الاثنين، 6 يوليو 2009

لا امتداد للشريك في المحل التجاري

مذكرة دفاع

في دعوى طلب الامتداد لعقد إيجار محل تجاري من شريك المستأجر الأصلي


أولاً- الوقائع

نستأذن عدالة المحكمة في الإحالة فيما يخص وقائع الدعوى الماثلة إلى ما جاء بصحيفة افتتاحها وإلى الحكم التمهيدي الصادر فيها وإلى تقرير الخبراء المودع بها وإلى سائر أوراقها منعاً من التكرار وحفاظاً على ثمين وقت عدالة المحكمة.

ثانياً- الدفاع

نجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة:

قدم المدعي صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المقدمة في الدعوى الماثلة، وهيئة الأوقاف المصرية تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعي.

ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: "لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع". (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية - جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية - جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: "القانون لم يشترط طريقاً مُعيناً يتعين على من يُنكر التوقيع على المُحرر العرفي إتباعه إذ يكفي إبداء الدفع بالإنكار صراحةً حتى تسقط عن المُحرر حجيته في الإثبات إعمالاً لنص المادة 14/1 من قانون الإثبات". (نقض مدني في الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية - جلسة 19/5/1980).

وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن: "استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور".

وهدياً بما تقدم، ولما كان المدعي في الدعوى قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه المدعي قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة. مما يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية والقضاء في الدعوى الماثلة برفضها لعجز المدعي عن إثبات دعواه، أو بالأقل رفض الدعوى بحالتها. علماً بأن عدالة المحكمة الموقرة غير مُكلفة بتكليف الخصم بإثبات دعواه أو لفت نظره لمُقتضيات دفاعه.

قوانين إيجار الأماكن، قوانين خاصة:

لما كانت تشريعات إيجار الأماكن تشريعات خاصة، خرج بها المُشرع على الأحكام العامة لعقد الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني (الشريعة العامة)، ووضع بتلك التشريعات الخاصة أحكاماً قصد بها إلى تقييد حرية المؤجر في تحديد الأجرة وفي طلب الإخلاء، وكذلك إلى فرض التزامات خاصة على عاتق كل من المؤجر والمستأجر، وهذه الأحكام الخاصة هي التي تسري – من دون أحكام القانون المدني التي تتعارض معها – ما دامت العين المؤجرة كائنة ببلدة من البلدان التي نصت تلك التشريعات الخاصة على سريانها عليها. (نقض مدني في الطعن رقم 839 لسنة 43 قضائية – جلسة 7/6/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – القاعدة رقم 275 – صـ 1428). وفيما عدا الأحكام المذكورة تسري على العلاقات الايجارية الأحكام العامة لعقد الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني. (نقض مدني في الطعن رقم 1132 لسنة 47 قضائية – جلسة 3/3/1982).

وطالما أن قوانين إيجار الأماكن هي قوانين خاصة، فإن تطبيقها يكون تحت مظلة القانون العام، وهو القانون المدني، فيرجع إلى القانون المدني – حتى بالنسبة إلى العلاقات والأماكن التي يسري عليها قانون إيجار الأماكن – في كل ما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون الخاص. أي أنه في حالة ما إذا خلا التشريع الخاص من تنظيم وضع معين، فإنه يتعين الرجوع بشأنه إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية والشريعة العامة، حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها في عقد الإيجار قد انتهت وأصبح عقد الإيجار مُمتداً بقوة القانون الخاص. (نقض مدني في الطعن رقم 1532 لسنة 52 قضائية – جلسة 25/8/1988).

تطبيق قواعد قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة، بالنسبة إلى الامتداد القانوني:

ولما كانت العبرة في تحديد أي قانون من قوانين إيجار الأماكن المُتعاقبة هو الذي يحكم مسألة امتداد عقد الإيجار من عدمه، تكون بالنظر إلى تاريخ الواقعة سند وسبب هذا الامتداد، أي تاريخ الوفاة أو التخلي أو الترك.

فالعبرة في هذا الصدد هي بوقت حصول الواقعة المُنشئة للمركز القانوني (الوفاة أو التخلي أو الترك)، وليس بوقت المُطالبة به.

وذلك تطبيقاً لمبدأ "عدم رجعية القوانين". المنصوص عليه في المادة 187 من الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية الصادر في عام 1971.

فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مُكتسباً في ظل قانون قديم، تخضع من حيث آثارها وانقضاؤها وفقاً لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد في قانون لاحق من أحكام، إنما يُطبق بأثر فوري ومباشر في هذا الشأن على ما لم يكن قد أكتمل من هذه المراكز، والعبرة دائماً في هذا الخصوص هي بوقت حصول الواقعة المنشئة أو التي أكتمل بها المركز القانوني وليس بوقت المُطالبة به، طالما لم يحدد القانون ميعاداً لذلك. (المرجع: "شرح قانون إيجار الأماكن" – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الأول – الطبعة التاسعة 1990 القاهرة –سليمان مرقس – صـ 27).

وهذا ما جرى عليه قضاء محكمة النقض، حيث أستقر قضائها على أنه: "لما كان البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن واقعة إخلاء المطعون ضده من الشقة استئجاره وهدم العقار تمت قبل 9/9/1977 – تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1979 – نفاذاً لقرار هندسي صدر بالهدم لآيلولته للسقوط صدر في 26/6/1975 وأن المطعون ضده كان يشغل وحدة بالدور الأرضي منه للسكنى وبالتالي فقد نشأ وأكتمل له – بواقعة الإخلاء والهدم – مركز قانوني أضحى حقاً مكتسباً قبل هذا التاريخ يخول له إعمالاً للمادة 39/3 من القانون رقم 52 لسنة 1969 الحق في شغل وحدة بالعقار الجديد وفق القواعد والإجراءات التي حددها قرار وزير الإسكان رقم 418 لسنة 1970 المنفذ له، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 قد صدر وأصبح نافذاً منذ 9/9/1977 ومن ثم فلا يسري على واقعة النزاع ولا يُطبق في مجالها ما يكون قد ورد به من قواعد موضوعية لا تخول مثل هذا الحق الذي نشأ وأكتمل قبل صدوره، فإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل القانون رقم 52 لسنة 1969 فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح، وبالتالي يكون النعي على غير أساس". (نقض مدني في الطعن رقم 2003 لسنة 50 قضائية – جلسة 19/2/1986).

ولما كانت الواقعة المُنشئة للحق في الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار هي وفاة المُستأجر الأصلي أو تركه للعين المؤجرة أو التخلي عنها، فإذا حصلت مثل هذه الوفاة أو الترك أو التخلي (وبها ينشأ ويكتمل المركز القانوني للمستفيد من الامتداد القانوني) في ظل القانون ما، وقبل سريان ونفاذ قانون آخر تالي عليه، فإن القانون الأول يكون هو القانون الواجب التطبيق ولو حدثت المُطالبة بالحق في الامتداد القانوني في ظل القانون التالي له.

