال مدة معينة من تاريخ نشره، ويستلزم ذلك طرح القانون في استفتاء شعبي ليفصل في الأمر (بعد الاعتراض عليه من جانب عدد معين من بين أفراد الشعب).

الاقتراح الشعبي: حيث يسمح الدستور لمجموعة من الناخبين باقتراح مشروع قانون معين، ومن ثم يُعرض على البرلمان لمناقشته والبت فيه.

3- حكومة ديمقراطية نيابية: حيث يكتفي الشعب بانتخاب نواب عنه يباشرون السلطة باسمه، ويحكمون نيابة عنه.

· من حيث طبيعة العلاقة بين الشعب والسلطة التنفيذية:

1- الحكومة الرئاسية: وهي تتسم بمجموعة خصائص منها:

أ‌. حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الدولة.

ب‌. خضوع الوزراء خضوع تام لرئيس الدولة الذي له مطلق الحرية في تعيين أو عزل وزرائه كيفما يشاء.

ت‌. فصل السلطات في الدولة – فالرئيس في جانب على رأس السلطة التنفيذية، والبرلمان يمثل السلطة التشريعية، والسلطة القضائية حكم بين الاثنين. وفي النظام الرئاسي لا يحق للرئيس حل البرلمان، ولا يحق للبرلمان تنحية أو عزل الرئيس.

2- الحكومة البرلمانية: وهي تتسم بمجموعة خصائص منها:

أ‌. برلمان منتخب.

ب‌. رئيس دولة غير مسئول (شرفي)، ولا يمارس أي اختصاصات فعلية.

ت‌. وزارة مسئولة سياسياً أمام البرلمان، وتتجمع في يدها السلطة التنفيذية، ويوجد علاقة تعاون بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، مع وجود رقابة متبادلة بينهما، ويحق للبرلمان سحب الثقة من الوزارة، أو تنحية أحد الوزراء، كما يحق للحكومة حل البرلمان ( 2 ) .

3- الحكومة المختلطة: حيث يتم دمج السلطة التنفيذية والتشريعية معاً في إطار برلمان منتخب يكون مسئولاً عن السلطتين، فهو يصدر التشريعات ويرسم السياسات العامة ويختار عدداً من بين أعضائه لتنفيذ هذه السياسات العامة تحت إشرافه وتوجيهه.

ثانياً- الأبعاد الاقتصادية

يُقصد بالأبعاد الاقتصادية في الإدارة العامة كل النظم والقوى والظواهر التي تتفاعل وتربطها بأجهزة الإدارة العامة صلات تأثير وتأثر ذات طابع اقتصادي.

والنظم والقوى والظواهر الاقتصادية كثيرة ومتعددة، وسنتناول منها:

1- النظام الاقتصادي للمجتمع.

2- تبعية النظام الاقتصادي.

3- التكتلات الدولية.

1 - النظام الاقتصادي للمجتمع:-

بحث النظام الاقتصادي للمجتمع يشتمل على ثلاث نقاط أساسية هي:
أ‌- نوعية النظام الاقتصادي.
ب‌- وتركيب الهيكل الاقتصادي.
ت‌- ومستوى التقدم والنمو. وذلك على النحو التالي:

أ‌- نوعية النظام الاقتصادي:

* النظام الاقتصادي – هو مجموعة الترتيبات والوسائل والطرق التي يتعامل بها المجتمع مع المشكلة الاقتصادية الأساسية (وهي ندرة الموارد في مقابل الاحتياجات). ويمكن تقسيم النظم الاقتصادية إلى الأنواع الرئيسية التالية:

1- النظام الاقتصادي الرأسمالي: حيث تخضع المشروعات للملكية الخاصة، وينخفض دور أجهزة الإدارة العامة، ويقتصر على الأمن والدفاع والقضاء والعلاقات الخارجية وأداء بعض الخدمات، وينحصر دورها في الحياة الاقتصادية في سن التشريعات الجمركية وحماية الحرية الاقتصادية ووضع السياسة المالية والنقدية.

2- النظام الاقتصادي الاشتراكي: حيث تخضع المشروعات للملكية العامة وتتمتع أجهزة الإدارة العامة بسلطات ضخمة في تسيير الاقتصاد القومي في ظل خطط تغطي جميع نواحي النشاط الإنتاجي والاقتصادي والخدمي. ولم تتمكن غالبية النظم الاقتصادية الاشتراكية من تحقيق طموحاتها وأصبحت كثير من الدول تحيد عن هذا النظام وتتجه لقوى السوق ( 3 ) .

3- النظم الاقتصادية المختلطة: حيث تجمع بين نظم الملكية العامة والخاصة، وأصبحت مهام أجهزة الإدارة العامة مزدوجة، فهي تخطط وتدير الوحدات ذات الملكية العامة وفي ذات الوقت توجه وتراقب الوحدات ذات الملكية الخاصة، وتواجه مشكلة تحقيق التوازن بين هذين النوعين من الوحدات الاقتصادية.

ب‌- تركيب الهيكل الاقتصادي:

1- تتفاوت المجتمعات من حيث القطاعات الاقتصادية التي تضمها، والأهمية النسبية لكل قطاع بها (زارعي – صناعي – استخراجي [بترول ومعادن]).

2- والأهمية النسبية المعطاة لقطاع معين لا بد أن تنعكس على أجهزة الإدارة العامة.

3- ففي مجتمع يعتمد أساساً على قطاع الزراعة لا بد أن تكون أجهزة الإدارة العامة المختصة بالزراعة والري لها مكانة متميزة. أما إذا كانت الصناعة هي القطاع الرئيسي فسنجد أن أجهزة الإدارة العامة المختصة بالصناعة تحتل المكانة البارزة.

4- وهناك مجتمعات تتميز بتعدد الأنشطة، فلا يغلب عليها قطاع معين سواء زراعي أو صناعي، وتعطي أهمية متساوية لجميع الخدمات في هذه المجتمعات، فلا بد أن تتعدد مجالات عمل أجهزة الإدارة العامة وتصبح أكثر تعقيداً.

ت‌- مستوى التقدم والنمو:

تصنيف: وتصنف المجتمعات وفقاً لمستويات التقدم والنمو إلى مجتمعات متقدمة ومعقدة في بنائها الاقتصادي، ومجتمعات أقل تقدماً ومتواضعة في بنائها الاقتصادي، ودول متخلفة وبسيطة في بنائها الاقتصادي. ويتطلب كل منها أدواراً مختلفة في أجهزة الإدارة العامة.

1- ففي المجتمعات المتقدمة، تقوم أجهزة الإدارة العامة بأدوار رقابية وتنظيمية كبيرة نسبياً للمحافظة على التوازن.

2- أما في المجتمعات الأقل تقدماً والآخذة في النمو، فتقوم أجهزة الإدارة العامة بأدوار تقود فيها عملية التنمية.

3- أما في المجتمعات الفقيرة والمتخلفة، فتقوم أجهزة الإدارة العامة بأدوار لها طابع مزدوج لملء الفجوة بين الطموحات والإمكانيات.

2 - تبعية النظام الاقتصادي:-

1- تعاني غالبية الدول النامية من نقص كبير في مواردها المالية مما يعوق تنفيذ خططها الاقتصادية وقد يضطرها إلى اللجوء للدول الأخرى لتدبير الأموال اللازمة لنموها الاقتصادي.

2- وهذا الأسلوب (اللجوء للاقتراض من الدول الأخرى أو طلب المعونة منها) يجعل اقتصاديات هذه الدول (النامية) في حالة تبعية مستمرة، مما يضع قيوداً ضخمة على أجهزة الإدارة العامة بها في شأن اتخاذها للقرارات ذات الطابع الاقتصادي.

3- وتتعدد المصادر التي تلجأ إليها الدول النامية للحصول على احتياجاتها المالية، وأهم هذه المصادر هي الشركات متعددة الجنسيات – و المساعدات الأجنبية – و صندوق النقد الدولي، ونتناول كل منها في إيجاز فيما يلي:

· الشركات متعددة الجنسيات:

أ‌. أصبحت الشركات متعددة الجنسيات قوة اقتصادية، ويصل إنتاجها إلى أكثر من نصف الإنتاج العالمي.

ب‌. وسعت غالبية أجهزة الإدارة العامة في الدول النامية إلى دعوة وجذب هذه الشركات للعمل في أراضيها آملة أن تنقل إليها الأموال والتكنولوجيا، وفي سبيل ذلك طبقت تلك الأجهزة في الدول النامية العديد من السياسات الاقتصادية التي تحفز تلك الشركات بما تكفله لها من مزايا وإعفاءات.

ت‌. وهذه السياسات مكنت الشركات متعددة الجنسيات من الانتشار في اقتصاديات الدول النامية في شكل: استثمارات مباشرة أو مشروعات مشتركة.

ث‌. وهناك العديد من الملاحظات بشأن أثر هذه السياسات على المستقبل الاقتصادي للدول النامية، نذكر منها:

1- تمكنت هذه الشركات متعددة الجنسيات من تحويل اقتصاديات بعض الدول النامية من نمط متخصص في إنتاج المواد الأولية وتصديرها إلى نمط تقوم بمقتضاه هذه الدول بتصدير منتجات صناعية استهلاكية تقوم بإنتاجها هذه الشركات متعددة الجنسية، وغالباً ما تتميز هذه الصناعات الاستهلاكية بكثافة عنصر العمل وانخفاض مستوى المعرفة الفنية اللازمة لها.

2- ولئن كان دخول الشركات متعددة الجنسيات في بعض الدول النامية يصحبه في البداية تحسن في ميزان مدفوعات تلك الدول النامية، إلا أن له أثر عكسي على المدى الطويل حيث تصبح مبالغ الأرباح والفوائد التي تجنيها تلك الشركات وتقوم بتحويلها إلى الخارج أكبر وأزيد مما تأتي به من رءوس أموال للدول النامية.

3- وإذا كانت الدول النامية المُضيفة للشركات متعددة الجنسيات تحصل على عملات أجنبية، إلا أن ذلك لا يكون (غالباً) مقابل زيادة صادراتها أو نمو قدراتها الإنتاجية ولكن ناتج عن بيعها لأراضيها ومبانيها ومواردها الأولية التي تستنفذ (الغير متجددة).

4- تمثل ظاهرة الاستيلاء على الشركات المحلية أحد الأساليب المعروفة للتوسع الاحتكاري للشركات المتعددة الجنسيات في الدول النامية. حيث يتم ذلك في البداية كجزء من استراتيجية الدخول إلى السوق المحلية بشراء الشركات المحلية القائمة بالفعل بدلاً من إنشاء مشروع جديد لضمان سرعة الدخول للسوق ولضمان استبعاد المنافسين المحليين ولتخفيض تكلفة الاستثمار. وهذا يمثل في الحقيقة إحلال أصول أجنبية محل أصول وطنية قائمة بالفعل.

5- ومن الاستراتيجيات الأساسية للشركات متعددة الجنسيات عند دخولها للدول النامية أن تنشر في تلك الدول – بأسرع ما يمكن – عادات الاستهلاك الغربية وتنمي الولاء لعلاماتها التجارية من أجل ضمان أن كل زيادة في دخول فئات المجتمع العليا والمتوسطة سوف ينفق الجزء الأكبر منها على منتجاتها.

6- تسعى الشركات متعددة الجنسيات إلى تكوين قطاع اجتماعي يرتبط بها داخل المجتمع المحلي في الدول النامية، فهي تتوسع في استخدام أسلوب المقاولات من الباطن مما يؤدي إلى إنشاء صلات قوية بينها وبين الشركات المحلية، كما تستخدم عناصر وظيفية محلية تحرص على اختيارها بدقة وتجعل ولائهم الأساسي لصالح هذه الشركة.

· المساعدات الأجنبية:

أ‌- كلمة مساعدات تستخدم حالياً لوصف تحويل الموارد المالية من الحكومات والمؤسسات الرسمية إلى البلاد النامية، وتأخذ أشكال متعددة منها: المنح التي لا ترد – والقروض – والمعونة الفنية.

ب‌- هذه المساعدات تحمل العديد من السلبيات بالنسبة للدول النامية:

4- حيث تأتي غالبية المساعدات للدول النامية من مجموعة الدول الرأسمالية الغنية، وتتسم بصفة احتكارية، فضلاً عن أن نسبة تلك المساعدات تكون ضعيفة جداً بالنسبة لمجموع الدخل القومي لتلك الدول المانحة.

5- غالباً ما تتسم سياسة تقديم المساعدات بالتحيز السياسي، حيث تقدم الدول الرأسمالية الغنية المساعدات للدول التي تتبعها (أو تدور في فلكها).

6- تتسم المساعدات بأنها مقيدة ومرتبطة بشروط سياسية واقتصادية لا تستهدف تنمية الدول الفقيرة بقدر ما تستهدف تدعيم النفوذ السياسي والاستراتيجي والتجاري والثقافي للدول المانحة للمساعدات.

7- معظم المساعدات التي تمنحها الدول الرأسمالية يتم إنفاقها داخل الدول المانحة نفسها في شكل شراء سلع وخدمات منها.

8- المساعدات مشروطة من حيث أوجه الإنفاق فهي موجهة غالباً لحل مشكلات قصيرة الأجل ولا تتصدى للمشكلات طويلة الأجل.

9- التحيز ضد التصنيع، فالمساعدات غالباً ما تتجه إلى مشروعات المرافق العامة والبنية التحتية والخدمات ونادراً ما تتجه إلى التصنيع.

· صندوق النقد الدولي:

يهدف صندوق النقد الدولي للعمل على تشجيع التعاون النقدي للدول، وتشجيع وزيادة حجم التجارة الدولية، وتثبيت أسعار صرف العملات، والتخلص من قيود الصرف التي تعوق التجارة الدولية، وتقصير آجال الاختلال في موازين المدفوعات للدول الأعضاء.

وقد تمكن الصندوق من تقديم العديد من المساعدات للدول الأعضاء، وساهم في حل كثير من المشكلات ( 4 ) ، إلا أن هناك بعض السلبيات في تعاونه وتعامله مع الدول النامية منها:

1- نظام التصويت: يجعله خاضعاً لتوجهات الدول التي تملك حصصاً كبيرة في رأس المال، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وفرنسا، وقد أمكن استخدام هذا الوضع لأغراض سياسية، وأصبحت موارد الصندوق تمنح للدول التي ترضى عنها تلك الدول الكبرى (مالكة الحصص).

2- موارد الصندوق التي تودع تحت تصرف أي دولة نامية تعتبر ضئيلة إذا ما قورنت باحتياجاتها الفعلية.

3- استخدام موارد الصندوق من قبل الأعضاء تحدد بفترة زمنية تتراوح ما بين 3 : 5 سنوات، وكلما زادت مدة الفترة الزمنية زادت الفائدة المفروضة عليها.

4- تقوم الدول الكبرى بتخفيض عملائها (تخصيص أو تحديد عدد الدول المقترضة)، دون حاجة لإخطار الصندوق وعدم مراعاة واحترام قواعده وتعليماته.

ثالثاً- التكتلات الدولية:

1- أدركت كثير من الدول عجز الموارد والوسائل المتاحة لها منفردة، عجزها عن الوصول إلى المستوى المرغوب من الرفاهية الاقتصادية التي تنشدها.

2- لجأت هذه الدول إلى التعاون الاقتصادي المشترك وسعت لتشكيل تكتلات اقتصادية فيما بينها لدفع حركة النمو.

3- بدأت تنتشر ظاهرة التكتلات الاقتصادية في مناطق مختلفة من العالم، ولها تأثير كبير على أجهزة الإدارة العامة في الدول التي تنتمي لهذه التكتلات، حيث يقع على هذه الأجهزة عبء تبني سياسات اقتصادية معينة واتخاذ سلسلة من القرارات والإجراءات لتذليل العقبات لنجاح التكتل واستمراره.

مراحل بناء التكتلات الاقتصادية:

تمر التكتلات الاقتصادية بست مراحل تبدأ بمجرد عقد اتفاقيات للتعاون الاقتصادي وتنتهي بالاندماج الاقتصادي الكامل، وذلك على النحو التالي:

1- التعاون الاقتصادي: ويقصد به مجموعة الإجراءات التي تتخذها دولة معينة لتخفيف القيود المعوقة لانسياب السلع ورءوس الأموال فيما بينها مع إعطاء بعض الامتيازات الجمركية المتبادلة.

2- منطقة التجارة الحرة: في هذه المرحلة تلتزم كل دولة من الدول المشتركة في التكتل بإلغاء الرسوم الجمركية والقيود الكمية المفروضة على السلعة المستوردة من الدول المشتركة على أن تحتفظ كل دولة بتعريفتها الجمركية إزاء الدول غير الأعضاء في التكتل.

3- الاتحاد الجمركي: ويتضمن الاتحاد الجمركي فضلاً عن إلغاء الرسوم الجمركية والقيود الكمية بين الدول الأعضاء، التزام هذه الدول بتعريفة جمركية موحدة تفرضها على السلع المستوردة من الدول غير الأعضاء، تحل هذه التعريفة الموحدة محل التعريفات السابقة على إقامة الاتحاد.

4- السوق المشتركة: تمثل السوق المشتركة درجة أعلى من درجات التكتل الاقتصادي إذا ما قورنت بالاتحاد الجمركي، فلا تختفي العوائق المقيدة لانتقال السلع بين دول التكتل فحسب بل تختفي أيضاً عوائق انتقال رأس المال وعناصر الإنتاج الأخرى.

5- الوحدة الاقتصادية: وهي تتعدى مجرد إزالة العوائق إمام تحركات الدول وعناصر الإنتاج بين الدول الأعضاء، إلى مرحلة الانسجام والتنسيق بين السياسات المالية والاقتصادية للدول الأعضاء.

6- الاندماج الاقتصادي الكامل: في هذه المرحلة تصبح اقتصاديات الدول الأعضاء كأنها اقتصاد واحد، تحدد سياساته سلطة واحدة يكون لقراراتها في الشئون الاقتصادية صفة الإلزام لجميع الدول الأعضاء.

ثالثاً- الأبعاد الحضرية

هناك ثلاث أشكال للتحضر لها تأثير عميق على الإدارة العامة، وهي على الترتيب: التحضر التقليدي – و التحضر الصناعي – والتحضر السريع.