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "حكم نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا يسري إلا على الوفاة أو الترك التي تقع بعد بدء العمل به، أما ما حدث من ذلك قبل هذا التاريخ وبعد بدء العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 فتسري عليه المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969". (نقض مدني في الطعن رقم 629 لسنة 52 قضائية جلسة 30/12/1982. ونقض مدني في الطعن رقم 702 لسنة 50 قضائية جلسة 7/2/1981).

شروط الامتداد في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969، بالنسبة للأماكن المؤجرة لغير أغراض السكني:

لما كان ما تقدم، وكان القانون رقم 52 لسنة 1969 قد خلا من النص على امتداد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، حيث أن المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 (المقابلة لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977) اقتصرت على النص على امتداد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين بالنسبة للمساكن فقط.

ومن ثم يتعين الاحتكام إلى نص المادتين 601 و 602 من القانون المدني (الشريعة العامة)؛ حيث أنه من المُقرر قانوناً (فقه وقضاءً) أنه إذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية والشريعة العامة حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد مُمتداً بقوة القانون الاستثنائي. (نقض مدني في الطعن رقم 1275 لسنة 48 قضائية - جلسة 5/12/1979. ونقض مدني في الطعن رقم 862 لسنة 43 قضائية - جلسة 26/10/1977. ونقض مدني في الطعن رقم 346 لسنة 49 قضائية - جلسة 21/5/1980. وأنظر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع – أجرة الأماكن القديمة وما طرأ عليها من تخفيضات وزيادات" - للمستشار/ محمد عزمي البكري - بند 23 - صـ 143).

· حكم القانون المدني:

وحيث تقضي القاعدة العامة في القانون المدني أن الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر ولا بموت المستأجر (م 601/1 مدني)، فيحل ورثة المستأجر (الشرعيين- بصرف النظر عن إقامتهم معه في العين قبل وفاته أو مباشرتهم لنفس النشاط الذي كان يباشره المستأجر الأصلي) في حقوقه وكذا في التزاماته الناشئة عن العقد طوال الفترة الباقية من العقد وذلك في حدود تركته؛ فيكون لهؤلاء الورثة حق الاستمرار في الانتفاع بالعين المؤجرة أصلاً لمورثهم في مقابل الوفاء بالتزاماته إلى أن تنتهي مدة العقد، ولو لم يكونوا مقيمين معه قبل الوفاة، أما إذا كان الإيجار لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه، جاز لورثة المستأجر في الحالة الأولى وللمؤجر ولورثة المستأجر في الحالة الثانية طلب إنهاء العقد. (عزمي البكري – المرجع السابق – بند 2 – صـ 7 و 8).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية على وقائع الدعوى الماثلة يتضح جلياً – كما أثبت تقرير الخبير – أن المستأجر الأصلي قد توفي بتاريخ 4/6/1974، أي قبل صدور القانون رقم 49 لسنة 1977، ومن ثم فالقانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 52 لسنة 1969، وهذا القانون قد خلا من تنظيم العلاقات الايجارية فيما يتعلق بالأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى، ومن ثم يتم تطبيق الشريعة العامة وهو القانون المدني، الذي يعطي الحق لورثة المستأجر الأصلي في شغل العين المؤجرة لحين انتهاء مدة العقد فقط، وهذا القانون لا يعرف الامتداد القانوني لعقود الإيجار، وإذ أقر المدعي ذاته في صحيفة دعواه الماثلة أنه ليس وارثاً للمستأجر الأصلي، وهذا إقرار قضائي منه ملزم له ولعدالة المحكمة، ولا يجوز له الرجوع فيه، ومن ثم فلا تكون له أية أحقية في شغل عين التداعي، وبالتالي تكون دعواه الماثلة قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض وهو ما تصمم عليه الهيئة المدعى عليها على سبيل الجزم واليقين.

في حالة قيام شركة في العين المؤجرة، يظل عقد الإيجار على حاله قائماً لصالح المستأجر وحده دون شريكه:

من المقرر في قضاء النقض أن: "قيام مُستأجر العين بإشراك آخر معه في النشاط الذي يُباشره عن طريق تكوين شركة بينهما لا يعدو أن يكون مُتابعة من جانبه للانتفاع بالعين فيما أُجِرَت من أجله، ودون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخليه عن تلك العين سواء كلها أو بعضها إلى شريكه في المشروع المالي بأي طريق من طرق التخلي بل يظل عقد الإيجار على حاله قائماً لصالحه وحده ومُرتباً لآثاره بين طرفيه – ما لم يثبت بدليل آخر تخليه عن حقوقه المُتولدة عنه – إلى الغير بأي طريق، إيجاراً كان من الباطن أو تنازلاً عن الإيجار، ولا تقوم ثمة رابطة قانونية مُباشرة أو غير مُباشرة بين شريكه وبين المُؤجر، وذلك لانتفاء التلازم بين قيام الشركة ووجودها العين المُؤجرة أو مباشرة نشاطها فيها، وترتيباً على ذلك – فإن المُستأجر يُعتبر وحده هو صاحب الصفة في المنازعات الناشئة عن عقد إيجار العين المُنشأة بها شركة بينه وبين الغير، فهو الذي يُخاصِم ويُخاصَم في الدعاوى المُتعلقة بهذه المنازعات دون شريكه". (الطعنان رقما 2936 و 3444 لسنة 60 قضائية – جلسة 15/1/1995. والطعن رقم 1373 لسنة 58 قضائية – جلسة 27/1/1993. المصدر: "مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين إيجار الأماكن" – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 1097 – صـ 1217. وراجع العديد من أحكام النقض بذات المعني بالمرجع السابق القواعد من 1092 : 1097 – صـ 1214).

عدم دستورية النص على استمرار عقد الإيجار لصالح الشركاء في الشركة:

حيث قضت المحكمة الدستورية العليا: "بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر، وذلك فيما نصت عليه من استمرار شركاء المُستأجر الأصلي للعين التي كان يزاول فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً، في مُباشرة ذات النشاط بها بعد تخلي هذا المُستأجر عنها، وبسقوط فقرتها الثالثة في مجال تطبيقها بالنسبة إلى هؤلاء الشركاء، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مُقابل أتعاب المُحاماة". (الطعن رقم 4 لسنة 15 قضائية "دستورية" بجلسة 6/7/1996. والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 28 في 18/7/1996).

الأثر المُترتب على الحكم بعدم دستورية نص في القانون:

تنص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، على أن: "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير مُلزمة لجميع السلطات وللكافة. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يُحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مُباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المُدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص".

ومن المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: "تنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسن 1979 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية ... مُلزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتُنشر الأحكام ... في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص من قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره. ومفاد هذا النص أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري – تكون لها حجية مُطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وكذلك جميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمُذكرة الإيضاحية للقانون لا يقتصر على المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم". (الطعن رقم 48 لسنة 3 قضائية – جلسة 11/6/1983 مجموعة المكتب الفني – سنة 2 – صـ 148 – فقرة 1).