أولاً- التحضر التقليدي:

1- ينشأ المجتمع المتحضر التقليدي نتيجة التفاعل بين كل من "المكان" و "السكان".

2- فمن ناحية المكان: فهو يلعب دوراً هاماً من حيث ظروف الطبيعة في نشأة مراكز التحضر وشكل المدينة أو القرية.

3- ومن ناحية السكان: فهو له ثلاث خصائص أساسية، هي:

أ‌- التضخم المستمر في العدد نتيجة ارتفاع معدل المواليد وانخفاض معدل الوفيات (نتيجة لتحسن الأوضاع الصحية)، بالإضافة إلى معدلات الهجرة الداخلية المتزايدة.

ب‌- اتساع المساحة الجغرافية التي يشغلها المجتمع، ومع ذلك فإن السكان يتمركزون في حيز ضئيل منها، ويتركون غالبية المساحة غير آهلة.

ت‌- رغم ضآلة المساحة فإن غالبية السكان يتمركزون في مدينة واحدة كبيرة أو مدينتين (غالباً العاصمة)، حيث تتوافر فيها كافة الخدمات والمرافق، ويتركون باقي المدن والقرى تفتقر إلى أشكال الحياة الحضرية.

وتنشأ علاقة تبادلية بين السكان والمكان، وأي تطوير يحدث للمجتمع يرجع بالدرجة الأولى إلى إيجابية هذه العلاقة.

4- للمجتمع الحضري التقليدي عدة خصائص اقتصادية وثقافية وسياسية:

الخصائص الاقتصادية:

يتسم اقتصاد هذا المجتمع بعدة سمات، منها:

1- بجانب الزراعة تظهر عدة أنشطة تقليدية أهمها الأنشطة التجارية لسد حاجات المجتمع، بجانب بعض الأنشطة الصناعية والخدمية المحدودة.

2- تظهر بعض الأنشطة المستحدثة مثل البنوك وشركات التأمين والوكالات.

3- المصدر الرئيسي للدخل القومي يأتي غالباً نتيجة تصدير عدد محدود جداً من السلع والمواد الأولية.

4- المصدر الرئيسي لدخل (لموارد) الحكومة هو "الضرائب"، وينفق معظمه على المرتبات والأجور.

5- يمثل الموظفون الحكوميون طبقة اجتماعية متميزة، ويوجهون معظم خدماتهم لخدمة مصالح العائلات الكبيرة.

الخصائص الثقافية:

أهم الخصائص الثقافية للمجتمع الحضري التقليدي، هي:

1- ارتفاع نسبة الأمية، وعدم انتشار التعليم الرسمي وانخفاض مستواه.

2- غالباً ما تنتشر العديد من اللهجات داخل المجتمع، مما يعقد عملية الاتصال.

3- اهتمامات أفراد هذا المجتمع محدود بالأخبار المحلية، ولا يهتم بالشئون القومية أو الدولية.

4- أفراد هذا المجتمع يستمدون أفكارهم من الطبيعة، وتؤثر مفاهيم الضعف (مثل القدرية، وعدم وجود طموحات) على الواقع الاجتماعي والسياسي لهم.

5- الدين له السيطرة على كثير من الأمور في المجتمع، ورجال الدين لهم مكانة مرموقة في المجتمع، وهم مصدر أساسي للمعرفة فيه.

الخصائص السياسية:

البيئة السياسية للمجتمع الحضري التقليدي تتسم بالآتي:

1- الحاكم هو مصدر السيادة، ويسود الحكم المُطلق.

2- يتمثل مصدر النفوذ في الثروة والموقع الطبقي للأفراد في المجتمع.

3- تسعى الطبقة الحاكمة إلى تأمين وزيادة نفوذها وذلك بالسيطرة على مصادر الثروة في المجتمع.

4- تمارس الطبقة الحاكمة سيطرتها بلا قيود قانونية أو دستورية.

ثانياً- التحضر الصناعي:

ينشأ التحضر الصناعي نتيجة تحول عدد من مدن مجتمع التحضر التقليدي إلى مدن صناعية في ضوء توافر المقومات التالية:

1- ملائمة البيئة الطبيعية.

2- وفرة الموارد الاقتصادية.

3- تنظيم صناعي مناسب يساعد على حل المشكلات الناجمة عن التصنيع.

4- توافر إطار اجتماعي وثقافي ملائم يحفز الأفراد على المشاركة.

نتائج التحول:

ينتج عن التحول من مجتمع التحضر التقليدي إلى مجتمع التحضر الصناعي ما يلي:

1- التضخم السكاني بالمدن الحضرية، نتيجة وجود عمالة متعددة ومتنوعة بالمدينة، مقابل ندرتها وضآلتها بالقرية.

2- تتعرض البيئة الحضرية الصناعية إلى درجة من التلوث البيئي، ينتج عن وجود عوادم ونفايات من العمليات الصناعية.

3- ظهور مشكلات اجتماعية في مجال الأسرة، وظهور أشكال للجريمة والانحرافات الأخلاقية.

تصنيف المدن في مجتمعات التحضر الصناعي:

تصنف المدن في مجتمعات التحضر الصناعي إلى نوعين:

- مدن منتجة: وهي تمثل النمط المعيشي الذي تمتد عوائده الاقتصادية إلى الدولة. وهذه المدن قابلة للامتداد المكاني والتوسع العمراني.

- مدن طفيلية: ليست منتجة بل مستهلكة لما تنتجه المدن الأخرى.

خصائص مجتمع التحضر الصناعي:

تختلف الخصائص الاقتصادية والثقافية والسياسية للمجتمع الحضري الصناعي عنها في المجتمع الحضري التقليدي، وأهم الخصائص المميزة للمجتمع الحضري الصناعي ما يلي:

الخصائص الاقتصادية:

يتصف اقتصاد هذا المجتمع بما يلي:

1- النشاط الرئيسي الغالب فيه هو الصناعة.

2- تقوم الحكومات بدور كبير في تلك المجتمعات لتقديم الخدمات لصالح كافة الطبقات في مقابل ما تحصل عليه الدولة من ضرائب.

3- ضخامة وتعقد الجهاز الحكومي.

الخصائص الثقافية:

أهم الخصائص الثقافية للمجتمع الحضري الصناعي هي:

1- انخفاض نسبة الأمية، وانتشار التعليم وارتفاع مستواه.

2- توجد لغة رئيسية للمعاملات الرسمية في المجتمع، مما يسهل عملية الاتصال.

3- الفرد في هذه المجتمعات يهتم بالشئون القومية والدولية.

4- الفرد في هذه المجتمعات يستطيع صياغة أفكاره واختيار طريقة حياته بناء على العلم والمنطق، والثقافة هي أساس التطور الفكري لدى الأفراد.

5- يكتسب الأفراد في هذه المجتمعات المعرفة بالتعليم والتدريب المتاح لمن يريد.

الخصائص السياسية:

1- تستمد الحكومة سلطاتها من الشعب وفقاً للشرعية.

2- تتسع مصادر النفوذ لتشمل التعليم والثقافة والخبرة والمعرفة بالشئون السياسية والعامة.

3- سلطات الحكومة تمارس في إطار قانوني ودستوري، ويتم تنظيم العلاقة بين السلطات الثلاث في الدولة.

ثالثاً- التحضر السريع:

1- هناك بعض المجتمعات الحضرية لا تنتسب للمجتمعات الحضرية التقليدية، ولا تنتسب للمجتمعات الحضرية الصناعية، ويقصد بها ذلك النمط الحضري لبعض المجتمعات التي يحدث فيها تحول سريع من النشاط الزراعي (أو الرعوي بالنسبة للبادية) إلى الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الخدمية بدون المرور بالمراحل الاقتصادية التقليدية.

2- التغير المادي السريع والملموس لا يصاحبه نفس القدر من التغير والتطور المعنوي فيما يمس القيم الاجتماعية والثقافية السائدة.

3- يعيش مجتمع التحضر السريع في ظل مجموعة من الظروف الخاصة، نذكر منها:

أ‌- الهجرة: الهجرة الدائمة أو المؤقتة للعمالة إليها - في سعيها للبحث عن فرص أفضل للعمل (وهو هدف رئيسي للهجرة) - تسبب آثار بعيدة المدى على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في تلك المجتمعات.

ب‌- العلاقات الاقتصادية الدولية: الدول التي يتم فيها التحضر السريع تنتمي للعالم الثالث، وتتخصص في إنتاج المواد الأولية التي تصدرها غالباً للدول المتقدمة.

ت‌- الاحتكاك الثقافي: غالباً ما يتسم مجتمع التحضر السريع بالانفتاح على العالم الخارجي في محاولة لتحقيق الاستفادة من الاحتكاك بثقافات المجتمعات الأخرى.

ث‌- وسائل الاتصال العامة: تتوافر لمجتمع التحضر السريع وسائل الاتصال العامة التي يوجهها لنقل ثقافات المجتمعات الأخرى إليه، دون توجيهها لحل المشاكل الداخلية في المجتمع.

رابعاً- الأبعاد الاجتماعية

لكل مجتمع أبعاده الاجتماعية التي تميزه عن غيره من المجتمعات الأخرى، وتلك الأبعاد تختلف من زمن لآخر داخل المجتمع الواحد. ويجب على أجهزة الإدارة العامة دراسة الأبعاد الاجتماعية للمجتمع الذي تتواجد فيه لما له من تأثيرات جوهرية على عمل تلك الأجهزة، وأهم تلك الأبعاد هي: النظم الاجتماعية – و العمليات الاجتماعية – و الطبقات الاجتماعية.

أولاً- النظم الاجتماعية:

تعرف النظم الاجتماعية بأنها: "الطرق التي ينشئها وينظمها المجتمع لتحقيق حاجات إنسانية ضرورية"، وللنظم الاجتماعية عدد من الخصائص أهمها ما يلي:

1- يتسم النظام الاجتماعي بدرجة نسبية من الاستمرار والدوام.

2- يتسم النظام الاجتماعي بالجمود، وهذا له أثره الكبير في صعوبة التغيير ومقاومته.

3- للنظام الاجتماعي هدف، وهذا الهدف يتعارض بمرور الزمن مع الوظيفة التي يؤديها النظام.

4- للنظام الاجتماعي عدة أشكال، أهمها:

أ‌- نظم تلقائية و نظم مقننة: فالنظم التلقائية تنشأ تلقائياً استجابة للقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع مثل الزواج والدين والملكية. والنظم المقننة تنشأ نتيجة تنظيم مقصود لتحقيق أهداف معينة وداخل إطار له قواعد تحكمه مثل التعليم والصناعة والصحة.

ب‌- نظم أساسية و نظم مساعدة: فالنظم الأساسية تحقق الانضباط في المجتمع مثل الدولة والحكومة ولا يستطيع المجتمع أن يستمر بدونها، والنظم المساعدة أقل أهمية من الأولى ومن أمثلتها بعض أنواع الخدمات الأخرى مثل الترفيه.

ت‌- نظم مشروعة و نظم غير مشروعة: فالنظم المشروعة هي نظم متفق عليها مثل طرق العمل المختلفة، والثانية نظم غير متفق عليها مثل الرشوة.

ث‌- نظم عامة الانتشار و نظم محدودة الانتشار: فالنظم عامة الانتشار مثل الدين، والنظم محدودة الانتشار مثل التدريب.

ثانياً- العمليات الاجتماعية:

تختلف العمليات الاجتماعية التي يقوم بها الأفراد والمجتمع، فمنها ما يؤدي إلى التفكك والتنافر والصراع، ومنها ما يؤدي إلى الترابط. فالعمليات الاجتماعية تتنوع وتأخذ أشكال مختلفة، نذكر منها:

أ- عمليتي التعاون و المنافسة:

فعندما يعمل الناس معاً لتحقيق هدف مشترك، يسمى هذا التصرف "تعاوناً"، وفي بعض المجتمعات يزداد التعاون ويصبح السمة الرئيسية من سمات المجتمع.

ب- الصراع:

تأخذ المنافسة مظهراً سلمياً، فإذا زادت عند الحد وتجاوزت الوضع الطبيعي أخذت مظهراً عدائياً وسميت "صراعاً"، ويتخذ الصراع عدة أشكال، نذكر منها:

1- الصراع الشخصي: عندما يكره شخصان أحدهما الآخر، فقد تنقلب هذه الكراهية إلى صراع يظهر تدريجياً في شكل ادعاءات وقد يصل إلى حد المنازعات القضائية.

2- الصراع السياسي: ويظهر بين الأحزاب السياسية، وهو يبدأ فيما يتبادله أعضاء الأحزاب أحياناً من أعمال العنف ومهاجمة أماكن الاجتماعات.

3- الصراع الطبقي: ويظهر هذا النوع من الصراعات نتيجة شعور أحد شرائح المجتمع بأنها أرقى من باقي الشرائح الأخرى، فتحاول السيطرة على باقي شرائح المجتمع لتحقيق مصالحها فينشأ الصراع الطبقي.

4- الصراع الديني: وهو شكل من أشكال الصراعات عرفته المجتمعات الإنسانية منذ القدم ولا يزال إلى الآن.

ج- عملية التوفيق:

التوفيق هو عملية الترضية أو الصلح بين الأطراف المتنافسة أو المتصارعة سواء أكانت أفراداً أو جماعات، وتوجد أشكال متعددة من عملية التوفيق بحسب نوع العلاقات بين الأطراف المتنازعة من ناحية تفوق أحدهما على الأخرى من حيث القوة أو النفوذ أو خلافه، كما تتفق – من ناحية أخرى – مع نوع الحضارة السائدة في المجتمع ومدى ترسخ المبادئ الديمقراطية فيه.

ثالثاً- الطبقات الاجتماعية:

توجد عدة طبقات اجتماعية في كل مجتمع، وهناك عدة أسس تفسر قيام هذه الطبقات، نذكر منها:

1- الأساس الاقتصادي:

ملكية الثروة ووسائل الإنتاج لا تحدد بالضرورة الطبقة التي ينتمي إليها الفرد، حيث أن المجتمع لا يأخذ في اعتباره الثروة فقط، بل كيفية الحصول عليها كذلك.

2- الأساس المهني:

فالمهنة التي يمتهنها الفرد تهيئ له فرصة لتغيير وضعه الاجتماعي، وفي ضوء الجهد الذي يبذله الفرد تتحدد طبقته الاجتماعية.

3- الأساس السياسي:

فالسائد في الوقت الحاضر هو المساواة في الحقوق السياسية بما فيه حق الترشيح والانتخاب، ولما كانت الطبقات الدنيا تفوق من حيث العدد باقي طبقات المجتمع، فتصبح من الناحية النظرية هي الطبقة الحاكمة.

أنواع الفروق الطبقية:

ثمة فروق واضحة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، تتمثل في:

1- السلوك: فلكل طبقة اجتماعية من طبقات المجتمع سلوكها الذي يتفق مع قيمها فيما يتعلق بالمعاملة وفي المناسبات المختلفة.

2- اللغة: تتميز كل طبقة اجتماعية من طبقات المجتمع بأسلوبها في الحديث ولهجتها في الكلام وألفاظها في التعبير.

3- أسلوب التربية: لكل طبقة اجتماعية من طبقات المجتمع فلسفتها الخاصة في تربية الأطفال، من حيث مدى الرقابة المفروضة عليهم وحريتهم في اختيار أصدقائهم ...الخ.

4- درجة التعليم ونوعيته: يختلف الاتجاه نحو التعليم من طبقة لأخرى، من حيث نوع التعليم وطول المرحلة التعليمية.

5- الفنون والآداب: لكل طبقة اجتماعية ذوقها الخاص فيما يتعلق بالفنون المختلفة.

6- نسبة المواليد والوفيات والصحة العامة ومتوسط العمر.



( 1 ) هذا، ويُميز فقه القانون الدولي العام بين "الحماية" كنظام دولي لنقص السيادة، وبين "العلاقات الخاصة الاتفاقية" كالتي بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين دول أمريكا الجنوبية، ويطلق عليها فقهاء القانون الدولي: "شبة الحماية الأمريكية".

( 2 ) ففي العديد من دساتير الدول، يُنص على حالات معينة، كأن يستحكم الخلاف بين الحكومة والبرلمان، كأن تصر الحكومة على التقدم بمشروع قانون مثير للجدل إلى البرلمان ويصر البرلمان أو غالبية أعضائه على رفض ذلك المشروع، وتفشل محاولات التفاوض بينهما في الوصول إلى حلول وسط، فتلجأ الحكومة إلى إصدار قرار بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات عامة مبكرة، وبعد الانتخابات تقدم الحكومة استقالتها ويتم تشكيل حكومة جديدة بناء على نتائج الانتخابات، وعادة ما تلجأ الحكومات إلى ذلك الحل إذا أظهرت استطلاعات الرأي العام ازدياد شعبية الحكومة في تلك الفترة، كما تتجنب تلك الحكومات ذلك الحل إذا أظهرت استطلاعات الرأي انخفاض شعبية الحكومة في تلك الفترة.

( 3 ) فلا يوجد في العالم الآن سوى دولتين فقط تأخذ بالنظام الاقتصادي الاشتراكي (على النهج الشيوعي) وهما "كوريا الشمالية" و "كوبا". وعلى المستوى السياسي لا يوجد إلا ثلاثة دول (شيوعية) في عالم اليوم هم كوريا الشمالية و كوبا و الصين. مع مراعاة أنه وإن كان نظام الصين السياسي نظام شيوعي إلا أن نظامها الاقتصادي أخذ في الاتجاه نحو نظام قوى السوق لا سيما بعد وفاة زعيم الثورة الثقافية "ماو تسي تونج" وقيام القيادات الصينية التالية له بثورة "التصحيح" في عام 1978 خصوصاً في المجالات الاقتصادية والذي كان من نتيجتها بروز الصين كقوة اقتصادية كبرى في عالم اليوم (خلال ربع قرن فقط من ثورة التصحيح).