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض المدني أن: "النص في المادة 178 من الدستور على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار"، والنص في المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 الخاص بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة الدستورية العليا على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل في دستورية القوانين وتكون هذه الأحكام ملزمة لجميع جهات القضاء"، يدل على أن نشر تلك الأحكام قصد به علم الكافة، وأن هذا العلم يفترض بمجرد حصول هذا النشر، وأنه يترتب على هذه الأحكام عدم نفاذ النصوص التشريعية المحكوم بعدم دستوريتها من تاريخ نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع جهات القضاء منذ هذا التاريخ". (نقض مدني في الطعن رقم 128 لسنة 47 قضائية – جلسة 18/3/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 861. والطعنان رقمي 507 و 1354 لسنة 47 قضائية – جلسة 27/3/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 937. المصدر: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4971 – صـ 1870).

كما قضت محكمة النقض المدني بأنه: "إذا كان الثابت من الطلب الذي قدمته المطعون ضدها لفتح باب المُرافعة في الدعوى بعد حجزها للحكم أنه أشار إلى قرار المحكمة الدستورية العليا الصادر في طلب التفسير رقم 4 لسنة 8 قضائية "دستورية عليا"، وكانت المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 تنص على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا ..."، فإن مُقتضى ذلك افتراض علم الكافة به، ولا يكون من أوجه الدفاع التي يمتنع على المحكمة قبولها دون إطلاع الخصم عليها طبقاً للمادة 168 مرافعات". (الطعن رقم 302 لسنة 48 قضائية – جلسة 13/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 454. المصدر: "قضاء النقض في المواد المدنية" – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4972 – صـ 1871).

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية على وقائع الدعوى الماثلة، وكان الثابت بالأوراق والمستندات – بما فيها المقدمة من المدعي ذاته – وكما أود الخبير المنتدب في الدعوى في تقريره المودع فيها أنه مرفق بملف الدعوى حافظة مستندات المدعي المقدمة أمام عدالة المحكمة معلاة تحت رقم 2 دوسيه طويت على ... مستند رقم 11: عقد تعديل شركة تضامن محرر في 1/11/1964 بين كل من 1) كركور تششيان طرف أول المستأجر الأصلي 2) ميساك ارتين تششيان طرف ثان المدعي في الدعوى الماثلة 3) ماري كركور بازرجلنيان طرف ثالث ... بموجبه أقر الطرف الأول (المستأجر الأصلي) بأنه أستلم حصته في رأس مال الشركة من الطرف الثالث وأحل محله الطرف الثالث (صفحة رقم 7 من تقرير الخبير). أي تخارج المستأجر الأصلي من الشركة المكونة في عين التداعي.

وقد أكد الخبير المنتدب في الدعوى تلك الحقيقة مرة ثانية – في ملاحظته الواردة بصفحة 9 من التقرير – حيث أورد ما نصه: "واستمرت شركة التضامن حتى أن تم تعديل لشركة التضامن بتاريخ 1/1/1964 عقد تعديل شركة التضامن وذلك بتخارج المستأجر الأصلي كركور تششيان من الشركة وأحل محله ماري كركور بازرجلنيان ...".

ومن ثم، فبعد تخارج المستأجر الأصلي من الشركة التي كونها مع المدعي في الدعوى الماثلة، وصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم أحقية الشريك الذي تم التخارج لصالحه في شغل العين المؤجرة، يكون شغل المدعي للعين المؤجرة بدون سند من القانون أي غصباً لها، وتكون دعواه الماثلة قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض.

وهذه الحقائق الواضحة والثابتة بموجب المستندات المقدمة من المدعي ذاته تثبت حقيقة هذا التخارج ومن ثم فلا مجال للاعتداد بأية مزاعم من أي طرف في هذا الشأن تدعي بأن المدعي كان شريك مع المستأجر الأصلي الذي ظل يمارس ذات النشاط في العين المؤجرة حتى وفاته في 4/6/1974. على نحو ما حاول الخبير – بخلاف حقيقة الواقع – الإيحاء به في البند 5 من النتيجة النهائية لتقريره المودع بملف الدعوى والذي يناقض ما أثبته الخبير ذاته في بحثه الفني ومن خلال مستندات المدعي ذاته بأن المستأجر الأصلي قد تخارج من الشركة التي كونها مع المدعي في الدعوى الماثلة.

ومع ملاحظة أنه من ضمن المستندات التي قدمها المدعي ذاته وأثبتها الخبير المنتدب في الدعوى ما هو: "كتاب هيئة الأوقاف المصرية بشأن القضية رقم 641 لسنة 2003 إداري الجمالية قررت الجهة المدعى عليها بأن سبب تواجد المدعي الماثل بالعين محل النزاع كشريك مع المستأجر الأصلي وأن سبب تواجده عقد شركة التجارة وأن عقد الشركة قد تم عرضه على الشئون القانونية وتم بحثه وإبداء الرأي بإزالة التعدي الواقع منه على عين النزاع وذلك لعدم وجود صفة له. وقد صدر قرار النيابة في المحضر 641 لسنة 2003 إداري الجمالية بقيده إداري بتاريخ 9/4/2003". (الصفحة رقم 12 من تقرير الخبير). أي أن الهيئة المدعى عليها فور علمها بشغل المدعي لعين التداعي وبحثت الموضوع قررت إصدار قرار إزالة التعدي الواقع منه على عين التداعي لأنه ليس له صفة ويشغل هذه العين بدون سند ساري ونافذ في حق هيئة الأوقاف المدعى عليها وقد أقر بذلك المدعي ذاته بمضمون ذلك القرار الإداري بإزالة التعدي الواقع منه على عين التداعي بصدر صحيفة دعواه الماثلة.

عقد الإيجار عقد شخصي، لا يُكتسب بالتقادم:

لما كان من المسلم به أن عقد الإيجار هو عقد شخصي ينصب على التزامات بين أشخاص وليس حق عيني عقاري ينصب على عقار، ومن ثم تكون المُنازعات المُتفرعة بطلب إثباته أو فسخه هي دعاوى شخصية، وبالتالي تخرج عن نطاق الاستثناء الوارد في قانون لجان التوفيق في بعض المُنازعات. حيث أنه من المُقرر قانوناً أن عقد الإيجار عقد ملزم للجانبين، لأنه يرتب في ذمة المؤجر التزامات تقابلها التزامات أخرى تنشأ في جانب المُستأجر. فالمُؤجر يلتزم بتمكين المُستأجر من الانتفاع الشيء المُؤجر مع بقاء الملكية للمُؤجر. فالمُستأجر لا يتمتع بسلطة مُباشرة يخولها له القانون على العين المُؤجرة، بل لا بد من تدخل المُؤجر لتمكينه من الانتفاع بالعين المُؤجرة، وينبني على ذلك أن حق المُستأجر (على فرض أن المُدعي مُستأجر) هو مُجرد حق شخصي دائماً وليس حقاً عينياً، وهو بهذه المثابة يعتبر مالاً منقولاً، ولو كان محله الإيجار عقاراً. كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "لأن المُستأجر ليس له حق عيني على العين المُؤجرة حتى يستطيع رفع دعوى الريع على المتعرض فضلاً عن أنه ليس هناك صلة بينه وبين المتعرض تخوله مقاضاته ومن ثم ليس للمُستأجر أن يطلب إلزام المتعرض بالريع". (نقض مدني في الطعن رقم 70 لسنة 18 قضائية – جلسة 19/1/1950. المصدر: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع" – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الخامس – الطبعة الخامسة 2001 القاهرة - القاعدة رقم 1 – صـ 16).