( 4 ) الخاصية الأساسية والمتميزة للعون المالي المقدم من الصندوق هي الالتزام بمبدأ توافر الشروط Doctrine of Conditionality ، وهناك أربع عناصر لهذا المبدأ يلزم توافرها، ونذكر هنا أهم عنصرين منهم وهما:

1- أنه لكي تكون الدولة العضو بالصندوق مؤهلة لاستخدام موارد الصندوق من أجل معالجة مشكلة ميزان مدفوعاتها، لابد لها أن تكون على أهبة الاستعداد لإتباع السياسات المخططة (من جانب الصندوق) للتغلب على مشكلتها، وغالبا ما يشار إليها على أنها "سياسات تعديل ميزان المدفوعات" أو "برنامج التثبيت". ومبدأ الشرطية هذا من جانب الصندوق يساعد الدولة العضو على إنجاز عملية تعديل ميزان مدفوعاتها بمؤازرة الصندوق مالياً وفنياً وأدبياً .

2- لابد أن تكون سياسات الدولة المقترضة منسجمة مع أغراض الصندوق، مثال ذلك أن السياسات التي تتبعها الدولة العضو لابد أن تجعلها قادرة على تفادى إدخال القيود على التجارة والمدفوعات لأغراض ميزان المدفوعات، وإذا أمكن، إزالة القيود القائمة. ذلك لأنه يحتمل أن تؤدى القيود إلي زيادة حدة الاضطرابات الاقتصادية التي تنشئ الحاجة إلي التعديل، كما أنه يحتمل أن تعود هذه القيود بالأضرار على الدول الأعضاء الأخرى.

الامتداد القانوني لعقود إيجار الأماكن - المعدة للسكنى ولغير أغراض السكنى

المبادئ العامة للإمتداد القانوني في عقود إيجار الأماكن

تنص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه: "... لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك ...".

ويبين من نص الفقرة الأولى من المادة 29 سالفة الذكر، أنه يشترط لامتداد الإيجار لصالح زوج وأقارب المستأجر إذا توفي أو ترك العين خلال فترة الامتداد القانوني للإيجار توافر الشروط الآتية:

وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين المؤجرة.

أن يكون المستفيد من الامتداد الزوج والأولاد والوالدان.

إقامة الزوج والأولاد والوالدين في العين المؤجرة حتى الوفاة أو الترك.

وما يهمنا هنا هو بحث مدى انطباق وتطبيق الشرط الثاني على وقائع دعوانا الماثلة، وإن كنا ننوه على الشرطين الأول والثالث بكلمة عابرة، على النحو التالي:

الشرط الأول- وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة:

والمقصود بالترك في هذا الخصوص هو تخلي المستأجر الأصلي عن العين المؤجرة لصالح من كانوا يقيمون معه وقت حصول الترك تخلياً فعلياً، والترك المعول عليه هو الترك الإرادي، وتعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن العين المؤجرة قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً. وواقعة ترك المستأجر العين المؤجرة لآخر من مسائل الواقع وتستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.

الشرط الثاني- "أن يكون المستفيد من الامتداد الزوج أو الأولاد أو الوالدان":

والزوج يشمل الذكر والأنثى، فإذا كان الرجل هو مستأجر المسكن وترك المسكن أو توفي فإن زوجته تفيد من حكم الامتداد، وإذا كانت الزوجة هي المستأجرة وتركت المسكن أو توفيت أفاد الزوج من حكم الامتداد.

والمقصود بالأولاد الذين يفيدون من الامتداد، الأبناء الحقيقيون، والأبناء الذين يثبت نسبهم للمستأجر الأصلي طبقاً للشريعة الإسلامية. أما الأبناء بالتبني، فلا يفيدون من الامتداد.

درجة القرابة والإقامة – وليس الإرث – شرط للامتداد:

فإذا كان الشخص المقيم مع المستأجر قبل الوفاة أو الترك ليس زوج ولا أبن ولا والد للمستأجر، فلا يفيد من حكم النص ولو كان وارثاً للمستأجر.

إذ أنه من المُقرر قانوناً أن حق المستأجر في البقاء في العين المؤجرة بعد انقضاء مدة عقده (الثابتة في عقد الإيجار) للامتداد القانوني (بقوة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن)، هذا الحق هو حق شخصي لصيق بشخص المستأجر فينتهي بوفاته ولا يوجد في تركته وبالتالي لا يورث عنه ولا يجوز لورثته أن يتمسكوا به لمجرد كونهم وراثين له، وإن كان يجوز أن ينشأ لهم حق في الاستمرار في الإجارة إذا أثبتوا أنهم درجة القرابة المنصوص عليها في المادة 29 سالفة الذكر وأنهم كانوا مقيمين معه في العين المؤجرة لحين وفاته.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "المقرر ـ في قضاء محكمة النقض ـ أن النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع عدد حالات استمرار إيجار المسكن الخاضع لتشريعات إيجار الأماكن بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين حصراً، جاعلاً القاعدة فيمن يستمر العقد لصالحه من ذويه الذين أوردهم تحديداً ـ هي "الإقامة" مع المستأجر الأصلي ولم يجعل ركيزة هذه القاعدة علاقة "الإرث" بين المستأجر الأصلي وورثته، مما مفاده أن دعوى الإخلاء لانتهاء العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين هي دعوى لا تتعلق بتركته التي تكون محلا للتوريث، ومن ثم فلا يكون ثمة محل لوجوب اختصام ورثته". (نقض مدني في الطعن رقم 2511 لسنة 65 قضائية – جلسة 7/2/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 313 – فقرة 1).

امتداد عقد إيجار المسكن للأقارب من الدرجة الأولى فقط:

فالامتداد القانوني لعقود إيجار المساكن الخاضعة لأحكام الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالفة الذكر، لا يستفيد منها إلا أقارب المستأجر من الدرجة الأولى فقط بعد صدور الكثير من أحكام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النص الأصلي لتلك المادة.

ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 116 لسنة 18 قضائية "دستورية" المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم "33" بتاريخ 14/8/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شان تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أنه "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار، إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركة للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل".

لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "تنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية ... مُلزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتُنشر الأحكام ... في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص من قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره. ومفاد هذا النص أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري – تكون لها حجية مُطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وكذلك جميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمُذكرة الإيضاحية للقانون - لا يقتصر على المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم". (الطعن رقم 48 لسنة 3 قضائية "دستورية" – جلسة 11/6/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 2 – صـ 148 – فقرة 1).

مما مؤداه إن الامتداد القانوني لعقد الإيجار المنصوص عليه في المادة 29 آنفة الذكر أصبح مقصورا على الزوجة والأولاد وأي من والدي المستأجر، وهم الأقارب من الدرجة الأولى فقط دون غيرهم.

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "... وحيث أن المقرر في قضاء هذه المحكمة ـ أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان من المقرر أيضا أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها إن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز الدستورية باعتباره قضاء كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك إن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله هذه المحكمة من تلقاء نفسها. ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 116 لسنة 18 " قضائية دستورية " المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم "33" بتاريخ 14/8/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شان تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أنه "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركة للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل" مما مؤداه إن الامتداد القانوني لعقد الإيجار المنصوص عليه في المادة آنفة الذكر أصبح مقصورا على الزوجة والأولاد وأي من والدي المستأجر وهم الأقارب من الدرجة الأولى". (نقض مدني في الطعن رقم 4510 لسنة 65 قضائية – جلسة 10/2/2002).

يتعين على المحكمة استظهار درجة القرابة:

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادتين 8 و 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، يدل على أن المشرع استلزم لتطبيق هذا النص القانوني أن تكون للمقيم درجة قرابة معينة، بالإضافة إلى شرط الإقامة عند وفاة المستأجر، ويتعين على المحكمة أن تستظهر هذين الشرطين لاستمرار عقد الإيجار لأقارب المستأجر". (نقض مدني في الطعن رقم 417 لسنة 54 قضائية – جلسة 8/3/1990).

ولاحتساب درجة القرابة بالنسب للأقارب المستفيدين من الامتداد القانوني يتعين إعمال نص المادة 36 من القانون المدني، فتحسب درجة القرابة بعدد الدرجات صعوداً من الفرع للأصل المشترك، ثم نزولاً إلى الفرع الآخر، وكل فرع عدا الأصل المشترك يعتبر درجة. وعلى ذلك: فالحفيد والحفيدة أقارب من الدرجة الثانية؛ فأقارب المستأجر من الدرجة الثانية هم: أبناء وبنات الابن، وأبناء وبنات البنت (أي الأحفاد)، والجد والجدة لأب أو لأم (الجدود). والأخ والأخت لأبوين أو لأب أو لأم (الأخوة). بينما العم والعمة والخال والخالة أقارب من الدرجة الثالثة، وأبن وابنة العم وأبن وابنة الخال وأبن وابنة العمة وأبن وابنة الخالة أقارب من الدرجة الرابعة.

وحيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادتين 35 و 36 من القانون المدني يدل – وعلى ما جاء بالأعمال التحضيرية – أن قرابة ابنة الخال هي قرابة من الدرجة الرابعة باحتساب درجتين صعوداً إلى الأصل المشترك ودرجتين نزولاً منه إلى القريب". (نقض مدني في الطعن رقم 1193 لسنة 54 قضائية – جلسة 5/2/1990).

فإذا كان الشخص المقيم مع المستأجر قبل الوفاة أو الترك لا تربطه به درجة القرابة المنصوص عليها في المادة 29 سالفة الذكر، فإنه لا يفيد من حكم هذا النص، ولو كان وارثاً للمستأجر.

مسألة الامتداد للحفيد:

الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، كانت تنص على أنه:

"مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون، لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقي فيها زوجة أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل".