ولما كانت المادة 968 مدني تنص على أنه: "من حاز منقولاً أو عقاراً دون أن يكون مالكاً له، أو حاز حقاً عينياً على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصاً به، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة". ويخلص من هذا النص أن الحقوق العينية وحدها، وعلى رأسها حق الملكية، في العقار وفي المنقول على السواء، هي التي يمكن تملكها بالتقادم المكسب الطويل، أما الحقوق الشخصية فلا يجوز تملكها بالتقادم. ولا يكسب الحق الشخصي بالتقادم حتى لو كان قابلاً للحيازة، كما هو شأن حق المستأجر فالمستأجر إذا كان يحوز حقه كمستأجر إلا أن حيازته هذه لا تؤدي به إلي كسب هذا الحق بالتقادم المكسب، وإن كانت تصلح لأن تحمى بجميع دعاوى الحيازة. (المرجع: "الوسيط في شرح القانون المدني" - للدكتور عبد الرازق أحمد السنهوري - الجزء التاسع "أسباب كسب الملكية" - المجلد الثاني "الحيازة المكسبة للملكية" - الطبعة الثانية 1993 القاهرة - بند 371 – صـ 1358 وما بعدها).

ولما كان عقد الإيجار عقد شخصي، وليس عقد عيني والحقوق المتولدة عنه حقوق شخصية وليست حقوق عينية فلا يجوز للمدعي في الدعوى الأصلية الاحتجاج بأنه قد كسب الحق في استئجار عين التداعي بالتقادم الطويل المكسب قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا آنف الذكر.

ثالثاً- الطلبات

لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:

أولاً- بصفة أصلية: برفض الدعوى الماثلة وإلزام رافعها بالمصروفات وخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

ثانياً- وبصفة احتياطية: بإعادة الدعوى لمكتب خبراء وزارة العدل لإعادة بحث المأمورية وتحقيق عناصر الدعوى على ضوء ما ورد بهذه المذكرة، حيث أننا لم نتمكن من الحضور بأياً من جلسات الخبراء لعدم إعلاننا بها قانوناً في وقت مناسب.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com

فتوى في الزيادات القانونية للأجرة

فتوى في الزيادات القانونية للأجرة

أولاً- الوقائع:

بمُطالعة واستقراء الأوراق تبين أنه: بموجب عقد إيجار أماكن مؤرخ في 2/4/1977 استأجرت الشركة الشرقية للدواجن (شركة مساهمة مصرية خاضعة لقانون الاستثمار العربي والأجنبي، ويمثلها قانوناً السيد المهندس/ عبد العزيز حمدي سالم بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة) من منطقة أوقاف الشرقية بهيئة الأوقاف المصرية ما هو: شقة سكنية مكونة من ثلاث حجرات، برقم 15 "أ" (بعمارة الأوقاف) بشارع القاهرة بمدينة بلبيس - بندر بلبيس - محافظة الشرقية، التابعة لجهة وقف (خيري مشترك / وقف إبراهيم النمر)، بأجرة شهرية إجمالية قدرها 30.830جم (ثلاثون جنيهاً وثمانمائة وثلاثون مليماً)، والمدة "مشاهرة" وساري اعتباراً من 16/4/1977، وحدودها غير مذكورة بالعقد، والغرض من استعمالها غير مذكور بالعقد.

وبتاريخ 5/2/2001 تقدمت الشركة المستأجر بشكوى إلى مدير عام منطقة أوقاف الشرقية تتضرر فيه من مطالبتها بقيمة ايجارية عن الشقة المؤجرة لها (والسالفة الذكر) بمبلغ يقارب التسعون جنيهاً شهرياً، وباستفسارها عن ذلك تم إفادتها بأن تلك الشقة مؤجرة لغير أغراض السكنى ومن ثم تسري عليها الزيادات القانونية للأجرة والمنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ثم الزيادة القانونية للأجرة المنصوص عليها في المادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1997، وإذ تنفي الشركة المستأجرة أن تلك الشقة مؤجرة لغير أغراض السكنى وأنه لا يتم استعمالها في غير السكنى وقدمت سنداً لذلك شهادة من إدارة رخص المحلات بمجلس مدينة بلبيس ومن الضرائب العامة ببلبيس تفيد بأن تلك الشقة ليس لها أي نشاط حر يخضع للضريبة أو رخص المحلات. وطلبت الشركة المستأجرة في شكواها النظر في هذا الموضوع وحل تلك المشكلة التي ليس لها أي أساس قانوني وتبدي استعدادها لسداد الإيجار حسب العقد المبرم معها. وإذ أفرد للموضوع ملف الفتوى رقم 183 حصر عام 373 لسنة 2002 وأحيل إلينا للبحث وإبداء الرأي القانوني فيه.

ثانياً- البحث القانوني:

* بالنسبة للزيادة المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981:

تنص المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، على أنه:

"اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون تزاد في أول يناير من كل سنة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى المنشأة حتى 9/9/1977 زيادة دورية ثابتة بواقع نسبة من القيمة الايجارية المتخذة أساساً لحساب الضريبة على العقارات المبنية في ذات وقت الإنشاء حتى ولو أدخلت عليها تعديلات جوهرية.

ويخصص المالك نصف هذه الزيادة لمواجهة تكاليف الترميم والصيانة ويعتبر بمثابة أمانة تحت يده، ويصدر بقرار من الوزير المختص بالإسكان بتنظيم التصرف فيه لهذا الغرض.

وتحدد الزيادة المشار إليها وفقاً للنسب الآتية:

أ‌. 30% عن الأماكن المنشأة قبل أول يناير سنة 1944

ب‌. 20% عن الأماكن المنشأة منذ أول يناير سنة 1944 وقبل 5 نوفمبر سنة 1961

ت‌. 10% عن الأماكن المنشأة منذ 5 نوفمبر سنة 1961 وحتى 6 أكتوبر سنة 1973

ث‌. 5% عن الأماكن المنشأة منذ 7 أكتوبر سنة 1973 وحتى 9 سبتمبر سنة 1977

كما تنص المادة 8 من ذات القانون على أن:

"تؤدى الزيادة المنصوص عليها في المادة السابقة في ذات المواعيد المحددة لسداد الأجرة الأصلية، ويترتب على عدم سداد هذه الزيادة ما يترتب على عدم سداد الأجرة من آثار.

وتقف هذه الزيادة عند انقضاء خمس سنوات كاملة على تاريخ استحقاق أول زيادة".

الحكمة من زيادة الأجرة:

حكمة هذه الزيادة أن الأماكن الواردة بالمادة السابعة، فضلاً عن ضآلة أجرتها، فقد خضع معظمها لتخفيضات كبيرة، بحيث أصبح إيجارها غير مجز للمالك المؤجر، الأمر الذي دفع الملاك المؤجرين إلى العزوف عن القيام بأعمال الترميم والصيانة المطلوبة، وهو ما يؤدي إلى انهيار كثير من المباني وتعريض الأرواح للخطر والإضرار بالثروة القومية المبنية، ولذلك خصص المشرع نصف هذه الزيادة لأعمال الترميم والصيانة.