وحكم هذه المادة يتناول طائفتين من المستفيدين من الامتداد القانوني:

الطائفة الأولى: وهي الزوجة أو الأولاد أو أي من الوالدين، وهؤلاء لا يشترط إقامتهم مع المستأجر الأصلي لمدة معينة، فيكفي فقط درجة القرابة للاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار.

الطائفة الثانية: أما فيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر الأصلي نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة، فيشترط لاستفادتهم من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار المستأجر الأصلي أن يقيموا معه في العين المؤجرة لمدة سنة واحدة على الأقل سابقة على الوفاة أو الترك، أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل.

وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 6 لسنة 9 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 18/3/1995 (والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 14 بتاريخ 6/4/1995) بعدم دستورية ما تضمنته المادة 29 سالفة الذكر من استمرار عقد إيجار المسكن – عند ترك المستأجر الأصلي له – لصالح أقاربه بالمصاهرة حتى الدرجة الثالثة الذين أقاموا معه في العين المؤجرة مدة سنة على الأقل سابقة على تركه العين أو مدة شغله لها آيتهما أقل.

ثم قضت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 3 لسنة 18 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 4/1/1997 (والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 3 بتاريخ 16/1/1997) بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 سالفة الذكر من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر مصاهرة حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن آيتهما أقل".

ثم قضت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 116 لسنة 18 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة 2/8/1997 (والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد 33 بتاريخ 14/8/1997) بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 سالفة الذكر من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن آيتهما أقل".

ومفاد أحكام المحكمة الدستورية العليا الثلاثة السابقة أن ما تضمنه نص المادة 29 سالفة الذكر من أن: ... وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل". هو غير دستوري، وبالتالي لم يبق من تلك المادة – وأيضا بعد الحكم بعدم دستورية حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد بالمادة 8 من هذا القانون – سوى النص على أنه: "لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقي فيها زوجة أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك". فقط دون سواهم.

أي أنهم لم يبق من الطائفتين التي كان منصوص عليهما في تلك المادة سوى الطائفة الأولى فقط، أما الطائفة الثانية فقد قضي بعدم دستورية الامتداد إليها بالأحكام الدستورية الثلاثة سالفة الذكر.

لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، تنص على أن:

"أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير مُلزمة لجميع السلطات وللكافة. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يُحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مُباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المُدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص".

هذا، ومن المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "تنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسن 1979 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية ... مُلزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتُنشر الأحكام ... في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص من قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره. ومفاد هذا النص أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري – تكون لها حجية مُطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وكذلك جميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمُذكرة الإيضاحية للقانون لا يقتصر على المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم، على أن يستثني من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم". (الطعن رقم 48 لسنة 3 قضائية "دستورية" – جلسة 11/6/1983 مجموعة المكتب الفني – سنة 2 – صـ 148 – فقرة 1).

فأحكام المحكمة الدستورية العليا تسري بأثر رجعي ما لم تحدد المحكمة الدستورية في حكمها تاريخاً آخر لسريان حكمها، ويستثنى من الأثر الرجعي المراكز القانونية التي تكون قد استقرت نهائياً سواء بالتقادم الطويل (15 سنة) أو بحكم قضائي نهائي.

لما كان ذلك، وكانت الأحكام الدستورية الثلاثة سالفة الذكر لم تحدد تاريخاً آخر لسريانها، لذا فهي تسري بأثر رجعي على جميع الوقائع التي تحكمها باستثناء ما استقر منها بالتقادم أو بحكم قضائي نهائي. فيعتبر النص المقضي بعدم دستورية غير موجود من تاريخ صدوره ولا يترتب عليه أي أثر قانوني بعد الحكم بعدم دستورية، فيكون هو والعدم سواء.

هذا وقد قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بأنه: "... وحيث أن المقرر في قضاء هذه المحكمة ـ أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان من المقرر أيضا أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها إن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز الدستورية باعتباره قضاء كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك إن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله هذه المحكمة من تلقاء نفسها. ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 116 لسنة 18 " قضائية دستورية " المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم "33" بتاريخ 14/8/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شان تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أنه "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركة للعين أو مدة شغله للمسكن آيتهما أقل" مما مؤداه إن الامتداد القانوني لعقد الإيجار المنصوص عليه في المادة آنفة الذكر أصبح مقصورا على الزوجة والأولاد وأي من والدي المستأجر وهم الأقارب من الدرجة الأولى. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون الحاجة للبحث في كافة أسباب الطعن. ولما تقدم وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه فانه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 9512 لسنة 110 قضائية "استئناف عالي القاهرة" برفضه وتأييد الحكم المستأنف". لـذلك: "نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده بالمصاريف ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة. وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 9512 لسنة 110 قضائية "استئناف عالي القاهرة" برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف ومبلغ عشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة". (نقض مدني في الطعن رقم 4510 لسنة 65 قضائية – جلسة 10/2/2002).

لذا، فإذا كان طالب الامتداد ليس من أقارب الدرجة الأولى للمستأجر الأصلي، بأن كان من أقاربه من الدرجة الثانية أو الثالثة نسباً أو مصاهرة، فيتعين رفض طلبه الاستفادة من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثه المستأجر الأصلي للعين المؤجرة. ما لم يثبت أن مركزه القانوني استقر بالتقادم الطويل أي بمضي 15 عاماً على وضعه الحالي أو بحكم قضائي نهائي صدر قبل الأحكام بعدم الدستورية سالفة الذكر.

مع ملاحظة أن المستفيد من الامتداد القانوني – في حالة توافر شروط الاستفادة من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار المستأجر الأصلي – يعتبر في حكم المستأجر الأصلي، فبفرض أن العقد امتد من المستأجر الأصلي إلى أبنه، ثم توفي الابن وترك أبناً له، فتحسب درجة قرابة هذا الأخير على أنه أبناً للمستفيد من الامتداد القانوني وليس حفيداً للمستأجر الأصلي، فهو لا يكون حفيداً للمستأجر الأصلي – أي درجة قرابته من الدرجة الثانية – إلا إذا مات أبوه حال حياة جدة، فيطالب بالامتداد لعقد إيجار جده مباشرة منه إليه، فيكون هنا حفيداً ودرجة قرابته من الدرجة الثانية فلا يستفيد من الامتداد القانوني لعقد الإيجار.

الشرط الثالث- إقامة الزوج أو الأولاد أو الوالدين في العين المؤجرة حتى الوفاة أو الترك:

فيشترط لإعمال النص أن يبقى الزوج والأولاد والوالدان الذين كانوا يقيمون مع المستأجر بالعين المؤجرة، حتى الوفاة أو الترك، إنما لا يشترط أن تكون إقامتهم قد استمرت مدة معينة قبل الوفاة أو الترك.

حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن: "لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقي فيها زوجة أو أولاده أو أي من والديه الذين يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك".

ومفاد ذلك أن شرط الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار هو "الإقامة" وليس "الإرث"، فمن المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: "النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع عدد حالات استمرار إيجار المسكن الخاضع لتشريعات إيجار الأماكن بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين حصراً، جاعلاً القاعدة فيمن يستمر العقد لصالحه من ذويه الذين أوردهم تحديدا ـ هي "الإقامة" مع المستأجر الأصلي ولم يجعل ركيزة هذه القاعدة علاقة "الإرث" بين المستأجر الأصلي وورثته". (نقض مدني في الطعن رقم 2511 لسنة 65 قضائية – جلسة 7/2/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – صـ 313 – فقرة 1).

فيشترط إقامة طالب الاستفادة من الامتداد القانوني مع المستأجر الأصلي في العين المؤجرة قبل وفاته، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنه 1977- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض- أنه يكفى لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد القانوني لعقد الإيجار أن تثبت له إقامة مع المستأجر بالعين المؤجرة، أيا كانت مدتها وأيا كانت بدايتها بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك". (نقض مدني في الطعن رقم 3025 لسنة 59 قضائية – جلسة 27/3/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 561 – فقرة 6).

وقد تواتر قضاء النقض على أن: "امتداد عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين لصالح زوجته أو والديه. م 29/1 من ق 49 لسنة 1977. مناطه إقامتهم معه إقامة مستقرة حتى الوفاة أو الترك". (ذات الطعن السابق).

وكذلك قضت محكمة النقض بأنه: "إذ كان مؤدى نص المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضى باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لصالح زوجه أو أولاده أو أي من والديه أو أقاربه حتى الدرجة الثالثة بشرط أن تثبت إقامتهم معه بها مدة حددها بالنسبة لهؤلاء الأقارب بسنة سابقة على الوفاة أو الترك أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل، وينبني على ذلك أنه إذا لم تقم بالمستفيد من أقارب المستأجر المقيم معه بالعين المؤجرة وقت الوفاة أو الترك ضرورة ملحة وحاجة دافعة إلى استعمالها لسكناه، فلا تتحقق الغاية المستهدفة بهذا النص الاستثنائي ويحيد عن الغرض الذي وضع حكم الامتداد القانوني لعقد إيجار المسكن من أجله فلا مجاله لتطبيقه لانتفاء علته والاعتبارات التي أملته". (نقض مدني في الطعن رقم 2905 لسنة 61 قضائية – جلسة 21/11/1993 مجموعة المكتب الفني – السنة 44 – صـ 236 – فقرة 3).