ومفاد ذلك، أن هذه الزيادات تقررت لصالح المؤجر والمستأجرين وللصالح العام أيضاً. وقد جاء في تقرير اللجنة المشتركة بمجلس الشعب أنه: "خلصت اللجنة من دراستها إلى أن المباني القديمة تعتبر ثروة قومية يجب الحفاظ عليها وإطالة أعمارها. كما خلصت إلى أن ضآلة إيجار هذه المساكن تجعل ملاكها يعزفون عن صيانتها وترميمها. ولما كانت مصلحة سكان هذه الأماكن، فضلاً عن الصالح العام الذي يتمثل في كون هذه الأماكن ثروة قومية يجب الحفاظ عليها، وعدم زيادة أعباء سكانها، وفي نفس الوقت رعاية مصالح ملاكها، وذلك كله في إطار من التكافل الاجتماعي، فقد خلصت اللجنة إلى ضرورة تحريك أجرة الأماكن القديمة المؤجرة لغير أغراض السكنى بنسب تتفاوت بحسب تاريخ إنشاء المبنى خاصة وأن هذه الوحدات تمارس فيها أنشطة تدر ربحاً على أصحابها ...".

الأماكن الخاضعة للزيادة:

تخضع لهذه الزيادة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى المنشأة حتى 9 سبتمبر 1977، وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977.

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: "مؤدى حكم المادتين 7 ، 8 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وجوب زيادة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى المنشأة حتى 9 سبتمبر سنة 1977 في أول يناير من كل سنة اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون زيادة دورية ثابتة وليس دفعة واحدة بواقع نسبة من القيمة الايجارية المتخذة أساسا لحساب الضريبة على العقارات المبينة في ذات وقت الإنشاء والمحددة تفصيلا بالمادة الأولى ووقوف هذه الزيادة عند انقضاء خمس سنوات كاملة على تاريخ استحقاق أول زيادة". (نقض مدني في الطعن رقم 8466 لسنة 65 قضائية – جلسة 21/11/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – الجزء الثاني – صـ 1354 – فقرة 5).

ويستوي أن تكون الأماكن المذكورة قد أنشئت أصلاً لغير أغراض السكنى، أو أنشئت لأغراض السكنى ثم أجرت لغير أغراض السكنى، أو كانت مؤجرة أصلاً لأغراض السكنى ثم أجرت إلى مستأجر جديد لغير أغراض السكنى، فالعبرة بالتخصيص الفعلي للمكان لأن النص استعمل عبارة: "الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى".

أما إذا كان المكان مؤجراً في الأصل لأغراض السكنى ثم تغير استعماله إلى غير أغراض السكنى، سواء بالإرادة المنفردة للمستأجر أو بالاتفاق مع المؤجر، فإن هذا المكان لا يخضع لهذه الزيادة وإنما يخضع للزيادة المنصوص عليها في المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981، لأن المكان في هذه الحالة يعتبر مؤجراً أصلاً لأغراض السكنى وقد تغير استعماله إلى غير هذه الأغراض بعد نشوء العلاقة الايجارية بين الطرفين، وبناء عليه فإنه لا يتأتى الجمع بين الزيادتين المذكورتين.

المقصود بعبارة "غير أغراض السكنى":

المقصود بعبارة: "غير أغراض السكنى" – على ضوء ما تنص عليه المادة 27 من القانون رقم 136 لسنة 1981 – الأغراض التي تدخل في نطاق النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وذلك إذا كان المستأجر مصرياً، أما إذا كان غير مصري فإن أغراض غير السكنى تتسع لتشمل كل غرض خلاف السكنى.

حيث تنص المادة 27 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أن:

"تعامل في تطبيق أحكام هذا القانون، معاملة المباني المؤجرة لأغراض السكنى، الأماكن المستعملة في أغراض لا تدخل في نطاق النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية أو الصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية.

ولا يفيد من أحكام هذه المادة سوى المستأجرين المصريين".

فالأماكن المشار إليها في المادة 27 سالفة الذكر، والتي تعامل معاملة المباني المؤجرة لأغراض السكنى، وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 136 لسنة 1981، هي الأماكن التي تمارس فيها أنشطة اجتماعية أو دينية أو ثقافية، ومثال ذلك النوادي الثقافية والرياضية والجمعيات الخيرية والمدارس الحكومية والمستشفيات ودور العبادة. وقد راعى المُشرع في ذلك أن هذه الأماكن لا تدر ربحاً لمستأجريها، مما يجعل الزيادة مرهقة لكثيراً من هؤلاء المستأجرين.

الحكم بعدم دستورية المادة 27 من القانون رقم 136 لسنة 1981:

قضت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 29 أبريل سنة 1989 في القضية رقم 21 لسنة 7 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية نص المادة 27 من القانون رقم 136 لسنة 1981 فيما تضمنته من استثناء الأماكن المستعملة في أغراض لا تدخل في نطاق النشاط التجاري (أو الصناعي أو المهني الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية) وذلك بالنسبة إلى تطبيق ما تضمنته المادة 7 من زيادة الأجرة. وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 18/5/1989 بالعدد 20.

ولما كان من المستقر عليه قانوناً أن: أحكام المحكمة الدستورية العليا ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص قانوني عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية. فالأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا تسري ليس فقط على المستقبل، وإنما على جميع الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم (فلتلك الأحكام أثر رجعي) ما لم تكن الوقائع والعلاقات قد استقرت بموجب حكم قضائي حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم.

وينبني على ذلك، خضوع الأماكن المستعملة في أغراض لا تدخل في نطاق النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، خضوعها للزيادة في الأجرة المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ويجوز لمؤجري هذه الأماكن المطالبة بالزيادة المذكورة ، طالما لم يصدر بشأنها حكم قضائي نهائي حتى تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية العليا، غير أنه إذ دفع المستأجر بانقضاء المطالبة بالتقادم الخمسي باعتبار أن تلك الزيادة شأنها شأن القيمة الايجارية الأصلية تعتبر من الحقوق الدورية المتجددة التي تتقادم بالتقادم الخمسي، فإنه يمكن الرد على ذلك الدفع بأن مدة التقادم لا تسري من تاريخ استحقاق الزيادة في الأجرة وإنما من تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية، باعتبار أنه التاريخ المعول عليه في افتراض العلم بزوال المانع الذي كان يحول دون المطالبة بها، وباعتبار أن نص المادة 27 سالفة الذكر كان يمثل مانعاً قانونياً يتعذر معه على المؤجر المطالبة بتلك الزيادة. (راجع في هذا الخصوص: "موسوعة الفقه والقضاء والتشريع في إيجار وبيع الأماكن الخالية" – للمستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الأول – طبعة عام 2000 بالقاهرة – البند رقم 234 – صـ 572 وهوامشها).

التزام المستأجر بأداء الزيادة:

يلتزم المستأجر بأداء الزيادة مع الأجرة إلى المالك المؤجر، فإذا كانت الأجرة تدفع مشاهرة دفعت الزيادة مشاهرة. ويترتب على عدم سداد هذه الزيادة ما يترتب على عدم سداد الأجرة من آثار، فيحق للمالك المؤجر طلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة إذا لم يدفع الزيادة في الميعاد، وفقاً لصريح نص المادة 8 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر.

هل يجوز للمالك المؤجر التنازل عن الزيادة في الأجرة؟:

مفاد المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أنها خصصت نصف الزيادة في الأجرة لمواجهة تكاليف ترميم وصيانة المبنى جميعه، واعتبرت هذا النصف بمثابة أمانة لدى المالك لحين إنفاقها على هذه التكاليف، ومن ثم فهي ليست حقاً خالصاً للمالك، بل يتعلق بها حق المستأجرين ومصلحة المجتمع في الحفاظ على ثروته القومية من العقارات، لا سيما في ظل أزمة الإسكان المتزايدة، الأمر الذي يجعل فرض نصف الزيادة المشار إليها متعلقاً بالنظام العام، وبالتالي لا يجوز للمالك التنازل عنه، ويقع اتفاقه مع المستأجر على هذا التنازل باطلاً بطلاناًَ مطلقاً.

أما النصف الآخر من الزيادة، فهو عبارة عن زيادة في الأجرة يستأديها المالك عوضاً له عن ضآلة أجرة هذه المباني، والتي خضع الكثير منها لتخفيضات كبيرة، ومن ثم يجوز للمالك التنازل عن هذا النصف، ويقع اتفاقه مع المستأجر على ذلك صحيحاً، لأن المحظور قانوناً هو تقاضي المالك أجرة تزيد على الحد الأقصى، أما تقاضي المالك أجرة أقل فأمر جائز.

* بالنسبة الزيادة المنصوص عليها في القانون رقم 6 لسنة 1997:

تنص المادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1997 على أن:

"تحدد الأجرة القانونية للعين المؤجرة لغير أغراض السكنى المحكومة بقوانين إيجار الأماكن، بواقع:

· ثمانية أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة قبل أول يناير 1944.

· وخمسة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من أول يناير 1944 وحتى 4 نوفمبر 1961.

· وأربعة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من 5 نوفمبر 1961 وحتى 6 أكتوبر 1973.

· وثلاثة أمثال الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من 7 أكتوبر 1973 وحتى 9 سبتمبر 1977.

ويسري هذا التحديد اعتباراً من موعد استحقاق الأجرة التالية لتاريخ نشر هذا القانون.

وتزاد الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من 10 سبتمبر 1977 وحتى 30 يناير 1996 بنسبة 10% اعتباراً من ذلك الموعد".

الأماكن الخاضعة لتلك الزيادة:

وتخضع لحكم هذه المادة، كافة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى، سواء كانت مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي أو أي نشاط آخر كالأماكن التي تمارس فيها أنشطة اجتماعية أو ثقافية أو دينية، مثل النوادي الثقافية والرياضية والاجتماعية والجمعيات الخيرية ودور العبادة. ولا يطبق في هذا الخصوص أحكام المادة 27 من القانون 136 لسنة 1981 ذلك أن تلك المادة خاصة بتطبيق أحكام القانون 136 لسنة 1981 ولا تمتد إلى تطبيق أي قانون آخر كالقانون رقم 6 لسنة 1997.

حيث نصت المادة 11 من اللائحة التنفيذية للقانون 6 لسنة 1997، والصادرة بالقرار الجمهوري رقم 237 لسنة 1997، على أنه:

"مع مراعاة حكم المادة 14 من هذه اللائحة، يُعمل بأحكام هذا الباب في شأن تحديد وزيادة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى التي تحكمها قوانين إيجار الأماكن وتخضع لقواعد تحديد الأجرة، سواء كانت مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، أو مؤجرة لغير ذلك من الأغراض الأخرى خلاف السكنى، كالمستشفيات والمدارس الحكومية والجمعيات الخيرية والأندية الرياضية".

أثار عدم الوفاء بالزيادة في الأجرة:

الزيادة في الأجرة المنصوص عليها بالمادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1997 تلحق بالأجرة القانونية وتأخذ حكمها، فيترتب على عدم سداد هذه الزيادة ما يترتب على عدم سداد الأجرة من آثار. فيحق للمالك المؤجر طلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة إذا لم يدفع الزيادة مع الأجرة في ميعاد استحقاقها.

* بالنسبة للزيادة المنصوص عليها في المادة 19 من القانون 136 لسنة 1981 :

تنص المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالف الذكر على أنه:

"في الأحوال التي يتم فيها تغيير استعمال العين إلى غير أغراض السكنى، تزاد الأجرة القانونية بنسبة:

1. 200% للمباني المنشأة قبل أول يناير 1944.

2. 100% للمباني المنشأة منذ أول يناير 1944 وقبل 5 نوفمبر 1961.

3. 75% للمباني المنشأة منذ 5 نوفمبر 1961 وحتى 9 سبتمبر 1977.

4. 50% للمباني المنشأة أو التي تنشأ بعد 9 سبتمبر 1977.

وفي حالة التغيير الجزئي للاستعمال، يستحق المالك نصف النسب المشار إليها.

ويشترط ألا يترتب على تغيير الاستعمال كلياً أو جزئياً إلحاق ضرر بالمبنى أو بشاغليه.

وتلغى المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون".

الأماكن التي يسري عليها نص المادة 19 :

يسري نص المادة 19 من القانون 136 لسنة 1981 على كافة الأماكن التي يتم تغيير استعمالها، أياً كان تاريخ إنشائها أو تاريخ تغيير الاستعمال، حتى ولو كان تغيير الاستعمال سابقاً على العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977. حيث جاء في تقرير اللجنة المشتركة بمجلس الشعب أنه: "... قد روعي في هذا النص تحقيق صالح المستأجر وفي نفس الوقت رعاية المالك عن طريق الزيادة في الأجرة وتصحيحاً للأوضاع فيما يخص الأماكن التي تم تغيير استعمالها قبل العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 وتوحيد المعاملة للأماكن المؤجرة عموماً سواء قبل أو بعد صدور القانون المشار إليه".

كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: "المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - المقابل لنص المادة 19 من القانون رقم 136 لسنه 1981 - يدل على أن المشرع ارتأى تحقيقاً للعدالة وإعادة التوازن بين الملاك والمستأجرين تقرير أحقية الملاك في تقاضى أجرة إضافية في حالة استعمال العين لغير أغراض السكنى وذلك في كل هذه الأحوال سواء صدر هذه الإذن بتغيير الغرض من الاستغلال في عقد الإيجار أم في اتفاق لاحق وذلك لحكمة أفصح عنها بما أورده في المذكر الإيضاحية لذلك القانون وما جاء بتقرير لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بشأن القانون المذكور، وهى أن الأحكام التي تتضمنها قوانين الإيجارات تأخذ في حسبانها الاستعمال الغالب الأعم للأماكن وهو السكنى ولا يستساغ أن تسرى هذه الأحكام وبالذات ما يتعلق منها بتحديد الأجرة على الأماكن التي تستعمل في غير هذا الغرض وبالذات في الأغراض التجارية والمهنية التي تدر عائداً مجزياً فيصبح من العدالة زيادة هذه الأجرة تعويضاً للملاك عما يحيط بالاستعمال غير السكنى من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبنى وحاجته إلى الصيانة والتدعيم مما يقتضي إيجاد الحافز لدى الملاك للقيام بذلك، مما يؤكد المعنى التي بينته المذكرة الإيضاحية أن النص قد غاير في النسب المستحقة بالنظر إلى تاريخ إنشاء المبنى فزاد النسبة عن المباني القديمة هذا إلى أن قواعد تحديد الأجرة تأخذ في اعتبارها وفى المقام الأول أغراض السكنى وبذلك فإنه إذا ما تغيير هذا الغرض فلا تثريب على المشرع ولا ضير إن هو قضى بزيادة الأجرة وهو ما يكشف عن عمومية النص وشموله الاستعمال غير السكنى عند إبرام العقد أو في تاريخ لاحق لتوافر الحكمة التي قصدها المشرع في الحالتين خاصة وأن أحكام الأجرة الإضافية وحسبما سلف بيانه هي من الأمور المتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسرى على حالات التأجير القائمة سواء وقع التغيير في استعمال العين المؤجرة سابقاً أم لاحقاً على نفاذ القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن بعده القانون رقم 136 لسنه 1981 - ويستوي أن يتم ذلك عند إبرام العقد أو في تاريخ لاحق". (نقض مدني في الطعن رقم 561 لسنة 58 قضائية – جلسة 18/11/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – الجزء الثاني – صـ 1156).

ولكن يجب أن يكون تغيير استعمال العين - (المؤجرة أصلاً للسكنى) - إلى غير أغراض السكنى، ويستوي أن يكون الاستعمال الجديد في مباشرة أغراض تجارية أو صناعية أو مهنية أو لغير ذلك من الأغراض غير السكنية.

حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 7 فبراير سنة 1998 في القضية رقم 137 لسنة 18 قضائية "دستورية" بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 27 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وذلك فيما تضمنته من استثناء الأماكن التي حددتها، من الخضوع لزيادة الأجرة المقررة بمقتضى نص المادة 19 من هذا القانون، وبسقوط فقرتها الثانية. وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 8 في 9/2/1998.

ولما كانت أحكام المحكمة الدستورية العليا ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص قانوني عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية. فالأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا تسري ليس فقط على المستقبل، وإنما على جميع الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم (فلتلك الأحكام أثر رجعي) ما لم تكن الوقائع والعلاقات قد استقرت بموجب حكم قضائي حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم.

وينبني على ذلك، خضوع الأماكن المستعملة في أغراض لا تدخل في نطاق النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، خضوعها للزيادة في الأجرة المنصوص عليها في المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ويجوز لمؤجري هذه الأماكن المطالبة بالزيادة المذكورة ، طالما لم يصدر بشأنها حكم قضائي نهائي حتى تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية العليا، كما سلف بيانه.

ولكن يُشترط لاستحقاق هذه الأجرة الإضافية أن يتم تغيير استعمال العين إلى غير أغراض السكنى بعد التأجير، فلا تستحق هذه الأجرة الإضافية في حالة التأجير ابتداء لغير أغراض السكنى ولو كانت العين معدة أصلاً لأغراض السكنى وإنما يستحق المؤجر في هذه الحالة الزيادة المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 إذا كان المكان المؤجر من الأماكن المنشأة حتى 9 سبتمبر سنة 1977.

الأجرة في حالة تغيير الاستعمال الجزئي:

تحتسب الزيادة في القيمة الايجارية، في حالة التغيير الجزئي لاستعمال العين المؤجرة، بقدر نصف النسب الموضحة بالمادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ويُستحق هذا النصف بصرف النظر عن مقدار الجزء الذي تم تغيير استعماله، ولو كان يقل عن نصف العين المؤجرة.

وفي جميع الحالات، تزاد بعد ذلك، الزيادات القانونية المنصوص عليها في المادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1997 سالفة البيان، بالنسب والشروط المقررة بتلك المادة.

* القياس:

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنه "بالقياس" على ما هو مُقرر قانوناً من أن: الترخيص للمستأجر باستعمال المكان المؤجر فندقاً، ينطوي على التصريح له بالتأجير مفروشاً، الأمر الذي يحق معه للمؤجر اقتضاء نسبة الزيادة المقررة للأجرة الإضافية المقررة بالمادة 45 من القانون رقم 49 لسنة 1977( 1) وذلك استصحابا لما أوردته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من أن الأحكام التي تتضمنها قوانين الإيجارات تأخذ في حسابها الاستعمال الأغلب الأعم للأماكن وهو السكنى ولا يستساغ أن تسرى هذه الأحكام وما يتعلق منها بتحديد الأجرة على الأماكن التي تستعمل في غير هذا الغرض وبالذات في الأغراض التجارية والمهنية التي تدر عائداً مجزياً فيصبح من العدالة زيادة هذه الأجرة تعويضاً للملاك عما يحيط بالاستعمال لغير السكنى من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبنى، وقد قطع تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشعب بأن الأجرة الإضافية تستحق في كل صور المفروش ومنها الفنادق واللوكاندات والبنسيونات فكشف بذلك عن غرض الشارع من أن الأجرة الإضافية تستحق عن مدة التأجير مفروشاً في كل صور التأجير المفروش سواء اتفق عليه لدى بدء التعاقد أو لاحقاً له، وهي تستحق كاملة مقابل ذلك التصريح سواء شغلت العين المؤجرة بالكامل خلال الفترة محل المطالبة أو لم تشغل. (قرب ذلك: نقض مدني في الطعن رقم 806 لسنة 52 قضائية – جلسة 12/6/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 39 – الجزء الثاني – صـ 1024. ونقض مدني في الطعن رقم 6834 لسنة 62 قضائية – جلسة 22/1/1997 مجموعة المكتب الفني – السنة 48 – الجزء الأول – صـ 171 – فقرة 4).

ووجه القياس هنا، أن المؤجر يصرح للمستأجر باستعمال العين المؤجرة كفندق أو لوكاندة أو بنسيون أو استراحة أو إسكان طلبة أو ما شابه ذلك، فيستحق المؤجر الزيادة القانونية أو الأجرة الإضافية في مقابل التصريح، بصرف النظر عن قيام المستأجر باستعمال العين المؤجرة فعلاً في ذلك النشاط من عدمه، وسواء شغلت العين بالكامل أو لم تشغل، وبغض النظر عما إذا كان ذلك الاستعمال يدر ربحاً على المستأجر من عدمه، فالزيادة إنما تقرر في مقابل التصريح ليس إلا، وذلك لاتحاد العلة بين الحالتين باعتبارها تعويضاً للمالك عما يحيط بالاستعمال غير السكني من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبنى، ولا شأن للمالك هنا بما إذا كان النشاط يدر ربحاً على المستأجر أو يخضع للضريبة من عدمه.

ومن ناحية ثالثة، فإنه إذا كانت "دور العبادة" ذاتها – بعد القضاء بعدم دستورية نص المادة 27 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر – تخضع للزيادات القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 136 لسنة 1981، فمن باب أولى أن تخضع لها كذلك "استراحات العاملين" بالشركات.