وأيضاً قضت محكمة النقض بأن: "النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنه 1977 - يدل على أن المشرع تقديرا منه لقوة الرابطة التي تجمع بين المستأجر وبين زوجه وأولاده والتي قد تقوم عليها التزامات قانونية وواجبات أدبية بإعالتهم ورعايتهم خص هذه الطائفة من الأقارب وهم أقارب الدرجة الأولى نسبا بميزة لامتداد عقد الإيجار إليهم متى توافرت أقامتهم بالعين وقت وفاة المستأجر أو تركه لها ... وباعتبار أن الامتداد القانوني لعقد الإيجار هو استثناء من الأصل في أن هذا العقد بطبيعته من العقود الرضائية الموقوتة وأن الضرورة التي فرضت على المشرع تقرير الاستثناء إنما تقدر بقدرها فلا ينبغي التوسع في تطبيق هذا الاستثناء". (نقض مدني في الطعن رقم 1315 لسنة 61 قضائية – جلسة 22/1/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 215 – فقرة 1).

وتقدير توافر شرط الإقامة من عدمه من إطلاقات محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - في شأن تأجير الأماكن - أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي المساكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضى باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لصالح زوجته أو أولاده أو أي من والديه المقيمين معه وقت الوفاة أو الترك ويكفى لكي يتمتع هؤلاء بميزة الامتداد القانوني لعقد الإيجار أن يثبت لهم إقامة مستقرة مع المستأجر الأصلي بالعين المؤجرة أياً كانت بدايتها بشرط أن يستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك، وإن انقطاع المستفيد عن الإقامة في العين المؤجرة لسبب عارض مهما استطالت مدته لا يحول دون قيامها. وإن الفصل في كون الإقامة مستقرة من عدمه من إطلاقات قاضى الموضوع دون معقب عليه في ذلك من محكمة النقض". (نقض مدني في الطعن رقم 211 لسنة 53 قضائية – جلسة 6/3/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 655 – فقرة 3).

ويقصد بالإقامة التي تبيح وتتيح للمستفيد من الامتداد القانوني التمتع بهذه الميزة، أن تكون – كما عرفتها محكمة النقض: "الإقامة المُستقرة المعتادة وانصراف نية المقيم إلى أن يجعل من هذا المسكن مراحه ومغداه بحيث لا يعول على مأوى دائم وثابت سواه، فتخرج الإقامة العارضة والعابرة والموقوتة مهما استطالت وأياً كان مبعثها ودواعيها ... وكان الفصل في كون الإقامة مستقرة أم لا مطلق سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه متى أقام قضاءه على أسباب سائغة". (الطعن رقم 146 لسنة 43 قضائية – جلسة 28/12/1977).

ووقت الاعتداد بالإقامة هو وقت وفاة المستأجر الأصلي، فلا يعتد بالإقامة اللاحقة، فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "الإقامة التي يترتب عليها امتداد عقد الإيجار لصالح المستفيدين من حكم المادة 29/1 ق 49 لسنة 1977. بعد وفاة المستأجر أو تركه العين. المقصود بها. الإقامة المستقرة حتى الوفاة أو الترك دون الإقامة اللاحقة". (نقض مدني في الطعن رقم 3246 لسنة 60 قضائية – جلسة 30/11/1994).

بل وقضت محكمة النقض بأنه: "إذا توفى المستأجر الأصلي في أثناء تمتعه بالامتداد القانوني لعقد الإيجار ولم يكن أحد مقيماً معه في العين المؤجرة قبل وفاته، ثم أقام فيها بعد وفاته أحد من أقاربه، فإن أقامته هذه تعتبر شغلاً للعين بدون سند، وبالتالي غصباً، فيجوز لمالك العين ولو لم يكن هو المؤجر للمستأجر الأصلي الذي توفى أن يطلب طرد الشاغل الجديد باعتباره غاصباً وذلك استنادا إلى ملكيته فقط ودون حاجة إلى الاستناد إلى عقد الإيجار". (نقض مدني في الطعن رقم 1077 لسنة 49 قضائية - جلسة 1/11/1984).

الإقامة شرط الاستفادة من الامتداد القانوني:

حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنه 1977- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض- أنه يكفى لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد القانوني لعقد الإيجار أن تثبت له إقامة مع المستأجر بالعين المؤجرة، أيا كانت مدتها وأيا كانت بدايتها بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك". (نقض مدني في الطعن رقم 3025 لسنة 59 قضائية – جلسة 27/3/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 561 – فقرة 6).

- المقصود بالإقامة:

ويقصد بالإقامة التي تبيح وتتيح للمستفيد من الامتداد القانوني التمتع بهذه الميزة، أن تكون – كما عرفتها محكمة النقض بأنها: "الإقامة المُستقرة المعتادة وانصراف نية المقيم إلى أن يجعل من هذا المسكن مراحه ومغداه بحيث لا يعول على مأوى دائم وثابت سواه، فتخرج الإقامة العارضة والعابرة والموقوتة مهما استطالت وأياً كان مبعثها ودواعيها ... وكان الفصل في كون الإقامة مستقرة أم لا مطلق سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه متى أقام قضاءه على أسباب سائغة". (نقض مدني في الطعن رقم 146 لسنة 43 قضائية – جلسة 28/12/1977).

- وقت الاعتداد بالإقامة:

ووقت الاعتداد بالإقامة هو وقت وفاة المستأجر الأصلي، فلا يعتد بالإقامة اللاحقة، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "الإقامة التي يترتب عليها امتداد عقد الإيجار لصالح المستفيدين من حكم المادة 29/1 ق 49 لسنة 1977. بعد وفاة المستأجر أو تركه العين. المقصود بها. الإقامة المستقرة حتى الوفاة أو الترك دون الإقامة اللاحقة". (نقض مدني في الطعن رقم 3246 لسنة 60 قضائية – جلسة 30/11/1994).

- إثبات الإقامة:

لما كانت "الإقامة" هي واقعة مادية، وبالتالي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة (شهادة الشهود) وقرائن الأحوال، ومن أهم تلك القرائن أن الأصل في الزوجة أنها مع زوجها (المستأجر)، وإن كان ليس هناك ما يمنع من حدوث العكس، حيث يقيم الزوج في منزل أسرة زوجته، لأنه ليس في ذلك ما يتنافى مع أحكام قوانين الأحوال الشخصية. (نقض مدني جلسة 31/5/1978 مجموعة أحكام النقض 29 – 1373 – 266).

وكذلك فالأصل في الأولاد غير المتزوجين أنهم يُقيمون مع والديهم، فإن ادعى المؤجر العكس كان عليه إثبات ذلك.

وقد اعتبرت محكمة النقض تمسك الابنة المتزوجة باستمرار إقامتها بمنزل أسرتها قبل الزواج وبعده وبعدم تخليها عن الإقامة فيه، تمسكاً منها بالثابت أصلاً، فلا تكلف بإثباته. (نقض مدني في الطعن رقم 13 لسنة 48 قضائية – جلسة 23/12/1978).([1])

ولمحكمة الموضوع مطلق السلطة في التحقق من توافر شروط الإقامة من عدمه، دون معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت محكمة الموضوع قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. (نقض مدني في الطعن رقم 211 لسنة 53 قضائية – جلسة 6/3/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 655 – فقرة 3).

عدم الإقامة مع المستأجر والإقامة في العين بعد وفاته غصب لها:

فمن المقرر في قضاء النقض أنه: "إذا توفى المستأجر الأصلي في أثناء تمتعه بالامتداد القانوني لعقد الإيجار ولم يكن أحد مقيماً معه في العين المؤجرة قبل وفاته، ثم أقام فيها بعد وفاته أحد من أقاربه، فإن أقامته هذه تعتبر شغلاً للعين بدون سند، وبالتالي غصباً، فيجوز لمالك العين ولو لم يكن هو المؤجر للمستأجر الأصلي الذي توفى أن يطلب طرد الشاغل الجديد باعتباره غاصباً وذلك استنادا إلى ملكيته فقط ودون حاجة إلى الاستناد إلى عقد الإيجار". (نقض مدني في الطعن رقم 1077 لسنة 49 قضائية - جلسة 1/11/1984).

الإقامة اللاحقة حق وليس واجب:

من المقرر في قضاء النقض أن: "النص في المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنه 1977 يدل على أن الإقامة التي يعتد بها لامتداد العقد لصالح المذكورين من أقارب المستأجر هي الإقامة المستقرة مع المستأجر والممتدة لحين وفاته أو تركه المسكن دون اشتراط إقامة لاحقة فإذا توافرت الإقامة بشروطها على النحو المتقدم أضحى من امتد إليه العقد مستأجرا أصليا بحكم القانون الذي أوجب على المؤجر في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة تحرير عقد إيجار له - مادام أنه لم يكشف عن إرادته في التخلي عن العين بعد وفاة المستأجر الأصلي - ولا إلزام عليه من بعد أن يقيم بالعين المؤجرة، إذ أن انتفاعه بها حق له وليس واجبا عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 2059 لسنة 56 قضائية – جلسة 22/4/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 640 – فقرة 1).

الامتداد في الأعيان المؤجرة لغير غرض السكنى:

الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، المُعدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1997 تنص على أنه:

"فإذا كانت العين مُؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، فلا ينتهي العقد بموت المستأجر ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، أزواجاً وأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكوراً وإناثاً، من قُصر وبُلغ، يستوي في ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بواسطة نائب عنهم".

ومفاد ذلك النص أنه إذا كان منصوصاً في عقد الإيجار الصادر للمستأجر الأصلي على تأجير العين ليمارس فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً تعين على الورثة - حتى يستمر عقد الإيجار لصالحهم - استعمال العين في ذات النشاط المبين بالعقد، ولا يجوز لهم استعمال العين في نشاط آخر غيره، كأن يستبدل النشاط الصناعي المنصوص عليه بالعقد بنشاط تجاري أو مهني أو حرفي أو العكس.

وإذا كان منصوصاً في العقد على استعمال العين في وجه معين لأحد الأنشطة التجارية أو الصناعية أو المهنية أو الحرفية، كما إذا نص فيه على استعمالها محلاً لبيع الأقمشة - وهو نشاط تجاري - تعين على الورثة استعمال العين في هذا الوجه من النشاط ولا يجوز لهم تغيير الاستعمال إلى وجه آخر من أوجه النشاط التجاري كبيع الأجهزة الكهربائية. (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" - للمستشار/ محمد عزمي البكري - الجزء الثاني - بند 41 - صـ 204 وما بعدها).

هذا، وقد نصت الفقرة الثانية من المادة السابعة من اللائحة التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 237 لسنة 1997 على أنه:

"ويُشترط لاستمرار العقد لصالح المستفيدين من الورثة أن يستعملوا العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، أو النشاط الذي اتفق عليه بعد ذلك كتابة بين المؤجر وأي من المستأجرين المتعاقبين، أو النشاط الذي اضطر المستأجر لممارسته بسبب نقل صناعته أو مهنته أو حرفته خارج الكتلة السكنية أو بسبب انقراضها، والذي لا يلحق ضرراً بالمبنى ولا بشاغليه".

وبين من هذا النص أن المشرع فصل عبارة: "ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد"، بثلاث صور هي:

النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد. (وهذه الصورة ترديد للعبارة الصريحة الواردة بنص المادة الأولى من القانون).

النشاط الذي اتفق عليه بعد ذلك كتابة – أي بعد تحرير عقد الإيجار – بين المؤجر وأي من المستأجرين المتعاقبين. (وهذه الصورة لا مخالفة فيها لنص المادة الأولى من القانون لأن هذا الاتفاق يعد تعديلاً لاتفاق المؤجر والمستأجر الأصلي على النشاط الذي تستعمل فيه العين المؤجرة. والكتابة هنا هي الكتابة العرفية الموقع عليها من الطرفين).

النشاط الذي أضطر المستأجر لممارسته بسبب نقل صناعته أو مهنته أو حرفته خارج الكتلة السكنية أو بسبب انقراضها، والذي لا يلحق ضرراً بالمبنى ولا بشاغليه. (وهذه الصورة سندها حصول قوة قاهرة تحول بين ورثة المستأجر المستفيدين، وبين استعمال العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد). (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" - للمستشار/ محمد عزمي البكري - الجزء الثاني - بند 41 - صـ 205 وما بعدها).

ولئن كان يجوز لورثة المستأجر الأصلي (من زوجته وأقاربه حتى الدرجة الثانية) استعمال العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، سواء بأنفسهم أو بواسطة نائب عنهم، ذلك أنه قد لا تتوافر لديهم الدارية الكافية بنشاط مورثهم في العين، كما قد يكون الورثة جميعاً أو بعضهم قصراً. ولئن كان يجوز أن يكون النائب من باقي المستفيدين أو من غيرهم. إلا أنه يُشترط هنا أن يقوم النائب بإدارة العين لحساب الورثة، ولكن لا يجوز للورثة بحال تأجير العين لآخر وإلا حق للمؤجر طلب إنهاء عقد الإيجار. (المرجع: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" - للمستشار/ محمد عزمي البكري - الجزء الثاني - بند 42 - صـ 208 وما بعدها).

لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: "إذ كان الحكم الناقض الصادر بتاريخ 2/4/2000 قد أقام قضاءه على ضرورة إتباع حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن 44 لسنة 17 قضائية "دستورية" المنشور بتاريخ 16/3/1997 وأحكام القانون 6 لسنة 1997 ثم قال ما نصه (لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول الطاعن في الطعن الماثل بعد وفاة والدته والتي كانت تدير العين أولا في نشاط المقاولات ثم من بعد التأجير مفروش فإن كان أيا من النشاطين فإنه لم يمارس هذا النشاط أو ذاك إنما أستغل العين ورشة لإصلاح الأدوات الكهربائية ولم يبد مبررا لهذا التغيير فإنه تنحسر عنه الحماية التي تتطلبها المشرع لاستمرار انتفاعه بالعين المؤجرة) وإذ التزم الحكم المطعون فيه بالحكم الناقض وخلص من ذلك إلى انتهاء عقد إيجار عين النزاع لعدم توافر الشروط التي حددها الحكم الناقض كما قضى برفض طلب الطاعن العارض بتحرير عقد إيجار له وهو موضوع الاستئناف المرفوع منه ومن ثم فان النعي على الحكم بشقيه يكون في غير محله". (نقض مدني في الطعن رقم 620 لسنة 72 قضائية – جلسة 10/5/2004 المكتب الفني – المستحدث من أحكام النقض – صـ 49).

كما قضت محكمة النقض بأن: "إيجار محل تجارى - المناط لامتداد عقد الإيجار لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو حرفي أو مهني بعد وفاة المستأجر إلى ورثته حتى الدرجة الثانية هو استعمالهم للعين في ذات النشاط سواء بأنفسهم أو بواسطة". (نقض مدني في الطعن رقم 6518 لسنة 65 قضائية – جلسة 27/3/2002 المكتب الفني – المستحدث من أحكام النقض – صـ 582).

تخلف أحد الشروط السابقة يجيز إنهاء العقد:

وإذا تخلف أي شرط من الشروط الثلاثة المتقدم ذكرها، فلا يطبق حكم المادة 29 سالفة الذكر، وينتهي عقد الإيجار بوفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة.

التزام المعلن إليه برد العين المؤجرة:

تنص المادة 590 من القانون المدني – الشريعة العامة للمعاملات – على أنه: "يجب على المستأجر أن يرد العين عند انتهاء الإيجار ...".

كما تنص المادة 591 مدني على أنه: "على المستأجر أن يرد العين المؤجرة بالحالة التي تسلمها عليها، إلا ما يكون قد أصاب العين من هلاك أو تلف لسبب لا يد له فيه.

فإذا كان تسليم العين للمستأجر قد تم دون كتابة محضر أو دون بيان بأوصاف هذه العين، افترض، حتى يقوم الدليل على العكس، أن المستأجر قد تسلم العين في حالة حسنة".

ومفاد هذين النصين أن رد العين المؤجرة يكون عند انتهاء عقد الإيجار، لأي سبب من أسباب الإنهاء، فإذا انتهى الإيجار بسبب منها وجب الرد. ويكون رد العين المؤجرة للمؤجرة بالحالة التي كانت تسلمها عليها المستأجر.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com



([1]) فمن القواعد الأصولية في الإثبات أن: "من يتمسك بالثابت أصلاً لا يكلف بإثباته؛ أما من يدعي خلاف الأصل فعليه هو يقع عبء إثبات ما يدعيه" (onus probandi incumbit ei qui dicit). فيفترض في الشيء أن يُترك على أصله، ومن يدعي خلاف الأصل فهو يستحدث جديداً لا تدعمه قرينة بقاء الأصل على أصله، فعليه أن يثبت هذا الجديد حتى يتمتع بحماية القانون. (المرجع: وسيط السنهوري -–جـ 1 -–بند 48 -–صـ 61).

ومن المُقرر في قضاء النقض: "أنه إذا ادعى المنكر في الدعوى خلاف الظاهر فيها، فيقع عليه عبء إثبات ما يخالفه، سواء كان مدعي أصلاً في الدعوى أم مدعى عليه فيها". (نقض مدني في الطعن رقم 1808 لسنة 50 قضائية – جلسة 3/6/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – صـ 759).

وقد تواتر قضاء النقض على أنه: تنص المادة الأولى من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه، فالأصل هو براءة الذمة وانشغالها عارض ويقع عبء الإثبات على عاتق من يدعى خلاف الثابت أصلاً مدعياً كان أو مدعى عليه". (نقض مدني في الطعن رقم 916 لسنة 48 قضائية، جلسة 26/12/1983، مجموعة المكتب الفني، السنة 34، صـ 1098، فقرة 3. ونقض مدني في الطعن رقم 678 لسنة 50 قضائية، جلسة 28/11/1985، مجموعة المكتب الفني، السنة 36، صـ 1057، فقرة 2. ونقض مدني في الطعن رقم 624 لسنة 42 قضائية، جلسة 14/6/1982، مجموعة المكتب الفني، السنة 33، صـ 752).