* حالة عدم النص على الغرض من استعمال العين المؤجرة:

لما كان من المُقرر في قضاء النقض أن: "المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهى واجبة التطبيق في الأصل على ما يبرم في ظلها من عقود ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها لتعلق أحكام التشريعات الأخيرة بالنظام العام، فإذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد ممتداً بقوة القانون الاستثنائي". (نقض مدني في الطعن رقم 1829 لسنة 56 قضائية – جلسة 9/1/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – الجزء الأول – صـ 142).

لما كان ما تقدم، وكان الأصل أن المتعاقدان يحددان في عقد الإيجار العين المؤجرة والغرض من الإيجار، فإن لم ينص العقد صراحة على تحديد العين المؤجرة أو بيان الغرض من الإيجار، تعين تطبيق الفقرة الثانية من المادة 150 من القانون المدني والتي تنص على أنه: "... إذا كان هناك محل لتفسير العقد، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقاً للعرف الجاري في المعاملات".

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: "الأصل في بيان حدود ونطاق المكان المؤجر هو بما يفصح عنه المتعاقدان في عقد الإيجار، فإذا لم يتضح ذلك من عبارة العقد فإنه يتعين وفقاً لحكم المادة 150/2 من القانون المدني البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وفقاً للعرف الجاري في المعاملات، ويمكن الاستهداء في ذلك بالطريقة التي تم بها تنفيذ العقد منذ البداية، فإذا ما قام المتعاقدان بتنفيذه على نحو معين مدة من الزمن أمكن تفسير إرادتهما المشتركة في ضوء طريقة التنفيذ التي تراضيا عليها". (نقض مدني في الطعن رقم 2033 لسنة 51 قضائية - جلسة 25/12/1986 مجموعة المكتب الفني - السنة 37 - الجزء الثاني - صـ 1042 - فقرة 4).

وهدياً بما تقدم، ولما كان عقد الإيجار موضوع ملف البحث الراهن، قد خلا من تحديد وبيان الغرض من استعمال العين المؤجرة، ومن ثم يتعين البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وفقاً للعرف الجاري في المعاملات وبالطريقة التي تم بها تنفيذ العقد منذ البداية. ولما كان المستأجر شخص معنوي (شركة) وكان لا يتصور منطقياً وعقلياً أن الشركة ستسكن في العين المؤجرة أو أنها تستأجرها لغرض سكناها، ولكن المنطق والعقل يقولان أنها تستأجرها لاستعمالها في نشاط ما من الأنشطة التي تقوم بها الشركة، أياً كان هذا النشاط. ولما كانت العين المؤجرة تستغل منذ البداية كاستراحة للعاملين بتلك الشركة (سواء بأجر أو بدون أجر، فهذا أمر يخص الشركة ذاتها). فيتضح جلياً أن الشركة المستأجرة تستغل العين المؤجرة منذ البداية في غير أغراض السكنى.

* الخلاصة والتطبيق:

وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الملف الماثل يتضح جلياً أنه إذا كانت العين المؤجرة، مؤجرة أصلاً لغير أغراض السكنى، سواء كانت لأغراض تجارية أو صناعية أو مهنية أو حرفية أو لغير ذلك من الأغراض أياً كان نوعها، وحتى ولو كان نوع النشاط لا يهدف إلى الربح ولا يحقق عائداً ولا يخضع للضريبة، فإنه تستحق الزيادة القانونية للأجرة المُقررة في المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ثم للزيادة القانونية المنصوص عليها في المادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1997، ويترتب على عدم سداد تلك الزيادات ما يترتب على عدم سداد الأجرة.

أما إذا كانت العين المؤجرة، مؤجرة أصلاً للسكنى، ثم قام المستأجر بتغيير النشاط إلى غير أغراض السكنى، سواء كانت أغراض تجارية أو صناعية أو مهنية أو حرفية أو لغير ذلك من الأغراض أياً كان نوعها، وحتى ولو كان نوع النشاط لا يهدف إلى الربح ولا يحقق عائداً ولا يخضع للضريبة، فإنه تستحق الزيادة القانونية للأجرة المُقررة في المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ثم للزيادة القانونية المنصوص عليها في المادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1997، ويترتب على عدم سداد تلك الزيادات ما يترتب على عدم سداد الأجرة.

مع مراعاة أنه لا يجوز الجمع بين الزيادتين المنصوص عليهما في المادتين 7 و 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 معاً، أية أنه إما أن تطبيق الزيادة المنصوص عليها في المادة 7 وإما أن تطبيق الزيادة المنصوص عليها في المادة 19 بالنسب والشروط المقررة لكل حالة منهما، ولكن لا يجوز الجمع بين الزيادتين معاً.

ولما كان قد اتضح جلياً أن الشركة المستأجرة تستغل العين المؤجرة منذ البداية في غير أغراض السكنى (على نحو ما سلف بيانه)، ومن ثم تستحق الهيئة المؤجرة الزيادة القانونية للأجرة المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ثم الزيادة القانونية للأجرة المنصوص عليها في المادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1997، وبصرف النظر عن ادعاء الشركة المستأجرة بعدم خضوع هذا النشاط للضريبة. وعليه تكون شكوى الشركة المستأجرة قد جاءت على غير سند من صحيح القانون خليقة بالرفض وهو ما ينتهي إليه رأي هذه الفتوى على نحو ما سيرد بمنطوقها.

ثالثاً- الرأي:

لكل ما تقدم، أرى – لدى الموافقة – رفض شكوى الشركة الشرقية للدواجن المستأجرة للشقة رقم 15 "أ" (بعمارة الأوقاف) بشارع القاهرة بمدينة بلبيس - بندر بلبيس - محافظة الشرقية، فيما تضمنته من ادعاء عدم استحقاق الهيئة المؤجرة للزيادة القانونية للأجرة المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وفي المادة 3 من القانون رقم 6 لسنة 1997، وذلك للأسباب الواردة بهذه المذكرة.

ونرفع الأمر لسيادتكم للتفضل بالاعتماد أو التوجيه

والرأي النهائي مفوض لسيادتكم

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

ashraf.rashwan@gmail.com



( 1) كانت المادة 45 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار وبيع الأماكن تنص على أنه:

"في جميع الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر تأجير المكان أو جزء من المكان مفروشاً، يستحق المالك أجرة إضافية عن مدة التأجير مفروشاً بواقع نسبة من الأجرة القانونية تحسب على الوجه التالي:

أ‌. 400% عن الأماكن المنشأة قبل أول يناير سنة 1944

ب‌. 200% عن الأماكن المنشأة منذ أول يناير سنة 1944 وقبل 5 نوفمبر سنة 1961

ت‌. 150% عن الأماكن المنشأة منذ 5 نوفمبر سنة 1961 حتى تاريخ العمل بهذا القانون.

ث‌. 100% عن الأماكن التي يرخص في إقامتها اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.

وفي حالة تأجير المكان مفروشاً جزئياً، يستحق المالك نصف النسب الموضحة في هذه المادة".

إلا أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت، في القضية رقم 149 لسنة 18 قضائية "دستورية"، بسقوط نص المادة 45 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في مجال تطبيقها بالنسبة للأماكن التي تم تأجيرها مفروشاً وفقاً لنص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وقد تم نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد 48 في تاريخ 27/11/1997.